الفروع و
معه تصحيح الفروع كتاب النفقات
مدخل
*
...
كتاب النفقات
يلزم الزوج نفقة زوجته وكسوتها وسكناها بما
يصلح لمثلها بالمعروف، ويعتبر ذلك الحاكم عند
التنازع بحالهما.
فيفرض لموسرة مع موسر كفايتها خبزا خاصا بأدمه
المعتاد لمثلها، ولو تبرمت بأدم نقلها إلى أدم
غيره، وظاهر كلامهم أنه يفرض لحما عادة
الموسرين بذلك الموضع، وذكره في الرعاية قولا،
وإنه أظهر، وقدم كل جمعة مرتين، ويتوجه
العادة، لكن يخالف في إدمانه، ولعل هذا
مرادهم. وما يلبس مثلها من حرير وخز وجيد كتان
وقطن، وأقله قميص وسراويل ووقاية، وهي ما
تضعه1 فوق المقنعة، وتسمى الطرحة، ومقنعة
ومداس وجبة للشتاء، وللنوم فراش ولحاف ومخدة.
وفي التبصرة: وإزار وللجلوس زلي وهو بساط من
صوف ورفيع الحصر.
__________
تنبيهان:
أحدهما: قوله: وللنوم فراش ولحاف ومخدة، وفي
التبصرة: وإزار، انتهى. ليس ما في التبصرة
مخصوصا به، بل قد صرح به صاحب الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة
والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز وتجريد
العناية وغيرهم، ومرادهم بالإزار إزار النوم،
ولذلك ذكروه عقب ما يجب للنوم، كالمصنف، ولهذا
قال في الرعاية وغيره بعد ذلك: ولا يجب لها
إزار للخروج، والظاهر أن وجوب الإزار للنوم
إذا كانت العادة
ـــــــ
1 في الأصل: "تصنعه".
(9/291)
وفقيرة مع فقير
خبز خشكار1 بأدمه وزيت مصباح، وذكر جماعة: لا
يقطعها اللحم فوق أربعين، وقدم في الرعاية كل
شهر مرة، وقيل: العادة، وهو ظاهر كلام الأكثر،
وقيل لأحمد: في كم يأكل الرجل اللحم؟ قال: في
أربعين يوما. وقال في رواية الميموني: عمر بن
الخطاب قال: إياكم واللحم فإن له ضراوة كضراوة
الخمر2، قال إبراهيم الحربي: يعني إذا أكثر
منه، ومنه: كلب ضار.
وما يلبس مثلها وينام فيه ويجلس عليه.
وللمتوسطة مع المتوسط والموسرة مع الفقير
وعكسها ما بين ذلك عرفا.
وفي المغني3 والترغيب: لا يلزمه خف وملحفة،
وعند القاضي: الواجب ليوم رطلا خبز بحسبهما
بأدمه و4دهنا بحسب البلد. وفي الترغيب عنه:
لموسرة مع فقير أقل كفاية والبقية في ذمته،
ولا بد من ماعون الدار، ويكتفى بخزف وخشب،
والعدل ما يليق بهما، وقدر الشافعي النفقة
بالحب، فعلى الفقير مد، وعلى الموسر مدان،
لأنه أكثر واجب في كفارة،
__________
جارية بالنوم فيه، كأرض الحجاز ونحوها، هو
المذهب، وهو ظاهر ما قطع به في المغني5
والشرح6 وغيرهما. والله أعلم.
ـــــــ
1 الخشكار: الخبز الأسمر غير النقي. المعجم
الوسيط: "خشكار".
2 أخرجه مالك في الموطأ 2/935.
3 11/357، وفيه: لكن إن احتاجت إلى خفّ لتخرج
إلى شراء الحوائج، لزمه ذلك.
4 ليست في "ر" و"ط".
5 11/355.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/297.
(9/292)
وهي كفارة
الأذى، وعلى المتوسط نصفهما، وإن أكلت معه فهل
تسقط نفقتها عملا بالعرف أم لا لأنه لم يقم
بالواجب؟ للشافعية وجهان، واختلفوا في
الترجيح، قالوا: فإن لم يأذن الولي لها لم
تسقط، وجها واحدا. ويلزمه مؤنة نظافتها من دهن
وسدر ومشط وثمن ماء وأجرة قيمة ونحوه. وفي
الواضح وجه.
قال في عيون المسائل: لأن ما كان من تنظيف على
مكتر1، كرش وكنس وتنقية الآبار، وما كان من
حفظ البنية كبناء حائط وتقيير2 الجذع على مكر،
فالزوج كمكر، والزوجة كمكتر، وإنما يختلفان
فيما يحفظ البنية دائما من الطعام، فإنه يلزم
الزوج، لا دواء وأجرة طبيب وحناء ونحوه وثمن
طيب، وفيه وجه في الواضح، فإن أراد منها
التزين به وفي المغني3 والترغيب: أو قطع رائحة
كريهة لزمه، ويلزمها ترك حناء وزينة نهي عنها،
ذكره شيخنا، من مثلها يخدم ولا خادم لها ولو
لمرض خلافا للترغيب: فيه لزمه واحد، نص عليه،
وقيل: وأكثر بقدر حالها ولو بأجرة أو عارية،
وتجوز كتابية، في الأصح، إن جاز نظرها،
وتعيينه إليه، وتعيين خادمها إليهما ونفقته
كفقيرين، مع خف وملحفة،
__________
الثاني: قوله: وتعيينه إليه وتعيين خادمها
إليهما، انتهى. يعني: أن تعيين الخادم إليه ما
لم يكن ملكها، فيكون تعيينه إليهما، وقوله بعد
ذلك فإن كان لها
ـــــــ
1 في "ط": "مكثر".
2 في "ط": "تقيير".
3 لم نجدهافي المغني، وهي في الكافي 5/87.
(9/293)
والأشهر سوى
النظافة1، فإن كان الخادم لها فرضيته فنفقته
عليه. وفي الرعاية: وهذا نفقة المؤجر والمعار،
في وجه، كذا قال، وهو ظاهر كلامهم، ولم أجده
صريحا، وليس بمراد في المؤجر، فإن نفقته على
مالكه، وأما في المعار، فمحتمل، وسبقت المسألة
في آخر الإجارة2، وقوله في وجه يدل على أن
الأشهر خلافه، ولهذا جزم به في المعار، في
بابه، ولا تملك خدمة نفسها لتأخذ نفقته.
__________
فرضيته فنفقته إليه، قال ابن مغلي: ظاهره أن
رضاها كاف وإن لم يوافقها3 الزوج وأخذ هذه
العبارة من المغني4، ولكن صرح بعد أنه إن لم
يرض بخادمها فله ذلك، فوقع للمصنف التخليط من
وجهين:
أحدهما: ذكره ذلك لا على سبيل حكاية خلاف.
والثاني سهوه عن استيفاء النظر في كلام الشيخ،
انتهى.
قلت: الذي يظهر أنه لا نظر في كلام المصنف ولا
تخليط، وإنما ذكر العبارة الثانية لأجل
التصريح بوجوب نفقته عليه، وإن كان لها فكلامه
الأول في التعيين، وكلامه الثاني في وجوب
النفقة، لئلا يتوهم متوهم كونه ملكها أن تكون
نفقته عليها، وقوله: فرضيته يعني مع رضا
الزوج، بدليل ما تقدم. والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 7/179.
3 في "ط": "يوافق".
4 11/356.
(9/294)
وهل يلزمها
قبول خدمته لها ليسقطه وقبول كتابية؟ وجهان م
1 و 2 ولا تلزمه أجرة من يوضئ مريضة، بخلاف
رقيقة، ذكره أبو المعالي.
ـــــــ
مسألة1 و2: قوله: وهل يلزمها قبول خدمته لها
ليسقطه وقبول كتابية؟ وجهان، انتهى. ذكر
مسألتين:
المسألة الأولى1: هل يلزمها قبول خدمته لها
ليسقطه عنه أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
البداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والكافي1 والمقنع2 والمحرر والحاوي الصغير
وغيرهم.
أحدهما: لا يلزمها قبول ذلك، وهو الصحيح، جزم
به في المنور، وصححه في النظم، وقدمه في
الخلاصة والمغني3 والشرح وغيرهم.
والوجه الثاني: يلزمها4، صححه في التصحيح،
واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وجزم به في
الوجيز، وقدمه في الرعايتين وتجريد العناية،
واختار في الرعاية: له ذلك فيما يتولاه5 مثله
لن يكفيها خادم واحد.
المسألة الثانية 2: هل يلزمها قبول كتابية أم
لا بد أن تكون مسلمة؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
الرعاية الكبرى:
أحدهما: يلزمها، وهو ظاهر كلام كثير من
الأصحاب، وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يلزمها، ولعل الخلاف مبني
على جواز النظر وعدمه، فإن كان
ـــــــ
1 5/89.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/307.
3 11/356.
4 في النسخ الخطية: "يلزمه"، والمثبت من "ط".
5 في "ط": "يقولاه".
(9/295)
فصل ويلزمه دفع القوت، لا بدله:
ولا حب كل يوم في أوله، وما اتفقا عليه جاز،
وتملكه بقبضه، قاله في الترغيب، وتتصرف فيه ما
لم يضر بدنها، وظاهر ما سبق أو صريحه أن
الحاكم لا يملك فرض غير الواجب، كدراهم مثلا،
إلا باتفاقهما، فلا يجبر من امتنع.
قال في الهدي1: لا أصل له في كتاب ولا سنة،
ولا نص عليه أحد من الأئمة، لأنها معاوضة بغير
الرضا عن غير مستقر، وهذا متوجه مع عدم الشقاق
وعدم الحاجة، فأما مع الشقاق والحاجة كالغائب
مثلا فيتوجه الفرض2 للحاجة إليه، على ما لا
يخفى، ولا يقع الفرض بدون ذلك بغير الرضا، قال
الشافعية: ولا يعتاض عن المستقبل وجها واحدا،
لعدم استقرارها، ولا عن الماضي بخبز ودقيق،
لأنه ربا، وبغيرهما فهل يجوز أم لا كمسلم فيه؟
على وجهين، وكذا مراد أصحابنا إذا اعتاضت عن
الماضي
__________
كذلك فالصحيح اللزوم، لأن3 الصحيح جواز النظر،
ولكن ظاهر كلام أكثر الأصحاب الإطلاق، ولذلك
قال في الرعاية الكبرى بعد أن أطلق الوجهين:
وقيل: إن جاز نظرها إلى مسلمة وخلوتها بها
لزمها قبولها، على الأشهر. وإلا فلا، انتهى.
والمصنف قد صحح قبل ذلك جواز خدمة الكتابية،
وكلامه هنا في اللزوم. والله أعلم.
ـــــــ
1 "زاد المعاد" 5/455.
2 في "ر": "القرض".
3 في "ص": "لكن".
(9/296)
فلا يجوز
بربوي. وفي الانتصار: لا يسقط فرضه عمن زوجته
صغيرة أو مجنونة إلا بتسليم ولي أو بإذنه.
واختار شيخنا: لا يلزمه تمليك، بل ينفق ويكسو
بحسب العادة، فإن الإنفاق بالمعروف ليس هو
التمليك، قال صلى الله عليه وسلم: "إن حقها
عليك أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت"1
. كما قال صلى الله عليه وسلم في المملوك2، ثم
المملوك لا يجب له التمليك إجماعا، وإن قيل:
إنه يملك بالتمليك.
وتلزمه الكسوة أول كل عام، وذكر الحلوإني
وابنه أول صيف وشتاء. وفي الواضح كل نصف سنة،
وتملكها في الأصح بقبضها، فإن سرقت أو بليت
فلا بدل، وعكسه إن بقيت صحيحة ودخلت سنة أخرى
في الأصح فيهما، وفي غطاء ووطاء ونحوهما
الوجهان وإن بانت فيها أو تسلفت نفقتها رجع
بالبقية، في الأصح، وقيل: بالنفقة، وقيل:
بالكسوة، وقيل: كزكاة معجلة، وجزم به في
المنتخب، ولا يرجع ببقية، اليوم إلا على ناشز،
في الأصح فيهما، وجزم في عيون المسائل: لا
ترجع بما وجب كيوم
ـــــــ
تنبيه: قوله: وفي غطاء ووطاء ونحوهما الوجهان،
انتهى. يعني: اللذين في ملك الكسوة بقبضها،
وقد صحح المصنف أنها تملكها، واختار ابن نصر
الله في حواشيه أنها إمتاع، كمسكن وماعون،
لمشاركته لها فيه وعدم اختصاصها به عنه عرفا
وعادة، أشبه المسكن والماعون، بخلاف النفقة
والكسوة، انتهى. وهو كما قال.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود 2142، وابن ماجه 1850، من
حديث حكيم بن معاوية عن أبيه.
2 أخرج البخاري 30، ومسلم 1661، من حديث أبي
ذرّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إخوإنكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن
كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه
مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن
كلفتموهم فأعينوهم".
(9/297)
وكسوة سنة بل
بما لم يجب ويرجع بنفقتها من مال غائب بعد
موته بظهوره، على الأصح، وإن غاب ولم ينفق
لزمه نفقة الماضي.
وعنه: إن كان فرضها حاكم، اختاره في الإرشاد1.
وفي الرعاية: أو الزوج برضاها. وفي الانتصار:
أن أحمد أسقطها بالموت وعلل في الفصول الرواية
الثانية بأنه حق ثبت بقضاء القاضي، وهو ظاهر
الكافي2، فإنه فرع عليها: لا تثبت في ذمته،
ولا يصح ضمانها لأنه ليس مآلها إلى الوجوب.ولو
استدانت وإنفقت رجعت، نقله أحمد بن هاشم،
وذكره في الإرشاد، ويتوجه الروايتان فيمن أدى
عن غيره واجبا. ومن أكلت معه عادة أو كساها
بلا إذن ولم يتبرع سقطت. وفي الرعاية وهو ظاهر
المغني3: إن نوى أن يعتد بها ومتى تسلم من
__________
........................
__________
ـــــــ
1 ص 324.
2 5/97.
3 11/370.
(9/298)
يلزمه تسلمها
أو بذلت هي أو ولي فلها النفقة، وعنه: مع عدم
صغره، وعنه: يلزمه بالعقد مع عدم منع لمن
يلزمه تسلمها لو بذلته، وقيل: ولصغيرة، وهو
ظاهر كلام الخرقي، فعليها لو تساكنا بعد العقد
مدة لزمه.
وفي الترغيب وغيره: دفع النفقة لا يلزم إلا
بالتمكين، ولو قدر على الوطء وتركه أو عجز
عنه، ولو تزوج طفل بطفلة فالصحيح لا نفقة لعدم
الموجب.
ومن بذلت التسليم فحال بينها وبينه أولياؤها
فظاهر كلام جماعة لها النفقة. وفي الروضة: لا،
ذكره الخرقي قال: وفيه نظر م 3 وإن بذلته
والزوج غائب لم يفرض لها حتى يراسله حاكم
ويمضي زمن يمكن قدومه في مثله. ومن سلم أمته
ليلا ونهارا فكحرة ولو أبى زوج، وإن
ـــــــ
مسألة 3: قوله: ومن بذلت التسليم فحال بينها
وبينه أولياؤها فظاهر كلام جماعة لها النفقة.
وفي الروضة: لا، ذكره الخرقي، قال: وفيه نظر،
انتهى.
قلت: الصواب عدم الوجوب، وهو ظاهر كلام الشيخ
في المقنع1 والوجيز وغيرهما، حيث قالوا: وإن
منعت تسليم نفسها أو منعها أهلها فلا نفقة
لها، انتهى. قال في المحرر: ولها النفقة ما لم
تمنعه نفسها، لا منعها أهلها، انتهى. فعلى هذا
ينبغي أن تجب النفقة على مانعها، لئلا تسقط
نفقتها من غير منع منها، ولم أره، وهو قوي.
والله أعلم.
والقول الثاني: لها النفقة، وهو ظاهر كلام
جماعة من الأصحاب.
قلت: وهو ضعيف.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/341-
342.
(9/299)
سلمها ليلا
لزمه نفقة النهار والزوج نفقة الليل وغطاء
ونحوه، وقيل: نصفين، ولو سلمها نهارا فقط لم
يجز.
ولا نفقة لناشز ولو بنكاح في عدة. وفي
الترغيب: من مكنته من الوطء لا1 من بقية
الاستمتاع فسقوط النفقة يحتمل وجهين، ويشطر
لناشز ليلا أو نهارا، لا بقدر الأزمنة، ويشطر
لناشز بعض يوم، وقيل: تسقط وإن أطاعت في غيبته
فعلم ومضى زمن يقدم في مثله عادة، وكذا لو
سافر قبل الزفاف وكذا إسلام مرتدة ومتخلفة عن
الإسلام في غيبته والأصح تعود بإسلامها.
وإن صامت لكفارة أو نذر أو رمضان ووقته متسع
أو نفلا، وفيهما وجه، أو حجت لنذر، أو نفلا
بلا إذنه، فلا نفقة، وكذا حبسها بحق أو ظلما
في الأصح، وهل له البيتوتة معها؟ فيه وجهان م
4.
__________
تنبيه: قوله: وإن أطاعت في غيبته فعلم ومضى
زمن يقدم في مثله عادت، وكذا لو سافر قبل
الزفاف، انتهى. قوله: وكذا لو سافر قبل الزفاف
هي المسألة السابقة، وهي قوله: وإن بذلته
والزوج غائب لم يفرض لها حتى يراسله حاكم
ويمضي زمن يمكن قدومه في مثله فذكره هنا
تكرار، ومع اختلاف الحكم قاله ابن نصر الله.
قال: ويسأل لم اكتفى هنا بعلمه ولم يشترط
مراسلة حاكم وهناك2 اشترط ذلك، انتهى.
مسألة 4: قوله: وهل له البيتوتة معها؟ فيه
وجهان، انتهى. يعني إذا حبست بحق أو ظلما.
وأطلقهما في الرعاية:
ـــــــ
1 في "ط": "إلا".
2 في "ط": "هنا".
(9/300)
وفي صوم وحج
لنذر معين وجهان م 5 وقيل: إن نذرت بإذنه أو
قبل النكاح فلها النفقة. ونقل أبو زرعة
الدمشقي: تصوم النذر بلا إذنه. وفي الواضح في
حج نفل إن لم يملك منعها وتحليلها لم تسقط،
وإن في صلاة وصوم واعتكاف منذور في الذمة
وجهين، قال في الفنون: سفر
ـــــــ
أحدهما: له البيتوتة، وهو الصواب، ولكن على
هذا ينبغي أن تجب النفقة لها بمقدار ذلك.
والوجه الثاني: ليس له ذلك لعدم وجوب النفقة
إذن.
المسألة 5: قوله: وفي صوم وحج لنذر معين
وجهان، انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني1
والمقنع2 والبلغة والشرح وشرح ابن منجا
والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم.
أحدهما: لها النفقة، ذكره القاضي، وصححه في
التصحيح، وهو ظاهر كلام الآدمي في منتخبه،
فإنه قال: فإن صامت أو حجت لغير فرض فلا نفقة.
والوجه الثاني: لا نفقة لها، اختاره ابن عبدوس
في تذكرته، وجزم به في المنور والوجيز.
قلت: وهو أولى من الوجه الأول، قال ابن نصر
الله في حواشيه: وأظهرهما سقوطها، والصواب أنه
إن كان النذر بإذنه فلها النفقة، وإلا فلا،
وهو الوجه الثالث الذي ذكره المصنف.
ـــــــ
1 11/401- 402.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/360.
(9/301)
التغريب يحتمل
أن تسقط فيه النفقة1، وإن أحرمت بفريضة أو
مكتوبة في وقتها وبسنتها فلها النفقة. وفي
التبصرة: في سقوطها في حج فرض احتمال كزائدة
على الحضر، وفي بقائها في نزهة أو تجارة أو
زيارة أهلها احتمال. وإن اختلفا في بذل تسليم
حلف وقبل قوله، وفي نشوز وأخذ نفقة حلفت وقبل
قولها. وقال الآمدي: إن اختلفا في نشوز فإن
وجبت بالتمكين صدق وعليها إثباته، وإن وجبت
بالعقد صدقت وعليه إثبات المنع، ولو اختلفا
بعد التمكين لم يقبل قوله. وفي التبصرة: يقبل
قوله قبل الدخول وقولها بعده، واختار شيخنا في
النفقة قول من يشهد له العرف، لأنه تعارض
الأصل والظاهر، والغالب أنها تكون راضية،
وإنما تطالبه عند الشقاق، كما لو أصدقها تعليم
شيء فادعت أن غيره علمها، وأولى، لأن هنا
تعارض أصلان، قال: وأكثر العلماء كأبي حنيفة
ومالك وأحمد يقضون باليد العرفية وتقديمها على
اليد الحسية فيما إذا تداعى الزوجان في متاع
البيت، أو صانعان في متاع الحانوت
__________
.......................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر" و"ط".
(9/302)
فصل وإن أعسر بالقوت أو الكسوة أو ببعضهما
فلها الفسخ
على الأصح هـ وصاحبيه، والظاهرية، على التراخي
أو الفور، كخيار العيب، وذكر ابن البنا وجها2:
يؤجل ثلاثا، وهو أصح قولي ش، ولها المقام،
__________
.......................
__________
ـــــــ
2 في الأصل: "وجهان".
(9/302)
ولا تمكنه ولا
يحسبها، ونفقة الفقير في ذمته ما لم تمنع
نفسها و ش ثم إن أحبت الفسخ ملكته، على الأصح.
وكذا لو رضيت عسرته أو تزوجته عالمة بها. وفي
الرعاية لا، في الأصح قال بعضهم: كالعين
المستأجرة المعينة مع تجدد حقه بالانتفاع،
كتجدد حق المرأة من النفقة، أما إن أسقطت
النفقة أو المهر قبل النكاح فسبق في الشروط
الفاسدة في النكاح1، وإنما لم يسقط لعدم
انعقاد سببه بالكلية، قال في الهدي2: هذا إن
كان في المسألة إجماع، وإن كان فيها خلاف فلا
فرق بين الإسقاطين، وسوينا بين الحكمين، فإن
كان بينهما فرق امتنع القياس، وقال: والذي
تقتضيه أصول الشريعة وقواعدها أن الرجل إذا غر
المرأة بأنه ذو مال، فتزوجت على ذلك، فظهر لا
شيء له، أو كان ذا مال وترك النفقة عليها، ولم
تقدر على أخذ كفايتها من ماله بنفسها أو
بحاكم، أن لها الفسخ، وإن تزوجته عالمة بعسرته
أو كان موسرا ثم افتقر فلا فسخ لها، ولم يزل
الناس تصيبهم الفاقة بعد اليسار، ولم يرفعهم
أزواجهم إلى الحكام ليفرقوا بينهم، كذا قال.
ومن قدر يتكسب أجبر، وفي الترغيب: على الأصح،
وفيه: وللصانع الذي لا يرجو عملا أقل من ثلاثة
أيام، فإذا عمل دفع نفقة ثلاثة أيام،
__________
..................
__________
ـــــــ
1 8/266.
2 زاد المعاد5/515.
(9/303)
ولا فسخ ما لم
يدم. وفي المغني1: لا، ولو تعذر الكسب بعض
زمنه، لأنه يقترض، ولو تعذر أيضا أياما،
يسيرة، لزواله2 قريبا. وإن أعسر بنفقة موسرة
أو متوسطة أو أدم فلا فسخ، في الأصح فيه،
كنفقة ماضية وخادم. وفي الانتصار في الكل
احتمال مع ضررها ويبقى في ذمته، وأسقط القاضي
زيادة يسار وتوسط.
وإن أعسر بالسكنى فوجهان م 6 ولا فسخ في
المنصوص لولي أمة راضية3 وصغيرة، ومجنونة، فلا
يلزم السيد شيء.
وإن منع موسر بعض نفقة أو كسوة وقدرت على ماله
أخذت كفايتها وكفاية ولدها عرفا بلا إذنه، نص
ـــــــ
مسألة 6: قوله: وإن أعسر بالسكنى فوجهان، يعني
هل لها الفسخ بذلك أم لا؟ وأطلقهما في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني4 والكافي5
والمقنع6 والشرح والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
أحدهما: لها الفسخ، وهو الصحيح، صححه في
التصحيح، واختاره ابن عقيل، وجزم به في الوجيز
والمنور.
والوجه الثاني: لا فسخ لها، ذكره القاضي، وقطع
به الآدمي في منتخبه، وابن عبدوس في تذكرته،
وهو ظاهر ما قدمه في المحرر.
ـــــــ
1 11/362.
2 في "ط": "يزوله".
3 ليست في "ر".
4 11/366.
5 5/96.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/363.
(9/304)
عليه. وفي
الروضة: القياس منعها تركناه1 للخبر2.
وفي ولدها وجه في الترغيب، ولا تقترض على الأب
ولا تنفق على الصغير من ماله بلا إذن وليه،
وعند شيخنا: تضحي عن أهل البيت أيضا، ومتى لم
تقدر ألزمه حاكم، فإن أبى حبسه أو دفعها منه
يوما بيوم، فإن غيبه وصبر، أو غاب موسر وتعذرت
النفقة باستدانة وغيرها، فلها فراقه، ومنع
القاضي، واختاره الأكثر، قاله في الترغيب،
وقيل: لا، في الثانية، لاحتمال عذر. وفي
المغني3: بل فيها أولى، لأن الحاضر قد ينفق
لطول الحبس.
وللحاكم بيع عقار وعرض لغائب إذا لم يجد غيره
وينفق عليها يوما بيوم، ولا يجوز كل شهر، لأنه
تعجيل ثم إن بان ميتا قبل إنفاقه حسب عليها ما
أنفقته بنفسها أو بأمر الحاكم، قال ابن
الزاغوني: إذا ثبت عند الحاكم صحة النكاح
ومبلغ المهر فإن علم مكانه كتب: إن سلمت إليها
حقها وإلا بعت عليك بقدره، فإن أبى أو لم يعلم
مكانه باع بقدر نصفه،
__________
............................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "تركاه".
2 أخرج البخاري 2211، ومسلم 1714، من حديث
عائشة، قالت هند أم معاوية لرسول الله صلى
الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح، فهل
عليّ جناح أن آخذ من ماله سرّا؟ قال: "خذي أنت
وبنوك من يكفيك بالمعروف".
3 11/364.
(9/305)
لجواز طلاقه
قبل الدخول، فإما إن لم توجد نفقة ثبت إعساره،
وللحاكم الفسخ بطلبها، وكذا قاله أبو الخطاب
وأبو الوفاء وقالا في النفقة: وما تجد من
يدينها عليه، وذكره الشيخ وغيره في الغائب ولم
يذكره في الحاضر الموسر المانع، مع أنه قد سبق
في التصرف في الدين أن المذهب لو أعسر بنفقة
زوجته فبذلها أجنبي لم تجبر، ورفع النكاح هنا
فسخ قال في الترغيب في قول جمهور أصحابنا:
فيعتبر الرفع إلى حاكم، فإذا ثبت إعساره فسخ
بطلبها أو فسخت بأمره و ش ولا ينفذ بدونه،
وقيل: ظاهرا. وفي الترغيب: ينفذ مع تعذره زاد
في الرعاية: مطلقا وإن قلنا: هو طلاق أمره
بطلبها بطلاق أو نفقة، فإن أبى طلق عليه، جزم
به في التبصرة.
فإن راجع فقيل: لا يصح مع عسرته، وقيل: بلى،
فيطلق ثانية ثم1 ثالثة م 7 وعن الشافعية كهذا
والقول بالفسخ، وقيل: إن طلب المهلة ثلاثة
__________
مسألة 7: قوله: فإن راجع فقيل: لا يصح مع
عسرته، وقيل: بلى، فيطلق ثانية ثم ثالثة،
انتهى.
ـــــــ
1 في الأصل: "و".
(9/306)
أيام أجيب، فلو
لم يقدر فقيل: ثلاثة أيام، وقيل. إلى آخر
اليوم المتخلفة نفقته. وفي المغني1: يفرق
بينهما م 8.
ـــــــ
القول الثاني: هو الصحيح، وبه قطع في المغني2
والشرح3 وشرح ابن رزين.
والقول الأول لم أطلع على من اختاره، ويعايا
بها عليه.
مسألة 8: قوله: في المسألة: وقيل إن طلب
المهلة ثلاثة أيام أجيب، فلو لم يقدر فقيل:
ثلاثة أيام، وقيل: إلى آخر اليوم المختلفة
نفقته. وفي المغني: يفرق بينهما، انتهى. ما
قاله في المغني هو ظاهر كلام أكثر الأصحاب،
والقول الثاني: قوي، والقول الأول ضعيف.
ـــــــ
1 11/362.
2 11/365.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/385-
386.
(9/307)
وهي فسخ فإن
أجبره على الطلاق فطلق فراجع ولم ينفق
فللحاكم، الفسخ، وظاهر كلام القاضي أن الحاكم
يملك الطلاق والفسخ، ومذهب م يؤجل في عدم نفقة
نحو1 كل شهر فإن انقضى وهي حائض فحتى تطهر.
وفي الصداق عامين ثم يطلقها عليه الحاكم طلقة
رجعية، فإن أيسر في العدة فله ارتجاعها، ومن
أمكنه أخذ دينه قهرا2 فموسر.
........................
__________
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "كل".
2 ليست في "ر" و"ط".
(9/308)
فصل يلزمه لرجعية نفقة وكسوة وسكنى كزوجة،
وكذا لكل بائن حامل، نص عليه، وعند أبي
الخطاب: بوضعه. وفي الموجز والتبصرة رواية. لا
يلزمه، وهي سهو. وفي الروضة: تلزمه النفقة،
وفي السكنى روايتان، وعنه: وجوبهما لحامل3،
وعنه: لها سكنى، اختاره أبو محمد الجوزي. وفي
الانتصار: لا تسقط بتراضيهما كعدة. ومن نفاه
ولاعن فإن صح فلا نفقة، فإن استلحقه لزمه ما
مضى. وإن لم ينفق يظنها حائلا فبانت حاملا
رجعت، على الأصح، وبالعكس يرجع عليها على
الأصح. وفي الوسيلة: إن نفى الحمل ففي رجوعه
روايتان، وإن ادعت حملا أنفق ثلاثة أشهر، نص
عليه، وعنه. إن شهد به النساء، فإن مضت ولم
يبن رجع، وعنه: لا، كنكاح تبين فساده لتفريطه،
كنفقته على أجنبية، كذا قالوا،
__________
........................
__________
ـــــــ
3 في "ر" و"ط": "لحائل".
(9/308)
ويتوجه فيه
الخلاف. قال الشيخ: وإن كتمت براءتها منه
فينبغي أن يرجع قولا واحدا.
وهل نفقة الحامل1 له أو لها لأجله؟ فعنه: لها،
فلا تجب لناشز وحامل من شبهة وفاسد وملك يمين،
وتجب مع رق أحد الزوجين، وعلى غائب، ومعسر،
ولا ينفق بقية قرابة حمل. وعنه: له، فتنعكس
الأحكام، اختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي
وأصحابه م 9، وأوجبها شيخنا له ولها لأجله،
ـــــــ
مسألة 9: قوله: وهل نفقة حامل2 له أو لها
لأجله، فعنه: لها، وعنه: له، اختاره الخرقي
وأبو بكر والقاضي وأصحابه، انتهى. وهما وجهان
في الكافي، وأطلقهما في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي3 والمغني4
والمقنع5 والهادي والمحرر والشرح وغيرهم.
إحداهما: هي للحمل، وهي الصحيح، واختارها
الأكثر، وقال في القواعد الفقهية: أصحهما أنها
للحمل، قال الزركشي: هي أشهرهما، واختارها
الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه، وقدمه ابن
رزين في شرحه.
والرواية الثانية: هي لها من أجله، صححها في
التصحيح، واختارها ابن عقيل وغيره، وجزم بها
في الوجيز وغيره، وقدمها في الرعايتين والنظم
والحاوي الصغير وغيرهم.
ـــــــ
1 في "ر": "الحمل" وفي "ط" "الحامل".
2 في "ط": "حمل".
3 5/83.
4 11/405- 406.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/319.
(9/309)
وجعلها كمرضعة
له بأجرة. وفي الواضح في مسألة الرق روايتان
كحمل في نكاح صحيح أو لا حرمة له، وإن قلنا هي
لها فلا نفقة، والفسخ لعيب كنكاح فاسد، وعند
القاضي كصحيح، وهو أظهر.
قال في الترغيب في حامل من شبهة: وهل يلزم
الزوج نفقة؟ يلزمه كمكرهة ونائمة، لا إن ظنته
زوجها.
ولا شيء لمتوفى عنها، كزانية، وعنه: لها سكنى،
اختاره أبو محمد الجوزي، فهي كغريم. وفي
المغني1: إن مات وهي في مسكنه قدمت به، وعنه:
لحامل سكنى ونفقة وكسوة، ونقل الكحال في أم
ولد: تنفق من مال حملها، ونقل جعفر، من جميع
المال م 10.
ـــــــ
مسألة 10: قوله: نقل الكحال في أم الولد: تنفق
من مال حملها، ونقل جعفر: من جميع المال،
انتهى. ظاهر ما قدمه المصنف أنه لا نفقة
لمتوفى عنها، لقوله: ولا شيء لمتوفى عنها ولكن
إذا قلنا إن أم الولد لها نفقة، فهل ذلك من
مال حملها أو من جميع المال؟ ذكر هاتين
الروايتين، قال في الرعايتين: ومن أحبل أمته
ومات فهل نفقتها من الكل أو من حق ولدها؟ على
روايتين. وقال في القاعدة الرابعة والثمانين:
في نفقة أم الولد الحامل ثلاث روايات. إحداها
لا نفقة لها، نقلها حرب وابن بختان.
والثانية: ينفق عليها من نصيب ما في بطنها،
نقلها الكحال.
ـــــــ
1 11/296.
(9/310)
.........................
__________
والثالثة: إن لم تكن ولدت من سيدها قبل ذلك
فنفقتها من جميع المال إذا كانت حاملا، وإن
كانت ولدت قبل ذلك فهي في عداد الأحرار؛ ينفق
عليها من نصيب ولدها، نقلها جعفر بن محمد،
قال: وهي مشكلة جدا، وبين معناها، واستشكل
المجد الرواية الثانية فقال: الحمل إنما يرث
بشرط خروجه حيا، ويوقف1 نصيبه، فكيف يتصرف فيه
قبل تحقيق الشرط؟ ويجاب بأن هذا النص يشهد
لثبوت ملكه بالإرث من حين موت موروثه، وإنما
خروجه حيا يتبين به وجود ذلك، فإذا حكمنا له
بالملك ظاهرا جاز التصرف فيه بالنفقة الواجبة
عليه، وعلى من تلزمه نفقته، لا سيما والنفقة
على أنه يعود نفعها إليه، كما يتصرف في مال
المفقود، انتهى. فهذه عشر مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 في "ط": "يتوقف".
(9/311)
باب نفقة
القريب والرقيق والبهائم
مدخل
...
باب نفقة القريب
والرقيق والبهائم
تلزمه نفقة أبويه وإن علوا، وولده وإن سفلوا،
بالمعروف، أو بعضها، والكسوة والسكنى مع
فقرهم، إذا فضل عن نفسه وزوجته ورقيقة1 يومه
وليلته2 من كسبه وأجرة ملكه ونحوه3، وعنه:
وورثتهم4 بفرض أو تعصيب كبقية الأقارب، وعنه:
تختص العصبة مطلقا نقلها
__________
"5تنبيه: قوله: تلزمه نفقة أبويه وإن علوا،
وولده وإن سفلوا5"،......
ـــــــ
1 في "ط": "رفيقه".
2 في الأصل: "ليله".
3 ليست في "ر".
4 في "ط": "ورثتهم".
5-5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(9/312)
جماعة، فيعتبر
أن يرثهم بفرض أو تعصيب في الحال، فلا تلزم
بعيدا موسرا يحجبه قريب معسر، وعنه: بل إن
ورثه وحده لزمته مع يساره، ومع فقره تلزم
بعيدا موسرا، فلا تلزم جدا موسرا مع أب فقير،
وأخا موسرا مع ابن فقير على الأولى، وتلزم على
الثانية، وإن اعتبر وارث1 في غير عمودي نسبه
ـــــــ
و"2عنه: وورثهم3 بفرض أو تعصيب، وعنه: تختص
العصبة مطلقا. تابع في هذه العبارة صاحب
المحرر فيه، فأدخل ذوي الأرحام من عمودي النسب
في وجوب النفقة لهم، وقد صرح شارح المحرر بأنه
أدخلهم في كلامه الأول، وأخرجهم في الرواية
الثانية والثالثة، ثم قال المصنف بعد ذلك ولا
نفقة لذوي الأرحام، وعنه: تجب لكل وارث،
وأوجبها جماعة لعمودي نسبه فقط، فقدم هنا أنها
لا تجب لعمودي نسبه من ذوي الأرحام، وقدم في
كلامه الأول أنها تجب لهم فناقض. لا يقال
كلامه ثانيا مخصص لكلامه الأول، لأنا نقول:
ذكره للروايتين بعده يرد ذلك، وسبب التناقض،
والله أعلم، أنه تابع صاحب المحرر في كلامه
الأول، لكن صاحب المحرر أخرجهم ثانيا بقوله:
ولا نفقة لذوي الأرحام من غير عمودي النسب،
وتابع في كلامه الثاني ابن حمدان في رعايته،
فإنه قال: ولا نفقة لذي رحم، وعنه: تجب لعمودي
نسبه، لكن ابن حمدان لم يدخل في كلامه أول
الباب ذوي الأرحام، والمصنف أدخلهم، فحصل ما
حصل، هذا ما ظهر لي. والله أعلم2".
ـــــــ
1 في "ط": "وارث".
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "وورثتهم"، والمثبت من الفروع.
(9/313)
فقط لزمت الجد.
قال الشيخ: وهو الظاهر، وأطلق في الترغيب
أوجها ثلاثة، وعنه: يعتبر توارثهما، اختاره
أبو محمد الجوزي.
ولا نفقة لذوي الأرحام، نقله جماعة، ونقل
جماعة: تجب لكل وارث، واختاره شيخنا، لأنه من
صلة الرحم، وهو عام كعموم1 الميراث في ذوي
الأرحام، بل أولى. قال: وعلى هذا ما ورد من
حمل الخال للعقل، وقوله: "ابن أخت القوم
منهم"2 وكان مسطح ابن خالة أبي بكر. فيدخلون
في قوله: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}
[الإسراء: 26]، وأوجبها جماعة لعمودي3 نسبه
فقط، ومن له وارث4 لزمتهم بقدر إرثهم، إلا
الأب5 يختص بنفقة ولده، وفي الواضح: ما دامت
أمه أحق به. وقال ابن عقيل: ومثله الولد. وقال
القاضي وأبو الخطاب: القياس في أب وابن أن
يلزم الأب سدس فقط، لكن تركه أصحابنا لظاهر
الآية، فأم وجد أو ابن وبنت بينهما أثلاثا،
وأم وبنت أرباعا، ويتخرج: يلزمهما ثلثاها
بإرثهما فرضا: وجد وأخ أو أم أم وأم أب سواء،
ولا تلزم أبا أم مع أم وابن بنت معها، وإن كان
أحد الورثة
__________
........................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "لعموم".
2 أخرجه البخاري 3146، و 3528، ومسلم 1059،
133، من حديث أنس وجاء بعدها في "ط": "مولى
القوم منهم".
3 في "ط": "كعمودي".
4 في "ط": "وارث".
5 في "ر": "أن".
(9/314)
موسرا لزمه
بقدر إرثه، هذا المذهب، وعنه: الكل، ولا يعتبر
النقص1، فتجب لصحيح مكلف لا حرفة له، وعنه:
بلى، كاتفاق دينهما، وفيه وجه، وذكره الآمدي
رواية، وعنه: فيهما غير عمودي نسبه. وفي
الموجز في الثانية رواية: غير والد.
وهل يلزم المعدم الكسب لنفقة قريبه؟ على
الروايتين في الأولة، قاله في الترغيب، وجزم
جماعة يلزمه، وقالوا: ولأنه كالغني في أنه
يلزمه نفقة قريبه، وتسقط عن أبيه نفقته، فكان
كالغني في حرمان الزكاة م 1.
ـــــــ
مسألة 1: قوله، وهل يلزم المعدم الكسب لنفقة
قريبه، على الروايتين في الأولى، قاله في
الترغيب، وجزم2 جماعة: يلزمه، ذكروه في إجارة
المفلس واستطاعة الحج، وقالوا: ولأنه كالغني
في أنه يلزمه، نفقة قريبه، وتسقط عن أبيه
نفقته، فكان كالغني في حرمان الزكاة، انتهى.
الظاهر: أن مراده بالروايتين اللتين قالهما في
الترغيب في الأولى، وهي قوله: ولا يعتبر النقص
فتجب لصحيح مكلف لا حرفة له، وعنه: بلى،
انتهى. قال في القواعد: وخرج صاحب الترغيب
المسألة على روايتين من اشتراط انتفاء الحرفة
للإنفاق، وهو ضعيف، وأظهر منه أن يخرج على
الخلاف في إجبار المفلس على الكسب "3لوفاء
دينه3"،
ـــــــ
1 في "ط": "النقض".
2 بعدها في "ص": "به".
3-3 في النسخ الخطية: "لو زاد منه"، والمثبت
من"ط".
(9/315)
ويقدم الأقرب
فالأقرب، ثم العصبة، ثم التساوي، وقيل: يقدم
وارث، ثم التساوي، فأبوإن يقدم الأب، وقيل:
الأم، ومعهما ابن قيل: يقدم عليهما، وقيل
عكسه، وقيل: فيهما سواء م 2 نقل أبو طالب:
الابن أحق
__________
انتهى. إذا علمت ذلك فقد قال في القواعد: وأما
وجوب النفقة على أقاربه من الكسب، فصرح القاضي
في خلافه، والمجرد، وابن عقيل في مفرداته،
وابن الزاغوني والأكثرون، 1بالوجوب، قال
القاضي في خلافه: لا فرق في ذلك بين
الوالدين1"، "2والأولاد وغيرهم من الأقارب،
وخرج صاحب الترغيب على الروايتين كما تقدم.
قال ابن نصر الله في حواشيه: جزم به الأكثر.
وخرجه في الترغيب2" على الروايتين في اشتراط
انتفاء الحرفة لوجوب نفقة القريب، انتهى. فما
نقله المصنف عن جماعة باللزوم هو الصحيح،
وعليه أكثر الأصحاب، ولعل المصنف ما اطلع على
ما نقله في القواعد، وإنما رأى جماعة ذكروا
ذلك في إجارة المفلس واستطاعة الحج على ما
ذكره، وهو الظاهر. والله أعلم.
تنبيه: ليس في كلام المصنف إفصاح بالروايتين
اللتين بنى عليهما صاحب الترغيب المسألة، وقد
قال في الرعاية وغيره: فإن عدم الحرفة
فروايتان، يعني في وجوب النفقة له.
مسألة 2: قوله: ويقدم الأقرب فالأقرب، ثم
العصبة، ثم التساوي، وقيل: يقدم وارث ثم
التساوي، فأبوإن يقدم الأب، وقيل: الأم،
ومعهما ابن قيل: يقدم عليهما، وقيل عكسه، وقيل
فيهما سواء، انتهى. وأطلقهما في المغني3
والمقنع4 والشرح، وأطلق الخلاف بين الابن
والأب في الهداية والمذهب،
ـــــــ
1-1 ليست في "ط".
2-2 ليست في "ح".
3 11/387.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/409-
410.
(9/316)
بالنفقة منها
وهي أحق بالبر، والأوجه في جد وابن ابن م 3
ويقدم عليهما أب وابن، وقيل: سواء، ويقدم أبو
أب على أبي أم، ومع أبي أبي أب يستويان: وقيل:
يقدم أبو أم. وفي الفصول احتمال عكسه، جزم به
الشيخ. وفي المستوعب: يقدم الأحوج في الكل،
واعتبر في الترغيب، بإرث، وإن مع الاجتماع
يوزع لهم بقدر إرثهم، ومن تركه لم يلزمه
الماضي، أطلقه الأكثر، وجزم به في الفصول،
وذكر1 بعضهم إلا بفرض حاكم، لأنه تأكد بفرضه،
كنفقة الزوجة. وفي المحرر: وإذنه في
الاستدانة.
ـــــــ
والمستوعب وغيرهم.
أحدهما: يقدم الابن2 عليهما، وهو الصحيح، وجزم
به في المنور ومنتخب الآدمي، وقدمه في الخلاصة
والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الوجيز: فإن استوى اثنان في القرب
فالعصبة، انتهى.
والقول الثاني: يقدم الأبوإن عليه. والقول
الثالث: يقسم بينهم.
مسألة 3: قوله: و3 الأوجه في جد وابن ابن،
انتهى. قد علمت الصحيح من المذهب في التي
قبلها، فكذلك هذه، وقدم الشارح هنا أنهما
سواء.
تنبيهان:
"4أحدهما: قوله: ومن تركه لم يلزمه الماضي،
أطلقه الأكثر، وذكر بعضهم: إلا بفرض حاكم، وفي
المحرر: وإذنه في استدانة، انتهى. ظاهره أن
في4".
ـــــــ
1 في الأصل: "جزم".
2 في "ح": "الأب".
3 بعدها في "ط": "هذه".
4-4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(9/317)
وظاهر ما
اختاره شيخنا: ويستدين عليه، فلا يرجع إن
استغنى بكسب أو نفقة متبرع، وظاهر كلام
أصحابنا: يأخذ بلا إذنه، كزوجة. نقل ابناه
والجماعة: يأخذ من مال والده بلا إذنه
بالمعروف، إذا احتاج، ولا يتصدق، وقال شيخنا:
من أنفق عليه بإذن حاكم رجع عليه، وبلا إذن
فيه خلاف. ومن لزمه نفقة رجل لزمه نفقة
امرأته، وعنه: في عمودي نسبه، وعنه: لامرأة
أبيه، وعنه: لا، وهي مسألة الإعفاف، ولمن يعف
قريبه أن
__________
"1المحرر يلزمه بشيئين، بفرض حاكم وإذنه في
الاستدانة، والذي في المحرر أنها لا تلزمه وإن
فرضت، وتلزمه في الاستدانة بإذن حاكم.
وقوله وذكر بعضهم إلا أن يفرض حاكم، قال في
الشرح2: فإن فرضها حاكم فينبغي أن تلزمه،
لأنها تأكدت بفرضه. وفي الرعايتين: تسقط إلا
إن فرضها حاكم1".
ـــــــ
1-1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/416.
(9/318)
يزوجه حرة
تعفه، وبسريه1، ويقدم تعيين قريب، والمهر
سواء. وفي الترغيب: التعيين للزوج، ولا يملك
استرجاع أمة أعفه بها مع غناه، في الأصح.
ويصدق في أنه تائق بلا يمين، ويتوجه: بيمينه،
ويعتبر عجزه، ويكفي إعفافه بواحدة، ويعفه
ثانيا إن ماتت2، وقيل: لا، كمطلق لعذر، في
الأصح، ويلزمه إعفاف أمه كالأب. قال القاضي:
ولو سلم فالأب آكد، ولأنه لا يتصور لأنه3
بالتزويج ونفقتها عليه، ويتوجه: تلزمه نفقة إن
تعذر تزويج بدونها، وهو ظاهر القول الأول، وهو
ظاهر الوجيز: يلزمه إعفاف كل إنسان تلزمه
نفقته وتقدم في أول الفرائض4 هل يلزم العتيق
نفقة مولاه؟ وتلزمه نفقة ظئر صغير حولين من
تلزمه نفقته، وليس لأبيه منع أمه من رضاعه،
وقيل: بلى "5إذا كانت5" في حباله، كخدمته، نص
عليها: ولها أخذ أجرة المثل حتى مع رضا زوج
ثان، ولو مع متبرعة. وفي
__________
........................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "بسرية".
2 في "ط": "مات".
3 أي: الإعفاف للأمّ.
4 8/7.
5-5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(9/319)
الواضح، وفوقها
مما يتسامح به، ونقل أبو طالب: هي أحق بما
يطلب به من الأجرة لا بأكثر. وفي المنتخب: إن
استأجرها من هي تحته لرضاع ولده لم يجز، لأنه
استحق نفعها، كاستئجارها للخدمة شهرا ثم فيه
لبناء، وعند شيخنا: لا أجرة مطلقا، فيحلفها
أنها أنفقت عليه ما أخذت منه. ولا يلزمها إلا
لخوف تلفه، وله إجبار أم ولده مجانا، ولزوج
ثان منعها من رضاع ولدها من الأول، نص عليه،
إلا لضرورته، نقل مهنا: أو شرطها.
ولا يفطم قبل حولين إلا برضا أبويه ما لم
ينضر. وفي الرعاية هنا: يحرم رضاعه بعدهما1
ولو رضيا. وقال في باب النجاسة: طاهر مباح من
رجل وامرأة، وظاهر كلام بعضهم يباح من امرأة
وفي الانتصار وغيره: القياس تحريمه ترك
للضرورة ثم أبيح بعد زوالها، وله نظائر، وظاهر
كلامه في عيون المسائل إباحته مطلقا وفي
الترغيب: له فطام رقيقه قبلهما ما لم ينضر.
قال في الرعاية: وبعدهما ما لم تنضر الأم.
__________
.........................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "بعدها".
(9/320)
ويلزمه خدمة
قريب لحاجة، كزوجة، ومذهب هـ تجب النفقة على
كل ذي رحم محرم لذي رحمه بشرط قدرة المنفق
وحاجة المنفق عليه، وإن كان المنفق عليه كبيرا
اعتبر مع فقره عمى1 أو زمانة، وهي مرتبة على
الميراث، إلا أن نفقة الولد على أبيه خاصة،
ويعتبر عنده اتحاد الدين في غير عمودي نسبه
"2لا فيه2"، ومذهب م تجب على الولد ذكرا كان
أو أنثى نفقة أبويه الأدنين فقط، وتجب على
الأب فقط نفقة أولاده الأدنين فقط، فالذكر حتى
يبلغ، والأنثى حتى تتزوج، وحيث وجبت فسواء
اتحد الدين أو لا، ومذهب ش تجب لعمودي3 النسب
خاصة مع اتحاد الدين، واعتبر عجز المنفق عليه
بصغر أو جنون أو زمانة إن كان من العمود
الأسفل، وإن كان من الأعلى فقولان، وإذا بلغ
الولد صحيحا فلا نفقة.
__________
...................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "عماه".
2 في "ر": "لأبيه".
3 في الأصل: "كعمودي".
(9/321)
فصل يلزمه نفقة رقيقه عرفا ولو آبق وأمة ناشز،
قاله4 ماعة: واختلف كلام
__________
...................
__________
ـــــــ
4 في الأصل و "ط": "قال".
(9/321)
أبي يعلى
الصغير في مكاتب، والكسوة والسكنى من غالب قوت
البلد، وكسوته مطلقا، وتزويجهم بطلبهم إلا أمة
يستمتع بها، فإن أبى أجبر، وتصدق في أنه لا
يطأ. قال في الترغيب: على الأصح. وفي
المستوعب: يلزمه تزويج المكاتبة بطلبه1 ولو
وطئها وأبيح بالشرط، ذكره ابن البنا، وكأن
وجهه لما فيه من اكتساب المهر فملكته كأنواع
التكسب، وظاهر كلامهم خلافه، وهو أظهر، لما
فيه من إسقاط حق السيد2 وإلغاء الشرط، ولا
يكلفه مشقا، نص عليه، والمراد مشقة كثيرة، ولا
يجوز تكليف الأمة بالرعي، لأن السفر مظنة
الطمع، لبعدها عمن يذب عنها. قال معاوية بن
الحكم: كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد
والجوإنية بفتح الجيم وتشديد الواو وبعد الألف
نون ثم ياء مشددة مكان بقرب أحد، قال3: فاطلعت
ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها،
وإنا رجل من بني آدم، آسف بفتح السين أي أغضب،
كما يأسفون، ولكني
__________
...................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "بطلبها".
2 في "ر": "اليد".
3 في الأصل: "قالت".
(9/322)
صككتها صكة،
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك
علي. قلت: يا رسول، أفلا أعتقها؟ قال: "ائتني
بها" فأتيته بها فقال: "أين الله؟" قالت: في
السماء، قال: "من أنا؟" قالت: أنت1 رسول الله،
قال: "أعتقها فإنها مؤمنة". رواه أحمد ومسلم
وأبو داود2. وإن خاف مفسدة لم يسترعها. وقد
ذكر صاحب المحرر عن نقل أسماء، النوى على
رأسها للزبير نحو ثلثي فرسخ من المدينة3 أنه
حجة في سفر المرأة السفر القصير بغير محرم،
ورعي جارية معاوية بن الحكم في معناه وأولى،
فيتوجه على هذا الخلاف، وأما كلام شيخنا
ومعناه لغيره فيجوز مثل هذا قولا واحدا، لأنه
ليس بسفر شرعا ولا عرفا ولا يتأهب له أهبته،
وظاهر ما سبق أنه لا يكلفه مشقا أنه لا يجوز
للنهي. وقاله ابن هبيرة: وحكاه في شرح مسلم
إجماعا. قال: فإن أعانه عليه فلا بأس، لقوله
صلى الله عليه وسلم: "فإن كلفتموهم فأعينوهم"
4. وقال: وفي هذا الحديث أنه يؤمر الشاق على
رقيقه
__________
قوله: ورعي جارية الحكم5 في معناه. صوابه:
جارية ابن الحكم، أو معاوية بن الحكم، وقد
تقدم حديثه قريبا فهذه ثلاث مسائل في هذا
الباب.
ـــــــ
1 في "ر": "أنك".
2 أحمد 23762، مسلم 537، أبو داود 930.
3 تقدم ص 266.
4 تقدم ص 297.
5 الظاهر من هذا التنبيه أن نسخة الفروع التي
اعتمدها المرداوي وابن قندس جاءت كذلك.
(9/323)
بالبيع، لقول
رسول الله عليه السلام "فليبعه" 1 لكن هذا
الأمر على طريق الوعظ لا الإجبار كذا قال:
ويريحه وقت قائلة ونوم وصلاة، ويداويه وجوبا،
قاله جماعة، وظاهر كلام جماعة يستحب، وهو
أظهر. قال ابن شهاب في كفن الزوجة: العبد لا
مال له، فالسيد أحق بنفقته ومؤنته، ولهذا
النفقة المختصة بالمرض تلزمه من الدواء وأجرة
الطبيب، بخلاف الزوجة، ويركبه في السفر عقبة،
وتلزمه إزالة ملكه بطلبه وامتناعه مما يلزمه
فقط، نص عليه كفرقة زوجة، قاله في عيون
المسائل وغيرها في أم ولد، كما هو ظاهر
كلامهم.
قال شيخنا في مسلم بجيش ببلاد التتار أبى بيع
عبده وعتقه2 ويأمره بترك المأمور وفعل المنهي:
فهربه3 منه إلى بلد الإسلام واجب، فإنه لا
حرمة لهذا، ولو كان في طاعة المسلمين. والعبد
إذا هاجر من أرض الحرب فإنه حر، وقال: ولو لم
تلائم أخلاق العبد أخلاق سيده لزمه إخراجه عن
ملكه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فما لا
يلائمكم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله" 4 كذا.
قال، روى أبو داود وغيره5 من حديث أبي ذر "فمن
لم6 يلائمكم
ـــــــ
...............
__________
ـــــــ
1 أخرجه مسلم في صحيحه 1661، 39، من حديث أبي
ذر بلفظ: "... فإن كلّفه ما يغلبه، فليبعه".
2 ليست في "ر".
3 في الأصل: "قهرب".
4 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8/7.
5 أبو داود 5157.
6 في "ط": "لا".
(9/324)
فبيعوه ولا
تعذبوا خلق الله" ورووا من حديث أبي ذر أيضا
"من لاءمكم من مملوكيكم فأطعموهم مما تأكلون،
واكسوهم مما تلبسون، ومن لا يلائمكم فبيعوه
ولا تعذبوا خلق الله" 1، "2وهما خبران
صحيحان2"، وكذا أطلق في الروضة: يلزمه بيعه
بطلبه، ويسن إطعامه من طعامه، فإن وليه فمعه
أو منه، ولا يأكل بلا إذنه، نص عليه.
ويسترضع الأمة لغير ولدها بعد ريه3، وإلا حرم
ذلك، ولا يجوز له إجارتها بلا إذن زوج، كما
سبق، قال الشيخ: لاشتغالها عنه برضاع وحضانة
وهذا إنما يجيء إذا أجرها في مدة حق الزوج،
فلو أجرها في غيره يوجه الجواز، وإطلاقه مقيد
بتعليله: وقد يحتمل أن لا يلزم تقييده به،
فأما إن ضر ذلك بها لم يجز.
وتجوز المخارجة باتفاقهما بقدر كسبه بعد
نفقته، وإلا لم يجز. وفي الترغيب: إن قدر
خراجا بقدر كسبه لم يعارض، ويؤخذ من المغني4:
لعبد مخارج هدية طعام وإعارة متاع وعمل دعوة،
قاله في الترغيب وغيره، وظاهر هذا أنه كعبد
مأذون له في التصرف. وظاهر كلام جماعة: لا
يملك ذلك، وإن فائدة المخارجة ترك العمل بعد
الضريبة.
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود 5161.
2 ليست في الأصل.
3 في "ط": "ربه".
4 14/482.
(9/325)
وفي كتاب
الهدي1: له التصرف فيما زاد على خراجه، ولو
منع منه كان كسبه كله خراجا2 ولم يكن لتقديره
فائدة، بل ما زاد تمليك من سيده له يتصرف فيه
كما أراد كذا قال.
وللسيد تأديبه كولد وزوجة. كذا قالوا. والأولى
ما رواه أحمد وأبو داود3 عن لقيط، أن النبي
عليه السلام قال له: "ولا تضرب ظعينتك ضربك
أمتك". ولأحمد والبخاري4: "لا يجلد أحدكم
امرأته جلد العبد ثم لعله يجامعها أو يضاجعها
من آخر اليوم". ولابن ماجه5 بدل العبد الأمة.
ونقل، حرب: لا يضربه إلا في ذنب بعد عفوه عنه
مرة أو مرتين، ولا يضربه شديدا، ونقل حنبل: لا
يضربه إلا في ذنب عظيم، لقوله صلى الله عليه
وسلم: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها" 6. ويقيده
إذا خاف عليه، ويضربه غير مبرح، فإن وافقه
وإلا باعه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا
تعذبوا عباد الله" 7.
قال الواحدي: أصل العذاب في كلام العرب من
العذب، وهو المنع، يقال: عذبته عذبا إذا
منعته، وعذب عذوبا أي امتنع، وسمي الماء عذبا
لأنه يمنع العطش، وسمي العذاب عذابا؛ لأنه
يمنع المعاقب من
__________
......................
__________
ـــــــ
1 "زاد المعاد" 4/58.
2 في "ر": "خارجا".
3 أحمد 16384، أبو داود 142.
4 أحمد 16222، البخاري 5204، من حديث عبد الله
بن زمعة.
5 في سننه 1983.
6 أخرجه البخاري 2234، ومسلم 1703، من حديث
أبي هريرة.
7 أخرجه ابن حبان 4313، من حديث أبي هريرة.
(9/326)
معاودة مثل
جرمه، ويمنع غيره من مثل فعله، وظاهر هذه
الرواية يوافق ما سبق من اختيار شيخنا، ونقل
غيره: لا يقيد ويباع أحب إلي، ونقل أبو داود:
يؤدب في فرائضه، وإذا حمله ما يطيق، قيل له:
فضرب مملوكه على هذا فاستباعت1، وهو يكسوها
مما يلبس ويطعمها مما يأكل، قال: لا تباع،
قيل: فإن أكثرت أن تستبيع؟ قال: لا تباع إلا
أن تحتاج زوجا فتقول: زوجني، وقد روى أبو داود
من حديث عبد الله بن عمر2 والترمذي3 من حديث
ابن عمر أن رجلا قال: يا رسول الله، كم تعفو
عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام، فصمت،
فلما كان في الثالثة
__________
.....................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في النسخ الخطية: "عمرو" والمثبت من مصدر
التخريج.
3 حديث أبي داود برقم 5164، وحديث الترمذي
1949.
(9/327)
قال: "أعفو عنه
سبعين مرة" حديث جيد. ولا يشتم أبواه
الكافران. لا يعود لسانه الخنا والردى، ولا
يدخل الجنة سيئ الملكة1، وهو الذي يسيء إلى
مملوكه، نص على ذلك. وفي الفنون: الولد يضربه
ويعزره2، وإن مثله عبد وزوجة. وإن بعثه لحاجة
فوجد مسجدا يصلى فيه قضى حاجته وإن صلى فلا
بأس، نقله صالح.
ونقل ابن هانئ: إن علم أنه لا يجد مسجدا يصلى
فيه صلى وإلا قضاها، وظاهر كلامهم: يؤدب الولد
ولو كان كبيرا مزوجا منفردا في بيت لقول عائشة
لما انقطع عقدها وأقام النبي صلى الله عليه
وسلم، بالناس على غير ماء: فعاتبني أبو بكر
وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في
خاصرتي3 يطعن بضم العين وحكي فتحها وعكسه
الطعن في المعاني ولما روى ابن عمر: "لا
تمنعوا إماء الله مساجد الله" قال ابنه بلال:
والله لنمنعن فسبه4 سبا سيئا وضرب في صدره5.
قال ابن الجوزي في كتاب السر المصون: معاشرة
الولد باللطف والتأديب والتعليم، وإذا احتيج
إلى ضربه ضرب، ويحمل على أحسن الأخلاق ويجنب
سيئها، فإذا كبر فالحذر منه، ولا يطلعه على كل
__________
.....................
__________
ـــــــ
1 أخرجه الترمذي 1946، من حديث أبي بكر رضي
الله عنه.
2 ليست في الأصل.
3 أخرجه البخاري 334، ومسلم 367.
4 في "ط": "فسبى".
5 أخرجه مسلم 442، 136، 139.
(9/328)
الأسرار، ومن
الغلط ترك تزويجه إذا بلغ، فإنك تدري ما هو
فيه بما كنت فيه، فصنه عن الزلل عاجلا، خصوصا
البنات، وإياك أن تزوج البنت بشيخ أو شخص
مكروه. وأما المملوك فلا ينبغي أن تسكن إليه
بحال، بل كن منه على حذر، ولا يدخل الدار منهم
مراهق ولا خادم، فإنهم رجال مع النساء ونساء
مع الرجال، وربما امتدت عين امرأة إلى غلام
محتقر، لأن الشهوة والحاجة إلى الوطء تهجم على
النفس، ولا ينظر في عز ولا ذل ولا سقوط جاه
ولا تحريم.
ومن غاب عن أم ولد زوجت، في الأصح، لحاجة
نفقة، ويتوجه أو وطء، عند من جعله كنفقة. وفي
الانتصار في غيبة الولي أنه يزوج أمة سيد غائب
من يلي ماله، أومأ إليه في رواية بكر، وفيه في
أم ولد النفقة إن
__________
..........................
__________
(9/329)
عجز عنها وعجزت
لزمه عتقها، وسأله مهنا عن أم ولد تزوجت بلا
إذن سيدها، قال: كيف تتزوج بلا إذنه؟ قلت: غاب
سنين فجاء الخبر بموته فتزوجت وولدت ثم جاء
السيد، قال: الولد للأخير وعليه قيمة الولد،
وترد إلى السيد، وقيل له في رواية أبي داود:
المفقود يقدم وقد تزوجت أم ولده؟ قال: ترد
إليه.
وتلزمه نفقة أمته دون زوجها، والحرة نفقة
ولدها، من عبد، نص على ذلك.
ويلزم المكاتبة نفقة ولدها، وكسبه لها، وينفق
على من بعضه حر بقدر رقه1، وبقيتها عليه، قيل
لأحمد: فإن أطعم عياله حراما يكون ضيعة لهم؟
قال: شديدا. ويلزمه القيام بمصلحة بهيمته فإن
عجز أجبر، وفيه احتمال لابن عقيل2: على بيع أو
كراء أو ذبح مأكول، فإن أبى فعل الحاكم الأصلح
أو اقترض عليه.
قال في الغنية: ويكره له3 إطعامه فوق طاقته
وإكراهه على الأكل، على ما اتخذه الناس عادة
لأجل التسمين، قال أبو المعالي في سفر النزهة:
قال أهل العلم: لا يحل أن يتعب دابة ونفسه بلا
غرض صحيح، ويحرم تحميلها مشقا وحلبها ما يضر
ولدها، وجيفتها له، ونقلها عليه، ولعن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 ليست في الأصل.
3 ليست في "ر": و "ط".
(9/330)
النبي صلى الله
عليه وسلم من وسم أو ضرب الوجه، ونهى عنه1.
فتحريم ذلك ظاهر كلام الإمام والأصحاب، وذكروه
في ضرب الوجه في الحد. وفي المستوعب في الوسم
يكره، فيتوجه في2 ضربه مثله، والأول أظهر، وهو
في الآدمي أشد، قال ابن عقيل: لا يجوز الوسم
إلا لمداواة. وقال أيضا: يحرم لقصد المثلة،
ويجوز لغرض صحيح. نقل ابن هانئ: يوسم ولا يعمل
في اللحم. وكره أحمد خصاء غنم وغيرها إلا خوف
غضاضة3، وقال: لا يعجبني أن يخصي شيئا، وحرمه
القاضي وابن عقيل، كالآدمي، ذكره ابن حزم فيه
ع.
وفي الغنية: لا يجوز خصاء شيء من حيوإن وعبيد،
نص عليه في رواية حرب وأبي طالب، وكذلك السمة
في الوجه، على ما نقله أبو طالب للنهي. وإن
كان لا بد منه للعلامة ففي غير الوجه. ونزو
حمار على فرس يتوجه تخريجه على الخصاء، لعدم
النسل فيهما، ونقل أبو داود: يكره.
وفي الرعاية يباح خصي الغنم، وقيل: يكره،
كغيرها، ويكره تعليق جرس أو وتر، وجز معرفة4
وناصية، وفي جز ذنبها روايتان، أظهرهما يكره
للخبر5، وعن سهل بن الحنظلية قال: مر رسول
الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد
__________
........................
__________
ـــــــ
1 أخرجه مسلم 1116، 1117، من حديث جابر.
2 ليست في "ر".
3 جاء في "المصباح": يقال: غضّ من فلان غضّا
وغضاضة: إذا تنقصه، والغضغضة: النقصان.
4 المعرفة، كمرحلة: موضع العرف من الفرس.
"القاموضس": "عرف".
5 تقدم تخريجه آنفا.
(9/331)
لحق ظهره ببطنه
فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم العجمة1،
فاركبوها صالحة، وكلوا لحمها صالحة" . إسناده
جيد، رواه أبو داود2، وعن أبي الدرداء مرفوعا:
"لو غفر لكم ما تأتون إلى البهائم لغفر لكم
كثيرا". رواه أحمد3. ويجوز الانتفاع به في غير
ما خلق له، كالبقر للحمل أو الركوب، والإبل
والحمر للحرث ذكره الشيخ وغيره في الإجارة،
لأن مقتضى الملك جواز الانتفاع به فيما يمكن،
وهذا ممكن كالذي خلق له، وجرت به عادة بعض
الناس.
ولهذا يجوز أكل4 الخيل، واستعمال اللؤلؤ في
الأدوية، وإن لم يكن المقصود منهما ذلك، وقوله
صلى الله عليه وسلم بينا رجل يسوق بقرة أراد
أن يركبها قالت: "إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا
للحرث". متفق عليه5، أي أنه معظم النفع، ولا
يلزم منه منع غيره. وقال ابن حزم في الصيد:
اختلفوا في ركوب البقر، فيلزم المانع منع
تحميل البقر، والحرث بالإبل والحمر، وإلا فلم
يعمل بالظاهر ولا بالمعنى.
وروى أحمد6 عن سوادة بن الربيع أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال له: "إذا رجعت
__________
....................
__________
ـــــــ
1 في الأصل و"ط": "العجمة".
2 في سننه 2548.
3 في مسنده 27486.
4 في "ط": "أمل".
5 البخاري 2324، 3471، ومسلم 2388، من حديث
أبي هريرة.
6 في مسنده 15961.
(9/332)
إلى بيتك فمرهم
فليحسنوا غدا رباعهم، ومرهم فليقلموا أظافرهم
ولا يعبطوا بها ضروع مواشيهم إذا حلبوا" قال
أحمد فيمن1 شتم دابة: قال الصالحون: لا تقبل
شهادته2، [من] هذه عادته. وروى أحمد ومسلم3 عن
عمران4 أنه عليه السلام كان في سفر، فلعنت
امرأة ناقة فقال: "خذوا ما عليها ودعوها فإنها
ملعونة فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما
يعرض لها5 أحد" . ولهما6 من حديث أبي برزة لا
تصاحبنا ناقة عليها لعنة، فيتوجه احتمال أن
النهي عن مصاحبتها فقط، ولهذا روى أحمد7 من
حديث عائشة أنه عليه السلام أمر أن ترد. وقال:
لا يصحبني شيء ملعون ويحتمل مطلقا من العقوبة
المالية، لينتهي الناس عن ذلك، وهو الذي ذكره
ابن هبيرة في حديث عمران، ويتوجه على الأول
احتمال: إنما نهى لعلمه باستجابة الدعاء.
وللعلماء كهذه الأقوال.
وقال ابن حامد: إذا لعن أمته أو ملكا8 من
أملاكه فعلى مقالة أحمد يجب إخراج ذلك عن
ملكه، فيعتق العبد ويتصدق بالشيء، لأن المرأة
__________
........................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "شهادات".
3 أحمد 19870، مسلم 2595.
4 في "ط": "عمر".
5 أي: الناقة.
6 في "ط": "لها"، وقد أخرجه أحمد 19766، ومسلم
2596.
7 في مسنده 24434.
8 في "ط": "ملكه".
(9/333)
لعنت بعيرها،
فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يصحبنا ملعون،
خليه" 1 قال: وقد يجيء في الطلاق إذا قال
لزوجته ذلك ولعنها مثل ما في الفرقة، ولمسلم2
من حديث أبي الدرداء: لا يكون اللعانون شفعاء
ولا شهداء يوم القيامة3، ولأبي داود4 بإسناد
جيد من حديث ابن عباس: أن رجلا نازعته الريح
رداءه فلعنها، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا
تلعنها فإنها5 مأمورة، وإنه6 من لعن شيئا ليس
له بأهل رجعت اللعنة عليه". وسبت عائشة يهود
ولعنتهم لما سلموا على النبي صلى الله عليه
وسلم فقال: "يا عائشة، لا تكوني فاحشة" 7،
ولأحمد ومسلم8: "مه يا عائشة، إن الله لا يحب
الفحش ولا التفحش". وعن أبي هريرة مرفوعا:
"البذاء من الجفاء والجفاء في النار" ، وعن
ابن مسعود مرفوعا: "ليس المؤمن بطعان ولا لعان
ولا فاحش ولا بذيء" . رواهما أحمد والترمذي9
وصححهما. وعن أبي هريرة مرفوعا: "ليس منا من
خبب امرأة على زوجها أو عبدا على
__________
......................
__________
ـــــــ
1 ناقة خليّة: مطلقة من عقالها فهي ترعى حيث
شاءت "المصباح": "خلا".
2 في صحيحه 2598، 85.
3 في "ط": "القامة"
4 في سننه 4908.
5 في "ط": "فإنه".
6 في "ط": "إن".
7 أخرجه مسلم 2165، 11.
8 أحمد 25029، مسلم 2165، 11.
9 حديث أبي هريرة عند أحمد برقم: 10512،
والترمذي 2009، وحديث ابن مسعود عند أحمد برقم
3839، والترمذي 1977.
(9/334)
سيده" ، إسناده
جيد، رواه أبو داود والنسائي1، أي خدعه
وأفسده، ولأحمد2 مثله من حديث بريدة. وتستحب
نفقته على غير حيوإن، "3ذكره في الواضح، وهو
ظاهر كلام غيره3"، ويتوجه وجوبه لئلا يضيع
ماله. والله أعلم.
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 أبو داود 2175، النسائي في الكبرى 9214.
2 في مسنده 22980.
3-3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(9/335)
باب الحضانة
مدخل
...
باب الحضانة
لا حضانة إلا لرجل عصبة أو امرأة وارثة أو
مدلية بوارث أو عصبة. ثم هل هي لحاكم أو لبقية
الأقارب من رجل وامرأة ثم لحاكم؟ فيه وجهان م
1 فعلى الثاني يقدم أبو أم وأمهاته على الخال،
وفي تقديمهم
ـــــــ
مسألة 1 قوله: ولا حضانة إلا لرجل عصبة أو
امرأة وارثة أو مدلية بوارث أو عصبة، ثم هل هي
لحاكم أو لبقية الأقارب من رجل وامرأة ثم
لحاكم؟ فيه وجهان، انتهى، وهما احتمالان
للقاضي، وبعده لصاحب الهداية والكافي1
والهادي، وأطلقهما في الهداية2 والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي
والمقنع والهادي والبلغة والشرح3 وشرح ابن
منجا وغيرهم.
أحدهما: لا حق لهم في الحضانة، وينتقل إلى
الحاكم، جزم به في الوجيز، وهو ظاهر ما جزم به
في العمدة والمنور ومنتخب الآدمي، فإنهم ذكروا
مستحقي الحضانة ولم يذكروهم فيهم، وقدمه في
المحرر والحاوي الصغير، وقدمه في الرعايتين
والنظم في أول الباب، وصححه في التصحيح.
والوجه الثاني: هو لبقية الأقارب من ذوي
الأرحام دون الحاكم، وهو الصحيح، قال في
المغني4: وهو أولى، وجزم به ابن رزين في
نهايته، وصاحب تجريد العناية، وقدمه ابن رزين
في شرحه وقال: هو أقيس، وقدمه في النظم في
موضع، وصححه في آخر، وقدمه في الرعايتين في
أثناء الباب، ولعله تناقض منهم!
ـــــــ
1 5/111- 112.
2 بعدها في "ط": "والمذهب، ومسبوك الذهب،
والمستوعب، والخلاصة، والمغني، والكافي،
والمقنع، والهادي".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/467-
468.
4 11/425.
(9/336)
على أخ من أم
أو عكسه وجهان م 2. وأحق النساء بطفل أو معتوه
أمه ولو بأجرة مثل، كرضاع قاله في الواضح، ثم
جداته، ثم أخواته، ثم عماته وخالاته، ثم عمات
أبيه وخالات أبويه، ثم بنات إخوته وأخواته، ثم
بنات أعمامه وقيل: العمات والخالات بعد بنات
إخوته وأخواته. وتقدم أم أم1 على أم أب، وأخت
لأم على أخت لأب، وخالة على عمة، وخالة أم على
خالة أب، وخالة أب على عمته، ومدل من خالة
وعمة بأم و. وعنه عكسه في الكل، اختاره شيخنا
وغيره، لأن الولاية للأب، وكذا قرابته، لقوته
بها، وإنما قدمت الأم؛ لأنه لا يقوم مقامها
هنا في مصلحة الطفل، وإنما قدم الشارع خالة
ابنة2 حمزة على عمتها صفية، لأن صفية لم تطلب،
وجعفر طلب نائبا عن خالتها، فقضى الشارع بها
لها3 في
__________
مسألة 2: قوله: في المسألة: فعلى الثاني يقدم
أبو أم وأمهاته على الخال، وفي تقديمهم على أخ
من أم أو عكسه وجهان، انتهى. وأطلقهما في
الهداية والمستوعب والمغني4 والمقنع5 والهادي
والشرح6 وشرح ابن منجا والنظم وغيرهم:
أحدهما: يقدمون عليه، قدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: يقدم عليهما، صححه في التصحيح.
ـــــــ
1 في الأصل: "أمّ أمّ أمّ".
2 في "ر": "ابن".
3 ليست في "ر".
4 11/425.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/468.
6 ليست في "ص".
(9/337)
غيبتها1، وقدم
القاضي وأصحابه والشيخ الخالة على العمة،
والأخت للأب على الأخت للأم، قال بعضهم:
فتناقضوا، وكذا قاله ش في الجديد.
__________
...................
__________
ـــــــ
1 أخرج البخاري 2699، ومسلم 1783، من حديث
البراء بن عازب الذي يصف فيه عمرة النبي صلى
الله عليه وسلم، وفيه... فخرج النبي صلى الله
عليه وسلم فتبعنهم ابنة حمزة يا عم يا عم،
فتناولها عليّ فأخذ بيدها، وقال لفاطمة عليها
السلام: دونك ابنة عمك احمليها، فاختصم فيها
عليّ وزيد وجعفر، فقال عليّ: أنا أحق بها، وهي
ابنة عمي، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي،
وقال زيد: ابنة أختي، فقضى بها النبي صلى الله
عليه وسلم لخالتها، وقال: "الخالة بمنزلة
الأمّ"، وقال لعليّ: "أنت أحق مني وإنا منك".
، وقال لجعفر: "أشبهت خلقي وخلقي" ، وقال
لزيد: "أنت أخونا ومولانا".
(9/338)
الجديد وأحق
الرجال أب، ثم جد، ثم أقرب عصبة، وتقدم النساء
عليهم، إلا أن الأب يقدم على غير أمهات الأم
والجد يقدم على غير أمهات الأبوين، وعنه
تقديمهما على غير أم، وعنه: تقدم أخت لأم
وخالة على أب، فتقدم النساء على كل رجل، وقيل:
إن لم يدلين به، ويحتمل تقديم نساء الأم على
الأب وجهته، وقيل: تقدم العصبة على امرأة مع
قربه، فإن تساويا فوجهان م 3.
ـــــــ
مسألة 3: قوله: قيل: تقدم العصبة1 على امرأة
مع قربه، فإن تساويا فوجهان، انتهى.
أحدهما: تقدم هي مع التساوي على هذا البناء،
وهو الصواب، وهو ظاهر كلام الشارح وغيره.
والوجه الثاني: يقدم هو.
ـــــــ
1 في "ط": "العصبية".
(9/339)
ولا حضانة
لعصبة غير محرم على أنثى، وفي المغني1 وغيره:
إن بلغت سبعا. وفي الترغيب: تشتهى، واختار
صاحب الهدي: مطلقا، ويسلمها إلى ثقة يختارها
هو، أو إلى محرمه، لأنه أولى من أجنبي وحاكم،
وكذا قال فيمن تزوجت وليس للولد غيرها، وهذا
متوجه وليس بمخالف للخبر2، لعدم عمومه، فإن
أبت الأم لم تجبر، وأمها أحق، وقيل: الأب. ولا
حضانة لمن فيه رق، لأنه لا يملك نفعه الذي
تحصل الكفالة.
وفي الفنون: لم يتعرضوا لأم ولد فلها حضانة
ولدها من سيدها، وعليه نفقتها، لعدم المانع،
وهو الاشتغال بزوج وسيد. وفي المغني3 في معتق
بعضه: قياس قول أحمد: يدخل في مهايأة. وقال في
الهدي4: لا دليل على اشتراط الحرية، وقال م في
حر له ولد من أمة: هي أحق به، إلا أن تباع
فتنتقل، فالأب أحق. قال: وهذا هو الصحيح،
لأحاديث منع التفريق5. قال: وتقدم بحق حضانتها
وقت حاجة الولد على حق السيد كما في البيع
سواء.
__________
......................
__________
ـــــــ
1 11/423.
2 أي: خبر ابنة حمزة، المتقدم آنفا.
3 11/425.
4 "زاد المعاد" 5/412.
5 منها: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أنه باع جارية وولدها ففرق بينهما، فنهاه
النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
ومنها: حديث أبي أيوب الأنصاري، أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من فرق بين
والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم
القيامة". أخرجهما البيهقي في "السنن الكبرى"
9/126.
(9/340)
وقال الأصحاب:
ولا حضانة لفاسق، وخالف صاحب الهدي1، قال2
لأنه لا يعرف أن الشرع فرق لذلك، وأقر الناس،
ولم يبينه بيانا واضحا عاما، ولاحتياط الفاسق
وشفقته على ولده ولا لكافر على مسلم. ولا
لامرأة مزوجة. قاله الخرقي وغيره، وكذا أطلقه
أحمد و م ش ولو رضي الزوج: واختار صاحب الهدي3
لا تسقط إن رضي4، بناء على أن سقوطها لمراعاة
حق الزوج، وقيل: تسقط إلا بجدة و م، والأشهر:
وقريبة، وهو معنى قول بعضهم: ونسيبة، ويتوجه
احتمال ذا5 رحم محرم و هـ، وعنه: لها6 حضانة
الجارية.
ولا يعتبر الدخول في الأصح م فإن زال المانع
عادت م في النكاح، ووافق في غيره بناء على أن
قوله عليه السلام: "أنت أحق به7 ما لم تنكحي"
8 توقيت لحقها من الحضانة بالنكاح، وعنه: في
طلاق رجعي بعد العدة و هـ وذكر جماعة وجها،
وصححه في الترغيب. ونظيرها لو وقف على أولاده،
فمن تزوج من البنات فلا حق له، قاله القاضي.
__________
........................
__________
ـــــــ
1 "زاد المعاد" 5/411- 412.
2 ليست في الأصل، وجاءت في "ط" بعد قوله:
"لأنه".
3 "زاد المعاد" 5/432.
4 في "ر": "مرض".
5 في "ط": "ذات".
6 في "ط": "له".
7 ليست في "ط".
8 أخرجه أبو داود 2276، من حديث عبد الله بن
عمرو.
(9/341)
وهل يسقط حقها
بإسقاطها؟ فيه احتمالان في الانتصار ويتوجه
كإسقاط أب الرجوع في هبة.
وفي كتاب الهدي1: هل الحضانة حق للحاضن أو
عليه؟ فيه قولان في مذهب أحمد ومالك وينبني
عليها: هل لمن له الحضانة أن يسقطها وينزل
عنها؟ على قولين، وإنه لا يجب2 عليه خدمة لولد
أيام حضانته إلا بأجرة إن قلنا الحق له، وإلا
وجبت عليه خدمته مجانا، وللفقير الأجرة على
القولين؟ قال: وإن وهبت الحضانة للأب وقلنا
الحق لها لزمت الهبة ولم ترجع فيها، وإن قلنا
الحق عليها3 فلها العود إلى طلبها، كذا قال م
4 ثم
ـــــــ
مسألة 4: قوله: وهل يسقط حقها بإسقاطها؟ فيه
احتمالان في الانتصار في مسألة الخيار هل يورث
أم لا؟ ويتوجه كإسقاط أب4 الرجوع في هبة. وفي
كتاب الهدي: هل الحضانة حق للحاضن أو عليه؟
فيه قولان في مذهب أحمد، وينبني عليهما هل لمن
له الحضانة أن يسقطها، و5ينزل عنها؟ على
قولين، وإنه لا يجب عليه خدمة الولد أيام
حضانته إلا بأجرة إن قلنا "6الحق له، وإلا6"
عليه خدمته مجانا، وللفقير الأجرة على
القولين، قال: وإن وهبت الحضانة للأب وقلنا:
الحق لها7 لزمت الهبة ولم ترجع فيها، وإن قلنا
الحق عليها فلها العود إلى طلبها، كذا
ـــــــ
1 "زاد المعاد" 5/404.
2 بعدها في "ر": "و".
3 في "ر": "لها".
4 ليست في "ط".
5 في النسخ الخطية: "أو"، والمثبت من "ط".
6 ليست في "ح".
7 في "ح": "له".
(9/342)
قال: هذا كله
كلام أصحاب مالك، كذا قال. وإن أراد أحد أبويه
سفرا لحاجة فقيل: للمقيم، وقيل: للأم، وقيل:
مع قربه م 5 و 6
ـــــــ
قال، انتهى كلام المصنف. قال ابن نصر الله في
حواشيه: كلامه في المغني يدل على سقوط حق الأم
من الحضانة بإسقاطها، وإن ذلك ليس محل خلاف،
وإنما محل النظر أنها لو أرادت العود فيها هل
لها ذلك؟ يحتمل قولين، أظهرهما لها ذلك، لأن
الحق لها ولو يتصل تبرعها به بالقبض، فلها
العود، كما لو أسقطت حقها من القسم، انتهى.
قال في المغني1: وإن تركت الأم الحضانة مع
استحقاقها لها ففيه وجهان: أحدهما: تنتقل إلى
الأب، ولأن أمهاتها فرع عليها في الاستحقاق،
فإذا أسقطت حقها سقط فروعها.
والثاني: تنتقل إلى أمها وهو أصح، ولأن الأب
أبعد، فلا تنتقل إليه مع وجود الأقرب، وكون2
أمها فرعها لا يقتضي سقوط حقها بإسقاط بنتها،
كما لو تزوجت، انتهى ملخصا.
مسألة 5 و 6: قوله: وإن أراد أحد أبويه سفرا
لحاجة، فقيل: للمقيم، وقيل: للأم، وقيل: مع
قربه، انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى 5: إذا كان السفر بعيدا لحاجة
ثم يعود فهل المقيم أحق أم الأم3؟ أطلق
الخلاف.
أحدهما: المقيم منهما4 أحق، وهو الصحيح، جزم
به في المستوعب
ـــــــ
1 11/427.
2 في النسخ الخطية: "إن"، والمثبت من "ط".
3 في النسخ الخطية: "لا"، والمثبت من "ط".
4 ليست في "ط".
(9/343)
والسكنى مع
قربه للأم، وقيل: للمقيم، ومع بعده ولا خوف
للأب و م ش وعنه: للأم، وقيدها في المستوعب
والترغيب بإقامتها، وعند الحنفية هو للمقيم
إلا أن تنتقل الأم إلى بلد كان فيه أصل
النكاح.
__________
والمغني1 والكافي2 والشرح3 وشرح ابن منجا وابن
رزين وغيرهم، وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: الأم أحق مطلقا، جزم به في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والوجيز وغيرهم،
وقدمه في المحرر والنظم والرعاية الصغرى
والحاوي الصغير وغيرهم.
المسألة الثانية 6: إذا كان السفر قريبا لحاجة
ثم يعود فهل المقيم أحق أم الأم؟ أطلق الخلاف.
أحدهما: المقيم أحق، وهو الصحيح، وبه قطع في
المستوعب والمغني والكافي4 والشرح وشرح ابن
منجا وغيرهم، وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: الأم أحق مطلقا، أعني سواء
كانت المسافرة أو المقيمة، جزم به في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر
والحاوي والوجيز وغيرهم. وقدمه في الرعاية
الصغرى، ولنا قول إن: الأم أحق هنا، وإن قلنا
المقيم أحق في البعيد وهو الذي ذكره المصنف،
وقد قدم في
ـــــــ
1 11/419.
2 5/116.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/479-
480.
4 5/117.
(9/344)
وقال صاحب
الهدي1: إن أراد المنتقل مضارة الآخر وإنتزاع
الولد لم يجب إليه، وإلا عمل ما فيه مصلحة
طفل. وهذا متوجه، ولعله مراد الأصحاب، فلا
مخالفة، لا سيما في صورة المضارة، والبعيد
مسافة قصر، ونصه: ما لم يمكنه العود في يومه،
اختاره الشيخ.
وإن بلغ غلام سبع سنين عاقلا فعنه: أبوه أحق،
وعنه أمه، والمذهب يخير م 7 و ش فإن أبى ذلك
أقرع. وفي الترغيب احتمال أن أمه أحق، كبلوغه
غير رشيد، ونقل أبو داود: يخير ابن ست أو سبع.
ومذهب هـ أمه أحق حتى يأكل ويشرب ويلبس وحده
فيكون عند أبيه، ومتى أخذه الأب لم يمنع زيارة
أمه ولا هي تمريضه، وإن أخذته أمه كان عندها
ليلا، وعنده نهارا ليؤدبه ويعلمه ما
ـــــــ
المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي أن
الأم أحق مطلقا في البعيد، وقطعوا في القريب
بأنها أحق، فهناك قدموا مع حكايتهم الخلاف،
وهنا قطعوا.
مسألة 7: قوله: وإن بلغ غلام2 سبع سنين عاقلا،
فعنه: أبوه أحق، وعنه: أمه والمذهب: يخير،
انتهى. المذهب بلا شك التخيير والكلام على
الروايتين على القول بعدم التخيير، فإنه
أطلقهما، والصحيح منهما أن الأب أحق، قدمه في
المحرر والرعايتين والحاوي الصغير، وهو ظاهر
ما قدمه الناظم، قال الزركشي: أضعف الروايات
الرواية التي تقول: إن الأم أحق، انتهى.
ـــــــ
1 في "زاد المعاد" 5/414.
2 ليست في "ص".
(9/345)
يصلحه، فإن
اختار أحدهما: ثم اختار غيره أخذه. وكذا إن
اختار أبدا وفي الترغيب: إن أسرف تبين قلة
تمييزه فيقرع أو للأم.
وإن بلغت أنثى سبعا فعنه: الأم أحق و هـ قال
في الهدي1: وهي الأشهر عن أحمد وأصح دليلا،
وقيل: تخير، وذكره في الهدي رواية وقال: نص
عليها و ش والمذهب الأب م 8 تبرعت بحضانته أم
لا. وعنه: بعد تسع، فإن بلغت فعنده حتى
يتسلمها زوج و هـ وعنه: عندها، وقيل: إن كانت
أيما أو الزوج محرما، وقيل: إن حكم برشدها
فحيث أحبت، كغلام. وقاله في الواضح، وخرجه على
عدم إجبارها، والمراد بشرط كونها مأمونة، زاد
صاحب الرعاية: ثيبا، وعلى المذهب: لأبيها
منعها من الانفراد، فإن لم يكن فأولياؤها.
ويستحب للرجل أن لا ينفرد عن أبويه، وروى ابن
وهب عن مالك الأم أحق بهما حتى يثغرا2، وروى
ابن القاسم عن م حتى يبلغا، ولا يمنع أحدهما:
الآخر3 من زيارتها. قال
ـــــــ
مسألة 8: قوله: وإن بلغت أنثى سبعا، فعنه:
الأم أحق، قال في الهدي: وهي أشهر عن أحمد
وأصح دليلا، وقيل: تخير، ذكره في الهدي رواية.
وقال: نص عليها، والمذهب: الأب، انتهى.
المذهب كما قال المصنف بلا ريب، والكلام على
القولين غيره، فإن ظاهره إطلاق الخلاف أيهما
أصح؟ الرواية الأولى أو القول الثاني؟ والصحيح
منهما الرواية الأولى، وقد اختارها ابن القيم
وغيره، فهذه ثمان مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 "زاد العاد" 5/417.
2 أثغر الغلام: نبتت أسنانه: "القاموس":
"ثغر".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(9/346)
في الترغيب: لا
تجيء بيت مطلقها إلا مع أنوثية الولد، ولا
خلوة لأم مع خوفه أن تفسد قلبها، قاله في
الواضح، ويتوجه فيه مثلها، والأم أحق بتمريضها
في بيتها، ولها زيارة أمها إن مرضت، وغير
أبويه كهما فيما تقدم ولو مع أحدهما: ولا يقر
بيد من لا يصونه ويصلحه، وإن استوى اثنان أقرع
قبل السبع، وخير بعدها مطلقا، وحضانة رقيق
لسيده، فإن كان بعضه حرا تهايأ فيه سيده
وقريبه.
__________
.....................
__________
(9/347)
|