الفروع و معه تصحيح الفروع

كتاب النكاح
مدخل
*
...
كتاب النكاح
وهو حقيقة في العقد، جزم به الحلواني وأبو يعلى الصغير واختاره الشيخ، واختار القاضي في شرح الخرقي وأحكام القرآن وعيون المسائل والانتصار، في الوطء، والأشهر مشترك، وقيل: حقيقة فيهما.
وقال شيخنا: في الإثبات لهما، وفي النهي لكل منهما، بناء على أنه إذا نهي عن شيء نهي عن بعضه، والأمر به أمر بكله، في الكتاب والسنة والكلام.
والمعقود عليه المنفعة، كالإجارة، لا في حكم العين. "هـ" وفيها قال أبو الوفاء: ما ذكروه من مالية الأعيان ودعواهم أن الأعيان مملوكة؛ لأجلها1 يحتمل المنع؛ لأن الأعيان لله، وإنما تملك التصرفات، ولو سلم في الأطعمة والأشربة فلملكه إتلافها، ولا ضمان، بخلاف ملك النكاح.
يلزم من خاف الزنا. ويتوجه: من علم وقوعه بتركه، وعنه: وذا الشهوة، اختاره أبو بكر وأبو حفص البرمكي وابن أبي موسى. والمنصوص: حتى لفقير.
وجزم في النظم: لا يتزوج فقير إلا ضرورة، وكذا قيدها ابن رزين بالموسر، ونقل صالح: يقترض ويتزوج. وقال شيخنا: فيه نزاع في مذهب
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "لا جهلها".

(8/175)


أحمد وغيره، ولا يكتفي بمرة. وفي المذهب وغيره: بلى لرجل وامرأة، نقل ابن الحكم: المتبتل الذي لم يتزوج قط، وجزم به في آداب عيون المسائل، قال: على رواية وجوبه.
وفي الاكتفاء بعقد استغناء بالباعث الطبيعي، بخلاف أكل مضطر. وجهان في الواضح "م 1".
قال أبو الحسين: وفي الاكتفاء بتسر وجهان "م 2" قال أحمد: إن خاف العنت أمرته يتزوج، وإن أمره والداه أمرته يتزوج، والذي يحلف
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "وفي الاكتفاء بعقد استغناء بالباعث الطبيعي... وجهان في الواضح". انتهى. وأطلقهما في الفائق.
قال ابن عقيل في المفردات: قياس المذهب عندي يقتضي إيجابه شرعا، كما يجب على المضطر تملك الطعام والشراب وتناولهما، قال ابن خطيب السلامية في نكته على المحرر: وحيث قلنا بالوجوب فالواجب هو العقد، وأما نفس الاستمتاع فقال القاضي: لا يجب، بل يكتفى فيه بداعية الوطء، وحيث أوجبنا الوطء فإنما هو لإيفاء حق الزوجة لا غير. انتهى. قلت: إيجاب العقد فقط قريب من العبث، بل الواجب العقد والاستمتاع في الجملة؛ لأنه موضوع النكاح، لا لمجرد العقد.
مسألة – 2: قوله: "قال أبو الحسين: وفي الاكتفاء بتسر وجهان". انتهى.
وأطلقهما في الفائق، قال: الزركشي: وهل يندفع بالتسري؟ فيه وجهان، قال ابن أبي المجد في مصنفه: ويجزئ عنه التسري، في الأصح، قال في القواعد الأصولية: والذي يظهر الاكتفاء. انتهى. وهو الصواب.

(8/176)


بالطلاق لا يتزوج أبدا إن أمره أبوه تزوج، قال شيخنا: وليس لهما إلزامه بنكاح من لا يريدها، 1 فلا يكون عاقاً، كأكل ملا يريد1.
وفي استحبابه لغيرهما روايتان "م 3" وقيل: يكره، وحكي عنه: يلزم، وهو وجه في الترغيب.
ولا يلزم نكاح أمة، قال القاضي وجماعة منهم ابن الجوزي والشيخ: يباح والصبر عنه أولى، للآية2. وفي الفصول: في وجوبه الخلاف،
ـــــــ
وقال ابن خطيب السلامية: فيه احتمالان ذكرهما ابن عقيل في المفردات، وابن الزاغوني، ثم قال: ويشهد لسقوط النكاح قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]. انتهى. وقال بعض الأصحاب: الأظهر أن الوجوب سقط مع خوف العنت، وإن لم يسقط مع غيره. انتهى3.
مسألة – 3: قوله: "وفي استحبابه لغيرهما روايتان". انتهى. يعني لغير من خاف العنت، وصاحب الشهوة يدخل فيه العنين ومن ذهبت شهوته لكبر أو مرض ونحوه:
إحداهما لا يستحب بل يباح في حقهم، وهو الصحيح، اختاره ابن بطة والقاضي في المجرد في باب النكاح، وابن عقيل في التذكرة، وابن البنا وغيرهم، وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن رزين وتجريد العناية وغيرهم، وبه قطع ابن البنا في خصاله، والآدمي في منتخبه ومنوره.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 هي قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25].
3 بعدها في "ط": "وقال ابن نصر الله في حواشي الزركشي": أصحهما لا يندفع؛ لقوله عليه السلام "فليتزوج" فأمر بالتزوج نفسه. انتهى.

(8/177)


وأوجبه أبو يعلى الصغير، وأن المخالف استحبه، فلهذا جوابه عن الآية: ما لم يقل به صار كالمسكوت عنه، ونفله مقدم على نفل العبادة، على الأصح "ش" 1قال: وإطلاق الأمر بالصوم يقتضي الوجوب لولا الإجماع1.
وذكر أبو الفتح بن المهنا أن النكاح فرض كفاية، فكان الاشتغال به أولى، كالجهاد، وكان القياس يقتضي وجوبه على الأعيان، تركناه للحرج والمشقة، ومنع أنه ليس بعبادة؛ لأن العبادة تتلقى من الشرع، وقد أمر به، وإنما صح من الكافر؛ لما فيه من عمارة الدنيا، كعمارة المساجد والقناطر، وكذا العتق يصح من المسلم عبادة، ومن الكافر وليس بعبادة.
وقيل له: لا يكون الاشتغال به أولى من العبادة كالتسري، فقال: التسري لم يوضع للنكاح، كذا قال.
ـــــــ
والرواية الثانية: يستحب، اختاره القاضي في المجرد في باب الطلاق والخصال له، وابن عبدوس في تذكرته، وبه قطع في البلغة وغيره، وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة والمقنع2 والوجيز وغيرهم، وهو ضعيف، لا سيما في هذه الأزمنة، وأطلقهما في المغني3 والكافي4 والشرح5 والمستوعب وشرح ابن منجى والفائق وغيرهم.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/14.
3 9/341.
4 4/213.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/14.

(8/178)


وله النكاح بدار حرب ضرورة وبدونها وجهان وكرهه أحمد، وقال: لا يتزوج ولا يتسر إلا أن يخاف على نفسه، قال: ولا يطلب الولد، ونقل ابن هانئ: لا يتزوج ولو خاف "م 4"، يجب عزله إن حرم نكاحه بلا ضرورة، وإلا استحب، ذكره في الفصول.
ويستحب نكاح دينة ولود بكر حسيبة جميلة أجنبية، قيل: واحدة، وقيل: عكسه، كما لو لم تعفه، وهو ظاهر نصه "م 5" فإنه قال:
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: "وله النكاح بدار حرب ضرورة وبدونها وجهان، وكرهه أحمد وقال: لا يتزوج ولا يتسرى إلا أن يخاف على نفسه، وقال: ولا يطلب الولد، ونقل ابن هانئ: لا يتزوج ولو خاف". انتهى.
أحدهما: ليس له ذلك، قال ابن خطيب السلامية في نكته: ليس له النكاح سواء كان به ضرورة أم لا. وقال في المغني1 في آخر الجهاد: وأما الأسير فظاهر كلام الإمام أحمد لا يحل له التزوج ما دام أسيرا، وأما الذي يدخل إليهم بأمان كالتاجر ونحوه فلا ينبغي له التزوج، فإن غلبت عليه الشهوة أبيح له نكاح مسلمة وليعزل عنها ولا يتزوج منهم. انتهى. قال الزركشي: فعلى تعليل أحمد لا يتزوج إلا مسلمة، ونص عليه في رواية حنبل، ولا يطأ زوجته إن كانت معه، ونص عليه في رواية الأثرم وغيره، وعلى مقتضى تعليله له أن يتزوج آيسة أو صغيرة، فإنه علل وقال، من أجل الولد لئلا يستعبد.
والوجه الثاني يباح له النكاح مع عدم الضرورة.
مسألة – 5: قوله: "ويستحب نكاح دينة ولود بكر حسيبة جميلة... قيل: واحدة، وقيل: عكسه... وهو ظاهر نصه". انتهى. القول الأول هو الصحيح عند
ـــــــ
1 13/148.

(8/179)


يقترض ويتزوج، ليته إذا تزوج ثنتين يفلت، وهو ظاهر كلام ابن عقيل في مناظراته لفعله صلى الله عليه وسلم.
وقصد به النسل؛ لقوله: "تناكحوا تناسلوا" 1؛ وأراد أحمد أن يتزوج أو يتسرى فقال: يكون لهما لحم.
قال ابن عبد البر: كان يقال: لو قيل للشحم أين تذهب ؟ لقال: أقوم العوج، وكان يقال: من تزوج امرأة فليستجد شعرها، فإن الشعر وجه، فتخيروا أحد2 الوجهين، وكان يقال: النساء لعب3. وقال ابن الجوزي: ينبغي أن يتخير ما4 يليق بمقصوده، ولا يحتاج أن يذكر له ما يصلح للمحبة، فقد قال الشاعر:
حسن في كل عين ما تود
إلا أنه ينبغي في الجملة أن يتخير البكر من بيت معروف بالدين والقناعة. وأحسن ما تكون المرأة بنت أربع عشرة سنة إلى العشرين، ويتم نشو5 المرأة إلى الثلاثين، ثم تقف إلى الأربعين، ثم تنزل.
ـــــــ
أكثر الأصحاب، قال ابن خطيب السلامية: جمهور الأصحاب استحبوا أن لا يزيد على واحدة. انتهى. وبه قطع في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم، قال في الهداية والمستوعب
ـــــــ
1 رواه عبد الرزاق في "المصنف" "10391".
2 في الأصل: "أجد".
3 رواه الحارث بن أبي أسامة مرفوعاً، كما في "بغية الباحث عن زوائد الحارث" ص 159.
4 في الأصل: "بما".
5 في "ط": "نسو".

(8/180)


ولا يصلح من الثيب من قد طال لبثها مع رجل.
وأحسن النساء التركيات، وأصلحهن الجلب التي لم تعرف أحدا، وليعزل عن المملوكة إلى أن يتيقن جودة دينها وقوة ميلها إليه، وليحذر العاقل إطلاق البصر، فإن العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه، وربما وقع من ذلك العشق فيهلك البدن والدين، فمن ابتلي بشيء منه فليتفكر في عيوب النساء.
قال ابن مسعود: إذا أعجبت أحدكم امرأة فليذكر مناتنها1، وما عيب نساء الدنيا بأعجب من قوله عز وجل {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25]وإياك والاستكثار من النساء فإنه 2 يسبب الهم2.
ومن التغفيل أن يتزوج الشيخ صبية.
وأصلح ما يفعله الرجل أن يمنع المرأة من المخالطة للنساء، فإنهن يفسدنها عليه، وأن لا يدخل بيته مراهق ولا يأذن لها في الخروج.
لا حمقاء.
ـــــــ
وإدراك الغاية والفائق وغيرهم: والأولى أن لا يزيد على نكاح واحدة، 3قال الناظم: واحدة أقرب إلى العدل3. في تجريد العناية: هذا أشهر. انتهى. والقول الثاني ظاهر كلام الإمام أحمد، فإنه قال: يقترض ويتزوج، ليته إذا تزوج اثنتين يفلت. قال ابن رزين في نهايته: يستحب أن يزيد على واحدة. انتهى. وهو ظاهر كلام ابن
ـــــــ
1 في "ر": "مثانتها". رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 4/321، عن إبراهيم النخعي وفيه: "يذكر منايتها".
2 في "ر": "يشتت الهم"، وفي "ط": "يشتت الشمل ويكثر الهم".
3 ليست في "ط".

(8/181)


وله - جزم جماعة أنه يستحب - قبل الخطبة نظر ما يظهر غالبا، كرقبة وقدم، وقيل: ورأس وساق، وعنه: وجه فقط، وعنه: وكف. وقال أبو بكر: حاسرة، وله تكراره وتأمل المحاسن بلا إذن.
وينظر من أمة مستامة رأسا وساقا، وعنه: سوى عورة الصلاة وقيل: كمخطوبة، نقل حنبل: لا بأس أن يقلبها إذا أراد الشراء، من فوق الثوب؛ لأنها لا حرمة لها. قال القاضي: أجاز1 تقليب الصدر والظهر بمعنى لمسه من فوق الثياب.
وروى أبو حفص بإسناده: أن ابن عمر كان يضع يده بين ثدييها وعلى عجزها من فوق الثياب، ويكشف عن ساقها2، وكذا ذات محرم، وهي إليه، وكذا عبدها. وقال جماعة: وجها وكفا، ومثله غير ذي إربة.
وعنه: المنع فيهما، نقله في العبد ابن هانئ. وظاهر كلامهم: لا ينظر عبد مشترك ولا ينظر الرجل مشتركة؛ لعموم منع النظر إلا من عبدها وأمته، وقد عللوا منع النكاح بأنه لا يثبت الحل فيما لا يملكه. وقالوا أيضا: ما حرم الوطء حرم دواعيه، يؤيده المعتق بعضه والمعتق بعضها. وقيل: ممسوح وخصي كمحرم، ونصه: لا. وفي الانتصار الخصي يكسر
ـــــــ
عقيل في مناظراته، كما قال المصنف. قلت: وهو الصواب إن كان قادرا على كلفة ذلك مع توقان النفس إليه، ولم يترتب عليه مفسدة أعظم من فعله، والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/289، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/329.

(8/182)


النشاط، ولهذا يؤتمن على الحريم.
وللشاهد نظر وجه المشهود عليها، وكذا لمن يعاملها، ونصه: وكفيها. وفي مختصر ابن رزين أنهما ينظران ما يظهر غالبا، ونقل حرب ومحمد بن أبي حرب في البائع ينظر كفيها ووجهها: إن كانت عجوزا رجوت، وإن كانت شابة تشتهى أكره ذلك.
وللطبيب1 النظر للحاجة ولمسه. وفي الفروع أنه يجوز أن يستطب ذميا إذا لم يجد غيره، على احتمال. وقال صاحب النظم: لا يجوز ذلك، في أحد الوجهين، وكرهه أحمد، ونهى عن أخذ دواء من كافر لا يعرف مفرداته، قال القاضي: لأنه لا يؤمن أن يخلطوه سما أو نجسا، وأنه إنما يرجع إليه في دواء مباح؛ لأنه إن لم يوافق فلا حرج، وكرهه في الرعاية، وأن يستطبه بلا ضرورة.
سأله المروذي2: عن الكحال يخلو بالمرأة وقد انصرف من عنده: هل هي منهي عنها ؟ قال: أليس هي على ظهر الطريق ؟ قيل: نعم، قال: إنما الخلوة في البيوت.
ومن يلي خدمة مريض ومريضة في وضوء واستنجاء وغيرهما كطبيب، نص عليه.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأًصل: "للتطبيب".
2 بعدها في "ط": "عن".

(8/183)


قال أحمد في الشك في بلوغها: ينظر إليها من ينظر إلى الرجل: قد تساهلوا في أكثر من ذا، أرأيت إن كان بها شيء يريد علاجا ؟ ولحالق لمن لا يحسن حلق عانته، نص عليه، وقاله أبو الوفاء وأبو يعلى الصغير.
ولمميز بلا شهوة نظر غير ما بين سرة وركبة، وذو الشهوة كمحرم، وعنه: كأجنبي، ومثله ابنة تسع، وذكر أبو بكر قول أحمد في رواية عبد الله رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم "إذا بلغت الحيض فلا تكشف إلا وجهها ويدها "1 .
ونقل جعفر في الرجل عنده الأرملة واليتيمة: لا ينظر، وأنه لا بأس بنظر الوجه بلا شهوة.
وللمرأة مع امرأة ورجل مع رجل ولو أمرد نظر غير العورة، وعنه: منع كافرة من مسلمة مما لا يظهر غالبا، وعنه: كأجنبي، وتقبلها2
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 رواه أبو داود "4140" عن عائشة ولفظه: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه.
2 أي: تكون لها قابلة، قبلت القابلة الولد: تلقته عند خروجه قبالة. "المصباح": "قبل".

(8/184)


لضرورة، وكذا امرأة مع رجل، أطلقه أصحابنا، ونقل الأثرم: يحرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قال في الفنون: قال أبو بكر: لا تختلف الرواية في أنه لا يجوز لهن، ويؤيد الأول أن الإمام أحمد لم يجب بالتخصيص في الأخبار التي في المسألة. وقال في الروايتين: يجوز لهن، رواية واحدة؛ لأنهن في حكم الأمهات في الحرمة والتحريم، فجاز مفارقتهن بقية النساء في هذا القدر.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/185)


وفي مسائل الأثرم أنه قال لأبي عبد الله: حديث نبهان1 عندك لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث فاطمة2 لسائر الناس؟ فقال: نعم، أو أظهر استحسانه ولم يقل نعم، وقد قال بعض الفقهاء: فرض الحجاب مختص بهن، فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، لا يجوز كشفهما لشهادة ولا غيرها، ولا يجوز إظهار شخوصهن ولو مستترات إلا لضرورة البراز.
وجوز جماعة - وذكره شيخنا رواية - نظر رجل من حرة ما ليس بعورة صلاة، والمذهب: لا، نقل أبو طالب: ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت فلا يبين منها شيء ولا خفها، فإن الخف يصف القدم، وأحب إلى أن تجعل لكمها زرا عند يدها لا يبين منها شيء. ويجوز غير عورة صلاة من أمة ومن لا تشتهى.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 رواه أبو داود "4112" والترمذي "2778" عن نبهان مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه... فقال صلى الله عليه وسلم: "احتجبا منه" ، فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟".
2 رواه مسلم "2942" "119" عن فاطمة بنت قيس، في قصة طويلة.

(8/186)


وفي تحريم تكرار نظر وجه مستحسن وجهان "م 6" وذكر الشيخ ينظر من أمة ومن لا تشتهى ما يظهر غالبا.
ونقل حنبل: إن لم تختمر الأمة فلا بأس، وقيل: الأمة والقبيحة كالحرة والجميلة، نقل المروذي: لا ينظر إلى المملوكة، كم من نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل، ونقل ابن منصور: لا تنتقب الأمة، ونقل أيضا: تنتقب الجميلة، وكذا نقل ابن حامد الخفاف، قال القاضي: يمكن حمل ما أطلقه على ما قيده.
ويحرم النظر بشهوة، ومن استحله كفر "ع" قاله شيخنا ونصه: [وخوفها] واختاره شيخنا، وذكر قول جمهور العلماء في الأمرد إلى الكل، فعلى الأول في كراهته إلى أمرد وجهان في الترغيب وغيره "م 7" وحرم
ـــــــ
مسألة – 6: قوله: "وفي تحريم تكرار نظر وجه مستحسن وجهان". انتهى.
أحدهما: يحرم، وهو الصواب، وتكرار النظر يدل على أمر زائد، ويأتي كلام ابن عقيل والشيخ تقي الدين قريبا.
والوجه الثاني، لا يحرم، وهو ظاهر كلام جماعة، وهو بعيد.
مسألة – 7: قوله: "ويحرم النظر بشهوة... ونصه: مع خوفها... فعلى الأول:

(8/187)


ابن عقيل - وهو ظاهر كلام غيره - النظر مع شهوة تخنيث وسحاق ودابة يشتهيها ولا يعف عنها، وكذا الخلوة.
ولأحد الزوجين نظر كل صاحبه ولمسه، كدون سبع، نص عليه، واعتبر ابن عقيل فيه الشهوة عادة.
ونقل الأثرم في الرجل يضع الصغيرة في حجره ويقبلها: إن لم يجد شهوة فلا بأس، وتقدم في الجنائز1 تغسيل غير بالغ.
ـــــــ
في كراهته إلى أمرد وجهان في الترغيب وغيره. انتهى. ومراده إن كان لغير شهوة.
واعلم أن النظر إلى الأمرد بغير شهوة على قسمين:
الأول: أن يأمن ثوران الشهوة، فهذا يجوز له النظر من غير كراهة، على الصحيح، وعليه الأكثر، وبه قطع في البداية والمذهب والمستوعب والمقنع2 وغيرهم، وقال أبو حكيم وغيره: ولكن تركه أولى، صرح به ابن عقيل، قلت: وهو مراد غيره. قال ابن عقيل: وأما تكرار النظر فمكروه. وقال أيضا في كتاب القضاء: تكرار النظر إلى الأمرد محرم؛ لأنه لا يمكن بغير شهوة.
قال الشيخ تقي الدين: ومن كرر النظر إلى الأمرد أو داومه، وقال لا أنظر لشهوة فقد كذب في ذلك. وقال القاضي: نظر الرجل إلى وجه الأمرد مكروه. وقال ابن البنا في خصاله: النظر إلى الغلام الأمرد الجميل مكروه، نص عليه، وكذا قال أبو الحسين.
القسم الثاني: أن يخاف من النظر ثوران الشهوة، فقال الحلواني: يكره، وهل يحرم ؟ على وجهين، وحكى صاحب الترغيب ثلاثة أوجه:
أحدهما: يحرم، وهو الصحيح، وهو مفهوم كلامه في المحرر، فإنه قال: يجوز
ـــــــ
1 3/ 282.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/57.

(8/188)


وقيل: يكره للزوجين نظر فرج "و ش" وقيل: عند وطء، قال ابن الجوزي: ولهذا ينفرد الأكابر بالنوم لتجدد ما لا يصلح فيه، ويتوجه خلافه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا يخالفه "فراش للزوج وفراش للمرأة وثالث للضيف ورابع للشيطان" 1 وكذا سيد مع سريته، ويحرم أن تتزين لمحرم غيرهما، ويتوجه: يكره، فإن زوجها2 نظر غير عورة. وفي الترغيب: كمحرم، ونقل حنبل: كأمة غيره. وفي الترغيب وغيره: يكره نظر
ـــــــ
لغير شهوة إذا أمن ثورانها، واختاره الشيخ تقي الدين فقال: أصح الوجهين لا يجوز، كما أن الراجح من مذهب الإمام أحمد أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز، وإن كانت الشهوة منتفية لكن يخاف ثورانها. وقال في المغني3 والشرح4 وشرح ابن رزين: إذا كان الأمرد جميلا يخاف الفتنة بالنظر إليه لم يجز تعمد النظر إليه. قال المصنف هنا: ونصه يحرم النظر خوف الشهوة. انتهى.
والوجه الثاني: الكراهة، وهو الذي ذكره القاضي في الجامع، وجزم به في النظم.
والوجه الثالث: الإباحة، وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب، قلت: وهو ضعيف، وكذلك الذي قبله، والمنقول عن الإمام أحمد كراهة مجالسة الغلام الحسن الوجه. وقال في الرعاية الكبرى: ويحرم نظر الأمرد لشهوة، ويجوز بدونها مع أمنها، وقيل: وخوفها. وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والرعاية الصغرى والحاوي الصغير: وإن خاف ثورانها فوجهان.
ـــــــ
1 رواه مسلم "2084" "41"، عن جابر.
2 في "ر": "تزوجها".
3 9/504.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/47.

(8/189)


عورته. وفي المستوعب وغيره: يستحب أن لا يديمه وفي نهاية الأزجي: يعرض1 ببصره عنها؛ لأنه يدل على الدناءة2.
وليس صوت الأجنبية عورة، على الأصح، ويحرم التلذذ بسماعه ولو بقراءة.
واللمس قيل: كالنظر، وقيل: أولى، اختاره شيخنا "م 8".
وتحرم الخلوة لغير محرم للكل مطلقا، ولو بحيوان يشتهي المرأة أو تشتهيه، كالقرد، ذكره ابن عقيل وابن الجوزي وشيخنا وقال: الخلوة بأمرد حسن ومضاجعته كامرأة ولو لمصلحة تعليم وتأديب، والمقر موليه عند من يعاشره كذلك. وملعون ديوث، ومن عرف بمحبتهم أو معاشرة بينهم منع من تعليمهم.
ـــــــ
مسألة – 8: قوله: "واللمس، قيل: كالنظر، وقيل: أولى، واختاره شيخنا". انتهى.
القول الثاني: هو الصواب بلا شك، وقطع به في الرعايتين والحاوي الصغير، قال في المغني3 والشرح4 في التحريم بالنظر إلى الفرج لا ينشر الحرمة؛ لأن اللمس الذي هو أبلغ منه لا يؤثر. انتهى. والقول الأول لا أعلم من اختاره، وهو ضعيف بالنسبة إلى الأول في بعض الصور، ويحتمل الرجوع في ذلك إلى الناظر واللامس، إن كان التأثير بهما عنده سواء فهما كذلك، وإلا فاللمس
ـــــــ
1 في "ط": "يفض".
2 في "ط": "الديانة".
3 9/533.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/295.

(8/190)


وقال ابن الجوزي: كان السلف يقولون في الأمرد: هو أشد فتنة من العذارى، فإطلاق البصر من أعظم الفتن. وروى الحاكم في تاريخه عن ابن عيينة: حدثني عبد الله بن المبارك، وكان عاقلا، وعن أشياخ أهل الشام قال: من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولا لم ينج منها آخرا، وإن كان جاهداً1. قال ابن عقيل: الأمرد ينفق2 على الرجال والنساء، فهو شبكة الشيطان في حق النوعين.
وكره الإمام أحمد مصافحة النساء، وشدد أيضا حتى لمحرم، وجوزه لوالد، ويتوجه: ولمحرم، وجوز أخذ يد عجوز. وفي الرعاية: وشوهاء، وسأله ابن منصور: يقبل ذوات المحارم منه؟ قال إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه منه، وذكر حديث خالد بن الوليد أنه صلى الله عليه وسلم قدم من غزو فقبل فاطمة رضي الله عنها3.
لكنه لا يفعله على الفم أبدا، الجبهة والرأس، ونقل حرب فيمن تضع يدها على بطن رجل لا تحل له قال: لا ينبغي إلا لضرورة، ونقل المروذي: تضع يدها على صدره ؟ قال: ضرورة.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 7/190.
2 ينفق: يروج ويرغب فيه، "اللسان": "نفق".
3 رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 4/408.

(8/191)


فصل يحرم تصريح أجنبي بخطبة معتدة؛ وله التعريض لغير مباحة برجعة .
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/191)


والمباحة بعقد إن كانت معتدة من غيره فروايتان وإلا حلا "م 9" وإجابتها كهو.
وفي الانتصار والمفردات: إن دلت حال على اقترانها كمتحابين قبل موت الزوج منعنا من تعريضه في العدة. والتعريض: إني في مثلك راغب، وتجيبه: ما يرغب عنك، ونحوهما.
ويحرم - وقيل: يكره - خطبته على خطبة مسلم لا كافر، كما لا ينصحه، نص عليهما، إن أجيب صريحا، ويصح العقد على الأصح
ـــــــ
مسألة – 9: قوله في التصريح بالخطبة: "والمباحة بعقد إن كانت معتدة من غيره فروايتان". انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني1 والمقنع2 والهادي والبلغة والشرح وشرح ابن منجى والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وتجريد العناية وغيرهم:
ـــــــ
1 9/573.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/69.

(8/192)


كالخطبة في العدة، ويتوجه فيه تخريج، وفي تعريض روايتان "م 10" فإن لم يعلم أجيب أم لا فوجهان "م 11" وظاهر نقل الميموني جوازه،
ـــــــ
إحداهما: يجوز، وهو الصحيح، وبه قطع في العمدة وغيره، وصححه في التصحيح وغيره، واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
والرواية الثانية: لا يجوز، جزم به في المنور ومنتخب الآدمي والوجيز وغيرهم، وقدمه في المحرر.
مسألة -10: قوله: "وتحريم خطبته على خطبة مسلم 1... إن أجيب صريحا... وفي تعريض وجهان". انتهى. وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والزركشي وغيرهم:
أحدهما: حكمه حكم ما لو أجيب صريحا، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي، وصححه الناظم، واختاره الشيخ في المغني2 والشارح، وجزم به في الوجيز، وهو الصواب.
والوجه الثاني: يجوز، وهو رواية عن أحمد، قال القاضي: ظاهر كلام الإمام أحمد إباحة خطبتها.
مسألة – 11: قوله: "فإن لم يعلم أجيب أم لا فوجهان". انتهى. يعني هل يجوز الإقدام على ذلك أم لا؟ وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و"ط": "أخيه"، والمثبت من "الفروع".
2 9/568.

(8/193)


فإن رد أو أذن جاز، وأشد تحريما من فرض له ولي الأمر على الصدقات أو غيرها ما يستحقه فنحى من يزاحمه، أو ينزعه منه، قاله شيخنا.
والتعويل في رده وإجابته إلى ولي المجبرة1. وفي المغني2: إن لم تكره وإلا فإليها. قال ابن الجوزي فيما رواه البخاري3 من قول عمر: " فلقيت عثمان فعرضت عليه حفصة " يدل على أن السعي من الأب للأيم في التزويج واختيار الأكفاء جائز غير مكروه، ويتوجه: بل يستحب.
ويستحب العقد يوم الجمعة مساء بخطبة ابن مسعود4 وكان الإمام أحمد إذا لم يسمعها انصرف، ويجزئ أن يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. وفي عيون المسائل: خطبة ابن مسعود بالآيات الثلاث المشهورة، ثم قال: إن الله أمر بالنكاح، ونهى عن السفاح، فقال مخبرا وآمرا: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32].
ـــــــ
والمقنع5 والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير، وشرح ابن منجى والفائق وتجريد العناية والزركشي وغيرهم:
أحدهما: يجوز، وهو الصحيح، وهو ظاهر ما نقله الميموني، وصححه في التصحيح، وبه قطع في الوجيز والمنور.
والوجه الثاني: لا يجوز، وهو ظاهر كلامه في العمدة.
ـــــــ
1 في "ر": "المجيزة".
2 9/569.
3 في صحيحه "5122".
4 رواه أبو داود [2118]، والترمذي [1105]، النسائي في "المجتبى" 6/89، وابن ماجه [1892]، من حديث عبد الله بن مسعود: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة... الحديث.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/72.

(8/194)


وفي الغنية: يوم الجمعة أو الخميس والمساء به أولى.
والخطبة قبل العقد، فإن أخرت جاز، وأنه يستحب أن يضيف إليها {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى منكم} [النور: 32] الآية، ولم يذكر فيها1: يجزئ التشهد، وقول: بارك الله لكما وعليكما، وجمع بينكما في خير وعافية. وعند زفها: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ط": "فيها".

(8/195)


فصل كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بأي عدد شاء، فيكون قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} الآية [الأحزاب: 50]. ناسخة. وفي الرعاية: إلى أن نزل: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] فتكون ناسخة.
وقال القاضي: ظاهر قوله: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} [الأحزاب: 50] الآية. يدل على أن من لم تهاجر معه من النساء لم تحل له. ويتوجه احتمال أنه شرط في قراباته في الآية لا الأجنبيات، فالأقوال ثلاثة، وذكر بعض العلماء نسخه، ولم يبينه. وكذا بلا ولي وشهود وزمن إحرام، وأطلق أبو الحسين وغيره وجهين، ومثله بلفظ الهبة، وجزم ابن الجوزي عن أحمد بجوازه له، وعنه: الوقف. وله بلا مهر، وجزم به ابن الجوزي عن العلماء فيه وفي ولي وشهود، وظاهر كلام جماعة: لا.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/195)


وهل وجب عليه السواك والأضحية والوتر ؟ فيه وجهان "م 12" وفي الفصول وغيره: وركعتا الفجر. وفي الرعاية: وجب عليه الضحى.
قال شيخنا: هذا غلط، والخبر "ثلاث هن علي فرائض"1 موضوع، ولم يكن يداوم2 على الضحى باتفاق العلماء بسنته.
ووجب عليه قيام الليل، وقيل: نسخ، وتخيير نسائه بين فراقه والإقامة معه، وظاهر كلامهم: وجوب التسوية في القسم، كغيره. قال ابن الجوزي: وأكثر العلماء على أن قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51]، نزلت مبيحة ترك ذلك.
وفي المنتقى احتمالان. وفي الفنون والفصول القول الأول. وفي الرعاية: وإنكار المنكر إذا رآه وغيره في حال3، ومنع من الرمز4 بالعين والإشارة بها، وإذا لبس لأمة الحرب أن ينزعها حتى يلقى العدو.
ـــــــ
مسألة – 12: قوله في الخصائص: "وهل وجب عليه السواك والأضحية والوتر؟ فيه وجهان". انتهى. ذكر ثلاث مسائل أطلق فيها الخلاف:
أحدها: كان ذلك واجبا عليه، وهو الصحيح، وبه قطع ابن البنا في خصاله، وصاحب المستوعب والرعاية الكبرى والعدة للشيخ عبد الله كتيله، وقدمه في الفصول. قال الزركشي: وجوب السواك اختيار القاضي وابن عقيل.
ـــــــ
1 رواه أحمد في المسند "2050"، والحاكم في "المستدرك" 1/300، عن ابن عباس.
2 في الأصل: "يواظب".
3 أي: وغير النبي صلى الله عليه وسلم ينكر في حال دون حال، كما في "الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير" 20/90.
4 في "ط": "الغمز".

(8/196)


ووجدت في كتاب الهدي1 لبعض أصحابنا في هذا الزمان أن من لبس لأمة الحرب ونحو ذلك أنه يتعين عليه الجهاد ويلزمه، وأخذ ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم في قصة أحد لما أشير عليه بترك الحرب بعد أن لبس لأمة الحرب "ما ينبغي لنبي أن يلبس لأمة الحرب ثم ينزعها حتى ينجز الله بينه وبين عدوه" 2 وهذا يدل على اختصاصه بذلك؛ لأنه لو كان الحكم عاما لم يخص النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وهذا يوافق ظاهر الأدلة الشرعية في تعيين الجهاد في الأماكن الثلاثة خاصة. وكذا الخط والشعر وتعلمهما.
واختار ابن عقيل أنه صرف عن الشعر كما أعجز عن الكتابة، قال: ويحتمل أن يجتمع الصرف والمنع، وقوله "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" 3 وغير هذا ليس بشعر؛ لأنه كلام موزون بلا قصد. واتفق أهل العروض والأدب على أن الشعر لا يكون شعرا إلا بالقصد، واختلفوا في الرجز هل هو شعر أم لا ؟
ومنع من نكاح الكتابية، كالأمة مطلقا. وعنه: لا، اختاره الشريف، وفي عيون المسائل: تباح له بملك اليمين مسلمة كانت أو مشركة، وسبق في الزكاة حكم الصدقة4. وقد أبيح له الوصال. وخمس الخمس، قال في
ـــــــ
والوجه الثاني: ليس بواجب عليه، اختاره ابن حامد، نقله عنه في الفصول وابن عبيدان، وأطلقهما في الرعاية الكبرى في السواك في بابه.
ـــــــ
1 "زاد المعاد" 3/189.
2 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/41 عن ابن عباس.
3 رواه البخاري "2864"، ومسلم "1776" "78"، من حديث البراء بن عازب.
4 4/366.

(8/197)


المغني1: وإن لم يحضر، وصفي المغنم، ودخول مكة محلا ساعة. وجعل تركته صدقة، وظاهر كلامهم: لا يمنع من الإرث، وفي رد شيخنا على الرافضي2 أن آية المواريث3 لم تشمله، واحتج بالسياق قبلها وبعدها، فقيل له: فلو مات أحد من أولاد النبي صلى الله عليه وسلم ورثه كما ماتت بناته الثلاث في حياته ومات ابنه إبراهيم ؟ فقال: الخطاب في الآية للموروث دون الوارث، فلا يلزم إذا دخل أولاده في كاف الخطاب؛ لكونهم مورثين أن يدخلوا إذا كانوا وارثين، فقيل له: ففي آية الزوجين قال: {وَلَكُمْ} {وَلَهُنَّ} [النساء: 12]؟ فقال: لم تمت إلا خديجة بمكة قبل نزولها وزينب الهلالية بالمدينة، ومن أين يعلم أنها كانت نزلت، وأنها خلفت مالا ؟ ثم لا يلزم من شمول أحد الكافين له شمول الأخرى.
وفي عيون المسائل في وصية من لا وارث له بماله في قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه" 4 قال: الخبر متروك الظاهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرث ولا يعقل بالإجماع، فثبت أن معناه أنه يأخذ المال أخذ الوارث إذا خلا المال عن الاستحقاق، والموصى له مستحق للمال، فما خلا.
وأخذ الماء من العطشان. ويلزم كل أحد أن يقيه بنفسه وماله، فله طلب ذلك، وحرم على غيره نكاح زوجاته فقط.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 9/290.
2 في "منهاج السنة" 2/160.
3 وهي قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ...} [النساء: 11].
4 رواه أبو داود "2899"، وابن ماجه "2738"، عن المقداد بن أبي كريمة.

(8/198)


وجوز ابن حامد وغيره نكاح من فارقها في حياته. وهن أزواجه دنيا وأخرى، وهن أمهات المؤمنين - بمعنى في حكم الأمهات - في تحريم النكاح، ولا يتعدى ذلك إلى قرابتهن "ع". والنجس منا طاهر منه، ذكره في الفنون وغيره. وفي النهاية وغيرها: لا.
وساوى الأنبياء في معجزاتهم، وانفرد بالقرآن والغنائم، وجعلت له الأرض مسجدا وترابها طهورا، والنصر بالرعب مسيرة شهر، وبعث إلى الناس كافة، وكل نبي إلى قومه، ومعجزته باقية إلى يوم القيامة، وانقطعت معجزات الأنبياء بموتهم.
وتنام عيناه لا قلبه، فلا نقض بالنوم مضطجعا، ويرى من خلفه كأمامه صلى الله عليه وسلم. قال الإمام أحمد وجمهور العلماء: هذه الرؤية رؤية بالعين حقيقة.
ذكره القاضي عياض. وللبخاري1 من حديث أبي هريرة: "فوالله ما يخفى علي ركوعكم ولا خشوعكم" قال أحمد في رواية أبي داود عن قول أبي بكر: ما كانت لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلا إلا بإحدى ثلاث. والنبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يقتل.
روى أحمد وأبو داود والنسائي2 أن رجلا أغضب أبا بكر، فقال له أبو برزة: ألا أقتله ؟ فأذهبت كلمتي غضبه، فقال: أتفعل لو أمرتك ؟ قال: نعم، قال: لا والله، ما كان لبشر بعد النبي صلى الله عليه وسلم. إسناده جيد.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في صحيحه "418".
2 أحمد "54"، وأبو داود "4363"، النسائي في "المجتبى" 7/109.

(8/199)


والدفن في البنيان مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم. في الصحيحين1 عن عائشة رضي الله عنها: لئلا يتخذ قبره مسجدا. وقال جماعة: لوجهين:
أحدهما قوله: "يدفن الأنبياء حيث يموتون" 2. روى الإمام أحمد3 عن أبي بكر مرفوعا: "لم يقبر إلا حيث قبض".
والثاني: لئلا تمسه أيدي العصاة والمنافقين. قال أبو المعالي: وهو ظاهر كلام غيره. وزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم مستحبة للرجال والنساء.
وقال ابن الجوزي على قول أكثر المفسرين في قوله تعالى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6] لا تهد لتعطى أكثر: هذا الأدب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة وأنه لا إثم على أمته في ذلك، قال أحمد: خص النبي صلى الله عليه وسلم بواجبات ومحظورات ومباحات وكرامات.
وروى أبو داود4 من حديث عائشة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي بعد العصر ركعتين وينهى عنها، فلذا ذكر جماعة أنه خاص به، واختاره ابن عقيل في بقية الأوقات، ذكره ابن الجوزي في
ـــــــ
تنبيه: قوله في الخصائص: روي... عن أبي بكر مرفوعا: "لم يقبر إلا حيث قبض" ، انتهى. صوابه: "لم يقبر نبي" بزيادة "نبي".
فهذه اثنتا عشرة مسألة قد من الله تعالى بتصحيحها.
ـــــــ
1 البخاري "4441"، ومسلم "531" "32".
2 أخرجه الترمذي "1018" بنحوه عن أبي بكر.
3 في "مسنده" "27"، ولفظه: "لن يقبر نبي إلا حيث يموت".
4 في سننه "1273".

(8/200)


الناسخ، ولأحمد1 معناه من حديث أم سلمة.
وروى ابن عطية الخبرين، وأجاب بأنه كان خاصا به، وكذا أجاب القاضي وغيره. وقال أيضا: ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا بوجوب الركعتين، وجائز فعل الواجبات بعد العصر. ولأحمد ومسلم وأبي داود2 عن عبد الله بن عمرو أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالسا فوضع يده على رأسه، فقال: "ما لك يا عبد الله؟" قلت حدثت "أنك قلت صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم" قال: "أجل ولكني لست كأحد منكم" فيتوجه أنه خاص به "و ش"، وحمله على العذر لا يصح؛ لعدم الفرق، وظاهر كلامهم إن كان لنبي مال لزمته الزكاة، وقيل للقاضي: الزكاة طهرة والنبي مطهر، فقال: باطل بزكاة الفطر، ثم بالأنبياء صلوات الله عليهم لأنهم مطهرون، ولو كان لهم مال لزمتهم الزكاة.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في المسند "26515".
2 أحمد "6512"، مسلم "735" "120"، أبو داود "950".

(8/201)


باب أركان النكاح وشروطه
مدخل
...
باب أركان النكاح وشروطه
لا ينعقد إلا بإيجاب وقبول بلفظ زوجت أو أنكحت، وتزوجتها، أو قبلت هذا النكاح، أو رضيته، ولو هازلا وتلجئة1 ، وقيل وبكناية2 وذكر ابن عقيل عن بعضهم: أنه خرج صحته بكل لفظ
يقتضي3 التمليك، وخرجه هو في "عمد الأدلة" من جعله عتق أمته مهرها. وقال شيخنا: ينعقد بما عده الناس نكاحا بأي لغة ولفظ وفعل كان. وأن مثله كل عقد، وأن الشرط بين الناس ما عدوه شرطا، فالأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع، وتارة باللغة، وتارة بالعرف، وكذلك العقود.
واختار الشيخ - وجزم به في التبصرة - انعقاده بغير العربية، كعاجز، ولا يلزم عاجزا تعلمها، في الأصح. فإن اقتصر على قبلت أو تزوجت، أو قال الخاطب للولي: أزوجت ؟ قال: نعم، وللمتزوج أقبلت ؟ قال: نعم، صح في المنصوص فيهما، واختار ابن عقيل: لا، في الثانية.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 التلجئة: الإكراه. "القاموس": "لجأ".
2 في النسخ الخطية: "بكتابة"، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "يفيد".

(8/202)


وينعقد نكاح أخرس بإشارة مفهومة، نص عليه، أو كتابة.
وإن أوجب ثم جن قبل القبول بطل، كموته، نص عليه، وفي إغمائه وجهان "م 1".
ويشترط تعيين الزوجين، فإن أشار الولي إلى الزوجة أو سماها أو وصفها بما تتميز به، أو قال: زوجتك بنتي، وله واحدة لا أكثر ولو سماها بغير اسمها، صح، وعكسه الحمل وزوجتك فلانة، ولم يقل بنتي.
ومن خطب امرأة فأوجب له النكاح في غيرها فقبل يظنها مخطوبته لم يصح، نص عليه.
ويشترط رضاء الزوجين.
ويزوج الأب خاصة صغيرا أذن أو كره - وذكر القاضي: في إجباره مراهقا نظر1................
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "وإن أوجب ثم جن قبل القبول بطل، كموته، نص عليه، وفي إغمائه وجهان". انتهى.
أحدهما: يبطل بمجرد الإغماء، وهو الصحيح من المذهب، وبه قطع في المغني2 والكافي3 والشرح4، وشرح ابن رزين، والرعاية والفائق وغيرهم.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و"ط": "نظر". والمثبت من "الإنصاف" 20/113، ومن "حاشية ابن قندس".
2 9/464.
3 4/249.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/106.

(8/203)


ويتوجه كأنثى أو كعبد مميز. وإن أقر به قبل، ذكره في الإيضاح، وكذا بالغا مجنونا في المنصوص، وقيل مع شهوة وقيل بمهر المثل - امرأة، وفي أربع وجهان "م 2".
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يبطل. قال القاضي في الجامع: هذا قياس المذهب. قلت: ويتوجه أن لا يبطل إذا أفاق سريعا.
مسألة – 2: قوله: "ويزوج الأب خاصة صغيرا أذن أو كره... امرأة، وفي أربع وجهان". انتهى. وظاهر المغني1 والشرح2 إطلاق الخلاف أيضا:
أحدهما: لا يزوجه أكثر من واحدة. قلت: وهو الصواب، جزم به في المذهب. قال القاضي: قياس المذهب أنه لا يزوجه أكثر من واحدة.
والوجه الثاني: له تزويجه بأربع. قال القاضي في الجامع الكبير: له تزويج ابنه
ـــــــ
1 9/418.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/118.

(8/204)


ويزوجها حاكم لحاجة وظاهر الإيضاح لا، وإلا فوجهان "م 3" وفي المحصول وغيره حاجة نكاح فقط، وأطلق غيره، وصرح به في المغني1 وغيره، وهو أظهر وفي الترغيب والرعاية: وكذا ولي غير أب في تزويج مجنون. وفي المذهب: يزوجون مطبقا لشهوة.
ويقبل النكاح للصغير كمجنون: وله أن يفوضه إليه إن صح بيعه وطلاقه. ويزوج ويجبر2 عبده الصغير لا الكبير، في الأصح فيهما، والمنع
ـــــــ
الصغير بأربع. قال ابن رزين في شرحه: وله تزويجهما - يعني الصغير والمجنون - بواحدة وبأربع إذا رأى فيه مصلحة. انتهى قال ابن نصر الله في حواشيه: وهو أظهر، قلت وهذا ضعيف جدا، وليس في ذلك مصلحة، بل مفسدة، والرقيق يقوم بذلك، وهو أقل كلفة في الغالب، والله أعلم.
مسألة – 3: قوله: "ويزوجها حاكم لحاجة... وإلا فوجهان". انتهى. وأطلقهما في الرعاية في المجنون:
أحدهما: ليس له ذلك إذا لم يحتاجا إليه، وهو الصحيح، قدمه في المغني3 والكافي4 والشرح5 وشرح ابن رزين، قال في الرعاية عن المجنون: وهو أظهر.
والوجه الثاني: له تزويجهما مطلقا. قال القاضي في المجرد: له تزويج الصغير العاقل؛ لأنه يلي ماله، قلت: وهذا ضعيف، وفي إطلاق المصنف الخلاف فيه وفي الذي قبله نظر، إذ الأولى التقديم فيهما، كما قلنا، والله أعلم.
ـــــــ
1 9/415.
2 ليست في "ر".
3 9/415.
4 4/242.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/114 – 115.

(8/205)


في الصغير رواية في عيون المسائل. وإنما ملكه نيابة، كتزويج ابنه الصغير.
ومن الفرق أن أمته لو تزوجت بلا إذنه ثم باعها انفسخ، ولو تزوج العبد بلا إذنه ثم باعه لم ينفسخ عقد النكاح عندهم، وعلى رواية لنا كذا قال، وكلام الأصحاب يقتضي: لا فرق.
ويجبر أمته مطلقا. وابنته قبل كمال تسع سنين، وكذا مجنونة بالغة أو ثيبا في الأصح لا ثيبا مكلفة، ويجبر في اختيار الأكثر بكرا بالغة لا ثيبا بعد تسع، وقيل: وقبلها، وعنه: يجبر الثيب،...........
ـــــــ
1 تنبيه: قوله: "ويجبر أمته مطلقاً، وبنته قبل كمال تسع سنين، وكذا مجنونة، بالغة أو ثيباً في الأصح". صوابه – والله أعلم – وكذا مجنونة بكراً لابالغةً، فإنه قابلها بالثيب، وأيضاً البكر أعم، فيشمل البالغة وغيرها. أو يقال: فيه حذف، تقديره: أو بكراً بالغة، ويكون دون البلوغ بطريق أولى، والأول أولى1.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/206)


وعنه: البكر، وقيل: لا يجبرهما وحكي رواية.
وللصغيرة بعد التسع إذن صحيح1. نقله واختاره الأكثر، ففي إجبارها وتزويج وليها بإذنها الروايتان، وعنه: لا إذن لها، كمال.
ويحتمل في ابن تسع يزوج بإذنه، قاله في الانتصار. وقال أبو يعلى الصغير: يحتمل أنه كبنت،..
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "صحيحة".

(8/207)


وإن سلمنا فلا مصلحة له، وإذنه ضيق1، لا يكفي صمته. ولا ولاية بعد بلوغه، وقيل لا يجبر ولي مجبر مجنونة لا يجبرها لو كانت عاقلة.
فإن أجبرت امرأة فهل يؤخذ بتعيينها كفوا ؟ وهو ظاهر المذهب، ذكره شيخنا "و ش" أو تعيينه ؟ فيه وجهان "م 4". نقل أبو طالب: إن أرادت الجارية
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: "فإن أجبرت امرأة، فهل يؤخذ بتعيينها كفئاً، وهو ظاهر المذهب، ذكره شيخنا، أو تعيينه؟ فيه وجهان" انتهى:
أحدهما: يؤخذ بتعيينها كفئاً، وهو الصحيح من المذهب. قال الشيخ تقي الدين: هذا ظاهر المذهب، كما قال المصنف، وبه قطع في "المغني"2 و"البلغة"، و"الشرح"3، و"الرعاية الصغرى"، و"الحاوي الصغير"، والزركشي، وغيرهم، وقدمه في الفائق، وهو ظاهر ما قدمه في "الرعاية الكبرى".
ـــــــ
1 في "ط": "نطق".
2 9/383.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/186.

(8/208)


رجلا وأراد الولي غيره اتبع هواها. وفي الواضح رواية: أن الجد يجبر كالأب، اختاره شيخنا. ولا يجبر بقية الأولياء حرة، والأصح إلا المجنونة مع شهوة الرجال كحاكم في الأصح. وذكر القاضي وغيره وجها: حاكم، وذكر أبو الخطاب وغيره: وليها.
وفي المغني1: ينبغي أن قول الأطباء تزول علتها بالتزويج كالشهوة، وعنه: لهم تزويج صغيرة كالحاكم ويفيد الحل وبقية أحكام
ـــــــ
والوجه الثاني: يؤخذ بتعيين الولي. قلت: ويتوجه فرق بين الأب وغيره، فيؤخذ بتعيين الأب دون غيره. والمسألة مفروضة في المجبرة، ولا يكون إلا الأب والوصي في ذلك، والله أعلم.
تنبيه: قوله: "ولا يجبر بقية الأولياء حرة... وعنه: لهم تزويج صغيرة كالحاكم"
ـــــــ
1 9/412.

(8/209)


النكاح الصحيح، وكذا الإرث، وفي الفصول: لا. نقل أبو داود في يتيمة
ـــــــ
انتهى. ظاهر هذه العبارة أن للحاكم تزويج الصغيرة وإن منعنا غيره من الأولياء، وأنه محل وفاق، ولم أر من وافقه على ذلك، بل قد صرح في المستوعب والرعاية وغيرهما بغير ذلك، ونص عليه أحمد، وكذا صاحب الفصول، ومع ذلك فله وجه؛ لأنه أعلم بالمصالح من غيره من الأولياء، لكن يحتاج إلى موافق على ذلك، ولعله: وعنه: لهم تزويج صغيرة كالأب. فسبق القلم، والله أعلم. وقد نبه على ذلك أيضا القاضي محب الدين وشيخنا في حواشيهما، وذكر شيخنا كلام القاضي في المجرد: للحاكم تزويج الغلام؛ لأنه يلي ماله فقال: هذا التعليل يشمل الذكر والأنثى؛ لأنه يلي مال كل واحد منهما، وهو موافق لما قال المصنف، قال شيخنا: والمرجح الأول.

(8/210)


زوجت قبل أن تدرك فمات أحدهما هل يتوارثان ؟ قال: فيه اختلاف، قال قتادة: لا يتوارثان، ومثله كل نكاح لزومه موقوف، ولفظ القاضي: فسخه موقوف.
وكل نكاح صحته موقوفة على الإجازة، فالأحكام من الطلاق وغيره منتفية فيه، ولها الخيار إذا بلغت، وظاهر كلام ابن الجوزي: في صغير مثلها، وأخذ في الخلاف المنع1 فيها من نصه فيه، وإذا نص في ابن الابن، وهو يمكنه الخلاص فبنت الابن أولى، وقاسه الشيخ وغيره عليها، فدل على التسوية. ونقل عنه صالح في صغير زوجه عمه قال: إن رضي به في وقت من الأوقات جاز، وإن لم يرض فسخ.
وإذن الثيب - بوطء في قبل، والأصح ولو بزنا، قال الشيخ وغيره؛ لأنه لو أوصى لثيب دخلا، وعنه: زوال عذرتها مطلقا ولو بوطء دبر -
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "من الطلاق".

(8/211)


النطق، ولو عادت بكارتها، ذكره القاضي وغيره. والبكر الصمات، ولو بكت، ونطقها أبلغ، وقيل: يعتبر مع غير أب.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/212)


فصل ويشترط الولي، فلا تزوج نفسها ولا غيرها،
فتزوج بإذنها نطقا أمتها من يزوجها، وعنه: أي رجل أذنت له.
وعنه: هي، تعقده فيخرج منه صحة تزويجها لنفسها ولغيرها بإذن وليها، وبدونه كفضولي، فيطلق، فإن أبى، فسخه حاكم، نص عليه. وهل ثبت بنص فينقض حكم من حكم بصحته ؟ فيه وجهان. وفي الوسيلة روايتان "م 5" وعنه: لها أن تأمر رجلا يزوجها. وعنه: وتزوج نفسها، ذكرها جماعة، وفي هذه المسألة ذكر جماعة أن قوله صلى الله عليه وسلم "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل" 1 لا يجوز حمله على المصير
ـــــــ
مسألة – 5: قوله في اشتراط الولي: لو زوجت نفسها بدون إذن ولي فـ"كفضولي فيطلق فإن أبى فسخه الحاكم، نص عليه، وهل ثبت بنص فينقض حكم من حكم بصحته ؟ فيه وجهان، وفي الوسيلة روايتان". انتهى. وأطلقهما في الفائق:
أحدهما: لا ينقض، وهو الصحيح، قدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم، ونصروه، وصححه المجد في شرحه.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود "2083"، والترمذي "1102"، وابن ماجه "1879"، عن عائشة رضي الله عنها.

(8/212)


إلى البطلان؛ لأن المجاز من القول لا يجوز تأكيده قالوا: كذا ذكره أهل اللغة: ابن قتيبة وغيره. وعتيقتها كأمتها اختاره ابن أبي الحجر1 وشيخنا، وهو ظاهر الخرقي إن طلبت وأذنت وقلنا تلي عليها، في رواية، فلو عضلت المولاة زوج وليها ففي إذن سلطان وجهان "م 7" في الترغيب. وفي أخرى: لا تلي"م 6"، فيزوج بدون إذنها أقرب عصبتها ثم السلطان، ويجبر من يجبر المولاة. وفي الترغيب: المعتقة في
ـــــــ
والوجه الثاني: ينقض، خرجه القاضي، وهو قول الإصطخري من الشافعية.
مسألة -6: قوله: "وعتيقتها كأمتها2 في رواية... وفي أخرى: لا تلي". انتهى.
إحداهما: هي كالأمة، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام الخرقي، قال الشيخ في المغني3 والشارح: هذا أصح، واختاره ابن أبي الحجر من الأصحاب والشيخ تقي الدين وقطع به ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية، لا تلي نكاحها وإن وليت نكاح أمتها.
مسألة – 7: قوله: "وعتيقتها كأمتها إن طلبت وأذنت وقلنا تلي عليها في رواية، فلو عضلت المولاة زوج وليها ففي إذن سلطان وجهان". انتهى.
ـــــــ
1 هو: أبو الفضل، حامد بن محمود بن حامد الحراني، المعروف بابن أبي الحجر، كان شيخ حران وخطيبها "ت570هـ". "ذيل طبقات الحنابلة" 1/333.
2 في "ص" و"ط": "كأمة".
3 9/372.

(8/213)


المرض هل يزوجها قريبها؟ فيه وجهان.
وشرط الولي كونه عاقلا ذكرا موافقا في دينها حرا، نص عليه. وفي الانتصار احتمال: يلي على ابنته، ثم جوزه بإذن سيد. وفي عيون المسائل في شهادته، أما القضاء وولايته على ابنته فقال بعض أصحابنا: لا يعرف فيه رواية، فيحتمل أن يصحا، وإن سلمنا فالقضاء منصب شريف والولاية تستدعي نظرا دائما ليلا ونهارا في النفس والمال.
وفي الروضة، هل للعبد ولاية على الحرة ؟ فيه روايتان، قال: ولا ولاية لكافر على ابنته ولا غيرها.
قيل: عدلا، وقيل: مستور الحال "م 8" وعنه: وفاسقا كسلطان،
ـــــــ
أحدهما: لا يستأذن، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب، وقواعد المذهب تقتضيه.
والوجه الثاني: لا بد من إذنه، وهو ضعيف.
مسألة – 8: قوله في شروط الولي: "قيل: عدلا، وقيل مستور الحال". انتهى.

(8/214)


وخالف فيه أبو الخطاب، وعنه: وصبيا1، وفي المحرر وغيره: رشيدا. وفي الواضح: عارفا بالمصالح لا شيخا كبيرا جاهلا بالمصلحة وقاله القاضي وغيره، وفي الرعاية: أو مفرطا فيها أو مقصر،
ـــــــ
أحدهما: يكفي مستور الحال، وهو الصحيح، وبه قطع في الكافي2 والمحرر والمنور وغيرهم، وهو الصواب.
والقول الثاني: تشترط العدالة ظاهرا وباطنا، وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره، وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
ـــــــ
1 في "ر": "وصياً".
2 4/230.

(8/215)


ومعناه في الفصول، فإنه جعل العضل مانعا وإن لم يفسق به؛ لعدم
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/216)


الشفقة، وشرط الولي الإشفاق، وفي زوالها بإغماء وعمى وجه، لا بسفه، وإن جن أحيانا أو أغمي عليه أو نقص عقله بنحو مرض أو أحرم انتظر، نقله ابن الحكم في مجنون ويبقى وكيله، وقيل: هل هي لأبعد أو حاكم ؟ يحتمل وجهين، وكذا إن أحرم وكيل ثم حل.
وأحق ولي بنكاح حرة أبوها ثم أبوه وإن علا، ثم ابنها، ثم ابنه وإن نزل، وقيل عكسه، وأخذه في الانتصار من نقل حنبل: العصبة فيه من أحرز المال. ثم أخوها لأبويها، ثم لأبيها، اختاره أبو بكر وجماعة، وعنه: هما سواء، اختاره الأكثر، ومثله تحمل العقل وصلاة الميت، وابنا عم أحدهما أخ لأم، ونقل أبو الحارث: الأخ لأبوين أولى، فإن زوج الأخ للأب كان جائزا، ثم بنوهما كذلك، ثم أقرب عصبة نسيب كالإرث.
وعنه: يقدم الابن على الجد، وعنه: عليها يقدم الأخ على الجد، وعنه: سواء، ثم الولي المعتق، ثم أقرب عصبته، وقيل: يقدم أبو المعتقة على ابنها، ثم السلطان أو نائبه.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/217)


قال الإمام أحمد رحمه الله: والقاضي أحب إلي من الأمير في هذا. وعنه: أو والي البلد وكبيره، واختاره شيخنا، وعنه: أو من أسلمت على يده، قال شيخنا: تزويج الأيامى فرض كفاية "ع"، فإن أباه حاكم إلا بظلم كطلبه جعلا لا يستحقه صار وجوده كعدمه، فقيل: توكل من يزوجها، وقيل: لا تتزوج، كلاهما لأصحاب الشافعي وأحمد، والصحيح ما نقل عن أحمد وغيره: يزوجها ذو السلطان في ذلك المكان، كالعضل، فإن تعذر1 ذلك وكلت. وعنه: ثم عدل.
وولي الأمة حتى الآبقة سيدها ولو مكاتبا فاسقا، وتجبر غير المكاتبة، وفيها في مختصر ابن رزين وجه، ويعتبر في معتق بعضها إذنها وإذن مالك البقية، كأمة لاثنين. ويقول كل منهما زوجتكها، ولا يبعضها، قاله في
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "ذلك".

(8/218)


الفصول والمذهب والترغيب؛ لأنه لا يقبل التجزئة، بخلاف البيع والإجارة.
ولا يلي مسلم نكاح كافرة غير أمته وأمة موليه إلا سلطان، ولا كافر نكاح مسلمة غير نحو أم ولده وذكر ابن عقيل: وبنته في ولاية فاسق، وذكره ابن رزين.
ـــــــ
تنبيه: قوله: "ولا يلي كافر نكاح مسلمة غير نحو أم ولده". انتهى. قطع بذلك، وهو المذهب، جزم به في الإيضاح والنظم والوجيز وغيرهم، واختاره أبو الخطاب في خلافه، وابن البنا في خصاله، وقيل: لا يلي نكاح ذلك أيضا، اختاره الخرقي والشيخ الموفق والشارح وابن رزين وابن نصر الله في حواشيه وغيرهم، وهو ظاهر ما قدمه في المقنع1 والمحرر، فإنهما قالا: يليه، في وجه، فدل أن المشهور خلافه، ولم يذكر المصنف هذا القول مع قوته، وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة الرعايتين والحاوي وغيرهم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/192.

(8/219)


ويلي كافر بشروط معتبرة في مسلم نكاح موليته الكافرة من كافر ومسلم، وهل يباشر تزويج مسلم حيث زوجه أو مسلم بإذنه أو حاكم ؟ فيه أوجه "م 9" وقيل: لا يليه من مسلم، وعلى قياسه: لا يلي مالها، قاله القاضي. وفي الانتصار في شهادتهم: يليه، وفي تعليق ابن المنى في ولاية الفاسق: لا يليه كافر إلا عدل في دينه، ولو سلمنا فلئلا يؤدي إلى القدح في نسب 1نبي أو ولي1، ويدل عليه ولاية المال.
فإن عضل أقرب أولياء حرة فلم يزوجها بكفء رضيته بما صح مهرا، ويفسق به إن تكرر منه، ولم يذكر الشيخ وغيره إن تكرر، أو غاب غيبة
ـــــــ
مسألة – 9: قوله: "ويلي كافر بشروط معتبرة في مسلم نكاح موليته الكافرة من كافر ومسلم، وهل يباشر تزويج مسلم حيث زوجه أو مسلم بإذنه أو حاكم؟ فيه أوجه". انتهى. وأطلقها في المحرر والحاوي الصغير:
أحدها: يباشره بنفسه، وهو الصحيح، صححه في المغني2 والشرح3 والنظم، وهو ظاهر كلام ابن رزين في شرحه وغيره، وقاله الأزجي، وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين، وهو الصواب.
والوجه الثاني: يعقده مسلم بإذنه.
والوجه الثالث: يعقده حاكم بإذنه، قال في الرعاية الكبرى: وهو أولى، قلت: وفيه خروج من الخلاف.
ـــــــ
1 في "ر": "فهي أولى".
2 9/378.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/196.

(8/220)


منقطعة، زوج الأبعد، وعنه: الحاكم، وعنه: في العضل، اختاره أبو بكر.
وفي الانتصار وجه: لا تنتقل ولاية مال إليه بالغيبة، والغيبة ما لا تقطع إلا بكلفة ومشقة، نص عليه، وعنه: مسافة قصر، وعنه: ما تصل القافلة مرة في سنة، اختاره القاضي واختار الخرقي ما لا يصل إليه كتاب أو لا يصل جوابه. وقيل: ما تستضر به الزوجة، وقيل: فوت كفء راغب. ومن تعذرت مراجعته كمحبوس أو لم يعلم مكانه كبعيد.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/221)


فإن زوج الأبعد بدون ذلك فكفضولي، وإن تزوج لغيره فقيل: لا يصح، كذمته1 وقيل: كفضولي، وعند شيخنا طلاق كفضولي "م 10".
ومن زوج أمة غيره فملكها من تحرم عليه فأجازه فوجهان "م 11".
ـــــــ
مسألة – 10: قوله بعد ذكر حكم الغيبة: "فإن زوج الأبعد بدون ذلك فكفضولي، وإن تزوج لغيره فقيل لا يصح، كذمية، وقيل: كفضولي، وعند شيخنا طلاق كفضولي". انتهى. وأطلقهما في المستوعب. وصورة المسلمة لو تزوج الأجنبي لغيره من غير إذنه قلت: هي إلى مسألة الفضولي أقرب، فتعطى حكمها، والقول الآخر لا يصح، وإن صح نكاح الفضولي.
مسألة – 11: قوله: "ومن زوج أمة غيره فملكها من تحرم عليه فأجازه فوجهان". انتهى. يعني إذا زوج الأجنبي أمة غيره ثم ملكها من تحرم عليه، كأخيها
ـــــــ
1 في "ط": "كذمية".

(8/222)


ووكيله كهو، فإن زوج نفسه ففضولي.
ولا يكفي إذنها لموكله، ذكره الشيخ وقيل: لا يوكل غير مجبر بلا إذن إلا حاكم وقيل: ولا مجبر، وقيل: يعتبر التعيين لغير مجبر، وقيل: وله. وفي الترغيب: لو منعت الولي من التوكيل امتنع. ويتقيد وكيل أو ولي مطلق بالكفء إن اشترط، ذكره في الترغيب. وإن قال زوج أو اقبل من وكيله زيد أو أحد وكيليه فزوج أو قبل من وكيله عمرو لم يصح ذلك.
ـــــــ
وعمها ونحوهما، فأجازه، فهل يصح كالفضولي أو لا يصح هنا، وإن صح في الفضولي ؟ هذا الذي يظهر. والذي يظهر أن النكاح هنا لا يصح، وإن صح في نكاح الفضولي إذا أجازه الولي؛ لأن حالة التزويج هنا كان من ملكها غير ولي ألبتة، والله أعلم.
تنبيه: قوله: "ووكيله كهو.. وقيل لا يوكل غير مجبر بلا إذن إلا حاكم". انتهى. ظاهر هذا أن للولي أن يوكل من غير إذن من يريد أن يزوجها، وهو صحيح، وهو المذهب، وتقدم في باب الوكالة1 أن ظاهر ما قدم هناك عدم الصحة من غير إذن، وتقدم التنبيه عليه هناك.
ـــــــ
1 7/44 -45.

(8/223)


ويقول لوكيل الزوج: زوجت بنتي أو مولاتي فلانة لفلان، أو زوجت موكلك فلانا فلانة ولا يقول: منك، فيقول: قبلت تزويجها أو نكاحها لفلان، فلو لم يقل لفلان فوجهان في الترغيب"م12".
ـــــــ
مسألة – 12: قوله: "ويقول لوكيل الزوج زوجت بنتي أو مولاتي فلانة لفلان أو زوجت موكلك فلانا فلانة، ولا يقول: منك، فيقول: قبلت تزويجها أو نكاحها لفلان، فلو لم يقل لفلان فوجهان في الترغيب". انتهى. قال في الرعاية الكبرى: إن قال قبلت هذا النكاح ونوى أنه قبله لموكله ولم يذكره صح. قلت: يحتمل ضده، بخلاف البيع. انتهى.
والصواب ما قدمه في الرعاية. وقال المصنف في الوكالة1: "يعتبر لصحة عقد النكاح فقط تسمية موكل، ذكره في الانتصار والمنتخب، والمغني"واقتصر عليه، فظاهره عدم الصحة مع اقتصاره عليه. وقال في آخر جامع الأيمان2: ولا بد في النكاح من الإضافة. انتهى. والصواب ما قلناه، والله أعلم.
وهذه المسألة قطع فيها المصنف بحكم في باب الوكالة1، وأطلق الخلاف هنا عن صاحب الترغيب، واقتصر عليه، مع أن الخلاف الذي ذكره مقيد بأن ينوي أن ذلك لموكله، كما قاله في الرعاية، ولم يقيده، وهو يحتمل أن يكون محل الوجهين اللذين في الترغيب في مسألة القبول.
ـــــــ
1 7/51.
2 11/65.

(8/224)


وقيل: يصح توكيل فاسق ونحوه في إيجابه، كقبوله، في أحد الوجهين "م 13" ووصيه فيه كهو، وقيل: لا يجبر ولا يزوج من لا إذن لها، اختاره أبو بكر وابن أبي موسى، وعنه: لا تصح وصية به، وعنه: لا تصح مع عصبة، اختاره ابن حامد. وهل للوصي الوصية به أو يوكل؟ في الترغيب فيه الروايتان. وفي النوادر: ظاهر المذهب جوازه.
وإن تزوج صغير بوصية كأنثى، وكذا في المغني1 وغيره في تزويج صغير بوصية فيه. وفي الخرقي: أو وصي ناظر له في التزويج، وظاهر
ـــــــ
مسألة – 13: قوله: "وقيل يصح توكيل فاسق ونحوه في إيجابه، كقبوله في أحد الوجهين". انتهى. وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا تشترط عدالة الوكيل في قبول النكاح، كموكله، وهو الصحيح، اختاره أبو الخطاب وابن عقيل، وابن عبدوس في تذكرته، وغيرهم، وقدمه في المغني2 والشرح3 وقالا: هذا أولى، وهو القياس. انتهى. وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب، وقدمه في الكافي4، وصححه ابن نصر الله في حواشيه.
والوجه الثاني: تشترط عدالته في القبول كالإيجاب، اختاره القاضي، وقدمه ابن رزين في شرحه، والرعاية الكبرى، وصححه الناظم، قال في التلخيص: اختاره أصحابنا إلا ابن عقيل. انتهى. وهذه المسألة بعينها قد ذكرها المصنف في باب الوكالة5، وأطلق الخلاف فيها أيضا، فحصل التكرار.
ـــــــ
1 9/365.
2 7/197.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/441.
4 3/312.
5 7/31.

(8/225)


كلام القاضي والمحرر: الوصي مطلقا، وجزم به شيخنا، وأنه قولهما إن وصي المال يزوج الصغير، والأول أظهر، كما لا يزوج الصغيرة. وفي الرعاية: يزوجه بعد أبيه، وقيل: حاكم.
وإن استوى وليا حرة فأيهما زوج صح، والأولى تقديم أفضل ثم أسن ثم القرعة.
وفي مختصر ابن رزين: يقدم أعلم ثم أسن ثم أفضل ثم يقرع، فإن سبق غير من قرع فزوج صح، في الأصح، وإن أذنت لواحد تعين، وإن زوج وليان لاثنين وجهل السابق فسخهما الحاكم، ونصه: لها نصف المهر، وقيل: لا1، وعنه: النكاح مفسوخ، ذكره في النوادر، وقدمه في التبصرة.
وعنه: يقرع، فمن قرع فعنه: هي له، اختاره أبو بكر النجاد ونقله ابن منصور، وعنه: يجدد القارع عقده بإذنها "م 14" وعلى الأصح: ويعتبر2
ـــــــ
مسألة – 14: قوله فيما إذا زوج وليان وجهل السابق: "وعنه يقرع، فمن قرع فعنه: هي له، اختاره أبو بكر النجاد، ونقله ابن منصور، وعنه يجدد القارع عقده بإذنها". انتهى. وأطلقهما في المذهب:
إحداهما يجدد القارع عقده بإذنها، وهو الصحيح، وبه قطع في الكافي3 والمقنع4 والمحرر والنظم وغيرهم، قال الزركشي: قال أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد: من خرجت له القرعة جدد نكاحه. انتهى.
ـــــــ
1 ليست في الأصل، و"س".
2 في الأصل: "تعيين".
3 4/229.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/219.

(8/226)


طلاق صاحبه، فإن أبى فحاكم، وقيل: إن جهل وقوعهما معا بطلا، كالعلم به.
وإن علم سبقه ونسي فقيل كجهله، وعند أبي بكر: يقف لنعلمه1 "م 15" وإن أقرت لأحدهما بالسبق لم يقبل، على الأصح، ويقدم أصلح الخاطبين مطلقا، نقله ابن هانئ.
وفي النوادر: ينبغي أن يختار لوليته شابا حسن الصورة.
ـــــــ
والرواية الأخرى هي للقارع من غير تجديد عقد، اختاره أبو بكر النجاد، ونقله ابن منصور، كما قال المصنف، قال الزركشي: هذا ظاهر كلام الجمهور: ابن أبي موسى والقاضي وأصحابه، وصرح به القاضي في الروايتين وابن عقيل، وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير، والقواعد الفقهية، ومال إليه، واختاره الشيخ تقي الدين.
تنبيه: اختلف المصنف والزركشي في النقل عن أبي بكر النجاد فيحتمل أن يكونا قولين له، أو يكون في أحد الكتابين غلط، أو يكونا اثنين، والله أعلم.
مسألة – 15: قوله: "وإن علم سبقه ونسي فقيل كجهله، وعند أبي بكر يقف لنعلمه". انتهى.
القول الأول: هو الصحيح، وعليه الأكثر، قال الزركشي: لا إشكال في جريان الروايتين في هذه الصورة، وكذا أجراهما فيها في المستوعب والمغني2 والشرح3 والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم، وقول أبي بكر اختاره ابن حبان في الرعاية الكبرى.
ـــــــ
1 في "ر": "لتعلمه"، وفي "ط": "ليعلمه".
2 9/432.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/218.

(8/227)


ولولي مجبر في طرفي العقد توليهما، كتزويج عبده الصغير بأمته أو بنته، وكذلك لغيره، فيكفي: زوجت فلانا فلانة، أو تزوجتها إن كان هو الزوج، وقيل: يعتبر إيجاب وقبول، وعنه: بل يوكل، اختاره جماعة، وقيل: لا 1ثم قال: وقيل: يوليه طرفيه1 إمام أعظم، كوالد، وأطلق في الترغيب روايتين في تولية طرفيه، ثم قال: وقيل: تولية طرفيه يختص بمجبر.
ومن قال: قد جعلت عتق أمتي صداقها، أو عكس، أو جعلت عتقك صداقك، نقله صالح وغيره، أو قد أعتقها وجعلت عتقها صداقها، أو على أن عتقها صداقها، أو على أن أتزوجك وعتقي صداقك، نص عليهما، متصلا، نص عليه، صح بشهادة، ونقله الجماعة. وقال ابن حامد، مع قوله: وتزوجتها. فإن طلق قبل الدخول رجع بنصف قيمتها يوم عتقه، فإن لم تقدر فهل ينتظر القدرة أو تستسعى؟ فيه روايتان "م 16" نص عليهما، وعنه: لا يصح، اختاره جماعة، وتستأنف نكاحا بإذنها2، فإن أبت لزمها قيمتها، وقطع
ـــــــ
مسألة – 16: قوله فيما إذا جعل عتق أمته صداقها: "فإن طلق قبل الدخول رجع بنصف قيمتها يوم عتقه، فإن لم تقدر فهل ينتظر القدرة أو تستسعى؟ فيه روايتان، نص عليهما". انتهى. وأطلقهما ابن رزين في شرحه، قال القاضي: أصلهما المفلس إذا كان له حرفة هل يجبر على الاكتساب ؟ على الروايتين فيه. انتهى. والصحيح من
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 ليست في الأًصل.

(8/228)


به في المنتخب في الصورة الأخيرة. وإن أعتقت عبدها على تزوجه بها بسؤاله أو لا، عتق مجانا. وإن قال: اعتق عبدك عني على أن أزوجك ابنتي لزمته قيمته؛ لأن الأموال لا تستحق بالعقد عليها بالشرط، كقوله: أعتق عبدك على أن أبيعك عبدي؛ ولأنه غره، قال ابن عقيل: وعلى هذا الأصل يضمن كل غار في مال حتى أتلف المغرور ماله؛ لأنه أزال ملكه على بدل لم يسلم.
ـــــــ
المذهب أنه يجبر. وقال في المغني1 والشرح2: وإن كانت معسرة فهل تنظر إلى الميسرة أو تجبر على الكسب ؟ على وجهين، أصلهما في المفلس هل يجبر على الكسب؟ على روايتين. انتهى. وهو موافق لما قال القاضي، فتلخص أن هؤلاء الجماعة قالوا: أصلها المفلس، والصحيح في المفلس الإجبار، فكذا يكون الصحيح الإجبار هنا، وهو الصواب.
ـــــــ
1 9/455.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/239.

(8/229)


فصل الشرط الرابع: بينة، احتياطا للنسب، خوف الإنكار، وتكفي مستورة،
وقيل: إن ثبت بها. وفي المنتخب يثبت بها مع اعتراف متقدم. وفي الترغيب: لو تاب في مجلس العقد فكمستور، ونقل ابن هانئ: وإعلانه أيضا، وعنه إعلانه فقط، وعنه: أحدهما، ذكرهن شيخنا.
ـــــــ
......................................
ـــــــ

(8/229)


وفي شهادة عدوي الزوجين أو أحدهما أو الولي وجهان "م 17".
وفي متهم لرحم روايتان "م 18" وعنه: وفاسقة، وأسقطها أكثرهم.
ـــــــ
مسألة – 17: قوله في الشهادة: "وفي شهادة عدوي الزوجين أو أحدهما أو الولي وجهان"، وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي1 والمغني2 والمقنع3 والهادي والبلغة والمحرر والشرح3 والنظم وشرح ابن منجى وابن رزين والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم:
أحدهما: ينعقد، وهو الصحيح، اختاره ابن بطة، وابن عبدوس في تذكرته، وصححه في التصحيح، وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي، قال في تجريد العناية: لا ينعقد، في رواية، فدل على أن المقدم ينعقد.
والوجه الثاني: لا ينعقد، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
مسألة – 18: قوله: "وفي متهم لرحم روايتان". انتهى.
إحداهما: لا ينعقد، وهو الصحيح، صححه في التصحيح، وصححه أيضا في
ـــــــ
1 4/239.
2 9/350.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/252.

(8/230)


وذكرها في عيون المسائل. وقال شيخنا: هي ظاهر كلام الخرقي، وأخذها في الانتصار من رواية مثنى. سئل أحمد: إذا تزوج بولي وشهود غير عدول هل يفسد من النكاح شيء؟ فلم ير أنه يفسد من النكاح شيء. وأخذ القاضي وغيره منها1 عدم اعتبار العدالة في الولي، وقيل: وكافرة مع كفر الزوجة، وقبول شهادة بعضهم على بعض، وعنه: تسن فيه، كعقد غيره، فتصح بدونها، قال جماعة: ما لم يكتموه، وإلا لم يصح، ذكر
ـــــــ
الهداية والمذهب، والمستوعب في باب موانع الشهادة، وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والخلاصة والحاوي الصغير في مواضع الشهادة.
والرواية الثانية: ينعقد، اختاره ابن عبدوس في تذكرته، وجزم به في المنتخب للآدمي، قال في تجريد العناية: لا ينعقد، في رواية، فدل على أن المقدم ينعقد. وقال في الرعاية الكبرى أيضا: وفي ابني الزوجين أو ابني أحدهما أو أبويهما أو أبوي أحدهما وكل ذي رحم محرم من الزوجين أو من الولي روايتان. انتهى. وأطلقهما هنا في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع2 والمحرر والشرح3 وشرح ابن رزين وابن منجى والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم، لكن ذكرها بعضهم في ابني الزوجين أو أحدهما، وبعضهم عمم الرحم، والله أعلم.
فهذه ثمان عشرة مسألة في هذا الباب قد صححت ولله الحمد.
ـــــــ
1 ليست في النسخ، والمثبت من "ط".
2 ليست في "ر".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/252.

(8/231)


بعضهم إجماعا"ع" وعلى الأول: لا يبطله التواصي بكتمانه، وعنه: بلى، اختاره أبو بكر.
ولا تشترط الكفاءة، فلو زوجت بغير كفء برضاهم صح، وكذا برضى بعضهم، على الأصح، ولمن لم يرض الفسخ متراخيا، ذكره القاضي وغيره، وعنه: لا فسخ لأبعد. وعنه: هي شرط، اختاره الخرقي وجماعة، واحتج جماعة ببيعه مالها بدون ثمنه، مع أن المال أخف من النكاح؛ لدخول البذل1 فيه والإباحة والمحاباة، ويحكم بالنكول فيه، وبأن منعها
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ط": "البدل".

(8/232)


تزويج نفسها لئلا يضعها في غير كفء، فبطل العقد؛ لتوهم العار، فهنا أولى؛ ولأن لله فيها نظرا؛ ولأن الولي إذا زوجها بلا كفء يكون فاسقا.
ولو زالت بعد العقد فلها الفسخ، كعتقها تحت عبد، وقيل: لا، كطول حرة من نكح أمة، وكوليها، وفيه خلاف في الانتصار، وقدم أن مثله ولي ولد، وأنه إن طرأ نسب فاستلحق شريف مجهولة أو طرأ صلاح فاحتمالان، وقيل لأحمد فيمن شرب المسكر: يفرق بينهما بذلك ؟ فقال: أستغفر الله، ونقل ابن هانئ: إذا شرب المسكر تخلع منه ليس لها بكفء.
والكفاءة الدين والنسب، وهو المنصب والحرية واليسار، حسب ما يجب لها، وقيل: تساويهما فيه، والصناعة، في الأشهر عنه "و ش" ولأصحابه في اليسار أوجه، ثالثها يعتبر في أهل المدن، فلا تزوج عفيفة بفاجر، ولا حرة بعبد، وعنه: ولا عتيق وابنه بحرة الأصل، ولا موسرة بمعسر، وظاهره ولو كان متوليا، وقاله شيخنا، ولا بنت تانئ وهو رب العقار بحائك، ولا بنت بزاز بحجام، ولا عربية بعجمي "و ش" في الكل، وعنه: ولا قرشية بغير قرشي، ولا هاشمية بغير هاشمي "و ش" وقيل: نساج كحائك، وعنه: ليس ولد الزنا كفوا لذات نسب كعربية، وإن المولى كفو لمولاة لا لمن لا ولاء عليها.
وموالي بني هاشم لا يشاركونهم في الكفاءة في النكاح، نقل الميموني: "مولى القوم من أنفسهم" 1...
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "6761"، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

(8/233)


في الصدقة، ولم يكن1 عنده هذا هكذا1 في التزويج، ونقل مهنا: إنه كفء لهم2، ذكرهما في الخلاف، وزاد الشافعية على ما سبق أن غير المنتسب إلى العلماء والصلحاء المشهورين ليس كفوا للمنتسب إليهما، وأن من به عيب مثبت للفسخ ليس كفوا للسليمة منه، وإن لم يثبت الفسخ، فلهم فيه وفي تأثير رق الأمهات وجهان، وأن الحائك ونحوه ليس كفوا لبنت الخياط ونحوه، ولا المحترف لبنت العالم، ولا المبتدع للسنية.
وعنه الكفاءة الدين والنسب "و هـ" اختاره الخرقي، وقيل: النسب "و م". وقال بعض متأخري أصحابنا: إذا قلنا هي 3حق لله3 اعتبر الدين فقط، قال: وكلام الأصحاب فيه تساهل وعدم تحقيق، كذا قال، ولا يعتبر في امرأة. وفي الانتصار احتمال: يخير معتق تحته أمة، وذكره عن "ش". وفي الواضح احتمال: يبطل بناء على الرواية: إذا استغنى عن نكاح الأمة بحرة بطل، قال الكسائي: قولهم: لا أصل له4، أي لا حسب. ولا فضل، أي لا مال.
ولا تشترط الشهادة بخلوها عن الموانع الشرعية "ش"، قال في الترغيب وغيره: ولا الإشهاد على إذنها، وكذا في تعليق ابن المنى في شهادة الفاسق في النكاح: لا تعتبر الشهادة على رضى المرأة؛ لأن رضى
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "عندهم كذا".
2 في "ر": "كقولهم".
3 في "ر": "لحق الله".
4 ليست في "ر" و"ط".

(8/234)


الولي أقيم مقام رضاها، ويأتي كلامه في الانتصار في العدالة باطنا، وكلام شيخنا في قسمة الإجبار، قال: وفي المذهب خلاف شاذ: يشترط الإشهاد على إذنها.
قال: ولا يزوجها العاقد نائب الحاكم بطريق الولاية لا بوكالة الولي حتى يعلم إذنها، وإن ادعى الزوج إذنها صدقت قبل الدخول لا بعده؛ لتمكينها له.
وأطلق في عيون المسائل تصدق الثيب؛ لأنها تزوج بإذنها ظاهرا، بخلاف البكر فإنه يزوجها أبوها بلا إذنها، كذا قال، وهو يقتضي اختصاصه ببكر زوجها أبوها وقلنا يجبرها، ويتوجه في دعوى الولي إذنها كذلك، وذكر شيخنا قولها، وإن ادعت الإذن فأنكر ورثته صدقت. وفي الروضة: إن ادعى الولي إذنها فزوجها فإن أجازت ما ذكره صح، وإلا حلفت وينفسخ النكاح، قال: والذي أراه للولي الإشهاد، لئلا تنكر فيحتاج إلى بينة. والله أعلم.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/235)


باب المحرمات في النكاح
مدخل
...
باب المحرمات في النكاح
يحرم أبدا بالنسب سبع: الأم والجدة من كل جهة وإن علت، وبنته ولو منفية بلعان، وبنت ابنه وبناتهما من ملك أو شبهة1 وإن نزلن. وأخته من كل جهة، وبنتها. وبنت ابنها. وبنت كل أخ وبنتها. وبنت ابنه وبنتها وإن نزلن. وعمته وخالته من كل جهة، وإن علتا لا بناتهما.
وتلخيصه يحرم كل نسيبة سوى بنت عمة وعم وبنت2 خالة وخال المذكورات في الأحزاب الآية3. وتحرم عمة أبيه وأمه لدخولهما في عماته، وعمة العم لأب؛ لأنها عمة أبيه، لا لأم؛ لأنها أجنبية منه وتحرم خالة العمة لأم لا خالة العم لأب؛ لأنها أجنبية، وعمة الخالة لأم أجنبية لا لأب؛ لأنها عمة الأم.
ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، قال الإمام أحمد رحمه الله في طاعة الرسول: ويرجع في حليلة الابن من الرضاعة إلى قوله: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" 4 ونقل حنبل: نكاح ابن الرجل من لبنه بمنزله نكاح ابنه من صلبه، تأولت فيه: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" وحديث أبي القعيس5. وقال شيخنا: ولم يقل الشارع: ما
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 هذه العبارة مختصرة جداً، ولعل تفصيلها هكذا: وبناتهما من نكاح أو ملك أو وطء بشبهة. وينظر: الإنصاف 20/276 – 277، وشرح الزركشي 5/149.
2 ليست في "ر".
3 وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} [الأحزاب: 50].
4 أخرجه البخاري "2645"، ومسلم "1447" "13"، من حديث ابن عباس.
5 أخرج البخاري "2644"، ومسلم "1445" "8"، عن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن علي أفلح، فلم آذن له، فقال: أتحتجبين مني أنا عمك؟ فقلت: وكيف ذلك. قال: أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي. فقالت: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "صدق أفلح، أئذني له".

(8/236)


يحرم بالمصاهرة، فأم امرأته برضاع أو امرأة أبيه أو ابنه من الرضاعة التي لم ترضعه وبنت امرأته بلبن غيره حرمن بالمصاهرة لا بالنسب، ولا نسب ولا مصاهرة بينه وبينهن فلا تحريم.
ويحرم بالصهر من ملك أو شبهة ولو بوطء دبر، ذكره في المستوعب والمغني1 والترغيب، وقيل: لا، ونقل بشر بن موسى: لا يعجبني. ونقل الميموني: إنما حرم الله الحلال على ظاهر الآية2، والحرام مباين للحلال، بلغني أن أبا يوسف سئل عمن فجر بامرأة: هل لأبيه3 نظر شعرها؟ قال: نعم. قال: ما أعجب هذا 4بشبهه بالحلال4، وقاسوه عليه، ونقل المروذي في بنته من الزنا: عمر رضي الله عنه ألحق أولاد الزنا في الجاهلية بآبائهم5، يروى ذلك من وجهين.
وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش وقال: "احتجبي منه يا سودة" 6، واحتج جماعة بأنه فعل يوجب تحريما، كالرضاع إذا غصب لبنها وأرضع طفلا نشر الحرمة، وكالوطء في دبر وحيض، وكالمتغذية بلبن ثار بوطئه، وهو لبن الفحل، فالمخلوقة من مائه أولى. وكما تحرم بنت ملاعنة
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 9/526.
2 الآية 23 من سورة النساء.
3 في الأصل: "لابنه".
4 في الأًصل: "يشبهه على الحلال"، في "ر": "شبهه على الحلال".
5 ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" 8/183.
6 أخرجه البخاري "2053"، ومسلم "1457" "36"، من حديث عائشة.

(8/237)


ومجوسية ومرتدة ومطلقة ثلاثا مع عدم أحكام النكاح. وذكر ابن رزين: لا ينشر في وجه، وعند شيخنا: ينشر واعتبر في موضع التوبة حتى في اللواط. وحرم بنته من زنا وأن وطأه بنته غلطا لا ينشر، لكونه لم يتخذها زوجة. ولم يعلن نكاحا أربع زوجة أبيه وكل جد ولو برضاع، وزوجة ابنه كذلك وإن نزل بالعقد، ولو كان نكاح الأب الكافر فاسدا، ذكره شيخنا "ع" دون بناتهن وأمهاتهن.
وفي عقد فاسد خلاف في الانتصار وغيره. وتحرم أم زوجته وجداتها كذلك بالعقد، وبنت زوجته وبنت ابنها كذلك نقله صالح وغيره وإن نزلن، بالدخول، وقيل: في حجره، واختاره ابن عقيل، وهن الربائب. لا زوجة ربيبه، ذكره في المجرد والفنون.
فإن ماتت الأم أو بانت بعد الخلوة وقبل الدخول أبحن. وعنه يحرمن بالموت والخلوة.
فإن كانت الموطوءة ميتة أو صغيرة لا يوطأ مثلها فوجهان "م 1". وفي
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "فإن كانت الموطوءة ميتة أو صغيرة لا يوطأ مثلها فوجهان". انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني1 والكافي2 والمقنع3 والمحرر والشرح3
ـــــــ
1 9/530.
2 4/266.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/291.

(8/238)


المذهب هو كنكاح. وفيه بشبهة وجهان. والزنا كغيره، واحتج في رواية أبي الحارث بأن الحرام قد عمل حين أمر سودة أن تحتجب من ابن أمة1 زمعة2.
وفي تحريمهن بمباشرة ولمس وخلوة ونظر فرج وعنه: وغيره، ذكره أبو الحسين، ونقله الميموني وابن هانئ منها أو منه إذا كن لشهوة، روايتان "م 2 و 3".
ـــــــ
وشرح ابن منجى والرعايتين والحاوي الصغير وتجريد العناية وغيرهم:
أحدهما: لا يثبت التحريم بذلك، وهو الصحيح، اختاره ابن عبدوس في تذكرته، وصححه في التصحيح وحواشي ابن نصر الله وغيرهما، وقطع به في الوجيز وغيره، وقدمه ابن رزين في شرحه وغيره. وقاله القاضي في خلافه في وطء الصغيرة، وقال: هو ظاهر كلام الإمام أحمد، وصححه الزركشي في الصغيرة.
والوجه الثاني: يثبت به التحريم، وقاله القاضي في الجامع الصغير، وهو ظاهر ما قطع به في المنور فيهما.
تنبيه: قوله: "وفي المذهب هو كنكاح، وفيه بشبهة وجهان، والزنا كغيره"، انتهى. هذا كله كلام ابن الجوزي في المذهب، وهو عجيب منه؛ لكونه جعل وطء الزنا كوطء الحلال، وحكى في وطء الشبهة وجهين.
واعلم أن الصحيح من المذهب أن الوطء بشبهة يثبت به تحريم المصاهرة كالوطء الحلال، وعليه الأكثر، وحكاه ابن المنذر إجماعا، وقدمه المصنف وغيره.
مسألة – 2- 3: قوله: "وفي تحريمهن بمباشرة ولمس وخلوة ونظر فرج... منها أو منه إذا كن3 لشهوة روايتان". انتهى. ذكر مسائل:
ـــــــ
1 في "ر": "أم".
2 تقدم تخريجه ص 237.
3 في النسخ الخطية: "كأن"، والمثبت من "ط".

(8/239)


......................................
ـــــــ
المسألة الأولى – 2: إذا باشر امرأة أو نظر إلى فرجها أو خلا بها أو فعلته هي لشهوة فهل ينشر ذلك الحرمة أم لا ؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمقنع1 والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم. وأطلقه في المغني2 والشرح3 فيما إذا باشرها أو نظر إلى فرجها لشهوة:
إحداهما: لا ينشر ذلك الحرمة، وهو الصحيح، قال في المذهب ومسبوك الذهب لم ينشر الحرمة، في أصح الروايتين، وصححه في التصحيح والزركشي وحواشي ابن نصر الله وغيرهم، وبه قطع في الوجيز، قال الشيخ الموفق والشارح: والصحيح أن الخلوة بالمرأة لا تنشر الحرمة، قال ابن رزين في شرحه: ومن باشرها أو نظر إلى فرجها لم تثبت حرمة، في الأظهر، وقال: ولا يثبت بالخلوة شيء، والثبوت بها مخالف للإجماع.
والرواية الثانية: تنشر الحرمة، قال الزركشي: إذا طلق بعد الخلوة وقبل الوطء فروايتان، أنصهما وهو الذي قطع به القاضي في الجامع الكبير في موضع، وفي الخصال وابن البنا والشيرازي ثبوت تحريم الربيبة. والرواية الثانية وهي اختيار أبي محمد وابن عقيل والقاضي في المجرد وفي الجامع في موضع لا يثبت. انتهى. وقطع في المغني4 وتبعه الشارح بعدم التحريم بالمباشرة من الحرة، وأطلق في الأمة والخلوة الروايتين، وقالا: وذكر أصحابنا الروايتين في جميع الصور من غير تفصيل، والأول أقرب إلى الصواب. انتهى.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/292.
2 9/532.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/294، 295.
4 9/531.

(8/240)


ويحرم بوطء غلام ما يحرم بوطء امرأة نص عليه، واختار جماعة كمباشرة، قال ابن البنا وابن عقيل: وكذا دواعيه.
وتحرم الملاعنة أبدا على الملاعن، نقله الجماعة، وعنه: حلها بتكذيبه نفسه، وذكره ابن رزين الأظهر، وعنه بنكاح جديد أو ملك يمين.
ـــــــ
المسألة الثانية – 3: إذا لمسها أو لمسته لشهوة هل ينشر ذلك الحرمة أم لا ؟ أطلق الخلاف، والصواب أنها لا تنشر، بل هي أولى بعدم النشر من المباشرة لشهوة، وصححه ابن نصر الله في حواشيه.

(8/241)


ومتى لاعن لنفي ولد كبعد إبانة أو في نكاح فاسد فلا حد، وفي التحريم السابق وجهان "م 4".
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: "ومتى لاعن لنفي ولد كبعد إبانة أو في نكاح فاسد فلا حد، وفي التحريم السابق وجهان. انتهى. قال الشيخ في المغني والشارح في باب اللعان: وإن أبان زوجته ثم قذفها بزنا أضافه إلى الزوجة، فإن كان بينهما ولد يريد نفيه فله أن ينفيه باللعان، فمتى لاعنها لنفي ولدها انتفى وسقط عنه الحد، وفي ثبوت التحريم المؤبد وجهان:
أحدهما: له ذلك؛ لأن من كان له لعانها بعد الوضع كان له لعانها قبله، كالزوجة.
والثاني: ليس له ذلك، وهو ظاهر قول الخرقي؛ لأن الولد عنده لا ينتفي في حال الحمل، ثم قالا: وهكذا الحكم في نفي النكاح الفاسد. انتهى.
وقدم ابن رزين في شرحه أن التحريم لا يتأبد في هاتين المسألتين، وهو احتمال في الكافي2، والذي قدمه فيه التحريم المؤبد، كما إذا كان قبل الإبانة، وهو الصحيح، وظاهر كلام الأكثر، وأطلق الخلاف في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
ـــــــ
1 11/133.
2 4/597، 598.

(8/242)


فصل يحرم جمعه بنكاح بين أختين . وبين امرأة وعمتها أو خالتها وإن علتا من كل جهة. وعمة وخالة، بأن ينكح امرأة وابنه أمها فيولد لكل منهما
ـــــــ
.......................................
ـــــــ

(8/242)


بنت. وبين عمتين بأن ينكح أم رجل والآخر أمه فيولد لكل منهما بنت. وبين خالتين بأن ينكح كل منهما ابنة الآخر. وبين كل امرأتين لو كانت إحداهما ذكرا والأخرى أنثى حرم نكاحه، قال أحمد: خال أبيها بمنزلة خالها ولو رضيتا بنسب أو رضاع، وخالف فيه شيخنا؛ لأن تفريق الملك كجمع النكاح1، ولم يعرف هو قوله هنا، وفي تحريم المصاهرة برضاع، عن أحد، لكن قال: من لم يحرم بنت امرأته من النسب إذا لم تكن في حجره فكيف يحرم ابنتها من الرضاع؟ قال: ومن ادعى الإجماع في ذلك كذب.
فإن تزوجهما في عقد أو عقدين معا, بطلا. وإن تأخر أحدهما أو وقع في عدة الأخرى بطل. فإن جهل فسخا، وعنه: الأولى القارعة، وعلى الأول يلزمه نصف المهر تقترعان عليه، وذكر ابن عقيل رواية: لا؛ لأنه مكروه، اختاره أبو بكر: والمذهب تحريم جمعه بينهما في وطء ملك اليمين، وعنه: يكره.
وهل يكره جمعه بين بنتي عميه وعمتيه أو بنتي خاليه أو خالتيه أم
ـــــــ
1 يعني – والله أعلم – أن الموجب الحرمة التفريق بين القريبين في الملك هو نفس الموجب لحرمة الجمع بينهما في النكاح، وذلك الموجب غير موجود في قرابة الرضاع في الملك، فلا ينبغي أن يوجد فيه في النكاح.

(8/243)


لا؟ كجمعه بين من كانت زوجة رجل وبنته من غيرها؟ فيه روايتان "م 5" وحرمه في الروضة، قال: لأنه لا نص فيه، ولكن يكره قياسا، يعني على الأختين.
ولو أن لكل رجل بنتا ووطئ أمة فألحق ولدها بهما فتزوج رجل بالأمة وبالبنتين فقد تزوج أم رجل وأختيه، ذكره ابن عقيل.
وإن ملك أختين بشراء أو غيره، فمنعه أبو الخطاب من وطء إحداهما حتى يحرم الأخرى، والأصح جوازه، فإذا وطئ إحداهما حرمت الأخرى حتى يحرم على نفسه الموطوءة بتزويج أو إزالة ملكه أو استبراء، لا بتحريم، نص على ذلك.
وفي الاكتفاء بتحريمها بكتابة ورهن......................
ـــــــ
مسألة – 5: قوله: "وهل يكره جمعه بين بنتي عميه وعمتيه أو بنتي خاليه أو خالتيه أم لا؟... فيه روايتان". انتهى. وأطلقهما في المغني1 والشرح2 والزركشي:
إحداهما: لا يكره، وهو قوي، وبه قطع في المستوعب والوجيز وغيرهما، وقدمه في الرعاية وغيره. والرواية الثانية: يكره، وبه قطع في الكافي3، وهو الصواب، والمذهب على ما اصطلحناه.
ـــــــ
1 9/524.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/306.
3 4/273.

(8/244)


وبيع بشرط خيار وجهان "م 6" فإن عادت إلى ملكه تركهما حتى يحرم
ـــــــ
مسألة – 6: قوله فيما إذا ملك أختين: "وفي الاكتفاء بتحريمها بكتابة ورهن وبيع بشرط خيار وجهان". انتهى. وأطلقهما في القواعد الأصولية، وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير في الكتابة، قطع في الكافي1 والمغني2 والشرح3 أن الأخت لا تباح إذا رهنها أو كاتبها، وهو ظاهر كلام الخرقي، والشيخ في المقنع3، قال ابن رزين في شرحه: فإن رهنها أو كاتبها أو دبرها لم تحل أختها، وقطع به، وقال الزركشي: هذا الأشهر في الرهن، وقال: ظاهر إطلاق أحمد وكثير من الأصحاب الاكتفاء بزوال الملك ولو أمكنه الاسترجاع، كهبتها لولدها وبيعها بشرط الخيار. انتهى. وقدم في الرعايتين أن كتابتها تكفي، واختاره القاضي وغيره، وهو ظاهر كلام ابن عقيل وصاحب الوجيز في الجميع حين قالا: فإن وطئ إحداهما لم تحل الأخرى حتى يحرم الموطوءة بما لا يمكن أن يرفعه وحده، وقطع به ابن عبدوس في تذكرته.
تنبيهات:
الأول: قوله: "وبيع بشرط خيار". انتهى. قد صرح الأصحاب مثل ذلك، فيحتمل أن يقال هذا منهم على القول بجواز التفريق، على ما ذكروه في كتاب الجهاد، لكن يعكر على ذلك ما قبل البلوغ، فإنه ليس فيه نزاع، ويحتمل أن يقال بجواز البيع هنا للحاجة، وإن منعناه في غيره، قال الشيخ تقي الدين وتبعه ابن رجب: وأطلق أحمد والأصحاب تحريم الثانية حتى تخرج الأولى عن ملكه ببيع أو غيره، فإن بنيت هذه المسألة على ما ذكره الأصحاب في التفريق لزم أن لا يجوز التفريق بغير العتق فيما
ـــــــ
1 4/270.
2 9/539.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/313 – 314.

(8/245)


أحدهما، في ظاهر نصوصه. وفي المغني1: إن عادت قبل وطء أختها فهي المباحة، واختار في المحرر بل أيتهما شاء. وأنها إن عادت بعد وطء أختها فأختها المباحة، ولو خالف أولا فوطئهما واحدة بعد واحدة تركهما حتى يحرم إحداهما، وأباح القاضي وطء الأولى بعد استبراء الثانية.
ـــــــ
دون البلوغ، وبعده على روايتين، ولم يتعرضوا هنا إلى شيء من ذلك، ولعله مستثنى من التفريق المحرم للحاجة، وإلا لزم تحريم هذه الأمة بلا موجب. انتهيا.
الثاني: قوله: "فإن عادت إلى ملكه تركها حتى تحرم إحداهما، في ظاهر نصوصه. وفي المغني1: إن عادت قبل وطء أختها فهي المباحة، واختار في المحرر بل أيتهما شاء". انتهى.
ظاهر نصوصه هو المذهب، وهو ظاهر ما قدمه المصنف، قال في القاعدة الأربعين: هذا الأشهر، وهو المنصوص. انتهى. واختاره الخرقي وغيره، وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره ونظم المفردات وغيرهم، وقدمه في الرعايتين والحاوي. وقال الزركشي: إذا عادت بعد وطء الأخرى فالمنصوص في رواية جماعة وعليه عامة الأصحاب اجتنابها حتى يحرم إحداهما وإن عادت قبل وطء الأخرى، وظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي وكثير من الأصحاب أن الحكم كذلك. انتهى. واختار الشيخ والشارح والناظم وغيرهم ما نقله المصنف عنه في المغني، وكذا ذكر ما اختاره في المحرر، قال ابن نصر الله: هذا إذا عادت إليه على وجه لا يجب به الاستبراء، أما إن وجب الاستبراء لم يلزمه ترك أختها حتى يستبرئها. انتهى. وهو قيد حسن.
ـــــــ
1 9/541.

(8/246)


ولو ملك أختين مسلمة ومجوسية فله وطء المسلمة، ذكره في التبصرة. وإن اشترى أخت زوجته صح، ولا يطؤها في عدة الزوجة فإن فعل فالوجهان قبلها وهل دواعي الوطء كهو؟ فيه وجهان "م 7".
وفي صحة نكاح أخت سريته روايتان "م 8" فإن صح لم يطأ الزوجة حتى يحرم السرية، وعنه: تحريمهما حتى يحرم إحداهما، وكذا لو تزوجها بعد تحريم سريته ثم رجعت السرية إليه، لكن النكاح يكون بحاله.
ـــــــ
الثالث: قوله: "وإن اشترى أخت زوجته صح ولا يطأها في عدة الزوجة، فإن فعل فالوجهان قبلها". انتهى. مراده بالوجهين الوجهان المذكوران قبلها فيما إذا حرمها بكتابة أو رهن أو بيع، فيما يظهر، وقد علمت الصحيح من ذلك.
مسألة – 7: قوله: "وهل دواعي الوطء كهو؟ فيه وجهان". انتهى. قال في القاعدة السادسة والثلاثين بعد المائة، الجمع بين المملوكتين في الاستمتاع بمقدمات الوطء، قال ابن عقيل: يكره ولا يحرم، ويتوجه أن يحرم، أما إذا قلنا إن المباشرة لشهوة كالوطء في تحريم الأختين حتى يحرم الأولى فلا إشكال. انتهى.
وقدم في المغني1 والشرح2 أن حكم المباشرة من الإماء فيما دون الفرج والنظر إلى الفرج بشهوة فيما يرجع إلى تحريم أختها كحكمه في تحريم الربيبة، وقالا: الصحيح أنها لا تحرم بذلك؛ لأن الحل ثابت، فلا تحرم إلا بالوطء فقط، وقدم ابن رزين في شرحه إباحة المباشرة والنظر إلى الفرج لشهوة، وهذا الصحيح.
مسألة – 8: قوله: "وفي صحة نكاح أخت سريته روايتان". انتهى. وأطلقهما في المذهب:
ـــــــ
1 9/541.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/320.

(8/247)


وإن أعتق سريته ثم تزوج أختها في مدة استبرائها ففي صحة العقد الروايتان "م 9" وله نكاح أربع سواها، في الأصح.
ومن جمع1 محللة ومحرمة في عقد، ففي صحته في المحلله روايتان "م10". ومن تزوج أما وبنتاً في عقد، فسد في الأم، وقيل: والبنت.
ـــــــ
إحداهما: لا يصح، وهو الصحيح، اختاره أبو بكر، قال القاضي: وهو ظاهر كلام الإمام أحمد، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير، وقطع به في المنور ونظم المفردات، ومال إليه الشيخ في المغني2 والشارح.
والرواية الثانية: يصح، نقلها حنبل، ولا يطأ حتى يحرم الأمة، قطع به في الوجيز، وصححه في النظم.
مسألة – 9: قوله: "فإن أعتق سريته ثم تزوج أختها في مدة استبرائها ففي صحة العقد الروايتان". انتهى. وقد علمت الصحيح منهما في التي قبلها، والنكاح في الاستبراء كالنكاح قبله، والله أعلم.
مسألة – 10: قوله: "ومن جمع محللة ومحرمة في عقد3 واحد ففي صحته في المحللة روايتان". انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع4 وغيرهم:
إحداهما: يصح فيمن تحل، وهو الصحيح، قال الشيخ الموفق والشارح: والمنصوص صحة نكاح الأجنبية، وصححه في التصحيح وتجريد العناية. وبه
ـــــــ
1 بعدها في الأصل: "بين".
2 9/541، 542.
3 بعدها في النسخ الخطية و"ط": "واحد".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/379.

(8/248)


فصل ويحرم جمع حر فوق أربع نسوة وعبد فوق ثنتين. ولمن نصفه فأقل غير حر جمع ثلاث، نص عليه، وقيل ثنتين. وفي الفنون: قال فقيه: شهوة المرأة فوق شهوة الرجل تسعة أجزاء، فقال حنبلي: لو كان هذا ما كان له أن يتزوج بأربع وينكح ما شاء من الإماء، ولا تزيد المرأة على رجل، ولها من القسم الربع، وحاشا حكمته أن يضيق على الأحوج.
وذكر ابن عبد البر عن أبي هريرة رضي الله عنه وبعضهم يرفعه "فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين جزءا من اللذة، أو قال: من الشهوة، ولكن الله ألقى عليهن الحياء"1 ومن طلق واحدة من نهاية
ـــــــ
قطع الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم، واختاره القاضي في تعليقه، والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيخ الموفق والشارح وغيرهم. وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن رزين وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يصح، اختاره أبو بكر.
ـــــــ
1 أخرجه البيهقي في "الشعب" "7773".

(8/249)


جمعه حرم تزويجه بدلها حتى تنقضي عدتها، بخلاف موتها، نص عليهما. فإن قال: أخبرتني بانقضاء عدتها، فكذبته، فله نكاح أختها، وبدلها، في الأصح. ولا تسقط السكنى والنفقة ونسب الولد، بل الرجعة.
وإن وطئ بشبهة أو زنا حرم في العدة نكاح أختها ولو أنها زوجته، نص عليه. وفي وطء أربع غيرها أو العقد عليهن وجهان "م 11".
ومن وطئت بشبهة حرم نكاحها في العدة. وهل للواطئ نكاحها في
ـــــــ
مسألة – 11: قوله: "وإن وطئ بشبهة أو زنا حرم في العدة نكاح أختها ولو أنها زوجته... وفي وطء1 أربع غيرها، أو العقد عليهن وجهان". انتهى. وأطلقهما في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والرعاية الكبرى في موضع:
أحدهما: لا يجوز ولا يصح، وهو الصحيح من المذهب، اختاره أبو بكر في الخلاف، وأبو الخطاب في الانتصار، وابن عقيل، وقدمه في المغني2 والشرح3 والزركشي واختاره.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 9/479.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/333.

(8/250)


عدته؟ فعنه: له ذلك، ذكرها شيخنا، واختارها واختاره الشيخ، وعنه: لا، ذكرها في المحرر، وذكره في المغني1 قياس المذهب، ومراده من مسألة من لزمتها عدة من غيره، فإنه نص أحمد في رواية أبي طالب، وعليه الأصحاب، ولم يذكروا مسألة القيام بالمنع، كما ذكره الشيخ، وفي القياس نظر، وعنه: إن لزمتها عدة من غيره حرم، وإلا فلا، وهي أشهر "م 12" وعنه: إن نكح معتدة من زوج بنكاح فاسد ووطئ حرمت عليه أبدا.
والزانية محرمة حتى تعتد وتتوب، نص عليهما. وفي الانتصار:
ـــــــ
والوجه الثاني: تجوز، وبه قطع في المستوعب، وقدمه في الرعاية الكبرى في موضع آخر، وهو احتمال في المغني2 والشرح3. وقال القاضي في التعليق: يمنع من وطء الأربع حتى يستظهر بالزانية حملا، واستبعده المجد، قال في القاعدة التاسعة بعد المائة: وهو كما قال المجد؛ لأن التحريم هل لأجل الجمع بين خمس، فيكفي فيه أن يمسك عن واحدة منهن حتى تستبرئ، وصرح به صاحب الترغيب. انتهى.
مسألة- 12: قوله: "ومن وطئت بشبهة حرم نكاحها في العدة، وهل للواطئ نكاحها في عدته؟ فعنه: له ذلك، ذكره4 شيخنا، واختارها واختاره الشيخ، وعنه: لا. ذكرها في المحرر، وذكره في المغني5 قياس المذهب... وعنه إن لزمتها عدة
ـــــــ
1 11/240.
2 9/480.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/333.
4 في "ص": "ذكر".
5 11/240.

(8/251)


ظاهر نقل حنبل في التوبة: لا، وقاله بعض أصحابنا إن نكحها غيره، ذكره أبو يعلى الصغير، وعنه: ويتوب الزاني إن نكحها، ذكره ابن الجوزي عن أصحابنا، والتوبة كغيرها، ونصه الامتناع من الزنا بعد الدعاية روي عن عمر وابن عباس1.
ويحرم نكاح كافر مسلمة ولو وكيلا، ونكاح مسلم ولو عبدا كافرة، إلا حرة كتابية، والأولى تركه، وكرهه القاضي وشيخنا، وأنه قول أكثر العلماء، كذبائحهم بلا حاجة، وقيل: تحرم حربية، وعنه: وتباح أمة.
ـــــــ
من غيره حرم وإلا فلا، وهي أشهر". انتهى.
الذي قال المصنف: إنه أشهر هو المذهب، قال في المحرر والحاوي الصغير: وهي أصح، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، قال الزركشي في العدة وعلى هذا الأصحاب، كأنه ما عدا أبا محمد. انتهى. وجزم به في المنور وغيره، والرواية الأولى التي اختارها الشيخ تقي الدين والشيخ الموفق صححها الناظم، فتتقوى هذه الرواية باختيار هؤلاء المحققين.
والرواية الثانية قدمها في الرعايتين، قال في الكافي2: ظاهر كلام الخرقي تحريمها على الواطئ وذكرها في المغني3 قياس المذهب، والرواية التي قبلها أقوى وأولى.
ـــــــ
1 لم أجده.
2 5/29.
3 11/240.

(8/252)


وتحل مناكحة وذبيحة نصارى بني تغلب، على الأصح، قيل: هما في بقية اليهود والنصارى من العرب.
وفيمن دان بصحف شيث وإبراهيم والزبور وجه، فيقر بجزية ويتوجه: ولو لم نقل به هنا.
ومن أحد أبويه كتابي فاختار دينه فالأشهر تحريم مناكحته وذبيحته، وعنه: لا في الأولة، ويحرمان1 ممن شك فيه مع أخذ الجزية، وفيها خلاف يأتي2، وإن كانا غير كتابيين فالتحريم، وقيل عنه: لا، وجزم به في المغني3 على الثانية في التي قبلها، واختاره شيخنا اعتبارا
ـــــــ
تنبيه: قوله: "وفيمن دان بصحف شيث وإبراهيم والزبور وجه، فيقر بجزية"، يعني فيها وجه4 بإباحة مناكحتهما. وحل ذبائحهما، فعلى هذا الوجه يقر بجزية، وهو المذهب، وعليه الأصحاب.
ـــــــ
1 في "ر": "ويجزيان".
2 10/326.
3 9/549.
4 في النسخ الخطية: "وجهاً"، والمثبت من "ط".

(8/253)


بنفسه، وأنه منصوص أحمد في عامة أجوبته، وأنه مذهب "هـ م"، والجمهور أن قول أحمد في الرواية الأخرى لم يكن لأجل النسب، بل؛ لأنهم لم يدخلوا إلا فيما يشتهر من الخمر ونحوه.
ولا ينكح مجوسي كتابية، في المنصوص، وقيل: ولا كتابي مجوسية.
وتحرم أمة مسلمة على حر مسلم إلا لخوفه عنت العزوبة لحاجة المتعة أو مرضا، قاله في الترغيب، أو الخدمة، ولم يذكرها جماعة.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/254)


ويعجز عن طول حرة. وفي الانتصار احتمال مؤمنة؛ لظاهر الآية1، قال جماعة: وثمن أمة، وفيه في الترغيب: وحرة كتابية وجهان، وأطلق أحمد الحرة، ولم يذكر ثمن أمة ولا غير خوف العنت. وفي التبصرة: لا تحرم إذا عدم الشرطان أو أحدهما، والطول بملكه مالا حاضرا، 2وقيل: إن رضيت دون مهرها أو بتأجيله لزمه، وقيل: في الأولة، قال في المغني3، ما لم يجحف به. وفي الترغيب2: ما لم يعد سرفا.
وحرة لا توطأ لصغر4 أو غيبة كعدم، في المنصوص، وكذا مريضة. 5نص عليه5 وفي الترغيب وجهان. وفيه: من نصفها حر أولى من أمة؛ لأن إرقاق بعض الولد أولى من جميعه، فإن لم تعفه فثانية ثم ثالثة ثم رابعة، وعنه: واحدة فقط، اختاره أبو بكر وغيره.
ومن تزوج أمة بشرطه ففي انفساخ نكاحها بيساره أو نكاحه حرة وفي الترغيب: أو زال خوف عنت روايتان "م 13 و 14" وفي المنتخب:
ـــــــ
مسألة – 13- 14: قوله: "ومن تزوج أمة بشرطه ففي انفساخ نكاحها بيساره أو نكاحه حرة وفي الترغيب أو زوال خوف عنت روايتان". انتهى. وأطلقهما فيها في
ـــــــ
1 هي قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} الآية [النساء: 25].
2 ليست في "ر".
3 9/557.
4 في الأًصل: "لصغير".
5 ليست في "ر" و"ط".

(8/255)


يكون طلاقا لا فسخا، ونقله ابن منصور إذا تزوج حرة على أمة يكون طلاقا للأمة؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما1. قال أبو بكر: مسألة إسحاق مفردة.
ـــــــ
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع2 والبلغة والمحرر والحاوي الصغير وغيرهم، وأطلقهما في المغني3 والشرح2 فيما إذا نكح حرة، ذكر المصنف مسألتين:
المسألة الأولى – 13: إذا تزوج أمة وفيه الشرطان قائمان ثم أيسر. فهل يبطل نكاحها أم لا؟ أطلق الخلاف:
إحداهما: لا يبطل، وهو الصحيح، قال الزركشي: هذا المذهب والمنصوص المجزوم به عند عامة الأصحاب. انتهى. وصححه في التصحيح والنظم، والشيخ والشارح وقالا: هذا ظاهر المذهب، وبه قطع الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
والرواية الثانية: يبطل، خرجها القاضي وغيره من رواية صحة نكاح حرة على أمة، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وقدمه في الرعايتين، وكان من حق المصنف أن يقدم القول الأول ولا يطلق الخلاف.
المسألة الثانية – 14: إذا نكح حرة على أمة فهل يبطل نكاح الأمة ويفسخ أم لا؟ أطلق الخلاف.
إحداهما: لا يبطل، وهو الصحيح من المذهب، صححه في التصحيح والنظم، وابن رجب في القاعدة التاسعة بعد المائة، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وجزم به في الوجيز.
ـــــــ
1 أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 7/176. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نكاح الحرة على الأمة طلاق الأمة.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/364.
3 9/559.

(8/256)


ولعبد نكاح إماء مطلقا، ومثله مكاتب ومعتق بعضه، مع أن الشيخ وغيره عللوا مسألة العبد بالمساواة، فيقتضي المنع فيهما أو في المعتق بعضه.
وإن تزوجها على حرة حر بشرطه أو عبد جاز، وعنه: لا، فإن جمع بينهما في عقد صح على الأولى لا الثانية، ونقل ابن منصور: يصح في الحرة. وفي الموجز في عبد رواية عكسها، وكذا في التبصرة، لفقد الكفاءة، وأنه لو لم يعتبر صح فيهما، وهو رواية في المذهب.
وكتابي وفي الوسيلة: ومجوسي. وفي المجموع: وكل كافر كمسلم في نكاح أمة، قال في الترغيب وغيره: فإن اعتبر فيها الإسلام اعتبر في الكتابي كونها كتابية.
ـــــــ
والرواية الثانية: يبطل، قطع به ناظم المفردات وقد قال:
بنيتها على الصحيح الأشهر.
وقدمه في الرعايتين.
فهذه أربع عشرة مسألة قد صححت في هذا الباب.

(8/257)


فصل لا ينكح عبد سيدته، ولا سيد أمته، ولحر نكاح أمة والده، دون أمة ولده في الأصح فيهما،
ومثله حرة نكحت عبد ولدها، وقيل: يجوز، ويحلان لهما مع رق.
ويصح نكاح أمة من بيت المال، مع أن فيه شبهة تسقط الحد، لكن لا
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/257)


تجعل الأمة أم ولد، ذكره في الفنون.
وإن ملك أحد الزوجين وعلى الأصح: أو ولده الحر. وفي الأصح: أو مكاتبه الزوج الآخر أو بعضه انفسخ النكاح.
فلو بعثت إليه زوجته: حرمت عليك ونكحت غيرك وعليك نفقتي ونفقة زوجي، فقد ملكت زوجها وتزوجت ابن عمها.
ومن حرم نكاحها حرم وطأها بملك اليمين، وجوزه شيخنا، كأمة كتابية.
ولا يصح نكاح خنثى مشكل حتى يتبين أمره، نص عليه. وقال الخرقي: إذا قال: أنا رجل، لم ينكح إلا النساء، وعكسه بعكسه. فلو عاد عن قوله الأول فله نكاح ما عاد إليه، في الأصح، فلو كان نكح انفسخ نكاحه من امرأة خاصة.
ولا يحرم في الجنة زيادة العدد والجمع بين المحارم وغيره ذكره شيخنا.
ـــــــ
.........................................
ـــــــ

(8/258)


باب الشروط في النكاح
مدخل
...
باب الشروط في النكاح
إذا شرطت في العقد قاله في المحرر، وقال حفيده: أو اتفقا قبله في ظاهر المذهب "م 1" وأن على هذا جواب الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسائل الحيل؛ لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناول ذلك تناولا واحدا أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يتزوج عليها، أو لا يتسرى، قال شيخنا: أو إن تزوج عليها1 فلها تطليقها، صح، فإن خالفه فلها الفسخ، نص عليه، كزيادة مهر أو نقد معين، وشرط ترك سفره بعبد
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "إذا شرطت في العقد قاله في المحرر، وقال حفيده: أو اتفقا قبله، في ظاهر المذهب" انتهى، الذي قاله في المحرر قطع به في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم، وتذكرة ابن عبدوس، وغيرهم، وقاله القاضي في موضع من كلامه، والذي قاله الشيخ تقي الدين قال عنه الزركشي: هو ظاهر إطلاق الخرقي وأبي الخطاب وأبي محمد وغيرهم، قال: وقال الشيخ تقي الدين: هو ظاهر المذهب ومنصوص أحمد وقول قدماء أصحابه ومحققي المتأخرين. انتهى. قلت: وهو الصواب، قال الشيخ تقي الدين وعلى هذا جواب أحمد في مسائل الحيل؛ لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناول ذلك تناولا واحدا، قال الشيخ تقي الدين: وكذا قال القاضي وغيره كما قال المجد: إذا شرط لها في العقد، قال: ولعل مرادهم بذلك الاحتراز عما شرط بعد العقد، كما دل عليه كلام أحمد. انتهى.
فنقل الشيخ تقي الدين في المسألة عن القاضي وغيره، كما قال في المحرر، ولم يطلع عليه المصنف، فلذلك عزاه إلى صاحب المحرر.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/259)


مستأجر، وذكر جماعة طريقة: لا يجوز له السفر، كهذه الصورة. قال شيخنا: ولو خدعها فسافر بها ثم كرهته لم يكرها.
ويصح شرط طلاق ضرتها، في رواية، وذكره جماعة، وقيل: باطل "م 2" والأشهر: ومثله بيع أمته.
قال في عيون المسائل وغيرها: وإن
ـــــــ
مسألة – 2: قوله: "ويصح شرط1 طلاق ضرتها، في رواية، وذكره جماعة، وقيل باطل". انتهى.
القول الأول: عليه أكثر الأصحاب، وبه قطع في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم، 2قاله القاضي في الجامع، والفخر ابن تيمية2
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية و"ط"، والمثبت من "الفروع".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/260)


شرطت أن يسافر بها إذا أرادت انتقالا لم يصح؛ لأن اشتراط تصرف في الزوج بحكم عقد النكاح، وذلك لا يجوز، كما لو شرطت أن تستدعيه إلى النكاح، وقت حاجتها وإرادتها، وهنا شرطت التسليم على نفسها في مكان مخصوص، واقتصرت بالشرط من تصرفه فيها على بعض ما يستحقه من التصرف بإطلاق العقد، وذلك غير ممتنع، كما بينا أن الشرع قصر تصرفه على مكان وعدد، فلا يخص الشرع الزوجة بالتصرف في الزوج بحال، كذا قال، ويتوجه: لا تبعد صحة ذلك، وأنه يخرج من شرطها طلاق ضرتها، وأن ظاهر ما احتجوا به من الأمر بالوفاء بالعقود والشروط والمعاني يدل عليه.
قال شيخنا فيمن شرط لها أن يسكنها بمنزل أبيه فسكنت ثم طلبت سكنى منفردة وهو عاجز: لا يلزمه ما عجز عنه، بل لو كان قادرا فليس لها عند "م" وأحد القولين في مذهب أحمد وغيرهما غير ما شرطت لها، كذا قال.
والظاهر أن مرادهم صحة الشرط في الجملة، بمعنى ثبوت الخيار لها بعدمه، لا أنه يلزمها؛ لأنه شرط لحقها لمصلحتها لا لحقه لمصلحته حتى يلزم في حقها، ولهذا لو سلمت نفسها من شرطت دارها فيها أو في داره لزم، وسيأتي. إن شاء الله تعالى.
ـــــــ
وقدمه في المقنع1 وشرح ابن رزين، والقول ببطلانه احتمال في المغني2 والشرح1، قال الشيخ الموفق: وهو الصحيح، قال: ولم أر ما قاله أبو الخطاب كغيره. انتهى. وصححه الناظم وابن رزين في شرحه، وقدمه في المغني2 قلت: وهو الصحيح من المذهب، على ما اصطلحناه، والصواب، والله أعلم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/395.
2 9/485 – 486.

(8/261)


وقال في الهدي1 في قصة بني هشام بن المغيرة لما استأذنوا أن يزوجوا علي بن أبي طالب ابنة أبي جهل قال فيه: إنه تضمن هذا مسألة الشرط؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه يؤذي فاطمة رضي الله عنها ويريبها، ويؤذيه ويريبه. وأنه معلوم أنه [إنما] زوجه على عدم ذلك، وأنه إنما دخل عليه وإن لم يشرط في العقد، وفي ذكره صلى الله عليه وسلم صهره الآخر بأنه حدثه فصدقه، ووعده فوفى له، تعريض لعلي رضي الله عنه وأنه قد جرى منه وعد له بذلك، فحثه عليه2، قال فيؤخذ من هذا أن المشروط عرفا كالمشروط لفظا، وإن عدمه يملك به الفسخ، فقوم لا يخرجون نساءهم من ديارهم أو المرأة من بيت لا يزوج الرجل على نسائهم ضرة، ويمنعون الأزواج منه، أو يعلم عادة أن المرأة لا تمكن من إدخال الضرة عليها، كان ذلك كالمشروط لفظا، وهذا مطرد على قواعد أهل المدينة وأحمد أن الشرط العرفي كاللفظي، ولهذا أوجبوا الأجرة على من دفع ثوبه إلى قصار، المسألة المشهورة. وقال أيضا: وقال "م"، أدركت الناس يقولون: إذا لم ينفق الرجل على امرأته فرق بينهما، فقيل له: قد كانت الصحابة رضي الله عنهم يعسرون ويحتاجون، فقال: ليس الناس اليوم كذلك. إنما تزوجته رجاء الدنيا3 يعني أن نساء الصحابة رضي الله عنهم كن يردن الدار الآخرة، والنساء اليوم رجاء الدنيا،
ـــــــ
........................................
ـــــــ
ـــــــ
1 زاد المعاد 5/107.
2 أخرجه البخاري "3110"، "5230"، ومسلم "2449" "95".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/262)


فصار هذا العرف كالمشروط1، والشرط العرفي في أصل مذهبه كاللفظي.
ومتى بانت فلا حق لها في الشرط. نقل أبو الحارث، وإن أعطته مالا واشترطت عليه أن لا يتزوج عليها يرد عليها المال إذا تزوج2، وأنه لو دفع إليها مالا على أن لا تتزوج بعد موته فتزوجت ترد المال إلى ورثته.
وإن زوج وليته رجلا على أن يزوجه وليته فأجابه ولا مهر لم يصح العقد، كشرطه، وعنه: بلى، وهو شغار، ويصح مع مهر مستقل غير قليل
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "كالشرط".
2 بعدها في الأصل: "عليها".

(8/263)


حيلة به، نص عليه، وقيل: بمهر المثل. وفي الخرقي والانتصار: لا يصح، وذكره ابن عقيل رواية: وقيل: لا يصح مع قوله: وبضع كل واحدة مهر الأخرى فقط، وظاهر كلام ابن الجوزي يصح معه بتسميته، وذكر شيخنا وجها واختاره أن بطلانه لاشتراط عدم المهر.
وإن تزوجها بشرط أنه متى أحلها للأول طلقها، أو فلا نكاح بينهما، لم يصح العقد، كشرطه، وعنه: بلى، وكذا نيته أو اتفقا قبله، على الأصح. وكذا إن تزوجها إلى مدة، وهو نكاح المتعة، وقطع الشيخ فيها بصحته مع النية، ونصه: والأصحاب خلافه، ونقل أبو داود فيها: هو شبيه
ـــــــ
......................................
ـــــــ

(8/264)


بالمتعة، لا، حتى يتزوجها على أنها امرأته ما حييت. وفي النوادر: دلالة الحال فيها الروايتان، وعنه: النهي عنها تنزيه، ويكره تقليد مفت بها، قاله في الرعاية. وذكر القاضي وجماعة، أنها كغيرها من مسائل الخلاف ولا تثبت أحكام الزوجية، ولم أجد فيه خلافا، بل وطء الشبهة، وذكر أبو إسحاق وابن بطة أنها كالزنا.
وتزويجها المطلق ثلاثا لعبده1 بنية هبته أو بيعه منها ليفسخ النكاح كنية الزوج. ومن لا فرقة بيده لا أثر لنيته.
وفي الفنون فيمن طلق زوجته الأمة ثلاثا ثم اشتراها لتأسفه على طلاقها: حلها بعيد في مذهبنا؛ لأنه يقف على زوج وإصابة، ومتى زوجها
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "كعبده".

(8/265)


مع ما ظهر من تأسفه عليها لم يكن قصده بالنكاح إلا التحليل، والقصد عندنا يؤثر في النكاح، بدليل ما ذكره أصحابنا: إذا تزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج من البلد لم يصح. وفي الروضة: نكاح المحلل باطل إذا اتفقا فإن اعتقدت ذلك باطنا ولم تظهره صح في الحكم وبطل فيما بينها وبين الله تعالى.
ويصح النكاح إلى الممات. وفي الواضح: نيتها كنيته، ومن عزم على تزويجه بالمطلقة ثلاثا ووعدها سرا كان أشد تحريما من التصريح بخطبة معتدة "ع" لا سيما وينفق عليها ويعطيها ما تحلل به، ذكره شيخنا.
ومتى شرط نفي الحل في نكاح أو علق ابتداءه على شرط فسد العقد، على الأصح، كالشرط. وقال شيخنا: ذكر القاضي وغيره روايتين في تعليقه بشرط، والأنص من كلامه جوازه، كالطلاق، قال: والفرق بأن هذا معاوضة أو إيجاب، وذاك إسقاط غير مؤثر، وبأنه ينتقض بنذر التبرر وبالجعالة.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/266)


وإن شرط عدم1 مهر أو نفقة أو قسمة لها أقل من ضرتها أو أكثر أو شرط أحدهما عدم وطء ونحوه فسد الشرط لا العقد، نص عليهما، وقيل: يفسد، نقل المروذي: إذا تزوج النهاريات أو الليليات ليس من نكاح أهل الإسلام.
ونقل عبد الله وحنبل: إذا تزوج على شرط ثم بدا له أن يقيم جدد النكاح. وفي مفردات ابن عقيل: ذكر أبو بكر فيما إذا شرط أن لا يطأ ولا ينفق أو إن فارق رجع بما أنفق روايتين، يعني في صحة العقد، واختاره2 شيخنا، 3بنفي مهر3 وأنه قول أكثر السلف، كما في مذهب "م" وغيره، لحديث الشغار4. وقيل بعدم وطئه، ونقل الأثرم توقفه في الشرط، قال شيخنا: فيخرج على وجهين، واختار صحته، كشرطه ترك ما يستحقه، وفرق القاضي بأن له مخلصا، لملكه طلاقها.
وأجاب شيخنا: بأن عليه المهر، وأن ابن عقيل سوى بينهما، فإن صح وطلبته فارقها وأخذ المهر، وهو في معنى الخلع، فإن وجبت الفرقة ثم
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 بعدها في "ر": "أي: فساد العقد".
3 ليست في "ط".
4 أخرج البخاري "5113"، ومسلم "1415" "57'، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، ليس بينهما صداق.

(8/267)


وجبت هنا، وأن على الأول للفائت غرضه الجاهل بفساده الفسخ بلا شيء، كالبيع وأولى.
وإن شرطا أو أحدهما فيه خيارا أو إن جاءها بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما ففي صحة العقد روايتان "م 3" وعنه: صحتهما، واختار شيخنا صحتهما في شرط الخيار، قال: وإن بطل الشرط لم يلزم العقد بدونه، فإن الأصل في الشروط الوفاء، وشرط الخيار له مقصود صحيح.
وقال شيخنا: وكذا تعليق النكاح على شرط فيه ثلاث روايات، وذكر ابن عقيل في الثانية1 رواية: يفسد المهر؛ لأنه يأخذ قسطا، فبتأخيره عن أجله يحصل مجهولا.
ـــــــ
مسألة – 3: قوله: "وإن شرطا أو أحدهما فيه خيارا، أو إن جاء بالمهر وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما2، ففي صحة العقد روايتان". انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي3 والمقنع4، والمغني5 في الثانية، والشرح4 وشرح ابن منجى وغيرهم:
إحداهما: يصح، وهو الصحيح، نص عليه في رواية الأثرم، وصححه في التصحيح، وبه قطع في الوجيز وغيره، واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره، وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن رزين وغيرهم، واختاره الشيخ تقي الدين فيما إذا شرط الخيار.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في النسخ الخطية و"ط". "بيننا". والمثبت من "الفروع".
3 4/288 – 298.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/424 – 425.
5 9/488.

(8/268)


وشرط الخيار في المهر قيل كذلك، وقيل1: يصح "م 4" وإن طلق بشرط خيار وقع.
ـــــــ
والرواية الثانية: لا يصح، قدمه في المغني2 في الأولى.
مسألة – 4: قوله: "وشرط الخيار في المهر قيل كذلك، وقيل: يصح". انتهى.
قلت: قطع الشيخ في المغني2 والشارح وابن رزين في شرحه بصحة النكاح، وأطلق في المغني2 والشرح3 في الصداق ثلاثة أوجه: صحة الصداق مع بطلان الخيار، وصحته وثبوت الخيار فيه، وبطلان الصداق.
4وقدم ابن رزين في بطلان الصداق، والصواب ما قطع به في "المغني"4 وقدمه ابن رزين أيضا، والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 9/488 – 489.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/426.
4 لسيت في "ط".

(8/269)


فصل وإن شرطها مسلمة، أو زوجتك هذه المسلمة فبانت كتابية، فله الفسخ.
فإن عكس أو ظنها مسلمة ولم تعرف بتقدم كفر وقيل: أو ظنها بكرا فبانت بخلافة فوجهان "م 5، 6".
ـــــــ
مسألة – 5 – 6: قاله: "فإن عكس" يعني لو شرطها كافرة فبانت مسلمة، أو قال زوجتك هذه الكافرة فبانت مسلمة، أو ظنها مسلمة "ولم تعرف بتقدم5 كفر فوجهان". انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى – 5: لو شرطها كتابية فبانت مسلمة، أو قال زوجتك هذه
ـــــــ
5 في النسخ الخطية "بتقديم"، والمثبت من "ط".

(8/269)


وإن شرط بكرا أو جميلة أو نسيبة أو نفي عيب لا يثبت الفسخ، فبانت بخلافه، فعنه: له الفسخ، اختاره في الترغيب وشيخنا "و م ق" وعنه: لا "و هـ ق" "م 7" وفي الإيضاح، واختاره في الفصول في شرط
ـــــــ
الكافرة فبانت مسلمة، فهل يثبت له الخيار أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير:
أحدهما: لا خيار له، وهو الصحيح، صححه الشيخ الموفق والشارح والناظم وغيرهم، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وقطع به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي1 والمقنع2 والشرح2 وغيرهم.
والوجه الثاني: له الخيار، اختاره أبو بكر، وقاله في الترغيب، قال الناظم: وهو بعيد.
تنبيه: كان الأولى أن المصنف كان يقدم أنه لا خيار له، لا أنه يطلق الخلاف، كما قاله في البيع، فإنه قدم هناك عدم الفسخ.
المسألة الثانية – 6: لو ظنها مسلمة ولم تعرف بتقدم كفر فبانت كافرة، فالحكم فيها كالتي قبلها، قاله في المحرر والرعايتين والحاوي والمصنف وغيرهم، وقطع في الكافي1 والمغني3 والشرح4 وغيرهم أن له الخيار في هذه الصورة، فيكون هذا هو الصحيح، وهذه المسألة ليست كالتي قبلها على هذا.
مسألة – 7: قوله: "وإن شرط بكرا أو جميلة أو نسيبة أو نفي عيب لا يثبت
ـــــــ
1 4/310.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/427.
3 9/452.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/430.

(8/270)


بكر، إن لم يملكه رجع بما بين المهرين، ويتوجه مثله بقية الشروط. وفي الفنون في شرط بكر يحتمل فساد العقد؛ لأن لنا قولا إذا تزوجها على صفة فبانت بخلافها بطل العقد، قال شيخنا: ويرجع على الغار، وإن غرته وقبضته وإلا سقط، في ظاهر المذهب، ولا يلزمه أقل مهر "م".
وإن شرط أمة فبانت حرة، أو صفة فبانت أعلى، فلا فسخ، في الأصح وفي الترغيب: يفسخ إن شرط مسلمة فبانت كتابية، أو ثيبا فبانت بكرا، وإن شرطها واعتبر في المستوعب مقارنته أو ظنها حرة،
ـــــــ
الفسخ فبانت بخلافه، فعنه: له الفسخ، اختاره في الترغيب وشيخنا، وعنه: لا. انتهى. وأطلقهما في المغني1 والكافي2 والمقنع3 والمحرر والشرح3 والحاوي الصغير وغيرهم:
إحداهما: له الخيار بين الفسخ والإمساك، اختاره في الترغيب والبلغة والناظم والشيخ تقي الدين، وابن عبدوس في تذكرته، وغيرهم، وقدمه في الرعايتين، وهو الصواب.
والرواية الثانية: ليس له ذلك، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، وبه قطع في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم، وقدمه ابن رزين في البكر، قال في المستوعب: فإن غرته بنسب أو صفة، مثل أن تزوجها على أنها عربية أو هاشمية فتبين دون ذلك، أو على أنها بيضاء فتبين سوداء، أو أنها طويلة فتبين قصيرة، وما أشبه ذلك، فالنكاح صحيح ولا خيار له. انتهى.
وقال ابن رزين: وإن شرطها بكرا فبانت ثيبا فلا خيار له، وقيل: له الخيار. فإن
ـــــــ
1 9/451.
2 4/310.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/429.

(8/271)


فبانت أمة، فإن لم تبح له فباطل، كعلمه، وعند أبي بكر يصح، فله الخيار وبناه في الواضح على الكفاءة، ولمن يباح له الخيار إلا أن
ـــــــ
شرطها نسيبة أو جميلة أو طويلة أو شرط نفي عيب لا ينفسخ به النكاح ونحوه فوجهان. انتهى.
1تنبيه: قوله: "وإن شرطها... أو ظنها حرة فبانت أمة فإن لم تبح له فباطل، كعلمه، وعند أبي بكر يصح، فله الخيار". انتهى.
فظاهر هذه العبارة أنه إذا شرطها أو ظنها حرة فبانت أمة وهو ممن لا يباح له نكاح الإماء أن النكاح يصح على قول أبي بكر، وهو مشكل جدا، والمحكي عن أبي بكر إنما هو إذا شرطها كتابية فبانت مسلمة. وقال القاضي في الجامع: قياس قول أبي بكر إذا شرطها أمة فبانت حرة، فهذا قول أبي بكر، والمقيس على كلامه، وأما إذا شرطها حرة فبانت أمة أو ظنها حرة فبانت أمة وهو ممن لا يباح له نكاح الإماء يقول أبو بكر: إن النكاح صحيح، وله الخيار: فهذا بعيد جدا، بل هو ساقط، والظاهر أن في كلام المصنف سقطا، أو حصل سهوا وأنا لم نفهم كلامه، والله أعلم1.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/272)


يظنها عتيقة، وقدم في الترغيب: أو يظنها حرة، وقيل: لا فسخ كعبد وينعقد الولد حرا، قال ابن عقيل: كما ينعقد ولد القرشي قرشيا باعتقاده، ويفديه، وعنه: لا، وعنه: هو بدونه رقيق، وهو كولد مغصوبة، ويفديه العبد بعد عتقه، وقيل: برقبته، وهو رواية في الترغيب، ويرجعان على الغار، كأمره بإتلاف مال غيره غره1 بأنه له فلم يكن، ذكره في الواضح مع شرط، وقيل: مقارن. وفي المغني2: ومع إبهامه بقرينة حريتها، وفيه: ولو أجنبيا، كوكيلها، وما ذكره هو إطلاق نصوصه، وقاله أبو الخطاب وقاله فيما إذا دلس غير البائع، ولمستحقه مطالبة الغار ابتداء، نص عليه، وولدهما بعد عبد.
وفي لزوم المسمى أو مهر المثل ورجوعه به الروايتان "م 8 و 9".
ـــــــ
3ومما يدل على أن في كلامه نقصا قوله بعد ذلك: "وبناه في الواضح على الكفاءة". وهذا لا يلائم المسألة3.
مسألة – 8- 9: قوله: "وفي لزوم المسمى أو مهر المثل ورجوعه به الروايتان"
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 9/446.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/273)


.......................................
ـــــــ
انتهى. يعني بهما في المسألة الأولى اللتين في النكاح الفاسد بعد الدخول، قاله في المغني1 والشرح2 هنا، وهو الظاهر، ذكر المصنف مسألتين:
المسألة الأولى – 8: هل يلزمه المهر المسمى أو مهر المثل؟ فيه روايتان.
والصحيح من المذهب لزوم المسمى، بناء على الوجوب في النكاح الفاسد، وقدمه المصنف هناك. والرواية الثانية: يلزمه مهر المثل، كالنكاح الفاسد أيضا.
المسألة الثانية – 9: هل يرجع بالمهر على من غره أم لا؟ فيه روايتان. والصحيح من المذهب الرجوع عليه بالمهر، اختاره الخرقي وغيره، وقدمه في المغني3 والمستوعب والشرح4 وشرح ابن رزين، والزركشي وقال: اختاره القاضي وأبو محمد وغيرهما.
والرواية الثانية: لا يرجع به، اختاره أبو بكر، قال القاضي: والأظهر أنه لا يرجع؛ لأن أحمد قال: كنت أذهب إلى حديث علي ثم هبته، وكأني أميل إلى حديث عمر، فحديث علي فيه الرجوع بالمهر، وحديث عمر بعدمه5.
ـــــــ
1 9/535.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/438.
3 9/445.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/439.
5 في "المغني" 9/445: قال القاضي: والأظهر أنه يرجع، ثم ذكر قول أحمد بعده: وكأني أميل إلى حديث عمر. قال: يعني في الرجوع، بخلاف ما نقل المرداوي هنا. وقد أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 7/214 حديث عمر في الرجوع، ثم نقل قول مسروق: رجع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله في الصداق وجعله لها بما استحل من فرجها، والله أعلم. ينظر "السنن الكبرى" 7/219.
كما أخرج حديث علي في الرجوع. "السنن الكبرى" 7/219، وحديثه في عدم الرجوع. "السنن الكبرى" 7/215. ينظر: "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 20/439.

(8/274)


وإن كانت الغارة، ففي تعلقه بذمتها أو رقبتها وجهان "م 10" ونقل ابن الحكم: لا يرجع عليها؛ لأنه لم يغره أحد.
ـــــــ
تنبيهان:
الأول: الروايتان اللتان في المسألة الثانية ليستاهما اللتين في المسألة الأولى، فحينئذ في قوله "فيه1 الروايتان " نظر؛ لأن الأوليين هما اللتان في النكاح الفاسد، واللتان في المسألة الثانية هما مستقلتان، وهما كالروايتين اللتين في العيوب في النكاح، والمصنف قد صحح الرجوع، والله أعلم.
الثاني: قوله: "وإن شرطها حرة فبانت أمة فإن لم تبح له فباطل كعلمه، وعند أبي بكر يصح فله الخيار". انتهى. النقل هنا عن أبي بكر بالصحة فيه نظر واضح، وكيف يصح نكاح من لا تباح له؟ وإنما المحكي عن أبي بكر فيما إذا شرطها كتابية فبانت مسلمة، فالظاهر أن هنا نقصا أو حصل سهو، والله أعلم.
مسألة -10: قوله: "وإن كانت هي الغارة ففي تعلقه بذمتها أو رقبتها وجهان". انتهى. قال في المغني2 والشرح3: يخرج فيها4 وجهان، بناء على دين العبد بغير إذن سيده هل يتعلق برقبته أو بذمته؟ وكذا قال ابن رزين والزركشي.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب أنه يتعلق برقبته، يفديه سيده أو يسلمه، وقدمه المصنف وغيره في أحكام الرقيق آخر الحجر5. وقال القاضي: قياس قول الخرقي أنه يتعلق بذمتها؛ لأنه قال في الأمة: إذا خالعت زوجها بغير إذن سيدها يتبعها به إذا عتقت، كذا هنا. وقال في البلغة: وإن كانت الأمة هي الغارة تعلقت العهدة بذمتها أو برقبتها.
ـــــــ
1 لسيت في "ط".
2 9/445.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/440.
4 في "ص": "فيهما".
5 7/20.

(8/275)


ولا مهر في الأصح لمكاتبة غارة؛ لعدم الفائدة، وولدها مكاتب، فيغرم أبوه قيمته لها، على الأصح، والمعتق بعضها يجب لها البعض فيسقط، وولدها يغرم أبوه قدر رقه، نقل عبد الله فيمن ادعت أن مولاها أعتقها أيقبل قولها وينكحها؟ قال: لا، حتى يسأله أو تقوم عنده بينة، ولو أوهمته أنها زوجته أو سريته فظنه فوطؤه شبهة، أو أوهمه سيدها به فلا مهر، وإن جهلت تحريمه، وتعزر عالمة، ذكره شيخنا. قال شيخنا: وإن جهل فساد نكاح لتغرير غار كأخته من رضاع فالمهر على الغار، وإن ظنته حرا فلم يكن خيرت، نص عليه.
وإن شرطت صفة فبانت أقل فلا فسخ إلا شرط حرية، وقيل: ونسب 1لم تحل بكفاءة1، وقيل فيه: ولو مماثلا. وفي الجامع الكبير: وغيرهما واختاره شيخنا "و م" كشرطه، وأولى؛ لملكه طلاقها.
ومن عتقت، وعنه: أو بعضها تحت عبد، وعنه: أو معتق بعضه، وعنه: وليس فيه بقدر حريتها، وعنه: أو تحت حر، وجزم في الترغيب:
ـــــــ
تنبيه: إذا قلنا: إن الخلاف مبني على الخلاف في دين العبد بغير إذن سيده ففي إطلاق المصنف الخلاف نظر؛ لأنه قدم أنه يتعلق برقبته، وهنا أطلق، لكن ظاهر كلام المصنف عدم البناء.
ـــــــ
1 في "ط": "لمن تحل بكفاءة".

(8/276)


أو عتقت تحت معتق بعضه فلها الفسخ، ولو ارتد بلا حاكم ما لم ترضاه أو تعتق أو يطأ طوعا وليس طلاقا، قال الإمام أحمد: لأن الطلاق ما تكلم به فتقول فسخته أو اخترت نفسي وطلقتها كناية عن الفسخ، واختار شيخنا وغيره لها الفسخ تحت حر، وإن كان زوج بريرة عبدا1؛ لأنها ملكت رقبتها وبضعها، فلا يملك عليها إلا باختيارها، وتمليك العتيق2 رقبته ومنفعته أقوى من البيع؛ لأنه ينفذ فيما لم يعتقه ويسري في حصة الشريك، بخلاف البيع، وقد استوفى الزوج المنفعة بالوطء، فلم يسقط له حق، كما لو طرأ رضاع أو حدوث عيب مما يزيل النكاح أو يفسخه. وأنه إن شرط عليها دوام النكاح تحت حر أو عبد فرضيت لزمها، وأنه يقتضيه مذهب أحمد، فإنه يجوز العتق بشرط.
وإن ادعت الجهل بعتقه، قيل: يجوز جهله، وقيل: لا يخالفها
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 حديث بريرة أخرجه البخاري "456"، ومسلم "1504"، من حديث عائشة.
2 في الأصل: "العتق".

(8/277)


ظاهر "م 11" فلا فسخ، نقله الجماعة، وكذا لا فسخ إن ادعت جهل ملك الفسخ، نقله الجماعة، وعنه فيهما: بلى، اختاره جماعة، وعليهما وطء صغيرة ومجنونة، وقيل: لا يسقط، ولا خيار بعتقهما معا، وعنه: بلى، وعنه: ينفسخ، نقله الجماعة، كاحتمال في الواضح في عتقه وحده، بناء على غناه عن أمة بحرة، وذكره غيره وجها إن وجد طولا، وذكر الشيخ ما ذكره غيره: لا خيار له؛ لأن الكفاءة تعتبر فيه لا فيها، قال: فلو نكح امرأة مطلقا فبانت أمة فلا خيار له، ولو نكحت رجلا مطلقا فبان عبدا فلها الخيار، وكذا في الاستدامة، كذا قال.
ـــــــ
مسألة – 11: قوله: "وإن ادعت جهلا بعتقه قيل: يجوز جهله، وقيل: لا يخالفها ظاهرا" انتهى.
القول الأول: عليه الأكثر، وبه قطع في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني1 والكافي2 والمقنع3 وغيرهم، قال في الرعاية: ومثلها يجهله.
والقول الثاني: هو الصواب.
فهذه إحدى عشرة مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 10/71.
2 4/303.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/457.

(8/278)


ومن زوج مدبرة له لا يملك غيرها، قيمتها مائة بعبد على مائتين مهرا ثم مات عتقت، ولا فسخ قبل الدخول؛ لئلا يسقط المهر أو يتنصف، فلا يخرج من الثلث فيرق بعضها، فيمتنع الفسخ.
ومن ثبت لها الفسخ ولو بشرط أو عيب فلا حكم لوليها1.
وتخير صغيرة أو مجنونة بلغت سنا يعتبر قولها وعقلت، وذكر ابن عقيل بنت سبع.
ويقع طلاقه البائن قبل الفسخ، وقيل: إن لم تفسخ. وفي الترغيب في وقوعه وجهان.
وإن عتقت معتدة رجعية أو عتقت ثم طلقها رجعيا فلها الفسخ، وقيل: ولو رضيت بالمقام.
ومتى فسخت المعتقة بعد دخولها فالمسمى، ثم مهر المثل للسيد، ولا مهر قبله، ونقل منها: بل نصفه له وإلا المتعة، حيث تجب لوجوبه له، فلا يسقط بفعل غيره، والله أعلم.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "فيه".

(8/279)


باب العيوب في النكاح
مدخل
...
باب العيوب في النكاح
إذا بان مجبوبا أو1 لم يبق ما يطأ به فلها الفسخ، فإن أنكرت دعواه الوطء ببقيته قبل قولها، في الأصح، وإن بان عنينا لا يمكنه [الوطء] بإقراره أو ببينة فاختار جماعة لها الفسخ، والمذهب تأجيله سنة منذ ترافعه، ولا يحتسب عليه منها ما اعتزلته فقط، قاله في الترغيب، فإن لم يطأها فيها فسخت، وإن أنكرت عنته فقيل: يؤجل، وعنه: للبكر، والأصح: لا، ويحلف، في الأصح، فإن أبى أجل، وقيل: ترد اليمين.
وإن ادعى وطأها مع إنكار عنته فإن أقرت بمرة بتغييب الحشفة وفي قدرها وجهان "م 1" والأصح ولو في حيض وإحرام ونحوه، فليس بعنين، وإن أنكرت وقالت: أنا بكر ولها بينه أجل، وتحلف لدعواه عودة2
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "وإن أقرت بمرة بتغييب الحشفة وفي قدرها وجهان". انتهى. وأطلقهما في المغني3 والشرح4، وذكرهما احتمالين في المجرد:
أحدهما: يكفي تغييب قدر الحشفة من المقطوع، وهو الصحيح، قدمه في الرعاية الكبرى والزركشي. قلت: قد حكم أكثر الأصحاب بأن قدر الحشفة من الذكر المقطوع كالحشفة، في مسائل كثيرة، فليكن هذا مثلها.
والوجه الثاني: يشترط إيلاج بقيته، قاله القاضي في الجامع، وقدمه ابن رزين في شرحه "قلت": والأول أقوى وأولى.
ـــــــ
1 في الأصل: "و".
2 في "ط": "عود".
3 10/88.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/490.

(8/280)


بكارتها. وفي الترغيب وجهان، وإن شهدت البينة بزوالها لم يؤجل، ويحلف لدعواها زوال عذرتها بغير ما ادعاه، وكذا إن أقر بعنته وأجل وادعى وطأها في المدة.
وإن كانت ثيبا قبل قوله مع يمينه إن ادعاه ابتداء، وإن ادعاه بعد ثبوت عنته وتأجيله قبل قولها، وعنه: قوله، وعنه: تخلى معه ويخرج ماءه على شيء، فإن قالت ليس منيا فإن ذاب بنار فمني، وبطل قولها، وإلا قوله، اختاره الخرقي والقاضي وأصحابه.
وفي الواضح: إن ادعت عنته فأنكر أجل، فإن تمت سنة فادعى وطأها فأنكرت فالروايات.
وفي زوال عنته بوطئه غيرها أو وطئها في نكاح متقدم أو في1 دبر وجهان "م 2" لاختلاف أصحابنا في إمكان طريانها، على ما في الترغيب وغيره، وعلى ما في المغني2، ولو أمكن؛ لأنه بمعناه "م2"، فلهذا جزم
ـــــــ
مسألة – 2: قوله: "وفي زوال عنته بوطئه غيرها أو وطئها في نكاح متقدم أو في دبر وجهان؛ لاختلاف أصحابنا في إمكان طريانها، على ما في الترغيب وغيره وعلى ما في المغني، ولو أمكن، لأنه بمعناه". انتهى. قطع في الوجيز وغيره أنه لو وطئها في الدبر أو وطئ غيرها أن العنة لا تزول، واختاره القاضي وغيره، وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني2 والكافي3 والمقنع4 والشرح4 والرعايتين وغيرهم، وهو الصحيح من المذهب.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 10/89 – 90.
3 4/301 -302.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/491 – 492.

(8/281)


بأنه لو عجز لكبر أو مرض لا يرجى برؤه ضربت المدة.
ولو ادعت زوجة مجنون عنته ضربت له مدة، عند ابن عقيل لا القاضي "م 3".
وهل يبطل بحدوثه،..........................................
ـــــــ
والوجه الثاني: أن العنة تزول بذلك، قال في الهداية: ويخرج على قول الخرقي أنها تزول بفعل ذلك، وبه قطع في المنور، وهو مقتضى قول أبي بكر، واختاره ابن عقيل، وهو ظاهر ما جزم به ابن عبدوس في تذكرته، فإنه قال: وتزول بإيلاج الحشفة في فرج. قلت: وهو الصواب، وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم، قال في البلغة: اختلف أصحابنا هل يمكن طريانها؟ على وجهين، وينبني عليهما لو تعذر الوطء في إحدى الزوجين1 أو يمكن في الدبر دون غيره. انتهى.
وقال في الرعايتين: وإن وطئ غيرها أو وطئها في الدبر أو في نكاح آخر لم تزل عنته؛ لأنها قد تطرأ، في الأصح، وقيل: تزول. انتهى.
قال الزركشي: ولعل هذين الوجهين مبنيان على تصور طريان العنة، وقد وقع للقاضي وابن عقيل أنها لا تطرأ، وكلامهما هنا يدل على طريانها. انتهى.
مسألة – 3: قوله: "ولو ادعت زوجة مجنون عنته ضربت له المدة عند ابن عقيل لا القاضي". انتهى.
قلت: الصواب قول ابن عقيل، بناء على أن القول قولها في الوطء إذا كانت ثيبا، وهو المذهب، وأما إذا قلنا القول قوله فهنا لا يمكن معرفة ذلك من جهته، فيوافق ما قاله القاضي.
ـــــــ
1 في "ط": "الزوجين".

(8/282)


فلا يفسخ لولي؟ فيه الوجهان.
وإن بانت مسدودة الفرج بحيث1 لا يسلكه الذكر لرتق أو قرن أو عفل أو فتقا بانخراق السبيلين قال في الروضة: أو وجد اختلاطهما لعلة؛ لأن النفس تعافه أكثر أو بان بأحدهما جذام أو برص أو جنون ولو أفاق. وفي الواضح: جنون غالب، وفي المغني2: أو إغماء، لا أغماء مريض لم يدم، يثبت الخيار.
ـــــــ
تنبيه: قوله: "وهل يبطل بحدوثه فلا يفسخ الولي؟ فيه الوجهان". انتهى.
لعله أراد إذا حدث بها جنون فهل يبطل ضرب المدة بذلك فلا يفسخ الولي أو لا يبطل فيفسخ؟ فيه الوجهان، ولعله أراد بهما فيما إذا حدث العيب بعد العقد، على ما يأتي قريبا4.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 10/58.
4 ص 284.

(8/283)


فصل وفي ثبوت الخيار بالبخر،
وهو نتن الفم ونتن يثور في الفرج عند الوطء وانخراق مخرج بول ومني، ورغوة تمنع اللذة، واستطلاق بول ونجو وقروح سيالة فيه وباسور وناصور واستحاضة وخصاء وسل ووجاء ووجدان أحدهما خنثى مشكلا أو لا قاله جماعة. وخصه في المغني3 بالمشكل. وفي الرعاية عكسه، ووجدان أحدهما بالآخر
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
3 10/94.

(8/283)


عيبا به مثله وحدوثه بعد العقد. وفي الموجز: وبول كبيرة1 في الفراش، والقرع في الرأس وله ريح منكرة، وجهان "م 4 - 20".
ـــــــ
مسألة - 4 – 20: قوله: "في ثبوت الخيار بالبخر.....، وانخراق مخرج بول ومني، ورغوة تمنع اللذة، واستطلاق بول، ونجو، وقروح سيالة فيه، وباسور، وناصور، واستحاضة، وخصاء، وسل، ووجاء، ووجدان أحدهما خنثى مشكلا أو لا.... ووجدان أحدهما بالآخر عيبا به مثله، وحدوثه بعد العقد.... والقرع في الرأس وله ريح منكرة وجهان" انتهى ذكر هنا سبع عشرة مسألة، أطلق فيها الخلاف، وأطلقه في أكثرها في المحرر وشرح ابن منجى والحاوي الصغير والزركشي وتجريد العناية وغيرهم، وأطلقه في 2المغني3 في كونه خنثى، ووجدان أحدهما بصاحبه مثل عيبه والبخر2، وأطلقه في الرعايتين فيما سوى الخصاء والسل والوجاء، وأطلقه في البلغة إلا4 فيما إذا حدث به عيب بعد العقد، وأطلقه في المستوعب وشرح ابن رزين فيما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا مثله، وأطلقه في المذهب في الخصاء والسل والوجاء، وإذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله:
أحدهما: يثبت الخيار بذلك كله، وهو الصحيح، قطع به في الوجيز 5إلا في البخر والاستحاضة والقرع5، وصححه في التصحيح إلا في انخراق مخرج البول والمني، 6واختاره أبو البقاء، وابن القيم في الجميع. وصححه الناظم في غير ما إذا حدث العيب بعد العقد6. 5واختاره ابن عبدوس في تذكرته في غير ما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله، أو حدث العيب بعد العقد5، وقطع في الكافي7 بثبوته بالخرق بين مخرج بول ومني.
ـــــــ
1 في "ر": "كبير".
2 ليست في "ح".
3 10/94.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
6 ليست في "ط".
7 4/295.

(8/284)


......................................
ـــــــ
قال في الهداية والمستوعب: يثبت الخيار بانخراق ما بين مخرج البول والمني، عند أصحابنا، وقطع به في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والبلغة والمنور، وهو ظاهر ما قدمه في الكافي1. وقال أبو بكر وأبو حفص: يثبت الخيار فيما إذا كان أحدهما لا يستمسك بوله ولا نجوه، قال أبو الخطاب: فيخرج على ذلك من به باسور وناصور وقروح سيالة في الفرج، قال أبو حفص: والخصاء عيب يرد به. وقال أيضا أبو بكر وابن حامد: يثبت الخيار بالبخر. وقال في المستوعب: إذا وجد أحد الزوجين خنثى فله الخيار، في أظهر الوجهين، واختار الشيخ تقي الدين ثبوت الخيار بالاستحاضة، وهو الصواب، واختار القاضي في تعليقة الجديد قاله الزركشي والمجرد، قاله الناظم، والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيرازي والشيخ الموفق والشارح: ثبوت الخيار فيما إذا حدث العيب بعد العقد، وهو ظاهر كلام الخرقي فيه، وصحح في المذهب ثبوت الخيار في البخر واستطلاق البول والنجو، والباسور والناسور والقروح السيالة في الفرج، والخنثى المشكل، وحدوث هذه العيوب بعد العقد.
والوجه الثاني: لا يثبت الخيار بذلك كله، وهو مفهوم كلام الخرقي؛ لأنه ذكر العيوب التي يثبت بها الخيار في فسخ النكاح، ولم يذكر شيئا من هذه، وقدمه ابن رزين في شرحه في غير ما أطلق فيه الخلاف، على ما تقدم، ومال إليه الشيخ الموفق والشارح في غير حدوث العيب 2وغير ما أطلقا فيه الخلاف2 بعد العقد، وظاهر كلام أبي حفص أنه يثبت الخيار بالبخر مع كونه عيبا، وذكر القاضي في المجرد: لو حدث به عيب بعد العقد لا يملك به الفسخ، قاله الزركشي، وهو مناقض لما نقله عن الناظم، على ما تقدم، واختاره أيضا القاضي في التعليق القديم، واختاره أبو بكر في
ـــــــ
1 4/295.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/285)


وذكر ابن عقيل في بخر روايتين وذكرهما في الترغيب في وجود عيب به مثله. وكذا إن تغايرت، والأصح ثبوته. قال بعض الأطباء:
ـــــــ
الخلاف، وابن حامد وابن البنا، وصححه في البلغة، وقدمه الناظم، أعني باختيار هؤلاء فيما إذا حدث به عيب بعد العقد، وظاهر ما قدمه في المقنع والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجى أنه لا يثبت الخيار بانخراق ما بين مخرج المني والبول، وهو ظاهر الوجيز وغيره، وظاهر كلام الشيخ في المقنع1 والشارح والزركشي عدم الثبوت بالاستحاضة، والله أعلم.
تنبيهان:
الأول2: قوله: "ووجدان أحدهما خنثى مشكلا أو لا"، يعني إذا كان مشكلا وقلنا بجواز نكاحه أو غير مشكل، فذكر المصنف المشكل وغير المشكل، وقطع به في المستوعب وتذكرة ابن عبدوس، قال المصنف: "وخصه في المغني بالمشكل. وفي الرعاية عكسه".
قلت: ظاهر كلامه في الرعاية والمغني3 يخالف ما قاله المصنف عنهما، فإنه قال: وفي البخر وكون أحد الزوجين خنثى وجهان. انتهى.
فأطلق الخنثى. وقال في الرعايتين: ويكون أحدهما غير مشكل أو مشكلا، وصح نكاحه في وجه. انتهى.
فما نقله المصنف عنهما مخالف لما فيهما، كما ترى، وخصه في المذهب بكونه مشكلاً.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/500.
2 تقدم مكانه في الفروع في الصفحة 283.
3 10/94.

(8/286)


يستعمل للبخر السواك، فيأخذ في كل يوم ورق آس مع زبيب منزوع العجم بقدر الجوزة، واستعمال الكرفس، ومضغ النعناع جيد فيه.
قال بعضهم: والدواء القوي لعلاجه أن يتغرغر بالصبر كل ثلاثة أيام على الريق ووسط النهار وعند النوم، ويتمضمض بالخردل بعد الثلاثة أيام ثلاثة أيام أخر، يفعل ذلك في كل ما يتغير فمه، إلى أن يبرأ. وإمساك الذهب في الفم يزيل البخر.
وفي الروضة إن انتشر ذكر خصي فتأتى 1الوطء به1 لم يكن عيبا2 ولو فقد الماء، كفقد ماء امرأة، وإلا فعيب كجب.
ولا فسخ بغير العيوب المذكورة، كعور وعرج، بخلاف البيع، زاد في الروضة: وهل يحط من مهر المثل بقدر النقص؟ فيه نظر.
وقيل لشيخنا: لم فرق بين عيوب الفرج وبين غيرها؟ قيل: قد علم أن عيوب الفرج المانعة من الوطء لا يرضى بها في العادة، فإن المقصود بالنكاح الوطء، بخلاف اللون والطول والقصر ونحو ذلك مما ترد به الأمة، فإن الحرة لا تقلب كما تقلب الأمة، والزوج قد رضي رضا مطلقا، وهو لم يشترط صفة، فبانت بدونها، فإن شرط فقولان في مذهب الشافعي وأحمد، والصواب أن له3 الفسخ، وكذا بالعكس، وهو مذهب "م"،
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "الرطوبة".
2 في "ط": "عنيناً".
3 في الأصل: "لها".

(8/287)


والشرط إنما يثبت لفظا أو عرفا، ففي البيع دل العرف على أنه لم يرض إلا بسليم من العيوب، وكذلك في النكاح لم يرض بمن لا يمكن وطؤها.
والعيب الذي يمنع كمال الوطء لا أصله فيه قولان في مذهب أحمد وغيره.
وأما ما أمكن معه الوطء وكماله فلا تنضبط فيه1 أغراض الناس، والشارع قد أباح النظر بل أحبه2 إلى المخطوبة، وقال: "فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" 3 وهو دليل على أن النكاح يصح وإن لم يرها، فإنه لم يعلل الرؤية بأنه يصح معها النكاح، فدل على أن الرؤية لا تجب، ويصح النكاح بدونها. وليس من عادة المسلمين ولا غيرهم أن يصفوا المرأة المنكوحة، فدل على أنه يصح نكاحها بلا رؤية ولا صفة، ويلزم النكاح؛ لأنه رضي بذلك، بخلاف البيع، قال: وهذا الفرق إنما هو الفرق بين النساء والأموال أن النساء يرضى بهن في العادة في الصفات المختلفة، والأموال لا يرضى بها على الصفات المختلفة إذ المقصود بها التمول، وهو يختلف باختلاف الصفات، والمقصود من النكاح المصاهرة والاستمتاع، وذلك يحصل باختلاف الصفات، فهذا فرق شرعي معقول في عرف الناس.
أما إذا عرف أنه لم يرض لاشتراطه صفة فبانت بخلافها وبالعكس،
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "به".
2 في الأًصل: "أوجبه".
3 أخرجه أحمد في "المسند" "18154"، من حديث المغيرة بن شعبة.

(8/288)


فإلزامه بما لم يرض به مخالف للأصول، ولو قال ظننتها أحسن مما هي أو ما ظننت فيها هذا ونحو ذلك كان هو المفرط، حيث لم يسأل عن ذلك، ولم يرها، ولا أرسل من رآها، وليس من الشرع والعادة أن توصف له في العقد كما توصف الإماء [في السلم] فإن الله سبحانه وتعالى صان الحرائر عن ذلك، وأحب سترهن، ولهذا نهيت المرأة أن تعقد نكاحها، فإذا كن لا يباشرن العقد فكيف يوصفن؟
أما الرجل فأمره ظاهر، يراه من شاء، فليس فيه عيب يوجب الرد، والمرأة إذا فرط الزوج فالطلاق بيده.
وقال صاحب الهدي1 من متأخري أصحابنا في قطع يد أو رجل أو عمى أو خرس أو طرش وكل عيب يفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة: يوجب الخيار، وأنه أولى من البيع، وإنما ينصرف الإطلاق إلى السلامة، فهو كالمشروط عرفا، واحتج بما روى سعيد عن هشيم أنبأنا عبد الله بن عون عن ابن سيرين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث رجلا على بعض السعاية، فتزوج امرأة وكان عقيما، فقال له عمر: أعلمتها أنك عقيم؟ قال: لا. قال: فانطلق فأعلمها ثم خيرها2. وقال وكيع عن الثوري عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن عمر رضي الله عنه قال: إذا تزوجها برصاء أو عمياء
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 "زاد المعاد" "5/166".
2 أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 4/406.

(8/289)


فدخل بها فلها الصداق ويرجع به على من غره1.
وقال عبد الرزاق2 عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال3: خاصم رجل إلى شريح فقال: إن هؤلاء قالوا إنا نزوجك أحسن الناس، فجاءوني بامرأة عمياء، فقال شريح: إن كان دلس لك بعيب لم يجز.
وقال الزهري: يرد النكاح من كل داء عضال.
واختار بعض الشافعية رد المرأة بما ترد به الأمة في البيع، حكاه أبو عاصم العباداني في كتاب طبقات الشافعية. وفي المغني4: إن وجدها مجبوب رتقاء فلا خيار لهما؛ لامتناع الاستمتاع بعيب نفسه، واختار في الفصول إن لم يطأ لنضوتها فكرتقاء. وقال أبو البقاء: ولو ذهب ذاهب إلى أن الشيخوخة في أحدهما عيب يفسخ به لم يبعد، ولو بان عقيما فلا خيار، نص عليه، ونقل ابن منصور: أعجب إلي أن يبين لها، ونقل حنبل: إذا كان به جنون أو وسواس أو تغير في عقل وكان يعبث ويؤذي رأيت أن أفرق بينهما، ولا يقيم على هذا. 5ولا خيار بغير ذلك5.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرجه مالك في "الموطأ" 2/526، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/14، 19.
2 في مصنفه "10685".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 10/60.
5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/290)


وخيار شرط وعيب وفيه وجه متراخ فإن رضي به ولو زاد أو ظنه يسيرا أو وجدت منه دلالة الرضا مع علمه سقط خياره. ولا يسقط في عنة بلا قول، فيسقط به ولو طلقها ثم أعادها.
ولا فسخ إلا بحكم فيفسخ أو يرده إلى من له الخيار. وفي الموجز: يتولاه هو.
وإن فسخ مع غيبته أو فرق بين متلاعنين بعد غيبتهما ففي الانتصار الصحة وعدمها "م 21" وفي الترغيب: لا يطلق على عنين،
ـــــــ
الثاني: قوله: "ولا يسقط خيار في عنة بلا قول، فيسقط به". انتهى. تابع في ذلك صاحب المحرر، وتابعه أيضا صاحب الرعايتين والحاوي والنظم والوجيز وغيرهم، فقطعوا بذلك، وظاهر كلام أكثر الأصحاب بطلان الخيار بما يدل على1الرضا، من1 وطء أو تمكين أو يأتي بصريح الرضى، وصرح به الزركشي وغيره، قال الشيخ تقي الدين: لم نجد هذه التفرقة لغير الجد. انتهى. ولم يذكر المصنف هذا القول، وهو عجيب منه.
مسألة – 21: قوله: "ولا فسخ إلا بحكم، فيفسخ أو يرد2 إلى من له الخيار. وفي الموجز يتولاه هو، وإن فسخ مع غيبته أو فرق بين متلاعنين بعد غيبتهما ففي الانتصار الصحة وعدمها". انتهى:
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "يرد".

(8/291)


كمول1، في أصح الروايتين، ولا تحرم أبدا، وعنه: بلى، كلعان.
وقال شيخنا: الحاكم ليس هو الفاسخ، وإنما2 يأذن ويحكم به، فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق قد أو فسخ فعقد أو فسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكم بصحته بلا نزاع، لكن لو عقد هو أو فسخ فهو فعله، وفيه الخلاف، لكن إن عقد المستحق أو فسخ بلا حكم فأمر مختلف فيه، فيحكم بصحته.
وخرج شيخنا بلا حكم في الرضا بعاجز عن الوطء كعاجز عن النفقة، ومتى زال العيب فلا فسخ. وكذا إن علم حالة العقد، ومنعه في المغني في عنين، ذكره في المصراة، ويتوجه في غيره مثله.
ولا مهر بفسخ فيهما قبل الدخول، ولها بعده المسمى، كما لو طرأ3 العيب، قال في الترغيب: على الأظهر، وقيل عنه مهر المثل في فسخ الزوج لشرط أو عيب قديم، وقيل فيه: ينسب قدر نقص مهر المثل؛ لأجل ذلك إلى مهر المثل كاملا، فيسقط من المسمى بنسبته، فسخ أو أمضى.
ـــــــ
أحدهما: يصح. قلت: وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
والقول الآخر: لا يصح.
ـــــــ
1 كمول: كلمتان؛ حرف التشبيه الجار، واسم الفاعل المجرور. يعني: مثل المولي من زوجته.
2 بعدها في "ط": "هو".
3 في "ط": "ظهر".

(8/292)


وقاسه في الخلاف على المبيع1 المعيب. وفي مختصر ابن رزين: مسمى بلا حق، ومثل لسابق، والخلوة كهي فيما لا خيار فيه.
ويرجع، على الأصح، على الغار، والمذهب من المرأة أو الولي أو الوكيل، ويقبل قول الولي في2 عدم علمه بالعيب، فإن كان ممن له رؤيتها فوجهان "م 22" ومثلها في الرجوع على الغار لو زوج امرأة فأدخلوا عليه غيرها، ويلحقه الولد.
وتجهز زوجته بالمهر الأول. نص على ذلك، وإن طلقها قبل الدخول
ـــــــ
مسألة – 22: قوله: "ويرجع، على الأصح، على الغار، والمذهب من المرأة أو الولي أو الوكيل، ويقبل قول الولي في3 عدم علمه بالعيب، فإن كان ممن له رؤيتها فوجهان" انتهى. وأطلقهما في القواعد الأصولية، إذا أنكر الولي عدم علمه بالعيب ولا بينة قبل قوله مع يمينه مطلقا، على الصحيح من المذهب، اختاره الشيخ الموفق والشارح وابن رزين وغيرهم، قال في الرعايتين والحاوي الصغير: فإن أنكر الغار4 علمه به ومثله يجهله وحلف برئ، واستثنوا من ذلك إن كان العيب جنونا، وقيل: القول قول الزوج إلا في عيوب الفرج، وقيل: إن كان الولي مما يخفى عليه أمرها كأباعد العصبات فالقول قوله، وإلا فالقول قول الزوج، اختاره القاضي وابن عقيل، إلا أنه فصل بين عيوب الفرج وغيرها، فسوي5 بين الأولياء كلهم في عيوب الفرج، بخلاف غيرها. انتهى. وهذا القول هو أحد القولين المطلقين للمصنف، وأطلقها الزركشي.
ـــــــ
1 في "ط": "البيع".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في النسخ الخطية و[ط]، والمثبت من "الفروع".
4 في "ط": "الغارم".
5 في "ط": "فيسوي".

(8/293)


أو مات أحدهما قبل العلم به فلا رجوع؛ لأن سببه الفسخ.
ولا يزوج ولي حرة أو أمة معيبا يرد به إلا باختيار من هي أهل له، فإن فعل صح مع جهله به، وقيل: مطلقا، وعكسه وهل له الفسخ إذن أو ينتظرها؟ فيه وجهان "م 23" وفي الرعاية الخلاف إن أجبرها بغير كفء، وصححه في الإيضاح مع جهله، وتخير.
ومثله تزويج صغير ومجنون بمعيبة، و في الترغيب في تزويج مجنون أو مجنونة بمثله وملك الولي الفسخ إن صح وجهان. وفي الانتصار يلزمها المنع1 من مجبوب.
فإن اختارت الكبيرة مجبوبا أو عنينا لم تمنع، وقيل: بلى، كمجنون ومجذوم وأبرص، في الأصح، وقيل: ولبقية الأولياء المنع، كغير الكفء، وإن علمته بعد العقد، أو حدث به، لم يجبرها؛ لأن حق الولي في ابتدائه لا في2 دوامه.
ـــــــ
مسألة – 23: قوله: "ولا يزوج ولي حرة أو أمة معيبا يرد به إلا باختيار من هي أهل له، فإن فعل صح [مع] جهله به، وقيل: مطلقا، وقيل عكسه، وهل له الفسخ إذا أو ينتظرها؟ فيه وجهان". انتهى: أحدهما: له الفسخ إذا علم، وهو الصحيح، قدمه في المغني3 والشرح4، وهو الصواب.
والوجه الثاني: ينتظرها.
فهذه ثلاث وعشرون مسألة في هذا الباب، بتعداد صور المسألة الرابعة.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "البيع"، والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 9/424.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/522.

(8/294)


باب نكاح الكفار
مدخل
...
باب نكاح الكفار
وهو صحيح حكمه كنكاح المسلمين وفي الترغيب: في ظاهر المذهب، ونقرهم على فاسده إذا اعتقدوا حله ولم يرتفعوا إلينا، وعنه: إلا على ما لا مساغ له عندنا، كنكاح ذات محرم، ومجوسي كتابية، فإن أتونا قبل عقده عقدناه على حكمنا، وإن أتونا بعده أو أسلم الزوجان فإن كانت المرأة تباح أذن، كعقده في عدة فرغت أو بلا شهود، نص عليهما، أو بلا ولي، أو على أخت ماتت أقرا. نقل مهنا: من أسلم على شيء فهو عليه.
حدثني يحيى بن سعيد عن ابن جريج: قلت لعطاء: أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أهل الجاهلية على ما أسلموا عليه؟ قال: ما بلغنا إلا ذاك.
وابن جريج أيضا يرويه عن عمرو بن شعيب قصة أخرى.
وإن كانت ممن يحرم ابتداء نكاحها فرق بينهما، وعنه: مع تأييد مفسدة أو الإجماع عليه.
فلو نكح بنته أو من هي في عدة من مسلم فرق بينهما، ومن كافر فيه روايتان "م 1".
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "فلو نكح بنته أو من هي في عدة من مسلم فرق بينهما، ومن كافر فيه روايتان". انتهى. يعني إذا تزوجها في عدة كافر، وأطلقهما في المذهب والمحرر والرعاية والحاوي الصغير:
إحداهما: يفرق بينهما وهو الصحيح، نص عليه، وقطع به في الهداية

(8/295)


وفي حبلى من زنا، وشرط الخيار فيه مطلقا أو إلى مدة هما فيها وجهان "م 2 و 3" وفي الترغيب: لو طرأ المفسد كعدة من وطئ شبهة لم يؤثر.
ـــــــ
والمستوعب والخلاصة المغني1 والكافي2 والمقنع3 والبلغة والشرح3 وشرح ابن منجى والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يفرق بينهما، نص عليه أيضا، وصححه الناظم، وقدمه في الرعاية الكبرى.
مسألة – 2- 3: قوله: "وفي حبلى من زنا، وشرط الخيار فيه مطلقا أو إلى مدة هما فيها وجهان" انتهى. فيه مسألتان:
المسألة الأولى – 2: إذا عقد عليها وهي حبلى من زنا فهل يفرق بينهما أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: يفرق بينهما، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، وقطع به في المنور، وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يفرق بينهما.
المسألة الثانية – 3: إذا شرط الخيار في نكاحها متى شاء أو إلى مدة هم فيها، فهل يفرق بينهما أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
ـــــــ
1 10/5.
2 4/314.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/10.

(8/296)


ولو قارن الإسلام وكذا لو أسلم أحدهما ثم أحرم وأسلم الآخران لم تتنجز الفرقة، وفيه: لو تحاكموا في أصل العقد لم يحكم بصحته إلا إذا عقد كمسلم، إلا في الولي لا يعتبر إسلامه، ويعتبر ذلك في الشهود، على الأصح. وإن استدام نكاح مطلقته ثلاثا معتقدا حله لم يقرا على الأصح.
وإن وطئ حربي حربية واعتقداه نكاحا أقرا، وإلا فلا، وكذا أهل ذمة، في ظاهر المغني1. وفي الترغيب: لا يقرون.
ومتى كان المهر صحيحا أخذته، وإن كان فاسدا وقبضته استقر، فلو أسلما فانقلبت خمر خلا وطلق ففي رجوعه بنصفه أم لا وجهان "م 4".
ـــــــ
أحدهما: 2يفرق بينهما، وهو الصحيح، قطع به في الخلاصة2 و3المغني4 والكافي5 والمقنع6 والبلغة والشرح7 والوجيز وغيرهم3. وجزم به في المذهب في المسألة الأولى.
والوجه الثاني: لا يفرق بينهما.
مسألة – 4: قوله: "ومتى كان المهر صحيحا أخذ به، وإن كان فاسدا وقبضه استقر فلو أسلما فانقلبت خمر خلا وطلق ففي رجوعه بنصفه أم لا وجهان" انتهى:
ـــــــ
1 10/13.
2 ليست في "ح".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 10/5.
5 4/314.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/10.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/12.

(8/297)


ولو تلف الخل ثم طلق ففي رجوعه بنصف مثله احتمالان "م 5".
وإن قبضت بعضه وجب حصة "م 6" ما بقي من مهر المثل. وتعتبر الحصة فيما يدخل كيل ووزن به، وفي معدود قيل بعده، وقيل بقيمته عندهم، فإن لم تقبض أو لم يسم فلها مهر المثل، وعنه: لا شيء لها في خمر أو خنزير معين، ولا يرجع بما أنفقه عليها من خمر وخنزير ونحوهما كما لو كان مهرا قبضته، كذا في الروضة.
ـــــــ
1أحدهما يرجع بذلك1. قلت: الصواب رجوعه بنصفه؛ لأنه مباح في الحالين أعني حالة العقد عندهم وحالة الطلاق عند الجميع.
والوجه الثاني: لا يرجع بذلك.
مسألة - 5: قوله: "ولو تلف الخل ثم طلق ففي رجوعه بنصف مثله احتمالان".
قلت: الصواب الرجوع بنصف مثله؛ لأنه مثلي، وإطلاق المصنف الخلاف فيه نظر، وتقدم له نظيرها في الغصب وغيره.
مسألة - 6: قوله: "ولو قبضت بعضه وجب حصة ما بقي من مهر المثل وتعتبر الحصة فيما يدخل كيل ووزن به، وفي معدود قيل بعده، وقيل بقيمته عندهم". انتهى.
أحدهما: يعتبر قدر الحصة فيما يدخله العد بعده، وهو الصحيح، قطع به ابن عبدوس في تذكرته، وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
والوجه الثاني: يعتبر بقيمته2 عند أهله، قال الشيخ الموفق وتبعه الشارح: ولو
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 في النسخ الخطية: "قيمته"، والمثبت من "ط".

(8/298)


فصل وإن أسلم الزوجان معا،
وقيل: أو في المجلس، أو زوج كتابية، بقي نكاحهما، وإن أسلمت كتابية أو أحد الزوجين غير الكتابيين قبل الدخول
ـــــــ
أصدقها عشر زقاق خمر متساوية فقبضت بعضها وجب لها نصف مهر المثل، وإن كانت مختلفة اعتبر ذلك بالكيل، في أحد الوجهين، والثاني يقسم على عددها، فإن أصدقها عشر خنازير ففيه الوجهان، أحدهما يقسم على عددها، والثاني يعتبر بقيمتها1. وإن أصدقها كلبا وخنزيرين وثلاث زقاق خمر فثلاثة أوجه، أحدها يقسم على قيمتها عندهم، والثاني يقسم على عدد الأجناس فيجعل لكل جزء ثلث المهر، والثالث يقسم على العدد كله فيجعل لكل واحد سدس المهر. انتهى.
تنبيه: قدم المصنف أنه لو أسلم قبلها لا مهر لها فيما إذا كان قبل الدخول، وهو إحدى الروايتين، وجزم به في المنور وغيره 2وصححه في النظم وغيره2 وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
والرواية الثانية: له نصف المهر، قال المصنف هنا: اختاره الأكثر. قلت: وهو المذهب عند المتقدمين، قال في الهداية: هو اختيار عامة أصحابنا، قال الزركشي: هو المشهور من الروايتين، والمختار للأصحاب: الخرقي وأبي بكر والقاضي وغيرهم وقطع به في الوجيز وغيره، وقدمه في المغني3 والشرح4 وشرح ابن رزين وغيرهم، فإن لم يكن هذا المذهب فأقل أحواله إطلاق الخلاف وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وتجريد العناية.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "قيمتها"، والمثبت من "ط".
2 ليست في "ط".
3 10/7.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/20-21.

(8/299)


انفسخ، ولا مهر، وعنه: لها نصفه، وعنه: إن سبقها اختاره الأكثر، فلو ادعت سبقه فعكسه قبل قولها. وإن قال: أسلمنا معا فلا فسخ فعكسه1 فوجهان "م 7" وإن سبق أحدهما وجهل فلها نصفه، وقال القاضي: إن 2لم تكن قبضته2 لم تطالبه، ومع قبضها لا يرجع به.
ـــــــ
مسألة – 7: قوله: تفرعا على قول الأكثر: "فلو ادعت سبقه فعكسه قبل قولها، وإن قال أسلمنا معا فلا فسخ فعكسه1 فوجهان". انتهى. وأطلقهما في الفصول والكافي3 والمقنع4 والهادي والمحرر والنظم والرعايتين وشرح ابن منجا والقواعد الفقهية وغيرهم، فظاهر المغني5 والشرح4 إطلاق الخلاف أيضا:
أحدهما: القول قولها؛ لأن الظاهر معها اختاره القاضي والجامع، قال في الخلاصة: فالقول قولها، على الأصح وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والحاوي الصغير وشرح ابن رزين وغيرهم.
ـــــــ
1 في "ط": "فعكسته".
2 ليست في "ط".
3 4/314- 315.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/17-18.
5 10/7-8.

(8/300)


فإن أسلم أحدهما بعد الدخول وقف الأمر على1 فراغ العدة. فإن أسلم الآخر فيها بقي النكاح، وإلا تبينا فسخه منذ أسلم الأول، وعنه: ينفسخ في الحال، اختاره الخلال وصاحبه. واختار شيخنا فيما إذا أسلمت قبله بقاء نكاحه قبل الدخول وبعده ما لم تنكح غيره، والأمر إليها، ولا حكم له عليها، ولا حق عليه؛ لأن الشارع لم يستفصل، وهو مصلحة محضة، وكذا عنده إن أسلم قبلها، وليس له حبسها، وأنها متى أسلمت ولو قبل الدخول وبعد العدة فهي امرأته إن اختار.
وقال بعض متأخري أصحابنا: إنما نزل تحريم المسلمة على الكافر بعد
ـــــــ
والوجه الثاني: القول قوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح، صححه في التصحيح وتصحيح المحرر، واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز، وهو الصواب.
ـــــــ
1 في "ط": "إلى".

(8/301)


صلح الحديبية، ولما نزل التحريم أسلم أبو العاص فردت عليه زينب1، ولا ذكر للعدة في حديث، ولا أثر لها في بقاء النكاح، وكذا أيضا لم ينجز عليه السلام الفرقة في حديث، ولا جدد نكاحا وقد نقل أبو داود في يهودي أسلمت امرأته: يفرق بينهما، قيل له: لم يكن من يفرق بينهما فاعتزلته وانقضت عدته أتزوج؟ قال: فيه اختلاف. فعلى الأول لو وطئ ولم يسلم الآخر فيها فلها مهر المثل، وإن أسلم فلا. ولها نفقة العدة إن أسلمت قبله، وإلا فلا، وقيل: بلى إن أسلمت بعده فيها ويقبل قولها في السابق، وقيل: قوله، كاتفاقهما على أنها بعده فقالت فيها فقال بعدها.
ولو لاعن ثم أسلم صح لعانه، وإلا فسد، ففي الحد إذا وجهان في الترغيب، كهما فيمن ظن صحة نكاح فلاعن ثم بان فساده "م 8 و 9".
ـــــــ
مسألة - 8، 9: قوله: "ولو لاعن ثم أسلم صح لعانه، وإلا فسد، ففي الحد إذا وجهان في الترغيب، كهما فيمن ظن صحة نكاح، فلاعن ثم بان فساده". انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى- 8: إذا لاعن ولم يسلم فسد، وهل يحد إذا أم لا؟ أطلق الوجهين عن صاحب الترغيب:
أحدهما: لا يحد، وهو الصواب؛ لأنه أهل للعان، ولكن منع مانع وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
والوجه الثاني: يحد.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود "2240"، والترمذي "1143"، وابن ماجه "2009".

(8/302)


ولها المسمى بالدخول مطلقا. وإن ارتدا معا أو أحدهما قبل الدخول انفسخ، والمهر يسقط بردتها، ويتنصف بردته، وفيه بردتهما معا وجهان "م 10".
ـــــــ
تنبيه: الذي يظهر أن صورة هذه المسألة إذا كانا كافرين ثم أسلمت الزوجة ثم لاعن ولم يسلم، وأما إذا لاعن وهما كافران فإن اللعان يصح، على الصحيح من المذهب، وقدمه المصنف في بابه1 وقال "اختاره الأكثر".
المسألة الثانية- 9: إذا ظن صحة النكاح فلاعن ثم بان فساده، فهل يصح لعانه فلا يحد؟ أم لا يصح فيحد؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يحد، وقد قطع في القواعد الأصولية بصحة اللعان في النكاح الفاسد فعلى هذا لا يحد، وهو الصواب.
والوجه الثاني: يحد، وقد قطع في المغني2 والشرح3 والمقنع4 والوجيز وغيرهم بأنه لو قذفها في نكاح فاسد ولم يكن بينهما ولد يحد، وقدمه المصنف فمسألة المصنف هنا فيما إذا لم يعلم فساد النكاح ثم علم بعد اللعان، وكلام هؤلاء أعم، والظاهر أنه محمول على العلم بالفساد قبل اللعان، والله أعلم.
مسألة -10: قوله في الارتداد: "والمهر يسقط بردتها ويتنصف بردته، وفيه بردتهما معا وجهان" انتهى. وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير والزركشي:
أحدهما: يسقط، وهو ظاهر كلامه في المنور وقطع به في الوجيز وصححه
ـــــــ
1 9/207.
2 11/132.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 23/400.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 23/398.

(8/303)


وهل تتنجز الفرقة بعد الدخول أو تقف على فراغ العدة؟ فيه روايتان "م 11" واختار شيخنا كما تقدم. فإن وقفت سقطت نفقة العدة بردتها.
وإن وطئها أو طلق ولم تتعجل الفرقة، ففي المهر ووقوع طلاقه خلاف في الانتصار "م 12".
ـــــــ
في تصحيح المحرر، وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: لا يسقط، قال الزركشي في شرح الوجيز: الأظهر التنصيف.
مسألة – 11: قوله: "وهل تتنجز الفرقة بعد الدخول أو تقف على فراغ العدة؟ فيه روايتان" انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي1 والهادي والمقنع2 والمحرر والبلغة والنظم والحاوي الصغير وتجريد العناية وغيرهم:
أحدهما: تقف على انقضاء العدة، وهو الصحيح، صححه في التصحيح وتصحيح المحرر، وبه قطع في الوجيز ومنتخب الآدمي، ونصره الشيخ الموفق واختاره الشارح، قال ابن منجى في شرحه وشارح المحرر والزركشي: هذا المذهب، واختاره الخرقي وغيره، وهو الصواب.
والرواية الثانية: تتعجل الفرقة، اختاره ابن عبدوس في تذكرته، وقدمه في الخلاصة والرعايتين والزبدة وإدراك الغاية وشرح ابن رزين وغيرهم.
مسألة -12: قوله: "وإن وطئها أو طلق ولم تتعجل الفرقة ففي المهر ووقوع طلاقه خلاف في الانتصار". انتهى.
قلت: الصواب وجوب المهر، وعدم وقوع الطلاق، وقد قطع الشيخ الموفق
ـــــــ
1 4/323.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 20/36.

(8/304)


وإن انتقلا أو أحدهما إلى دين لا يقر عليه، أو تمجس كتابي تحته كتابية، فكالردة. وإن تمجست دونه فوجهان "م 13". ومن هاجر إلينا بذمة مؤبدة أو مسلما أو مسلمة والآخر بدار الحرب لم ينفسخ.
ـــــــ
والشارح وغيرهما بوجوب المهر إذا لم يسلما حتى انقضت العدة.
مسألة – 13: قوله: "وإن انتقلا أو أحدهما إلى دين لا يقر عليه، أو تمجس كتابي تحته كتابية، فكالردة، وإن تمجست دونه فوجهان". انتهى. وأطلقهما في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: هو1 كالردة أيضا، وبه قطع في المستوعب والمغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين والمنور وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وهو الصحيح.
والوجه الثاني: النكاح بحاله جزم به في الوجيز وهو ظاهر كلامه في المقنع3.
قلت: والصحيح من المذهب جواز نكاح المجوسية للكتابي، فعلى هذا يكون النكاح بحاله، لكن الصحيح من المذهب أن الكتابية إذا تمجست لا تقر، فعلى هذا يكون كالردة، وهو الصواب.
ـــــــ
1 ليست في "ص".
2 9/550.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/41.

(8/305)


فصل وإن أسلم وتحته امرأة وأختها ونحوها فأسلمتا معه اختار واحدة:
وإن كانتا أما وبنتا حرمت الأم أبدا، والبنت إن دخل بأمها، والمهر للأم.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ

(8/305)


وإن أسلم وقد نكح فوق أربع مطلقا فأسلمن معه أو كن كتابيات أمسك أربعا وفارق بقيتهن، 1ولو متن أو البعض، وفي حال إحرامه وجهان "م 14" للخبر "أمسك أربعا وفارق سائرهن"2 1 ولأن القرعة قد تقع على من يحبها فيفضي إلى تنفيره، ويكفي نحو أمسكت هؤلاء أو تركت هؤلاء أو اخترت هذه للفسخ، ولو أسقط " اخترت " فظاهر كلام بعضهم يلزمه فراق بقيتهن "و م" والمهر لمن انفسخ نكاحها بالاختيار، قاله الأصحاب، ولا يصح تعليقها بشرط، وعدة المتروكات منذ اختار.
وقيل: منذ أسلم، فإن لم يختر أجبر بحبس ثم تعزير، قال الشيخ: كإيفاء الدين، ولهن النفقة حتى يختار.
فإن طلق واحدة فقد اختارها، في الأصح، كوطئها، وفيه وفي الواضح وجه كرجعة، واختار في الترغيب أن لفظ الفراق هنا ليس طلاقا ولا اختيارا، للخبر3، فإن نوى به طلاقا كان طلاقا واختيارا.
وإن ظاهر أو آلى فوجهان "م 15" فإن طلق الكل ثلاثا تعين أربع
ـــــــ
مسألة -14: قوله: "أمسك أربعا... وفي حال إحرامه وجهان". انتهى.
أحدهما: يجوز الاختيار حال الإحرام وهو الصحيح، اختاره الشيخ الموفق والشارح ونصراه وقدمه ابن رزين في شرحه؛ لأنه استدامة.
والوجه الثاني: ليس له ذلك اختاره القاضي.
مسألة – 15: قوله: "وإن ظاهر أو آلى فوجهان". انتهى. وأطلقهما في الهداية
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 أخرجه أبو داود "2241"، والترمذي "1128"، وابن ماجه "1957"، من حديث غيلان بن سلمة.
3 خبر غيلان المتقدم.

(8/306)


بالقرعة، وله نكاح البقية، وقيل: لا قرعة، ويحرمن إلا بعد زوج.
وإن وطئ الكل1 تعين الأول.
وإن مات ولم يختر فقيل: يلزم الكل عدة وفاة، وقيل: الأطول منها أو عدة طلاق "م 16" وترثه أربع بقرعة.
ـــــــ
والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمقنع والمحرر والشرح2 والرعايتين والنظم وشرح ابن منجى والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: لا يكون اختيارا، وهو الصحيح، صححه في التصحيح وتصحيح المحرر، قال في البلغة: لم يكن اختيارا، على الأصح، قال الزركشي: هذا أشهر الوجهين واختاره ابن عبدوس في التذكرة، وقطع به في الوجيز ونهاية ابن رزين وهو ظاهر ما قطع به الآدمي في منتخبه، وقدمه في الكافي3، قال الشيخ تقي الدين: وهو الذي ذكره القاضي في المجرد والجامع وابن عقيل. انتهى.
والوجه الثاني: يكون اختيارا، وهو احتمال في الكافي4، قال في المنور: ولو ظاهر منها فمختارة. وقال في إدراك الغاية وتجريد العناية وطلاقه ووطؤه اختيار لإظهاره وإيلاؤه، في وجه.
مسألة – 16: قوله: "وإن مات ولم يختر فقيل يلزم الكل عدة الوفاة، وقيل الأطول منها أو عدة طلاق" انتهى. وأطلقهما في البلغة:
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 10/17.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/54.
4 4/318.

(8/307)


وإن أسلم البعض ولسن كتابيات ملك إمساكا وفسخا في مسلمة خاصة. وله تعجيل الإمساك مطلقا، وتأخيره حتى تنقضي عدة البقية أو يسلمن، فإن لم يسلمن وقد اختار أربعا فعدتهن منذ أسلم، وإن أسلمن فقيل كذلك. وقيل: منذ اختار "م 17" ويلزم نكاح أربع فأقل مسلمات بفراغ
ـــــــ
أحدهما، على الجميع عدة الوفاة اختاره الأكثر، منهم القاضي في الجامع وقطع به في الوجيز والمنور، وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع1 والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم، قال ابن منجى في شرحه: هذا المذهب.
والوجه الثاني: يلزمهن الأطول منها أو عدة طلاق، وهذا الصحيح من المذهب، وهو احتمال في المقنع1، وبه قطع في الفصول والكافي2 والمغني3، وقطع به القاضي في المجرد، وقدمه في تجريد العناية قال الشارح: هذا الصحيح والأولى وقال عن القول الأول: لا يصح، وهو كما قال، وهو الصواب، والقول الأول ضعيف جدا، بل لو قيل: إنه خطأ، لاتجه وإطلاق المصنف فيه نظر.
مسألة – 17: قوله: "وإن أسلم البعض ولسن كتابيات ملك إمساكا وفسخا في مسلمة خاصة وله تعجيل الإمساك مطلقا وتأخيره حتى تنقضي عدة البقية أو يسلمن،
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/56.
2 4/317.
3 10/16.

(8/308)


عدة البقية، ولا يصح فسخ نكاح مسلمة لم يتقدمها1 إسلام أربع، وقيل: يوقف.
ـــــــ
فإن لم يسلمن وقد اختار أربعا فعدتهن منذ أسلم، وإن أسلمن فقيل كذلك، وقيل: منذ اختار. انتهى. وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير:
أحدهما، حكمهن حكم من لم يسلمن، وهو الصحيح، صححه في النظم وتصحيح المحرر وغيرهما، وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وغيره، وقدمه في الرعايتين والزبدة.
والوجه الثاني: يعتددن منذ اختار، قال في الرعايتين: وهو أولى.
ـــــــ
1 في "ر": "يتقدمه".

(8/309)


فصل وإن أسلم وتحته إماء فأسلمن معه أو في العدة مطلقا اختار إن جاز له نكاحهن وقت اجتماع إسلامه بإسلامهن،
وإلا فسد، وإن تنجزت الفرقة اعتبر عدم الطول، وخوف العنت وقت إسلامه، قاله في الترغيب،
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "يتقدمه".

(8/309)


وإن أسلمت إحداهن بعده ثم عتقت وأسلم البقية اختار من الكل، وإن عتقت ثم أسلمت ولو بعدهن وقيل: بل قبلهن، وهي تعفه تعينت، كحرة تحته تعفه وإماء فأسلمت مطلقا فسد نكاح غيرها إلا أن يعتقن ثم يسلمن في العدة فكالحرائر.
وإن أسلم عبد تحته إماء فأسلمن معه أو في العدة اختار ثنتين، وكذا إن عتق قبل اختياره، وإن أسلم وعتق ثم أسلمن، أو أسلمن ثم عتق ثم أسلم، لزمه نكاح أربع؛ لثبوت خياره حرا.
ولو أسلم على أربع فأسلمت ثنتان ثم عتق فأسلمتا فهل تتعين الأوليان؟ فيه وجهان "م 18".
ـــــــ
مسألة – 18: قوله: "ولو أسلم على أربع" يعني: العبد "فأسلمت ثنتان ثم عتق فأسلمتا فهل تتعين الأوليان؟ فيه وجهان". انتهى:
أحدهما: لا تتعين الأوليان، بل له أن يختار من الأربع، قطع به في الرعاية، وهو ظاهر ما جزم به في المغني1 والشرح2 فإنهما قالا: اختار اثنتين.
والوجه الثاني: تتعينان.
فهذه ثمان عشرة مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 10/25.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/66.

(8/310)


باب الصداق
مدخل
...
باب الصداق
تستحب تسميته في العقد، وكره في التبصرة تركها.
ويستحب تخفيفه وأن لا يزيد على مهور أزواجه عليه الصلاة والسلام وبناته عن أربعمائة إلى خمس مائة1 وقدم في الترغيب لا يزاد على مهر بناته أربع مائة2.
وكل ما صح ثمنا أو أجرة صح مهرا وإن قل. قال جماعة: ولنصفه قيمة. وفي الروضة: له أوسط النقود ثم أدناها.
وفي منفعته المعلومة مدة معلومة، وقيل: ومنفعة حر –
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرج مسلم في "صحيحه" "1426" "78"، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشأ. قالت: أتدري ما النش؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقية، فتلك مئةدرهم. فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه. وأخرج أبو داود في "سننه" "2106"، والترمذي في "سننه" "1114" والنسائي في "المجتبى" 6/117، وابن ماجه في "سننه" "1887" عن أبي العجفاء، قال: خطبنا عمر رحمه الله، فقال: ألا لا تغالوا بصدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية.
2 ليست في الأصل.

(8/311)


روايتان "م 1" وفي المذهب والتبصرة والترغيب الروايتان في
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "وفي منفعته المعلومة مدة معلومة... روايتان" انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع1 والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
إحداهما: يصح، وهو الصحيح، جزم به ابن عقيل في تذكرته وفصوله، وصاحب الكافي2 والوجيز وشرح ابن رزين وغيرهم، وصححه الشيخ الموفق وصاحب البلغة والشرح3 والنظم والتصحيح وتجريد العناية وغيرهم، واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
والرواية الثانية: لا يصح، وقد لاح لك بهذا أن في إطلاق المصنف الخلاف شيئا، وأن الأولى أنه كان يقدم الصحة.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/91-92.
2 4/329.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/92.

(8/312)


منفعته مدة معلومة، ثم ذكروا عن أبي بكر يصح في خدمة معلومة كبناء الحائط لا خدمتها فيما شاءت شهرا.
ولا يضر جهل يسير أو غرر يرجى زواله في الأصح. فلو تزوجها على شرائه لها عبد زيد صح، في المنصوص، فإن تعذر شراؤه بقيمته فلها قيمته، وكذا على دين سلم وغيره، ومعدوم له كآبق ومبيع لم يقبضه، وقصيدة لا يحسنها يتعلمها ثم يعلمها، وقيل: لا تصح التسمية، كثوب ودابة ورد عبدها أين كان وخدمتها سنة فيما شاءت وما يثمر شجره ونحوه ومتاع بيته.
ـــــــ
تنبيه: ذكر صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع1 والتبصرة والترغيب والبلغة وغيرهم الروايتين في المنافع مدة معلومة، وأطلقوا المنفعة ولم يقيدوها بالعلم، وإنما قيدوها بالمدة المعلومة، ثم قالوا: وقال أبو بكر: يصح في خدمة معلومة كبناء حائط وخياطة ثوب ولا يصح إن كانت مجهولة، كرد عبدها الآبق أو خدمتها في أي شيء أرادت سنة. فقيد المنفعة بالعلم، ولم يذكر المدة، وهو الصواب. وقال في الرعاية وفي منفعة نفسه وقيل المقدرة، روايتان وقيل: إن عينا العمل صح، وإلا فلا. انتهى. فتلخص ثلاث طرق، والمختار منها طريقة أبي بكر.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/91 -92.

(8/313)


وحكم أحدهما أو زيد وهما تفويض المهر، وتفويض البضع تزويجه من يجبرها أو تأذن لوليها في تزويجها بلا مهر أو مطلقا بلا شرط.
ونقل حنبل فيما إذا تزوجها على حكمها فاشتطت عليه: لها مهر مثلها إذا أكثرت. وإن أصدقها عبدا مطلقا أو من عبيده لم يصح، عند أبي بكر والشيخ، كدابة أو ثوب، وأطلق، وظاهر نصه صحته، كموصوف، وكما لو عين ثم نسي، اختاره القاضي وغيره "م 2 و 3" فلها في المطلق وسط رقيق البلد
ـــــــ
مسألة - 2 و 3: قوله: "وإن أصدقها عبدا مطلقا أو من عبيده لم يصح عند أبي بكر والشيخ... وظاهر نصه صحته... اختاره القاضي وغيره". انتهى. شمل كلامه مسألتين:
المسألة الأولى – 2: إذا أصدقها عبدا مطلقا فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف، وظاهر كلامه في المستوعب إطلاق الخلاف أيضا:
أحدهما: لا يصح، وهو الصحيح، اختاره أبو بكر وأبو الخطاب والشيخ الموفق والشارح وغيرهم، قال ابن منجى في شرحه: هذا المذهب وقطع به في الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهما، وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والكافي1 والمقنع2 وغيرهم.
ـــــــ
1 4/330.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/109.

(8/314)


نوعا وقيمة، كالسندي بالعراق؛ لأن أعلى1 العبيد التركي والرومي، والأدنى الزنجي والحبشي، والأوسط السندي والمنصوري، ولها واحد2
ـــــــ
والوجه الثاني: يصح اختاره 3القاضي في التعليق، وقطع به في الجامع، والشيرازي وابن البنا، وابن عقيل في التذكرة. ونصره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما واختاره3 ابن عبدوس في تذكرته، وجزم به في المنور وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين، والحاوي الصغير وقال نص عليه، وإدراك الغاية وغيرهم.
المسألة الثانية – 3: إذا أصدقها عبدا من عبيده فهل يصح أم لا أطلق الخلاف. أحدهما لا يصح، اختاره أبو بكر والشيخ والشارح، وقدمه في الكافي، ونصره.
والوجه الثاني: يصح وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو الصحيح، اختاره القاضي وأبو الخطاب، وابن عبدوس في تذكرته، وغيرهم، وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين وإدراك الغاية والحاوي الصغير وقال: نص عليه، وغيرهم، قال في القاعدة الخامسة بعد المائة: إذا أصدقها بهما من أعيان مختلفة ففي الصحة وجهان أصحهما الصحة. انتهى. فتلخص في المسألتين أن جماعة قالوا بعدم الصحة فيها، وجماعة قالوا بالصحة فيها، وجماعة وهم الأكثر فرقوا فقالوا: لا يصح في الأولى ويصح في الثانية، وهو الصواب؛ لأنه أقل إيهاما وجهالة، والله أعلم.
ـــــــ
1 في الأصل: "أغلى".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في "ص".

(8/315)


من عبيده بالقرعة [نقله مهنا] وعنه: وسطهم، وقيل: ما اختارت، وقيل: هو كنذره عتق أحدهم، ذكرهما ابن عقيل، ويتوجه فيه الخلاف، واختار أبو الخطاب الصحة في عبد من عبيده.
وفي لزومها قيمة الوسط إن صح أو الموصوف وجهان "م 4".
وثوب مروي1 ونحوه كعبد مطلق، لا ثوب مطلق؛ لأن أعلى2 الأجناس وأدناها من الثياب غير معلوم، وثوب من ثيابه ونحوه، كعبد من
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: "وفي لزومها قيمة الوسط3 إن صح، أو الموصوف وجهان" يعني: إذا أصدقها عبداً مطلقاً، أو من عبيده، وقلنا: يصح، ولها الوسط3، أو أصدقها موصوفا وجاء بقيمته فهل يلزمها قبول قيمة الوسط أم لا؟ والظاهر أن لفظة " قبول " سقطت من الكاتب أطلق الخلاف، وأطلقه في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: لا يلزمها أخذ القيمة فيها وهو الصحيح، اختاره أبو الخطاب في الهداية، والشيخ الموفق والشارح وصححه في الخلاصة وتصحيح المحرر وقدمه في المقنع4 والنظم، وبه قطع الشيرازي، قال ابن منجى في شرحه هذا المذهب.
والوجه الثاني: يلزمه قبولها، اختاره القاضي، وبه قطع ابن عقيل في عمد الأدلة والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وقدمه في الرعايتين.
ـــــــ
1 في "ط": "مروزي".
2 في الأصل: "أغلى".
3 ليست في "ط".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/115.

(8/316)


عبيده "م 5, 6" ومنع في الواضح في غير عبد مطلق، ومنع في الانتصار عدم الصحة في فرس أو ثوب. وقال: كل ما جهل دون جهالة مهر المثل صح.
واحتج بقول أحمد: إذا تزوجها على خمس إبل أو عشر صح، وإن أصدقها عتق أمته صح، 1لا طلاق1 ضرتها، وعنه: يصح، فإن فات فمهرها، وقيل: مهر مثلها، وكذا جعله إليها سنة، وقيل: يسقط بفوته. نقل مهنا: إن قال أتزوج بك وأطلق امرأتي فطلقها فأبت أن تتزوجه أو قال أتزوجك على طلاقها وهو مهرك: لا يجوز هذا.
وإن أصدقها ألفا إن كان أبوها حيا وألفين مع موته، أو ألفا إن لم تكن له زوجة وألفين معها، فعنه: يصح، وعنه: لا، ونصه: يصح في الثانية لا الأولى، وكذا ألفا إن لم يخرجها من دارها وألفين به ونحوه "م 7 - 9".
ـــــــ
مسألة - 5، 6: قوله: "وثوب مروي2 ونحوه كعبد مطلق... وثوب من ثيابه ونحوه كعبد من عبيده". انتهى. فيه مسألتان:
مسألة -5: ثوب مروي2.
ومسألة -6: ثوب من ثيابه. قد علمت الصحيح في المقيس عليه في المسألتين، فكذا يكون في المقيس، والله أعلم.
مسألة 7 – 9: قوله "وإن أصدقها ألفا إن كان أبوها حيا، وألفين مع موته، أو ألفا إن لم تكن له زوجة وألفين معها، فعنه: يصح وعنه: لا، ونصه يصح في الثانية لا الأولى، وكذا ألفا إن لم يخرجها من دارها، وألفين به ونحوه". انتهى. ذكر مسائل:
ـــــــ
1 في "ر": "لا عتق".
2 في "ط": "مروذي".

(8/317)


فصل وإن أصدقها تعليم قرآن لم يصح،
كالمنصوص في كتابية، وفيها في المذهب يصح بقصدها الاهتداء بها، وعنه: بلى، ذكره ابن رزين
ـــــــ
المسألة الأولى – 7: إذا أصدقها ألفا إن كان أبوها حيا وألفين مع موته فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف:
إحداهما: لا يصح وهو الصحيح، نص عليه، كما قال المصنف وغيره واختاره أبو بكر وغيره، قال الشيخ الموفق والشارح هذا أولى، وصححه في الخلاصة والنظم وغيرهما، قال في المذهب ومسبوك الذهب: بطل في المشهور، وبه قطع في المقنع1 والوجيز وغيرهما، وقدمه في البلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
والرواية الثانية: يصح، خرجها الأصحاب من المسألة الآتية بعدها.
المسألة الثانية – 8: إذا أصدقها ألفا إن لم يكن له زوجة وألفين معها فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف:
إحداهما: يصح، وهو الصحيح نص عليه، وصححه في النظم، قال في المذهب: هذا المشهور، وقطع به في الوجيز وغيره وقدمه في البلغة والمحرر والرعايتين وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يصح، قال الشيخ في المقنع1: هي قياس التي قبلها، واختارها أبو بكر والشيخ والشارح، قال في الخلاصة: لم تصح، على الأصح. قلت: وهو الصواب، وهي رواية مخرجة، قال في الهداية والحاوي الصغير وغيرهما: نص أحمد في الأولى على وجوب مهر المثل، وفي الثانية على صحة
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/123.

(8/318)


الأظهر، وجزم به في عيون المسائل، فتعين، وقيل: والقراءة، فإن تعلمته من غيره لزمته الأجرة، وإن علمها ثم سقط رجع بالأجرة، مع تنصيفه بنصفها.
وإن طلقها ولم يعلمها لزمه أجرة ما يلزمه لخوف الفتنة، جزم به في الفصول، وأنه يكره سماعه بلا حاجة. وفي المذهب أصله هل صوت المرأة عورة؟ فيه روايتان، وعنه: يعلمها مع أمن الفتنة، فإن ادعى أنه علمها وقالت غيره قبل قولها، وقيل: قوله. وفي الواضح بقية القرب كصلاة وصوم تخرج على الروايتين.
ولو تزوج كتابية على أن يعلمها من التوراة أو الإنجيل لم يصح، ولزم مهر المثل؛ لأنه منسوخ مبدل محرم. وإن تزوج نساء بألف صح، وقسم بقدر مهور مثلهن، وقيل: بعددهن. وذكره ابن رزين رواية، كقوله: بينهن، وكذا الخلع، وقيل: بمهورهن المسماة، ومع فساد عقد بعضهن فيه الخلاف، وقيل: مهر المثل، وهو احتمال في الترغيب مع صحة العقود.
ـــــــ
التسمية، فيخرج في المسألتين روايتان. وقال في المستوعب قال أصحابنا: تخرج المسألة على روايتين، وقدم في البلغة عدم التخريج، وهو الصحيح، كما تقدم قال في البلغة وحمل بعض أصحابنا كل واحدة على الأخرى، وتقدم حكم التخريج في الخطبة، وتلخص في المسألتين أن المنصوص الفرق، وهو الصحيح من المذهب والقياس أنهما سواء وهو الصواب.
المسألة الثالثة – 9: إذا أصدقها ألفين إن أخرجها من دارها وألفا إن لم يخرجها. والصحيح من المذهب عدم الصحة والله أعلم. والرواية الثانية يصح.

(8/319)


وإن شرطه مؤجلا ولم يذكر أجله، صح1، ومحله الفرقة، وعنه: حالا، وعنه: لها مهر المثل، وكل موضع خلا العقد عن ذكره حتى بتفويضها بضعها أو مهرها أو فسدت تسميته فلها مهر المثل بالعقد.
وفي الترغيب: وعنه: يجب بالعقد بشرط الدخول، وعند ابن أبي موسى مثل مغصوب أو قيمته. وفي الواضح: إن باعه ربه بثمن مثله لزمه، وعنه: مثل خمر خلا، وعنه: يفسد العقد بتسمية محرمة، كخمر ومغصوب وحر يعلمانه، وتعلم توراة وإنجيل، اختاره الخلال وصاحبه، وخرج عليها في الواضح فساده بتفويض، كبيع، وهو رواية في الإيضاح.
وقيل: زوج النبي صلى الله عليه وسلم الموهوبة بلا مهر2 إكراما للقارئ، كتزويجه أبا طلحة على إسلامه3، قال الشيخ: ونقل عنه جوازه، نقل ابن منصور: فإن تزوجها على ما معه من القرآن أكرهه؛ لأن بعض الناس يقولون على أن يعلمها، يضعونه على هذا، وليس هذا في الحديث، قال أبو بكر: بما روى ابن منصور أقول: وإن بان حرا صح، ولها قيمته. وكذا إن بان أحدهما،
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 أخرج البخاري "2310"، ومسلم "1425" "76"، عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني قد وهبت لك من نفسي، فقال رجل: زوجنيها، قال: "زوجناكها بما معك من القرآن".
3 أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" "10417"، وأبو داود الطيالسي في "مسنده" "2590"، عن أنس قال: خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم، فقالت: أما إني فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم، فذلك مهري لا أسألك غيره، فأسلم أبو طلحة، وتزوجها.

(8/320)


وعنه: قيمتهما، وإن بان نصفه مستحقا أو أصدقها ألف ذراع فبان تسعمائة خيرت بين أخذه وقيمة الفائت وبين قيمة الكل. وإن بان خمرا فمثله، وقيل: قيمته، وقدم في الإيضاح: مهر مثلها، وعند شيخنا: لا يلزمه فيهن، وكذا قال في مهر معين تعذر، وإن كان المنع من جهته، وأن الكل قالوا: لها بدله، وقال: إن لم يحصل لها ما أصدقته لم يكن النكاح لازما، وإن أعطيت بدله، كالبيع، وأولى، وإنما يلزم ما ألزم به الشارع أو التزمه، وقال عن قول غيره: هذا ضعيف مخالف للأصول، فإن لم نقل بامتناع العقد بتعذر تسليم المعقود عليه فلا أقل من أن تملك المرأة الفسخ، فإنها لم ترض ولم تبح فرجها إلا بهذا، وهم يقولون: المهر ليس بمقصود أصلي فيقال: كل شرط فهو مقصود، والمهر أوكد من الثمن، لكن الزوجان معقود عليهما، وهما عاقدان، بخلاف البيع، فإنهما عاقدان غير معقود عليهما، وهذا يقتضي إذا فات فالمرأة مخيرة بين الفسخ وبين المطالبة بالبدل، كالعيب في البيع، لكن المعقود عليه وهما الزوجان باقيان، فالفائت جزء من المعقود عليه، فهو كالعيب في السلعة، وإن كان الشرط باطلا ولم يعلم المشترط بطلانه لم يكن العقد لازما إن رضي بدون الشرط وإلا فله الفسخ.
وأما إلزامه بعقد لم يرض به ولا ألزمه الشارع أن يعقده فمخالف لأصول الشرع والعدل.
وإن بان المهر المعين بالعقد أو عوض الخلع
ـــــــ
......................................
ـــــــ

(8/321)


المنجز معيبا أو ناقصا صفة شرطت فيه فكمبيع، والمعقود عليه في الذمة الواجب إبداله. وإن أصدقها مائة لها ومائة لأب يصح تملكه أو شرط1 له صحت2 التسمية، فإن تنصف بعد قبضه رجع بنصفه، ولا شيء على الأب، وقيل: إلا في شرط جميعه له، وكذا بيعه سلعتها بمائة وله مائة، ولو شرط ذلك لغير الأب فكل المسمى لها، ويرجع عليه. وفي الترغيب: في الأب رواية كذلك.
ومن زوج بنته بدون مهر مثلها صح مطلقا، وقيل يتمم، كبيعه بعض مالها بدون ثمنه لسلطان يظن به حفظ الباقي، ذكره في الانتصار، وقيل: لثيب كبيرة. وفي الروضة: إلا أن ترضى بما وقع عليه العقد قبل لزوم العقد. وإن زوجها به ولي غيره بإذنها صح، ولا ينقضه أحد، وبدون إذنها يلزم الزوج تتمته، ونصه: الولي،........................................
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "شرطت".
2 في الأصل: "صحة".

(8/322)


وعنه: تتمته عليه كمن زوج بدون ما عينته له، ويتوجه كخلع. وفي الكافي1: للأب تفويضها.
ومن زوج ابنه الصغير بمهر المثل فأزيد صح في ذمة الزوج، ونقل ابن هانئ: مع رضاه، ومع عسرته لا يضمنه أبوه عنه، كثمن مبيعه، وعنه: بلى؛ للعرف، وقيل: الزيادة.
وفي النوادر نقل صالح كالنفقة، فلا شيء على ابن، كذا قال، ونقل المروذي: النفقة على الصغير في ماله، قلت: فإن كانت صغيرة لا توطأ؟ قال: إن كان له مال أنفق عليها منه، والنفقة تجب مع المنع من قبله لا من قبلهم، وإن قيل للأب: ابنك فقير من أين يؤخذ الصداق؟ فقال الأب: عندي، لم يزد على ذلك، فهل يلزمه؟ يتوجه خلاف سبق2،
ـــــــ
تنبيه: قوله فيما إذا زوجها الولي غير الأب بدون مهر مثلها بغير إذنها: "وبدون إذنها يلزم الزوج تتمته، ونصه: الولي وعنه: تتمته عليه". انتهى. ظاهر هذا الكلام أن النص هو عن الرواية التي بعده، فيحصل التكرار من غير فائدة والذي يظهر لي أن قوله "ونصه الولي" إنما هو: ويضمنه الولي، وحصل فيه تصحيف، وهو واضح، وبهذا يستقيم الكلام وينتفي التكرار، والله أعلم.
ـــــــ
1 4/359.
2 ليست في الأصل.

(8/323)


كقوله أعط هذا، ولم يقل: عني، وللأب قبض مهر ابنته المحجور عليها، وعنه: والبكر الرشيدة، زاد في المحرر: ما لم تمنعه، فعليها يبرأ الزوج بقبضه، وترجع على أبيها بما بقي لا بما أنفق.
ـــــــ
فعلى المذهب يلزم الزوج التتمة ويكون الولي ضامنا لها ولذلك قال ابن نصر الله: لو قال: "ويضمنها" زال الإيهام انتهى. والرواية الثانية يلزم الولي التتمة وليس على الزوج منها شيء.

(8/324)


فصل من تزوج سرا بمهر وعلانية بغيره أخذ بأزيدهما،
وقيل: بأولهما. وفي الخرقي وغيره: يؤخذ بالعلانية، وذكره في الترغيب نص أحمد مطلقا، نقل أبو الحارث: يؤخذ بالعلانية؛ لأنه قد أقر به، وذكر الحلواني في بيع مثله.
فإن قال: عقد واحد تكرر، وقالت: عقدان بينهما فرقة، أخذ بقولها ولها المهران.
وإن اتفقا قبل العقد على مهر أخذ بما عقد به، في الأصح، كعقده هزلا وتلجئة، نص عليه، وفي البيع وجهان "م 10"
ـــــــ
مسألة 10: " قوله وإن اتفقا قبل العقد على مهر أخذ بما عقد به في الأصح، كعقده هزلا وتلجئة، نص عليه، وفي البيع وجهان"، انتهى. يعني إذا اتفقا قبل عقد

(8/324)


وتلحق الزيادة بعد العقد بالمهر على الأصح فيما يقرره وينصفه، وخرج سقوطه بما ينصفه من وجوب المتعة لمفوضة مطلقة قبل الدخول بعد فرضه، وتملك الزيادة من حينها، نقله مهنا في أمة عتقت فزيد1 في مهرها، وجعلها القاضي لمن الأصل له.
وليست هديته من المهر، نص عليه، فإن كانت قبل العقد وقد وعد به فزوجوا غيره رجع، قاله شيخنا، وقال: ما قبض بسبب نكاح فكمهر، وقال فيما كتب فيه المهر: لا يخرج منها بطلاقها.
وإن تزوج عبد بإذن سيده صح، وله نكاح أمة ولو أمكنه حرة جاز، ذكره أبو الخطاب وابن عقيل، وهو معنى كلام أحمد، ومتى أذن له وأطلق نكح واحدة فقط، نص عليه، وهل زيادته على مهر المثل في رقبته أو ذمته؟ فيه الروايتان
ـــــــ
البيع على ثمن ثم عقداه على بيعه، فهل الاعتبار بما عقد به أو بما اتفقا عليه؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الرعاية الكبرى:
أحدهما: الثمن بما اتفقا عليه قطع به ناظم المفردات، وقد قال: بنيتها على الصحيح الأشهر وحكاه أبو الخطاب وأبو الحسين عن القاضي، وهو الصواب.
والوجه الثاني: ما وقع عليه العقد، قطع به القاضي في الجامع الصغير، قال ابن نصر الله في حواشيه هذا أظهر الوجهين كالنكاح، لكن ذكر الإمام أحمد في النكاح أنها تفي بما وعدت به وشرطته من أنها لا تأخذ إلا مهر السر، حتى قال أبو حفص البرمكي: يجب عليها ذلك، قلت: فينبغي أن يكون البيع كذلك والله أعلم.
تنبيه: قوله في نكاح العبد بإذن سيده: "وهل زيادته على مهر المثل في رقبته أو
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "في".

(8/325)


وفي تناول النكاح الفاسد احتمالان "م 11" ويتعلق المهر بسيده، نقله الجماعة، وعنه: برقبته، وعنه: بهما، وعنه: بذمتيهما، وعنه: بكسبه، ومثله النفقة، وبدون إذنه باطل، نقله الجماعة، وقال الأصحاب: كفضولي، ونقله1 حنبل، وإن وطئ فيه فكنكاح فاسد ففي رقبته، نص عليه، وقيل: في ذمته مهر المثل، وقيل: خمساه، وعنه: المسمى، وعنه: خمساه، نقله الجماعة، واحتج بقول عثمان2، اختاره الخرقي والقاضي وأصحابه، ونقل المروذي: تعطى شيئا، قلت: تذهب إلى قول عثمان؟ قال: أذهب إلى أن تعطى شيئا، قال أبو بكر: هو القياس.
ويفديه بالأقل من قيمته أو مهر واجب. ونقل حنبل: لا مهر؛ لأنه بمنزلة العاهر، يروى عن ابن عمر أنه فعله3، وهو رواية في المحرر: إن
ـــــــ
ذمته؛ فيه الروايتان". انتهى. يعني بهما اللتين في أحكام العبد في آخر الحجة فيما إذا استدان بغير إذن سيده، وقد حرر المصنف المذهب هناك، فليعاود، وقال ابن نصر الله: هما اللتان في أرش جنايته، وليس بالبين وما قلناه أولى.
مسألة- 11: قوله: "وفي تناول نكاح الفاسد احتمالان" انتهى.
قلت: الصواب أنه لا يتناول ذلك، والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ر": "ونقل".
2 أخرج عبد الرزاق في "المصنف" "12984"، وابن أبي شيبة في "المصنف" 4/259-260: أن غلاماً لأبي موسى وكان صاحب إبله، تزوج أمة لبني جعدة وساق إليها خمس ذود، فحدث أبو موسى فأرسل إليهم: أرسلوا إلي غلاماً ومالي. فقالوا: أما الغلام فغلامك، وأما المال فقد استحل به فرج صاحبتنا. فاختصموا إلى عثمان بن عفان، فقضى لهم عثمان بخمسي ما استحل به فرج صاحبتهم، ورد على أبي موسى ثلاثة أخماسه.
3 أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" "12981"، وسعيد بن منصور في "السنن" 1/207، وابن أبي شيبة في "المصنف" 4/261، عن ابن عمر رضي الله عنه أن غلاماً له نكح بغير إذنه، ففرق بينهما، وأبطل صداقه، وضربه حداً.

(8/326)


علما: التحريم، وظاهر كلام جماعة: أو علمته هي، والإخلال بهذه الزيادة سهو.
وإن زوجه بأمته فنقل سندي يتبعه بالمهر بعد عتقه، وذكر جماعة: لا يجب، وقيل: بلى، ويسقط، وهو رواية في التبصرة "م 12".
وإن زوجه بحرة ثم باعه لها بثمن في ذمتها فعلى حكم مقاصة الدينين، وإن تعلق1 برقبته تحول مهرها إلى ثمنه، كشراء غريم عبدا مدينا، وإن تعلق بذمتيهما سقط المهر: لملكها العبد، والسيد تبع له؛ لأنه ضامنه، ويبقى الثمن للسيد عليها، وقيل: لا يسقط، بناء على من ثبت له دين على عبد ثم ملكه ففي سقوطه وجهان "م 13" والنصف قبل الدخول
ـــــــ
مسألة- 12: قوله: "وإن زوجه بأمته فنقل سندي يتبعه بالمهر بعد عتقه، وذكر جماعة لا يجب، وقيل: بلى، ويسقط، وهو رواية في التبصرة". انتهى. ما نقله سندي هو الصحيح، قال في المحرر وغيره: وهو المنصوص، وقطع به في الوجيز والمنور، وذكر جماعة: لا يجب، منهم أبو بكر والقاضي وغيرهما، وصححه في النظم وغيره، وقدمه في المقنع2 والمحرر والحاوي الصغير وتجريد العناية وغيرهم، وقيل: يجب ويسقط، وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي3 والرعايتين وإدراك الغاية وغيرهم.
مسألة- 13: قوله فيما إذا زوجه بحرة ثم باعه لها بثمن في ذمتها: وإن تعلق
ـــــــ
1 في الأصل: "تحول".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/162.
3 4/361.

(8/327)


كالجميع إن لم يسقط، في رواية، وإن باعه لها بمهرها صح، نص عليه؛ لجواز كونه ثمنا لغير هذا العبد، وفي رجوعه قبل الدخول بنصفه أو بجميعه الروايتان.
وعنه: لا يصح قبله؛ لأنه يلزم من صحته فسخ النكاح، ومن سقوط المهر بطلان البيع؛ لأنه عوضه، واختار ولد صاحب الترغيب1: إن تعلق برقبته أو ذمته وسقط ما في الذمة بملك طارئ برئت ذمة سيد، فيلزم الدور، فيكون في الصحة بعد الدخول الروايتان قبله، وإن جعله مهرها،
ـــــــ
برقبته تحول مهرها إلى ثمنه... وإن تعلق بذمتيهما سقط المهر... وقيل: لا يسقط، بناء على من ثبت له دين على عبد ثم ملكه، ففي سقوطه وجهان". انتهى. قال في المحرر بعد أن قدم أنه يسقط كما قال المصنف: وقيل لا يسقط المهر؛ لثبوته قبل أن تملكه، وأصلهما من ثبت له دين على عبد ثم ملكه هل يسقط؟ على وجهين. انتهى.
فأفصح أن الوجهين في المهر كالوجهين في العبد، وأن المقدم فيهما السقوط وقدم السقوط أيضا في الرعايتين والحاوي الصغير، وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يسقط.
تنبيهات:
أحدهما: قوله: "إن باعه لها بمهرها صح.... وفي رجوعه قبل الدخول بنصفه أو بجميعه الروايتان". انتهى. مراده بهما اللتان يأتيان قريبا2 فيما إذا اشترت زوجها وقد أطلقهما أيضا، ويأتي تصحيحهما هناك
ـــــــ
1 هو: عبد الغني بن محمد بن الخضر ابن تيمية الحراني، أبو محمد، له مصنفات منها: "الزوائد على تفسير الوالد" و"إهداء القرب إلى ساكني الترب". "ت639هـ". "مختصر طبقات الحنابلة" ص 55، "ذيل طبقات الحنابلة" 2/222.
2 ص 331- 332.

(8/328)


بطل العقد، كمن زوج ابنه على رقبة من يعتق على الابن لو ملكه، إذ نقدره له قبلها، بخلاف إصداق الخمر؛ لأنه لو ثبت لم ينفسخ، ذكره جماعة، نقل مهنا: إذا قال له تزوج على رقبتك فهذا لا يكون أن يزوج على رقبته، وإذا تزوج امرأة فخرج بالعبد عيب قال: ترده والمهر على مولاه.
ـــــــ
................................
ـــــــ

(8/329)


فصل وتملك المهر بالعقد،
وعنه: نصفه. وتقدم الضمان والتصرف في البيع، ويتقرر المسمى حرة أو أمة بموت أحدهما وبقتله. وفيه رواية. وفي الوجيز يتقرر إن قتل نفسه أو قتله غيرهما، فظاهره لا يتقرر إن قتل أحدهما الآخر، وهو متجه إن قتلته، وبوطئه في فرج، والأصح أو دبر، لا فرج ميتة، ذكره أبو المعالي وغيره، وبالخلوة، وعنه: أو لا اختاره في عمد الأدلة فعلى الأول يتقرر إن لم تمنعه وعلم بها، وعنه: أو لا، وليس عندهما مميز مطلقا وقيل: مسلم1 وهو ممن يطأ مثله، بمن يوطأ مثلها. ولا تقبل دعواه عدم علمه بها، والمنصوص ولو أنه أعمى؛ لأن العادة أنه لا يخفى عليه ذلك، فقد قدم أصحابنا هنا العادة على الأصل، فكذا دعوى إنفاقه، فإن العادة هناك أقوى، قاله شيخنا، ويتوجه من نصه هنا تخريج رواية: لا يقبل قول الزوج إذا ادعى مهرا تخالفه العادة، وتخرج رواية هنا من قبوله هناك مطلقا.
ـــــــ
الثاني: قوله فيما يقرر المهر: "وبالخلوة، وعنه أو لا". انتهى. صوابه وعنه لا، وزيادة " أو قبل " لا " خطأ والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ط": "سلم".

(8/329)


ويقبل قول مدعي الوطء. وفي الواضح وجه: قول منكره، كعدمها، قاله ابن عقيل وجماعة، فلا يرجع هو بمهر لا يدعيه ولا لها ما لا تدعيه، قال في الانتصار: والتسليم بالتسليم1، ولهذا لو دخلت البيت فخرج لم يكمل، قاله قبيل المسألة، وفيها يستقر به، وإن لم يتسلم، كبيع وإجارة، وفي العدة والرجعة وتحريم الربيبة الخلاف ولا يتعلق بها بقية حكم وطء، وقيل كمدخول بها إلا في حلها لمطلقها وإحصان.
ونقل أبو الحارث وغيره: هي كمدخول بها، ويجلدان إذا زنيا.
ولو اتفقنا أنه لم يطأ لزم المهر والعدة، نص عليه؛ لأن كلا منهما يقر بما يلزمه، وذكر ابن عقيل وغيره في تنصيفه هنا روايتين، فإن كان بهما أو بأحدهما مانع، كإحرام وحيض وجب ورتق ونضاوة2 تقرر، وعنه: إن كان به، وعنه لا.
ـــــــ
الثالث: قوله: "وفي العدة والرجعة وتحريم الربيبة الخلاف". انتهى.
الظاهر أنه أراد بالخلاف الخلاف الذي في الخلوة، هل يقرر المهر كاملا أم لا؟ وقد قدم أنها تقرره كاملا. إذا علم ذلك فالخلاف الذي في العدة بالخلوة يأتي في أول باب العدة3 وقدم أنها عليها العدة، وهو المذهب، والخلاف الذي في جواز الرجعة بعد الخلوة إذا طلقها يأتي في الرجعة4، وقدم أن له رجعتها، في المنصوص، والخلاف الذي في تحريم الربيبة إذا خلا بأمها تقدم في كلام المصنف في باب المحرمات في
ـــــــ
1 في "ط": "بالسليم".
2 في "ط": "نظاؤه". ونضاوة، كنقاوة وزنا: الهزال. والنضو: المهزول من الإبل وغيرها. "القاموس" "نضاه".
3 9/237.
4 9/152.

(8/330)


ويقرره لمس ونحوه لشهوة، نص عليه، وخرجه ابن عقيل على المصاهرة، قاله القاضي مع خلوة، وقال إن كان عادته تقرر، وعنه: ونظر.
فإن تحملت ماء زوج فوجهان "م 14" ويلحقه نسبه. ويتنصف المهر قبل تقرره بكل فرقة من أجنبي أو منه، كخلعه وتعليق طلاقها على فعلها وتوكيلها فيه، ويسقط بفسخه لعيب أو شرط أو حرمة جمع، وبكل فرقة منها مطلقا، وعنه: يتنصف بفسخها لشرط، فيتوجه في فسخها لعيبه.
وفي فرقة منهما أو منها ومن أجنبي كلعانهما؛ وتخييرها بسؤالها وشرائها له روايتان "م 15 - 17" وخرج القاضي إن لاعنها في مرضه فمنه.
ـــــــ
النكاح1 وأطلق الخلاف هنا وتقدم تصحيح ذلك فليعاود.
مسألة – 14: قوله فيما يقرر الصداق كاملا: "ويقرره لمس ونحوه لشهوة، نص عليه وعنه: ونظر فإن تحملت ماء زوج فوجهان" انتهى:
أحدهما: لا يقرره، وهو الصواب، وظاهر كلام كثير من الأصحاب، قال في الرعاية: ولو استدخلت مني زوج أو أجنبي لشهوة ثبت النسب والعدة والمصاهرة، ولا تثبت رجعة ولا مهر المثل، ولا يقرر المسمى. انتهى.
والوجه الثاني: يقرره، ويأتي نظيرتها في أول العدد2.
مسألة - 15 – 17: قوله: "وفي فرقة منهما أو منها و3من أجنبي كلعانها وتخييرها بسؤالها وشرائها له روايتان" انتهى. ذكر مسائل:
ـــــــ
1 ص 328.
2 9/237.
3 في "ص": "أو".

(8/331)


......................................
ـــــــ
المسألة الأولى – 15: إذا تلاعنا فهل يسقط المهر كاملا أو نصفه؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المغني1 والكافي2 والمحرر والشرح3 وشرح ابن منجى وتجريد العناية وغيرهم، قال في المقنع3: وفرقة اللعان تخرج على روايتين انتهى:
أحدهما: يسقط المهر كله، وهو الصحيح، صححه في التصحيح وتصحيح المحرر والنظم وغيرهم، وبه قطع في الوجيز وغيره، وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن رزين وغيرهم، واختاره أبو بكر وغيره.
والرواية الثانية: يتنصف بها المهر، وهو قوي.
المسألة الثانية – 16: تخييرها بسؤالها، كما لو جعل لها الخيار في الطلاق، بأن قال لها اختاري فاختارت الطلاق، فهل يسقط المهر كله أو يتنصف؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الرعاية الكبرى:
إحداهما: لا مهر، وهو الصحيح نص عليه، قال في القواعد الفقهية: المنصوص عن الإمام أحمد أنه لا مهر لها انتهى.
والرواية الثانية: يتنصف.
المسألة الثالثة – 17: إذا اشترت زوجها انفسخ نكاحها، وهل يسقط المهر كله أو نصفه؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه في المغني1 والكافي2 والمقنع4 والمحرر والشرح4 والرعايتين، والحاوي الصغير في موضع، وغيرهم:
ـــــــ
1 10/189.
2 4/344.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/224.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/225.

(8/332)


وفي شرائه لها. وفي المحرر: من مستحق مهرها وتخالعهما وجهان "م 18 و 19".
ـــــــ
إحداهما:يتنصف به المهر، وهو الصحيح، صححه في التصحيح وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز وغيره، وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة في أحكام زواج العبد، وقدمه في الرعايتين هناك، قال في القواعد: هذا أشهر الوجهين، وهو اختيار أبي بكر والقاضي وأصحابه انتهى.
والرواية الثانية:يسقط المهر كله، وهو قوي.
تنبيه: قوله: "في المحرر" : من مستحق مهرها" مثال غير مستحقه, أن يشتريها ممن انتقلت إليه ببيع وهبة أو وصية, فإن البائع هنا لا يقوم مقامها , فلا تكون الفرقة قد جاءت من مستحق المهر , قاله الشيخ تقي الدين في "شرحه".
مسألة- 18، 19: قوله: "وفي شرائه لها وفي المحرر من مستحق مهرها وتخالعهما وجهان" انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى – 18: إذا اشترى الزوج امرأته قبل الدخول فهل يتنصف المهر أو يسقط؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المغني1 والكافي2 والمحرر والشرح3 والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد الفقهية وغيرهم:
أحدهما: يتنصف، وهو الصحيح، صححه في التصحيح وتصحيح المحرر، وقطع به في الوجيز وغيره.
ـــــــ
1 10/189.
2 4/344.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/225.

(8/333)


ومن أبرأت زوجها من مهرها أو وهبته له ثم سقط أو تنصف رجع بفائته، كعوده إليه ببيع أو هبتها العين لأجنبي ثم وهبها له، وعنه: لا؛ لأن عقد الهبة لا يقتضي ضمانا، وعنه: مع الإبراء؛ لأنها لم تملكه ما زال ملكه عنه. وفي الترغيب: أصل الخلاف في الإبراء أيهما تلزمه زكاته إذا مضى أحوال، وهو دين؟ فيه روايتان، وكلامه في المغني1 على أنه إسقاط أو تمليك، وإن وهبته بعضه ثم تنصف رجع بنصف غير الموهوب، ونصف الموهوب استقر ملكها2 له، فلا يرجع به، ونصفه الذي لم يستقر يرجع به على الأولى لا الثانية. وفي المنتخب: عليها
ـــــــ
والوجه الثاني: يسقط كله، اختاره أبو بكر. قلت: وهو ضعيف، واختار في الرعاية إن طلب الزوج الشراء فلها المتعة، وإن طلبه سيدها فلا.
المسألة الثانية – 19: إذا تخالعا فهل يسقط المهر كله أو يتنصف؟ أطلق الخلاف فيه3، وأطلقه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: يتنصف، وهو الصحيح، وهو ظاهر ما قطع به في الشرح4 وشرح ابن منجى وغيرهما وقطع به في الكافي5 والمقنع4 والوجيز وغيرهم، وقدمه في المستوعب، قال في القواعد: المنصوص عن أحمد أن لها نصف الصداق، وهو قول القاضي وأصحابه. انتهى.
والوجه الثاني: يسقط كله.
ـــــــ
1 10/164 – 165.
2 في "ر": "ملكهما".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/219 – 220.
5 4/344.

(8/334)


احتمال، ولو وهب الثمن لمشتر فظهر مشتر على عيب فهل تعذر الرد فله أرشه أم يرد وله ثمنه؟ وفي الترغيب القيمة؟ فيه الخلاف. وإن تبرع أجنبي بأداء المهر فالراجع للزوج، وقيل: له. ومثله أداء ثمن ثم يفسخ بعيب، ورجوع مكاتب أبرئ من كتابته بالإيتاء، واختار الشيخ فيه: لا يرجع.
وإن اختلف الزوجان أو ورثتهما في قدر المهر قبل قوله، ويحلف. وفي المبهج رواية: يتحالفان، وعنه: قول مدعي مهر المثل، نصره القاضي وأصحابه، وفي اليمين وجهان "م 20". فلو ادعى دونه وادعت
ـــــــ
تنبيه: قوله: فيما إذا وهب الثمن لمشتر وظهر على عيب هل تعذر الرد أم لا؟ "فيه الخلاف"، يعني به الذي قبله فيما إذا أبرأته من مهرها أو وهبته له، فيما يظهر.
مسألة – 20: قوله: "وإن اختلف الزوجان أو ورثتهما في قدر المهر قبل قوله ويحلف..... وعنه: قول مدعي مهر المثل، نصره القاضي وأصحابه، وفي اليمين1 وجهان". انتهى. قال في المحرر: ولم يذكر اليمين2، فيخرج وجوبها على وجهين.
وقال في الهداية والمستوعب: وفي كلام أحمد ما يدل على الوجهين، وأطلقهما في المذهب والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم، وظاهر المقنع3 والشرح4 وشرح ابن منجى إطلاق الخلاف أيضا:
ـــــــ
1 في "ح": "الثمن".
2 في النسخ الخطية: "الثمين"، والمثبت من "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/232.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/232 - 233.

(8/335)


فوقه، رد إليه. وإن اختلفا في عينه1 أو وصفه فالروايتان لكن الواجب القيمة؛ لئلا يملكها ما تنكره، وقيل: إن قبل قولها فما عينته، وفي فتاوى الشيخ: إن عينت أمها وعين أباها فينبغي أن يعتق أبوها؛ لأنه مقر بملكها له، وإعتاقه عليها، ثم يتحالفان، ولها الأقل من قيمة أمها أو مهر مثلها. وفي الواضح: يتحالفان، كبيع، ولها الأقل مما ادعته أو مهر
ـــــــ
أحدهما: لا يحلف، اختاره القاضي، وقطع به في الوجيز وغيره وقدمه في الخلاصة وغيره.
والوجه الثاني: تجب اليمين، وهو الصحيح، اختاره أبو الخطاب في الهداية، وقطع به الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما، وقدمه، ابن رزين في شرحه قال الشيخ الموفق في المغني2: إذا ادعى أقل من مهر المثل وادعت أكثر منه رد إلى مهر المثل، ولم يذكر أصحابنا يمينا، والأولى أن يتحالفا فإن ما يقوله كل واحد منهما محتمل للصحة فلا يعدل عنه، إلا بيمين من صاحبه كالمنكر في سائر الدعاوى؛ ولأنهما تساويا في عدم الظهور، فشرع التحالف كما لو اختلف المتبايعان. انتهى.
والظاهر أن المجد لم يطلع على الخلاف، وأن الشيخ في المغني لم يستحضر الخلاف حالة التصنيف، إذ الخلاف ذكره الشيخ في المقنع3 وغيره، اللهم إلا أن يكون صنف المغني قبله ثم اطلع على الخلاف.
تنبيه: قوله: "وإن اختلفا في عينه أو وصفه فالروايتان" يعني المتقدمتين قبل ذلك قريبا، وهو قد قدم أن القول قول الزوج، فكذلك هنا.
ـــــــ
1 في "ر": "عيبه".
2 10/133.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/234.

(8/336)


مثلها. وفي الترغيب: يقبل قول مدعي جنس مهر المثل، في أشهر الروايتين، والثانية: قيمة ما يدعيه هو.
وإن ادعت التسمية فأنكر قبل في تسمية مهر المثل، في رواية، و1عنه: قوله، ولها مهر مثلها "م 21".
فلو طلق ولم يدخل ففي تنصفه أو المتعة الخلاف وعلى الأولة يتنصف ويقبل قوله فيما يستقر به، وقولها في قبضه. وفي الواضح رواية: قوله، بناء على2: كان له علي1 وقضيته3.
ـــــــ
مسألة – 21: قوله: "وإن ادعت التسمية فأنكر قبل في تسمية مهر المثل، في رواية، وعنه: قوله، ولها مهر مثلها" انتهى. يعني بقوله "قبل" أي قولها في تسمية مهر المثل، كما قاله في المحرر، والظاهر أن لفظة " قولها " سقطت من الكاتب. وأطلقهما في البلغة والمحرر:
إحداهما: القول قولها في تسمية مهر المثل، قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: القول قوله؛ لأنه يدعي ما يوافق الأصل، ولها مهر مثلها. قلت: وهو الصواب، ولعل الخلاف ينزع إلى اختلاف الأصل والظاهر.
تنبيه: قوله: "فلو طلق ولم يدخل ففي تنصفه أو المتعة الخلاف"، يعني: على القول بأن القول قوله في عدم التسمية، ومراده بالخلاف الخلاف الذي في المفوضة الآتي في المسألة الثانية والثالثة والثلاثين4.
ـــــــ
1 ليست في الأًصل.
2 بعدها في "ر": "أنه".
3 في "ر": "قبضته".
4 ص 347-348.

(8/337)


فصل وإذا قبضت المسمى المعين ثم تنصف فله نصفه حكما،
نص عليه، وقيل: إن اختار ملكه. وفي الترغيب: أصلهما اختلاف الرواية فيمن بيده عقدة النكاح، فعلى هذا ما ينمي قبله لها، وبينهما على نصه وعليه لو طلقها على أن المهر كله لها لم يصح الشرط، وعلى الثاني وجهان وعليه لو طلق ثم عفا ففي صحته وجهان، ويصح على الثاني، ولا يتصرف. وفي الترغيب على الثاني وجهان، لتردده بين خيار البيع وخيار الواهب "م 22 - 24" ولا يرجع في نصف زيادة منفصلة، على الأصح،
ـــــــ
مسألة 22 – 24: قوله: "وإذا قبضت المسمى المعين ثم تنصف فله نصفه حكما، نص عليه، وقيل: إن اختار ملكه... فعلى هذا ما ينمي قبله لها، وبينهما على نصه، وعليه لو طلقها على أن المهر كله لها لم يصح الشرط، وعلى الثاني وجهان وعليه لو طلقها ثم عفا ففي صحته وجهان ويصح على الثاني، ولا يتصرف. وفي الترغيب على الثاني وجهان لتردده بين خيار البيع وخيار الواهب". انتهى. ذكر مسائل:
المسألة الأولى – 22: إذا قبضت المهر المعين ثم تنصف، فالمنصوص أنه يدخل في ملكه حكماً1، كالميراث وقيل: لا يدخل، إلا إذا اختار ملكه.
إذا علمت ذلك فلو طلقها على أن المهر كله لها لم يصح الشرط، على المنصوص، وعلى القول الثاني هل يصح أم لا؟ أطلق فيه وجهين:
أحدهما: لا يصح، وهو الصواب؛ لأنه ليس في ملكه.
والوجه الثاني: يصح، قال ابن نصر الله في حواشيه لعل أصلهما إسقاط الشفيع الشفعة قبل البيع. انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ط".

(8/338)


كمتصلة، وفيها تخريج من منفصلة، وهو رواية في الترغيب وأطلق
ـــــــ
والصحيح أن إسقاط الشفعة قبل البيع لا يسقطها.
المسألة الثانية – 23: لو طلق ثم عفا فعلى المنصوص في صحته وجهان:
أحدهما: يصح، وهو الصواب؛ لأنه دخل في ملكه وتصح الهبة بلفظ العفو، على الصحيح من المذهب، وعليه الأكثر، وهذا منه، والله أعلم.
والوجه الثاني: لا يصح.
المسألة الثالثة – 24: لو طلق ثم عفا، فعلى القول الثاني يصح ولا يتصرف وفي الترغيب على الثاني وجهان؛ لتردده بين خيار البيع وخيار الواهب، لكن المصنف قد قدم حكما وهو أنه يصح ولا يتصرف، وهذا الصحيح من المذهب.
فهذه المسألة لم يطلق فيها الخلاف، بل قدم فيها حكما. والله أعلم.

(8/339)


في الموجز روايتين في النماء. وفي التبصرة: لها نماؤه بتعيينه، وعنه: بقبضه.
فعلى المذهب: له قيمة نصفه يوم الفرقة على أدنى صفة من وقت العقد إلى وقت قبضه. وفي الكافي1: أو التمكين منه، فإن قلنا: يضمن المتميز بالعقد اعتبرت صفته وقته، وذكر في الترغيب المهر المعين قبل قبضه هل هو بيده أمانة أو مضمون فمؤنة دفن العبد عليه؟ فيه روايتان، وبنى عليهما التصرف والنماء وتلفه، وعلى ضمانه هل هو ضمان عقد بحيث ينفسخ في المعين ويبقى في تقدير المالية يوم الإصداق أو ضمان يد2، بحيث تجب القيمة يوم تلفه كعارية؟ فيه وجهان.
ثم ذكر أن القاضي وجماعة قالوا: ما يفتقر توقيته إلى معيار ضمنه، وإلا فلا، كبيع، والوجهان في المستوعب. وإن دفعته زائدا لزمه، وإن فات بتلف أو استحق بدين أو شفعة أو انتقل تعين قيمة حقه، كما تقدم، ومتى تنصف قبل علم الشفيع بالنكاح فأيهما يقدم؟ فيه وجهان "م 25".
ـــــــ
مسألة – 25: قوله: "ومتى تنصف قبل علم الشفيع بالنكاح فأيهما يقدم؟ فيه وجهان". انتهى. وأطلقهما في المغني3 والشرح4:
أحدهما: يقدم حق الشفيع؛ لأنه أسبق، قدمه ابن رزين في شرحه، وهو الصواب.
ـــــــ
1 4/344.
2 ليست في "ط".
3 10/131.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/180 -181.

(8/340)


وإن زاد من وجه ونقص من وجه كعبد صغير كبر ومصوغ كسرته وأعادته صياغة أخرى، فلكل منهما الخيار، وكذا حمل أمة، وفي البهيمة زيادة ما لم يفسد اللحم، والزرع والغرس نقص للأرض. ولا أثر لمصوغ كسرته وأعادته كما كان، أو أمة سمنت ثم هزلت ثم سمنت، وفيهما في المغني1 وجهان، ولا لارتفاع سوق، ولا لنقلها الملك فيه ثم طلق وهو بيدها، ويثبت الخيار بما فيه غرض مقصود وإن لم يزد القيمة، قاله في الترغيب وغيره، وظاهر كلام بعضهم خلافه، وما لم يؤبر فزيادة متصلة، وكذا ما أبر. وفي الترغيب وجهان.
وإن أصدقها أمة حاملا فولدت لم يرجع في نصفه إن قلنا لا يقابله قسط من الثمن، وإلا فهو بعض مهر زاد زيادة لا تتميز، ففي لزومها نصف قيمته ولزومه قبول نصف الأرض بنصف زرعها وجهان "م 26 و 27" وله
ـــــــ
والوجه الثاني، يقدم حق الزوج؛ لأنه ثبت بالنص والإجماع.
تنبيه: محل هذا الخلاف إذا قلنا بثبوت الشفعة فيما إذا انتقل إليها صداقا.
مسألة 26 – 27: قوله: "وإن أصدقها أمة حاملا فولدت لم يرجع في نصفه إن قلنا لا يقابله قسط من الثمن وإلا فهو بعض مهر زاد زيادة لا تتميز، ففي لزومها نصف قيمته، ولزومه قبول نصف الأرض بنصف زرعها وجهان". انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى- 26: إذا أصدقها حاملا فولدت وقلنا يقابله قسط من الثمن فهل يلزمها نصف قيمة الولد أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المغني2
ـــــــ
1 10/128.
2 10/182.

(8/341)


نصف مثلي، ويحتمل له الرجوع في نصف مكاتب، كبيعه، وكإجارة وتزويج، وكتدبير إن رجع فيه بقول، فيرجع فيه أو في القيمة، للنقص.
ـــــــ
والشرح1 والبلغة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: لا يلزمها نصف قيمته؛ لأنه حالة العقد لا قيمة له، وحالة الانفصال قد زاد في ملكها. ومال إليه القاضي وابن عقيل.
والوجه الثاني: يلزمها؛ لأنه أصدقها عينين. قلت: ويحتمل أن له منه بمقدار نصف قيمته وقت العقد.
تنبيه: قوله: "لم يرجع في نصفه إن قلنا لا يقابله قسط من الثمن، وإلا فهو بعض مهر زاد زيادة لا تتميز".
أشعر كلامه بأن لنا خلافا: هل يقابل الحمل قسط من الثمن أم لا؟ وهو الصحيح، وقد تقدم ذلك مستوفى في باب الخيار في المسألة الخامسة2 فيراجع.
المسألة الثانية- 27: هل يلزمه قبول نصف الأرض بنصف زرعها أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يلزمه قبول نصف3 ذلك، اختاره القاضي.
والوجه الثاني: لا يلزمه، وهو الصحيح، قدمه في المغني4 والشرح5 وشرح ابن رزين وغيرهم، وتقدم نظير هذه المسألة في باب الغصب6.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/193.
2 6/220.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 10/127.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/184.
6 7/232.

(8/342)


وفي لزومها رد نصفه قبل تقبيض هبة ورهن وفي مدة خيار بيع وجهان "م 28".
ولو أصدقها صيدا ثم طلق وهو محرم فإن لم يتملكه بإرث فنصف قيمته، وإلا فهل يقدم حق الله فيرسله ويغرم لها قيمة النصف؟ أم حق الآدمي فيمسكه ويبقى ملك المحرم ضرورة؟ أم هما سواء فيخيران1؟ فإن أرسله برضاها غرم لها وإلا بقي مشتركا2؟ قال في الترغيب: ينبني على حكم الصيد المملوك بين محل ومحرم. و3فيه الأوجه "م 29".
ـــــــ
مسألة- 28: قوله: "وفي لزومها رد نصفه قبل تقبيض هبة ورهن وفي مدة خيار بيع, وجهان. انتهى.
وأطلقهما في المغني4 والشرح5، قال ابن رزين: ولا تجبر على إزالة ملكها في مدة الخيار، وقبل قبض الهبة كذلك، وقيل: تجبر. انتهى. قلت: الصواب عدم اللزوم في الثلاث، وتستدرك ظلامته. والقول الثاني: يلزمها الرجوع في الثلاث، فتفسخ العقد.
مسألة- 29: قوله: "ولو أصدقها صيدا ثم طلق وهو محرم فإن لم يملكه بإرث فنصف قيمته، وإلا فهل يقدم حق الله تعالى فيرسله ويغرم لها 6قيمة النصف؟ أم حق الآدمي فيمسكه ويبقى ملك المحرم ضرورة؟ أم هما سواء فيخيران7 فإن أرسله برضاها غرم لها6 وإلا بقي مشتركا بينهما؟ قال في الترغيب ينبني على حكم الصيد
ـــــــ
1 في "ر": "فيخير".
2 في "ر": "المشتركات".
3 ليست في الأًصل.
4 10/130.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/189.
6 ليست في "ص".
7 في "ح": "فيجبران".

(8/343)


وإن نقصت صفته فكذلك أو نصفه ناقصا، وعنه: مع أرشه. وفي التبصرة رواية ثالثة قدمها: نصفه بأرشه بلا تخيير.
وإن أصدقها ثوبا فصبغته أو أرضا فبنتها ونحوه فبذل قيمة زيادته لتملكه فله ذلك عند الخرقي والشيخ، وعند القاضي لا "م 30". وإن تلف المهر أو نقص بيدها وثبت أنه بعد تنصفه ضمنته1، كتلفه بعد الفسخ بعيب، وكل فسخ يستند إلى أصل العقد، وقيل: لا، وقيل: هو كتلفه في يده قبل طلبها له. وإن فات النصف مشاعا فله النصف الباقي، وكذا معينا من المتنصف. وفي المغني2: له نصف البقية ونصف قيمة الفائت أو مثله، وإن قبضت المسمى في الذمة فكالمعين، إلا أنه لا يرجع بنمائه مطلقا، ويعتبر في تقويمه صفته يوم قبضه.
ـــــــ
المملوك بين محل ومحرم. وفيه الأوجه". انتهى. قلت: الصواب عدم الإرسال؛ لأن حق الآدمي مبني على الشح والضيق وحق الله مبني على المسامحة، ودخل ملك المحرم في ذلك ضمنا ضرورة، والله أعلم.
مسألة -30: قوله: "وإن أصدقها ثوبا فصبغته أو أرضا فبنتها ونحوه3 فبذل قيمة زيادته لتملكه فله ذلك عند الخرقي والشيخ، وعند القاضي لا". انتهى. ما اختاره الخرقي والشيخ هو الصحيح واختاره الشارح أيضا، وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
ـــــــ
1 في "ط": "ضمنه".
2 10/124.
3 في النسخ الخطية: "نحوها"، والمثبت من عبارة "الفروع".

(8/344)


وفي وجوب رده بعينه وجهان "م 31".
والذي بيده عقدة النكاح الزوج، فإذا طلق قبل الدخول صح عفو مالك التبرع منهما عن حقه، ولا عفو للأب، كعفوه عن مهر ابنه الراجع إليه؛ لأنه لم يكسبه إياه، وعنه: أنه الأب، قدمه ابن رزين، واختاره شيخنا، قيل1: ومثله سيد الأمة فيعفو عن نصف مهر ابنته المطلقة قبل الدخول المجنونة والصغيرة. وفي المغني2 والكافي3: بشرط
ـــــــ
4والقول الآخر اختاره القاضي.
مسألة -31: قوله: "وفي وجوب رده بعينه وجهان". انتهى. وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي والصغير4:
أحدهما: يجب رده بعينه، وهو الصحيح، وبه قطع ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين، وهو ظاهر ما قدمه في المغني5 والشرح6 ونصراه.
والوجه الثاني: لا يجب ذلك.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 10/162.
3 4/349.
4 ليست في "ح".
5 10/129- 130.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/238.

(8/345)


البكارة، واختاره جماعة وقدمه في المحرر، وجزم به في الموجز. وبكر بالغة. وفي الترغيب: أصله هل ينفك الحجر بالبلوغ؟ وعلى هذا ولو دخل بها1 ما لم تلد أو تمضي سنة ببيته، وأن على هذا ينبني ملكه لقبض صداق ابنته البالغ الرشيدة، وقيل: يملكه في البكر، وقدم اعتبار كونه دينا، فلا يعفو عن عين، فيصح بلفظ الهبة والتمليك فقط، وفي القبول الخلاف.
ـــــــ
تنبيه: قوله فيما إذا عفا من بيده عقدة النكاح: "وفي القبول الخلاف". يعني هل يشترط فيه القبول أم لا؟ والظاهر أنه أراد بالخلاف الخلاف الذي في الإبراء من الدين. وفيه قولان، والمنصوص أنه لا يشترط القبول قاله المصنف في باب السلم2. وقال الأزجي: إن قلنا يدخل في ملكه فهو هبة والمذهب لا يشترط فيها القبول، وإن قلنا ملك أن يملك اشترط القبول، قال بعضهم لعله أراد بالخلاف ذلك وهو بعيد؛ لخروج عفو الأب.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 6/339.

(8/346)


وسواء فيه عفوه وعفوها، ولم يقيد1 في عيون المسائل بصغر وكبر وبكارة ولا ثيوبة وذكر ابن عقيل رواية: الولي في حق الصغيرة.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ط": "يقيده".

(8/347)


فصل وإذا وجب مهر المثل فلها المطالبة بفرضه،
قال جماعة: وبه، وقيل: لا؛ لأنه لم يستقر "م 32" ويصح إبراؤها منه قبل فرضه، وعنه: لا، لجهالته
ـــــــ
مسألة- 32: قوله: "إذا وجب مهر المثل فلها المطالبة بفرضه، قال جماعة: 2وبه2 وقيل: لا؛ لأنه لم يستقر". انتهى. ظاهر عبارته إطلاق الخلاف في المطالبة بالمهر في المفوضة ونحوها:
أحدهما: لها المطالبة به، كالمطالبة بفرضه، وهو الصحيح، قطع به في المغني3 والشرح4 وشرح ابن رزين وغيرهم، وهو ظاهر ما قطع به في الرعاية الكبرى.
"والقول الثاني" ليس لها ذلك؛ لأنه لم يستقر، وهو ظاهر كلام جماعة كثيرة.
ـــــــ
2 ليست في "ص"، وفي "ح": "به".
3 10/145.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/259-260.

(8/347)


وإن وقف1 في وجوبه على الدخول فكالعفو عما انعقد سبب وجوبه.
وإن اتفقا على قدر وإلا فرضه الحاكم بقدره. فإذا فرضه لزمها فرضه، كحكمه، فدل أن ثبوت سبب2 والمطالبة كتقديره أجرة المثل والنفقة ونحوه حكم "م"3 فلا يغيره حاكم آخر "م" ما لم يتغير السبب، كيسره في النفقة أو عسره.
وما قرره المسمى قرره، وما أسقطه أسقطه إلى غير متعة، وعنه: يقرر الموت نصفه قبل تسميته وفرضه. وما نصفه فعنه: بنصفه، وعنه: إن وجب؛ لفساد التسمية، وإن وجب لفقدها سقط إلى المتعة، ذكره الشيخ ظاهر المذهب، واختاره الخرقي، وعنه: سقوطهما إلى المتعة، نصره القاضي وأصحابه "م 33 - 35".
ـــــــ
مسألة 33 ، 35: قوله فيما يكمل المهر: ويسقطه وينصفه في المفوضة: "وما قرره المسمى قرره، وما أسقطه أسقطه... وما نصفه فعنه ينصفه، وعنه: إن وجب؛ لفساد التسمية وإن وجب لفقدها سقط إلى المتعة، ذكره الشيخ ظاهر المذهب واختاره الخرقي، وعنه: سقوطهما إلى المتعة، نصره القاضي وأصحابه". انتهى. شمل كلامه مسائل:
المسألة الأولى – 33: إذا طلق المفوضة قبل الدخول فلا يخلو، إما أن يكون
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "في".
2 بعدها في "ط": "المحاكمة و".
3 ليست في "ر".

(8/348)


.....................................
ـــــــ
تفويض بضع أو تفويض مهر، فإن كان تفويض بضع فهل لها المتعة فقط أو يجب لها نصف مهر المثل أطلق الخلاف، وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والحاوي الصغير وغيرهم.
إحداهما: ليس لها إلا المتعة، وهو الصحيح، وعليه الأكثر، منهم الخرقي والقاضي وأصحابه، ونص عليه في رواية جماعة، قال في المحرر: هذا أصح عندي، وصححه في النظم وتجريد العناية، قال في البلغة: هذا أصح الروايتين، قال في الرعايتين: وهو أظهر، وقطع به في الوجيز وغيره، وقدمه في المقنع1 والمغني2 والشرح1 وشرح ابن رزين3 وإدراك الغاية3 وغيرهم.
4والرواية الثانية: يجب لها نصف مهر المثل. قدمه في "الخلاصة"، و"الرعايتين"، و"نهاية ابن رزين"4، وغيرهم. وقطع به في "المنور". قال الزركشي: هذه الرواية أضعفها.
وإن كان تفويض مهر وهي:
المسألة الثانية- 34: فهل يسقط إلى المتعة أو يجب لها نصف مهر المثل أطلق الخلاف، وأطلقه في الحاوي الصغير وشرح الزركشي.
إحداهما: يجب نصف مهر المثل، وهو ظاهر كلام الخرقي وغيره، وبه قطع في الوجيز والمنور وشرح ابن رزين في موضع، وغيرهم وقدمه في المغني2 والشرح5 والرعايتين ونهاية ابن رزين وإدراك الغاية وغيرهم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/269.
2 10/139.
3 ليست في النسخ، والمثبت من "ط".
4 ليست في "ط".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/271.

(8/349)


ومتى فرض فكالمسمى، وعنه: يسقط وتجب المتعة، فإن دخل فلا متعة، ونقل حنبل: لكل مطلقة.
1 أي: المتعة تجب1، واختاره شيخنا في موضع وقال: كما دل عليه ظاهر القرآن2، قال أبو بكر: العمل عندي عليه لولا تواتر الروايات بخلافه، وعنه: إلا المدخول بها ولها مسمى.
ـــــــ
والرواية الثانية: ليس لها إلا المتعة، وهو الصحيح، قدمه في الكافي3 وقال: هذا المذهب وقدمه في المقنع4 وظاهر كلام المصنف أنه اختيار القاضي وأصحابه، وصححه في المحرر والنظم وتجريد العناية وغيرهم، قال في الرعايتين: هذا أظهر، واختاره الخرقي، وقدمه ابن رزين في شرحه في موضع آخر.
المسألة الثالثة – 35: لو سمى لها صداقا فاسدا، وطلقها قبل الدخول فهل تجب لها المتعة فقط أم نصف مهر المثل؟ أطلق الخلاف وأطلقه صاحب الحاوي والزركشي:
إحداهما: تجب المتعة فقط، نصره القاضي وأصحابه، قاله المصنف، قال الزركشي. اختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، واختاره المجد وصاحب الرعايتين والنظم وغيرهم.
والرواية الثانية: يجب لها نصف مهر المثل، وهو الصحيح، اختاره الشيرازي والشيخ الموفق والشارح وغيرهم، وقطع به الخرقي وابن رزين في شرحه.
تنبيه: قوله: "فإن دخل فلا متعة، ونقل حنبل لكل مطلقة... وعنه إلا المدخول بها ولها مسمى". انتهى. تابع في هذه الرواية الأخيرة صاحب المحرر فإنه قال فيه: وعنه: يجب للكل إلا لمن دخل بها، 5وسمي مهرها5 انتهى. قال الشيخ
ـــــــ
1 ليست في "ط"، وهي نسخة في "ر".
2 وهو قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة:241].
3 4/356.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/269.
5 ليست في "ط".

(8/350)


وقال أحمد فيما خرجه في محبسه: قال ابن عمر: لكل مطلقة متاع إلا التي لم يدخل بها وقد فرض لها1، واختاره شيخنا في الاعتصام بالكتاب والسنة، ورجحه بعضهم على التي قبلها. وفي سقوط المتعة بهبة مهر المثل قبل الفرقة وجهان "م 36" وذكر القاضي: لها حبس رهن بمهر المثل على المتعة، وهي معتبرة بحاله عند أحمد، وقيل: بحالها وقيل: هما، فأعلاها خادم، وأدناها كسوة تجزئها لصلاتها، وعنه: يقدرها حاكم، وعنه: هي بقدر نصف مهر مثلها.
ومهر المثل معتبر بمن يساويها في الصفات الحسنة والمال والبلد بالأقرب فالأقرب من نسائها، كأم وخالة وعمة، اختاره الأكثر، وعنه:
ـــــــ
تقي الدين بن تيمية: صوابه إلا من سمى مهرها، ولم يدخل بها، قال: وإنما هذا زيغ حصل من قلم صاحب المحرر، قال الزبريراني2: وقد وجدت ما يدل على كلام ابن تيمية. انتهى. وتابع صاحب المحرر صاحب الرعايتين والحاوي.
مسألة – 36: قوله: "وفي سقوط المتعة بهبة مهر المثل قبل الفرقة وجهان". انتهى. أحدهما: يسقط قطع به بن رزين في شرحه، وقدمه في المغني3 والشرح4.
والوجه الثاني: لا يسقط، وهو احتمال في المغني3 والشرح4 وصححه الناظم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
ـــــــ
1 أخرجه البيهقي في "سننه" 7/257.
2 في "ط": "الزبريراني".
3 10/166.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21-280-281.

(8/351)


من نساء عصبتها من جهة أبيها وحدها، فإن عدم الكل فأشبهها من نساء بلدها، ثم الأقرب فالأقرب، فإن لم يوجد إلا فوقها أو دونها زيد ونقص بقدره، وتعتبر عادتهم، وقيل: لا1 في تأجيل مهر، فإن اختلفت مهورهن أخذ الوسط الحال.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ط": "إلا".

(8/352)


فصل وللمرأة مسمى لها أو مفوضة منع نفسها حتى تقبض كل مهرها الحال،
وقيل: أو حل قبل التسليم، فتسافر بلا إذنه. وفي الروضة أنه أصح الروايتين، ولها النفقة، وعلل الإمام أحمد وجوب النفقة بأن الحبس من قبله، وظاهر كلام جماعة: لا نفقة، وهو متجه، فإن سلمت نفسها تبرعا فدخل أو خلا لم تملك المنع، اختاره الأكثر، ولا نفقة، وعكسه ظهوره معيبا بعد قبضه وتسليم نفسها.
وإن أعسر بالمهر فقيل: لا يفسخ، كمن تزوجته عالمة عسرته، في الأصح، وقيل: بلى، وقيل: قبل الدخول "م 37 و 38" ونقل ابن منصور: إن
ـــــــ
مسألة – 37، 38: قوله: "وإن أعسر بالمهر فقيل لا يفسخ، كمن تزوجته عالمة عسرته في الأصح, وقيل: بلى، وقيل قبل الدخول". انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى – 37: إذا أعسر بالمهر قبل الدخول فهل لها الفسخ إذا كان حالا أم لا2؟ أطلق الخلاف:
ـــــــ
2 في الأًصل: "أولم".

(8/352)


تزوج مفلسا ولم تعلم المرأة لا يفرق بينهما إلا أن يكون قال عندي عرض ومال وغيره، فإن رضيت بالمقام فلا فسخ، في الأصح، ولكن لها منع نفسها.
ـــــــ
أحدهما: لها الفسخ، وهو الصحيح، قال في تصحيح المقنع في كتاب النفقات: هذا المشهور في1 المذهب. انتهى. واختاره أبو بكر, وقطع به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع2 وشرح ابن منجى والنظم والوجيز وغيرهم ورجحه في المغني3 قال في الرعايتين والحاوي الصغير: لها الفسخ، في أصح الوجهين، وقدمه في المحرر والشرح2 وغيرهما.
والوجه الثاني: ليس لها ذلك اختاره ابن حامد والشيخ الموفق والشارح وغيرهم, وهو قوي.
المسألة الثانية – 38: إذا أعسر بعد الدخول فهل لها الفسخ أم لا ؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والهادي والنظم وغيرهم:
أحدهما: لها الفسخ، قال في الرعايتين والحاوي الصغير: لها الفسخ، في أصح الوجهين، وقطع به في الوجيز وغيره واختاره أبو بكر وغيره، وقدمه في المحرر وغيره.
والوجه الثاني: ليس لها ذلك، قال في التصحيح: هذا المشهور في المذهب، واختاره ابن حامد والشيخ الموفق والشارح وغيرهم، وهو الصواب، وقيل: إن
ـــــــ
1 في "ط": "من".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/306.
3 11/368-369.

(8/353)


والمنع والفسخ لسيد الأمة، وقيل: لا، ولا يفسخ إلا حاكم، في الأصح. وإن افترقا في نكاح فاسد بغير طلاق والأصح ولو به فلا مهر، وظاهره: ولو بموت، ويتوجه أنه على الخلاف في وجوب العدة به، وتقرره بخلوة. وفي مختصر ابن رزين: يستقر به، وإن وطئها لزمه المسمى، وعنه: مهر المثل، وكذا الخلوة. وفي الانتصار والمذهب رواية: لا شيء بها، اختاره الشيخ، وقيل: لا يكمل.
ولا يصح تزويج من نكاحها فاسد قبل طلاق أو فسخ، فإن أبى الزوج فسخه حاكم، وظاهره لو زوجها قبل فسخه لم يصح مطلقا "م" ومثله نظائره.
فإن زوجت نفسها بلا شهود ففي تزويجها قبل فرقة روايتان في الإرشاد1، وهما في الرعاية، بلا ولي أو2 بدونهما "م 39". وفي
ـــــــ
أعسر بعد الدخول انبنى على منع نفسها لقبض صداقها بعد الدخول إن قلنا لها ذلك فلها الفسخ، وإلا فلا وهي طريقته في المغني3 وشرح ابن منجى.
مسألة – 39: قوله فإن زوجت نفسها بلا شهود ففي تزويجها قبل فرقة روايتان في الإرشاد، وهما في الرعاية بلا ولي أو بدونهما. انتهى:
إحداهما: لا يصح، وهو المذهب، قاله في القواعد الأصولية وغيره، وهو ظاهر ما قدمه المصنف قبل هذا.
والرواية الثانية: يصح.
ـــــــ
1 ص 270.
2 في "ر": "و".
3 10/172.

(8/354)


تعليق ابن المنى في انعقاد النكاح برجل وامرأتين أنه إذا عقد عليها عقدا فاسدا لا يجوز صحيح حتى تقضي بفسخ الأول، ولو سلمنا؛ فلأنه حرام، والحرام في حكم العدم.
وللموطوءة بشبهة مهر المثل، كبدل متلف، وكذا المكرهة على الزنا في قبل ولو من مجنون، ولا يلحقه نسبه، وعنه: المهر للبكر، اختاره أبو بكر، وعنه: مع أرش البكارة، وأطلق شيخنا رواية أنه لا مهر لمكرهة، واختارها، وأنه خبيث. وظاهر كلامه: ولا بشبهة؛ لأنه قال: البضع إنما يتقوم على زوج أو شبهه فيملكه به.
وفي دبر وأمة أذنت وجهان "م 40 و 41" وفي الانتصار: ولمطاوعة،
ـــــــ
مسألة -40 و 41: قوله: "وفي دبر وأمة أذنت وجهان". انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى -40: إذا وطئ في الدبر فهل يجب به مهر أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في تجريد العناية:
أحدهما: لا يجب، وهو الصحيح، اختاره الشيخ الموفق والشارح، وبه قطع في المغني1 والكافي2 وشرح ابن رزين وغيرهم، وقدمه في الرعايتين والشرح3 والحاوي الصغير وغيرهم.
والوجه الثاني: هو كالوطء في القبل، قطع به في المحرر.
ـــــــ
1 10/187.
2 4/366.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/295.

(8/355)


ويسقط، وعنه: لا مهر لذات محرم، وعنه: تحرم بنتها، كلواط. وقال بعضهم: بخلاف مصاهرة؛ لأنه طارئ، قال الشيخ: ورضاع. ولو وطئ ميتة لزمه المهر، في ظاهر كلامهم، وهو متجه. وقيل للقاضي: لو لم يبطل الإحرام بالموت لزمته الفدية إذا طيب، فقال: إنما تلزمه لأن وجوبها يتعلق بحصول الانتفاع بذلك، وبالموت يزول، والمنع لحق الله، لا يزول بالموت، ولأنه باطل بالمحرم الميت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم1 ولأنه لا يمتنع بقاء التحريم. ويزول الضمان بالمال، كما أن كسر عظم الميت محرم ولا ضمان، ووطء الميتة محرم ولا مهر ولا حد. فسوى القاضي بين المهر والحد في النفي، فقد يتوجه منه استواؤهما، فيثبت في هذا ما ثبت في هذا.
ـــــــ
المسألة الثانية – 41: لو أذنت الأمة في الوطء فوطئها فهل يجب المهر بذلك؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يجب، وهو الصحيح من المذهب قطع به في المغني2 والشرح3، وهو الصواب الذي لا يعدل عنه ويكون للسيد، وقد ذكر الأصحاب أنه لو غصبها ووطئها وجب المهر للسيد، ولو كانت مطاوعة وأذنت، وإذن الأمة لا يفيد شيئا وليست مستحقة للمهر حتى يسقط بإذنها فإطلاق المصنف الخلاف في هذه المسألة فيه نظر واضح، بل الأولى أنه كان يقدم هذا.
والوجه الثاني: لا مهر لها، وهو ضعيف جدا، وفي صحته بعد، والله أعلم.
ـــــــ
1 أخرج البخاري "1267" ومسلم "1206" "99"، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً وقصه بعيره، ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو محرم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيباً، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً" .
2 10/187.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/295.

(8/356)


ويتعدد المهر بتعدد الشبهة والزنا، لا بتكرر الوطء في الشبهة، قاله في الترغيب وغيره.
وذكر أبو يعلى الصغير، يتعدد بتعدد الوطء في الشبهة لا في نكاح فاسد. وفي المغني1 والنهاية وغيرهما في الكتابة: يتعدد في نكاح فاسد، ووطئه مكاتبته إن استوفت مهرا عن الوطء الأول، وإلا فلا. وفي الانتصار2 وعيون المسائل والمغني1: لا يتعدد في نكاح فاسد. وقاله في التعليق، كدخولها3 على أن تستحق مهرا. وفيه بكل وطء في عقد فاسد مهر إن علم فساده، وإلا مهر واحد.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 14/490.
2 ليست في الأصل.
3 في "ر" و"ط": "لدخولها".

(8/357)


وفيه: في الكرهة1: لا يتعدد لعدم التنقيص، كنكاح، وكاستواء موضحة. وفيه: لو أقر بوطئها بشبهة فلها المهر ولو سكتت؛ لأنه لا يتضمن إسقاطا.ولو اعترف بنكاح أو بأن هذا ابنه منها فمهر مثلها؛ لأنه الظاهر، قاله في الترغيب.
ومن نكاحها باطل إجماعا كمكرهة. وفي الترغيب رواية: يلزمه المسمى. وذكر ابن عقيل الرواية الثالثة: لا مهر لمحرمة بنسب.
ومن دفع غير زوجته فأذهب عذرتها لزمه أرش بكارتها، وعنه: مهر المثل، وخرج منها في الزوج كذلك، والمذهب: نصف المسمى.
وإن مات أو طلق من دخل بها فوضعت في يومها ثم تزوجت فيه وطلق قبل دخوله ثم تزوجت من يومها من دخل بها فقد استحقت في يوم واحد بالنكاح مهرين ونصفا، ذكره الشيخ في فتاويه والله أعلم.
ـــــــ
تنبيه: قوله: "2وإن مات أو طلق2 من دخل بها فوضعت في يومها ثم تزوجت فيه فطلق قبل دخوله ثم تزوجت من يومها من دخل بها فقد استحقت في يوم واحد بالنكاح مهرين ونصفا ذكره الشيخ في فتاويه". انتهى.
ـــــــ
1 في "ط": "الكراهة".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/358)


......................................
ـــــــ
في استحقاقها ذلك في يوم واحد نظر؛ لأن المهر الأول كان مستحقا لها من حين العقد، لم يتجدد استحقاقه يوم الموت والطلاق، فلم يتجدد لها إلا مهر ونصف، نعم حلت في يوم واحد لثلاثة أزواج، وليس بكبير أمر نبه عليه ابن نصر الله، قلت: يمكن أن يقال: إن صداق الأولى كان مؤجلا، ومحله الموت أو الطلاق، عند الأصحاب، فما استحقت قبضه إلا ذلك اليوم والله أعلم.
فهذه إحدى وأربعون مسألة في هذا الباب.

(8/359)


باب وليمة العرس
مدخل
...
باب الوليمة العرس
تستحب بالعقد، قاله ابن الجوزي، ولو بشاة فأقل. وقال ابن عقيل: ذكر أحمد أنها تجب ولو بها، للأمر1. وقال ابن عقيل: السنة أن يكثر للبكر. ويجب في الأشهر عنه، قاله في الإفصاح إجابة داع2 مسلم يحرم هجره إن عينه أول مرة، والمنصوص: ومكسبه طيب، وعنه: أنه سئل فيمن عنده المخنثون يدعو بعد يوم وليسوا عنده: فخير، نقله بكر. ومنع في المنهاج من ظالم وفاسق ومبتدع ومفاخر بها، أو فيها مبتدع يتكلم ببدعته، إلا لراد عليه، وكذا مضحك بفحش أو كذب، وإلا أبيح القليل. وفي الترغيب: إن علم حضور الأرذال ومن مجالستهم تزري بمثله لم تجب إجابته، ويأتي ما ذبح لغير الله3.
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرج البخاري "5153"، ومسلم "1427" "79": أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، قال: "كم سقت إليها؟" قال: "زنة نواة من ذهب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولم ولو بشاة". من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 10/403.

(8/360)


وقيل: الإجابة فرض كفاية، وقيل: مستحبة، وعنه: إن دعاه من يثق1 به فإجابته أفضل.
ويستحب ثاني مرة، ويكره في الثالثة، ونقل حنبل: إن أحب أجاب في الثاني، ولا يجيب في الثالث.
وإجابة ذمي ومن دعا الجفلى، نحو أذنت لمن شاء، قيل بجوازهما، وقيل: يكره "م 1 و 2". وقيل له في رواية أبي داود: تجيب دعوة
ـــــــ
مسألة – 1، 2: قوله: "وإجابة ذمي ومن دعا الجفلى، نحو أذنت لمن شاء، قيل بجوازهما، وقيل: يكره" انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى -1: إجابة الذمي هل تكره أو تجوز من غير كراهة؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: تكره، قطع به في الوجيز.
والوجه الثاني: لا تكره، قال الشيخ الموفق: قال أصحابنا: لا يجب إجابة الذمي، ولكن يجوز، قال في الكافي2: وتجوز إجابته، قال ابن رزين في شرحه: وإن دعاه الذمي فلا بأس بإجابته، انتهى.
قلت: ظاهر كلام الإمام أحمد عدم الكراهة، وهو الصواب، وخرج الزركشي من رواية عدم جواز تهنئتهم وعيادتهم عدم الجواز هنا.
ـــــــ
1 في "ر": "يتق".
2 4/369.

(8/361)


الذمي؟ قال: نعم، قيل: يأكل عند المجوسي؟ قال: لا بأس ما لم يأكل من قدورهم، ونصه إباحة بقية الدعوات، اختاره الأكثر، وعنه: تكره دعوة الختان، واستحب أبو حفص العكبري وغيره1 الجميع، كإجابتها، نص عليه، وأباحها في الموجز والمحرر، وظاهر رواية ابن منصور ومثنى: تجب، ونقل المروذي وغيره أنه وكد إجابة الدعوة وسهل في الختان، وعنه: غير الوليمة، أسهل وأخافه، واستحب في الغنية إجابة وليمة عرس، وكره حضور غيرها إن كان كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم: يمنع2 المحتاج ويحضر الغني3.
قال: ويكره لأهل الفضل والعلم التسرع إلى إجابة الطعام والتسامح؛
ـــــــ
المسألة الثانية – 2: إذا دعا الجفلى هل تكره الإجابة أو تجوز من غير كراهة؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: تكره، وهو الصحيح، وبه قطع في الكافي4 والرعايتين والوجيز وغيرهم، قال في المغني5 والشرح6: لم تجب ولم تستحب، انتهى. فيحتمل القولين.
والوجه الثاني: تباح.
ـــــــ
1 بعدها في "ر": "إجابة".
2 في "ر": "بمنع".
3 أخرج البخاري "5177"، ومسلم "1432" "107"، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: "شر الطعام طعام الوليمة، يدعى له الأغنياء، ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة، فقد عصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم".
4 4/369.
5 10/194.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/320.

(8/362)


لأنه فيه ذلة ودناءة وشره، لا سيما الحاكم، ويأتي ذلك1.
ويحرم فطر من صومه واجب، ويفطر متطوع، وقيل: إن جبر قلب داعيه، ويعلمهم بصومه، نص عليه، وقيل نصه: يدعو وينصرف ويأكل مفطر إن شاء، قاله أحمد، وفي الواضح: ظاهر الحديث وجوبه وفاقا للأصح للشافعية.
وفي مناظرات ابن عقيل: لو غمس أصبعه في ماء ومصها حصل به إرضاء الشرع وإزالة المأثم بإجماعنا، ومثله لا يعد إجابة عرفا، بل استخفافا بالداعي.
ويحرم أخذ طعام، فإن علم بقرينة رضا مالكه ففي الترغيب: يكره، ويتوجه: يباح، وأنه يكره مع ظنه رضاه.
ويغسل يديه، وعنه: يكره قبله، اختاره القاضي "و ش" وأطلقها جماعة، واستحبه في المذهب بعدما له غمر2 "و م" ويكره بطعام، ولا بأس بنخالة، وغسله في الإناء الذي أكل فيه، نص عليهما، قال بعضهم: و [يكره] بدقيق حمص وعدس وباقلاء ونحوه، وفي المغني3 في خبر4 الملح:
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 11/144.
2 الغمر: زنخ اللحم وما يتعلق باليد من دسمه. "القاموس المحيط": "غمر".
3 10/218 -219.
4 أخرج أبو داود في "سننه" "313"، عن أمية بنت أبي الصلت، عن امرأة من بني غفار قد سماها لي، قالت: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقيبة رحله، قالت: فوالله لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح، فأناخ ونزلت عن حقيبة رحله، فإذا بها دم مني، فكانت أول حيضة حضتها، قالت: فقبضت إلى الناقة واستحييت، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما بي ورأى الدم قال: "مالك؟ لعلك نفست" قالت: نعم. قال: "فأصلحي من نفسك ثم خذي إناء من ماء، فاطرحي فيه ملحاً، ثم اغسلي ما أصاب الحقيبة من الدم ثم عودي لمركبك".

(8/363)


في معناه ما يشبهه، كدقيق الباقلاء، ونحوه ما يجلى، والغسل لما يفسده الصابون والخل، للخبر، ويلعق قبله أصابعه أو يلعقها ويعرض الماء لغسلهما، وتقدمه بقرب طعامه، ولا يعرضه1. ذكره في التبصرة، ويسمي، ويأكل بيمينه، ويحمد إذا فرغ، وقيل: يجبن2، قال الأصحاب: يقول: بسم الله. وفي الخبر المشهور: "فليقل: بسم الله أوله وآخره"3، قال شيخنا: ولو زاد: "الرحمن الرحيم"، عند الأكل كان حسنا، فإنه أكمل، بخلاف الذبح، فإنه قد قيل: لا يناسب ذلك، ونقل ابن هانئ أنه جعل عند كل لقمة يسمي ويحمد.
قال الإمام أحمد: يأكل بالسرور مع الإخوان، وبالإيثار مع الفقراء، وبالمروءة مع أبناء الدنيا، وأكل وحمد خير من أكل وصمت.
ويأكل بثلاث أصابع، مما يليه، قال جماعة: والطعام نوع واحد. وقال الآمدي: لا بأس وهو وحده. وقال ابن حامد: ويخلع نعليه.
ويكره عيب طعام، وحرمه في الغنية، ونفخه فيه وقال الآمدي: لا وهو حار. وأكله4...........
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أي: ولا يعرض الطعام. كما في المقنع مع الشرح والإنصاف 21/359.
2 في [ط]: "يجيز".
3 أخرجه أبو داود في "سننه" "3767"، والترمذي في "سننه" "1858"، وابن ماجه في "سننه" "3264" من حديث عائشة رضي الله عنها.
4 في "ط": "ويكره".

(8/364)


حارا، وفعل ما يستقذره من غيره، ورفع يده قبلهم بلا قرينة، ومدح طعامه وتقويمه، وحرمهما في الغنية. 1وفي المنهاج وحده ولا يستأذنهم في تقدمه1، وتنفسه2 في إناء وأكله من وسطه وأعلاه، 3قال أحمد3. وأكله4 ومتكئا، وفي الغنية: وعلى الطريق.
وقرانه في التمر، قيل: مطلقا، وقيل: مع شريك لم يأذن "م 3" قال في الترغيب وشيخنا: ومثله قران ما العادة جارية بتناوله إفرادا. نقل مهنا: أكره أن يستعمل الخبز على المائدة، وسفيان يكره أن توضع القصعة التي على الخوان على الرغيف، لأنه من زي العجم، وحرم الآمدي وضعه
ـــــــ
مسألة – 3: قوله: "وقرانه في التمر قيل: مطلقا، وقيل: مع شريك لم يأذن"، انتهى. يعني هل يكره القران مطلقا أو مع شريك لم يأذن؟ أطلق الخلاف.
والقول الأول: هو الصحيح، قدمه السامري وابن حمدان في آداب كتبهما، والناظم والمصنف في آدابهما.
والقول الثاني: اختاره بعض الأصحاب، قال أبو الفرج في كتابه الذي في أصول الفقه: لا يكره القران. وقال ابن عقيل في الواضح: الأولى تركه. وقال في الرعاية: لا يكره إذا أكل وحده أو مع أهله أو من أطعمهم ذلك، انتهى.
قد يؤخذ من كلام الشيرازي وابن حمدان قولان آخران.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في هامش "ر": "أي، ويكره".
3 ليست في "ر".
4 ليست في الأصل.

(8/365)


تحتها، وكرهه غيره، وذكر معمر أن أبا أسامة قدم لهم طعاما 1فكسر الخبز1، قال أحمد لئلا يعرفوا كم يأكلون. وله قطع لحم بسكين، والنهي لا يصح، قاله الإمام أحمد، واحتجوا بنهي ضعيف2 على الكراهة، 3وعلى قول3 فيتوجه هنا مثله "و ش" بلا حاجة. قال في رواية عبد الله: عن ابن عمر: ترك الخلال يوهن الأسنان4، وروى أبو نعيم الحافظ وغيره من رواية واصل بن السائب وهو ضعيف عن أيوب مرفوعا قال: "حبذا المتخللون من الطعام، وتخللوا من الطعام، فإنه ليس شيء أشد على الملك الذي على العبد أن يجد من أحدكم ريح الطعام"5 قال الأطباء: وهو نافع أيضا للثة ومن تغير النكهة.
نقل أبو داود: لا بأس أن يتناهد6 في الطعام ويتصدق منه، لم يزل الناس يفعلون هذا، ويتوجه رواية: لا يتصدق بلا إذن، ويجوز أكله كثيرا بحيث لا يؤذيه، قاله في الترغيب، وهو مراد من أطلق. وفي الغنية: يكره مع خوف تخمة، وكره شيخنا أكله حتى يتخم، وحرمه أيضا، وحرم أيضا الإسراف، وهو مجاوزة الحد.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 حديث النهي أخرجه أبو داود في "سننه" "3778"، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقطعوا اللحم بالسكين، فإنه من صنيع الأعاجم، وانهسوه فإنه أهنأ وأمرأ" . قال أبو داود: ليس بالقوي.
3 في [ط]: "وعلى قوله".
4 لم أقف عليه.
5 أخرجه الطبراني في "معجم الكبير" "4061".
6 تناهد القوم مناهدة: أخرج كل منهم نفقة ليشتروا بها طعاماً يشتركون في أكله. "المصباح": "نهد".

(8/366)


قال أحمد في أكله قليلا: ما يعجبني، وقال: ما أرى أنه يجد من قلبه رقة وهو يشبع، وقال: يؤجر في ترك الشهوات. ومراده. ما لم يخالف الشرع، وقال لإنسان يأكل معه: كل ولا تحتشم، فإن الأكل أهون مما يحلف عليه.
ولا يكره 1شربه قائما، نقله الجماعة، وعنه: بلى، وجزم به في الإرشاد2، واختاره شيخنا1، وسأله صالح عن شربه قائما في نفس ونائما، قال: أرجو، ويتوجه كأكل، وظاهر كلامهم لا يكره أكله قائما، ويتوجه كشرب، قاله شيخنا.
وكره الإمام أحمد الشرب من في السقاء، واختناث الأسقية، وهو قلبها، والجلوس بين ظل وشمس، والنوم بعد العصر، وعلى سطح غير محجر، واستحب القائلة نصف النهار والنوم إذن. وقال ابن الجوزي: ويجتهد في الانتباه قبل الزوال.
وما جرت العادة به، كإطعام سائل وسنور وتلقيم وتقديم وتأخير يحتمل كلامهم وجهين، وجوازه أظهر "م 4".
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: "وما جرت العادة به، كإطعام سائل وسنور وتلقيم: وتقديم وتأخير يحتمل كلامهم وجهين، وجوازه أظهر"، انتهى.
قال المصنف في آدابه الكبرى: الأولى جوازه. وقال الشيخ عبد القادر: يكره أن يلقم من حضر معه لأنه يأكل على ملك صاحبه على وجه الإباحة. وقال بعض الأصحاب: من الآداب أن لا يلقم أحدا يأكل معه إلا بإذن مالك الطعام، قال في
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 ص 539.

(8/367)


وإذا شرب ناوله الأيمن، وفي الترغيب: وكذا في غسل يده.
ـــــــ
الآداب: وهذا يدل على جواز ذلك، عملا بالعادة والعرف، لكن الأدب والأولى الكف عن ذلك، لما فيه من إساءة الأدب على صاحبه والإقدام على طعامه ببعض التصرف من غير إذن صريح، وفي معنى ذلك تقديم بعض الضيفان ما لديه ونقله إلى البعض الآخر، لكن لا ينبغي لفاعل ذلك أن يسقط حق جليسه من ذلك، والقرينة تقوم مقام الإذن في ذلك. وقال في الفنون: كنت أقول: لا يجوز للقوم أن يقدم بعضهم لبعض ولا السنور، حتى وجدت في صحيح البخاري حديث أنس5 في الدباء، انتهى.
ـــــــ
5 أخرج البخاري "2092" عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه, قال أنس بن مالك: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام, فقرب إلى رسول الله خبزا ومرقا, فيه دباء وقديد, فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي القصعة. قال: فلم أزل أحب الدباء من يومئذ.

(8/368)


فصل ويحرم أكله بلا إذن صريح أو قرينة، كدعائه إليه.
نص عليه، ولو من بيت1 قريبه أو2 صديقه ولم يحرزه عنه، نقله ابن القاسم وابن النضر، وجزم به في الجامع، وظاهر كلام ابن الجوزي وغيره: يجوز، واختاره شيخنا، وهو أظهر. وجزم القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول في آخر الغصب فيمن كتب من محبرة غيره: يجوز في حق من3 ينبسط إليه ويأذن له عرفا، وليس الدعاء إذنا للدخول في ظاهر كلامهم، خلافا للمغني4. وفي الغنية: لا يحتاج بعد تقديم5 الطعام إذنا إذا جرت العادة في ذلك البلد بالأكل بذلك، فيكون العرف إذنا.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في النسخ الخطية: "و"، والمثبت من "ط".
3 بعدها في الأًصل: "لم".
4 10/195.
5 في "ر": "التقديم".

(8/368)


فإن دعاه اثنان قدم أسبقهما، وحكى هل للسبق1 بالقول أو الباب؟ فيه وجهان "م 5" ثم أقربهما، قال في المغني2 والكافي3: جوارا ثم رحما. وفي المحرر والرعاية عكسه. وفي المقنع4 والمستوعب: يقدم أسبقهما ثم أدينهما ثم أقربهما جوارا، وقيل: الأدين بعد الأقرب جوارا، ثم يقرع "م 6".
ـــــــ
مسألة -5: قوله: "فإن دعاه اثنان قدم أسبقهما، وحكى هل السبق بالقول أو الباب؟ فيه وجهان" انتهى.
أحدهما: السبق بالقول، وهو الصواب، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب، ولا سيما في المغني2 والشرح4 الرعاية والوجيز وتجريد العناية وغيرهم.
والوجه الثاني: السبق بالباب، قلت: وهو ضعيف، وإطلاق المصنف فيه شيء ولكن أتى في إطلاق الخلاف بصيغة التمريض، والصواب الأول.
مسألة – 6: قوله: "ثم أقربهما، قال في المغني والكافي: جوارا ثم رحما.
ـــــــ
1 في "ط": "للسبق".
2 10/196.
3 4/370.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/330-331.

(8/369)


وإن علم ثم منكرا يقدر يغيره حضر وغيره، وإلا امتنع، وإن علم بعد حضوره أزاله، فإن عجز خرج، وخرج أحمد من وليمة فيها آنية فضة، فقال الداعي: نحولها، فلم يرجع، نقله حنبل، وإن علم به ولم يره ولم يسمعه خير، قال أحمد: لا بأس. وفي المذهب والمستوعب: لا ينصرف، وقاله أحمد، وإن وجب الإنكار على قول أو رواية فكما تقدم.
فإن ستر الجدر بغير حرير وصورة حيوان، فعنه: يحرم، وعنه: يكره،
ـــــــ
وفي المحرر والرعاية عكسه. وفي المقنع والمستوعب: يقدم أسبقهما ثم أدينهما ثم أقربهما جوارا، وقيل: الأدين بعد الأقرب جوارا، ثم يقرع، انتهى.
ما قاله في المقنع والمستوعب قاله في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والهادي. وقال في الخلاصة: والكافي1 ونهاية ابن رزين: فإن استويا أجاب أقربهما بابا، زاد في الخلاصة: وتقدم إجابة الفقير منهما، وزاد في الكافي1: فإن استويا أجاب أقربهما رحما، فإن استويا أجاب أدينهما، فإن استويا أقرع بينهما. وكذا قال في المغني2 والشرح3، وما قاله في المحرر قطع به في النظم والوجيز والحاوي الصغير وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم، وقدمه في الرعايتين. وفي تجريد العناية: أدين ثم أقرب جوارا ثم رحما ثم قارع. وفي الفصول: إن لم يسبق أحدهما الآخر فقال أصحابنا: ينظر أقربهما دارا فيقدم في الإجابة. وفي البلغة: فإن استويا أجاب أقربهما جوارا، فإن استويا قدم أدينهما، انتهى. قلت: الصواب تقديم الأدين ثم الأقرب جوارا ثم رحما ثم قرعة.
ـــــــ
1 4/370.
2 10/196.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/330-331.

(8/370)


ففي جواز خروجه لأجله وجهان، "م 7 و 8" ونقل ابن هانئ وغيره: ما كان فيه شيء من زي العجم وشبهه فلا يدخل، ونقل ابن منصور: لا بأس أن لا يدخل، قال: لا لريحان1 منضد، وذكر ابن عقيل أن النهي عن التشبه بالعجم للتحريم، ونقل جعفر: لا يشهد عرسا فيه طبل أو مخنث أو غناء أو تستر الحيطان، ويخرج لصورة على الجدار، ونقل الأثرم والفضل: لا لصورة على ستر لم يستر به الجدر.
وفي تحريم دخوله منزلا فيه صورة حيوان على وجه محرم ولبثه فيه
ـــــــ
مسألة - 7 -8: قوله: "فإن ستر الجدر بغير حرير وصورة حيوان فعنه: يحرم، وعنه: يكره، ففي جواز خروجه لأجله وجهان"، انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى – 7: إذا ستر الجدر بغير حرير وصورة حيوان فهل يحرم ذلك أم يكره؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني2 والمقنع3 والمحرر والشرح3 والنظم وغيرهم:
إحداهما: يكره، وهو الصحيح، صححه في التصحيح وتصحيح المحرر، واختاره الشيخ الموفق، وبه قطع في المغني2، والشرح3 في موضع، وشرح ابن رزين والوجيز وغيرهم، وقدمه في البلغة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
والرواية الثانية: يحرم.
ـــــــ
1 في "ط": "كريحان".
2 10/203-204.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/341-342.

(8/371)


وجهان "م 9 و 10". وله دخول بيعة وكنيسة والصلاة فيهما، وعنه: يكره، وعنه: مع صور1، وظاهر كلام جماعة تحريم دخوله معهما. وقاله شيخنا، وإنها كالمسجد على القبر، وقال: وليست ملكا لأحد، وليس لهم منع من يعبد الله، لأنا صالحناهم عليه2، والعابد بينهم وبين الغافلين أعظم أجرا.
ـــــــ
تنبيه: محل الخلاف إذا لم تكن حاجة، فإن كان ثم حاجة من حر أو برد فلا بأس به، ذكره الشيخ الموفق والشارح وابن رزين وغيرهم، وهو واضح.
المسألة الثانية – 8: إذا قلنا: يكره فهل يجوز خروجه لأجل ذلك 3أم لا3؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يكون عذرا في الخروج، وهو الصحيح، قطع به في المغني4 والشرح5، وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: لا يكون عذرا، وهو الصواب، والواجب لا يترك لمكروه، والله أعلم. ثم وجدت ابن نصر الله في حواشيه قال: أظهرهما لا يخرج. وقال في الخلاصة: وإذا حضر فرأى ستورا معلقة لا صور عليها فهل يجلس فيه روايتان، أصلهما هل هو حرام أم مكروه؟ فهذه الطريقة مخالفة لظاهر ما قال المصنف: إن محل الخلاف على القول بالكراهة.
مسألة – 9، 10: قوله: "وفي تحريم دخوله منزلا فيه صورة حيوان على وجه محرم ولبثه فيه وجهان" انتهى. ذكر مسألتين:
ـــــــ
1 في "ط": "صورة".
2 ليست في "ر".
3 ليست في "ص".
4 10/203-204.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/341-342.

(8/372)


ويحرم شهود عيد ليهود أو نصارى، لقوله تعالى {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72] نقله مهنا. وقاله الآمدي، وترجمه الخلال بالكراهة، وفيه تنبيه على المنع أن يفعل1 كفعلهم، قاله شيخنا، لا يبيع لهم فيها، نقله مهنا، وحرمه شيخنا، وخرجه على ما ذكره من روايتين منصوصتين في حمل التجارة إلى دار حرب، وأن مثله مهاداتهم لعيدهم، وجزم غيره بكراهة التجارة والسفر إلى أرض كفر ونحوه. وقال شيخنا
ـــــــ
المسألة الأولى- 9: هل يحرم دخوله منزلا فيه صورة حيوان على وجه محرم أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يحرم، وهو الصحيح، قطع به في المغني2 والشرح3 ونصراه.
والوجه الثاني: يحرم.
المسألة الثانية – 10: هل يحرم لبثه في منزل فيه صورة حيوان على وجه محرم أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يحرم، وهو ظاهر ما قطع به في الهداية والمذهب والمستوعب والمقنع4 والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم، حيث قالوا: إذا رأى ذلك خرج.
والوجه الثاني: لا يحرم، قطع به في المغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين وغيرهم، وقالوا: هو ظاهر كلام الإمام أحمد، ونصروه، وهو الصحيح
ـــــــ
1 في "ط": "يفعلا".
2 10/202.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/339-340.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/334.

(8/373)


أيضا: لا يمنع منه إذا لم يلزموه بفعل محرم أو ترك واجب، وينكر ما يشاهده من المنكر بحسبه.
قال: ويحرم بيع ما يعملون به كنيسة أو تمثالا ونحوه، قال: وكل ما فيه تخصيص لعيدهم وتمييز له فلا أعلم خلافا أنه من التشبه، والتشبه بالكفار منهي عنه "ع".
قال: ولا ينبغي إجابة هذه الوليمة، قال: ولما صارت العمامة الصفراء والزرقاء من شعارهم1 لم يجز لبسها، فكيف بمن يشاركهم في عباداتهم وشرائع دينهم؟ بل ليس لمسلم أن يخص2 مواسمهم بشيء مما يخصونها به، وليس لأحد أن يجيب دعوة مسلم في ذلك، ويحرم الأكل والذبح، ولو أنه فعله، لأنه اعتاده وليفرح أهله، ويعزر إن عاد.
وذكر القاضي في التطوع في أوقات النهي يوم عرفة إذا صادف يوم جمعة، ومن عادته صيامه نقل الأثرم: إن صامه مفردا فهذا لا يتعمد صومه خاصة، إنما كره أن يتعمد الجمعة، وكذا نقل أبو طالب: يصومه، وكذا قال في رواية أبي الحارث3: ما أحب لرجل أن يتعمد الحلواء واللحم لمكان النيروز، لأنه من زي الأعاجم، إلا أن يوافق ذلك وقتا كان يفعل هذا فيه، قال القاضي: إنما جاز ذلك؛ لأنه إنما منع من فضل النفقة
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "شعائرهم"، والمثبت من "ط".
2 في "ط": "يحضر".
3 ليست في "ر".

(8/374)


يوم النيروز، لئلا يؤدي إلى تعظيم ذلك اليوم، وإذا وافق عادة فلم يوجد ذلك، فلهذا جاز ومثله هنا منع من صوم يوم الجمعة منفردا تشبها بيوم العيد، فإذا صادف عادة فلم يوجد ذلك المعنى، ولا يلزم على هذا1 يوما العيدين وأيام التشريق، لأنها لا تقبل الصوم، كزمن ليل وحيض، ويوم الجمعة يقبل الصوم، وهو الفرض، ولأن الشرع ورد بأن الصوم إذا وافق عادة جاز وإن كان الوقت منهيا عنه، بدليل الخبر "لا تقدموا رمضان"2.
قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد الله أعطى 3ابنه درهما يوم النيروز3 وقال: اذهب به إلى المعلم، وسئل في رواية أبي داود عن المسلم يعلم ولد المجوسي واليهودي والنصراني، قال: لا يعجبني.
وأما موسم خاص، كالرغائب وليلة النصف، فلعل ظاهر كلامهم لا يكره، وكرهه شيخنا، وأنه بدعة، ولعله ظاهر تعليل أحمد بزي الأعاجم، قال: وقد كره طوائف من الأئمة والسلف كأنس والحسن وأحمد صوم أعيادهم لأن فيه نوع تعظيم لها، فكيف بتخصيصها بنظير ما يفعلونه؟ بل نهى أئمة الدين عما ابتدعه الناس، كما يفعلونه يوم عاشوراء أو في رجب وليلة نصف شعبان، ونحو ذلك من الصلاة والاجتماع والأطعمة والزينة وغير ذلك، فكيف بأعياد المشركين؟ والناهي عن هذه المنكرات
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "ذلك".
2 أخرجه مسلم "1082" "21"، من حديث أبي هريرة.
3 في النسخ الخطية: "أعطى لابنه درهم النيروز"، والمثبت من "ط".

(8/375)


مطيع لله ورسوله، والمجاهد في ذلك من المجاهدين في سبيل الله، وذكر في موضع آخر أنه لا يجوز تخصيص ذلك بطعام غيره، وسبق في اللباس التشبه أيضا.
ويكره النثار1 والتقاطه، وعنه إباحتهما، اختاره أبو بكر، كقول المضحي: من شاء اقتطع، وعنه: لا يعجبني، هذه نهبة لا تؤكل. وفرق ابن شهاب وغيره بأنه بذبحه أزال2 ملكه، والمساكين عنده سواء والنثر لا يزيل الملك، وقد يأخذه من غيره أحب إلى صاحبه، ويملكه من أخذه أو وقع في حجره، وقيل بقصد.
ولا يكره دف في عرس، والمنصوص: ونحوه. وقال الشيخ وغيره: وإن أصحابنا كرهوه في غير عرس، وكرهه القاضي وغيره في غير عرس وختان، ويكره لرجل للتشبه، ويحرم كل ملهاة سواه، كمزمار وطنبور ورباب وجنك، قال في المستوعب والترغيب: سواء استعملت لحزن أو سرور، وسأله3 ابن الحكم عن النفخ في القصبة كالمزمار قال: أكرهه.
وفي القضيب4 وجهان "م 11" وفي المغني5: لا يكره إلا مع
ـــــــ
مسألة -11: قوله: "وفي القضيب وجهان"، انتهى. يعني هل يحرم اللعب بالقضيب أم لا:
ـــــــ
1 النثار، بكسر النون: اسم مصدر من نثرت الشيء أنثره نثراً، فهو اسم مصدر مطلق على المنثور. "المطلع" ص 329.
2 في "ر" و[طي: "زال".
3 في "ر": "ونقل".
4 في "ر": "القصب".
5 14/160.

(8/376)


تصفيق أو غناء أو رقص ونحوه، وكره أحمد الطبل لغير حرب، واستحبه ابن عقيل فيه، لتنهيض طباع الأولياء وكشف صدور الأعداء، وليس عبثا، وقد أرسل الله الرياح والرعود قبل الغيث، والنفخ في الصور 1قبل البعث1. وضرب الدف في النكاح، والحج: العج والثج2.
واستحب أحمد الصوت في عرس، وكذا الدف، قال الشيخ: لنساء، وظاهر نصوصه وكلام الأصحاب التسوية، قيل له في رواية المروذي: ما ترى للناس اليوم تحرك الدف في إملاك أو بناء بلا غناء، فلم يكره ذاك. وقيل له في رواية جعفر: يكون فيه جرس، قال: لا، ونقل حنبل: لا بأس بالصوت والدف فيه وأنه قال: أكره الطبل، وهو الكوبة، نهى عنه النبي3 صلى الله عليه وسلم، ونقل ابن منصور: الطبل ليس فيه رخصة.
وفي عيون المسائل وغيرها في من أتلف آلة لهو: الدف مندوب إليه في النكاح، لأمر الشارع، بخلاف العود والطبل فإنه لا يباح استعماله والتلهي به بحال. وسئل أحمد عن القصائد قال: أكرهه، وقال: بدعة لا
ـــــــ
أحدهما: لا يحرم، بل يكره، وبه قطع في آداب المستوعب، وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: يحرم، وهو الصواب، وبه قطع ابن عبدوس في تذكرته.
فهذه إحدى عشرة مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 في "ر" و"ط": "للبعث".
2 العج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: إسالة دماء الهدي. "المصباح": "ثجج".
3 أخرجه أبو داود "3696" بلفظ: "إن الله حرم علي، أو حرم الخمر والميسر والكوبة".

(8/377)


يجالسون، وكره التغبير1، ونهى عن استماعه وقال: بدعة ومحدث، ونقل أبو داود: لا يعجبني، ونقل يوسف: لا يستمعه، وقيل: هو بدعة؟ قال: حسبك.
وفي المستوعب منع من اسم البدعة عليه ومن تحريمه، لأنه2 شعر ملحن3 كالحداء، والحدو للإبل ونحوه، واحتج قبل هذا بكراهة أحمد له على تحريم الغناء، ومن علم أنه4 إذا سمعه زال عقله حرم، وإن كان تارة وتارة لم يكره، ذكره في الفنون، ويتوجه: يكره، قال: والوعاظ المنشدون لغزل الأشعار وذكر العشاق كالمغني والنائح يجب تعزيرهم، لأنهم يهيجون الطباع. ونقل إبراهيم بن عبد الله القلانسي أن أحمد قال عن الصوفية: لا أعلم أقواما أفضل منهم، قيل: إنهم يستمعون5 ويتواجدون، قال: دعوهم يفرحون مع الله ساعة، قيل: فمنهم من يموت ومنهم من يغشى عليه، فقال: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47] ولعل مراده سماع القرآن، وعذرهم لقوة الوارد، كما عذر يحيى القطان 6
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 قال في "القاموس": المغبرة قوم يغبرون بذكر الله، أي: يهللون ويرددون الصوت بالقراءة وغيرها.
2 في "ط": "لا".
3 في النسخ الخطية: "ملحق"، والمثبت من "ط".
4 ليست في الأصل. وفي "ر": "إن".
5 في النسخ الخطية: "يسمعون"، والمثبت من "ط".
6 هو: يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي، أبو سعيد البصري الحافظ كان ثقة مأموناً رفيعاً حجة، من سادات أهل زمانه حفظاً وورعاً وفهماً وديناً وعلماً. "ت198هـ" "تهذيب الكمال" 31/329-342.

(8/378)


في الغشي، وقد قال أحمد لإسماعيل بن إسحاق الثقفي1 وقد سمع عنده كلام الحارث المحاسبي ورأى أصحابه: ما أعلم أني رأيت مثلهم، ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل، ولا أرى لك صحبتهم، وقد نهى عن كتابة كلام منصور بن عمار2 والاستماع للقاص به قال أبو الحسين: لئلا يلهونه عن الكتاب والسنة لا غير، وأنكر3 الآجري وابن بطة وغيرهما هذا السماع. وفي الغنية: يكره تحريق4 الثياب في حق المتواجد عند السماع، قال: ويجوز سماع القول بالقضيب، ويكره الرقص.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 هو: إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران، أبو بكر السراج النيسابوري، مولى ثقيف، ثقة نزل بغداد، وحدث بها. "ت286هـ". "تاريخ بغداد" 6/292 -293.
2 هو: أبو السري منصور بن عمار بن كثير، الواعظ، البليغ الصالح، كان عديم النظير في الموعظة والتذكير، وعظ بالعراق والشام ومصر وبعد صيته، وتزاحم عليه الخلق، وكان ينطوي على زهد وخشية إلا أنه كان يروي عن ضعفاء أحاديث لا يتابع عليها. "ت200هـ". "سير أعلام النبلاء" 9/93.
3 في الأصل: "وأنكره".
4 في "ط": "تحريق".

(8/379)


باب عشرة النساء
مدخل
...
باب عشرة النساء
يلزم الزوجين العشرة بالمعروف، واجتناب تكره بذله1 لقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] قال ابن الجوزي وغيره: وهو المعاشرة الحسنة والصحبة الجميلة. قالوا: قال ابن عباس: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي، لهذه الآية2 وإسناده حسن، فدل ذلك أنه يلزم تحسين الخلق والرفق، واستحبهما في المغني3. واحتمال الأذى، وقال عز وجل {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19] قال ابن الجوزي وغيره4: قال ابن عباس: رضي الله عنهما ربما رزق منها ولدا فجعل فيه خيرا كثيرا. قال: وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهة لها، ونبهت على معنيين:
أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح فرب مكروه عاد محمودا، ومحمود عاد مذموما.
والثاني: أنه لا يكاد يجد محبوبا ليس فيه ما يكره، فليصبر على ما يكره لما يحب، وأنشدوا في هذا المعنى:
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أي: لا يكره كل واحد من الزوجين بذل ما عليه من حق الآخر. ينظر "شرح منتهى الإرادات" 5/302.
2 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/272.
3 10/220.
4 أورده ابن الجوزي في "زاد المسير" 2/42، والسيوطي في "الدر المنثور" 2/133.

(8/380)


ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتتبع جاهدا كل عثرة
... يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب1
وقال ابن الجوزي في كتابه السر المصون: معاشرة المرأة بالتلطف مع إقامة الهيبة، ولا ينبغي له أن يعلمها قدر ماله فتتبسط في الطلب، وإن كان قليلا احتقرته، وربما نفرت، ولا يفشي إليها سرا يخاف من إذاعته، ولا يكثر من الهبة لها، فربما استوثقت ثم نفرت، وقد رأينا جماعة أطلعوا نساءهم على الأسرار، وسلموا إليهن الأموال، لقوة محبتهم لهن، والمحبة تتغير، فلما ملوا أرادوا الخلاص فصعب عليهم، فصاروا كالأسرى.
ولا ينبغي للعاقل أن يدخل في أمر حتى يدبر الخروج منه، وليكن للرجل بيت وللمرأة بيت، وله فراش ولها فراش، ولا يلقاها إلا في وقت معلوم بينهما، لتتهيأ له، فالبعد وقت النوم أصل عظيم، لئلا يحدث ما ينفر، وعلى قياسه اللقاء وقت الأوساخ. قال بعض الحكماء: من نام2 إلى جانب محبوبه فرأى منه ما يكره سلاه3. وحكى أن كسرى نظر يوما إلى مطبخه وكيف تسلخ فيه4 الغنم فعافته نفسه، وبقي أياما لا يأكل اللحم، فشكا ذلك إلى بزرجمهر، فقال: أيها الملك، العظام على الخوان، والمرأة على الفراش. وما أحسن ما قال: فإن عيوب جسد الإنسان كثيرة، ولهذا
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ينظر الأمالي 3/218.
2 في الأصل: "بات".
3 يعني نسيه. "القاموس" "سلا".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/381)


أقول: لا ينبغي أن يتجرد أحد الزوجين ليراه الآخر، وخصوصا العورات، قال ابن عبد البر: لما زوج أسماء بن خارجة ابنته دخل عليها ليلة بنائها فقال: يا بنية إن كان النساء أحق بتأدبك1 فلا بد من تأديبك كوني لزوجك أمة يكن لك عبدا، ولا تقربي منه جدا فيملك أو تمليه، ولا تباعدي منه فتنقلي عليه، وكوني له كما قلت لأمك:
خذي العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
ولا تنقريني نقرة الدف مرة ... فإنك لا تدرين كيف المغيب
فإني رأيت الحب في القلب والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب2
وليكن غيورا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم والدخول على النساء" قيل: أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت" 3.
وقال: "أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير مني، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن"4.
قال الشاعر:
لا يأمنن على النساء أخ أخا ... ما في الرجال على النساء أمين
إن الأمين وإن تحفظ جهده ... لا بد أن بنظرة سيخون 5
ـــــــ
................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل و"ط": "بتأدبك".
2 تنظر هذه الأبيات في "عيون الأخبار" 4/77، "الأغاني" 20/362.
3 أخرجه البخاري "5232"، ومسلم "2172" "20"، من حديث عقبة بن عامر.
4 أخرجه البخاري "7416"، ومسلم "1499" "17"، من حديث المغيرة.
5 "أخبار النساء" لابن القيم ص 82.

(8/382)


وقال ابن عبد البر: قال سليمان بن داود -عليهما السلام- لابنه: يا بني، لا تكثر الغيرة على أهلك من غير ريبة فترمي بالشر من أجلك وإن كانت بريئة.
ويلزم تسليم الحرة التي يوطأ مثلها، ونصه: بنت تسع، بطلبه في بيته. وتسلمها إن بذلته، فإن اشترطت بيتها ففيه أو1 بيته، ولا لزوم مع ما يمنع الاستمتاع بالكلية ويرجى زواله، كإحرام ومرض وصغر، ولو قال: لا أطأ.
وفي حائض احتمالان "م 1" بل نضوة الخلقة، فلو خشي عليها استمتع كحائض.
وتقبل امرأة ثقة في ضيق فرجها وقروح به، وعبالة ذكره2 ونحوه،
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "وفي حائض احتمالان"، يعني هل يلزم تسليمها إلى الزوج إذا كانت حائضا أو ينتظر طهرها؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المغني3 والشرح4:
أحدهما: يلزم التسليم، وبه قطع في المغني3، في باب الحال التي تجب فيها النفقة، وكذلك ابن رزين في شرحه، وكذلك الشارح في كتاب النفقات.
والوجه الثاني: لا يلزمه. قلت: وهو أصح من الأول، بل لو قيل بالكراهة لاتجه، أو ينظر إلى قرينة الحال، 5وهو الصواب5.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 يعني كبره. قاله في "الإنصاف" "21/382".
3 11/399.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/383.
5 ليست في "ح".

(8/383)


وتنظرهما وقت اجتماعهما، للحاجة، ومتى امتنعت قبل المرض ثم حدث فلا نفقة، ولو أنكر أن وطأه يؤذيها لزمتها البينة، وإن استمهل أحدهما لزم إمهاله العادة، لا لعمل الجهاز بفتح الجيم وكسرها وقيل ثلاثة أيام. وفي الغنية: إن استمهلت هي وأهلها استحب له إجابتهم ما يعلم به التهيؤ من شراء جهاز وتزين.
وولى من به صغر أو جنون مثله.
وتسلم الأمة كما تقدم ليلا، وكذا نهارا بشرط أو ببذل السيد، فإن بذله وقد شرطه لنفسه فوجهان "م 2".
وللزوج حتى العبد السفر بلا إذنها وبها ما لم تشرط بلدها أو تكن أمة، وفي ملك السيد له بلا إذن زوج صحبه أم لا وجهان "م 3"،
ـــــــ
مسألة – 2: قوله: "ويسلم الأمة ليلا، وكذا نهارا بشرط أو ببذل1 السيد، فإن بذله وقد شرطه لنفسه فوجهان". انتهى. وأطلقهما في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والزركشي وغيرهم:
أحدهما: يجب تسليمها، قدمه في الرعاية الكبرى وصححه في تصحيح المحرر.
والوجه الثاني: لا يلزمه تسليمها، وهو قوي.
مسألة – 3: قوله: "وللزوج حتى العبد السفر بلا إذنها وبها ما لم تشترط بلدها أو تكن أمة، وفي ملك السيد له بلا إذن زوج صحبه أم لا وجهان"، انتهى. وهما احتمالان مطلقان في المغني2 والشرح3، وأطلقهما في النظم:
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "يبذل"، والمثبت من "ط".
2 9/509.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/384 -385.

(8/384)


وعليهما1 ينبني لو بوأها مسكنا ليأتيها الزوج فيه هل يلزمه؟ قاله في الترغيب2.
وله السفر بعبده المزوج، واستخدامه نهارا، وإن قلنا: النفقة والمهر3 في كسبه لم يمنعه منه.
ولو قال السيد: يمسكها، قال زوجتنيها وجب تسلمها للزوج، وتحل له، لاتفاقهما على استحقاقه لها، ويلزمه الأقل من ثمنها أو مهرها، ويحلف لثمن زائد، فإن نكل لزمه، وعند القاضي: لا مهر ولا ثمن، ولا يمين عنده على البائع، لأنه لا يراها في نكاح، وذكر الأزجي مثله إلا في اليمين، وقال: وإن نكل أحدهما عنها قضى عليه وثبت ما يدعيه الآخر4 من بيع أو زوجية، وإن أولدها فهو حر ولا ولاء عليه، ولا ترد الأمة إليه، لاعترافه بأنها أم ولد، ونفقته على أبيه، ونفقتها على الزوج. وقال الأزجي: إن قلنا: لا تحل له فهل هي على مالكها السابق أم في كسبها؟
ـــــــ
أحدهما: له ذلك من غير إذنه، وقطع به في المنور، 5والقاضي في المجرد، نقله المجد5، وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: ليس له ذلك. قلت: وهو قوي جدا، ولا سيما إذا لم يصحبه، 5وصححه في6 تصحيح المحرر. قال المجد: قطع به القاضي في التعليق، وهو الصواب5.
ـــــــ
1 في "ر": "ومنها".
2 في "ر": "المستوعب".
3 في "ط": "المسكن".
4 ليست في "ر".
5 ليست في "ح".
6 ليست في "ط".

(8/385)


فيه احتمالان، وعند القاضي في كسبها، فإن ماتت فللبائع منه قدر ثمنها وبقيته موقوف حتى يصطلحا، وإن ماتت بعد الواطئ ماتت حرة وورثها ولدها ووريثها، وإلا فهو موقوف، وليس لسيدها أخذ قدر ثمنها، لأنه لا يدعيه على الواطئ وإن رجع البائع فصدقه لم يقبل في إسقاط حرية ولد واسترجاعها إن صارت أم ولد، ويقبل في غيرهما، وإن رجع الزوج ثبتت الحرية ولزمه الثمن، 1قال الشيخ في فتاويه: ذكرها الشيخ في أواخر باب ما إذا وصل بإقراره ما يغيره1.
وقال الأزجي إذا كان التنازع قبل الاستيلاد تحالفا، فإذا تحالفا فلا مهر ولا ثمن، وترد إلى سيدها، قيل: ترجع إليه رجوع البائع في السلعة إذا أفلس المشتري وتعذر الثمن، فيحتاج السيد أن يقول: فسخت البيع وتعود ملكا ظاهرا وباطنا، وقيل: ترجع رجوع من لزمه دين فلم يقضه، فيبيعها ويستوفي حقه، وما فضل تحيل في رده إلى مستحقه فإن أمسكها البائع على بقية الثمن وفسخ البيع لتعذر الثمن واسترجعها وكان صادقا حلت له، وإلا حلت ظاهرا.
وله الاستمتاع في قبل ولو من جهة العجيزة. وقال ابن الجوزي في
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في الأصل.

(8/386)


كتابه السر المصون: كره العلماء الوطء بين1 الأليتين لأنه يدعو إلى الوطء في الدبر، وجزم به في الفصول، كذا قالا، ما لم يضر أو يشغل عن فرض، ولو كانت على التنور أو على ظهر قتب، كما رواه أحمد وغيره عنه عليه الصلاة والسلام2.
ولا تطوع بصلاة وصوم إلا بإذنه، نقله حنبل، وأنها تطيعه في كل ما أمرها به من الطاعة.
ويحرم وطؤه في دبر، فإن تطاوعا فرق بينهما، ويعزر عالم تحريمه. وليس لها استدخال ذكره وهو نائم بلا إذنه، بل القبلة واللمس لشهوة، ذكره في الرعاية، قال ابن عقيل في استدخاله: لا يجوز، لأن الزوج يملك
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في الأصل: "مع".
2 أخرج أحمد "19403"، وابن ماجه "1853"، من حديث عبد الله بن أبي أوفى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كنت أمر أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدي حق زوجها عليها كله، لو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لأعطته إياه".

(8/387)


العقد وحبسها. ويحرم عزله بلا إذن حرة وسيد أمة، وقيل: وأذنها، وقيل: يباح مطلقا، وقيل عكسه ولا إذن لسريته، وفي أم ولد وجهان، في الترغيب "م 4".
وعليه الوطء في كل ثلث سنة مرة إن قدر، وقيل: العرف، ويبيت ليلة من أربع عند الحرة بطلبها1، والأمة من سبع، واختار الشيخ وجزم به في التبصرة من ثمان، وله الانفراد في البقية، قال أحمد: لا يبيت وحده ما أحب ذلك إلا أن يضطر، وقاله في سفره وحده، وعنه: لا يعجبني، ولأحمد2 عن أيوب بن النجار،................................................
ـــــــ
مسألة- 4: قوله في العزل: "ولا إذن لسريته، وفي أم ولد وجهان في الترغيب"، انتهى.
قلت: الصواب جواز العزل، لأنها من جملة الإماء، وهو ظاهر كلام الأصحاب، والقول بأنها تستأذن ولا تستأذن الأمة ضعيف جداً.
ـــــــ
1 في "ر": "تطلبها".
2 في مسنده "1891".

(8/388)


عن طيب بن محمد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة [رضي الله عنه] مرفوعا أنه عليه السلام لعن المتشبهين بالنساء والمتشبهات بالرجال، والمتبتلين الذين يقولون: لا نتزوج، والمتبتلات اللاتي يقلن ذلك، وراكب الفلاة وحده، والبائت وحده. طيب قيل: لا يكاد يعرف، وله مناكير، وذكر العقيلي: وإن أبى ذلك بلا عذر لأحدهما فرق بينهما بطلبها، ولو قبل الدخول، نص عليه، لأنه في معنى مول، وفي الترغيب: هو صحيح المذهب.
والمدة من تركه، ويعلم قصد الإضرار بقرائن، وعنه: لا يفرق، وفي المغني1: هو ظاهر قول أصحابنا، وكذا لو ظاهر ولم يكفر، وعنه: لا يلزم وطء ولا مبيت إن لم يتركهما ضرارا، ولم يعتبر ابن عقيل قصد2 الإضرار بتركه الوطء كالمبيت، قال: وكلام أحمد غالبا يشهد لهذا القول، ولا عبرة بالقصد في حق الآدمي، وخرج كلام أحمد في قصد الإضرار على الغالب، كذا قال، فيلزمه أنه لا فائدة في الإيلاء، وأما إذا اعتبر قصد الإضرار فالإيلاء دل على قصد الإضرار، فيكفي ولو لم يظهر منه قصده. وقال شيخنا: خرج ابن عقيل قولا: لها الفسخ بالغيبة المضرة بها، ولو لم يكن
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 10/239.
2 ليست في "ر".

(8/389)


مفقودا، كما لو كوتب فلم يحضر بلا عذر. وفي المغني1 في امرأة من علم خبره كأسير ومحبوس: لها الفسخ بتعذر النفقة من ماله وإلا فلا "ع" قال شيخنا: لا إجماع، وإن تعذر الوطء لعجز كالنفقة وأولى، للفسخ بتعذره "ع" في الإيلاء. وقاله أبو يعلى الصغير، وقال أيضا: حكمه كعنين.
وإن سافر فوق نصف سنة وطلبت قدومه فأبى بلا عذر فرق بينهما، قيل: إن وجب الوطء "م 5" وقيل: أو لا. وفي الترغيب ذكر القاضي وابن عقيل أنه يلزم من البيتوتة ما يزول معه ضرر الوحشة، ويحصل معه الأنس المقصود بالزوجية، بلا2 توقيت، فيجتهد الحاكم.
ـــــــ
مسألة – 5: قوله: "وإن سافر فوق نصف سنة وطلبت قدومه فأبى بلا عذر فرق بينهما، وقيل: إن وجب الوطء، وقيل: أو لا، انتهى:
أحدهما: لها ذلك ولو لم نقل بوجوب الوطء، وهو الصحيح، قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير، وهو الصواب، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
والقول الثاني: ليس لها الفسخ إلا إذا قلنا بوجوب الوطء، وهو ظاهر ما قطع به في تجريد العناية. قلت: وهو بعيد جدا، وذكر المصنف ما نقله في الترغيب.
ـــــــ
1 11/247.
2 في "ط": "فلا".

(8/390)


فصل تستحب التسمية عند الوطء،
وقوله: "اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا" 1. ولأبي داود2 عن عائشة [رضي الله عنها] قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل رؤي – أو3 كلمة غيرها- فيكم المغربون"؟ ، قلت: وما المغربون؟ قال: "الذين تشرك فيهم الجن". وقال بعض العلماء: المراد أمرهم إياهم بالزنا، فجاء أولادهم لغير رشدة4.
وتغطية رأسه عنده، وعند تخليه، ذكره جماعة، وأن لا يستقبل القبلة، وقيل: يكره استقبالها، قال في رواية عبد الله عن عطاء: كره ذلك، واختلف الحنفية في علة منع استقبال القبلة بالبول هل هو للخارج النجس أو لكشف العورة نحوها؟ فمن علل بالأول أباح الوطء نحوها، والثاني يمنعه.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "141"، ومسلم "1434" "116"، من حديث ابن عباس.
2 في سننه "5107".
3 ليست في النسخ الخطية و"ط"، والمثبت من مصدر الحديث.
4 قال أبو زيد: وهو لرشدة، أي: صحيح النسب. "المصباح": "رشد".

(8/391)


وقال في رواية صالح عن كعب: إنه كره الوطء في السفينة لأنها تجري على كف الرحمن، وقال في خبر غير ثابت عن مكحول: لعن النبي صلى الله عليه وسلم الناخر والناخرة إلا عند الوقاع1. ذكر ذلك أبو بكر في أحكام الوطء.
وتكره كثرة الكلام، ونزعه قبل فراغها، ومتجردين. وفي الترغيب: لا سترة عليهما، احتجوا بما رواه ابن ماجه2 عن عتبة بن عبد مرفوعا: "إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجرد تجرد العيرين3" . واحتج به صاحب المحرر على تحريم التعري خلوة، مع أنه احتج للكراهة بأنه لا يجب سترها عن زوجة وأمة، والخلوة دونه، فدل على أنه يقول لا يجب سترها4 عنهما.
وتحرم خلوة، بدليل النهي عنه حال الجماع، فيكون محرما أيضا، وكذا تحدثه به، وحرمه في الغنية والآدمي البغدادي في كتابه، وهو أظهر. وحرم في أسباب الهداية إفشاء السر. وحرم في الرعاية، إفشاء السر المضر، ولأحمد ومسلم وأبي داود من حديث أبي سعيد "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 لم نقف عليه.
2 في سننه "1921".
3 العير، بالفتح: الحمار الوحشي، والأهلي أيضاً. "المصباح": "عبر".
4 في "ط": "سترهما".

(8/392)


ينشر أحدهما سر صاحبه" 1 وكذا بمرأى أحد. وذكر الشيخ: يحرم ولو رضيا ويحرم جمعه بينهما في مسكن، ويجوز برضاهما، كنومه بينهما في لحاف واحد، وجوز في المغني2 والترغيب جعل كل واحدة في بيت سكن مثلها. وفي الرعاية: وقيل يحرم مع اتحاد المرافق، ولو جمع بين زوجة وسرية فظاهر ما ذكروه المنع، إلا برضا الزوجة فقط، لثبوت حقها، كالجماع3، والسرية لا حق لها في الاستمتاع، وهذا متجه.
ويجوز نوم الرجل مع امرأته بلا جماع بحضرة محرم لها، لنوم النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة في طول الوسادة، وابن عباس لما بات عندها في عرضها4.
وله إلزامها بترك محرم وغسل نجاسة. وفيه رواية. في المذهب. وغسل حيض. وفيه رواية في ذمية، ففي وطئه بدونه وجهان "م 6".
ـــــــ
مسألة 6- : قوله: "وله إلزامها... بغسل حيض، وفيه رواية في ذمية5، ففي وطئه بدونه وجهان" انتهى:
أحدهما: يجوز وطؤها بدون الغسل، وهو الصحيح، وبه قطع في المحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم، وقدمه في الرعايتين، وينبغي أن يقيد بأن تغسل فرجها.
والوجه الثاني: لا يجوز، قال في الرعاية الكبرى: وهو أصح، وهو ظاهر كلامه
ـــــــ
1 أخرجه أحمد "11655"، ومسلم "1437" "123"، وأبو داود "4870".
2 10/234.
3 في "ط": "كالجماع".
4 أخرجه البخاري "183"، ومسلم "763" "182".
5 في النسخ الخطية: "ذمته"، والمثبت من "ط".

(8/393)


وعلى الأول في النية له والتسمية والتعبد به لو أسلمت وجهان "م 7 و 8".
ـــــــ
في المغني1 والشرح2 حيث قالا: وللزوج إجبار زوجته على الغسل من الحيض والنفاس مسلمة أو ذمية، لأنه يمنع الاستمتاع الذي هو حق له، 3لكن هذا على القول بالإجبار، ومحل الخلاف على القول بعدمه3.
مسألة -7 ،8: قوله: "وعلى الأول في النية له والتسمية والتعبد به لو أسلمت وجهان"، انتهى. فيه مسألتان:
المسألة الأولى – 7: 3إذا قلنا: له إلزامها3، فهل تجب النية والتسمية فيه أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يجبان، قال في الرعاية الكبرى في باب صفة الغسل: وفي اعتبار التسمية في غسل الذمية من الحيض وجهان، ويصح منها الغسل بلا نية، وخرج ضده، انتهى.
قلت: الصواب عدم الوجوب فيهما، وقد قدم ابن تميم وصاحب القواعد الأصولية أن غسلها لا يحتاج إلى نية، قال ابن تميم: واعتبر الدينوري في تكفير4 الكافر بالعتق والإطعام النية، وكذلك يخرج هنا، قال في القواعد الأصولية: ويحسن بناؤه على أنهم مكلفون بالفروع أم لا؟ وذكر المصنف في أوائل الحيض5 أن أبا المعالي قال: لا نية للكافرة والمجنونة، لعدم تعذرها مآلا، بخلاف الميت، وأنها تعيده إذا أفاقت وأسلمت، وكذا قال القاضي في الكافرة: إنما يصح في حق الآدمي؛ لأن حقه لا يعتبر له النية، فيجب عوده إذا أسلمت، ولم يجز أن تصلي به، انتهى.
ـــــــ
1 10/222.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/395.
3 ليست في "ح".
4 في "ط": "تكفيل".
5 1/357.

(8/394)


وهل منفصله طاهر لكونه أزال مانعا؟ أو طهور؛ لأنه لم يقع قربة؟ فيه روايتان "م 9".
ـــــــ
المسألة الثانية – 8: هل لها أن تتعبد به لو أسلمت أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: ليس لها ذلك، وهو الصواب، وقد قاله القاضي وأبو المعالي، على ما تقدم في التي قبلها.
والوجه الثاني: يجوز لها أن تتعبد به، وأظن أن الشيخ تقي الدين جوز لها ذلك.
مسألة- 9: قوله: "وهل منفصله طاهر لكونه أزال مانعا؟ أو طهور لأنه لم يقع قربة؟ فيه روايتان"، انتهى. وأطلقهما في المغني1 والشرح2 وشرح ابن عبيدان والرعايتين والحاويين، وأطلقهما في مجمع البحرين في غسل في الحيض، وابن تميم في غسل الجنابة:
إحداهما: هو طاهر غير3 مطهر، قال في الرعاية الكبرى: والأولى جعله طاهرا غير مطهر.
والرواية الثانية: هو طهور. قلت: وهو الصواب، وقدمه ابن تميم في غسل الحيض، وابن رزين في شرحه مطلقا في كتاب الطهارة. وقال في الحاوي الكبير في كتاب الطهارة: أصحهما أنه طهور من غسل الجنابة. وقال في الفصول في ماء غسل الحيض روايتان، وقال في ماء غسل الجنابة: يحتمل أنه طاهر مطهر وجها واحدا، واقتصر عليه، وقيل: إن لزمها الغسل منه بطلب الزوج، قال في الرعاية. قلت: أو السيد، فطاهر، وإن لم يطلبه أحدهما أو طلبه وقلنا: لا يجب فطهور.
ـــــــ
1 1/34.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/65.
3 ليست في "ط".

(8/395)


وقيل: ومن الجنابة طاهر. وفي غسل جنابة روايتان "م 10".
وفي أخذ شعر وظفر وقيل: وتنظف وجهان كأكل مؤذ ريحه "م 11 و 12" وخرج ابن عقيل روايتين فيه.
ـــــــ
مسألة -10: قوله: "وفي غسل جنابة روايتان" انتهى. وأطلقهما في المغني1 والمقنع2 والشرح2 وشرح ابن منجى والحاوي الصغير وغيرهم:
إحداهما: له إجبارها على ذلك، وهو الصحيح، صححه في التصحيح وتصحيح المحرر، وقطع به في الوجيز، قال في الرعايتين: له إجبارها على غسل الجنابة، على الأصح، كالحيض والنفاس والنجاسة، قال الناظم: هذه الرواية أشهر وأظهر، انتهى. وقدمه ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية: ليس له إجبارها، والذي يظهر أن هذه الرواية أقوى من الأولى، والفرق بين الجنابة والحيض والنفاس جلي واضح.
تنبيه: ظاهر كلامه سواء كانت مسلمة أو ذمية، وهو ظاهر كلامه في المجرد والفصول والمحرر وغيرهم، وخصهما في الكافي3 والمقنع2 وغيرهما بالذمية، وهو الصواب، ويحمل كلام من أطلق على ذلك، والله أعلم.
مسألة -11، 12: قوله: "وفي أخذ شعر وظفر... وجهان كأكل مؤذ ريحه" انتهى، ذكر مسألتين:
المسألة الأولى – 11: هل له إجبارها على أخذ الشعر والظفر إذا طالا أم لا؟
ـــــــ
1 10/222 -223.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/395.
3 4/379.

(8/396)


وتمنع ذمية من سكر، في الأصح، كبيعة وكنيسة، وعنه: ودونه، وفي الترغيب: ومثله لحم خنزير.
ولا تكره على وطء في صومها. نص
ـــــــ
أطلق الخلاف، وأطلقه في المقنع1 في الشعر.
أحدهما: له إجبارها، وهو الصحيح، صححه في التصحيح، وقطع به في الوجيز والحاوي الصغير، وقدمه في الرعايتين، قال الشيخ الموفق والشارح: له إجبارها على إزالة شعر العانة إذا خرج عن العادة، رواية واحدة، ذكره القاضي، وكذلك الأظفار، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: ليس له إجبارها على أخذ ذلك، وقال في الرعاية الكبرى: وقيل: إن طال الشعر والظفر وجب إزالتهما، وإلا فلا، وقيل في التنظيف والاستحداد وجهان، انتهى.
تنبيه: حكى المصنف وكثير من الأصحاب الخلاف وجهين، وحكاهما في المقنع1 وغيره روايتين.
المسألة الثانية – 12: إذا أكلت ما يؤذي ريحه فهل تمنع من ذلك أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المغني2 والشرح3 والرعايتين والحاوي الصغير:
أحدهما: تمنع من ذلك، جزم به في المنور وغيره، وصححه4 في النظم وغيره، وقدمه ابن رزين في شرحه وغيره.
والوجه الثاني: لا تمنع من ذلك، وفيه بعد، ويمكن أن تأكل ذلك في وقت لا يتأذى به.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/395.
2 10/223.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/397.
4 بعدها في "ص": "الناظم".

(8/397)


عليه، ولا إفساد صلاتها وسنتها.
وله منعها من الخروج من منزله، ويحرم بلا إذنه، فلا نفقة، ونقل أبو طالب: إذا قام بحوائجها كلها وإلا لا بد لها، قال شيخنا فيمن حبسته بحقها: إن خاف خروجها بلا إذنه أسكنها حيث لا يمكنها، فإن لم يكن له من يحفظها غير نفسه حبست معه، فإن عجز عن حفظها أو خيف حدوث شر أسكنت في رباط ونحوه، ومتى كان خروجها مظنة للفاحشة صار حقا لله "تعالى" يجب على ولي الأمر رعايته، ويستحب إذنه في خروجها لمرض محرم أو موته، وأوجبه ابن عقيل للعيادة، وقيل: أو نسيب وقيل: لها زيارة أبويها، ككلامهما ولا يملك منعهما من زيارتها، في الأصح، ولا يلزمها طاعة أبويها في فراق وزيارة ونحوه، بل طاعة زوجها أحق.
وليس عليها عجن وخبز وطبخ ونحوه، نص عليه، خلافا للجوزجاني، وأوجب شيخنا المعروف "من" مثلها لمثله، وخرج أيضا الوجوب من نصه على نكاح الأمة لحاجة الخدمة، وفيه نظر، لأنه ليس فيه وجوب الخدمة عليها. وقال ابن حبيب في الواضحة: إن النبي صلى الله عليه وسلم حكم على فاطمة رضي الله عنها بخدمة البيت كلها1. وقال أبو ثور: عليها أن
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرج البخاري "1536"، ومسلم "2727" "80"، من حديث علي رضي الله عنه: أن فاطمة عليها السلام أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى، وبلغها أنه جاءه رقيق، فلم تصادفه، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته عائشة، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقوم، فقال: "على مكانكما" فجاء فقعد بيني وبينها، حتى وجدت برد قدميه على بطني، فقال: "ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما، أو أويتما إلى فراشكما، فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم".

(8/398)


تخدمه في كل شيء. ويصح تزويج مستأجرة لرضاع، وقيل: يملك الفسخ إن جهله، وله الوطء، وقيل: لا، إن أضر1 بلبن.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ط": "أضر".

(8/399)


فصل القسم مستحق على غير طفل، فيلزمه التسوية بين زوجاته،
حتى حائض ومعيبة ورتقاء ومظاهر منها ومن سافر بها بقرعة ومجنونة مأمونة وكتابية، نص عليه، وصغيرة قيل: توطأ2، وقيل: مميزة "م 13" في القسم فقط، نص عليه. وقال شيخنا: والنفقة والكسوة، ونصه: لا بأس. وقال في الجماع: لا ينبغي أن يدعه عمدا يبقي نفسه، لتلك ليلة وليلة، وقال القاضي وغيره: أو ثلاثا وثلاثا، والأمة نصف حرة، والعتق3 بعضها بالحساب.
وإن عتقت أمة في نوبتها أو نوبة حرة مسبوقة فلها قسم حرة، وفي نوبة حرة سابقة قيل: يتم للحرة على حكم الرق، وقيل: يستويان بقطع أو
ـــــــ
مسألة -13: قوله في القسم: "فيلزمه التسوية،....حتى حائض...." وكذا "صغيرة قيل: توطأ، وقيل: مميزة" انتهى.
القول الأول: قطع به الشيخ الموفق والشارح.
والقول الثاني: اقتصر عليه في المحرر وتذكرة ابن عبدوس والرعايتين والحاوي الصغير، 4وهو أولى، والمقصود من المبيت ليس هو الوطء وحده، بل والأنس ونحوه، والمميزة محتاجة إليه كغيرها4.
ـــــــ
2 بعدها في الأصل: "مثلها".
3 في "ط": "والعتق".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(8/399)


استدراك "م 14" وفي المغني1 والترغيب: وإن عتقت بعد نوبتها،
ـــــــ
مسألة- 14: قوله: "وإن عتقت أمة في نوبتها أو نوبة حرة مسبوقة فلها قسم حرة، وفي نوبة حرة سابقة قيل: يتم للحرة على حكم الرق، وقيل: يستويان بقطع أو استدراك" انتهى. وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير:
القول الأول: قدمه في الرعايتين.
والقول الثاني: لم أطلع على من اختاره قال في المغني1 والشرح2: وإن عتقت في ابتداء مدتها أضاف إلى ليلتها ليلة أخرى، وإن كان بعد انقضاء مدتها استؤنف3 القسم متساويا، ولم يقض لها ما مضى، لأن الحرية حصلت بعد استيفاء حقها، وإن عتقت وقد قسم للحرة ليلة لم يزد على ذلك، لأنهما تساويا، انتهى.
ومعناه في الترغيب، وزاد: إن عتقت بعد نوبتها بدأ بها أو بالحرة. وقال في الكافي4: فإن عتقت الأمة في نوبتها أو قبلها أضاف إلى ليلتها أخرى، وإن عتقت بعد مدتها استأنف5 القسم متساويا. انتهى.
تنبيهان:
الأول: تبع المصنف في عبارته ابن حمدان في رعايتيه، أعني أن الأمة إذا
ـــــــ
1 10/247.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/438.
3 في "ط": "استأنفت".
4 4/393.
5 في "ص" و"ط": "استأنفت".

(8/400)


......................................
ـــــــ
عتقت في نوبة حرة مسبوقة لها قسم حرة، وإذا عتقت في نوبة حرة سابقة فيها الخلاف. وقال ابن عبدوس في تذكرته: ولأمة عتقت في نوبة حرة سابقة كقسمها1، و 2 إذا أعتقت2 وفي نوبة حرة مسبوقة3 يتمها على الرق، انتهى، بعكس4 ما قاله المصنف وابن حمدان، وجعل لها إذا عتقت في نوبة حرة سابقة قسم حرة، واذا عتقت في نوبة حرة مسبوقة أنه يتمها على الرق، ورأيت بعض الأصحاب صوب ذلك، وأصل هذا ما قاله في المحرر، فإنه قال: وإذا عتقت الأمة في نوبتها أو نوبة5 الحرة وهي المتقدمة فلها قسم حرة، وإن عتقت في نوبة الحرة وهي المتأخرة فوجهان، فالمصنف وابن حمدان جعلا الضمير المنفصل في قوله: "6 وهي المتقدمة6" وهي المتأخرة، عائدا إلى الأمة، وابن عبدوس جعله عائدا إلى الحرة، وكلامه محتمل في بادئ الرأي، وقد صوب شارح المحرر عود الضمير إلى الحرة، كما قاله ابن عبدوس، وخطأ ما قاله ابن حمدان ومن تابعه، وهو الصواب، وهو ظاهر ما قاله الشيخ في الكافي7، وكذلك في المغني8 والشرح9، وللقاضي محب الدين بن نصر الله البغدادي صاحب الحواشي على هذه المسألة كراسة على كلام صاحب المحرر. وقال في حواشي الفروع: قول شارح المحرر أقرب إلى الصواب.
ـــــــ
1 في "ح": "قسم حرة".
2 ليست في "ص" و"ط".
3 بعدها في "ح": "أنه".
4 في النسخ الخطية: "فعكس"، والمثبت من "ط".
5 في "ط": "نبوة".
6 ليست في "ط".
7 4/393.
8 10/247.
9 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/438.

(8/401)


اقتصرت على يومها زاد في الترغيب: بدأ بها أو بالحرة. ويطوف بمجنون مأمون وليه وجوبا، لا بطفل، ويحرم تخصيص بإفاقته، وإن أفاق في نوبة واحدة ففي قضاء يوم جنونه للأخرى وجهان "م 15".
ـــــــ
الثاني: قوله: "وإن عتقت بعد نوبتها اقتصرت على يومها"، كذا في النسخ، قال شيخنا: وهو تصحيف فيما يظهر، وإنما هو " على نوبتها "، وهو الظاهر، إذ لو أراد ذلك لقال: "على ليلتها".
مسألة – 15: قوله: "وإن أفاق في نوبة واحدة ففي قضاء يوم جنونه للأخرى وجهان" انتهى.

(8/402)


وعماد القسم الليل لمن معاشه نهارا والنهار يتبعه، والعكس بعكسه، وله أن يأتيهن وأن يدعوهن إلى منزله، ويسقط حق ممتنعة، وله دعاء البعض، وقيل: يدعو الكل، أو يأتي الكل، فعلى هذا ليست الممتنعة ناشزا، والحبس كغيره، إلا أنه إن دعاهن لم يلزم ما لم يكن سكن مثلهن.
ومتى بدأ بمبيت عند واحدة أو سفر بها بلا قرعة أثم وقضى، واختار الشيخ لا زمن سيره، ويقضي مع القرعة ما تعقبه السفر أو تخلله من إقامة. وفي المغني1 والترغيب: إن لزمه إتمام صلاة، وقيل: وزمن سيره، وقيل: في سفر نقلة، وقيل: في2 سفر قصير، كإقامة، وسواء عن له سفر أبعد منه أو لا.
ويدخل في نوبتها إلى غيرها ليلا لضرورة، و3نهارا لحاجة، كعيادة
ـــــــ
أحدهما: يقضي، وهو الصواب، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
والوجه الثاني: لا يقضي.
ـــــــ
1 10/252 -253.
2 ليست في الاصل.
3 في "ر": "أو".

(8/403)


مريض. وفي الترغيب: فيهما لحاجة ماسة أو لمرض، فيداويها، وفي قبلة ونحوها نهارا وجهان "م 16".
وإن لبث ولو ضرورة أو وطئ قضاه، وإلا فلا، وقيل: لا يقضي وطئا بزمنه اليسير. وفي الترغيب فيمن دخل نهارا لحاجة ولبث وجهان، و1أنه لا1 يقضي ليلة صيف عن ليلة شتاء، وله قضاء أول ليل عن آخره وعكسه، وقيل: يتعين زمنه، ويخرج نهار2 ليل قسم: وأول ليل وآخره، وإلا قضى الكثير أو غاب مثله عن الأخرى.
وإن سافرت بلا إذنه، أو أبت المبيت أو السفر معه، فلا قسم ولا نفقة، وقيل: لها النفقة، "3وقيل لها النفقة3" بالوطء.
ـــــــ
مسألة – 16: قوله: "وفي قبلة ونحوها نهارا وجهان" انتهى، يعني هل يقضي ذلك أم لا؟ وأطلقهما في المغني4 والشرح5 والرعايتين والنظم:
أحدهما: لا يقضي، وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع6 والمحرر والحاوي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم، لاقتصارهم على قضاء الجماع لا غير، وقدمه ابن رزين في شرحه، وهو الصواب.
ـــــــ
1 في الأصل: "ولا أنه".
2 في [ط]: "نهاراً".
3 تكررت في "ط".
4 10/244.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/442.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/441.

(8/404)


وإن بعثها لحاجته بقيا، وفيهما لحاجتها بإذنه وجهان، وقيل: ببقاء1 النفقة "م 17".
ومن تزوج بكرا أقام عندها سبعا خالصة، ثم دار، و 2إن كانت ثيبا2
ـــــــ
والوجه الثاني: يقضي، كالجماع، وهو العدل.
مسألة – 17: قوله: "وإن بعثها لحاجته بقيا، وفيهما لحاجتها بإذنه وجهان، وقيل ببقاء النفقة" انتهى. وأطلقها في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي3 والمقنع4 والمحرر والشرح4 وشرح ابن منجى والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما5: يسقط حقها من القسم والنفقة، وهو الصحيح، صححه في التصحيح وتصحيح المحرر، وقطع به صاحب المنور ومنتخب الآدمي، والخرقي في بعض نسخه، واختاره القاضي والشيخ الموفق، وقدمه في المغني6 وشرح ابن رزين، وصححه ابن نصر الله في حواشيه.
والوجه الثاني: لا يسقطان، وقطع به في الوجيز في مكانين.
والقول الثالث: الذي ذكره المصنف، وهو أن النفقة تبقى وحدها، احتمال في المغني6 والشرح4، واختاره ابن عقيل وابن عبدوس في تذكرته.
قلت: وهو أقوى من الوجه الثاني، وأطلقها الزركشي وصاحب تجريد العناية.
ـــــــ
1 في "ط": "تبقى".
2 ليست في "ر" و"ط".
3 4/388.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/454 -455.
5 في "ط": "أحدها".
6 10/251- 252.

(8/405)


ثلاثا، وإن شاءت وقيل: أو هو سبعا، فعل، وقضى الكل. وفي الروضة: الفاضل للبقية، وقيل: الأمة نصف حرة.
وإن زفت إليه امرأتان كره وبدأ بالداخلة أولا، ويقرع للتساوي. وفي التبصرة: يبدأ بالسابقة في العقد وإلا أقرع، وإن سافر بمن قرعت دخل حق العقد في قسم السفر 1إن كان السفر يستغرقه1، فيقضيه للأخرى، في الأصح، بعد قدومه، وقيل: يقضيه لهما.
وإن طلق واحدة وقت قسمها أثم، ويقضيه متى نكحها، قال بعض أصحابنا: ويجوز بناء الرجل بامرأته في السفر، وركوبها معه على دابة بين الجيش، لفعله عليه الصلاة والسلام ذلك بصفية بنت حيي2.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 أخرجه البخاري "5159"، من حديث أنس.

(8/406)


فصل لها هبة قسمها بلا مال لضرة بإذنه، ولو أبت الموهوب لها، وذكر جماعة: وإذن سيد أمة، لأن ولدها له، أو له فيجعله لمن شاء منهن. وفي الترغيب: لو قالت: خص بها من شئت، الأشبه أن لا يملكه، لأنه يورث الغيظ، بخلاف تخصيصها1 واحدة، وقيل: له نقله ليلي ليلة الموهوبة، فلو وهبت رابعة ليلتها ثانية، فقيل: يطأ ثانية ثم أولى ثم ثانية ثم ثالثة، وقيل له وطء الأولى أولا، ثم يوالي للثانية2 ليلتها وليلة الرابعة "م 18" ويقسم لها من حين رجوعها ولو في بعض ليلة، ولا يقضيه إن
ـــــــ
مسألة – 18: قوله: "وقيل: له نقله ليلي ليلة الموهوبة، فلو وهبت رابعة ليلتها ثانية فقيل: يطأ ثانية ثم أولى ثم ثانية ثم ثالثة، وقيل: له وطء الأولى أولا، ثم يوالي للثانية ليلتها وليلة الرابعة" انتهى.
قلت: إن وهبت الرابعة الثانية ليلتها وكان قد وصل في الدور إلى الثالثة فإنه يبيت ويطأ بعد الثالثة الثانية ثم الأولى ثم الثانية ثم الثالثة كالقول الأول والذي يظهر:
ـــــــ
1 في "ر": "بعضها".
2 في الأصلك "الثانية".

(8/407)


علم بعد تتمتها، ولها بذل قسم ونفقة وغيرهما ليمسكها، والرجوع لتجدد الحق، وفي الهدي1: يلزم ولا مطالبة، لأنه معاوضة، كما صالح عليه من الحقوق والأموال، ولما فيه من العداوة، ومن علامة المنافق إذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر. كذا قال.
وإن قسم لثنتين من ثلاث، ثم تجدد حق رابعة، بأن رجعت في هبة، أو عن نشوز، أو بنكاح، وفاها حق عقده، ثم ربع الزمن المستقبل للرابعة، وبقيته للثالثة، فإذا كمل الحق ابتدأ التسوية.
ـــــــ
أن هذا بلا نزاع في المذهب، وإن كانت قد وهبت ليلتها بعد فراغها فتستحقها في المستقبل، فيدور على الأولى ثم الثانية، والصواب ثم الثالثة ثم ليلة الرابعة، وهو العدل، وقيل: يجوز نقل ليلة الرابعة ليلي ليلة الموهوبة فيبيت ليلة2 ثانية قبل المبيت عند الثالثة. قلت: وهذا ضعيف، لأن فيه نوع ظلم، والله أعلم.
ـــــــ
1 "زاد المعاد" "5/139 -140".
2 ليست في "ط".

(8/408)


ولو بات ليلة عند إحدى امرأتيه ثم نكح وفاها حق عقده ثم ليلة للمظلومة ثم نصف ليلة للثالثة ثم يبتدئ، واختار الشيخ لا يبيت1 نصفها بل ليلة، لأنه حرج، وفي الترغيب: لو أبان المظلومة ثم نكحها وقد نكح جديدات تعذر القضاء.
ولا قسم لإمائه مطلقا، فيفعل ما شاء، ولو أخذ من زمن زوجاته. وفي المحرر: لكن يسوي في حرمانهن. فإن نشزت بأن منعته حقه أو أجابته متبرمة وعظها ثم يهجرها في الكلام. وفي التبصرة والغنية والمحرر: والمضجع، ثلاثة أيام، وقد تقدم في كتاب الجنائز2 كلام أحمد بالهجر بالكلام فوق ثلاثة، وذكره جماعة هناك، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فلم يدخل عليهن شهرا، متفق عليه3.
وفي الواضح يهجرها في الفراش، فإن أضاف إليه الهجر في4
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "يثبت".
2 3/266.
3 البخاري "2468"، ومسلم "1479" "30"، من حديث ابن عباس.
4 في الأًصل: "من".

(8/409)


الكلام ودخوله وخروجه عليها جاز 1وكره، ثم يضربها غير شديد، عشرة فأقل، ذكره أصحابنا وهو حسبه2، قاله في الانتصار1، و1عنه: له ضربها أولا1، ولأحمد والبخاري ومسلم3 من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه -: "إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع" .
ولا يملك تعزيرها في حق الله - عز وجل -. ونقل مهنا هل يضربها على ترك زكاة ؟ قال: لا أدري. وفيه ضعف، لأنه نقل عنه: يضربها على فرائض الله - عز وجل -، قاله في الانتصار وذكر غيره: يملكه، ولا ينبغي سؤاله لم ضربها، قاله أحمد. وفي الترغيب وغيره: الأولى تركه إبقاء للمودة والأولى أن لا يتركه عن الصبي لإصلاحه، وفي الصحيحين4 عن عائشة رضي الله عنها: ما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط إلا أن يجاهد. ولمسلم5 عنها، في خروجه عليه الصلاة والسلام في الليل إلى البقيع وأخفاه منها: وخرجت في أثره فقام فأطال القيام ثم رفع يديه
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في الأًصل.
2 في "ر": "حسنة".
3 أحمد "9013"، والبخاري "5194"، مسلم "1436" "120".
4 مسلم "2328" "79"، ولم يخرجه البخاري، ينظر: "تحفة الأشراف" 12/138.
5 في صحيحه "974" "103".

(8/410)


ثلاث مرات قالت: ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت والإحضار العدو فسبقته فدخلت، فدخل فقال ما لك يا عائش حشيا رابية ؟ قلت: لا شيء، قال: "لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير" قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرته، فلهدني في صدري لهدة1 أوجعتني، ثم قال: "أظننت2 أن يحيف الله عليك ورسوله ؟" .
حشيا بفتح الحاء المهملة وإسكان الشين المعجمة مقصور، والحشا الربو والنهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره، ورابية أي مرتفعة البطن، ولهدني بفتح الهاء والدال المهملة، ويروى بالزاي، وهما متقاربان، يقال: لهده بتخفيف الهاء وتشديدها أي دفعه ويقال: لهزه أي ضربه بجميع كفه في صدره، ويقرب منهما لكزه ووكزه.
ويمنع منها من علم بمنعه حقها حتى يؤديه، ويحسن عشرتها، قال عليه السلام: "خيركم خيركم لنسائهم وأنا خيركم لأهلي" 3 وفي الصحيحين4 من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- :"استوصوا بالنساء
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية و"ط"، وأثبتناها من مصدر الحديث.
2 في النسخ الخطية و"ط": "ظننت"، وأثبتناها من مصدر الحديث.
3 أخرجه الترمذي "3895" بلفظ: "خيركم خيركم لأهله" الحديث.
4 البخاري "3331"، ومسلم "1468".

(8/411)


فإن المرأة خلقت من ضلع فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته استمتعت بها وفيها عوج فاستوصوا بالنساء" ولمسلم1: "وكسرها طلاقها" ولأحمد2 من حديث سمرة: "فدارها تعش بها".
ونقل عبد الله عن أبيه: سمعت القاضي أبا يوسف يقول: خمسة تجب على الناس مداراتهم: الملك المسلط، والقاضي المتأول، والمريض، والمرأة، والعالم ليقتبس من علمه. فاستحسنت ذلك. ونقل صالح: لا تغلوا في كل شيء حتى الحب والبغض، ونقل المروزي3: من لم يقر بقليل ما يأتي به السفيه أقر بالكثير. وقال ابن الجوزي: متى أمسك عن الجاهل عاد ما عنده من العقل موبخا له على قبح ما أتى به، وأقبل عليه الخلق لائمين له على سوء أدبه في حق من لا يجيبه، وما ندم حليم4 ولا ساكت. فإن شئت فاجعل سكوتك أجرا واحتقارا، أو سببا لمعاونة الناس لك ولئلا تقع في إثم. ونقل ابن منصور: حسن الخلق أن لا تغضب ولا تحتد ونقل أيضا: أن يحتمل من الناس ما يكون إليه. وقال ثعلب: العرب تقول: صبرك على أذى من تعرفه خير لك من استحداث من لا تعرفه. وكان شيخنا يقول هذا المعنى، وحدث رجل لأحمد ما قيل في العافية عشرة
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في صحيحه "1468" "59".
2 في مسنده "20093".
3 في "ط": "المرزوي".
4 في النسخ الخطية: "حكيم", والمثبت من "ط".

(8/412)


أجزاء، تسعة منها في التغافل، فقال أحمد: العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل.
وفي السنن1 من أوجه عنه صلى الله عليه وسلم قال: "لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" . ولأحمد2: حدثنا يزيد أنبأنا يحيى بن سعيد عن بشير عن يسار عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ذات زوج أنت؟" قالت: نعم، قال: "فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك" إسناده جيد. ولابن ماجه والترمذي3 وحسنه من حديث أم سلمة: "أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة" وذكر ابن عبد البر: قال عمر بن عبد العزيز: أحب الأشياء إلى الله عز وجل أربعة: القصد عند الحدة ولعله الجدة قال: والعفو عند القدرة، والحلم عند الغضب، والرفق بعباد الله في كل حال.
ولكل واحدة من هذه الأربعة فضائل مشهورة. قال ابن عبد البر: اجتمعت الحكماء على أربع كلمات وهي: لا تحملن على قلبك ما لا يطيق ولا تعمل عملا ليس لك فيه منفعة، ولا تثقن بامرأة، ولا تغتر بالمال وإن كثر.
فإن ادعى كل منهما جور صاحبه أسكنهما الحاكم قرب ثقة يشرف
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أبوداود "2140"، الترمذي "1159"، النسائي في "الكبرى" "9147"، ابن ماجه "1852".
2 في مسنده "19003".
3 ابن ماجه "1854"، الترمذي "1161".

(8/413)


عليهما، ويكشف عنهما1 كما يكشف عن عدالة وإفلاس من خبرة2 باطنة، قاله في الترغيب: ويلزمهما الحق، فإن تعذر وتشاقا بعث حكمين مكلفين مسلمين، عدلين. وفي المغني3 وغيره: ذكرين.
وفي الحرية والفقه وجهان "م 19 و 20" وفي الترغيب: لا يعتبر اجتهاد،
ـــــــ
مسألة - 19، 20: قوله في الحكمين: "وفي الحرية والفقه4 وجهان" انتهى، فيه مسألتان:
المسألة الأولى – 19: هل يشترط في الحكمين الحرية أم لا ؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه في المحرر والحاوي الصغير والزركشي:
أحدهما: يشترط فيهما الحرية، وهو الصحيح، اختاره القاضي، قال في الرعايتين: حرين، على الأصح، وصححه في النظم وتصحيح المحرر، وبه قطع في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع5 وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم، وقدمه ابن منجى في شرحه.
والوجه الثاني: لا تشترط الحرية فيهما، وهو ظاهر كلامه في الهداية والبلغة والوجيز وجماعة، فإنهم لم يذكروه في الشروط. وقال في المغني3: وقال القاضي: يشترط كونهما حرين، قال: والأولى إن كانا وكيلين لم تعتبر الحرية، وإن كانا حكمين اعتبرت، انتهى. وقدم هذا في الكافي6، ويأتي لفظه في المسألة التي بعدها.
ـــــــ
1 في "ر": "عليهما".
2 في "ط": "جيزة".
3 10/265.
4 في "ط": "النفقة".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/477.
6 4/403.

(8/414)


وإن مثله ما يفوضه الحاكم من معين جزئي كقسمة، ومن أهلهما أولى، يوكلهما الزوجان في فعل الأصلح من جمع وتفريق1 بعوض ودونه، ولا يصح منهما إبراء، وإن أبرأه وكيلها برئ في الخلع فقط، وإن شرطا ما لا ينافي نكاحا لزم ذلك2، وإلا فلا، كترك قسم أو نفقة، ولمن رضي العود، ولا يجبران على التوكيل، وعنه: بلى بعوض وغيره، فإن أبيا جعله الحاكم للحكمين، اختاره ابن هبيرة وشيخنا، وهو ظاهر كلام الخرقي ولا
ـــــــ
المسألة الثانية -20: هل يشترط كونهما فقيهين أم لا ؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يشترط، وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع3 والمحرر والوجيز والحاوي الصغير وغيرهم، لعدم ذكره في الشروط وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: يشترط، قال الزركشي: يشترط أن يكونا عالمين بالجمع والتفريق، انتهى.
قلت: أما اشتراط هذا فينبغي أن يكون عن غير نزاع في المذهب، وقد 4جزم به ابن منجى في شرحه وغيره4. وقال في الكافي5: ومتى كانا حاكمين اشترط كونهما فقيهين، وإن كانا وكيلين جاز أن يكونا عاميين، انتهى. وهذا الثاني ضعيف.
فهذه عشرون مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "وفرقة"، والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/477.
4 في "ص": "المصنف في المغني والشارح، وابن رزين وابن منجا في "شرحيهما" وغيرهم، وهذا المذهب".
5 4/403.

(8/415)


ينقطع نظرهما بغيبة الزوجين أو أحدهما على الأولى، وقيل: والثانية وينقطع بجنونهما أو أحدهما، على الأولى فقط، لأن الحاكم يحكم على المجنون. وفي المغني1: والثانية، لأنه لا يتحقق معه بقاء الشقاق وحضور التداعيين، وهو شرط، والله أعلم.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 10/266.

(8/416)


باب الخلع
مدخل
...
باب الخلع
يباح لسوء عشرة بين الزوجين، وتستحب الإجابة إليه، واختلف كلام شيخنا في وجوبه وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء، فقال أبو طالب: إذا كرهته حل أن يأخذ منها ما أعطاها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتردين عليه حديقته؟" 1 قال عليه السلام في المختلعات: "هن المنافقات" 2. وقال عمر: احبسها ولو في بيت الزبل3.
والمذهب: يكره ويصح وحالهما مستقيمة، وعنه: يحرم ولا يصح. واعتبر شيخنا خوف قادر على القيام بالواجب {أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}.
فلا يجوز انفرادهما به4، لقراءة حمزة {إلا أن يُخَافَا} [البقرة: 229] بالضم، ولا يصح "هـ" مع منعه حقها وظلمه لتختلع منه، فيقع رجعيا إن قيل هو طلاق، وقيل: بائنا إن صح الخلع4 بلا عوض، ولو لم يقصد بظلمه لتختلع لم يحرم "و هـ ش" ولنا نزاع، قاله شيخنا، وله قصده مع زانية، نص عليه "م ق".
ويصح ممن يصح طلاقه وأن يتوكل فيه وبذله لعوضه ممن يصح تبرعه
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "5273"، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
2 أخرجه الترمذي "1186"، من حديث ثوبان رضي الله عنه. والنسائي في "المجتبى" 6/168 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
3 أخرجه بنحوه ابن أبي شيبة في "المصنف" 5/124، والبيهقي في "السنن" 7/315.
4 ليست في "ر".

(8/417)


من زوجة، والأصح: وعيرها إن سمى عوضه منه أو منها وضمنه، كبذل أجنبي عوضا في افتداء أسير، لا كإقالة، وكذا خلعها بماله، ونص فيمن قال: طلق1 بنتي وأنت بريء من مهرها، ففعل بانت ولم يبرأ، ويرجع على الأب، وحمله القاضي وغيره على جهل الزوج وإلا خلع بلا عوض، ولو كان قوله: طلقتها إن برئت منه لم تطلق.
ولا يبطل الإبراء بدعواها السفه1. قال شيخنا: ولو مع بينة أنها سفيهة وليست تحت الحجر، ويتوجه: بلى مع بينة. وقال: ولو أبرأته وولدت عنده ومالها بيده يتصرف فيه لم يصدق أبوها2 أنها كانت سفيهة تحت حجره بلا بينة، وإن خالعته مميزة وسفيهة أذن وليهما أو لا، لأنه ليس له الإذن في تبرع3، وجعل طلاقا وقع رجعيا، في الأصح فيهما. وخلع وليها بمالها كأجنبي، وقيل: يصح لأب، وهو رواية في المبهج، نقل أبو الصقر فيمن زوج ابنه1 صغيرا بصغيرة وندم أبواهما هل ترى في
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ر" و"ط": "أبواها".
3 في "ر": "تبرع".

(8/418)


فسخهما وطلاقهما عليهما شيء ؟ قال: فيه اختلاف وأرجو. ولم ير به بأسا، قال أبو بكر: له قولان، والعمل عندي على جواز ذلك منهما عليهما.
وخلع الأمة1 كاستدانتها يصح2 بإذن سيد وقيل: ودونها. جزم به في الترغيب، فعنه: يتعلق برقبتها3، واختار الخرقي يتبع به بعد عتقها4 "م 1" كفوق مهرها بإذن مطلق، وكذا مكاتبة.
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "وخلع الأمة كاستدانتها، يصح بإذن سيد، وقيل: وبدونها، جزم به في الترغيب، فعنه: يتعلق برقبتها، واختار الخرقي تتبع به بعد عتقها" انتهى.
ما اختاره الخرقي هو الصحيح، قطع به الشيخ في المقنع5، وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية التي ذكرها المصنف لم أطلع على من اختارها، وهذه المسألة شبيهة باستدانة الرقيق بغير إذن سيده، بل هي من جملة ذلك إذا وقع على شيء في الذمة، وقد قدم المصنف في آخر الحجر أن دينه بغير إذن سيده يتعلق برقبته، وقال: نقله الجماعة، واختار في الرعاية الكبرى أنها تتبع بمهر المثل. وقال في المغني6 والشرح5: إن وقع على شيء في الذمة تعلق بذمتها، وإن وقع على 7عين فيقياس7 المذهب أنه لا شيء له
ـــــــ
1 بعدها في "ر": "كأب باستيدانهما".
2 ليست في "ط".
3 في "ر": "برقبتهما".
4 في "ر": "رقها".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/24-25.
6 10/305.
7 في "ط": "غير مقياس".

(8/419)


ومن صح خلعه قبض عوضه، عند القاضي، وقاله1 أحمد في العبد: كمكاتب، وقيل: يقبضه ولي وسيد "م 2".
وصريحه لفظ الخلع والمفاداة، وكذا الفسخ، وقيل: كناية. وفي الواضح وجه: لا.
ـــــــ
إذا علم أنها أمة فقد علم أنها لا تملك العين، فيكون راضيا بغير عوض، قال الزركشي: فيلزم من هذا التعليل بطلان الخلع، على المشهور، لوقوعه بغير عوض، انتهى. وهو واضح.
تنبيه: قوله: "وقيل ودونها" الذي يظهر أن الصواب "وقيل ودونه" بضمير مذكر وأنه عائد إلى الإذن، وهو كذلك.
مسألة -2: قوله: "ومن صح خلعه قبض عوضه، عند القاضي. وقاله2 أحمد في العبد كمكاتب، وقيل: يقبضه ولي وسيد" انتهى.
قول القاضي قطع به في المنور، وقدمه في المحرر وتجريد العناية.
والقول الثاني: هو الصحيح، اختاره الشيخ والشارح، قال أبو المعالي في النهاية: هذا أصح، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وبه قطع في البلغة والهادي وغيرهما، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب
ـــــــ
1 في "ط": "قال".
2 في النسخ: "وقال"، والمثبت من "الفروع".

(8/420)


وكنايته نحو الإبانة والتبرئة. وفي الروضة: صريحه الخلع أو الفسخ أو الفداء أو بارأتك1، وهو بصريح طلاق أو نيته طلاق بائن، 2وعنه: مطلقا2، وقيل عكسه، قال شيخنا. وعليه دل كلام أحمد وقدماء أصحابه، ومراده ما قال عبد الله: رأيت أبي كان يذهب إلى قول ابن عباس، وابن عباس صح عنه: ما3 أجازه4 المال فليس بطلاق5، وصح عنه: الخلع تفريق وليس بطلاق6، وعنه بصريح خلع7 فسخ لا ينقص عددا، وعنه عكسه بنية طلاق، ولا يقع بمعتدة من خلع طلاق، ولو واجهها به. وفي الترغيب: إلا إن قلنا: هو طلقة، ويكون بلا عوض. ولا يصح شرط الرجعة فيه8، كشرط خيار، وقيل: يلزمه قدر
ـــــــ
والخلاصة والكافي9 والمقنع10 وشرح ابن منجى والرعايتين والحاوي وغيرهم، وهو الصواب، وموافق لقواعد المذهب، لكونهما محجورا عليهما.
ـــــــ
1 في ":ر": "أباريك".
2 ليست في "ر".
3 ليست في "ر".
4 في "ر": "أحازه".
5 أخرجه عبد الرزاق في "مصنف" "11770".
6 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/112، وبمعناه عبد الرزاق في "مصنفه" "11767"، وسعيد بن منصور في "سننه" 1/340، والبيهقي في "السنن" 7/316.
7 ليست في "ر".
8 في "ر": "الرجعية".
9 4/407، 408.
10 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/15-16.

(8/421)


مهرها1 وقيل: يصح فيقع رجعيا بلا عوض.
وإن خالع بلا عوض ..............................................
ـــــــ
تنبيه: قوله: "ولا يصح شرط الرجعة فيه، فقيل: يلزمه قدر مهرها". انتهى.
صوابه: "وقيل يلزمها"، بتأنيث الضمير ; لأن المذهب يلزمها المسمى.
والقول الثاني: يلغو المسمى ويلزمها مهر المثل، ويحتمل أن يعود الضمير إلى الشخص السائل، فيعم كل سائل من المرأة والأجنبي.
ـــــــ
1 في "ر": "حالها".

(8/422)


أو بمحرم يعلمانه لم يصح، فيقع رجعيا بنية طلاق، وعنه: يصح ولا يلزمه شيء، وجعله شيخنا كعقد البيع حتى في1 الإقالة، وأنه لا يجوز إذا
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "إن".

(8/423)


كان فسخا بلا عوض "ع" واختلف فيه كلامه في الانتصار، وظاهر كلام جماعة جوازه. وإن تخالع كافران بمحرم يعلمانه ثم1 أسلما أو أحدهما قبل قبضه لغا، وقيل: له قيمته، وقيل: مهر مثلها.
ويكره بأكثر مما أعطاها، 2نص عليها2، وعنه: يحرم ويرد الزيادة، اختاره أبو بكر.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "إن".
2 ليست في "ر".

(8/424)


فصل وإن جعلا عوضه ما لا يصح مهرا لجهالة أو غرر 3
فقال4 أبو بكر: لا يصح، وإنه قياس قول أحمد، وكذا جزم به أبو محمد الجوزي أنه كالمهر، والمذهب يصح، فيجب في ظاهر نصه المسمى، ففي حمل شجرة أو أمة أو ما في بطنها أو ما في يدها من دراهم أو ما في بيتها من متاع ونحوه ما يحصل منه، فإن لم يحصل شيء وجب فيه وفيما يجهل
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
3 في "ر": "عذر".
4 في "ر": "وقال".

(8/424)


مطلقا، 1كثوب وعبد مطلق ما تناوله الاسم، وقيل: يجب فيما يجهل1 مطلقا مهرها، وفيما قد يتبين المسمى، فإن تبين عدمه فمهرها، والأصح: وإن لم تغره كحمل أمة، وعند أبي الخطاب: يصح في الكل بمهرها، وعلى رواية صحته بلا عوض يجب المسمى، كما تقدم، إلا أنه لا يلزمها شيء، لما بان عدمه، وهل يقع بائنا؟ ينبني على صحته بلا عوض، قاله الحلواني، إلا الغارة كمسألة الدراهم والمتاع، فيجب ثلاثة دراهم، وما يسمى متاعا، ذكر ابن عقيل في الغارة2: لا يلزمها شيء، وإن قلنا في عبد مطلق: له الوسط في المهر، فله هنا. وإن قال: إن أعطيتني عبدا فأنت طالق بانت بمسمى عبد يصح تمليكه، نص عليه. وقال القاضي: إن أعطته معيبا أو دون الوسط فله رده وأخذ بدله، وإن بان مغصوبا لم تطلق، كتعليقه3 على هروي فأعطته مرويا، ولو كان قال: إن أعطيتني هذا العبد أو الثوب الهروي بانت ولو بان معيبا أو مرويا، وقيل: له الرد وأخذ القيمة بالصفة سليما. وفي الترغيب: في رجوعه بأرشه وجهان. وأنه لو بان مستحق الدم فقتل فأرش عيبه، وقيل: قيمته، وأنه إن بان الموصوف معيبا طالبها بسليم، وإن بان مغصوبا أو حرا لم تطلق.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ر": "العادة".
3 في "ر": "لتعلقه".

(8/425)


وعنه: بلى، وله قيمته، جزم به في الروضة وغيرها فقال: لو خالعته على عبد فبان حرا أو مغصوبا أو بعضه، صح ورجع بقيمته أو قيمة ما خرج، وقيل: وكذا إن أعطيتني عبدا. وفي الترغيب: وإن قال هذا المغصوب فوجهان، ثم إن وقع فرجعي، وقيل: بائن، وعليها قيمته، وإن علقه على خمر أو الخمر فأعطته فرجعي.
ـــــــ
......................................
ـــــــ

(8/426)


فصل وإن خالع برضاع ولده مدة معينة صح، فإن ماتت أو مات الولد رجع،
قيل: ببقية حقه1، وهل يستحقه دفعة أو يوما بيوم فيه وجهان وقيل: بأجرة المثل "م 3 و 4"، وإن أطلق فحولان أو بقيتهما.
ـــــــ
مسألة: 3 – 4: قوله: "وإن خالع برضاع ولده مدة معينة صح، فإن ماتت أو مات الولد رجع، قيل: رجع ببقية حقه، وهل يستحقه دفعة أو يوما بيوم؟ فيه وجهان، وقيل بأجرة المثل" انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى – 3: إذا خالع برضاع ولده مدة معينة ثم ماتت أو مات الولد فهل يرجع ببقية حقه أو بأجرة المثل؟ أطلق الخلاف.
أحدهما: يرجع ببقية حقه، وهو الصحيح، وبه قطع في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع2 والهادي والمحرر والنظم وتذكرة ابن عبدوس والحاوي الصغير وغيرهم، وقدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: يرجع بأجرة المثل لما بقي، جزم به في المغني3 والشرح4 5 والكافي6.
ـــــــ
1 في "ط": "حقهن".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/52.
3 10/285.
4 ليست في "ص".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/54.
6 4/422.

(8/427)


وكذا بنفقته، وفي اعتبار قدرها وصفتها وجهان "م 5" ويصح بنفقتها،
ـــــــ
المسألة الثانية – 4: إذا قلنا: يرجع ببقية حقه فهل يستحقه دفعة واحدة أم يوما بيوم؟ أطلق الخلاف.
أحدهما: يرجع يوما بيوم، وهو الصحيح، اختاره القاضي في المجرد، قال الشيخ الموفق والشارح: هذا الصحيح. قلت: وهو أقرب إلى العدل.
والوجه الثاني: يستحقه دفعة واحدة، قاله القاضي في الجامع.
مسألة – 5: قوله: "وكذا بنفقته، وفي اعتبار قدرها وصفتها وجهان" انتهى. وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير، قال في الرعاية الكبرى: فإن صح الإطلاق فله نفقة مثله:
1 أحدهما: لا يعتبر قدرها وصفتها1 وقطع به في المغني2 والشرح3، وهذا الصحيح، ويرجع في ذلك إلى العرف والعادة، قال أبو بكر في الخلاف والقاضي في الجامع الكبير: لا يعتبر قدرها وصفتها، انتهى.
والوجه الثاني: يعتبر ذلك، وهو ضعيف حيث كان ثم عادة.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية.
2 10/285-286.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/55.

(8/428)


في المنصوص، وقيل: إن وجبت بالعقد، وفيه روايتان، وجزم به في الفصول وإلا فخلع بمعدوم.
وإن خالع حاملا فأبرأته من نفقة حملها صح، فلا نفقة لها ولا له حتى تفطمه، نقل المروذي: إذا أبرأته من مهرها، أو1 نفقتها ولها ولد
ـــــــ
تنبيهات:
الأول: قوله: "ويصح بنفقتها، في المنصوص، وقيل: إن وجبت بالعقد، وفيه روايتان، وجزم به الفصول" انتهى.
مراده، والله أعلم، مجرد حكاية روايتين، لا أنه أطلقهما، لأنه قد قدم في كتاب
ـــــــ
1 في "ط": "أو".

(8/429)


فلها النفقة عليه1 إذا فطمته، لأنها قد أبرأته مما يجب لها من النفقة، فإذا فطمته فلها طلبه بنفقته، وكذا السكنى.
وتعتبر الصيغة منهما، فيقول: خلعتك أو فسخت أو فاديت على كذا، فتقول: قبلت أو رضيت، وقيل: وتذكره، فإن قالت: اخلعني
ـــــــ
النفقات أنه لا تلزمه النفقة إلا إذا تسلم من يلزمه تسلمها أو بذلت هي أو ولي فقال: "ومتى تسلم من يلزمه تسلمها أو بذلت هي أو ولي فلها النفقة، وعنه: تلزمه بالعقد مع عدم منع من يلزمه تسلمها لو بذلته" انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ر".

(8/430)


بألف، أو على ألف، أو ولك ألف، أو طلقني كذلك، أو إن طلقتني فلك علي ألف، فقال على الفور وقيل: أو التراخي، جزم به في المنتخب. وفي المحرر: في المجلس، وقاله في الترغيب، في إن طلقتني فلك ألف خالعتك أو طلقتك، 1وقيل1: وذكر الألف، طلقت واستحقه من غالب نقد البلد، وعنه: إن قالت: اخلعني بألف، فأخذه وسكت، بانت، ولها الرجوع قبل إجابتها، وقيل: يثبت خيار المجلس، فيمتنع من قبض العوض ليقع رجعيا. وفي الترغيب: في: خلعتك، أو اخلعني، ونحوهما، على كذا، يعتبر القبول في المجلس، إن قلنا فسخ بعوض، وإن قلنا: هو فسخ منه مجرد فكالإبراء والإسقاط لا يعتبر قبول ولا عوض، فتبين لقوله فسخت أو خلعت.
ـــــــ
الثاني2: قوله: "ولا يصح تعليقه بقوله إن بذلت لي كذا فقد خلعتك" انتهى. قطع هنا بأنه لا يصح تعليق الخلع على شرط، وقال في باب الشروط في البيع: ويصح تعليق الفسخ بشرط، ذكره في التعليق والمبهج، وذكر أبو الخطاب والشيخ: لا، قال صاحب الرعاية فيما إذا أجره كل شهر بدرهم: إذا مضى شهر فقد فسختها، إنه يصح، كتعليق الخلع، وهو فسخ، على الأصح، انتهى.
فقدم هنا أنه يصح، وذكر كلام صاحب الرعاية وأقره عليه، قال ابن نصر الله: والأظهر أنه لا يصح، لأن الخلع عقد معاوضة يتوقف على رضا المتعاقدين، فلم يصح تعليقه بشرط، كالبيع، انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 سيرد متنه في الصفحة اللاحقة.

(8/431)


ولا يصح بلفظ الفداء، ولا يصح تعليقه1 بقوله: إن بذلت لي كذا2، فقد خلعتك. قال شيخنا وقولها: إن طلقتني فلك كذا أو أنت بريء منه، كإن طلقتني فلك علي ألف، وأولى وليس فيه النزاع في تعليق البراءة بشرط، أما لو التزم دينا لا على وجه المعاوضة، كإن تزوجت فلك في ذمتي ألف، أو جعلت لك في ذمتي ألفا، لم يلزمه، عند الجمهور. وإن قالت: طلقني بألف إلى شهر فطلقها قبله، فلا شيء له.
نص عليه، وإن قالت: من الآن إلى شهر3، فطلقها قبله استحقه، وذكر القاضي مهر مثلها، وإن قالت: طلقني به، فقال: خلعتك، فإن كان طلاقا استحقه، وإلا لم يصح، وقيل: خلع بلا عوض. وفي الروضة: يصح وله العوض، لأن القصد أن تملك نفسها بالطلقة، وحصل بالخلع.
ـــــــ
الثالث: قوله: "ويصح بنفقتها"4 أطلق النفقة، فظاهره سواء كانت واجبة أم لا. وقال القاضي في الجامع: وصرح أنه يصح الخلع على نفقة الحائل5 التي تحيض، والآيسة6. قال الشيخ تقي الدين: وهو الصواب، وله مأخذان، وذكرهما 7وأطال7، وحمل شيخنا كلام المصنف على أنها حامل، وصرح به الشيخ الموفق والمجد وغيرهما من الأصحاب.
ـــــــ
1 في "ر": "بتعليقه".
2 ليست في "ط".
3 ليست في "ر".
4 في الصفحة 428.
5 في "ط": "الحامل".
6 ليست في "ط".
7 ليست في "ص".

(8/432)


وعكس المسألة يستحق إن كان طلاقا، وإلا فوجهان "م 6".
فإن لم يستحق ففي وقوعه رجعيا احتمالان "م 7". وإن قالت: طلقني واحدة بألف، أو على ألف، أو ولك ألف، فطلقها ثلاثا قال في الروضة: أو اثنتين استحقه، وقيل: إن قال ثلاثا بالألف فثلاثة1.
وإن قال: أنت طالق وطالق وطالق، بانت بالأولة، وقيل: بالكل وإن
ـــــــ
مسألة – 6: قوله: "وعكس المسألة يستحق إن كان طلاقا وإلا فوجهان" انتهى. يعني لو قالت اخلعني بألف فقال: طلقتك استحقها إن قلنا: الخلع طلاق، وإن قلنا: هو غير طلاق هل يستحقها ؟ فيه وجهان انتهى، وهما احتمالان مطلقان في المغني2 والشرح3:
أحدهما: لا يستحق شيئا، وهو الصواب، لأن فيه غرضا صحيحا، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: يستحقها.
مسألة – 7: قوله: "فإن لم يستحق ففي وقوعه رجعيا احتمالان" انتهى. وأطلقهما في المغني2 والشرح3.
أحدهما: يقع رجعيا وهو الصواب، لأنه طلاق وقع من غير عوض.
والقول الثاني: لا يقع شيئا ألبتة.
تنبيه: قوله: "وإن قالت: طلقني واحدة بألف ونحوه، فقال: أنت طالق وطالق وطالق بانت بالأولى، وقيل بالكل". انتهى
ـــــــ
1 في "ط": "فثلاثة".
2 10/300-301.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/80.

(8/433)


ذكره عقب الثانية بانت بها والأولى رجعية ولغت الثالثة، وإن قالت ثلاثا بألف لم يستحق إلا بها، ولو وصف طلقة ببينونة وقلنا به لعدم التحريم التام وإن لم يصفها فواحدة رجعية، وقيل: بائن بثلاثة، وهو رواية في التبصرة، وإن كانت معه بواحدة استحقه، وقيل: ثلثة1 إن جهلت.
ـــــــ
قدم أنها تبين بالأولى، وهو قول القاضي في المجرد وغيره، وليس ماشيا على قواعد المذهب من أن الواو لمطلق الجمع، حتى قال بعضهم: إنه سهو، والصحيح هنا أنها تطلق ثلاثا، ولا فرق بين قوله: طالق وطالق وطالق، وبين قوله: ثلاثا، نبه على معنى ذلك في القواعد الأصولية. 2وهو واضح2.
ـــــــ
1 في "ر" و"ط"ك "ثلاثة".
2 ليست في "ح".

(8/434)


وإن قال ابتداء: أنت طالق بألف أو على ألف، أو وعليك ألف، فقبلته في المجلس وأجراه1 في المغني2 كإن أعطيتني بانت واستحقه، وله الرجوع قبل قبولها، وإن لم تقبل ..............................
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "أجزاه".
2 10/301-303 وفيه عدم إطلاق الخلاف في الثانية.

(8/435)


فنصه1: يقع رجعيا، وقيل: يقع في الأولى، وقيل: والثانية "م 8" وخرج من نظيرتهن في العتق عدمه2 فيهن، ولا ينقلب بائنا ببذلها في المجلس، وقيل: بلى في الأولتين، قال شيخنا مع أن " على " للشرط اتفاقا. وفي المغني3: ليست له ولا لمعاوضة، لعدم صحة بعتك ثوبي على دينار.
ـــــــ
مسألة – 8: قوله: "وإن قال ابتداء: أنت طالق بألف، أو علي ألف، أو وعليك ألف... ولم تقبل، فنصه: يقع رجعيا، وقيل: يقع في الأولى، وقيل: والثانية" انتهى. ظاهره إطلاق الخلاف، وظاهر كلامه في المغني4 والشرح5 إطلاق الخلاف في الثانية:
أحدها: يقع رجعيا في المسائل الثلاث، وهو الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه الأكثر، وقطع به جمهور الأصحاب في الثالثة6، وقطع به في المسائل الثلاث في الوجيز ومنور الآدمي ومنتخبه وتجريد العناية وغيرهم، وقطع به في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة في المسألة الأولى، وقال: نص عليه، وقاله الأصحاب، انتهى.
ـــــــ
1 في "ر": "قبضه".
2 في "ر": "عدمهن".
3 10/303-304.
4 10/301-303 وفيه عدم إطلاق الخلاف في الثانية.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/96-97.
6 في "ح": "الثانية".

(8/436)


......................................
ـــــــ
قال ابن منجى في شرحه عن الأولى والثانية: هذا المذهب، وقدمه فيهما في المقنع1 والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم، وقيل: لا يقع في الجميع حتى تقبل، حكاه في الرعايتين، ولم أره في غيرهما. والظاهر أنه التخريج الذي خرجه المصنف وغيره. وقال القاضي في موضع: تطلق، إلا في الصورة الأولى فلا تطلق فيها حتى تقبل، وهي قوله " بألف " واختاره الشارح. وقال ابن عقيل: لا تطلق إلا في الأخيرة، فلا تطلق في الأولى والثانية، وهو قوله " بألف، وعلى ألف " حتى تقبل، وهو احتمال في المقنع1.
ونقل الشيخ في المغني2 ومن تابعه أن القاضي في المجرد قال: لا تطلق في قوله " على ألف " حتى تقبل، انتهى. هذا نقل الأصحاب في المسألة على التحرير.
تنبيه: ظهر مما تقدم أن نقل المصنف القولين الأخيرين غير موافق لما نقل عن الأصحاب من الخلاف، لأنه في القول الثاني أوقع الطلاق في المسألة الأولى رجعيا، وهو قوله " بألف "، ولم يوقع في الثانية والثالثة، وهو قوله " على ألف " أو " وعليك ألف " حتى تقبل، وأوقعه في القول الثالث في المسألة الأولى والثانية رجعيا، ولم يوقعه في الثالثة حتى تقبل، وهو مخالف للمنقول عن الأصحاب، والصواب أن في كلامه نقصا، وهو لفظة " لا " بعد القول، وبه يستقيم الكلام، فتقديره " وقيل: لا يقع في الأولى، وقيل: والثانية " فلفظة " لا " سقطت من الكاتب، فعلى هذا التقدير يكون موافقا لما قاله القاضي الذي نقله عنه في الحاوي، واختاره الشارح، أعني القول الثاني، وموافقا لما قاله ابن عقيل، أعني القول الثالث، ولم يذكر المصنف ما نقله الشيخ عن القاضي في المجرد، والمصنف تابع الشيخ في المحرر، فإنه وجد نسخة قرئت على المصنف وعليها خطه. وقال القاضي في موضع: لا تطلق إلا في الصورة الأولى، فعلى
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/96-98.
2 10/303-304.

(8/437)


وإن قالت له امرأتاه: طلقنا بألف، فطلق واحدة، بانت بقسطها، وإن قالته إحداهما فقيل كذلك، وقيل: رجعي "م 9" وإن قالت: طلقني به على أن لا تطلق ضرتي، أو أن تطلقها، صح شرطه1 2 وعوضه2، فإن
ـــــــ
هذه النسخة تطلق في قوله " بألف " رجعيا، ولا تطلق في الثانية والثالثة، وهما قوله " على ألف " أو " وعليك ألف " وهو مشكل، إذ لم ينقله أحد عن القاضي ولا غيره في قوله " وعليك ألف "، فلذلك3 لما قرئ هذا المكان على الشيخ تقي الدين بن تيمية كشط لفظة " لا " فبقي. وقال القاضي: تطلق إلا في الصورة الأولى، وهو موافق لما نقله في الحاوي عنه، واختاره الشارح، ولو اعتذر عن المصنف بأنه تابع الشيخ في المحرر قلنا: لم يتابعه في القول الأخير، وهو اختيار ابن عقيل، فحصل بذلك الخلل، وعلى ما قدرنا يزول الإشكال ويوافق كلام الأصحاب، والله أعلم.
وفي الرعاية الصغرى تخبيط في هذا المكان، رأيت بعض الأصحاب نبه عليه وهو غير ما وقع للمصنف ولصاحب المحرر.
مسألة – 9: قوله: "وإن قالت امرأتاه: طلقنا بألف فطلق واحدة بانت بقسطها، وإن قالته إحداهما فقيل كذلك، وقيل: رجعي" انتهى:
أحدهما: هو رجعي لا شيء له4، لعدم وجود الشرط، وهو الصحيح، صححه في المحرر، وقدمه في الكافي5، قال في المغني6: قياس قول أصحابنا لا يلزم الباذلة هنا شيء، انتهى.
ـــــــ
1 في "ط": "شريطه".
2 ليست في "ر".
3 في "ط": "فكذلك".
4 في النسخ الخطية: "عليه".
5 4/416.
6 10/310.

(8/438)


لم يف استحق في الأصح الأقل1 منه أو المسمى.
ـــــــ
والوجه الثاني: هي كالتي قبلها، قال القاضي: هي كالتي قبلها، واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه: قوله: "فإن لم يف استحق في الأصح الأقل منه أو المسمى". قال ابن نصر الله: صوابه " منه ومن المسمى " وإنما استحق ذلك لكونه لم يطلق إلا بعوض، فإذا لم يسلم له رجع إلى ما رضي بكونه، 6عوضاً وهو المسمى إن كان أقل من الألف6 وإلا 7فله الألف7؛ لأنه رضي به عوضا عنها وعن شيء آخر، فإذا جعل كله عنها كان أحظ له.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ط": "في".
6 ليست في "ط".
7 ليست في "ح".

(8/439)


فصل إذا قال: متى، أو إذا، أو إن أعطيتني، أو أقبضتني ألفا، فأنت طالق، لزم من جهته،
خلافا لشيخنا، كالكتابة عنده، ووافق على شرط محض، كإن قدم زيد، وقال2:في التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء: إن كان معاوضة فهو معاوضة، ثم إن كانت لازمة فلازم وإلا فلا3، فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكتابة4 وقول من قال: التعليق لازم دعوى مجردة.
وتبين بعطيته ذلك فأكثر، وإذنه بإحضاره وإذنها في قبضه وملكه وإن تراخى، والمراد تعطيه بحيث يمكنه قبضه5، كما في المنتخب
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
2 في "ط": "في".
3 ليست في "ر".
4 في "ر"، و"ط": "الكناية".
5 بعدها في "ر": "فيه".

(8/439)


والمغني1 وغيرهما. وفي الترغيب وجهان في إن أقبضتني فأحضرته ولم يقبضه، فلو قبضه فهل يملكه فيقع بائنا، أم لا فيقع2 رجعيا ؟ فيه احتمالان "م 10" وقيل: يكفي عدد ينفق3 برأسه4 بلا وزن، لحصول المقصد فلا تكفي وازنة ناقصة عددا كذلك، والسبيكة لا تسمى دراهم. وإن قال لرشيدتين: أنتما طالقتان بألف، فقبلته إحداهما، طلقت في الأصح بقسطها.
ـــــــ
مسألة – 10: قوله: "فلو قبضه فهل يملكه فيقع بائنا أم لا فيقع رجعيا؟ فيه. احتمالان" انتهى.
يعني إذا قال لها: متى أو إذا أو إن أعطيتني أو أقبضتني ألفا فأنت طالق لزم من جهته... فلو قبضه فهل يملكه فيقع بائنا أم لا يملكه فيقع رجعيا ؟ أطلق الخلاف فيه، مع أنه يحتمل أن يكون من تتمة كلام صاحب الترغيب، وهو أولى، لقوله قبل ذلك: وتبين بعطيته ذلك فأكثر، وعلى تقدير أن يكون أطلق الخلاف فيه نذكر الصحيح منهما:
أحدهما: يكون بائنا، وهو الصحيح، قال في الرعاية الكبرى في هذه المسألة: فإذا أحضرته في المجلس أو غيره وأذنت في قبضه على فور أو تراخ بانت منه بطلقة وملكه وإن لم يقبضه، وكذا قال في الصغرى، ولم يقل " وملكه " وكذا قال في الحاوي ولم يقل "ملكه وإن لم يقبضه"، وهو مراد، والله أعلم.
ـــــــ
1 10/292.
2 في النسخ الخطية: "يتفق".
3 ليست في "ط".
4 ليست في "ر".

(8/440)


وإن قاله لرشيدة ومميزة، وزاد: إن شئتما، فقالتا: قد شئنا، طلقت الرشيدة بقسطها منه، عند أبي بكر، وعند ابن حامد يقسط بقدر مهريهما1، وذكره الشيخ ظاهر المذهب "م 11" والمميزة تطلق رجعية كسفيهة، وعنه: لا مشيئة لمميزة، كدونها. فلا طلاق2 إن خالعته في مرض موتها بزائد على إرثه، وقيل: وعلى مهرها، فللورثة منعه. وإن طلقها في مرضه ثم أوصى أو أقر لها بشيء أخذته إن كان دون إرثها، وإن حاباها في الخلع فمن رأس المال.
وإن خالع وكيله مطلقا بمهرها أو بما قدر له فأكثر أو وكيلها مطلقا بمهرها أو بما قدرته له فأقل صح، وإن زاد وكيلها أو نقص وكيله
ـــــــ
والقول الثاني: لا يقع بائنا بل رجعيا، وهو ضعيف.
مسألة – 11: قوله: "وإن قال لمكلفة ومميزة: أنتما طالقتان بألف إن شئتما فقالتا قد شئنا طلقت الرشيدة بقسطها منه عند أبي بكر، وعند ابن حامد يقسط3 بقدر مهريهما، وذكره الشيخ ظاهر المذهب" انتهى. وأطلقهما في الهداية والمستوعب:
قول أبي بكر هو الصحيح، اختاره ابن عبدوس في تذكرته، وبه قطع في المقنع والمحرر والوجيز وشرح ابن رزين والمنور وغيرهم، وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقول ابن حامد ذكر الشيخ وتبعه الشارح أنه ظاهر المذهب.
ـــــــ
1 في "ط": "مهرهما".
2 ليست في "ط".
3 في "ط": "يقسم".

(8/441)


فقيل: لا يصح، وقيل: في المقدر، وقيل: لا يصح من وكيله، وقيل: يصح ويضمن الوكيل النقص والزيادة، وقيل: يجب مهر مثلها، وعند القاضي: لا يضمن وكيلها1، لأنه يقبل العقد لها لا مطلقا ولا لنفسه بخلاف الشراء "م 12 - 15".
وخلع وكيله بلا مال لغو، وقيل: يصح إن صح2 بلا عوض، وإلا رجعيا، ويصح من وكيلها.
ـــــــ
مسألة -12 15: قوله: "وإن خالع وكيله مطلقا بمهرها أو بما قدر له فأكثر أو وكيلها مطلقا بمهرها أو بما قدرته له فأقل صح، وإن زاد وكيلها أو نقص وكيله فقيل: لا يصح، وقيل: في المقدر، وقيل: لا يصح من وكيله: وقيل: يصح ويضمن الوكيل النقص والزيادة، وقيل: يجب مهر مثلها: وعند القاضي: لا يضمن وكيلها، لأنه3 يقبل العقد لها لا مطلقا ولا لنفسه، بخلاف الشراء" انتهى.
ذكر مسائل:
المسألة الأولى – 12: ولو وكل الزوج في خلع امرأته مطلقا، فخالع بمهرها فأزيد، صح، وإن نقص صح ورجع على الوكيل، على الصحيح، اختارها ابن عبدوس في تذكرته، وصححه في الرعايتين وتجريد العناية، وقطع به في الوجيز وغيره، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع4 والحاوي وغيرهم، ويحتمل أن يخير بين قبوله ناقصا وبين رده وله الرجعة، وهذا الاحتمال للقاضي وأبي الخطاب، ولم يذكره المصنف، وقيل: يجب
ـــــــ
1 في الأصل: "وكيلهما".
2 في "ر": "كان".
3 في "ح": "لا".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/107.

(8/442)


.......................................
ـــــــ
مهر مثلها، وهذا احتمال للقاضي أيضا، وقيل: لا يصح الخلع، قدمه في النظم وصححه، وإليه ميل الشيخ والشارح، وهو ظاهر1 قول ابن حامد والقاضي، وأطلق الأول والأخير في المحرر والشرح.
المسألة الثانية – 13: لو عين له العوض فنقص منه لم يصح الخلع، على الصحيح من المذهب، اختاره ابن حامد والقاضي وابن الخطاب والشيخ الموفق والشارح ; وصححه في الرعايتين والنظم، وقدمه في الخلاصة، وجزم به في المنور. وقال أبو بكر: يصح ويرجع على الوكيل بالنقص، قال في الفائدة العشرين: هذا المنصوص عن أحمد، قال ابن منجى في شرحه: هذا المذهب، وجزم به في الوجيز، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب في الوكالة، وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي2 والحاوي الصغير وغيرهم.
المسألة الثالثة- 14، والرابعة- 15: لو وكلت المرأة في ذلك فخالع بمهرها فما دون أو بما عينته فما دون، صح. ولزم الوكيل الزيادة3، على الصحيح، صححه في الرعايتين، وقطع به في الهداية والمذهب والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم، وقدمه في المغني4 والكافي5 والشرح6. وقال القاضي: عليها
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 4/423.
3 في "ط": "النهاية".
4 10/318.
5 4/424 -425.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/112 – 113.

(8/443)


وإن خالف جنسا أو حلولا أو نقد بلد فقيل كذلك، وقيل: لا يصح "م 16" وتولي الوكيل فيه لطرفيه كنكاح.
1وإذا1 تخالعا تراجعا بما بينهما من حقوق النكاح، كوقوعه بلفظ طلاق، وعنه: تسقط بالسكوت عنها، إلا نفقة العدة وما خولع ببعضه.
ـــــــ
مهر مثلها، ولا شيء على وكيلها، لما علله به المصنف، وقيل: لا يصح، صححه الناظم، قال ابن منجى في شرحه: هذا المذهب، وقدمه في المقنع2.
ويحتمل أن يصح وتبطل الزيادة، يعني أنها لا تلزم الوكيل ولا غيره، وقيل: لا يصح في المعين، ويصح في غيره، وقال في المستوعب: إذا وكلته وأطلقت لا يلزمها إلا مقدار المهر المسمى، فإن لم يكن فمهر المثل، وقال فيما إذا زاد على ما عينت له: يلزم الوكيل الزيادة. وقال ابن البناء: يلزمها أكثر الأمرين من مهر مثلها أو المسمى.
مسألة – 16: قوله: "وإن خالف جنسا أو حلولا أو نقد بلد فقيل كذلك، وقيل: لا يصح" انتهى.
عدم الصحة مطلقا هو الصحيح، قال الشيخ الموفق والشارح: القياس أنه لا يصح هنا، قال في الكافي3 والرعاية: لا يصح. وقال القاضي: القياس أن4 يلزم الوكيل الذي أذن فيه، ويكون له ما خالع به، ورده الشيخ والشارح. فهذه ست عشرة مسألة في هذا الباب.
ومن كتاب البيع إلى هنا ثمانمائة وأربع وعشرون مسألة على التحرير.
ـــــــ
1 في "ر": "زاد".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/112 -113.
3 4/424 -425.
4 في "ص": "أنه".

(8/444)


وإن ادعى مخالعتها بمائة فأنكرته أو قالت: خالعك غيري، بانت وتحلف لنفي العوض، وإن اعترفت وقالت ضمنه غيري أو في ذمته قال في ذمتك لزمها. وإن اختلفا في قدر عوضه أو صفته أو تأجيله قبل قولها، وعنه: قوله، وقيل: إن لم يجاوز المهر، وخرج التحالف إن لم1 يكن بلفظ طلاق وله المهر.
ومن حلف بطلاق أو عتق على شيء ثم أبانها وباعه ثم عاد إليه فيمينه باقية، لأن غرضه منعه في ملكه، كقوله لأجنبية: إن طلقتك فعبدي حر أو زوجتي طالق، بخلاف اليمين بالله، لحنثه وانعقادها وحلها في غير ملك، وعنه: لا ذكره شيخنا، وذكره أيضا قولا، وعنه: في العتق تنحل يمينه بفعل المحلوف عليه2 قبل العود، جزم به أبو محمد الجوزي في كتابه الطريق الأقرب فيه وفي الطلاق، وخرج جماعة مثله في الطلاق.
وجزم في الروضة بالتسوية بينهما. وفي الترغيب: وأولى، وذكره
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 ليست في النسخ الخطية.

(8/445)


ابن الجوزي رواية، واختاره التميمي. وكذا: إن بنت مني ثم تزوجتك1 فأنت طالق، فبانت ثم تزوجها2، وفي التعليق احتمال: لا يقع، كتعليقه بالملك. قال أحمد فيمن طلق واحدة ثم قال: إن راجعتك فأنت طالق ثلاثا: إن كان هذا القول تغليظا عليها في أن لا تعود إليه فمتى عادت إليه في العدة أو بعدها طلقت.ويحرم الخلع حيلة لإسقاط يمين الطلاق، ولا يقع، جزم به ابن بطة في مصنف له فيها ، وذكر عن الآجري ذلك، وجزم به في عيون المسائل، والقاضي في الخلاف، واحتج بأشياء، منها قول عمر: الحلف حنث أو ندم، رواه ابن بطة، ورواه الدارقطني في الإفراد مرفوعا ، وكذا في الانتصار وقال: إنه محرم عند أصحابنا، وكذا قال في المغني : هذا يفعل حيلة على إبطال الطلاق المعلق، والحيل خداع لا تحل ما حرم الله،
ـــــــ
....................... ...............
ـــــــ
ـــــــ
في"ر": "إن ثبت متى لم أتزوجك".
ليست في "ر".
في "ر": "تعلقه".
طبع بعنوان: إبطال الحيل.
وأخرجه بهذا اللفظ البيهقي في "السنن الكبرى" 10/31 من حديث ابن عمر مرفوعاً، وفي 10/32 من حديث عمر موقوفاً: اليمين أثمة أو مندمة.
10/321.

(8/446)


فلو اعتقد البينونة ففعل ما حلف فكمطلق معتقد أجنبية فتبين امرأته، ذكره شيخنا، وقال: خلع اليمين هل يقع رجعيا أو لغوا وهو أقوى ؟ فيه نزاع، لأن قصده ضده كالمحلل، وشذ في الرعاية فقال: يحرم الخلع حيلة ويقع في الأصح، ويتوجه أن هذه المسألة وقصد المحلل التحليل وقصد أحد المتعاقدين قصدا محرما كبيع عصير ممن يتخذه خمرا على حد واحد، فيقال في كل منهما ما قيل في الأخرى1. وفي واضح ابن عقيل: يستحب إعلام المستفتي بمذهب غيره إن كان أهلا للرخصة، كطالب للتخلص من الربا فيدله إلى من يرى التحيل للخلاص منه والخلع بعدم وقوع الطلاق.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
ـــــــ
1 في "ر": "الآخر".

(8/447)