مختصر الخرقى

كتاب الصيد والذبائح
ومن سمى وأرسل كلبه أو فهده المعلم فاصطاد وقتل ولم يأكل منه [شيئا] جاز أكله وان أكل الكلب أو الفهد من الصيد لم يؤكل منه لأنه أمسكه على نفسه فبطل أن يكون معلما وإذا أرسل البازي أو ما أشبه فصاد وقتل أكل وان أكل من الصيد لأن تعليمه بأن يأكل ولا يؤكل ما صيد بالكلب الأسود إذا كان بهيما لأنه شيطان وإذا أدرك الصيد وفيه روح فلم يذكه حتى مات لم يؤكل فإن لم يكن معه ما أيذكيه به أشلى1 لصائد له عليه حتى يقتله فيؤكل وإذا أرسلك كلبه فأصاب معه غيره لم يؤكل الصيد إلا أن يدركه في الحياة فيذكى وإذا سمى ورمى صيدا
__________
1 أشلى: في العربية بمعنى دعا إلا أنه يستعمل بمعنى أغراه.

(1/143)


فأصاب غيره جاز أكله وإذا رماه فغاب عن عينه وأصابه ميتا وسهمه فيه ولا أثر به غيره جاز أكله وإذا رماه فوقع في ماء أو تردى من جبل لم يؤكل وإذا رمى صيدا فقتل جماعة فكله حلال وإذا ضرب الصيد فأبان منه عضوا لم يؤكل ما أبان منه وأكل ما سواه في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله رحمه الله والرواية الأخرى يأكله وما أبان منه وكذلك إذا نصب المناجل للصيد.
وإذا أصاب بالمعراض1 أكل ما قتل بحده ولا يأكل ما قتل بعرضه وإذا رمى صيدا فعقره ورماه آخر فأثبته ورماه آخر فقتله فلا يؤكل ويكون لمن أثبته القيمة مجروحا على من قتله.
ومن كان في سفينة فوثبت سمكة [فسقطت] في حجره فهي له دون صاحب السفينة ولا يصاد السمك بشيء نجس ولا يؤكل صيد مرتد ولا ذبيحته وان تدين بدين أهل الكتاب.
ومن ترك التسمية على صيد عامدا أو ساهيا لم يؤكل وان ترك التسمية على الذبيحة عامدا لم تؤكل وان تركها ساهيا أكلت وإذا ند بعيره فلم يقدر عليه فرماه بسهم أو نحوه مما يسيل به دمه وقتله أكل وكذلك إن تردى في بئر لم يقدر على تذكيته فجرحه في أي موضع قدر عليه [فقتله] أكل إلا أن يكون رأسه في الماء فلا يجوز أكله لان الماء يعين على قتله والمسلم والكتابي في كل ما وصفت سواء ولا يؤكل [صيد] ما قتل بالبندق ولا الحجر لأنه موقوذة ولا يؤكل صيد المجوسي إلا ما كان من حوت فإنه لا ذكاة له وكذلك كل ما مات من الحيتان في الماء وان طفا.
__________
1 المعراض: عود محدد وربما جعل في رأسه حديدة.

(1/144)


وذكاة المقدور عليه من الصيد والأنعام في الحلق واللبة ويستحب أن ينحر البعير1 ويذبح ما سواه من الأنعام فإن ذبح ما ينحر أو نحر ما يذبح فجائز وإذا ذبح فأتى على موضع المقاتل فلم تخرج الروح حتى وقعت في الماء أو وطئ عليها شيء لم تؤكل فإن ذبحها من قفاها وهو مخطئ فأتت السكين على موضع ذبحها وهي في الحياة أكلت وذكاتها ذكاة جنينها أشعر أو لم يشعر ولا يقطع عضوا مما ذكي حتى تزهق نفسه.
وذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال إذا سموا أو نسوا التسمية فإن كان اخرس أومأ إلى السماء وان كان جنبا جاز أن يسمي ويذبح.
والمحرم من الحيوان ما نص الله عز وجل عليه في كتابه وما كانت العرب تسميه طيبا فهو حلال وما كانت تسميه خبيثا فهو محرم لقوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} 2 ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع" وهي التي تضرب بأنيابها الشيء وتفرسه وذي مخلب من الطير وهي التي تعلق بمخاليبها الشيء وتصيد بها.
ومن اضطر إلى الميتة فلا يأكل منها إلا ما يأمن معه الموت ومن مر بثمرة فله أن يأكل منها ولا يحمل فإن كان عليها محوطا فلا يدخل إلا بإذن ومن اضطر فأصاب الميتة وخبزا لا يعرف مالكه أكل الميتة وان لم يصب
__________
1 النحر: قطع الحلقوم والمرىء من أسفل الرقبة. والنحر يكون في الإبل.
والذبح: ذبح الحيوان بقطع الحلقوم "مجرى النفس" والمرىء "مجرى الطعام والشراب من الحلق. والذبح يكون في الأغنام والبقر.
2 سورة الأعراف:156

(1/145)


إلا طعاما فلم يبعه مالكه أخذه قهرا ليحيي به نفسه وأعطاه ثمنه إلا أن يكون بصاحبه مثل ضرورته.
ولا بأس بأكل الضب1 والضبع2 ولا يؤكل الترياق3 لأنه يقع فيه من لحوم الحيات ولا يؤكل الصيد إذا رمي بسهم مسموم إذا علم أن السم أعان على قتله وما كان مأواه البحر وهو يعيش في البر لم يؤكل إذا مات في بر أو بحر وإذا وقعت النجاسة في مائع كالدهن وما أشبهه نجس واستصبح به أن أحب ولم يحل أكله ولا ثمنه.
__________
1 الضب: حيوان يؤكل في الجزيرة العربية.
2 الضبع: حيوان اختلف العلماء في حل أكله فقال البعض يؤكل وقال البعض هو من السباع.
3 الترياق: دواء يتعالج به من السم ويجعل فيه من لحوم الحيات.

(1/146)


كتاب الأضاحي
والأضحية سنة ولا يستحب تركها لمن يقدر عليها ومن أراد أن يضحي فدخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئا وتجزئ البدنة عن سبعة وكذلك البقرة ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن والثني مما سواه.
والجذع من الضأن الذي له ستة أشهر وقد دخل في السابع قال أبو القاسم سمعت أبي يقول سألت بعض أهل البادية كيف تعرفون الضأن إذا أجذع قالوا لا تزال الصوفة قائمة على ظهره ما دام حملا فإذا نامت الصوفة على ظهره علم أنه قد أجذع والثني من المعز إذا تم له سنة ودخل في الثانية والبقر إذا صار لها سنتان ودخلت في الثالثة والإبل إذا كمل لها خمس سنين ودخلت في السادسة.

(1/146)


ويجتنب في الضحايا العوراء البين عورها والعرجاء البين عرجها والمريضة التي لا يرجى برؤها والعجفاء التي لا تنقي والعضباء والعضب ذهاب أكثر من نصف الأذن أو القرن وان اشتراها سليمة وأوجبها فعابت عنده ذبحها وكانت أضحية وإن ولدت ذبح ولدها معها.
وإيجابها أن يقول هي أضحية ولو أوجبها ناقصة وجب عليه ذبحها ولم تجزئه ولا تباع أضحية الميت في دينه ويأكلها ورثته والاستحباب أن يأكل ثلث أضحيته ويتصدق بثلثها ويهدي ثلثها ولو أكل أكثر جاز
ولا يعطى الجزار بأجرته شيئا منها وله أن ينتفع بجلدها ولا يجوز أن يبيعه ولا شيئا منها ويجوز له أن يبدل الأضحية إذا أوجبها بخير منها.
وإذا مضى من نهار يوم الأضحى بقدر صلاة الإمام العيد وخطبته فقد حل الذبح إلى آخر يومين من أيام التشريق نهارا ولا يجوز ليلا فإن ذبح قبل ذلك لم يجزئه ولزمه البدل ولا يستحب أن يذبحها إلا مسلم وإن ذبحها بيده كان أفضل ويقول عند الذبح بسم الله والله أكبر فإن نسي فلا يضره وليس عليه أن يقول عند الذبح عمن لأن النية تجزئه
ويجوز أن يتشارك السبعة فيضحوا بالبقرة أو البدنة.
والعقيقة سنة عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة تذبح يوم السابع ويجتنب فيها من العيب ما يجتنب في الأضحية وسبيلها في الأكل والصدقة والهدية سبيلها إلا أنها تطبخ أجدالا1
__________
1 أجدالا: لا يكسر لها عظم انظر رسالة " العقيقة سنة لن تموت" من إصدارات الدار.

(1/147)


كتاب السبق والرمي
...
كتاب السبق1 والرمي2
والسبق في الحافر3 والنصل4 والخف5 لا غير فإذا أرادا أن يستبقا أخرج أحدهما ولم يخرج الآخر فإن سبق من أخرج أحرز سبقه ولم يأخذ من المسبوق شيئا وإن سبق من لم يخرج أحرز سبق صاحبه فإن أخرجا جميعا لم يجز إلا أن يدخلا بينهما محللا يكافئ فرسه فرسيهما أو رميه رمييهما فإن سبقهما أخذ سبقيمها وإن كان السابق أحدهما أحرز سبقه وأخذ سبق صاحبه فكان كسائر ماله ولم يأخذ من المحلل شيئا.
ولا يجوز إذا أرسل الفرسان أن يجنب أحدهما مع فرسه فرسا يحرضه على العدو ولا يصيح في وقت سباقه لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا جنب6 ولا جلب".
__________
1 السبق: يعني المسابقة وتكون بالعدو "الجرى" بين الأشخاص كما تكون بالسهام والأسلحة وبالخيل والبغال والحمير
2 الرمي: بالسهم والرماح قديما وبأسلحة الرماية حديثا.
3 الحافر: الحافر من الحيوان: ما يقابل القدم من الإنسان أو حفر الأرض أثار ترابها بحديدة أو نحوها "الخيل"
4 النصل: السهم
5 الخف: أخفاف وخفاف، هو للجمل ونحوه بمنزلة الحافر للفرس "الإبل"
6 الجنب والجلب: الجنب هو أن يجنب فرسا إلى فرسه إذا فترت تحول إلى المجنوب

(1/148)