الفروع و
معه تصحيح الفروع كتاب العتق
مدخل
*
...
كتاب العتق
وهو من أعظم القرب، وفي التبصرة: هو أحبها إلى
الله وأفضل الرقاب أنفسها عند أهلها وأغلاها1
ثمنا، نقله الجماعة، فظاهره ولو كانت2 كافرة
"و م" وخالفه أصحابه، ولعله مراد أحمد، لكن
يثاب على عتقه "ع" 3.
قال في الفنون: لا يختلف الناس فيه، واحتج به
وبرق الذرية على أن الرق ليس بعقوبة بل محنة
وبلوى.
وعتق ذكر أفضل وعنه: أنثى لأنثى، وعنه: أمتين4
كعتقه رجلا، وعن عبيد الله بن عبد الرحمن بن
موهب عن القاسم عن عائشة أنها أرادت أن تعتق
مملوكين لها زوج، فسألت النبي صلى الله عليه
وسلم، فأمرها أن تبدأ بالرجل قبل
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل و"ط": "أعلاها".
2 ليست في "ر".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 في "ر": "أنثيين".
(8/97)
المرأة، رواه
أبو داود والنسائي وابن ماجه1، وهو ثابت إلى
ابن موهب، وابن موهب اختلف قول ابن معين فيه.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النسائي:
ليس بقوي. وقال ابن عدي: حسن الحديث، ووثقه
ابن حبان. وقال العقيلي2 وقد رواه: لا يعرف
هذا الخبر إلا بعبيد الله بن عبد الرحمن بن
موهب، وهو ضعيف.
قال شيخنا: وتزويجه بها وعتقه من انعقد سبب
حريتها أفضل، ويتوجه في الثانية عكسه.
ويستحب عتق وكتابة من له كسب، وعنه: وغيره،
وعنه: يكره كتابته وعنه: الأنثى، كخوف محرم،
فإن ظن حرم وصح، ذكره الشيخ ويتوجه كمن باع أو
اشترى بقصد الحرام.
وينعقد بصريحه، فلو قال: أنت حر في هذا الزمان
أو المكان عتق مطلقا.
وصريحه لفظ العتق والحرية بغير أمر ومضارع،
وعنه: بنية وقوعه.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أبو داود "2237"، والنسائي في "المجتبى"
6/161، وابن ماجه "2532".
2 في الضعفاء الكبير "1100".
(8/98)
وفي الفنون عن
الإمامية: لا ينفذ إلا إذا قصد به القربة،
قال: وهو يدل على اعتبار النية فإنهم جعلوه
عبادة، وهذا لا بأس به.
ولا عتق مع نية عفته وكرم خلقه ونحوه، في ظاهر
المذهب، قال في الترغيب وغيره: هو كطلاق فيما
يتعلق باللفظ والتعليق، ودعوى صرف اللفظ عن
صريحه، قال أبو بكر: لا يختلف حكمهما في اللفظ
والنية. نقل بشر بن موسى فيمن كتب إلى آخر
اعتق جاريتي يريد يتهددها قال: أكره ذلك ويسعه
فيما بينه وبين الله تعالى أن يبيعها.
والقاضي يفرق بينهما، وجزم في التبصرة: لا
يقبل حكما.
وينعقد بكناية بنية. وفي التبصرة: أو دلالة
حال، نحو خليتك واذهب حيث شئت، وأطلقتك. وهل:
لا سبيل، أو لا سلطان، أو لا ملك، أو لا رق،
أو لا خدمة لي عليك، أو ملكتك نفسك، أو فككت
رقبتك، وأنت لله، وأنت سائبة، وأنت مولاي،
صريح أو كناية؟ فيه روايتان "م 1".
ـــــــ
مسألة – 1: قوله "وهل لا سبيل، أو لا سلطان،
أو لا ملك، أو لا رق، أو لا خدمة لي عليك، أو
ملكتك نفسك، أو فككت رقبتك، وأنت لله، وأنت
سائبة وأنت مولاي، صريح أو كناية؟ فيه
روايتان". انتهى.
وأطلقهما في مسبوك الذهب والكافي1 والهادي
والمقنع2 والبلغة والمحرر وغيرهم في أكثر
الألفاظ التي ذكرها المصنف:
ـــــــ
1 4/144.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/13-14.
(8/99)
وظاهر الواضح:
وهبتك لله، صريح، وسوى القاضي وغيره بينهما
وبين: أنت لله. وفي الموجز: هي، ورفعت يدي عنك
إلى الله، كناية.
وهل قوله لأمته: أنت طالق، أو حرام، كناية أو
لغو؟ فيه روايتان "م 2".
ـــــــ
إحداهما: ذلك صريح، صححه في التصحيح وتصحيح
المحرر، وبه قطع في الوجيز، ولم يذكر: لا خدمة
لي عليك، وملكتك نفسك، قال ابن رزين: وفيه
بعد.
والرواية الثانية: كناية، صححه في الهداية
والمذهب والمستوعب والنظم والحاوي الصغير،
وغيرهم، وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي
وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم، وقدمه في الخلاصة
والرعايتين وإدراك الغاية وغيرهم، وقدمه ابن
رزين في شرحه وصححه، واختار الشيخ الموفق أن
قوله: لا سبيل، ولا سلطان لي عليك، وأنت
سائبة، كناية.
وقال القاضي في قوله: لا ملك لي عليك ولا رق
لي عليك، وأنت لله، صريح، وقال هو وأبو الخطاب
في: لا سبيل لي عليك، ولا سلطان لي عليك:
كناية، على الصحيح، وقدمه في الفائق، وقال:
ومن الكناية، لا سلطان لي عليك، ولا سبيل لي
عليك، وفككت رقبتك، وملكتك نفسك، وأنت مولاي،
وأنت سائبة، في أصح الروايتين، وقوله: لا ملك،
ولا رق لي عليك، وأنت لله، صريح، نص عليه،
وعنه: كناية. انتهى. وقطع في الإيضاح أن قوله:
لا ملك لي عليك، وأنت لله، كناية، وقال:
اختلفت الرواية في ثلاثة ألفاظ: لا سبيل لي
عليك، ولا سلطان، وأنت لله1 سائبة. وقال ابن
البنا في خصاله: لا سبيل لي عليك، ولا رق لي،
وأنت لله، صريح، وقال: اختلفت الرواية في
ثلاثة ألفاظ، وهي التي ذكرها في الإيضاح، وقد
ذكر المصنف كلامه في الواضح وكلام القاضي
وغيره وكلامه في الموجز.
مسألة – 2: قوله: "وهل قوله لأمته: أنت طالق
أو حرام، كناية أو لغو؟ فيه
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(8/100)
وفي الانتصار:
وكذا: اعتدي، وأنه يحتمل مثله في لفظ الظهار.
وفي عيون المسائل في طلاق الأمة، وعنه: لا
تطلق المرأة إذا أضاف إليها الحرية "و هـ" وإن
قال لمن لا يمكن كونه منه: أنت ابني، لم يعتق،
في الأصح، كقوله أعتقتك، أو أنت حر من ألف
سنة.
قال في الانتصار: ولأمته: أنت ابني، ولعبده:
أنت بنتي، وإن أمكن وله نسب معروف1 عتق؛ لجواز
كونه وطء شبهة، وقيل: لا؛ لكذبه شرعا، ومثله
لأصغر: أنت أبي.
ومن ملك ذا رحم محرم عليه وافقه في دينه أو
لا، عتق، وعنه: عمود النسب، قال في الكافي2:
بناء على أنه لا نفقة لغيرهم. وفي
ـــــــ
روايتان". انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والفائق وغيرهم:
إحداهما: كناية، وهو الصحيح، جزم به في الوجيز
ونظمه والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم، وصححه
في التصحيح والنظم، وقدمه في الخلاصة
والرعايتين وإدراك الغاية وغيرهم، وقدمه ابن
رزين3 في قوله: أنت حرام.
والرواية الثانية: هما لغو. قدمه ابن رزين3 في
شرحه في قوله: أنت طالق، وصحح الشيخ والشارح
أنه كناية في قوله: أنت حرام، وأطلق4
الروايتين في قوله: أنت طالق.
ـــــــ
1 في الأصل: "معرف".
2 4/151.
3 ليست في "ط".
4 في "ط": "وأطلقا".
(8/101)
الانتصار: لنا
فيه خلاف، واختار الآجري: لا نفقة لغيرهم،
وذكر أبو يعلى الصغير أنه آكد من التعليق. فلو
علق عتقه على ملكه عتق بملكه لا بتعليقه، قال
شيخنا فيمن عتق برحم: لا يملك بائعه استرجاعه
لفلس مشتر، ورجح ابن عقيل: لا عتق بملك، وعنه:
إن ملكه بإرث لم يعتق، وفي إجباره على عتقه
روايتان، ذكره ابن أبي موسى1 "م 3" وعنه: لا
يعتق حمل حتى يولد في ملكه حيا، فلو زوج ابنه
بأمته فولدت بعد موت جده فهل هو موروث عنه أو
حر؟ فيه الروايتان، واحتج في الفنون بأن
ابتداء العقود آكد بتملك الرحم، وكافر لمسلم
بإرث، وأن أكثر الفقهاء الاستدامة، ولا يعتق
في المنصوص ولده ولو نزل من زنا، ومثله أبوه
من زنا، ذكره في التبصرة.
ـــــــ
مسألة – 3: قوله: "وعنه: إن ملكه بإرث لم
يعتق، وفي إجباره على عتقه روايتان، ذكره ابن
أبي موسى". انتهى.
هذه طريقة ابن أبي موسى، وليست الروايتان:
مطلقتين عند المصنف، بل المقدم أنه لا يجبر،
قولا واحدا، وابن أبي موسى ذكر روايتين،
ويحتمل أن الإجبار وعدمه ليسا في كلام
الأصحاب، وإنما حكى ذلك ابن أبي موسى، فيكون
فيه الخلاف المطلق على رواية عدم العتق، وعلى
كل حال ظاهر كلام أكثر الأصحاب أنه لا يجبر
على عتقه على هذه الرواية.
ـــــــ
1 في الإرشاد ص 437.
(8/102)
ويعتق حمل وحده
بعتقه، ويتبع أمه بعتقها، نص عليهما، وإن أقر
بها فاحتمالان "م 4".
وذكر الأزجي وجهين، ووجه دخوله شمول اسمها له،
كما لو أقر ببستان شمل1 الأشجار، أو بشجرة شمل
الأغصان، فإن دخل، فقال لم أرد الحمل، فقيل:
لا يقبل؛ لرجوعه عما دخل تحت إطلاقه، وقيل:
بلى، كاستثنائه بلفظه "م 5" كعضو، بخلاف
عبدين، فتقوم حاملا،
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: "ويعتق حمل وحده بعتقه2
ويتبع أمه بعتقها، نص عليهما، وإن أقر بها
فاحتمالان". انتهى. يعني لو أقر بالأمة لشخص
فهل يدخل الحمل في الإقرار أم لا؟ ذكر
احتمالين، وذكر الأزجي وجهين، قال في التخليص:
لو قال: له عندي جارية، فهل يدخل الجنين في
الإقرار إذا كانت حاملا؟ يحتمل وجهين. انتهى.
وأطلقهما في الرعاية:
أحدهما: لا يدخل. قلت: وهو الصواب؛ لأنه ظاهر
اللفظ وموافق للأصل، ودخوله مشكوك فيه.
والقول الثاني: يدخل تبعا كالعتق.
مسألة – 5: قوله: "فإن دخل فقال لم أرد الحمل"
يعني إذا قلنا بدخول الحمل في الإقرار، فقال
المقر لم أرد إدخاله "فقيل: لا يقبل؛ لرجوعه
عما دخل تحت إطلاقه، وقيل: بلى، كاستثنائه
بلفظه". انتهى.
القول الثاني: هو الصواب؛ لأنه فسر كلامه بما
يحتمله، بل هو ظاهر كلامه. والقول الأول ضعيف.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 ليست في النسخ، والمثبت من "ط".
(8/103)
وقيل: كل منهما
منفردا، وإن أعتقه ثم هي قدم، ولا سراية منه،
ويصح استثناؤه، كتدبير وكتابة، ويتوجه فيهما
مثله، ولهذا قاس1 في الروضة الكتابة على
العتق، وعنه: لا يصح، وعنه: لا يعتق فيهما حتى
يوضع حيا.
وإن أعتق من حملها لغيره كالموصى به ضمن
قيمته، ذكره القاضي، وقدم في المستوعب: لا
يعتق وجزم به في الترغيب، واختاره في المحرر.
ولا يعتق رحم غير محرم ولا محرم برضاع أو
مصاهرة، نقله الجماعة، قال: على قول النبي صلى
الله عليه وسلم "من ملك ذا رحم محرم فهو حر"
2، فالرضاعة ليست برحم.
قال الزهري: مضت السنة بأن يباع، وعن أحمد:
يكره بيع أخيه لرضاع، وقال: يبيع أخاه!.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "قال".
2 أخرجه أبو داود "3949"، والترمذي "1365"،
وابن ماجه "2524".
(8/104)
ومن مثل برقيقه
بقطع عضو أو حرقه عتق، في المنصوص، بلا حكم
"م" قال جماعة: لا مكاتب، لا بضربه وخدشه.
وفي اعتبار القصد وثبوت الولاء وجهان "م 6 -
7" ولو زاد ثمنه بجب أو خصي فيتوجه حل
الزيادة.
ـــــــ
مسألة – 6- 7: قوله فيما إذا مثل برقيقه: "وفي
اعتبار القصد وثبوت الولاء وجهان". انتهى. فيه
مسألتان:
المسألة الأولى – 6: هل يعتبر في التمثيل
القصد أم لا، أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يعتبر ذلك، وهو الصحيح، قدمه في
الرعايتين، قال في الفائق: لم يشترط القصد غير
ابن عقيل.
قال القاضي في التعليق: لا نعرف عن أحمد نصا
بالفرق بين الخطإ والعمد، قلت: وهو ظاهر كلام
أكثر الأصحاب.
والوجه الثاني: يشترط القصد في ذلك، اختاره
ابن عقيل، وقطع به في الوجيز، 1والقاضي في
التعليق1.
المسألة الثانية – 7: هل يثبت الولاء إذا عتق
عليه بالتمثيل أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يثبت ويكون لسيده، 1وهو الصحيح1، نص
عليه، وقدمه في الرعايتين والفائق.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(8/105)
فصل ومن أعتق بعض عبده غير شعر ونحوه عتق كله،
وإن أعتق من عبد مشترك كله أو نصيبه منه موسر
بقيمة حق شريكه على ما تقدم في زكاة فطر1، نص
عليه.
وفي المغني2: مقتضى نصه لا يباع له أصل مال أو
كاتبه فأدى إليه أو ملكه ممن يعتق عليه بفعله،
وفيه رواية في المذهب، وعنه: أو قهرا كإرث،
عتق كله عليه، للخبر3، ولأن الرق لا يتجزأ،
كنكاح.
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يثبت ويكون لبيت المال،
ذكره في الرعاية. وقال ابن عقيل: يصرف في
رقاب، قال: وهو قياس المذهب، قال في الفائق:
قلت: واختاره ابن الزاغوني.
ـــــــ
1 4/216.
2 14/356.
3 سيأتي في الحاشية ص 108.
(8/106)
فلو قال إمام
لأسير: أرققت1 نصفك، لم يصح ويضمن حق شريكه
وقت عتقه. وفي الإرشاد2 وجه: يوم تقويمه،
ويقبل فيها قول المعتق، وقيل: يعتق بدفع
قيمته، واختاره شيخنا.
فلو أعتق شريكه قبلها فوجهان "م 8" وله نصف
القيمة، قاله أحمد: لا قيمة
النصف.............................
ـــــــ
مسألة – 8: قوله: "وإن أعتق من عبد مشترك كله
أو نصيبه منه موسر بقيمته... عتق كله،
للخبر... ويضمن حق شريكه... وقيل: يعتق بدفع
قيمته، واختاره شيخنا، فلو أعتق شريكه قبلها
فوجهان". انتهى.
قال في الرعاية: فهل يصح عتقه؟ يحتمل وجهين.
انتهى.
أحدهما: يصح وهو الصحيح اختاره الشيخ تقي
الدين وصاحب الفائق.
والوجه الثاني: لا يصح.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "أرقيت"، والمثبت من "ط".
2 ص 438.
(8/107)
ويعتق على
الموسر ببعضه بقدره، في المنصوص، والمعسر يعتق
حقه فقط، بخلاف القياس، أو لضرر الغير، وعنه:
كله.
ويستسعى العبد في بقيته1، نصره في الانتصار،
واختاره
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "نفسه".
(8/108)
أبو محمد
الجوزي وشيخنا في كونه قبل أدائها كحر أو معتق
بعضه.
ـــــــ
................................
ـــــــ
(8/109)
والسراية بعتق
كافر شركا له من مسلم وجهان "م 9 و 10". ويسري
إلى شقص شريك رهنا وقيمته مكانه، قاله في
الترغيب، وكذا مكاتبا أو مدبرا، وقيل: إذا
بطلا.
ـــــــ
مسألة – 9- 10: قوله على رواية الاستسعاء:
"ويستسعى العبد في بقيته... وفي كونها قبل
أدائها كحر أو معتق بعضه والسراية بعتق كافر
شركا له من مسلم وجهان". انتهى. شمل كلامه
مسألتين:
المسألة الأولى – 9: هل يكون قبل الأداء كحر
أو معتق بعضه على القول بالاستسعاء؟ أطلق
الخلاف، وأطلقه في المغني1 والشرح2 والزركشي:
أحدهما: حكمه حكم الأحرار، فلو مات وبيده مال
كان لسيده ما بقي في السعاية، والباقي إرث،
ولا يرجع العبد على أحد، قدمه في الرعاية.
وقال الزركشي: وهو ظاهر كلام الأكثرين، وهو
كما قال، فإنهم قالوا: يعتق كله ويستسعى في
قيمة باقيه. قلت: وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يعتق حتى يؤدي جميع
السعاية، فيكون حكمه حكم عبد بعضه حر وبعضه
رقيق، فلو مات كان للشريك من ماله مثل ما له
عند من لم يقل بالسعاية اختاره أبو الخطاب في
الانتصار، وقدمه ابن رزين في شرحه.
ـــــــ
1 14/360.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/54.
(8/110)
ويضمن حق شريك
بنصف قيمته مكاتبا، وعنه: بما بقي عليه، جزم
به في الروضة، ومن له نصف عبد ولآخر ثلثه
وبقيته لآخر فأعتق موسران منهم حقهما معا
تساويا في ضمان الباقي وولائه، وقيل: بقدر
ملكيهما.
ومن قال أعتقت نصيب شريكي، فلغو، ولو قال:
أعتقت النصف انصرف إلى ملكه ثم سرى؛ لأن
الظاهر أنه أراد نصيبه.
ونقل ابن منصور في دار بينهما قال أحدهما:
بعتك نصف هذه الدار لا يجوز، إنما له الربع من
النصف حتى يقول نصيبي.
ولو وكل أحدهما الآخر فأعتق نصفه ولا نية ففي
صرفه إلى نصيب
ـــــــ
المسألة الثانية – 10: لو أعتق كافر حصته من
عبد مسلم فهل يسري إلى1 الجميع أم لا؟ وأطلق
الخلاف فيه، وأطلقه في الهداية2 والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمقنع3 والمحرر والحاوي
الصغير وغيرهم:
أحدهما: يسري، وهو الصحيح، صححه في التصحيح
والشيخ الموفق والشارح والناظم وغيرهم. قال في
الفائق: يسري إلى سائره، في أصح الوجهين، وجزم
به في الوجيز وغيره، وقدمه في الرعايتين وشرح
ابن رزين.
والوجه الثاني: لا يسري، ذكره أبو الخطاب ومن
بعده، قال ابن رزين في شرحه: وليس بشيء، وهو
كما قال، وإطلاق المصنف الخلاف فيه شيء.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في "ط": "البداية".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/58.
(8/111)
موكله أم نصيبه
أم إليهما احتمالات في المغني1 "م 11" وأيهما
سرى عليه لم يضمنه. وفيه احتمال.
وإن ادعى كل من الشريكين الموسرين أن شريكه
أعتق حقه عتق عليهما، ولا ولاء لهما، فإن
اعترف به أحدهما ثبت له وضمن حق شريكه، وإلا
فلبيت المال، وحلف كل منهما للسراية.
وإن كان أحدهما معسرا عتق حقه فقط، ومع
عسرتهما لا يعتق منه شيء، ومع عدالتهما وثبوت
العتق بشاهد ويمين يحلف مع شهادة كل واحد
ويعتق أو مع أحدهما ويعتق نصفه، وذكر ابن أبي
موسى: لا يصدق أحدهما على الآخر.
ـــــــ
مسألة – 11: قوله: "ولو وكل أحدهما الآخر"
يعني: أحد الشريكين لشريكه "فأعتق نصفه ولا
نية، ففي صرفه إلى نصيب موكله أم نصيبه أم
إليهما احتمالات في المغني1". انتهى.
أحدها: يصرف2 إلى نصيبه. قلت: وهو الصواب؛
لأنه الأصل.
والثاني: يصرف إلى نصيب موكله؛ 3لأنه وكيل فيه
فهو كنصيبه3 ويزيد بأنه تعين بالتوكيل للعتق.
والثالث: يصرف إليهما؛ لأنه لما وكله بقي في
يده كله، وليس أحد النصيبين أولى بالعتق من
الآخر، هذا ما يظهر في تعليل الاحتمالات،
وتعليل الاحتمال الثالث أقوى من الثاني.
ـــــــ
1 14/411.
2 في "ص": "يصرفه".
3 ليست في "ح".
(8/112)
وذكره في زاد
المسافر، وعلله بأنهما خصمان، ولا شهادة لخصم1
على خصمه.
وأيهما اشترى حق الآخر عتق ما اشترى، وقيل:
جميعه.
وإذا قال لشريكه الموسر: إذا أعتقت نصيبك
فنصيبي حر فأعتقه عتق الباقي بالسراية مضمونا،
وقيل: يعتق عليهما، كالأصح في قوله: فنصيبي حر
مع نصيبك أو قبله، وقيل في قبله: يعتق جميعه
بالشرط، ويضمن حق شريكه، ومع عسرتهما2 يعتق
عليهما.
ولو قال لأمته: إن صليت مكشوفة الرأس فأنت حرة
قبله، فصلت كذلك، عتقت، وقيل: لا، جزم به أبو
المعالي؛ لبطلان الصفة بتقديم المشروط.
وإن قال: إن أقررت بك لزيد فأنت حر قبله، فأقر
به له، صح إقراره فقط، وإن قال: إن أقررت بك
له فأنت حر ساعة إقراري، لم يصحا.
ـــــــ
1 في "ر": "خصم".
2 في الأصل: "عسر لهما".
(8/113)
فصل يصح من حر وفي عبد وجهان تعليق عتق رقيق
يملكه،
...
فصل يصح من حر وفي عبد وجهان "م 12" تعليق عتق
رقيق يملكه،
نحو: إن
ـــــــ
مسألة – 12: قوله في تعليق عتق رقيق تملكه3:
"يصح من حر، وفي عبد وجهان". انتهى.
ـــــــ
3 في النسخ الخطية: "بملكه".
(8/113)
ملكت فلانا أو
كل مملوك أملكه حر، نقله الجماعة، واختاره
أصحابنا قاله القاضي وغيره؛ لأن العتق مقصود
من الملك، والنكاح لا يقصد به الطلاق، وفرق
أحمد بأن الطلاق ليس لله، ولا فيه قربة إلى
الله، وعنه: لا يصح، ذكره الشيخ ظاهر المذهب،
كتعليقه حرية عبد أجنبي بكلامه، ثم يملكه [ثم]
يكلمه. وعلى الأول: لو قال: أول عبد أملكه فهو
حر، فلم يملك بعد واحد شيئا، فوجهان "م 13"
فإن ملك اثنين معا فقيل: يعتقهما،
ـــــــ
يعني هل يصح تعليق العبد عتق رقيق يملكه فيما
يأتي كما يصح تعليق الحر أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر
والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
أحدهما: لا يصح، وهو الصحيح، صححه في الخلاصة
والمقنع1 والشرح1 وشرح ابن منجى والنظم غيره.
2وجزم به في الوجيز وغيره 2.
والوجه الثاني: يصح كالحر.
مسألة – 13: قوله: "وعلى الأول" يعني على
القول بصحة تعليق العتق بشرط "لو قال أول عبد
أملكه فهو حر فلم يملك بعد واحد شيئا فوجهان".
انتهى.
أحدهما: يعتق عليه، وهو الصحيح، وبه قطع في
المغني3 والشرح4، ذكرا ذلك فيما إذا ملك اثنين
معا، وكذلك ابن رزين في شرحه.
قال ابن نصر الله في حواشيه: وهو الأظهر؛ لأن
الأول الذي لم يتقدمه غيره، ويصدق على ما تقدم
على غيره.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/88.
2 ليست في [ط].
3 14/409.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/89.
(8/114)
وعكسه، وقيل:
أحدهما بقرعة "م 14" ونقله مهنا في: أول غلام
أو امرأة يطلع فهو حر أو طالق، وذكر الشيخ
لفظها: أول من يطلع من عبيدي. وفي مختصر ابن
رزين في الطلاق: ولو علقه بأول من يقوم فقمن
معا طلقن، وفي منفردة به وجه، كذا قالا، ولو
قال: آخر، فالآخر بعد موت سيده منذ ملكه،
وكسبه له.
ويحرم وطء الأمة حتى يشتري بعدها غيرها،
ويتوجه وجه. فإن ملك اثنين فكأول، وقوله لعبد
غيره: أنت حر من مالي أو فيه، لم يعتق ولو رضي
سيده، نص عليه.
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يعتق؛ لأن الأول لا بد وأن
يكون بعده غيره، والله أعلم.
مسألة – 14: قوله: "فإن ملك اثنين معا فقيل:
يعتقهما1، وعكسه، وقيل: أحدهما بقرعة". انتهى.
أحدهم: يعتقان.
والثاني: لا يعتقان، وفيه قوة.
والثالث: يعتق واحد بالقرعة، وهو الصحيح، صححه
في النظم، وقدمه ابن رزين في شرحه، وقال: نص
عليه، وقدمه في المغني2 والشرح3 وقالا4: هذا
قياس قول الإمام أحمد.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "بعتقهما".
2 14/409.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/89.
4 في "ط": "قال".
(8/115)
ومن قال لأمته:
أول ولد تلدينه حر، أو إذا ولدت ولدا، فولدت
ميتا ثم حيا ففي عتق الثاني روايتان "م 15"
وإن جهل أول الحيين عتق أحدهما بقرعة، وعنه:
هما، واختار في الترغيب أن معناهما أن أمد منع
السيد منهما1 هل هو القرعة أو الانكشاف؟ وفي
الانتصار احتمال: لا يعتق ولد حدث، كتعليقه
بملكه.
وإن قال: آخر، فولدت حيا ثم ميتا فالروايتان
"م 16" وحمل المعتقة بصفة وقت التعليق أو
الصفة وقيل أو فيما بينهما يتبعها في العتق لا
في الصفة.
ـــــــ
مسألة – 15: قوله: "ومن قال لأمته أول ولد
تلدينه حر أو إذا ولدت ولدا فولدت ميتا ثم حيا
ففي عتق الثاني روايتان". انتهى.
أحدهما: لا يعتق، وهو الصحيح، جزم به في
المذهب والمنور وغيرهما، وصححه في المغني2
والشرح3 وغيرهما.
والرواية الثانية: يعتق الحي، اختاره القاضي
والشريف أبو جعفر، وقدمه في الفائق وشرح ابن
رزين، وذكر في المستوعب أنه اختيار القاضي،
واقتصر عليه.
مسألة – 16: قوله: "وإن قال: آخر فولدت حيا ثم
ميتا فالروايتان" يعني اللتين في التي قبلها،
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين:
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 14/408.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/91.
(8/116)
وله وطء مدبرته
وأم ولده وإن لم يشرط، نص عليه، ويعتق ولدهما
من غيره بموت السيد فقط بمنزلتهما لا ما
ولدتاه على الأصح قبل تدبير وإيلاد، وإن لم يف
الثلث بمدبرة وولدها أقرع، نص عليه، وعنه في
حمل بعد تدبير: كحمل معتقة بصفة، واختار في
الانتصار: لا يتبع، وفيه: هل يبطل حكم عتق
مدبر وأم ولد بموتهما قبل سيد أم لا؟ لأنه لا
مال لهما، اختلف كلامه، ويظهر الحكم في
ولدهما.
وفي قبول قول وارث حدوثه قبل التدبير كموروث
أو القرعة وجهان "م 17"،..................
ـــــــ
إحداهما: لا يعتق، وهو الصحيح، وبه قطع في
المقنع1 والوجيز وشرح ابن منجى وغيرهم، وقدمه
في الشرح1 وغيره.
والرواية الثانية: يعتق، وهو قياس قول القاضي
والشريف أبي جعفر وما قدمه في الفائق.
مسألة – 17: قوله: "في قبول قول وارث حدوثه"
يعني حدوث الحمل "قبل التدبير كموروث أو
القرعة وجهان". انتهى.
يعني إذا قالت المدبرة: حملت بعد التدبير
فيتبعني، وقالت الورثة: بل قبله، فلا
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/93.
(8/117)
ويتوجهان في
ولد مكاتبة "م 18".
وولد مدبر من أمته كهو، نص عليه، وذكر جماعة:
لا، ومن غيرها كالأم.
ـــــــ
يتبع، فهل القول قولهم أو قول من تقع له
القرعة؟ أطلق الخلاف فيه، 1وهذا هو الذي جزم
به في المغني2، وعلله بموافقة قولهم الأصل،
فكان القول قولهم، مع أيمانهم مكفر، هذا
المذهب، ولم يفهم كلام المؤلف هنا ترجيحه، وقد
يؤخذ منه ترجيح القول الثاني1:
أحدهما: يقبل قولهم كموروثهم.
والوجه الثاني: يقدم قول من تقع له القرعة،
كقوله فيما إذا تداعى3 الزوج والزوجة معا في
الرجعة وانقضاء العدة، وهو أقوى من الذي قبله.
قلت: ويحتمل أن يقبل قولها؛ لأنها أعلم بذلك
من غيرها، ولم يذكره المصنف، لكن فيه نوع
تهمة.
تنبيه: قوله: "كموروث " يعني أن الموروث وهو
الذي دبرها لو ادعى أن الولد كان قبل التدبير
كان القول قوله.
مسألة - 18: قوله: "ويتوجهان في ولد مكاتبة"
يعني: إذا ادعى الورثة أن ولد المكاتبة كان
موجودا قبل الكتابة وقالت المكاتبة بل بعدها.
قلت: والإلحاق واضح، والقياس على المدبرة صحيح
حيث قلنا يتبع في التدبير والكتابة، والله
أعلم.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 14/428.
3 في "ط": "استدعاء".
(8/118)
ولا يتبع
مكاتبا ولده من أمة لسيده، قال جماعة: إلا
بشرط، ويتبعه ولده من أمته، وهل تصير به أم
ولد؟ فيه وجهان "م 19" فلو تزوج أمة سيده
ـــــــ
مسألة – 19: قوله: "ولا يتبع مكاتبا ولده من
أمة لسيده، ويتبعه ولده من أمته، وهل تصير أم
ولد؟ فيه وجهان". انتهى. وأطلقهما في المذهب،
1والمقنع 2 والمحرر والحاوي الصغير:
أحدهما: تصير به أم الولد، نص عليه. قال الشيخ
الموفق: هذا المذهب1. وصححه في التصحيح والنظم
والفائق وغيرهم، وجزم به في الوجيز وغيره،
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني3
والشرح4 وغيرهم، قال في الرعايتين وغيره:
وتصير أم ولد، في الأصح. انتهى.
والوجه الثاني: لا تصير أم ولد، اختاره القاضي
في موضع من كلامه، وقطع به في الفصول، وهو
احتمال في الهداية، وإطلاق المصنف فيه شيء،
والظاهر أنه تابع صاحب المحرر.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/268.
3 14/479.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/269.
(8/119)
ثم ملكها قبل
قوله في أن الولد ملكه؛ لأن يده دليل الملك،
قاله في المنتخب. وفي الترغيب وجهان، ويتبع
المكاتبة ما ولدته في الكتابة فقط، نص عليه،
ولو كان قنا. وإن عتقت بغير أداء أو إبراء لم
تعتق كموتها فيرق وقيل: يبقى مكاتبا، ونصه:
يعتق، كعتقه بإعتاقه وحده، في المنصوص، وإن
فات كسبه عليها، وولد بنتها كهي، وولد ابنها
وولد معتق بعضها كأمة.
ومن قال لعبده: أنت حر بمائة أو بعتك نفسك
بمائة فقبل1 عتق ولزمته مائة وإلا فلا، وكذا2
أنت حر على مائة أو على أن تعطيني مائة. وفي
الواضح رواية: شرط لازم بلا قبوله كبقية
الشروط، وعنه: يعتق بلا قبول مجانا، نصره
القاضي وأصحابه، كقوله: أنت حر وعليك مائة،
على الأصح.
وقوله لأمته: أعتقتك على أن تزوجيني نفسك،
كقوله: على مائة، وإن أباه لزمتها القيمة،
وقيل: تعتق بقبولها مجانا، واختار ابن عقيل لا
تعتق إلا بالأداء.
وإن قال: أنت حر على أن تخدمني سنة، فقيل:
كقوله: على مئة،
ـــــــ
..................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "فقيل"، والمثبت من "ط".
2 بعدها في "ر": "إن قال".
(8/120)
وقيل: يعتق بلا
قبول وتلزمه الخدمة "م 20".
وهل للسيد بيعها؟ فيه روايتان "م 21". نقل
حرب: لا بأس ببيعها من
ـــــــ
مسألة -20: قوله: "وإن قال أنت حر على أن
تخدمني سنة، فقيل: كقوله على مئة، وقيل: يعتق
بلا قبول وتلزمه الخدمة". انتهى.
القول الأول فيه قوة، قدمه في الهداية والمذهب
والخلاصة والمقنع1 وغيرهم، وهو ظاهر ما قدمه
الشرح2 وشرح ابن منجى.
والقول الثاني: هو الصحيح، اختاره ابن عبدوس
في تذكرته وغيره، وبه قطع في الوجيز، وقدمه في
المحرر والرعايتين والفائق، وصححه الناظم، قال
في المحرر: هذا ظاهر كلامه، وجزم به في
القواعد وقال: نص عليه، وأطلقهما في المغني3.
وقال في المستوعب والحاوي: وإن لم يقبل فعلى
روايتين. إحداهما: يعتق ولا يلزمه شيء.
والثانية: لا يعتق.
وقدما في: أنت حر على ألف أنه يعتق مجانا،
فخالف الطريقتين، وقيل: إن لم يقبل لم يعتق،
رواية واحدة، فهذه أربع طرق في هذه المسألة.
مسألة – 21: قوله: "وهل للسيد بيعها؟ فيه
روايتان"، يعني بيع الخدمة المستثناة، "ونقل
حرب: لا بأس ببيعها من العبد أو ممن شاء".
انتهى.
ذكر هاتين الروايتين ابن أبي موسى ومن بعده،
وأطلقهما في المستوعب والحاوي الصغير والقواعد
الفقهية:
إحداهما: يجوز، نص عليه، وقد ذكر أكثر الأصحاب
جواز بيع المنافع، لكن على التأبيد.
ـــــــ
1 في الأصل: "وتلزم".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/99.
3 14/407.
(8/121)
العبد أو ممن
شاء، ولم يذكروا لو استثنى خدمته مدة حياته
وذكروا صحته في الوقف، وهذا مثله، يؤيده أن
بعضهم احتج بما رواه أحمد وأبو داود1: أن أم
سلمة أعتقت سفينة وشرطت عليها خدمة النبي صلى
الله عليه وسلم ما عاش، ومعناه عن ابن مسعود2.
وهذا بخلاف شرط البائع خدمة المبيع مدة حياته؛
لأنه عقد معاوضة يختلف الثمن لأجله.
ولو باعه نفسه بمال في يده ففي صحته
روايتان،...................
ـــــــ
والرواية الثانية: لا يجوز، نص عليه.
قلت: وهو الصواب، وهو موافق لقواعد المذهب، بل
يصح إيجارها لغير نفسه: ولعل المراد بالبيع
الإجارة، ولكن الظاهر خلافه، ولم نعلم جواز
بيع المنافع مدة، وقد ذكر الأصحاب نظيرة هذه
المسألة فيما إذا اشترط البائع نفعا معلوما في
البيع أنه يجوز للبائع إجارة ما استثناه
وإعارته مدة استثنائه، كالعين المؤجرة إذا
بيعت، ولم يذكروا صحة بيعها، والله أعلم.
ـــــــ
1 أحمد "28927"، وأبو داود "3932".
2 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 7/272.
(8/122)
................................
ـــــــ
................................
ـــــــ
(8/123)
................................
ـــــــ
................................
ـــــــ
(8/124)
................................
ـــــــ
................................
ـــــــ
(8/125)
قال في
الترغيب: مأخذهما هل هو معاوضة أو تعليق؟ "م
22".
ـــــــ
مسألة – 22: قوله: "ولو باعه نفسه بمال بيده
ففي صحته روايتان، قال في الترغيب: مأخذهما هل
هو معاوضة أو تعليق؟". انتهى.
إحداهما: يصح، وهو الصحيح، قال في الرعايتين
والفائق: صح، على أصح الروايتين، قال في
المغني1 والشرح2 في الولاء: وإن اشترى العبد
نفسه من سيده بعوض حال عتق والولاء لسيده؛
لأنه يبيع ماله بماله، فهو مثل المكاسب سواء،
والسيد هو المعتق لهما، فكان الولاء له
عليهما. انتهى. وهو ظاهر كلام الخرقي، وأجراه
في المغني1 على ظاهره، واختار الصحة.
ـــــــ
1 9/226.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
18/407-408.
(8/126)
وإن قال: إن
أعطيتني مائة1 فأنت حر فتعليق محض، لا يبطله
ما دام ملكه، ولا يعتق بإبراء، بل بدفعها، نص
عليه، وما فضل عنها لسيده، ولا يكفيه أن يعطيه
من ملكه، إذ لا ملك له، على الأصح، وهو كقوله
لامرأته: إن أعطيتني مائة فأنت طالق، فأتت
بمائة مغصوبة، ففي وقوعه احتمالان، قاله في
الترغيب، والعتق مثله، وأن هذا الخلاف يجري في
الفاسدة إذا صرح بالتعليق "م 23 - 25".
ونقل حنبل في الأولى إن قاله لصغير لم يجز؛
لأنه لا يقدر عليه، وإن قال: جعلت عتقك إليك
أو خيرتك، ونوى تفويضه إليه، فأعتق نفسه في
المجلس، عتق، ويتوجه: كطلاق.
ولو قال: اشترني من سيدي بهذا المال وأعتقني،
ففعل، عتق ولزم
ـــــــ
والرواية الثانية: لا يصح، وهو ظاهر كلام
الأكثر، وهو كالصريح في كلام القاضي.
مسألة - 23 – 25: قوله: "وإن قال إن أعطيتني
مائة فأنت حر... فلا يعتق بإبراء بل يدفعها،
نص عليه، وما فضل عنها لسيده، ولا يكفيه أن
يعطيه من ملكه، إذ لا ملك له...، وهو كقوله
لامرأته: إن أعطيتني مائة2 فأنت طالق2، فأتت
بمائة مغصوبة ففي وقوعه احتمالان، في الترغيب،
والعتق مثله، وأن هذا الخلاف يجري في الفاسدة
إذا صرح بالتعليق. انتهى. ذكر ثلاث مسائل:
مسألة – 23: الطلاق، 2 ومسألة -24: العتق2،
ومسألة – 25: التعليق في الفاسدة.
قلت: الصواب عدم العتق وعدم وقوع الطلاق
بإعطائه مغصوبا، إذ الظاهر أن المراد من
المعلق تملك المائة، والله أعلم.
ـــــــ
1 في الأصل: "ألفاً".
2 ليست في "ط".
(8/127)
مشتريه المسمى،
وكذا إن اشتراه بعينه إن لم تتعين النقود،
وإلا بطلا، وعنه: أجبن عنه، وذكر الأزجي: إن
صرح الوكيل بالإضافة إلى العبد وقع عنه وعتق،
وإن لم1 يصرح، احتمل ذلك واحتمل أن يقع عن
الوكالة؛ لأنه لو وقع عنه لعتق، والسيد لم يرض
بالعتق.
ـــــــ
1 ليست في الأًصل و"ط".
(8/128)
فصل من قال: مماليكي أو رقيقي أو كل مملوك أو
عبد أملكه حر،
شمل مكاتبيه ومدبريه وأم ولده، وكذا أشقاصه،
ونقل مهنا: بنية، كشقص فقط، ذكره ابن عقيل،
وعبد عبده التاجر، "هـ" مع عدم نية أو وجود
دين.
وإن علق بشرط قدمه أو أخره فسواء إن صح تعليقه
بالملك، ذكره الشيخ في فتاويه.
وإن قال: عبدي حر1، أو زوجتي طالق، ولم ينو
معينا، شمل الكل لا أحدهم بقرعة، في المنصوص،
والمراد إن كان عبدا مفردا لذكر وأنثى، وإن
كان لذكر فقط لم يشمل أنثى إلا إن اجتمعا
تغليبا.
قال أحمد فيمن قال لخدم له رجال ونساء: أنتم
أحرار، وكانت معهم أم ولده ولم يعلم بها: إنها
تعتق.
ـــــــ
تنبيه: قوله: "ومن قال مماليكي أو رقيقي أو كل
مملوك أو عبد أملكه حر شمل مكاتبوه ومدبروه".
انتهى. كذا في النسخ، وصوابه مكاتبيه ومدبريه؛
لأنه مفعول.
ـــــــ
1 ليست في الأًصل و"ط".
(8/128)
قال أبو محمد
الجوزي بعد المسألة: وكذا إن قال: كل عبد
أملكه في المستقبل، وإن قال: أحد عبدي أو
عبيدي أو بعضهم حر ولم ينوه أو عينه ونسيه أو
أدى1 أحد مكاتبيه وجهل، أقرع أو وارثه وعتق
واحد، نص عليه.
وإن بان لناس أن عتيقه أخطأته القرعة عتق،
ويبطل عتق الآخر، وقيل: لا، كالقرعة بحكم
حاكم.
وإن قال: أعتقت هذا، لا بل هذا، عتقا، وكذا
إقرار وارث، وإن أعتق أحدهما بشرط فمات أحدهما
أو باعه قبله عتق الباقي، كقوله له ولأجنبي أو
لبهيمة: أحدهما حر، عتق وحده، واختار الشيخ:
يقرع؛ لأنهما محل للعتق وقت قوله، وكذا
الطلاق.
وإن قال: إن كان هذا الطائر غرابا فعبدي حر،
وقال آخر: إن لم يكن فعبدي حر، ولم يعلماه،
فلا عتق، فإن اشترى أحدهما عبد الآخر فقيل:
يعتق أحدهما بقرعة، وقيل: يعتق المشترى، وقيل:
إن تكاذبا "م 26" وفي
ـــــــ
مسألة – 26: قوله: "وإن قال إن كان هذا الطائر
غرابا فعبدي حر وقال آخر إن لم يكن فعبدي حر،
ولم يعلماه، فلا عتق، فإن اشترى أحدهما عبد
الآخر فقيل: يعتق أحدهما بالقرعة، وقيل: يعتق
المشترى، وقيل: إن تكاذبا". انتهى.
أحدها: يعتق أحدهما بالقرعة، وهو الصحيح،
اختاره أبو الخطاب والشيخ الموفق والشارح، قال
في القاعدة الأخيرة: هذا أصح، وقاله في
القاعدة الرابعة عشرة أيضا، وقدمه في المقنع2
والنظم، وهو الصواب إن لم يتكاذبا.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 23/65.
(8/129)
نظيرتها في
النكاح أحكام الطلاق باقية، ويحرم عليهما
الوطء إلا مع اعتقاد أحدهما خطأ الآخر، في
الأصح فيهما، نقل ابن القاسم فليتقيا الشبهة.
وفي المنتخب: إمساكه عن تصرفه في العبيد كوطئه
ولا حنث، واختار أبو الفرج وابن عقيل
والحلواني وابنه في التبصرة وشيخنا: بلى، وجزم
به في الروضة، فيقرع، وذكره القاضي المنصوص،
ويتوجه مثله في العتق والله أعلم.
ـــــــ
والقول الثاني: يعتق الذي اشتراه مطلقا،
اختاره القاضي، وجزم به في الوجيز، وقدمه في
الخلاصة، والرعايتين والحاوي الصغير، ذكراه في
ميراث الولاء وجره ودوره، وقدمه في النهاية
وإدراك الغاية، وهو ضعيف.
والقول الثالث: يعتق الذي اشتراه إن تكاذبا،
قال في المحرر: إن اشترى أحدهما عبد الآخر
فقيل: يعتق على المشتري، وقيل: إنما يعتق إذا
تكاذبا، وإلا يعتق أحدهما بالقرعة، وهو الأصح.
انتهى. وصححه أيضا في تجريد العناية، والصواب
عتق المشترى إن تكاذبا.
فهذه ست وعشرون مسألة في هذا الباب.
(8/130)
باب التدبير
مدخل
...
باب التدبير
وهو تعليق العتق بالموت، ويصح ممن تصح وصيته
من ثلثه، ونقل حنبل: من كله؛ لأنه قد وقع فيه
عتق، وعنه: في الصحة مطلقا، نحو: إن مت فأنت
حر أو مدبر. ومقيدا، نحو: إن مت من مرضي هذا
أو عامي هذا أو بهذا البلد فأنت حر، وإن قالا
لعبدهما: إن متنا فأنت حر، فهو تعليق للحرية
بموتهما جميعا، ذكره القاضي وجماعة، ولا يعتق
بموت أحدهما شيء، ولا يبيع وارثه حقه.
وقال أحمد واختاره الشيخ وغيره: إذا مات
أحدهما فنصيبه حر، فإن أرادا1: أنه حر بعد
آخرهما موتا فإن جاز تعليق الحرية على صفة بعد
الموت عتق بعد موت الآخر منهما عليهما، وإلا
عتق نصيب الآخر منهما بالتدبير، وفي سرايته إن
احتمله ثلثه الروايتان.
وصريحه وكنايته كالعتق، ولفظه صريح، ويبطل هو
وعتق معلق بشرط بموته قبل وجوده، نحو: إن
خدمتني سنة فأنت حر فيموت السيد قبل مضيها،
وإن قال: إن شئت فأنت مدبر، فشاء حياة سيده
فقط، صار مدبرا،
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر" و"ط": "أراد".
(8/131)
كمتى شئت، وإذا
شئت. وقيل: يختص بالمجلس، وذكره القاضي في
إذا.
وإن قال: أنت حر بعد موتي بشهر، أو اخدم زيدا
سنة بعد موتي ثم أنت حر، ففي صحته وعتقه
روايتان "م 1 و
2".....................
ـــــــ
مسألة – 1- 2: قوله: "وإن قال أنت حر بعد موتي
بشهر أو اخدم زيدا سنة بعد موتي ثم أنت حر ففي
صحته وعتقه روايتان". انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى-1: لو قال أنت حر بعد موتي
بشهر، فهل يصح ويعتق أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والمغني1 والمقنع2 والشرح2 وشرح ابن
منجى والفائق، والنظم في التدبير، وغيرهم:
إحداهما: يصح، وهو الصحيح، صححه في التصحيح،
قال في الرعايتين: صح، في الأصح، وبه قطع في
الوجيز.
والرواية الثانية: لا يصح ولا يعتق، اختاره
أبو بكر، وصححه في النظم في كتاب العتق، وقدمه
في الخلاصة في باب التدبير، وقطع به في الحاوي
الصغير، واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
تنبيه: قال في فوائد القواعد: بنى طائفة من
الأصحاب هاتين الروايتين على أن التدبير هل هو
تعليق بصفة أو وصية؟ فإن قلنا هو وصية صح
تقييدها بصفة أخرى توجد بعد الموت، وإن قلنا
عتق بصفة لم يصح ذلك، وهؤلاء قالوا لو صرح
بالتعليق فقال إن دخلت الدار بعد موتي بشهر
فأنت حر، لم يعتق، رواية واحدة، وهي طريقة ابن
عقيل في إشارته.
ـــــــ
1 14/415.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/79.
(8/132)
ويتوجهان في
وصية لعبده بمشاع. فإن صح وأبرئ من الخدمة عتق
من حينه، وقيل: بعد سنة.
فإن كانت الخدمة لبيعة وهما كافران فأسلم ففي
لزومه1 القيمة لبقية الخدمة روايتان "م 3" وإن
كانت لابنه حتى يستغني فكبر واستغنى عن رضاع
عتق، وقيل: عن إطعامه وتنجيته، نقل مهنا: لا
يعتق حتى يستغني، قلت: حتى يحتلم؟ قال: لا دون
الاحتلام.
ـــــــ
وقال ابن رجب: والصحيح أن هذا2 الخلاف ليس
مبنيا على هذا الأصل، وذكر علته وقال: ومن
الأصحاب من جعل هذا العقد تدبيرا، ومنهم من
ينفي ذلك، ولهم في حكاية الخلاف فيه أربع طرق
ذكرت في غير هذا الموضع. انتهى.
المسألة الثانية – 2: لو قال اخدم زيدا سنة
بعد موتي ثم أنت حر، والحكم فيها كالحكم في
التي قبلها خلافا ومذهبا، وقد علمت الصحيح من
ذلك.
تنبيه: قوله: "ويتوجهان في وصية لعبده بمشاع".
انتهى. قد علمت الصحيح من القولين، فكذا في
هذه، مع أن الصحيح من المذهب صحة وصيته له
بمشاع، على ما تقدم في الوصايا، ولم يظهر لي
وجه التوجيه.
مسألة – 3: قوله: "فإن كانت الخدمة لبيعة وهما
كافران فأسلم ففي لزومه القيمة لبقية الخدمة
روايتان". انتهى.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير
والفائق وغيرهم، وذكرهما ابن أبي موسى فمن
بعده:
إحداهما: لا يلزمه ويعتق مجانا، جزم به في
المنور، وهو الصواب.
والرواية الثانية: يلزمه القيمة لبقية الخدمة؛
لتعذرها بعد إسلامه.
ـــــــ
1 في الأصل: "لزوم".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من [ط].
(8/133)
والروايتان في:
إن فعلت كذا بعدي فأنت حر "م 4" وعلى الصحة لا
يملك وارثه1 بيعه قبل فعله، كالموصى به قبل
قبوله، قاله جماعة، وذكر القاضي والترغيب: يصح
تعليق عتقه بمشيئته بعد موته، فما كسب قبلها
للورثة، ولا يبطل التدبير برجوعه فيه،
وإبطاله.
وبيعه ثم شراؤه كعتق معلق بصفة. وفيه رواية في
الانتصار والواضح: له فسخه، كبيعه، ويتوجه في
طلاق، وعنه: بلى، كوصية، فلا يصح رجوعه في حمل
لم يوجد.
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: "والروايتان في إن فعلت كذا
بعدي فأنت حر". انتهى. وقد علمت أيضا الصحيح
منهما، والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ر": "وارث".
(8/134)
وإن رجع في
حامل ففي حملها وجهان "م 5" لا بعد وضعه،
والروايتان إذا لم يأت بصريح التعليق أو صريح
الوصية، قاله في الترغيب وغيره. وفي التبصرة
رواية: لا يرجع في الأمة فقط.
وإن أنكره لم يرجع إن قلنا تعليق، وإلا فوجهان
"م 6".
وله بيعه إن لم يوص1
به،..................................
ـــــــ
مسألة – 5: قوله: "فإن رجع في حامل ففي حملها
وجهان". انتهى. وأطلقهما في الرعايتين
والقواعد الفقهية والزركشي وغيرهم:
أحدهما: لا يكون رجوعا فيه، وهو الصواب.
والوجه الثاني: يكون رجوعا.
مسألة – 6: قوله: "وإن أنكره لم يرجع إن قلنا
تعليق، وإلا فوجهان". انتهى. وكذا قال
الأصحاب، وقالوا بعد حكاية الوجهين: بناء على
ما إذا جحد الموصي الوصية هل يكون رجوعا أم
لا؟ والصحيح أن جحد الوصية لا يكون رجوعا، على
ما تقدم، وقد أطلق الخلاف فيها أيضا، وقدم ابن
رجب في فوائد قواعده أن جحوده للتدبير لا يكون
رجوعا. وقال: نص عليه. انتهى. وهو الصواب.
والوجه الثاني: يكون رجوعا بناء على الوجه
الذي في الوصية.
تنبيهان:
الأول: قوله: "وله بيعه إن لم يوص به". انتهى.
هذا مشكل جدا إذ لا قائل به من الأصحاب، قال
شيخنا في حواشيه تبعا لابن أبي المجد ولعله "
وإن لم يرض ". بزيادة واو قبل لفظة " إن "
وبراء بدل الواو في
ـــــــ
1في [ط]: "يرض".
(8/135)
وعنه: في
الدين، وعنه: ولحاجة، اختاره الخرقي وعنه: لا
تباع الأمة.
ـــــــ
يوص، يعني وإن لم يرض المدبر بالبيع، وليس
بقوي، وقال صاحب تصحيح المحرر، وله بيعه لا أن
يوصي به؛ لأن المذهب أنه لا تصح الوصية
بالمدبر، قاله القاضي وأبو الخطاب في
خلافيهما. انتهى. وهو خلاف ظاهر كلامه،
والظاهر أن هنا نقصا فيقدر بما يصح الكلام به،
والله أعلم.
الثاني: قوله بعد ذلك: "وعنه: في الدين، وعنه:
ولحاجة، اختاره الخرقي". انتهى.
(8/136)
وإذا لم يصح أو
دبر الحمل ثم باع أمه فكاستثنائه في البيع،
قاله في الترغيب.
وفي الروضة: له بيع العبد في الدين، وفي بيعها
فيه روايتان.
وإن دبر موسر شركا له في عبد لم يسر، وقيل:
يصير مدبرا، ويضمن قيمته، وإن أسلم مدبر كافر
بيع عليه إن أبى إزالة ملكه عنه، كما لو أسلم
مكاتبه وعجز، وقيل: لا يلزمه إن استدام
تدبيره، ويحال بينهما، وتلزمه نفقته حتى يعتق
بموته.
وإذا أسلم عبده القن فحكمه كالقول الأول، وذكر
أبو بكر: تصح كتابته وتكفي، ووارثه مثله، وإن
أسلمت أم ولده فكالثاني، وإن أسلم حلت له،
وعنه: لا يلزمه نفقتها، وعنه: تستسعى في
قيمتها ثم تعتق، ونقل مهنا تعتق بإسلامها.
وإن كاتب مدبره أو دبر مكاتبه فأدى عتق وكسبه
له. وإن مات ولم يؤد عتق بموته إن حمله الثلث،
وإلا عتق بقدره وباقيه مكاتب بقسطه،
ـــــــ
إنما اختار الخرقي رواية جواز بيعه في الدين،
فقال: وله بيعه في الدين، ولا تباع المدبرة في
إحدى الروايتين، والأخرى الأمة كالعبد. انتهى.
فحصل الخلل من وجهين:
أحدهما: نسبة الرواية إلى اختيار الخرقي،
والخرقي إنما أجازه في الدين، والحاجة أعم من
الدين، ولذلك ذكر روايتين.
والثاني: إطلاق البيع يشتمل الذكر والأنثى،
والخرقي ليس له اختيار في الأنثى؛ لأنه أطلق
فيه الخلاف من غير ترجيح، والله أعلم.
(8/137)
وكل كسبه إذا
عتق أو بقدر عتقه لسيده، وعنه: له، كلبسه،
ونقل ابن هانئ: ما لا بد من لبسه، وكما لو
ادعى المدبر أنه كسبه 1بعد موته1 وأمكن، لثبوت
يده عليه، بخلاف ولده، وكذا إن أولد أمته ثم
كاتبها أو كاتبها ثم أولدها، لكن تعتق بموته
مطلقا.
وإن أعتق عبده القن أو كاتبه أو أعتق مكاتبه
فما بيده لسيده، وعنه: له.
وعتقه مكاتبه قيل: إبراء مما بقي، وقيل: فسخ،
كعتقه2 في كفارة "م 7" ويبطل التدبير
بالإيلاد، وقيل: وبالكتابة إن قلنا هو وصية.
وإن جنى بيع، وإن فداه بقي تدبيره، وإن باع
بعضه فباقيه مدبر، وإن مات قبل بيعه عتق إن
وفى ثلثه بها، وإن أوجبت القود وقلنا يملكه لم
يعتق والله أعلم.
ـــــــ
مسألة – 7: قوله: "وعتقه مكاتبه قيل: إبراء
مما بقي، وقيل: فسخ كعتقه في كفارة". انتهى.
قلت: الصواب الثاني، قال في المغني3 والشرح4
وغيرهما: إذا أبرأه السيد من مال الكتابة برئ
وعيق5؛ لأن ذمته خلت من مال الكتابة، فأشبه ما
لو أداه، فإن أبرأه من بعضه برئ منه، وهو على
الكتابة فيما بقي، لأن الإبراء كالأداء.
انتهى.
فهذه سبع مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في النسخ الخطية: "لعتقه"، والمثبت في "ط".
3 14/430.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/218.
5 في "ط": "الرقيق".
(8/138)
باب الكتابة
مدخل
...
باب الكتابة
وهي مستحبة مع كسب عبده وأمانته، وأسقطها في
الواضح والموجز والتبصرة، وعنه: واجبة بطلبه
بقيمته، اختاره أبو بكر، وقدم في الروضة
الإباحة.
وتصح من جائز بيعه، ولو من بعض عبده حتى
المميز. وفي الموجز، والتبصرة: ابن عشر أو
شركا بلا إذن، ويملك من كسبه بقدره، وعنه:
يوما ويوما.
ـــــــ
................................
ـــــــ
(8/139)
ويعتق طفل
ومجنون بأداء معلق صريح، وإلا فوجهان "م 1".
وتنعقد بقوله كاتبتك على كذا مع قبوله1، ذكره
في الموجز والتبصرة والترغيب وغيرها.
وإن لم يقل فإذا أديته فأنت حر. وفي الترغيب
وجه هو رواية في الموجز والتبصرة: يشترط قوله:
وقيل: أو نيته.
ولا تصح إلا بعوض مباح يصح السلم فيه منجم
نجمين فأكثر، يعلم لكل نجم قسطه ومدته، تساوت
أو لا، وقيل: ونجم. وقال القاضي وأصحابه: وعبد
مطلق كمهر، فعلى الأول في توقيتها بساعتين أم
يعتبر ما له وقع في القدرة على الكسب، فيه
خلاف في الانتصار "م 2".
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "ويعتق طفل ومجنون بأداء
معلق صريح، وإلا فوجهان". انتهى.
أحدهما: لا يعتق، وهو الصحيح، اختاره أبو بكر،
ونصره الشيخ الموفق والشارح، وقدمه في
الرعايتين والفائق، قال في القواعد الأصولية:
المذهب لا يعتق بالأداء، خلافا لما قال
القاضي. انتهى. وهو ظاهر ما قطع به في
المستوعب والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: يعتق؛ لأن الكتابة تتضمن معنى
الصفة، اختاره القاضي.
مسألة -2: قوله فيما إذا قلنا لا تصح إلا
منجمة: "في توقيتها بساعتين أم يعتبر ما له
وقع في القدرة على الكسب؟ " فيه خلاف في
الانتصار. انتهى.
قلت: ظاهر كلام كثير من الأصحاب الصحة، ولكن
العرف والعادة، والمعنى:
ـــــــ
1 في الأصل: "قوله".
(8/140)
وفي المغني1:
لا تجوز إلا مؤجلة، في ظاهر المذهب، فدل أن
فيه خلافا. وفي الترغيب في كتابة من نصفه حر
كتابة حالة وجهان، وتصح على مال قدم ذلك أو
أخره، وخدمة، فإذا أدى ما كوتب عليه فقبضه هو
أو ولي مجنون ولو من مجنون، قاله في الترغيب،
أو أبرأه منه والأصح: أو بعض ورثته الموسر من
حقه لإسقاط كل حقه عتق، فقيمته لسيده على
قاتله وعنه: يعتق بملكه وفاء فديته لورثته.
فعلى الأول إن مات عن وفاء انفسخت، وتركته
لسيده، وعنه: لا تنفسخ، اختاره أبو بكر وأبو
الخطاب، ففي كونه حالا أم على نجومه فيه
روايتان "م 3".
وفي عتقه بالاعتياض وجهان "م 4" وإن بان بعوض
دفعه عيب فله
ـــــــ
أنه لا يصح قياسا على السلم، لكن السلم أضيق،
والله أعلم.
مسألة – 3: قوله: "فعلى الأول إن مات عن وفاء
انفسخت وتركته لسيده، وعنه: لا تنفسخ، اختاره
أبو بكر وأبو الخطاب، ففي كونه حالا أم على
نجومه فيه روايتان". انتهى.
قلت: هي شبيهة بمن عليه دين مؤجل إذا مات، على
ما ذكروه في باب الحجر، المصنف وغيره، والصحيح
هناك أنه إذا تعذر التوثق من الورثة يحل، وليس
هنا توثق في الظاهر فإن وجد وارث ووثق ينبغي
أن لا يحل، قياسا على المحجور عليه، وظاهر
كلامه في الرعاية أنه يكون حالا.
مسألة – 4: قوله: "وفي عتقه بالاعتياض وجهان"
انتهى. يعني إذا أعطاه مكان الواجب عليه شيئا
عوضا عنه. وأطلقهما في البلغة والرعاية
الكبرى:
ـــــــ
1 14/449.
(8/141)
أرشه أو عوضه
برده ولم يزل عتقه، وفيه وجه: كبيع، ولو أخذ
سيده حقه ظاهرا ثم قال هو حر ثم بان مستحقا لم
يعتق، وإن ادعى تحريمه قبل ببينة، وإلا حلف
العبد ثم يجب أخذه ويعتق به ثم يلزمه رده إلى
مالكه إن أضافه إلى مالك، وإن نكل حلف سيده.
وله قبضه من دين له عليه وتعجيزه، وفي تعجيزه
قبل أخذ ذلك عن جهة الدين وجهان في الترغيب،
والاعتبار بقصد السيد "م 5" وفائدته،
ـــــــ
أحدهما: يعتق، وهو الصواب إن كان المعنى ما
فسرتها به، وهو الظاهر، ثم وجدته في المغني1
والشرح2 قالا: وإن صالح المكاتب سيده عما في
ذمته بغير جنسه مثل أن يصالح عن النقود بحنطة
أو شعير جاز، لكن لا يجوز أن يكون مؤجلا، وإن
صالحه عن الدراهم بدنانير ونحوه، لم يجز
التفرق قبل القبض.
وقال القاضي: ويحتمل أن لا تصح هذه المصالحة؛
لأن هذا دين من شرطه التأجيل فلم تجز المصالحة
عليه بغيره؛ ولأنه دين غير مستقر، فهو كدين
السلم، قال الشيخ والشارح: والأولى ما قلناه.
انتهى. وفرقا بينه وبين السلم فوافقا ما
اخترناه، وقدمه ابن رزين في شرحه وغيره.
والوجه الثاني: لا يعتق بذلك، وهو ما قاله
القاضي.
مسألة – 5: قوله: "وله قبضه من دين له عليه
وتعجيزه، وفي تعجيزه قبل أخذ ذلك من جهة الدين
وجهان في الترغيب، والاعتبار بقصد السيد".
انتهى.
يعني لو كان للسيد على مكاتبه دين وقد حل نجم
ودفع المكاتب إليه مالا. قلت: الصواب ليس له
تعجيزه قبل الأخذ، والله أعلم، قال في الرعاية
الكبرى: فله أخذه من دينه الآخر وتعجيزه.
تنبيه: في قوله "والاعتبار بقصد السيد" نظر،
إذ قد قال الأصحاب: لو قضى
ـــــــ
1 14/449.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/232.
(8/142)
يمينه عند
النزاع، ويملك كسبه ونفعه والإقرار وكل تصرف
يصلح ماله، كبيع وإجارة، ويتعلق دينه بذمته،
زاد في عيون المسائل: في الصحيح عنه، لأنه في
يد نفسه، فليس من السيد غرور، بخلاف المأذون
له.
وإن حبسه ويقتضي كلام الشيخ: أو منعه مدة ففي
لزومه أجرها أو إنظاره مثلها أو أرفقهما
بمكاتبه أوجه "م 6".
ـــــــ
بعض دينه أو أبرئ منه وببعضه رهن أو كفيل كان
عما نواه الدافع أو المبرئ، والقول قوله في
النية، بلا نزاع، فقياس هذا أن المرجع في ذلك
إلى العبد والمكاتب، لا إلى سيده، وقد قال ابن
حمدان في رعايته كما قال المصنف في الصورتين،
والذي يظهر ما قلناه، والله أعلم.
مسألة – 6: قوله: "وإن حبسه ويقتضي كلام الشيخ
أو منعه مدة ففي لزومه أجرها أو إنظاره مثلها
أو أرفقهما بمكاتبه أوجه". انتهى. وأطلقها في
الكافي1 والفائق وتجريد العناية وغيرهم:
أحدهما: يلزمه أجرها، جزم به الآدمي في
منتخبه، وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم
والحاوي الصغير وغيرهم.
والوجه الثاني: يلزمه إنظاره مثل المدة، ولا
يحتسب عليه مدة حبسه، صححه الشيخ الموفق
والشارح، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثالث: يلزمه أرفق الأمرين بالمكاتب
من إنظاره أو أجرة مثله، وهو الصواب، وبه قطع
في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والمقنع2 والوجيز ونهاية ابن رزين وغيرهم،
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
ـــــــ
1 4/181.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/273.
(8/143)
وله السفر
كغريم وأخذ الصدقة، ويصح شرط تركهما، على
الأصح، كالعقد، فيملك تعجيزه، وقيل: لا بسفر
كإمكانه رده.
ولا يصح شرط نوع تجارة، وينفق على نفسه ورقيقه
وولده التابع له كولده من أمته، فإن لم يفسخ
سيده كتابته لعجزه لزمته النفقة.
وللمكاتب النفقة على ولده من أمة لسيده، وفيه
من مكاتبة لسيده احتمالان "م 7" وإلا لم يجز.
ويكفر من ماله بإذن سيده، كتبرع وقرض
ـــــــ
مسألة – 7: قوله: "وللمكاتب النفقة على ولده
من أمة لسيده، وفيه من مكاتبة لسيده
احتمالان". انتهى. يعني هل له أن ينفق على
ولده من مكاتبة لسيده أم النفقة على أمه؟ أطلق
الخلاف:
أحدهما: تجب على أمه، وليس للأب النفقة عليه،
وهو الصحيح، وظاهر ما قطع به في الرعايتين،
فإنه قال: ونفقة ولد المكاتبة عليها دون أبيه
المكاتب، وكذا في الحاوي الصغير.
والاحتمال الثاني: للمكاتب النفقة عليه.
(8/144)
وتزوج، نص
عليه، ونقل إبراهيم الحربي: له ذلك لا لها،
وتسر، وعنه: المنع، وعنه: عكسه، وكذا حجه
بماله ما لم يحل نجم، وقيل: مطلقا، وأطلقه في
الترغيب وغيره، وقالوا: نص عليه.
ـــــــ
تنبيهات:
الأول: قطع المصنف بجواز نفقة المكاتب على
ولده من أمة لسيده، وقد قال في المحرر وغيره:
ولا يتبعه ولده من أمة لسيده إلا بالشرط، وكذا
قال في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهما، ولا
يتبعه ولد من أمة سيده بلا شرط، ثم قالوا: "
وينفق من ماله على نفسه ورقيقه وولده التابع
له " فظاهره أنه لا ينفق على غير التابع له،
وهذا لا يتبعه من غير شرط، والمصنف قد قطع
بالنفقة وأطلق، فلعله أراد إذا قلنا يتبعه،
والله أعلم.
الثاني: قوله: "ويكفر بماله بإذن سيده....
وعنه: المنع، وعنه: عكسه، وكذا حجه بماله ما
لم يحل نجم، وقيل: مطلقا، وأطلقه في الترغيب
وغيره، وقالوا نص عليه". انتهى.
فظاهره أنه قدم أنه لا1 يحج بإذن سيده ما لم
يحل نجم، وقال في الاعتكاف: "وله أن يحج بلا
إذن، نص عليه... واختار الشيخ: يجوز إن لم
يحتج أن ينفق عليه مما قد جمعه ما لم يحل نجم"
وقال بعد ذلك: "ويجوز بإذنه، أطلقه جماعة،
وقالوا: نص عليه، ولعل المراد ما لم يحل نجم،
وصرح به بعضهم، وعنه: المنع مطلقا". انتهى.
فقدم الجواز من غير إذن، وقدم فيما إذا حج
بإذنه الجواز سواء حل نجم أو لا. وقال: "أطلقه
جماعة وقالوا: نص عليه، ولعل المراد ما لم يحل
نجم" وقدم في الكتابة تقييده بعدم حلول نجم،
وعدم حجه من غير إذن، فحصل الخلل من وجهين:
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(8/145)
ونقل ابن منصور
إن شرط السيد أن لا يتزوج ولا يخرج من بلده له
أن يتزوج والخروج، وإن شرط الخدمة فله ذلك
وإلا فلا، نقله الميموني. وفي الانتصار:
يستمتع بجاريته ويستخدمها ويتصرف بمشيئته إلا
بتبرع.
وفي بيعه نساء، ولو برهن وهبته بعوض ورهنه
ومضاربته وقوده من بعض رقيقه الجاني على بعضه
وحده ومكاتبته وتزويجه وعتقه بمال في ذمته
وقوده لنفسه ممن جنى على طرفه بلا إذن وجهان
"م 8 - 16"،
ـــــــ
أحدهما: كونه قدم في الاعتكاف الجواز من غير
إذن وقدم في الكتابة خلافه.
الثاني: كونه قدم في الكتابة تقييد الجواز
بعدم1 حلول نجم، وقدم في الاعتكاف الجواز
مطلقا، ثم قال من عنده: ولعل المراد ما لم يحل
نجم، والمعتمد عليه في المذهب جواز حجه بلا
إذن ما لم يحل نجم، وقد حررت ذلك في الإنصاف
في الاعتكاف والكتابة.
الثالث: الذي يظهر أن في كلام المصنف نقصا في
قوله في التكفير: "وعنه: عكسه2" والنقص: لفظة
"مطلقا" وتقديره: "وعنه عكسه3 مطلقا "إذ لو لم
ترد هذه لحصل التكرار أذ4 عكس المنع عدم المنع
وهو الجواز، وقد قدمه أولا، فإذا زدنا لفظة "
مطلقا " انتفى التكرار، وتكون الرواية الثالثة
الجواز مطلقا، أعني سواء أذن أو لم يأذن، وهو
موافق للمنقول، والله أعلم.
مسألة -8 – 16: قوله: "وفي بيعه نساء ولو برهن
وهبته بعوض ورهنه
ـــــــ
1 في "ح": "بعد".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 7/573
و11/251.
3 في "ط": "المنع".
4 في "ط": "أو".
(8/146)
وقيل: يزوج
أمة.
ـــــــ
ومضاربته وقوده من بعض رقيقه الجاني على عبده
وحده ومكاتبته وتزويجه وعتقه بمال في ذمته
وقوده لنفسه ممن جنى على طرفه بلا إذن وجهان".
انتهى.
ذكر في هذه الجملة مسائل أطلق فيها الخلاف:
المسألة الأولى - 8: هل يصح بيعه نساء برهن
وبغيره أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المحرر
والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق
وغيرهم:
أحدهما: ليس له ذلك، وهو الصحيح، على ما
اصطلحناه، قدمه في الكافي1 والمغني2 والشرح3
وشرح ابن رزين وغيرهم، وجزم به في الفصول.
والوجه الثاني: له ذلك، وهو تخريج للقاضي من
المضارب، وقيل: له ذلك برهن أو ضمين. قلت: وهو
أولى.
المسألة الثانية – 9: هل له أن يهب بعوض أم
لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: ليس له ذلك ولا يصح، وهو الصحيح، قطع
به في الفصول والمغني4 والشرح5 وغيرهم، وهو
ظاهر ما قدمه في الكافي6، وقد قطع في
الرعايتين والحاوي والفائق والوجيز وغيرهم:
ليس له أن يهب ولو بثواب مجهول.
والوجه الثاني: يصح، وهو الصواب، إذا كان فيه
مصلحة، والله أعلم.
ـــــــ
1 4/178.
2 14/484.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/253.
4 14/482.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/246.
6 4/179.
(8/147)
................................
ـــــــ
المسألة الثالثة - 10: هل له أن يرهن أو يضارب
أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الهداية1
والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني2 والمقنع3
والمحرر والشرح والنظم وشرح ابن منجى
والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم:
أحدهما: ليس له ذلك، وهو الصحيح فيهما، صححه
في التصحيح، وبه قطع في الوجيز وغيره، وقدمه
في الكافي4 وغيره، وقدمه في الشرح3 في موضع
آخر، وقطع به ابن رزين في شرحه في المضاربة.
والوجه الثاني: له ذلك، اختاره ابن عبدوس في
تذكرته، والنفس تميل إليه، وهو الصواب في
الرهن إذا رآه مصلحة، وهو ظاهر كلام جماعة.
المسألة الرابعة - 11: هل له القود من بعض
رقيقه الجاني على عبده أم لا؟ أطلق الخلاف
فيه، وأطلقه في المحرر والرعايتين والحاوي
الصغير والنظم والفائق وغيرهم:
أحدهما: ليس له ذلك إلا بإذن سيده، وهو
الصحيح، اختاره أبو بكر، وأبو الخطاب في رءوس
المسائل، وابن عبدوس في تذكرته، وبه قطع صاحب
الهداية5 والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع6
والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم، وصححه في
البلغة، وقدمه في الشرح6 وشرح ابن منجا.
ـــــــ
1 في "ط": "البداية".
2 14/484.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/256.
4 4/179.
5 في "ط": "الدارية".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/323.
(8/148)
................................
ـــــــ
والوجه الثاني: له ذلك، اختاره القاضي، وهو
ظاهر ما قدمه في الكافي1.
المسألة الخامسة - 12: هل له إقامة الحد على
رقيقه كالحر أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي1
والهادي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم:
أحدهما: ليس له ذلك، وهو الصحيح، جزم به في
الوجيز وغيره، وصححه في الهداية وغيره. قلت:
وصححه المصنف في أول كتاب الحدود حيث قال:
"ولسيد مكلف عالم به، والأصح حر". انتهى.
فصحح2 اشتراط الحرية في إقامة الحد على
الرقيق، وهذا من جملة ما ناقض فيه على ما تقدم
في المقدمة أول الكتاب، وقدمه في المغني3
والمقنع4 والشرح4 وشرح ابن رزين وغيرهم، قال
ابن منجى في شرحه: هذا المذهب، وهو ظاهر ما
جزم به الآدمي في منتخبه.
والوجه الثاني: له ذلك، وهو احتمال في
المقنع4، ورواية في الخلاصة.
المسألة السادسة – 13: هل له مكاتبة رقيقه أم
لا؟ [أطلق] الخلاف فيه، وأطلقه في المحرر
والرعايتين والنظم وغيرهم:
أحدهما: ليس له ذلك، وهو الصحيح، وبه قطع في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع5
والوجيز وغيرهم، وقدمه في
ـــــــ
1 4/178.
2 في "ط": "فصح".
3 14/520.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/323.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/241.
(8/149)
................................
ـــــــ
الكافي1 والمغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين
والفائق وغيرهم.
والوجه الثاني: له ذلك، اختاره القاضي وأبو
الخطاب في رءوس المسائل. قلت: وهو الصواب، إذا
رآه مصلحة. وقال أبو بكر: هو موقوف، كقوله في
المعتق المنجز.
المسألة السابعة - 14: هل له تزويج رقيقه أم
لا: أطلق الخلاف.
أحدهما: ليس له ذلك إلا بإذن سيده، وهو
الصحيح، وبه قطع في الوجيز وغيره، وقدمه في
المغني4 والشرح5 ونصراه، وصححه في الكافي
وغيره.
والوجه الثاني: له ذلك إذا رأى المصلحة فيه،
اختاره أبو الخطاب، وقدمه ابن رزين في شرحه.
قلت: وهو الصواب، وقيل: له6 تزويج الأمة دون
العبد، حكاه القاضي وابن البنا في خصالهما،
وهو قوي، وأطلقهن في البلغة والرعايتين والنظم
والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
المسألة الثامنة -15: هل له عتق رقيقه بمال أم
لا؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه في المحرر
والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفائق
وغيرهم:
ـــــــ
1 4/179.
2 14/483.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/251.
4 14/479.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/244.
6 ليست في "ط".
(8/150)
................................
ـــــــ
أحدهما: ليس له ذلك إلا بإذن سيده، وهو ظاهر
ما جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمغني1 والمقنع2 وغيرهم، وجزم به
في الوجيز وغيره، قال في الكافي3: ليس له أن
يعتق الرقيق.
والوجه الثاني: له ذلك إذا كان فيه مصلحة، وهو
الصحيح، والأول ضعيف، وقطع4 به ابن عقيل في
التذكرة.
ولنا5 وجه ثالث أن عتقه موقوف على أداء
المكاتب، فإن أدى عتق وإلا بطل، وهو اختيار
أبي بكر والشريف في خلافه4، 6ويحتمل أنه موقوف
على إجازة السيد، كتصرف الفضولي، حكاه الشيخ
موفق الدين في "المغني"6 7.
قال القاضي: هذا قياس المذهب. 6 لقولنا في ذوي
الأرحام: إنهم موقوفون6، والله أعلم.
المسألة التاسعة – 16: هل يسوغ له قوده لنفسه
ممن جنى على طرفه بلا إذن أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: ليس له ذلك من غير إذن سيده، قال في
الرعاية: ولا يقتص لنفسه من عضو وقيل: أو جرح
بدون إذن سيده، في الأصح، وكذا قال في الفائق.
ـــــــ
1 14/481.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/248.
3 4/179.
4 ليست في "ص".
5 في "ح": "وفيه".
6 ليست في "ص" و"ط".
7 4/481.
(8/151)
وله تعزيره؛
لأنه مالك، فهو أولى من زوج، ذكره في عيون
المسائل، ولسيده القود منه، وولاء من يعتقه
ويكاتبه 1بإذن لسيده1، وقيل: له إن عتق.
وله تملك رحمه المحرم بهبة ووصية وكسبهم له،
ولا يبعهم، فإن عجز رقوا معه، وإن عتق واختار
الشيخ ولو بإعتاق سيده إياه عتقوا، لا بعتق
السيد إياهم.
وفي شرائهم بلا إذنه وجهان "م 17" ومثله
الفداء، قاله في المنتخب، وفيه في الترغيب
يفديه بقيمته.
ـــــــ
قال القاضي في خلافه: هو قياس قول أبي بكر،
قال في القاعدة السابعة والثلاثين بعد المائة:
وفيه نظر. انتهى.
والوجه الثاني: له ذلك. قلت: وهو الصواب
والصحيح من المذهب، واختاره القاضي في المجرد،
وابن عقيل، والقول الأول ضعيف جدا، إذ قد قال
الأصحاب: إن العبد إذا وجب له القصاص له طلبه
والعفو عنه، فهنا بطريق أولى، ذكروا ذلك في
باب العفو عن القصاص، اللهم إلا أن يقال: له
هناك طلبه ولا يقتص إلا بإذن سيده، أو يقال
أيضا: المكاتب قد تعلقت به شائبة الحرية وهي
مطلوبة شرعا، فروعي طلبها، فيقوى القول الأول،
والله أعلم.
مسألة – 17: قوله: "وفي شرائهم بلا إذنه
وجهان". انتهى. يعني في شراء من يعتق عليه
بالرحم، وأطلقهما في المذهب والكافي2 والمحرر
والنظم والفائق وغيرهم:
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 4/180.
(8/152)
ويصح شراؤه من
يعتق 1على سيده1، ذكره في الانتصار والترغيب،
فإن عجز عتقوا.
ـــــــ
أحدهما: له ذلك، وهو الصحيح، نص عليه، قال
الزركشي: هذا أشهر، قال في الرعايتين والحاوي
الصغير: وله شراء ذي رحمه بلا إذن سيده، في
أصح الوجهين، وإليه ميل الشارح، وقطع به
الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما،
وابن عقيل، والشيخ في المغني3 وغيرهم، واختاره
القاضي والخرقي، قاله القاضي.
والوجه الثاني: ليس له ذلك إلا بإذن سيده، قال
ابن منجى في شرحه: هذا المذهب، وبه قطع الشيخ
في المقنع4 وصاحب الوجيز، وهو ظاهر ما قطع به
في الخلاصة، وقدمه في الهداية والمستوعب.
ـــــــ
1 في الأصل: "عليه بيده".
3 14/481.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/248.
(8/153)
فصل يصح شرط وطء مكاتبته،
نص عليه، لبقاء أصل الملك، كراهن يطأ بشرط،
ذكره في عيون المسائل والمنتخب، وعنه: لا،
ذكره أبو الخطاب، واختاره ابن عقيل.
ومتى وطئ بلا شرط عزر عالم فقط، ويلزمه مهرها،
كأجرة خدمتها، وقيل: إن طاوعته فلا. ويجوز
بيعه، وعنه: لا، وعنه: بأكثر من كتابته،
ومشتريه يقوم2 مقام مكاتبه. وفي الواضح في
مدبر كذلك، كعبد أوصى بمنفعته، فإن أدى إليه
عتق دون ولده، وولاؤه له، وإلا عاد قنا، وجهل
مشتريه كتابته كعيب.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(8/153)
وإن اشترى كل
من المكاتبين الآخر صح شراء الأول وحده، فإن
جهل أسبقهما بطلا، وقيل: أبطلا.
ويلزم سيده أرش جنايته عليه. وإن جنى المكاتب
لزمه فداء نفسه بقيمته فقط قبل الكتابة، وقيل:
يتحاصان، فإن أدى مبادرا وليس محجورا عليه عتق
واستقر الفداء، والفداء على سيده إن قتله وكذا
إن أعتقه، ويسقط في الأصح إن كانت على سيده،
قاله في الترغيب.
وإن عجز وجنايته على سيده فله تعجيزه وإن كانت
على غيره ففداه، وإلا بيع فيها قنا، نقله ابن
منصور وغيره، ونقل الأثرم: جنايته في رقبته
بفدية1 إن شاء، قال أبو بكر: وبه أقول، ويجب
فداء جنايته مطلقا بالأقل من قيمته أو أرشها،
وعنه: جنايته على أجنبي، وعنه: وسيده بالأرش
كله.
وإن عجز عن ديون معاملة لزمته تعلقت بذمته،
فيقدمها محجور عليه؛ لعدم تعلقها برقبته،
2فلهذا إن لم يكن بيده مال فليس لغريمه
تعجيزه، بخلاف الأرش ودين الكتابة، وعنه:
تتعلق برقبته2 فتتساوى الأقدام
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ط": "بفدية".
2 ليست في "ر".
(8/154)
ويملك تعجيزه،
ويشترك رب الدين والأرش بعد موته؛ لفوات
الرقبة، وقيل: يقدم دين المعاملة، ولغير
المحجور تقديم أي دين شاء.
وذكر ابن عقيل وجماعة أنه بعد موته هل يقدم
دين الأجنبي على السيد كحال الحياة أم
يتحاصان؟ فيه روايتان، وهل يضرب سيده بدين
معاملة مع غريم؟ فيه وجهان. ولا ينفسخ بموت
سيده وجنونه والحجر عليه لسفه أو جنون.
ونقل ابن هانئ إن أدى بعض كتابته ثم مات السيد
يحتسب من ثلثه ما بقي من العبد ويعتق، ولا
يملكه أحدهما إلا السيد بعجز العبد، بأن يحل
نجم فلم يؤده، وعنه: لا يعجز حتى يحل نجمان،
وعنه: لا يعجز حتى يقول قد عجزت.
وفي أسير1 كافر واحتسابه على المكاتب بالمدة
عند الكافر
ـــــــ
تنبيه: قوله: "وإن عجز عن ديون معاملة لزمته
تعلقت بذمته، فيقدمها محجور عليه؛ لعدم تعلقها
برقبته...، وعنه: تتعلق برقبته... ويشترك رب
الدين والأرش بعد موته. لفوت الرقبة، وقيل:
يقدم دين المعاملة، ولغير المحجور تقديم أي
دين شاء، وذكر ابن عقيل وجماعة أنه بعد موته
هل يقدم دين الأجنبي على السيد كحال الحياة2
أم يتحاصان؟ فيه روايتان، وهل يضرب سيده بدين
معاملة مع غريم؟ فيه وجهان". انتهى.
ـــــــ
1 في الأًصل: "أسر".
2 ليست في "ط".
(8/155)
وجهان "م 18 -
19" وله الفسخ بلا حكم، كرد بعيب1 ويلزمه
إنظاره ثلاثة2، كبيع عرض، ومثله مال غائب دون
مسافة قصر يرجو قدومه ودين حال على مليء
ومودع، وأطلق جماعة: لا يلزم السيد استيفاؤه3
فيتوجه مثله في غيره.
ـــــــ
الذي ذكره ابن عقيل والجماعة طريقة في المذهب،
والصحيح من المذهب ما قدمه المصنف، وليست هذه
المسألة والتي قبلها من الخلاف المطلق.
مسألة - 18 – 19: قوله: "وفي أسير كافر
واحتسابه على المكاتب بالمدة عند الكافر
وجهان". انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى -18: قوله: "وفي أسير كافر"،
يعني إذا أسر المكاتب كافرا وحل عليه من
النجوم ما يقتضي تعجيزه لو كان مطلقا فهل يملك
سيده تعجيزه وفسخا، والحالة هذه أم لا؟ أطلق
الخلاف:
أحدهما: لا يملك تعجيزه، وهو الصواب.
والوجه الثاني: يملك ذلك، وهو ظاهر كلام
الأصحاب.
تنبيه: لعل الخلاف مبني على الخلاف في المسألة
الآتية بعد هذه، فإن قلنا يحتسب عليه بتلك
المدة كان له تعجيزه، وإن قلنا لا يحتسب عليه
بها لم يكن له تعجيزه، والذي يظهر أن هذه
المسألة هي تلك4 بعينها وفائدتها ما قلنا،
ولذلك لم يذكرها الأكثر، وإنما ذكروا الثانية،
ولعله رأى هذه العبارة في كتاب وتلك في آخر،
والله أعلم بمراده.
ـــــــ
1 في "ر": "المعيب".
2 في "ط": "ثلاثة".
3 في النسخ الخطية: "استثناؤه"، والمثبت في
"ط".
4 في "ط": "الآتية".
(8/156)
وفي عيون
المسائل: ليس له الفسخ بعد حلول نجم ولا قبله
مع قدرة عبد على الأداء، كبيع.
وفي الترغيب: إن غاب بلا إذنه لم يفسخ، ويرفع
الأمر إلى حاكم البلد الذي فيه الغائب؛ ليأمره
بالأداء أو يثبت عجزه فحينئذ يفسخ، وحكي عن
أحمد: للعبد فسخها، كمرتهن، وكاتفاقهما،
ويتوجه فيه: لا؛ لحق الله، ويملك قادر على كسب
تعجيز نفسه، فإن ملك وفاء، ولم يعتق به لم
يملكه؛ للإرقاق، فيجبر على أدائه، فلا فسخ
لسيد، ولهذا يحرم أن
ـــــــ
ويحتمل أن يكون الخلاف مبنيا على الراوية
الثالثة التي ذكرها في تعجيزه، وهو أنه لا
يملك تعجيزه حتى يقول قد عجزت، فلو كان أسيرا
فهل يملك تعجيزه على هذه الرواية أم لا؟ وقال
شيخنا: معناه إذا أسره كافر وعجز عن الأداء
بسبب ذلك. وقال عن المسألة الثانية: إذا قام
في أسر الكافر مدة ثم أطلق فهل يحتسب السيد
عليه بتلك المدة؛ لأجل العجز أم لا عبرة بها؟
فيه وجهان. انتهى. وقاله غيره في الثانية
1وأصلح بعضهم " أسير " بأسر بحذف الياء، وقيل:
إنه وجد في بعض النسخ كذلك1.
المسألة الثانية – 19: هل يحتسب على المكاتب
بمدة حبسه عند الكافر أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في المغني2 والشرح3 والفائق والزركشي:
أحدهما: لا يحتسب، قدمه ابن رزين في شرحه، وهو
الصواب.
والوجه الثاني: يحتسب عليه، قطع به في الكافي4
فقال: وإن قهره أهل الحرب فحبسوه لم يلزم
السيد إنظاره؛ لأن الحبس من غير جهته. انتهى.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت في "ط".
2 14/572.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
19/310-311.
4 4/181.
(8/157)
يتزوج أمة مع
قدرته على حرة أو صبره، ذكره في الانتصار،
وعنه: يملكه، فيفسخ السيد. وفي الترغيب: في
فسخها بجنون مكاتب وجهان.
ومن مات وفي ورثته زوجة لمكاتبه أو ورث زوجته
المكاتبة انفسخ نكاحها، فيعايا بها، وقيل: حتى
يعجز، قال في الانتصار: نص في رواية ابن منصور
أن الدين يمنع انتقال ما يقابله إلى الورثة،
فعلى هذه الوصية بمعين والكتابة تمنع
الانتقال، فلا فسخ، وعلى رواية أنه لا يمنع
ينعكس الحكم، ويلزمه إذا أدى مكاتبه إيتاءه
ربع كتابته تعجيلا أو وضعا بقدره، ويلزم1
المكاتب قبول جنسها، وقيل: وغيره، وقيل: بل
منها، فإن أدى ثلاثة أرباعه وعنه: أو أكثر
كتابته وعجز لم يعتق، ولسيده الفسخ، في أنص
الروايتين فيهما.
وفي الترغيب في عتقه بالنقاص2 روايتان، ولم
يذكر العجز، وقال: لو أبرأه من بعض النجوم أو
أداه لم يعتق منه، على الأصح، وأنه لو كان له
على سيده مثل النجوم عتق، على الأصح، وفي
مختصر ابن رزين: وعنه: يعتق بملك ثلاثة
أرباعها إن لزم إيتاء ربع وفي الروضة رواية
وقدمها: لا يجب إيتاء الربع وأن الأمر في
الآية للاستحباب.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ط": "يلزمه".
2 في "ط": "بالنقاض".
(8/158)
فصل إذا اختلفا في قدر مال الكتابة أو جنسه أو
أجله قبل قول السيد،
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
(8/158)
كالعقد وقدر
الأداء، وعنه: عكسه، اختاره جماعة، كعتقه
بمال، ويتوجه فيه مثلها، وعنه: يتحالفان،
اختاره أبو بكر، فإن لم يرض أحدهما بقول الآخر
فسخاه، إلا مع حصول العتق فلا يرتفع، فيرجع
بقيمته ويرد عليه ما أداه، وإن قال: قبضتها إن
شاء الله أو زيد، عتق، ولم يؤثر، ولو في مرضه،
ذكره الشيخ وغيره، وفي الترغيب الثانية.
وإن كاتب عبيده صفقة بعوض واحد صح، بخلاف قول
ثلاثة لبائع: اشتريت أنا زيدا وهذا عمرا وهذا
بكرا بمائة دينار، وقسم بينهم بقدر قيمتهم يوم
العقد، وأيهم أدى قسطه عتق، وقيل: بعددهم،
وأنه لا يعتق واحد منهم حتى يؤدوا الكل، وإذا
أدوا وادعى بعضهم أداء الواجب قبل قوله، وإلا
فلا.
ونقل ابن منصور: إذا كاتب على نفسه وولده ولم
يعلم كم عدتهم ولم يسمهم فقد دخلوا في الكتابة
أيضا.
ومن قبل كتابة عن نفسه وغائب صح، كتدبير، فإن
أجاز الغائب وإلا لزمه الكل، ذكره أبو الخطاب،
ويتوجه كفضولي وتفريق الصفقة.
ولهما كتابة عبدهما على تساو وتفاضل، ولا يؤد
إليهما إلا بقدر ملكيهما، فإن خص أحدهما
بالأداء لم يعتق نصيبه، واختار أبو بكر: ولو
ـــــــ
................................
ـــــــ
(8/159)
بإذن؛ لأن حقه
في ذمته. 1 قال القاضي عن الأول: وطرده دين
بين رجلين أذن أحدهما لصاحبه أن يقبض نصيبه أن
فما2 قبضه يسقط حقه منه. وقال أبو الخطاب: لا
يرجع الشريك في أصح الوجهين كمسألتنا1.
وإذا كاتب ثلاثة عبدا فادعى الأداء إليهم
فأنكره أحدهم شاركهما فيما أقرا بقبضه، ونصه:
تقبل شهادتهما عليه. وفي المغني3 والمحرر:
قياس المذهب لا، واختاره ابن أبي موسى
والروضة.
ومتى حرم العوض أو جهل أو شرط ما ينافيها
وفسدت بفساد الشرط في وجه فلكل منهما فسخها،
ولا يعتق بالإبراء بل بالأداء، واختار في
الانتصار إن أتى بالتعليق.
وهل تنفسخ بموت السيد وجنونه والحجر ويتبع
الولد والكسب فيها ويجب الإيتاء؟ فيه وجهان "م
20 - 24".
ـــــــ
مسألة 20 – 24: قوله في الكتابة الفاسدة: "وهل
تنفسخ بموت السيد وجنونه والحجر ويتبع الولد
والكسب فيها ويجب الإيتاء؟ فيه وجهان". انتهى.
فيه مسائل:
المسألة الأولى -20: هل تنفسخ الكتابة الفاسدة
بالموت أم لا؟ أطلق الخلاف فيه:
أحدهما: تنفسخ، وهو الصحيح، وعليه أكثر
الأصحاب، منهم القاضي وأصحابه، وبه قطع صاحب
الوجيز وغيره، وقدمه في الهداية والمذهب
والمستوعب
ـــــــ
1 ليست في الأًصل.
2 في "ط": "أن ما".
3 14/548.
(8/160)
..................................
ـــــــ
والخلاصة والكافي1 والمقنع2 وغيرهم، قال ابن
منجى في شرحه: هذا المذهب.
والوجه الثاني: لا تنفسخ، اختاره أبو بكر،
وأطلقهما في المغني3 والمحرر والشرح4 والنظم
والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وشرح ابن
رزين وغيرهم.
المسألة الثانية – 21: هل تنفسخ بالجنون
والحجر للسفه أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
المحرر والشرح4 والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير والفائق وشرح ابن رزين وغيرهم:
أحدهما: تنفسخ، وهو الصحيح، قال ابن منجى في
شرحه: هذا المذهب، وبه قطع صاحب الوجيز وغيره،
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والكافي1 والمقنع2 وغيرهم.
والوجه الثاني: لا تنفسخ، اختاره أبو بكر، قال
الشيخ في المغني3: وهو الأولى.
المسألة الثالثة – 22: هل يتبع الولد فيها
كالصحيحة أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع2
والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير
وشرح ابن منجى والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا يتبعها، قال الشيخ في المغني3
والشارح وابن رزين في شرحه: هذا أقيس وأصح.
ـــــــ
1 4/194.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/410.
3 14/578.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/411.
(8/161)
................................
ـــــــ
والوجه الثاني: يتبعها، صححه في التصحيح
وغيره، وقطع به في الوجيز، وغيره، وقدمه في
الكافي1 وغيره، قال في القاعدة الحادية
والعشرين: إن قلنا هو جزء منها تبعها، وإن
قلنا هو كسب فوجهان، بناء على سلامة الأكساب
في الكتابة الفاسدة.
المسألة الرابعة – 23: هل يتبع الكسب فيها أم
لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المحرر والرعايتين
والحاوي الصغير والفائق وغيرهم:
أحدهما: ما فضل عن الأداء فيها لسيده 2فلا
يتبع2، وهو الصحيح، اختاره أبو الخطاب والشيخ
الموفق والشارح، وابن عبدوس في تذكرته،
وغيرهم، وبه قطع في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمقنع3 والرعايتين والحاوي والنظم
والوجيز وغيرهم، وقدمه في الشرح3.
والوجه الثاني: ما فضل يكون للمكاتب، قال
القاضي: ما في يد المكاتب وما يكسبه4 وما يفضل
في يده بعد الأداء فهو له. انتهى. وكلامه في
الرعايتين والحاوي كالمتناقض، فإنهما قطعا بأن
لسيده أخذ ما معه قبل الأداء وما فضل بعده،
وقالا قبل ذلك: وفي تبعية الكسب وجهان،
ولعلهما مسألتان.
المسألة الخامسة – 24: هل يجب الإيتاء فيها
كالصحيحة أم لا أطلق الخلاف، وأطلقه في المحرر
والرعايتين والحاوي الصغير5 والفائق وغيرهم.
أحدهما: لا يجب، وهو الصحيح، وبه قطع في
المغني6 والشرح3،
ـــــــ
1 4/194.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/411.
4 في "ط": "يلبسه".
5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
6 14/578.
(8/162)
وكذا جعل من
أولدها أم ولده "م 25" وفيه وجه في الصحة،
ذكره القاضي، وعنه: بطلانها بعوض محرم، اختاره
أبو بكر
ـــــــ
وشرح ابن رزين والوجيز وغيرهم.
والوجه الثاني: هي كالصحيحة في ذلك.
مسألة – 25: قوله: بعد إطلاق الوجهين فيما
تقدم: "وكذا جعل من أولدها أم ولده" يعني: جعل
من أولدها المكاتب في الكتابة الفاسدة وقلنا
في الصحيحة: إنها تصير أم ولد، فهل تصير أم
ولد في الفاسدة1 أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه
في "الرعايتين" ، و"النظم"، و"الحاوي"،
و"الفائق"، وغيرهم1:
أحدهما: تصير2 أم ولد بذلك كالصحيحة، وهو
الصواب.
والوجه الثاني: لا تصير بذلك أم ولد، والمصنف
قد أطلق الخلاف في جعل من أولدها المكاتب في
الكتابة الصحيحة أم ولد، فهذه خمس وعشرون
مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في النسخ الخطية: "تكون"، والمثبت من "ط".
(8/163)
باب أحكام
أمهات الأولاد
مدخل
...
باب أحكام أمهات
الأولاد
إذا أولد حر ولو محجورا عليه أمته، وعنه: أو
أمة غيره، بنكاح أو غيره. وفي المغني1: لا
بزنا، ثم ملكها.
وعنه حاملا، وعنه: ووطئها حال حملها، وقيل
عنه: في ابتداء أو وسط، فوضعت ما يصير به نفسا
ونقل حنبل وأبو الحارث: يغسل السقط ويصلى عليه
بعد أربعة أشهر، وإن كان أقل من ذلك فلا،
واحتج بحديث ابن مسعود2: في عشرين ومائة يوم
ينفخ فيه الروح وتنقضي به العدة وتعتق الأمة
إذا دخل في الخلق الرابع، وقدم في الإيضاح:
ستة أشهر، وجزم في المبهج: ما يتبين فيه خلق
آدمي فهي أم ولد تعتق بموته.
ونقل الميموني: إن لم تضع وتبين حملها في
بطنها عتقت، وأنه يمنع من نقل الملك؛ لما في
بطنها، حتى يعلم، وتعتق من كل ماله، ونقل حرب
وابن أبي حرب فيمن أولد أمته المزوجة: لا
يلحقه الولد. وفي الفصول والمنتخب: أن هذه أصل
لمحرمة لاختلاف دين أو نسب أو رضاع.
وفي إثم واطئ أمته المزوجة جهلا وجهان "م 1".
وحكم أم الولد
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "وفي إثم واطئ أمته المزوجة
جهلا وجهان". انتهى.
أحدهما: لا إثم عليه. قلت: وهو الحق، وكيف
يؤثم الجاهل بالتحريم، والله أكرم3 من أن
يؤثمه مع جهله.
ـــــــ
1 14/589.
2 يريد حديث ابن مسعود: "إن أحدكم يجمع خلقه
في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل
ذلك" ... الحديث. أخرجه البخاري "3208"، ومسلم
"2643" "1".
3 في النسخ الخطية: "أكبر"، والمثبت من "ط".
(8/164)
كالأمة، نقله
الجماعة، لا في بيع وهبة ورهن ووقف ووصية بها
وعنه: يحد قاذفها، وعنه: إن كان لها ابن؛ لأنه
إنما أراده، كذا قال ابن عمر1.
وعنه: يكره بيعها، فقيل: لا تعتق بموته "م 2"
وهل هذا الخلاف شبهة؟
ـــــــ
والوجه الثاني: يأثم.
قلت: وهو ضعيف جدا، وإطلاق المصنف الخلاف فيه
نظر، ولعل وجه هذا الوجه أنه فرط في عدم
السؤال والعلم بذلك، والله أعلم.
مسألة – 2: قوله: "وعنه: يكره بيعها، فقيل: لا
تعتق بموته". انتهى.
قال في الفائق بعد ذكر الرواية: فتعتق بوفاة
سيدها من نصيب ولدها إن كان لها ولد، وبعضها
مع عدم سعته، ولو لم يكن لها ولد فكسائر
رقيقه. انتهى. وكذا قال الشيخ في المغني2
والشارح وابن رزين وغيرهم.
قال في الحاوي الصغير: إذا أولدها عتقت بموته
من كل ما له، إلا أن نقول: له بيعها، فلا تعتق
بموته. وقال في الرعايتين: إذا صارت أم ولده،
عتقت بموته من كل ما له، وقيل: إن جاز بيعها
لم تعتق، فظاهر هذه العبارة أن المقدم أنها
لا3 تعتق، ولو قلنا بجواز بيعها، وهو ظاهر
كلام جماعة، والقول الذي ذكره المصنف هو الذي
قاله الشيخ والشارح وابن رزين وصاحب الفائق
والحاوي، وهو القول المذكور في الرعايتين،
وهذه المسألة من جملة المسائل التي لم يذكر
فيها المصنف إلا قولا واحدا بهذه الصيغة.
ـــــــ
1 أخرج الدارقطني في "سننه" 4/131، عن ابن عمر
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع أمهات
الأولاد وقال: "لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن،
يستمتع بها سيدها ما دام حياً، فإذا مات، فهي
حرة".
2 14/584.
3 لست في "ح" و"ط".
(8/165)
فيه نزاع،
والأقوى شبهة، قاله شيخنا: وأنه ينبني عليه لو
وطئ معتقدا تحريمه هل يلحقه نسبه أو يرجم
المحصن؟ أما التعزير فواجب.
وقال ابن عقيل في فنونه: يجوز البيع؛ لأنه قول
علي وغيره، وإجماع التابعين لا يرفعه وحكاه
بعضهم إجماع الصحابة، وحكى ابن عبد البر وأبو
حامد الإسفراييني وأبو الوليد الباجي وابن
بطال والبغوي وغيرهم الإجماع على أنه لا يجوز.
وكلما جنت1 فداها سيدها بقيمتها يوم الفداء أو
دونها، وعنه بالأرش كله، كقن في رواية و2أنها
إن تكررت بعد الفداء تعلقت بذمتها، قدمه في
الترغيب، وتعتق بقتلها سيدها، ولوليه القود،
ويلزمها مع اختيار المال والقتل خطأ الأقل من
قيمتها أو ديته، وعنه: قيمتها، اختاره الخرقي.
وفي الروضة: في قتل الخطإ الدية على العاقلة؛
لأن عند آخر جزء مات من المقتول عتقت ووجب
الضمان.
ومن وطئ أمة بينه وبين آخر أدب، قال شيخنا:
ويقدح في عدالته، ويلزمه نصف مهرها لشريكه،
ونقل حرب وغيره: إن كانت بكرا فقد نقص منها،
فعليه العقد، والثيب لم تنقص، وفيه اختلاف،
وإن أحبلها فهي أم ولده، وولده حر، ويلزمه نصف
قيمتها، وعنه: ونصف مهرها، وعنه: [و] قيمة
الولد، ثم إن وطئ شريكه فأحبلها لزمه مهرها،
وإن جهل إيلاد الأول أو أنها مستولدة له فولده
حر، ويفديهم يوم الولادة، وإلا فهم رقيق.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ط": "حنث".
2 ليست في "ط".
(8/166)
وقيل: إن كان
الأول معسرا لم يسر استيلاده، وهل ولده حر أو
نصفه؟ فيه وجهان "م 3" وتصير أم ولد لهما، من
مات منهما عتق نصيبه، وإن أعتقه وهو موسر عتق
نصيب شريكه، في الأصح، مضمونا، وقيل: مجانا.
وإن كاتبا أمتهما، ثم وطئاها فلها المهر على
كل منهما.
وإن ولدت من أحدهما فهي أم ولده1 ومكاتبة
ويلزمه لشريكه نصفها مكاتبا، ولها المهر، وفي
نصف قيمة الولد روايتان "م 4" وقيل: لشريكه
ـــــــ
مسألة – 3: قوله: فيما وطئ أحد الشريكين
وأولدها: "وقيل إن كان معسرا لم يسر استيلاده،
وهل ولده حر أو نصفه؟ فيه وجهان". انتهى.
وأطلقهما في المغني2 والشرح3.
أحدهما: الولد كله حر، وهو الصحيح. قلت: وهو
ظاهر كلام أكثر الأصحاب، ثم وجدت الزركشي قال
ذلك، قال ابن رزين في شرحه: وهذا أصح.
والوجه الثاني: نصفه حر لا غير، يعني إذا كان
الواطئ له نصفها.
مسألة – 4: قوله فيما إذا كاتبا أمتهما فوطئها
أحدهما وولدت منه:
"فهي أم ولده ومكاتبة ويلزمه لشريكه نصفها
مكاتبا، ولها المهر، وفي نصف قيمة الولد
روايتان". انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمقنع4 والمحرر وغيرهم:
إحداهما: يغرم نصف قيمة الولد، قال القاضي:
هذه الرواية أصح في المذهب، وصححه في التصحيح
والنظم، وجزم به في الوجيز، وهو الصواب.
ـــــــ
1 في الأصل و"ط": "ولد".
2 14/ 497.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/461.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/279.
(8/167)
نصف قيمتها قنا
ونصف مهرها، وتكون أم ولد له ونصفها مكاتب.
وقال القاضي: لا يسري استيلاد أحدهما إلا أن
يعجز فيقوم على الموسر نصيب شريكه، وإلا فلا.
وإن ولدت وألحق بهما فأم ولد لهما وكتابتها
بحالها. وإن وطئ حر أو والده أمة لأهل غنيمة
هو منهم أو لمكاتبه فالمهر؛ فإن أحبلها فأم
ولده وولده حر، ويلزمه قيمتها، وعنه: ومهرها،
وعنه وقيمة الولد، وكذا الأب يولد جارية ولده.
وذكر جماعة هنا: لا يثبت له في ذمته شيء، وهو
ظاهر قوله، ويعزر في الأصح، وقيل: إن لم تحبل،
وعنه: يحد، قال جماعة: ما لم ينو، تملكه.
وإن كان ابنه وطئها لم تصر أم ولد، في
المنصوص، وفي الحد روايتان "م 5" ويحد على
الأصح بوطئه أمة أبيه وأمه عالما تحريمه،
ـــــــ
والرواية الثانية: لا يغرم شيئا، قدمه في
المغني1 والشرح2 والرعايتين والحاوي الصغير
والفائق، وشرح ابن رزين، وقال: هذا المذهب،
كذا قال، وقيل: إن وضعته قبل التقويم غرم نصف
قيمته وإلا فلا شيء عليه، اختاره أبو بكر.
مسألة – 5: قوله: "وإن كان ابنه وطئها لم تصر
أم ولد، في المنصوص" يعني إذا أولد أمة ابنه
بعد وطء ابنه "وفي الحد روايتان". انتهى.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى في باب الهبة
وقال: 3كحد وطء3 ذات رحم محرم4 بملك اليمين،
وقدم فيه أنه يحد.
ـــــــ
1 14/497.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/279.
3 في "ط": "يحد واطئ".
4 ليست في "ط".
(8/168)
ولا يلحقه ولد،
نقله حنبل وغيره، وظاهر نقل الميموني: يلحقه.
ونقل عبد الله: إذا دفع إليه مالا يعمل به
فاشترى به أمة فأعتقها وتزوجها وأولدها مضى
عتقه ويرجع عليه بالمال ويلحقه الولد.
وإن وطئ أمته الحامل من غيره حرم بيع الولد
ويعتقه، نقله صالح وغيره، ونقل الأثرم ومحمد
بن حبيب: يعتق عليه، وجزم به في الروضة، قال
شيخنا: يستحب، وفي وجوبه خلاف في مذهب أحمد
وغيره. وقال1 أيضا: يعتق وأنه يحكم بإسلامه،
وهو يسري كالعتق، ولا يثبت نسبه.
ونقل ابن منصور: إذا تزوج بكرا فدخل بها فإذا
هي حبلى، قال
ـــــــ
إحداهما: لا حد عليه، اختاره أبو بكر في
التنبيه، نقله في المستوعب.
قلت: وهو ظاهر ما قطع به كثير من الأصحاب في
باب حد الزنا حيث قالوا لا حد عليه، ولم
يفرقوا بين ما إذا كون2 الابن، يطأها أم لا،
منهم الشيخ في المغني3 والكافي4 والمقنع5
وصاحب المحرر والوجيز وغيرهم.
والرواية الثانية: عليه الحد، قال المستوعب:
حكمه حكم 6 وطء أمته، أو أمه من الرضاعة بملك
اليمين، وقدم فيهما أنه يحد. قال في "الرعاية
الكبرى" في كتاب الحدود: ومن6 وطئ أمة ابنه
ولم ينو تملكها به، ولم يكن ابنه وطئها، وقيل:
أو كان عزر، وإن كان الابن وطئها حد الأب مع
علمه به. انتهى.
ـــــــ
1 بعدها في الأصل: "القاضي".
2 في "ط": "زكاة".
3 14/594.
4 4/206.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/433.
6 ليست في "ط".
(8/169)
النبي صلى الله
عليه وسلم: "لها الصداق بما استحللت منها
والولد عبد لك فإذا ولدت فاجلدوها ولها الصداق
ولا حد لعلها استكرهت" حديث أبي موسى1.
وقال أبو داود في سننه2: باب الرجل يتزوج
المرأة فيجدها حبلى: حدثنا مخلد بن خالد
والحسن بن علي ومحمد بن أبي السري المعني
قالوا: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا ابن جريج عن
صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن رجل من
الأنصار - قال ابن أبي السري: من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم، ولم يقل من الأنصار، ثم
اتفقوا - يقال له بصرة3، قال: تزوجت امرأة
بكرا في سترها، فدخلت عليها فإذا هي حبلى،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لها الصداق
بما استحللت من فرجها والولد عبد لك فإذا
ولدت" ، قال الحسن: "فاجلدها"، وقال ابن أبي
السري. "فاجلدوها"، أو قال: "فحدوها".
قال أبو داود: روى هذا الحديث قتادة عن سعيد
بن يزيد عن ابن
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 لم نقف عليه من حديث أبي موسى.
2 برقم "2131".
3 هو: بصرة بن أكثم الأنصاري الخزاعي، له حديث
في النكاح. "الإصابة" 1/267.
(8/170)
المسيب، ورواه
يحيى بن أبي كثير عن يزيد بن نعيم عن سعيد بن
المسيب، وعطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب
أرسلوه. 1 عن النبي صلى الله عليه وسلم2.
وفي حديث يحيى بن أبي كثير أن بصرة بن أكثم
نكح امرأة، وكلهم قال في حديثه: جعل الولد
عبدا له. حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عثمان
بن عمر، حدثنا علي يعني ابن المبارك، عن يحيى،
عن يزيد بن نعيم، عن سعيد بن المسيب، أن رجلا
يقال له بصرة نكح امرأة، فذكر معناه، وزاد:
وفرق بينهما، وحديث ابن جريج أتم.
قال الخطابي: لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به،
وهو مرسل، كذا قال. وفي الهدى: قيل: لما كان
ولد زنا وقد غرته من نفسها وغرم صداقها أخدمه
ولدها وجعله له كالعبد، وهذا محتمل، ويحتمل
أنه أرقه عقوبة لأمه على زناها وغرورها، ويكون
خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم 2وبذلك الولد2
ويحتمل أنه منسوخ، وقيل: كان في أول الإسلام
يسترق الحر في الدين. انتهى كلامه.
وقيل: بصرة رجل مجهول، وقال ابن حزم لا يصح في
تحريم وطء الحامل خبر غير خبر أبي الدرداء 3.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية: وفي "ط": "وبذلك
العهد" والمثبت من "زاد المعاد" 5/105.
3 أخرجه مسلم "1441" "139" عنه، عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه أتي بامرأة مجح على باب
فسطاط، فقال: "لعله يريد أن يلم بها؟" فقالوا:
نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد
هممت أن ألعنه لعناً يدخل معه قبره؛ كيف يورثه
وهو لا يحل له؟ كيف يستخدمه وهو لا يحل له؟".
ومجح: الحامل التي قربت ولادتها. "القاموس":
"جح".
(8/171)
ومن أقر بولد
أمته أنه ابنه، ولم يقل ولدته في ملكه ومات
فقيل: تصير أم ولد، وقيل: لا "م 6" فعليه
الولاء، وفيه نظر، قاله في المنتخب.
ومن قال يدك أم ولدي، أو لولدها: يدك ابني،
صح، ذكره في الانتصار في طلاق جزء، والله
أعلم.
ـــــــ
مسألة -6: قوله: "ومن أقر بولد أمته أنه ابنه
ولم يقل ولدته في ملكه ومات، فقيل: تصير أم
ولد، وقيل: لا". انتهى.
وأطلقهما في المحرر والفائق والنظم وغيرهم
هنا، وأطلقهما في المغني1 والمقنع2 والشرح2،
وشرح ابن منجى. وغيرهم في كتاب الإقرار، وهما
احتمالان في الهداية والمذهب:
أحدهما: تصير أم ولد، قدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير، وصححه أيضا في الرعاية الكبرى
آخر الباب وإدراك الغاية.
والقول الثاني: لا تصير أم ولد، صححه في
التصحيح والنظم، وبه قطع في الوجيز في كتاب
الإقرار.
فهذه ست مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 14/591.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/425.
(8/172)
|