الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

كِتابُ الرَضاعِ
اختلفَتِ الروايةُ عَنْ أحْمَدَ - رضي الله عنه - في الرَضاعِ المحرَّمِ فَرويَ عَنْهُ: أنَّ الرضعَةَ الواحِدَةَ تحرِمُ وعنه لا تحرِمُ دونَ الثَّلاثِ وعَنهُ لا يحرمُ دونَ الخَمسِ، وَهُوَ اختِيارُ شُيوخِنا (3). وَصِفَةُ الرضعَةِ أنْ يرتَضِعَ ثُمَّ يقطَعَ باختيارِهِ فإنْ قطَعَ للتنفُسِ أو لأمرٍ يُلهِيهِ، أو قطَعَتِ المرضِعَةُ عَلَيْهِ فَقَدِ اختَلفَ أصحَابُنا فَقَالَ أبو بَكرٍ: يكونُ ذَلِكَ رضعةً وإذا عَادَ كَانَ رضعَةً أخرَى وَهُوَ ظَاهِرُ كلامِ أحْمَدَ رَحمهُ اللهُ (4)، وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ لا يُعتَدُّ بِذَلِكَ رَضعَةً وَهُوَ ظاهِرُ
__________
(1) انظر: الشرح الكبير 9/ 78.
(2) انظر: المحرر في الفقه 2/ 111، والشرح الكبير 9/ 83.
(3) نقل رواية الخمس أبو الحارث واختارها الخرقي وقال الزركشي: هي اختيار أصحابه من المتقدمين والمتأخرين. ونقل رواية الرضعة الواحدة حنبل فقال: كلما كان قبل الحولين قليلاً أو كثيراً يحرم الرضاع. ونقل الثلاث مُحمد بن العباس.
انظر: الروايتين والوجهين: 155/ب، والمقنع: 264، والمغني 9/ 192 - 193، والزَّرْكَشِيّ ... 3/ 491 - 492.
(4) نقله حَنْبَل عن الإمام أحْمَد. انظر: الهادي: 205، والمحرر 2/ 112، والشرح الكبير 9/ 201.

(1/490)


كلامِ الخَرقيِّ (1). وكَذلِكَ إنِ انتقَلَ من ثَديٍ إلى ثَديٍ أو مِنِ امرَأةٍ إلى أخرى فإنَّ أبا بكرٍ احتَسبَ بذلك رضعَتينِ (2)، وعندَ ابنِ حَامِدٍ هي رضعَةٌ واحِدَةٌ إذا لَمْ يَتطاوَلِ الفصلُ بينَهمَا، وإنْ أُوجرَ (3) مِنْ لَبنِ امرَأةٍ أو أسعطَ (4) فهل يتعلقُ بِذَلِكَ تَحريمٌ عَلَى روايتَينِ (5). وإنْ حُقِنَ باللبنِ فنصَّ أحْمَدُ رَحِمهُ اللهُ أنَّهُ لا يحرمُ. وَقَالَ ابنُ حامِدٍ: يحرمُ (6).
فإنْ شِيبَ (7) اللبنُ بغيرِهِ، فَقَالَ الخِرقيُّ: هوَ كَالمَحضِ ومعناهُ: أنَّهُ يَحرمُ. وَقَالَ أبو بَكرٍ: قِياسُ قولِهِ أنَّهُ لا يحرمُ كالوجُورِ. وَقَالَ ابنُ حامِدٍ: إنْ غَلبَ اللبنُ /345 و/ حرمَ وإنْ غَلبَ مَا خُلِطَ بِهِ لَمْ يحرمْ (8). ولا فَرقَ بينَ أنْ تشيبَهُ بمائعٍ أو جَامَدٍ. ولَبنُ الميتَةِ في نَشرِ الحرمَةِ كلبنِ الَّتِيْ لَمْ تَمتْ نصَّ عَلَيْهِ واختَارَهُ الخِرَقيُّ. وَقَالَ أبو بكرٍ الخلالُ: لا يحرمُ بحالٍ (9). وإذا ثَابَ لِلمَرأةِ لَبنٌ مِنْ غيرِ حَملٍ تَقدَّمَ فأرضَعتْ بِهِ طفلاً لَمْ تُحرَّمْ عَلَيْهِ نصَّ عَليْهِ (10). وكذلكَ إذا ثَابَ للرجلِ لبنٌ لم يُحرَّمْ. وَكذلِكَ الخُنثَى المشكِلُ، وَقَالَ ابنُ حَامدٍ يقِفُ الأمرُ أبَداً حَتَّى يَنكشَّفَ أمرُ الخُنثَى (11). وإذا شَكَّتِ المرضِعَةُ هَلْ أرضعتْهُ أم لا؟ وشَكَّتْ هَلْ كمُلَ العَدَدُ عَلَى الروايةِ الَّتِيْ تَعتبرُ العدَدَ؟ لَمْ يَثبُتِ التَّحرِيمُ بينَهمَا. فإنْ شَرِبَ طِفلانِ مِن لَبَنِ شَاةٍ أو بَقَرةٍ لَمْ تُنشرْ بينَهمَا حُرمةُ الرضَاعِ. وَمدَّةُ الرضَاعِ حَولانِ فإنِ ارتَضَعَ بعدَهُما ولو بِساعَةٍ لَمْ تُنشرْ بَينَهما حُرمةٌ. وإذا أرضَعَتِ الطفلَ في الحَولينِ فَقدَ صَارَ وَلَداً لها في تَحريم النكَاحِ وفي جَوازِ الخلوَةِ والنَّظرِ وَصارَ
__________
(1) انظر: الهادي 205، والمقنع: 264، والشرح الكبير 9/ 201، والزَّرْكَشِيّ 3/ 493.
(2) انظر: المقنع: 264، والهادي: 205، والمغني 9/ 194.
(3) الوجور: الدواء يصب في الحلق. المعجم الوسيط: 1014 والمراد بهما صب اللبن.
(4) السعوط: الدواء يدخل في الأنف. المعجم الوسيط: 431.
(5) الرواية الأولى: يثبت التحريم بهما وَهُوَ اختيار الخرقي والقاضي وأصحابه وأبي مُحمَّد. والثانية: لا يثبت بهما التحريم وَهُوَ اختيار أبي بكر. انظر: الروايتين والوجهين 156/أ، والمغني 9/ 195، الزَّرْكَشِيّ 3/ 493.
(6) انظر: المقنع 264، والمغني 9/ 197، والمحرر 2/ 112.
(7) الشوبُ: الخلطُ. شابَ الشيءَ: خلطه. تاج العروس 3/ 160 مادة شوب.
(8) انظر: المغني 9/ 197، والزَّرْكَشِيّ 3/ 494 - 495.
(9) انظر: الروايتين والوجهين 156/ب، والمقنع: 264، والمغني 9/ 198 - 19، والزَّرْكَشِيّ 3/ 495.
(10) في هذه المسألة روايتان. قَالَ ابن أبو موسى: أظهرها أنه رضاع. وكونه لا ينشر الحرمة هو المنصوص والمختار للقاضي وعامة أصحابه. والأخرى أنه ينشر الحرمة.
انظر: الهادي: 205، والمغني 9/ 206، والزَّرْكَشِيّ 3/ 496.
(11) فعلى قَوْل أبي حامد يثبت التحريم إلا أن يثبت عونه رجلاً لا يأمن كونه محرماً.
انظر: المقنع 264، والمغني 9/ 205، والمحرر 2/ 112.

(1/491)


أولادُهُ أولادَهَا وهيَ جَدَّتَهم وأمهاتُها جدَّاتِهِ وآباؤها أجدادَهُ وأولادها إخوتَهِ وأخواتِهِ وإخوَتَها أخوالهُ. ومَنْ يَنسب حملُها الذي ثَابَ لأجلِهِ اللبنُ إليه، أباهُ وآباؤهُ أجدَادَهُ وأمهاتهُ جَداتِهُ وأولادُهُ أخوتهِ وأخَواتُهُ وأخوتَهُ أعمَامَهُ، وأخواتُه عمَّاتِهِ، وأولادُ الطَّفلِ أولاداً لَهُ، وَهُوَ جَدَّهُم. وتنشُرُ حُرمةُ الرَضاعِ مِنَ المُرتضعِ إلى أولادهِ، وأولادِ أولادهِ، وإن سَفَلوا ولا تَنشُرُ حُرمتهُ إلى مَن هوَ في دَرجَتِهِ، مِنْ إخوَتهِ وأخواتهِ، ولا إلى مَنْ هوَ أعلى مِنهُ مِن آبائهِ، وَأمهَاتهِ وأعمَامِهِ وعمّاتِهِ، وأخوالهِ وخَالاتهِ فلا يحرُمُ عَلَى المرضِعَةِ أن تَتَزوجَ بأبي المُرتَضِعِ، ولا بأخِيهِ، ولا تحُرمُ عَلَى أبيِهِ منَ الرضَاعِ أنْ يتزوَجَ بأمِّ المرتَضَعِ، ولا بأختِهِ. وإذا كَانَ لَهُ امرأتَانِ صَغيرَةٌ وكَبيرةٌ لها لبنٌ فأرضَعَتِ الكبيرةُ الصغيرةَ، فإنْ كَانَ اللَبنُ مِنَ الزَّوجِ حَرمُتا عَليهِ عَلَى التأبِيدِ بِكلِ حَالٍ وإنْ كَانَ مِنْ غَيرهِ حَرمتَا عَليهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعدَ الدُّخُولِ بِالكَبيرةِ. وإنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ بِهَا حَرُمتِ الكبيرةُ وَهَلْ يَنفسِخُ نِكَاحُ الصَغيرَةِ؟ عَلَى روايتين: إحداهُما لا يَنفسِخُ نِكاحُهَا وهي اختِيارُ الخِرقِيّ. والثانيةُ يَنفسِخُ نكاحُهُ وله أنْ يَبتَدِئَ العَقدَ عَلَيْهَا (1). وَيَجبُ عَلَيْهِ نِصفُ مَهرِ الصَّغيرَةِ يَرجِعُ الزَّوجُ بِهِ عَلَى الكَبيرَةِ، وَأمَّا الكَبيرَةُ فَيَسقُطُ مهَرهُا إنْ كَانَ غَيرَ مَدخُولٍ بها وإنْ كانَتْ قد دُخلَ بها، فَلهَا نِصفُ مَهرِها ذكَرَهُ شَيخُنا (2). وَعِندي تَستَحقُ /346 ظ/ جَميعَ المهرِ فإنْ كانَتِ الصَغيرَةُ هِيَ الَّتِيْ دنَتْ إلى الكَبيرَةِ وَهِيَ نَائمةٌ أو مُغمَىً عَلَيْهَا فارتضعَتْ مِنْهَا، فإنَّهُ لا مَهرَ لِلصَغِيرَةِ، ولِلكَبيرةِ نِصفُ المَهرِ إنْ كَانَ لَهُ لَمْ يَدخلْ بِها وإنْ كَانَ قد دَخَلَ بِها فَلَها المَهرُ، وترتَجِعُ بِذلِكَ عَلَى مَالِ الصَغِيرَةِ فإنْ كَانَ تَحتُهُ ثَلاثُ صَبايَا مُرضِعَاتٍ وَكَبيرَةٌ فَأرضَعَتِ الكَبِيرَةُ اثنَتَينِ مِنهنَّ دُفعةً وَاحِدةً بأنْ جَعَلتْ كُلَّ ثَديٍ في فَمِ إحْدَيهمَا فارتَضَعتْ حَرُمتِ الكَبيرَةُ والصَّغيرَتانِ إنْ كَانَ بعد الدُّخُولِ بِالكَبيرَةِ، فإنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ حَرُمتِ الكَبيرَةُ خَاصَّةً، وانفسَخَ نِكاحُ الصَّغِيرَتَينِ. وَلَهُ أنْ يَعِقدَ عَلَى أيَتهمَا شَاءَ فإنْ أرضَعَتِ الثَّالِثةَ بَعدَهُما حَرُمتْ، إنْ كَانَ بَعدَ الدُّخُولِ وَلَم تَحرُمْ ولَم يُفسَخْ نِكاحُها، إنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ، وإنْ أرضَعَتْ كُلَّ وَاحِدةٍ مِنهُمَا بَعدَ الأخرَى، فإنْ كَانَ بَعدَ الدُّخُولِ حَرُمنَ كلُهنَّ، وإنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ لَمْ يَحرُمنَ المرضعَاتُ وَهَلْ يَنفسِخُ نِكاحُ الأولى قَبلَ ارتضَاعِ الثَّانيَةِ عَلَى رِوَايَتينِ: أحدهما: يَنفسِخُ نِكاحُ الأولى لأنَّها اجتَمعَتْ
__________
(1) نقل الأولى: - أَبُو طالب وصالح وهي اختيار الخرقي وابن عقيل، لأنها قد صارت ربيبة ولم يدخل بأمها فلا تحرم. ونقل الثانية أبن منصور لأنهما قد صارتا أماً وبنتاً واجتمعتا في نكاحه ولا ريب أن الجمع بينهما محرم فيفسخ النكاح. انظر: الروايتين والوجهين: 156ب، والمغني 9/ 210، والمحرر 2/ 112، والزَّرْكَشِيّ 3/ 499.
(2) انظر: المغني 9/ 211 - 212، والزَّرْكَشِيّ 3/ 499 - 500.

(1/492)


مَعَ الأمِّ في عَقدٍ وَاحِدٍ فإذا أرضَعَتِ الثانيةُ لَمْ يَنفسِخْ نِكاحُها لأنَّها لَمْ تَجتَمعُ مَعَ الأمِّ ولا مَعَ الأختِ في عَقدٍ وإذا أرضَعَتِ الثَّانيةُ الثَّالثَةَ انفَسَخَ نِكَاحُ الثَّانيةِ والثَّالثةِ لأنَّهُما أُختَانِ اجتَمعَتا (1) في عَقدٍ والروايةُ الأخرَى لا يَنفسِخُ نِكاحُ الأولى لأنَّها رَبيبةٌ لَمْ يَدخلْ بِأمِّها (2). فإذا أرضعَتِ الثانيةَ انفسَخَ نكاحُ الأولى والثَّانيةِ، لأنَّهمَا أختَانِ اجتَمعَتا في عَقدٍ وإذا أرضَعَتِ الثَّالثةَ لَمْ ينفسِخْ نِكاحُها وهِيَ اختِيارُ الخِرقِيِّ. فإنْ أرضَعَتهُنَّ أجنبيةٌ حَالَةً واحِدَةً، بأنْ: جَلبتْ لَبناً في ثَلاثَةِ أوانٍ (3)، وأوجَرَتْ كُلَّ صَبِيٍّ في إناءٍ في حَالَةٍ واحِدَةٍ عَلَى الروايةِ الَّتِيْ تَقولُ: الوَجورُ ينشُرُ الحُرمَةَ انفسَخَ نكاحُهُنَّ فإنْ أرضعتهُنَّ واحِدَةً بَعدَ واحِدَةٍ انفَسَخَ نِكاحُ الأولتَينِ، وَثَبتَ نِكاحُ الثَّالِثةِ. فإنْ كَانَ لِرجُلٍ ثَلاثُ بَناتِ زوجةٍ لهنَّ لَبنٌ فأرضَعنَ ثَلاثَ زَوجَاتٍ لَهُ صِغارٍ في حالةٍ واحِدَةٍ بأنْ تُرضِعَ كُلُّ واحِدَةٍ واحِدَةً في حَالةٍ واحِدَةٍ إنْ قُلنَا أنَّ الرَضَاعَ يثبتُ بمرّةٍ، أو في الخَامِسَةِ إنْ قُلنَا يَثبُتُ بِخَمسٍ، أو في الثَّالثةِ إن قُلنا إنهُ يَثبُتُ بِثَلاثٍ حَرُمتِ الكَبيرَةُ بِكُلِ حَالٍ، فَأمَّا الصِغَارُ فَيحرُمنَ إنْ كَانَ بَعدَ الدُّخُولِ بِالزَّوجَةِ الكَبيرَةِ. وإنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ، لَمْ يحرُمنَ وَهَلْ يَنفَسِخُ نِكِاحُهُنَّ؟ مَبنيٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الرِوايَتينِ (4) في [طعان] (5) الجَمعُ بَينَ الأمِّ وَالبِنتِ فإنْ قُلنا هُناكَ يَنفَسِخُ انفَسَخَ نكاحُهُنَّ وإنْ قُلنا /347 و/ لا ينفَسِخُ هناكَ لَمْ يَنفسِخْ هَاهُنا. ولا يُؤثرُ الجَمعُ، لأنَّه جَمعٌ بَينَ بَناتِ خَالاتٍ، وذلِكَ جَائزٌ لِكُلِّ مَنْ أفسَدَ عَلَى الزَّوجِ نَكاحَ زَوجَتِهِ بالرَّضَاعِ لزِمَ المفسِدَ نِصفُ مَهرِ الزَّوجَةِ. وإذا كَانَ لِرجُلٍ خَمسُ أمهَاتِ أولادٍ فَأرضَعنَ طِفلاً كُلُّ واحِدَةٍ مِنهنَّ رَضعَةٍ لَمْ يَصرْ وَلداً لِوَاحِدَةٍ مِنهنَّ وَهَلْ يَصِيرُ السيدُ أباً لَهُ؟ قَالَ ابنُ حَامدٍ: يَصيرُ أباً لَهُ. وَقَالَ غيرهُ لا يَصيرُ أباً لَهُ (6). وهَذا عَلَى الروايَةِ الَّتِيْ تُعتَبرُ في التَّحرِيِمِ خَمسَ رَضعَاتٍ. وإذا تَزَوَّجَ بامرَأةٍ لَها لبنٌ مِنْ زَوجٍ آخَرَ فَحَبلتْ مِنهُ وَزَادَ لَبنُهَا فَأرضَعَتْ بِهِ طِفلاً، صَارَ الطفلُ ابناً لَهُما فإنِ انقَطعَ اللَّبنُ الأولُ ثُمَّ ثَابَ بِحملِهَا مِنَ الثَّاني فَقَالَ أبو بَكرٍ حُكمُهَا حُكمُ الأولِ (7). وَعِندِي أنَّهُ يَكونُ الطفلُ ابناً للثَّانِي دُوْنَ الأولِ. فإنْ وَطِئَ رَجُلانِ امرأةً فأتَتْ بِوَلدٍ فأرضَعتْ بِلَبنهِ طِفلاً فَمنْ ثَبتَ مِنهُ
__________
(1) في الأصل [اجتمعا].
(2) انظر: المغني 9/ 291 - 220، والمحرر 2/ 112 - 113، والزَّرْكَشِيّ 3/ 500.
(3) في الأصل [أواني].
(4) انظر: المقنع: 265 - 266، والهادي: 205.
(5) هكذا في الأصل.
(6) قَالَ ابن حامد لأنه ارتضع من لبنةِ خمسَ رضعاتٍ وقيل لا يثبت الأبوة لأنه رضاع لَمْ يثبت الأمومة فلم يثبت الأبوة كالإرتضاع بلبن الرجل والأول أصح. انظر: الهادي: 206، والمغني 9/ 206.
(7) أي: هو لبن لهما. انظر: الهادي 206، والمغني 9/ 209، والمحرر 2/ 111.

(1/493)


نَسبُ المولودِ بِحُكمِ القَافَةِ كَانَ المُرضعُ وَلداً لَهُ، وإنْ مَاتَ المولودُ ولَم يَثبُتَ نَسبُهُ مِنْ أحَدِهِما فالمرضَعُ أبناً لَهُما. فإنْ زَنَا بِامرَأةٍ فأتَتْ بولدٍ ثُمَّ أرضَعَتْ مِنْ لَبِنِ ذَلِكَ الوَلَدِ رَضِيعاً فَهُو ولَدُهَا وَهَلْ يَحَرمُ عَلَى الزَّانِي؟ قَالَ أبو بَكرٍ: يَحرُمُ عَلَى [الزاني] (1) إنْ كَانَ أنثَى كما تحرُمُ ابنتُهُ مِنَ الزِّنَا، وإنْ كَانَ ذَكَراً حَرُمَ أنْ يَتَزوجَ بنتَ الزَّانِي. وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ: لا يَحرمُ ذَلِكَ وَهُوَ ظاهِرُ كَلامِ الخِرقِيِّ (2). وَقَالَ: كَذَلِكَ الحُكمُ لو أرضَعَتْ مَولُوداً بِلَبَنِ ولدِها الذِي نفى اللعان عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكرٍ تَحرمُ المرضِعَةُ عَلَى الملاعِنِ وعلى أولادِهِ. وَعَلَى قَوْلِ ابنِ حَامِدٍ لا يحرمُ. وإنِ ادَّعَى رَجلٌ فُلانةً أختُهُ مِنَ الرضاعِ حَرمُتْ عَلَيْهِ وَكَذلِكَ إنِ ادَّعَتِ امرَأةٌ أنَّ فلانَاً أخوهَا مِنَ الرضَاعِ لَمْ يَجزْ لَها أنْ تَتَزوَّجَ بِهِ فإنْ كانَتْ زَوجتَهُ فادَّعَتْ أنَّهُ أخوهَا مِنَ الرَّضَاعِ لَمْ يُقبَلْ قَولُها، إلا أنْ تَشهَدَ بذلِكَ امرَأةٌ ثقةٌ ولا فَرقَ بينَ أنْ تَكونَ المرضِعَةَ [أو غيرَها] (3) فَتشهد أَنَّها أرضَعتهَا أو غَيرَها فَتشهَدُ أني رأيتُ فلانةً ترضِعُها في إحدى الروايتينِ. وفي الأخرى لا يُقبلُ إلا شَهادَةُ امرأتين (4). فإنِ ادَّعَى رجلٌ أنَّ هَذهِ المرأةَ ابنَتِي مِنَ الرَّضَاعِ وَهِيَ أكبرُ سِنَّاً مِنهُ لَمْ تَحرمْ علَيهِ لأنها تَحققَّ كذبُهُ.