الفروع و معه تصحيح الفروع

المجلد الثامن
كتاب الفرائض
مدخل
أسباب الإرث
فصل: و للأم السدس مع ولد أو ولد ابن
...
فصل:وللأم السدس مع ولد أو ولد ابن؛
لأنه ولد حقيقة أو مجازا، وابن الأخ ليس بأخ، أو اثنين من إخوة أو أخوات وإن سقطا بأب لا بمانع فيهما، والثلث مع عدمهم، فزوج وأم وأخوان لأم تسمى مسألة الإلزام؛ لأن ابن عباس إن جعل للأم ثلثا والباقي لهما فهو1 إنما يدخل النقص على من يصير عصبة بحال، وإن جعل للأم سدسا فلا يحجبها إلا بثلثه، وهو لا يرى العول.
ولها في زوج وأبوين ثلث الباقي بعد فرض الزوجية فيهما، نص عليه؛ لأنهما استويا في السبب المدلى به وهو الولادة، وامتاز الأب بالتعصيب بخلاف الجد، وعند ابن عباس: لها الثلث كاملا2، وعن أحمد أنه ظاهر القرآن3، قال في المغني4: والحجة معه لولا إجماع الصحابة5.
ـــــــ
................................
ـــــــ
1 في الأًصل: "وهو".
2 أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 6/228 عن عكرمة قال: أرسلني ابن عباس إلى زيد بن ثابت أسأله عن زوج أبوين؟ فقال زيد: للزوج النصف، وللأمر ثلث ما بقي، وللأب بقية المال. فقال ابن عباس: للأم الثلث كاملاً.
3 ظاهر القرآن قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].
4 9/23 -24.
5 أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 6/228 عن إبراهيم، قال: خالف ابن عباس جميع أهل الصلاة في زوج وأبوين.

(8/13)


ولو انقطع نسب ولدها وتعصيبه من أبيه لا من أمه؛ لكونه ولد زنا أو منفيا بلعان أو ادعته امرأة وألحق بها ورثت1 أمه وذو الفرض منه فرضهم، وعصبته بعد ذكور ولده وإن نزل عصبة أمه في الإرث، ويرث أخوه لأمه مع بنته لا أخته، ويعايا بها، ونقل حرب: ويعقلون عنه.
وروى أحمد2 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه عليه السلام كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار على "أن يعقلوا معاقلهم ويفدوا عانيهم بالمعروف والإصلاح بين المسلمين" .
ولأحمد3 من حديث جرير: "المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض" .
وعنه: أمه عصبته، اختاره أبو بكر وشيخنا، فإن عدمت فعصبتها، فإن استلحقه ولحقه انجر إليه4، وعنه: يرد على ذي فرض، فإن عدم
ـــــــ
الثالث: أخل المصنف أيضا بإحدى العمريتين، وهي زوجة وأبوان، ولم يذكرها سهوا، فإن تعليله يعطي أنه ذكرها، أو يكون تركها وتقاس على المذكورة، وهو بعيد، 5ثم ظهر لي أنها تدخل في كلام المصنف، لأن الزوجة تسمى زوجا، وهو أولى، والله أعلم 56.
ـــــــ
1 في الأصل: "وزنت".
2 في المسند "2443".
3 في المسند "19218".
4 في الأصل: "به".
5 ليست في "ح".
6 بعدها في "ط": أو يكون سقط لفظ: زوجة، وتقديره: زوج أو زوجة وأبوان، والأولى أن لفظة الزوج تغني عن ذكر الزوجة، وأنها داخلة في كلامه، وهو من أرشق العبارات، وإن كان فيه نوع إيهام لا يضر عند العارف.

(8/14)


فعصبتها عصبته، فلو مات ابن ابن ملاعنة عن أمه وجدته الملاعنة فلأمه الجميع على الأولى والثالثة، وعلى الثانية الثلث والبقية للجدة، ويعايا بها، وليست الملاعنة عصبة لولد بنتها. وظاهر اختيار الآجري: ترث هي وذو الفرض فرضهم وما بقي لمولاها إن كانت مولاة وإلا لبيت المال. ولا يورث توأم ملاعنة وزنا وفردهما بإخوة لأب، وعنه: بلى، وقيل: في ولد ملاعنة.
وللجدة فأكثر السدس إن تحاذين وإلا فلأقربهن، ومنصوصه أن البعدى من جهة الأم تشارك القربى من جهة الأب.
ـــــــ
الرابع: قوله: " وللجدة فأكثر السدس إن تحاذين، وإلا فلأقربهن، ومنصوصه أن البعد من جهة الأم تشارك القربى من جهة الأب ". انتهى. المذهب ما قدمه المصنف، اختاره الخرقي والشيخ الموفق والشارح، وابن عبدوس في تذكرته، وغيرهم، وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم، والمنصوص جزم به القاضي في جامعه، ولم يعز في كتاب الروايتين القول الأول. إلا إلى الخرقي، وصححه ابن عقيل في تذكرته، قال

(8/15)


ولا يرث غير ثلاث: أم الأم وأم الأب وأم أبي الأب، وإن علون أمومة، وقيل وأبوة إلا مدلية بغير وارث كأم أبي الأم واختاره شيخنا.
وترث أم الأب، والجد1 معهما كالعم، وعنه: لا، فعليها لأم أم مع الأب وأمه السدس وقيل: نصفه معادة، وترث الجدة بقرابتيها، وعنه: بأقواهما، فلو تزوج بنت عمته فجدته أم أم أم ولديهما وأم أبي أبيه، وبنت خالته جدته أم أم أم، وأم أم أب، والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ط".

(8/16)


فصل: ولبنت صلب فصل: ولبنت صلب النصف
...
فصل: ولبنت صلب النصف
ثم هو لبنت ابن، ثم لأخت لأبوين ثم لأب منفردات لم يعصبن، ولثنتين من الجميع فأكثر لم يعصبن الثلثان.
ـــــــ
في إدراك الغاية: تشاركها، في الأشهر، والأولى أن يكون هذا المذهب، لنص الإمام أحمد. وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمغني 2 والشرح3 وشرح ابن منجى وغيرهم.
ـــــــ
2 9/55.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/55-5

(8/16)


ولبنت ابن فأكثر مع بنت صلب السدس مع عدم معصب، وتعول المسألة به، فإن عصبها أخوها فهو الأخ المشئوم؛ لأنه ضرها وما انتفع، ذكره في عيون المسائل والمنتخب وغيرهما.
وكذا الأخت لأب فأكثر مع أخت لأبوين، فأمها القائلة مع زوج وأخت لأبوين: إن ألد ذكرا فأكثر لم يرث، وكذا بنت1 ابن ابن مع بنت ابن. وعلى هذا ذكره في المنتخب وغيره، وتعول المسألة بسدس الأخت، فإن عصبها أخوها فهو الأخ المشئوم، لأنه ضرها وما انتفع، ذكره في عيون المسائل وغيرها.
فإن أخذ الثلثين بنات صلب أو بنات ابن أو هما سقط من دونهن إن لم يعصبهن ذكر بإزائهن أو أنزل من بني الابن. للذكر مثلي الأنثى، ولا يعصب ذات فرض أعلى منه، وكذا أخوات لأب2 مع أخوات لأبوين، إلا أنه لا يعصبهن إلا أخوهن؛ للذكر مثلي الأنثى، والأخت فأكثر مع بنت أو بنت ابن فأكثر عصبة. ولواحد ذكرا كان أو أنثى من ولد3 أم سدس، ولاثنين فأكثر ثلث بالسوية.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ر": "لابن".
3 ليست في "ر".

(8/17)


ويسقط جد بأب، وأبعد بأقرب، وولد ابن به، وكل جدة بالأم، وولد الأبوين بابن، وابن ابن، وأب وولد الأب بهم وبأخ لأبوين.
وعنه: يسقط ولد الأبوين والأب بجد، وهو أظهر، اختاره شيخنا.
قال: وهو قول طائفة من أصحاب الإمام أحمد، كأبي حفص البرمكي والآجري، وذكره ابن الزاغوني عن أبي حفص العكبري والآجري، وذكر ابن الجوزي الآجري من أعيان "أعيان" أصحاب أحمد، ونقل أبو طالب: أقول بقول زيد1: ليس الجد أبا؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـــــــ
................................
ـــــــ
1 أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 6/247 -248 عن الشعبي قال: وكان زيد يجعله أخاً حتى يبلغ ثلاثة هو ثالثهم فإذا زادوا على ذلك أعطاه الثلث.

(8/18)


"أفرضكم زيد" 1، ضعفه شيخنا، وهو من رواية أنس حديث حسن، وأسناده ثقات، وروي مرسلا2.
ويسقط به ابن أخ وولد الأم بولد وولد ابن وأب وجد.
ومن لا يرث لا يحجب، نقل أبو الحارث في أخ مملوك وابن أخ حر: المال لابن أخيه، لا يحجب من لا يرث، روي عن عمر وعلي3 رضي الله عنهما.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 رواه الترمذي "3790"، والنسائي في الكبرى "8242"، وابن ماجه "154".
2 رواه سعيد بن منصور في "سننه" 1/28، وانظر: "التلخيص الحبير" 3/79 -80.
3 أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 6/223، عن عمر رضي الله عنه قال: لا يتوارث أهل ملتين شتى، ولا يحجب من لا يرث.
وأخرج البيهقي في الموضع السابق عن علي وزيد قالا: المشترك لا يحجب ولا يرث.

(8/19)


باب العصبة
مدخل
...
باب العصبة
أقرب العصبة الابن، ثم ابنه، وإن نزل، ثم الأب، ثم الجد، وإن علا مع عدم أخ لأبوين أو لأب، ثم هما ثم بنوهما وإن نزلوا، ثم عم لأبوين ثم لأب ثم بنوهما كذلك، ثم عم أبيه لأبوين ثم لأب ثم بنوهما كذلك، ثم عم جده ثم بنوه كذلك، لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أقرب، ولو نزلوا، نص عليه.
فمن نكح امرأة وأبوه بنتها، فولد الأب عم، وولد الابن خال، فيرثه خاله هذا دون عم له، ولو خلف الأب أخا وابن ابنه هذا، وهو أخو زوجته ورثه دون أخيه، ويعايا بها.
ويقال أيضا: ورثت زوجة ثمناً1 وأخوها الباقي، فلو كان الإخوة سبعة ورثوه سواء، ولو كان الأب نكح الأم فولده عم ولد الابن وخاله.
وإن نكح رجلان كل واحد أم الآخر فهما القائلتان: مرحبا بابنينا وزوجينا 2وابني زوجينا2، وولد كل منهما عم الآخر.
وأولى ولد كل أب أقربهم إليه حتى في أخت لأب وابن أخ مع بنت، نص عليه.
فإن استووا قدم من لأبوين، نص عليه، حتى في أخت لأبوين وأخ
ـــــــ
1 في "ر": "ثمن"، وفي "ط":"ثمن المال".
2 ليست في الأًصل.

(8/20)


لأب مع بنت، فإن عدم عصبة النسب ورث المعتق ثم عصبته الأقرب فالأقرب ثم مولاه، ولا شيء لموالي ابنه بحال، ثم الرد، ثم الرحم، وعنه: تقديمهما1 على الولاء، وعنه: الرد بعد الرحم.
ومتى انفرد العصبة أخذ المال، ويبدأ بالفروض، والبقية للعصبة، فإن لم يبق شيء سقط، كزوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأب وأخوات لأب معهن أخوهن، وكذا لو كانوا ولد أبوين، ونقل حرب: يشتركون في الثلث، وتسمى المشركة والحمارية، لأنه روي عن عمر رضي الله عنه التشريك2 ، وروي الإسقاط، فقيل: هب أن الأب كان حمارا3.
ولو كان مكانهم أخوات لأبوين أو لأب عالت إلى عشرة، وتسمى ذات الفروخ؛ لكثرة عولها، والشريحية، لحدوثها زمن شريح، فسأله الزوج فأعطاه النصف فقال: ما أعطيت النصف ولا الثلث، وكان شريح يقول له إذا رأيتني ذكرت حكما جائرا4، وإذا رأيتك ذكرت
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "تقديمها".
2 أخرج عبد الرزاق في "المصنف" "19005"، وابن أبي شيبة في "المصنف" 11/255، والبيهقي في "السنن الكبرى" 255/6 عن الحكم بن مسعود الثقفي، قال: شهدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه أشرك الإخوة من الأب والأم مع الإخوة من الأم في الثلث. فقال له رجل: قضيت في هذا عام أول بغير هذا. قال: كيف قضيت؟ قال: جعلته للإخوة من الأم، ولم تجعل للإخوة من الأب والأم شيئاً، قال: تلك على ما قضينا، وهذا على ما قضينا. وانظر: "التهذيب في الفرائض" للكلوذاني ص190.
3 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/255 من قول زيد بن ثابت رضي الله عنه.
وقال الحافظ في "التلخيص" 3/86: وذكر الطحاوي أن عمر كان كان لا يشرك حتى. وفيه: يا أمير المؤمنين ! هب أن أبانا كان حماراً، ألسنا من أم واحدة؟.
4 في الأصل: "جائزاً".

(8/21)


رجلا فاجرا، إنك تكتم القضية وتشيع الفاحشة.
وابنا عم أحدهما زوج أو أخ لأم له فرضه والبقية لهما، فمن نكح بنت عم غيره فأولدها بنتا ورثاها نصفين وبنتين أثلاثا. وثلاث إخوة لأبوين أصغرهم زوج له ثلثان ولهما ثلث.
قال في عيون المسائل وغيرها:
ثلاثة إخوة لأب وأم ... وكلهم إلى خير فقير
فحاز الأكبران هناك ثلثا ... وباقي المال أحرزه الصغير
ـــــــ
تنبيه: قوله: "فمن نكح بنت عم غيره فأولدها بنتا ورثاها نصفين وبنتين أثلاثا". انتهى. هذا سهو من المصنف، والصواب فمن نكح بنت عم نفسه أو بنت عمه، وهو محل ما قال من القسمة، لا من نكح بنت عم غيره، فإن في صورة المصنف لا يكون الحكم كما قال، بل يكون للزوج الربع، وللبنت النصف، في المسألة الأولى، وفي الثانية للبنتين الثلثان والباقي لابن العم، فعلم أن ذلك سهو، والله أعلم.

(8/22)


وتسقط إخوة الأم بما يسقطها، فبنت وابنا عم أحدهما أخ لأم، قال سعيد بن جبير للابنة النصف وما بقي لابن العم الذي ليس أخا لأم نقل ابن منصور: أقول بقول عطاء، أخطأ سعيد؛ للابنة النصف وما بقي بينهما نصفان. ومن ولدت من زوج ولدا ثم تزوجت أخاه لأبيه وله خمسة ذكور فولدت منه مثلهم ثم ولدت من أجنبي مثلهم 1[ثم ماتت]1 ثم مات ولدها الأول ورث خمسة نصفا وخمسة ثلثا وخمسة سدسا، ويعايا بها.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في الأصل.

(8/23)


باب أصول المسائل والعول والرد
مدخل
...
باب أصول المسائل والعول والرد
وهي سبعة، فنصفان أو نصف والبقية من اثنين، فزوج وأخت لأبوين أو لأب تسمى اليتيمتان; لأنهما فرضان متساويان ورث بهما المال، ولا ثالث لهما.
وثلثان أو ثلث والبقية أو هما من ثلاثة، وربع أو ثمن والبقية أو مع النصف من أربعة ومن ثمانية ولا نعول هذه الأربع.
ونصف مع ثلثين أو ثلث أو سدس من ستة وتعول إلى عشرة، وتسمى عول تسعة الغراء؛ لأنها حدثت بعد المباهلة فاشتهر العول بها.
والمباهلة زوج وأخت وأم؛ لأن عمر شاور الصحابة فيها، فأشار العباس بالعول، واتفقت الصحابة عليه إلا ابن عباس، لكن لم يظهر النكير، فلما مات عمر دعا إلى المباهلة، وقال: من شاء باهلته، إن الذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في المال نصفا ونصفا وثلثا، إذا ذهب النصفان فأين محل الثلث؟ وايم الله لو قدموا من قدم الله وأخروا من أخر الله ما عالت مسألة قط. فقيل له: لم لا أظهرت هذا زمن عمر؟ قال: كان مهيبا فهبته1.
وربع مع ثلثين أو ثلث أو سدس من اثني عشر، وتعول على الأفراد إلى سبعة عشر، كثلاث زوجات وجدتين وأربع أخوات لأم وثمان
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرجه سعيد بن منصور في "السنن" 1/44، مختصراً، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/253 مطولاً.

(8/24)


أخوات لأبوين، وهي أم الأرامل؛ لأن الورثة نساء، فإن كانت التركة سبعة عشر دينارا فلكل امرأة دينار، ويعايا بها.
قال في عيون المسائل: 1ونظمها بعضهم1:
قل لمن يقسم الفرائض واسأل ... إن سألت الشيوخ والأحداثا
مات ميت عن سبع عشرة ... أنثى من وجوه شتى فحزن التراثا
أخذت هذه كما أخذت ... تلك عقارا ودرهما وأثاثا
وثمن مع سدس أو ثلثين من أربعة وعشرين، وتعول إلى سبعة وعشرين. وفي التبصرة رواية: إحدى وثلاثين، ولعل مراده بالرواية عن ابن مسعود2 كما قاله في الروضة، وتسمى البخيلة لقلة عولها، والمنبرية لقول علي رضي الله عنه على المنبر: صار ثمنها تسعا3.
وفروض من جنس تعول إلى سبعة فقط وهي أم وإخوة لأم وأخوات لأبوين أو لأب.
وإذا لم يستغرق الفرض المال، ولا عصبة رد الباقي على كل فرض
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 قال ابن أبي عمر في "شرح الكبير" 18/117 ما نصه: "ولا يمكن أن يعول هذا الأصل إلى أكثر من هذا، إلا على قول ابن مسعود، فإنه يحجب الزوجين بالولد الكافر، والقاتل والرقيق، ولا يورثه. فعلى قوله: إذا كانت امرأة، وأم، وست أخوات مفترقات، وولد كافر، فللاخوات الثلث والثلثان، وللأم والمرأة السدس والثمن سبعة، فتعول إلى أحد وثلاثين".
وأصل ابن مسعود في أنه يحجب بهم ولا يورثهم. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" [19102]، وسعيد بن منصور في "السنن" 1/67.
3 أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" "19033"، وسعيد بن منصور في "السنن" 1/43، وابن أبي شيبة في "المصنف" 11/288، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/253، وقد عزاه الحافظ في "التلخيص" 3/90 للطحاوي بذكر المنبر من رواية الحارث بن علي رضي الله عنه.

(8/25)


بقدره إلا زوجا وزوجة، نقله الجماعة، وعنه: لا رد، وعنه: على ولد أم معها أو جدة مع ذي سهم، ونقله ابن منصور إلا قوله مع ذي سهم، فإن رد على واحد أخذ الكل، ويأخذ الجماعة من جنس كبنات بالسوية فإن اختلفت أجناسهم فخذ عدد سهامهم من أصل ستة أبدا؛ لأن الفروض كلها تخرج من ستة إلا الربع والثمن، وهما فرض الزوجين، وليسا من أهل الرد، فإن انكسر شيء صححت وضربت في مسألتهم لا في الستة، فجدة وأخ لأم من اثنين، وأم وأخ لأم من ثلاثة، وأم وبنت من أربعة، وأم وبنتان من خمسة.
فإن كان معهم أحد الزوجين قسم الباقي بعد فرضه على مسألة الرد، كوصية مع إرث، فأخوان لأم وزوج أو هما وزوجة وأم من أربعة، وهما أو جد ثان وزوجة من ثمانية، وزوج وأم وبنت أو زوجة وجدة وأخت من ستة عشر، ومكانه زوجة، من اثنين وثلاثين، ومع البنت بنتا من أربعين، وتصحح مع كسر كما يأتي.
وإن شئت صحح مسألة الرد ثم زد عليها لفرض الزوجية للنصف مثلا وللربع ثلثا، وللثمن سبعا، وابسط من مخرج كسر؛ ليزول، وأبوان وبنتان من ستة، ثم ماتت إحدى البنتين وخلفت من خلفت، فإن كان الميت ذكرا فقد خلفت أختا وجدا وجدة من ثمانية عشر، توافق ما ماتت عنه الأخت بالأنصاف، فتضرب نصف إحداهما في الأخرى أربعة وخمسين.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/26)


ثم من له شيء من الأولى مضروب في وفق الثانية تسعة، ومن الثانية مضروب في وفق ما ماتت عنه وهو سهم، وإن كان الميت أنثى فقد خلفت أختا وجدة وجدا لأم لا يرث، وتصح من أربعة توافق ما ماتت عنه بالأنصاف، فتضرب نصف إحداهما في الأخرى يكن اثني عشر، ومنه تصح المسألتان وتسمى المأمونية؛ لأن المأمون سأل عنها يحيى بن أكثم1 لما أراد أن يوليه القضاء قال له: أبوان وبنتان لم تقسم التركة حتى ماتت إحدى البنتين وخلفت من خلفت، فقال: الميت الأول ذكر أم أنثى؟ فعلم أنه عرفها، فقال له: كم سنك؟ ففطن يحيى أنه استصغره، فقال: سن معاذ لما ولاه النبي صلى الله عليه وسلم اليمن 2 ،
ـــــــ
.............................................
ـــــــ
تنبيه: ذكر المصنف في هذا الباب مسألة المأمونية وليس هو محلها ولكن ذكرها استطرادا وإنما محلها المناسخات ولذلك ذكرها هناك في محلها ولعله لم يستحضر أنه ذكرها هنا، وإلا لما ذكرها في المناسخات فإن من شأنه الاختصار والأمر قريب وإنما فيه تكرار لا غير.
ـــــــ
1 هو: أبو محمد، يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن، التميمي، المروزي، ثم البغدادي، قاضي القضاة، الفقيه العلامة، ولد في خلافة المهدي، وكان واسع العلم بالفقه، كثير الأدب، حسن العارضة، قائماً بكل معضلة، له "التنبيه" "ت242هـ". "سير أعلام النبلاء" "12/5".
2 أخرج ابن سعد في "طبقاته" 3/590 أن معاذاً خرج إلى اليمن بعد أن غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوكاً، وهو ابن ثمان وعشرين سنة.

(8/27)


وسن عتاب بن أسيد1 لما ولاه مكة، فاستحسن جوابه وولاه القضاء2.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 هو: أبو عبد الرحمن. ويقال: أبو محمد، عتاب بن أسيد – بفتح أوله – ابن أبي العيص، اسلم يوم الفتح، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على مكة حين انصرف عنها بعد الفتح وسنة عشرون سنة. "تهذيب الكمال" 19/282.
2 أخرجها الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 14/199.

(8/28)


باب تصحيح المسائل والمناسخات وقسم التركات
مدخل
...
باب تصحيح المسائل والمناسخات وقسم التركات
إذا انكسر سهم فريق عليه ضربت عدده إن باين سهامه أو وفقه لها في المسألة وعولها إن عالت، ويصير لواحدهم ما كان لجماعتهم أو وفقه.
وإن انكسر على فريقين فأكثر ضربت أحد المتماثلين، كثلاثة وثلاثة، أو أكثر المتناسبين بأن كان1 الأقل جزءا2 من الأكثر كنصفه أو وفقهما أو بعض المباين في بعضه إلى آخره، ووفق المتوافقين كستة وثمانية عشر في كل الآخر، ثم وفقها فيما بقي، ثم في المسألة وعولها إن عالت، فما بلغ فمنه تصح، ثم من له شيء من أصل المسألة مضروب في العدد الذي ضربته في المسألة، وهو المسمى جزء السهم، فما بلغ فله إن كان واحدا، وتقسمه على الجماعة.
ومتى تباين3 أعداد الرءوس أو الرءوس والسهام كأربع نسوة وثلاث جدات وخمس أخوات لأم سميت صماء، وأربع نسوة وخمس جدات وسبع بنات وتسع أخوات لأبوين أو لأب تسمى مسألة الامتحان؛ لأنها تصح من ثلاثين ألفا ومائتين وأربعين؛ لضرب الأعداد بعضها في بعضها ألفا ومائتين وستين ثم في المسألة، وليس في
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في الأصل: "حرا".
3 في الأصل: "باين".

(8/29)


الورثة صنف يبلغ عددهم عشرة.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/30)


فصل من مات من ورثة ميت قبل قسم تركته
وورثه ورثته كالميت الأول كعصبة لهما قسمتها على من بقي، وإن لم يرث ورثة كل ميت غيره كإخوة لهم بنون صححت الأولى وقسمت سهم الميت الثاني على مسألته وصححت، كما تقدم، وإن لم يرثوا الثاني كإرثهم للأول صححت وقسمت سهم الثاني على مسألته، فإن انقسمت صحتا من الأولى، وإن لم تنقسم ضربت مسألته أو وفقها لسهامه في المسألة الأولى، ثم من له من الأولى شيء مضروب في الثانية أو وفقها، ومن له من الثانية شيء مضروب في سهام الميت الثاني أو وفقها، فزوجة وبنت وأخ من ثمانية، ماتت البنت عن عمها وبنت وزوج فهي من أربعة، وصحتا من ثمانية.
ولو كانت الزوجة أما للبنت الميتة كانت من اثني عشر، توافق سهامها بالربع، فتضرب ربعها ثلاثة في الأولى أربعة وعشرين، ولو خلفت البنت بنتين عالت إلى ثلاثة عشر، فتضربها في الأولى، لمباينتها لمهامها الأربعة، تكن مائة وأربعة، وتعمل في ميت ثالث فأكثر كعملك في الثاني مع الأول.
واختصار المناسخات أن توافق سهام الورثة بعد التصحيح بجزء،
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/30)


كنصف وخمس وجزء من عدد أصم كأحد عشر، فترد المسائل إلى الجزء وسهام كل وارث إليه، وإن قيل أبوان وابنتان لم يقسم حتى ماتت إحدى البنتين احتيج إلى السؤال عن الميت الأول1 فإن كان رجلا فالأب جد أبو أب وارث في الثانية، وتصحان من أربعة وخمسين، وإن كان امرأة فهو أبو أم، وتصحان من اثني عشر، وتسمى المأمونية؛لأن المأمون سأل يحيى بن أكثم عنها فقال: من الميت الأول؟ فعلم فهمه.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في الأصل.

(8/31)


فصل إذا أمكن نسبة سهم كل وارث من المسألة بجزء،
فله من التركة كنسبته، ولو قسمت التركة على المسألة وضربت الخارج بالقسم في سهم كل وارث خرج حقه، ولو ضربت سهم كل وارث في عدد التركة أو وفقها وقسمت المرتفع على المسألة أو وفقها خرج حقه.
وإن أردت القسمة على قراريط الدنيا2 وجعلتها كتركة معلومة
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
2 في "ط": "الدنيا".

(8/31)


وعملت كما تقدم.
وتجمع السهام من العقار، كثلث وربع من قراريط الدنيا1 وتقسمها كما تقدم، وإن شئت أخذتها من مخرجها وقسمتها على المسألة، فإن لم تنقسم وافقت بينها وبين المسألة ثم ضربت المسألة أو وفقها في مخرج سهام العقار، ثم من له شيء من المسألة يضرب في السهام الموروثة، من العقار أو وفقها، فما بلغ فانسبه من مبلغ سهام العقار، ومن له شيء من تركة الميت يضرب في مسألته أو وفقها فإن أخذ بعضهم بإرثه نقدا معلوما قسمته على سهامه وضربت الخارج في المسألة فهو التركة.
ولك ضرب ما أخذ في المسألة وقسمته على سهام الزوج تخرج التركة.
ـــــــ
تنبيهات:
الأول: قوله في النسبة بعد الفصل الثاني: "ولك ضرب ما أخذ في المسألة وقسمته على سهام الزوج خرج التركة". انتهى. في هذا الكلام نظر ظاهر2 والصواب أن يقال: وقسمته على سهام الأخرى وعلى سهامه، إذ المسألة قد يكون فيها زوج، وقد لا يكون، وسبب ذلك والله أعلم أنه تبع صاحب المغني3 والشرح4 في ذلك،
ـــــــ
1 في "ط": "الدنيا".
2 ليست في "ح".
3 9/47.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/150-151.

(8/32)


ولك ضربه في سهام بقية الورثة 1وقسمته على سهامه. وإن أخذ عرضا فطريق قيمته قسمة النقد على سهام بقية الورثة1، فتضرب الخارج على سهام الآخذ من سهام البقية، فخذ بالنسبة من النقد وإن أخذ عرضا ونقدا فألق النقد من النقد واضرب سهامه في البقية واقسمه على بقية المسألة، فالخارج حقه، فألق النقد منه والبقية قيمته.
ـــــــ
لكن صاحبي المغني والشرح صورا صورة فيها زوج، وأعطي الزوج في عمل المسألة على الطلاق الثلاثة، والمصنف لم يذكر إلا قاعدة كلية، سواء كان فيها زوج أو زوجة أو غيرهما، فكلام المصنف فيه سهو، والله أعلم.
الثاني: قوله: "ولك ضربه" أي ضرب ما أخذ "في سهام بقية الورثة وقسمته على سهامه". انتهى. لم يظهر من هذا الكلام حكم، واعلم أن في كلام المصنف نقصا وصوابه أن يقال بعد قوله " وقسمته على سهامه ": فما خرج فهو باقي التركة. وقد ذكر مثل ذلك في المغني2 والشرح3، وهو واضح، ولا يصح الكلام إلا به.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 9/47.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإصناف 18/150-151.

(8/33)


ومن قال: إنما يرثني أربعة بنين للأكبر دينار وللثاني ديناران وللثالث ثلاثة، وللرابع أربعة، ولكل منهم بعدما أخذ خمس الباقي فتركته ستة عشر دينارا.
ولو قال- لمن قال1: أوص: إنما يرثني امرأتاك وجدتاك وأختاك وعمتاك وخالتيك، فقد نكح كل منهما جدتي2 الآخر أم أمه
ـــــــ
الثالث: قوله: "ولو قال إنما يرثني أربعة بنين، للأكبر وللثاني ديناران وللثالث ثلاثة وللرابع أربعة ولكل منهم بعد ما أخذ خمس الباقي فتركته ستة عشر دينارا". انتهى. فقوله: "ولكل منهم بعدما أخذ خمس الباقي سهو، فإن الأكبر إذا أخذ دينارا وخمس الباقي يكون قد أخذ أربعة، فإذا أخذ الثاني دينارين وخمس الباقي يكون قد أخذ أربعة، فإذا أخذ الثالث ثلاثة وخمس الباقي يكون قد أخذ أربعة، 3 فلم يبق إلا أربعة3 وهي نصيب الرابع، فما أخذ إلا الباقي لا غيره، وكلامه يشمل الرابع، وليس الأمر كذلك، فصوابه أن يقال: ولكل منهم بعدما أخذ خمس الباقي إلا الرابع فإن له الباقي، والظاهر أنه سقط من الكاتب. والله أعلم. وليس في باب ذوي الأرحام شيء مما نحن بصدده.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في الأًصل: "جدة".
3 ليست في "ط".

(8/34)


وأم أبيه، فأولد المريض كلا منهما بنتين فهما من أم أب الصحيح عمتا الصحيح، ومن أم أمه خالتاه، وقد كان أبو المريض نكح أم الصحيح فأولدها بنتين، وتصح من ثمانية وأربعين.
قال أحمد في قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8] الآية: وذلك إذا قسم القوم الميراث، فقال حطان بن عبد الله: قسم لي أبو موسى بهذه الآية وفعل ذلك غيره، قال: فدل ذلك على أنها محكمة. وقال ابن المسيب: إنها منسوخة، كانت قبل الفرائض، ونقل ابن منصور أنه ذكر هذه الآية فقال: قال أبو موسى: أطعم منها1، وعبد الرحمن بن أبي بكر2، وذكر القاضي وغيره أن هذا مستحب، وأنه عام في الأموال، واحتج بأن محمد بن الحكم سأل أحمد عنها فقال: أذهب إلى حديث أبي موسى يعطي قرابة الميت من حضر القسمة، وإن قال بعض الورثة: لا حاجة لي بالميراث، اقتسمه بقية الورثة، ويوقف سهمه، قاله أحمد رضي الله عنه.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرجه بمعناه ابن أبي شيبة في "المصنف" 11/194 -195، وذكره البيهقي في "السنن الكبرى" 6/267.
2 أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 11/195.

(8/35)


باب ذوي الأرحام
مدخل
...
باب ذوي الأرحام
يرثون بالتنزيل، وعنه: على ترتيب العصبة، والأول المذهب، فولد بنات الصلب وولد بنات الابن1، وولد الأخوات كأمهاتهن، وبنات الإخوة والأعمام لأبوين أو لأب وبنات بنيهم، وولد الإخوة لأم كآبائهم، وأب الأم والخال والخالة كالأم، وأب أم أب وأب أم أم وأخواهما وأختاهما وأم أب جد بمنزلتهم، والعمات والعم من الأم كالأب، وعنه: كالعم من الأبوين، وعنه: العمة لأبوين أو لأب كجد، فعلى هذه العمة لأم والعم لأم كالجدة أمهما.
وهل عمة الأب لأبوين أو لأب كالجد أو كعم الأب من الأبوين أو كأبي الجد؟ مبني على الروايات؛ لأنها2 تدلي بالجد أو بأخيه أو بأبيه3 وهل عم الأب من الأم وعمة الأب لأم كالجد، أو كعم الأب من أبوين أو كأم الجد مبني على الخلاف، وليسا كأبي الجد؛ لأنه أجنبي منهما فتجعل نصيب كل وارث لمن أدلى به، فإن أدلى جماعة بوارث واستوت منزلتهم منه بلا سبق كأولاده أو اختلفت كإخوته المفترقين وأدلوا بأنفسهم فنصيبه لهم كإرثهم منه، لكن الذكر كأنثى، اختاره الأكثر.
وعنه: إلا الخال والخالة، وعنه: يفضل الذكر إلا في ولد ولد الأم،
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر" و"ط": "البنين".
2 في "ر": "لا".
3 في الأصل: "بابنه".

(8/36)


وإن أدلوا إليه بواسطة جعلته كميت اقتسموا إرثه، وفي تفضيل الذكر الخلاف، فثلاث خالات وعمات مفترقات كأبوين، خلف كل منهما ثلاث أخوات مفترقات1، فثلث للخالات أخماس، وثلثان للعمات كذلك، وتصح من خمسة عشر، بضرب ثلاثة في خمسة، وثلاث بنات عمومة، المال للتي من الأبوين، وثلاثة أخوال لذي الأم سدس، والبقية لذي الأبوين، ويسقطهم أبو أم.
قال في الفنون: خالة الأب كأختها الجدة أم الأب، وتقدم هل العمة كأب أم لا؟.
ولما أسقطت الأم أمهات الأب كأمهاتها علم أن كلهن يدلين بالأمومة، فالعجب من هاتين المسألتين أن قرابتي الأب من جانبي أمه وأمه كجهتين، وجهة الأمومة مع جهة الأبوة كجهة، وإن أدلى جماعة بجماعة قسمت المال بين المدلى بهم، ثم يأخذ المدلى به ما لكل واحد، ولبنت بنت نصف أمها، ولبنت بنت أخرى نصف أمهما، وإن أسقط بعضهم بعضا عملت به، فثلاث بنات إخوة مفترقين لبنت الأخ للأم سدس والبقية للتي للأبوين كآبائهن، وأولاهم القريب من الوارث ولو بعد عن الميت، ولو اختلفت الجهة نزل كل واحد حتى يلحق بمن يدلى به، ولو
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "متفرقات".

(8/37)


أسقط القريب، كبنت1 بنت2، بنت وبنت أخ لأم، المال للأولى، وخالة أب وأم أبي أم المال للثانية؛ لأنها كأم، والأخرى كجدة.
وفي الترغيب رواية: الإرث للجهة القربى مطلقا. وفي الروضة: ابن بنت وابن أخت لأم له السدس ولابن البنت النصف، والمال بينهما على أربعة بالرد، وفيها أن العمة كأب، وقيل: كبنت.
والجهات: الأبوة والأمومة والبنوة ويلزم عليه إسقاط بنت عمة3 لبنت بنت أخ، وقيل: والأخوة، ويلزم عليه إسقاطها مع بعدها لبنت أخ. وقال أبو الخطاب: والعمومة، وهو خلاف نص أحمد ويلزم عليه إسقاطها لبنت عم لأبوين4.
وعنه: كل ولد للصلب جهة، وعنه: كل وارث جهة، فعمة وابن خال5 له ثلث ولها البقية، ومعهما خالة أم الحكم كذلك، والمذهب: يسقط بها ابن الخال ولها سدس والبقية للعمة، وخالة أم وخالة أب المال لهما كجدتين، وتسقطهما أم أبي أم، على هذه الرواية، والمذهب: تسقط هي.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "لبنت".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في النسخ الخطية: "عمه"، والمثبت من "ط".
4 في الأًصل: "للأبوين".
5 في الأصل: "خالة".

(8/38)


وإن أدلى ذو رحم بقرابتين ورث بهما كشخصين1، وحكي عنه: بأقواهما، فإن كان معهم أحد الزوجين أخذ فرضه بلا حجب ولا عول، والبقية لهم، كانفرادهم، وظاهر الخرقي وذكره في التعليق والواضح يقسم بينهم كما يقسم بين من أدلوا به، فزوجة وبنت بنت وبنت أخ لأب، للزوجة الربع، والبقية بينهما نصفين، وتصح من ثمانية.
وعلى الثاني: هي بينهما على سبعة؛ لبنت البنت أربعة، وللأخرى ثلاثة، وتصح من ثمانية وعشرين، بضرب سبعة في أربعة، ويعول أصل ستة خاصة إلى سبعة، كخالة وبنتي أختين من الأم وبنتي أختين من الأبوين، وكأبي أم وبنت أخ لأم، وثلاث بنات ثلاث أخوات مفترقات، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "كشخص".

(8/39)


باب ميراث الحمل
مدخل
...
باب ميراث الحمل
من مات عن حمل يرثه فطلب ورثته القسمة وقف له الأكثر من إرث ولدين1 مطلقا.
فإذا ولد أخذه، وهل يجزئ في حول الزكاة، كما قاله صاحب الرعاية من عنده من موته؛ لحكمنا له بالملك ظاهرا، حتى منعنا باقي الورثة أو أذن كما هو ظاهر كلام الأكثر، وجزم به صاحب المحرر في مسألة زكاة مال الصبي معللا بأنه لا مال له، بدليل سقوطه ميتا لاحتمال أنه ليس حملا أو ليس حيا؟ فيه وجهان ذكرهما أبو المعالي قبيل الملك التام "م 1".
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "فإذا ولد أخذه، وهل يجري في حول الزكاة كما قاله في الرعاية من عنده من موته، لحكمنا له بالملك ظاهرا، حتى منعنا باقي الورثة أو أذن كما هو ظاهر كلام الأكثر، وجزم به في المحرر في مسألة زكاة مال الصبي، معللا بأنه لا مال له، بدليل سقوطه ميتا، لاحتمال أنه ليس حملا أو ليس حيا، فيه وجهان. ذكرهما2 أبو المعالي قبيل الملك التام". انتهى.
الصحيح ما قاله المجد، وهو ظاهر كلام الأكثر، كما قال المصنف، قال الشيخ الموفق في فطرة الجنين: لم تثبت له أحكام لدينا إلا في الإرث والوصية بشرط خروجه حيا.
وقال في القواعد: ومنها ملكه بالميراث، وهو متفق عليه في الجملة، ولكن هل يثبت له الملك 3 بمجرد موت مورثه، ويتبين ذلك بخروجه حياً أم لم يثبت له الملك3.
ـــــــ
1 في "ر": "وكدين".
2 في "ص": "ذكرها".
3 ليست في "ص".

(8/40)


قال: ولو وصى لحمل ومات فوضعت لدون ستة أشهر وقبل وليه ملك المال، وهل ينعقد حوله من الموت أو القبول؟ فيه الخلاف في حصول الملك.
وإن لم تكن توطأ فوضعت لمضي أربع سنين وقلنا تصح الوصية له ففي وجوب زكاة ما مضى من المدة قبل الوضع وجهان، وما بقي لمستحقه، ويأخذ من لا يحجبه إرثه كجد ومن ينقصه شيئا اليقين، ومن سقط به لم يأخذ شيئا.
ويرث ويورث إن استهل صارخا، نقله أبو طالب، قال في الروضة: هو الصحيح عندنا.
وعنه: وبصوت غيره، والأشهر: وبرضاع وحركة طويلة وغيرهما مما تعلم به حياته، لا بمجرد حركة واختلاج، وذكر الشيخ: ولو علم معهما حياة؛ لأنه لا يعلم استقرارها لاحتمال كونها كحركة المذبوح، فإن الحيوان يتحرك بعد ذبحه شديدا، وهو كميت. وقال القاضي وأصحابه
ـــــــ
حتى ينفصل حيا؟ فيه خلاف بين الأصحاب، وقال في أول القاعدة: الحمل هل له1 حكم قبل انفصاله أم لا؟ حكى القاضي وابن عقيل وغيرهما في المسألة روايتين، قالوا: والصحيح أن له حكما. انتهى.
تنبيهات:
الأول: ما ذكره المصنف عن أبي المعالي من التفاريع2 بعد ذلك مبني على المسألة، والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ص".
2 في النسخ الخطية: "اكتفاء ربع"، والمثبت من "ط".

(8/41)


وجماعة: وتنفس، وفي المذهب والترغيب: إن قامت بينة بأن الجنين تنفس أو تحرك أو عطس فهو حي.
ونقل ابن الحكم: إذا تحرك ففيه الدية كاملة، ولا يرث ولا يورث حتى يستهل، وإن خرج بعضه فاستهل ثم خرج ميتا لم يرث، على الأصح، وإن جهل مستهل من توأمين إرثهما مختلف عين بقرعة.
ولو مات كافر عن حمل منه لم يرثه؛ لحكم أحمد بإسلامه قبل وضعه، كذا في المحرر، وقيل: وهو أظهر "م 2".
ـــــــ
الثاني: ذكر المصنف هذه المسألة بعينها في أول كتاب الزكاة1، فحصل منه تكرار، ولكن هنا زيادات على ذلك.
الثالث: قوله: "وفي المذهب والترغيب إن قامت بينة بأن الجنين تنفس أو تحرك أو عطس فهو حي". انتهى. قال في المذهب في هذا الباب: إذا استهل المولود صارخا بعد انفصاله جميعه ورث وورث، وإن لم يصرخ بل عطس أو بكى أو ارتفع فكذلك، فإن تحرك أو تنفس لم يكن كالاستهلال. انتهى. فهذا مخالف لما نقله المصنف عنه في2 التنفس والتحرك، والله أعلم.
مسألة – 2: قوله: "ولو مات كافر عن حمل منه لم يرثه، لحكم أحمد بإسلامه قبل وضعه، كذا في المحرر، وقيل: يرثه، وهو أظهر". انتهى. ما قاله في المحرر هو الصحيح، نص عليه، ونصره في القواعد الفقهية بأدلة جيدة، وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم، وقطع به في النظم والمنور، وما اختاره المصنف وقال: إنه أظهر اختاره القاضي في بعض كتبه، وهو الصواب.
ـــــــ
1 3/441.
2 في النسخ الخطية: "و"، والمثبت من "ط".

(8/42)


وفي المنتخب: يحكم بإسلامه بعد وضعه ويرثه، ثم ذكر عن أحمد إذا مات حكم بإسلامه ولم يرثه وحمله على ولادته بعد القسمة.
وكذا إن كان من كافر غيره فأسلمت أمه قبل وضعه.
ومن زوج أمته بحر فأحبلها فقال السيد: إن كان1 حملك ذكرا فأنت وهو قنان، وإلا فحران، فهي القائلة: إن ألد ذكرا لم أرث ولم يرث وإلا ورثنا.
ومن خلفت زوجا وأما وإخوة لأم وامرأة أب حاملا فهي القائلة: إن ألد أنثى ورثت لا ذكرا.
ومن خلف ورثة وأما مزوجة، ففي المغني2: ينبغي أن لا يطأ حتى تستبرأ، وذكر غيره: يحرم ليعلم أحامل "م 3".
ـــــــ
مسألة- 3: قوله: "ومن خلف ورثة وأما مزوجة ففي المغني2: ينبغي أن لا يطأ حتى تستبرأ، وذكر غيره: يحرم، ليعلم أحامل أم لا؟". انتهى.
قلت: الصواب التحريم. وهو المذهب، وعليه الأكثر.
فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 9/179.

(8/43)


فإن وطئ، ولم تستبرأ فأتت به بعد نصف سنة من وطئه لم يرثه، قال أحمد: يكف عن امرأته، وإن لم يكف فجاءت به بعد ستة أشهر فلا أدري هو أخوه أم لا؟.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/44)


باب ميراث المفقود
مدخل
...
باب ميراث المفقود
من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كأسر وتجارة وسياحة انتظر به تتمة تسعين سنة منذ ولد، وعنه: أبدا، فيجتهد الحاكم، كغيبة ابن تسعين، ذكره في الترغيب، وعنه: أبدا حتى يتيقن موته.
وعنه: زمنا لا يعيش مثله غالبا، اختاره أبو بكر وغيره. وقال ابن عقيل: مائة وعشرين سنة1 منذ ولد.
وقال ابن رزين: يحتمل عندي أربع سنين لقضاء2 عمر3، وإنما هو في مهلكة، وإن كان ظاهرها هلاكه كمفقود بين أهله أو في مفازة مهلكة كالحجاز أو غرقت سفينته فسلم قوم دون قوم انتظر تتمة أربع سنين.
وعنه: مع أربعة أشهر وعشر، وعنه: هو كالقسم قبله، وفي الواضح: وعنه: زمنا لا يجوز مثله قال: وحدها في بعض رواياته بتسعين، وقيل: بسبعين، نقل الميموني في عبد مفقود: الظاهر أنه كالحر.
ونقل مهنا وأبو طالب في الأمة على النصف.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ر": "كقضاء".
3 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/445.

(8/45)


ويزكى قبل القسمة لما مضى، نص عليه. فإن مات مورثه في مدة التربص أخذ كل وارث اليقين ووقف الباقي، فاعمل مسألة حياته ثم موته ثم اضرب إحداهما أو وفقها في الأخرى، واجتزئ بإحداهما إن تماثلتا، أو بأكثرهما إن تناسبتا، ويأخذ اليقين الوارث منهما، ومن سقط في إحداهما لم يأخذ شيئا.
ولبقية الورثة الصلح على ما زاد عن نصيبه، كأخ مفقود في الأكدرية مسألة الحياة والموت من أربعة وخمسين، للزوج ثلث، وللأم سدس، وللجد تسعة1، من مسألة الحياة، وللأخت منها ثلاثة تبقى خمسة عشر على رواية رد الموقوف له إلى ورثة الأول، وعلى رواية قسمة نصيبه مما وقف على ورثته وهي ستة؛ لأنه ورث مثلي الأخت يبقى تسعة، كذا ذكر في الشرح روايتين، والمعروف وجهان "م 1".
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "ولبقية الورثة الصلح على ما زاد على نصيبه، كأخ مفقود في الأكدرية، مسألة الحياة والموت من أربعة وخمسين، للزوج ثلث، وللأم سدس، وللجد تسعة2، من مسألة الحياة، وللأخت منها ثلاثة، تبقى خمسة عشر على رواية رد الموقوف إلى ورثة الأول، وعلى رواية قسمة نصيبه مما وقف على ورثته وهي ستة، لأنه ورث مثلي الأخت، يبقى تسعة، كذا ذكر في الشرح3 روايتين، والمعروف وجهان. انتهى. يعني إذا مات ميت يرثه المفقود فإنه يدفع إلى كل وارث اليقين
ـــــــ
1 في الأصل: "سبعة".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/235.
3 في النسخ الخطية: "سبعة"، والمثبت من عبارة "الفروع".

(8/46)


ولهم الصلح على كل الموقوف إن حجب أحدا، ولم يرث أو كان أخا لأب عصب أخته مع زوج وأخت لأبوين.
وقيل: تعمل مسألة حياته، وتقف نصيبه إن ورث.
وفي أخذ ضمين ممن معه زيادة محتملة وجهان "م 2".
ومتى بان حيا يوم موت موروثه فله حقه والباقي لمستحقه، وإن بان ميتا فالموقوف لورثة الميت الأول، وقال في المغني1: وكذا إن جهل وقت موته..
ـــــــ
ويوقف الباقي، فإن قدم أخذ نصيبه، وإن لم يقدم فهل حكمه حكم ماله أو يرد إلى ورثة الميت الذي مات في غيبته؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: أنه يكون لورثة المفقود، وهو الصحيح، صححه في المحرر والنظم، قال في الفائق: هو قول2 غير صاحب المغني فيه، وقطع به في الكافي3 والمقنع4 وشرح ابن منجى والوجيز وغيرهم، وقدمه في المحرر أيضا والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: يرد إلى ورثة الميت الذي مات في مدة التربص، قطع به في المغني، وقدمه في الرعايتين.
مسألة – 2: قوله: "وفي أخذ ضمين ممن معه زيادة محتملة وجهان". انتهى. يعني على القول بعمل مسألة حياته ووقف نصيبه إن ورث، وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير:
ـــــــ
1 9/ 186.
2 ليست في "ط".
3 4/132.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/233.

(8/47)


وإن مضت مدة تربصه ولم يبن حاله، فقيل: ما وقف له لورثته إذن كبقية ماله فيقضى منه دينه في مدة تربصه، وقيل وجزم به في الكافي1 وصححه في المحرر وينفق على زوجته، وقيل: يرد إلى ورثة الأول، فلا يقضى ولا ينفق، جزم به صاحب المجرد والتهذيب والفصول والمستوعب والمغني2 وغيرهم "م 3".
ـــــــ
أحدهما: يؤخذ ضمين بذلك، وهو الصحيح، جزم به ابن عبدوس في تذكرته، وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير، وصححه الناظم.
الوجه الثاني: لا يؤخذ.
مسألة -3: قوله: "وإن مضت مدة تربصه ولم يبن حاله، فقيل: ما وقف له لورثته إذن، كبقية ماله، فيقضى منه دينه في مدة تربصه، وقيل وجزم به في الكافي1 صححه في المحرر: وينفق على زوجته، وقيل: يرد إلى ورثة الأول، فلا يقضى ولا ينفق، جزم به صاحب المجرد والتهذيب والفصول والمستوعب والمغني2 وغيرهم". انتهى. قال في القاعدة التاسعة والخمسين بعد المائة: يقسم ماله بعد انتظاره.
وهل يثبت له أحكام المعدوم من حين فقده أو لا يثبت إلا من حين إباحة أزواجه وقسمة ماله؟ على وجهين، ينبني عليهما لو مات له في مدة انتظاره من يرثه فهل يحكم بتوريثه منه أم لا؟ ونص عليه يزكى ماله بعد مدة انتظاره، معللا بأنه مات وعليه زكاة.
وهذا يدل على أنه لا يحكم له بأحكام الموتى إلا بعد المدة، وهو الأظهر. انتهى. وهو موافق لما قاله في الكافي1 والمحرر وغيرهما، وهو الصحيح، وقدمه في
ـــــــ
1 4/131.
2 9/186.

(8/48)


ومتى قدم بعد قسم ماله أخذ ما وجده بعينه، والتالف مضمون في رواية صححها ابن عقيل وغيره، وجزم به الشيخ، ونقل ابن منصور: لا، إنما قسم بحق لهم، اختاره جماعة "م 4".
وإن حصل لأسير من وقف تسلمه وحفظه وكيله ومن ينتقل إليه بعده جميعا، ذكره شيخنا، ويتوجه وجه: ويكفي وكيله.
والمشكل نسبه كمفقود.
ـــــــ
الرعايتين والفائق وغيرهم، وصححه في النظم وغيره، وكثير من الأصحاب بناهما على المسألة الأولى، وهو الصحيح.
مسألة – 4: قوله: "ومتى قدم بعد قسم ماله أخذ ما وجده بعينه، والتالف مضمون، في رواية صححها ابن عقيل وغيره، وجزم به الشيخ، ونقل ابن منصور: لا، إنما قسم بحق لهم، اختاره جماعة" انتهى.
الرواية الأولى: هي الصحيحة في المذهب، نص عليها في رواية عبد الله، واختاره أبو بكر، قال في الفائق: وهو أصح، وصححه ابن عقيل وغيره، واختاره الشيخ وغيره، كما قاله المصنف.
والرواية الثانية: اختارها جماعة، وقدمها في الرعاية الكبرى.

(8/49)


ومن قال أحدهما ابني، ثبت نسب أحدهما، فيعينه، فإن مات فوارثه، فإن تعذر أرى القافة فإن تعذر عتق أحدهما بقرعة ولا مدخل للقرعة في النسب. على ما يأتي.
ولا يرث ولا يوقف، ويصرف نصيب ابن لبيت المال، ذكره في المنتخب عن القاضي، وذكر الأزجي عن القاضي: يعزل من التركة ميراث ابن يكون موقوفا في بيت المال؛ للعلم باستحقاق أحدهما، قال الأزجي: والمذهب الصحيح: لا وقف؛ لأن الوقف إنما يكون إذا رجي زوال الإشكال "م 5".
ـــــــ
مسألة – 5: قوله: "ومن قال أحدهما ابني ثبت نسب أحدهما، فيعينه، فإن مات فوارثه، فإن تعذر أرى القافة، فإن تعذر عتق أحدهما بقرعة ولا يرث ولا يوقف، ويصرف نصيب ابن لبيت المال، ذكره في المنتخب عن القاضي، وذكر الأزجي عن القاضي يعزل من التركة ميراث ابن يكون موقوفا في بيت المال، للعلم باستحقاق أحدهما، قال الأزجي: والمذهب الصحيح: لا وقف؛ لأن الوقف إنما يكون إذا رجي زوال الإشكال". انتهى كلام المصنف.

(8/50)


................................
ـــــــ
قال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق: ومن افتقر نصيبه إلى قائف فهو في مدة إشكاله كالمفقود. انتهى.
قلت: ويحتمل أن يقرع بينهما لأجل الميراث، فمن قرع استحقه، والله أعلم. فهذه خمس مسائل في هذا الباب.

(8/51)


باب ميراث الخنثى
مدخل
...
باب ميراث الخنثى
وهو من له شكل ذكر رجل وفرج امرأة، فإن بال أو سبق بوله من ذكره فهو ذكر، نص عليه، وعكسه أنثى، وإن خرج منهما معا اعتبر أكثرهما، فإن استويا فمشكل.
وقيل: لا يعتبر أكثرهما، ونقل ابن هانئ: وهو ظاهر كلام أبي الفرج وغيره، وقال: هل يعتبر السبق في الانقطاع؟ فيه روايتان وفي التبصرة: يعتبر أطولهما خروجا، ونقله أبو طالب؛ لأن بوله يمتد وبولها يسيل.
وقدم ابن عقيل الكثرة على السبق. وقال هو والقاضي: إن خرجا1 معا حكم للمتأخر، وفي عيون المسائل: إن حاض من فرج المرأة أو احتلم منه أو أنزل من ذكر الرجل لم يحكم ببلوغه، لجواز كونه خلقة زائدة، وإن حاض من فرج النساء وأنزل من ذكر الرجل فبالغ بلا إشكال يأخذ ومن معه اليقين، ويوقف الباقي حتى يبلغ فيعمل بما ظهر من
ـــــــ
تنبيه: قوله: "وقال: هل يعتبر السبق في الانقطاع؟ فيه روايتان". انتهى. هذا من كلام أبي الفرج، والمذهب ما قدمه المصنف بقوله: "وإن خرجا معا اعتبر أكثرهما".
ـــــــ
1 في "ر": "خرجتا".

(8/52)


علامة رجل أو امرأة، كنبات لحيته أو تفلك1 ثدييه، والمنصوص: أو سقوطهما.
وبلوغه بالسن أو الإنبات، وكذا إن حاض من فرجه وأنزل من ذكره، فإن وجد أحدها فوجهان "م 1".
وإن وجدا من مخرج واحد فلا ذكر ولا أنثى وفي البلوغ وجهان "م 2".
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "وبلوغه بالسن أو الإنبات، وكذا إن حاض من فرجه وأنزل من ذكره، فإن وجد أحدهما فوجهان". انتهى.
أحدهما: لا يحصل البلوغ بذلك، قال القاضي: ليس واحد منهما علما على البلوغ.
والوجه الثاني: يحصل به، قطع به في الكافي2 وغيره، وقدمه في المغني3 والشرح4 وشرح ابن رزين وغيرهم، وصححه في التلخيص وغيره، قال في الرعاية الكبرى: والصحيح أن الإنزال علامة البلوغ مطلقا، وهو الصواب.
مسألة -2: قوله: "وإن وجدا من مخرج واحد فلا ذكر ولا أنثى، وفي البلوغ وجهان"، انتهى. وأطلقهما في الرعاية الصغرى والفائق.
أحدهما: لا يحصل به البلوغ، قدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: يحصل به البلوغ، قطع به في الحاوي الكبير. قلت: وهو الصواب.
تنبيهان:
الأول: قوله: "فلا ذكر ولا أنثى " يعني ليس هذا علامة للذكر ولا علامة
ـــــــ
1 فلك ثديها، وأفلك، وفلك وتفلك: استدار. "القاموس": "فلك".
2 4/111.
3 9/109.
4 المقنع مع الشرح الكبير 18/241-242.

(8/53)


وقيل: إن اشتهى أنثى فذكر في كل شيء. وفي الجامع: لا في إرث ودية؛ لأن للغير حقا، وقيل: أو انتشر بوله على كثيب رمل والعكس بالعكس. وقال ابن أبي موسى: تعد أضلاعه، فستة عشر أضلاع ذكر، وسبعة عشر أنثى.
فإن مات أو بلغ بلا أمارة وورث بكونه ذكرا أو أنثى أخذ نصفه، وإن ورث بهما فله نصف إرثهما، كولد الميت معه بنت وابن، له ثلاثة، وللابن أربعة، وللبنت سهمان.
وقال الأكثر: تعمل المسألة على أنه ذكر ثم أنثى وتضرب إحداهما أو وفقها في الأخرى واجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن
ـــــــ
للأنثى، وإلا فهو في الحقيقة إما ذكر وإما أنثى.
الثاني: قوله: "فإن مات أو بلغ بلا أمارة وورث بكونه ذكرا أو أنثى أخذ نصفه، وإن ورث بهما فله نصف إرثهما، كولد الميت معه بنت وابن، له ثلاثة، وللابن أربعة، وللبنت سهمان. وقال الأكثر: تعمل المسألة على أنه ذكر ثم أنثى، وتضرب إحداهما أو وفقها في الأخرى، إلى آخره. ما قدمه المصنف هو اختيار الشيخ الموفق، وجزم به في الوجيز، والصحيح من المذهب القول الثاني، اختاره الأصحاب.
وقال الشيخ في المغني1 والمقنع 2 والشارح وغيرهم: وقال أصحابنا: تعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى إلى آخره.
فهاتان مسألتان في هذا الباب، وليس في باب ميراث الغرقى ونحوهم شيء مما نحن بصدده، والله أعلم.
ـــــــ
1 9/110.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/244.

(8/54)


تناسبتا، واضربها في الحالين، ثم من له شيء من إحدى المسألتين مضروب في الأخرى أو وفقها، واجمع ما له منهما إن تماثلتا.
وإن كانا خنثيين فأكثر نزلتهم بعدد أحوالهم، كإعطائهم اليقين قبل البلوغ، وكالمفقودين، وقيل: حالين ذكورا وإناثا. وقال ابن عقيل: تقسم التركة ولا يوقف مع خنثى مشكل، على الأصح.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/55)


باب ميراث الغرقى ونحوهم
مدخل
...
باب ميراث الغرقى ونحوهم.
إذا علم موت متوارثين معا فلا إرث، وإن جهل السابق بالموت أو علم وجهل عينه ورث كل منهما من الآخر، نص عليه، اختاره الأكثر، من تلاد ماله دون ما ورثه من الميت معه؛ لئلا يدور فيقدر أحدهما مات أولا ويورث الآخر منه ثم يقسم إرثه منهما على ورثته الأحياء، ثم يعمل بالآخر كذلك.
فلو جهل موت أخوين أحدهما عتيق زيد والآخر عتيق عمرو كان مال كل منهما لمعتق الآخر.
زوج وزوجة وابنهما خلف امرأة أخرى وأما وخلفت ابنا من غيره وأبا، فتصح مسألة الزوج من ثمانية وأربعين، لزوجته الميتة ثلاثة، وللأب سدس، ولابنها الحي ما بقي، رددت مسألتها إلى وفق سهامها بالثلث اثنين، ولابنه أربعة وثلاثون، لأم أبيه1 سدس، ولأخيه لأمه سدس، وما بقي لعصبته، فهي من ستة، توافق سهامه بالنصف، فاضرب ثلاثة في وفق مسألة الأم اثنين2، ثم في المسألة الأولى ثمانية وأربعون، تكن مائتين وثمانية وثمانين، ومنها تصح، ومسألة الزوجة من أربعة وعشرين، فمسألة الزوج منها من اثني عشر، ومسألة الابن منها من ستة، دخل وفق مسألة الزوج اثنان في مسألته، فاضرب ستة في أربعة وعشرين تكن مائة وأربعة وأربعين، ومسألة
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأًصل: "ابنه".
2 ليست في "ر".

(8/56)


الابن من ثلاثة، فمسألة أمه من ستة، ولا موافقة ومسألة أبيه من اثني عشر، فاجتزئ بضرب وفق سهامه ستة في ثلاثة تكن ثمانية عشر وكذا لو علم السابق ثم نسي.
وقيل: بالقرعة. وقال الأزجي: إنما لم تجز القرعة؛ لعدم دخول القرعة في النسب، وقال الوني1: يعمل باليقين ويقف مع الشك.
وإن ادعى ورثة كل ميت سبق الآخر ولا بينة أو تعارضت تحالفا، ولم يتوارثا، نص عليه، اختاره الأكثر. وقال جماعة: بلى.
وخرجوا منها المنع في جهلهم الحال، واختاره شيخنا، وقيل: بالقرعة. وقال جماعة: إن تعارضت البينة وقلنا يقسم قسم بينهما ما اختلفا فيه نصفين، ويرث من شك في وقت موته ممن عين وقته، وقيل: لا.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 هو: الحسين بن محمد الوني – بفتح الواو وتشديد النون – الفرضي، الشافعي، كان متقدماً في علم الفرائض، له فيه تصانيف جيدة. "ت450هـ" قتلاً ببغداد في فتنة البساسيري. "طبقات الشافعية الكبرى" 4/374.

(8/57)


باب ميراث المطلقة
مدخل
...
باب ميراث المطلقة
من أبان زوجته في غير مرض الموت المخوف لم يتوارثا، وترثه في طلاق رجعي لم تنقض عدته، وفي مرض مخوف ولم يمت ولم يصح، بلى لسع أو أكل.
وإن أبانها في مرض موته المخوف متهما بقصد حرمانها كمن طلقها ثلاثا ابتداء أو بعوض من غيرها أو علقها على فعل لا بد لها منه شرعا أو عقلا ففعلته أو أقر أنه كان أبانها في صحته خلافا للمنتخب فيها أو علق إبانة ذمية أو أمة على إسلام وعتق أو علم أن سيدها علق عتقها لغد فأبانها اليوم، أو وطئ عاقلا وقيل مكلفا حماته أو علقها في صحته على مرضه 1أو على فعل له ففعله في مرضه أو على تركه نحو لأتزوجن عليك فمات قبل فعله أو وكل في صحته من يبينها متى شاء فأبانها في مرضه،..............................
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في الأصل.

(8/58)


لم يرثها. وترثه ما لم تتزوج، نقله [واختاره] الأكثر ما لم ترتد، فإن أسلمت فروايتان "م 1" فلو تزوج أربعا غيرها ثم مات صح، على الأصح فترثه الخمس، وعنه: ربعه لها والبقية لهن إن تزوجهن في عقد، وإلا فلثلاث سوابق به، ولو كان موضعها أربع فهل ترثه الثمان أو المبتوتات؟ على الروايتين فإن تزوجت أو ماتت فحقها للجدد في عقد وإلا فللسابقة إلى كمال أربع بالمبتوتة.
ـــــــ
مسألة -1: قوله: بعد ذكر مسائل في الطلاق المتهم فيه في مرضه: "لم يرثها وترثه ما لم تتزوج، نقله واختاره الأكثر، ما لم ترتد، فإن أسلمت فروايتان". انتهى. يعني إذا طلقها طلاقا متهما فيه في مرض موته ورثته ما لم تتزوج أو ترتد، فإن ارتدت لم ترثه، فإن عادت أسلمت فهل ترثه أم لا؟ أطلق الروايتين، وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
إحداهما: لا ترثه أيضا، وهو الصحيح، قدمه في المحرر والفائق وصححه. والرواية الثانية: ترثه، وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب.
تنبيه: قوله: "ولو كان موضعها أربع فهل ترثه الثمان أو المبتوتات؟ على الروايتين". مراده بالروايتين الروايتان اللتان فيما إذا تزوج أربعا بعد المبتوتة هل ترثه الخمس أخماسا أو ترث المبتوتة ربع ميراث الزوجات والباقي لهن، وقدم أنه للخمس أخماسا، فكذا يكون للثمان على المقدم.

(8/59)


وعنه: لا ترث مبتوتة بعد عدتها، اختاره في التبصرة، وفي بائن قبل الدخول الروايتان، وكذا عدة وفاة، وقيل: طلاق، وتكملة مهر، وعنه: لا عدة فقط، وعنه: لا يكمل فقط.
وإن لم يتهم بقصد حرمانها كتعليقه إبانتها في مرض موته على فعل لها منه بد فتفعله عالمة به أو أبانها بسؤالها فيه فكصحيح، وعنه: كمتهم، صححها في المستوعب وشيخنا، كمن سألته طلقة فطلقها ثلاثا، قال أبو محمد الجوزي: وإن سألته الطلاق فطلقها ثلاثا لم ترثه، وهو معنى كلام غيره، وحسن الشيخ في قوله: إن لم أطلقك فأنت طالق أنه إن علقه على فعلها ولا مشقة عليها فيه فأبت لم يتوارثا، فإن قذفها في صحته ولاعنها في مرضه وقيل: للحد لا لنفي ولد أو علق إبانتها على فعل لها لا بد لها منه ففعلته في مرضه ورثته، على الأصح.
وجزم جماعة لا ترثه في الأولة.
وإن علقه بفعل زيد كذا ففعله في مرضه أو بشهر فجاء في مرضه فروايتان "2 و 3" والزوج في إرثها إذا قطعت نكاحها منه كفعله، وكذا ردة أحدهما، ذكره في الانتصار، وذكره الشيخ قياس المذهب، والأشهر:
ـــــــ
وقوله: " وفي بائن قبل الدخول الروايتان ". مراده بهما اللتان في إرث المبتوتة بعد انقضاء العدة وقبل أن تتزوج، وقدم أنها ترث ما لم تتزوج، فكذا هذه.
وقوله: "وكذا عدة وفاة " مبني عليهما أيضا، فإن قلنا ترث ما لم تتزوج اعتدت للوفاة، وإلا فلا.
مسألة 2 – 3: قوله: "وإن علقه بفعل زيد كذا ففعله في مرضه أو بشهر فجاء

(8/60)


لا، وكذا خرج الشيخ في بقية الأقارب.
وإن أكره ابن وارث عاقل ولو نقص إرثه أو انقطع زوجة أبيه المريض على فسخ نكاحها وعنه: ولو طاوعته لم يقطع إرثها إلا أن تكون له امرأة وارثة غيرها أو لم يتهم.
ـــــــ
1في مرضه فروايتان". انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى: إذا علقه بفعل زيد كذا ففعله في مرضه فهل ترثه أم لا؟ أطلق الخلاف.
إحداهما: لا ترثه، وهو ظاهر ما صححه الشارح وغيره، وهو الصواب:
والرواية الثانية: ترثه.
المسألة الثانية: إذا علق طلاقها بشهر فجاء1 الشهر في مرضه فهل ترثه أم لا؟ أطلق الخلاف فيه.
إحداهما: لا ترثه، وهو الصحيح، قدمه في الكافي2 والمغني3، وصححه أيضا في المقنع4 والشرح5 وشرح ابن منجى وغيرهم، وجزم به الوجيز وغيره، وقدمه في المحرر وغيره، وهذه المسألة عدم الإرث فيها أولى من المسألة التي قبلها.
والرواية الثانية: ترثه، قلت: وهو ضعيف، لعدم التهمة، وفي إطلاق المصنف نظر في هذه، فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 ليست في "ص".
2 4/123.
3 9/199.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/300.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/301.

(8/61)


والاعتبار بالتهمة حال الإكراه، وجزم بعضهم: إن انتفت التهمة بقصد حرمانها الإرث أو بعضه لم ترثه، في الأصح.
فيتوجه منه: لو تزوج في مرضه مضارة لينقص إرث غيرها وأقرت به لم ترثه، ومعنى كلام شيخنا وهو ظاهر كلام غيره: ترثه؛ لأن له أن يوصي بالثلث، قال: ولو وصى بوصايا أخر أو تزوجت المرأة بزوج يأخذ النصف فهذا الموضع فيه نظر، فإن المفسدة إنما هي في هذا. ومن جحد إبانة ادعتها امرأته لم ترثه إن دامت على قولها.
وإن مات عن زوجات لا يرثه بعضهن لجهل عينها أخرج الوارثات بالقرعة، ولو قتلها في مرضه ثم مات لم ترثه، لخروجها من حيز التملك والتمليك، ذكره ابن عقيل وغيره، ويتوجه خلاف، كمن وقع في شبكته صيد بعد موته.
ويأتي في دخول دية في وصية1, إن شاء الله تعالى".
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 7/471.

(8/62)


باب ميراث أهل الملل والقاتل
مدخل
...
باب ميراث أهل الملل والقاتل
لا يرث كافر مسلما ولا مسلم كافرا، ويتوارثان بالولاء؛ لثبوته، وعنه: لا توارث، فعليها يرث عصبة سيده الموافق لدينه وورث شيخنا المسلم من ذمي؛ لئلا يمتنع قريبه من الإسلام، ولوجوب نصرهم ولا ينصروننا ولا موالاة، كمن آمن ولم يهاجر ننصره1 ولا ولاء له، للآية2، فهؤلاء لا ينصروننا ولا هم بدارنا لننصرهم دائما، فلم يكونوا يرثون ولا يورثون، والإرث كالعقل، وقد بين في قوله {وَأُولُو الْأَرْحَامِ} في الأحزاب[الآية: 6] أن القريب المشارك في الإيمان والهجرة أولى ممن ليس بقرابة، وإن كان مؤمنا مهاجرا.
ولما فتحت مكة توارثوا، ومن لزمته الهجرة ولم يهاجر فالآية فيه، إلا من له هناك نصرة وجهاد بحسبه فيرث.
وفي الرد على الزنادقة أن الله حكم على المؤمنين لما هاجروا أن لا يتوارثوا إلا بالهجرة، فلما كثر المهاجرون رد الله الميراث على الأولياء هاجروا أو لم يهاجروا.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "نصره".
2 وهي : قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72].

(8/63)


وفي عيون المسائل: كان التوارث في الجاهلية ثم في صدر الإسلام بالحلف والنصرة، ثم نسخ إلى الإسلام والهجرة بقوله {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72] فكانوا يتوارثون بالإسلام والهجرة مع وجود النسب، ثم نسخ بالرحم والقرابة، قال: فهذا نسخ مرتين، كذا رواه عكرمة.
وإن أسلم كافر قبل قسم1 إرث قريب مسلم ورثه، وعنه: لا، صححها جماعة، كقن عتق قبل قسمة على الأصح.
والكفر ملل مختلفة، فلا يتوارثون مع اختلافها، وعنه: ثلاثة: اليهودية والنصرانية ودين غيرهم، وعنه: كله ملة فيتوارثون، اختاره الخلال، واختار صاحبه الأولى.
ويتوارث حربي ومستأمن، وذمي ومستأمن. وفي المنتخب: يرث مستأمنا ورثته بحرب؛ لأنه حربي وفي الترغيب: هو في حكم ذمي. وقيل: حربي.
نقل أبو الحارث: الحربي المستأمن يموت هنا يرثه ورثته وكذا ذمي وحربي، نقله يعقوب. وقاله القاضي في تعليقه.
قال في الانتصار: هو الأقوى في المذهب. قال الشيخ: هو قياسه. وفي المحرر: اختار الأكثر: لا، وذكره أبو الخطاب في التهذيب اتفاقا.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "قسمة".

(8/64)


ولا يرث مرتد أحدا، فإن أسلم قبل القسمة فالروايتان، وإن قتل عليها أو مات فماله فيء، وعنه: لوارث مسلم، اختاره شيخنا؛ لأنه المعروف عن الصحابة علي وابن مسعود1، ولأن ردته كمرض موته، وعنه: من أهل دينه الذي اختاره.
والداعية إلى بدعة مكفرة ماله فيء، نص عليه في الجهمي وغيره، وسيأتي ذلك، وعلى الأصح: أو غير داعية، وهما في غسله والصلاة عليه وغير ذلك.
ونقل الميموني في الجهمي إذا مات في قرية ليس فيها إلا نصارى من يشهده؟ قال: أنا لا أشهده، يشهده من شاء.
قال ابن حامد: ظاهر المذهب خلافها على نقل يعقوب وغيره، وأنه بمثابة أهل الردة في وفاته وماله ونكاحه، قال: وقد2 يتخرج على رواية الميموني أنه إن تولاه متول فإنه يحتمل في ماله وميراثه أهله وجهان، وذكر غيره رواية الميموني، نقل: أنا لا أشهد الجهمية3 ولا الرافضة4،
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 6/254: أن علياً رضي الله عنه قضى في ميراث المرتد، أنه لأهله من المسلمين. وفيه أيضاً عن علي: أنه أتى بالمستورد العجلي فقتله، وجعل ميراثه لأهله من المسلمين.
وفي 6/255 عن عبد الله بن مسعود، قال: إذا ارتد المرتد، ورثه ولده.
2 ليست في "ر".
3 الجهمية: هم أصحاب جهم بن صفوان، وهو من الجبرية الخالصة، الذين ينفون الفعل حقيقة عن العبد ويضيفونه إلى الله تعالى. "الملل والنحل" 1/135.
4 كان من مذهب زيد بن علي جواز إمامة المفضول، فأجاز إمامة الشيخين أبي بكر وعمر، فلما سمعت شيعة الكوفة هذه المقالة رفضوه، فسموا رافضة. "الملل والنحل" ص 304-306.

(8/65)


ويشهده من شاء، قد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على أقل من ذي الدين والغلول وقاتل نفسه1.
وقال صاحب المحرر: إن أراد به الإباحة لا الإنكار فمحمول على المقلد غير الداعية؛ لأنه فاسق، كالفاسق بالفعل.
والزنديق وهو المنافق كمرتد.
قال في الفصول: وآكد، حيث لا تقبل توبته، فالمراد إذا لم يتب أو تاب ولم نقبلها، وذكر الروايتين إذا تاب في قتله وأحكام الإسلام الظاهرة، واحتج جماعة منهم الشيخ بكف النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بإظهار الشهادة مع علم الله له بباطنهم2 ، وكذا قال ابن الجوزي بعد أن ذكر هل جهادهم بالكلام أم بالسيف وأورد على الثاني أنه لم يقع، فأجاب أنه إذا
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرج البخاري "2298" ومسلم "1619" "14" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى، عليه دين، فيسأل: "هل ترك لدينه فضلاً"؟ فإن حدث أنه ترك لدينه وفاءً، صلى، وإلا قال للمسلمين: "صلوا على صاحبكم" فلما فتح الله عليه الفتوح، قال :"أنا أولى المؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك ديناً فعلي قضاؤه...". من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وأخرج البخاري "4234"، ومسلم "115" "183" في العبد الذي استشهد وكان قد غل شملة من الغنيمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلى والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم، لم تصبها المقاسم. لتشتعل عليه ناراً" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وأخرج مسلم "978" "107" عن جابر بن سمرة، قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص، فلم يصل عليه.
2 أخرج مسلم "21" "33" والبخاري "1399" بنحوه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله".

(8/66)


أظهروه، فإن لم1، فإنه أمر أن يأخذ بظاهرهم ولا يبحث عن سرهم، وكذا قال شيخنا: هذا كان أولا، ثم نزل: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} [الأحزاب:61] فعلم أنهم إن أظهروه كما كانوا قتلوا. وقال ابن الجوزي2 في هذه الآية: معنى الكلام: الأمر، أي هذا الحكم فيهم سنة الله، أي سن في الذين ينافقون الأنبياء ويرجفون بهم أن يفعل بهم هذا. وقال: قال المفسرون وقد أغري بهم فقيل له {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [التوبة: 73].
وعند شيخنا: يرث ويورث؛ لأنه عليه السلام لم يأخذ من تركة منافق شيئا ولا جعله فيئا، فعلم أن الميراث مداره على النصرة الظاهرة، قال: واسم الإسلام يجري عليهم في الظاهر "ع".
وعند شيخنا وغيره: قد يسمى من فعل بعض المعاصي منافقا؛ للخبر3، وقاله ابن حامد، واحتج بأن ابن هانئ سأل أحمد عمن4 5لا يخاف النفاق على نفسه، قال أحمد5: ومن يأمن النفاق؟ فبين أنه غالب في حال الإنسان.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أي: إن لم يظهروه.
2 زاد المسير 6/422-.423
3 أخرج البخاري "34"، ومسلم "58" "106" عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع من كان فيه، كان منافقاً خالصاً. ومن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان،..." الحديث.
4 ليست في الأصل.
5 ليست في "ر".

(8/67)


وقال القاضي وغيره: من أحكام النفاق، قطع الإرث وتحريم النكاح، وهذا المعنى لا يثبت فيمن ارتكب المعاصي، فوجب أن لا يوصف بهذا الاسم، وحمل الخبر على التغليظ.
وإن أسلم مجوسي أو حاكم إلينا ورث بقرابتيه، وعنه: بأقواهما.
وكذا مسلم بولد ذات1 محرم وغيرها بشبهة تثبت النسب. وفي المغني2: وكذا من يجري مجرى المجوس ممن ينكح ذات محرم.
ولا إرث بنكاح ذات محرم ولا بنكاح لا يقر عليه كافر لو أسلم، فلو أولد بنته بنتا بتزويج فخلفهما وعما فلهما الثلثان والبقية لعمه، فإن ماتت الكبرى بعده فالمال للصغرى؛ لأنها بنت وأخت لأب، فإن ماتت قبل الكبرى فلها ثلث نصف، والبقية للعم، ثم لو تزوج الصغرى فولدت بنتا وخلف معهن عما فلبناته الثلثان وما بقي له، ولو ماتت3 بعده بنته الكبرى فللوسطى النصف؛ لأنها بنت، وما بقي لها وللصغرى؛ لأنهما أختان لأب، فيصح من أربعة4، فهذه بنت بنت ورثت مع بنت فوق السدس، ولو ماتت بعده الوسطى فالكبرى أم وأخت لأب، والصغرى بنت وأخت لأب، فللأم السدس، وللبنت النصف، وما بقي لهما بالتعصيب.
فإن ماتت الصغرى بعدها فأم أمها أخت لأب، فلها الثلثان، وما بقي
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 9/165.
3 في "ط": "ماتت".
4 ليست في "ر".

(8/68)


للعم، ولو مات بعده بنته الصغرى فللوسطى بأنها أم السدس، وحجبت نفسها، ولهما الثلثان بأنهما أختان لأب، وما بقي للعم، 1ولا ترث الكبرى؛ لأنها جدة مع أم، فهذه جدة حجبت أما وورثت معها.
ومن حجب بنفسه عمل به2.
ولا يرث مكلف أو غيره انفرد أو شارك بقتل موروثه ولو بسبب إن لزمه قود أو دية أو كفارة، وإلا ورث، فلا ترث من شربت دواء فأسقطت من الغرة شيئا، نص عليه.
وقيل: من أدب ولده فمات لم يرثه، وأنه إن سقاه دواء أو فصده أو بط سلعته3 لحاجته فوجهان وأن في الحافر احتمالين، ومثله نصب سكين ووضع حجر ورش ماء وإخراج جناح. وفي إرث باغ عادلا روايتان "م 1".
ـــــــ
تنبيه: قوله: "وأنه إن سقاه دواء أو فصده أو بط سلعته لحاجته فوجهان". انتهى. هذا من تتمة طريقة مؤخرة عند المصنف، والمذهب ما قدمه، وهو عدم الإرث.
مسألة – 1: قوله: "وفي إرث باغ عادلا روايتان" انتهى. وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجى وغيرهم:
إحداهما: يرثه، قال في المحرر: لا يمنع الإرث، على الأصح، قال في الفائق: لا يمنع الإرث، في الأصح، قال الناظم: هذا أولى، قال الزركشي: وصححه في الهداية "قلت": وفي المستوعب كما في الهداية، وليس بالصريح في
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 أي: شق. "المصباح": "بط" والسلعة: الغدة في الجسد، أو: خراج في العنق. "القاموس": "سلع".
3 ليست في "د".

(8/69)


وجزم في التبصرة والترغيب: لا يرثه، ونصره جماعة، وفي عكسه رواية، اختاره ابن حامد وغيره، فلهذا عنه رواية: لا يرث قاتل، واختار الشيخ وغيره: إن جرحه العادل ليصير غير ممتنع ورثه، لا إن تعمد قتله ابتداء، وهو متجه، وذكر أبو الوفاء وأبو يعلى الصغير أن أحد طريقي بعض أصحابنا أنه يرث من لا قصد له من صبي ومجنون، وإنما يحرم من يتهم، وصححه أبو الوفاء، ونص أحمد خلافه؛ لأنه قد يظهر الجنون ليقتله، وقد يحرض عاقل صبيا، فحسمنا المادة، كالخطإ، والله أعلم.
ـــــــ
ذلك، لكن ظاهر كلامهما إدخال هذه المسألة في التصحيح، وقدمه في المقنع1، والكافي2 وقال: هو أظهر في المذهب، قال الشارح: هذا ظاهر المذهب، وجزم به في الوجيز وغيره.
والرواية الثانية: يمنع الإرث، جزم به في التبصرة والترغيب والمذهب، والقاضي في الجامع الصغير، والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيخ في المغني3 في قتال أهل البغي، ونصره جماعة من الأصحاب، وهو ظاهر كلام الخرقي، فهذه مسألة واحدة.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/372.
2 4/122.
3 12/257.

(8/70)


باب ميراث المعتق بعضه
مدخل
...
باب ميراث المعتق بعضه
لا يورث رقيق، وكذا لا يرث، 1نص عليه1. وعنه: بلى، عند عدم، ذكره في المذهب وأبو البقاء في الناهض.
وإن هايأ معتق بعضه سيده أو قاسمه في حياته فتركته كلها لورثته، وإلا فإنه يرث ويورث ويحجب بقدر حرية بعضه، وكسبه بها لورثته ثم لمعتق بعضه.
فبنت نصفها حر وأم وعم، للبنت الربع وللأم الربع، يحجبها2 عن نصف سدس، والبقية للعم سهمان من أربعة، فلو كان مكانها عصبة نصفه حر، كابن، فهل يأخذ النصف أو نصف البقية بعد ربع الأم أو نصف ما يستحقه بكمال حريته مع ذي الفرض؟ فيه أوجه "م 1".
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "فبنت نصفها حر وأم وعم، للبنت الربع، وللأم الربع يحجبها3 عن نصف سدس، والبقية للعم سهمان من أربعة، فلو كان مكانها عصبة نصفه حر كابن فهل يأخذ النصف أو نصف البقية بعد ربع الأم أو نصف ما يستحقه بكمال حريته مع ذوي الفرض؟ فيه أوجه". انتهى. وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير والفائق والقواعد.
أحدها: يستحق نصف ما يستحقه بكمال حريته مع ذوي الفرض، فيستحق الابن هنا ربعا وسدسا من المال؛ لأنه لو كان حرا كان يستحق خمسة أسداسه، وهو نصف وثلث،
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ر": "يحجبها".
3 في "ح": "يحجبها".

(8/71)


فإن لم ينقص ذو الفرض بالعصبة، كجدة مكان الأم، فله النصف على الأول وعليهما نصف البقية بعد فرضها، ولو كان معه فرض يسقط بحريته كابن نصفه حر وأخت وعم فله النصف ولها نصف البقية فرضا، وقدم في المغني1: لها النصف، ابنان نصف أحدهما حر المال بينهما أرباعا تنزيلا لهما وخطابا بأحوالهما.
وقيل: أثلاثا، جمعا للحرية وقسمة لإرثهما، كالعول.
فإن كان نصفهما حرا ففي المستوعب لهما2 ثلاثة أرباع المال.
ـــــــ
فيستحق نصفه بنصف حريته، وهذا الوجه هو الصحيح، 3وهو الذي3 ذكره إبراهيم الحربي في كتاب الفرائض، واختاره القاضي في المجرد، وابن عقيل في الفصول، وصححه في المحرر والحاوي الصغير بعد إطلاق الخلاف، وجزم به في المنور وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني، له نصف الباقي بعد ربع الأم، اختاره أبو بكر، والقاضي في خلافه نقله عنه في القواعد، قال في المحرر والحاوي: وفيه بعد، قال في الرعايتين: وهو بعيد.
ـــــــ
1 9/133.
2 في النسخ الخطية و"ط": "لها"، والمثبت من "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 18/388.
3 ليست في "ح".

(8/72)


وقيل: تنزيلهما حرية ورقا، فلهما بحريتهما المال، فبنصفهما نصفه، وقيل: المال بينهما، جمعا للحرية "م 2 و 3" كابن وللأم معهما سدس، وللزوجة ثمن.
ـــــــ
والوجه الثالث، له نصف المال كاملا، قال في القاعدة الخامسة عشرة بعد المائة: رجحه الشيخ تقي الدين، وذكر أنه اختيار أبيه.
مسألة – 2- 3: قوله: "فإن كان نصفهما حرا يعني نصف الابنين ففي المستوعب لهما ثلاثة أرباع المال وقيل تنزيلهما حرية ورقا، فلهما بحريتهما المال، فبنصفهما نصفه، وقيل: المال بينهما، جمعا للحرية". انتهى.
اعلم أنه إذا كان عصبتان نصف كل واحد منهما حر فهل تكمل الحرية أم لا؟ فيه وجهان، وأطلقهما في الهداية والمقنع1 والمغني2 والشرح1 وشرح ابن منجى والنظم والقواعد الفقهية وغيرهم، وظاهر كلام المصنف إطلاق الخلاف.
أحدهما: لا تكمل، وهو الصحيح، صححه في التصحيح، وقطع به في الوجيز والمنور3، وقدمه في المحرر والفصول والفائق وغيرهم4.
والوجه الثاني: تكمل الحرية فيكون لهما المال كله.
وقدمه في الرعايتين والحاوي وشرح ابن رزين ونهايته
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/387.
2 9/128.
3 ليست في "ص".
4 ليست في "ح".

(8/73)


ابن وابن ابن نصفهما حر للابن النصف، ولا شيء لابنه، على الأوسط، وله على الأول الربع، وعلى الثالث النصف.
جدة حرة وأم نصفها حر، للأم سدس، وللجدة نصف سدس، ومع نصف حريتها1 لها ربع سدس على الأول، ونصف سدس على الثالث، ولا شيء لها على الأوسط.
ـــــــ
إدراك الغاية وتجريد العناية، قال في القاعدة الخامسة عشرة بعد المائة: رجحه القاضي والسامري وطائفة من الأصحاب، وله مأخذان:
أحدهما: جمع الحرية فيهما فيكمل لهما حرية ابن وهو مأخذ أبي الخطاب وغيره.
والثاني: أن كل واحد منهما مع كمال الحرية في جميع المال لا في نصفه، وإنما أخذ نصفه لمزاحمة أخيه له، وحينئذ فقد أخذ كل واحد منهما نصف المال، وهو يضيف حقه مع كمال حريته، فلم يأخذ زيادة على قدر ما فيه من الحرية. انتهى.
قال أبو الخطاب في التهذيب: قياس قول الإمام أحمد جمع الحرية.
قال شيخه الوني: هذا أقيس وأولى، فعلى الأول هل لهما ثلاثة أرباع المال بأحوال، أو ميز لهما حرية ورقا فقط، فلهما بحريتهما المال فبنصفها نصفه؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه في القواعد الفقهية.
أحدهما: له ثلاثة أرباع المال بالأحوال والخطاب، وهذا الصحيح، وقاله في المستوعب وغيره، وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في المحرر والفائق وغيره وهو احتمال في المغني2، 3ومال إليه3.
والوجه الثاني: لهما نصفهما بتنزيلهما حرية ورقا فقط.
ـــــــ
1 في الأصل: "حريتهما".
2 9/128.
3 ليست في "ص".

(8/74)


أم وأخوان بأحدهما رق، لها ثلث1، وحجبها أبو الخطاب بقدر حريته، فبنصفها عن نصف سدس.
ويرد على ذي فرض وعصبة لم ترث بقدر نسبة الحرية منهما، فلبنت نصفها حر النصف بفرض ورد، ولابن مكانها النصف بالعصوبة والبقية لبيت المال، ولابنين نصفهما حران لم يورثهما المال البقية مع عدم عصبة.
ولبنت وجدة نصفهما حر المال نصفين بفرض ورد، ومع حرية ثلاثة أرباعهما المال بينهما أرباعا بقدر فرضهما، ومع حرية ثلثهما الثلثان بينهما والبقية لبيت المال.
ـــــــ
وهذه مسألة -3: أخرى قد صححت، والتفريع الآتي بعد ذلك في كلام المصنف مبني على هذا الخلاف، فليعلم ذلك، فهذه ثلاث، وفي التفريع مسألتان فيكمل خمس.
ـــــــ
1 ليست في الأًصل.

(8/75)


باب الولاء
مدخل
...
باب الولاء
من أعتق رقيقا ندبا أو بعضه فسرى أو واجبا أو سائبة أو علق عتقه أو حلف به فحنث ولو برحم أو إيلاد أو بعوض أو كتابة، نص عليهما، وفيهما قول فله عليه الولاء، وعلى أولاده من زوجة عتيقة وسرية وعلى من له أو لهم ولاؤه كمعتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم أبدا ما تناسلوا.
وعنه في المكاتب: إن أدى إلى الورثة فولاؤه لهم، وإن أدى إليهما فهو بينهما.
وفي التبصرة وجه: للورثة. وفي المبهج: إن أعتق كل الورثة المكاتب نفذ والولاء للرجال، وفي النساء روايتان، وعنه: في معتق سائبة وهو: أعتقتك سائبة، أو: لا ولاء لي عليك، أو في واجب لا ولاء عليه، اختاره الأكثر.
ـــــــ
تنبيه: قوله: وعنه في معتق سائبة. وهو: "أعتقتك سائبة... أولا ولاء لي عليك، أو في واجب، لا ولاء عليه، اختاره الأكثر". انتهى.
قدم المصنف قبل هذا أن له الولاء على هؤلاء المذكورين، وهو المذهب عند المتأخرين، وصححه في التصحيح والنظم وتجريد العناية، قال في المذهب: أصحهما الولاء لمعتقه فيما إذا أعتقه عند كفارته أو نذره، وجزم به في الوجيز، وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
والرواية الثانية: وهي التي ذكرها المصنف لا ولاء له عليهم هي المذهب عند المتقدمين، وهم أكثر الأصحاب، منهم الخرقي والقاضي والشريف أبو جعفر

(8/76)


ففي عقله؛ لكونه معتقا وانتفاء الولاء عنه روايتان، قاله أبو المعالي "م 1" وماله لبيت المال، وعنه: يرد ولاؤه في عتق مثله يلي عتقهم الإمام. وعنه: للسيد، وقيل: وكذا عتقه برحم.
ـــــــ
وأبو الخطاب والشيرازي وابن عقيل وابن البنا وغيرهم، وقطع في المذهب بأنه لا ولاء له فيما أعتقه سائبة أو قال لا ولاء لي عليك، وقيل: له الولاء في الثانية دون غيرها، اختاره الشيخ والشارح، قال الزركشي: المختار للأصحاب: لا ولاء له في السائبة. انتهى.
إذا علمت ذلك فالخلاف قوي من الجانبين، فكان حقه أن يطلق الخلاف، ولكن المصنف تابع صاحب المحرر.
مسألة – 1: إذا قلنا أن لا ولاء له على هؤلاء فقال المصنف " ففي عقله لكونه معتقا، وانتفاء الولاء عنه روايتان، قاله أبو المعالي ". انتهى.
أحدهما: يعقل، كالحر أصالة، وهو ظاهر كلام جماعة، وهو مقتضى ما اختاره أبو بكر.
والرواية الثانية: لا يعقل عنه، وهو الصواب، وقد قال المصنف في باب ذكر أصناف الزكاة1: ومن أعتق من الزكاة رد ما رجع من ولاية في عتق مثله، في ظاهر المذهب، وقيل: في الصدقات، وهل يعقل عنه، فيه روايتان. انتهى. وتقدم الكلام عليها هناك.
وقدم الشيخ في المغني2، أنه لا يعقل عنه في هذه المسألة، ونصره وقال: اختاره الخلال، والقول بأنه يعقل عنه اختاره أبو بكر، ذكر ذلك في باب قسمة كفيء
ـــــــ
1 4/336.
2 9/322.

(8/77)


ولو قل عن رقبة، ففي الصدقة به وتركه ببيت المال وجهان في التبصرة "م 2".
ومن أذن لعبده في عتق عبد فأعتقه ثم باعه فولاؤه لمولاه الأول، نقله ابن منصور، ومن أبوه عتيق وأمه حرة الأصل فلا ولاء عليه، كعكسها، وعنه: بلى: لمولى أبيه.
ولا ولاء على من أبوه مجهول النسب وأمه عتيقة، وحكي عنه: بلى لمولى أمه. ومن أعتق رقيقه عن غيره بلا إذنه فالعتق والولاء للمعتق، إلا أن يعتقه وارثه في واجب، وله تركه، وإن لم يتعين العتق أطعم أو كسا، ويصح عتقه، وقيل: بوصية، قال في الترغيب: بناء على قولنا: الولاء للمعتق عنه.
وإن تبرع بعتقه عنه ولا تركة فهل يجزئه؟ كإطعام وكسوة، أم لا؟ جزم به في الترغيب؛ لأن مقصوده الولاء، ولا يمكن إثباته بدون المعتق عنه، فيه وجهان "م 3".
ـــــــ
والغنيمة والصدقة، وهي فرد من أفراد المسألة التي قد ذكرها المصنف هنا، فإنه قال هنا: أو في واجب.
مسألة – 2: قوله: "وإن قل عن رقبة ففي الصدقة به وتركه ببيت المال وجهان في التبصرة". انتهى.
أحدهما: يتصدق به. قلت: وهو الصواب، وهو ما لا شك فيه في هذه الأزمنة.
والوجه الثاني: يترك في بيت المال، والظاهر أن محل هذا الوجه إذا كان بيت المال منتظما، وهو الحق.
مسألة – 3: قوله: "وإن تبرع بعتقه عنه ولا تركة فهل يجزئه كإطعام وكسوة، أم

(8/78)


وإن تبرع أجنبي عنه فأوجه، الثالث يجزئه في إطعام وكسوة. وفي الرعاية: من أعتق عبده عن ميت في واجب وقعا للميت، وقيل: لا، وقيل: ولاؤه فقط للمعتق "م 4" قال أبو النضر: قال أحمد في العتق عن
ـــــــ
لا؟ جزم به في الترغيب؛ لأن مقصوده الولاء، ولا يمكن إثباته بدون العتق عنه، فيه وجهان. انتهى.
قلت: ظاهر كلام أكثر الأصحاب الإجزاء فإنهم أطلقوا فيما إذا أعتق عبده عن ميت بلا أمره أن الولاء للمعتق، ولم يتعرضوا لعدم الإجزاء، فظاهره الإجزاء، قال ابن رزين في شرحه وغيره: لو أعتق عبده عن زيد الحي أو بكر الميت بغير إذن فالولاء له دونهما، وعنه: إن كان بعوض فهو لهما، وإن كان بغير عوض فهو له. انتهى. وقال في الرعايتين والحاوي الصغير: من أعتق عبدا عن ميت أو حي بلا إذن فالعتق والولاء عن المعتق، فإن أعتقه عن ميت في واجب عليه وقعا للميت، وقيل: لا، وقيل: ولاؤه فقط للمعتق قال في الكبرى عن القول الأخير: وهو أولى. وقال في المحرر: ومن أعتق عبده عن غيره بغير إذنه وقع العتق والولاء عن المعتق، وإلا أن يعتقه عن ميت في واجب عليه فيقعان للميت، ففي هذا الكلام والذي قبله عموم؛ ليشتمل مسألة المصنف، والله أعلم. وقد ذكر المصنف كلام صاحب الروضة، وعلى كل حال: الصواب الإجزاء، كالإطعام والكسوة.
مسألة -4: قوله: "وإن تبرع أجنبي عنه فأوجه، والثالث يجزئه في إطعام وكسوة. وفي الرعاية: ومن أعتق عبده عن ميت وفي واجب وقعا للميت، وقيل: لا، وقيل: ولاؤه فقط للمعتق". انتهى كلام المصنف.
وكلامه أعم من كلام صاحب الرعاية؛ لأنه أدخل الإطعام والكسوة، والصحيح من المذهب الإجزاء في الجميع. وتقدم نظير هذه المسألة في كلام المصنف "لو

(8/79)


الميت: إن وصى به فالولاء له، وإلا للمعتق. وقال في رواية الميموني وأبي طالب في الرجل يعتق عن الرجل: فالولاء لمن أعتقه والأجر للمعتق عنه، وقال في رواية حنبل: إذا وصى لرجل بعتق رقبة فزاد الوصي من ماله مائة درهم وقال هذه الرقبة جميعها عن الميت: لا بأس بذلك ولا يكون للوصي من الولاء شيء؛ لأنه قد صيره للميت بإعطاء المال، فدلت نصوصه أن العتق للمعتق عنه، وأن الولاء للمعتق، إلا على رواية حنبل، وفي مقدمة الفرائض لأبي الخير سلامة بن صدقة الحراني1: إن أعتق عن غيره بلا إذنه فلأيهما الولاء؟ فيه روايتان.
وفي الروضة: فإن أعتق عبدا عن كفارة غيره أجزأه وولاؤه للمعتق، ولا يرجع على المعتق عنه، في الصحيح من المذهب.
وكذا لو أعتق عبده عتق حيا كان المعتق عنه أو ميتا، وولاؤه للمعتق. وفي التبصرة: من أعتقه عن غيره بلا إذنه فالعتق للمعتق، كالولاء ويحتمل: للميت المعتق عنه؛ لأن القرب يصل ثوابها إليه، ومن قيل له أعتق عبدك عني أو عني مجانا أو علي ثمنه ففعل قبل فراقه أو بعده فالعتق وولاؤه للمعتق عنه، كإطعامه وعنه: والكسوة.
ـــــــ
أخرج أجنبي واجبا عن ميت بغير إذن الولي في ذلك" في آخر باب تبرعات المريض، وأطلق الخلاف فيه وتكلمنا على ذلك هناك2.
ـــــــ
1 هو: أبو الخير، موفق الدين، سلامة بن صدقة بن سلامة بن الصولي، الحراني كان من أهل الفتوى "ت627هـ". "ذيل طبقات الحنابلة" 2/174.
2 7/450-451.

(8/80)


ذكر ابن أبي موسى1: لا يجزئه حتى يملكه إياه فيعتقه هو، ونقله مهنا، وعلى الأول: يجزئه عن واجب ما لم يكن قريبه، ويلزمه عوضه بالتزامه، وعنه: يلزمه إن لم ينفه2، وعنه: العتق وولاؤه للمعتق إن لم يلتزم عوضه.
وفي الترغيب: اعتقه عن كفارتي ولك علي مائة، فأعتقه، عتق، ولم يجزئه، وتلزمه المائة، والولاء له.
قال ابن عقيل: ولو قال: اعتقه عني بهذا الخمر أو الخنزير، ملكه وعتق كالهبة، والملك يقف على القبض في هبة بلفظها لا بلفظ العتق، بدليل: اعتق عبدك عني3، ينتقل الملك قبل إعتاقه، ويجوز جعله قابضا من طريق الحكم، كقوله: بعتك أو وهبتك هذا العبد، فقال المشتري: هو حر، عتق، ونقدر القبول حكما، وكلام غيره في الصورة الأخيرة يقتضي عدم عتقه، ولو قيل له: أعتقه وعلي ثمنه، أو أعتقه عنك وعلي ثمنه لزمه ثمنه والأصح أن العتق وولاءه للمعتق4. ويجزئه عن واجب، في الأصح، ولو قال: أقبله على درهم فلغو، ذكره في الانتصار ويتوجه وجه.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 الإرشاد ص 441.
2 في "ط": "بنفقه".
3 ليست في "ر".
4 بعدها في الأصل و"ط": "عنه".

(8/81)


وإن قال كافر لمسلم: اعتق عبدك المسلم عني وعلي ثمنه، ففي صحته وجهان "م 5".
ـــــــ
مسألة – 5: قوله: "ولو قال كافر لمسلم: اعتق عبدك المسلم عني وعلي ثمنه ففي صحته وجهان". انتهى.
وأطلقهما في المغني1 والمقنع2 والمحرر والشرح2 وشرح ابن منجى والفائق وغيرهم:
أحدهما: يصح ويعتق وله عليه الولاء كالمسلم، وهو الصحيح، صححه في التصحيح، وجزم به في الوجيز وغيره، واختاره القاضي في الخلاف وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: لا يصح، صححه الناظم.
تنبيه: حكى المصنف الخلاف وجهين وكذلك صاحب المقنع2 والمحرر والشرح2 وشرح ابن منجى وغيرهم، وحكاه روايتين صاحب الرعايتين والحاوي والفائق، فهذه خمس مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 6/369.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/429.

(8/82)


فصل ولا ترث امرأة بولاء إلا عتيقها وعتيقه وأولادهما ومن جروا ولاءه والمنصوص.
وعتيق أبيها إذا كانت ملاعنة، وعنه: ترث بنت المعتق، اختاره القاضي وأصحابه، وعنه: مع عدم عصبة، وعنه: ترث مع أخيها فلو اشترى هو وأخته أباهما فعتق ثم اشترى عبدا وأعتقه ثم مات عتيقه بعد أبيه ورثه ابنه لا بنته، وعلى الثانية يرثاه أثلاثا.

(8/82)


ومن نكحت عتيقها فأحبلها فهي القائلة: إن ألد أنثى فلي النصف وذكرا الثمن وإن لم ألد فالجميع.
ولا يرث به ذو فرض غير سدس لأب أو جد مع ابن أو جد مع إخوة، حيث فرض في النسب، واختار أبو إسحاق سقوطهما مع ابن، ويجعل جد كأخ وإن كثروا، قال في الترغيب: هو أقيس.
وفي الانتصار ربما حملنا توريث أب سدسا بفرض مع ابن على رواية توريث بنت المولى، فيجيء من هذا أنه يرث قرابة المولى بالولاء على نحو ميراثهم.
ولا يجوز بيع الولاء ولا يوهب ولا يورث، وإنما يرث به أقرب عصبة السيد إليه يوم موت عتيقه.
قال أحمد: قوله عليه السلام "أعطه أكبر خزاعة"1 ليس أكبرهم سنا ولكنه أقربهم إلى خزاعة، قال: ولا يجوز شراؤه ولا وقفه، فلو مات السيد عن ابنين ثم أحدهما عن ابن ثم مات عتيقه فإرثه لابن سيده، ولو خلف أحد ابنيه ابنا والآخر أكثر ثم مات عتيقه فإرثه لهم بعددهم، نص على ذلك، ونقل حنبل: يورث الولاء كالمال، لكن للعصبة، فلابن الابن نصف الإرث فيهما، وقيل: في الأولى، ونقله ابن الحكم في الثانية، ومن خلفت ابنا وعصبة غيره وعتيقا فولاؤه لابنها وعقله على عصبتها، فإن
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 رواه أبو داود "2902".

(8/83)


باد1 بنوها فولاؤه لعصبتها، ونقل جعفر: لعصبة بنيها2، وهو موافق للولاء يورث، ثم لعصبة بنيها، وقيل: لبيت المال، وسيأتي من العاقلة واحتج أحمد بأن عليا والزبير اختصما في موالي صفية، فقضى عمر بالعقل على علي والميراث للزبير3.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/84)


فصل في جر الولاء ودوره
...
فصل في جر الولاء ورده
ومن ثبت له ولاء لم يزل عنه، فأما إن تزوج عبد معتقة فأولدها فولاء ولدها لمولى أمه، فإن عتق الأب انجر ولاؤه إلى معتقه، ولا يعود إلى مولى أمه، ولا يقبل قول سيد مكاتب ميت إنه أدى وعتق ليجر الولاء وإن عتق الجد قبله لم يجره، وعنه: بلى، مع موت الأب، وعنه: مطلقا، ثم إن عتق الأب جره، وإن اشترى الابن أباه عتق عليه وله ولاؤه وولاء إخوته، ويبقى ولاء نفسه لمولى أمه، كما لا يرث نفسه. فلو أعتق هذا الابن عبدا ثم أعتق العتيق أبا معتقه، ثبت له ولاؤه، وجر ولاء معتقه، فصار ولاء كل منهما للآخر، ومثله لو أعتق حربي عبدا كافرا فسبى سيده فأعتقه.
فلو سبى المسلمون العتيق الأول فرق ثم أعتق فولاؤه لمعتقه ثانيا.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/84)


وقيل: أولا، وقيل: لهما، ولا ينجر ما للأول إلى الأخير قبل رقه ثانيا من ولاء ولد وعتيق، وكذا عتيق ذمي، وقيل: أو مسلم.
وإذا اشترى ابن1 وبنت معتقة أباهما نصفين فقد عتق، وولاؤه لهما، وجر كل منهما نصف ولاء صاحبه، ويبقى نصفه لمولى أمه، فإن مات الأب ورثاه أثلاثا بالنسب، وإن ماتت البنت بعده ورثها أخوها بالنسب، فإذا مات فلمولى أمه النصف، ولمولى أخته النصف، وهم الأخ ومولى الأم، فلمولى أمها النصف وهو الربع، يبقى الربع وهو الجزء الدائر؛ لأنه خرج من الأخ وعاد إليه، فيكون لمولى أمه، وقيل: لبيت المال: وقيل لمولى أمه ثلثان، ولمولى أمها ثلث، ولا ترث البنت من عتيق أبيها مع أخيها؛ لأنه عصبة، وأخطأ فيها خلق، قاله في الترغيب والله أعلم.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في الأًصل.

(8/85)


................................
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/86)


باب الإقرار بمشارك في الميراث
مدخل
...
باب الإقرار بمشارك في الميراث
إذا أقر كل الورثة، ولو مع عدم أهلية الشهادة، ولو أنه واحد، بوارث للميت من حرة أو أمته نقله الجماعة مشارك أو مسقط فصدق أو كان صغيرا أو مجنونا ثبت نسبه ولو مع منكر له لا يرث لمانع رق ونحوه، ويثبت إرثه مع عدم مانع رق ونحوه فيه وارثه.
وقيل: لا يرث مسقط، اختاره أبو إسحاق، وذكره الأزجي عن الأصحاب سوى القاضي، وأنه الصحيح، فقيل: نصيبه بيد المقر، وقيل: ببيت المال "م 1".
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "وقيل: لا يرث مسقط، اختاره أبو إسحاق، وذكره الأزجي عن الأصحاب سوى القاضي. يكون نصيبه بيد المقر، أو يكون ببيت المال". انتهى.
1 يعني: إذا قلنا: لا يرث مسقط. فهل يكون نصيبه بيد المقر، أو يكون ببيت المال1؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الفائق، قال في الرعاية الكبرى: وقيل: لا يرث الابن إذن.
قلت: وهل نصيبه بيد المقر أو في بيت المال؟ يحتمل وجهين. انتهى.
أحدهما: يقر بيد المقر. قلت: وهو الصواب، وهي قريبة النسبة بما إذا أقر لكبير عاقل بمال فلم يصدقه، على ما ذكروه في كتاب الإقرار2.
والوجه الثاني: يوضع في بيت المال؛ لأن المقر يقول أنا لا أستحقه.
إذا علمت ذلك ففي إطلاق المصنف نظر؛ لكون الوجهين إنما خرجهما صاحب
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 11/404.

(8/87)


ويعتبر إقرار الزوج والمولى المعتق إذا كانا من الورثة، ولو كانت بنتا صح لإرثها بفرض ورد.
وإن أقر أحد الزوجين بابن للآخر من غيره فصدقه نائب إمام ثبت نسبه. وفيه احتمال ذكره الأزجي؛ لأن الإمام ليس له منصب الورثة، قال: وهو مبني على أنه هل له استيفاء قود لا وارث له، وإذا لم يثبت أخذ نصف ما بيد المقر ولا يصح إقرار غير وارث لرق ونحوه.
وإن شهد عدلان منهم أو من غيرهم أنه ولده أو ولد على فراشه أو أنه أقر به ثبتا وإلا فلا، فيثبت نسبه من المقرين الوارثين، وقيل: لا.
ـــــــ
الرعاية، فلم يختلف ترجيح الأصحاب في ذلك، ولكن الخلاف قوي من الجانبين. والله أعلم.
تنبيه: قوله: "وإذا لم يثبت أخذ نصف ما بيد المقر". انتهى.
في أخذه نصف ما في يد المقر نظر، إذ قد يكون المقر به لا يستحق نصف ذلك ولا نصف التركة، نبه عليه ابن نصر الله، وهو كما قال، ثم ظهر لي أن كلام المصنف صحيح، وأن المسألة مفروضة فيما إذا أقر أحد الزوجين ولم يكن للميت ولد.

(8/88)


جزم به الأزجي وغيره، فلو كان المقر به أخا ومات المقر عن بني عم ورثوه، وعلى الأول يرثه الأخ، وهل يثبت نسبه من ولد المقر المنكر له تبعا فتثبت العمومة؟ فيه وجهان "م 2".
وفي الانتصار خلاف مع كونه أكبر سنا من أبي المقر، أو معروف النسب.
ولو مات المقر وخلفه والمنكر فإرثه بينهما، فلو خلفه فقط ورثه، وذكر جماعة إقراره له كوصية، فيأخذ المال في وجه، وثلثه في آخر.
ـــــــ
مسألة – 2: قوله: "وإن شهد عدلان منهم أو من غيرهم أنه ولده أو ولد على فراشه أو أنه أقر به ثبت وإلا فيثبت نسبه من المقرين الوارثين، وقيل: لا، جزم به الأزجي وغيره، فلو كان المقر به أخا ومات المقر عن بني عم ورثوه، وعلى الأول يرثه الأخ، وهل يثبت نسبه من ولد المقر المنكر له تبعا فتثبت العمومة؟ فيه وجهان". انتهى.
أحدهما: يثبت نسبه من المقر تبعا، وهو الصواب، وهو ظاهر كلام جماعة، منهم ابن حمدان في رعايتيه وصاحب الحاوي.
والوجه الثاني: لا يثبت.

(8/89)


وقيل: المال لبيت المال وإن صدق بعض الورثة إذا بلغ وعقل ثبت نسبه، فلو مات وله إرث غير المقر اعتبر تصديقه، وإلا فلا.
وعنه إن أقر اثنان منهم على أبيهما بدين أو نسب ثبت في حق
ـــــــ
تنبيهان:
الأول: قوله: "وذكر جماعة إقراره له كوصية، فيأخذ المال في وجه، وثلثه في آخر، وقيل: المال لبيت المال". انتهى.
هذا الخلاف طريقة مؤخرة؛ لأن المصنف قدم حكما في المسألة غير ذلك.

(8/90)


غيرهم، إعطاء له حكم شهادة وإقرار، وفي اعتبار عدالتهما الروايتان.
وفي الهداية: إن أقر بعضهم لم يثبت نسبه في المشهور من المذهب وسأله أبو طالب عمن تزوج سرا فأراد سفرا فقال لبعض قرابته: لي في السر امرأة وولد، ثم سافر فمات، فأتت امرأته بصبي فقالت [إنها امرأته و] إنه ابنه، ولها شاهدان غير عدلين، فقال: إن كان من أخبره ثقة لحقه بقافة أو إقرار بعض الورثة مثل ما أقر ابن زمعة1، وإن لم يكن قال لقرابته ولا وصي لم يقبل إلا بعدلين.
ومراده: أقر بعضهم ولم ينكره غيره، نقله أبو طالب.
ونقل الأثرم: إن شهد اثنان بأخ ثبت نسبه على من نفاه.
وإن أقر به واحد فإنه أخ للجميع إذا لم يكن من يدفع ذلك؛ لأنه
ـــــــ
الثاني: قوله: "وفي اعتبار عدالتهما الروايتان". انتهى.
مراده بالراويتين الروايتان اللتان ذكرهما فيما إذا أقر اثنان منهم بنسبه من غير لفظ الشهادة، قال في الفائق: وفي ثبوت النسب والإرث بدون لفظ الشهادة روايتان. وهما في إقراره بدين على الميت، قال القاضي: وكذلك يخرج في عدالتهما، ذكره أبو الحسين في التمام. انتهى كلامه في الفائق.
والصحيح من المذهب أنه لا بد من لفظ الشهادة، قدمه المصنف وغيره، فعلى هذا لا بد من عدالتهما.
ـــــــ
1 هو: عبد بن زمعة بن قيس القرشي، أخو سودة أم المؤمنين، أسلم يوم الفتح، وكان من سادات الصحابة. "الإصابة" 6/342.

(8/91)


عليه السلام قال في ابن أمة: "زمعة الولد للفراش"1. ولم يدفع دعوى عبد بن زمعة أحد من الورثة، ومتى لم يثبت نسبه أخذ الفاضل بيد المقر إن فضل شيء، أو كله2 إن سقط به.
فإذا أقر أحد ابنيه بأخ فله ثلث ما بيده، نقله بكر بن محمد، وإن أقر بأخت فلها خمسه.
وإن أقر ابن ابن بابن أخذ ما بيده، ولو خلف أخا لأب وأخا لأم فأقر الأخ لأب بأخ لأبوين أخذ ما بيده، وإن أقر به الأخ لأم فلا شيء له.
وطريق العمل في جميع الباب أن تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار وتراعي الموافقة وتعطي المقر سهمه من مسألة الإقرار في الإنكار، والعكس بالعكس، فما فضل فللمقر به، فلو خلف ابنين فأقر أحدهما بأخوين فصدقه أخوه في أحدهما ثبت نسبه فصاروا ثلاثة، من اثني عشر، للمقر ربع، وللمنكر ثلث، وللمتفق عليه مثله إن جحد الرابع وإلا فكالمقر والبقية للمجحود، وعند أبي الخطاب: لا يأخذ المتفق عليه من المنكر إذا صدق إلا ربع ما بيده، وتصح من ثمانية؛ للمنكر ثلاثة، وللمجحود سهم، وللآخرين سهمان بينهما.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 رواه البخاري "2053"، ومسلم "1457" "36".
2 في "ر": "أو وكله".

(8/92)


فصل وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما،
وقيل: إن
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 رواه البخاري "2053"، ومسلم "1457" "36".
2 في "ر": "أو وكله".

(8/92)


اختلفا ولم يكونا توأمين فلا، وإن أقر بأحدهما بعد الآخر فكذب الأول بالثاني ثبت نسب الأول فقط، وله نصف ما بيد المقر، وللثاني ثلث ما بقي بيده، وإن أكذب الثاني بالأول وهو مصدق به ثبت نسب الثلاثة، وقيل: يسقط نسب الأول.
وإن أقر بزوجة للميت لزمه من إرثها بقدر حصته.
وإن مات المنكر فأقر به ابنه ففي تكميل إرثها وجهان "م 3". وإن مات قبل إنكاره ثبت إرثها، ومن قال لغيره: مات أبي وأنت أخي، فقال: هو أبي ولست بأخي، فالمال لهما، وقيل: للمقر، وقيل: للمقر به، وكذا: مات أبونا ونحن ابناه.
وإن قال: مات أبوك وأنا أخوك، فكله للمنكر، وإن قال: ماتت زوجتي وأنت أخوها فأنكره الزوجية قبل إنكاره، في الأصح.
وإن أقر في مسألة عول بمن يزيله كزوج وأختين أقرت إحداهما بأخ فاضرب مسألة الإقرار في الإنكار ستة وخمسين، واعمل كما تقدم؛ للزوج أربعة وعشرون وللمنكرة ستة عشر، وللمقرة سبعة، وللأخ تسعة فإن
ـــــــ
مسألة – 3: قوله: "وإن أقر بزوجة للميت لزمه من إرثها بقدر حصته، وإن مات المنكر فأقر به ابنه ففي تكميل إرثها وجهان". انتهى. وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
أحدهما: يكمل، قلت: وهو الصواب؛ لأن المقر يعتقد أن والده ظلمها بإنكاره.
والوجه الثاني: لا يكمل.
تنبيه: قوله: وللأخ تسعة. انتهى.
تبع صاحب المحرر، وفيه نظر، نبه عليه شارح المحرر، وتبعه ابن نصر الله،

(8/93)


صدقها الزوج فهو يدعي أربعة، والأخ يدعي أربعة عشر، فاقسم التسعة على مدعاهما، للزوج سهمان وللأخ سبعة، ومع أختين لأم من اثنين وسبعين، للزوج أربعة وعشرون، ولولد الأم ستة عشر، وللمنكرة مثله، وللمقرة ثلاثة، يبقى معها ثلاثة عشر للأخ ستة، تبقى سبعة لا مدعي لها، فتقر بيد المقرة، وقيل: ببيت المال، وقيل: يقسم بين المقرة والزوج وولد الأم باحتمال استحقاقهم.
ـــــــ
وهو أن الأخت بيدها ستة عشر، ويقتضي إقرارها أن لها منه سبعة، وللزوج سهمان، لكن الزوج بإنكار الأخ لا يستحق السهمين، فكيف تدفعهما إلى غير من أقرت بهما له. انتهى.
قلت: يمكن الجواب بأن السهمين من حصة الأخت، ولا يدعيهما أحد من الورثة، والأخت تدعي بإقرارها أن للأخ من الميراث أكثر من سبعة، فكان أولى بهما، والله أعلم. وأيضا المقر به يدعي أربعة عشر سهما، والسهمان لا يدعيهما أحد، فكانا له، فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب.

(8/94)