الفروع و
معه تصحيح الفروع كتاب الشهادات
مدخل
...
كتاب الشهادات
تحملها في حق الآدمي فرض كفاية. وفي المغني"1:
في إثمه بامتناعه مع وجود غيره وجهان قال
جماعة: في الترغيب هو أشهر وكذا أداؤها ونصه:
فرض عين إن دعي وقدر بلا ضرر قال في المغني1":
ولا تبذل في التزكية ولو أدى شاهد2 وأبى الآخر
وقال احلف أنت بدلي أثم اتفاقا قاله في
الترغيب وقدم في الرعاية: لا إن قلنا فرض
كفاية. وإذا وجب تحملها ففي وجوب كتابتها
لتحفظ وجهان م 1. وإن دعي فاسق إلى شهادة فله
الحضور مع عدم غيره ذكره في الرعاية ومراده:
لتحملها. وفي المغني3 وغيره: أن التحمل لا
ـــــــ
مسألة 1: قوله: وإذا وجب تحملها ففي وجوب
كتابتها لتحفظ وجهان. انتهى: أحدهما: يجب قلت
وهو الصواب للاحتياط ثم وجدت صاحب الرعاية
الكبرى قدمه في أوائل بقية الشهادات ونقل عن
الإمام أحمد أنه قال: يكتبها إذا كان رديء
الحفظ فظاهره الوجوب.
والوجه الثاني: لا يجب ولعل محله إذا لم يكن
معروفا بكثرة النسيان.
ـــــــ
1 14/123.
2 في "ط": "واحد".
3 14/197.
(11/307)
تعتبر له
العدالة فظاهره: مطلقا ولهذا لو لم يؤد حتى
صار عدلا قبلت ولم يذكروا توبة لتحملها ولم
يعللوا رد من أعادها بعد أن رد إلا بالتهمة
وذكروا إن شهد عنده فاسق تعرف حاله قال
للمدعي: زدني شهودا لئلا يفضحه.
وفي المغني1: إن من شهد مع ظهور فسقه لم يعزر
لأنه لا يمنع صدقه فدل أنه لا يحرم أداء فاسق
وإلا لعزر يؤيده أن الأشهر: لا يضمن من بان
فسقه وإلا لضمن لتعديه بشهادته وظاهره: لا
يحرم مع عدم ظهور فسقه ويتوجه التحريم عند من
ضمنه ويكون علة لتضمينه وفي ذلك نظر لأنه لا
تلازم بين الضمان والتحريم. وفي الانتصار في
شهادته في نكاح: لا تسمع شهادة كافر وصبي
لشهرة الحال التي ترد بها الشهادة بخلاف الفسق
لأنه يخفيه فيسمعها ليبحث عن عدالتهما قال:
فيجيء من هذا: لا يسمعها مع فسق ظاهر نقل
الميموني: إذا شهد أربعة غير عدول بالزنا لا
يضربون ولا يجب عليهم شيء.
ويجب في مسافة كتاب القاضي عند سلطان لا يخاف
تعديه نقله مثنى أو حاكم عدل نقل ابن الحكم:
كيف أشهد عند رجل ليس عدلا؟ لا تشهد2 عنده.
وقال في رواية عبد الله: أخاف أن يسعه أن لا
يشهد عند الجهمية عن ابن المبارك عن ابن أبي
عروبة عن قتادة عن ابن المسيب عن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 14/263.
2 بعدها في "ط": "عنده".
(11/308)
أبي هريرة
مرفوعا: "يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة
ووزراء فسقة وقضاة خونة وفقهاء كذبة فمن أدرك
منكم ذلك الزمان فلا يكونن لهم كاتبا ولا
عريفا ولا شرطيا". واه الطبراني1 وقال: لم
يروه عن قتادة إلا ابن أبي عروبة ولا عنه إلا
ابن المبارك تفرد به داود بن سليمان وهو شيخ
لا بأس به وقيل: أولا ينعزل بفسقه وقيل: لا
أمير البلد ووزيره.
ولا يقيمها على مسلم بقتل كافر وكتابة كشهادة
في ظاهر كلام الشيخ وشيخنا قيل لأحمد: متى
يجوز للحاكم أن يقبل شهادة الرجل؟ قال: إذا
كان يحسن تحمل الشهادة ويحسن أن يؤديها.
ويحرم في الأصح أخذ أجرة وجعل وقيل: إن تعينت
وقيل: ولا حاجة وذكر شيخنا وجها يجوز لحاجة
تعينت أو لا واختاره وقيل: يجوز مع التحمل
وقيل: أجرة من بيت المال فعلى الأول، من عجز
أو تأذى بالمشي فأجرة مركوب على ربها قاله في
الترغيب وغيره وفي الرعاية: وكذا مزك ومعرف
ومترجم ومفت ومقيم حد وقود وحافظ مال بيت
المال ومحتسب والخليفة.
ولمن عنده شهادة بحد لله إقامتها وتركها.
واستحب القاضي وأصحابه وأبو الفرج والشيخ
والترغيب تركه للترغيب في الستر وهذا يخالف ما
جزم به في آخر الرعاية من وجوب الإغضاء عن من
ستر المعصية فإنهم لم
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "المعجم الصغير": 1/340
(11/309)
يفرقوا وهو
ظاهر كلام الخلال ويتوجه فيمن عرف بالشر
والفساد أن لا يستر عليه وهو يشبه قول القاضي
المتقدم في المقر بالحد.
وسبق قول شيخنا في إقامة الحد وللحاكم في
الأصح أن يعرض له بالتوقف عنها كتعريضه لمقر
ليرجع. وفيه في الانتصار تلقينه الرجوع مشروع
وإن دعا زوج أربعة لتحملها بزنا امرأته جاز
لقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ
الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} الآية
[النساء: 15] وقيل: لا كغيره أو لإسقاط الحد.
وفي الأحكام السلطانية إن ظن قوم من المتطوعة
استسرار قوم بمعصية في انتهاك حرمة يفوت
استدراكها كقتل وزنا فلهم الكشف والإنكار
كالذي كان من شأن المغيرة وشهوده1 ولم ينكر
عليهم هجومهم وإن حدهم لقصور الشهادة قال في
الرعاية: وإن قال احضرا لتسمعا قذف زيد لي
لزمهما ويتوجه إن لزم إقامة الشهادة.
ولا يقيم شهادة لآدمي حتى يسأله ولا يقدح فيه
كشهادة حسبة ويقيمها بطلبه ولو لم يطلبها حاكم
ويحرم كتمها قال شيخنا: ويقدح فيه وقال: إن
كان بيد من لا يستحقه ولا يصل إلى من يستحقه
لم يلزمه إعانة أحدهما، ويعين متأولا مجتهدا
على غيره. وفي واضح ابن عقيل في خبر واحد:
يحرم كتمها وإن لم يلزم عمل بقول واحد أو من
ظاهره العدالة فيما يعتبر البحث عنه.
ويستحب إعلامه قبل إقامتها.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" 15550،
والطبراني في "الكبير"، 7227؛ والبيهقي
10/152، وعلقه =
= البخاري مختصرا في كتاب الشهادات، باب شهادة
القاذف، وينظر "فتح الباري" 5/256.
(11/310)
وقال شيخنا:
الطلب العرفي أو الحالي كاللفظي علمها الآدمي
أو لا وأنه ظاهر الخبر وإن خبر: يشهد ولا
يستشهد على الزور وأنها ليست حقا لأحد و إلا
لتعين إعلامه ولما تحملها بلا إذنه وقال في
رده على الرافضي: إذا أداها قبل طلبه قام
بالواجب وكان أفضل كمن عنده أمانة فأداها عند
الحاجة وأن المسألة تشبه الخلاف في الحكم قبل
الطلب.
__________
.................................
__________
(11/311)
وتحرم الشهادة
إلا بما يعلمه وهو برؤية أو سماع غالبا قيل
لأحمد: من له على رجل حق يجحده وقوم هو عندهم
عدل يشهدون به له؟ قال: هو قول سوء قول
الرافضة. فالرؤية تختص الفعل كقتل وسرقة ورضاع
والسماع ضربان: سماع من الشهود عليه كعتق
وطلاق،
__________
.................................
__________
(11/312)
وعقد وإقرار
وحكم الحاكم فتلزمه الشهادة بما سمع لا بأنه
عليه مستخفيا أو لا.
وعنه لا يلزمه فيخير وعنه: يحرم إن قال
المتحاسبان لا تشهدوا بما جرى بيننا وعنه:
يحرم في إقرار وحكم وعنه: وغيرهما حتى يشهده
وعنه: إن أقر بحق سابق نحو كان له عليّ1، فحتى
يشهده2.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر"، و"ط".
2 في "ط": "يشهد".
(11/313)
وظاهر كلامهم
أن الحاكم إذا شهد عليه شهد سواء وقت الحكم أو
لا وتقدم في كتاب القاضي1.
وقيل لابن الزاغوني: إذا قال القاضي للشاهدين
أعلمكما أني حكمت بكذا هل يصح أن يقولا أشهدنا
على نفسه أنه حكم بكذا؟ فقال: الشهادة على
الحكم تكون في وقت حكمه فأما بعد ذلك فإنه
مخبر لهما بحكمه فيقول الشاهد أخبرني أو
أعلمني أنه حكم بكذا في وقت كذا وكذا.
قال أبو الخطاب وأبو الوفاء: لا يجوز لهما أن
يقولا أشهدنا وإنما يخبران بقوله قال: ولا
يجوز أن يشهد على المشهود عليه إلا بأن يقرأ
عليه الكتاب أو يقول المشهود عليه قرئ علي أو
فهمت جميع ما فيه فإذا أقر بذلك شهدوا عليه
وهذا معنى كلام أبي الخطاب وحينئذ لا يقبل
قوله: ما علمت ما فيه في الظاهر. ومن جهل رجلا
حاضرا شهد في حضرته لمعرفة عينه وإن كان غائبا
فعرفه به من يسكن إليه وعنه: اثنان وعنه:
جماعة شهد وعنه: المنع والمرأة كالرجل وعنه:
إن عرفها كنفسه وعنه: أو نظر إليها شهد ونقل
حنبل: بإذن زوج وعلله بأنه أملك بعصمتها وقطع
به في المبهج؛
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ص 231.
(11/314)
للخبر1 وعلله
بعضهم بأن النظر حقه وهو سهو وإلا فلا.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 الآتي في كلام ابن قندس.
(11/315)
وسماع
بالاستفاضة فيما يتعذر علمه غالبا بدونها كنسب
وموت وملك مطلق وعتق وولاء ونكاح وقال جماعة:
دوامه لا عقده ووقف. وفيه وجه ومصرفه وخلع
وطلاق نص عليهما وفي العمدة: لا في حد وقود
وظاهره فقط وهو أظهر وسأله الشالنجي عن شهادة
الأعمى،
__________
.................................
__________
(11/316)
فقال: يجوز في
كل ما ظنه مثل النسب ولا تجوز في الحد وظاهر
قول الخرقي وابن حامد وغيرهما: وفيهما لأنهم
أطلقوا الشهادة بها بما تظاهرت به الأخبار.
وفي الترغيب: تسمع فيما تستقر معرفته بالتسامع
لا في عقد وقصره جماعة على السبعة السابقة
ولعله أشهر وأسقط1 جماعة الخلع والطلاق
وبعضهم: والولاء. وفي الرعاية خلاف في ملك
مطلق ومصرف وقف وفي عمد الأدلة: تعليل أصحابنا
بأن جهات الملك تختلف تعليل يوجد في الدين
فقياس قولهم يقتضي أن يثبت الدين بالاستفاضة.
وفي الروضة: لا تقبل إلا في نسب وموت وملك
مطلق ووقف وولاء ونكاح.
ويشهد باستفاضة عن عدد يقع بهم العلم وقيل:
عدلان واختار في المحرر وحفيده: أو واحد يسكن
إليه ويلزم الحكم بشهادة لم يعلم تلقيها من
الاستفاضة.
ومن قال شهدت بها ففرع. وفي المغني2: شهادة
أصحاب المسائل شهادة استفاضة لا شهادة على
شهادة فيكتفي بمن يشهد بها كبقية شهادة
الاستفاضة. وفي الترغيب: ليس فيها فرع. وفي
التعليق وغيره: الشهادة بالاستفاضة خبر لا
شهادة وأنها تحصل بالنساء والعبيد.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل و"ط": "وأسقطه".
2 14/143.
(11/317)
وقال شيخنا: هي
نظير أصحاب المسائل عن الشهود على الخلاف وذكر
ابن الزاغوني: إن شهد أن جماعة يثق بهم أخبروه
بموت فلان أو أنه ابنه أو أنها زوجة فهي شهادة
الاستفاضة وهي صحيحة وكذا أجاب أبو الخطاب:
يقبل في ذلك ويحكم فيه بشهادة الاستفاضة.
وأجاب أبو الوفاء: إن صرحا بالاستفاضة أو
استفاض بين الناس قبلت في الوفاة والنسب جميعا
ونقل الحسن بن محمد: لا يشهد إذا ثبت عنده بعد
موته ونقل معناه جعفر وهو غريب. وإذا شهد
بالأملاك بتظاهر الأخبار فعمل ولاة المظالم
بذلك أحق ذكره في الأحكام السلطانية وذكر
القاضي أن الحاكم يحكم بالتواتر.
ومن رأى شيئا بيد غيره مدة طويلة قاله في
المجرد والفصول والواضح والترغيب والكافي1
والمحرر وقالوا في كتب الخلاف: وقصيرة وهو
ظاهر ما ذكره ابن هبيرة عن أحمد يتصرف فيه
كمالك من نقض وبناء وإجارة وإعارة فله الشهادة
بالملك كمعاينة السبب كبيع وإرث.
وفي المغني2: لا سبيل إلى العلم هنا فجازت
بالظن ويسمى
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 6/226.
2 14/144.
(11/318)
علما ويتوجه
احتمال: يعتبر حضور المدعي وقت تصرفه وأن لا
يكون قرابته ولا يخاف من سلطان إن عارضه وفاقا
لمالك وقيل يشهد باليد والتصرف واختاره
السامري وفي مختصر ابن رزين يشهد بملك بتصرفه
وعنه: مع يده.
وفي كتاب الآدمي: إن رأى متصرفا في شيء تصرف
مالك شهد له بملكه.
__________
.................................
__________
(11/319)
ومن شهد بنكاح
اعتبر ذكر شروطه وعلله الشيخ وغيره لئلا يعتقد
الشاهد صحته وهو فاسد فلعل ظاهره إذا اتحد
مذهب الشاهد
__________
.................................
__________
(11/320)
والحاكم لا يجب
التبيين ونقل عبد الله عنه فيمن ادعى أن هذه
الميتة امرأته وهذا ابنه منها فإن أقامها بأصل
النكاح ويصلح ابنه فهو على أصل النكاح والفراش
ثابت يلحقه.
وإن ادعت أن هذا الميت زوجها لم يقبل إلا أن
تقيم بينة بأصل النكاح وتعطى الميراث والبينة
أنه زوجها بولي وشهود في صحة بدنه وجواز أمره
ويأتي في أداء الشهادة1 لا يعتبر في صحته
وجواز أمره ومراده هنا إما لأن المهر فوق مهر2
المثل أو رواية كمذهب مالك أو احتياطا لنفي
الاحتمال.
وفي بيع ونحوه خلاف كدعواه.
ـــــــ
تنبيه: قوله وفي بيع ونحوه خلاف كدعواه انتهى.
يعني هل يشترط في شهادة الشاهد في بيع ونحوه
ذكر شروط وطعام أم لا؟ قال المصنف: حكمه حكم
الدعوى بذلك. وقال المصنف في باب طريق الحكم
وصفته3: اعتبر ذكر شروطه في الأصح وبه قطع في
الوجيز وغيره وقدمه في المحرر وغيره وصححه في
الرعاية وغيره هناك فكذا يكون الصحيح هنا ذكر
الشروط والله أعلم وهذه ليست من الخلاف
المطلق. ففي هذا الباب مسألة واحدة.
ـــــــ
1 ص 380.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ص 170.
(11/321)
فإن ما1 صحت
الدعوى به صحت الشهادة به وبالعكس نقل مثنى
فيمن شهد على رجل أنه أقر لأخ له بسهمين من
هذا الدار من كذا وكذا سهما ولم يحدها فيشهد2
كما سمع أو يتعرف حدها؟ فرأى أن يشهد على
حدودها فيتعرفها وقال شيخنا: الشاهد يشهد بما
سمع وإذا قامت بينة بتعيين ما دخل في اللفظ
قبل كما لو أقر لفلان عندي كذا وأن داري
الفلانية أو المحدودة بكذا لفلان ثم قامت بينة
بأن هذا المعين هو المسمى والموصوف أو المحدود
فإنه يجوز باتفاق الأئمة.
ويذكر لرضاع وقتل وسرقة وشرب وقذف ونجاسة ماء
قال ابن الزاغوني: وإكراه ما يعتبر ويختلف به
الحكم وكذا الزنا وقيل: لا زمانه ومكانه
والمزني بها وتقبل بحد قديم وقيل: لا.
وإن قال شاهد قتل: جرحه فمات فلغو وعكسه:
فقتله أو مات منه ونحوه. وقال صاحب النوادر:
يتفرع على رواية أنه لا يقبل الجرح إلا مفسرا
أنهما لو شهدا بنجاسة ماء لم يقبل حتى يبينا
السبب لاختلافهم فيما ينجسه كذا قال: فيتوجه
منه مثله في كل مسائل الخلاف وقد يتوجه أيضا
من الخلاف في العقود احتج في الواضح بشهادتهما
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر" وفي "ر": "أما".
2 في "ط": "يشهد".
(11/322)
بنجاسة الماء
على اعتبار التفسير للجرح ومن شهد على إقرار
غيره بحق فقيل: يعتبر ذكر سببه والأصح: لا
كاستحقاق مال وإن شهد بسبب يوجبه أو استحقاق
غيره ذكره. وفي الرعاية: ومن شهد لزيد على
عمرو بشيء سأله عن سببه وذكر الأزجي فيمن ادعى
إرثا لا يحوج في دعواه إلى بيان السبب الذي
يرث به وإنما يدعي الإرث مطلقا لأن أدنى
حالاته
__________
.................................
__________
(11/323)
أن يرثه بالرحم
وهو صحيح على أصلنا فإذا أتى ببينة فشهدت له
بما ادعاه من كونه وارثا حكم له.
وإن شهد أن هذا الغزل من قطنه أو الدقيق من
حنطته أو الطير من بيضه وقيل: أو البيضة من
طيره حكم له وإن شهدا أنه وارثه لا يعلمان
غيره حكم له وقيل: يجب الاستكشاف مع فقد خبرة
باطنة فيأمر من ينادي بموته وليحضر وارثه فإذا
ظن لا وارث له سلمه وقيل: بكفيل فعلى الأول
وهو المذهب يكمل لذي الفرض فرضه وعلى الثاني
وجزم به في الترغيب يأخذ اليقين وهو ربع ثمن
للزوجة عائلا وسدس للأم
__________
.................................
__________
(11/324)
عائلا من كل ذي
فرض لا حجب فيه ولا يقين في غيره وإن قالا1 لا
نعلم غيره في هذا البلد فكذلك ثم إن شهدا أن
هذا وارثه شارك الأول ذكره ابن الزاغوني وهو
معنى كلام أبي الخطاب وأبي الوفاء وقيل: لا
يقبل في المسألة الأولى.
وقيل: إن كان سافر كشف خبره ومكان سفره وفي
الانتصار وعيون المسائل: إن شهدا بإرثه فقط
أخذها بكفيل وفي الترغيب وغيره. وهو ظاهر
المغني2 في كفيل بالقدر المشترك وجهان
واستكشافه كما تقدم.
وإن شهدا أنه ابنه لا وارث له غيره وبينة أن
هذا ابنه لا وارث له غيره قسم المال بينهما
لأنه لا تنافي ذكره في عيون المسائل والمغني3
قال الشيخ في فتاويه: إنما احتاج إلى إثبات لا
وارث سواه لأنه يعلم ظاهرا فإن بحكم العادة
يعلمه جاره ومن يعرف باطن أمره بخلاف دينه على
الميت لا يحتاج إلى إثبات لا دين عليه سواه
لخفاء الدين ولأن جهات الإرث يمكن الاطلاع على
يقين انتفائها، ولا ترد الشهادة على النفي
مطلقا بدليل المسألة المذكورة والإعسار
والبينة فيه تثبت ما يظهر ويشاهد بخلاف
شهادتهما4 لا حق له عليه.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "قال".
2 14/315.
3 14/300- 301.
4 في "ر" و"ط": "شهادتها".
(11/325)
ويدخل في
كلامهم قبولها إذا كان النفي محصورا كقول
الصحابي دعي إلى الصلاة فقام فطرح السكين وصلى
ولم يتوضأ1 ولهذا قيل للقاضي في الخلاف: أخبار
الصلاة على شهداء أحد مثبتة وفيها زيادة
وأخباركم نافية وفيها نقصان والمثبت أولى
فقال: الزيادة هنا2 مع النافي لأن الأصل في
الموتى الغسل والصلاة ولأن العلم بالترك
والعلم بالفعل سواء في هذا المعنى.
ولهذا نقول: إن من قال صحبت فلانا في يوم كذا
فلم يقذف فلانا قبلت شهادته كما تقبل في
الإثبات وذكر أيضا أنه لا تسمع بينة المدعى
عليه بعين بيده كما لا تسمع بأنه حق عليه بدين
ينكره فقيل له: لا سبيل للشاهد إلى معرفته
فقال: لهما سبيل وهو إذا كانت الدعوى ثمن مبيع
فأنكره وأقام البينة على ذلك فإن للشاهد سبيلا
إلى معرفة ذلك بأن يشاهده أبرأه من الثمن أو
أقبضه إياه وكان يجب أن يقبل. وفي الروضة في
مسألة النافي للحكم: لا سبيل إلى إقامة دليل
على النفي فإن ذلك إنما يعرف بأن يلازمه
الشاهد من أول وجوده إلى وقت الدعوى فيعلم
انتفاء سبب اللزوم قولا وفعلا وهو محال.
وفي الواضح: العدالة بجمع كل فرض وترك كل
محظور ومن يحيط به علما والترك نفي والشهادة
بالنفي لا تصح.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 أخرجه البخاري 675، ومسلم 355، 93.
2 بعدها في "ر" و"ط": "هاهنا".
(11/326)
وإن شهدا أنه
طلق أو أعتق أو أبطل من وصاياه واحدة ونسيا
عينها لم تقبل وقيل: بلى وجزم به في المبهج في
صورة الوصية. وفيها في الترغيب: قال أصحابنا:
يقرع بين الوصيتين فمن خرجت قرعتها فهي
الصحيحة وهل يشهد عقدا فاسدا مختلفا فيه ويشهد
به؟ يتوجه دخولها فيمن أتى فرعا مختلفا فيه
وفي التعليق: يشهد وفي المغني1: لو رهن الرهن
بحق ثان كان رهنا بالأول فقط فإن شهد بذلك
شاهدان. فإن اعتقد إفساده لم يكن لهما وإن
اعتقدا صحته جاز أن يشهدا بكيفية الحال فقط
ومنعه الإمام أحمد في رواية الجماعة إذا علمه
في تخصيص بعض ولده أو تفضيله وذكره فيه
الحارثي عن الأصحاب ونقل أبو طالب: إن لم
يشهدوا ليس عليهم شيء. قيل: فإن شهدوا; عليهم
شيء؟ قال: أعفني ونقل حنبل: له أن لا يشهد إذا
جاء مثل هذا وعرف قال: وفي حديث بشير2 أن
النبي صلى الله عليه وسلم شهد وهو القاضي
والحكم إليه. وفيه أن الحاكم
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 6/467.
2 يعني: حديث النعمان بن بشير حين نحل ابنه
نحلا، وأشهد النبي صلى الله عليه وسلم على
ذلك، أخرجه البخاري 2586، ومسلم 1623، 9.
(11/327)
إذا جاءه مثل
هذا رده ويتوجه: يكره ما ظن فساده ويتوجه وجه:
يحرم ولو شهد اثنان في محفل على واحد منهم أنه
طلق أو أعتق قبل ولو أنهما من أهل الجمعة
فشهدا على الخطيب أنه قال أو فعل على المنبر
في الخطبة شيئا لم يشهد به غيرهما قبل مع
المشاركة في سمع وبصر ذكره في المغني1 ولا
يعارضه قولهم: إذا انفرد واحد فيما تتوفر
الدواعي على نقله مع مشاركة خلق رد.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 4/418.
(11/328)
باب شروط من
تقبل شهادته وما يمنع قبولها
مدخل
...
باب شروط من تقبل
شهادته وما يمنع قبولها
المذهب أنها ستة: العقل والحفظ والعدالة
والإسلام والنطق والبلوغ.
فلا شهادة لمجنون ومعتوه ومغفل ومعروف بكثرة
غلط وسهو وذكر جماعة: ونسيان. وفي الترغيب:
الصحيح إلا في أمر جلي يكشفه الحاكم ويراجعه
فيه حتى يعلم تثبته وأنه لا سهو ولا غلط فيه
وغير عدل ولو ضرورة في سفر ذكره القاضي وغيره
قال حفيده: ولا يسوغ الاجتهاد في شهادة1 فاسق
بل كافر قال في عيون المسائل: ولا على ذمي
لأنه لا يجتنب محظور دينه ولهذا لا ولاية له
كالمرتد بخلاف الذمي. وتقبل في إفاقة ممن يخنق
أحيانا نص عليه.
ويعتبر للعدالة أمران: صلاح دينه بأداء
الفريضة زاد في المستوعب والمحرر: بسننها وذكر
القاضي والتبصرة والترغيب: والسنة الراتبة
وأومأ إليه لقوله فيمن يواظب على ترك سنن
الصلاة رجل سوء ونقل أبو طالب: الوتر سنة سنها
النبي صلى الله عليه وسلم فمن ترك سنة من سننه
فهو رجل سوء وأثمه القاضي ومراده لأنه لا يسلم
من ترك فرض وإلا فلا يأثم بسنة كذا كان ينبغي
أن يقول لكن ذكر فيمن ترك الصلاة أن من داوم
على ترك السنن أثم واحتج بقول الإمام أحمد
فيمن ترك الوتر: رجل سوء،
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "شاهد".
(11/329)
مع قوله إنه
سنة كذا قال ولم يحتج له وأجاب عن حديث عبادة
"من
__________
.................................
__________
(11/330)
انتقص منهن
شيئا" 1. معناه من انتقص من مسنوناتها الراتبة
معها لما كانت مضافة إليها وتبعا لها جاز أن
يكون الخطاب عطفا على جميع ذلك وقال في مسألة
الوتر عن قول أحمد فيمن تركه عمدا: رجل سوء لا
ينبغي أن تقبل شهادته فإنه لا شهادة له ظاهر
هذا أنه واجب وليس على ظاهره وإنما قال هذا
فيمن تركه طول عمره أو أكثره فإنه يفسق بذلك
وكذلك جميع السنن الراتبة إذا داوم على تركها
لأنه بالمداومة يحصل راغبا عن السنة وقد قال
صلى الله عليه وسلم: "من رغب عن سنتي فليس
مني" 2. ولأنه
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 جزء من حديث رواه أبو داود 1420، والنسائي
في "المجتبى" 1/230، عن عبادة بن الصامت
بمعناه.
2 هذا جزء من حديث رواه البخاري 5063، ومسلم
1401، 5، عن أنس.
(11/331)
بالمداومة
تلحقه التهمة بأنه غير معتقد لكونها سنة وهذا
ممنوع منه ولهذا قال عليه السلام: "أنا بريء
من كل مسلم بين ظهراني المشركين لا تتراءى
ناراهما" 1. وإنما قال ذلك لأنه متهم2 في أنه
يكثر جمعهم ويقصد نصرهم ويرغب في دينهم وكلام
أحمد خرج على هذا وكذا في الفصول: الإدمان على
ترك هذه السنن الراتبة غير جائز واحتج بقول
أحمد في الوتر لأنه يعد راغبا عن السنة. وقال
بعد قول أحمد في الوتر: وهذا يقتضي أنه حكم
بفسقه ونقل جماعة: من ترك الوتر ليس عدلا
وقاله شيخنا في الجماعة على أنها سنة لأنه
يسمى ناقص الإيمان قال الإمام أحمد: إذا عملت
الخير زاد وإذا ضيعت3 نقص. وقال القاضي: من
ترك النوافل التي ليست راتبة مع الفرائض لا
تصفه بنقصان الإيمان.
وفي كلام الحنفية قيل: لا بأس بترك سنة الفجر
والظهر إذا صلى وحده لأنه عليه السلام لم يأت
بها إلا إذا صلى بالجماعة وبدونها لا تكون سنة
وقيل: لا يجوز تركها بحال لأن السنة المؤكدة
كالواجبة كذا قالوا.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 رواه أبو داود 2645، والترمذي 1604، عن جرير
بن عبد الله وجاء في الأصل: "نارها"، وفي "ر"،
"نارهم"، والتصويب من مصادر التخريج.
2 في الأصل: "منهم".
3 في النسخ الخطية: "نارهما"، والتصويب من
مصادر التخريج.
(11/332)
ويعتبر أيضا
اجتناب المحرم بأن لا يأتي كبيرة قيل: ولا
يدمن وقيل: ولا يتكرر منه صغيرة وقيل: ثلاثا.
وفي الترغيب: بأن لا يكثر منها ولا يصر على
واحدة منها م 1.
وفي الخبر الذي رواه الترمذي:لا صغيرة مع
إصرار ولا كبيرة مع استغفار1.
وعنه: ترد بكذبة2 وهو ظاهر المغني3 واختاره
شيخنا قال ابن عقيل: اختاره بعضهم وقاس عليه
بقية الصغائر وهو بعيد لأن الكذب معصية فيما
تحصل به الشهادة وهو الخبر أخذ القاضي وأبو
الخطاب منها أنه كبيرة كشهادته بالزور أو كذب
على النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
مسألة 1: قوله ويعتبر أيضا اجتناب المحرم بأن
لا يأتي كبيرة قيل: ولا يدمن وقيل: ولا يتكرر
منه صغيرة وقيل: ثلاثا. وفي الترغيب: بأن لا
يكثر منها ولا يصر على واحدة منها. انتهى.
القول الأول: هو الصحيح وهو أن لا يدمن على
صغيرة جزم به في المحرر والوجيز وتذكرة ابن
عبدوس وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمقنع4 والنظم وغيرهم.
والقول الثاني: وهو أن لا يتكرر منه صغيرة لم
أر من اختاره.
والقول الثالث: وهو أن لا يتكرر منه صغيرة
ثلاثا قطع به في5 آداب المفتي.
ـــــــ
1 لم نجد عند الترمذي، ورواه البيهقي في "شعب
الإيمان" 7267، عن ابن عباس موقوفا، وأورده
العجلوني في "كشف الخفاء" 2/490، وعزاه إلى
أبي الشيخ والديلمي. اهـ.
2 في "ر": "بكذبه".
3 14/152.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/336.
5 ليست في "ط".
(11/333)
ذكره القاضي
وغيره.
ويعرف الكذاب بخلف المواعيد نقله عبد الله.
ويجب الكذب إن تخلص به مسلم من القتل. قال ابن
الجوزي: أو كان المقصود واجبا.
ويباح لإصلاح وحرب وزوجة للخبر1. وقال ابن
الجوزي: وكل مقصود محمود لا يتوصل إليه إلا به
وهو التورية في ظاهر نقل حنبل وظاهر نقل ابن
منصور والأصحاب مطلقا م 2.
ومن جاءه طعام فقال لا آكله ثم أكل فكذب لا
ينبغي أن يفعل،
ـــــــ
مسألة 2: قوله: وهو التورية في ظاهر نقل حنبل
وظاهر نقل ابن منصور والأصحاب مطلقا انتهى.
يعني إذا قلنا يباح الكذب في مواضعه فهل هو
التورية أو مطلقا أطلق الخلاف والصواب هو
القول الثاني هو ظاهر الأحاديث. وقال في
الآداب مهما أمكن المعاريض حرم الكذب وهو ظاهر
كلام غير واحد وصرح به آخرون لعدم الحاجة إذن
وظاهر كلام أبي الخطاب الجواز ولو أمكن
المعاريض والظاهر أنه مراد انتهى.
"2ونصر في موضع آخر ظاهر كلام الأصحاب
والأحاديث2".
ـــــــ
1 سيأتي تخريجه في الحاشية.
2 ليست في "ح".
(11/334)
نقله المروزي.
ومن كتب لغيره كتابا فأملى عليه كذبا لم يكتبه
نقله الأثرم.
قال ابن حامد: وقد يقع الفسق بكل ما فيه
ارتكاب لنهي وإن خلا عن حد أو وعيد وأنه مذهب
مالك وأن الشافعي لم يفسقه بشرب مسكر للخلاف
ولا بكذبة أو تدليس في بيع وغش في تجارة.
وظاهر الكافي1: العدل من رجح خيره ولم يأت
كبيرة لأن الصغائر تقع مكفرة أولا فأولا فلا
تجتمع. قال ابن عقيل: لولا الإجماع لقلنا به
وظاهر العدة للقاضي: ولو أتى كبيرة قال شيخنا:
صرح2 به في قياس الشبه واحتج في الكافي3
والعدة بقوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ
مَوَازِينُهُ} الآية [الأعراف: 8].
وعنه فيمن أكل الربا: إن أكثر لم يصل خلفه قال
القاضي وابن عقيل: فاعتبر الكثرة وفي المغني4:
إن أخذ صدقة محرمة وتكرر ردت. وعنه فيمن ورث
ما أخذه موروثه من الطريق: هذا أهون ليس هو
أخرجه وأعجب إلي أن يرده. وعنه أيضا: لا يكون
عدلا حتى يرد ما أخذ.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 6/195- 196.
2 في "ط": "خرج".
3 6/196.
4 14/151.
(11/335)
وهي ما فيه حد
أو وعيد نص عليه. وعند شيخنا: أو غضب أو لعنة
أو نفي الإيمان قال: ولا يجوز أن يقع نفي
الإيمان لأمر1 مستحب بل لكمال واجب. قال: وليس
لأحد أن يحكم كلام أحمد إلا على معنى يبين من
كلامه ما يدل على أنه مراده لا على ما يحتمله
اللفظ في كلامه كل أحد.
قال: ومن هذا الباب "من غشنا فليس منا" 2،
"ومن حمل علينا السلاح فليس منا " 3. وعن أنس
مرفوعا: "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من
نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقلت: يا
جبريل من هؤلاء؟ قال: الذين يأكلون لحوم الناس
ويقعون في أعراضهم" . حديث صحيح رواه أحمد
وأبو داود4.
وفي كتاب ابن حامد: إن نفي الإيمان مخرج إلى
الفسق قال: ومراده فليس منا أي ما أمرنا به أو
ليس من أخلاقنا أو ليس من سنتنا: وذكر أيضا ما
معناه: مراده أن ما ورد فيه لفظ الكفر أو
الشرك للتغليظ وأنه كبيرة وعنه الوقف فلا نقول
بكفر ناقل عن الملة ولا غيره قال: وفي معنى
ذلك أخبار بلفظ آخر كقول: "ليس منا من حلف
بالأمانة" 5. وسأله علي بن
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "لأمن".
2 رواه مسلم 101، 164، عن أبي هريرة.
3 رواه البخاري 6874، ومسلم 98، 161، عن ابن
عمر.
4 "المسند" 13340، وأبو داود 4878.
5 رواه أبو داود 3252، عن بريدة.
(11/336)
سعيد1 عن قوله:
"من غشنا فليس منا" . قال: للتأكيد والتشديد
ولا أكفر أحدا إلا بترك الصلاة.
قال شيخنا: من شهد على إقرار كذب مع علمه
بالحال أو تكرر نظره إلى الأجنبيات والقعود له
بلا حاجة شرعية قدح في عدالته قال: ولا يستريب
أحد فيمن صلى محدثا أو لغير القبلة أو بعد
الوقت أو بلا قراءة أنه كبيرة.
وفي الفصول والغنية والمستوعب: الغيبة
والنميمة من الصغائر. وفي معتمد القاضي: معنى
الكبيرة أن عقابها أعظم والصغيرة أقل ولا
يعلمان إلا بتوقيف. وقال ابن حامد: إن تكررت
الصغائر من نوع أو أنواع فظاهر المذهب: تجتمع
وتكون كبيرة. ومن أصحابنا من قال لا تجتمع وهو
يشبه مقالة المعتزلة إذ قولهم لا يجتمع ما ليس
بكبير فيكون كبيرا كما لم يجتمع ما ليس بكفر
فيكون كفرا.
وعنه: العدل من لم تظهر منه ريبة.
ومن قلد في خلق القرآن ونفي الرؤية ونحوهما
فسق اختاره الأكثر قاله في الواضح ويتخرج من2
شهادة الذمة قبول شهادته ما لم يتدين بها
لموافقه على مخالفه وعنه: يكفر كمجتهد وعنه
فيه: لا. اختاره الشيخ في رسالته إلى صاحب
التخليص؛.................
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 هو علي بن سعيد بن جرير النسوي، صاحب حديث،
روى عن أحمد مسائل، وذكره ابن حبان في
"الثقات" وقال: كان متقنا من جلساء أحمد بن
حنبل، تـ 257هـ "تسهيل السابلة" 1/283.
2 بعدها في "ط": "قبول".
(11/337)
لقول أحمد
للمعتصم يا أمير المؤمنين. ونقل يعقوب الدورقي
فيمن يقول القرآن مخلوق كنت لا أكفره حتى قرأت
قوله تعالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء:
166] وغيرها فمن زعم أنه لا يدري علم الله
مخلوق أم لا كفر.
وفي الفصول في الكفاءة في جهمية وواقفية
وحرورية وقدرية ورافضة: إن ناظر ودعا كفر وإلا
لم يفسق لأن الإمام أحمد قال: يسمع حديثه
ويصلى خلفه قال: وعندي أن عامة المبتدعة فسقة
كعامة أهل الكتابين كفار مع جهلهم قال:
والصحيح لا كفر لأن أحمد رحمه الله أجاز
الرواية عن الحرورية والخوارج. وفي الفنون أن
أحمد ترامت به الروايات في الأصول كالمعراج
يقظة أم مناما وهل الأعمال من الإيمان؟
والأخبار هل تتأول ومعلوم أن الأولى إن كانت
باطلة لم يسلم ولم يعدل بالثانية.
ولا يفسق الأصحاب وليس في الدين محاباة وإن
كفرتم السلف بالاختلاف تأسينا بهم وذكر ابن
حامد أن قدرية أهل الأثر كسعيد بن أبي عروبة
والأصم مبتدعة وفي شهادتهم وجهان وأن الأولى
لا تقبل لأن أقل ما فيه الفسق.
وقال ابن الجوزي في كتابه السر المصون: رأيت
جماعة من العلماء أقدموا على تكفير المتأولين
من أهل القبلة وإنما ينبغي أن يقطع بالكفر على
من خالف إجماع الأمة ولم يحتمل حاله تأويلا
وأقبح حالا من هؤلاء
__________
.................................
__________
(11/338)
المكفرين قوم
من المتكلمين كفروا عوام المسلمين وزعموا أن
من لا يعرف العقيدة بأدلتها المحررة فهو كافر
وهذا مخالف للشريعة فإنها حكمت بإسلام أجلاف
العرب والجهال. انتهى كلامه.
وجزم في الفنون في مكان بأن الإسراء يقظة كقول
أهل السنة لأنه لا يسبح نفسه إلا عند كبيرة
والعبد للروح والجسد ولا معنى لذكر المسافة في
المنام ولأن المنام لا يحتاج إلى سمع وبصر ولو
كان مناما لم ينكروه عليه.
وذكر جماعة في خبر غير1 الداعية روايات:
الثالثة إن كانت مفسقة قبل. وإن كانت مكفرة رد
وسبقت المسألة في البغاة2 واختار شيخنا:
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 10/170.
(11/339)
لا يفسق أحد
وقاله القاضي في شرح الخرقي في المقلد كالفروع
لأن التفرقة بينهما ليست من أئمة الإسلام ولا
تصح وإن نهى الإمام أحمد عن الأخذ عنهم لعلة
الهجر وهي تختلف ولهذا لم يرو الخلال عن قوم
لنهي المروذي ثم روى عنهم بعد موته قال: وجعل
القاضي الدعاء إلى البدعة قسما غير داخل في
مطلق العدالة والبدعة المفسقة وعنه: الداعية
كتفضيل علي على الثلاثة أو أحدهم أو لم ير مسح
الخف أو غسل الرجل وعنه: لا يفسق من فضل عليا
على عثمان رضي الله عنهم ويتوجه فيه وفيمن رأى
الماء من الماء ونحوه التسوية نقل ابن هانئ في
الصلاة خلف من يقدم عليا على أبي بكر وعمر: إن
كان جاهلا لا علم له أرجو أن لا يكون به بأس.
وقال صاحب المحرر: الصحيح أن كل بدعة لا توجب
الكفر لا يفسق المقلد فيها لخفتها مثل من يفضل
عليا على سائر الصحابة ويقف عن تكفير من
كفرناه من المبتدعة ثم ذكر رواية ابن هانئ
المذكورة وقول المروذي لأبي عبد الله: إن قوما
يكفرون من لا يكفر فأنكره وقوله في رواية أبي
طالب: من يجترئ أن يقول إنه كافر؟ يعني من لا
يكفر وهو يقول: القرآن ليس بمخلوق.
قال صاحب المحرر: والصحيح أن كل بدعة كفرنا
فيها الداعية فإنا نفسق المقلد فيها كمن يقول
بخلق القرآن أو أن ألفاظنا به مخلوقة أو أن
علم الله مخلوق أو أن أسماءه مخلوقة أو أنه لا
يرى في الآخرة أو يسب
__________
.................................
__________
(11/340)
الصحابة تدينا
أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد وما أشبه ذلك فمن
كان عالما في شيء من هذه البدع يدعو إليه
ويناظر عليه فهو محكوم بكفره نص أحمد صريحا
على ذلك في مواضع قال: واختلف عنه في تكفير
القدرية بنفي خلق المعاصي على روايتين وله في
الخوارج كلام يقتضي في تكفيرهم روايتين.
نقل حرب: لا تجوز شهادة صاحب بدعة ولا شهادة
قاذف حد أو لا جزم به الأصحاب لقول عمر لأبي
بكرة: إن تبت قبلت شهادتك. رواه أحمد وغيره1
واحتجوا به مع اتفاق للناس على الرواية عن أبي
بكرة مع أن عمر لم يقبل شهادته لعدم توبته من
ذلك ولم ينكر ذلك وهذا فيه نظر لأن الآية إن
تناولته لم تقبل روايته لفسقه وإلا قبلت
شهادته كروايته لوجود المقتضي وانتفاء المانع
ويتوجه تخرج رواية: بقاء عدالته من رواية أنه
لا يحد.
وفي العدة للقاضي: فأما أبو بكرة ومن جلد معه
فلا يرد خبرهم لأنهم جاءوا مجيء الشهادة وليس
بصريح في القذف وقد اختلفوا في وجوب الحد فيه
ويسوغ فيه الاجتهاد ولا ترد الشهادة بما يسوغ
فيه الاجتهاد ولأن نقصان العدد من جهة غيره
فلا يكون سببا في رد شهادته وتوبته تكذيبه
نفسه نص عليه لكذبه حكما.
وقال القاضي والترغيب: إن كان شهادة قال:
القذف حرام باطل،
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 لم نجد عند أحمد وقد أورده البخاري تعليقا
قبل حديث 2648.
(11/341)
"1ندمت عليه1"
ولن أعود إلى ما قلت وجزم في الكافي2 أن
الصادق يقول قذفي لفلان باطل ندمت عليه وتقبل
شهادة فاسق بتوبته لحصول المغفرة بها وهي
الندم والإقلاع والعزم أن لا يعود وقيل: مع
قول إني تائب ونحوه وعنه: مجانبة قرينة فيه
وعنه: مع صلاح العمل سنة وقيل فيمن فسقه بفعل
وذكره في التبصرة رواية وعنه في مبتدع جزم به
القاضي والحلواني لتأجيل عمر صبيغا سنة3، وقيل
في فاسق وقاذف مدة يعلم حالهما.
وفي كتاب ابن حامد: يجيء على مقالة بعض
أصحابنا: من شرط صحتها وجود أعمال صالحة لظاهر
الآية {إِلَّا مَنْ تَابَ} [مريم: 60]، وقوله
عليه السلام: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ
بما كان في الجاهلية ومن أساء أخذ بالأول
والآخر" 4.
قال: وإن علق توبته بشرط فإنه غير تائب حالا
ولا عند وجوده ويعتبر رد المظلمة وأن يستحله
أو يستمهله معسر ومبادرته إلى حق الله تعالى
حسب إمكانه ذكره في الترغيب وغيره وذكر الشيخ
وغيره: يعتبر رد المظلمة أو بدلها أو نية الرد
متى قدر وعنه: لا تقبل توبة مبتدع اختاره
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر" و"ط".
2 6/212.
3 أخرجه الدارمي في "سننه" في المقدمة 1/51.
4 أخرجه البخاري 6921، ومسلم 190، 120، عن ابن
مسعود.
(11/342)
أبو إسحاق.
ومن أتى فرعا مختلفا فيه يعتقد تحريمه ردت
شهادته نص عليه وقيل: لا كمتأول وفيه في
الإرشاد1: إلا أن يجيز ربا الفضل أو يرى الماء
من الماء لتحريمها الآن وذكرهما شيخنا مما
خالف النص من جنس ما ينقض فيه حكم الحاكم
وقال: اختلف الناس في دخول الفقهاء في أهل
الأهواء. فأدخلهم القاضي وغيره وأخرجهم ابن
عقيل وغيره.
وفي التبصرة فيمن تزوج بلا ولي أو أكل متروك
التسمية أو تزوج بنته من الزنا أو أم من زنى
بها احتمال: ترد وعنه: يفسق متأول لم يسكر من
نبيذ اختاره في الإرشاد2 والمبهج كحده لأنه3
يدعو إلى المجمع عليه والسنة المستفيضة وعلله
ابن الزاغوني بأنه إلى الحاكم لا إلى فاعله
كبقية الأحكام وفيه في الواضح روايتان كذمي
شرب خمرا وهو ظاهر الموجز واختلف كلام شيخنا.
نقل مهنا: من أراد شربه يتبع فيه من شربه
فليشربه وحده. وعنه: أجيز شهادته ولا أصلي
خلفه "4وأحدّه4" ونقل حنبل: المستحل لشرب
الخمر بعينها مقيما على ذلك باستحلال غير
متأول له ولا نازعا عنه يستتاب فإن تاب وإلا
فالقتل مثل الخمرة بعينها وما أشبهها.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 لم نجده في مظانّه.
2 ص 476.
3 في "ر": "لا".
4 ليست في "ر".
(11/343)
وإن أتى شيئا
من ذلك على جهالة بلا استحلال ولا رد لكتاب
الله حد فلو اعتقد تحريمه فيتوجه في حده
روايتان من وطئ في نكاح أو ملك مختلف فيه
واحتج الشيخ بهذا على حد معتقد حله وأن بهذا
فارق النكاح بلا ولي وهي دعوى مجردة ونقل
حنبل: المسكر خمر وليس يقوم مقام الخمرة
بعينها فإن شربها مستحلا قتل. وإن لم يجاهر
ولم يعلن ولم يستحلها حد ويضعف عليه ويتوجه
أنه لا وجه للأشهر من وجوب الحد وبقاء العدالة
لأنه أضيق ورد الشهادة أوسع ولأنه يلزم من
الحد التحريم فيفسق به أو إن تكرر وعلى هذا
إذا لم ترد شهادته في هذه الصورة فعدم الحد
أولى.
وعنه: من أخر الحج قادرا كمن لم يؤد الزكاة
نقله صالح والمروذي وقياس الأولة من لعب
بشطرنج ويسمع غناء بلا آلة قاله في الوسيلة لا
باعتقاد إباحته.
ومن أخذ بالرخص فنصه: يفسق وذكره ابن عبد البر
إجماعا.
ـــــــ
تنبيه: قوله: وإن أتى شيئا من ذلك على جهالة
بلا استحلال ولا رد لكتاب الله حد فلو اعتقد
تحريمه فيتوجه في حد روايتا من وطئ في نكاح أو
ملك مختلف فيه انتهى.
قد قدم المصنف في باب حد الزنا أنه لا حد على
من وطئ في نكاح أو ملك مختلف فيه يعتقد تحريمه
فكذا هذه المسألة على هذا التوجيه.
(11/344)
وقال شيخنا:
كرهه العلماء وذكر القاضي غير متأول أو مقلد
ويتوجه أيضا تخريج ممن ترك شرطا أو ركنا
مختلفا فيه لا يعيد في رواية ويتوجه تقييده
بما لم ينقض فيه حكم حاكم وقيل: لا يفسق إلا
العالم مع ضعف الدليل فراويتان م3.
وأما لزوم التمذهب بمذهب وامتناع الانتقال إلى
غيره في مسألة ففيها وجهان وفاقا لمالك
والشافعي وعدمه أشهر م4.
ـــــــ
مسألة 3: قوله: في مسألة من أخذ بالرخص فنصه:
يفسق وذكر القاضي: غير متأول أو مقلد ويتوجه
أيضا تخريج ممن ترك شرطا أو ركنا مختلفا فيه
لا يعيد في رواية ويتوجه تقييده بما لم ينقص
فيه حكم حاكم وقيل: لا يفسق إلا العالم مع ضعف
الدليل فروايتان انتهى.
المنصوص وهو كونه يفسق هو الصحيح من المذهب
وعليه الأصحاب وحكاه ابن عبد البر إجماعا كما
قال المصنف.
والطريقة الثانية: لا يفسق إلا العالم مع ضعف
الدليل فإن فيه روايتين ولقوة هذه الطريقة عند
المصنف أتى بهذه الصيغة فعلى هذه الطريقة لا
يفسق الجاهل ولا العالم مع قوة الدليل ومع ضعف
الدليل في فسقه روايتان قال المصنف في أصوله:
وذكر بعض أصحابنا في فسق من أخذ بالرخص
روايتين وإن قوي دليل أو كان عاميا فلا قال
المصنف: كذا قال: فرد هذه الطريقة في أصوله.
مسألة 4: قوله: وأما لزوم التمذهب بمذهب
وامتناع الانتقال إلى غيره في مسألة ففيها
وجهان..... وعدمه أشهر. انتهى.
قال الشيخ تقي الدين: جمهور أصحاب الإمام أحمد
لا يوجبون ذلك نقله في
(11/345)
وفي لزوم طاعة
غير النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمره
ونهيه وهذا خلاف الإجماع قاله شيخنا وقال:
جوازه فيه ما فيه قال: ومن أوجب تقليد إمام
بعينه استتيب فإن تاب وإلا قتل وإن قال ينبغي
كان جاهلا ضالا قال: ومن كان متبعا لإمام
فخالفه في بعض المسائل لقوة الدليل أو لكون
أحدهما أعلم وأتقى فقد أحسن ولم يقدح في
عدالته بلا نزاع. وقال أيضا: في هذه الحال
يجوز عند أئمة الإسلام. وقال أيضا: بل يجب وأن
أحمد نص عليه.
الثاني: المروءة بفعل ما يجمله ويزينه وترك ما
يدنسه ويشينه عادة،
ـــــــ
الآداب الكبرى وقال ابن حمدان في رعايته
الكبرى يلزم كل مقلد أن يلتزم بمذهب معين: في
الأشهر فلا يقلد غير أهله وقيل: بلى وقيل:
ضرورة فإن التزم بما يفتى به أو عمل أو ظنه
حقا أو لم يجد مفتيا آخر لزمه قبوله وإلا فلا
انتهى وقال المصنف في أصوله: وقال بعض
الأصحاب: هل يلزم المقلد التمذهب بمذهب
وامتناع الانتقال إلى غيره؟ فيه وجهان وقال:
عدم اللزوم قول جمهور العلماء فيخير انتهى.
وقال في إعلام الموقعين الصواب المقطوع به عدم
اللزوم انتهى. واختار الآمدي منع الانتقال
فيما عمل به وعند بعض الأصحاب: يجتهد في أصح
المذاهب فيتبعه وتقدم كلام الشيخ تقي الدين في
كلام المصنف وهو موافق لما قاله ابن القيم وهو
الصواب.
(11/346)
فلا شهادة
لمصافع1 ومتمسخر ومتزي بزي يسخر منه ومغن
ورقاص ومشعبذ ولاعب بشطرنج وذكر فيه القاضي
وصاحب الترغيب ولو مقلدا أو نرد وحمام أو
يسترعيه من المزارع نقله بكر.
وكل لعب فيه دناءة وأرجوحة وأحجار ثقيلة وأكل
في سوق بحضرة الناس. وفي الغنية: أو على
الطريق وداخل حمام بلا مئزر وماد رجليه بمجمع
الناس وكشفه من بدنه ما العادة تغطيته ونومه
بين جلوس وخروجه عن مستوى الجلوس بلا عذر
ومتحدث بمباضعة أهله ومخاطبتها بخطاب فاحش بين
الناس وحاكي المضحكات ونحوه. وقال في الفنون;
والقهقهة وأن من المروءة والنزاهة عدم2 الجلوس
في الطريق الواسع فإن جلس فعليه أداء حقه: غض
البصر3 وإرشاد الضال ورد السلام وجمع اللقطة
للتعريف وأمر بمعروف ونهي عن منكر.
قال في الغنية: يكره تشدقه بضحك وقهقهة ورفع
صوته بلا حاجة وقال: ومضغ العلك لأنه دناءة
وإزالة درنه بحضرة ناس وكلامه بموضع قذر كحمام
وخلاء ولا يسلم ولا يرده. قال في الترغيب:
والمصارع وبوله في شارع ونقل ابن الحكم: ومن
بنى حماما للنساء "4بما يحرم4".
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 هو الذي يصفع الناس ويمكنهم من صفعه، انظر:
"لسان العرب": "صفع".
2 ليست في الأصل.
3 في "ر"، و"ط": "الطرف".
4 ليست في الأصل.
(11/347)
وفي الرعاية:
ودوام اللعب وإن لم يتكرر أو اختفى بما يحرم
منه قبلت ويحرم شطرنج في المنصوص كمع عوض أو
ترك واجب أو فعل محرم إجماعا1 وكنرد وفاقا
للائمة الثلاثة وعند شيخنا هو شر من نرد وفاقا
لمالك ولا يسلم على لاعب به نص عليه وفاقا
لأبي حنيفة وكره أحمد اللعب بحمام ويحرم ليصيد
به حمام غيره ويجوز للأنس بصوتها واستفراخها
وكذا لحمل الكتب. وفي الترغيب: يكره وفي رد
الشهادة باستدامته وجهان.
ـــــــ
تنبيه: قوله: وفي رد الشهادة باستدامته وجهان.
انتهى.
الظاهر أن هذا من تتمة كلام صاحب الترغيب يعني
إذا ملك الحمام للأنس بها واستفراخها وكذا
لحمل الكتب فإنه يجوز. وقال في الترغيب: يكره
وفي رد الشهادة باستدامته وجهان والصواب أن
شهادته لا ترد باتخاذها لذلك وهو ظاهر ما قدمه
المصنف وغيره وهو ظاهر ما قطع به في المغني2
والشرح3 وغيرهما وقوله في قراءة الألحان: وقال
جماعة إن غيرت النظم حرمت في الأصح وإلا
فوجهان في الكراهة إطلاق هذين الوجهين من تتمة
كلام هؤلاء الجماعة وقد قدم المصنف أن أحمد
كره قراءة الألحان وقال بدعة لا تسمع والصحيح
من هذين الوجهين الكراهة إن لم يكن ذلك طبعا:
قال الشيخ في المغني4 والشارح إن لم
ـــــــ
1 قوله: "إجماعا" عائد إلى ما دخل تحت الكاف
وما عطف عليه؛ لأن الشرنج على حياله مختلف
فيه.
2 14/494.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/359.
4 14/167.
(11/348)
وكره أحمد
قراءة الألحان وقال: بدعة لا تسمع كل شيء محدث
لا يعجبني إلا أن يكون طبع الرجل كأبي موسى1
ونقل غير واحد: أو يحسنه بلا تكلف وقال جماعة:
إن غيرت النظم حرمت في الأصح وإلا فوجهان في
الكراهة. وفي الوسيلة: يحرم ونص عليه وعنه:
يكره وقيل: لا ولم يفرق.
ويكره غناء وقال جماعة: يحرم قال في الترغيب:
اختاره الأكثر قال أحمد: لا يعجبني وقاله في
الوصي يبيع أمة للصبي على أنها غير مغنية وعلى
أنها لا تقرأ بالألحان وذكر القاضي عياض
الإجماع على كفر من استحله وقيل: يباح وكذا
استماعه.
وفي المستوعب والترغيب وغيرهما: يحرم مع آلة
لهو بلا خلاف بيننا وكذا قالوا هم وابن عقيل:
إن كان المغني امرأة أجنبية ونقل المروذي
ويعقوب: أن أحمد سئل عن الدف في العرس بلا
غناء فلم يكرهه. ويكره بناء الحمام "2ونقل ابن
الحكم: لا تجوز شهادة من بناه للنساء2".
ـــــــ
يفرط في التمطيط والمد وإشباع الحركات فالصحيح
أنه لا يكره. وقال القاضي: يكره على كل حال
ورداه وإن أسرف في المد والتمطيط وإشباع
الحركات كره ومن أصحابنا من كان يحرمه. انتهى.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري 5048، ومسلم 793، 235، أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي موسى: "يا
أبا موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل
داود".
2 ليست في الأصل.
(11/349)
والشعر كالكلام
سأله ابن منصور عما يكره منه قال: الهجاء
والرقيق الذي يشبب بالنساء وأما الكلام
الجاهلي فما أنفعه. وسأله عن الخبر: "لأن
يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير من أن يمتلئ شعرا"
1. فتلكأ فذكر له قول النضر: لم تمتلئ أجوافنا
لأن فيها القرآن وغيره وهكذا كان في الجاهلية
فأما اليوم فلا فقال: ما أحسن ما قال واختار
جماعة قول أبي عبيد أن يغلب عليه وهو أظهر.
وإن فرط شاعر بالمدحة بإعطائه وعكسه بعكسه أو
شبب بمدح خمر أو بمرد وفيه احتمال أو بامرأة
معينة2 محرمة فسق لا إن شبب بامرأته أو أمته
ذكره القاضي واختار في الفصول والترغيب: ترد
كديوث ولا تحرم روايته قاله في المغني3 ونقل
صالح: لا يعجبني أن يروي الهجاء.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 رواه البخاري 6155، ومسلم 2257، 7، عن أبي
هريرة.
2 في الأصل: "مغنية".
3 1/270.
(11/350)
وفي الترغيب في
الوليمة: تحريم الغزل بصفة المرد والنساء
المهيجة للطباع إلى الفساد.
ويكره حبس الطير لنغمته ففي ردها وجهان م 5
وقيل: يحرم كمخاطرته بنفسه في رفع الأعمدة
والأحجار الثقيلة والثقافة1. قال شيخنا: وتحرم
محاكاة الناس للضحك ويعزر هو ومن يأمره به
لأنه أذى قال: ومن دخل قاعات العلاج فتح على
نفسه باب الشر وصار من أهل التهم عند الناس
لأنه اشتهر عمن اعتاد دخولها وقوعه في مقدمات
الجماع
ـــــــ
مسألة 5: قوله: ويكره حبس طير لنغمته ففي ردها
وجهان. انتهى.
وهما احتمالان في الفصول وأطلقهما في الآداب
الواسطي وقال في الكبرى: فأما حبس المترنمات
من الأطيار كالقماري والبلابل لترنمها في
الأقفاص فقد كرهه أصحابنا لأنه ليس من الحاجات
إليه لكنه من البطر والأشر ورقيق العيش وحبسها
تعذيب فيحتمل أن ترد الشهادة باستدامته ويحتمل
أن لا ترد ذكره في الفصول. انتهى.
أحدهما: لا ترد وهو ظاهر كلام الشيخ في
المغني2 والشارح وغيرهما وعمل الناس عليه في
هذه الأزمنة.
والوجه الثاني: لا ترد قال ابن عقيل في موضع
من الفصول أيضا: وقد منع من هذا أصحابنا وسموه
فسقا انتهى وقال في باب الصيد: نحن نكره حبسه
للتربية لما فيه من السفه لأنه يطرب بصوت
حيوان صوته حنين إلى الطيران وتأسف على التخلي
في الفضاء. انتهى.
ـــــــ
1 أي: السلاح، والثقافة- بكسر الثاء-
والثّقاف: العمل بالسيف، ومنه قول الشاعر:
وكأن لمع بروقها في الجوّ أسياف المثاقب.
"لسان العرب"، "ثقف".
2 14/157.
(11/351)
أو فيه والعشرة
المحرمة والنفقة في غير الطاعة وعلى كافل
الأمرد منعه منها ومن عشرة أهلها ولو بمجرد
خوف وقوع الصغائر فقد بلغ عمر أن رجلا تجتمع
إليه الأحداث فنهى عن الاجتماع به لمجرد
الريبة1. ومن صناعة دنية عرفا كحجام وحداد
وزبال وقمام وكناس وكباش وقراد ودباب ونخال
ونفاط وصباغ. وفي الرعاية: وصائغ ومكار وحمال
وجزار ومصارع ومن لبس غير زي بلد يسكنه أو زيه
المعتاد بلا عذر والقيم قال غيره: وجزاز2 تقبل
شهادته على الأصح مع حسن طريقته.
وفي المحرر: لا مستور الحال منهم وكذا حاتك
وحارس ودباغ "3واختار الشيخ تقبل3" واختاره في
الترغيب قال: أو تقول ترد ببلد يستزرى فيه
بهم. وفي الفنون: وكذا خياط وهو غريب والصيرفي
ونحوه إن لم يتق الربا ردت ذكره الشيخ قال
الإمام أحمد رحمه الله: أكره الصرف قال
القاضي: يكره.
ويكره كسب من صنعة دنيئة والمراد مع إمكان
أصلح منها وقاله
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 لم نقف عليه.
2 في "ط": "جزار".
3 ليست في الأصل.
(11/352)
ابن عقيل. ومن
يباشر النجاسة وجزار ذكره فيه القاضي وابن
الجوزي للخبر ولأنه يوجب قساوة قلبه وفاصد
ومزين وجرائحي ونحوهم قال بعضهم: وبيطار وظاهر
المغني1 لا يكره كسب فاصد. وفي النهاية:
الظاهر يكره قال: وكذا الختان بل أولى وظاهر
كلام الأكثر لا تكره في الرقيق وكرهه القاضي
لنهيه عليه السلام2 وقول إبراهيم: كانوا
يكرهونه. وقال بعضهم: أنقصها الصرف وقال ابن
عقيل في الصائغ والصباغ: إن تحرى الصدق والثقة
فلا مطعن عليه قال بعضهم: وأفضل المعايش3
التجارة. وقال الأزجي: الأشبه الزراعة ويتوجه
قول: الصنعة باليد.
قال المروزي: سمعته وذكر المطاعم يفضل عمل
اليد. وفي
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 14/153.
2 أخرج الطحاوي في "مشكل اآثار" 622، والبيهقي
8/8 عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن كسب الأمة إلا أن يكون لها عمل
واصب أو كسب يعرف وجهه.
3 في "ط": "المكاسب".
(11/353)
الرعاية: أفضل
الصنائع الخياطة ونقل ابن هانئ أنه سئل عنها
وعن عمل الخوص أيهما أفضل؟ قال: كل ما نصح فيه
فهو حسن ويستحب الغرس والحرث ذكره أبو حفص
والقاضي.
وقال: اتخاذ الغنم قال المروذي: حثني أبو عبد
الله على لزوم الصنعة للخبر1 قال: ويعارضه:
"لا تتخذوا الصيعة2 فترغبوا في الدنيا" .
الخبر3 وكان زكرياء نجارا متفق عليه4.
وذكر أبو محمد الجوزي في العدالة اجتناب
الريبة وانتفاء التهمة وزاد في الرعاية: فعل
ما يستحب وترك ما يكره.
ولا شهادة لكافر إلا عند العدم بوصية ميت في
سفر مسلم أو كافر نقله الجماعة وذكر في
المغني5 والروضة وشيخنا أنه نص القرآن6. وفي
المذهب رواية: لا تقبل وفي اعتبار كونه
كتابيا7 روايتان م6،....................
ـــــــ
مسألة 6: قوله: وفي اعتبار كونه كتابيا
روايتان انتهى.
يعني إذا قبلنا شهادة الكافر الذمي في السفر
وأطلقهما في المحرر:
ـــــــ
1 لعله يريد الحديث الذي رواه المقدام بن معد
يكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما
أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل
يده......" . رواه البخاري 2072.
2 في الأصل و"ر": "الضعة".
3 رواه الترمذي 2328 عن عبد الله بن مسعود.
4 مسلم 2379، 169، عن أبي هريرة، ولم نقف عليه
عند البخاري.
5 13/170.
6 يعني قوله تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ
اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ
مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ......} الآية [المائدة:
106].
7 في الأصل: "كاتبا".
(11/354)
بل رجلا وقيل:
وذميا ويحلفه الحاكم قيل: وجوبا وقيل: ندبا م
7 وفي الواضح: مع ريب بعد العصر ما خان ولا
حرف وإنها لوصية الرجل وعنه: وتقبل للحميل1
وعنه: وموضع ضرورة وعنه: سفرا.
ـــــــ
إحداهما: يعتبر ذلك وهو ظاهر كلامه في الهداية
والمذهب والمستوعب والكافي2 والمقنع3
والشرح"3" والوجيز وغيرهم لانتصارهم على أهل
الكتاب وصححه في النظم وتصحيح المحرر قال
الزركشي: هذا المشهور من الروايتين.
والرواية الثانية: لا يعتبر بل يصح من كافر
مطلقا قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
مسألة 7: قوله: ويحلفه الحاكم وقيل: وجوبا
وقيل: ندبا. انتهى.
أحدهما: يحلفه وجوبا وهو ظاهر كلام كثير من
الأصحاب قال الزركشي: وهو الأشهر وقدمه في
الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: يستحب ذلك.
ـــــــ
1 في الأصل: "للتحميل". والحميل: ذكر ابن مفلح
في "نكته على المحرر" 2/275: أنه المحمول في
النسب على غيره. وقال في "لسان العرب"، "حمل":
الحميل: الدّعي: وسمي حميلا، لأنه محمول
النسب، وذلك بخلاف ما ذكر ابن قندس في
"حاشيته".
2 6/194.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/327.
(11/355)
ذكرهما شيخنا
قال: كما تقبل شهادة النساء في الحدود إذا
اجتمعن في العرس أو الحمام وعنه: وبعضهم على
بعض نصره شيخنا وابن رزين.
وفي عيون المسائل: واحتج بأنه أهل للولاية على
أولاده فشهادته عليهم أولى ونصره أيضا في
الانتصار وفيه: لا من حربي. وفيه أيضا: بل على
مثله وقال: هو وغيره لا مرتد لأنه ليس أهلا
لولاية ولا يقر ولا فاسق لأنه لا يجتنب محظور
دينه وتلحقه التهمة وفي اعتبار اتحاد الملة
وجهان م 8.
ولا شهادة لأخرس نص عليه وقيل بلى بإشارة
مفهومة فيما يراه أومأ إليه1 فإن أداها بخطه
فتوقف أحمد ومنعها أبو بكر وخالفه في المحرر م
9. ولا لصبي وعنه: بلى من مميز ونقل ابن هانئ:
ابن
ـــــــ
مسألة 8: قوله: وفي اعتبار اتحاد الملة وجهان.
انتهى.
وأطلقهما في المحرر والزركشي.
أحدهما: يعتبر صححه في تصحيح المحرر والنظم.
والوجه الثاني: لا يعتبر قدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير "2وهو الصواب وظاهر كلام
الأكثر2".
مسألة 9: قوله فإن أداها بخطه فتوقف أحمد
ومنعها أبو بكر وخالفه في المحرر انتهى.
قول صاحب المحرر هو الصحيح وقول أبي بكر
احتمال للقاضي أيضا قال في
ـــــــ
1 أي: الإمام أحمد.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/356)
عشر وعنه في
الجراح ذكرها أبو الخطاب وغيره وعنه: والقتل.
وقال القاضي وجماعة: إن أدوها أو أشهدوا1 على
شهادتهم قبل تفرقهم ثم لا يؤثر رجوعهم وقيل:
يقبل على مثله وسأله عبد الله فقال: علي رضي
الله عنه أجاز شهادة بعضهم على بعض.
ولا يشترط الحرية نص عليه اختاره ابن حامد
وأبو الخطاب وابن عقيل وغيرهم ونقل أبو طالب:
بلى ذكره الخلال في أن الحر لا يقتل بعبد ونقل
أيضا: يقتل. وفي مختصر ابن رزين في شهادة نكاح
في عبد خلاف. وقال الخرقي وأبو الفرج والروضة:
تعتبر في حد وهي رواية في الترغيب وظاهر رواية
الميموني وعنه: وقود وهي أشهر وقيل لابن عقيل:
لا مروءة لعبد مبتذل2 في كل صناعة زرية وفعال
تمنع شهادة الحر فقال: لو خالف سيده فيه3، فسق
وما يفسق بتركه لا يقدح فيه فعله وصار منه
كالتجرد للإحرام لا يسقط المروءة على أن السلف
رضي الله عنهم كانوا أرباب مهن وأعمال
مسترذلة.
ـــــــ
النكت: وكان وجه الخلاف بينهما أن الكتابة هل
هي صريح أم لا؟ انتهى. والصحيح من المذهب أنها
صريح.
1 في "ط": "شهدوا".
2 في "ط": "مبتذل".
3 ليست في "ط".
(11/357)
ومتى تعينت حرم
منعه ونقل المروذي: من أجاز شهادته لم يجز
لسيده منعه من قيامها فلو عتق بمجلس الحكم
فشهد حرم رده قال في المفردات: فلو رده مع
ثبوت عدالته فسق قال في الجامع في عورة المعتق
بعضها على أنها كالحرة: ولا تلزم الشهادة أنه
يغلب فيها الرق لأنه يعتبر فيها العدالة.
والأعمى كبصير فيما سمعه وكذا ما رآه قبل عماه
وعرف فاعله باسمه ونسبه وما يتميز به وإن عرفه
يقينا بعينه أو صوته فوصفه للحاكم وشهد فوجهان
ونصه: يقبل م 10. وقال شيخنا: وكذا إن تعذر
رؤية العين المشهود لها أو عليها أو بها لموت
أو غيبة.
ـــــــ
مسألة 10: قوله عن الأعمى: وإن عرفه يقينا
بعينه أو صوته1 فقط فوصفه للحاكم وشهد وجهان
ونصه: يقبل. انتهى.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي
وغيرهم وظاهر المقنع2 إطلاق الخلاف أيضا:
أحدهما: يقبل وهو الصحيح نص عليه واختاره
القاضي وغيره قال في تجريد العناية: وهو
الأظهر وجزم به في الوجيز وشرح ابن رزين
وغيرهما وصححه في تصحيح المحرر وغيره وقدمه في
الشرح3 وغيره. والوجه الثاني: لا يقبل وهو
احتمال في المقنع وغيره. قال الزركشي: ولعل
لها التفاتا إلى القولين في السلم في الحيوان.
انتهى. والصحيح من المذهب صحة
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "صورته" والمثبت من "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/404.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/401.
(11/358)
والأصم كسميع
فيما رآه أو سمعه قبل صممه.
ولا تقبل شهادة من يدفع بها عن نفسه ضررا نص
عليه بخلاف فتياه كزوج في زنا بخلاف قتل وغيره
وكشهادة من لا تقبل شهادته لإنسان بجرح الشاهد
عليه.
وفي المنتخب: البعيد ليس من عاقلته حالا بل
فقير معسر وإن احتاج صفة اليسار وسوى غيره
بينهما وفيهما احتمالان م 11 ولا من يجر إليه
بها نفعا قاله أحمد والأصحاب كسيد لمكاتبه
وعبده وعكسه فلو أعتق عبدين فادعى رجل أن
المعتق غصبهما منه فشهد العتيقان بصدق المدعي
وأن المعتق1 غصبهما لم يقبل لعودهما إلى الرق
ذكره القاضي وغيره.
وكذا لو شهدا بعد عتقهما أن معتقهما كان غير
بالغ أو بجرح
ـــــــ
السلم فيه فيكون الصحيح هنا صحة الشهادة به
على هذا.
مسألة 11: قوله وفي المنتخب: البعيد ليس من
عاقلته حالا بل فقير معسر وإن احتاج صفة
اليسار وسوى غيره بينهما وفيهما احتمالان
انتهى.
يعني: في قبول شهادتهما وأطلقهما في المغني2
والشرح3 وشرح ابن رزين والرعاية الكبرى وغيرهم
قال الزركشي: وقيل: إن كان الشاهد من العاقلة
فقيرا أو بعيدا قبلت شهادته لانتفاء التهمة في
الحال الراهنة انتهى. قلت: الصواب عدم قبول
شهادتهما4 والحالة هذه وهو ظاهر كثير من
الأصحاب.
ـــــــ
1 في الأصل: "المدعي".
2 14/177.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/431.
4 في "ط": "شهادتها".
(11/359)
الشاهدين
بحريتهما ولو عتقا بتدبير أو وصية فشهدا بدين
مستوعب للتركة أو وصية مؤثرة في الرق لم يقبل
لإقرارهما بعد الحرية برقهما لغير السيد ولا
يجوز ولا شهادة أحد الشفيعين بعفو الآخر وغرما
لمفلس محجور عليه بمال ووكيل وشريك فيما هو
وكيل أو شريك فيه ووصي لميت وحاكم لمن في حجره
قاله في الإشارة والروضة.
وتقبل عليهما. وفيه رواية وظاهر كلامهم: ومن
له الكلام في شيء أو يستحق منه وإن قل نحو
مدرسة ورباط قال شيخنا في قوم في ديوان آجروا
شيئا لا تقبل شهادة أحد منهم على مستأجر لأنهم
وكلاء أو ولاة قال: ولا شهادة ديوان الأموال
السلطانية على الخصوم وترد من وصي ووكيل بعد
العزل لموليه وموكله وقيل وكان خاصم فيه.
وأطلق في المغني1 وغيره: تقبل بعد عزله ونقل
ابن منصور: إن خاصم في خصومة مرة ثم نزع ثم
شهد لم تقبل2 وأجير لمستأجر نص عليه.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 7/258.
2 بعدها في الأصل: "شهادته".
(11/360)
وفي المستوعب
وغيره: فيما استأجره وفي الترغيب قيده جماعة
به. وقال الميموني: رأيته يغلب على قلبه جوازه
ومن وارث بجرح موروثه قبل برئه لوجوب الدية له
ابتداء.
وتقبل إن شهد له في مرضه بدين وقيل: لا وفي
التبصرة في قسم انتفاء التهمة: وأن لا يدخل
مداخل السوء وقد قال أحمد: أكرهه. ولا يقبل
على عدوه كمن قطع عليه طريقا أو قذفه فلا تقبل
إن شهدت أن هؤلاء قطعوا الطريق علينا أو على
القافلة بل على هؤلاء وليس للحاكم
ـــــــ
1تنبيه: ولا يقبل من وارث بجرح2 موروثه قبل
برئه لوجوب الدية له ابتداء انتهى.
يعني: لوجوبها للشاهد ابتداء تبع المصنف في
هذا التعليل الشيخ في المغني3 والشارح لكن
الصحيح من المذهب أن الدية تجب للمقتول ابتداء
نص عليه وعليه الأكثر وهو المذهب فكلام المصنف
يوهم أن هذا المذهب وليس كذلك بل المصنف قدم
أن الدية حدثت على ملك المقتول في باب الموصى
به4 فالحكم صحيح في أنها لا تقبل من وارث بجرح
موروثه قبل برئه والتعليل على المذهب غير
مستقيم وكذلك أكثر من ذكر المسألة لم يتعرض
للتعليل وقد تقدم في استيفاء القود أن المصنف
أطلق الروايات5 هل يستحق الوارث القود ابتداء
أو ينتقل عن الميت إليه وصححنا أنه ينتقل عن
الميت. والله أعلم.
ـــــــ
1 هذا التنبيه من أوله إلى لآخره سقط من "ح".
2 في "ح" و"ط": "يجرح".
3 14/176.
4 4/472.
5 في "ص": "الروايتين".
(11/361)
أن يسأل هل
قطعوها عليكم معهم لأنه لا يبحث عما شهد به
الشهود وإن شهدت بأنهم عرضوا لنا وقطعوا
الطريق على غيرنا ففي الفصول: تقبل قال:
وعندي: لا م 12. وعنه: ولا له ويعتبر كونها
لغير الله موروثة أو مكتسبة. وفي الترغيب:
ظاهرة1 بحيث يعلم أن كلا منهما يسر بمساءة
الآخر ويغتم بفرحه ويطلب له الشر.
قال في الفنون: اعتبرت الأخلاق فإذا أشدها
وبالا الحسد.
قال ابن الجوزي: الإنسان مجبول على حب الترفع
على جنسه وإنما يتوجه الذم إلى من عمل بمقتضى
التسخط على القدر أو ينتصب لذم المحسود قال:
وينبغي أن يكره ذلك من نفسه وذكر شيخنا أن
عليه أن يستعمل معه التقوى والصبر فيكره ذلك
من نفسه ويستعمل معه الصبر والتقوى وذكر قول
الحسن: لا يضرك ما لم تعد به يدا ولسانا قال:
__________
مسألة 12: قوله: وإن "2شهدت بأنهم2" عرضوا لنا
وقطعوا الطريق على غيرنا ففي الفصول: تقبل
قال: وعندي: لا. انتهى. قلت: الصواب: القبول
وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب واختار ابن
عقيل في الفصول عدم القبول وقال: لأن مثل هذا
مما يوجب العداوة وقدم القبول وقال: لأن
العداوة إنما ظهرت بالتعرض لهم انتهى.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية، و"ط": "ظاهره". والتصويب
من "الإنصاف" 29/433.
2 ليست في "ط".
(11/362)
وكثير ممن عنده
دين لا يعين من ظلمه ولا يقوم بما يجب من حقه
بل إذا ذمه أحد لم يوافقه ولا يذكر محامده
وكذا لو مدحه أحد لسكت وهذا مذنب في ترك
المأمور لا معتد.
وأما من اعتدى بقول أو فعل فذاك يعاقب ومن
اتقى وصبر نفعه الله بتقواه كما جرى لزينب بنت
جحش رضي الله عنها1. وفي الحديث: "ثلاثة لا
ينجو منهن أحد: الحسد والظن والطيرة وسأحدثكم
بالمخرج من ذلك إذا حسدت فلا تبغ وإذا ظننت
فلا تحقق وإذا تطيرت فامض" 2.
ولا لعمودي نسبه نقله الجماعة. قال القاضي
وأصحابه والشيخ والترغيب: إلا من زنا ورضاع.
وفي المبهج والواضح رواية تقبل ونقله حنبل.
وعنه: ما لم يجر نفعا غالبا كشهادته له بمال
وكل منهما غني. وعنه: لوالده لا لولده. وإن
شهدا على أبيهما بقذف ضرة أمهما وهي تحته أو
طلاقها فاحتمالان في المنتخب. وفي المغني3 في
الثانية وجهان في القذف بناء على أن جر النفع
للأم
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 وذلك بأن الله عصمها بورعها من النيل من
عائشة في قصة الإفك. ينظر: "أسد الغاية" 7/69-
71.
2 أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 3227، من
حديث حارثة بن النعمان.
3 بل هي في كتاب اللعان 11/143، ولعله سهو من
ابن مفلح حيث ذكرها في القذف.
(11/363)
مانع م 13.
ولا أحد الزوجين للآخر نقله الجماعة واختاره
الأكثر. وعنه: بلى كأخ لأخيه نص عليه وصديق
لصديقه ومولى لعتيقه وولد زنا ورد ابن عقيل
بصداقة وكيدة والعاشق لمعشوقه لأن العشق يطيش
وشهادته على فعل نفسه كمرضعة وكذا قاسم على
قسمته أطلقه الشيخ والمحرر ومنعه القاضي
وأصحابه والتبصرة والترغيب في غير متبرع
للتهمة وقاله بعضهم في مرضعة. وفي بدوي على
قروي وجهان. ونصه لا يقبل م 14 واحتج بالخبر1.
ـــــــ
مسألة 13: قوله: وإن شهدا على أبيهما بقذف ضرة
أمهما وهي تحته أو طلاقها2 فاحتمالان في
المنتخب. وفي المغني3 في الثانية وجهان في
القذف بناء على أن جر النفع للأم مانع. انتهى.
قطع الشارح بالقبول فيهما وقطع الناظم بالقبول
في الثانية.
قلت: وقطع في المغني4 بالقبول في كتاب
الشهادات عند قول الخرقي: ولا تجوز شهادة
الوالدين وإن علوا. ولا شهادة الولد وإن سفل
ولم يذكره المصنف.
مسألة 14: قوله: وفي بدوي على قروي وجهان
ونصه: لا تقبل. انتهى.
ـــــــ
1 أخرج أبو داود 3602، وابن ماجه 2367، عن أبي
هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: "لا تجوز شهادة بدوي على صاحب
قرية".
2 في النسخ الخطية: "طلاقهما" والمثبت من "ط".
3 لم نقف عليه.
4 14/182.
(11/364)
وفي الترغيب:
من موانعها الحرص على أدائها قبل استشهاد من
يعلم بها قبل الدعوى أو بعدها فترد. وهل يصير
مجروحا؟ يحتمل وجهين. قال: ومن موانعها
العصبية فلا شهادة لمن عرف بها وبالإفراط في
الحمية كتعصب قبيلة على قبيلة وإن لم يبلغ
رتبة العداوة. وهو في بعض كلام ابن عقيل لكنه
قال في خبر العداوة ومن حلف مع شهادته لم ترد
في ظاهر كلامهم مع النهي عنه ويتوجه على كلامه
في الترغيب: ترد أو وجه. ويقبل بعضهم على بعض
نقله الجماعة وفي
__________
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والرعايتين
والحاوي الصغير وتجريد العناية وغيرهم:
أحدهما: يقبل وهو الصحيح اختاره أبو الخطاب في
الهداية والشيخ الموفق وصححه في المذهب
والخلاصة وشرح ابن منجا والنظم وصاحب التصحيح
والمستوعب وغيرهم. وجزم به في الوجيز ومنتخب
الآدمي وقدمه في المقنع وغيره.
والوجه الثاني: لا يقبل وهو المنصوص عن الإمام
أحمد قال الشارح: وهو قول جماعة الأصحاب قلت
منهم القاضي في الجامع والشريف وأبو الخطاب في
خلافيهما والشيرازي وغيرهم وجزم به في المنور
وغيره وهو من مفردات المذهب.
قلت وهذا المذهب بالنسبة إلى صاحبه لنصه عليه.
(11/365)
عمودي نسبه
رواية اختاره أبو بكر وهي في الزوجين. ومن لم
يشهد عند حاكم حتى صار أهلا قبلت ومن رده حاكم
لفسقه فأعادها لما زال المانع ردت. وفي
الرعاية رواية كرده لجنونه أو كفره أو صغره أو
خرسه أو رقه على الأصح وإن رده لدفع ضرر أو
جلب نفع أو عداوة أو رحم أو زوجية فوجهان م 15
وقيل: إن زال المانع باختيار الشاهد ردت وإلا
فلا ويقبل غيرها.
ـــــــ
مسألة 15: قوله: وإن رده لدفع ضرر أو1جلب نفع
أو عداوة أو رحم أو زوجية فوجهان. انتهى.
أحدهما: لا يقبل وهو الصحيح جزم به في الوجيز
وغيره قال في المحرر: لم يقبل في الأصح وصححه
الناظم قال في الكافي2: هذا أولى وقدمه في
الرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: يقبل قال في المغني3 القبول
أشبه بالصحة وصححه في الشرح4.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و "ط"، و "و"، والتصحيح من
"الفروع".
2 6/209.
3 14/197.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 29/439.
(11/366)
وإن شهد عنده
ثم حدث مانع لم يمنع الحكم إلا فسق أو كفر أو
تهمة إلا عداوة ابتدأها المشهود عليه كقذفه
البينة وكذا مقاولة وقت غضب ومحاكمة بدون
عداوة ظاهرة سابقة. قال في الترغيب: ما لم يصل
إلى حد العداوة أو الفسق وحدوث مانع في شاهد
أصل كحدوثه في من أقام الشهادة. وفي الترغيب:
إن كان بعد الحكم لم يؤثر وإن حدث مانع بعد
حكم لم يستوف حد بل مال وفي قود وحد قذف وجهان
م 16.
ـــــــ
مسألة 16: قوله: وإن حدث مانع بعد الحكم لم
يستوف حد بل مال وفي قود وحد قذف وجهان.
انتهى.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير
وأطلقهما في المغني1 عند قول الخرقي: ولو شهد
وهو عدل فلم يحكم بشهادته حتى حدث منه ما لا
تجوز شهادته معه لم يحكم بها:
أحدهما: لا يستوفى ذلك أيضا وهو الصحيح قطع به
في المغني2 في موضع آخر وصححه الناظم في
القصاص.
والوجه الثاني: يستوفيان. "3فهذه ست عشرة
مسألة3".
ـــــــ
1 14/197.
2 14/198.
3 ليست في "ط".
(11/367)
ومن شهد بحق
مشترك لمن1 ترد شهادته له وأجنبي ردت نص عليه
لأنها لا تتبعض في نفسها وقيل: تصح للأجنبي.
2وذكر جماعة تصح إن شهدوا أنهم قطعوا الطريق
على القافلة لا علينا.
__________
.......................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "لم".
2 ليست في الأصل.
(11/368)
باب ذكر
المشهود به وأداء الشهادة
مدخل
...
باب ذكر المشهود
به وأداء الشهادة
لا يقبل في زنا وموجب حده إلا أربعة رجال وكذا
الإقرار به وعنه: رجلان.
ومن عزر بوطء فرج ثبت برجلين وقيل أربعة.
وتثبت بقية الحدود برجلين وكذا القود. وعنه:
أربعة. ويثبت بإقرارة1 مرة وعنه: أربع نقل
حنبل: يردده ويسأل عنه لعل به جنونا أو غير
ذلك على ما ردد النبي صلى الله عليه وسلم2 صلى
الله عليه وسلم. ويقبل فيما ليس بعقوبة ولا
مال ويطلع عليه الرجال غالبا كنكاح وطلاق
ورجعة ونسب وولاء وإيصاء أو توكيل في غير مال
رجلان وعنه: ورجل وامرأتان وعنه: أو يمين
ذكرها الشيخ وغيره واختارها شيخنا ولم أجد
مستندها عن أحمد وقيل: هما في غير نكاح ورجعة.
وفي عيون المسائل: في النكاح لا يسوغ فيه
الاجتهاد بشاهد ويمين واحتج لعدم انعقاده برجل
وامرأتين بقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ
مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، والعدل إنما يقع على
الرجال دون النساء كذا قال ولا يلزم إذا ادعى
عليها أنها أقرت بانقضاء عدتها لأنه إن كان
طلاقا بائنا فلا نسلمه وإن كان رجعيا لأن
المقصود منه المال وهو إسقاط السكنى والنفقة.
__________
......................
__________
ـــــــ
1 في "ط" و "ر": "بإقرار".
2 أخرج البخاري في "صحيحه" 6825، ومسلم 1691،
16، واللفظ للبخاري عن أبي هريرة أنه قال: أتى
رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الناس
وهو في المسجد فناداه: يا رسول الله، إني
زنيت- يريد نفسه- فأعرض عنه النبي صلى الله
عليه وسلم، فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله،
فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه، فجاء
لشقّ وجه النبي صلى الله عليه وسلم الذي أعرض
عنه، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعا
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أبك جنون"؟
قال: لا يا رسول الله. فقال: "أحصنت؟" قال:
نعم يا رسول الله قال: "اذهبوا فارجموه".
(11/369)
وفي الانتصار:
يثبت إحصانه برجل وامرأتين وعنه: في الإعسار
ثلاثة ويقبل طبيب وبيطار واحد لعدم في معرفة
داء دابة وموضحة ونحوه نص عليه وأطلق في
الروضة قبول الواحد وإن اختلفا قدم المثبت.
ويقبل في مال وما يقصد به كبيع أجله وخياره
ورهن وتسمية مهر ورق مجهول ووصية لمعين ووقف
عليه وقيل: إن ملكه ما تقدم قال في الخلاف
وغيره في ابن لبون عن بنت مخاض: إنما شرط عدم
الرجلين لأنه يكره حضور النساء مجلس الحكم مع
وجود شاهدين من الرجال ورجل ويمين المدعي قال
أحمد: قضى بهما النبي صلى الله عليه وسلم صلى
الله عليه وسلم1. وقيل: وامرأتان ويمين. وقال
شيخنا: لو قيل امرأة ويمين توجه لأنهما إنما
أقيما مقام رجل في التحمل وكخبر الديانة2.
__________
.............................
__________
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود في "سننه" 3608.
2 أي: كخبر تبليغ أمور الديانات. ينظر:
"المغني" 14/136.
(11/370)
وقال أبو
داود1: باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد
يجوز له أن يحكم به ثم روى شهادة خزيمة وأن
النبي صلى الله عليه وسلم جعلها بشهادة رجلين
ثم قال: باب القضاء باليمين مع الشاهد في
المال. وقال ابن الجوزي في كشف المشكل في مسند
أبي بكر في الخبر2 الثابت3 من إفراد البخاري
عن خبر خزيمة: وجه هذا الحديث: أن النبي صلى
الله عليه وسلم إنما حكم على الأعرابي بعلمه.
وجرت شهادة خزيمة مجرى التوكيد لقوله وقيل:
و4يعتبر قوله فيها وشاهدي صادق في شهادته جزم
به في الترغيب وإن نكل حلف المدعى عليه وسقط
الحق وإن نكل حكم عليه نص على ذلك. وقيل: ترد
على رواية الرد لأن سببها5 نكول المدعى عليه
ومن حلف من الجماعة أخذ نصيبه ولا يشاركه ناكل
ولا يحلف ورثة ناكل إلا أن يموت قبل نكوله.
وعنه في الوصية: يكفي واحد وعنه: إن لم يحضره
إلا نساء فامرأة واحتج ابن عقيل بالذمة في
السفر وسأله ابن صدقة: الرجل يوصي ويعتق ولا
يحضره إلا النساء تجوز شهادتهن؟ قال: نعم في
الحقوق. ونقل الشالنجي: والشاهد واليمين في
الحقوق فأما المواريث فيقرع.
__________
....................................
__________
ـــــــ
1 في "سننه" في الترجمة للحديث 3607.
2 في الأصل: "الجزء".
3 في الأصل و "ر": "الثالث".
4 بعدها في "ط": "وط".
5 في "ط": "سبب".
(11/371)
وفي قبول رجل
وامرأتين أو رجل ويمين في إيصاء أو توكيل في
مال ودعوى أسير تقدم إسلامه لمنع رقه ودعوى
قتل كافر لأخذ سلبه وعتق وتدبير و1كتابة
روايتان م 1 – 5.
__________
مسألة 1 – 5: قوله: وفي قبول رجل وامرأتين أو
رجل ويمين في إيصاء أو توكيل في مال ودعوى
أسير تقدم إسلامه لمنع رقه ودعوى قتل كافر
لأخذ سلبه وعتق وتدبير وكتابة روايتان انتهى
ذكر مسائل:
المسألة الأولى 1: هل يقبل في الإيصاء بالمال
رجل وامرأتان أو رجل ويمين أم لا يقبل إلا
رجلان؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الرعايتين
والحاوي:
إحداهما: يقبل وهو الصحيح وبه قطع في المقنع2
وشرح ابن منجا والنظم والوجيز وغيرهم وقدمه في
الكافي3 والشرح"2".
والرواية الثانية: لا يقبل فيه إلا رجلان قال
ابن أبي موسى: لا تثبت الوصية إلا بشاهدين.
المسألة الثانية 2: الوكالة بالمال هل يقبل
فيها رجل وامرأتان أو رجل ويمين أو لا يقبل
فيها إلا رجلان؟ أطلق الخلاف وأطلقه في المحرر
والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وأطلقهما
في المغني4 والشرح5 في باب الوكالة:
إحداهما: يقبل فيه رجل وامرأتان ورجل ويمين
وهو الصحيح جزم به في النظم ونهاية ابن رزين
في الوكالة وقدمه ابن رزين في شرحه.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/23.
3 6/219.
4 14/127.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/21.
(11/372)
........................
ـــــــ
والرواية الثانية: لا يقبل فيها إلا رجلان
اختاره القاضي فقال: المعول في المذهب أنه لا
يقبل فيها إلا شاهدان وقطع به في الوجيز وقدمه
الشارح هنا.
المسألة الثالثة 3: لو ادعى الأسير تقدم
إسلامه لمنع رقه فهل يقبل فيه ما ذكر أو لا بد
من رجلين؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الرعايتين
والحاوي الصغير:
إحداهما: يقبل فيه رجل وامرأتان ورجل ويمين
وبه قطع في المغني1 في كتاب الجهاد قبيل قول
الخرقي: وينفل الإمام ومن استخلفه الإمام
والشارح وابن رزين في شرحه و"2به قطع2" الناظم
وناظم المفردات.
وقال3:
بنيتها على الصحيح الأشهر
وهذا الصحيح والصواب.
والرواية الثانية: لا يقبل فيه إلا رجلان.
المسألة الربعة 4: لو ادعى قتل كافر لأخذ سلبه
فهل يقبل فيه ما ذكر أو لا بد من رجلين؟ أطلق
الخلاف وأطلقه في الرعايتين والحاوي الصغير:
إحداهما: يقبل فيه رجل وامرأتان ورجل ويمين
وجزم به الناظم وهو الصواب.
والرواية الثانية: لا يقبل فيه إلا رجلان.
المسألة الخامسة 5: لو ادعى العبد العتق أو
التدبير أو الكتابة فهل يقبل فيه ما ذكر أم4
لا بد من رجلين؟ أطلق الخلاف وأطلقه في
الرعايتين
ـــــــ
1 13/52.
2 ليست في "ط".
3 يعني "ناظم المفردات".
4 في "ط": "أو".
(11/373)
................................
__________
والحاوي وأطلقه في المحرر فيهن أيضا وأطلقه
الزركشي في الكتابة والتدبير وأطلقه في
التدبير في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمقنع1 وغيرهم وأطلقه في المقنع2
في العتق في باب اليمين في الدعاوى:
إحداهما: يقبل في ذلك رجل وامرأتان ورجل ويمين
المدعي قال القاضي في التعليق: يثبت العتق
بشاهد ويمين في أصح الروايتين "3وعلى قياسه
الكتابة والولاء ونص عليه في رواية مهنا وصححه
الناظم في الثلاثة3" وجزم به ناظم المفردات
واختاره أبو بكر وابن بكروس ذكره في تصحيح
المحرر وقد صحح الشيخ الموفق والشارح والناظم
وصاحب التصحيح صحة التدبير بشاهد وامرأتين
وشاهد ويمين وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز
وناظم المفردات وغيرهم والحكم في الكتابة كذلك
واختاره الشيخ والشارح في العتق أيضا وقطع به
في المقنع4 في موضع أيضا وقطع به ابن منجا في
موضع.
والرواية الثانية: لا بد من رجلين وقدمه في
المقنع"4" في العتق في هذا الباب أيضا فله في
هذه المسألة ثلاث عبارات في المقنع واختاره
الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وصححه في
التصحيح واختلف اختيار القاضي فتارة اختار
الأول وتارة اختار الثاني قال الزركشي: ومنشأ
الخلاف أن من نظر إلى أن العتق إتلاف مال
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/179.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/113.
3 ليست في "ح".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19404.
(11/374)
وذكر جماعة
يقبل في كتابة والنجم الأخير كعتق وقيل: يقبل
وكذا جناية عمد لا قود فيها م 6.
فإن قبل وهو ظاهر المذهب قاله في الترغيب ووجب
القود في
__________
في الحقيقة قال بالقبول كبقية الإتلافات ومن
نظر إلى أن"1 العتق نفسه1" ليس بمال وإنما
المقصود منه تكميل الأحكام قال بالرواية
الثانية وهي عدم القبول وصار ذلك كالطلاق
والقصاص ونحوهما. انتهى.
مسألة 6: قوله: وكذا جناية عمد لا قود فيها.
يعني أن فيها الروايتين المطلقتين وأطلقهما في
المقنع2 والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم:
إحداهما: يقبل فيه شاهد ويمين وشاهد وامرأتان
وهو الصحيح صححه الشيخ الموفق والشارح وصاحب
التصحيح وغيرهم قال في الكافي3 والترغيب
وغيرهما هذا ظاهر المذهب قال ابن منجا في
شرحه: هذا المذهب قاله صاحب المغني4. انتهى.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز
وغيرهم وهو قول الخرقي وبه قطع القاضي في غير
موضع قال في النكت: وقدمه غير واحد انتهى;
واختاره الشيرازي وابن البنا.
والرواية الثانية: لا يقبل فيه إلا رجلان
اختاره أبو بكر وابن أبي موسى وصححه الناظم.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/107.
3 6/218.
4 14/128.
(11/375)
بعضها كمأمومة
فروايتان م 7.
ويقبل في جناية خطأ وعنه: لا ونقل أبو طالب في
مسألة الأسير تقبل امرأة و1يمينه اختاره أبو
بكر ونقل إبراهيم بن هانئ: لا ولاء عبد مسلم.
و"1"في المغني2 قول في دعوى قتل كافر لأخذ
سلبه: يكفي واحد. 3والله أعلم"3".
__________
مسألة 7 قوله فإن قبل وهو ظاهر المذهب قاله في
الترغيب ووجب القود في بعضها كمأمومة فروايتان
انتهى.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير
والزركشي وغيرهم.
إحداهما: يقبل ويثبت المال وهو الصحيح قال في
النكت قطع به غير واحد وصححه في تصحيح المحرر
وقدمه في الكافي4 وقال أيضا هو ظاهر المذهب
واختاره أبو الخطاب وغيره.
والرواية الثانية: لا يقبل فيه إلا رجلان صححه
الناظم قال في الرعاية: فلو شهد رجل وامرأتان
بهاشمة مسبوقة بموضحة لم يثبت أرش الهشم في
الأقيس ولا الإيضاح. انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 13/74.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 6/218.
(11/376)
فصل ومن أتى في قود بدون بينته لم يثبت شيء
وعنه: يثبت المال إن كان المجني عليه عبدا.
وإن أتى به سرقة قبلت فيهما لكن ثبت المال
لكمال بينته واختار في الإرشاد1، والمبهج: لا
كالقطع وبنى في الترغيب عليهما القضاء بالغرم
على ناكل وإن أتى به رجل في خلع ثبت العوض
وتبين بدعواه وإن أتت به امرأة ادعته لم يثبت
فإن أتت به أنه تزوجها بمهر ثبت المهر لأن
النكاح حق له وإن أتى به رجل ادعى أمة بيد
غيره أنها أم ولده وولدها ولده فهي له أم ولد
وفي ثبوت حرية الولد ونسبه منه روايتان م 8.
ـــــــ
مسألة 8: قوله: وفي حرية الولد ونسبه منه
روايتان. انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والكافي2 والمقنع3 والمحرر
والرعايتين والحاوي الصغير والنكت وغيرهم:
ـــــــ
1 ص 490.
2 6/221.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/106.
(11/377)
وقيل: يثبت
نسبه فقط بدعواه ويقبل فيما لا يطلع عليه
الرجال كعيوب النساء تحت الثياب وحيض ورضاع
وعنه: وتحلف فيه وولادة واستهلال وبكارة
وثيوبة امرأة لا ذمية نقله الشالنجي وغيره.
وفي الانتصار: فيجب أن لا1 يلتفت إلى لفظ
الشهادة ولا مجلس الحكم وكالخبر ولا أعرف عن
إمامنا ما يرده. وهنا ذكر الخلال شهادة امرأة
على شهادة امرأة وسأله حرب شهادة امرأتين على
شهادة امرأتين؟ قال: يجوز وعنه: يقبل امرأتان
والرجل فيه كالمرأة وكذا الجراحة وغيرها في
حمام وعرس وما لا يحضره رجال2 نص عليه خلافا
لابن عقيل وغيره.
ـــــــ
إحداهما: لا يثبتان وهو الصحيح اختاره الشيخ
الموفق والشارح والناظم وغيرهم.
والرواية الثانية: يثبتان صححه في التصحيح
وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز ومنتخب
الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "رجل".
(11/378)
ولو ادعت إقرار
زوجها بأخوة رضاعة فأنكر. قال في الترغيب:
وقلنا: تسمع الدعوى بالإقرار لم تقبل فيه نساء
فقط وترك القابلة ونحوها الأجرة لحاجة
المقبولة أفضل وإلا دفعتها لمحتاج ذكره شيخنا.
ولا يصح أداء شهادة إلا بلفظها فلا يحكم بقوله
أعلم ونحوه وعنه تصح اختاره أبو الخطاب وشيخنا
وفاقا لمالك وأخذها من قول علي بن المديني:
أقول إن العشرة في الجنة ولا أشهد فقال أحمد:
متى قلت فقد شهدت.
وقال له ابن هانئ: تفرق بين العلم والشهادة في
أن العشرة في الجنة؟ قال: لا. وقال الميموني:
قال أبو عبد الله: وهل معنى القول والشهادة
إلا واحد؟ وقال أبو طالب: قال أبو عبد الله:
العلم شهادة زاد أبو بكر بن حماد: قال أبو عبد
الله: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ} [الزحرف: 86]، وقال: {وَمَا
شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف:
81].
وقال المروذي: أظن أني سمعت أبا عبد الله
يقول: هذا جهل "1عن قول من1" يقول فاطمة بنت
رسول الله ولا أشهد أنها بنت رسول الله. وقال:
قال أحمد: حجتنا في الشهادة للعشرة أنهم في
الجنة حديث طارق بن شهاب يعني قول أبي بكر
لأهل الردة حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة
وقتلاكم في النار2.
__________
..............................
__________
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 رواه البيهقي في "السنن الكبيرى" 8/335.
(11/379)
قال عبد الله:
قال أبي: فلم يرض منهم إلا بالشهادة. قال
شيخنا: لا نعرف عن صحابي ولا تابعي اشتراط لفظ
الشهادة وفي الكتاب والسنة إطلاق لفظ الشهادة
على الخبر المجرد عن لفظه أشهد.
وإن شهد بإقرار لم يعتبر قوله طوعا في صحته
مكلفا عملا بالظاهر. ولا تعتبر إشارته إلى
مشهود عليه حاضر مع نسبه ووصفه. وفي الانتصار
منع وتسليم لسرعة فصل الحكم. قال شيخنا: ولا
يعتبر: وأن الدين باق في ذمته إلى الآن بل
يحكم الحاكم باستصحاب الحال إذا ثبت عنده سبب
الحق إجماعا.
وإن عقد نكاح بلفظ متفق عليه قال حضرته وأشهد
به ويصح: وشهدت به وقيل: لا كأنا شاهد بكذا.
__________
.............................
__________
(11/380)
ومن شهد عند
حاكم فقال آخر أشهد بمثل ما شهد به أو بما
وضعت به خطي أو بذلك أو كذلك أشهد ففي
الرعاية: يحتمل أوجها الثالث يصح في: وبذلك
وكذلك فقط وهو أشهر م 9.
ـــــــ
مسألة 9: قوله: ومن شهد عند حاكم فقال آخر
أشهد بمثل ما شهد به أو بما وضعت به خطي أو
بذلك أو كذلك أشهد. ففي الرعاية يحتمل أوجها
الثالث يصح في: وبذلك وكذلك فقط وهو أشهر.
انتهى. قال في الرعاية: والثالث: الصحة في
قوله: وبذلك أشهد وكذلك أشهد وهو أشهر وأظهر.
وقال في النكت: والقول بالصحة في الجميع أولى.
قلت: وهو الصواب.
فهذه تسع مسائل.
(11/381)
باب الشهادة
والرجوع عن الشهادة
مدخل
...
باب الشهادة
والرجوع عن الشهادة
تقبل الشهادة على الشهادة في حق يقبل فيه كتاب
القاضي إلى القاضي إن تعذر شهود الأصل بموت
وعلى الأصح: أو مرض أو خوف أو غيبة مسافة قصر
وقيل: فوق يوم وعلل الإمام أحمد رواية المنع
بأنه لا يؤمن أن تتغير حاله لما يحدث من
الحوادث وتأولها القاضي على مسافة قريبة. قال
ابن عقيل في عمد الأدلة: ولم يذكر دليلا وهذا
دأبه في كثير من
__________
........................
__________
(11/382)
المسائل قال:
والأحسن أنه ككلام الشارح إن وجد ما يصرف عن
ظاهره وإلا لم يصرف وإن حضروا أو صحوا قبل
الحكم وقف عليهم.
ولا يجوز أن يشهد فرع إلا أن يسترعيه1 الأصل
وذكر ابن عقيل وغيره رواية: أولا قدمها في
التبصرة وإن استرعى غيره فوجهان م 1.
فيقول: اشهد على شهادتي بكذا والأشبه: أو اشهد
أني أشهد بكذا فإن سمعه يشهد عند حاكم أو
يعزوها إلى سبب كبيع وقرض جاز وعنه: إن
استرعاه نصره القاضي وغيره ويؤديها الفرع بصفة
تحمله ذكره جماعة.
قال في المنتخب وغيره: وإلا لم يحكم بها: وفي
الترغيب: ينبغي
__________
مسألة 1: قوله: وإن استرعى غيره فوجهان.
انتهى.
يعني هل يجوز لمن لم يسترعه أن يشهد عليه أم
لا؟
أحدهما: لا يجوز وهو ظاهر كلام جماعة من
الأصحاب وهو احتمال في المغني2.
والوجه الثاني: يجوز وهو الصحيح قدمه في
المغني"2" والكافي3 والمحرر والشرح4
والرعايتين والنظم والحاوي وغيرهم.
ـــــــ
1 في "ر": "يستدعيه".
2 14/203.
3 6/235.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/48.
(11/383)
ذلك. وفي
الرعاية ومعناه في الترغيب: يكفي العارف: أشهد
على شهادة فلان كذا.
وتثبت شهادة شاهدي الأصل بشاهدين عليهما. قال
الإمام أحمد: لم يزل الناس على هذا وعنه: على
كل منهما لا على شاهد شاهد. وقال ابن بطة:
بأربعة على كل1 أصل فرعان وعنه: تكفي شهادة
رجل على اثنين ذكره القاضي وغيره ويتحمل فرع
مع أصل وهل يتحمل فرع على فرع؟ تقدم في أول
كتاب القاضي "2إلى القاضي2"3
ـــــــ
تنبيه: قوله: وهل يتحمل فرع على فرع؟ تقدم في
أول كتاب القاضي إلى القاضي. انتهى.
قال هناك وفي هذه المسألة ذكروا أن كتاب
القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة لأنه شهادة
على شهادة وذكروا فيما إذا تغيرت حاله أنه
أصل. ومن شهد عليه فرع وجزم به ابن الزاغوني
وغيره فلا يجوز نقض الحكم بإنكار القاضي
الكاتب ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع
إنكاره الحكم كما يمنع رجوع شهود الأصل الحكم
فدل ذلك أنه فرع لمن شهد عنده وهو أصل لمن شهد
عليه ودل ذلك أنه يجوز أن يكون شهود فرع فرعا
لأصل يؤيده قولهم في التعليل إن الحاجة داعية
إلى ذلك وهذا المعنى موجود في فرع الفرع.
انتهى. فجوز أن يتحمل فرع على فرع فلذلك أحال
هنا عليه.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثت من "ط".
3 ص 228.
(11/384)
ويدخل النساء
في شهود الفرع والأصل اختاره الشيخ وعنه: لا
نصره القاضي وأصحابه وعنه: لا في الفرع صححه
في المحرر. وفي الترغيب: المشهور لا في الأصل
وفي الفرع روايتان فيقبل رجلان على رجل
وامرأتين إلا على الثانية ويقبل رجل وامرأتان
على مثلهم أو على رجلين على الأولى فقط. وفي
الترغيب: الشهادة على رجل وامرأتين كالشهادة
على ثلاثة لتعددهم.
ويعتبر للحكم عدالة الكل ولا يجب على الفروع
تعديل أصولهم ويقبل ويعتبر تعيينهم لهم. قال
القاضي: حتى لو قال تابعيان أشهدنا
__________
.................................
__________
(11/385)
صحابيان لم يجز
حتى يعيناهما; ولا يزكي أصل رفيقه1 وإن رجع
الأصول بعد الحكم لم يضمنوا وقيل: بلى كما لو
رجع الفروع.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "رفقيقه".
(11/386)
__________
.................................
__________
(11/387)
ولم يقولوا بان
كذب الأصول أو غلطهم وإن قالوا بعد الحكم: ما
أشهدناهم لم يضمن أحد.
وإن قال الأصول: كذبنا أو غلطنا ففي المحرر:
ضمنوا وقيل: لا م 2
وإن شهد شاهدا فرع على أصل وتعذر الآخر حلف
واستحق ذكره في التبصرة وأطلق جماعة: إذا أنكر
الأصل شهادة الفرع لم يعمل بها لتأكد الشهادة
بخلاف الرواية.
ـــــــ
مسألة 2 قوله: وإن1 قال الأصول: كذبنا أو
غلطنا ففي المحرر: ضمنوا وقيل: لا. انتهى.
ما قدمه في المحرر هو الصحيح قطع به في الوجيز
وقدمه في الرعايتين.
والقول الثاني: لا يضمنون.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "لو"، والمثبت من "ط".
(11/388)
فصل ومن زاد في شهادته أو نقص قبل الحكم أو
أدى بعد إنكارها قبل نص عليهما
كقوله: لا أعرف الشهادة وقيل: لا كبعد الحكم
وقيل:
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "لو"، والمثبت من "ط".
(11/388)
يؤخذ بقوله
المتقدم وإن رجع لغت ولا حكم ولم يضمن وتقدم
هل يحد في قذف. وفي الترغيب: يحد فإن ادعى
غلطا فمبني على ما إذا أتى بحد في صورة
الشهادة ولم يكمل. وفي الرعاية: يحد فإن ادعى
غلطا فلا وإن لم يصرح بالرجوع بل قال للحاكم
توقف فتوقف ثم عاد إليها قبلت في الأصح ففي
وجوب إعادتها احتمالان م 3.
وإن رجع شهود مال أو عتق بعد الحكم قبل
الاستيفاء أو بعده لم ينقض ويضمنون ما لم
يصدقهم مشهود له لا من زكاهم.
وإن رجع شهود القرابة وشهود الشراء غرم شهود
القرابة وخرج
ـــــــ
مسألة 3: قوله: فإن لم يصرح بالرجوع بل قال
للحاكم توقف فتوقف ثم عاد إليها قبلت في الأصح
ففي وجوب إعادتها احتمالان. انتهى.
أحدهما: لا يعيدها بل يكتفي بالأول وهو
الصواب.
والاحتمال الثاني: لا بد من إعادتها.
(11/389)
في الانتصار
كشهود زنى وإحصان. وفيه لو رجع شهود يمين
بعتقه وشهود بحنثه فظاهر اختياره يغرمه شهود
اليمين وفاقا لأبي حنيفة وعن أصحابنا: بينهما
وفاقا للشافعي.
وإن رجع شهود طلاق فلا غرم إلا قبل الدخول نصف
المسمى أو بدله وعنه: وبعده كله وذكر شيخنا
وجها: مهر المثل. وإن رجع شهود قود أو حد لم
يستوف فتجب دية القود فإن وجب عينا فلا وقيل
بالاستيفاء إن كان لآدمي وإن كان بعده وقالوا
أخطأنا غرموا دية ما تلف أو أرش الضرب. نقله
أبو طالب على عددهم وإن رجع واحد غرم بقسطه نص
عليه وقيل: الكل. وإن رجع الزائد على البينة
قبل الحكم أو بعده استوفى ويحد الراجع لقذفه
وفيه في الواضح احتمال لقذفه. من ثبت زناه
وقيل: لا يغرم شيئا قيل: هو أقيس فلو رجع من
خمسة في1 زنا اثنان فهل عليهما خمسان أو ربع
أو اثنان من ثلاثة في قتل
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(11/390)
فالثلثان أو
النصف؟ فيه الخلاف.
وإن رجع رجل وعشر نسوة في مال غرم سدسا وقيل:
نصفا وقيل: هو كأنثى وهن البقية وكذا رضاع قال
في الترغيب: إلا أنه لا تشطير وإنا إن قلنا لا
يثبت إلا بامرأتين فالغرم بالتسديس.
وإن شهد أربعة بالزنا واثنان بالإحصان فرجم ثم
رجعوا ضمنوه أسداسا وعنه شهود الزنا نصف وكذا
الإحصان وقيل: لا يضمنان لأنهم شهدوا بالشرط
لا بالسبب الموجب وإن رجع أحد الجهتين غرموا
دية وقيل: نصفها وإن رجع الكل وشاهد الإحصان
من أربعة الزنا غرما ثلثا دية. وعلى الثانية
ثلاثة أرباع.
وإن رجع شهود تعليق عتق أو طلاق وشهود شرطه
غرموا بعددهم وقيل: كل جهة نصفه وقيل: كله
شهود
__________
.................................
__________
(11/391)
التعليق وإن
رجع شهود بكتابة غرموا ما بين قيمته سليما
ومكاتبا فإن عتق فما بين قيمته ومال الكتابة
وقيل: كل قيمته وكذا شهود باستيلاد قال بعضهم
في طريقته في بيع وكيل بدون ثمن مثل لو شهدا
بتأجيل وحكم الحاكم ثم رجعا غرما تفاوت ما بين
الحال والمؤجل.
وإن حكم بمال بشاهد ويمين فرجع الشاهد فنصه:
يغرم الكل لوجوب تقديمه على يمينه وكيمينه مع
بينة على غائب وقيل: النصف م 4.
ـــــــ
مسألة 4: قوله: وإن حكم بمال بشاهد ويمين فرجع
الشاهد فنصه: يغرم الكل لوجوب تقديمه على
يمينه وكيمينه مع بينة1 على غائب وقيل. النصف
انتهى.
المنصوص هو الصحيح من المذهب نص عليه في رواية
جماعة وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والمغني2 والكافي3 والمقنع4 والمحرر والشرح
والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
والقول الآخر: يغرم النصف فقط وهو تخريج لأبي
الخطاب في الهداية خرجه من رد اليمين على
المدعي ولقوة هذا القول عند المصنف أتى بهذه
الصيغة وكان الأولى أن يفصح بتقديم المنصوص.
ـــــــ
1 في "ط": "بينته".
2 14/255.
3 6/249
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/84.
(11/392)
وقال ابن عقيل
في عمد الأدلة: ويجوز في أحد الاحتمالين أن
تسمع يمين المدعى قبل الشاهد. وإن رجع شهود
تزكية فكرجوع من زكوهم ولا ضمان برجوع عن
كفالة بنفس أو براءة1 منها أو أنها زوجته أو
أنه عفا عن دم عمد لعدم تضمنه مالا. وفي
المبهج قال القاضي: وهذا لا يصح لأن الكفالة
تتضمنه بهرب المكفول والقود قد يجب به مال.
ومن شهد بعد الحكم بمناف للأولة فكرجوعه وأولى
قاله شيخنا وقال في شاهد قاس بكذا2 وكتب خطه
بالصحة فاستخرج الوكيل على حكمه ثم قاس وكتب
خطه بزيادة فغرم الوكيل الزيادة قال: يضمن
الشاهد ما غرمه الوكيل من الزيادة بسببه تعمد
الكذب أو أخطأ كالرجوع.
وإن علم الحاكم بشاهد زور بإقراره أو علم كذبه
وتعمده عزره كما
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "أبرأه".
2 في النسخ الخطية: "بلدا"، والمثبت من "ط".
(11/393)
تقدم فإن تاب
فوجهان في تعليق القاضي م 5 و 6 فيتوجهان في
كل1 تائب بعد وجوب التعزير كأنهما على
الروايتين في الحد.
وله فعل ما رآه نقله حنبل ما لم يخالف نصا.
وفي المغني2 أو معنى نص قال ابن عقيل وغيره
وأن يجمع بين عقوبات إن لم يرتدع إلا به ونقل
مهنا كراهة تسويد الوجه.
ولا يعزر بتعارض البينة ولا يغلطه في شهادته3
أو رجوعه ذكره الشيخ في الترغيب: إن ادعى شهود
القود الخطأ عزروا.
ـــــــ
مسألة 5 6: قوله في شاهد الزور: فإن تاب
فوجهان في تعليق القاضي. انتهى.
قلت: الصواب: عدم السقوط هنا قال المصنف:
فيتوجه وجهان في كل تائب بعد وجوب التعزير
كأنهما على الروايتين في الحد. انتهى.
وهذه مسألة 6 أخرى والصواب أيضا عدم السقوط.
فهذه ست مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 14/262.
3 في الأصل: "الشهادة".
(11/394)
|