الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

كِتَابُ الإيلاءِ
الإيلاءُ (1) في الشَّرعِ عِبارَةٌ عَنِ اليَمينِ عَلَى تَركِ الوَطءِ في القُبُلِ مَرةً تَزيدُ عَلَى أربعَةِ أَشهُرٍ (2)، فَأمَّا إنْ لَم يَحلِفْ لَكِنهُ تَركَ الوَطءَ لَم يَكنْ مُولِياً، وهلْ تُضرَبُ لَهُ مُدةُ الإيلاءِ؟ نَظَرَنَا فَإنْ تَرَكَهُ لِعُذرٍ مِنْ مَرَضٍ أو غَيبَةٍ لَم تُضرَبْ لَهُ مُدْةٌ، وإنْ تَركَهُ مُضِرَّاً بهَا فَهلْ تُضرَبُ لَهُ مدَّةُ الإيلاءِ؟ عَلَى رِوايَتَينِ. إحدَاهُما: تُضرَبُ لَهُ أربعةَ أَشهُرٍ. فَإنْ وَطَأَ فِيهَا وإلا دُعِيَ بَعدَهَا إلى الوَطءِ. فَإنْ امتنَعَ مِنهُ أُمِرَ الطَّلاقَ فَإنْ لَم يُطَلِّقْ فُعلَ بهِ كَمَا يَفعَلُ فِي الإيلاءِ سَواءً. وَالثَّانِيةُ: لا تُضرَبُ لَهُ مُدَّةٌ (3). وأمَّا إنْ حَلَفَ عَلَى تَركِ الوَطءِ في الدُّبُرِ أو دُونَ الفَرجِ لَم يَكُنْ مُولِياً (4). وَكَذلِكَ إنْ حَلَفَ عَلَى تَركِ الوَطءِ أَربَعةَ أشهُرٍ فَما دونَ، فَإنْ قَالَ: وَاللهِ لا وَطأتْكِ مُدَّةً لَم يَكُنْ مُولِياً حَتَّى يَنوِيَ بها أَكثَرَ مِنْ أَربَعَةِ أشهُرٍ. فَإنْ قَالَ: وَاللهِ لا وَطأتْكِ أربعَةَ أشهُرٍ. فَإذا مَضَتْ أَربعةُ أَشهُرٍ لَم يَكُنْ مولِياً، ويَحتمِلُ أنْ يَكونَ مُولِياً. فَإنْ قَالَ: وَاللهِ لا وَطأتُكِ في السَنةِ إلا مَرةً لَم يَكُنْ مولِيَاً في الحَالِ، وَلكِنَّهُ إنْ وَطأَهَا وَبقيَ مِنَ السَنةِ أربَعةُ أشهرٍ صَارَ مولِياً، وَكذَلِكَ إنْ قَالَ: إنْ وَطأتُكِ فَواللهِ لا وطأتُكِ، أو إنْ دَخَلتِ الدَّارِ فَواللهِ لا وطأتُكِ لَم يَصِرْ مُولِياً في الحَالِ بَلْ إنْ وَطأَها أو دخَلَتِ الدَّارَ صَارَ مُولِياً، وَيحتَمِلُ أنْ يَصيرَ مُولِياً في الحَالِ، فَإنْ قَالَ: وَاللهِ لا وَطأتُكِ سَنَةً إلا يومَاً صَارَ مُولياً وَيحتَمِلُ أنْ لا يَصيرَ مُولِياً (5). فَإنْ قَالَ: وَاللهِ لا وَطأتُكِ حتَّى /323 و/ يَنْزِلَ عيسَى بنُ مَريمَ، أو يَخرجَ الدَّجَالُ، أو تَطلُعَ الشَمسُ مِنْ مَغربِها، أو ما عِشتُ، أو علّقَهُ عَلَى وجودِ مَا يَغِلبُ عَلَى الظَنِّ أنهُ لا يوجَدُ في مُدَّةِ أربعةِ أشهرٍ صَارَ مُولِياً، وإنْ علَّقَهُ عَلَى وجودِ مُتَرددٍ بينَ أنْ يوجَدَ في الأَربعَةِ، ومَا بَعدَهَا تردداً وَاحِداً كَقُدومِ زَيدٍ وَحَبلِها وهيَ مِمنْ تَحملُ ونَحو ذَلِكَ لم يَصِر مُولياً. وإنْ قَالَ وَاللهِ لا وطَأتُكِ
__________
(1) في اللغة: هو الحلف عَلَى أي شيء كان. انظر: لسان العرب 14/ 41، والصحاح 6/ 227.
(2) انظر: مسائل عبد الله 3/ 1119، والإنصاف: 9/ 169 - 181، ومختصر الخرقي: 159.
(3) انظر: الشرح الكبير 8/ 503.
(4) انظر: الشرح الكبير: 8/ 405، وشرح الزركشي: 3/ 402.
(5) انظر: المقنع: 248، والشرح الكبير: 8/ 516.

(1/465)


إنْ شِئتِ. فَقالَتْ: قَد شِئتُ صَارَ مُولِياً وإنْ قَالتْ: مَا أَشَاءُ أو سَكتَتْ لم يَصِرْ مُولِياً. فَإنْ قَالَ وَاللهِ لا وَطأتُكِ إلا أَنْ تشَائي، فَإنْ شَاءَتْ في المَجلسِ لم يَصِرْ مُولِياً وَإنْ لَم تَشَأْ فِيهِ صَارَ مُولياً. فَإنْ قَالَ لأربعِ نِسوَةٍ: وَاللهِ لا أطأَكُنَّ. لم يَصِرْ مُولِياً في الحَالِ فَإنْ وطيءَ ثَلاثَاً مِنهَنَّ صَارَ مُولِياً مِنَ الرَّابَعةِ في أحَدِ الوَجهَينِ. وفي الآخَرِ يَصيرُ مُولِياً مِنهُنَّ في الحَالِ. وَأَصلُ الوَجهَينِ. إذا حَلَفَ لا يَفعَلُ شَيئاً ففعَلَ بَعضَهُ هَلْ يَحنَثُ أَم لا؟ عَلَى رِوايتَينِ (1). فَإنْ قَالَ: وَاللهِ لا وَطأتُ وَاحِدَةً مِنكُنَّ صَارَ مُولِياً مِنْ كُلِّ وَاحِدةٍ مِنهُنَّ. فَإنْ قَالَ: أَردتُ فلانَةً بِعَينِهَا. قُبلَ مِنْهُ، وإنْ لَمْ يَقُلْ لكنهُ طَلقَ بعضَهنَّ كَانَ الإيلاءُ بِحَالِهِ في البَواقِي، وإنْ وَطِيءَ إحداهُنَّ حَنَثَ وانحلَّ الإيلاءُ في البَواقِي، وَإنْ قَالَ: وَاللهِ لا وَطأْتُ كُلَّ وَاحدَةٍ مِنكنَّ. كَانَ مُولِياً مِنْ كُلِّ واحِدَةٍ مِنُهنَّ حَتَّى إنْ وطيءَ بعضَهنَّ، أو طَلَقَ بَعضَهنَّ كَانَ الإيلاءُ بِحَالِهِ في بَقِيَتِهنَّ ذكَرهُ شَيخُنَا (2)، وَعندِي أَنَّ المَسألةَ كَالتي قَبلَهَا إذا وَطِيءَ إحدَاهُنَّ انحلَّ الإيلاءُ في بَقيتِهنَّ، فَإنْ قَالَ لِزَوجتِهِ: وَاللهِ لا أَصبتُكِ. ثُمَّ قَالَ للأُخرَى: أَشركتُكِ مَعهَا. لَمْ يَصِرْ مُولِياً مِنَ الثَّانِيةِ.

بَابُ مَنْ يَصِحُّ إيلاؤهُ وألفَاظِ الإيلاءِ
كُلُّ زَوجٍ يَصِحُ طَلاقُهُ، ويقدرُ عَلَى الجِمَاعِ يَصِحُّ إيلاؤهُ سَواءٌ كَانَ مُسلِماً أو كَافِراً، حُرَّاً أو عَبداً، سَليمَاً أو خَصِيَّاً، فَأمّا إنْ كَانَ عَاجِزاً عَنِ الوَطءِ بِجبٍّ (3) أو شَلَلٍ لَمْ يَصِحَّ إيلاؤهُ وَيحتَمِلُ أنْ يَصِحَّ كَالعاجِزِ بمرَضٍ وَتكونُ فيئةٌ (4) بِالقَولِ لو قَدَرتُ لجَامَعتُكِ. وفيئةُ (5) المَريضِ مَتى قَدرْتُ جَامَعتُكِ وَقَالَ شَيخُنَا: فَيئةُ المَعذُورِ أنْ يَقولَ: فِئتُ إلَيكِ (6). وإذا زَالَ العُذرُ لَمْ يَلزمْهُ الوَطءُ اختَارَهُ أبو بَكرٍ (7). وَظَاهِرُ كَلامِ الخِرَقِيِّ أنهُ يلزمُهُ أنْ يَطأَ أوَ يُطَلِّقَ (8). وأَمَّا المجنونُ والطِّفلُ فَلا يَصِحُّ إيلاؤُهُما. وَأمَّا السَكرانُ
__________
(1) انظر: المغني: 8/ 517.
(2) انظر: المغني: 8/ 519.
(3) الجب: القطع، وجب خصاه جباً استأصله. انظر: الصحاح: 1/ 96، لسان العرب: 1/ 49 (جبب).
(4) الفيئة: الرجوع.
(5) في الأصل: ((وفيه)).
(6) انظر: المغني: 8/ 538، والزَّرْكَشِيّ: 3/ 406.
(7) انظر: الروايتين والوجهين: 139/ أ-ب، والمغني: 8/ 539 - 540، والمحرر: 2/ 88، الزَّرْكَشِيّ: 3/ 406.
(8) وهي رِوَايَة حَنْبَل. انظر: الروايتين والوجهين: 139/أ-ب، والمغني: 8/ 539 - 540، والزَّرْكَشِيّ: 3/ 406.

(1/466)


/324 ظ/ والممَيِزُ مِنَ الصِّبيانِ فَهلْ يَصِحُّ إيلاؤُهمَا؟ عَلَى وَجهَينِ. بِنَاءً عَلَى طَلاقِهَا. وَألفاظُ المولى تَنقِسمُ ثَلاثةَ أَقسَامٍ: الأولُ: صَريحَةٌ لا يَدينُ فيهِ وَهوَ قَولُهُ: وَاللهِ لا نِكتُكِ، أو لا أولَجتُ، أو لا أَدخَلتُ، أو لا غَيَّبتُ ذَكرِي في فَرجِكِ، أو لا أفتَضضتُكِ (1) للبِكرِ خَاصَّةً، والثاني صَريحَةٌ في الحُكمِ يَدينُ فِيهَا وهي عَشرَةُ ألفَاظٍ: وَاللهِ لا وَطأتُكِ، لا جَامَعتُكِ، لا بَاضَعتُكِ، لا باشَرتُكِ، لا أصَبتُكِ، لا باعَلتُكِ، لا اغتسَلْتُ مِنكِ، لا لامستُكِ، لا أتيتُكِ، لا قربتُكِ، والثالث: كِنايةٌ وهيَ عَشرَةُ ألفَاظٍ: وَاللهِ لا جَمعَ رَأسِي وَرأسَكِ مِخدَّةٌ، أو شَيءٌ ولا سَاقفَ رَأسي رأسُكِ، لأسوءَنَكِ، لا دخَلتُ عَلَيكِ لتطولَنَّ غَيبتي عَنكِ، لَيطولَنَّ تَركِي لِجِمَاعِكِ لا لامَسَ جِلدِي جِلدَكِ، ولا قَربتُ فراشَكِ، لا أَويَتُ مَعَكِ في بَيتٍ، لا بِتُّ عِندَكِ. بهَذهِ الألفَاظِ لَمْ يَكُنْ مُولِياً إلا بِالنيَّةِ. وهي تَنقَسِمُ في النِيَّةِ فَمِنهَا مَا يَكُونُ مُولِياً إذا نَوى مُدَّةَ الإيلاءِ فَقَطْ وَهوَ مولُهُ: لَيطولَنَّ تَركِي لجِمَاعِكِ ومنهَا مَا يَكونُ مُولِياً إِذا نَوى الوَطءَ وَالمدَّةَ مَعَاً وَهوَ قَولُهُ لأسوءَنّك، وَلَتطولَنَّ غَيبَتي عَنكِ. وَبقيةُ الأَلفَاظِ يَكونُ مُولِياً بنِيَّةِ تَركِ الجِمَاعِ فَقطْ. فَإنْ قَالَ: وَاللهِ لا أَدخَلتُ جَميعَ ذَكَري في فَرجِكِ لَمْ يكُنْ مُولِياً. وإنْ قَالَ: وَاللهِ لا جَامَعتُكِ إلا جِمَاعَ سُوءٍ رَجَعَ إلى تَفسيرِهِ فَإنْ قَالَ: أَردتُ بِجمَاعِ السُّوءِ الوَطءَ في الدُّبرِ، أو دُوْنَ الفَرجِ كَانَ مُولِياً وإنْ قَالَ: أَردتُ جِمَاعَاً ضَعيفَاً لا يَزيدِ عَلَى التقَاءِ الختَانَينِ، لَمْ يكنْ مُولِياً وتحصُلُ الفيئةُ بإيلاجِ الحشَفَةِ في الفَرجِ.

بَابُ ما يصيُرُ بهِ مُولِياً وألفَاظِ الإيلاءِ والفيئةِ
لا يَختَلِفُ المذهَبُ أنهُ إذا حَلَفَ بِاللهِ تَعَالَى أو بِصفَةٍ مِنْ صِفَاتهِ أنهُ يَصِيرُ مُولِياً فأمَّا إنْ حَلَفَ بغَيرِ اللهِ منَ النَّذرِ وَالعِتاقِ والطَّلاقِ فَظاهِرُ مَذهَبهِ لا يَصِيُر مُولِياً بذَلِكَ ونُقِلَ عَنْهُ أنَّهُ يَكونُ مُولِياً. فَعلَى هَذَا إذا قَالَ: إنْ وطِئتُكِ فَعبدِي حُرٌّ أو للهِ عَلَيَّ أنْ أعتِقَ رَقبةً أو فَزوجَتُه طَالِقٌ فَهوَ مُولٍ (2). فَإنْ قَالَ: إنْ وَطئتُكِ فَأَنتِ زَانِيَةٌ لَمْ يَكُنْ مُولِياً وَكَذلِكَ إنْ قَالَ: إنْ وطئتُكِ فَلِلهِ عَليَّ صَومُ هَذَا الشَّهرِ لَمْ يَكُنْ مُولِياً. وإذا صَحَّ الإيلاءُ ضُربتْ لَهُ مدَّةُ أَربَعةِ أَشهُرٍ مِنْ حِينِ اليَمينِ /325 و/. فَإنْ كَانَ لَهُ هُناكَ عذرٌ يمَنعُ الوَطءَ، وَكانَ مِنْ جِهَةِ الزَّوجَةِ، مِثلَ أنْ تَكونَ مَريضَةً أو مَجنونَةً أو نَاشِزَاً أو مَحبوسَةً أو صَغيرَةً، أو مُحرِمَةً أو صَائمَةً فرضَاً لَمْ تحتسِب عَلَيهِ بالمدَّةِ. وإنْ طَرأَ شَيءٌ مِنْ هَذهِ الأعذارِ في المدَّةِ انقَطَعتْ فَإنْ زَالَ العُذرُ استُؤنِفَتِ المدَّةُ. فَإنْ كَانَ العُذرُ حَيضَاً احتُسِبتْ عَلَيهِ بِالمدَّةِ وإنْ
__________
(1) في الأصل: ((افتقك)).
(2) في الأصل: ((مولي)).

(1/467)


كَانَ نِفَاسَاً احتمَلَ وَجهَينِ (1). فَإنْ كَانَ العُذرُ مِنْ جِهَةِ الزَّوجِ كَالمَرضِ والسَّفَرِ والإحرَامِ والصَّومِ وَالاعتِكَافِ الوَاجِبيَنِ والحَبسِ احتُسبَتْ عَلَيهِ بالمدَّةِ. وَقَالَ شَيخُنَا تُحسَبُ المدَّةُ سَواءٌ كَانَ العُذرُ مِنْ جِهَتهِ أو مِنْ جِهَتِها (2). فَإنْ آلى (3) مِنَ الرَّجعِيَّةِ في عِدَّتها صَحَّ الإيلاءُ في أظهَرِ الرِّوايتَينِ. وَلَم تَصِحَّ في الأخرَى (4). فَإنْ آلى مِنْ زَوجَتِهِ ثمَّ أَبانَها انقطَعتْ مُدَّةُ الإيلاءِ. فَإنْ عَادَ فَتزوَجَهَا عَادَ حُكمُ الإيلاءِ وإذا انَقَضَتِ المدَّةُ طَالبَتِ المرأةُ بالفيئَةِ وقَفَ وطُولِبَ بِالفَيئةِ وهي الجِمَاعُ إنْ كَانَ قادِرَاً عَلَيْهِ. فَإنْ قَالَ: أمهِلُوني حَتَّى أَقضِيَ صَلاتِي، أو آكُلَ الخُبزَ فإني جَائِعٌ، أو حَتَّى نَهضمَ الطَّعامَ فَإني مُمتليءٌ أو أَنامَ فأني قَد غَلَبَني النُّعاسُ، وَجَبَ أنْ يُمهَلَ بِقَدرِ ذَلِكَ وَإنْ كَانَ غَيرَ قادِرٍ عَلَى الوَطءِ أُمِرَ بِفَيئةِ المَعذورِ فَإذا أفاءَ إليهَا لَزِمتهُ الكَفَّارُة إنْ كَانَتِ اليَمِينُ بِاللهِ تَعَالى. وإنْ كَانَتْ بصَومِ أو عِتقٍ فَهوَ مُخيرٌ بَينَ أنْ يَفعَلَ ذَلِكَ، أو يُكفِّرَ كفارةَ يمينٍ. فَإنْ كَانتِ اليَمِينُ بالطَّلاقِ الثَّلاثِ فَإذا غَيَّبَ الحشفَةَ طلقَتَا ثَلاثَاً وَيلزَمُهُ أنْ يَنزِعَ فَإنْ استَدامَ لزِمَهُ المَهرُ. وَهَلْ يَلزمُهُ الحدُّ يحتَمِلُ وَجهينِ؟ فَإنْ انقَضَتِ المدَّةُ وَالمرأةُ حَائضٌ، أو نُفسَاءُ، أو مُحرِمَةٌ، أو مُعتكِفَةٌ لَمْ يكُنْ لها مُطَالبتُهُ بِالفَيئَةِ. فَإنْ انقَضَتْ وَهوَ مُظاهِرٌ، لَمْ يكُنْ لَهُ أنْ يطأَ حَتَّى تُكِفِّرَ فَإنْ قَالَ: أمهِلُوني حَتَّى أَطلبَ رَقَبةً أَعتِقَها عَن طَهارَتي أُمهِلَ إلى ثَلاثَةِ أيامٍ فَإنْ انقَضَتِ المدَّةُ وأعتَقتهُ المرأَةُ منَ المطَالَبةِ بِالفيئَةِ سَقَطَ حَقُّها ولم يَكنْ لَها مطالبتُهُ بَعدَ ذَلِكَ. وَيحتَمِلُ أنْ لا يَسقُطَ وَيكونَ لَها المطَالَبةِ. وإذا وَجبَتْ عَلَيهِ الفَيئَةُ فَلمْ يفِيء أمرَ بالطَّلاقِ فَإنْ لَمْ يُطلِّقْ حُبسَ وَضُيِّقَ عَلَيهِ /326 ظ/ حَتَّى يُطّلقَ في إحدّى الرِّوايتَينِ وفي الأُخرَى يُطّلقُ عَلَيهِ الحاكِمُ (5). فَإنْ طّلقَ ثَلاثَاً أو فَسَخَ صَحَّ كَما لَو طَلقَ وَاحِدةً فَإنْ طَلَّقَ المولي طّلقةً فَهلْ تَقَعُ رَجعِيَةً أو بائن؟ فَنقَلَ شَيخُنا: أَنَّها تكونُ رَجعِيَةً، وَقَالَ ابنُ أبي مُوسَى فِيهَا رِوَايَةٌ أخرَى يَكونُ بَائِناً (6). وَمدَّةُ إيلاءِ الرَّقِيقِ والأَحرَارِ سَوَاءٌ، وَعنهُ أنَّ مُدةَ
__________
(1) الوجه الأول: لَمْ تضرب لَهُ المدة حَتَّى يزول كسائر الأعذار. والثاني: كالحيض لَمْ يمنع ضرب المدة. انظر: المقنع: 249، والمغني: 8/ 531، والشرح الكبير: 8/ 537 - 538، والزَّرْكَشِيّ: 3/ 405.
(2) الأولى: رِوَايَة ابن منصور، والثانية: رِوَايَة الميموني. انظر: الروايتين والوجهين: 139/ أ، والمحرر: 2/ 87، والزَّرْكَشِيّ: 3/ 405.
(3) في الأصل: ((الا)).
(4) انظر: المغني: 8/ 522، والمحرر: 2/ 87، والزَّرْكَشِيّ: 3/ 402.
(5) نقل الرواية الأولى: صالح وإسحاق وإبراهيم والثانية نقلها: صالح في موضع آخر والأثرم وأبو طالب وحبيش. انظر: الروايتين والوجهين: 138/ أ-ب، والمغني: 8/ 541 - 542، والزَّرْكَشِيّ: 3/ 408.
(6) انظر: المغني: 8/ 542، والمحرر: 2/ 87، والزَّرْكَشِيّ: 3/ 408.

(1/468)


إيلاءِ الرَّقِيقِ عَلَى النِّصفِ مِنْ مدَّةِ الأَحرارِ (1). ولا حَقَّ للسَيدِ في المُطالَبةِ بِالفَيئةِ والعَفوِ عَنهَا وإذا ادَّعى الزَّوجُ أنَّهُ فَاءَ إليهَا فَإنْ كَانَتْ ثَيباً فالقَولُ قَولُهُ وإنْ كَانَتْ بِكرَاً فَشَهِدَتِ امرَأةٌ مِنَ الثقَاتِ ببَكَارَتِها فَالقَولُ قَولُها وإنْ شَهِدَتْ بثُيبوبتِها فَالقَولُ قَولُهُ وَهَلْ يلزمُ مَعَ ذَلِكَ اليَمينُ؟ قَالَ أبو بَكرٍ: لا يَلزَمُ وَقَالَ الخِرَقِيِّ تَلزمُهُ اليَمينُ (2).