حَاشِيةُ
اللبَّدِي على نَيْل المَآرِبِ [2/ 312]
كتاب الجنايات
(1) قوله: "وأجمع المسلمون على تحريم القتل إلخ": أي لقوله تعالى {ومن يقتل
مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم} [النساء: 93] الآية، وحديث ابن مسعود مرفوعًا:
"لا يحل دم امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا
بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"
متفق عليه. فمن قتل مسلمًا متعمدًا فسَقَ، وأمره إلى الله تعالى، وتوبته
مقبولة عند أكثر أهل العلم (1) لقوله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48] والآية محمولة على من قتله
مستحلاًّ ولم يتب، أو أن هذا جزاؤه إن جازاه الله، وله العفو إن شاء.
والأخبار لا يدخلها النسخ، بل التخصيص والتأويل. اهـ. م ص.
(2) قوله:"العدوان": أي تجاوز الحلال، خرج القتل بحق.
(3) قوله: "أو عفا على غير مال": أي كخمر وخنزير.
(4) قوله: "أو عفا عن القَوَدِ مطلقًا": أي بان لم يقل: على مال، أو: بلا
مال. وإنما لزمت الدية في هذه الصور لأن العفو إذا أطلق ينصرف إلى القصاص
دون الدية، لأن العفو عن القصاص هو المقصود الأعظم في باب القود، إذ
المقصود منه التشفي، فانصرف العفو إليه، لأنه في مقابلة الانتفاع، وهو إنما
يكون بالقتل بالمال (2)، فتبقى الدية على أصلها اهـ. م ص.
(5) قوله: "كسكين وشوكة": أشار به إلى أنه لا فرق بين الحديد وغيره، فإن
غرزه بإبرة أو شوكةٍ في مقتل كالفؤاد وغيره، ومات في الحال، أو صار
__________
(1) لكن لا يسقط حق المقتول في الآخرة بمجرد التوبة. قال الشيخ: فعلى هذا
يأخذ المقتول من حسنات القاتل بقدر مظلمته، وإن سلّم نفسه للقصاص وتاب سقط
حق الله تعالى وحق الوليّ. ويعوّض الله تعالى المقتول عن حقه في الآخرة.
اهـ. (هامش ض).
(2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: "بالقتل لا بالمال".
(2/368)
ضَمِنًا (1) حتى مات، فعمد. [2/ 313]
(6) قوله: "فوق عمود الفسطاط": أي عمود بيت الشَّعَر. مفهومه أنه إن كان
مثله أو دونه ليس بعمد. وهو كذلك. لكن المراد به كما في الإقناع: الذي
تتخذه العرب لبيوتها، فيه رقة ورشاقة. وأما الذي تتخذه الترك وغيرهم
لأخبيتهم فالقتل به عمد، لأنه يقتل غالبًا. وإن ضربه بدون ذلك فمات فليس
بعمد، إلا إذا ضربه في مقتل كالفؤاد والخصيتين ونحو ذلك، أو في حال ضعف
قوةٍ من مرض أو صغر أو كبر أو حر أو بردٍ ونحوه، أو أعاد الضرب به، فعمد
ولو كان مما لا يقتل غالبًا، كعصا وحجر صغير.
(7) قوله: "لُتّ": نوع من السلاح (2).
(8) قوله: "ويمنعه الطعام والشراب": قال ابن عقيل: أو منعه الدفء في الشتاء
ولياليه الباردة، حتى مات بردًا في مدة يموت في مثلها غالبًا. قال في
الإقناع: والمدة التي يموت فيها غالبًا تختلف باختلاف الناس والزمان
والأحوال، فإذا عطَّشه في الحرّ مات في الزمن القليل، وعكسه في البرد.
وإن كان في مدة لا يموت فيها غالبًا فعمد الخطأ. وإن شككنا فيها لم يجب
القَوَد. اهـ.
(9) قوله: "أن يقتله بسحر يقتل غالبًا": قال ابن البنّا (3): يقتل القاتل
بالسحر حدًّا لا قصاصًا، وتجب دية المقتول في تركته، وصححه في الإنصاف،
وجزم به في الإقناع. فإن قال القاتل بالسمّ أو السحر: لا أعلم أنه قاتل، لم
يقبل.
والذي يقتل بعينه كالساحر.
__________
(1) ضَمِنًا: أي مريضَا متألمًا.
(2) بهذا فَسَّره الشيخ منصور في شرح الإقناع، ولم نجد الكلمة في اللسان
ولا في القاموس.
ولعله حجر أو نحوه يتخذ للدقّ. والله أعلم.
(3) المراد به الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البنا البغدادي الحنبلي (- 471
هـ). وهو تلميذ القاضي أبي يعلى. كان فقيهًا مكثرًا من التصنيف. له "المقنع
شرح مختصر الخرقي". له ترجمة في سير أعلام النبلاء (18/ 380).
(2/369)
[2/ 314]
(10) قوله: "فلا يلزمهم أكثر من دية إلخ" أي وله أن يعفو عن بعضهم في
القود (1) ويأخذ [70أ] منه نسبته من الدية، ويقتص من الباقي. اهـ. م ص.
(11) قوله: "وإن جرح واحد جرحًا إلخ": يُشير بيذا إلى أن الجماعة الذين
اشتركوا في قتل واحد، وكان يصلح فعل كل واحد منهم للقتل، يقتلون به ولو أن
أحدهم ضرب أكثر من غيره أو أقل. فإن كان لا يصلح فعلهم للقتل، بان ضربوه
بما لا يقتل غالبًا في غير مقتل فلا قود، إلا أن توافقوا على قتله بذلك.
فإن صلح فعل بعضهم للقتل دون بعض فالظاهر أن لكلٍّ حكمه، ويؤخذ الأول
بالقود، والثاني بنسبته من الدية، ولكن لم أو به نضٍّا (2). فليحرر.
(12) قوله: "خطرة" مفهومه أنها لو كانت غير خطرة، وقطعها أو بَطَّها من
مكلف بدون إذنه، أنه شبه عمد. ولم أره صريحًا. لكنه مقتضى القواعد، لأنه لا
يقتل غالبًا. اهـ. ح ف.
(13) قوله: "أو صاح بعاقل" أي وغير العاقل أولى.
(14) قوله: "أو صاح بصغير إلخ" مفهومه أنه لو صاح بمكلف فسقط فلا شيء عليه.
وهو كذلك. صرح به في الإقناع.
وإمساك الحية محرّم، فلو قتلت ممسكها فقاتلُ نفسه. ومع ظن أنها لا تقتل
فشبه عمد.
(15) قوله: "وهو أن يفعل ما يجوز له فعله إلخ" علم منه أنه لو قصد رمي
معصومٍ من آدمي أو بهيمة، فقتل غير الذي قصده، أنه لا يكون خطأ بل عمدًا.
قال في الإنصاف: وهو منصوص الإمام أحمد، وقدِّم في المغني أنه خطأ، وهو
مقتضى كلامه في المحرر وغيره. وجزم به في الإقناع.
(16) قوله: "أو يتعمد القتل صغيرٌ أو مجنون" أي فعمدهما كخطأ المكلف.
(17) قوله: "ففي القسمين الأخيرين إلخ" فإن قيل: فهلا جعلا قسمًا واحدًا
__________
(1) كذا في النسختين، ولعل صوابه: "عن القود".
(2) كذا في ض. وفي الأصل: "ويأخذ". ويؤخذ على المحشّي أن المسألة مذكررة في
الإقناع وشرحه (5/ 511).
(2/370)
حيث استويا في وجوب الكفارة على القاتل
والدية على العاقلة؟ قلت: بل يفرق [2/ 315] بينهما بأن الدية في الأول
مغلّظة، وفي الثاني مخفَّفة، وبأن القاتل في الأول آثم دون الثاني، كما
ذكره ع ن. لكن حيث لم يأثم القاتل خطأ فلم وجبت عليه الكفارة؟ ينبغي أن
يحرر.
(18) قوله: "لم يلزمه شيء": أي من قود أو دية، وإلا فالذي يظهر أنه تلزمه
الكفارة، لأنه لا يباح قتله بذلك، إلا إن قال له: اقتلني وإلا قتلتك، وكان
قادرًا عليه، فيكون غير آثم في قتله. ومحل ذلك إذا كان القائل مكلفًا غير
قنٍ، وإلا ضمن القاتل.
(19) قولى: "ولم يأمره به": فإن أمره بالقتل فقَتَلَ قُتِل الآمر.
باب شروط القصاص في النفس
(1) قوله: "فلا قصاص على صغير الخ": ومثله نائم ومغمى عليه. أما السكران
فعليه القصاص إن كان آثمًا في سكره، لأنه مؤاخذ بجميع ما يصدر منه.
(2) قوله: "تعارضتا": أي وسقطتا وكان وجودهما كالعدم. وحينئذ فيقبل قول
الصغير، كما صرح بذلك م ص وغيره. أي ويحلف، وإن قال: قتلته وأنا مجنون، فإن
عرف له حال جنون فقوله مع يمينه، وإلا فقول الوقي. وان قال: كنت مجنونًا،
فقال الوليّ: بل سكران، فقول القاتل بيمينه.
(3) قوله: "عصمة المقتول": أي بالنسبة للقاتل، ولذلك قال الشارح "ولو كان
مستحقًا دمه" إلى آخره، أي فلو قتل إنسان رجلاً مثلاً عمدًا عدوانًا يقاد
به، فجاء رجل من غير أولياء المقتول فقتله، فإن القاتل الثاني يقاد بالقاتل
الأول، لأنه معصوم الدم بالنسبة له، وإن كان غير معصوم بالنسبة لأولياء
المقتول. هذا تقرير عبارة الشارح.
(4) قوله: "إن قبلت توبته ظاهرًا": أي وأما إذا كان لا تقبل توبته ظاهرًا،
كالزنديق ومن تكررت ردّته، فلا فرق بين ما قبل التوبة وبعدها.
(2/371)
[2/ 318]
(5) قوله: "بأن لا يفضل إلخ،: أي فلا اعتداد (1) بالتفاوت بالعلم والشرف
والغنى ونحو ذلك. ويجري القصاص بين الولاة والعمّال وبين رعيتهم.
(6) قوله: "حال الجناية": أي لأنه وقت انعقاد السبب، فلو قتل كافر كافرًا،
ثم أسلم القاتل، فعليه القود، لأنه حين الجناية كان كافرًا مثله، وكذا لو
قَتَلَ عبدٌ عبدًا ثم عتق القاتل.
(7) قوله: "فلا يقتل المسلم ولو عبدًا بالكافر [70ب] إلخ": أي لعدم
المكافأة. حكي أن أبا يوسف رُفع إليه مسلم قتل ذميًّا، فأراد قتله، فرأى في
النوم قائلاً يقول:
يا قاتل المسلم بالكافِرِ ... جرْتَ وليس العدل كالجائِرِ
جا رأبو يوسف في حكمِهِ ... بقتله المسلم بالكافِرِ
فأصبح، فاعتل بأنه إنما أراد قتله إذا ثبت أنه كان يؤدي الجزية إلى حين
قتله، فتعذَّر ذلك. والله أعلم.
(8) قوله: "ولو ذميًّا": أي لا يقتل الحر الذّمّي بالعبد المسلم قصاصًا،
وإلا فإنه يقتل، لنقض العهد بذلك. ويلزمه قيمة العبد لسيده. فتنبه.
(9) قوله: "ولو كان ذا رحم إلخ": كذا في المنتهى، وعبارة الإقناع "ولا يقتل
المكاتب بعبده الأجنبي، ويقتل بعبده ذي الرحم المحرم (2). اهـ". ويقتل
المكاتب بِقِنّ غيره، ويقتل مَنْ بعضه حر بمثله أو أكثر منه حرية، لا بأقل،
ويقتل النصراني واليهودي بالمجوسي.
(10) قوله: "فمتى ورث القاتل إلخ": أي بوجود واسطة بينه وبين المقتول، كما
لو قتل أخا زوجته، فورثته ثم ماتت، فورثها القاتل، فلا قصاص، وإلا فلا
يتصور أن يرث القاتل من المقتول، لأن القتل مانع، فليتنبه له.
(11) قوله: "أو ولده": أي كما لو قتَلَ زوجتَه وله منها ولد، فلا قصاص،
__________
(1) كذا في الأصل. وفي ض:"فلا عبرة بالتفاوت" إلخ.
(2) كلمة "المحرم" ليست في الإقناع، على ما نظرناه في كشاف القناع.
(2/372)
لأن ولده يرثها. وكذا لو قتلت زوجها ولها
منه ولد. [2/ 319]
(12) قوله: "أو قتل شخصًا في داره": أي دار القاتل، ظاهره: ولو كان المقتول
له عادة بأخذ أموال الناس، أو كان بينه وبين القاتل عداوة، أو كان قد
توغَّده بالقتل، ونحو ذلك. ولو قيل. بعدم الضمان، فضلاً عن القود، مع وجود
هذه القرائن، وكان القتل في وقت نوم الناس، ووجد مع المقتول سلاح، ونحو
ذلك، لكان له وجه. وإلا فإذا عمد رجل لبَيْت آخر ليقتله أو يفجر بزوجته
ماذا يصنع؟ فإن لم يقتله دفعًا له عن ذلك، ويقبَلْ منه مع هذه القرائن،
فلعمري إنها الطامة الكبرى. ولكن الشرع ليس بالرأي، فيجب الوقوف عند النص.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب شروط استيفاء القصاص
(1) قوله: "من غير إذنٍ من الجاني": مفهومه أنهما لو قتلا أو قطعا بإذن من
الجاني لا يسقط حقهما، ويكون ما فعلاهُ هَدْرًا.
21) قوله: "فلا ينفرد به بعضهم إلخ": فلو انفرد به بعضهم بدون إذن الباقي
عُزِّر فقط، ولشريكه في تركة الجاني حقه من الدية، ويرجع وارث الجاني على
المقتص بما فوق حقه من الدية.
فإن قيل: لم قتل الحسَنُ [عبدَ الرحمن] بن مُلْجِمٍ قاتل علي، ولم ينتظر
قدوم من غاب من الورثة؟ قيل: لأنه لم يقتله قصاصًا، وإنما قتله كفرًا، لأن
من اعتقد حِلَّ ما حرّم الله كافر، ولسعيه في الأرض بالفساد، كما في شرح
المنتهى الصغير.
(3) قوله: "غير متحتِّم": أي بل يجوز الانتقال منه إلى الدية، وإلى العفو
مجانًا، بخلاف قتلٍ في محاربة، فلا يشترط اتفاق المشتركين فيه، لتحتّمه لحق
الله تعالى، وبخلاف حدّ قذفِ إذا كان موروثًا لجماعةٍ، أو قذفوا بكلمةٍ
واحدة، فإن لكل واحد منهم أن يقيمه بدون إذن الباقي، لأنه إذا سقط بعفو
بعضهم يسقط لا إلى بدل، فيضيع حق الباقين، بخلاف القصاص، فإنه إذا سقط بعفو
بعضهم يسقط
(2/373)
[2/ 321] إلى بدل وهو الدية، فلا يضيع حق
من لم يعفُ.
(4) قوله: "ولو زوجًا أو زوجة إلخ": أي لما روي عن عمر أنه أُتي برجلٍ قتل
قتيلاً، فجاء ورثة المقتول ليقتلوه، فقالت امرأة المقتول، وهي أخت القاتل:
قد عفوتُ عن حقي. فقال عمر: الله أكبر، عتق القتيل. رواه أبو داود.
(5) قوله: "قال في المنتهى: أو شهد إلخ": وكذا عبارة الإقناع، وكان الشارح
أراد معارضة المصنف في قوله: أو أقر" بقوله "قال في المنتهى إلخ".
أقول: ولعلَّ المصنف أراد أن معنى قوله في المنتهى: "أو شهد إلخ" مجرد
الإخبار، ولا تشترط الشهادة عند حاكم ونحوه، فليحرر الحكم.
(6) قوله: "اللِّبأ": بالهمز، على وزن عِنَب: أول اللبن عند الولادة، وأقله
حَلْتة، وأكثره ثلاث. وإنما لم تقتل حتى تسقيه اللبأ لأنه يضر بالولد، لأنه
لا يعيش غالبًا إلا به، وكالتي وجب رجمها، كما يأتي في حد الزنا.
(7) قوله: "وإن وجد من يرضعه إلخ": ظاهره: ولو أمكن سقيه بلبن شاة فقط تترك
ولا تقتل حتى ينفطم. وصرَّح في المغني بقتلها حينئذ. وكذا جزم به في
الإقناع. وعلى كلِّ فيستحب لولي المقتول تأخيره إلى الفطام.
(8) قوله:"بمجرد وضعٍ": وفي المغني "وسقي اللبأ" وفي المستوعب وغيره: وتفرغ
من نفاسها اهـ. م ص.
(9) قوله: "وكان لها زوج أو سيد [71أ] يطؤها": هذا ليس بشرط، وعبارة
المنتهى: "ومتى ادّعته وأمكن قُبِل" قال م ص في شرحه عند قوله "وأمكن": أي
بان كانت في سنِّ يمكن أن تحمل فيه. قلت: وإن لم يكن زوج أو سيد. اهـ،
لاحتمال أن يكون من شبهة ونحوها. وقوله: "قُبِل قولها" ظاهره: ولو بلا
يمين. فليحرر.
(10) قوله: "بغير حضور الإمام": إظهار في مقام الإضمار.
(11) قوله: "قبل برئه إلخ": أي وأما إن كان بعد برئه فإنه يستقر حكم القطع،
فلوليِّه أن يفعل به كما فعل، وله أخذ دية ما قطع، وقتله. وإن اختلفا في
برئه فقولى منكر، إن لم تمض مدة يمكن فيها، وإلا فقول وليٍّ بيمينه. وإن
اختلفا
(2/374)
في مضي المدة فقول جانٍ بيمينه. وتُقَدَّم
بينة ولي إن أقاما بينتين، لأنها مثبتة [2/ 324] للبرء. اهـ. م ص.
باب شروط القصاص فيما دون النفس
(1) قوله: "والحر مع العبد إلخ": أي: والمكاتَبُ مع مملوكه.
وقوله: "المكافاة" أي في الحر مع العبد وما بعده. وأما في الأبوين مع الابن
فللولادة، لا لعدم الكفاعة، كما قد يتوهم. وكذا لا يقتص من صغيرٍ أو مجنونٍ
قَطَع طرفًا، لأنهما لا يقتص منهما في النفس كما تقدم.
(2) قوله: "والآية مخصوصة بالخطأ": أي قوله تعالى {ومن قتل مؤمنًا خطأ}
الآية. يعني أن الآية المذكورة دالة على وجوب الدية دون القصاص، وذلك في
الخطأ صريح (1). وأما شِبْهُ العمد فبالقياس عليه، لأنه يسمى خطأ العمد،
وهذا في النفس وما دونها، فهو أولى. وهذا ما ظهر لي في حلّ هذه العبارة.
(3) قوله: "مَفْصِل": بفتح أوله وكسر ثالثه، واحد المفاصل، وهي ما بين
الأعضاء، كما بين الأنامل، وبين الكفّ والساعد، وبين الساعد والعضد، وأما
المِفْصَل بكسر الميم وفتح الصاد فهو اللِّسان. اهـ. ح ف. كذا في الحاشية.
(4) قوله: "غير سنٍّ وضرس": أي ففيهما القصاص، لأن الحيف فيهما مأمون،
لكونه يمكن أن يأخذ يالمبرد بقدر ما أتكسر، فإن انتفى الحيف انتفى المانع
من القصاص. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(5) قوله: "فلم يجز: ظاهره، ولو رضي المجنى عليه أن يقتص من المرفق أو
الكوع، فيما إذا كانت الجناية على بعض العضد، أو من مفصل الكعب، فيما إذا
كانت على الساق، أو على الورك، لا يمكن منه. وهو أحد الوجهين، كما في
المغني.
__________
(1) هكذا في ض. وفي الأصل: "وذلك في الخطأ الصريح".
(2/375)
[2/ 326]
(6) قوله: "قاله القاضي إلخ": أي وجزم به في الإقناع. وقال المجد: يقتص هنا
من الكوع، لأنه محل جنايته. اهـ.
(7) قوله: "الأمن من الحيف شرط لجوازه: أي جواز الاستيفاء، لا لوجوبه. وقيل
شرط لوجوبه. وفائدة الخلاف أنّا إذا قلنا إنه شرط للوجوب تعينّت الدية مع
خوف الحيف، إذ لم يوجد الشرط، وإذا قلنا إنه شرط لجوازه، فإن قلنا: الواجب
القصاص عيناً، لم يجب بذلك شيء، إلا أن المجني عليه إذا عفا يكون قد عفا عن
حقٍّ يحصل له ثوابه، وإن قلنا: موجَبُ العمد أحد شيئين انتقل الوجوب إلى
الدية. اهـ. م ص.
(8) قوله: "وخُصْيَة": أي إن قال أهل الخبرة: يمكن أخذها مع سلامة الثانية.
قاله م ص.
(9) قوله: "وألية": أي وكذا شَفْرُ امرأة، وهو أحد شفريها، أي اللحمين
المحيطين بالفرج إحاطة الشفتين بالفم. وعلم منه جريان القصاص في الألية
والشفر، لأن لهما حدًا ينتهيان إليه، فجرى القصاص فيهما.
(10) قوله: "ولا صحيح بأشل": أي والعبرة بوقت الجناية، فلو شلَّ العضو بعد
الجناية على نظيره لا يؤخذ به، لأنه حين الجناية كان صحيحًا، كما في القصاص
في النفس.
فائدة: وإن ادّعى الجاني أنه قطع العضو أشلّ، وقال المجني عليه: بل صحيحًا،
فقول مجنيٍّ عليه بيمينه، لأنه الظاهر، ما لم تكن للجاني بينة. فإن كان
لهما بينتان هل تقبل بينة الجاني أو تتعارضان؟ لم أر من نص عليه.
(11) قوله: "وهو الذي لا يجد رائحة شيء": هذا تصير للأخشم، والذي يجد
الرائحة يسمى الأشم (1). والأشل العضو الذي تعطلت حركته. فعلى هذا لا يقال:
مارن أشل، بل أخشم، أو مخروم، وهو الذي قطع وتر أنفه، أو مستحشف
__________
(1) هكذا في ض. وهو الصواب. وفي الأصل: "هذا تصير للأخشم، وهو الذي يجد
الرائحة. وأما الأشل ... إلخ".
(2/376)
وهو الرديء. فقول المصنف "أشل" لم أره
لغيره. [2/ 327]
(12) قوله: "وتؤخذ أُذن صحيحة بأذن شلاّء": أي لأن العضو صحيح، والمقصود
منه الجمال لا السمع، وذهاب السمع لنقصٍ في الرأس لا في الأذن.
(13) قوله: "ويؤخذ [71ب] معيب بصحيح": أي وكذا يؤخذ معيب بمثله، إذا قال
أهل الخبرة إنه إذا قطع لم تفسد العروق، ولم يدخل الهواء فيفسد البدن (1)،
وإلا سقط القصاص.
فصل في القصاص في الجروح
(1) قوله: "كجرح العضد (2) إلخ": لكن لا يستوفى القصاص في ذلك إلا بآلةٍ
صغيرة لا يخشى منها الزيادة، كالموسى، أو حديدة معدّةٍ لذلك، ولا يستوفيه
إلا من له علم بذلك كالجرائحيّ ونحوه. ويعتبر قدر الجرح بالمساحة دون كثافة
اللحم.
(2) قوله: "والهاشمة والمنقّلة والمأمومة": قد يوهم أن هذه الثلاثة فيها
قصاص أيضًا، وليس كذلك، قال في الإقناع بعد ذكر ما تقدم أول الفصل: ولا
يقتص في غير ذلك من الشجاج والجروح كما دون الموضحة، أو أعظم منها كالهاشمة
والمُنَقِّلة والمأمومة اهـ. وقول الشارح: قال في المنتهى وشرحه إلخ لا
__________
(1) قوله: "لم تفسد العروق ولم يدخل الهواء فيفسد البدن" هكذا في الأصل وض.
وهو كذلك أيضًا في كشاف القناع المطبوع بدار الفكر (5/ 557) وفي شرح
المنتهى نشر مكتبة السنة المحمدية بالقاهرة (3/ 295). أمّا المغني (7/ 735)
ط 3، فقد ورد النص فيه هكذا: "لم تنفسد العروق ودخل الهواء إلى البدن
فأفسده" وكل هذا خطأ ينتقل من كتاب إلى كتاب، والصواب: "لم تنسدّ العروق
ودخل الهواء إلى البدن فأفسده"، وذلك أن بعض أنواع الشلل إذا قُطعَ العضوُ
الأشل: لا تنسدّ عروق الدم بالحَسْمِ بالنار ولا غيرها، فيفضي إلى الموت،
فيكون ذلك مانعًا من القصاص في الطرف الأشل. ووجدناه على الصواب هكذا في
كتب الشافعية، انظر مثلاً نهاية المحتاج (7/ 291) والله المستعان.
(2) كذا في الأصل. وفي ض: "العضو".
(2/377)
[2/ 328] يدفع هذا الإيهام، لأنه ربما يوهم
أن فيها قصاصًا، ولكن له أن يقتص أيضًا منه موضحة إلخ فكان الأولى للمصنّف
أن يقول: "بخلاف هاشمةٍ ومنقِّلةٍ ومأمومة، وله أن يقتص فيها موضحة ويأخذ
ما بين دية تلك الشجّة والموضحة" مثلاً. والله أعلم.
***
(2/378)
|