الفروع و
معه تصحيح الفروع كتاب القضاء
مدخل
*
...
كتاب القضاء
وهو فرض كفاية كالإمام على الأصح قال شيخنا:
وقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم تأمير
الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر1
وهوالمذهب على أنواع الاحتمال والواجب اتخاذها
دينا وقربة فإنها من أفضل القربات وإنما فسد
حال الأكثر لطلب الرياسة والمال بها.
ومن فعل ما يمكنه لم يلزمه ما يعجز عنه
ولمسلم2 عن معقل بن يسار مرفوعا "ما من أمير
يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم
يدخل معهم الجنة".
وعنه: سنة نصره القاضي وأصحابه وعنه: لا يسن
دخوله فيه نقل عبد الله: لا يعجبني هو أسلم
وذكر ما رواه عن عائشة مرفوعا "ليأتين على
القاضي العدل ساعة يتمنى أنه لم يقض بين اثنين
في تمرة" 3.
فعلى الأول: يلزم الإمام أن ينصب بكل إقليم
قاضيا أفضل من يجد علما وورعا ويأمره بتقوى
الله وتحري العدل وأن يستخلف بكل صقع أصلح من
يجد لهم. وفي كتاب الآدمي: على الإمام نصب من
يكتفي به ومن طلب ولم يوثق بغيره ولم يشغله عن
أهم منه تعين وقيل: ويلزمه طلبه. وقال
الماوردي: إن كان فيه غير أهل فإن كان أكثر
قصده إزالته أثيب وإن كان أكثره ليختص بالنظر
أبيح فإن ظن عدم تمكينه فاحتمالان.
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 أخرج أبو داود 2608، عن أبي سعيد الخدري أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خرج
ثلاثة في سفر، فليؤمروا أحدهم".
2 في صحيحه 142، 229.
3 أخرجه أحمد في "مسنده" 24464، وفيه "يوم
القيامة ساعة..".
(11/97)
وقيل: يحرم
بخوفه ميلا وإن وثق بغيره فيتوجه كالشهادة
وظاهر كلامهم مختلف م 1.
فإن وجد غيره كره له طلبه وعنه: لا لقصد الحق
ودفع غير المستحق. ويتوجه وجه: بل يستحب إذن.
وقال الماوردي: ويتوجه وجه: يحرم بدونه وذكر
الماوردي أنه لقصد المنزلة والمباهاة يجوز
اتفاقا وإن طائفة كرهته إذن وطائقة لا.
قال في رواية عبد الله عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم : "من طلب قضاء المسلمين
حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة ومن غلب
جوره عدله فله النار" 1. والمراد: إذا لم يكن
فيه أهل له وإلا حرم وقدح فيه و ش وغيرهم.
وإن طلب لم يجب وقيل: الإجابة أفضل إن أمن
نفسه وقيل: مع خموله وقيل: أو فقره وسأله أبو
داود: الرجل في الغزو يريد الوالي يجعله على
الثغر2 أو على ضعفاء وهو لا يحب يعرفه الوالي
قال: لا بأس فراجعته فقال: أرى إن كان عنده
نجدة يرجو أن ينجوا بسببه فيكون عليهم ما
أحسنه!
ويحرم بذل مال فيه وأخذه وطلبه وفيه مباشر
أهل. وظاهر تخصيصهم
ـــــــ
مسألة 1: قوله: وإن وثق بغيره فيتوجه كالشهادة
وظاهر كلامهم مختلف. انتهى.
قلت: الصواب: الترك ولا سيما في هذه الأزمنة
وهذا مما لا شك فيه الآن.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود 3575.
2 في الأصل: "النفراء". وفي "ر": "النفر"،
والمثبت من "ط".
(11/98)
الكراهة بالطلب
أنه لا يكره تولية الحريص ولا ينفي أن غيره
أولى ويتوجه وجه: يكره وفي الصحيحين1 عن أبي
موسى مرفوعا: "إنا والله لا نولي هذا العمل
أحدا سأله ولا أحدا حرص عليه" وقد قال في
الغنية في إمام الصلاة: لا ينبغي أن يكون
إماما من يحب أن يتقدم وهو يجد من يكفيه ذلك
وإنما ولى عليه السلام زياد بن الحارث الصدائي
لما رآه من المصلحة لقومه لا لمصلحة نفسه2.
وتصح ولاية مفضول وقيل: للمصلحة.
ويشترط للصحة3 تولية إمام أو نائبه فيه وأن4
يعرف المولى صالحا للقضاء وتعيين ما يوليه
الحكم فيه من عمل وبلد وعنه: وعدالة المولى
وعنه: سوى الإمام.
وصريح التولية: وليتك الحكم أو قلدتكه أو فوضت
أو رددت أو جعلت إليك الحكم أو استخلفتك أو
استنبتك في الحكم فإذا وجد أحدها وقبل المولى
الحاضر في المجلس أو الغائب بعده والأصح أو
شرع غائب في العمل انعقدت. وفي كتاب الآدمي:
يشترط فورية القبول مع الحضور.
والكناية نحو: اعتمدت أو عولت عليك ووكلت أو
أسندت-
__________
........................
__________
ـــــــ
1 البخاري 7149، مسلم 1733، 7.
2 أخرجه الدارقطني 2/137.
3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات"، 1/326
والدارقطني 2/137 والطبراني في "الكبير" 5285.
4 بعدها في "ر": "لم".
(11/99)
إليك فتنعقد
بقرينة نحو: فاحكم.
والأولى مكاتبته بها إن كان ببلد آخر.
وتثبت بشاهدين والأصح: وباستفاضة مع قرب ما
بينهما كخمسة أيام وأطلق الآدمي: أو1 استفاضة
وظاهره مع البعد وهو متجه.
__________
..............................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "و".
(11/100)
فصل وتقيد ولاية الحكم العامة
ويلزم بها فصل الخصومة وأخذ الحق ودفعه لربه
والحجر لفلس أو سفه والنظر في مال غير رشيد
والنظر في وقوف عمله ليعمل بشرطها وفي مصالح
طرق عمله وأفنيته وتنفيذ الوصايا وتزويج من لا
ولي لها وتصفح حال2 شهوده وأمنائه وإقامة
الحدود وإقامة الجمعة والعيد ما لم يخصا بإمام
وكذا جباية الخراج والزكاة وقيل: لا وقيل: في
الخراج قال التبصرة: والاحتساب على الباعة
والمشترين وإلزامهم بالشرع.
وقال شيخنا: ما يستفيده بالولاية لا حد له
شرعا بل يتلقى من اللفظ والأحوال والعرف ونقل
أبو طالب: أمير البلد إنما هو مسلط على الأدب
وليس إليه المواريث والوصايا والفروج والحدود
والرجم إنما يكون هذا إلى القاضي. ويجوز أن
يوليه عموم النظر في عموم العمل وأن يوليه
خاصا في أحدهما: أو فيهما فيوليه عموم النظر
أو خاصه بمحلة خاصة فينفذ حكمه في مقيم بها
وطارئ إليها فقط ولا يسمع بينة في غير عمله
وهو محل حكمه.
__________
..............................
__________
ـــــــ
2 ليست في الأصل.
(11/100)
وتجب إعادة
الشهادة ذكره أبو الخطاب والقاضي وغيرهما
كتعديلها. وفي الرعاية: يحتمل وجهين.
وله تولية حاكمين فأكثر ببلد قيل: إن اتحد
علمهما1 وقيل: أو الزمن أو المحل فلا ويقدم
قول الطالب ولو عند نائب و فإن استويا فأقرب
الحاكمين ثم القرعة وقيل: يعتبر اتفاقهما.
"2قال حرملة: قال الشافعي: لو لا شعبة ما عرف
الحديث بالعراق كان يجيء إلى الرجل فيقول له
لا تحدث وإلا استعديت عليك السلطان2".
__________
......................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "علمهما".
2 ليست في الأصل.
(11/101)
وفي الرعاية:
يقدم منهما من طلب حكم المستنيب. وفي الترغيب:
إن تنازعا أقرع. وقال ابن عقيل: إن كانا في
الحاجز كدجلة والفرات ليس الحاكم في ولاية أحد
منهما فإلى الوالي الأعظم. وقال شافعي: أيهما
سبق إليه بالدعوى تعين حكمه على الخصم ولا وجه
له لأن المكان ليس تحت ولايتهما فلا عدوى.
ويشترط كون القاضي بالغا عاقلا ذكرا مسلما
عدلا ولو تائبا من قذف نص عليه وقيل: إن فسق
بشبهة فوجهان متكلما سميعا ولم يذكر أبو الفرج
في كتبه كونه بالغا. وفي الانتصار في صحة
إسلامه: لا نعرف فيه رواية فإن سلم. وفي عيون
المسائل: يحتمل المنع وإن سلم بصيرا حرا
وفيهما وجه وقيل به في عبد قاله ابن عقيل
__________
............................
__________
(11/102)
وأبو الخطاب.
وقال أيضا فيه: بإذن سيده مجتهدا إجماعا ذكره
ابن حزم وأنهم أجمعوا على أنه لا يحل لحاكم
ولا لمفت تقليد رجل فلا يحكم ولا يفتي إلا
بقوله. وفي الإفصاح: أن الإجماع انعقد على
تقليد كل من المذاهب الأربعة وأن الحق لا يخرج
عنهم ويأتي في العدالة1 لزوم التمذهب بمذهب
وجواز الانتقال عنه قال الشيخ: النسبة إلى
إمام في الفروع كالأئمة الأربعة ليست بمذمومة
فإن اختلافهم رحمة واسعة واتفاقهم حجة قاطعة
قال بعض الحنفية: وفيه نظر فإن الإجماع ليس
عبارة عن2 الأربعة وأصحابهم وليس في كلام
الشيخ ما فهمه هذا.
قال الخطابي وغيره: روي عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: "اختلاف أمتي رحمة" 3.
ذكره في شرح مسلم في الوصايا4 وروى البيهقي5
من
__________
.............................
__________
__________
1 ص 345.
2 بعدها في الأصل: "الأئمة".
3 ينظر "كشف الخفاء" 1/66.
4 شرح مسلم لللإمام النووي 11/91.
5 في المدخل 152.
(11/103)
رواية جويبر
وهو متروك عن الضحاك عن ابن عباس ولم يلقه
مرفوعا "مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به
لا عذر لأحد في تركه فإن لم يكن في كتاب الله
فسنة نبي ماضية فإن لم تكن سنة نبي فما قال
أصحابي إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء
فأيها أخذتم به اهتديتم واختلاف أصحابي لكم
رحمة" ثم رواه من رواية جويبر أيضا عن جواب
ابن عبيد الله مرفوعا مرسلا بنحوه قال
البيهقي: حديث مشهور وهو ضعيف لم يثبت له
إسناد. ومن العجب أن عثمان بن سعيد الدارمي
صححه في الرد على الجهمية. وقال أحمد: حدثنا
معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة أن عمر بن
عبد العزيز كان يقول: ما يسرني أن أصحاب محمد
لم يختلفوا لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة.
وقال سفيان الثوري عن أفلح بن حميد عن القاسم
بن محمد قال: اختلاف أصحاب محمد رحمة لعباد
الله تعالى. وقال الليث عن يحيى بن سعيد قال:
أهل العلم أهل توسعة1.
واختار في الترغيب: ومجتهدا في مذهب إمامه
للضرورة واختيار في الإفصاح والرعاية: أو
مقلدا وقيل فيه: يفتي ضرورة. وقال ابن
__________
...............................
__________
ـــــــ
1 ينظر هذه الآثار في "كشف الخفاء" 1/66.
(11/104)
بشار: ما أعيب
على من يحفظ خمس مسائل لأحمد يفتي بها وظاهر
نقل عبد الله: يفتي غير مجتهد ذكره القاضي
وحمله شيخنا على الحاجة. نقل عبد الله فيمن
عنده كتب فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم
والصحابة والتابعين: لا يجوز عمله وقضاؤه بما
يشاء حتى يسأل أهل العلم ما يؤخذ به فعلى هذا
يراعي ألفاظ إمامه ومتأخرها ويقلد كبار مذهبه
في ذلك وظاهره أنه
__________
...............................
__________
(11/105)
يحكم ولو اعتقد
خلافه لأنه مقلد وأنه لا يخرج عن الظاهر عنه
فيتوجه مع الاستواء الخلاف في مجتهد ونقل عنه
الأثرم: قوم يفتون هكذا يتقلدون قول الرجل ولا
يبالون بالحديث.
__________
.................................
__________
(11/106)
وقال أحمد
لأحمد بن الحسن: ألا تعجب؟ يقال للرجل قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقنع وقال
فلان فيقنع. وقال له أبو داود: الرجل يسأل
أدلة على إنسان يسأله قال: إذا كان يفتي
بالسنة لا يعجبني رأي أحد. نقل أبو طالب: عجبا
لقوم عرفوا الإسناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى
رأي سفيان وغيره : {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ
فِتْنَةٌ} [النور: 63]، الفتنة الكفر.
ويحرم الحكم والفتيا بالهوى إجماعا وبقول أو
وجه عن غير نظر في الترجيح إجماعا ويجب أن
يعمل بموجب اعتقاده فيما له وعليه إجماعا قاله
شيخنا وقيل: يشترط كونه عارفا بالكتابة. وقال
الخرقي وصاحب الروضة والحلواني وابن رزين
وشيخنا: ورعا وقيل: وزاهدا وأطلق فيهما في
الترغيب وجهين. وقال ابن عقيل: لا مغفلا وقال
القاضي في موضع: لا بليدا. وقال أيضا: لا
نافيا للقياس وجعله ظاهر كلامه.
وقال شيخنا: الولاية لها ركنان: القوة
والأمانة فالقوة في الحكم ترجع إلى العلم
بالعدل وتنفيذ الحكم والأمانة ترجع إلى خشية
الله تعالى وهذه الشروط تعتبر حسب الإمكان.
ويجب تولية الأمثل فالأمثل وأن على هذا يدل
كلام أحمد وغيره فيولي لعدم أنفع الفاسقين
وأقلهما شرا وأعدل المقلدين وأعرفهما بالتقليد
وهو كما قال فإن المروذي نقل فيمن قال لا
أستطيع الحكم بالعدل: يصير الحكم إلى أعدل منه
قال شيخنا: قال بعض العلماء: إذا لم يوجد إلا
فاسق عالم أو جاهل دين قدم ما الحاجة إليه
أكثر إذن وقد وجدت بعض فضلاء أصحابنا في زمننا
كتب للأنس به ما
__________
.................................
__________
(11/107)
يوافق ذلك وهو
ما قاله أبو بكر الخوارزمي: الولاية1 أنثى
تكبر وتصغر بواليها ومطية تحسن وتقبح
بممتطيها. فالأعمال بالعمال كما أن النساء
بالرجال والصدور مجالس2 ذوي الكمال. وقد عرف
مما سبق أنه لا يعتبر غير ذلك ولا كراهة فيه
فالشاب المتصف بالصفات كغيره لكن الأسن أولى
مع التساوي ويرجح أيضا بحسن الخلق وغير ذلك
ومن كان أكمل في الصفات.
ويولى المولى مع أهليته وكان نافع بن عبد
الحارث الخزاعي3- وهو صحابي خلافا للواقدي
عاملا لعمر على مكة فلقيه بعسفان فقال له: من
استعملت على أهل الوادي؟ يعني مكة لأن الوادي
منفرج ما بين جبلين فقال: ابن أبزى يعني عبد
الرحمن بن أبزى مولى نافع هذا وهو مختلف في
صحبته فقال عمر: ومن ابن أبزى؟ فقال: مولى من
موالينا فقال: استخلفت عليهم مولى؟ فقال: إنه
قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض فقال له عمر:
أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: "إن
الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به
آخرين" . رواه مسلم وأحمد4 وقال بعد قوله:
عالم بالفرائض. قاض.
ولا يمنع ذهاب عين ولاية الإمامة الكبرى ذكره
أصحابنا.
__________
................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "لولاية".
2 في "ر" و"ط": "مجلس".
3 ليست في "ط".
4 مسلم 817، 269، أحمد 232.
(11/108)
فصل والمجتهد من يعرف من الكتاب والسنة
الحقيقية والمجاز والأمر والنهي
والمبين والمجمل والمحكم والمتشابه والعام
والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ
والمستثنى والمستثنى منه وصحيح السنة وسقيمها
وتواترها وآحادها مما يتعلق بالأحكام والمجمع
عليه والمختلف فيه والقياس وشروطه وكيف يستنبط
والعربية المتداولة1 بحجاز وشام وعراق. فمن
عرف أكثره صلح للفتيا والقضاء وقيل: ويعرف
أكثر الفقه. وقال أبو محمد الجوزي: من حصل
أصول الفقه وفروعه فمجتهد ولا يقلد أحدا.
وعنه: يجوز مع ضيق الوقت. وفي الرعاية: له
لخوفه على خصوم مسافرين فوت رفقتهم في الأصح
ويتجزأ الاجتهاد في الأصح وقيل: في باب لا
مسألة.
ويلزم ولي الأمر منع من ليس أهلا قال شيخنا:
وأكثر من تميز في العلم من المتوسطين إذا نظر
وتأمل أدلة الفريقين بقصد حسن ونظر تام ترجح
عنده أحدهما: لكن قد لا يثق بنظره بل يحتمل أن
عنده ما لا يعرف جوابه والواجب على مثل هذا
موافقته للقول الذي ترجح عنده بلا دعوى
__________
....................
__________
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/109)
منه للاجتهاد
كمجتهد في أعيان المفتين والأئمة إذا ترجح عند
أحدهما: قلده.
والدليل الخاص الذي يرجح به قولا على قول أولى
بالاتباع من دليل عام على أن أحدهما: أعلم
وأدين. وعلم أكثر الناس بترجيح قول على قول في
أكثر الأمور أيسر من علم أحدهم بأن أحدهما:
أعلم وأدين لأن الحق واحد ولا بد.
ويجب أن ينصب1 على الحكم دليلا وأدلة الأحكام
من الكتاب والسنة والإجماع وتكلم فيها الصحابة
وإلى اليوم2 بقصد حسن بخلاف الإمامين3. وقال
أيضا: النبيه الذي سمع اختلاف العلماء وأدلتهم
في الجملة عنده ما يعرف به رجحان القول قال:
وليس لحاكم وغيره أن يبتدئ الناس بقهرهم على
ترك ما يسوغ وإلزامهم برأيه واعتقاده4 اتفاقا
فلو جاز هذا لجاز لغيره مثله وأفضى إلى التفرق
والاختلاف. نقل أحمد بن الحسين بن حسان5: لا
ينبغي أن يشبه الشيء بالشيء ويقيس إلا رجل
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 بعدها في النسخ الخطية و "ط": "الله". ينظر:
"الاختيارات" ص 333.
2 في "ط": "الآن".
3 في النسخ الخطية و "ط": "الإمامين" والمثبت
من "الاختيارات" 333.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 ليست في "ر" و"ط".
(11/110)
عالم كبير يعرف
كيف يشبه الشيء بالشيء.
ونقل أبو الحارث: لا يجوز الاختيار إلا لعالم
بالكتاب والسنة مميز فيختار الأقرب والأشبه
بهما فيعمل به. قال الشافعي ليس للإمام أن
يولي حاكما ولا يحل للحاكم أن يحكم1 ولا ينبغي
للمفتي أن يفتي حتى يكون عالما بالكتاب ناسخه
ومنسوخه وعامه وخاصه وفرضه وأدبه عالما بالسنن
وأقاويل أهل العلم قديما وحديثا عالما بلسان
العرب عاقلا يميز بين المشتبه; ويعقل القياس
عدلا.
قال البيهقي: واشترط في القديم مع هذا أن يكون
عالما كيف يأخذ الأحاديث فلا يرد منها ثابتا
ولا يثبت منها ضعيفا وسئل ابن المبارك: متى
يفتي الرجل؟ فقال: إذا كان عالما بالأثر بصيرا
بالرأي.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: لا يكون الرجل إماما
حتى يعلم ما يصح مما لا يصح حتى لا يحتج بكل
شيء وحتى يعلم مخارج العلم.
وفي وجوب تقديم معرفة الفقه على أصوله وجهان م
2.
__________
مسألة 2: قوله: وفي وجوب تقديم معرفة الفقه
على أصوله وجهان. انتهى.
أحدهما: يجب تقديم معرفة الفقه اختاره القاضي
وغيره قال في آداب المفتي: وهو أولى.
والوجه الثاني: يجب تقديم معرفة أصول الفقه
اختاره ابن عقيل وابن البنا وغيرهما قال في
آداب المفتي: وقد أوجب ابن عقيل وغيره تقديم
معرفة أصول الفقه على فروعه ولهذا ذكره أبو
بكر وابن أبي موسى والقاضي وابن البنا في
أوائل كتبهم الفروعية. وقال أبو البقاء
العكبري: أبلغ ما توصل به إلى أحكام الأحكام
إتقان أصول
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "يقبل".
(11/111)
ويقلد العامي
من ظنه عالما. فإن جهل عدالته فوجهان م 3
وميتا في الأصح والعامي يخبر فقط فيقول: مذهب
فلان كذا ذكره ابن عقيل وغيره. وكذا قال
شيخنا: الناظر المجرد يكون حاكيا "1لما رآه1"
لا مفتيا. وفي آداب عيون المسائل إن كان
الفقيه مجتهدا يعرف صحة الدليل كتب الجواب عن
نفسه وإن كان ممن لا يعرف الدليل قال: مذهب
أحمد كذا
__________
الفقه وطرف من أصول الدين انتهى. وقال القاضي
شرف الدين بن2 قاضي الجبل في أصوله تبعا
لمسودة ابن تيمية وابن حمدان في رعايته
الكبرى: تقديم معرفتها على الفروع أولى عند
ابن عقيل وغيره قلت: في غير فرض العين وعند
ابن عقيل عكسه انتهى.
فظاهر كلام هؤلاء أن محل الخلاف في الأولوية
لا في الوجوب وهو أولى كلام غيرهم في الوجوب
وينبغي أن يحمل على ما قلنا.
مسألة 3: قوله: ويقلد العامي من ظنه عالما فإن
جهل عدالته فوجهان. انتهى.
أحدهما: عدم الجواز وهو الصحيح نصره الشيخ في
الروضة وقدمه الطوفي في مختصره والمصنف في
أصوله.
والوجه الثاني: الجواز قدمه في آداب المفتي
قلت: ولعل الخلاف مبني على أن الأصل في
الإنسان هل هو العدالة أو الفسق وقد نقلت في
ذلك ما تيسر من كلام الأصحاب في الإنصاف3 في
باب طريق الحكم وصفته فمن أراده فليطلبه هناك.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في "ط": "من".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/480.
(11/112)
مذهب الشافعي
كذا فيكون مخبرا لا مفتيا.
وفي المغني1 إن قيل المفتي يجوز أن يخبر بما
سمع قلنا: ليس إذا مفتيا بل مخبر فيحتاج يخبر
عن رجل بعينه مجتهد فيكون معمولا بخبره لا
بفتياه بحثه لما اعتبر الاجتهاد.
ومن عدم مفتيا ببلده وغيره فحكمه ما قيل:
الشرع. وقيل يفتي مستور الحال ويفتي الفاسق
نفسه ويحرم تساهل مفت وتقليد معروف به: قال
المروذي: أنكر أبو عبد الله على من يتهجم في
المسائل والجوابات: وقال: ليتق الله عبد
ولينظر ما يقول فإنه مسئول: وقال: يتقلد أمرا
عظيما: وقال عرضها لأمر عظيم إلا أنه قد تجيء
ضرورة قال الحسن: إن تركناهم وكلناهم إلى غير
سديد2: وقال شيخنا: لا يجوز استفتاء إلا ممن
يفتي بعلم وعدل ونقل ابن منصور: لا ينبغي أن
يجيب في كل ما يستفتى.
ـــــــ
.......................
__________
ـــــــ
1 14/15.
2 في الأصل: "شديد".
(11/113)
ونقل محمد بن
أبي طاهر عنه: لست أفتي في الطلاق بشيء. ونقل
محمد بن أبي حرب و1 سئل عمن يفتي بغير علم
قال: يروى عن أبي موسى: يمرق من دينه. ونقل
أبو داود أنه ذكر {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنْزَلَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، عن ابن عباس
أنه ليس بكفر ينقل عن الملة. ونقل الأثرم: إذا
هاب الرجل شيئا لا ينبغي أن يحمل على أن يقول.
وسئل أحمد عن مسألة في اللعان فقال: سل2 رحمك
الله عما تنتفع به. وقال أيضا: دعنا من
المسائل المحدثة خذ فيما فيه حديث: وقال
شيخنا: فيمن سأله عن رجل استولد أمة ثم وقفها
في حياته هل يكون وقفا بعد موته؟ قال: السائل
لهذه المسألة يستحق التعزير البليغ الذي يزجره
وأمثاله من الجهال عن مثل هذه الأغلوطات. فإن
هذا السائل إنما قصد التغليط3 لا الاستفتاء
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
أغلوطات المسائل4. إذ لو كان مستفتيا لكان حقه
أن يقول هل يصح وقفها أم لا؟ أما سؤاله عن
الوقف بعد الموت فقط مع ظهور حكمه فتلبيس على
المفتي وتغليط حتى أظن أن وقفها في الحياة
صحيح. وقال ابن هبيرة عن قول أبي موسى: سئل
النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها فلما
أكثر عليه غضب. الحديث متفق عليه5.
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "مثل".
3 في "ط": "التغليظ".
4 أخرجه أحمد في "مسنده" 23688، من حديث
معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه نهى عن الغلوطات.
5 البخاري 92، مسلم 2360.
(11/114)
قال: يدل على
كراهية كثرة السؤال قال: ولا أرى ذلك مكروها
إلا السؤال عما لا يعني أو تصوير أحداث لم تقع
ولا يتصور وقوعها إلا نادرا فلا يشغل بها
الوقت العزيز ولا يلتفت لأجلها عن أهم منها.
وإن اعتدل عنده قولان وقلنا: يجوز أفتى بأيهما
شاء وإلا تعين الأحوط. وله تخيير من أفتاه
بين1 قوله وقول مخالفه روي عن أحمد وقيل: يأخذ
به إن لم يجد غيره أو كان أرجح سأله أبو داود
عن الرجل يسأل عن المسألة أدله على إنسان
يسأله؟ قال: إذا كان الذي أرشد إليه يتبع
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "بنى".
(11/115)
ويفتي بالسنة
فقيل له: إنه يريد الاتباع وليس كل قوله يصيب
قال: ومن يصيب في كل شيء؟ قلت: يفتي برأي
مالك؟ قال: لا يتقلد من مثل هذا بشيء.
ومراده أن مالكا رحمه الله تعالى عند أحمد
غاية ولهذا نقل أبو داود1 عنه: مالك أتبع من
سفيان. ونقل عنه أيضا: لا يعجبني رأي مالك ولا
رأي أحد. وقال ابن الجوزي في كتابه السر
المكتوم: هذه الفصول هي أصول الأصول وهي ظاهرة
البرهان لا يهولنك مخالفتها لقول معظم في
النفس ولطعام2 وقد قال رجل لعلي عليه السلام:
أتظن أنا نظن أن طلحة والزبير على الخطإ وأنت
على الصواب؟ فقال: إنه ملبوس عليك اعرف الحق
تعرف أهله3. وقال رجل للإمام أحمد بن حنبل
رحمه الله: إن ابن المبارك قال كذا فقال: إن
ابن المبارك لم ينزل من السماء. وقال أحمد: من
ضيق على الرجل أن يقلد والله أعلم: وقال أيضا:
لما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم
بعثه على أقوم منهاج وأحسن الآداب فكان أصحابه
على طريقه وجمهور التابعين ثم دخلت آفات وبدع
فأكثر السلاطين يعملون4 بأهوائهم وآرائهم لا
بالعلم ويسمون ذلك سياسة والسياسة هي الشريعة.
والتجار يدخلون في الربا ولا يعلمون وقد
يعلمون ولا يبالون وصار
__________
...........................
__________
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "و".
2 كذا، ولعلها: "لطغام".
3 أو رده القرطبي في "تفسيره" 1/340، والمناوي
في "فيض القدير" 1/210.
4 في "ط": "يعلمون".
(11/116)
جمهور العلماء
في تخليط منهم من يقتصر على صورة العلم ويترك
العمل به ظنا منه أنه يسامح لكونه عالما وقد
نسي أن العلم حجة عليه. ومنهم من يطلب العلم
للرياسة لا للعمل به فيناظر ومقصوده الغلبة لا
بيان الحق فينصر1 الخطأ ومنهم من يجترئ على
الفتيا وما حصل شروطها ومنهم من يداخل2
السلاطين فيتأذى هو مما يرى من الظلم ولا
يمكنه الإنكار ويتأذى السلطان3 فيقول: لولا
أني على صواب ما جالسني هذا ويتأذى العوام
بذلك4 فيقولون: لولا أن أمر السلطان قريب ما
خالطه هذا العالم.
ورأيت الأشراف يثقون بشفاعة آبائهم وينسون أن
اليهود بنو إسرائيل ورأيت القصاص لا ينظرون في
الصحيح ويبيعون بسوق الوقت ورأيت أكثر العباد
على غير الجادة فمنهم من صح قصده ولا ينظرون
في سيرة الرسول وأصحابه ولا في أخلاق الأئمة
المقتدى بهم بل قد وضع جماعة من الناس لهم
كتبا فيه5 رقائق قبيحة وأحاديث غير صحيحة
وواقعات تخالف الشريعة مثل كتب الحارث
المحاسبي وأبي عبد الله الترمذي وأبي طالب
المكي فيسمع المبتدئ ذم الدنيا ولا يدري ما
المذموم فيتصور
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "ينظر".
2 في "ط": "يدخل".
3 ليست في "ط".
4 ليست في النسخ الخطية.
5 هكذا في النسخ الخطية و "ط"، ولعل الصواب:
"فيها".
(11/117)
ذم ذات الدنيا
فينقطع في الجبل ويقتصر على البلوط والكمثرى
أو اللبن أو العدس وإنما ينبغي لقاصد الحج أن
يرفق بالناقة ليصل.
ثم ذكر بعض ما ننقل عن أبي يزيد وداود الطائي
وبشر وغيرهم فحلف أبو يزيد لا يشرب الماء سنة.
وكان داود يشرب الماء الحار من دن ويقول بشر:
أشتهي منذ خمسين سنة الشواء فما صفا لي درهمه
وتكلم عليه بمقتضى الشرع وقال: التقليد
للأكابر أفسد العقائد ولا ينبغي أن يناظر
بأسماء الرجال إنما ينبغي أن يتبع الدليل فإن
أحمد بن حنبل أخذ في الجد بقول زيد بن ثابت
وخالف أبا بكر الصديق رضي الله عنهم وقد قال
علي عليه السلام: اعرف الحق تعرف أهله1.
وقد ذكر لأحمد بن حنبل كلمات عن إبراهيم بن
أدهم فقال: وقفنا2 في ثنيات3 الطريق عليك ما
كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه وتكلم أحمد في الحارث المحاسبي وبلغه
عن سري السقطي أنه قال: لما خلق الله تعالى
الحروف وقف الألف وسجدت الباء. فقال: نفروا
الناس عنه وكان الشافعي يرد على مالك. وهذه
طريقة المتزهدين لم يكن عليها الرسول صلى الله
عليه وسلم ولا أصحابه ولا سلكوا ما رتبه أبو
طالب المكي في الرياضة.
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 تقدم ص 116.
2 في النسخ الخطية: "وقعنا".
3 في "ر": "بنيات".
(11/118)
ثم ذكر أن
هؤلاء المتزهدين إن رأوا عالما لبس ثوبا جميلا
أو تزوج مستحسنة أو ضحك عابوه وهذا في أوائل
الصوفية فأما في زماننا فلا يعرفون التعبد ولا
التقلل وقنعوا في إظهار الزهد بالقميص المرقع
فما العجب في نفاقهم إنما العجب نفاقهم ثم ذكر
أنهم يدخلون في قوله تعالى:
{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا
يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182]. وكيف لا يوصف
بالاستدراج من يعمل لثبوت الجاه بين الخلق
ويمضي عمره في تربية رياسته ليقال هذا فلان أو
في تحصيل شهواته الفانية مع سوء القصد وقال:
طلب الرياسة والتقدم بالعلم1 مهلكة2 لطالبي
ذلك فترى أكثر المتفقهين يتشاغلون بالجدل
ويكثر منهم رفع الأصوات في المساجد بذلك وإنما
المقصود الغلبة والرفعة فهم داخلون في قوله
صلى الله عليه وسلم: "من تعلم علما ليباهي به
العلماء أو ليماري به السفهاء أو ليصرف وجه
الناس إليه لم يرح رائحة الجنة" 3. ومنهم من
يفتي ولم4 يبلغ درجة الفتوى ويري الناس صورة
تقدمه فيستفتونه ولو نظر حق النظر وخاف الله
تعالى علم أنه لا يحل له أن يفتي.
وإن حدث ما لا قول فيه تكلم فيه حاكم ومجتهد
ومضت وقيل: لا يجوز وقيل: في الأصول وله رد
الفتيا إن كان بالبلد قائم مقامه وإلا لم
__________
..............................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "على العلم".
2 في الأصل: "ملكي".
3 أخرجه بنحوه الترمذي 2654، من حديث كعب بن
مالك عن أبيه.
4 في "ط": "ولا".
(11/119)
تجز وإن كان
معروف عند العامة بالفتيا1 وهو جاهل تعين
الجواب. وقال شيخنا: الأظهر: لا يجب في التي
قبلها كسؤال عامي عما لم يقع ويتوجه مثله حاكم
في البلد غيره لا يلزمه الحكم وإلا لزمه. وفي
عيون المسائل في شهادة العبد: الحكم يتعين
بولايته حتى لا يمكنه رد محتكمين إليه ويمكنه
رد من يستشهده وإن كان متحملا لشهادة فنادر أن
لا يكون سواه وفي الحكم لا ينوب البعض عن
البعض ولا يقول لمن ارتفع إليه: امض إلى غيري
من الحكام.
ويتوجه في المفتي والحاكم تخريج من الوجه في
إثم من دعي إلى شهادة قالوا: لأنه تعين عليه
بدعائه لكن يلزم عليه إثم كل من عين في كل
__________
.............................
__________
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "بفتيا".
(11/120)
فرض كفاية
فامتنع وكلامهم في الحاكم ودعوة الوليمة وصلاة
الجنازة خلافه وإن توجه تخريج في الكل وإلا
قيل: الأصل عدم التعيين بالتعيين وفي الكل
خولف في الشهادة على وجه لقوله تعالى: {وَلا
يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}
[البقرة: 282]، فيقتصر عليه.
وقوله كسؤال عما لم يقع.
ومن قوي عنده مذهب غير إمامه أفتى به وأعلم
السائل.
ومن أراد كتابة في فتيا أو شهادة لم يجز أن
يكبر خطه لتصرفه في ملك غيره بغير إذنه ولا
حاجة كما لو أباحه قميصه فاستعمله فيما يخرج
عن العادة بلا حاجة ذكره في المنثور وغيره
وكذا في عيون المسائل: إذا أراد أن يفتي أو
يكتب شهادة لم يجز له أن يوسع الأسطر ولا يكثر
إذا أمكن الاختصار لأنه تصرف في ملك غيره بلا
إذنه ولم تدع الحاجة إليه.
ولا يجوز إطلاق1 الفتيا في اسم مشترك إجماعا
بل عليه التفصيل فلو سئل هل له الأكل بعد طلوع
الفجر فلا بد أن يقول: يجوز بعد الفجر الأول
لا الثاني وأرسل أبو حنيفة إلى أبي يوسف سأله
عمن دفع ثوبا إلى قصار فقصره وجحده هل له
الأجرة مع جحده إن عاد وسلمه إلى ربه وقال: إن
قال نعم أو لا أخطأ ففطن أبو يوسف فقال: إن
قصره قبل
__________
........................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "طلاق".
(11/121)
جحوده فله
وبعده لا لأنه قصره لنفسه وسأل أبو الطيب1
قوما عن بيع رطل تمر برطل تمر فقالوا: يجوز
فخطأهم فقالوا: لا فخطأهم فقال: إن تساويا
كيلا جاز فهذا يوضح خطأ مطلق الجواب في مسألة
احتملت التفصيل ذكره في الفنون وإن الشرع
والعقل أوجبا التحرز من العوام بالتقية وأنه
لا إقالة لعالم زل في شيء مما يكرهونه وقال له
قائل: ينبغي أن تفتي بظاهر الذي تسمع فقال:
ليس كذلك فإني لو سئلت عمن قال لرجل يا عالم
يا فاضل يا كريم هل هو مدح أم لا؟ فإنا لا
نفتي حتى نعلم فإن كان في ذلك معان تنطبق
عليها هذه الأوصاف وإلا فهي مجانة واستهزاء
وقيل له في مفرداته عن جماع الأعرابي في نهار
رمضان لم يستفصله صلى الله عليه وسلم هل كان
سفرا أو حضرا2 فقال: شاهده وظاهره يقتضي أنه
حاضر فعلامة ذلك3 ودلالته أغنته.
وما منع تولية القضاء منع دوامها فينعزل به
وفي المحرر: فقد سمع أو بصر بعد الثبوت عنده
له الحكم فيه. وقاله في الانتصار في فقد بصر
وقيل: إن تاب فاسق أو أفاق من جن أو أغمي عليه
وقلنا ينعزل
__________
........................
__________
ـــــــ
1 لعله: عثمان بن عمرو بن المنتاب، أبو الطيب،
إمام جامع المدينة ببغداد، حدث عن البغوي وابن
الصاعد وغيرهما، وكان رجلا صالحا. تـ 389هـ.
"الطبقات" 2/166، "المنهج الأحمد" 2/311.
2 تقدم تخريجه 5/55.
3 في "ط": "ذل".
(11/122)
بالإغماء
فولايته باقية. وفي الترغيب: إن جن ثم أفاق
احتمل وجهين. و1في المعتمد: إن طرأ جنون فقيل
إن لم يكن مطبقا لم ينعزل كالإغماء وإن أطبق
به وجب عزله واختلفت الشافعية فقيل: بمدة سنة
لتكميل إيجاب العبادات وقيل: شهر لإيجاب رمضان
مع الصلاة وقيل: يوما وليلة لإيجاب الصلاة
والأشبه بقولنا الشهر لأن أحمد أجاز شهادة من
يخنق أحيانا2 وقال: في الشهر مرة كذا قال.
وإن مرض مرضا يمنع القضاء تعين عزله و1"في
المغني3: يعزل. وإن زالت ولاية المولى أو عزل
من ولاه أو غيره المستحق للولاية والأشهر: بل
الصالح لها لم ينعزل الحاكم لأنه عقد لمصلحة
المسلمين،
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في النسخ الخطية: "في الأحيان"، والمثبت من
"ط".
3 14/88.
(11/123)
كعقده نكاح
موليته لم يفسخه ذكره الشيخ وقيل: بلى كنائبه
بزوال ولاية مستنيبه وفيه في الأحكام
السلطانية قول: لا. واختاره في الترغيب وجزم
بأنه ينعزل نائبه في أمر معين من سماع شهادة
معينة وإحضار مستعدى عليه فعلى هذا الوجه لو
عزله في حياته لم ينعزل وقيل: لا ينعزل بموته
بل بعزله اختاره جماعة قال في المغني1:
كالوالي قال شيخنا: كعقد وصي وناظر عقدا جائزا
كوكالة وشركة ومضاربة ومثله كل عقد لمصلحة
المسلمين كوال ومن ينصبه لجباية مال وصرفه
وأمر الجهاد ووكيل بيت المال والمحتسب ذكره
شيخنا وهو ظاهر كلام غيره. وقال أيضا في الكل:
لا ينعزل بانعزال المستنيب وموته حتى يقوم
غيره مقامه. وفي الرعاية في نائبه في الحكم
وقيم الأيتام وناظر الوقف ونحوهم أوجه ثالثها
إن استخلفهم بإذن من ولاه وقيل: وقال استخلف
عنك انعزلوا ولا يبطل ما فرضه فارض في
المستقبل وفيه احتمال.
__________
............................
__________
ـــــــ
1 14/87- 88.
(11/124)
وفي عزله قبل
علمه وجهان م 4.
وله عزل نفسه في الأصح. وقال صاحب الرعاية: إن
لم يلزمه
__________
مسألة 4: قوله: وفي عزله قبل علمه وجهان.
انتهى.
اعلم: أن الأصحاب اختلفوا في محل هذين الوجهين
فبناهما صاحب الهداية والمستوعب والمقنع1
والمحرر والشرح"1" وابن منجا وغيرهم على عزل
الوكيل قبل علمه وعدمه. وقال القاضي أيضا
فيكون المرجح على هذه الطريقة عزله على ما
تقدم في باب الوكالة2 والمصنف قد أطلق الخلاف
هناك أيضا وذكرهما من غير بناء صاحب المذهب
والرعايتين والنظم والحاوي والمصنف هنا وغيرهم
فيحتمل أن يكون كلامهم محمولا على ما صرح به
أولئك ويحتمل أن يكون الخلاف من غير بناء.
إذا علم ذلك فأطلق الخلاف هنا في المذهب
والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم:
أحدهما: ينعزل صححه في التصحيح وتصحيح المحرر
وجزم به في الوجيز وغيره.
والوجه الثاني: لا ينعزل قبل علمه صححه في
الرعاية الكبرى قلت: وهو الصواب الذي لا يسع
الناس غيره قال في التلخيص: لا ينعزل قبل
العلم بالعزل3 بغير خلاف وإن انعزل الوكيل
ورجحه الشيخ تقي الدين وقال: هو المنصوص عن
أحمد قال: لأن في ولايته حقا لله تعالى وإن
قيل إنه4 وكيل فهو شبيه5 بنسخ الأحكام وهي لا
تثبت قبل بلوغ الناسخ على الصحيح بخلاف
الوكالة المحضة وأيضا فإن ولاية القاضي العقود
والفسوخ فتعظم البلوى بابطالها قبل العلم
بخلاف الوكالة انتهى.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/293.
2 7/41.
3 ليست في "ط".
4 في "ط": "هو".
5 في "ط": "تبعية".
(11/125)
قبوله وفيها له
عزل نائبه بأفضل وقيل بمثله وقيل بدونه لمصلحة
الدين. وقال القاضي: عزل نفسه يتخرج على
روايتين بناء على أنه هل هو وكيل للمسلمين أم
لا؟ وفيه روايتان نص عليهما في خطإ الإمام فإن
قلنا في بيت المال فهو وكيل فله عزل نفسه وإن
قلنا على عاقلته فلا وللشافعية وجهان واحتج
للمنع بأنه لا يجوز للرسول عزل نفسه عن
الرسالة ولأنه يفضي إلى تأخير استيفاء الحقوق
وإلى إسقاط الحدود عند أبي حنيفة لأن الحد لا
يجب عنده في دار خلت من إمام ولأن أبا بكر لو
ملك عزل نفسه لما سألهم ذلك واحتج للجواز
بقولهم لعثمان اخلع نفسك1 فقال: لا أفعل فلو
لم يملكه لم يمتنع. وذكر القاضي هل لمن ولاه
عزله الخلاف السابق2 واحتجوا للجواز بوقوعه
لكن لم يقع من الصحابة إلا لمصلحة فقال عمر:
لأعزلن أبا مريم وأولين رجلا إذا رآه الفاجر
فرق فعزله عن قضاء البصرة وولى 3كعب بن سور3
مكانه4.
__________
تنبيه: قوله: وقال القاضي: عزل نفسه يتخرج على
روايتين بناء على أنه هل هو وكيل للمسلمين أم
لا؟ وفيه روايتان نص عليهما في خطإ الإمام فإن
قلنا في بيت المال فهو وكيل فله عزل نفسه وإن
قلنا على عاقلته فلا انتهى.
وقد قدم المصنف قبل ذلك أن له عزل نفسه وكذا
ابن حمدان وغيره وهو المذهب وقد قال المصنف في
باب العاقلة5 وخطإ إمام وحاكم في حكم في بيت
المال وعليها للإمام عزل نفسه ذكره القاضي
وغيره انتهى. وحاصل ما تقدم أن هذه المسألة
ليست من الخلاف المطلق الذي اصطلح عليه
المصنف.
ـــــــ
1 ينظر: ططبقات ابن سعد" 3/66.
2 ليست في "ط".
3 في "ط: "كب بن سور".
4 ينظر "السنن الكبرى" للبيهقي 10/108،
والإرواء 8/234.
5 10/7.
(11/126)
وعزل علي أبا
الأسود فقال: لم عزلتني وما جنيت؟ قال: رأيت
كلامك يعلو على الخصمين1.
وفي الأحكام السلطانية أن أبا بكر روى بإسناده
أن عمر كان إذا بلغه عن عامله أنه لا يعود
المريض ولا يدخل عليه الضعيف عزله2 فأما إن
خاف مفسدة باستمراره ووقوع فتنة فيدخل في
كلامهم وأنه لا يعزله كغيره ويتوجه: له عزله
لأن عمر عزل سعدا عن الكوفة وقال: لم أعزله عن
عجز ولا خيانة3.
ومن أخبر بموت قاضي بلد وولي غيره فبان حيا لم
ينعزل وقيل: بلى.
وإن قال: من نظر في الحكم بالبلد الفلاني من
فلان وفلان فقد وليته فلا ولاية لمن نظر
لجهالة المولي ذكره القاضي وغيره وعلله الشيخ
أيضا بأنه علقها بشرط ثم ذكر احتمالا للخبر:
أميركم زيد4. والمعروف صحتها بشرط وإن وجد5
بعد موته فسبق في الموصى إليه6 وإن قال:
__________
.........................
__________
ـــــــ
1 لم نقف عليه ينظر "الإرواء" 8/234.
2 لم أقف عليه.
3 أخرجه الطبراني في "الكبير" 1/144.
4 تقدم تخريجه 7/490.
5 ليست في "ط".
6 7/490.
(11/127)
وليتهما فمن
نظر منهما فهو خليفتي فقد ولاهما ثم عين من
سبق فتعين.
وله أخذ رزق من بيت المال لنفسه وأمنائه
وخلفائه وعنه: بقدر عمله مع الحاجة واختار
جماعة وبدونها وقيل: إن لم يتعين عليه وعنه:
لا يأخذ أجرة على أعمال البر وإن لم يكفه ففي
أخذه من الخصمين وجهان م 5. وإن تعين أن يفتي
وله كفاية فوجهان م 6.
__________
مسألة 5: قوله: فإن لم يكفه ففي أخذه من
الخصمين وجهان. انتهى. وأطلقهما في الرعاية
الكبرى والحاوي الصغير:
أحدهما: يجوز قال في الكافي1: وإذا قلنا: يجوز
أخذ الرزق فلم يجعل له شيء فقال لا أقضي
بينكما إلا بجعل جاز. وقال في المغني2
والشرح3: فإن لم يكن للقاضي رزق فقال للخصمين
لا أقضي بينكما حتى تجعلا لي جعلا جاز. ويحتمل
أن لا يجوز. انتهى.
والوجه الثاني: لا يجوز اختاره في الرعايتين
والنظم وهو الصواب.
مسألة 6: قوله: وإن تعين أن يفتي وله كفاية
فوجهان. انتهى. وأطلقهما في
ـــــــ
1 6/86.
2 14/101.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/281.
(11/128)
ومن أخذ لم
يأخذ أجرة وفي أجرة خطه وجهان م 7. ونقل عنه
المروذي فيمن يسأل عن العلم فربما أهدي له: لا
يقبل إلا أن يكافئ وإن حكما بينهما من يصلح له
نفذ حكمه وهو كحاكم الإمام. وعنه: لا ينفذ في
قود وحد قذف ولعان ونكاح وظاهر كلامه: ينفذ في
غير فرج كتصرفه ضرورة في تركة1 ميت في غير فرج
ذكره ابن عقيل في عمد الأدلة،
__________
الرعاية الكبرى وآداب المفتي وأصول المصنف:
أحدهما: لا يجوز اختاره في إعلام الموقعين.
والوجه الثاني: يجوز.
مسألة 7: قوله: ومن أخذ لم يأخذ أجرة وفي أجرة
خطه وجهان. انتهى.
أحدهما: لا يجوز "2قدمه المصنف في أصوله
و2"اختاره في إعلام الموقعين.
والوجه الثاني: يجوز3. فهذه سبع مسائل في هذا
الباب.
ـــــــ
1 في الأصل: "تركه".
2 ليست في "ط".
3 بعدها في "ط": "قدمه المصنف في أصوله".
(11/129)
واختار شيخنا
نفوذ حكمه بعد حكم حاكم لا إمام وأنه إن حكم
أحدهما: خصمه أو حكما مفتيا في مسألة اجتهادية
جاز وأنه يكفي وصف القصة له يؤيده قول أبي
طالب: نازعني ابن عمي الأذان تحاكمنا إلى أبي
عبد الله قال: اقترعا.
قال شيخنا: خصوا اللعان لأنه فيه دعوى وإنكار1
وبقية الفسوخ كإعسار قد يتصادقان فيكون الحكم
إنشاء لا إبداء ونظيره لو حكماه في التداعي
بدين وأقر به الورثة وفي عمد الأدلة بعد ذكر
التحكيم: وكذا يجوز أن يتولى متقدمو الأسواق
والمساجد الوساطات والصلح عند الفوزة2
والمخاصمة وصلاة الجنازة وتفويض الأموال إلى
الأوصياء وتفرقة زكاته بنفسه وإقامة الحدود
على رقيقه وخروج طائفة إلى الجهاد
__________
...............................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "إنكار".
2 في "ر": "القودة".
(11/130)
تلصصا وبياتا
وعمارة المساجد والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر والتعزير لعبيد1 وإماء وأشباه ذلك.
والله أعلم.
__________
...............
__________
ـــــــ
1 في الأصل و "ط": "لعبد".
(11/131)
باب أدب القاضي
مدخل
...
باب أدب القاضي
يسن كونه قويا بلا عنف لينا بلا ضعف. وظاهر
الفصول: يجب ذلك حليما1 متأنيا فطنا وإن افتات
عليه الخصم ففي المغني2: له تأديبه والعفو.
وفي الفصول: يزبره3 فإن عاد عزره واعتبره بدفع
الصائل والنشوز وفي الرعاية: ينتهره ويصيح
عليه قبل ذلك وظاهر ذلك ولو لم يثبت ببينة لكن
هل ظاهره يختص بمجلس الحكم؟ فيه نظر كالإقرار
فيه وفي غيره أو لأن الحاجة داعية إلى ذلك
لكثرة المتظلمين على الحكام وأعدائهم فجاز فيه
وفي غيره ولهذا شق رفعه إلى غيره فأدبه بنفسه
مع أنه حق له وقد ذكر ابن عقيل في أغصان
الشجرة عن أصحابنا: أن ما يشق رفعه إلى الحاكم
لا يرفع.
ويسن كونه بصيرا بأحكام الحكام قبله وسؤاله إن
ولي في غير بلده عن علمائه وعدوله وإعلامهم
بيوم دخوله ليتلقوه وقال جماعة: ويأمرهم
بتلقيه.
ودخوله يوم خميس أو اثنين أو سبت وذكر جماعة
يوم اثنين فإن لم يقدر فخميس. وفي المستوعب
وغيره: أو سبت لابسا أجمل ثيابه. وفي التبصرة:
وكذا أصحابه وأن جميعها سود وإلا فالعمامة
وأنه يدخل ضحوة لاستقبال الشهر ولا يتطير بشيء
وإن تفاءل فحسن فيأتي
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "حكيما".
2 14/18.
3 أي: يزجره وينهره. "المصباح". "زبر".
(11/132)
الجامع فيصلي
ركعتين.
قال كعب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قل ما
يقدم من سفر سافره إلا ضحى وكان يبدأ بالمسجد
فيصلي ركعتين. وقال جابر: لما أتينا المدينة
قال: "ائت المسجد فصل ركعتين". متفق عليهما1.
وظاهر كلامهم: غير السواد أولى للأخبار2 وكان
استقبال الشهر تفاؤلا كأول النهار ولم يذكرهما
الأصحاب. ويستقبل القبلة ويأمر بعهده فيقرأ
على الناس ومن ينادي بيوم جلوسه للحكم قال في
التبصرة: وليقلل من كلامه إلا لحاجة ثم يروح
إلى منزله وينفذ فيتسلم3 ديوان الحكم ممن
قبله.
قال في التبصرة: وليأمر كاتبا ثقة يثبت ما
تسلمه بمحضر عدلين ثم يخرج يوم الوعد بأعدل
أحواله غير غضبان ولا جائع ولا حاقن ولا مهموم
بما يشغله عن الفهم فيسلم على من مر به ولو
صبيانا ثم على من في مجلسه ويصلي تحيته مسجد
وإلا خير والأفضل الصلاة والأشهر: ويجلس على
بساط ونحوه ويدعو بالتوفيق والعصمة سرا وليكن
مجلسه فسيحا وسط البلد كجامع ويصونه مما يكره
فيه ودار واسعة ولا يتخذ فيه على بابه حاجبا
ولا بوابا بلا عذر.
__________
........................
__________
ـــــــ
1 الأول عند البخاري 4677، ومسلم 2769، 53،
والثاني: عند البخاري 2604، ومسلم 715، 72.
2 من ذلك ما أخرجه أبو داود 3878، والترمذي
994، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض، فإنها
من خير ثيابكم".
3 في "ط": "فيسلم".
(11/133)
"1وفي المذهب:
يتركه ندبا. وفي الأحكام السلطانية: ليس له
تأخير الحضور إذا تنازعوا إليه بلا عذر1" ولا
له أن يحتجب إلا في أوقات الاستراحة. وفي
المستوعب: ينبغي على رأسه من يرتب الناس وله
وذكر الشيخ: يستحب أن يتخذ كاتبا. ويشترط كونه
مسلما عدلا ويتوجه فيه ما في عامل الزكاة. وفي
الكافي2: عارفا يشاهد ما يكتبه والقمطر بين
يديه مختوما ويكون الأعوان أهل دين ويوصيهم
ويقدم السابق في حكومة واحدة و ش كسبقه إلى
مباح ويتوجه وجه: يقدم من له بينة لئلا تضجر
البينة و هـ وجزم به في عيون المسائل. وفي
الرعاية: يكره تقديم متأخر فإن استووا أقرع
وذكر جماعة: يقدم المسافر المرتحل. وفي
الكافي3: مع قلتهم.
ويلزم في الأصح العدل بينهما في لحظه ولفظه
ومجلسه والدخول والأشهر: يقدم مسلم على كافر
دخولا وجلوسا وقيل: دخولا فقط فيحرم أن يسار
أحدهما: أو يلقنه حجته أو يضيفه أو يعلمه
الدعوى وقيل: إن لم يحسنها جاز. وفي مختصر ابن
رزين: يسوي بين خصمين في مجلسه ولحظه ولفظه
ولو ذمي في وجه.
وإن سلم أحدهما: رد عليه. وفي الترغيب: يصبر
ليرد عليهما معا إلا أن يتمادى عرفا وقيل:
يكره قيامه لهما نقل عبد الله: سنة القاضي أن
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 6/87.
3 6/116.
(11/134)
يجلس الخصمان
بين يديه وذكر الخبر عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه أمرهما به1.
وللحاكم السؤال عن شرط عقد ونحوه ترك ليتحرز
وأن يزن عنه وفيه احتمال وسؤال خصمه الوضع عنه
على الأصح كسؤاله إنظاره ونقل حنبل أن كعب بن
مالك تقاضى ابن أبي حدرد دينا عليه فأشار إليه
النبي صلى الله عليه وسلم بيده أن "دع الشطر
من دينك" قال: قد فعلت قال النبي صلى الله
عليه وسلم: "قم فأعطه" 2. قال أحمد: هذا حكم
من النبي صلى الله عليه وسلم فإن فعله قاض
يجوز إذا كان على وجه الصلح والنظر لهما.
ويسن أن يحضر مجلسه فقهاء المذاهب ويشاورهم
فيما يشكل عليه قال أحمد: ما أحسنه لو فعله
الحكام يشاورون وينتظرون ويحرم تقليد غيره
مطلقا ونقل ابن الحكم: عليه أن يجتهد قال عمر:
والله ما يدري عمر أصاب الحق أم أخطأ. ولو كان
حكم بحكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
يقل هذا.
ونقل أبو الحارث: لا تقلد أمرك أحدا وعليك
بالأثر وقال الفضل بن زياد: لا تقلد دينك
الرجال فإنهم لم يسلموا أن يغلطوا قال أبو
الخطاب: وحكى أبو إسحاق الشيرازي أن مذهبنا
جواز تقليد العالم للعالم وهذا لا نعرفه عن
أصحابنا وأجاز أبو الخطاب إن كانت العبادة مما
لا يجوز تأخيرها كالصلاة فعلها بحسب حاله
ويعيد إذا قدر كمن
__________
........................
__________
ـــــــ
1 أخرج أبو داود 3588، عن عبد الله بن الزبير
قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم.
2 أخرجه البخاري 457، ومسلم 557، 20، بلفظ
مقارب.
(11/135)
عدم الماء
والتراب فلا ضرورة إلى التقليد ولأن العامي لا
يسقط عنه فرضه وهو التقليد بخوف فوت الوقت.
ومن العجب ما رواه البيهقي في كتاب المدخل إلى
السنن عن المروذي قال أحمد: إذا سئلت عن مسألة
لا أعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي لأنه
إمام عالم من قريش وروي عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: "عالم قريش يملأ الأرض
علما" 1.
وذكر في الخبر: "أن الله يقيض في رأس كل مائة
سنة رجلا يعلم الناس دينهم" فكان في المائة
الأولى عمر بن عبد العزيز وفي الثانية الشافعي
وهذه الحكاية في إسنادها أحمد بن محمد بن
ياسين أبو إسحاق الهروي كذبه الدارقطني. وقال
الإدريسي2: سمعت أهل بلده يطعنون فيه ولا
يرضونه والخبر الأول رواه البيهقي من حديث ابن
مسعود بإسناد لا يحتج به ثم قال: وقد روي عن
ابن عباس وعلي وأبي هريرة مرفوعا3 وفي إسنادها
ضعف. وأما الخبر الثاني فروى أبو داود4 عن
سليمان بن داود
__________
..............................
__________
ـــــــ
1 لم نقف عليه في "المدخل"، وقد ـ خرجه
الطيالسي في "مسنده" 3090، والخطيب البغدادي
في "تاريخ بغداد" 2/60، وانظر "كشف الخفاء"
2/68- 69.
2 هو: أبو سعد بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد
الإدريسي، الاسترباذي الحافظ، المصنف، محدث
سمرقند، ألف "تاريخها"، و "تاريخ استراباذ".
تـ 405هـ. "السير" 17/226.
3 ينظر: "كشف الخفاء" 2/68.
4 في سننه 4291.
(11/136)
المهري عن ابن
وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد
المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة فيما أعلم
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن
الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة
سنة من يجدد لها دينها" قال أبو داود: رواه
عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يخبر به
شراحيل كلهم ثقات وظهر مما سبق أنه لا يجوز أن
يدع ما عنده من الشرع لقول أحد.
وفي الصحيحين1 عن أبي موسى أنه كان يفتي الناس
بالمتعة زاد مسلم: فقال رجل لأبي موسى: رويدك
بعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين
في النسك بعدك فقال: يا أيها الناس من كنا
أفتيناه فتيا فليتئد فإن أمير المؤمنين قادم
عليكم فيه2 فأتموا: قال فقدم عمر فذكرت ذلك له
فقال: أن تأخذ بكتاب الله فإن الله تعالى قال:
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله}
[البقرة: 196]، وأن تأخذ بسنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لم يحل حتى نحر الهدي.
__________
......................
__________
ـــــــ
1 البخاري 1559، مسلم 1221، 154.
2 ليست في الأصل، وفي "ط": "فيه".
(11/137)
ولمسلم1 أيضا
أن عمر قال له: قد علمت أن النبي صلى الله
عليه وسلم قد فعله وأصحابه ولكني كرهت أن
يظلوا معرسين2 بهن في الأراك3 ثم يروحون في
الحج تقطر رءوسهم قال ابن هبيرة فيه: إنه
يتعين على العالم إذا كان يفتي بما كان الإمام
على خلافه مما يسوغ فيه الاجتهاد في مثل هذه
المسألة وذلك الموطن أن يترك ما كان عليه
ويصير إلى ما عليه الإمام قال: وفيه جواز
الاستحسان.
وإن حكم ولم يجتهد ثم بان له أنه قد حكم بالحق
لم يصح ذكره ابن عقيل في القصر من الفصول.
ولا يحكم مع ما يشغل فهمه كغضب كثير وجوع وألم
وصرح في الانتصار: يحرم فإن حكم نفذ في الأصح
وقيل: إن عرض بعد فهم الحكم.
ويحرم قبوله رشوة وكذا هدية بخلاف مفت. قال
عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية فيما مضى هدية
وأما اليوم فهي رشوة. وقال كعب الأحبار: قرأت
في بعض ما أنزل الله تعالى على أنبيائه:
الهدية تفقأ عين الحكم قال الشاعر:
إذا أتت الهدية دار قوم ... تطايرت الأمانة من
كواها
وقال منصور الفقيه:
__________
.....................
__________
ـــــــ
1 في صحيحه 1222، 157.
2 معرسين: أي ملمّين بنسائهم. "النهاية" لابن
الأثير: "عرس".
3 موضع بعرفة بعضه من جهة الشام. "معجم
البلدان" 1/135.
(11/138)
إذا رشوة من
باب بيت تقحمت ... لتدخل فيه والأمانة فيه
سعت هربا منه وولت كأنها ... حليم تنحى عن
جوار سفيه
فإن قبل ذلك1 فقيل: تؤخذ لبيت المال لخبر ابن
اللتبية2 وقيل: ترد كمقبوض بعقد فاسد وقيل:
تملك بتعجيله المكافأة م 1 فعلى الأول: هدية
العامل للصدقات ذكره القاضي فدل أن في انتقال
الملك في الرشوة والهدية وجهين م 2 ويتوجه أن
ما في الرعاية أن الساعي
__________
مسألة 1: قوله: في الرشوة والهدية فإن قبل
فقيل تؤخذ لبيت المال وقيل: ترد. وقيل: تملك
بتعجيل المكافأة انتهى:
والقول الأول: احتمال في المغني3 والشرح4.
والقول الثاني: هو الصواب قدمه في المغني3
والشرح4.
والقول الثالث: لم أطلع على من اختاره وهو
ضعيف.
مسألة 2: قوله: فعلى الأول هدية العامل
للصدقات ذكره القاضي فدل أن في انتقال الملك
في الرشوة والهدية وجهين انتهى:
أحدهما: عدم الانتقال وهو الصواب.
والوجه الثاني: ينتقل وهو ظاهر الحديث.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 تقدم تخريجه 4/64.
3 14/60.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/357-
358.
(11/139)
يعتد1 لرب
المال بما أهداه إليه نص عليه وعنه: لا مأخذه
ذلك ونقل مهنا فيمن اشترى من وكيل فوهبه شيئا
أنه للموكل وهو يدل لكلام القاضي المتقدم
ويتوجه فيه في نقل الملك الخلاف وجزم ابن تميم
في عامل الزكاة إذا ظهرت خيانته برشوة أو هدية
أخذها الإمام "2لا أرباب2" الأموال وتبعه في
الرعاية ثم قال: قلت إن عرفوا رد إليهم قال
أحمد فيمن ولي شيئا من أمر السلطان: لا أحب له
أن يقبل شيئا يروي: هدايا الأمراء غلول3.
والحاكم خاصة لا أحبه له إلا ممن كان له به
خلطة ووصلة ومكافأة قبل أن يلي. واختار شيخنا
فيمن كسب مالا محرما برضا الدافع ثم تاب كثمن
خمر ومهر بغي وحلوان كاهن أن له ما سلف للآية4
ولم يقل الله: فمن أسلم ولا من تبين له
التحريم قال أيضا: لا ينتفع به ولا يرده لقبضه
عوضه ويتصدق به كما نص عليه أحمد في حامل
الخمر وقال في مال مكتسب من خمر ونحوه: يتصدق
به فإذا تصدق به فللفقير أكله ولولي الأمر أن
يعطيه أعوانه. وقال أيضا: فيمن تاب إن علم
صاحبه دفعه إليه وإلا صرفه في مصالح المسلمين.
__________
........................
__________
ـــــــ
1 في "ر" و "ط": "يعيد".
2 في "ط": "الأرباب".
3 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/138، من
حديث أبي حميد الساعدي، وأخرجه أحمد 23601،
بلفظ: "هدايا العمال".
4 هي قوله تعالى :{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ
مِنْ رَبِّهِ فَانتهى فَلَهُ مَا سَلَفَ
وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275].
(11/140)
وله مع حاجته
أخذ كفايته وفي رده على الرافضي1 في بيع سلاح
في فتنة وعنب لخمر: يتصدق بثمنه وأنه قول
محققي الفقهاء كذا قال وقوله مع الجماعة أولى
ففي الصحيحين2 من حديث أبي هريرة "ما تصدق أحد
بصدقة من كسب طيب. ولا يقبل الله تعالى إلا
الطيب" وذكر الحديث. ولمسلم3 من حديث أبي
هريرة "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا".
قال أحمد4: حدثنا محمد بن عبيد حدثنا أبان بن
إسحاق عن الصباح بن محمد عن مرة الهمداني عن
ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما
قسم بينكم أرزاقكم وإن الله
__________
........................
__________
ـــــــ
1 يعني بذلك كتاب "منهاج السنة النبوية".
2 البخاري 1410، ومسلم 1014، 63.
3 في صحيحه 1015، 65.
4 في مسنده 3672.
(11/141)
تعالى يعطي
الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا
من يحب فمن أعطاه الله تعالى الدين فقد أحبه
والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه
ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه" قال:
قلت: وما بوائقه يا رسول الله؟ قال: "غشه
وظلمه ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه
فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا
يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن
الله تعالى لا يمحو السيئ بالسيئ ولكنه يمحو
السيئ بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث".
أبان قال: ابن معين وغيره ليس به بأس فلا يقبل
قول الأزدي إنه متروك والصباح لم يتكلم فيه
ابن أبي حاتم بجرح ولا تعديل. وقال ابن حبان:
يروي الموضوعات كذا قال وهو حديث حسن إن شاء
الله. وروى أبو داود الطيالسي1 عن جعفر بن
سليمان عن النضر بن حميد الكندي عن أبي
الجارود عن أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعا "لا
يعجبنك رحب الذراعين يسفك الدماء فإن له عند
الله تعالى قاتلا أو قتيلا لا يموت ولا يعجبنك
امرؤ كسب مالا من حرام فإنه إن أنفقه أو تصدق
به لم يقبل منه وإن تركه لم يبارك له فيه وإن
بقي منه شيء كان زاده إلى النار" رواه
الطبراني2 من حديث جعفر بن سليمان وهو إسناد
متروك وقال أحمد3: حدثنا يزيد حدثنا عمرو بن
ميمون عن أبيه قال: لما
__________
...................
__________
ـــــــ
1 في مسنده 40.
2 في الكبير 10/107.
3 في الزهد ص 238.
(11/142)
مرض عبد الله
بن عامر مرضه الذي توفي فيه أرسل إلى ناس من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم عبد
الله بن عمر فقال لهم: قد نزل بي ما قد ترون
ولا أراني إلا لما بي فما ظنكم بي؟ فقالوا: قد
كنت تعطي الفقير والسائل وتصل الرحم وحفرت
الآبار بالفلوات لابن السبيل وبنيت الحوض
بعرفة يشرع فيه حاج بيت الله فما نشك لك في
النجاة. وعينه إلى عبد الله بن عمر وعبد الله
بن عمر ساكت فلما أبطأ عليه بالكلام قال له:
يا أبا عبد الرحمن مالك لا تتكلم؟ قال: إذا
طاب المكسب زكت النفقة وسترد فتعلم إسناد جيد.
وروى ابن أبي الدنيا عن محمد هو ابن سيرين
قال: دخل ابن عامر على ابن عمر فقال: الرجل
يصيب المال فيصل منه الرحم ويفعل منه ويفعل
قال ابن عمر: إنك ما علمت لمن أجدرهم أن يفعل
ذلك ولكن انظر ما أوله فإن كان أوله خبيثا فإن
الخبيث كله خبيث.
وله قبول هدية معتادة قبل ولايته مع أن ردها
أولى والمذهب: إن لم يكن حكومة. وذكر جماعة:
أو أحس بها. وفي المستوعب: المحرم كالعادة.
وفي الفصول احتمال في غير عمله كالعادة.
ويكره بيعه وشراؤه كمجلس حكمه إلا بوكيل لا
يعرف به وجعلها
__________
...............
__________
(11/143)
الشريف وأبو
الخطاب كهدية كالوالي1 سأله حرب: هل للقاضي
والوالي أن يتجر؟ قال: لا إلا أنه شدد في
الوالي.
ويعود المرضى ويشهد الجنائز ما لم يشغله. وفي
الترغيب: ويودع الغازي والحاج وهو في الدعوات
كغيره ولا يجيب قوما ويدع قوما بلا عذر ذكره
القاضي وغيره وذكر أبو الخطاب يكره2 مسارعته
إلى غير وليمة عرس ويجوز: وفي الترغيب: يكره
وقدم: لا يلزمه حضور وليمة عرس وذكر هو
وجماعة: إن كثرت الولائم صان نفسه وتركها ولم
يذكروا لو تضيف رجلا ولعل كلامهم يجوز ويتوجه:
كالمقرض ولعله أولى.
ويسن حكمه بحضرة شهود ويحرم تعيينه قوما
بالقبول ولا ينفذ حكمه لمن لا تقبل شهادته له
ذكره بعضهم إجماعا كنفسه فيحكم نائبه. وفي
المبهج رواية: بلى اختاره أبو بكر وقيل: بين
والديه أو ولديه وله استخلافهما كحكمه لغيره
بشهادتهما ذكره أبو الخطاب وابن الزاغوني وأبو
الوفا وزاد: إذا لم يتعلق عليهما من ذلك تهمة
ولم يوجب لهما بقبول شهادتهما ريبة لم تثبت
بطريق التزكية وقيل: لا ولا يحكم وقيل:
__________
........................
__________
ـــــــ
1 أي: جعلها صاحب "الرعاية: كالوالي. ينظر:
"المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/361-
362.
2 بعدها في "ط": "له".
(11/144)
ولا يفتي على
عدوه وجوز الماوردي من الشافعية حكمه على عدوه
لأن أسباب الحكم ظاهرة وأسباب الشهادة خافية
واستشكله الرافعي بالتسوية بينهما في عمودي
نسبه وأن المشهور: لا يحكم على عدوه كالشهادة
ولا نقل عن الحنفية ومنعه بعض متأخريهم
كالشهادة: ويحكم ليتيمه على قول أبي بكر قاله
في الترغيب. وقيل: وغيره.
__________
......................
__________
(11/145)
فصل ويسن أن يبدأ بالمحبوسين
فينفذ ثقة يكتب أسماءهم ومن حبسهم وفيم ذلك ثم
ينادي بالبلد أنه ينظر في أمرهم فإذا حضر فمن
حضر له خصم نظر بينهما: فإن حبس لتعدل البينة
فإعادته مبني على حبسه في ذلك ويتوجه إعادته:
وفي الرعاية إن كان الأول حكم به مع أنه ذكر
أن إطلاق المحبوس حكم ويتوجه أنه كفعله وأن
مثله تقدير مدة حبسه ونحوه و م.
والمراد إذا لم يأمر ولم يأذن بحبسه وإطلاقه
وإلا فأمره وإذنه حكم يرفع الخلاف كما يأتي1:
قال المروذي: لما حبس الإمام أحمد رحمه الله
قال له السجان: يا أبا عبد الله الحديث الذي
يروى في الظلمة وأعوانهم صحيح2؟ قال: نعم
فقال: فأنا منهم؟ قال أحمد: أعوانهم من
__________
......................
__________
ـــــــ
1 ص 147.
2 أخرج أحمد 18126، عن كعب بن عجرة قال: خرج
علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دخل،
ونحن تسعة، وبيننا وسادة من أدم، فقال: "إنها
ستكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون، فمن دخل
عليهم، فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم،
فليس مني ولست منه، وليس بوارد عليّ الحوض،
ومن لم يصدقهم بكذبهم ويعينهم على ظلمهم، فهو
مني وأنا منه، وهو وارد عليّ الحوض".
(11/145)
يأخذ شعرك
ويغسل ثوبك ويصلح طعامك ويبيع ويشتري منك فأما
أنت فمن أنفسهم.
ويقبل قول خصمه في أنه حبسه بعد تكميل بينته
وتعديلها: وإن حبس بقيمة كلب وخمر ذمي ففي
تخليته وتبقيته وجهان م 3 وقيل: يقفه وإن بان
حبسه في تهمة أو تعزيرا عمل برأيه في تخليته
وتبقيته ومن لم يعرف خصمه وأنكره نودي بذلك
فإن لم يعرف حلفه وخلاه ومع غيبة خصمه يبعث
إليه وقيل: يخليه كجهله مكانه أو تأخره بلا
عذر والأولى بكفيل.
وإطلاقه حكم وكذا أمره بإراقة نبيذ ذكرها في
الأحكام السلطانية في المحتسب وتقدم1 أن إذنه
في ميزاب وبناء وغيره.............
__________
مسألة 3: قوله: وإن حبس بقيمة كلب وخمر ذمي
ففي تخليته وتبقيته وجهان. انتهى:
أحدهما: يخلى قدمه في الرعاية وقال: إن صدقه
غريمه واختاره القاضي وغيره وقدمه في الشرح2
وهو ظاهر ما قدمه في المغني3.
والوجه الثاني: يبقى في الحبس وقيل يقف
ليصطلحا على شيء وجزم في الفصول أنه يرجع إلى
رأي الحاكم الجديد.
"4فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب4".
ـــــــ
1 6/442.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/373.
3 14/23.
4 ليست في "ط".
(11/146)
يمنع الضمان/
لأنه كإذن الجميع ومن منع فلأنه ليس له عنده
أن يأذن لا لأن إذنه لا يرفع الخلاف ولهذا
يرجع بإذنه في قضاء دين ونفقة وغير ذلك ولا
يضمن بإذنه في النفقة على لقيط وغيره بلا خلاف
وإن ضمن لعدمها. ولهذا إذن الإمام في أمر
مختلف فيه كاف بلا خلاف وسبق1 قول شيخنا:
الحاكم ليس هو الفاسخ وإنما يأذن أو يحكم به
فمتى أذن أو حكم لأحد باستحقاق عقد أو فسخ
فعقد أو فسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكم بصحته
بلا نزاع لكن لو عقد هو أو فسخ فهو فعله وهل
فعله حكم; فيه الخلاف المشهور هذا كلامه.
وكذا فعله ذكره الأصحاب في حمى الأئمة أن
اجتهاد الإمام لا
__________
......................
__________
ـــــــ
1 8/292.
(11/147)
يجوز نقضه كما
لا يجوز نقض حكمه وذكروا خلا الشيخ أن الميزاب
ونحوه يجوز بإذن واحتجوا بنصه1 عليه أفضل
الصلاة والسلام ميزاب
__________
........................
__________
ـــــــ
1 في الأصل و "ط": "بنصه".
(11/148)
العباس1. وفي
المغني2 وغيره في بيع ما فتح عنوة: إن باعه
الإمام لمصلحة رآها صح لأن فعل الإمام كحكم
الحاكم وفيه أيضا: لا شفعة فيها إلا أن يحكم
ببيعها حاكم أو يفعله الإمام أو نائبه. وفيه
أيضا أن تركها بلا قسمة وقف لها وأن ما فعله
الأئمة ليس لأحد نقضه واختار أبو الخطاب رواية
أن الكافر لا يملك مال مسلم بالقهر قال: وإنما
منعه منه بعد القسمة لأن قسمة الإمام تجري
مجرى الحكم وفعله حكم كتزويج يتيمة وشراء عين
غائبة وعقد نكاح بلا ولي ذكره الشيخ في عقد
النكاح
__________
............................
__________
ـــــــ
1 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/66.
2 4/195.
(11/149)
بلا ولي وغيره.
وذكره شيخنا أصح الوجهين وذكر الأزجي فيمن أقر
لزيد فلم يصدقه وقلنا يأخذه الحاكم ثم ادعاه
المقر لم يصح لأن قبض الحاكم له بمنزلة الحكم
بزوال ملكه عنه وذكر الأصحاب في القسمة
والمطلقة المنسية أن قرعة الحاكم كحكمه لا
سبيل إلى نقضه. وفي التعليق والمحرر: فعله حكم
إن حكم به هو أو غيره و كفتياه فإذا قال حكمت
بصحته نفذ حكمه باتفاق الأئمة قاله شيخنا. وفي
__________
..........................
__________
(11/150)
المستوعب: حكمه
يلزم بأحد ثلاثة ألفاظ: ألزمتك أو قضيت له به
عليك أو أخرج إليه منه وإقراره ليس كحكمه.
ثم باليتامى والمجانين والوقوف والوصايا فلو
نفذ الأول وصيته "1لم يعزله1" لأن الظاهر
معرفة أهليته لكن نراعيه. فدل أن إثبات صفة
كعدالة وجرح وأهلية وصية وغيرها حكم خلافا
لمالك يقبله حاكم آخر خلافا لمالك وإن له
إثبات خلافه وقد ذكروا إذا بان فسق الشاهد
وسيأتي2 يعمل بعلمه في عدالته أو بحكم.
ومن كان من أمناء الحاكم للأطفال أو الوصايا
التي لا وصي لها ونحوه بحاله أقره لأن الذي
قبله ولاه ومن فسق عزله ويضم إلى الضعيف أمينا
ويتوجه أنها مسألة النائب3 وجعل في الترغيب
أمناء الأطفال كنائبه فيه الخلاف وأنه يضم إلى
وصي فاسق أو ضعيف أمينا وله
__________
...............
__________
ـــــــ
1 في النسخ الخطية، و "ط": "لم يعد له"،
والمثبت من "المقنع والشرح الكبير والإنصاف
28/378.
2 ص 220.
3 ليست في "ط".
(11/151)
إبداله. وله في
الأصح النظر في حال من قبله. وقيل: يجب.
لا يجوز نقض حكم إلا إذا خالف نصا كقتل مسلم
بكافر فيلزم نقضه نص عليهما وقيل: متواترا أو
إجماعا وقيل: ولو ظنيا. وقيل: وقياسا جليا
وفاقا للشافعي ووفاقا لمالك وزاد: وخلاف
القواعد الشرعية. ولو حكم بشاهد ويمين ونحوه
لم ينقض ذكره بعضهم إجماعا: قال سعيد: حدثنا
هشيم وخالد بن عبد الله عن داود عن الشعبي أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقضي
بالقضاء وينزل القرآن بغير ما قضى فيستقبل حكم
القرآن ولا يرد قضاءه الأول1. مرسل.
__________
....................
__________
ـــــــ
1 لم نقف عليه.
(11/152)
وروى البيهقي1
عن الحاكم عن الأصم عن محمد بن عبد الله بن
عبد الحكم عن ابن وهب عن يونس عن الزهري أن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو على
المنبر: يا أيها الناس إن الرأي إن كان من
رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا لأن الله
تعالى كان2 يريه وإنما هو منا الظن والتكلف;
منقطع واستدل بعضهم بقوله تعالى: {إِنَّا
أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}
الآية [النساء: 105] نزلت في قصة بني الأبيرق
كما رواه الترمذي3 وغيره وينقض حكمه بما لم
يعتقده وفاقا وحكاه بعضهم إجماعا وفي
الإرشاد4: وهل ينقض بمخالفة قول صحابي5; يتوجه
نقضه إن جعل حجة كالنص وإلا فلا نقل عنه ابن
الحكم إن أخذ بقول صحابي وآخر بقول تابعي فهذا
يرد حكمه لأنه حكم بجوز6 وتأول
__________
.........................
__________
ـــــــ
1 في "السنن الكبرى" 10/117.
2 ليست في "ط".
3 في سننه 3036، وأخرجه الحاكم في "مستدركه"
4/385.
4 ص 490.
5 في الأصل: "صاحب".
6 في "ط": "يجوز".
(11/153)
الخطأ وذكر
حديث عائشة "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو
رد" 1. لوجود الخلاف في المدلول نقل أبو طالب:
فأما إذا أخطأ بلا تأويل فليرده ويطلب صاحبه
حتى يرده فيقضي بحق وقد روى الشعبي عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه كان يقضي بالقضاء
فينزل القضاء بغير ذلك فيترك قضاءه ويستعمل
حكم القرآن2.
ومن لم يصلح نقض حكمه نقل عبد الله إن لم يكن
عدلا لم يجز حكمه وقيل: غير الصواب قدمه في
الترغيب واختاره شيخنا وفاقا
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 أخرجه البخاري 2697، ومسلم 1718، 170.
2 لم نقف عليه.
(11/154)
لأبي حنيفة
ومالك وهل يثبت سبب نقضه وينقضه غير من حكم
وجوده؟ تقدم في التفليس1.
وحكمه بشيء حكم بلازمه وذكروه في المفقود
ويتوجه وجه قال في الانتصار في لعان عبد: في
إعادة فاسق شهادته لا يقبل لأن رده لها حكم
بالرد فقبولها نقض له فلا يجوز بخلاف رد صبي
وعبد لإلغاء قولهما وفيه في شهادته في نكاح لو
قبلت لم يكن نقضا للأول فإن سبب الأول الفسق
وزال ظاهرا لقبول سائر شهاداته. وإذا تغيرت
صفة الواقعة،
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 6/449- 450.
(11/155)
فتغير القضاء
بها لم يكن نقضا للقضاء الأول بل ردت للتهمة
لأنه صار خصما فيها فكأنه شهد لنفسه أو لوليه
وفي المغني1: ردت باجتهاد فقبولها نقض له.
وقال أحمد في رد عبد لأن الحكم قد مضى
والمخالفة في قضية واحدة نقض مع العلم.
وإن حكم ببينة خارج وجهل علمه ببينة داخل لم
ينقض لأن الأصل جريه على العدالة والصحة ذكره
الشيخ في آخر فصول من ادعى شيئا في يد
__________
...................................
__________
ـــــــ
1 14/196.
(11/156)
غيره ويتوجه
وجه. وثبوت شيء عنده1 ليس حكما به على ما
ذكروه في صفة السجل وفي كتاب القاضي وكلام
القاضي هناك يخالفه.
ومن استعداه على خصم بالبلد لزمه إحضاره وقيل:
إن حرر دعواه.
"2ومتى لم يحضر لم يرخص له في تخلفه وإلا أعلم
الوالي به ومتى حضر فله تأديبه بما يراه2".
ويعتبر تحريرها في حاكم معزول ويراسله قبل
إحضاره في الأصح فيهما. وإن قال حكم عليّ3
بفاسقين عمدا قبل قول الحاكم وقيل: بيمينه.
وعنه: متى بعدت الدعوى عرفا. وفي المحرر: وخشى
بإحضاره ابتذاله لم يحضره حتى يحرر ويتبين
أصلها وعنه: متى. تبين أحضره وإلا فلا.
ولا يعتبر لامرأة برزة تبرز لحوائجها غير
مخدرة4 محرم نص عليه. وغيرها توكل كمريض وأطلق
في الانتصار النص في المرأة واختاره5 إن تعذر
الحق بدون حضورها وإلا لم يحضرها وأطلق ابن
شهاب وغيره إحضارها لأن حق الآدمي مبناه على
الشح والضيق ولأن معها أمين الحاكم لا يحصل
معه خيفة الفجور والمدة يسيرة كسفرها من محلة
إلى محلة ولأنها لم تنشئ هي إنما أنشئ بها.
وفي الترغيب: إن
__________
...............................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "عنه".
2 ليست في الأصل.
3 بعدها في "ر": "بشهادة".
4 في الأصل: "محررة".
5 في "ر": "اختاره".
(11/157)
خرجت للعزايا
أو الزيارات ولم تكثر فهي1 مخدرة فينفذ من
يحلفها.
ومن ادعى على غائب بموضع لا حاكم به بعث إلى
من يتوسط بينهما فإن تعذر حرر دعواه ثم يحضره
وقيل: لدون مسافة قصر وعنه: لدون يوم وجزم به
في التبصرة وزاد: بلا مؤنة ومشقة.
وفي الترغيب: لا يحضره مع البعد حتى تتحرر
دعواه وفيه: يتوقف إحضاره على سماع البينة إن
كان مما لا يقضى فيه بالنكول قال: وذكر بعض
أصحابنا: لا يحضره مع2 البعد حتى يصح عنده ما
ادعاه جزم به في التبصرة ومن ادعى قبله شهادة
لم تسمع ولم يعد عليه ولم يحلف خلافا لشيخنا
في ذلك وأنه ظاهر نقل صالح وحنبل قال: ولو قال
أنا أعلمها ولا أؤديها فظاهر.
ولو نكل لزمه ما ادعى به إن قيل كتمانها موجب
لضمان ما تلف ولا يبعد كما يضمن من ترك
الإطعام الواجب وكونه لا يحصل المقصود لفسقه
بكتمانه لا ينفي ضمانه في نفس الأمر واحتج
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "فيه".
2 في النسخ الخطية: "من"، والمثبت من "ط".
(11/158)
القاضي بالأول
على أن الشهادة ليست حقا على الشاهد.
ومن طلبه خصمه أو حاكم ليحضر مجلس الحكم لزمه
حيث يلزم الحاكم إحضاره بطلبه منه.
__________
...................................
__________
(11/159)
باب طريق الحكم
وصفته
مدخل
...
باب طريق الحكم
وصفته
إذا جاء إليه خصمان فله أن يسكت حتى يبدأ
والأشهر: أن يقول أيكما المدعي ومن سبق
بالدعوى قدم ثم من قرع وقيل: من شاء حاكم فإذا
انتهت حكومته ادعى الآخر قال في عيون المسائل:
ولا ينبغي للحاكم أن يسمع شكية أحد إلا ومعه
خصمه هكذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم1.
والمدعي من إذا سكت ترك وقيل من يدعي خلاف
الظاهر وعكسه المنكر فلو قال أسلمنا معا
فالنكاح باق وادعت المرأة التعاقب فلا نكاح
فالمدعي هي وعلى الثاني هو ولا تسمع دعوى
مقلوبة وسمعها بعضهم واستنبطها ولا يصحان إلا
من جائز التصرف وتصح على السفيه فيما يؤخذ به
إذن وبعد فك حجره ويحلف إذا أنكر.
ـــــــ
تنبيهان:
الأول: قوله: وعكسه المنكر قال ابن نصر الله:
كان الأولى أن يقول: وعكسه المدعى عليه كما
قال غيره ليعم ما إذا أنكر المدعى عليه وما
إذا سكت فإنه
ـــــــ
1 تقدم ص 153.
(11/160)
.................................
__________
إذا سكت ولم ينكر لم يترك أيضا وليس منكرا
انتهى. قلت: لعل المنكر من لم يقر فيشمل
الساكت.
(11/161)
ولا تصح دعوى
إلا محررة متعلقة بالحال معلومة إلا ما يصح
مجهولا كوصية وإقرار وعبد مطلق في مهر واعتبر
في المستوعب وغيره أن تكون معلومة إلا في
الوصية.
وفي عيون المسائل: يصح الإقرار بمجهول لئلا
يسقط حق المقر له ولا تصح الدعوى لأنها1 حق له
فإذا ردت عليه2 عدل إلى معلوم واختار في
الترغيب أن دعوى الإقرار بالمعلوم لا تصح لأنه
ليس بالحق ولا موجبه فكيف بالمجهول وفيه: لو
ادعى درهما وشهد
__________
.........................................
__________
ـــــــ
1 بعدها في الأصل: "لا".
2 في الأصل: "إليه".
(11/162)
الشهود على
إقراره قبل ولا يدعي الإقرار لموافقة لفظ
الشهود بل لو ادعى لم تسمع وفيه: في اللقطة لا
تسمع ولا يعدي حاكم في مثل ما لا تتبعه الهمة.
وقيل: تسمع بدين مؤجل لإثباته قال في الترغيب:
الصحيح تسمع فيثبت أصل الحق للزوم في المستقبل
كدعوى تدبير وأنه يحتمل في قتل أبي أحد هؤلاء
الخمسة أنه يسمع للحاجة لوقوعه كثيرا ويحلف كل
منهم وكذا دعوى غصب وإتلاف وسرقة لا إقرار
وبيع إذا قال نسيت لأنه مقصر.
ويعتبر انفكاك الدعوى عما يكذبها فلو ادعى1
أنه قتل أباه منفردا ثم ادعى على آخر المشاركة
فيه لم تسمع الثانية ولو أقر الثاني إلا أن
يقول غلطت أو كذبت في الأولى فالأظهر: يقبل
قاله في الترغيب لإمكانه والحق لا يعدوهما.
وفي الرعاية: من أقر لزيد بشيء ثم ادعاه وذكر
تلقيه منه سمع وإلا فلا.
وإن أخذ منه ببينة ثم ادعاه فهل يلزم ذكر
تلقيه منه؟ يحتمل وجهين.
ـــــــ
الثاني2: قوله: وإن أخذ منه ببينة ثم ادعاه
فهل يلزم ذكر تلقيه منه؟ يحتمل وجهين. انتهى.
هذا من تتمة كلام صاحب الرعاية.
ـــــــ
1 بعدها في "ر": "عليه".
2 سبق التنبيه الأول ص 160.
(11/163)
ويعتبر التصريح
بها فلا يكفي: لي عند فلان كذا حتى يقول وأنا
الآن مطالب به ذكره في الترغيب وظاهر كلام
جماعة: يكفي الظاهر1 وإن قال غصبت ثوبي فإن
كان باقيا فلي رده وإلا قيمته صح اصطلاحا
وقيل: يدعيه فإن حلف ادعى قيمته.
وفي الترغيب: لو أعطى دلالا ثوبا قيمته عشرة
ليبيعه بعشرين فجحده فقال أدعي ثوبا إن كان
باعه فلي عشرون وإن كان باقيا فلي عينه وإن
كان تالفا فلي عشرة فقد اصطلح القضاة2 على
قبول هذه الدعوى المرددة للحاجة وإن3 ادعى أنه
له الآن لم تسمع بينته أنه كان له أمس أو في
يده في الأصح حتى يبين سبب يد4 الثاني نحو
غاصبه بخلاف ما لو شهدت أنه كان ملكه بالأمس
اشتراه من رب اليد فإنه يقبل. وقال شيخنا: على
القول الصحيح إن قال ولا أعلم له مزيلا قبل
كعلم الحاكم أنه يلبس عليه ولم يقل
ـــــــ
وقوله5: ولو قال بيعا لازما أو هبة مقبوضة
فوجهان لعدم تعرضه للتسليم. انتهى. هذا فيما
يظهر من تتمة كلامه في الترغيب وقدم في
الرعاية الاكتفاء بذلك.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ط": "القضاة".
3 بعدها في "ط": "ما".
4 في "ط": "يده".
5 الآتي ص 166.
(11/164)
أحد فيما أعلم
أنه يعتبر قول الشاهد وهو باق في ملكه إلى
الآن.
وقال فيمن بيده عقار فادعى رجل بمثبوت عند1
الحاكم أنه كان لجده إلى يوم2 موته ثم لورثته
ولم يثبت أنه مخلف عن موروثه لا ينزع منه بذلك
لأن أصلين تعارضا وأسباب انتقاله أكثر من
الإرث ولم تجر العادة بسكوتهم المدة الطويلة
ولو فتح هذا لانتزع3 كثير من عقار الناس بهذه
الطريق.
وقال فيمن بيده عقار فادعى آخر أنه كان ملكا
لأبيه فهل يسمع بغير بينة؟ قال: لا إلا بحجة
شرعية أو إقرار من هو بيده أو تحت حكمه.
وقال في بينة شهدت له بملكه إلى حين وقفه
وأقام وارث بينة بأن موروثه اشتراه من الواقف
قبل وقفه قدمت بينة الوارث لأن معها مزيد علم
كتقديم4 من شهد بأنه ورثه من أبيه وآخر بأنه
باعه وإن قال كان بيدك أو لك أمس لزمه سبب
زوال يده في الأصح وقيل: في الثانية فيتوجه
عليهما: لو أقام المقر بينة أنه له ولم يبين
سببا هل يقبل؟ ويكفي شهرته عندهما5 وعند حاكم
عن تحديده6 لحديث الحضرمي والكندي7.
__________
..............................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "على".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "الانتزع".
4 في الأصل: "لتقديم".
5 في الأصل: "عنده".
6 في "ط": "تجديده"، والضمير في قوله: "شهرته"
و "تحديد" عائد على السبب.
7 الذي أخرجه مسلم 139، 223، وسيذكره المحشي ص
167.
(11/165)
وظاهره عمله
بعلمه أن موروثه مات ولا وارث له سواه ولا
يكفي قوله عن دعوى في ورقة ادعى بما فيها.
وتسمع دعوى استيلاد وكتابة وتدبير وقيل: إن
جعل عتقا بصفة. وفي الفصول دعواه سببا قد توجب
مالا كضرب عبده ظلما يحتمل أن لا تسمع حتى يجب
المال.
وفي الترغيب: لا تسمع إلا دعوى مستلزمة لا
كبيع خيار ونحوه وأنه لو ادعى بيعا أو هبة لم
تسمع إلا أن يقول: ويلزمك التسليم إلي لاحتمال
كونه قبل اللزوم ولو قال بيعا لازما أو هبة
مقبوضة فوجهان؛
__________
.........................
__________
(11/166)
لعدم تعرضه
للتسليم واختار شيخنا أن مسألة تحرير الدعوى
وفروعها ضعيفة لحديث الحضرمي وأن الثبوت المحض
يصح بلا مدعى عليه.
وقال: إذا قيل1 لا تسمع إلا محررة فالواجب أن
من ادعى مجملا استفصله الحاكم وقال بأن2
المدعى عليه قد يكون مبهما كدعوى الأنصار قتل1
صاحبهم.......
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "قبل".
2 ليست في الأصل.
(11/167)
ودعوى المسروق
منه على بني الأبيرق ثم المجهول قد يكون مطلقا
وقد ينحصر في قوم كقولها نكحني أحدهما: وقوله
زوجتي إحداهما:
__________
.................................
__________
(11/168)
وقال فيمن ادعى
على خصمه أن بيده عقارا استغله مدة معينة
وعينه وأنه يستحقه فأنكر وأقام بينة باستيلائه
لا باستحقاقه لزم الحاكم إثباته والإشهاد به
كما يلزم البينة أن تشهد به لأنه كفرع مع أصل.
وما لزم أصلا الشهادة به لزم فرعه حيث يقبل
ولو لم يلزم إعانة مدع بشهادة وإثبات ونحوه
إلا بعد ثبوت استحقاقه لزم الدور بخلاف الحكم
وهو الأمر بإعطائه ما ادعاه ثم إن أقام بينة
بأنه المستحق وإلا فهو كمال مجهول يصرف في
المصالح.
ثم إن كان المدعى عينا حاضرة لكن لم تحضر
بمجلس الحكم اعتبر
__________
.................................
__________
(11/169)
إحضاره للتعيين
ويجب على المدعي إن أقر أن بيده مثله ولو ثبت
أنه بيده ببينة أو بنكول حبس أبدا حتى يحضره
أو يدعي تلفه فيصدق للضرورة وتكفي القيمة. وإن
كانت تالفة أو في الذمة ذكر صفة سلمه1 والأولى
ذكر قيمته أيضا. وفي الترغيب: يكفي ذكر قيمة
غير مثلي ويذكر قيمة2 جوهر ونحوه ويكفي ذكر
قدر نقد البلد وقيل: ويصفه ويقوم محلى بغير
جنس حليته ومحلى بالنقدين بأيها شاء للحاجة.
ومن ادعى عينا أو دينا لم يعتبر ذكر سببه وجها
واحدا لكثرة سببه وقد يخفى على المدعي وإن
ادعى دينا على أبيه ذكر موت أبيه وحرر الدين
والتركة ذكره القاضي واختاره3 الشيخ أو أنه
وصل إليه من تركة أبيه ما يفي4 بدينه. وإن
ادعى عقدا اعتبر ذكر شروطه في الأصح وقيل: في
النكاح اختاره الشيخ وقيل وملك الإماء وفي
استدامة الزوجية وجهان م 1.
__________
مسألة 1: قوله: وفي استدامة الزوجية وجهان.
انتهى.
يعني: أنها لم تدع العقد وإنما ادعت استدامته
وأطلقهما في المغني5 والكافي6 والشرح7.
ـــــــ
1 في "ط": "مسلمة"، والمثبت من النسخ الخطية.
ومعناه: أنه يذكر الصفات التي يجب ذكرها في
عقد السلم.
2 بعدها في "ر": "غير".
3 في الأصل: "اختار".
4 في "ر": "بقي".
5 14/277.
6 6/152.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/470.
(11/170)
وفي الترغيب:
يعتبر في النكاح وصفه بالصحة والبيع يحتمل
وجهين وأنه لا يعتبر انتفاء المفسد وهو معنى
كلام الشيخ وغيره أنها ليست معتدة ولا مرتدة.
ودعوى امرأة نكاح رجل لطلب مهر أو نحوه مسموعة
وإن ادعت النكاح فقط فوجهان م 2 فإن سمعت
فكزوج وليس "1جحوده بينة1" طلاق طلاقا خلافا
للمغني2 واختاره في الترغيب وأن المسألة
ـــــــ
أحدهما: تصح دعواها وهو الصحيح صححه في البلغة
والرعايتين ومال إليه الشيخ الموفق والشارح
وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
والوجه الثاني: لا يصح حتى تذكر شروط النكاح.
مسألة 2: قوله: ودعوى امرأة نكاح رجل لطلب مهر
أو نحوه مسموعة وإن ادعت النكاح فقط فوجهان.
انتهى.
وأطلقهما في المغني3 والكافي4 والمقنع5
والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين
والحاوي الصغير وتجريد العناية وغيرهم:
أحدهما: لا تسمع وهو الصحيح اختاره أبو الخطاب
وغيره وصححه في التصحيح وغيره وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه الناظم وغيره.
والوجه الثاني: تسمع اختاره القاضي.
ـــــــ
1 في"ط": "جحود بينة".
2 14/278.
3 14/277.
4 6/153.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/472.
(11/171)
مبنية على
رواية1 صحة إقرارها به2 إذا ادعاه واحد، وإن
علم أنها ليست امرأته وأقامت بينة فهل يمكن
منها ظاهرا؟ فيه وجهان م 3.
وإن ادعى إرثا ذكر سببه وإن ادعى قتل موروثه
ذكر القتل عمدا أو شبهه أو خطأ ويصفه وأنه
انفرد أو لا، ولو قال: قده نصفين وكان حيا،
ـــــــ
مسألة 3: قوله: وإن علم أنها ليست امرأته
وأقامت بينة فهل يمكن منها ظاهرا؟ فيه وجهان.
انتهى. وأطلقهما في المغني3 والشرح4.
أحدهما: لا يمكن. قلت وهو عين الصواب وكيف
يمكن منها وهو يعلم من نفسه ويتحقق أنها ليست
امرأته حتى ولو كان الشهود مائة ولو حكم حاكم
بذلك لأن حكمه لا يحل حراما والأولى له
طلاقها5 ظاهرا فهو كما لو قال هي أختي من
الرضاعة.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 ليست في "ط".
3 14/278.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/474.
5 في "ط": "إطلاقها".
(11/172)
أو ضربه وهو حي
صح ولو لم يذكر الحياة فوجهان م 4.
ـــــــ
والوجه الثاني: يمكن منها لأن الحاكم قد حكم
بالزوجية وهو بعيد جدا.
مسألة 4: قوله: ولو قال: قده نصفين وكان حيا
أو ضربه وهو حي صح ولو لم يذكر الحياة فوجهان.
انتهى. وأطلقهما في الرعاية الكبرى:
أحدهما: لا يشترط ذكر الحياة، قلت: وهو الصواب
أو2 هو الظاهر.
والوجه الثاني: يشترط ذكرها وهو الأحوط.
ـــــــ
2 في النسخ الخطية: "إن"، والمثبت من "ط".
(11/173)
فصل فإذا حرر دعواه فللحاكم سؤال خصمه عنها
وقيل إن سأل سؤاله
...
فصل فإذا حرر دعواه فللحاكم1 سؤال خصمه عنها
وقيل إن سأل سؤاله.
وفي المذهب والمستوعب وجهان كما لا يحكم له
إلا بسؤاله في الأصح. وفي الأحكام السلطانية
في والي المظالم يرد الغصوب السلطانية قبل
تظلم أربابها إليه ويكفيه العمل بما في
الديوان فإن أقر حكم قاله جماعة. وفي الترغيب:
إن أقر فقد ثبت ولا يفتقر إلى قوله قضيت في
أحد الوجهين بخلاف قيام البينة لأنه يتعلق
باجتهاده ولو قال الحاكم: يستحق عليك فقال:
نعم لزمه وإن أنكر بأن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "للحاكم".
2 في النسخ الخطية: "إن"، والمثبت من "ط".
(11/173)
قال المدعي
قرضا أو ثمنا: ما أقرضني أو باعني أو لا حق له
علي ونحوه صح الجواب. والمراد بذلك1 ما لم
يعترف بسبب الحق فلو ادعت من يعترف بأنها
زوجته المهر فقال لا تستحق علي شيئا لم يصح
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(11/174)
الجواب ويلزمه
المهر إن لم يقم بينة بإسقاطه كجوابه في دعوى
قرض اعترف به لا يستحق علي شيئا ولهذا لو أقرت
في مرضها لا مهر لها عليه لم يقبل إلا ببينة
أنها أخذته نقله مهنا والمراد: أو أنها أسقطته
في الصحة، ولو قال المدعي دينارا: لا يستحق
علي حبة فعند ابن عقيل: ليس بجواب لأنه لا
يكتفى في دفع الدعوى إلا بنص لا بظاهر ولهذا
لو حلف والله إني لصادق فيما ادعيته عليه أو
حلف المنكر إنه لكاذب فيما1 ادعاه علي لم يقبل
وعند شيخنا: يعم الحبات وما لم يندرج في لفظ
حبة من باب الفحوى إلا أن يقال: يعم حقيقة
عرفية م 5.
وقد تقدم في اللعان وجهان فيما رميتها به2،
ولو قال: لي عليك مائة فقال: ليس لك علي مائة
اعتبر في الأصح قوله ولا شيء منها كاليمين وإن
نكل عما دون المائة حكم عليه بمئة "3إلا
جزءا3" وإن قلنا ترد4 اليمين حلف المدعي على
ما دون المائة إذا لم يسند المائة إلى عقد
لكون
ـــــــ
مسألة 5: قوله: ولو قال المدعي5 دينارا: لا
يستحق عليّ6 حبة فعند ابن عقيل: ليس
بجواب..... وعند شيخنا يعم الحبات وما لم
يندرج في لفظ حبة من باب الفحوى إلا أن يقال:
يعم حقيقة عرفية. انتهى.
قلت: الصواب ما قاله الشيخ تقي الدين وهو
الظاهر.
ـــــــ
1 بعدها في الأصل: "إذا".
2 9/213.
3 في الأصل: "الآخر".
4 في "ط": "برد".
5 في "ص" و "ط": "لمدعي".
6 ليست في "ط".
(11/175)
اليمين لا تقع
إلا مع ذكر النسبة لتطابق الدعوى ذكره في
الترغيب.
وإن أجاب مشتر لمن1 يستحق المبيع بمجرد
الإنكار رجع على البائع بالثمن، وإن قال هو
ملكي اشتريته من فلان وهو ملكه ففي الرجوع
وجهان م 6، وإن انتزع المبيع من يد مشتر ببينة
ملك مطلق رجع
ـــــــ
مسألة 6: قوله: وإن قال هو ملكي اشتريته من
فلان وهو ملكه ففي الرجوع وجهان. انتهى.
أحدهما: له الرجوع عليه إذا بان مستحقا وهو
الصواب لا سيما إن كان المشتري جاهلا والإضافة
إلى ملكه في الظاهر.
والوجه الثاني: ليس له الرجوع لاعترافه له
بالملك وهو بعيد.
ـــــــ
1 في الأصل: "لم".
(11/176)
على البائع في
ظاهر كلامهم كما يرجع في بينة ملك سابق. وفي
الترغيب: يحتمل عندي أن لا يرجع لأن المطلقة
تقتضي الزوال من وقته1 لأن ما قبله غير مشهود
به
قال الأزجي: ولو قال لك علي شيء فقال ليس لي
عليك شيء وإنما لي2 عليك ألف درهم لم يقبل منه
دعوى الألف لأنه نفاها بنفي الشيء
ولو قال لك علي درهم فقال ليس لي3 عليك درهم
ولا دانق وإنما لي عليك ألف قبل منه دعوى
الألف4 لأن معنى نفيه ليس حقي هذا القدر. قال:
ولو قال ليس لك علي شيء إلا درهم صح ذلك"2".
ولو قال ليس له عليّ"4" عشرة إلا خمسة فقيل لا
يلزمه شيء لتخبط اللفظ والصحيح: يلزمه ما
أثبته وهي الخمسة لأن التقدير ليس له علي عشرة
لكن خمسة ولأنه استثناء من النفي فيكون إثباتا
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "قوته".
2 ليست في "ط".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 ليست في الأصل.
(11/177)
وللحاكم أن
يقول للمدعي: ألك بينة فأحضرها ومعناه: إن
شئت. وفي المحرر: إن جهل أنه موضعها1، وفي
المستوعب والمغني2: لا يقول: فأحضرها فإذا
أحضرها لم يسألها ويتوجه وجه ولا يقول: اشهدا
ولا يلقنهما وفي المستوعب: لا ينبغي وفي
الموجز: يكره كتعنتها وانتهارهما وفيهما في
ظاهر الكافي3. يحرم.
وإن شهدا واتضح الحكم لزمه4 ولم يجز ترديدهما.
وفي الرعاية: إن ظن الصلح أخره وفي الفصول:
وأحببنا له أمرهما بالصلح ويؤخره فإن أبيا
حكم. وفي المغني"2": ويقول قد شهدا عليك فإن
كان قادح فبينه عندي يعني يستحب ذكره غيره
وذكره في المذهب والمستوعب فيما إذا ارتاب
فيهما فدل أن له الحكم مع الريبة. وفي الترغيب
وغيره: لا يجوز الحكم بضد ما يعلمه بل يتوقف
ومع
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "بوضعها".
2 14/70.
3 6/115.
4 ليست في "ط".
(11/178)
اللبس يأمر
بالصلح فإن عجل فحكم قبل البيان حرم ولم يصح
وله الحكم بها وبالإقرار في مجلسه نص عليه
وعنه: لا يحكم بإقرار في مجلسه حتى يسمعه معه
عدلان اختاره القاضي وجزم به في الروضة
والمذهب: لا يجوز حكمه بعلمه في غير ذلك وعنه:
يجوز وعنه: في غير الحد نقل حنبل: إذا رآه على
حد لم يكن له أن يقيمه إلا بشهادة من شهد معه1
لأن شهادته شهادة رجل ونقل حرب: فيذهبان إلى
حاكم فأما أن يشهد عند نفسه فلا.
ويعمل بعلمه وفي عبارة غير واحد: ويحكم بعلمه
في عدالة الشاهد وجرحه للتسلسل قال في عيون
المسائل: ولأنه يشركه فيه غيره فلا تهمة وقال
أيضا هو والقاضي وغيرهما: هذا ليس بحكم لأنه
يعدل هو ويجرح غيره ويجرح هو ويعدل غيره ولو
كان حكما لم يكن2 لغيره نقضه.
قال في الترغيب: إنما الحكم بالشهادة لا بهما
وقيل: يعمل في جرحه وعنه: لا فيهما بعلمه
كشاهد في الأصح ولا يجوز الاعتراض
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ط": "يجز".
(11/179)
عليه لتركه
تسمية الشهود ذكره القاضي وغيره في مسألة
المرسل وابن عقيل وذكر شيخنا أن له طلب تسمية
البينة ليتمكن من القدح بالاتفاق ويتوجه مثله:
حكمت بكذا ولم يذكر مستنده.
ومن جاء ببينة فاسقة استشهدها الحاكم وقال
له1: زدني شهودا
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(11/180)
فصل المذهب: تعتبر عدالة البينة ظاهرا وباطنا
أطلقه الإمام والأصحاب.
وفي الواضح والموجز: كبينة حد وقود ولعل
المراد الحجة على أبي حنيفة2، وفي عيون
المسائل وغيرها: إن منعوا عدالة العبد فتدلّ3
عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا
العلم من كل خلف عدوله" 4. "5والعبيد من
حمال5" العلم والحديث والفتوى فهم عدول بشهادة
الرسول صلى الله عليه وسلم لهم ونقل جماعة:
تقبل شهادة من لم تظهر منه ريبة اختاره أبو
بكر وصاحب
__________
.................................
__________
ـــــــ
2 يعني- والله أعلم- تعتبر العدالة في غير
الحدّ والقود بالقياس عليهما. وهذا رد على أبي
حنيفة في تفريقه بين الحدّ والقود فاشترطها
فيهما، ولم يشترطها في غيرهما.
3 في "ط": "فندل".
4 أخرجه العقيلي في "الضعفاء" 1/9، وابن عدي
في "الكامل" 1/152، عن أبي هريرة.
5 في "ط": "والعبد من حمل".
(11/180)
الروضة فعليها
إن جهل إسلامه رجع إلى قوله، وفي جهل حريته
المعتبرة وجهان م 7.
وإن جهل عدالته لم يسأل عنه إلا أن يجرحه
الخصم. وفي الانتصار: "1يقبل من الغريب1": أنا
حر عدل للحاجة كما قبلنا قول المرأة: ليست
مزوجة2 ولا معتدة ويكفي في تزكيته أن يشهد
عدلان
ـــــــ
مسألة 7: قوله: وفي جهل حريته المعتبرة وجهان
. وأطلقهما في المحرر والرعايتين وتجريد
العناية:
أحدهما: لا يرجع "3إلى قوله3" في كونه حرا وهو
الصحيح صححه في تصحيح المحرر وقال: جزم به في
المغني4 والشرح5 وأورده في النظم مذهبا.
انتهى.
والوجه الثاني: يرجع إليه.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ط": "زوجة".
3 ليست في "ط".
4 14/44.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/476.
(11/181)
يعلم خبرتهما
الباطنة بصحبة ومعاملة ونحوهما1 وقيل: أو
يجهلها. وفي الرعاية وغيرها: ولا يتهم بعصبية
أو غيرها أنه عدل رضي أو عدل مقبول الشهادة
ويكفي: عدل وفي الترغيب وجهان.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "ونحوها".
(11/182)
ولا تجوز
التزكية إلا لمن له خبرة باطنه. وفي الترغيب:
ومعرفة الجرح والتعديل وهل تعديل الخصم وحده
تعديل في حقه وتصديق الشهود تعديل وتصح
التزكية في واقعة واحدة؟ فيه وجهان م 8 – 10.
قال أحمد: لا يعجبني أن يعدل إن الناس يتغيرون
وقال: قيل لشريح: قد أحدثت في قضائك1! قال:
إنهم أحدثوا فأحدثنا وذكر جماعة: لا يلزم
المزكى الحضور للتزكية ويتوجه وجه. ومن ثبتت
عدالته مرة لزم البحث عنها على الأصح مع طول
المدة. وإن سأل حبس
__________
مسألة 8 - 1 0: قوله: وهل تعديل الخصم وحده
تعديل في حقه وتصديق الشهود2 تعديل وتصح
التزكية في واقعة واحدة؟ فيه وجهان. انتهى.
ذكر مسائل:
المسألة الأولى 8: هل تعديل الخصم وحده تعديل
في حقه "3أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في
المغني4 والشرح5 وغيرهما3":
"3أحدهما: هو تعديل في حقه3" وهو الصحيح
والصواب قال في الرعاية الكبرى: وإن أقر الخصم
بالعدالة فقال هما عدلان فيما شهدا به علي أو
صادقان حكم عليه بلا تزكية وقيل: لا. انتهى.
وقال في الصغرى والحاوي الصغير: فإن أقر الخصم
بالعدالة حكم عليه وقيل: لا يحكم انتهى.
والوجه الثاني: ليس بتعديل.
المسألة الثانية 9: هل تصديق الشهود تعديل أم
لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في
ـــــــ
1 في الأصل: "قضاك".
2 بعدها في "ح": "و".
3 ليست في "ص".
4 14/46.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/484.
(11/183)
خصمه أو كفيلا
به أو تعديل عين مدعاة قبل التزكية أو سأله من
أقام شاهدا بمال وقيل أو غيره حتى يقيم آخر
أجيب في الأصح ثلاثة أيام وقيل: حتى يعدل أو
يجرح وقيل به وبحبسه مع كمالها، وقطع
ـــــــ
الرعاية الكبرى فقال: وهل تصديق الشهود تعديل؟
لهم فيه وجهان. انتهى.
أحدهما: ليس بتعديل.
والوجه الثاني: هو تعديل وهو الصواب أعني
بالنسبة إليه.
المسألة الثالثة 10: هل تصح التزكية في واقعة
واحدة أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الرعاية
الكبرى فقال: وفي صحة التزكية في واقعة واحدة
الوجهان وقيل: إن تبعضت جاز وإلا فلا تزكية.
انتهى. أحدهما: لا يصح وهو الصواب وهو ظاهر
كلام الأكثر.
والوجه الثاني: يصح.
(11/184)
جماعة: يحال في
قن أو امرأة ادعى عتقا أو طلاقا بينهما
بشاهدين وفيه بواحد في قن وجهان.
وإن جرح الخصم البينة كلف به بينة وينظر له
ولجرحها ثلاثة أيام ويلازمه المدعي فإن أتى
بها حكم بها نص عليه ولو بفسقة وإلا حكم عليه
قال في الخلاف فيما لا نفس له سائلة: وقد احتج
بخبر سلمان1 فضعفه خصمه ولم يبين سببه وقال:
يجب التوقف حتى يبين
__________
تنبيه: قوله: وقطع جماعة يحال2 في قن أو امرأة
ادعى عتقا أو طلاقا بينهما بشاهدين وفيه بواحد
في قن وجهان. انتهى.
من الجماعة3 الذين4 ذكرهم المصنف الشيخ الموفق
والشارح وابن رزين وغيرهم وهذه طريقة لهؤلاء
الجماعة والذي قدمه المصنف بخلاف ذلك.
ـــــــ
1 أخرج الدار قطني في "سننه" 1/37، والبيهقي
في "السنن الكبرى" 1/253، عن سلمان أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال له: "يا سلمان أيّما
طعام أو شراب ماتت فيه دابّة، ليس لها نفس
سائلة، فهو الحلال أكله وشربه ووضوؤه".
2 في "ط": "بحال".
3 ليست في "ط".
4 في النسخ الخطية: "الذي"، والمثبت من "ط".
(11/185)
"1سببه كالبينة
إذا طعن فيها المشهود عليه يجب على الحاكم
التوقف حتى يبين1" وجه الطعن فأجاب القاضي2:
بأن حكم الخبر أوسع من الشهادة لسماعه3 وقبوله
ممن ظاهره العدالة بخلافها. وفي الترغيب: لو
ادعى جرح البينة فليس له تحليف المدعي في
الأصح.
والمذهب: لا يسمع جرح3 لم يبين سببه بذكر قادح
فيه عن رؤية أو استفاضة وفيها وجه: كتزكية:
وفيها وجه واختاره شيخنا وقال: إن المسلمين
يشهدون في مثل عمر بن عبد العزيز والحسن بما
لا يعلمونه4 إلا بالاستفاضة وقال: إنه لا يعلم
في الجرح بالاستفاضة نزاعا بين الناس قال:
وهذا إذا كان فسقه لرد شهادته وولايته فأما
إذا كان المقصود التحذير منه اكتفي بما دون
ذلك كما قال ابن مسعود: اعتبروا الناس
بأخدانهم5. وبلغ عمر رضي الله عنه أن رجلا
يجتمع إليه الأحداث فنهى عن مجالسته6 وقال:
ولا بد من بيان بدعة المبتدع والتحذير منها
لأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وعنه: يكفي المطلق نحو هو فاسق أو7 ليس بعدل
كتعديل في الأصح ويعرض الجارح بالزنى
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 ليست في "ط".
3 بعدها في "ط": "وقبوله".
4 في الأصل: "يعلمون" وفي "ر": "يعلموه".
5 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/589،
ولفظه: "بإخوانهم" والطبراني في "الكبير"،
8919.
6 لم نقف عليه.
7 في الأصل: "و".
(11/186)
فإن جرح ولم
يأت بتمام1 أربعة حد خلافا للشافعي. وفي
الترغيب: لا يجوز الجرح بالتسامع نعم لو زكى
جاز2 التوقف بتسامع الفسق.
ومن رتبه حاكم يسأل سرا عن الشهود لتزكية أو
جرح فقيل: تعتبر شروط الشهادة فيهم وقيل في
المسئولين م 11 وفي الترغيب: وعلى
ـــــــ
مسألة 11: قوله: ومن رتبه حاكم يسأل3 سرا عن
الشهود لتزكية أو جرح فقيل: تعتبر شروط
الشهادة فيهم وقيل: في المسئولين انتهى.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير
والزركشي وغيرهم:
أحدهما: تعتبر شروط الشهادة فيهم قدمه في
المغني4 والشرح5 فقالا: ويقبل قول أصحاب
المسائل وقيل: لا يقبل إلا شهادة المسئولين.
وقال في الكافي6: ويجب أن يكونوا عدولا ولا
يسألوا7 عدوا ولا صديقا وهو ظاهر ما جزم به في
المستوعب.
والوجه الثاني: يعتبر ذلك في المسئولين لا
فيمن رتبهم الحاكم.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 ليست في "ط".
3 في "ط": "ليسأل".
4 14/45- 46.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/482.
6 6/100.
7 في "ط": "يسألون".
(11/187)
قولنا التزكية
ليست شهادة لا يعتبر لفظ الشهادة والعدد في
الجميع ومن سأله حاكم عن تزكية من شهد عنده
لغيره1 أخبره وإلا لم يجب وإن قبل جرح واحد
فتزكية اثنين مقدمة في الأصح ويقدم جرح2 اثنين
وإن ارتاب حاكم "3من بينة3" لزمه البحث. وفي
الكافي4 والمحرر: يستحب تفريقهم ويسأل كل واحد
عن كيفية التحمل هل تحمل وحده؟ وأين ومتى؟ فإن
اتفقوا وعظ وخوف فإن ثبتوا حكم وإلا لم يقبلها
وإن حاكم من لا يعرف لسانه ترجم له من يعرفه
والمذهب: يقبل في ترجمة وتزكية وجرح وتعريف
ورسالة عدلان بشروط الشهادة.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 ليست في "ر".
3 في النسخ الخطية: "ببينة"، والمثبت من "ط".
4 6/106.
(11/188)
وفي مال رجل
وامرأتان والأصح: في الزنا أربعة وعنه: واحد
في الكل اختاره أبو بكر بدون لفظ الشهادة ولو
كان امرأة أو والدا أو ولدا أو أعمى لمن1 خبره
بعد عماه ويكتفي بالرقعة مع الرسول وعلى
الأول: تجب المشافهة.
ومن نصب للحكم بجرح وتعديل وسماع بينة قنع
الحاكم بقوله وحده2 إذا قامت البينة عنده
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "كمن".
2 ليست في الأصل.
(11/189)
فصل وإذا قال المدعي مالي بينة أعلمه الحاكم
بأن له اليمين على خصمه له تحليفه مع علمه
وقدرته على حقه
...
فصل وإذا قال المدعي مالي بينة أعلمه الحاكم
بأن له اليمين على خصمه له تحليفه مع علمه
و3قدرته على حقه
نص عليه نقل ابن هانئ: إن علم
__________
.................................
__________
ـــــــ
3 ليست في الأصل و "ط".
(11/189)
عنده مالا لا
يؤدي إليه حقه أرجو أن لا يأثم وظاهر رواية
أبي طالب: يكره قاله شيخنا ونقله من حواشي
تعليق القاضي وهذا يدل على تحريم تحليف البريء
دون الظالم. وفي حواشي تعليق القاضي روى
__________
.................................
__________
(11/190)
أبو محمد
الخلال بإسناده عن رافع بن خديج مرفوعا "من
أراد أن يستحلف أخاه على يمين وهو يعلم أنه
كاذب فأجل الله أن يحلفه وجبت له الجنة" 1.
وبإسناده عن علي مرفوعا "من قدم غريما إلى ذي
سلطان ليحلفه فعلم أنه يحلف بالله كاذبا لم
يرض الله له2 تعالى يوم القيامة منزلة3 إلا مع
إبراهيم خليل الله في الجنة" 4. على صفة جوابه
نص عليه وعنه: بصفة الدعوى وعنه: يكفي تحليفه:
لا حق لك علي فإن سأله تحليفه حلفه وخلاه
فيحرم دعواه وتحليفه ثانيا أطلقه الشيخ لحديث
الحضرمي والكندي5. وفي المستوعب والترغيب
والرعاية: له تحليفه عند من جهل حلفه عند غيره
لبقاء الحق بدليل أخذه ببينة وإن أمسك عن
تحليفه فله تحليفه بدعواه المتقدمة.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 وأورده الهندي في "كنز العمال" 46447،
والعجلوني في "كشف الخفاء" 2/225.
2 ليست في الأصل.
3 في "ط": "منزلة".
4 لم نقف عليه.
5 تقدم تخريجه ص 165.
(11/191)
وإن أبرأه من
يمينه فله تجديد الدعوى وطلبها. ولا يعتد
بيمينه إلا بأمر حاكم بمسألة المدعي طوعا
وعنه: يبرأ بتحليف المدعي وعنه: ويحلفه له وإن
لم يحلفه ذكرهما شيخنا من رواية مهنا أن رجلا
اتهم رجلا1 بشيء فحلف له ثم قال لا أرضى إلا
أن تحلف لي عند السلطان أله ذلك؟ قال: لا قد
ظلمه وتعنته واختار أبو حفص تحليفه واحتج
برواية مهنا ولم يصله باستثناء. وفي المغني2:
أو بما لا يفهم لأن الاستثناء يزيل3 حكم
اليمين. وفي الترغيب هي يمين كاذبة. وفي
الرعاية: لا ينفعه الاستثناء إذا لم يسمعه
الحاكم المحلف له.
ولا يجوز التأويل والتورية في اليمين إلا
لمظلوم وقال في الترغيب كل ما ليس بجار4 في
محل الاجتهاد فالنية على نية الحاكم المحلف
واعتقاده فالتأويل على خلافه لا ينفع وقد سبقت
المسألة في الشفعة5.
ولا يجوز أن يحلف معسر خاف حبسا أم لا6: لا حق
له علي ولو توى الساعة نقله الجماعة وجوزه
صاحب الرعاية بالنية وهو متجه ولا من عليه دين
مؤجل أراد غريمه منعه من سفر نص عليه ويتوجه
كالتي قبلها فإن لم يحلف قال: إن حلفت وإلا
قضيت عليك بالنكول.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 14/236.
3 في "ط": "يذيل".
4 في "ط": "بجاز".
5 7/271.
6 في "ر" و "ط": "أنه".
(11/192)
ويسن تكراره
ثلاثا وفي الرعاية: يقوله مرة وقيل: ثلاثا
الذي قاله الإمام أحمد: إذا نكل لزمه الحق
قالوا: فإن لم يحلف قضى عليه نص عليه نقله
واختاره الجماعة مريضا كان أو غيره ويتخرج
حبسه ليقر أو يحلف قال أحمد: لا يعجبني رد
اليمين ونقل الميموني كأني أكره هذا واحتج
بالخبر1.
قال في عيون المسائل وغيرها: لا يجوز ردها
ونقل أبو طالب: ليس له أن يردها ثم قال بعد
ذلك: وما هو ببعيد يقال له احلف وخذ فظاهره
يجوز ردها وذكرها جماعة فقالوا: وعنه: ترد
اليمين على المدعي ولعل ظاهره: يجب ولهذا قال
الشيخ: واختار أبو الخطاب أنه لا يحكم بالنكول
ولكن يرد اليمين على خصمه وقال: قد صوبه أحمد
وقال: ما هو ببعيد يحلف ويستحق وهي رواية أبي
طالب المذكورة وظاهرها جواز الرد واختار في
العمدة ردها واختاره في الهداية وزاد: بإذن
الناكل فيه.
وقال شيخنا مع علم مدع وحده بالمدعى به لهم
ردها وإذا لم يحلف لم يأخذ2 كالدعوى على ورثة3
ميت حقا عليه يتعلق بتركته وإن كان المدعى
عليه هو العالم بالمدعى به دون المدعي مثل أن
يدعي الورثة أو الوصي على غريم الميت فينكر
فلا يحلف المدعي لأن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 أنظر: "الموطأ" 2/613.
2 في "ط": "أخذ".
3 في "ط": "ورثه".
(11/193)
النبي صلى الله
عليه وسلم قال: "لا تضطروا الناس في أيمانهم
إلى ما لا يعلمون" 1. قال: وأما إن كان المدعي
يدعي العلم والمنكر يدعي العلم فهنا يتوجه
القولان يعني الروايتين.
فإن حلف حكم له وإن نكل صرفهما ثم إن بذل
أحدهما: اليمين لم تسمع إلا في مجلس آخر
والأشهر قبل الحكم بالنكول.
ومتى تعذر ردها فهل يقضى بنكوله أو يحلف ولي
أو إن باشر ما ادعاه أو لا يحلف حاكم؟ فيه
أوجه وقطع الشيخ: يحلف إذا عقل م 12 وبلغ
ويكتب الحاكم محضرا بنكوله
__________
مسألة 12: قوله: ومتى تعذر ردها فهل يقضي
بنكوله أو يحلف ولي أو إن باشر ما ادعاه أو لا
يحلف حاكم؟ فيه أوجه وقطع الشيخ: يحلف إذا
عقل. انتهى. يعني إذا قلنا برد اليمين وتعذر
ردها قطع في المغني2 والشرح3 بأن الأب والوصي
وأمين الحاكم لا يحلفون وتوقف4 اليمين ويكتب
الحاكم محضرا بنكول المدعى عليه. وقال في
الحاوي الصغير: وكل مال لا ترد فيه اليمين
يقضي فيه بالنكول كالإمام إذا ادعى لبيت المال
أو وكيل الفقراء ونحو ذلك. انتهى.
وقدمه في الرعاية الصغرى قال: وكذا الأب ووصيه
وأمين الحاكم إذا ادعوا حقا لصغير أو مجنون
وناظر الوقف وقيم المسجد. وقال في الكبرى: قضى
بالنكول في الأصح وقيل على الأصح وقيل: يحبس
حتى يقر أو يحلف وقيل: بل يحلف المدعي منهم
ويأخذ ما ادعاه وقيل إن كان قد باشر ما ادعاه
حلف وإلا
ـــــــ
1 أخرجه الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" 2/216،
والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/313، من حديث ابن
مسعود.
2 14/233.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/438.
4 في "ح" و"ط": "تقف".
(11/194)
فإن قلنا: يحلف
حلف لنفيه إن ادعى عليه وجوب تسليمه من موليه
فإن أبى حلف المدعي وأخذه إن جعل النكول مع
يمين المدعي كبينته لا كإقرار خصمه وفي
الترغيب: لا خلاف بيننا أن ما لا يمكن ردها
فيه يقضي بنكوله بأن يكون صاحب1 الدعوى غير
معين كالفقراء أو يكون الإمام بأن يدعي لبيت
المال دينا ونحو ذلك.
وفي الرعاية في صورة الحاكم: يحبس حتى يقر2 أو
يحلف وقيل: يحكم عليه وقيل: يحلف الحاكم. وفي
الانتصار: نزل أصحابنا نكوله منزلة بين
منزلتين فقالوا: لا يقضى به في قود وحد وحكموا
به في حق مريض وعبد وصبي مأذون لهما.
وفي الترغيب في القسامة: من قضى عليه بنكوله
بالدية ففي ماله لأنه كإقرار3 وفيها: قال أبو
بكر: لأن النكول إقرار واختار شيخنا: أن4
المدعي يحلف ابتداء مع اللوث وأن الدعوى في
التهمة كسرقة يعاقب المدعى عليه الفاجر وأنه
لا يجوز إطلاقه.
ويحبس المستور ليبين5 أمره أو ثلاثا على وجهين
نقل حنبل:
ـــــــ
فلا قلت: لا يحلف إمام ولا حاكم. انتهى. وقطع
الشيخ أنه يحلف إذا عقل أو بلغ وتابعه الشارح.
تنبيه: قوله: ويحبس المستور ليبين أمره ولو
ثلاثا على وجهين. انتهى. هذا من تتمة كلام
الشيخ تقي الدين وليس من الخلاف المطلق.
ـــــــ
1 في "ط":"صاب".
2 في "ط": "يقرأ".
3 في "ط": "كإقراره".
4 ليست في "ط".
5 في الأصل: "حتى يتبين".
(11/195)
حتى يبين أمره
ونص أحمد ومحققو أصحابه على حبسه.
واحتج أحمد بأن النبي صلى الله عليه وسلم حبس
في تهمة1. بخلاف دعوى بيع أو قرض ونحوه
لتفريطه بترك كتابته والإشهاد وأن تحليف كل
مدعى عليه وإرساله مجانا ليس مذهبا لإمام
واحتج في مكان آخر بأن قوما اتهموا أناسا
بسرقة فرفعوهم2 إلى النعمان بن بشير فحبسهم
أياما ثم أطلقهم فقالوا له: خليت سبيلهم بغير
ضرب ولا امتحان فقال لهم3: إن شئتم ضربتهم فإن
ظهر ما لكم وإلا ضربتكم مثل ما ضربتهم فقالوا
هذا حكمك؟ فقال: حكم الله تعالى ورسوله.
إسناده جيد رواه النسائي وأبو داود4 وترجم
عليه: باب في الامتحان بالضرب.
وظاهره: أنه قال به وقال به شيخنا. وفي
الأحكام السلطانية: يحبسه وال قال: فظاهر كلام
أحمد: وقاض وأنه ليشهد له {وَيَدْرَأُ عَنْهَا
الْعَذَابَ} الآية [النور: 8] حملنا على الحبس
لقوة التهمة.
وذكر شيخنا: الأول قول أكثر العلماء واختار
تعزير5 مدع بسرقة ونحوها على من تعلم براءته
واختار أن خبر من له رائي جني بأن فلانا سرق
كذا كخبر إنسي مجهول فيفيد تهمة كما تقدم وفي
الأحكام السلطانية. يضربه الوالي مع قوة
التهمة تعزيرا فإن ضرب ليقر لم يصح وإن ضرب
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود 3630، والترمذي 1417،
والنسائي في "المجتبى" 8/67، من حديث بهز عن
أبيه عن جده.
2 في الأصل: "فعرفوهم".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 النسائي في "المجتبى" 8/66، وأبو داود 4382.
5 في "ط": "تعذير".
(11/196)
ليصدق عن حاله
فأقر تحت الضرب قطع ضربه وأعيد إقراره ليؤخذ
به ويكره الاكتفاء بالأول كذا قال قال شيخنا:
إذا كان معروفا بالفجور المناسب للتهمة قال
طائفة: يضربه الوالي1 والقاضي "2وقال طائفة:
الوالي دون3 القاصي2" وقد ذكر ذلك طوائف من
أصحاب مالك والشافعي وأحمد وفي الصحيح: أن
النبي صلى الله عليه وسلم أمر الزبير أن يمس
بعض المعاهدين بالعذاب لما كتم إخباره بالمال
الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عاهدهم
عليه وقال له: "أين كنز حيي بن أخطب" ؟ فقال:
يا محمد أذهبته4 النفقات والحروب فقال: "المال
كثير والعهد أقرب من هذا". وقال للزبير: "دونك
هذا" فمسه الزبير بشيء من العذاب فدلهم على
المال5.
وفي كتاب الهدي ما هو نفس كلام6 شيخنا أن في
هذا الخبر دليلا على الاستدلال بالقرائن على
صحة الدعوى وفسادها وكذلك فعل سليمان عليه
السلام في استدلاله بالقرينة على تعين أم
الطفل الذي ذهب به الذئب وادعت كل واحدة من
المرأتين أنه ابنها واختصمتا7 إليه8 في الآخر،
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 بعدها في الأصل: "دون".
2 ليست في الأصل.
3 ليست في "ط".
4 في الأصل: "أذهبه".
5 أخرجه بهذا اللفظ البيهقي في السنن الكبرى
9/137، وابن حبان في صحيحه 5199، من حديث ابن
عمر وأصل الحديث عند البخاري 2328، ومسلم
1551، 1.
6 ليست في الأصل.
7 في النسخ الخطية،: "واختصما"، والمثبت من
"ط".
8 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/197)
فقضى به داود
للكبرى فخرجتا على سليمان فقال: بم قضى بينكما
نبي الله؟ فأخبرتاه فقال: ائتوني بالسكين أشقه
بينكما فقالت الصغرى: لا تفعل رحمك الله هو
ابنها فقضى به لها1.
فلو اتفقت مثل هذه القصة في شريعتنا عمل
بالقافة وفاقا لمالك والشافعي قال أصحابنا:
وكذا لو اشتبه ولد مسلمة وكافرة وتوقف فيها
أحمد فقيل له: ترى القافة؟ فقال: ما أحسنه فإن
لم توجد قافة وحكم بينهما حاكم بمثل حكم
سليمان كان صوابا وكان أولى من القرعة لأن
القرعة مع عدم الترجيح فلو ترجح بيد أو شاهد
واحد أو قرينة ظاهرة من لوث أو نكول أو موافقة
شاهد الحال لصدقه كدعوى حاسر الرأس عن العمامة
عمامة من بيده عمامة وهو يشتد عدوا وعلى رأسه
أخرى ونظائر ذلك قدم على القرعة كدعوى كل واحد
من الزوجين قماش البيت و2 آلاته وكل واحد من
الصانعين آلات صنعته والحكم بالقسامة هو من
هذا ولم يقص النبي صلى الله عليه وسلم قصة
سليمان إلا ليعتبر3 بها في الأحكام وترجم
عليها النسائي4: باب في الحاكم يوهم خلاف الحق
ليستعلم به الحق.
ونقل الجماعة أنه قال قول عمر ليس الرجل بأمين
على نفسه إذا أجعته أو ضربته أو حبسته5 فإذا
أقر على هذا لم يؤخذ به ولا تمتحنه
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 أخرجه البخاري 3427، ومسلم 1720، 20، من
حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
2 ليست في "ط".
3 في الأصل: "لنعبر"، وفي "ط": "ليعتبر".
4 في "المجتبى" 8/236.
5 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" 11424،
والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/360.
(11/198)
بقول زنيت:
سرقت حتى يجيء هو يقر أما من عرف بالخير فلا
يجوز إلزامه بشيء ويحلف ويترك إجماعا.
وإن قال المدعي ما لي بينة ثم أتى بها فنصه:
لا تسمع وقيل: بلى واختاره ابن عقيل وغيره وهو
متجه حلفه أو لا كقوله: لا أعلمه1 لي وجزم في
الترغيب بالأول قال: وكذا قوله: كذب شهودي
وأولى ولا تبطل دعواه بذلك في الأصح ولا ترد
بذكر السبب بل بذكر سبب ذكر المدعي غيره. وفي
الترغيب إن ادعى ملكا مطلقا فشهدت به وبسببه2
وقلنا يرجح بذكر3 السبب لم يفده إلا أن تعاد
بعد الدعوى ولو ادعى شيئا فشهدوا له بغيره فهو
مكذب لهم قاله4 أحمد وأبو بكر واختار5 في
المستوعب تقبل فيدعيه ثم يقيمها وفيه وفي
الرعاية: إن قال استحقه وما شهدوا به أيضا
وإنما ادعيت بأحدهما: لأدعي الآخر وقتا ثم
ادعاه ثم شهدوا به قبلت ولو ادعى شيئا فأقر له
بغيره لزمه إذا صدقه المقر له والدعوى بحالها
نص عليه. وإن سأل ملازمته حتى يقيمها أجيب في
المجلس على الأصح فإن لم يحضرها فيه صرفه وقيل
ينظر ثلاثة أيام6، وذكر الشيخ وغيره:
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "لاأعلم"، والمثبت من "ط".
2 في الأصل: "ونسيته".
3 في "ط": "ذكر".
4 في "ط": "قال".
5 في "ط": "واختاره".
6 ليست في "ر" و "ط".
(11/199)
ويجاب مع قربها
وعنه: وبعدها ككفيل فيما ذكر في الإرشاد1
والمبهج والترغيب وأنه يضرب له أجلا متى مضى
فلا كفالة ونصه: لا يجاب إلى كفيل كحبسه، وفي
ملازمته حتى يفرغ له الحاكم من شغله مع غيبة2
بينته وبعدها يحتمل وجهين م 13.
قال الميموني: لم أره يذهب في الملازمة إلى أن
يعطله من3 عمله ولا يمكن أحدا من عنت خصمه.
وإن سأل تحليفه ثم يقيمها ملكهما فإن كانت في
المجلس وقيل: أو قريبه4 ملك أيهما شاء. وقيل:
هما. وقيل: إقامتها فقط في الكل قطعوا به في
الخلاف، وإن سأل تحليفه ولا يقيمها فحلف ففي
جواز
ـــــــ
مسألة 13: قوله: وفي ملازمته حتى يفرغ له5
الحاكم من شغله مع غيبة بينته وبعدها يحتمل
وجهين. انتهى:
أحدهما: له ملازمته وهو الصواب لا سيما في هذه
الأزمنة.
والوجه الثاني: ليس له ذلك.
ـــــــ
1 ص 485.
2 في الأصل: "غيبته".
3 في "ط": "عن".
4 في "ط": "قريبه".
5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/200)
إقامتها وجهان
م 14.
ـــــــ
مسألة 14: قوله: وإن سأل تحليفه ولا يقيمها
فحلف ففي جواز إقامتها وجهان. انتهى.
والوجهان للقاضي وأطلقهما في المغني3 والكافي4
والشرح5 شرح ابن منجا والرعايتين والزركشي
وغيرهم.
أحدهما: ليس له إقامتها صححه الناظم.
والوجه الثاني: له إقامتها قدمه ابن رزين في
شرحه وهو الصواب.
ـــــــ
3 14/221.
4 6/122.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/429.
(11/201)
فصل وإن لم يقر المدعى عليه ولم ينكر أو قال
لا أعلم قدر حقه
...
فصل وإن لم يقر المدعى عليه ولم ينكر أو قال1
لا أعلم قدر حقه
ذكره في عيون المسائل والمنتخب لأن المدعي
يعرف قدر حقه بخلاف الشفيع والمشتري لا
يعلمانه. قال الحاكم: إن أجبت وإلا جعلتك
ناكلا وقضيت عليك وقيل: يحبس حتى يجيب ذكره في
الترغيب عن أصحابنا فإن كان للمدعي بينة حكم
بها وقوله لي2 مخرج مما ادعاه ليس جوابا.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "إلى"
(11/201)
وإن قال: لي
حساب أريد أن1 أنظر فيه لزم إنظاره في الأصح
ثلاثة أيام وإن قال: إن ادعيت ألفا برهن كذا
لي بيدك أجبت و2 ادعيت هذا ثمن كذا بعتنيه ولم
تقبضنيه فنعم وإلا فلا حق لك علي فجواب وإن
ادعى قضاء أو إبراء وجعل مقرا أو بعد بينة
بدعوى المدعي أنظر للبينة ثلاثة أيام وللمدعي
ملازمته وقيل: لا ينظر كقوله3: لي بينة تدفع
دعواه فإن عجز حلف المدعي على بقائه وأخذه فإن
نكل حكم عليه وإن قيل ترد اليمين فله تحليف
خصمه فإن أبى حكم عليه.
ولو ادعى أنه أقاله في بيع فله تحليفه ولو قال
أبرأني من الدعوى ففي الترغيب انبنى على الصلح
على الإنكار والمذهب صحته وإن قلنا لا يصح لم
تسمع وإن أنكر الخصم سبب الحق ابتداء لم تسمع
دعواه قضاء أو إبراء متقدما لإنكاره نقله ابن
منصور وقيل: بلى ببينة.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في الأصل: "أو"
3 في "ط": "لقوله".
(11/202)
فصل من ادعى على غائب مسافة قصر
وقيل ويوم أو مستتر بالبلد أو ميت أو غير مكلف
وله بينة سمعت وحكم بها وليس تقدم الإنكار هنا
شرطا ولو فرض إقراره فهو تقوية لثبوته بالبينة
قال في الانتصار لخصمه ألا جعلت للقاضي هنا أن
ينصب عن الغائب من ينكر عنه كما فعلت في إقامة
المدير لتثبت الكتب قال في الترغيب وغيره: لا
تفتقر البينة إلى جحود إذ الغيبة كالسكوت
والبينة تسمع على ساكت وكذا جعل في عيون
المسائل وغيرها هذه المسألة أصلا على الخصم.
قال في الترغيب وغيره: ولو قال هو معترف وأنا
أقيم البينة استظهارا لم تسمع وقاله الآدمي في
كتابه إنه1 إذا اعترف بإقرار غريمه لغت مطلقا،
قال أحمد فيمن عنده دابة مسروقة فادعى أنها
عنده وديعة: من أقام بها بينة أخذها حتى يجيء
رب الوديعة فيثبت. وقيل: يقيم كفيلا ولا يحلفه
على بقاء حقه اختاره الأكثر وعنه: يحلفه ولا
يتعرض في يمينه لصدق البينة. وفي الترغيب:
لكمالها فيجب تعرضه
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(11/203)
إذا أقام شاهدا
وحلف معه ولا يمين مع بينة كمقر له إلا هنا
وعنه: بلى فعله عليّ1 وعنه: نعم مع ريبة ثم
إذا حضر ورشد فعلى حجته وإن قدم فجرح البينة
بأمر2 بعد أداء الشهادة أو مطلقا لم يقبل
لجواز كونه بعد الحكم فلا يقدح فيه وإلا قبل
وعنه: لا يحكم على غائب
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 10/261.
2 ليست في "ر".
(11/204)
كحق الله تعالى
فيقضي في السرقة بالغرم فقط وعنه: بلى1 تبعا
كشريك حاضر، ولو قال لوكيل غائب احلف أن لك
مطالبتي أو قال قد عزلك فاحلف أنه ما عزلك لم
يسمع ويسمع إن قال أنت تعلم أنه عزلك لأنها
دعوى عليه ذكره الشيخ وغيره. وفي الترغيب: هل
له تحليفه على نفي العلم أنه ما عزله أو مات؟
يحتمل وجهين ولو أقام بينة أنه عزله قبلت ولو
كانا ابني الموكل فإن بادرت البينة فشهدت
بعزله قبل تقدم دعوى المدعى عليه لم تسمع، وإن
قبض الوكيل ثم حضر موكله وادعى أنه كان عزله
قبل ببينة لا بشهادة ابنيه لإثباتهما حقا
لأبيهما والغيبة دون ذلك يعتبر لسماعهما حضوره
كحاضر المجلس وقيل: يسمعان ويحكم
ـــــــ
تنبيهان:
الأول: قوله ولو كانا ابنا للموكل صوابه ابني
للموكل.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(11/205)
عليه وعنه:
يمتنع الحكم فقط فإن أبى الحضور حكم عليه
وعنه: لا فيضيق عليه1 الحاكم بما يراه فيحتم
عليه ويحرم أن يدخل عليه بيته فإن أصر حكم
عليه نص على ذلك فإن وجد له مالا وفاه منه
وإلا قال للمدعي: إن عرفت له مالا وثبت عندي
وفيتك منه. وفي التبصرة: إن صح2 عند الحاكم
أنه في منزله أمر بالهجوم عليه وإخراجه ونصه:
يحكم عليه بعد ثلاثة أيام وجزم به في الترغيب
وغيره وظاهر نقل الأثرم: يحكم عليه إذا خرج
قال: لأنه قد3 صار في حرمه4 كمن لجأ إلى
الحرم.
والحكم للغائب ممتنع قال في الترغيب: لامتناع
سماع البينة له والكتابة له إلى قاض آخر ليحكم
بكتابه بخلاف الحكم عليه ويأتي في
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ر": "وثبت".
3 ليست في "ط".
4 في "ط": "حرمة".
(11/206)
القسمة
والدعوى1 ويصح تبعا كمن ادعى موت أبيه عنه2
وعن أخ غائب أو غير رشيد وله عند فلان عين أو
دين فثبت بإقرار أو بينة فهو للميت ويأخذ
المدعي نصيبه والحاكم نصيب الآخر وقيل: يترك
نصيبه من الدين في ذمة غريمه حتى يقدم ويرشد
وتعاد البينة في غير الإرث ذكره في الرعاية
وزاد: ولو أقام الوارث البينة وبقية الورثة
غير رشيد انتزع المال من يد المدعى عليه لهما
بخلاف الغائب في أصح الوجهين والآخر: ينتزع.
وفي المغني3: إن أدعى4 أحد الوكيلين الوكالة
والآخر غائب وثم بينة حكم لهما فإن حضر لم تعد
البينة كالحكم بوقف ثبت لمن لم يخلق تبعا
لمستحقه الآن.
وتقدم5 أن سؤال غريم الحجر كالكل فيتوجه أن
يفيد أن القضية الواحدة المشتملة على عدد أو
أعيان كولد الأبوين في المشركة أن الحكم على
واحد أو له يعمه وغيره ذكر شيخنا المسألة
وأخذها من دعوى موت موروثه وحكمه بأن هذا
يستحق هذا أو الآن من وقف بشرط شامل يعم وهل
حكمه لطبقة حكم للثانية والشرط واحد؟ ردد
النظر على
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ص 236- 260.
2 ليست في الأصل.
3 7/260.
4 في "ط": "أدى".
5 6/465.
(11/207)
وجهين ثم من
أبدى ما يجوز أن يمنع الأول من الحكم عليه1
ولو علمه فلثان2 الدفع به وهل هو نقض للأول
كحكم مغيّا بغاية "3أو هو نسخ3".
ـــــــ
الثاني: قوله: وهل حكمه لطبقة حكم للثانية
والشرط واحد؟ ردد النظر على وجهين ثم من أبدى
ما يجوز أن يمنع الأول من الحكم عليه لو علمه
فلثان الدفع به وهل هو نقض للأول كحكم مغيا
بغاية "4أو هو فسخ4" انتهى. هذا من تتمة كلام
الشيخ تقي الدين والمصنف قد قدم حكما وهو قوله
قبل ذلك ويصح تبعا وقد اختار الشيخ تقي الدين
في الفتاوى المصرية أن حكمه لطبقة ليس حكما
لطبقة أخرى.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "و".
2 في "ط": "فالثاني".
3 في الأصل، و "ط": "هل هو نسخ".
4 في النسخ الخطية: طهل هو نسخ"، والمثبت من
"ط".
(11/208)
فصل من ادعى أن الحاكم حكم له فلم يذكره فشهد
به اثنان
قبلهما وأمضاه لقدرته على إمضائه بخلاف من نسي
شهادته فشهدا عنده بها وذكر ابن عقيل: لا
يقبلهما ومرادهم على الأول إذا لم يتيقن صواب
نفسه فإن تيقنه لم يقبلهما لأنهم احتجوا فيه
بقصة ذي اليدين4 وذكروا هناك صوابه "5لو تيقن
صوابه5" لم يقبلهما واحتجوا أيضا بقول الأصل
المحدث للراوي
__________
.................................
__________
ـــــــ
4 تقدم تخريجه 2/269.
5 في "ط": "صوابه لو تتقن".
(11/208)
عنه: لا أدري
وذكروا هناك لو كذبه لم يقدح في عدالتهما ولم
يعمل به ودل أن قول ابن عقيل هنا أن1 قياس
الرواية المذكورة في الدليلين وإن شهدا أن
فلانا وفلانا شهدا عندك بكذا أمضاه فإن وجد
حكمه أو شهادته بخطه وتيقنه ولم يذكره لم يعمل
به ذكره القاضي وأصحابه2 في المذهب. وفي
الترغيب هو الأشهر كخط أبيه3 بحكم أو شهادة لم
يشهد ولم يحكم بها إجماعا ولم ينفذه ذكره
الشيخ وعنه: بلى اختاره في الترغيب وقدمه في
المحرر وجزم به الآدمي وعنه: إن كان في حرزه
كقمطره.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر" و "ط".
2 بعدها في "ط": "في".
3 لست في الأصل.
(11/209)
ومن علم الحاكم
منه أنه لا يفرق بين أن يذكر الشهادة أو يعتمد
على معرفة الخط يتجوز بذلك لم يجز قبول شهادته
ولهما حكم مغفل أو مخرق1 وإن لم يتحقق لم يجز
أن يسأله عنه ولا يجب أن يخبره بالصفة ذكره
ابن الزاغوني. وقال أبو2 الخطاب: لا يلزم
الحاكم سؤالهما عن ذلك ولا يلزمهما جوابه.
وقال أبو الوفاء: إذا علم تجوزهما فهما كمغفل
ولم يجز قبولهما وإن قال وهو عدل: حكمت لفلان
على فلان بكذا وليس أباه أو ابنه قبل قوله في
المنصوص سواء ذكر مستنده أو لا. وقال3 شيخنا:
قولهم في كتاب القاضي إخباره بما ثبت بمنزلة
شهود الفرع يوجب أن لا يقبل قوله في الثبوت
المجرد إذ لو قبل خبره لقبل كتابه وأولى قال:
ويجب أن يقال: إن قال ثبت عندي فهو كقوله حكمت
في الأخبار والكتاب وإن قال شهدا أو أقر عندي
فلان فكالشاهدين سواء وكذا لو قاله بعد عزله
وقيل: لا فهو كشاهد وقيل:
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "محرق".
2 في الأصل: "وذكر"، وبعدها في "ط": "أبو".
3 ليست في "ط".
(11/210)
لا وجزم به في
الروضة ونظيره أمير الجهاد وأمير الصدقة وناظر
الوقف قاله شيخنا قال في الانتصار وغيره: كل
من صح منه إنشاء أمر صح إقراره به.
وإن أخبر حاكم آخر بحكم أو ثبوت عمل به مع
غيبة المخبر. وفي الرعاية: عن المجلس ويقبل
خبره في غير عملهما وفي عمل أحدهما: وعند
القاضي: لا يقبل إلا أن يجبره1 في عمله حاكما
في غير عمله فيعمل به إذا بلغ عمله وجاز حكمه
بعلمه وجزم به في الترغيب ثم قال: وإن كانا في
ولاية المخبر فوجهان وفيه: إذا قال سمعت
البينة فأحكم لا فائدة له مع2 حياة البينة بل
عند العجز عنها.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ر"، و "ط": "يخبر".
2 ليست في "ط".
(11/211)
فصل وحكم الحاكم لا يحيل الشيء عن صفته باطنا
وعنه: بلى في مختلف فيه قبل الحكم قطع به في
الواضح وغيره فلو حكم حنفي لحنبلي بشفعة جوار
فوجهان م 15.
ومن حكم لمجتهد أو عليه بما يخالف اجتهاده عمل
باطنا بالحكم ذكره القاضي وقيل باجتهاده. وإن
باع حنبلي متروك التسمية فحكم
ـــــــ
مسألة 15: قوله: وحكم الحاكم لا يحيل الشيء عن
صفته باطنا وعنه: بلى في مختلف فيه قبل الحكم
قطع به في الواضح وغيره فلو حكم حنفي لحنبلي
بشفعة جوار فوجهان. انتهى. قلت: الصواب:
الإحالة1 في الباطن في هذه المسألة لشمول
الرواية لها. والله أعلم.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "الإزالة"، والمثبت من
"ط".
(11/211)
بصحته شافعي
نفذ عند أصحابنا خلافا لأبي الخطاب.
وحكى عنه: نحيله في عقد وفسخ مطلقا وأطلقها في
الوسيلة قال أحمد: الأهل أكبر من المال. وفي
الفنون أن حنبليا نصرها واعتبرها باللعان وأن
حنبليا أجاب بأن اللعان وضعه الشارع لستر
الزانية وصيانة النسب فتعقب الفسخ الذي لا
يمكن الانفكاك إلا به وما وضعه الشرع للفسخ به
زال1 الملك وليس في مسألتنا سوى جهل الحاكم
بباطن الأمر وعلمهما وعلم الشهود أكثر من النص
في الدلالة لأن النص معلوم وهذا محسوس لأن
التزوير من فعلهما2. وإذا فسخنا الأحكام
بالمنصوصات من الأدلة باطنا وظاهرا فلأن تبطل
الأحكام بالحس باطنا أولى في كلام طويل فقيل
له: هذا كله لا يدفع أشكال اللعان وذلك أن
الحاكم لا يلزمه في إنفاذ الأحكام "3التنقب
عن3" بواطن الأحوال4 وإنما
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "أزال".
2 في الأصل: "فعلها".
3 ليست في الأصل، و "ط".
4 في "ر": "الأحكام". وفي هامشها: "الأموال".
(11/212)
يلزمه الظاهر
وما ذكرته في اللعان فهو الحجة لأن الله تعالى
رتب صحة الفسخ على قول يتحقق فيه الكذب ولهذا
قال عليه السلام: "أحدكما كاذب فهل فيكما من
تائب" 1.
وانبنى إباحة الزوج الثاني على فسخ بني على
كذب. وقال في الانتصار: حكمه ليس بإنشاء عقد
أو فسخ وإنما يقول أمضيت ما شهد به الشهود أو
حكمت بما شهدوا به2 وأنه مستند إلى سبب باطل
فلا يمكن نفوذه ومتى علمها كاذبة لم ينفذ.
وإن باع ماله في دين ثبت ببينة زور ففي نفوذه
منع وتسليم. وقال شيخنا: هل يباح له بالحكم ما
اعتقد تحريمه قبل الحكم؟ فيه روايتان وفي حل
ما أخذه وغيره بتأويل أو مع جهله وإن رجع
المتأول فاعتقد التحريم روايتان بناء على ثبوت
الحكم قبل بلوغ الخطاب قال: أصحهما حله3
كالحربي بعد إسلامه وأولى وجعل من ذلك وضع
طاهر في اعتقاده في مائع لغيره وفيه نظر.
وذكر جماعة إن أسلم بدار حرب وعامل بربا جاهلا
رده وفي الانتصار: ويحد لزنى.
ومن حكم له ببينة زور بزوجية امرأة حلت له
حكما فإن وطئ مع العلم فكزنا وقيل: لا حد ويصح
نكاحها غيره خلافا للشيخ. وإن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 يعني: في قصة المتلاعنين. أخرجها البخاري
5311، ومسلم 1493، 6، عن ابن عمر.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "حكمه".
(11/213)
حكم بطلاقها
ثلاثا بزور فزوجته باطنا ويكره له1 اجتماعه
بها ظاهرا2 بزور خوفا من مكروه يناله ولا يصح
نكاحها غيره ممن يعلم الحال ذكره الأصحاب
ونقله أحمد بن الحسن قال في المغني3: إن انفسخ
باطنا جاز وكذا قال في عيون المسائل على
الرواية الثانية تحل للزوج الثاني وتحرم على
الأول بهذا الحكم ظاهرا وباطنا.
وإن رد حاكم شهادة واحد برمضان لم يؤثر كملك
مطلق وأولى لأنه لا مدخل لحكمه في عبادة ووقت
وإنما هو فتوى فلا يقال حكم بكذبه أو بأنه لم
يره ولو سلم أن له مدخلا4 فهو محكوم به في حقه
من رمضان فلم يغيره حكم ولم يؤثر5 شبهة ولأن
الحكم يغير إذا اعتقد المحكوم عليه أنه حكم
وهذا يعتقد خطأه كمنكرة نكاح مدع يتيقنه فشهد
له فاسقان فردا ذكره في الانتصار. وفي
المغني6: إن رده ليس
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 ليست في "ر"، و "ط".
3 لم نقف عليها.
4 في "ط": "دخلا".
5 في "ر"، و "ط": "يورث".
6 14/258.
(11/214)
بحكم هنا
لتوقفه في العدالة ولهذا لو ثبتت1 حكم قال
شيخنا: أمور الدين والعبادات المشتركة بين
المسلمين لا يحكم فيها إلا الله تعالى ورسوله
إجماعا وذكره غيره فدل أن إثبات سبب الحكم
كرؤية الهلال والزوال ليس بحكم فمن لم يره
سببا لم يلزمه شيء.
وعلى ما ذكر الشيخ وغيره في رؤية الهلال أنه
حكم وفي الخلاف يجوز أن يختص الواحد برؤية
كالبعض لأن الحنفية قالوا: لو حكم الحاكم بهذه
الشهادة لزم الناس الصوم ولو كان الأمر كما
قالوا لوجب أن يكون حكم الحاكم مردودا ويكون2
خطؤه مقطوعا به وقال لهم لما قالوا3 لا تصح
الجمعة إلا بإذن الإمام كالحدود فقال: ينتقض
بالغزو ولأن الحد يدخله الاجتهاد في وجوبه
ووقت إقامته والآلة ويختلف باختلاف من وجب
عليه والجمعة لا يدخلها الاجتهاد في وجوبها
وأفعالها فهي كسائر الصلوات فقيل له: فالجمعة
مختلف في موضع إقامتها وفي العدد الذي تنعقد
به فقال: إلا أن هذا الاختلاف لا يفتقر إلى
اجتهاد الإمام والحد يفتقر المعنى الذي ذكرنا
كذا قال.
وإن رفع إليه حكم في مختلف فيه لا يلزمه نقضه
لينفذه لزمه في الأصح تنفيذه وقيل: يحرم إن
يره. وكذا إن كان نفس الحكم مختلفا فيه،
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "ثبتت".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في الأصل.
(11/215)
كحكمه بعلمه
ونكوله وشاهد ويمين وفي المحرر لا يلزمه إلا
أن يحكم به حاكم آخر قبله.
ـــــــ
تنبيه1: قوله: وإن رفع إليه حكم في مختلف فيه
لا يلزمه نقضه لينفذه لزمه في الأصح تنفيذه
وقيل: يحرم إن لم يره وكذا إن كان نفس2 الحكم
مختلفا فيه كحكمه بعلمه ونكوله وشاهد ويمين
انتهى. قال ابن نصر الله في حواشيه: الحكم
بالنكول وبالشاهد واليمين هو المذهب فكيف لا
يلزمه تنفيذه على قول2 المحرر ولو كان أصل
الدعوى عنده لزمه الحكم بها وإنما يتوجه عدم
لزوم التنفيذ لحكم مختلف فيه إذا كان الحاكم
الذي رفع إليه الحكم المختلف فيه لا يرى صحة
الحكم كالحكم بعلمه لأن التنفيذ يتضمن الحكم
بصحة الحكم المنفذ وإذا كان لا يرى صحته لم
يلزمه الحكم بصحته. انتهى. مثله3 في الرعاية
بالفلس والشاهد
ـــــــ
1 هذا التنبيه جاء في النسخ الخطية في آخر
الباب بعد قوله: الوجه الثاني لا ينقض وهو
بعيد.
2 ليست في "ح".
3 في "ط": "ونقله".
(11/216)
................................
__________
واليمين ومثله في شرح المحرر بالحكم على
الغائب ونحوه. وقال شيخنا البعلي في حواشيه في
النفس مما مثل المصنف به شيء لأن هذا أمر
مختلف فيه فإذا حكم به حاكم لزم العمل به
والذي يظهر في المثال للمسألة ما إذا كان
الصادر من الحاكم مختلفا فيه هل هو حكم أم لا
كفعله في تزويج يتيمة فإن تزويجه اختلف فيه هل
هو حكم أم لا؟ فإنه قبل الحكم به لم يتعين أنه
حكم لأن القول بأنه حكم معارض بأنه ليس بحكم
فيحتاج إلى حكم بأنه حكم وأما الحكم بالعلم
فإنه صريح وإنما وقع الخلاف هل يحكم بالعلم1
أم لا؟ فإذا حكم2 به من يراه صار لازما ثم ردد
القول فيما مثله هل هو صحيح أم لا؟ وقال: هذا3
قوي جدا في كل حكم اختلف فيه بعد4 وقوعه هل هو
صحيح أم لا؟ لكن تحتاج الأمثلة التي ذكرها
المصنف إلى ثبوت الخلاف فيها بعد وقوعها هل
يجوز الإقدام عليها أم لا؟ ومثله أيضا في
حواشي المحرر ببيع الصفة وإجارة5 المشاع لغير
الشريك وقال: جزم به في الشرح الكبير6 في
الحكم على الغائب "7وقال: لا7" نعلم فيه خلافا
ذكره في مسألة كتاب القاضي إلى القاضي فيما
حكم به لينفذه.
ـــــــ
1 في "ط": "بالعدل".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ح": "هو".
4 في النسخ الخطية: "جحد"، والمثبت من "ط".
5 في "ط": "أجازة".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/12.
7 في "ق": "يتعين".
(11/217)
وإن رفع إليه
خصمان عقدا فاسدا عنده فقط وأقرا بأن نافذ
الحكم1 حكم بصحته فله إلزامهما بذلك ورده
والحكم بمذهبه. وقال شيخنا: قد يقال قياس
المذهب أنه كالبينة ثم ذكر أنه كبينة إن عينا
الحاكم ومن قلد في صحة نكاح لم يفارق بتغير
اجتهاده كحكم وقيل: بلى كمجتهد نكح ثم رأى
بطلانه في الأصح وقيل: ما لم يحكم به حاكم ولا
يلزم إعلامه بتغيره في الأصح وإن بان خطؤه في
إتلاف بمخالفة قاطع
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 يعني حاكما نافذا حكمه، وذلك فيما عيّن له
الحكم فيه كالفروج أو الأموال أو غير ذلك.
(11/218)
ضمن لا
مستفتيه، وفي تضمين مفت ليس أهلا وجهان م 16.
ـــــــ
مسألة 16: قوله: وفي تضمين مفت ليس أهلا
وجهان. انتهى. "1وأطلقهما ابن مفلح في أصوله
أيضا1": أحدهما: لا يضمن اختاره ابن حمدان في
آداب المفتي قلت وهو بعيد جدا لا وجه له.
الوجه الثاني: يضمن وهو الصواب ومما لا شك
فيه. قال ابن القيم في إعلام الموقعين في
الجزء الأخير عن القول الأول ولم أعرف هذا
القول لأحد قبل ابن حمدان ثم قال: قلت: خطأ
المفتي كخطإ الحاكم أو الشاهد. انتهى هذا الذي
قاله ليس من المسألة في شيء لأن مراده بخطإ
المفتي الذي هو أهل للإفتاء والمسألة مفروضة
فيمن ليس أهلا وعلى كل حال القول بعدم الضمان
ضعيف جدا والأولى للمصنف أنه كان يقدم الضمان.
والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/219)
وإن بان بعد
الحكم كفر الشهود أو فسقهم لزمه نقضه ويرجع1
بالمال وبدله وبدل قود مستوفى على المحكوم له
وإن كان الحكم لله تعالى بإتلاف حسي أو بما
سرى إليه ضمنه مزكون وذكر القاضي والمستوعب:
حاكم2 كعدم مزك وفسقه وقيل: قراره على مزك
وعند أبي الخطاب: يضمنه الشهود. وذكر ابن
الزاغوني أنه لا يجوز له نقض حكمه بفسقهما إلا
بثبوته ببينة إلا أن يكون حكم3 بعلمه في
عدالتهما
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "ويرجح"
2 أي: ضمنه حاكم. حذف الفعل لدلالة ما قبله
عليه.
3 في "ط": "حكمه".
(11/220)
أو بظاهر عدالة
الإسلام ويمنع ذلك في المسألتين في إحدى
الروايتين وإن جاز في الثانية احتمل وجهين م
17.
فإن وافقه المشهود له على ما ذكر رد ما1 أخذه
ونقض الحكم بنفسه دون الحاكم وإن خالفه فيه
غرم الحاكم.
ـــــــ
مسألة 17: قوله: وذكر ابن الزاغوني أنه لا
يجوز له نقض حكمه بفسقهما إلا بثبوته ببينة
إلا أن يكون حكم بعلمه في عدالتهما أو بظاهر
عدالة الإسلام ويمنع ذلك في المسألتين في إحدى
الروايتين وإن جاز في الثانية احتمل وجهين.
انتهى.
"2الوجه الأول2" أما الحكم3 بعلمه في عدالتهما
فالصحيح من المذهب جواز ذلك وأما الحكم بظاهر
عدالة الإسلام فالصحيح من المذهب عدم الجواز
وهاتان المسألتان قد تقدم الكلام عليهما في
كلام المصنف4 وذكر المذهب فيهما وإذا قلنا
بجواز5 الحكم بظاهر عدالة الإسلام ثم ظهر
فسقهم فهل يسوغ له نقض حكمه أم لا؟ قال
المصنف: يحتمل وجهين والظاهر أنه من تتمة كلام
ابن الزاغوني وعلى كل حال الصواب النقض هو
ظاهر كلام الأصحاب وظاهر ما قدمه المصنف قبل
ذلك بقوله6: وإن بان بعد الحكم كفر الشهود أو
فسقهم لزمه7 نقضه. والله أعلم.
الوجه الثاني لا ينقض وهو بعيد.
فهذه سبع عشرة مسألة في هذا الباب وليس في
كتاب القاضي إلى القاضي شيء من الخلاف المطلق.
والله أعلم.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "مالا"، والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "حكمه".
4 ص 179.
5 في "ط": "يجوز".
6 ص 220.
7 في النسخ الخطية: "لزم"، والمثبت من "ط".
(11/221)
وأجاب أبو
الخطاب: إذا بان له فسقهما وقت الشهادة أو
أنهما كانا كاذبين نقض الحكم الأول ولم يجز له
تنفيذه وأجاب أبو الوفاء: لا يقبل قوله بعد
الحكم وعنه: لا ينقض لفسقهم ذكر ابن رزين أنه
الأظهر فلا ضمان. وفي المستوعب وغيره: ويضمن
الشهود.
وإن بانوا عبيدا أو والدا أو ولدا أو عدوا فإن
كان الحاكم الذي حكم به يرى الحكم به لم ينقض
حكمه لأنه لم يخالف نصا ولا إجماعا وإن كان لا
يرى الحكم به نقضه ولم ينفذ لأن الحاكم يعتقد
بطلانه. وفي المحرر: من حكم بقود أو حد ببينة
ثم بانوا عبيدا فله
__________
.................................
__________
(11/222)
نقضه إذا كان
لا يرى قبولهم1 فيه قال: وكذا مختلف فيه صادف
ما حكم فيه وجهله وتقدم كلامه في الإرشاد2 أنه
إذا حكم في مختلف فيه بما لا يراه مع علمه لا
ينقض فعلى الأول إن شك في رأي الحاكم تقدم إذا
شك هل علم الحاكم بالمعارض؟ كمن حكم ببينة
خارج وجهل علمه ببينة داخل لم ينقض. وقد علم
مما تقدم ومما ذكروا في نقض3 حكم الحاكم أنه
لا يعتبر في عدم النقض علم الحاكم بالخلاف في
المسألة خلافا لمالك وإن قال علمت وقت الحكم
أنهما فسقة أو زور وأكرهني السلطان على الحكم
بهما فقال ابن الزاغوني: إن أضاف فسقهما إلى
علمه لم يجز له نقضه مع إكراهه له لأنه ليس له
نقض تعديل البينة4 بالتزكية لعلمه وإن أضافه
إلى غير
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "قولهم".
2 ص 486.
3 ليست في "ر".
4 في "ط": "مبينة".
(11/223)
علمه افتقر إلى
بينة بالإكراه ويحتمل: لا. وقال أبو الخطاب
وأبو الوفاء: إن قال كنت عالما بفسقهما1 فإنه
يقبل قوله كذا وجدته.
ومن له عند غيره دين فجحده وتعذر أخذه بحاكم
وعنه في
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "فإنه".
(11/224)
الضيف: أو قدر
وظاهر الواضح وفي غيره وهو ظاهر ما خرجه أبو
الخطاب من نفقة الزوجة والرهن مركوب ومجلوب
وأخذ سلعته من المفلس واختاره شيخنا في الثابت
بإقرار أو بينة وهو ظاهر كلام ابن شهاب وغيره
لأنه لا يسقط بالتأخير عند المحاكمة إجماعا
بخلاف الزوجة وقدر له على مال حرم أخذه باطنا
قدر حقه نقله الجماعة وعنه: يجوز وفي الواضح
رواية: من جنس حقه ونقل حنبل: أد إليه ماله
الذي ائتمنك عليه ونقل حرب: في غيرها خلافا
وكأنه كرهه. وقال شيخنا: خصال المنافق محرمة
لحق الله تعالى، ونقل أبو داود في امرأة لها1
مهر فمات ابنها أتأخذ مهرها من ميراثه من نصيب
زوجها من تحت يدها؟ قال: أخاف أن يستحلفها لم
تحبسي شيئا وسأله مهنا: يطمعه2 أن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في الأصل: "يطعمه".
(11/225)
يعطيه شيئا
وينوي أن لا يفعل؟ قال: لا.
أما من غصب مالا جهرا فأخذ منه بقدره جهرا
فجائز وليس من هذا الباب ذكره شيخنا وغيره.
وفي الفنون: من شهدت له بينة بمال لا عند حاكم
أخذه وقيل: لا كقود في الأصح قيل لأحمد فيمن
يجحد الحق ولعله يحمله على اليمين فيحلف: أذهب
به إلى السلطان؟ قال: لا. ومن قدر على عين
ماله أخذه قهرا زاد في الترغيب: ما لم يفض إلى
فتنة قال: ولو كان لكل منهما على الآخر دين من
غير جنسه فجحد أحدهما: فليس للآخر أن يجحد
وجها واحدا لأنه كبيع دين بدين لا يجوز ولو
رضيا.
__________
.................................
__________
(11/226)
باب كتاب
القاضي إلى القاضي
مدخل
...
باب كتاب القاضي
إلى القاضي
يقبل في كل حق آدمي ونقل جماعة حتى في قود
نصره القاضي وأصحابه وجزم به في الروضة وغيرها
وعنه: لا يقبل فيما لا يقبل فيه إلا رجلان كحق
الله تعالى وفيه رواية في الرعاية وفي هذه
المسألة ذكروا أن كتاب القاضي حكمه كالشهادة
على "1الشهادة1" لأنها شهادة على شهادة وذكروا
فيما إذ تغيرت حاله أنه أصل ومن شهد عليه فرع
وجزم به ابن الزاغوني وغيره فلا يجوز نقض
الحكم بإنكار القاضي الكاتب ولا يقدح في عدالة
البينة بل يمنع إنكاره الحكم كما يمنع رجوع
شهود الأصل الحكم فدل ذلك على أنه2 فرع لمن
شهد عنده وهو"2"
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 الضمير يعود إلى القاضي الكاتب.
(11/227)
أصل لمن شهد
عليه ودل ذلك أنه يجوز أن يكون شهود فرع فرعا
لأصل يؤيده قولهم في التعليل إن الحاجة داعية
إلى ذلك وهذا المعنى موجود في1 فرع الفرع.
ويقبل فيما حكم به لينفذه وإن كانا2 ببلد واحد
وعند شيخنا: وفي حق الله تعالى ويقبل فيما ثبت
عنده ليحكم به في مسافة قصر وعنه: فوق يوم
وعند شيخنا وقال خرجته في المذهب وأقل كخبر.
وقال القاضي: ويكون في كتابه: شهدا عندي بكذا
ولا يكتب: ثبت عندي لأنه حكم بشهادتهما كبقية
الأحكام وقاله ابن عقيل وغيره. قال شيخنا:
والأول أشهر أنه3 خبر بالثبوت كشهود الفرع لأن
الحكم أمر ونهي يتضمن إلزاما قاله شيخنا
فيتوجه لو أثبت حاكم مالكي وقفا لا يراه كوقف
الإنسان على نفسه بالشهادة على الخط فإن حكم
للخلاف في العمل بالخط كما هو المعتاد فلحاكم
حنبلي يرى صحة الحكم أن ينفذه في مسافة قريبة
وإن لم يحكم المالكي بل قال ثبت كذلك4 فكذلك
لأن الثبوت عند المالكي حكم ثم إن رأى الحنبلي
الثبوت
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "شهود".
2 في "ر": "كان".
3 في "ر": "لأنه".
4 في "ط": "كذلك".
(11/228)
حكما نفذه وإلا
فالخلاف في قرب المسافة ولزوم1 الحنبلي تنفيذه
ينبني على لزوم تنفيذ الحكم المختلف فيه2 وحكم
المالكي مع علمه باختلاف العلماء "3في الخط3"
لا يمنع كونه مختلفا فيه ولهذا لا ينفذه
الحنفية حتى ينفذه حاكم وللحنبلي الحكم بصحة
الوقف المذكور مع بعد المسافة ومع قربها
الخلاف.
ولو سمع البينة ولم يعدلها وجعله إلى الآخر
جاز مع بعد المسافة قاله في الترغيب.
وله الكتابة إلى قاض معين وإلى من يصل إليه من
قضاة المسلمين قال شيخنا: وتعيين القاضي
الكاتب كشهود الأصل وقد يخبر4 المكتوب إليه.
ويشترط لقبوله أن يقرأ على عدلين فيعتبر
ضبطهما لمعناه وما يتعلق به الحكم فقط نص عليه
ثم يقول: هذا كتابي إلى فلان بن فلان فإذا
وصلا قالا5 نشهد "6أن هذا6" كتاب فلان إليك
كتبه
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "لزم".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في الأصل: "بالخط".
4 في "ط": "يجبر".
5 في "ر": "قالوا".
6 في النسخ الخطية: "أنه"، والمثبت من "ط".
(11/229)
بعلمه1 واعتبر
الخرقي وجماعة "2قولهما له2": وقرئ علينا وقول
الكاتب: اشهدا عليّ3 وقولهما: وأشهدنا عليه
وفي كلام أبي الخطاب: كتبه بحضرتنا وقال لنا
اشهدا على أني كتبته في عملي بما ثبت عندي
وحكمت به من كذا وكذا فيشهدان بذلك.
ولا يعتبر ختمه وإن كتبه وختمه وأشهدهما4 لم
يصح وعنه: بلى فيقبله إن عرفه خط القاضي وختمه
بمجرده وقيل: لا وعند شيخنا: من عرف خطه
بإقرار أو إنشاء أو عقد أو شهادة عمل به كميت
فإن حضر وأنكر مضمونه فكاعترافه بالصوت وإنكار
مضمونه وذكر قولا في المذهب أنه يحكم بخط5
شاهد ميت وقال: الخط كاللفظ إذا عرف أنه خطه
وأنه مذهب جمهور العلماء وهو يعرف أن هذا خطه
كما يعرف أن هذا صوته واتفق العلماء أنه يشهد
على الشخص إذا عرف صوته مع إمكان الاشتباه
وجوز الجمهور كمالك وأحمد الشهادة على الصوت
من غير رؤية المشهود عليه والشهادة على الخط
أضعف لكن جوازه قوي أقوى من منعه، قال: وكتابه
في غير6 عمله أو بعد عزله كخبره. وفي الروضة:
إن كتب شاهدان إلى شاهدين من بلد المكتوب إليه
بإقامة الشهادة عنده
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "بعلمه".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 بعدها في الأصل: "كتبته في عملي".
4 ليست في "ر".
5 ليست في "ط".
6 ليست في الأصل.
(11/230)
عنهما لم يجز
لأن الشاهد إنما يصح أن يشهد على غيره إذا سمع
منه لفظ الشهادة وقال اشهد علي فأما أن يشهد
عليه بخطه فلا لأن الخطوط يدخل عليها العلل
فإن قام بخط كل واحد من الشاهدين شاهدان ساغ
له الحكم به.
وإذا وصل الكتاب وأحضر الخصم باسمه ونسبه
وحليته فقال ما أنا المذكور قبل قوله بيمينه
فإن نكل قضى بالنكول أو برد اليمين على الخلاف
وإن ثبت ذلك ببينة أو إقرار فقال المحكوم عليه
غيري قبل ببينة تشهد أن بالبلد آخر كذلك ولو
ميتا يقع به إشكال فيتوقف حتى يعلم الخصم.
ويقبل كتابه في حيوان في الأصح بالصفة اكتفاء
بها كمشهود عليه لا له فإن لم يثبت مشاركة في1
صفته أخذه مدعيه بكفيل مضمونا2 مختوما عنقه
فيأتي به القاضي الكاتب لتشهد البينة على عينه
ويقضي له به ويكتب له كتابا ليبرأ كفيله وإن
لم يثبت ما ادعاه فكمغصوب لأنه أخذه بلا حق.
وفي الرعاية: لا نفعه3 ولم يتعرضوا لهذا في
المشهود عليه فيتوجه مثله فالمدعى عليه ولا
بينة أولى وقيل: يحكم به الكاتب ويسلمه
المكتوب إليه4 لمدعيه. وفي الترغيب على الأول:
لو ادعى على رجل دينا صفته كذا ولم يذكر اسمه
ونسبه لم يحكم عليه بل يكتب إلى قاضي البلد
الذي فيه المدعى عليه كما قلنا في المدعى
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "و".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 أي: لا يرد نفعه.
4 ليست في "ر".
(11/231)
به ليشهد على
عينه وكذا قال شيخنا هل يحضر ليشهد الشهود على
عينه كما في المشهود به؟ ويأتي في شهادة
الأعمى1. قال في المغني2: إن كتب بثبوت بينة
أو إقرار بدين جاز وحكم به المكتوب إليه وأخذ
به المحكوم عليه وقال: وكذا عينا كعقار محدود
أو عينا مشهورة لا تشتبه،
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ص 358.
2 14/76.
(11/232)
وإلا فالوجهان
وظاهر كلامهم أنه لا يعتبر ذكر الجد في النسب
بلا حاجة قال في المنتقى في صلح الحديبية: فيه
أن المشهود عليه إذا عرف باسمه واسم أبيه أغنى
عن ذكر الجد وكذا ذكره غيره.
__________
.................................
__________
(11/233)
فصل وإن مات القاضي الكاتب أو عزل لم يضر
كبينة أصل
وقيل: كما لو فسق فيقدح خاصة فيما ثبت عنده
ليحكم به ويلزم من وصل إليه العمل به تغير
المكتوب إليه أو لا اكتفاء بالبينة بدليل ما
لو ضاع أو انمحى وكما لو شهدا1 بأن فلانا
القاضي حكم بكذا لزمه إنفاذه قاله في الواضح
وغيره قال: ولو شهدا خلاف ما فيه قبل اعتمادا
على العلم قال في فتاويه2 وأبو الخطاب وأبو
الوفاء: وإن قالا هذا كتاب فلان إليك أخبرنا
من نثق به لم يجز العمل بهما.
وإن قدم غائب فللكاتب3 الحكم عليه بلا إعادة
شهادة قاله في الانتصار.
وإن حكم عليه فسأله أن يشهد عليه بما جرى لئلا
يحكم عليه
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "شهد".
2 يعني: ابن الزاغوني صاحب كتاب"الواضح"، فإن
له أجوبة عن مسائل وردت من الرحبة تسمى
"الرحبيات" فأجاب عنها هو وأبو الخطاب وابن
عقيل.
3 في "ر": "فللغائب".
(11/233)
الكاتب أو1
سأله من ثبتت براءته مثل أن أنكر وحلفه أو من
ثبت حقه عنده أن يشهد له بما جرى من براءة أو
ثبوت مجرد أو متصل بحكم أو2 تنفيذ أو الحكم له
بما ثبت عنده أجابه وقيل: إن ثبت حقه ببينة لم
يلزمه وإن سأله مع الإشهاد كتابته وأتاه بورقة
لزمه في الأصح قال أحمد: إذا أخذ الساعي زكاته
كتب له براءة وعند شيخنا: يلزمه إن تضرر
بتركه.
وما تضمن الحكم ببينة سجل وغيره محضر. وفي
المغني3 والترغيب: المحضر: شرح ثبوت الحق عنده
لا الحكم بثبوته والأولى جعل السجل نسختين:
نسخة يدفعها إليه ونسخة عنده.
وصفة المحضر: بسم الله الرحمن الرحيم حضر
القاضي فلان بن فلان الفلاني قاضي عبد الله
الإمام على كذا وإن كان نائبا كتب: خليفة
القاضي فلان قاضي عبد الله الإمام في مجلس
حكمه وقضائه بموضع كذا مدع ذكر أنه فلان بن
فلان وأحضر معه مدعى عليه ذكر أنه فلان بن
فلان والأولى ذكر حليتهما إن جهلهما فادعى
عليه بكذا فأقر أو أنكر فقال للمدعي: ألك بينة
قال نعم فأحضرها وسأله سماعها ففعل أو فأنكر
ولا بينة وسأل تحليفه فحلفه.
وإن نكل ذكره وأنه حكم بنكوله وسأله كتابة
محضر فأجابه في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا
ويعلم في الإقرار والإحلاف: جرى الأمر
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "وإن".
2 في الأصل: "و".
3 14/55- 56.
(11/234)
على ذلك وفي
البينة: شهدا عندي بذلك. وإن ثبت الحق بإقرار
لم يحتج: في مجلس حكمه.
__________
.................................
__________
(11/235)
فصل وأما السجل فلإنفاذ ما ثبت عنده والحكم به
وصفته.
هذا ما أشهد عليه القاضي فلان كما تقدم من
حضره من الشهود أشهدهم أنه ثبت عنده بشهادة
فلان وفلان وقد عرفهما بما رأى معه قبول
شهادتهما بمحضر من خصمين ويذكرهما إن كانا
معروفين وإلا قال: مدع ومدعى عليه جاز حضورهما
وسماع الدعوى من أحدهما: على الآخر معرفه فلان
بن فلان ويذكر المشهود عليه وإقراره طوعا في
صحة منه وجواز أمر بجميع ما سمي ووصف في كتاب
نسخته كذا.
وينسخ الكتاب المثبت أو المحضر جميعه حرفا
حرفا1.
فإذا فرغه قال: وإن القاضي أمضاه2 وحكم به على
ما هو الواجب في مثله بعد أن سأله ذلك
والإشهاد به الخصم المدعي وينسبه ولم يدفعه
خصمه بحجة وجعل كل ذي حجة على حجته وأشهد
القاضي فلان على إنفاذه3 وحكمه وإمضائه من
حضره من الشهود في مجلس حكمه في اليوم المؤرخ
في أعلاه وأمر بكتب هذا السجل نسختين
متساويتين نسخة بديوان الحكم ونسخة يأخذها من
كتبها له ولو لم يذكر بمحضر من
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "بحرف".
2 في الأصل: "وأمضاه".
3 في "ر": "إمضائه".
(11/235)
خصمين جاز
لجواز القضاء على الغائب. وقال شيخنا: الثبوت
المجرد لا يفتقر إلى حضورهما بل إلى دعواهما
لكن قد تكون الباء باء السبب لا الظرف كالأولى
وهذا يبنى على أن الشهادة هل تفتقر إلى حضور
الخصمين؟ فأما التزكية فلا. وقال: ظاهره أن لا
حكم فيه بإقرار ولا نكول ولا رد وليس كذلك.
ويضم ما اجتمع من محضر وسجل ويكتب: محاضر
وسجلات كذا من وقت كذا.
__________
.................................
__________
(11/236)
باب القسمة
مدخل
...
باب القسمة
يحرم قسمة الأملاك التي لا تقسم إلا بضرر أو
رد عوض إلا بتراضي الشركاء كحمام ودور صغار
وأرض ببعضها بئر أو1 بناء ونحوه لا يتعدل2
بأجزاء ولا قيمة.
وهذه القسمة في حكم البيع يجوز فيها ما يجوز
فيه خاصة لمالك وولي ولو قال أحدهما: أنا آخذ
الأدنى ويبقى لي في الأعلى تتمة حصتي فلا
إجبار قاله في الترغيب وغيره. وفي الروضة: إذا
كان بينهم مواضع مختلفة إذا أخذ أحدهم من كل
موضع منها حقه لم ينتفع به جمع له حقه من مكان
واحد فإذا كان له سهم يسير لا يمكنه الانتفاع
به إلا بإدخال الضرر على شركائه وافتياته
عليهم منع من التصرف فيه وأجبر على بيعه كذا
قال وفي التعليق والمبهج والكافي3: البيع ما
فيه رد فقط و4اختاره شيخنا.
ومن دعا شريكه إلى البيع فيها أجبر فإن أبى
بيع عليهما وقسم الثمن نقله الميموني وحنبل
وذكره القاضي وأصحابه وذكره صاحب الإرشاد
والفصول والإفصاح والترغيب وغيرها وكلام الشيخ
والمحرر يقتضي المنع وكذا الإجارة ولو في وقف
ذكره
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "و".
2 في "ر": "تتعدل".
3 6/139.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/237)
شيخنا
وللشافعية وجهان في الإجارة قال أبو1 عمرو بن
الصلاح: وددت لو محي من المذهب قال: وقد عرف
من أصلنا2 أنه إذا امتنع السيد من الإنفاق على
مماليكه باعهم الحاكم عليه3 فإذا صرنا إلى ذلك
دفعا للضرر عن شريك له عليه حق وملك فلم لا
يصير إلى ذلك دفعا للضرر عن شريك لا حق له
عليه ولا ملك؟ قال: والإجبار على المهايأة
ضعيف.
والضرر المانع من قسمة الإجبار نقص القيمة
بها. وعنه عدم النفع به مقسوما منفعته التي
كانت اختاره الخرقي والشيخ وإن انفرد أحدهما:
بالضرر كرب ثلث مع رب ثلثين فلا إجبار واختار
جماعة إن طلبها المتضرر أجبر الآخر وعنه عكسه.
ويعتبر الضرر وعدمه في دور متلاصقة ونحوها في
كل عين وحدها. نقل أبو طالب: يأخذ من كل موضع
حقه إذا كان خيرا له.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في الأصل: "أصله".
3 ليست في "ر".
(11/238)
وإن كان بينهما
عبيد أو بهائم أو ثياب ونحوها من جنس وفي
المغني1: من نوع فطلبها2 أحدهما: أعيانا
بالقيمة أجبر الممتنع في المنصوص إن تساوت
القيمة وقيل: أو لا.
والآجر واللبن المتساوي القوالب من قسمة
الأجزاء والمتفاوت من قسمة التعديل.
وإن كان بينهما عرصة حائط أو حائط فقيل: لا
إجبار وقيل: إلا في قسمة العرصة طولا في كمال
"3عرضها وعند القاضي: يجبر إن طلب قسمة طولهما
في كمال العرض أو قسمة العرصة3" عرضا وهي تسع
حائطين واختاره أبو الخطاب في العرصة م
1،...................
ـــــــ
مسألة 1: قوله: وإن كان بينهما عرصة حائط أو
حائط فقيل: لا إجبار وقيل: إلا في قسمة العرصة
طولا في كمال عرضها وعند القاضي يجبر 1 إن طلب
ـــــــ
1 14/99.
2 في الأصل: "وطلبها".
3 ليست في الأصل.
(11/239)
...................................
__________
قسمة طولهما في كمال العرض أو قسمة العرصة
عرضا وهي تسع حائطين واختاره أبو الخطاب في
العرصة انتهى. وأطلقهما في المحرر وغيره.
و1القول الأول: هو الصحيح وبه قطع في المنور
وتذكرة ابن عبدوس وصححه في المحرر والنظم
والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في المحرر
والشرح2 والرعايتين وغيرهم واختاره الشيخ
الموفق وغيره.
والقول الثاني: وهو الإجبار في قسمة العرصة
طولا في كمال عرضها لم اطلع على من اختاره.
القول الثالث: وهو قول القاضي نسبه الشيخ في
المقنع3 إلى الأصحاب فقال: وقال أصحابنا: إن
طلب قسمته طولا بحيث يكون نصف الطول في كمال
العرض أجبر الممتنع وإن طلب قسمته عرضا وكانت
تسع حائطين أجبر وإلا فلا انتهى. وفي نسبته
إلى الأصحاب نظر وجزم به [في] الوجيز.
والقول الرابع: اختاره أبو الخطاب فقال في
الحائط: لا يجبر على قسمها بحال وقال في
العرصة كقول القاضي وتبعه في المذهب وغيره.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/58.
3 ليست في "د".
(11/240)
ومع القسمة
فقيل: بالقرعة وقيل: لكل واحد ما يليه م 2.
ولا إجبار في دار لها علو وسفل طلب أحدهما:
جعل السفل لواحد والعلو لآخر أو قسمة سفل لا
علو أو عكسه أو قسمة كل واحد وحده ولو طلب
أحدهما: قسمتهما معا ولا ضرر وجب وعدل بالقيمة
لا ذراع سفل بذراعي علو ولا ذراع بذراع.
ولا إجبار في قسمة المنافع وعنه: بلى واختاره
في المحرر في القسمة بالمكان ولا ضرر وإن
اقتسماها بزمن أو مكان صح جائزا واختار في
المحرر لازما إن تعاقدا مدة معلومة وقيل لازما
بالمكان
ـــــــ
مسألة 2: قوله: ومع القسمة فقيل: بالقرعة
وقيل: لكل واحد ما يليه. انتهى.
القول الأول ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
القول الثاني: قدمه في الرعايتين قال في
المغني1 والشرح2: وإن حصل له ما يمكن بناء
حائط فيه أجبر ويحتمل أن لا يجبر لأنه لا
يدخله القرعة خوفا من أن يحصل لكل واحد منهما
ما يلي ملك الآخر انتهى. قلت: والقول الثاني:
هو الصواب.
ـــــــ
1 7/54.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/60.
(11/241)
مطلقا، فإن
انتقلت كانتقال وقف فهل تنتقل مقسومة أو لا;
فيه نظر م 3.
فإن كانت إلى مدة لزمت الورثة والمشتري قال
ذلك شيخنا. وقال أيضا: معنى القسمة هنا قريب
من معنى البيع فقد يقال يجوز التبديل كالحبيس
والهدي. وقال أيضا: صرح الأصحاب بأن الوقف
إنما يجوز قسمته إذا كان على جهتين فأما الوقف
على جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة
اتفاقا لتعلق حق الطبقة الثانية والثالثة لكن
تجوز المهايأة وهي قسمة المنافع ولا فرق في
ذلك بين "1المناقلة بالمنافع1" وبين تركها على
المهايأة بلا مناقلة والظاهر أن ما ذكر شيخنا
عن الأصحاب وجه وظاهر كلامهم لا فرق وهو أظهر.
وفي المبهج لزومها إذا اقتسموا
__________
مسألة 3: قوله: فإن انتقلت كانتقال وقف فهل
تنتقل مقسومة أو2 لا؟ فيه نظر. انتهى. قلت:
ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنها تنتقل مقسومة.
ـــــــ
1 في الأصل: "مناقلة البيع".
2 في "ح": "أم".
(11/242)
بأنفسهم قال:
وكذا إن تهايئوا. ونقل أبو الصقر فيمن وقف ثلث
قريته فأراد بعض الورثة بيع نصيبه كيف يبيع؟
قال: يفرز الثلث مما للورثة فإن شاءوا باعوا
أو تركوا. ونفقة الحيوان مدة كل واحد عليه.
وإن نقص الحادث عن العادة فللآخر الفسخ.
وإن كان بينهما أرض1 مزروعة لهما2، قسمت دون
الزرع بطلب أحدهما: واختار في الكافي3: لا ولا
يجبر على قسمة الزرع وحده وكذا قسمتهما. وفي
المغني4 والكافي5 يجبر في قصيل6 ومشتد حبه
وتجوز بتراضيهما في قصيل أو قطن واختار
القاضي: وفي مشتد مع الأرض وقيل: وبذر لأنهما
تبع. وفي الترغيب: مأخذهما هل هي إفراز أو
بيع؟
وإن كان بينهما أرض في بعضها نخل وبعضها شجر
أو يشرب سيحا وبعضها بعلا قدم من يطلب قسمة كل
عين على حدة لا أعيانا بالقيمة.
وإن كان بينهما نهر أو قناة أو عين ما فالنفقة
لحاجة بقدر حقيهما والماء على ما شرطا عند
الاستخراج ولهما قسمته مهايأة بزمن أو بنصب
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "فيها".
2 ليست في "ط".
3 6/144.
4 14/109.
5 6/145.
6 القصيل: ما اقتطع من الزرع أخضر. "القاموس":
"قصل".
(11/243)
حجر مستو في
مصدم الماء1 فيه ثقبان بقدر حقيهما ولأحدهما:
في الأصح سقي أرض لا شرب لها منه بنصيبه.
وقيل: إذا قلنا لا يملك الماء بملك أرضه فلكل
منهما أن ينتفع بقدر حاجته.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 مصدم مصدر ميمي من صدم. وعلى هذا التقدير
يكون المعنى: مكان صدم الماء، فحذف المضاف.
ويجوز أن يكون مصدم من صيغ اسم المكان.
(11/244)
فصل وما لا ضرر فيه ولا رد عوض
كقرية وبستان ودار كبيرة وأرض واسعة ومكيل
وموزون من جنس كدبس وخل ودهن ولبن إذا طلبها
شريكه أجبر هو أو وليه ومع غيبة ولي هل يقسم
حاكم عليه؟ فيه وجهان في الترغيب م 4.
ـــــــ
مسألة 4: قوله: في قسمة الإجبار ومع غيبة ولي
هل يقسم حاكم عليه؟ فيه وجهان في الترغيب
انتهى: أحدهما: يقسمه حاكم وهو الصواب لأنه
يقوم مقام الولي قال في المحرر: ويقسم الحاكم
على الغائب في قسمة الإجبار وكذا قال في
الوجيز وغيره وهو عام وقال في الرعاية: ويقسم
الحاكم على الغائب في قسمة الإجبار وقيل: إن
كان له وكيل حاضر جاز وإلا فلا وهذا القول
اختاره الشيرازي والسامري وابن حمدان. وقال في
الرعاية أيضا: وولي المولى عليه في2 قسمة
الإجبار كهو انتهى.
وهذا يدل على أن الحاكم يقسم مع غيبة الولي
قلت: بل أولى لأن له نوع كلام على المولى
عليه. والله أعلم. وقال في القاعدة3 الثالثة
والعشرين: فإن كان المشترك مثليا في قسمة
الإجبار وهو المكيل والموزون فهل يجوز للشريك
أخذ قدر حقه إذا
ـــــــ
1 مصدم مصدر ميمي من صدم. وعلى هذا التقدير
يكون المعنى: مكان صدم الماء، فحذف المضاف.
ويجوز أن يكون مصدم من صيغ اسم المكان. وينظر
"المطلع" ص 402.
2 ليست في "ط".
3 ليست في "ص".
(11/244)
قال جماعة: إن
ثبت ملكهما عنده ببينة ولم يذكره آخرون وجزم
به في الروضة واختاره شيخنا م 5 كبيع مرهون
وجان وإن كلام الإمام أحمد رحمه الله في بيع
ما لا ينقسم وقسم ثمنه عام فيما ثبت أنه
ملكهما وما لم يثبت كجميع الأموال التي تباع
وأن مثل ذلك لو جاءته امرأة فزعمت أنها خلية
لا ولي لها هل يزوجها بلا بينة؟ ونقل حرب فيمن
أقام بينة بسهم من ضيعة بيد قوم فهربوا منه
يقسم عليهم ويدفع إليه
__________
امتنع الآخر أو1غاب؟ على وجهين انتهى2:
أحدهما: الجواز وهو قول أبي الخطاب.
والثاني: المنع وهو قول القاضي لأن القسمة
يختلف في كونها بيعا وإذن الحاكم برفع النزاع.
مسألة 5: قوله: قال جماعة: إن ثبت ملكهما عنده
ببينة ولم يذكره آخرون وجزم به في الروضة
واختاره شيخنا انتهى. من الجماعة الذين ذكروا
ثبوت ملكهما عنده ببينة الخرقي وأقره في
المغني3 عليه وقاله في الرعاية الكبرى ملحقا
بخطه ومن الجماعة الذين لم يذكروا ذلك أبو
الخطاب وصاحب المذهب4 والخلاصة والمحرر
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
ـــــــ
1 في "ط": "و".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 14/98.
4 في النسخ الخطية: "الهداية"، والمثبت من
"ط".
(11/245)
حقه. قال
شيخنا: وإن لم يثبت ملك الغائب فدل أنه يجوز
ثبوته وأنه أولى وهو موافق لما يأتي في
الدعوى1 قال في المحرر: يقسم حاكم على غائب
قسمة إجبار. وفي المبهج والمستوعب: بل مع
وكيله فيها الحاضر واختاره في الرعاية في عقار
بيد غائب. وقال شيخنا في قرية مشاعة قسمها
فلاحوها: هل يصح؟ قال: إذا تهايؤها وزرع2 كل
منهم حصته فالزرع له ولرب الأرض نصيبه إلا أن
من ترك من نصيب مالكه فله أخذ أجرة الفضلة أو
مقاسمتها.
وهذه القسمة إفراز فتجوز قسمة الوقف بلا رد.
وقسمة ما بعضه وقف بلا رد من رب الطلق3 ولحم
رطب بمثله ولم يجز بيعه. وقسم4 ثمر يخرص خرصا
وما يكال وزنا وعكسه زاد فيهما في الترغيب: في
الأصح وتفرقهما قبل القبض فيهما ولا يحنث بها
من حلف لا يبيع وقيل بيع فينعكس الكل فلا يجوز
قسمة ما كله وقف أو بعضه. وفي
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ص 265.
2 في "ط": "وزع".
3 الطّلق، بكسر الطاء، الحلال، وسمي المملوك
طلقا؛ لأن جميع التصرفات فيه حلال، من البيع،
والهبة، والرهن، وغير ذلك. والموقوف ليس كذلك.
"المطلع" ص402.
4 في النسخ الخطية: "قسمته"، والمثبت من "ط".
(11/246)
المحرر عليهما:
إن كان الرد من رب وقف لرب طلق جازت قسمته
بالرضا في الأصح. وفي الترغيب: عليهما1 ما كله
وقف لا تصح قسمته في الأصح ولا شفعة مطلقا
لجهالة2 ثمن ويفسخ بعيب وقيل: تبطل لفوات
التعديل وإن بان غبن فاحش لم تصح وعلى الثاني
كبيع.
وتصح بقوله: رضيت دون لفظ القسمة وفيه على
الثاني. في الترغيب وجهان م 6.
وللشركاء أن يتقاسموا بأنفسهم ولهم نصب3 قاسم
وسؤال حاكم نصبه.
وشرط المنصوب إسلامه وعدالته ومعرفته بها. قال
في
ـــــــ
مسألة 6: قوله: في فوائد القسمة على القول
بأنها إفراز أو بيع وتصح يعني على القول بأنها
إفراز بقوله رضيت بدون لفظ القسمة وفيه على
الثاني في الترغيب وجهان. انتهى.
قلت: الصواب الصحة قال في فوائد القواعد4:
وكأن مأخذهما الخلاف في اشتراط الإيجاب
والقبول انتهى والمذهب عدم الاشتراط فيصح
بذلك. والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ر": "بجهالة".
3 في "ر": "نصيبه"، وفي الأصل: "نصيب".
4 أي: الفوائد التي ألحقها ابن رجب في كتابه
"القواعد". وذكر ذلك في فروع الفائدة 19.
(11/247)
المغني"1:
فيعرف الحساب لأنه كالخط للكاتب وفي الكافي2
والترغيب: تشترط عدالة قاسمهم للزوم. وفي
المغني1": وكذا معرفته.
ويكفي واحد وقيل: ولو مع تقويم وتباح أجرته
"3وعنه3": هي كقربة نقل صالح: أكرهه. ونقل عبد
الله: أتوقاه. قال ابن عيينة: لا تأخذ على شيء
من الخير أجرا. وعن أبي سعيد مرفوعا: "إياكم
والقسامة". قالوا: وما القسامة؟ قال: "الشيء
يكون بين الناس فينتقص منه". رواه أبو داود4
من رواية الزبير بن عثمان وثقه ابن حبان وتفرد
عنه موسى بن يعقوب الزمعي وموسى وثقه ابن معين
وابن حبان. وقال أبو داود: صالح وله مشايخ
مجهولون وقال ابن المديني: ضعيف منكر الحديث.
قال الخطابي: القسامة بضم القاف اسم لما يأخذه
القسام لنفسه في القسمة وإنما جاء هذا فيمن
ولي أمر قوم وكان عريفا لهم أو نقيبا فإذ قسم
بينهم سهامهم أمسك منها شيئا لنفسه يستأثر به
عليهم ثم ذكر ما رواه أبو داود5 بإسناد جيد عن
عطاء بن يسار مرسلا نحوه قال فيه: "الرجل يكون
على الفئام من الناس "6فيأخذ من حظ هذا6" ومن7
حظ هذا" . الفئام: الجماعات.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 14/114.
2 6/137.
3 ليست في الأصل.
4 في سننه 2783.
5 في سننه 2784.
6 ليست في "ط".
7 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/248)
وهي1 بقدر
الأملاك نص عليه زاد في الترغيب: إذا أطلق
الشركاء العقد وأنه لا ينفرد واحد بالاستئجار
بلا إذن وقيل بعدد الملاك. وفي الكافي2: على
ما شرطا فعلى النص أجرة شاهد يخرج لقسم البلاد
ووكيل وأمين للحفظ على مالك وفلاح كأملاك ذكره
شيخنا قال: فإذا ما نهم الفلاح بقدر ما عليه
و3يستحقه الضيف حل لهم قال وإن لم يأخذ الوكيل
لنفسه إلا قدر أجرة عمله بالمعروف والزيادة
يأخذها المقطع فالمقطع هو الذي ظلم الفلاحين
فإذا أعطى الوكيل المقطع من الضريبة ما يزيد
على أجرة مثله ولم يأخذ لنفسه إلا أجرة عمله
جاز له ذلك.
وقال ابن هبيرة في التاسع والأربعين من أفراد
البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
اختلف الفقهاء في أجرة القسام فقال قوم: على
المزارع وقال قوم: على بيت المال وقال قوم:
عليهما.
وتعدل السهام بالأجزاء إن تساوت وبالقيمة إن
اختلفت وبالرد إن اقتضته ويقرع كيف شاء
والأحوط كتابة اسم كل شريك في رقعة ثم تدرج في
بنادق4 من طين متساوية: ويقال لمن لم يحضر
ذلك: أخرج بندقة على هذا السهم فمن خرج سهمه
فهو له ثم كذلك الثاني والباقي
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 يعني أجرة القاسم.
2 6/138.
3 في النسخ الخطية: "أو"، والمثبت من "ط".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من"ط".
(11/249)
للثالث إذا
كانوا ثلاثة وسهامهم متساوية. وإن كتب اسم كل
سهم في رقعة ثم قال: أخرج بندقة لفلان وبندقة
لفلان وبندقة لفلان جاز وقيل: يخير بين
الصفتين.
وإن اختلفت سهام الثلاثة كنصف وثلث وسدس جزأ
المقسوم ستة أجزاء بحسب الأقل منها ولزم إخراج
الأسماء على السهام لئلا يحصل تفرق واختلاف
فيكتب باسم رب النصف ثلاث رقاع وللثلث ثنتين
وللسدس رقعة بحسب التجزئة1 وقدم في المغني2:
باسم كل واحد رقعة لحصول المقصود ثم يخرج
بندقة على أول سهم فإن خرج اسم رب النصف أخذه
مع ثان وثالث لئلا يتضرر بتفرقته وإن خرج اسم
رب الثلث أخذه مع ثان ثم يقرع بين الآخرين
كذلك والباقي للثالث واختار شيخنا: لا قرعة في
مكيل وموزون إلا للابتداء فإن خرجت لرب الأكثر
أخذ كل حقه فإن تعدد سبب استحقاقه توجه وجهان.
ـــــــ
تنبيه: قوله: فإن تعدد سبب استحقاقه توجه
وجهان. انتهى. الظاهر أن هذا من تتمة كلام
الشيخ تقي الدين وأن المصنف قدم القرعة وكذا
قوله بعد ذلك بأسطر: وهنا احتمالان3: التسوية
بين القسمة والبيع والثاني: الفرق مطلقا،
والثالث: إلحاق ما كان من القسمة "4بيعا
للبيع4" وأن المصنف قدم حكما غير ذلك.
"5فهذه ست مسائل5".
ـــــــ
1 في "ر": "التجربة".
2 14/112.
3 في "ط": "احتمالان".
4 في النسخ الخطية و"ط": "تبعا للشيخ"،
والمثبت من "الفروع".
5 ليست في "ط".
(11/250)
فصل ويلزم نص عليه بالقرعة وقيل: بالرضا بعدها
وقيل: فيما فيه رد وقيل: أو ضرر.
وفي المغني1: بالرضا بعدها إن اقتسما بأنفسهما
وإن خير أحدهما: الآخر فبرضاهما وتفرقهما ذكره
جماعة.
ومتى طلبا قسمة ولم يثبت ملكهما فله القسمة
قال القاضي: والقضاء عليهما بإقرارهما لا على
غيرهما ويذكر في القضية قسمته بدعواهما لا
ببينة.
ومن ادعى غلطا فيما تقاسماه بأنفسهما وأشهدا
على رضاهما لم يقبل وقبله الشيخ ببينة كقسمة
قاسم حاكم وكقاسم نصباه فيما لم يعتبر فيه رضا
بعد قرعة. وفي الرعاية: إن كان مسترسلا فكبيع
وإن استحق من الحصتين شيء معين لم تبطل فيما
بقي وقيل: بلى كما لو كان ذلك2 في إحداهما:
وإن كان شائعا بطلب. وقيل: في المستحق وقيل:
بالإشاعة في إحداهما. وإن ادعى كل منها أن هذا
من سهمي تحالفا ونقضت القسمة."2"
ومن كان بنى أو غرس فخرج مستحقا فقلع رجع على
شريكه بنصف قيمته في قسمة إجبار إن قلنا3 بيع
كقسمة تراض وإلا فلا وأطلق في
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 14/114.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في الأصل: "قيل".
(11/251)
التبصرة رجوعه.
وفيه احتمال قال شيخنا: إذا لم يرجع حيث لا
يكون بيعا فلا يرجع بالأجرة ولا بنصف قيمة
الولد في الغرور1 إذا اقتسما الجواري أعيانا
وعلى هذا فالذي لم يستحق شيء من نصيبه يرجع
الآخر عليه بما فوته من المنفعة هذه المدة
وهنا احتمالات:
أحدها التسوية بين القسمة والبيع.
الثاني: الفرق مطلقا.
الثالث: إلحاق ما كان من القسمة بيعا بالبيع.
ولا يمنع دين على ميت نقل تركته فظهوره بعد
القسمة لا يبطلها فإن قيل هي بيع فكبيع التركة
قبل قضائه يصح على الأصح إن قضى فالنماء لوارث
كنماء جان لا كمرهون قال في الترغيب وغيره: هو
المشهور و2قيل: تركة. وفي الانتصار: من أدى
نصيبه من الدين3 انفك نصيبه منها كجان. وعنه
يمنع بقدره ونقل ابن منصور: لا يرثون شيئا حتى
يؤدوه وذكرها جماعة. والروايتان في وصية بمعين
ونصر في الانتصار المنع وذكر عليه إذا لم
يستغرق التركة أو كانت الوصية بمجهول منعا4 ثم
سلم لتعلق الإرث بكل التركة بخلافهما فلا
مزاحمة وذكر منعا وتسليما هل للوارث والدين
مستغرق الإيفاء من غيرها؟ وفي الروضة: الدين
على ميت لا يتعلق بتركته في الصحيح من
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "المغرور".
2 ليست في الأصل في "ط".
3 في الأصل: "الورثة".
4 مفعول لـ "ذكر".
(11/252)
المذهب وفائدته
أن لهم أداءه وقسمة التركة بينهم قال: وكذا
حكم مال المفلس.
وإن اقتسما فحصل الطريق في حصة واحد ولا منفذ
للآخر بطلت لعدم التعديل والنفع قال شيخنا:
كذا طريق ماء ونصه: هو لهما ما لم يشترطا رده
قال الشيخ: قياسه جعل الطريق مثله يبقى في
نصيب الآخر ما لم يشترط صرفها عنه.
وفي كتاب الآدمي: يفسخ بعيب وسد المنفذ عيب
ونقل أبو طالب في مجرى الماء: لا يغير مجرى
الماء ولا يضر بهذا إلا أن يتكلف له النفقة
__________
.................................
__________
(11/253)
حتى يصلح مسيله
ومن وقعت ظلة في حقه فله. والله سبحانه أعلم.
__________
.................................
__________
(11/254)
باب الدعاوى
مدخل
...
باب الدعاوى
إذا تداعيا عينا بيد أحدهما، حلف وهي له ولا
يثبت الملك بذلك كثبوته بالبينة فلا شفعة له
بمجرد اليد ولا تضمن عاقلة صاحب الحائط المائل
بمجرد اليد لأن الظاهر لا تثبت به الحقوق
وإنما ترجح به الدعوى ثم في كلام القاضي في
مسألة النافي1 للحكم بيمين المدعى عليه دليل
وكذا في الروضة وفيها: إنما لم يحتج إلى دليل
لأن اليد دليل الملك. وفي التمهيد2: يده بينة
وإن كان المدعى عليه دينا فدليل العقل على
براءة ذمته بينة حتى يجوز له أن يدعو الحاكم
أن الحكم بثبوت العين له دون المدعي وبراءة
ذمته من الدين كذا قال وينبغي على هذا أن يحكي
في الحكم صورة الحال كما قاله أصحابنا في قسمة
عقار لم يثبت عنده الملك. وعلى كلام أبي
الخطاب: يصرح في القسمة بالحكم وأما على كلام
غيره فلا حكم وإن سأله المدعى عليه محضرا بما
جرى أجابه ويذكر فيه أن الحاكم بقى العين بيده
لأنه لم يثبت ما يرفعها ويزيلها.
وإن كانت بيديهما كعمامة بيد واحد شيء منها
وبقيتها بيد الآخر تحالفا وهي بينهما فيمين كل
واحد على النصف الذي أخذه. وفي الترغيب وعنه:
يقرع فمن قرع أخذه بيمينه وفي البخاري3 عن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "الباقي".
2 يعني: "التمهيد في أصول الفقه" لأبي الخطاب.
3 برقم 2674.
(11/255)
أبي هريرة رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على
قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهم في
اليمين أيهم يحلف. قال ابن هبيرة: هذا فيمن
تساووا في سبب الاستحقاق ككون الشيء في يد
مدعيه ويريد يحلف ويستحقه إلا أن يدعي واحد
نصفها فأقل والآخر كلها أو أكثر مما بقي فيصدق
مدعي الأقل بيمينه نص عليه وذكر أبو بكر وابن
أبي موسى وأبو الفرج: يتحالفان.
فإن قويت يد أحدهما، كحيوان واحد سائقه أو آخذ
بزمامه وقيل: غير مكار والآخر راكبه أو عليه
حمله أو قميص واحد آخذ بكمه والآخر لابسه فهو
للثاني ويقدم راكب إلا في رجل حيوان.
وإن كانت بيدهما1 مشاهدة أو حكما أو بيد واحد
مشاهدة والآخر حكما عمل بالظاهر فلو نازع رب
الدار2 خياطا فيها في إبرة أو مقص أو قرابا في
قربة فهي للثاني وعكسه الثوب والحب.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "بيدهما".
2 في النسخ الخطية: "دار"، والمثبت من "ط".
(11/256)
وإن تنازع مكر
ومكتر، في رفّ مقلوع، أو مصراع له شكل منصوب
في الدار، فلربّها، وإلا فبينهما، ونصه:
لربّها مطلقا، كما يدخل في بيع، وقيل: بينهما،
وكذا ما لا يدخل في البيع وجرت العادة به
"1وما لم تجر به عادة فلمكتر1".
وإن تنازع زوجان أو ورثتهما أو أحدهما: وورثة
الآخر ولو أن أحدهما: مملوك نقله مهنا في
قماش2 البيت فما صلح للرجل فهو له وعكسه بعكسه
وإلا فبينهما وقيل: ولا عادة نقل الأثرم
المصحف لهما فإن كانت لا تقرأ أو3لا تعرف
بذلك4 فله.
وكذا صانعان في آلة دكانهما فآلة كل صنعة
لصانعها وقال القاضي في المسألتين: إن كان
بيدهما المشاهدة فبينهما وإن كان5 بيد أحدهما:
المشاهدة فله ويتوجه طرده فيما تقدم قال
شيخنا: وكلام القاضي في التعليق يقتضي أن
المدعي متى كان بيديهما وإن لم يكونا بدكان
كالزوجين.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 القماش، بضم القاف: متاع البيت. "المطلع" ص
281.
3 في "ط": "و".
4 في الأصل: "بذاك".
5 ليست في الأصل.
(11/257)
فصل وإن كانت بيد ثالث فادعاها لنفسه حلف لكل
واحد يمينا فإن نكل أخذاها منه وبدلها واقترعا
عليهما1
وقيل يقتسما2 كناكل مقر لهما وقيل: من قرع
منهما وحلف فله. وقال شيخنا: "3قد يقال3" تجزئ
يمين واحدة ويقال: إنما تجب العين يقترعان
عليها ويقال: إذا اقترعا على العين فمن قرع
فللآخر أن يدعي عليه بها ويقال: إن القارع هنا
يحلف ثم يأخذها لأن النكول غايته أنه بدل
والمطلوب ليس له هنا بدل العين فيجعل كالمقر
فيحلف المقر له.
وإن أقر لأحدهما: بعينه حلف وهي له والأصح:
ويحلف المقر للآخر فإن نكل أخذ منه بدلها وإذا
أخذها المقر له فأقام الآخر بينة أخذها منه
قال في الروضة: وللمقر له قيمتها على المقر.
وإن قال لأحدهما: وأجهله فصدقاه لم يحلف وإلا
حلف يمينا واحدة ويقرع بينهما فمن قرع حلف وهي
له نص عليه ثم إن بينه قبل
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "عليها"، وكذا في
الإنصاف"، وما أثبتناه هو الصواب، من جهة ما
يقتضيه المعنى؛ لعود الضمير على العين وبدلها،
وهو ما تفيده "حاشية ابن قندس"، و"المحرر"،
و"المبدع"، والله أعلم.
2 في النسخ الخطية: "يقتسمانها".
3 ليست في الأصل.
(11/258)
كتبيينه ابتداء
ونقل الميموني: إن أبى اليمين من قرع أخذها
أيضا وقيل لجماعة من أصحابنا: لا يجوز أن يقال
ثبت الحق لأحدهما: لا بعينه بإقراره وإلا لصحت
الشهادة لأحدهما: لا بعينه فقالوا: الشهادة لا
تصح لمجهول ولا به. ولهما القرعة بعد تحليفه
الواجب وقبله فإن نكل قدمت ويحلف للمقروع إن
كذبه فإن نكل أخذ منه بدلها.
وإن أنكرهما الثالث ولم ينازع فنقل الجماعة
وجزم به الأكثر: يقرع كإقراره لأحدهما لا
بعينه وفي الواضح: وحكى أصحابنا لا يقرع لأنه
لم يثبت لهما حق كشهادة البينة بها1 لغيرهما
وتقر بيده حتى يظهر ربها وكذا في التعليق منعا
أومأ إليه أحمد ثم تسليما فعلى الأول إن أخذها
من قرع ثم علم أنها للآخر فقد مضى الحكم نقله
المروذي. وفي الترغيب في التي2 بيد ثالث غير
منازع ولا بينة كالتي بيديهما وذكره ابن رزين
وغيره. قال في الترغيب: ولو ادعى أحدهما الكل
والآخر النصف فكالتي بيديهما إذ اليد المستحقة
الوضع كموضوعة وفيه: لو ادعى كل واحد نصفها
فصدق أحدهما وكذب
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "بهما".
2 في الأصل: "الذي".
(11/259)
الآخر ولم
ينازع فقيل: يسلم إليه وقيل1: يحفظه حاكم
وقيل: يبقى بحاله. ونقل حنبل وابن منصور في
التي قبلها: لمدعي كلها نصفها ومن قرع في
النصف حلف وأخذه.
وإن لم تكن بيد أحد فنقل صالح وحنبل: هي
لأحدهما: بقرعة كالتي بيد ثالث وذكر جماعة:
تقسم بينهما كالتي بيديهما وإن كان ثم2 ظاهر
عمل به فلو تنازعا عرصة بها شجر أو بناء
لأحدهما: وقيل: ببينة فهي له.
وإن تنازعا مسناة بين نهر أحدهما: وأرض آخر
فبينهما وقيل: لرب النهر3 وقيل: عكسه.
وإن تنازعا جدارا بين ملكيهما فبينهما
ويتحالفان ويحلف كل منهما للآخر أن نصفه له
قال في المغني4: ويجوز: أن كله له وإن كان
معقودا ببناء أحدهما: أو متصلا به اتصالا لا
يمكن إحداثه عادة "5وقيل5": أو أمكن أو له
سترة أو أزج6 وقيل: أو جذوع فهو له بيمينه.
وفي عيون المسائل: لا يقدم صاحب الجذوع ويحكم
لصاحب الأزج لأنه
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "قد".
2 ليست في الأصل و "ط".
3 في "ر": "الأرض".
4 7/40.
5 ليست في "ر".
6 الأزج، بوزن فرس: ضرب من الأبنية، ويقال له:
طاق. "المطلع" ص 404 و"الإنصاف" 29/128.
(11/260)
لا يمكن حدوثه
بعد كمال البناء ولأنا قلنا: له وضع خشبه1 على
حائط جاره إذا لم يضر فلهذا لم يكن دلالة على
اليد بخلاف الأزج فإنه2 لا يجوز عمله على حائط
جاره.
وإن تنازع رب علو وسفل سقفا بينهما فهو لهما
وعند ابن عقيل: لرب العلو وإن تنازعا سلما
منصوبا أو درجة فلرب العلو فإن كان تحت الدرجة
مسكن، وقيل3: أو فيها طاقة ونحوها فهي بينهما
وإن تنازعا الصحن والدرجة في الصدر فبينهما
وإن كانت في الوسط "4فما إليها4" بينهما وما
وراءه لرب السفل وقيل: بينهما والوجهان إن
تنازع رب باب بصدر الدرب ورب باب بوسطه في صدر
الدرب.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "خشبة".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في "ط".
4 في الأصل: "فإنها".
(11/261)
فصل ومن ادعي عليه عين بيده فأقر بها لحاضر
مكلف فصدقه فكأحدمدعيين على ثالث أقر له
الثالث
...
فصل ومن ادعي عليه عين بيده فأقر بها لحاضر
مكلف فصدقه فكأحد مدعيين على ثالث أقر له
الثالث
زاد في الروضة هنا: كقوله هناك1 وإن كذبه به
وجهل لمن هي أو جهله رب اليد ابتداء أخذها2
مدع واحد بيمينه؛ بناء على رد اليمين وقيل:
ببينة فيأخذها حاكم وقيل: تقر بيد رب اليد
وذكره في المحرر3 المذهب وضعفه في الترغيب
وعليهما: يحلف للمدعي وإن عاد ادعاها لنفسه أو
الثالث لم يقبل في ظاهر المغني4 وغيره وفي
المحرر وغيره: يقبل على الرابع خاصة م 1.
ـــــــ
مسألة 1: قوله: وإن عاد ادعاها لنفسه أو لثالث
لم يقبل في ظاهر المغني"4" وغيره. وفي المحرر
وغيره: يقبل على الرابع خاصة. انتهى. قطع بما5
في المحرر صاحب الرعايتين والحاوي والنظم
والمنور والزركشي وغيرهم وتابع صاحب المغني
الشارح وابن رزين.
ـــــــ
1 يعني قوله في الفصل الذي قبله: وللمقر له
قيمتها على المقرّ ص 258.
2 ليست في "ط".
3 بعدها في "ط": "و".
4 14/295.
5 في "ط": "بها".
(11/262)
ثم إن عاد1
المقر له أولا إلى دعواه لم يقبل2 منه وإن عاد
قبل ذلك فوجهان م 2.
ـــــــ
مسألة 2: قوله: ثم إن عاد المقر له أولا إلى
دعواه لم تقبل وإن عاد قبل ذلك فوجهان. انتهى.
يعني إذا كان في يده شيء فأقر به لغيره فكذبه
المقر له ثم عادا ادعاها فتارة يدعيها قبل أن
يدعيها المقر وتارة يدعيها بعد أن يدعيها فإن
ادعاها بعد أن ادعاها المقر لم يقبل وإن
ادعاها قبله فوجهان وأطلقهما في المحرر وشرحه
والنظم والرعايتين والحاوي الصغير ذكروه في
الإقرار.
أحدهما: لا يقبل وبه قطع الآدمي في منوره وهو
ظاهر كلامه في الوجيز.
والوجه الثاني: يقبل.
ـــــــ
1 بعدها في "ر": "له".
2 بعدها في "ط": "منه".
(11/263)
وإن أقرت برقها
لشخص أو كان المقر به عبدا فكمال غيره وعلى
الذي قبله يعتقان وذكر الأزجي في أصل المسألة
أن القاضي قال: يبقى على ملك المقر فيصير وجها
خامسا.
وإن أقر بها لمجهول قيل: عرفه وإلا جعلتك
ناكلا فإن عاد ادعاها فقيل تسمع لعدم صحة قوله
وقيل: لا1 لاعترافه أنه لا يملكها م 3.
وفي الترغيب إن أصر حكم عليه بنكوله فإن قال
بعد ذلك هي لي لم يقبل في الأصح قال: وكذا
يخرج إذا كذبه المقر له ثم ادعاها لنفسه وقال:
غلطت ويده باقية.
وإن أقر لغائب أو غير مكلف وللمدعي بينة فهي
له زاد ابن رزين: ويحلف معها على رأي وإلا
أقرت بيده وللمدعي تحليفه أنه لا يستحق دفعها
إليه فإن نكل غرم بدلها فإن كان المدعي اثنين
فبدلان فإن أقام بينة أنها لمن سماه سمعت
لفائدة زوال التهمة وسقوط اليمين عنه.
ويقضي بالملك إن قدمت بينة داخل وكان للمودع
والمستأجر والمستعير
ـــــــ
مسألة 3: قوله: وإن أقر بها لمجهول قيل عرفه
وإلا جعلتك ناكلا فإن عاد ادعاها فقيل: يسمع
لعدم صحة قوله وقيل: لا لاعترافه أنه لا
يملكها انتهى. وأطلقهما في الكافي2 والمحرر
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي
وغيرهم:
أحدهما: تسمع قال في الرعاية الكبرى: قبل قوله
في الأشهر.
والوجه الثاني: لا تسمع لاعترافه أنه لا
يملكها صححه في تصحيح المحرر والنظم في باب
طريق الحكم وصفته وأطلقهما في هذا الباب.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 6/160.
(11/264)
المحاكمة وقدم
الشيخ: لا يقضي لأنه لم يدعها الغائب ولا
وكيله وتقدم1 أن الدعوى له لا تصح إلا تبعا
وذكروا أن الحاكم يقضي عنه ويبيع ماله فلا بد
من معرفته أنه للغائب وأعلى طريقه البينة
فيكون من الدعوى للغائب تبعا أو مطلقا للحاجة
إلى إيفاء الحاضر وبراءة ذمة الغائب.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ص 207.
(11/265)
فصل ولا تصح الدعوى ولا تسمع ولا يستحلف في حق
لله كعبادة وحد وصدقة وكفارة ونذر.
وفي التعليق: شهادة الشهود دعوى. وتقبل
__________
.................................
__________
(11/265)
بينة عتق ولو
أنكره العبد ذكره الميموني وذكره في الموجز
والتبصرة. وفي الرعاية: تصح دعوى حسبة قيل
لأحمد في بينة الزنا تحتاج إلى مدع فذكر خبر
أبي بكرة1 وقال: لم يكن مدع.
وتصح قبلها الشهادة به وبحق آدمي غير معين
كوقف على الفقراء أو مسجد أو وصية له قال
شيخنا: وعقوبة كذاب2 مفتر على الناس والمتكلم
فيهم وتقدم في التعزير كلام أحمد والأصحاب قال
شيخنا في حفظ وقف وغيره بالثبات عن خصم مقدر:
تسمع الدعوى والشهادة
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 وهو ما أخرجه الحاكم 3/448، والبيهقي 8/235
من وجه آخر، في قصة رمي أبي بكرة المغيرة بن
شعبة بالزنى، وإقامة عمر رضي الله عنه عليه
بالحد في اثنين آخرين؛ لعدم ثبوت ذلك بأربعة
شهود.
2 بعدها في الأصل: "و".
(11/266)
فيه1 بلا خصم
وهذا قد يدخل في كتاب القاضي وفائدته كفائدة
الشهادة على الشهادة وهو مثل كتاب القاضي إذا2
كان فيه ثبوت محض فإنه هناك يكون مدع فقط بلا
مدعى عليه حاضر لكن هنا المدعى عليه متخوف.
وإنما المدعي يطلب من القاضي سماع البينة أو
الإقرار كما يسمع ذلك شهود الفرع فيقول القاضي
ثبت ذلك عندي بلا مدعى عليه وقد ذكره قوم من
الفقهاء وفعله طائفة من القضاة ولم يسمعها
طوائف من الحنفية والشافعية والحنبلية لأن
القصد بالحكم فصل الخصومة3. ومن قال بالخصم
المسخر نصب الشر ثم قطعه.
وذكر شيخنا أيضا ما ذكره القاضي من احتيال
الحنفية على سماع البينة من غير وجود مدعى
عليه فإن المشتري المقر له بالبيع قد قبض
المبيع وسلم الثمن فهو لا يدعي شيئا ولا يدعى
عليه شيء وإنما غرضه تثبيت الإقرار أو العقد
والمقصود سماع القاضي البينة وحكمه بموجبها من
غير وجود مدعى عليه ومن غير مدع على أحد لكن
خوفا من حدوث خصم مستقبل فيكون هذا الثبوت حجة
بمنزلة الشهادة فإن لم يكن القاضي يسمع البينة
بلا هذه الدعوى وإلا امتنع من سماعها مطلقا
وعطل هذا المقصود الذي احتالوا4. قال شيخنا:
وكلامه يقتضي أنه هو لا يحتاج إلى هذا
الاحتيال وأظن الشافعية موافقيه في إنكار هذا
على الحنفية مع أن جماعات من
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ط": "إذ".
3 في "ر"" "الحكومة".
4 كذا في جميع النسخ الخطية و"ط" وفي "المقنع
مع الشرح الكبير والإنصاف" 28/421: "احتالوا
له".
(11/267)
القضاة
المتأخرين من1 الشافعية والحنبلية2 دخلوا مع
الحنفية في ذلك وسموه الخصم المسخر. وأما على
أصلنا الصحيح وأصل مالك فإما أن نمنع الدعوى
على غير خصم منازع فتثبت الحقوق بالشهادات على
الشهادات كما ذكره من ذكره من أصحابنا وإما أن
تسمع الدعوى والبينة بلا خصم كما ذكر طائفة من
المالكية والشافعية وهو مقتضى كلام الإمام
أحمد وأصحابنا في مواضع لأنا نسمع الدعوى
والبينة على الغائب والممتنع وكذا الحاضر في
البلد في المنصوص فمع عدم خصم أولى وإنما قال
بمحضر من خصمين جاز استماع الدعوى3 وقبول
البينة من أحدهما: على الآخر من اشترط حضور
الخصم في الدعوى والبينة ثم احتال لعمل ذلك
صورة بلا حقيقة ولأن الحاكم يسمع الدعوى
والبينة في غير وجه خصم ليكتب به إلى حاكم
آخر.
قال: وقال أصحابنا: كتاب الحاكم كشهود الفرع
قالوا لأن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "الحنفية".
3 ليست في الأصل في "ط"، و"ر".
(11/268)
المكتوب إليه
يحكم بما قام مقام غيره لأن إعلام القاضي
للقاضي قائم مقام إعلام الشاهدين فجعلوا كل
واحد من كتاب الحاكم وشهود الفرع قائما مقام
غيره وهو بدل عن شهود الأصل وجعلوا كتاب
القاضي كخطابه وإنما خصوه بالكتاب لأن العادة
تباعد الحاكمين وإلا فلو كانا في محل واحد كان
مخاطبة أحدهما: للآخر أبلغ من الكتاب وبنوا
ذلك على أن الحاكم يثبت عنده بالشهادة ما لم
يحكم به وأنه يعلم به حاكما آخر ليحكم به كما
يعلم الفروع بشهادة الأصول وهذا كله إنما يصح
إذا سمعت الدعوى والبينة في غير وجه خصم وهو
يفيد أن كل ما يثبت بالشهادة على الشهادة
يثبته القاضي بكتابه ولأن الناس بهم حاجة إلى
إثبات حقوقهم بإثبات القضاة كإثباتها بشهادة
الفروع وإثبات القضاة أنفع لأنه كفى مؤنة
النظر في الشهود وبهم حاجة إلى الحكم فيما
فيه1 شبهة أو خلاف لدفع2 وإنما يخافون من خصم
حادث.
وذكر أبو المعالي: لنائب الإمام مطالبة رب مال
باطن بزكاة إذا ظهر له تقصير وفيما أوجبه كنذر
وكفارة وجهان وفي الخلاف فيمن ترك الزكاة: هي
آكد لأن للإمام أن يطالب بها بخلاف الكفارة
والنذر. وفي الانتصار في حجره على مفلس الزكاة
كمسألتنا إذا ثبت وجوبها عليه لا الكفارة. وفي
ـــــــ
تنبيهان:
الأول: قوله: وذكر أبو المعالي لنائب الإمام
مطالبة رب مال باطن بزكاة إذا ظهر له تقصير
وفيما أوجبه كنذر وكفارة وجهان وفي الخلاف
فيمن ترك الزكاة هي آكد لأن للإمام أن يطالب
بها بخلاف الكفارة والنذر وفي الانتصار في
حجره على مفلس الزكاة كمسألتنا إذا ثبت وجوبها
عليه لا الكفارة انتهى.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ر": "يرفع". وفي "ط": "يدفع".
(11/269)
وفي الترغيب ما
شمله حق الله تعالى والآدمي كسرقة تسمع الدعوى
في المال ويحلف منكر ولو عاد إلى مالكه أو
ملكه سارقه لم تسمع لتمحض حق الله تعالى وقال
في السرقة: إن شهدت بسرقة قبل الدعوى فأصح
الوجهين لا تسمع وتسمع إن شهدت أنه أباعه1
فلانا. وفي المغني2 كسرقته وزناه بأمته لمهرها
تسمع ويقضي على ناكل بمال وقاله ابن عقيل
وغيره.
ولا تقبل يمين في حق آدمي معين إلا بعد الدعوى
وشهادة الشاهد وفي الرعاية: والتزكية. وفي
الترغيب: ينبغي أن يتقدم شهادة الشاهد وتزكيته
اليمين.
ولا تقبل شهادة قبل الدعوى وقبلها في التعليق
والانتصار والمغني3 إن لم يعلم به قال شيخنا:
وهو غريب وذكر الأصحاب: تسمع بالوكالة من غير
حضور خصم ونقله مهنا قال شيخنا: ولو في البلد
وبناه القاضي وغيره على القضاء على الغائب
والوصية مثلها قال شيخنا: الوكالة إنما تثبت
استيفاء حق أو إبقاءه بحاله وهو مما لا حق
ـــــــ
هذه الأقوال طرق في هذه المسائل والصحيح من
المذهب ما قدمه المصنف أول الفصل وهو أن
الدعوى لا تصح ولا تسمع ولا يستحلف في حق الله
تعالى.
ـــــــ
1 قال في "القاموس": أبعته: عرضته للبيع.
2 لم نعثر على ذلك مصرحا به، ولعله المشار
إليه في 14/210 كما تفيده "حاشية ابن قندس".
3 14/210.
(11/270)
للمدعي عليه
فيه فإن دفعه إلى هذا الوكيل وإلى غيره سواء
ولهذا لم يشترط فيها رضاه وأبو حنيفة يجعل
للموكل عليه فيها1 حقا ولهذا لا تجوز في2
الخصومة إلا برضا الخصم لكن طرد العلة ثبوت
الحوالة بالحق من غير حضور المحال عليه لعدم
اعتبار رضاه والوفاة وعدد الورثة يثبت من غير
حضور المدين والمودع.
ولو ادعى أنه ابتاع دار زيد الغائب فله أن
يثبت ذلك من غير حضور من الدار في يده وحاصله
أن كل من عليه دين أو عنده عين فإذا لم يعتبر
رضاه في إقباضها أو إخراجها عن ملكه لا يعتبر
حضوره في ثبوتها وعلى هذا فيجوز أن تثبت
الوكالة بعلم
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "فيه".
2 ليست في "ط".
(11/271)
القاضي كما
تثبت الشهادة وتوكل1 علي لعبد الله بن جعفر2
كالدليل على ذلك فإنه أعلم الخلفاء أنه وكيله
ولم يشهد على ذلك ولا أثبتها في وجه خصم إلى
أن قال: فالتوكيل مثل الولاية وتثبت الولاية
بالشهادة على المولى مع حضوره في البلد ومن
هذا كتاب الحاكم إلى الحاكم فيما حكم به وفي
التعليق والانتصار وغيرهما: إذا3 ادعى أن
الدار التي بيد نفسه له لم تسمع ولا ببينة
لعدم حاجته وورود الشرع به وجعلوه وفاقا قال
في الانتصار: والخارج تسمع ببينته ابتداء لا
على خصم وقبلها في الكافي4. إن ادعى شيئا
فشهدت بأكثر فكأنه تبع وصرح فيها في الانتصار:
تصح بما ادعاه. وفي الترغيب: ترد في الزيادة
لأنها مستقلة بخلاف ذكر السبب وفي ردها في
البقية فيه احتمالان وتقدم في التفليس5 ما
ظاهره الشهادة بلا دعوى لمدين منكر.
ـــــــ
الثاني: قوله: وفي الترغيب ترد في الزيادة
لأنها مستقلة بخلاف ذكر السبب وفي ردها في
البقية فيه6 احتمالان انتهى. قد قدم المصنف في
أصل المسألة أنها لا تقبل شهادة قبل الدعوى
قال: وقبلها في التعليق والانتصار والمغني إن
لم يعلم به ثم قال: وقبلها في الكافي إن ادعى
شيئا فشهدت بأكثر.
ـــــــ
1 كذا في جميع النسخ والصواب- والله أعلم-:
توكيل؛ لأن عبد الله هو الذي كان وكيلا لعلي،
لا العكس.
2 إشارة إلى الأثر الذي أخرجه البيهقي 6/81،
عن علي رضي الله عنه أنه وكل عبد الله بن جعفر
عند عثمان. وقال: إن للخصومة قحما، وإن
الشيطان يحضرها، وإني لأكره أن أحضرها.
والقحم: المهالك.
3 في النسخ الخطية: "لو"، والمثبت من "ط".
4 6/157.
5 6/463.
6 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/272)
ويستحلف في كل
حق لآدمي في رواية للخبر1 وللردع والزجر
اختاره الشيخ وغيره وجزم2 أبو محمد الجوزي في
الطريق الأقرب وقدمه ابن رزين واستثنى الخرقي
القود والنكاح واستثنى أبو بكر النكاح والطلاق
وقال: الغالب في قول أبي عبد الله: لا يستحلف
فيهما ولا في حد قذف واستثنى أبو الخطاب ذلك
والرجعة والولاء والاستيلاد والنسب والرق
والقذف. وقال القاضي: في قود وقذف وطلاق
روايتان والبقية لا يستحلف فيها. وقدم في
المحرر كأبي الخطاب وزاد الإيلاء وجزم به
الآدمي. وفي الجامع الصغير ما لا يجوز بدله
وهو ما ثبت بشاهدين لا يستحلف فيه وفسر القاضي
الاستيلاد بأن يدعي استيلاد أمة فتنكره. وقال
شيخنا: بل هي المدعية م 4 وعنه تستحلف فيما
يقضي
ـــــــ
قال المصنف: فكأنه تبع وصرح فيها في3 الانتصار
تصح بما ادعاه ثم ذكر كلام صاحب الترغيب فما
ذكره في الترغيب طريقة والمقدم خلافه.
مسألة 4 قوله: وفسر القاضي الاستيلاد بأن يدعي
استيلاد أمة فتنكره. وقال شيخنا بل هي المدعية
انتهى. ظاهر هذه العبارة إطلاق الخلاف في
تفسير الاستيلاد فالقاضي يقول إن المدعي هو
السيد والشيخ تقي الدين يقول هي المدعية وهو
الصواب.
ـــــــ
1 وهو ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعطى الناس
بدعواهم، لادعى رجال دماء قوم وأموالهم ولكن
اليمين على المدعي عليه" . أخرجه البخاري
4552، ومسلم 1711، وما ذكره ابن قندس في
"الحاشية" هو رواية البيهقي.
2 بعدها في "ر"، و"ط": "به".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/273)
فيه بالنكول
فقط م 5. ويقضي به في مال أو ما مقصوده مال
هذا
ـــــــ
مسألة 5: قوله: ويستحلف في كل حق لآدمي في
رواية اختاره الشيخ وغيره وجزم أبو محمد
الجوزي في الطريق الأقرب وقدمه ابن رزين
واستثنى الخرقي القود والنكاح واستثنى أبو بكر
النكاح والطلاق واستثنى أبو الخطاب ذلك
والرجعة والولاء والاستيلاد والنسب والرق
والقذف. وقال القاضي: في قود وطلاق وقذف
روايتان والبقية لا يستحلف فيها وقدم في
المحرر كأبي الخطاب وزاد الإيلاء وجزم به
الآدمي وفي الجامع الصغير ما لا يجوز بذله1
وهو ما ثبت بشاهدين لا يستحلف فيه وعنه:
يستحلف فيما يقضي فيه بالنكول فقط انتهى.
الرواية الأولى: قدمها في المقنع2 واختارها
الشيخ الموفق والشارح وغيرهما قال في العمدة:
وتشرع اليمين في كل حق لآدمي ولا تشرع في حقوق
الله تعالى من الحدود والعبادات انتهى وهذه
الرواية تخريج في الهداية وقدم ما قاله أبو
الخطاب في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
وإدراك الغاية وزاد في المستوعب العتق وبقاء
الرجعة وجزم بما قاله صاحب الوجيز والآدمي في
منتخبه ومنوره وصححه في تجريد العناية "3وهو
الصحيح3". وقال ابن عبدوس في تذكرته: ولا تشرع
في متعذر بدله كطلاق وإيلاء وبقاء مدته ونكاح
ورجعة وبقائها ونسب واستيلاد وقذف وأصل رق
وولاء وقود إلا في قسامة ولا في توكيل وإيصاء
إليه وعتق مع اعتبار شاهدين فيها بل فيما
يكفيه شاهد وامرأتان سوى نكاح ورجعة انتهى
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
ـــــــ
1 في "ط": "بدله".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/103.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/274)
المذهب وعنه:
وغيره إلا قود نفس وعنه: وطرف وقيل: في كفالة
وجهان. ومتى لم يثبت القود به ففي الدية
روايتان كقسامة م 6 و 7.
ـــــــ
تنبيه1: أطلق المصنف هنا في اليمين في القود
وقدم في باب القسامة2 أنه يحلف يمينا فقال
ومتى فقد اللوث حلف المدعي يمينا وعنه: لا
يمين في عمد وهي أشهر فقدم أنه يحلف يمينا
وهذا اختاره كثير من الأصحاب منهم أبو الخطاب
وابن البنا وصححه في المغني3 والشرح4 قال
الزركشي وهو الحق وقدمه في الهداية المذهب
ومسبوك الذهب والخلاصة والمستوعب والمحرر
والرعايتين والحاوي والنهاية وتجريد العناية
وغيرهم وجزم به في المنور وغيره وهو أصح.
والرواية الثانية: أنه لا يحلف قال: وهي أشهر
وهي اختيار الخرقي وغيره وعلى كلا الأمرين
المصنف أطلق الخلاف هنا في الحلف في القود
وقدم في القسامة في اليمين حكما. والله أعلم.
مسألة 6 و 7: قوله: ومتى لم يثبت القود به ففي
الدية روايتان كقسامة انتهى. فيه مسألتان:
المقيس والمقيس عليه:
ـــــــ
1 هذا التنبيه بتمامه لا يوجد في النسخ
الخطية، وهو مثبت من "ط".
2 10/18.
3 12/190.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 26/127.
(11/275)
ومتى لم يقض
به1 ففي تخليته وحبسه ليقر أو يحلف وجهان،
ـــــــ
المسألة الأولى 6: إذا لم يثبت القود بالنكول
فهل تثبت بذلك الدية بذلك أم لا؟ أطلق الخلاف
وأطلقه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير غيرهم:
إحداهما: لا تثبت الدية بذلك ولا يلزمه اختاره
ابن عبدوس في تذكرته قال في تجريد العناية:
يلزمه ديتها في رواية فدل أن المقدم لا يلزمه.
والرواية الثانية: تثبت به وتلزمه وهو قياس
القسامة وقد صححنا لزوم الدية في القسامة فكذا
هنا وهذا الصحيح.
المسألة الثانية 27: قوله: كقسامة يعني لو طلب
أيمان المدعي عليهم في القسامة فنكلوا عن
الأيمان فهل تلزمهم الدية أم تكون في بيت
المال؟ أطلق الخلاف وأطلقه المصنف أيضا في باب
القسامة وتقدم ذلك محررا هناك3 وذكرنا أن
الصحيح لزوم الدية. والله أعلم.
ـــــــ
1الضمير عائد على النكول.
2 في "ط": "والرواية الثانية".
3 10/23.
(11/276)
كلعان م 8 و 9.
وفي الترغيب وغيره: لا يحلف شاهد ولا حاكم ولا
وصي على نفي دين على1 الموصي ومنكر وكالة
وكيل. وفي الرعاية: لا يحلف مدعى عليه بقول
مدع ليحلف أنه ما أحلفني أني لم أحلفه. وفي
الترغيب: ولا مدع طلب يمين خصمه فقال ليحلف
أنه ما أحلفني في الأصح: وإن ادعى وصي وصية
للفقراء فأنكر الورثة حبسوا وقيل: يحكم بذلك.
ـــــــ
مسألة 8 و 9: قوله: ومتى لم يقض به ففي تخليته
وحبسه ليقر أو يحلف وجهان كلعان انتهى.
ذكر مسألتين:
المسألة الأولى 8: إذا لم يقض عليه بالنكول
فهل يخلى أو يحبس ليقر أو يحلف؟ أطلق الخلاف
وأطلقه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما: يخلى سبيله اختاره ابن عبدوس في
تذكرته والناظم وصححه في تصحيح المحرر وهو
الصواب قياسا على القسامة إذا نكلوا عنها على
ما تقدم في كلام المصنف.
الوجه الثاني بحبس حتى يقرأ أو يحلف قلت: وهو
الصحيح قياسا على اللعان كما قال المصنف وقدمه
هنا في تجريد العناية وغيره.
المسألة الثانية 9: مسألة اللعان وقد ذكرها
المصنف في بابها2 وأطلق الخلاف هناك وقد
تكلمنا عليها وصححنا أنه إذا لاعن ونكلت يحبس
حتى تقر أو تلاعن وتقدم نظير ذلك "3في باب:
طريق الحكم وصفته4، و3"في القسامة5.
ـــــــ
1 في الأصل: "عن".
2 9/212.
3 ليست في الأصل و"ط".
4 ص 170.
5 10/23.
(11/277)
ويحلف في نفي
وإثبات على البت إلا لنفي فعل غيره وفي غير
المنتخب ونقله الجماعة أو نفي دعوى على غيره
فيكفيه نفي العلم وعنه: يمين نفي وعنه: وغيرها
على العلم اختاره أبو بكر واحتج بالخبر الذي
ذكره الإمام أحمد وغيره: ولا تضطروا الناس في
أيمانهم أن يحلفوا على ما لا يعلمون1. وفي
مختصر ابن رزين: يمينه بت على فعله ونفي على
فعل غيره. وعبده كأجنبي فأما بهيمته فما ينسب
إلى تقريط وتقصير فعلى البت وإلا فعلى العلم.
ومن توجه عليه حلف لجماعة حلف لكل واحد يمينا
وقيل ولو رضوا بواحدة.
ـــــــ
تنبيه: كان قياس المصنف هذه المسألة على
القسامة أولى من قياسها على اللعان مع أنه
أطلق الخلاف أيضا في القسامة لأنها أشبه بها
من اللعان. "2وهذه تسع مسائل في هذا الباب2".
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود في "مراسيله" 359. وعبد
الرزاق في "المصنف" 16030، مرسلا من حديث
القاسم بن عبد الرحمن المسعودي الكوفي. وأسند
أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/216، والخطيب في
"تاريخ بغداد" 3/313، من حديث ابن مسعود.
2 ليست في "ط".
(11/278)
وتجزئ اليمين
بالله وحده وللحاكم تغليظها فيما له خطر
كجناية وعتق وطلاق ونصاب زكاة وقيل: نصاب سرقة
بزمن1 أو مكان أو لفظ وقيل: يكره. وفي التبصرة
رواية: لا يجوز اختاره أبو بكر والحلواني ونصر
القاضي وجماعة: لا2 تغلظ لأنها حجة أحدهما،
فوجبت موضع الدعوى كالبينة. وعنه: يستحب وذكره
الخرقي في أهل الذمة.
فالزمن بعد العصر أو بين أذان وإقامة.
والمكان بمكة بين الركن والمقام وبالقدس عند
الصخرة. وقال شيخنا: عند المنبر كبقية البلاد.
وفي الواضح: هل يرقى متلاعنان المنبر؟ الجواز
وعدمه وقيل: إن قل الناس لم يجز وذكر أبو
الفرج: يرقيانه. وفي الانتصار: يشترط وقيامه
عليه فالذمي بموضع يعظمه. وفي الواضح في لعان
وزمان كسبت وأحد. واللفظ: بالله الذي لا إله
إلا هو عالم الغيب والشهادة. واليهودي: بالله
الذي أنزل التوراة على موسى. والنصراني: بالله
الذي أنزل الإنجيل على عيسى. والمجوسي: بالله
الذي خلقه وصوره ورزقه ونحو ذلك.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 الجار والمجرور متعلق بالمصدر "تغليظ".
2 ليست في "ر"، وتنظر حاشية ابن قندس.
(11/279)
ومن أبى
التغليظ لم يكن ناكلا.
ولا يحلف بطلاق ذكره شيخنا وفاقا وابن عبد
البر إجماعا قال في الأحكام السلطانية: للوالي
إحلاف المتهم1؛ استبراء وتغليظا في الكشف في
حق الله تعالى وحق آدمي وتحليفه بطلاق وعتق
وصدقة ونحوه وسماع شهادة أهل المهن إذا كثروا
وليس للقاضي ذلك ولا إحلاف أحد إلا بالله ولا
على غير حق.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "المتهوم"، والمثبت من
"ط".
(11/280)
باب تعارض البينتين
مدخل
...
باب تعارض البيّنتين
إذا تداعيا عينا فمن أقام بينة حكم له نقل
الأثرم: ظاهر الأحاديث اليمين على من أنكر
فإذا جاء بالبينة فلا يمين عليه وكذا في
التعليق وفيه أيضا وقاله غيره لا تسمع بينة
مدعى عليه لعدم حاجته كما لو أقر لم تسمع بينة
مدع. وفي الانتصار: لا تسمع إلا بينة مدع
باتفاقنا وفيه: وقد تثبت في جنبة منكر وهو إذا
ادعى عليه عينا بيده فيقيم بينة بأنها ملكه
وإنما لم يصح أن يقيمها في الدين لعدم إحاطتها
به ولهذا لو ادعى أنه قتل وليه ببغداد يوم
الجمعة فأقام بينة أنه كان فيه بالكوفة صح
"1وبرئ منه1".
وفي المغني2: إن كان لمنكر وحده بينة سمعت
ويحتمل أن يحلف معها. وفي الترغيب: لا تسمع مع
عدم بينة مدع للتسجيل ولا لدفع اليمين وكذا إن
أقامها مدع ولم تعدل وفيه احتمال. قال: ولو لم
يكن للمنكر بينة حاضرة فرفعنا يده فجاءت بينته
فإن ادعى ملكا مطلقا فبينة خارج وإن ادعاه
مستندا إلى قبل رفع يده فبينة داخل والمراد:
فمن يقدم بينة الداخل يقدمها وينقض الحكم
ببينة3 الخارج والمراد إن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 14/282.
3 في "ط": "بينة".
(11/281)
كان يرى
تقديمها عند التعارض لأنه إنما حكم بناء على
عدم بينة داخل فقد تبين استناد ما يمنع الحكم
إلى إحالة1 الحكم وهذا الأشهر للشافعية ويأتي
قول بعض أصحابنا: أقيمت بينة منكر بعد زوال
يده أو لا وظاهره: ولو كان الحاكم ببينة
الخارج يرى تقديم بينة الداخل بناء على أن
المانع لم يستند إلى حالة الحكم كرجوع الشاهد
والأول أظهر وسبق نظيرها في بيع الولي مال
موليه2.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ط"، و"ر": "حالة".
2 7/ بعد المسألة 11.
(11/282)
وإن أقاما
بينتين وهي بيد أحدهما، أقيمت بينة منكر بعد
زوال يده أو لا فالمذهب يحكم بها للمدعي قال
أحمد: البينة للمدعي ليس لصاحب الدار بينة قال
في الانتصار وغيره: كما لا تسمع بينة منكر
أولا وجزم به في الترغيب وغيره وعنه عكسه
اختاره أبو محمد الجوزي وعنه: إن اختصت بينته
بسبب الملك أو سبقه وعنه: يحكم بها للمدعي إن
اختصت بينته بسبب الملك أو سبق وعليهما: يكفي
سبب مطلق وعنه: تعتبر إفادته للسبق.
وإن أقام كل منهما بينة أنها نتجت في ملكه
تعارضتا وقدم في الإرشاد1 بينة مدع. وإن أقام
كل منهما بينة أنه اشتراها من الآخر فقيل تقدم
بينة خارج واختار القاضي عكسه وقيل بتعارضهما
م1.
ـــــــ
مسألة 1: قوله: وإن أقام كل منهما2 بينة أنه
اشتراها من الآخر فقيل: تقدم بينة الخارج
واختار القاضي عكسه وقيل بتعارضهما انتهى.
وأطلقهما في المحرر والنظم:
أحدهما: تقدم بينة الخارج وهو ظاهر كلام كثير
من الأصحاب.
والقول الثاني: تقدم بينة الداخل عكس الذي
قبله اختاره القاضي وقاله الشيخ
ـــــــ
1 ص 488.
2 في النسخ الخطية: "واحد"، والمثبت من "ط".
(11/283)
وإن أقام بينة
أنها ملكه والآخر أنه اشتراها منه قدمت
الثانية ولم ترفع يده كقوله: أبرأني من الدين.
أما لو قال: لي بينة غائبة طولب بالتسليم لأن
تأخيره يطول. وإن أقاما بينتين والعين بيديهما
تعارضتا وكانا كمن لا بينة لهما كما تقدم
اختاره الأكثر ونصر في عيون المسائل: يستهمان
على من يحلف وتكون العين له ونقله صالح وعنه:
يستعملان فتقسم1 بينهما.
ـــــــ
الموفق والشارح وابن رزين في شرحه وابن منجا
وقدمه في الرعايتين وجزم به في الوجيز وتسهيل
الحلواني قاله في تصحيح المحرر.
والقول الثالث: يتعارضان.
ـــــــ
1 بعدها في "ر": "العين".
(11/284)
وذكرهما في
الوسيلة في العين يبد أحدهما: وعنه يستعملان
فيقرع فمن قرع أخذها فعليها وعلى التي قبلها
هل يحلف كل منهما للآخر؟ فيه روايتان م 2.
ـــــــ
مسألة 2: قوله: في حكم التعارض فعليها وعلى
التي قبلها هل يحلف كل منهما للآخر؟ فيه
روايتان انتهى.
قال شيخنا في حواشي الفروع: أما على رواية
القرعة فلا يظهر حلف كل واحد منهما للآخر بل
الذي يحلف هو الذي خرجت له القرعة وهكذا ذكره
في المقنع1 والكافي2 والمحرر والرعاية فلعل في
كلام المصنف وهما انتهى وما قال ظاهر "3ويظهر
أن هنا نقصا وتقديره فعليها لا يحلف أحد3"
وعلى التي قبلها محل الخلاف فالنقص لا يحلف
أحد إذا علم هذا فيبقى محل الخلاف المطلق على4
كلام المصنف على رواية الاستعمال مع قسمها
بينهما لا غير ففي هذه المسألة هل يحلف كل
واحد منهما للآخر أم لا؟ أطلق الخلاف:
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/190.
2 6/157.
3 ليست في "ح".
4 في "ط": "في".
(11/285)
ولا يرجح
أكثرهما عددا وفيه تخريج كالرواية ولا رجلان
على رجل وامرأتين أو1 شاهدان على شاهد ويمين
وفيهما وجه ولا أعدلهما نص عليه. وفيه رواية
اختارها ابن أبي موسى وأبو الخطاب وأبو محمد
الجوزي وقال: يتخرج منه الترجيح2 بكثرة العدد.
وإن شهدت بينة بالملك وبينة به وبسببه أو
بالملك منذ سنة وبينة منذ شهر ولم تقل اشتراه
منه فسواء وعنه: يقدم بسبب وسبق ونصره القاضي
وأصحابه في السبق وقطع به في الوسيلة في العين
بيد ثالث ووجه في المغني3: تقديم بينة النتاج
ونحوه ثم قال: وهو قول القاضي في العين بيد
ثالث وعنه: بسبب مفيد للسبق كالنتاج فعليهما
المؤقتة والمطلقة سواء وقيل: تقدم المطلقة.
وفي مختصر ابن رزين تقدم المؤقتة وفي كتاب
الآدمي: تقدم ذات السببين وشهود العين على
الإقرار.
ولو كانت شهدت بينة بالملك وبينة باليد قدمت
بينة الملك بلا
ـــــــ
إحداهما: لا يحلف كل واحد منهما للآخر وهو
الصحيح وبه قطع في المحرر والوجيز والقواعد
الفقهية وغيرهم وصححه في المغني4 وغيره وقدمه
في المقنع5 والرعاية في موضع.
والرواية الثانية: يحلف اختاره الخرقي.
ـــــــ
1 في "ر": "و".
2 بعدها في "ط": "بكثرة".
3 14/287.
4 14/286.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/125.
(11/286)
خلاف قال في
الانتصار: وإن شهدت بينة باليد من سنة وبينة
من سنتين فكمسألة الخلاف لأن اليد دليل الملك.
وإن أقام بينة بشرائه من زيد وهي ملكه والآخر
بينة بشرائه من عمرو وهي ملكه ولم يؤرخا
تعارضتا. وإن أقاما بينتين والعين بيد ثالث
مقر لهما أو لأحدهما: لا بعينه أو ليست بيد
أحد فروايات التعارض.
وفي الترغيب: إن تكاذبا فلم يمكن الجمع فلا
كشهادة بينة بقتل في وقت بعينه وأخرى بالحياة
فيه ونقل جماعة القرعة هنا والقسمة فيما
بيديهما واختاره جماعة. وفي عيون المسائل إن
تداعيا عينا بيد ثالث وأقام كل واحد البينة
أنها له سقطتا واستهما على من يحلف وتكون
العين له.
والثانية: يقف الحكم حتى يأتيا بأمر بين قال:
لأن إحداهما: كاذبة فسقطتا كما لو ادعيا زوجية
امرأة وأقام كل واحد البينة وليست بيد أحدهما:
فإنهما يسقطان كذا هنا قال غيره وكذا الروايات
إن أنكرهما ثم إن أقر لأحدهما: بعينه قبل
إقامتهما فهو كداخل والآخر كخارج وكذا بعد
إقامتهما وعلى روايتي استعمالهما إقرار باطل
فإن ادعاها أحدهما: والآخر نصفها فلمدعي كلها
نصف والآخر للثالث بيمينه وعلى استعمالهما
يقتسمانه أو يقترعان فلو كانت بيديهما فهي
لمدعي كلها إن قدمنا بينة خارج وإلا بينهما.
وإن أقام كل واحد بينة بشرائها من زيد بكذا
وقيل أو لم يقل وهي
__________
.................................
__________
(11/287)
ملكه بل تحت
يده وقت البيع فاتحد تاريخهما تعارضتا فعلى
القسمة: يتحالفان ويرجع كل واحد على زيد بنصف
الثمن وله الفسخ
__________
.................................
__________
(11/288)
فإن فسخ فبكله
وإن فسخ أحدهما: فللآخر أخذ كلها. وفي
المغني1; إلا أن يكون حكم له بنصفها ونصف
الثمن وإن أقرعنا فهي لمن قرع وإن سقطتا فكما
سبق وإن سبق تاريخ أحدهما: فهي له وللثاني
الثمن وإن أطلقتا أو إحداهما: تعارضتا في
الملك إذن لا في الشراء لجواز تعدده وإن
ادعاها زيد لنفسه إذن قبل إن سقطتا فيحلف
يمينا وقيل يمينين وإلا عمل بهما بقرعة أو
يقسم لكل واحد نصفها ونصف الثمن.
وإن ادعيا ثمن عين بيد ثالث كل منهما أنه
باعها له بثمن سماه فمن صدقه أو أقام بينة أخذ
ما ادعاه وإلا حلف وإن أقاما بينتين وهو منكر
فاتحد تاريخهما فروايات التعارض وإلا عمل بهما
وقيل: إن لم يؤرخا أو إحداهما: تعارضتا.
وإن قال أحدهما: غصبنيها وقال الآخر ملكنيها
أو أقر لي بها وأقاما بينتين فهي للمغصوب منه
ولا يغرم الثالث للآخر شيئا.
وإن ادعى أنه أجره البيت2 بعشرة فقال
المستأجر: بل كل الدار فقيل: تقدم بينة مستأجر
للزيادة وقيل: تعارضتا ولا قسمة هنا م 3.
ومن ادعى أن زيدا باعه أو وهبه عبده وادعى آخر
مثله أو ادعى العبد العتق وعلم الأسبق صح وإلا
فروايات التعارض وعنه: تقدم بينة
ـــــــ
مسألة 3: قوله: وإن ادعى أنه آجره البيت بعشرة
فقال المستأجر: كل الدار فقيل: تقدم بينة
مستأجر للزيادة وقيل: تعارضتا ولا قسمة هنا
انتهى:
أحدهما: تقدم بينة المستأجر للزيادة قلت: وهو
قوي.
ـــــــ
1 14/298.
2 في هامش "ر" :بيتا من الدار".
(11/289)
عتقه لإمكان
الجمع وإن كان العبد بيد نفسه أو يد أحدهما:
فعنه كذلك للعلم بمستند اليد وعنه: ينبني على
الداخل والخارج م 4.
وإن أقام واحد بينة أنه ملكه وآخر بينة أنه
اشتراه منه أو وقفه عليه أو أعتقه قدمت
الثانية.
ومن ادعى دارا بيده فأقام زيد بينة أنه
اشتراها من عمرو حين كانت ملكه وسلمها إليه
فهي لزيد وإلا فلا ومثلها1 دعوى وقفها عليه من
عمرو وهبتها له منه.
وإن ادعيا رق بالغ ولا بينة فصدقهما فهو لهما
وإن صدق أحدهما: فهو له كمدع واحد وفيه رواية
ذكرها القاضي وجماعة وعنه: لا يصح إقراره لأنه
متهم نصره القاضي وأصحابه وإن جحد قبل قوله،
ـــــــ
والقول الثاني يتعارضان وهو الصحيح على
المصطلح قدمه في المغني2 والشرح3 وشرح ابن
رزين والرعاية وغيرهم والذي يظهر أن القول
الأول أقوى من هذا.
مسألة 4: قوله: وإن كان العبيد بيد نفسه أو
بيد أحدهما: فعنه كذلك للعلم بمستند اليد
وعنه: ينبني على الداخل والخارج انتهى:
الرواية الأولى: هي الصحيحة اختارها أبو بكر
وغيره وقدمها في المحرر وغيره.
والرواية الثانية: لم أطلع على من اختارها.
ـــــــ
1 في "ط": "مثله".
2 14/329.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/203.
(11/290)
وحكى: لا وإن
أقاما بينتين تعارضتا.
ثم إن أقر لأحدهما: لم يرجح به على رواية
استعمالهما وظاهر المنتخب: مطلقا "1لأنه إن
كان حرا لم يصح إقراره بالعبودية وإن كان
مملوكا فلا يد له على نفسه1" وإن أقام بينة
برقه وأقام هو بينة بحريته تعارضتا وقيل: تقدم
بينة الحرية وقيل: عكسه. وإن قال لعبده متى
قتلت2 فأنت حر فادعاه3 العبد قبل ببينة وإن
أقاما بينتين فنصه: تقدم ببينة4 العبد وقيل
بتعارضهما
م 5
ـــــــ
مسألة 5: قوله: وإن قال لعبده متى قتلت فأنت
حر فادعاه العبد قبل ببينة وإن أقاما بينتين
فنصه: تقدم بينته وقيل بتعارضهما. انتهى.
المنصوص: هو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح
والنظم وجزم به في الوجيز والآدمي في منتخبه
ومنوره وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي
الصغير وغيرهم.
والقول الثاني: يتعارضان وهما احتمالان مطلقان
في الهداية والخلاصة. ووجهان في غيرهما
وأطلقهما أيضا في المذهب والمستوعب والمقنع5
والشرح6 وشرح ابن منجا وغيرهم.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "قبلت".
3 في الأصل: "فادعا".
4 في "ط": "بينة العبد".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/205.
6 في "ق": "عليه".
(11/291)
وإن قال: إن مت
في المحرم فسالم حر وإن مت في صفر فغانم وجهل
وقته رقا وإن علم موته في أحدهما: أقرع وقيل:
يعمل فيهما بأصل الحياة. ولو قال: إن مت من
مرضي هذا فسالم وإن برئت فغانم وجهل مم مات
فقيل1: برقهما وقيل بالقرعة وقيل: يعتق2 سالم
وقيل غانم م 6.
ولو أبدل قوله: من مرضي بقوله: في مرضي أقرع
وقيل: يعتق سالم،
ـــــــ
مسألة 6: قوله: فإن قال:
iإن
مت من مرضي هذا فسالم وإن برئت فغانم وجهل مم
مات فقيل يحكم برقهما وقيل: بالقرعة وقيل:
يعتق3 سالم وقيل: غانم. انتهى.
أحدهما: يرقان لاحتمال موته في المرض بحادث
قدمه في المحرر والرعايتين. والنظم والحاوي
الصغير وفيه ضعف.
والقول الثاني: يقترعان إذ الأصل عدم الحادث
قلت وهو أقوى من الذي قبله وقدمه في المغني4.
والقول الثالث: يعتق سالم لأن الأصل دوام
المرض وهو الصواب وأطلقها في القواعد.
والقول الرابع: يعتق غانم والذي يظهر أن هذا
القول أضعفها. والله أعلم.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "يحكم".
2 في "ر": "بعتق".
3 في النسخ الخطية: "يعتق"، والمثبت من عبارة
"الفروع".
4 14/303.
(11/292)
وقيل: غانم وإن
أقام كل واحد بينة بموجبه عتقه في الصور
الثلاث فكذلك للتعارض والتقديم.
وفي الترغيب في إن مت من مرضي رقا وجها واحدا
يعني لتكاذبهما على كلامه1 المتقدم وإن شهد
على ميت بينة لا ترثه: بعتق سالم في مرضه وهو
ثلث ماله وبينة وارثه بعتق غانم وهو كذلك
وأجيز الثلث فكأجنبيتين يعتق أسبقهما على
الأصح فإن سبقت الأجنبية فكذبتها الوارثة أو
سبقتها الوارثة وهي فاسقة عتقا وإن جهل
أسبقهما عتق واحد بقرعة وقيل: يعتق نصفهما
كدلالة كلامه على تبعيض الحرية فيهما نحو:
أعتقوا إن خرج من الثلث وإلا ما عتق.
وتدبير مع تنجيز كآخر تنجيزين مع أسبقهما وإن
شهدت بينة كل عبد بالوصية بعتقه ورخت أو لا
فكما لو جهل أسبق تنجيزين فإن كانت الوارثة
فاسقة عتق سالم ويعتق غانم بقرعة أو نصفه على
الوجه
ـــــــ
فهذه ست مسائل.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(11/293)
المذكور وإن
كذبت الأجنبية انعكس الحكم فإن كانت فاسقة
مكذبة أو فاسقة وشهدت برجوعه عن عتق سالم عتقا
ولو شهدت برجوعه ولا فسق ولا تكذيب عتق غانم
فقط كأجنبية فلو كان في هذه الصورة غانم سدس
ماله عتقا ولم تقبل شهادتهما وقبلها أبو بكر
بالعتق لا الرجوع فيعتق نصف سالم ويقرع بين
بقيته والآخر وخبر وارثة عادلة كفاسقة.
ومن مات عن ابنين مسلم وكافر فادعى كل منهما
أنه مات على دينه فإن عرف أصله1 قبل قول مدعيه
وإن لم يعرف فميراثه للكافر إن اعترف المسلم
بأخوته وإلا فبينهما وعنه: بينهما اعترف أو لا
وقيل: بالقرعة وللمسلم وبالوقف. وقال القاضي:
إن كانت التركة بيديهما تحالفا وقسمت بينهما
وهو سهو لاعترافهما أنه وارث2. وفي مختصر ابن
رزين: إن عرف ولا بينة فقول مدع وقيل: يقرع أو
يوقف.
وإن قالت بينة: نعرفه مسلما أو مات مسلما
وبينة عكسها ولم يؤرخا المعرفة فإن عرف أصل
دينه قدمت البينة الناقلة وإلا فروايات
التعارض اختاره القاضي وجماعة واختاره في
المغني3 ولو اتفق تاريخهما وهو ظاهر المنتخب
وعنه: تقدم بينة الإسلام واختاره في الخرقي
والكافي4 في الصورة الأولى وفي الثانية
التعارض وقيل
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "أصل".
2 في "ط" و"ر": "إرث".
3 14/324.
4 6/168.
(11/294)
به مطلقا كما
لو قالت بينة مات ناطقا بكلمة الإسلام وبينة
عكسها ويصلى عليه تغليبا له مع الاشتباه قال
القاضي: ويدفن معنا. وقال ابن عقيل: وحده وإن
كان بدل الابن الكافر أبوان كافران أو بدل
المسلم أخ وزوجة مسلمان كانا كهو مع الآخر
فيما تقدم وذكر الشيخ: ظاهر المذهب: يقبل قول
الأبوين كمعرفة أصل دينه ومتى نصفنا المال
فنصفه للأبوين على ثلاثة ونصفه للزوجة والأخ
على أربعة.
ومن ادعى تقدم إسلامه موت مورثه أو قسم تركته
وقلنا يرث قبل ببينة أو بتصديق وارث.
وإن قال: أسلمت في محرم ومات في صفر وقال
الوارث: مات قبل محرم ورث.
وإن شهدا على اثنين بقتل فشهدا على الشاهدين
به فصدق الولي1 الأولين فقط حكم بهما وإلا فلا
شيء.
وإن شهدت بينتان أنه أتلف ثوبا قالت بينة:
قيمته عشرة وبينة عشرون ثبت عشرة وعنه: يسقطان
لتعارضهما وقيل: يقرع وقيل:
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "الوالي".
(11/295)
عشرون وقاله
شيخنا في نظيرها فيمن آجر حصة موليه قالت
بينة:
__________
.................................
__________
(11/296)
بأجرة مثله
وبينة: بنصفها وإن كان بكل قيمة شاهد ثبت عشرة
فيهما على الأولة وعلى الثانية، يحلف مع
أحدهما: ولا تعارض.
وإن شهدا بفعل متحد في نفسه كإتلاف ثوب وقتل
زيد أو باتفاقهما كسرقة وغصب واختلفا في زمنه
أو مكانه أو صفة متعلقة به كلونه وآلة قتل
فالمذهب: لا تجمع شهادتهما وجمعها أبو بكر ولو
بقود وقطع.
وذكره القاضي نصا في القتل واختاره هو وأبو
الخطاب وغيرهما في لون سرقة أو قال أحدهما،
هرويا وقال الآخر مرويا وإن أمكن تعدده ولم
يشهدا بأنه متحد فبكل شيء شاهد فيعمل بمقتضى
ذلك ولا تنافي ولو كان بدل الشاهد بينة ثبتا
هنا إن ادعاهما وإلا ما ادعاه وتعارضتا في
الأولى على1 غير قول أبي بكر نقل ابن منصور:
إن شهدا أن هذا قطع يده وشهد آخر أن على آخر
أنه قطعه له الدية منهما؟ يأخذها منهما أرأيت
إن مات أو ماتا العمد والخطأ في هذا سواء قال
في زاد المسافر لأن أمرهما أشكل فالقود مرتفع
والدية واجبة. وفي عيون المسائل في السرقة
تعارضتا وتساقطتا ولم يثبت قطع ولا مال لأنه
يجوز سرقة ثوب واحد بكرة وعشيا في زمن واحد
فلهذا تعارضتا والشاهد الواحد ليس بحجة فلم
يقع التعارض وهذا قول القاضي وغيره كما لو كان
المشهود به قتلا. وقال الشيخ: الصحيح: لا
تعارض لإمكان صدقهما بأن يسرقه بكرة ثم يعود
إلى صاحبه أو غيره،
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 بعدها في "ر" و"ط": "غيره".
(11/297)
فيسرقه عشيا
فيثبت له اللبس1 المشهود به فحسب فإن المشهود
به وإن كان فعلين لكنهما في محل واحد فلا يجب
أكثر من ضمانه.
وكذا إن شهد أنه سرق "2مع الزوال3" كيسا أبيض
وشهد آخران أنه سرق مع الزوال كيسا أسود لكن
يثبتان على قول الشيخ إن ادعاهما وإلا ثبت ما
ادعاه. ولو شهد أحدهما، أنه أقر بقتله أو قتله
عمدا والآخر أنه أقر بقتله أو قتله وسكت ثبت
القتل وصدق المدعى عليه في صفته.
والشهادة على قول إن كان نكاحا فكفعل وكذا
القذف خلافا لأبي بكر وما عداهما كشهادة واحد
أنه باع زيدا كذا أمس وآخر اليوم أو واحد أنه
باعه وآخر أنه أقر به واختلفا زمنا أو مكانا
جمعت كالشهادة على الإقرار بشيء واحد فعلا أو
قولا. وفي الكافي3 احتمال: لا تجمع. وفي
الترغيب وجه: كل عقد كنكاح وإن شهد واحد
بالفعل وآخر على إقراره به فنصه يجمع اختاره
أبو بكر والمغني4 والمحرر وغيرهم خلافا للقاضي
وغيره وذكره في المحرر عن الأكثر وإن شهد بعقد
نكاح أو قتل خطإ وآخر على إقراره لم تجمع.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ر" و"ط": "الكيس".
2 ليست في "ر".
3 6/241.
4 14/242.
(11/298)
ولمدعي القتل
أن يحلف مع أحدهما، ويأخذ الدية ومتى جمعتا مع
اختلاف زمن في قتل أو طلاق فالعدة والإرث يلي
آخر المدتين.
وإن شهد اثنان أنه أخذ من صبي مائة واثنان على
آخر أنه أخذ من الصبي مائة فإن شهدت البينتان
على مائة بعينها أخذها وليه ممن شاء وإلا أخذ
منهما مائتين نص على ذلك وإن شهد واحد بمائة
وآخر بمائة من قرض جمعت ولا تجمع إن قال واحد
من قرض وآخر من ثمن مبيع وقيل: بلى إن شهدا
على إقراره. وإن شهد واحد بمائة وآخر بمائتين
أو بخمسين أضافا أو واحد الشهادة على إقرار أو
لا يثبت بهما الأقل وله أن يحلف لتتمة الأكثر
مع شاهده نقله الجماعة أو مع أحد شهوده وقيل:
إن لم يضيفا إلى إقرار حلف مع كل شاهد
كالمسألة قبلها وقيل: وفي الإقرار أيضا.
وإن شهدا بمائة وآخران بخمسين دخلت فيها إلا
مع ما يقتضي
__________
.................................
__________
(11/299)
التعدد
فيلزمانه1 ويأتي كلام الأزجي قبل الإقرار
بالمجمل2 ونقل حنبل: إذا شهدا على أقل وأكثر
أخذ في المهر بالأكثر لأنه خرج وهو أجود له
وفي الدين والطلاق بالأقل.
ونقل مهنا: إن شهد له أن سيده باعه نفسه بألف
في ذمته وآخر للسيد بألفين عتق ولا يرد إلى
الرق ويحلف لسيده قال الأزجي: وإنما قدم بينة
العبد لأن العتق لا يلحقه الفسخ لتشوف الشارع
إليه فليس من قبيل الشهادة بالمال وإن شهدا له
عليه بمائة ثم قال أحدهما، قضاه منها3 خمسين
فنصه: تفسد شهادته ونقل الأثرم: تفسد في
الخمسين كرجوعه.
ويتخرج صحتها بالمائة فيفتقر قضاء الخمسين إلى
شاهد أو يمين كما لو شهدا أنه أقرضه ألفا ثم
قال أحدهما، قضاه خمسين نص عليه ويتخرج فيها
كرواية الأثرم ولأنه لا يضمن شهود قرض بقيام
بينة بقضاء ولو شهد عند الشاهد عدلان أو عدل
أنه اقتضاه ذلك الحق أو قد باع ما
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "فيلزمه".
2 ص 443.
3 ليست في "ر".
(11/300)
اشتراه لم يشهد
له نقله ابن الحكم وسأله ابن هانئ: لو قضاه
نصفه ثم جحده بقيته أله أن يدعيه كله أو بقيته
فقط؟ قال: يدعيه كله وتقوم البينة فتشهد على
حقه كله ثم يقول للحاكم قضاني نصفه.
ومن علق طلاقا إن كان لزيد عليه شيء فشهدا أنه
أقرضه لم يحنث بل أن له عليه فحكم بهما
ومرادهم في صادق ظاهرا ولهذا في الرعاية: من
حلف بالطلاق لا حق عليه لزيد فقامت عليه بينة
تامة بحق لزيد حنث حكما. ومن قال لبينة بمائة
اشهدا لي بخمسين لم يجز إذا كان الحاكم لم يول
الحكم فوقها........
__________
.................................
__________
(11/301)
.......................................
__________
(11/302)
نص عليه
واختاره1 أبو الخطاب.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "أجازه".
(11/303)
|