حَاشِيةُ اللبَّدِي على نَيْل المَآرِبِ

كتاب الصلاة
(1) قوله:"كتابًا موقوتا": أي فرضًا محدودًا لها وقت فلا تصح إلا بعد دخوله.
(2) قوله: "كمن أسلم بدار حرب": أي فيقضيها إذا علم.
(3) قوله: "وهو من بلغ سبعًا": وقيل من فهم الخطاب وَرَدَّ الجواب. ولا يتقيّد بسنٍّ. سئل أبو العباس: هل كانت الصلاة على من قبلنا من الأمم مثل ما هي علينا من الوجوب والأوقات والأفعال والهيئات أم لا؟ فأجاب: كانت لهم صلاة في هذه الأوقات، لكن ليست مماثلة لصلاتنا في الأوقات (1)، والهيئات وغيرهما.
(4) قوله:"إلا في السترة": أي ستر عورته، فإن البالغ يستر ما بين السرة والركبة، وأحد العاتقين في الفرض، وأما المميز إذا كان دون عشر فلا يجب عليه ستر غير الفرجين، لأن السترة ليست شرطا لصحّة صلاته كما قد يتوهم.
وفي لزوم إعلام النائم بدخول وقتها، أي الصلاة، احتمالات: ثالثها يلزم مع ضيقه. وجزم به في "التمهيد" (2) [12ب].
(5) قوله: "الثواب له": ذكره الموفق في غير موضع. وذكره الشيخ. وذكر في شرح مسلم في حجِّهِ أنه صحيح يقع تطوّعًا يثاب عليه، عند مالك والشافعي وأحمد. وقال في الفروع: في طريقة بعض أصحابنا في مسألة تصرفه: ثوابه لوالديه. وما روي مرفوعًا: "إن حسنات الصبيّ لوالديه أو أحدهما" فقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات. والمتسحب يثاب بنية القربة، لأنه دله على هدى. اهـ. فلو بلغ الصغير في أثناء الصلاة، أو بعدها في وقتها، يلزمه إعادتها مع إعادة
__________
(1) كذا في نسخة الأصل، ولعل الصواب "الأفعال".
(2) التمهيد: في أصول الفقه هو لأبي الخطاب، محفوظ بن أحمد بن الحسن الكَلْوَاذَانيّ البغدادي (- 510 هـ) أحد المجهدين في المذهب. وله في الفقه: "الانتصار" و "رؤوس المسائل".

(1/56)


تيمم لها، لا وضوء وغسل، وبعد وقتها لا إعادة عليه. إلا إذا كانت تجمع مع ما [1/ 134] بعدها، كمن يبلغ بعد العصر، فيلزمه أن يعيد الظهر أيضًا. ومثله من عقل أو أسلم أو انقطع حيضها.
(6) قوله "جحودًا": ومثله لو تركها تهاونًا، فدعاه الإمام أو نائبه إليها، فتركها حتى ضاق وقت ما بعدها عنها فإنه يكفر. وقوله: "وجرت عليه أحكام المرتدين" أي يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل، كما يأتي.
فائدة: ومن ارتد ثم تاب لزمه قضاء ما فاته زمن ردةٍ من صلاة وصوم، وفاقًا للشافعي. وعنه: لا، وفاقًا لأبي حنيفة ومالك [ ... ] (1) إجماعًا.
وإن طرأ جنون على المرتد لزمه قضاء ما فاته زمن جنونه أيضًا، لأن عدم القضاء رخصة تخفيفًا. وقيل: لا يلزمه. ذكر ذلك في الفروع.
ويقضي مسلم ما فاته قبل بلوغ. الشرع. وقيل لا، ذكره القاضي، واختاره الشيخ، بناء على أن الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم.
قال الشيخ: والوجهان في كل من ترك واجبًا قبل بلوغ الشرع، كمن ترك التيمم لعدم الماء لظنه عدم الصحة به، أو لم يزكِّ، أو أكل حتى تبيّن له الخيط الأبيض من الخيط الأسود لظنه ذلك، أو لم تُصل مستحاضةٌ ونحوها. والأصح لا قضاء، وكذا لا إثم اتفاقًا. ومراده: ولم يقصِّرْ، وإلاّ أثم. وكذا لو عامل بربًا أو نكح فاسدًا، ثم تبيّن له التحريم.
(7) قوله: "إن مَدَّ اللام ": أي مدّها كثيرًا، وإلاّ فمدها واجب، فلو قصرها لا تصح صلاته فيما يظهر، لأنه يخرجها عن موضعها. وأما إن مدها طويلاً بأن مطَّطَها فيكره، وتنعقد. والحاصل أن مد اللام من لفظ الجلالة بقدر حركتين واجب، وبدونه لا تنعقد صلاته، وهو كالرحمن. وإن لم يكتب بألف فلا بد من إثباتها في اللفظ. وإن أبدل الكاف بالقاف فقال "الله أقبر" لا تنعقد صلاته. كما في الأذان.
__________
(1) في الأصل هنا كلمة لم تمكن قراءتها، وأولى ما تقرأ عليه: "وحُكِيَ".

(1/57)


(8) قوله: "بقدر ما يسمع نفسه الخ": وإن كان إمامًا يسن له أن يجهر بتكبير وتسميع وتسليمةٍ أُولى وقراءة في جهرية، بحيث يسمع من خلفه. وغير الإمام سنّ له الإسرار في التكبير والسلام ونحو ذلك. وكره جهر مأموم إلا بتكبير وتحميد وسلام لحاجةٍ، بأن كان الإمام لم يُسْمعْ جميع المأمومين. قال م ص: وظاهره: لا تبطل الصلاة به، وإن قصد به الإعلام، لأنه لمصلحة الصلاة اهـ.
(9) قوله: "وعدل إلى غيره": أي إلى قوله: "سبحان الله. والحمد لله. ولا إله إلا الله. والله أكبر" قدر الفاتحة. فإن لم يعرف ذلك كله وعرف بعضه كرّره بقدره. وإن لم يعرف شيئاً منه وقف بقدر الفاتحة.
(10) قوله: "الرابع الركوع": أي ولا بد من قصده. فلو انحنى لتناول شيء ولم يخطر بباله الركوع، ثم قصده وهو راكع، لم يجزئه، كالرفع منه، كما يأتي. وكذا يقال في السجود، وفي الرفع منه، ونحو ذلك.
(11) قوله: "وأكمله تمكين جبهته وأنفه الخ": أي فسجوده على هذه الأعضاء كلها ركن. وعنه: إلاّ الأنف، اختاره جماعة. وعنه: ركنٌ بجبهته، والباقي سنّة.
فائدة: فلو علا موضع رأسه على موضع قدميه، فلم تَسْتَعْلِ الأسافل، بلا حاجة، فقيل يجوز، وقيل يكره، وقيل تبطل، وقيل إن كثر. قال أبو الخطاب وغيره: إن خرج به عن صفة السجود لم يجز.
(12) قوله: (ومن عجز بالجبهة لم يلزمه غيرها": ظاهره أنه لا يلزمه السجود بالأنف، وهو كذلك، وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي.
(13) قوله: "الرفع من السجود": وعند الحنفية: يجب رفع الرأس ليتحقق الانتقال، حتى لو تحقق الانتقال بدونه، بأن سجد على وسادة، فنزعت من تحت رأسه، وسجد على الأرض جاز عن السجدتين.
واحتج عليهم القاضي وغيره بأنه لو وضع جبهته على مكانٍ، ثم أزالها إلى مكان آخر، فقد اختلف الفعلان، لاختلاف المكانين. ومع هذا لا يجزيه عندهم أيضًا.

(1/58)


(14) قوله: "بعد الإتيان بما يجزئ إلخ": أي مع الإتيان الخ، فهو ركن أيضًا إذا كان آخر صلاته، لأن الركن "اللهم صل [13أ] على محمد" فقط، بل هو والمجزئ من التشهد الأول كما هو ظاهر.
(15) قوله: "سلام عليك أيها النبيّ" ظاهر كلامه. كغيره أنه لو قال سلامٌ، أو: السلام على النبيّ الخ بدون كاف الخطاب لا يجزئ، مع أنه ثبت في صحيح البخاري أن بعض الصحابة، كابن مسعود وغيره، كانوا يقولون: كنا نقول "السلام عليك أيها النبيّ" وهو بين ظَهْرانينا، فلما قبض قلنا "السلام على النبيّ" فهذا يدل على أن الإتيان بكاف الخطاب لا يلزم. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقوله "ورحمة الله": ظاهرُهُ أنها ركن وأنه لا يكفي "السلام عليكم". وهو كذلك على المذهب. وقدّمه في الفروع. قال: وعنه سنة.
(16) قوله: "يكفي في النفل تسليمة واحدة": هذا ما اختاره جمع. وظاهر المنتهى خلافه.
[17]، قوله: "عمدًا": أي قصدًا مع علم الحكم بدليل.

فصل في واجبات الصلاة وسننها
(1) قوله: "وتسقط جهلاً": فإنّ ترك الواجب جهلاً إنما يكون بالقصد. وقول الشارح: "ويسجد له" بعد قوله: "وتسقط جهلاً" يفيد أنه ملحق بالسهو، أي فلو ترك واجبًا جهلاً ثم علمه وهو في الصلاة، أو بعدها، على ما يأتي في سجود السهو، يلزمه السجود له. وعبارة م ص في شرح المنتهى وغيره تفيد خلافه.
(2) قوله: "رب اغفر لي": وهل يجزئ "اللهم اغفر لي"؟ الظاهر: نعم. وذكره في الفروع عن جماعة.
(3) قوله: "لم يجزئه ذلك إلخ": قال المجد (1): هذا قياس المذهب،
__________
(1) المجد: هو مجدالدين عبد السلام بن تيميٌة، صاحب "المحرر"، تقدم.

(1/59)


ويحتمل أن يعفى عن ذلك، لأن التحرز منه يعسر، والسهو به يكثر، ففي الإبطال به أو السجود له مشقة اهـ. قلت: وهذا لا يسع الناس غيره، وهو الذي قدمه في الفروع.
(4) قوله: "والجهر بالقراءة للإمام الخ": عد هذه من سنن الأقوال فيه نظر، خصوصًا وقد جعلوا من سنن الأفعال الجهر بتكبيرة الإحرام، كما يأتي، إذ لا فرق بينهما.
وقوله: "ويخيّر المنفرد الخ ": وهل الأفضل الجهر أو تركه؟ صرح البهوتي وغيره بأن تركه أفضل. قلت: وفي رواية: الجهر أفضل، ذكرها في الفروع، وذكر قولاً بكراهته.
(5) قوله: "والدعاء بعده،: أي بما أحب. وبما ورد أفضل. ومنه "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجّال. اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم. اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرا، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنَّك أنت الغفور الرحيم. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار" (1).
(6) قوله: "ووضع اليمين على الشمال": لم يبين كيفية الوضع المشروع. وفي الفروع: ويجعل اليمنى على كوع اليسرى. ونقل أبو طالب: بعضها على الكف وبعضها على الذراع، لا بطنها على ظهر كف اليسرى، خلافا لأبي حنيفة
__________
(1) هذا وارد في عدة أحاديث، وليس حديثا واحدًا كما يوهمه لفظه، فأوله إلى قوله "ومن شر فتنة المسيح الدجال" أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا. وقوله "اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم" أخرجه البخاري والترمذي في كتاب الدعوات من جامعيهما، ومسلم في المساجد (ح 129). وقوله "اللهم إني ظلمتُ إلخ" أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "علّمني دعاء أدعو به في صلاتي.
فقال: قل: اللهم إني ظلمت. الحديث." (الأذكار للنووي) وأما الدعاء بعد السلام بما في آية (ربنا آتنا في الدنيا حسنة ... ) فلم يذكره النووي، ولم نجده في كتب الحديث.

(1/60)


اهـ. وعند مالكٍ إرسال اليدين أفضل. والله أعلم.
(7) قوله: "نظره إلى موضع سجوده": أي لأنه أخشع للمصلي وأَكفُّ لنظره، ما لم يكن في حال إشارته في التشهد، فينظر إلى سبّابته، أو في صلاته تجاه الكعبة، فينظر إليها (1).
(8) قوله: "مجافاة عضديه عن جنبيه": مكرر مع ما يأتي في كلام المصنف. ولعل هذا في الركوع، وما يأتي في السجود، فلا تكرار. وهو كذلك.
(9) قوله: "مباشرتهما": ولعل الصواب: مباشرتها، أي أعضاء السجود، بدليل قوله: سوى الركبتين الخ والظاهر أنه تحريف. وقول الشارح: أي اليدين والجبهة، مبني على هذا التحريف، فتنبه له.
(10) قوله: "أصابعها": صوابه أصابعهما.
(11) قوله: "رفع يديه أوّلاً ": أي قبل ركبتيه، لا قبل وجهه. فالأولية إضافية، أي عكس الانحطاط للسجود، فإنه فيه يضع ركبتيه قبل يديه، وفي الرفع منه يرفع يديه قبل ركبتيه. وهو فيهما لغير عاجز.
(12) قوله: "والافتراش في الجلوس الخ": بان يجلس على قدمه اليسرى وينصب اليمنى.
(13) قوله: "والتورّك إلخ": بأن يخرج قدمه اليسرى من تحت رجله اليمنى وينصب قدمه اليمنى. وقوله: "والتورّك في التشهد الثاني" يحتمل أن المراد به ما كان قبله تشهُُّد، أو أن المراد به ما يعقبه السّلام. فعلى الأول: لا يتورّك في صلاة ثنائية، وعلى الثاني: بلى. وتعليلهم يؤيد الاحتمال الثاني. لكن صرح في المنتهى وغيره بأنه لا يتورك في ثنائية. فتنبّه.
قوله: "وتكرارها": لكن هنا مسألة يكثر وقوعها وهي أنه قد يُسرّ الإمام قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية سهوًا، ثم يذكر فيبتدئ الفاتحة جهرًا فهل يكره ذلك؟
__________
(1) استحباب النظر في الصلاة إلى الكعبة لمن يصلي تُجاهها: أمر لا يقال بالرأي، ولم يذكر دليلاً، فينطبق عليه عموم دليل النظر إلى موضع السجود.

(1/61)


الذي ظهر لي أنه لا يكره. وقد كنت أفعله مرارًا ثم رأيت في الفروع ما نصه "وقد نقل أبو داود: إذا خافت فيما يجهر به حتى فرغ من الفاتحة، ثم ذكر، فيبتدىء الفاتحة بجهرٍ ويسجد له.

فصل فيما يكره في الصلاة
(1) وقوله: "والتفاته الخ": إذا كان بوجهه وعنقه وصدره، ولكن كلما زاد الالتفات زادت الكراهة. وأما إذا كان [14أ] (1) بجملته انحرف عن القبلة فتبطل صلاته كما نبه عليه الشارح.
(2) قوله: "العبث": أي اللعب وعمل ما لا فائدة فيه.
(3) قوله: "خلافا لأبي حنيفة": ذكر ذلك خمس مرات. والمراد بالصورة المحرمة أي صورة الحيوان. وأما صورة الشجر ونحوه لم (2) تكره الصلاة إليها.
(4) قولى: "ووجه آدمى": وكذا تكره صلاته إلى امرأة تصلي بين يديه اهـ. م ص.
(5) قوله: "مطلقًا": أي سواء كانت نار حطب أو سراج أو قنديل ونحوه.
(6) قوله: "وتروّحٌ بمروحةٍ": أي وأما تراوُحُهُ بين رجليه بأن يقف على إحداهما مرةً، وعلى الأخرى مرة، فمستحب. لكن يكره كثرته، لأنه فعل اليهود.
(7) قوله: "وأن يخص جبهته الخ": قال حفيد المنتهي (3): وعلى هذا لو شرك فيها أنفه ويديه لم يكره.
__________
(1) الصفحة [13 ب] من الأصل المخطوط مشطوبة بكاملها لتكرارها، فليس هنا سقط والحمد لله.
(2) كذا في الأصل. وصوابه لغةً: "فلا تكره " إلخ.
(3) حفيد المنتهي: هو الشيخ عثمان بن أحمد بن محمد الفتوحي الشهير بابن النجار (-1064 هـ). وجده محمد هو صاحب المنتهى. كان الحفيد قاضيًا ماهرًا في الفقه والعلوم العقلية. له حاشية على منتهى جده (السحب الوابلة ص 283) ويرمُزُ إليه المحشّي فيما يلي بالرمز (ح ف).

(1/62)


فصل فيما يبطله الصلاة
(1) قوله:"وكشف العورة عمدا إلخ": ملخص ما ذكره أنه إن كان الكشف عمداً بطلت الصلاة مطلقا، سواء كان المكشوف كثيرًا أو لا، سَتَرَهُ في الحال أو لا، وإن كان الكشف بغير قصدٍ، فإن ستره في الحال صحت الصلاة مطلقًا، سواء كان المكشوف يفحش في النظر أو لا، وإن لم يستره في الحال فإن كان لا يفحش في النظر صحت الصلاة وإلا فلا.
(2) قوله:"لغير ضرورة": ومن الضرورة من به حَكٌّ لا يصبر عنه كما أفاده ابن الجوزي.
(3) قوله: "وتقدّم حدّه": أي بحيث يقع لو أزيل ما يستند إليه.
(4) قوله: "كما لو لم يذكره إلا بعد الشروع الخ": ليس بتمثيل لقوله "إذا مضى في موضع الخ " بل تنظير لقوله: "فسدت الركعة الخ".
(5) قوله: "في القراءة": أي الفاتحة وغيرها.
(6) قوله:"عملاً": مفهومه أنه لو قرأ مع شكّه في النيّة. ثم ذكر أنه نوى، لا تبطل صلاته، لأن القراءة ليست عملاً. وظاهر كلام صاحب المحرر (1) أنها عمل، فإنه قال: "فإن كان العمل قولاً لم تبطل، وإن كان فعلاً بطلت" والأول صريح كلام صاحب النظم (2)، فإنه قال: إنما قال الأصحاب "عملا"، والقراءة ليست عملاً، على أصلنا. ومن أجل ذلك نرجو الثواب لمن تلا مطلقًا. ثم نقل عن الآمدي (3) أن القراءة لا تحتاج إلى نيّة. وقال: ولو كانت عملاً لاحتاجت إلى
__________
(1) صاحب المحرّر: هو مجد الدين ابن تيمية. تقدم.
(2) صاحب النظم، ويقال له أيضًا: الناظم: هو محمد بن عبد القوي بن بدران المرداوي المقدسي، الفقيه الحنبلي المحفث (-699هـ). مشهور بجودة نظمه للمسائل العلمية.
له:"منظومة الآداب" صغرى وكبرى، و "عقد الفرائد" تبلغ 5000 بيت، وكلها علي رويّ الدال من بحر الطويل، و"نظم المفرادات".
(3) الآمدي: هو علي بن محمد بن عبد الرحمن، أبو الحسن الآمدي ثم البغدادي (- 47 هـ) لا يعرف له من المؤلفات في الفقه إلا:"عمدة الحاضر، وكفاية المسافر" في أربع مجلدات.

(1/63)


[1/ 150] نيّة كسائر العبادات. ثم قال: وقال الآمدي: في ديار بكر رجل مبتدع، يقول: يحتاج أن ينوي حال ابتداء القراءة من يريد يقرأ من أجله، يموّه على العوامّ، ويجعل القراءة فعلاً للقارئ، فيقرن بها النية. وقال: ونحن نبرأ إلى الله من هذا المذهب اهـ. قلت: وقال في الفروع: كذا ذكر صاحب النظم، وهو خلاف كلام الأصحاب. والقراعة عبادة تعتبر لها نية. ويأتي في الأيمان: من حَلَفَ لا يعمل عملاً، فقال قولاً، هل يحنث؟
وقوله: "ثم ذكر أنه نوى" كان الأولى أن يقول: ولو ذكر أنه نوى، كما هو واضح.
(7) قوله: "وملاذّ الدنيا الخ": مقتضى كلامهم: لو قال: ارزقني جاريةً أو حُلّةً أو دابة: إن يقول: حَسْنَاءَ، ونحوها، أنها لا تبطل. وكذا: اللهم ارزقني وفاء دَيْني، ونحوه. وهو يحتاج لتأمل. ولو كان مرادهم أن ذلك يبطلها لقالوا: بالدعاء بحوائج الدنيا، مثلاً. ثم رأيت في أخصر المختصرات ما نصه "وتبطل بالدعاء بأمر الدنيا اهـ" فظاهره أنها تبطل بالدعاء بغير أمور الآخرة. والله أعلم.
(8) قوله: "بكاف الخطاب": أي في غير التسليمتين.
وقوله أيضًا: "بكاف الخطاب": أي وأما قوله عليه السلام لإبليس "ألعنك بلعنة الله" فهو قبل التحريم، أو مؤول قاله في الفروع.
(9) قوله: "فلو كان الكلام لمصلحة الصلاة خلافًَا لما في الإقناع" (1): وهل إشارة الأخرس كالكلام تبطل بها الصلاة، أو كالعمل لا تبطل إلا إن كثرت؟ قال: قال في الفروع: وإشارة الأخرس، مفهومةً أو لا، كالعمل. ذكره ابن الزاغوني (2)،
__________
(1) قوله "فلو كان الكلام " إلخ: هذه العبارة ليست موجودة في نسخ شرح الدليل التي اطلعنا عليها. فلعلها في بعض النسخ الأخرى. والذي في الإقناع: "إن تكلم لغير مصلحة الصلاة، كقوله: يا غلام اسقني، بطلت، وإن تكلم يسيرًا لمصلحتها لم تبطل" وأطال شارحه البهوتي في (1/ 400) التفصيل وذكر الخلاف.
(2) ابن الزاغوني: هو علي بن عبد الله بن نصر بن السّري الزاغوني البغدادي الحنبلي (- 527 هـ) أحد أعيان المذهب. له "الإقناع" و "الواضح" و "الخلاف الكبير" و "المفردات"

(1/64)


ومعناه أبو الخطاب. وقال أبو الوفاء: المفهومةُ كالكلام، تبطل إلا بردٌ سلامٍ اهـ. أي لأن ردّ السلام إشارةً من الناطق لا يبطل الصلاة، فكذا الأخرس.
(10) قوله: "ولو لم يجر به الريق". جزم به في التنقيح، وتبعه في المنتهى، والعسكري (1) والشويكي (2). وفي الإقناع تبعًا للمجدّ: إن جرى به ريق، فإن كان له جرم بحيث يجري بنفسه بطلت اهـ.
(11) قوله: "أو تثاوب": قال في الفروع: ولا يقال: تثاوَبَ، بل: تَثَاءَبَ اهـ. أي لا يقال بالواو بل بالهمزة.