شرح الزركشي على مختصر الخرقي

 [باب الطلاق بالحساب]
قال: وإذا قال لها: نصفك طالق، أو يدك أو عضو من أعضائك طالق، أو قال لها: أنت طالق نصف تطليقة، أو ربع تطليقة؛ وقعت بها واحدة.
ش: أما كونها تطلق طلقة إذا طلق منها جزءا مشاعا كنصفها وثلثها ونحو ذلك، أو معينا كيدها وعينها ونحو ذلك، فلأنها جملة لا تتبعض في الحل والحرمة، وجد فيها ما يقتضي التحريم فغلب، كما لو اشترك مسلم ومجوسي في قتل الصيد، ولأنه أشار بالطلاق إلى ما هو من أصل الخلقة، لا يزال عنها في حال السلامة، فكانت الإشارة إليه كالإشارة إلى الجملة، دليله لو أشار إلى الوجه أو الرأس، وخرج السن، لأنه ليس من أصل الخلقة، وإنما يحدث بعد كمالها، والشعر والظفر لزوالهما في حال السلامة، يحقق ذلك أن الأصل في كلام المكلف الإعمال لا الإلغاء، وإطلاق البعض على الكل مجاز مستعمل سائغ، قال سبحانه وتعالى: ذلك بما كسبت أيديكم وقال: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] بما كسبتم وتبت جملته.

(5/430)


2731 - وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر» عبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالخف عن الإبل، والحافر عن الخيل، وهو كثير، وإذا فهذا كذلك تصحيحا لكلام المكلف.
(تنبيه) : إذا أضاف الطلاق إلى عضو من أعضائها فهل يقع عليها جملة، تسمية للكل باسم البعض، وهو ظاهر كلام أحمد، قاله القاضي، أو على العضو نظرا لحقيقة اللفظ، ثم يسري تغليبا للتحريم؟ فيه وجهان، وينبني عليهما إذا قال: إن دخلت الدار فيدك طالق؛ فدخلت وقد قطعت يدها، أو قال: يدك طالق. ولا يد لها، فعلى الأول تطلق، وعلى الثاني لا، انتهى، وأما كونها تطلق طلقة إذا قال لها: أنت طالق نصف طلقة، أو ربع طلقة، أو ثمن طلقة، ونحو ذلك، وهو قول جمهور أهل العلم، فلما تقدم من إطلاق البعض على الكل، تصحيحا لكلام المكلف، والله أعلم.

قال: ولو قال لها: شعرك أو ظفرك طالق، لم يلزمها الطلاق، لأن الشعر والظفر يزولان، ويخرج غيرهما، وليس هما كالأعضاء الثابتة.
ش: نص أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - على ذلك مع السن، وعلل بأن ذلك يبان، يعني مع السلامة فأشبه الريق والحمل، والدمع والعرق،

(5/431)


ولأبي الخطاب في الهداية احتمال بأنها تطلق بذلك، لأنه جزء من الجملة، أشبه يدها.
(تنبيه) : توقف أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية مهنا والفضل في الروح، هل يكون مظاهرا بها أم لا؟ والذي أورده أبو الخطاب وأبو البركات مذهبا الطلاق، وقال أبو بكر: لا تطلق. ونقله عن أحمد، وجزم أبو البركات تبعا لأبي الخطاب في الدم بالطلاق، وابن البنا في الخصال بعدمه، والله أعلم.

[الشك في الطلاق]
قال: وإذا لم يدر أطلق أم لا فلا يزول يقين النكاح بشك الطلاق.
ش: يعني لم تطلق، وقد علله الخرقي بأن النكاح متيقن، والطلاق مشكوك فيه، واليقين لا يزول بالشك، وهذه قاعدة مستمرة، تقدم ذكرها في الطهارة، والله أعلم.

قال: وإذا طلق فلم يدر أواحدة أم ثلاثا، اعتزلها وعليه نفقتها ما دامت في العدة، فإن راجعها في العدة لزمته نفقتها، ولم يطأها حتى يتيقن كم الطلاق، لأنه متيقن للتحريم، شاك في التحليل.
ش: المسألة الأولى إذا شك في أصل الطلاق، وهذه إذا علم أنه طلق وشك في قدر ما طلق، فالمنصوص أيضا وعليه الأصحاب أنه يبني على اليقين لما تقدم، وقال الخرقي: يعتزلها. وهذا

(5/432)


أصل مبني على قاعدته، من أن الرجعة محرمة، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى، قال: وعليه نفقتها. لأن الأصل بقاؤها. استنادا لبقاء النكاح، قال: فإن راجعها في العدة لزمته نفقتها. لما تقدم، إذ الأصل عدم الثلاث، قال: ولم يطأ حتى يتيقن كم الطلاق، لأنه متيقن للتحريم شاك في التحليل؛ وهذا الأصل والتعليل كلاهما منازع فيه، فالتعليل بناء عنده على أن الرجعة محرمة، وهو إحدى الروايتين، والمشهور - وعليه الأصحاب - خلافه، لما سيأتي إن شاء الله، وإذا انتفى هذا التعليل انتفى الأصل، ثم لو سلم هذا التعليل، وأن الرجعة محرمة لم يبح ما قاله، لأن الذي ينفيه تحريم تزيله الرجعة، فيزول بزوالها، ولهذا عامة الأصحاب لم يلتفت لهذا، وقالوا بالإباحة، ولضعف هذا القول أنه لم يلتفت له القاضي في تعليقه، وحمل كلام الخرقي على الاستحباب، والله أعلم.

[الحكم لو طلق إحدى زوجاته ولم ينو واحدة بعينها]
قال: وإذا قال لزوجاته: إحداكن طالق، ولم ينو واحدة بعينها، أقرع بينهن، فأخرجت القرعة المطلقة منهن.
ش: إذا قال لزوجاته: إحداكن طالق. ونوى واحدة معينة، قبل منه تعيينها وطلقت، لأنه عينها بنيته، أشبه ما لو عينها بلفظه، وإن لم ينو ففيه روايتان (أشهرهما) عن أحمد - وعليها عامة الأصحاب، حتى أن القاضي في تعليقه وأبا محمد وجماعة لا يذكرون خلافا - أنه يقرع بينهما، فمن خرجت عليها القرعة فهي المطلقة، لأنه إزالة ملك بني على التغليب والسراية،

(5/433)


فتدخله القرعة، دليله العتق، ودليل الأصل «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقرع بين العبيد الستة» ، ولأن الحق لواحد غير معين، فوجب تعيينه بالقرعة، كالحرية في العبيد، إذا أعتقهم وضاق ثلثه عن جميعهم، وكالبداءة بإحدى نسائه في القسم أو السفر بها، قال أحمد: القرعة سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجاء بها القرآن (والرواية الثانية) : يرجع إلى تعيينه، فمن عينها فهي المطلقة، لأنه يملك الإيقاع ابتداء والتعيين، وقد أوقع ولم يعين، فيملك ذلك استيفاء لما ملكه، والله أعلم.

قال: وكذلك إن طلق واحدة من نسائه وأنسيها أخرجت بالقرعة المطلقة منهن.
ش: منصوص أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية الميموني وأبي الحرث أنه لا فرق بين هذه الصورة والتي قبلها، وعلى هذا عامة الأصحاب، الخرقي، والقاضي، وأصحابه وغيرهم، وسئل أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(5/434)


عن ذلك في رواية إسماعيل بن سعيد فقال: أكره أن أقول في الطلاق بالقرعة؛ فأخذ من ذلك - والله أعلم - أبو البركات رواية بالمنع، وهو اختيار أبي محمد، فلا مدخل للقرعة عنده هنا، ويحرمان عليه جميعا، كما لو اشتبهت أخته بأجنبية، أو ميتة بمذكاة، وفرق بين هذه والتي قبلها بأن الحق ثم لم يثبت لواحدة بعينها، فدخلت القرعة لتبيين التعيين، وهنا الطلاق واقع في معينة لا محالة، والقرعة لا ترفعه عنها، فلا توقعه على غيرها انتهى.
والظاهر ما يقول الجماعة، وإن كان أصل دخول القرعة في هذا ليس بالواضح، لأن هذا الفرق إنما يتم لأبي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - لو قيل بأن الطلاق يقع في غير المعينة من حين القرعة، وليس كذلك، بل الطلاق - على ما صرح به القاضي، وذكر عن الإمام أحمد ما يدل عليه في رواية أبي طالب - يقع من حين الإيقاع، وإذا وقع الطلاق من حين الإيقاع، فلا بد له من محل يتعلق به، ولا يتعلق إلا بمعين، فلا فرق بين الصورتين، وقد دخلت القرعة في الصورة الأولى فتدخل في الثانية، وأبو محمد يوافق الجماعة على هذا الأصل، فإنه يجعل العدة من حين الإيقاع، لا من حين القرعة انتهى.
فعلى قول أبي محمد يحرم الجميع عليه، وتجب عليه نفقتهن، لأنهن محبوسات عليه بحكم النكاح، وكذلك في قول الجميع قبل

(5/435)


القرعة، ولم أرهم فرقوا بين الطلاق الرجعي والبائن، مع أن الرجعي لا يحرم على المذهب، فقد يقال: لأنه إذا وطئ فقد يطأ من أصابها الطلاق، فتحصل رجعتها على المذهب، وإذا لا مطلقة منهن، فإذا أقرع بعد ذلك وخرجت القرعة بعد ذلك على واحدة، فيحكم بطلاقها وهي زوجة، فلهذا المحذور حرم الوطء مطلقا، نعم لو أراد وطء الجميع فلا ينبغي أن يمنع من ذلك، لأن بذلك تحصل رجعة من طلقها جزما، فأشبه ما لو قال: من وقع عليها طلاقي فقد راجعتها، وعلى قول الأصحاب إذا أقرعنا مع النسيان فخرجت القرعة على واحدة، فقد حكم بطلاقها ظاهرا، فإذا قال بعد ذلك: ذكرت المنسية وأنها غير التي خرجت عليها القرعة، حكم بطلاق التي ذكرها بإقراره بلا ريب، وهل ترجع إليه التي خرجت عليها القرعة؟ لا يخلو إما أن تكون القرعة بحكم حاكم أم لا، فإن كانت بحكم حاكم لم ترجع إليه، حذارا من إبطال حكم الحاكم بقوله، وكذلك إن لم تكن القرعة بحكم حاكم وتزوجت، نص أحمد على هاتين الصورتين، لتعلق حق الغير بها، وفيما عدا هاتين الصورتين قولان وبعضهم يحكيهما روايتين (إحداهما) : ترجع إليه، وهو اختيار الشيخين وغيرهما، إذ القرعة ليست بطلاق صريح ولا كناية فوجودها كعدمها (والثانية) : - وهي قول أبي بكر وابن حامد - لا ترجع إليه، ويحكم عليه بطلاقهما، الثانية بإقراره، والأولى بالقرعة، احتياطا للفروج، ودفعا للتهمة، والله أعلم.

(5/436)


قال: فإن مات قبل ذلك أقرع الورثة بينهن، وكان الميراث للبواقي منهن.
ش: يعني إذا مات الزوج قبل القرعة، أقرع الورثة بين النسوة، فمن خرجت عليها القرعة فلا ميراث لها، والميراث للبواقي، نص أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - على ذلك في رواية الجماعة.
2732 - وهو مروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وذلك لأنهن قد تساوين، فلا سبيل إلى التعيين، فوجب المصير إلى القرعة، كمن أعتق عبيدا في مرضه، لا مال له سواهم، وأبو محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - هنا يوافق الجماعة في القرعة، وإن لم يقل بدخولها في المنسية، واعلم أن هذا فيما إذا كان الطلاق بائنا، أما إن كان رجعيا فإن الجميع يرثنه، وهذا واضح، والله أعلم.

[هدم الطلاق]
قال: وإذا طلق زوجته أقل من ثلاث فقضت العدة، وتزوجت غيره، وأصابها، ثم طلقها أو مات عنها، وقضت العدة، ثم تزوجها الأول فهي عنده على ما بقي من الثلاث.
ش: هذه المسألة الملقبة بالهدم، وهو أن نكاح الثاني هل يهدم طلاق الأول، وملخص الكلام في المسألة أن الرجل إذا طلق امرأته ثم رجعت إليه فإن كان قد طلقها ثلاثا ثم رجعت إليه بشرطه، فإنها ترجع إليه بطلاق ثلاث بالإجماع، وإن كان قد طلقها دون الثلاث، ثم رجعت إليه قبل نكاح زوج آخر، رجعت على ما بقي من طلاقها بلا خلاف أيضا، وإن رجعت

(5/437)


بعد نكاح زوج آخر، والحال هذه، فهذه صورة الخرقي، وفيها روايتان، أشهرهما عن أحمد، وهي اختيار الأصحاب أنها تعود على ما بقي من طلاقها، ولا هدم، نظرا إلى إطلاق قوله سبحانه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] إلى قوله سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وظاهر إطلاق الآية الكريمة أن من طلقها زوجها طلقتين، ثم طلقها الثالثة، أنها قد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، وهو يشمل ما إذا رجعت إليه قبل تزويج زوج آخر أو بعده، وأيضا فهذا قول جمهور الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
2733 - قال أحمد هذا قول عمر، وعلي، وأبي، ومعاذ، وعمران بن حصين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

(5/438)


2734 - ورواه ابن المنذر أيضا عن زيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، ومن جهة القياس أن الزوج الثاني لا يحتاج إليه في إباحتها للأول، فوجب أن لا يؤثر في عدد الطلاق، أشبه وطء السيد أو الزوج الثالث أو الرابع (والرواية الثانية) تعود إليه بطلاق ثلاث، فنكاح الثاني هدم الطلاق الأول.
2735 - وهذا قول ابن عمر، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قال أحمد: روي عن ابن عباس وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: نكاح جديد وطلاق جديد، لأن نكاح الثاني إما أن يكون تأثيره في رفع التحريم والعدد، أو في رفع التحريم فقط، لا جائز أن يؤثر في رفع التحريم فقط، لأنه يلزم أن يرفع الثالثة، إذ التحريم تعلق بها، فلزم أن يكون تأثيره في رفعهما جميعا، فإذا طلقها واحدة أو اثنتين فالعدد موجود فيرفعه، وأجيب بأنه يهدم التحريم المتعلق بالثلاث، ولا تحريم فيما دون الثلاث، وعن قول ابن عمر،

(5/439)


وابن عباس، بأن أقوال الصحابة على قاعدتنا إذا اختلفت كانت كدليلين متعارضين، وإذا يصار إلى الترجيح، ولا شك أن قول الأولين أرجح، والقاضي حمل قول ابن عمر وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، على ما إذا كان بعد طلاق ثلاث، وجعل المسألة اتفاقية من الصحابة، والله أعلم.

قال: وإن كان المطلق عبدا فطلق اثنتين لم تحل له زوجته حتى تنكح زوجا غيره، سواء كانت الزوجة حرة أو مملوكة، لأن الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء.
ش: لما ذكر أن الزوج إذا طلق امرأته أقل من ثلاث أنها تعود إليه على ما بقي من طلاقها، فإطلاق هذا شامل للحر والعبد، فأراد أن يخرج العبد ويقول: إن نهاية ما يملكه طلقتان، وإن كان تحته حرة، وأن ملك الثلاث مختص بالحر، وإن كان تحته أمة، فالطلاق معتبر بالرجال، هذا أنص الروايتين وأشهرهما عن الإمام، وعليه الأصحاب، لظاهر قول الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229]

(5/440)


الآية إلى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] فجعل للزوج أن يطلق ثلاثا، والمراد به الحر، بدليل: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة: 229] الآية، والأخذ إنما يصح من الحر، لا يقال: الآية إنما وردت في الحرة، بدليل: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] قيل: الأمة يصح الافتداء منها بإذن سيدها، وفي هذا الاستدلال نظر، (أما أولا) فلأن الله سبحانه قال: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] والافتداء المطلق إنما هو للحرة الرشيدة، دون الأمة، وإذا كان للحرة فلا نزاع أن الحر الذي تحته حرة يملك ثلاثا، (وأما ثانيا) فلو سلم أن الأمة داخلة في هذا فلا نسلم أن المراد من قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ} [البقرة: 229] ، لأن العبد يصح خلعه، بل وقبضه لعوضه على المنصوص، ولو قيل: إنه لا يصح قبضه، فأخذ السيد كان بسببه فنسب إليه، ثم لو سلم هذا فمثل هذا لا يقتضي تخصيص أول الآية الكريمة، غايته أنه أفرد بعض من دخل في الآية بحكم.
2736 - واستدلوا أيضا على ما تقدم بما روى الدارقطني بإسناده عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «طلاق العبد اثنتان وقرء الأمة حيضتان» .

(5/441)


2737 - وقد عورض هذا بأن الحديث رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجه عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «طلاق الأمة اثنتان، وعدتها حيضتان» .
2738 - وعن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «طلاق الأمة اثنتان، وعدتها حيضتان» رواه ابن ماجه والدارقطني، وهذا دليل للرواية الثانية، وأن الطلاق معتبر بالنساء، فيملك زوج الحرة ثلاثا، وزوج الأمة اثنتين، والأحاديث في الباب ضعيفة،

(5/442)


والذي يظهر من الآية الكريمة أن كل زوج يملك الثلاث مطلقا، والله سبحانه أعلم.

قال: وإذا قال لزوجته: أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقتين؛ طلقت ثلاثا.
ش: هذا منصوص أحمد في رواية مهنا، وعليه الجمهور، نظرا إلى أن نصف الطلقتين طلقة، وقد أوقعه ثلاثا، فيقع ثلاث، كما لو قال: أنت طالق ثلاث طلقات، وقال أبو عبد الله بن حامد: تطلق طلقتين، نظرا إلى أن الإضافة بمعنى (من) أي من طلقتين، وذلك طلقة ونصف، ثم تكمل فتصير طلقتين، والله سبحانه أعلم.