الهداية
على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني كِتابُ العِدَدِ
بَابُ ما تنْقَضِي بِهِ العِدَّةُ
لا عِدَّةَ عَلَى مَنْ لا يَجْتَمِعُ بِها الزَّوْجُ أوْ يَمُوتُ عَنْها،
فأمَّا إنْ فارَقَها بَعْدَ اسْتِمْتاعِهِ بِها أوْ خَلوَتِهِ وهِيَ
مُطاوِعَةٌ فَعَلَيْها العُدَّةُ، فإنْ كَانَتْ حَامِلاً لَمْ تَنْقَضِ
عِدَّتُها إلا بِوَضْعِ الحَمْلِ الذِي تَصورَ فِيْهِ شَيءٌ مِنْ خُلُقِ
الإنْسانِ، فإنْ وضَعَتْ مُضْغَةً فَذَكَرَ ثِقَاتٌ مِنْ القَوابِلِ أنَّها
مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ فَهَلْ تَنْقَضي بِهِ العِدَّةُ أمْ لا، عَلَى
رِوَايَتَينِ (3). وأكْثَرُ مُدَّةِ الحَمْلِ أرْبَعُ سِنِينَ وعَنْهُ
أكْثَرُهُ سَنَتانِ فإنْ ولَدَتْ ولَدَاً بَعَدَ مُدَّةِ أكْثَرِ الحَمْلِ
لَمْ يَلْحَقْ بالزَّوْجِ إذا كَانَ
__________
(1) انظر: الروايتين والوجهين 151/ أ.
(2) لأنه أعرف بنفيه فيرجع إليه، والعمدة في ذَلِكَ عَلَى طبع الإنسان.
انظر: الروايتين والوجهين 151/ أ.
(3) الرواية الأولى تنقضي العدة نقلها يوسف بن موسى. والرواية الثانية لا
تنقضي بِهِ العدة نقلها إبراهيم بن الحارث. انظر: الروايتين والوجهين
228/ب.
(1/483)
الطَّلاقُ بائِنَاً وَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ
العِدَّةُ؟ يَحْتَمِلُ وجْهَينِ (1). ولا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ
الأمَةِ أوْ الحُرَّةِ في ذَلِكَ، فإنْ كَانَتْ مِنْ ذَواتِ الإقْراءِ
وكَانَتْ حُرَّةً فَعِدَّتُها ثَلاثَةُ إقْراءٍ، وإنْ كَانَتْ أمَةً
فِعِدَّتُها قرْآنِ وإلاقْراءُ الحَيْضُ في أصَحِّ الرِّوايَتَينِ (2)،
فَعَلى ذَلِكَ، إنْ طَلَّقَها في الحَيْضِ لَمْ يُعْتَدَّ بتِلْكَ الحيضَةِ
قرْءاً واسْتَأنَفَتْ ثَلاثَ حيضٍ إلا أنْ تَكُونَ أمَةً فَتَسْتأنِفُ
حَيْضَتَيْنِ وَهَلْ تَقْطَعُ الرجْعَةَ وتُبَاحُ للأزْواجِ قَبْلَ
الاغْتِسَالِ مِنَ الحَيْضَةِ الأخيْرَةِ أمْ لا، عَلَى رِوَايَتَينِ (3).
ورُوِيَ عَنْهُ (4) أنَّ الإقْراءَ هِيَ الأطْهارُ فإذا طَلَّقَها وَقَدْ
بَقِيَ جُزْءٌ مِنَ الطُّهْرِ اعْتَدَّتْ بِهِ قُرْءاً، ثُمَّ إذا طَعَنَتْ
في الحَيْضَةِ الثَّالِثَةَ إنْ كَانَتْ حُرَّةً، والثَّانِيةِ إنْ كَانَتْ
أمَةً انْقَضَتْ عِدَّتُها وتَصْدُقُ في انْقِضَاءِ العِدَّةِ في ثَلاثَةً
وثَلاثِينَ يَومَاً ولَحْظَةً، إنْ قُلْنا إنَّ الإقْراَءَ الحَيْضُ وإنْ
قُلْنا الإطْهارُ صَدَقَتْ في اثْنَينِ وثَلاثِينَ يَوْماً ولَحْظَتَينِ،
فإنْ ادَّعَتْ أنَّ عِدَّتَها انْقَضَتْ في تِسْعَةٍ وعِشْرينَ يَوْمَاً
وسَاعَةٍ بالحَيْضِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُها حَتَّى تَشْهَدَ امْرأةٌ ثِقَةٌ
لَها بِذلِكَ، هَذَا في حَقِّ الحُرَّةِ، فأما في حَقِّ الأمَةِ فَيُقْبَلُ
قَولُها في سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمَاً ولَحْظَةٍ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأةٍ
عَدْلَهٍ وأنْ كَانَتْ مِمَّنْ لا تَحِيْضُ لِصِغَرٍ أوْ إياسٍ فَعِدَّتُها
ثَلاثَةُ أشْهُرٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وإنْ كَانَتْ أمَةً فَشَهْرَانِ في
إحْدَى /339 و/ الرِّواياتِ والثَّانِيةُ شَهْرٌ ونِصْفٌ والثَّالِثَةُ
ثَلاثَةُ أشْهُرٍ فإنِ انْقَطَعَ دَمُها لِغَيْرِ عَارِضٍ فإنَّها تَقْعُدُ
حَتَّى تَعْلَمَ بَراءةَ الرَّحِمِ ثُمَّ تَعْتَدَّ بالشُّهورِ وكَمْ قَدرَ
ما تَعْتَدُّ؟ قَالَ شَيْخُنا تِسْعَةَ أشْهُرٍ، ويَحْتَمِلُ أنْ تَقْعدَ
أرْبَعَ سِنِينِ، وكَذَلِكَ إذا أتى عَلَى الحَادِثَةِ زَمَانُ الحَيْضِ
ولَمْ تَحِضْ فَطلقَتْ فإنَّها تَقْعُدُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ
بالشُّهُورِ، وعَنْهُ (5) أنَّها تَعْتَدُّ بالشُّهُورِ كالصَّغِيْرَةِ
فَأمَا إنِ ارْتَفَعَ حَيْضُها بِعَارِضٍ مِنْ مَرَضٍ أوْ رَضَاعٍ فإنَّها
تَقْعُدُ حَتَّى تَحِيْضَ أوْ تَبْلغَ حَدَّ الإيَاسِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ
بالشُّهُورِ، وحَدُّ الإيَاسِ كَمَالُ خَمْسِينَ سَنَةً، وعَنْهُ (6) أنَّ
ذَلِكَ حَدُّهُ في نِسَاءِ العَجَمِ، فأمَّا
__________
(1) الوجه الأول انقضاء عدتها بالغسل من الحيضة الثانية، والوجه الآخر
بانقطاع الدم من الحيضة الثانية
وعلى الرواية الَّتِيْ تقول أن القروء الإطهار فانقضاء عدتها برؤية الدم من
الحيضة الثانية. انظر: المغني9/ 89.
(2) الرواية الأولى عن أخمد أنها الحيض واليه ذهب أصحابنا والرواية الثانية
عن أحمد أن القروء الإطهار وَقَالَ القاضي عن أحمد أن الإقراء الحيض وإليه
ذهب أصحابنا. انظر: المغني 9/ 82.
(3) أن العدة لا يحكم بانقضائها بانقضاء الحيضة الثالثة لا بدَّ من
الاغتسال وهذا أحدا الروايتين وأنهما عن أحمد واختيار أصحابه الخرقي
والقاضي والشريف والشيرازي. والرواية الثانية - تنقضي بانقضاء دمها من
الثالثة وان لَمْ تغتسل اختارها أبو الخطاب. انظر: شرح الزَّرْكَشِيّ 3/
461.
(4) في رِوَايَة الأثرم كنت أقول الإطهار وَقَالَ ابن عَبْد البر رجع أحمد
إلى أن القرء الإطهار.
انظر: المغني 9/ 82 - 83.
(5) انظر: المحرر في الفقه 2/ 106، والمغني 9/ 99، والزَّرْكَشِيّ 3/ 465.
(6) انظر: المحرر في "الفقه" 2/ 105، والمغني 9/ 92، والزَّرْكَشِيّ 3/
464.
(1/484)
حَدُّهُ في نِسَاءِ العَرَبِ فَكَمَالُ
سِتِينَ سَنَةً، فإنْ طَلَّقَها وهِيَ نَاسِيَةٌ فَحُكْمُها حُكْمُ مَنْ
أتَى عَلَيْهَا زَمَانُ الحَيْضِ فَلَمْ تَحِضْ وإذا عتقَتِ الأمَةُ في
أثْنَاءِ عِدَّتِها فإنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً انْتَقَلَتْ إلى عِدَّةٍ
حُرَّةٍ، وإنْ كَانَتْ بائِناً لَمْ تَنْتَقِلْ فإنْ حَاضَتْ الجَارِيَةُ
في أثْنَاءِ عِدَّتِها بالشُّهورِ انْتَقَلَتْ إلى الاعْتِدادِ بالإقْراءِ،
ولا بِمَا مَضَى إذا قُلْنَا الإقْرَاءُ الحَيْضُ وإنْ قُلْنَا هِيَ
الإطْهَارُ فَهَلْ تَعْتَدُّ بِما يَعْتَدُّ بِمَا مَضَى قُرْءً،
يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ (1)، ومَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أوْ زِنَا
فَعِدَّتُها عِدَّةُ المُطَلَّقَةِ، وحَكَى الشَّرِيْفُ أبُو عَلِيٍّ بْنُ
أبي مُوسَى رِوَايَةً أُخْرَى (2)، أنَّ الزَّانِيَةَ تَسْتَبْري بِحيضةٍ،
ومَنْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وكَانَتْ حَامِلاً اعْتَدَّتْ بِوَضْعِ
الحَمْلِ، إلا أنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لا يَجُوزُ أنْ يلْحَقَ بِهِ الحَمْلُ،
كَالصَّبيِّ، ومَنْ عقَدَ عَلَيْهَا ومَاتَ عُقَيْبَ القَبُولِ
والمَشْرِقِيَّةِ بالمَغْرِبيِّ فإنَّها تَعْتَدُّ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ
وعَشْرَاً مِثْلَ عِدَّتِها لَوْ كَانَتْ حَامِلاً، وتَعْتَدُّ الأمَةُ
بِشَهْرينِ وخَمْسَةِ أيامٍ وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ أنَّهُ إذا مَاتَ
الصَّبَيُّ عَنْ زَوْجَتِهِ وهِيَ حَامِلٌ انْقَضَتْ عِدَّتُها بِوَضْعِ
الحَمْلِ (3)، ولا يلحقُ بِهِ، وفِيْهِ بُعْدٌ فإنْ أبانَها بَعَدَ
الدُّخُولِ في مَرَضِ مَوتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا اعْتَدَتْ بأطْولِ
الأجَلينِ مِنْ ثَلاثَةِ إقْراءٍ أوْ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ، وإنْ
كَانَ الطَّلاقُ رَجْعِياً اعتَدَّتْ بأرْبَعَةِ أشْهُرٍ سَواءَ كَانَ قَدْ
دَخَلَ بِها أوْ لَمْ يَدْخُلْ كَالزَّوجَةِ سَواءً، وإذا مَاتَ عَنْهَا
فإنْ بانَتْ بأنْ ظَهَرَ مِنْهَا إمَارَاتُ الحَمْلِ بِحَرَكَةٍ في الجَوفِ
وانْتِفَاخٍ نَظَرْنَا فإنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَضَاءِ العِدَّةِ
بالشُهورِ لَمْ تَزَلْ في عِدَّةٍ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ، ولَوْ إلى
مُدَّةِ الحَمْلِ حَتَّى لَوْ تَزَوجَتْ قَبْلَ زَوالِها لَمْ يَنْعَقِدِ
النِّكَاحُ وإن /340 ظ/ ذَلِكَ بَعْدَ العِدَّةِ والتَّزْويْجِ فالنِّكَاحُ
صَحِيحٌ في الظَّاهِرِ فإنْ وَضَعَتْ الحَمْلَ بَعَدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ مِنْ
حِيْنِ العَقْدِ أوْ لَمْ تَضَعْ حَمَلاً وزَالَتِ الرِّيْبَةُ فَهُوَ
صَحِيحٌ في البَاطِنِ أيْضَاً، وإنْ وَضَعَتْ الحَمْلَ قَبْلَ سِتَّةِ
أشْهُرٍ مِنْ حِيْنِ العَقْدِ بَانَ لَنَا أنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ وإذا
مَاتَ عَنْهَا أوْ طَلَّقَها وَهُوَ غَائِبٌ ثُمَّ عَلِمَتْ بِذَلِكَ
بَعَدَ مدَّةٍ فَعِدَّتُهَا مِنْ حينِ الفُرقَةِ، في أصَحِّ الروايتيَنِ
(4) والأخرَى (5) إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بالبينَةِ فَعِدَّتُهَا مِنْ حِينِ
الفُرقَةِ، وإنْ بلَغَهَا ذَلِكَ خَبراً فَعِدَّتُهَا مِن الخَبَرِ، وإذا
غَابَ الرَّجلُ عَن زَوجتِهِ فَما لَمْ يقطعْ خَبرهُ فالزَّوجيَّةُ
قَائِمَةٌ فإنِ انقَطَعَ خَبرهُ
__________
(1) الأول تعتد بِهِ والثاني لا تعتد بِهِ وَهُوَ ظاهر كلام الشافعي.
انظر: المغني 9/ 103، وشرح الزَّرْكَشِيّ 3/ 466.
(2) والمزني بها كالموطوءة بشبهة وبهذا قَالَ الحسن والنخفي وعن أحمد
رِوَايَة أخرى أنها تستبرأ بحيضة ذكرها ابن أبي موسى وهذا قَوْل مالك.
انظر: المغني 9/ 79.
(3) انظر: المغني 9/ 110، وشرح الزَّرْكَشِيّ 3/ 467 - 468 وعن ابن عَبَّاس
قَالَ في المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها أنها تعتد بطول الأجلين وَِهُوَ
إحدى الروايتين عن عَلِيّ رضي الله عَنْهُ.
(4) انظر: الزَّرْكَشِيّ 3/ 489، والمغني 9/ 130.
(5) انظر: شرح الزَّرْكَشِيّ 3/ 490، والمغني 9/ 131.
(1/485)
لِغَيبةٍ ظاهرُهَا السَّلامةُ فالحكمُ
كَذلِكَ، حَتَّى يَثْبُتَ مَوتُهُ، ونقلَ أحْمَدُ بنُ أصَرمَ المزَنيُّ
عَنْ أحْمَدَ رحِمَهُ اللهُ أنه إذا مضَى عَلَيْهِ تِسعُونَ سَنَةً قُسِّمَ
مَالُهُ (1) وعلى هَذَا تَعْتَدُ زَوجتُهُ عِدَّةَ الوفَاةِ، وَتُبَاحُ
لِلأَزواجِ فإنِ انقطَعَ خَبرُهُ بِغيبةٍ ظَاهرُهَا الهلاكُ مثل أنْ
يَكْسِرَ بهم في البَحرِ فَيغرق قَومٌ دُوْنَ قَومٍ أو يكونَ بينَ
الصَّفينِ فَيقتلَ قَومٌ ويسلَمَ قومٌ ونحو ذَلِكَ فرُويَ عَنْهُ (2) أنَّ
زوجتَهُ تَتَربَّصُ أربعَ سِنينَ، ثمَّ تقضِي عِدَّةَ الوفَاةِ، وَتَحِلُّ
للأزواجِ، ونَقلَ عَنْهُ أبو الحارِثِ كنتُ أقولُ ذَلِكَ، فَقدِ ارتَبتُ
فِيْهِ اليَومَ وهَبتُ الجوابَ لاختِلافِ النَّاسِ، فكأنِّي أَحِبُّ
السَّلامَةَ وهَذا تَوقفٌ يحتَمِلُ (3) الرُّجوعَ عمَّا قالَهُ وتَكونُ
المرأةُ عَلَى الزَّوجيَّةِ حَتَّى يَثبُتَ مَوتُهُ ويَحتَمِلَ التَّورعَ
وَيكونُ ما قالَهُ أولا بحالِهِ في الحُكمِ فَعَلَى هَذَا هَلْ يفتَقِرُ في
ذَلِكَ إلى رَفعِ أمرِهَا إلى الحَاكِمِ أم لا عَلَى رِوايتَينِ (4) وإذا
حَكَمَ بالفِرقةِ فَتزوجَتْ فإنما يُنفذُ الحُكمُ في الظَّاهِرِ دُوْنَ
البَاطِنِ، فَعَلَى هَذَا لو طلقَهَا الزَّوجُ الأولُ أو ظَاهَرَ مِنْهَا
لَزِمَهُ ذَلِكَ وَيَتخَرجُ أنْ ينفذَ الحكمُ باطِنَاً فَإنْ قَدِمَ
الزَّوجُ الأولُ، فالمنصُوصُ أنَّهُ إن كَانَ قدومُهُ قبلَ دُخولِ
الثَّانِي بها فَهِيَ زَوجةُ الأَولِ وإنْ كَانَ بَعدَ دُخولِهِ بِها
خَيَّرَ الأَولُ بَينَ أَخذهَا أو أَخذِ صَداقِهَا مِنَ الثَّاني وَتركِهَا
مَعهُ، وفي مِقدارِ المأخوذِ رِوايتَانِ أَحدُهُما يَأخُذُ ما أَصْدَقَها
وَالثَّاني يَأخُذُ ما أصدَقَها (5) الثَّانِي، وَهَلْ يرجعُ الثَّانِي
عَلَيْهَا بما أخَذَهُ مِنهُ الأولُ عَلَى رِوايتَينِ (6) وَعندِي أنَّ
قياسَ المذهَبِ إنَّا إنْ حكَمنَا بِوقُوعِ الفرقَةِ ظَاهِراً أو باطِنَاً
فَهِيَ زَوجَةُ الأولِ بكلِّ حَالٍ، ووطءُ الثَّاني لَها وطءٌ /341 و/
بِشبهَةٍ تقضى منهُ العِدَّةَ، وهيَ في زَوجِيَّةِ الأولِ، وكذلِكَ كُلُّ
مِن وطِئَتْ بشُبهَةٍ وَجبَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ المطلَّقةِ والعِدَّتانِ
مِنَ الرَّجلَينِ لا تَتَداخَلانِ بِحَالٍ فلَو بَانَتِ امرأةٌ مِنْ
زَوجِهَا فوطئت في عِدَّتِها بنِكَاحٍ فَاسِدٍ أو شبهَةٍ فإنَّ عِدَّتَها
لا تَنقَطِعُ، بذلِكَ يلزَمُهَا أنْ تَقضِيَ عِدَّةَ الأَولِ ثم يَستَأنِفَ
للآخَرِ عِدَّةً، فإنْ عَلَقَتْ مِن ذَلِكَ الوَطءِ وَوضَعتهُ في مُدَّةٍ
يَجوزُ أنْ يَكونَ مِنهمَا عُرِضَ عَلَى القَافَةِ، فَإنْ ألحقوهُ
بإحدِهِما انقضَتْ عِدَّتُها مِنهُ، وقَضَتْ عِدَّةَ الآخرِ والعدَّتَانِ
مِنْ رَجلٍ وَاحِدٍ
__________
(1) انظر: المغني 9/ 131.
(2) انظر: المغني 9/ 132.
(3) نقل عن أحْمَد أنَّهُ يحتمل الرجوع عما قاله وتربص أبداً ويحتمل التورع
ويكون المذهب ما قاله.
انظر: المغني 9/ 133.
(4) الرواية الأولى تفتقر لأنها مدة مختلف فيها والثانية لا تفتقر لأنها
مدة تعتبر لإباحة النكاح.
انظر: شرح الكبير 9/ 121.
(5) انظر: الشرح الكبير 9/ 124.
(6) أحدهما يرجع بِهِ لأنها غرامة لزمت الزوج والثاني لا يرجع لان الصحابة
لَمْ يقضوا بالرجوع.
انظر: الشرح الكبير 9/ 1214.
(1/486)
بتَداخلٍ، فلو طلَّقَ زَوجتَهُ ثم
رَاجَعهَا إنْ كَانَ الطَّلاقُ رَجعيَّاً أو عَقدَ عَلَيْهَا عَقدَاً
بَائناً إنْ كَانَ الطَّلاقُ بَائناً ثم طلَّقهَا فإنْ كَانَ طَلاقُهُ
للثاني بَعدَ وَطئهَا استَأنَفَتْ عِدَّةً وبطلتْ الأُولى، وإنْ كَانَ
قَبلَ وَطئهَا بَنتْ عَلَى العِدَّةِ الأُولى وَهُوَ اختِيارُ الخِرقِيِّ
(1) وعَنهُ (2) أنها تَستَأنِفُ عِدَّةً أخرَى، وهيَ اختيارُ أبي بَكرٍ
فإنْ وَطِئهَا المطلِقُ بِشُبهَةٍ في عدَّتِها استَأنَفتِ العِدَّةَ
ودخلَتْ فِيهَا البقية مِنَ العِدَّةِ الأُولى وإذا تَزوجَتْ في عِدَّتِها
وَدَخلَ بها الثَّاني لَمْ تَحرُمْ عَلَيْهِ في إحدَى الرِوايتَينِ (3)،
وَلكِنهُ لا يَجوزُ لَهُ العَقدُ عَلَيْهَا إلا بعدَ كَمالِ العِدَّتينِ،
وَعَنهُ (4) أنها تَحرمُ عَلَيْهِ عَلَى التَأبيدِ.
بابُ أحكَامِ العِدَدِ
المعتداتُ عَلَى خَمسةِ أَضرُبٍ الرجعيةُ فلَهَا عَلَى زَوجِهَا النفَقةُ
والسُكنَى لِمدةِ عِدَّتِهَا، وَالبائنُ بفَسخٍ أو طَلاقٍ، فإنْ كانَتْ
حَامِلاً استَحقَّتِ النَفَقَةَ والسُّكنَى، وإنْ كانَتْ حَائلاً فَلا
نفقَةَ لها وَهَلْ تَستحِقُّ السُكنَى عَلَى رِوايتَينِ (5) والموطوءة
بِشُبهَةٍ أو في نِكاحٍ فاسِدٍ إنْ كانَتْ حائلاً فلا نفقَةَ لها ولا
سُكنَى، وإن كَانَتْ حَامِلاً فعلَى أصلِهِمَا أحدُهُما هَلْ تَجِبُ
النَفقةُ للحَملِ أو للحَامِلِ فإنْ قُلنا تَجِبُ للحَملِ فَعَليهِ
النَّفقَةُ هَاهُنا وإنْ قُلنا للحَاملِ فلا نَفَقَةَ عَلَيْهِ ولا سُكنَى،
والمتوفى عَنهَا زَوجُها فلا نَفَقَةَ لها ولا سُكنَى إنْ كانَتْ حَامِلاً
وإنْ كانَتْ حَائلاً فَعَلَى روايتَينِ (6) والزَّانِيةُ فلا نفقَةَ لها
ولا سُكنَى، سَواءٌ كانَتْ حَامِلاً أو حَائِلاً، ولا يجِبُ الإحدادُ في
عِدَّةِ الرَّجعِيةِ، والموطوءةِ بشبهَةٍ وفي نِكاحٍ فَاسِدٍ، وأمِّ
الولَدِ والأمَةِ والزَّانِيةِ وهل تَجِبُ في عِدَّةِ الوفاةِ عَلَى
البَائنِ أم لا عَلَى رِوَايتينِ (7) وَسَواءٌ في ذَلِكَ المُسلِمَةُ
والذِّميَّةُ /342 ظ/ والمكلفَةُ وغيرُ المُكَلفَةِ والإحدَادُ اجتِنابُ
الزِينةِ وَما يَدعُو إلى جِمَاعِهَا كَلَبسُ الحليِّ والطِّيبِ والحنَّا
والكُحلِ الأَسوَدِ وَالخِضَابِ
__________
(1) لان الرجعة لا تزيد عَلَى النكاح الجديد. انظر: الشرح الكبير 9/ 142،
والمقنع /261.
(2) لأن الرجعة أزالت شعث الطلاق ورد بها الإنسان النكاح. انظر: الشرح
الكبير 9/ 142، والمقنع /261.
(3) أحدهما تحرم عَلَيْهِ عَلَى التأبيد وبه قَالَ مالك والشافعي في القديم
والثاني تحل لَهُ قَالَه الشافعي في الجديد.
انظر: الشرح الكبير 9/ 140.
(4) انظر: الشرح الكبير 9/ 140.
(5) انظر: الشرح الكبير/9/ 158 إذا كانت حاملاً ليس لها السكنى فتطوع
الورثة بإسكانها في سكن زوجها وإذا كانت حاملاً تستحق السكنى.
(6) انظر: الشرح الكبير 9/ 155.
(7) انظر: المصدر السابق.
(1/487)
والكلكون وأسفيذاج العرائسِ والخِفَافِ
والملون مِنَ الثيابِ لِتَحسينِ الثَّوبِ كالأَحمَرِ والأصفَرِ والأخضَرِ
الصَّافِي والأزرَقِ الصَّافِي وأما الملونُ لِدَفعِ الوسَخِ كالكحليِّ
والأسوَدِ فلا تُمنعُ مِنهُ، ويجِبُ في عِدَّةِ الوفَاةِ في المنْزِلِ
الذِي وَجَبَتْ فِيْهِ إلا أنْ تَدعُوَ ضَرورةٌ إلى خُروجِهَا عَنْهُ بأنْ
يحولَها مالكُهَا أو تَخشَى عَلَى نَفسِها فَتَنتَقِلَ إلى أقربِ ما يُمكنُ
مِنهُ ويجوزُ لها الخُروجُ مِنْ منْزِلِها نَهاراً فأما لَيلاً فلا يجوزُ
لَها الخُروجُ، وإذا أذنَ لِزوجتِهِ في النُقلةِ لتقيمَ في بَلَدٍ فَخرجَتْ
ثُمَّ مَاتَ، فإن مَاتَ قَبلَ أنْ تُفَارِقَ سورَ البلَدِ لَزِمَها العَودُ
إلى منْزلِها فَتَعتَدُّ فِيهِ، وإنْ مَاتَ بَعدَ أنْ فَارقَتِ البيوتَ
لَزِمَها المضيُّ وَقضَاُء العِدَّةِ في ذَلِكَ البَلَدِ ويحتَمِلُ (1) أنْ
تَكونَ بالخِيارِ بينَ البلَدَينِ فإنْ إذنَ لَها في الحَجِّ ثُمَّ مَاتَ
فأحرَمَتْ لَزِمَها أنْ تَعتَدَّ في منْزِلِها، وإنْ فاتَها الحجُّ
وتَحللتْ بِعمَلٍ غِيرِهِ وإنْ أحرَمتْ ثُمَّ مَاتَ فَظاهِرُ كَلامِهِ في
رِوَايَةِ حَربٍ وَيعقوبَ أنها تُقيمُ لِقضاءِ العِدَّةِ وإنْ فَاتَها
الحجُّ، وَقَالَ شَيخُنا (2) إنْ خَشِيتْ الفَواتَ مضَتْ في الحجِّ وإنْ
لَمْ تخشَ أقَامتْ فَقضِيتْ العِدَّةَ ثُمَّ حَجَّتْ فإنْ سَافَرَ بِها
ثُمَّ مَاتَ في بَعْضِ الطَّريقِ فإنْ كانَتْ قَريبَةً عَادتْ إلى
منْزِلِها وإنْ كَانتْ عَلَى بُعدٍ كَمسافَةِ التَّرَخُصِّ فَصَاعِداً
فَهِيَ بالخِيَارِ بَيْنَ المُضِيِّ إلى منْزِلِها أو العَودِ إلى بَلَدِها
فأما المبتُوتَةُ فلا تَجِبُ عَلَيْهَا العِدَّة في مَنْزِلِ طَلاقِهَا
وَلَها الانتِقَالُ عَنْهُ وَالاعْتِدَادُ في غيرِهِ نَصَّ (3) عَلَيْهِ.
بَابُ الاستبراءِ
إذا مَلَكَ الرَّجلُ أمةً تَحِلُ لَهُ لَزِمَهُ أنْ يَستبرِئَها إنْ كانَتْ
حَامِلاً بِوَضعِ الحَملِ وإنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الأقرَاءِ استَبرَأها
بِحَيضةٍ كَامِلةٍ وإنْ كانتْ صَغيرةً أو آيسَةً استَبرأها بِشهرٍ وَعَنهُ
(4) تُستَبرَأُ بِثلاثَةِ أشهر وهيَ اختيارُ الخِرقِيِّ (5) فإنِ ارتفَعَ
حَيضُها لا تدرِي مَا رَفعهُ استبراءهَا بعشرَةِ أشهُرٍ نَصَّ عَلَيْهِ (6)
فإنْ كانتْ مِمَنْ لا يَحلُّ لَهُ كالمجوسِيةِ والمُرتدَّةِ والمُعتدَّةِ
وأمِّهِ وأختِهِ مِنَ الرَّضَاعةِ لَمْ يَلزمْهُ الاستِبراءُ، وَكَذلِكَ
إنْ مَلكَتِ امرأةٌ أمَةً /343 و/ لَمْ يَلزَم الاستِبراءُ، وإنْ كانتْ
صَغِيرةً لا يوطأ مِثلُها فَهلْ يَجِبُ الاستِبراءُ عَلَى
__________
(1) انظر: المقنع 262، والشرح الكبير 9/ 16.
(2) انظر: المقنع 262، والمغني 9/ 183.
(3) انظر: المقنع 262، والشرح الكبير 9/ 169.
(4) انظر: الشرح الكبير 9/ 190، والزَّرْكَشِيّ 3/ 476.
(5) انظر: الشرح الكبير 9/ 189، والزَّرْكَشِيّ 3/ 476.
(6) في المسألة روايتان أحدهما أنها تستبرأ بعشرة أشهر والثانية بسنة.
انظر: الشرح الكبير 9/ 190، والزَّرْكَشِيّ 3/ 477.
(1/488)
روايتَينِ (1) فإنْ أسلَمتِ المجوسِيَةُ
والمرتدَّةُ فإنها تَحلُّ للسيِّدِ بِغيرِ استِبراءٍ، فإنْ كانتْ أمتَهُ
فَعجِزتْ وعَادتْ إليهِ أو ارتَدَّتْ أو ارتَدَّ السيِّدُ ثُمَّ عَادَ إلى
الإسلامِ أو اشتَرَى زَوجتَهُ الأمَةَ وَرَهنَها ثُمَّ أنفذَ الرَّهنَ
جَازَ لَهُ الوطءُ قَبلَ الاستِبراءِ في جَميعِ هِذهِ المسائِلِ، فإنْ
اشتَرَى أمَةً فَحاضَتْ في يَدِ البائِعِ قَبلَ القَبضِ أو وَلدتْ حَصَلَ
بذلِكَ الاستِبراءُ، وعَنهُ لا يحصُلُ (2)، فإنْ وجدَ ذَلِكَ في مُدَّةِ
الخيارِ حَصَلَ الاستِبراءُ بِذلِكَ إذا قُلنَا أنَّ بَيْعَ الخِيارِ
يَنْقُلُ الملِكَ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ عَنِ الاسْتِبْراءِ، وإنْ باعَها
ثُمَّ تَقايَلا أوْ فُسِخَ البَيْعُ بالعَيْبِ لَمْ يَحِلَّ وطْؤها حَتَّى
يَسْتَبْرِئْها إذا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ القَبْضِ وإنْ كَانَ قَبْلَ
القَبْضِ فَعَلى رِوَايَتَينِ إحْداهُما (3) تَحِلُّ مِنْ غَيْرِ
اسْتِبراءٍ، والأخْرى لا تَحِلُّ فَإنْ ابْتَاعَ أمَةً مُزَوَّجَةً
فَطَلَّقَها الزَّوجُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى
يَسْتَبرِئها (4) فإنْ طَلَّقَها بَعْدَ الدُّخُولِ اعْتَدَّتْ مِنَ
الطَّلاقِ وَهَلْ يَدْخُلُ الاسْتِبراءُ في العِدَّةِ أمْ لا عَلَى
وجْهَينِ (5) فإنِ اسْتَبرَأها غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ فَعَتَقَها قَبْلَ
الاسْتِبراءِ وتَزَوَّجَها لَمْ يَحِلَّ لَهُ حَتَّى يستبرءها ثُمَّ يعقدَ
فإنْ اشْتَرى عبدَه التاجر أمَةً واسْتَبْرَأها أوِ اشْتَرى مكاتبة ذا
رَحمِهِ فَخَصَى عَبدَهُ ثُمَّ اشْتَرى الأمَةَ مِنْ عَبْدِهِ ومكاتبة، أوْ
عَجَزَ العَبْدُ المكاتبُ فإنهنَّ يُبَحْنَ للسيدِ مِنْ غَيْرِ
اسْتِبَراءٍ، ومَنْ حَرُمَ عَليهِ وطْؤها لأجْلِ الاسْتِبْرَاءِ لَمْ
يَجِزْ لَهُ التَّلذُّذُ بالمَسِّ والنَّظَرِ إلا المَسْبِيَّةَ فإنَّها
عَلَى رِوايَتَينِ (6)، وإذا وطِئ أمَتَهُ ثُمَّ أرَادَ بَيْعَها لَزِمَهُ
أنْ يستبرءهَا بحيضَةٍ في إحدَى الروايتينِ (7) ولا يلزمُهُ ذَلِكَ في
الأخرى فإنْ أرادَ تَزويجَهَا لَمْ يَجِزْ حَتَّى يستبرءها فإنْ باعَهَا أو
زَوَّجَها قبلَ أنْ يطأهَا جَازَ قبلَ الاستِبراءِ، وإذا أعتَقَ أمَّ
ولدِهِ في حَياتِهِ أو مَاتَ عَنهَا لزِمَهَا الاستِبراءُ عَلَى ما بينَاهُ
في عتقِ أمهَاتِ الأولادِ، فإنْ أعتقَها أو مَاتَ عَنهَا وَهيَ مزوجَةٌ
لَمْ يَلزَمْهَا الاستِبراءُ وكَذلِكَ إنْ كَانَتْ في عِدَّةٍ منَ الزَّوجِ
فعتقَها السَّيدُ أو مَاتَ فإنْ مَاتَ زَوجُها وَسيدُهَا أحدُهما قبلَ
__________
(1) ويجب الاستبراء وبه قطع أبو مُحمَّد عَلَى وجه والمذهب لا يجب لذلك
وإذا كانت صغيرة لا يوطأ مثلها فانه لا يجب استبراءها عَلَى إحدى
الروايتين. انظر: الزَّرْكَشِيّ 3/ 480.
(2) انظر: الشرح الكبير/9/ 179.
(3) الأولى إذا عادت إليه بعد القبض وافتراقها لزمه استبراءها وان كَانَ
قبل افتراقها أو قبل غيبة المشتري بالجارية فعليه الاستبراء في أحدهما
الروايتين. انظر: الشرح الكبير 9/ 180.
(4) انظر: الشرح الكبير 9/ 180.
(5) انظر: المغني 9/ 162.
(6) الرواية الأولى تحرم مباشرتها وَهُوَ ظاهر كلام الخرقي وَهُوَ الظاهر
عن أحْمَد والثانية لا يحرم مباشرتها.
انظر: الشرح الكبير 9/ 174.
(7) انظر: المغني 9/ 164.
(1/489)
الآخَرِ ولَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ مِنهمَا، نَظَرنا فإنْ كَانَ بَينَ
مَوتِهِا شَهرانِ وَخمسةُ أيامٍ فما دُوْنَ فعليهَا أنْ تَعتَدَّ بَعدَ
مَوتِ الأخيرِ مِنهُمَا أربعةَ أشهُرٍ وعَشرَاً لا استبراءَ فِيهَا، وإنْ
كَانَ /344 ظ / بَينَ مَوتِهما أكثرُ مِن شَهرَينِ وَخمسَةِ أيامٍ لزِمَهَا
بعدَ موتِ الأكثرِ مِنْ عِدَّةِ الوَفاةِ أو الاستبراء بحَيضَةٍ وكَذلِكَ
الحكمُ إنْ جَهِلنَا قدرَ مَا بينَ المدَّتينِ ولا مِيراثَ لَها مِنَ
الزَّوجِ، وإذا اشتَركَ رَجلانِ في وَطءِ أمَةٍ لزِمَهَا استبرآنِ، ومَنِ
اشتَرى أمَةً فظَهَرَ بِها حَبلٌ فأدَّعى البائِعُ أنَّهُ مِنهُ فإنْ
صدَّقَهُ المشتَرِي فالبيعُ باطِلٌ والولَدُ يلحَقُهُ، والأمَةُ أمُّ ولَدٍ
لَهُ وإنْ كَذَّبَهُ المشتَرِي نَظَرنا فإنْ كَانَ البائِعُ أقرَّ
بالوَطْءِ قَبلَ البَيعِ وإنَّهُ استَبرأهُ أو بَاعَ، فإنْ أتَتْ بوَلَدٍ
لِدونِ سِتَّةِ أشهُرٍ مِنْ وقْتِ البَيعِ لَحقَهُ نَسبُهُ، وصَارَتْ أمَّ
ولَدٍ، وبَطَلَ البَيعُ، وإنْ أتَتْ بِهِ لسِتَّةِ أشهُرٍ فصَاعِداً لَمْ
يَلحقْهُ الولَدُ، والبَيعُ بِحالِهِ، وكَذلِكَ إنْ كَانَ البائِعُ لَمْ
يقرَّ بالوَطءِ قبلَ البِيعِ لَمْ يقبل قولُهُ في إبطَالِ البَيعِ وَهَلْ
يَلحقُهُ نَسبُ الولَدِ يحتَملُ وجهَينِ (1) أحدُهما أنَّهُ يلحقُهُ
ويَكونُ عَبداً للمشترِي والثاني أنَّهُ لا يلحقُهُ وإذا طَلَّقَ زَوجتَهُ
الأمَةَ ثلاثَاً ثُمَّ استَبرَأهَا لَمْ يحلَّ لَهُ وطؤها إلا بعدَ زَوج
وأصابه ويحتَمِلُ (2) أنْ تُباحَ لَهُ؛ لأنهُ سبَبٌ غَيرُ النِّكاحِ. |