حَاشِيةُ اللبَّدِي على نَيْل المَآرِبِ

حَاشِيةُ اللبَّدِي
على
نَيْل المَآرِبِ
في الفِقهِ الحَنْبَليِّ
للِشَّيْخِ عَبْدِ الغَني بْن يَاسِيْن اللبَدِي النَّابُلسِي
(1262 - 1319 هـ)

تحقيق وتعليق
الدكتور محمد سليمان الأشقر

الجزء الثاني

(2/241)


كتاب الوقف [2/ 9]
(1) قوله: "ثم الوقف شرعًا تحبيس مالك إلخ": قال الفتوحي في شرح منتهاه: هذا الحدّ ذكره صاحب المطلع، وتَبِعَهُ (1) عليه في "التنقيح"، وتبعتُه عليه في المتن. والذي يظهر أن قوله: "تقربًا إلى الله تعالى" إنما يحتاج لذكره في حد الوقف الذي يترتب عليه الثواب، لا غير ذلك، فإن الإنسان قد يقف ملكه على غيره توددًا لا لأجل القربة ويكون لازمًا، ومن الناس من يقف عقاره على ولده خشيةً على بيعه له بعد موته وإتلاف ثمنه واحتياجه إلى غيره، من غير أن تخطر القربة بباله، وربما يترقى الحال إلى ترتب الإثم به، فإن من الناس من يستدين حتى يستغرق ماله وهو ممن يصح وقفه، فيخشى أن يُحْجَرَ عليه، وأن يباع ماله في الديون، فيقفه ليفوّته على رب الدين، ويكون وقفًا لازمًا، لكونه قبل الحجر عليه مطلق التصرف في ماله. هذا مع أن بعض الناس ربما يقف على ما لا يقع عليه (2) غالبًا إلا قربة، كالمساكين والمساجد، قاصدًا بذلك الرياء ونحوه، فإنه يلزم ولا يثاب عليه، لأنه لم يبتغ به وجه الله تعالى. والله تعالى أعلم. انتهى.
أقول: مرادهم، والله أعلم، أنه لا بد أن يكون صرف ريعه في قربة وطاعة.
ويأتي أن هذا من شروط صحته، احترازًا عن الوقف على الكنائس ونحوها، فإن صرف ريعه في ذلك معصية، لا أن (3) نية القربة شرط، حتى يرد على الحد ما ذكر. فليتأمل.
(2) قوله: "في أصح الروايتين" قال الموفق والشارح وصاحب الفائق وغيرهم: هذا ظاهر المذهب. قال الحارثي: مذهب أبي عبد الله انعقاد الوقف به، وعليه الأصحاب. انتهى. قال في الإنصاف: وجزم به في "الجامع
__________
(1) هكذا في الأصل: "وتَبِعَه"، وفي ض "وتبعتُه".
(2) كلمة "عليمه" ثابتة في الأصل وض، والصواب حذفها.
(3) ض: "لأن".

(2/243)


[2/ 10] الصغير" (1) و"رؤوس المسائل" للقاضي (2) و"رؤوس المسائل" لأبي الخطاب، و "الكافي" و "العمدة" و"الوجيز" وغيرهم.
(3) قوله: "كلفظ المطلق في الطلاق": الكاف للتنظير، أي يصح الوقف بلفظه الصريح فيه ولو لم ينوه، كالمطلق إذا أتى بصريح الطلاق. ويصح الوقف بلفظ "الوقف" وما تصرف منه، كهذه الدار وقف، أو وقَفْتُها، أو موقوفة. وكذا لفظ حبيس وسبيل، ومحبس ومسبل. لكن لم أجد أحدًا نص على ذلك، فليحرر.
(4) قوله: "واعترف أنه نوى إلخ": أي إلا إذا قال: تصدقت بداري على زيد، وقال أردت الوقف، وأنكر زيد، وقال إنما هي صدقة، فلي التصرف في رقبتها بما أريد، فله ذلك، ولم تصر وقفًا. قال في الإنصاف: فيعايا بها اهـ. أي يقال: شخص قال: تصدقت بداري على زيد، وقال: نويت الوقف، ولم يقبل منه. وجوابه أن المتصدَّق عليه أنكر ذلك.
(5) قوله: "أو قَرَنَ الكناية إلخ": أي ومن ذلك لو قال: تصدقت بداري، أو أرضي، على زيد، والنظر لي أيام حياتي، أو: ثم من بعد زيد على عمرو، أو على ولده، أو مسجد كذا ونحو ذلك، لأن هذا ما لا يستعمل في غير الوقف.

فصل في شروط صحة الوقف
(1) قوله: "ولا من مجنون": لا حاجة لذكره لدخوله في المحجور عليه.
(2) قوله: "يصح بيعها" أي سوى [47أ] المصحف، فإنه يصح وقفه ولو قلنا إنه لا يصح بيعه، كما في "شرح المنتهى" لمؤلفه، عن الوسيلة (3). فإنه قال: يصح
__________
(1) الجامع الصغير في الفقه للقاضي أبي يعلى، منه نسخة بمكتبة الموسوعة الفقهية الكويتية، مكتوبة بعد وفاة المؤلف بسنوات معدودة.
(2) عبارة "ورؤوس المسائل" إلخ، ساقطة من ض، وكأن صاحبها ظن التكرار، ولا تكرار.
(3) لا يعرف في المذهب كتاب بهذا الاسم إلا "وسيلة الراغب لعمدة الطالب" لصالح البَهُوتي وهو نظمٌ للعمدة. لكن لا يصح أن يكون هو المراد هنا لأنه متأخر عن منصور. فلعل هناك وسيلة أخرى، أو أن عبارة المحشي على غير ظاهرها.

(2/244)


وقف المصحف رواية واحدة اهـ. [2/ 12]
(3) قوله: "لم يصح وقفه": وقيل يصح، فيكسر ويصرف في مصالحه.
اختاره الموفق. قال في "الإنصاف": قلت وهو الصواب اهـ.
قلت: ومحل عدم صحة وقف الأثمان ما لم تكن تبعًا، فيصح وقف فرس في سبيل الله بلجام وسرج مفضضين، وتباع الفضة ويشترى بها لجام وسرج، ولا تجعل في نفقة الفرس. نص عليه.
(4) قوله: "على جهة بر": ظاهره ولو كان الواقف ذمّيًّا، وهو كذلك، فإذا وقف ذمي أرضًا على كنيسة، ثم أسلم هو أو ولده، فإنها تنزع وتسلّم للواقف أو ولده، لأن الوقف غير صحيح.
(5) قوله: "على ذمي معين": أي ولو أجنبيًا من الواقف، على الصحيح من المذهب، ويؤخذ من قوله: ذمّيّ: أنه لا يصح على حربي ولا مرتد. وهو كذلك.
(6) قوله: "وعنه: يصح إلخ": قال في "الإنصاف" عن الأول: وهو المذهب، وعليه الأصحاب. وهو ظاهر كلام الخرقي. قال في "الفصول": هذه الرواية أصح. قال الشارح: هذا أقيس. وذكر أنه الأصح عن أكثر الأصحاب.
وقال عن الرواية الثانية: وهذه الرواية عليها العمل في زماننا، وقبله عند حكامنا من أزمنة متطاولة. وهو الصواب. وفيه مصلحة عظيمة، وترغيب في فعل الخير، وهو من محاسن المذهب (1). انتهى.
(7) قوله: "ولو مكاتبًا": أي لأنه وإن كان يملك فإن ملكه غير ثابت.
وقيل: يصح عليه، اختاره الحارثي. وقطع بالأول جماعة، وقال في "الإنصاف": إنه الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب اهـ.
(8) قوله: "ولا على الحمل استقلالاً": إلخ: هذا الصحيح من المذهب.
واختار الحارثي صحة الوقف على ما يملك من قن وأم ولد ومكاتب وحملٍ أصالةً، وبهيمة، وقال: إنه الأظهر عندي أهـ.
__________
(1) لكلنه يتخذ وسيلة لحرمان الورثة.

(2/245)


[2/ 13] وقول المصنف: "بل تبعًا": أي كقوله: وقفت كذا على أولادي أو أولاد زيد، وفيهم حمل، فإن الوقف يشمله. ويستحق بوضعٍ من ثمرٍ وزرع ما يستحقه مشتر. وكذا كل حمل من أهل وقف. ومثله من قدم إلى موقوف عليه فيه، أو خرج منه إلى مثله، إلا أن يشترط لكل زمن قدر معين، فيكون له بقسطه. قاله في المنتهى وغيره.
وقال ابن عبد القويّ: ولقائل أن يقول: ليس كذلك، لأن واقف المدرسة ونحوها جعل ريع الوقف في السنة كالجعل على اشتغال من هو في المدرسة عامًا، فينبغي أن يستحق بقدر عمله في السنة من ريع الوقف في السنة، لئلا يفضي إلى أن يحضر الإنسان شهرًا مثلاً فيأخذ مُغَلَّ جميع الوقف، ويحضر غيره باقي السنة بعد ظهور الثمرة فلا يستحق شيئًا، وهذا يأباه مقتضى الوقوف ومقاصدها اهـ. قال الشيخ تقي الدين: يستحق بحصته من مُغَلّهِ. وقال: من جعله كالولد فقط فقد أخطأ اهـ.
(9) قوله: "فلا يصح تعليقه إلخ": وقيل يصح. واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب "الفائق" و "الحاوي" وقال: الصحة أظهر، ونصره اهـ.
(10) قوله: "فيلزم الوقف من حين الوقفية" إلخ: فلا يصح التصرف فيه ببيع ونحوه، كما نص عليه الإمام أحمد في رواية الميموني (1). وفرّق بينه وبين المدبَّر.
وقال الحارثي: الفرق عسر جدًا اهـ. ولذا قال بعضهم بعدم لزومه، فيصح التصرف فيه، كالمدبّر، وكالوصية. وعلى الأول، وهو المذهب: يكون نماؤه المنفصل تابعًا له. وعله الثاني: هل هو يتبعه كولد المدبرة، أو لا، كالموصى به؟ قال ابن رجب: يحتمل وجهين. انتهى.
(11) قوله: "على أن أبيعه إلخ": أي فإذا شرط ذلك بطل الوقف والشرط على الصحيح من المذهب. وقيل يبطل الشرط دون الوقف. قال في "الإنصاف":
__________
(1) الميموني: هو عبد الملك بن عبد الحميد بن بهرام، الرّقّي (- 274هـ) من أصحاب الإمام أحمد، والناقلين عنه مباشرة. روى عنه مسائل كثيرة جدًّا، وانفرد عن سائر رواته بمسائل.
كان جليل القدر. وقد كان ملازمًا للإمام. وكان الإمام يكرمه جدًّا.

(2/246)


وهو تخريج من البيع، وما هو ببعيد. اهـ. [2/ 14]
(12) قوله: "صح الوقف إلخ": قال حفيد المنتهي: فيه نظر، لأنه لم يقف على معين، وتقدم أنه شرط. وقال في "الإقناع": وإن قال: وقفت كذا، وسكت، ولم يذكر مصرفه، فالأظهر بطلانه، لأن جهة الصرف مبطلة، فعدم ذكره أولى أهـ. فليحرر.
وقوله: "على قدر إرثهم": أي ويكون وقفًا عليهم، وإن عدموا فللفقراء [47ب] والمساكين. ونصه: "في مصالح المسلمين"، فيكون لبيت المال.

فصل
(1) قوله: "ولا فيما على شخص معيَّن": علم منه أنه لو كان على غير معين لا يشترط القبول من باب أولى.
(2) قوله: "أي يملك غلته": لا أدري ما الباعث له على ذلك، مع أن الصحيح أنه يملك عين الوقف، لا منفعتها فقط، ولذلك فرعّ المصنف عليه بقوله: "فينظر فيه هو". وأما إن قيل إن الملك لواقفه، وللموقوف عليه المنفعة فقط، فيكون النظر للواقف. وان قيل إنه ملك لله تعالى، فيكون النظر للحاكم، وامتناع التصرف في الرقبة لا يمنع وجود الملك، كأمّ الولد. وليذا الخلاف فوائد كثيرة ذكرها في "المنتهى" وشرحه، فراجعه إن شئت.
(3) قوله: "إلى الجهة التي وقف عليها": أي فيجوز صرف ريع وقفٍ على مسجد لبناء منارته وإصلاحها، وبناء منبره ونحوه، لا في بناء مرحاض، وزخرفة مسجد، ولا في شراء مكانس ومجارف. وقال الحارثي: وإن وقف على مسجد أو مصالحه جاز صرفه في أنواع العمارة، وفي مكانس ومجارف ومَسَاحٍ وقناديل ووقود ورزق إمام ومؤذن وقيّم اهـ. من "الإقناع" وشرحه. والظاهر أنه إن لم يوجد ناظر للوقف يجوز لمن يتولى إمامة المسجد صرف الريع في ما ذكر، فليحرر.
(4) قوله: "فافتقر" إلخ: وكذلك لو وقف على العلماء فصار عالمًا ونحوه.

(2/247)


[2/ 16] لكن مفهوم كلامهم أنه لو كان حال الوقف فقيرًا أو عالمًا لم يجز له أن يتناول منه، واستظهره حفيد المنتهي، وقال: لأنه حينئذ من باب الوقف على النفس اهـ. تأمل.
(5) قوله: "لكن لو وطئ" إلخ: أي وأما أن وطئها الواقف وجب المهر للموقوف عليه، ووجب الحد، والولد رقيق، ما لم نقل ببقاء ملكه. قال م ص: قلت: الظاهر عدم وجوب الحد، لشبهة الخلاف في بقاء ملكه.
وقوله: "لكن لو وطئ الأمة" إلخ: قال في الحاشية: "استدراكٌ على قوله: "ولا يصح عتق الرقيق الموقوف إلخ " وفيه نظر، والصواب أنه استدراك على قوله في أول الفصل: "ويملكه الموقوف عليه"، يعني أن الموقوف إذا كان أمة، ولو على شخصٍ معين، لا يجوز للموقوف عليه وطؤها مع أنه يملكها على المذهب، لأن ملكه لها ناقص، ولا يؤمن حبلها، إلى آخر ما عللوا به. لكن مقتضى تعليلهم بعدم أمن حبلها أنها إن كانت آيسة يجوز وطؤها. وإطلاقهم ينافيه. فليحرر.
قوله: "فيه نظر" إلخ خطأ، لأن المراد من الاستدراك آخر العبارة، وهو قوله "فإن حملت صارت أم ولد تعتق بموته" فكلام المحشي سديد لا غبار عليه (1).
(6) قوله: "وعليه قيمته": أي يوم وضعه حيًّا، وكذا لو وطئها غيره بشبهة.
(7) قوله: "يشترى بها مثلها": قال "الحارثي: المثلية في البدل المشترى بمعنى وجوب الذكر في الذكر، والأنثى في الأنثى، والكبير في الكبير، وسائر الأوصاف، لا سيما الصناعة المقصودة.

فصل في العمل بنص الوقفية
(1) قوله: "في الترتيب": في صورة الترتيب لا يستحق أحد من البطن الثاني
__________
(1) هذه القولة في ض موضوعة متأخرةً عن موضعها.
ثم إن "فيه نظر" ليس في المتن، ولا في الشرح. ولكن هو في كلام الشيخ عبد الغني أعلاه. فيظهر أن هذه القولة هي للشيخ محمود تصحيحاً للعبارة التي خطّأها والده، أو لناسخ نسخة الأصل. والله أعلم.

(2/248)


مع وجود أحد من البطن الأول، وذلك فيما إذا قال: "على أولادي، ثم على أولادهم"، وفي صورة الاشتراك وهي ما إذا قال: "على أولادي وأولادهم"، فمن حدث من أولاد أولاده شاركهم.
(2) قوله: "لكن عند الضرورة يزاد بحسبها": قال في الحاشية: ولم يزل عمل القضاة في عصرنا وقبله عليه، بل نقل عن أبي العباس (1) رحمه الله تعالى.
وهو داخل في قوله: "والشروط إنما يلزم الوفاء بها إذا لم تُفضِ إلى الإخلال بالمقصود الشرعي" وأفتى به شيخنا المرداوي (2)، ولم نزل نفتي به، إذ هو أولى من بيعه إذن.
(3) قوله: "ونص الواقف كنص الشارع": أي في الفهم والدلالة ووجوب العمل إلا لضرورة. وقال الشيخ: قول الفقهاء "نصوصه كنصوص الشارع" يعني: في الفهم والدلالة، لا في وجوب العمل. مع أن التحقيق أن لفظه، ولفظ الموصي، والحالف، والناذر، وكلِّ عاقد: قد يحمل على عادته في خطابه، ولغته التي يتكلم بها، وافقت لغة العرب أو لغة الشارع، أو لا. اهـ. والحاصل أنه لا يلزم العمل بشرط الوقف إلا إذا كان شرعيًا، على اختيار الشيخ. وقال: إذا شرط الصلاة على أهل مدرسة في القدس، فالأفضل لهم الصلاة في الأقصى، ولا يمنعون من استحقاقهم. اهـ.
(4) قوله: "إذا استويا في سائر الصفات": أي كما لو وقفه على العلماء العزاب، فالعالم المتزوج أولى، وكذا إذا وقف على الفقراء الأجانب فقريبه [48ا] الفقير أولى.

فصله في ناظر الوقف
(1) قوله: "ويرجع في شرطه إلى الناظر": في العبارة قلب، والصواب: "ويرجع إلى شرطه في الناظر" كما هو ظاهر.
__________
(1) مراده بأبي العباس شيخ الإسلام ابن تيمية.
(2) قوله: "شيخنا المرداوي": لم يتيسر لنا معرفة المراد به. فينظر.

(2/249)


[2/ 19] (2) قوله: "من غير تفصيل فيه": أي بين كون الوقف على معيّن أو على جهة، وبين كونه على مسلمٍ أو على ذمي. وعبارة المغني التي ذكرها الشارح تدل على أنه إن كان النظر للموقوف عليه لا يشترط إسلامه، بدليل قوله: لأنّه ينظر لنفسه، فكان له ذلك، كالطِّلْق. فمقتضاه أن الذمي ينظر في الموقوف عليه، لأنه ينظر لنفسه في ملكه المطلق. قلت: ولعل هذا مراد من أطلق. والله أعلم.
(3) قوله: "فإن كان ضعيفًا ضُمَّ إليه قوي أمين" (1) ومثله لو كان فاسقًا، وكانت ولايته من الواقف، سواء كان فاسقًا قبلها، أو فسق بعدها، فإنه يضم إليه عدل، ولا يعزل. وقيل: لا تصح توليته، وينعزل بالفسق كغيره، لأنه متصرف على غيره، كولي اليتيم.
(4) قوله: "مطلقًا": يشمل المسلم والكافر.
(5) قوله: "فنظره للحاكم أو نائبه": فعلى هذا ليس لأهل المسجد، مع وجود إمام أو نائبه، نصب ناظر في مصالحه ووقفه. لكن إن لم يوجد، كالقرى الصغار والأماكن النائية، أو وجد وكان غير مأمون، أو ينصب غير مأمون، فلهم النصب، كما صرَّح به الشيخ تقي الدين.
(6) قوله: "صح العقد وضمن النقص": قال في "الحاشية": وفيه وجه بعدم الصحة. قال الحارثي: وهو الأصح، لانتفاء الإِذن فيه. اهـ.
(7) قوله: "أكثر مما لا يتغابن إلخ": لهكذا عبارة "شرح المنتهى" لمؤلفه، والصواب إسقاط "لا" أو لفظ "أكثر" بأن يقال: أن يكون أكثر مما يتغابن به، بإسقاط "لا"، أو: أن يكون مما لا يتغابن به، بإسقاط "أكثر" (2). وهو ظاهر لا غبارعليه.
(8) قوله: "وظاهره": أي نص الِإمام، لا كلام المصنف.
(9) قوله: "وله التقرير في وظائفه" إلخ. م ص: قلت: فإن طلب على ذلك
__________
(1) هكذا في ض. وفي الأصل: "ضم إليه أمين".
(2) الخيار الثاني ساقط من ض.

(2/250)


جُعْلاً سقط حقه، كما لو امتنع، وقرر الحاكم من فيه أهلية، كولي النكاح إذا [2/ 22] عضل. اهـ.
قوله: "وله التقرير في وظائفه إلخ": ظاهر إطلاقه يشمل الناظر أصالة، كالحاكم والمستحق والناظر بشرط الواقف، بخلاف نصبٍ وعزلٍ فإنه يختص بهما الناظر أصالة، كما صرحوا به في غير كتاب.
(10) قوله: "وكان أحق بها": وقال الشيخ: لا يتعيّن المنزول له، ويولِّي من له الولاية من يستحقها شرعًا. واعترضه ابن أبي المجد (1) بما يطول ذكره. وقال الموضح: ملخص كلام الأصحاب: يستحقها منزول له إن كان أهلاً، وإلّا فلناظر تولية مستحقها شرعًا. اهـ.
(11) قوله: "في أصح الأقوال الثلاثة": وهي: أحدها: كالأجرة، وثانيها: كجعل، وثالثها: كرزق من بيت المال، وهو الأصح، فلا ينقص الأجر بأخذه ح الإخلاص، لأنه إعانة على الطاعة.
وقال الشيخ: المكوس التي يُقطِعُها الِإمام الجند حلال لهم إذا جهل مستحقُّها. وكذا إن رتّبها للفقهاء وأهل العلم اهـ. حفيد.
(12) قوله: "قلت إلخ": هذه عبارة "شرح المنتهى" لمؤلفه، إلى قوله: انتهى. وقوله: "يعني إذا لم يكن إلخ " عبارة "شرح الِإقناع". فلو قال: "قال في شرح الإِقناع"، "قال في شرح المنتهى": "قلت" لا إلخ؛ أو قال: "قال في شرح المنتهى، قلت إلخ: وقال في شرح الِإقناع: يعني إلخ" لكان أوضح.

فصل في ألفاظ الواقف في الموقوفه عليهم
(1) قوله: "دخل الموجودون": أي ولو حملًا.
وقوله: "دخل الموجودون فقط": هذا ما جزم به في "التنقيح" وتبعه في "المنتهى". وجزم في "الِإقناع" بدخول من حدث من أولاده. قال: اختاره ابن أبي
__________
(1) قوله: ابن أبي المجد: لم يتيسّر لنا معرفة المراد به. فليُنظر.

(2/251)


[2/ 23] موسى، وأفتى به الزاغوني، وهو ظاهر كلام القاضي وابن عقيل، وجزم به في "المبهج"، خلافاً لما في "التنقيح" اهـ. قلت: وهو الصواب إن شاء الله تعالى (1)، بدليل دخول أولاد البنين الحادثين بعد الوقف. وقالوا: لأن "الولد" يشملهم حقيقةً أو مجازًا، فإن ابن الابن ابن. وقالوا: لا يدخل أولاد البنات، لأن ابن البنت ليس بابن، كما قال الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهُنَّ أبناء الرجال الأباعِدِ
وحيث كان كذلك فدخول الولد الحادث أولى، لأنه ولا حقيقة. وهو ظاهر لا غبار عليه.
(2) وقول المصنف: "وإن قال: على أولادي إلخ": مكرر مع ما قبله فتفطّن.
(3) قوله: "على أن لولدِ البنات سهمّا إلخ": هذا ليس [48ب] قرينة، بل صريح (2).
__________
(1) جرى في هذه المسألة مراجعة بالمراسلة بين الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع والشيخ عبد الله الخَلَف رحمهما الله. والشيخ ابن مانع ذكر في رسالته نقل اللبدي هذا. ورسالته محفوظة في مكتبة الموسوعة الفقهية بالكويت.
(2) وجد في نسخة ض هنا تعليقاً مضافاً إلى التحشية ما يلي:
يوجد للمحشّي عبد الغني اللبدي عند قول الشارح هنا: "وعلى هذا لو وقف على بناته شيئاً معلوماً اختص بهن": أقول: وهل إذا وقف شيئاً معلوماً على بنيه، ووقف شيئاً آخر على بناته، وله ولد خنثى مشكل لا حقّ له في الوقف كله، لأنه لا يعلم كونه ابناً فلا يأخذ من وقف البنين، ولا يعلم كونه بنتاً فلا يأخذ من وقف البنات، أو يأخذ من أحدهما بقرعة، لأنه لا يخرج من كونه ابناً أو بنتاً، أو كيف الحكم؟ لم أر من تعرّض له. والظاهر أنه يأخذ من أحدهما بقرعة، لأن القرعة تميّز المستحق، كما في نظائره. اهـ. قلت وما استظهره المحشي وجيه. اهـ. محمد بن سعيد غباش. اهـ.
قلت: فعلى كلام الناسخ يكون هذا جزءاً من حاشية اللبدي. لكن الذي يظهر لي أن هذا من كلام الشيخ محمود، مجرِّد الحاشية، إضافةً منه، تعليقاً على كلام الشارح. والله أعلم (د. محمد الأشقر).

(2/252)


فائدة: لو وجد في كتاب وقفٍ أن رجلًا وقف على فلان وعلى بني بنيه، [2/ 24] واشتبه هل المراد "بني بنيه" (جمع ابن) أو: "بني بنته" (واحدة البنات)، فقال ابن عقيل في الفنون: يكون بينهما عندنا، لتساويهما، كتعارض البينّتين. ورده الشيخ فقال: يحتمل أن يقرع، ويحتمل أن يرجح بنو البنين، لأن العادة إذا وقف الإنسان على ولد بنته لا يخص الذكور، بخلافه على ولد الذكور، فيخص ذكورهم، كآبائهم، ولأنه لو أراد ولد البنت لسمّاها. قال: وهذا أقرب إلى الصواب. اهـ.
(4) قوله: "على حسب قسمة الله تعالى إلخ": ولا يخفى ما في هذا الاختيار من السداد والحسن، وموافقة الحكمة الإلهية. فلله دره من موفق.
(5) قوله:"كالعطية": أي في أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين، لكن هنا استحبابًا، وفي العطية وجوبًا، فتفطن.

فصل في نقض الوقف
(1) قوله: "أخرجه مخرج الوصية": أي بأن قال: هو وقف بعد موتي، فإنه يلزم في الحال على الصحيح، كما تقدم.
(2) قوله: "حكم به حاكم أو لا": ومذهب الحنفية: لا يلزم إلا بحكم الحاكم، أو يوصي به بعد الموت.
(3) قوله: "وكذا المناقلة به": أي وهي إبداله، ولو بخير منه، لأنها بيع.
وقد صنف الشيخ يوسف المرداوي كتابًا لطيفًا في ردّ المناقلة بالوقف (1)، وأجاد وأفاد، قاله م ص في شرع الإقناع.
(4) قوله: "ويصرف ثمنه في مثله": أي يشترى بثمنه مثله. فلو كان الوقف دارًا تعطلت منافعها ولم يوجد ما تعمر به، بيعت وأخذ بثمنها دار أو بعض دارٍ.
وظاهره أنه لا يجوز أن يشرى بثمنها أرض أو بستان ونحوإ لك، ولا صرف الثمن
__________
(1) يوسف بن محمد بن عبد الله، أبو المحاسن، جمالُ الدين المرداوي (700 - 769 هـ) تولى قضاء الحنابلة بدمشق. وكتابه "الواضح الجلي في نقض حكم ابن قاضي الجبل الحنبلي" منشور بتحقيقنا. له ترجمة في "السُّحب الوابلة" (ص 493).

(2/253)


[2/ 25] في عمارة وقف آخر، ولو اتحد الوقف أو الجهة. وأفتى عُبَادةُ (1) بجواز عمارة وقف من ريع وقف آخر على جهته. قال المنقح. وعليه العمل. قال في الإنصاف: وهو قوي، بل عمل الناس عليه. لكن قال شيخنا، يعني ابن قندس، في حواشي الفروع: إن كلامه في الفروع أظهر اهـ. أي من فتوى عبادة.
وأما إن اتحد الواقف والجهة، كدارين وقفهما رجل على مسجد، فخربتا، فإنه يجوز بيع إحداهما وصرف ثمنها في عمارة الأخرى، قولًاواحدًا.
فائدة: وما فَضَلَ من حاجة الموقوف عليه، سواء كان مسجدًا، أو رباطًا، أو غيرهما، من حُصُرٍ أو زيت، أو مُغَلّ، وأنقاضٍ وآلة، وثمنها، يجوز صرفه في مثله، وإلى فقيرٍ. نصَّ عليه.
(5) قوله: "طُمَّتْ وقلعت": ظاهره: وجوبًا، لأنه إزالة منكر.
وقوله: "فثمرتها لمساكينه": أي المسجد. قال الحارثي: والأقرب حِلُّهُ لغيرهم من المساكين. وقيل إنما يباح للمساكين مع غنى المسجد عن ثمنه.
وإن غرست قبل بنائه، ووقفت معه، فإن عيَّن مصرفها عمل به، وإلا فكمنقطع. قدّمه في الفروع. ثم قال: ونقل جماعة: في مصالحه. وإن فضل شيء فلِجارِ المسجد أكله اهـ. بتصرف.
ويجوز رفع مسجد أراد أكثر أهله رفعه، وجعل سُفْلِهِ حوانيت وسقايات، لا نقله مع إمكان عمارته.

باب الهبة
(1) قوله: "والمجهول الذي تعذر علمه إلخ": وذلك كما لو اختلط مال رجل بمال آخر من جنسه، ولم يعلم قدره، فوهبه له، صح.
(2) قوله: "وهي مستحبة": أي لأنها تذهب الحقد، وتجلب المحبة، وفي
__________
(1) هذه الفتيا عن عبادة مذكررة في كشاف القناع 4/ 294، وذكر أن ابن رجب أوردها في طبقاته.
و"عبادة" قال في الكشاف: هو من أئمة أصحابنا.

(2/254)


الحديث: "تَهَادَوْا تحابُّوا" (1) والهبة مثل الهدية. [2/ 28]
(3) قوله: "وقبضها كبيع، ولا يصح إلخ": سيأتي هذا في ألفصل الآتي قريبًا.
(4) قوله: "بل لا بد من تنجيزها": التنجيز لا ينافي التوقيت. وكان الصواب أن يقول "لا بدّ من تأبيدها" وهذا منه بناء على كلامه الأول.
قوله:"سابِقِه" أي قوله: منجزة. "ولاحِقِهِ": أي قوله: "وكونها غير مؤقتة" وهذا ظاهر، فرحم الله الشارح رحمة واسعة.
قوله:"وحرر الحكم": أي هل هو صحيح من حيث لم يصح تعليق الهبة كما مثل؟ نعم، لا يصح، وهو مفهوم من قول المصنف: "وكون الهبة منجزة"، فلا معنى لتوقف المصحح (2) في الحكم. ولكن الذي عكَّر عليه كلام الشارح رحمه الله تعالى.
(5) قوله: "ويكره رد الهبة إلخ": ويجوز ردّها لأمور: مثل أن يريد أخذه بعقدِ معاوضةٍ، أو يكون المعطي لا يقنع بالثواب المعتاد، أو تكون بعد السؤال، ونحوه.
وقوله: "ويكره ردّ الهبة وإن قلّت": علم منه أن قبولها غير واجب، ولو جاءت بلا سؤال، ولا استشراف نفس، مع أنهم صرحوا في باب الزكاة بأن من أتاه شيء [49أ] من غير مسألة ولا استشراف نفس وجب قبوله، للخبر الوارد في ذلك.
لكن في المسألة روايتان: إحداهما: لا يجب القبول، وهو مقتضى كلام الموفق وغيره من الأصحاب، وصوّبه في الإنصاف. والرواية الثانية: يجب، اختارها أبو
__________
(1) حديث: "تهادوا تحابّوا": أخرجه البخاري في الأدب المفرد (594) والبيهقي (6/ 169) وغيرهم. وهو حسن. (الإرواء).
(2) يعني مصحح الطبعة البولاقية من نيل المآرب، حيث كتب في الهامش ما يلي: "قوله فلا تصح مؤقتة: مقتضى سابقِهِ ولاحقِهِ أن يقال: فلا تصح معلّقة، كوهبتك كذا إن هلّ الشهر. وحرّر الحكم". ومن هنا استفدنا أن الشيخ عبد الغني كان يعلق حواشيه على إحدى نسخ الطبعة البولاقية كما ذكرناه في المقدمة.

(2/255)


[2/ 30] بكر في التنبيه، والمستوعب، ومشى عليها صاحب المنتهى في الزكاة، وفي الهبة مشى على الأول (1).
(6) قوله: "عن ابن الجوزي" ثم قال ابن مفلح: ولم أجد من صرح بذلك غيره. وهو قول حسن، لأن المقاصد عندنا في العقود معتبرة اهـ.

فصل
(1) قوله: "فيصح تصرف قبل القبض": ظاهره أنه سواء كان الموهوب مكيلًا ونحوه أم لا. وعندي فيه نظر، فإن المبيع إذا كان مكيلًا ونحوه لا يصح تصرف المشتري فيه قبل قبضه، وهذا مثله ولا فرق. على أن البيع يلزم بمجرد العقد، بخلاف الهبة، فإنها لا تلزم إلا بالقبض، فقياسه أن لا يصح التصرف فيها قبل قبضها إذا كانت مكيلة ونحوها بالطريق الأولى، فليتأمل وليُحرَّر.
مسألة: إذا دفع إنسان لآخر نقوطًا (2) في عرس أو ختان، أو أهدى له عند قدومه من بلاد الحجاز، ونحو ذلك، وكانت العادة جارية بمكافأة من فعل ذلك، بأن يدفع له نظير ما دفعه، ويهدي له نظير ما أهدى إن صار عنده عرس ونحوه. ثم إنه صار عند ذلك الإنسان عرس أو نحوه. فأبى الآخر أن يدفع له شيئاً، فهل له مطالبته بما دفعه؟ ظاهر إطلاقهم: لا، كما في الإقناع وغيره. ولو قيل: له الرجوع مع العادة لكان له وجه، لأنه لو لم يعلم الدافع أنه يدفع له نظير ما دفعه له لم يدفعه. وهذا معروف عندهم، والمعروف كالمشروط (3).
ومن هذا القبيل أيضاً ما يدفعه الرجل بدلاً عن خدمته العسكرية، فيطلب من بعض أقاربه وأصحابه، فيساعدونه ويعطونه ليدفع بدله المطلوب منه إلى أمير العسكر، فهل إذا احتاجوا لمثل ذلك يلزمه دفع نظير ما قبضه، وإذا امتنع يطالبونه؟
__________
(1) ض: "على الأولى".
(2) ض: نقودًا. والنقوط ما جرت العادة في الأرض المقدّسة بإعطائه من النقود ونحوها للعريس أو العروس، من قبل الأقارب والأصدقاء، كمعونة على الجهاز.
(3) في هذا نظر، ولا يبلغ هذا في العرف مبلغ الشرط.

(2/256)


يجري فيه التفصيل المتقدم. [2/ 31]
(2) قوله: "وإن وهب دينه لمدينه إلخ": قد تقدم في حد الهبة أنه لا بد في المال الموهوب أن يكون موجودًا، وهذا غير موجود. فالظاهر عدم صحة هبة الدين، إلا أن يقال: الهبة هنا بمعنى الإبراء، فصحَّت، ولذلك لم تصح هبة الدين لغير من هو عليه، كما ذكره المصنف، لما ذكرنا.
(3) قوله: "إلا إن كان ضامنًا": قال المصنف في الغاية: "ويتجه ولو حيلة" يعني أنه لو ضمن رجل دينًا على آخر حيلةً على صحة هبة الدين له صح الضَّمان وصحت الهبة اهـ.

فصل في الرجوع في الهبة
(1) قوله: "ما لم يكن أبًا إلخ": وكذلك من وهبت زوجها بمسألته إيّاها، ثم ضرها بطلاق أو غيره، كما لو تزوج عليها، فإن لها أن ترجع في هبتها. وعنه أن لها الرجوع مطلقًا، سألها أو لم يسألها. وعنه: لا رجوع لها مطلقًا. وعنه: إن وهبته مهرها أو شيئاً منه رجعت وإلا فلا. وقيل: إن وهبته لدفع ضرر، فلم يندفع، أو لوجود شرط، فلم يوجد، رجعت، وإلا فلا. والأول المذهب: جزم به في المنتهى وغيره. فكذا حكم الإبراء، كما صرح به ع ن.
(2) قوله: "أن لا يسقط حقه من الرجوع": هذا المذهب خلافًا للإقناع.
(3) قوله: "وكذلك إذا أفلس الابن إلخ": أي وحجر عليه، كما في الإقناع، وبدليل التعليل المذكور. وعبارة المنتهى والغاية: "له الرجوع ولو تعلق بالموهوب حق كفلسٍ" فظاهره: ولو حجر عليه. فتدبّر وحرر.
(4) قوله: "وللأب الخ": ظاهره: ولو كان غير رشيد، فليحرر.

فصل في قسمة المال بين الورثه في الحياة
(1) قوله: "بين ورثته": ظاهره: سواء كان الإرث بقرابةٍ أو غيرها. وظاهر ما في الإقناع من وجوب التعديل بينهم يخالفه. وفي حاشية ابن عوض على هذا

(2/257)


[2/ 34] الكتاب ما يؤيده.
(2) قوله: "حرم عليه": ظاهره: سواء كان التخصيص أو التفضيل لمصلحةٍ، كما لو خصّ أو فضَّل ذا عيالٍ، أو عاجزًا عن الكسب، أو مشتغلاً بالعلم. وقد تقدم في الوقف أن التخصيص أو التفضيل [49ب] فيه لذلك جائز. وقال في الإقناع: وقيل: إن أعطاه لمعنًى فيه، من حاجةٍ أو زَمَانةٍ أو عمى أو كثرة عياله أو لاشتغاله بالعلم ونحوه، أو مَنَعَ بعض ولده لفسقه أو لبدعته، أو لكونه يعصي الله تعالى بما يأخذه، ونحوه، جاز التخصيص. اختاره الموفق وغيره. انتهى. أقول: وعلى قياسه لو منع أحد أولاده لعقوقه. وربّما كان قوله "لفسقه" شاملاً لذلك.
(3) قوله: "والرجوع المذكور إلخ" أي في قولهم "أو يرجع فيما خص به بعضهم".

فصل في تبرعات المريض
(1) قوله: "كالبرسام": ومن المخوف أيضًا وجع القلب، والرئة، وهيجان الصفراء، والبلغم، والقولنج، والحمى المطبقة، والفالج في ابتدائه، والسل في انتهائه (1)، وما قال مسلمان عدلان إنه مخوف.
(2) قوله: {يسيّركم}: أي يحملكم على السير، ويمكنكم منه. وفي قراءة: "ينشركم في البر والبحر". وقوله: {وجرين بهم} فيه عدول عن الخطاب للغيبة، للمبالغة، كأنه تذكرة لغيرهم ليتعجب (2) من حالهم. وقوله: {بريح طيبة} أي لينة الهبوب. وقوله: {ريح عاصف} أي شديدة الهبوب. وقوله: {أحيط بهم} أي أحاط بهم الهلاك. وقوله: {مخلصين له الدين} أي من الشرك. وقوله: {لئن أنجيتنا} [يونس: 22] أي قالوا ذلك، أو معمول لدعوا فإنه بمعنى القول.
(3) قوله: "ببلدم": مفهومه أنه إذا وقع الطاعون ببدنه فهو مخوفٌ من باب
__________
(1) ينبغي أن يقال في المرض المخوف إنه يختلف بحسب تقدم الطب فربّ مرض كان مخوفًا وأصبح مما يمكن علاجه. والله أعلم.
(2) كذا في ض. وفي الأصل: "يتعجب" بدون لام.

(2/258)


أولى. قال في المغني عن وقوع الطاعون ببلده: يحتمل أنه ليس بمخوف، لأنه [2/ 37] ليس بمريض، وإنما يخاف المرض. والله تعالى أعلم اهـ. قال في الإنصاف عن هذا الاحتمال: وما هو ببعيد اهـ.
(4) قوله: "حتى تنجو من نفاسها": أي حتى ينقطع الألم والضربان ونحو ذلك.
فائدة: ومن ذبح أو أبينت حشوته فهو كميت، لا يعتد بكلامه. ذكره الموفق وغيره.
***

(2/259)