مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه

باب الظهار1

[1001-] قلت: الظهار من كل ذي محرم؟ 2
قال: نعم.3
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 في نسخة ظ غير موجود هذا العنوان فأثبته من نسخة ع.
والظهار مشتق من الظهر، سمي بذلك لتشبيه الزوجة بظهر الأم، وإنما خصوا الظهر دون غيره، لأنه موضع الركوب، إذ المرأة مركوبة إذا غشيت.
فقوله: أنت علي كظهر أمي، أي: ركوبك للنكاح حرام عليّ، كركوب أمي للنكاح، فأقام الظهر مقام الركوب لأنه مركوب، وأقام الركوب مقام النكاح، لأن الناكح راكب.
انظر: المغني 7/337، والمبدع 8/30، والمحرر 2/89، وغاية المنتهى 3/182، والفروع 5/486.
2 أي ما حكم من شبه امرأته بظهر من تحرم عليه من أرحامه كالعمة والخالة.
3 هذه رواية علل لها لأنهن محرمات بالقرابة فتحرم زوجة من شبهها بهن كمن شبهها بالأم، بل الصحيح من المذهب أن يعطى من شبه زوجته بمحرمة عليه بسبب، كرضاع ومصاهرة حكم من تحرم عليه بنسب…
وهناك رواية: لا يكون مظاهراً إذا أضافه إلى من تحرم عليه بسبب.
وعنه رواية أخرى: إن كان السبب مجمعاً عليه فهو مظاهر، وإلا فلا.
راجع: المغني 7/340، والإنصاف 9/193، وغاية المنتهى 3/182.
4 انظر عن قول إسحاق -رحمه الله تعالى-: الإشراف 4/237، والمغني 7/340 والأوسط، لوحة رقم: 282.

(4/1635)


[1002-] قلت: إذا ظاهر من امرأته ثم وقع بها قبل أن يكفّر ما عليه؟
قال: كفارة واحدة.1
قال إسحاق:2 هو كما قال.
[1003-] قلت: إذا ظاهر من أربع نسوة؟
__________
1 يحرم على المظاهر وطء امرأته قبل أن يكفّر، وذلك بنص القرآن الكريم، وذلك فيما إذا كانت الكفارة عتقاً أو صوماً، وذلك قوله -تعالى-: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} المجادلة: 3.
وقوله عز وجل: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} المجادلة: 4.
ومثله إذا كانت الكفارة إطعاماً، كما هو المعتمد من مذهب الإمام أحمد وعند الجمهور، فإن وطئها قبل الكفارة استقرت كفارة الظهار ولا شيء عليه غير الكفارة، إلا أنه يأثم لمخالفة الأمر.
راجع: المغني 7/347، 348، والإنصاف 9/205، وكشاف القناع 5/374، والفروع 5/493.
2 في ع بحذف: "هو".
وانظر عن قول الإمام إسحاق -رحمه الله تعالى-: الإشراف 4/242، وشرح السنة 9/245

(4/1636)


قال: كفارة واحدة.1
قال إسحاق2: كما قال إذا كان بمرة واحدة.3
[1004-] قلت: المظاهر يقبل أو يباشر؟
قال: أرجو [ع-48/ب] أن لا يكون به بأس، إنما قال الله عز وجل: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} . كأنه يريد الجماع4.5
__________
1 إن ظاهر منهن بكلمة واحدة، كأن قال: أنتنّ عليّ كظهر أمي، يكون عليه كفارة واحدة بلا خلاف في المذهب، كما قاله في المغني 7/357، ونسبه ابن قدامة لعمر وعلي وقال: ولا نعرف لهما في الصحابة مخالفاً، فكان إجماعاً.
بخلاف ما إذا كان الظهار بكلمات، فحينئذ تلزم لكل واحدة كفارة.
راجع أيضاً: الإنصاف 9/207، وكشاف القناع 5/375، والكافي 3/357، والمحرر 2/90.
2 في ع زيادة " هو ".
3 أي بكلمة واحدة وهو قيد في كلام الإمام إسحاق.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني 7/357، والإشراف 4/237.
4 في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} المجادلة: 2، 3.
5 في المسألة روايتان عن الإمام:
إحداهما: أنه لا يحرم ذلك، كما أجاب به الإمام هنا، ووافقه عليه إسحاق ونقلها الأكثرون عن [] [] الإمام أحمد كما في الإنصاف 9/204، والمبدع 8/41-42.
ومعتمدها تفسير التماس المذكور في الآية بالجماع، كما أشار إليه الإمام أحمد في النص.
ولأنه وطء يتعلق بتحريمه مال، فلم يجاوز تحريمه محله، كوطء الحائض.
الرواية الثانية: يحرم الاستمتاع من المظاهر منها بما دون الفرج قبل التكفير، وهي المذهب كما في الإنصاف 9/204.
وفي المبدع: أنها أظهرهما.
ويرجح هذه الرواية أن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه، كالطلاق والإحرام.
راجع: المغني 7/348، والمبدع 8/41، والكافي 3/261.

(4/1637)


قال إسحاق: هو كما قال.1
[1005-] قلت: رجل قال2 لامرأته: أنت أمي إن فعلت كذا وكذا؟ 3
قال: إن فعل تلزمه كفارة الظهار.4
__________
1 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف 4/243، والأوسط، لوحة رقم: 284.
2 في ع بحذف: "قال".
3 المسألة مثال لتعليق الظهار بشرط أو شروط، ويصح ذلك، لأن الظهار قول تحرم به الزوجة، فصح تعليقه على شرط كالطلاق، كما في: المغني: 7/350، والمبدع: 8/40، وغاية المنتهى: 3/183.
4 قوله: "أنت أمي" فيه تفصيل أشار إليه الإمام إسحاق -رحمه الله- في كلامه، وهو إن نوى الظهار فهو ظهار ويحمل عليه جواب الإمام أحمد -رحمه الله- هنا، وإن قال قصدت مثلها في الكبر أو الصفة أو الاحترام قبل منه ودين عليه، وإن أطلق فمختلف فيه.
والراجح والله أعلم: أنه إن وجدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يقول ذلك في حال الخصومة فهو ظهار؛ لأنه يفهم بذلك أنه أراد به ما يتعلق بأذاها ويوجب اجتنابها وهو الظهار لا كرامتها، وإن عدمت القرينة فلا ظهار، لأن تعيين الظهار عند عدم القرينة يكون مجرد تحكم لا عن دليل.
[] ورجح هذا التفصيل ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: 7/342-343، وابن مفلح في المبدع: 8/32، الفروع: 5/486.

(4/1638)


قال إسحاق:1 ليس عليه في ذلك كفارة الظهار إلا أن ينوي بهذا القول الظهار، ولو نوى طلاقاً كان ذلك.
[1006-] قلت لأحمد: الإيلاء يوقف،2 أو إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة؟
قال: يوقف، يوقفه3 السلطان.
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق هذا: الإشراف: 4/238، والمغني: 7/342.
2 في ع بلفظ: "قلت الإيلاء يوقف".
3 أي يكون بتوقيف السلطان بعد مضي الأربعة الأشهر، وذلك بأن يأمره بالفيئة إذا رفعت المرأة أمره إلى الحاكم، فإن أبي أمره بالطلاق، فإن لم يطلق طلق عليه الحاكم.
انظر: المغني: 7/318، شرح السنة: 9/238، الاستذكار: 4/لوحة160.

(4/1639)


قال أحمد: هي1 امرأته وإن أتى على ذلك سنون ما لم يوقف، إنما جعل2 ذلك به قال الله عز وجل: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا.... وَإِنْ عَزَمُوا} 3 فلا يكون4 إلا بعد الأربعة الأشهر.
__________
1 لعل هذا توضيح لجواب الإمام أحمد من الكوسج -رحمهما الله تعالى- حيث ذكر جواب الإمام أولاً ثم أخذ يفصله.
2 يفهم من كلام الإمام أحمد هذا أن زوجة المولي لا تطلق بمضي المدة، بل لا بد بعد مضي المدة من الفيئة أو الطلاق.
قال ابن قدامة: "ولا تطلق زوجته بنفس مضي المدة قال أحمد في الإيلاء يوقف عن الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" ا.?.
وأخرج البخاري في صحيحه: 6/174 عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق، ويذكر ذلك عن عثمان وعلي وأبي الدرداء وعائشة واثني عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
انظر: المغني: 7/318، كشاف القناع: 5/363، المبدع: 8/20، الهداية لأبي الخطاب 2/47، المحرر: 2/87.
3 الآية: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} البقرة: آيتا 226، 227.
4 أي لزوم الفيء أو أمر الطلاق وما يترتب عليه من أحكام.

(4/1640)


قال إسحاق:1 كما قال.
[1007-] قلت: المولي يطلق؟
قال: متى طلقها لزمها الطلاق أبداً.2
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة رقم: 110، المحلى: 9/47، والمغني: 7/319، وشرح السنة: 9/238، والإشراف: 4/231.
وما ذهب إليه الإمامان أحمد وإسحاق من أن زوجة المولي لا تطلق بمضي المدة، بل لا بد من الطلاق، هو المذهب عند الحنابلة.
[] وانظر أيضاً: كشاف القناع: 5/363، والمغني: 7/318-319، والإنصاف: 9/189، والكافي: 3/250، وتصحيح الفروع: 5/483.
2 إذا طلق المولي زوجته بعد مضي أربعة أشهر وبعد رفع المرأة أمره إلى الحاكم فأمره بالفيء أو الطلاق فطلقها المولي طلقة، فعن الإمام أحمد روايتان في كون الطلاق رجعياً أو بائناً:
إحداهما: أنها طلقة بائنة، والظاهر أنها المعني بها قول الإمام أحمد: "لزمها الطلاق أبدا"، ووافقه عليها الإمام إسحاق.
ووجهة هذه الرواية: أن الفرقة الحاصلة بطلاقه بناء على أمر الحاكم فرقة لدفع الضرر عن الزوجة، فكانت بائنة كالمختلعة.
والرواية الثانية: أنه إذا طلق واحدة تكون رجعية.
وقال عنها المرداوي في الإنصاف: 9/189 هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وجزم بها في الإقناع وشرحه: 5/367، وقدمها في المغني: 7/231.
ومما يرجحها أن طلاقه طلاق صادف مدخولاً بها من غير استيفاء عدد الطلقات الثلاث ولا مدة العدة فكان رجعياً، كما إذا طلقها واحدة في غير إيلاء.
راجع أيضا المبدع: 8/27، 28، كشاف القناع: 5/367، الفروع: 5/483، الكافي 3/250.

(4/1641)


قال إسحاق: كما قال.1
[1008-] قلت: وكيف الإيلاء في الغضب؟.2
قال:3 الرضى والغضب سواء4 إذا كان يريد
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/230، الأوسط، لوحة رقم: 278.
2 معنى السؤال: أيشترط أن يكون الإيلاء في حال الغضب فقط أم لا؟
3 ما أثبت في المتن هو عبارة ع، وعبارة ظ: "قال الرضى والغضب إذا كان يريد يميناً"، وعبارة ع أكثر وضوحا فأثبتها.
4 قال ابن قدامة في المغني 7/314: "ولا يشترط في الإيلاء الغضب ولا قصد الإضرار، وفيه أيضاً أن علياً: قال ليس في الإصلاح إيلاء. وعن ابن عباس أنه قال: إنما الإيلاء في الغضب".
وانظر: عن أثريهما هذين في: الإشراف: 4/227، وعموم الآية: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} البقرة: 226، يؤيد تسوية الإيلاء في الغضب والرضى، قال ابن المنذر وهذا أصح، لأنه أجمعوا أن الظهار، والطلاق، وسائر الأيمان سواء في حال الغضب والرضى، كان الإيلاء كذلك.
انظر: الإشراف: 4/226، والمبدع: 8/7.

(4/1642)


اليمين.1
[1009-] قلت: ولا يكون اليمين دون أربعة أشهر [ظ-28/أ] ؟ 2
قال:3 [لا يكون مولياً إذا حلف دون أربعة أشهر.4
قال إسحاق: الذي أحب إليّ من ذلك إذا حلف على دون أربعة أشهر.
__________
1لم يذكر الكوسج في هذه المسألة قول الإمام إسحاق، كذلك لم يذكره ابن المنذر في الإشراف، وهما من أكثر العلماء تتبعاً لأقوال الإمام إسحاق.
2 نهاية اللوحة رقم: 53 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 54.
3 ما بين المعقوفين من ع، وعبارة ظ هي: "قال: يكون مولياً إذا حلف على دون أربعة أشهر فتركها أربعة أشهر أن يكون مولياً".
والأولى ما أثبته من ع لاستقامة المعنى به، وكذلك ذكر قول إسحاق فيها حيث لم يذكر في الأصل بل دمج كلامه مع كلام الإمام أحمد.
[4] الصحيح من المذهب الذي نص عليه الإمام كما في الإنصاف: 9/174-175 أنه يشترط في الإيلاء أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر، وأن من حلف على دون أربعة أشهر لا يكون مولياً، وقد حكى المرداوي في الإنصاف في نفس الموضع المشار إليه عن الزركشى أنه قال: "هذا المنصوص المختار للأصحاب".
وعن الإمام رواية أن الإيلاء يصح أيضاً فيما إذا حلف على ترك الوطء لأربعة أشهر.
راجع أيضاً المبدع 8/9، والمغني 7/300.

(4/1643)


فتركها أربعة أشهر أن يكون مولياً] 1.
[1010-] قلت: المفقود؟ 2
قال: لا يكون مفقوداً3 حتى يغزو أو يركب البحر فينكسر بهم، أو رجل خرج من الليل فسبته الجن 4 فهو على قول عمر رضي الله عنه.5
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني 7/300، والأوسط، لوحة رقم: 277، ومذهبه أن من حلف على ترك الوطء لأربعة أشهر أو أكثر أو أقل، وتركها أربعة أشهر، فهو مول.
2 وردت نحو هذه المسألة في مسائل ابن هانيء 1/216، ومسائل أبي داود ص 176، 177.
3 هذا حد المفقود عند الإمام أحمد -رحمه الله-، وهو في الذي يغيب وغيبته ظاهرها الهلاك، فحكم امرأته أن تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة…
قال المرداوي في الإنصاف 9/288: "هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب".
ونقل عن الإمام رواية أنه توقف عن الجواب فيها تورعاً لما اختلف الناس.
[] راجع أيضاً: المغني 7/488، 490، والمبدع 8/127، ومطالب أولي النهى 5/569-570.
4 السبي: النهب وأخذ الناس عبيداً وإماءً.
انظر: النهاية في غريب الحديث 2/340.
5 قول عمر هو أن رجلاً فقد في عهد عمر رضي الله عنه فجاءته امرأته، فأمرها أن تتربص أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا".
أخرجه: مالك في الموطأ 2/575، والبيهقي في سننه 7/445، وعبد الرزاق في مصنفه 7/85.
وذكر محقق شرح السنة للبغوي أن رجاله ثقات 9/314.

(4/1644)


قال إسحاق: كما1 قال، وكذلك كلما ولى2 في موضع ثم فقد منه.
[1011-] قلت لأحمد:3 إذا جاء وقد تزوجت امرأته؟
قال: يخير بين الصداق وبين امرأته.
[1012-] قلت: الذي أصدقها هو؟
قال: نعم.4
__________
1 في ع بلفظ: "هو على ما قال وكذلك كلما رأى".
2 أي توجه، فكل من علم أنه توجه إلى مكان ما ثم فقد منه، فإنه يعطى حكم المفقود شرعاً.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق المغني 7/492، والإشراف 4/103.
3 في ع بحذف "لأحمد".
4 انظر عن قول أحمد وإسحاق: المغني 7/492، والإشراف على مذاهب العلماء 4/104، وذلك للأثر الذي أخرجه: البيهقي 7/445، وعبد الرزاق في مصنفه 7/85، عن عمر رضي الله عنه وفيه: أنه لما قدم زوج المرأة وقد تزوجت، خيّره بينها وبين صداقه الذي دفعه لها.
[] انظر: عن أصل المسألة: الإنصاف 9/291-292، والاستذكار، لوحة رقم: 195-196، وشرح السنة 9/314.

(4/1645)


قال إسحاق: هو كما قال.
[1013-] قال1 أحمد: أيهما أولى المفقود أو العنين؟ 2
قال إسحاق: هما في الأجل على ما وقّت لهما أربع سنين وسنة.3
قال أحمد: إذا فقدت زوجها تربص أربع سنين، ثم أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوجت.
[1014-] قلت: وإن لم تأت السلطان؟
__________
1 في ع بلفظ: "ثم قال الإمام أيهما المفقود أو العنين".
2 العنين: هو العاجز عن إيلاج ذكره في الفرج، مأخوذ من عنّ الشيء إذا اعترض، لأن ذكره يعن إذا أراد أن يولجه، أي يعترض.
انظر: المبدع 7/102، والمغني 6/667.
3 أما المفقود فقد سبق تحديد عمر رضي الله عنه له في المسألة رقم: (1010) ، وبه قال أحمد وإسحاق.
وأما العنين فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه 7/253 عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: قضى عمر في الذي لا يستطيع النساء أن يؤجل سنة، قال معمر وبلغني أنه يؤجل سنة من يوم ترفع أمرها.

(4/1646)


قال: نعم، وأحب1 إلي أن تأتي السلطان.2
قال في حديث3 عبيد4 بن عمير: تربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً، ثم تدعو ولي الزوج5 فيطلقها، ثم تعتد
__________
1 في ع بلفظ: "عليه" بدل "أحب إلي".
2 في المذهب روايتان:
إحداهما: أنها لا بد أن تأتي السلطان لأنها مدة مختلف فيها، أشبهت مدة العنة، فعلى هذا يكون ابتداء المدة من حين ضربها الحاكم، وقيل منذ انقطع خبره.
والرواية الثانية: وهي- الأصح- أنه لا يلزم إتيان السلطان، فلو مضت المدة والعدة، تزوجت بلا حكم، ولأن هذا ظاهر في موته أشبه ما لو قامت به بينة، فيكون ابتداء المدة من حين انقطع خبره وبعد أثره.
راجع: الإنصاف 9/289،والمبدع 8/129.
3 هذا الحديث لم أعثر عليه بسند موصل إلى عبيد بن عمير، ولكن وجدته من طرق أخرى موصلة إلى عمر بن الخطاب الذي روي عنه القضاء في امرأة المفقود والعنين. وذكر ابن قدامة في المغني أنه أخرجه الأثرم والجوجزاني.
4 وعبيد هو: عبيد بن عمير بن قتادة بن سعيد الليثي، أبو عاصم قاضي أهل مكة. روى عن أبيه، وله صحبة، وعن عمر وعلي وأبي بن كعب وأبي موسى الأشعري وغيرهم، وروى عنه ابنه عبد الله.
وقيل: إنه لم يسمع عنه وعطاء ومجاهد وعبد العزيز بن رفيع وغيرهم. قال ابن معين وأبو زرعة: ثقة، وعدّه ابن حبان في الثقات، مات سنة 68 ?. راجع: تهذيب التهذيب 7/71.
5 في كونها تدعو ولي الزوج فيطلقها وتعتد عدة المطلقة روايتان:
إحداهما: أن ذلك معتبر، حيث ورد في الأثر عن عمر، وكذلك روي عن علي رضي الله عنه أنه يطلقها ولي زوجها.
الرواية الثانية: لا يعتبر ذلك، وبه قال ابن عباس وابن عمر.
وهو القياس فإن ولي الرجل لا ولاية له في طلاق امرأته، ولأننا حكمنا عليها بعدة الوفاة، فلا تجب عليها مع ذلك عدة الطلاق كما لو تيقنت وفاته.
ولأنه قد وجد دليل هلاكه على وجه أباح لها التزويج، وأوجب عليها عدة الوفاة فأشبه ما لو شهد به شاهدان.
وقد ذكر صاحب الإنصاف فيه 9/289 "أن هذا المذهب، وهو الصواب".
راجع أيضاً: المغني 7/491، والمبدع 8/128.

(4/1647)


عدة المطلقة، ثم تزوج.
هذا أكثر ما قيل، وهو حديث ضعيف.
قال إسحاق: الأمر على حديث عبيد بن عمير إذا فات السلطان على معنى: أنهم لا يرون ذلك.1
[1015-] قلت: 2 يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة؟
__________
1 إلى هنا موجود في الربع الأخير من اللوحة رقم: 95 من ع.
2 يوجد في نسخة ع مسائل متقدمة على هذه المسألة. وهذه المسائل تبدأ في نصف اللوحة رقم: 99 من ع.

(4/1648)


قال: نعم1 وكذلك لبن الفحل.2
قال إسحاق: هو كما قال.
[1016-] قلت: رجل له أمة مسلمة وعبد نصراني يزوج أحدهما3 الآخر؟
قال: لا يعلو مشرك مسلمة.
قال إسحاق: هو كما قال.4
__________
1 هذا السؤال نص حديث أخرجه البخاري 6/125. وأخرجه أيضاً مسلم2/1068.
2 سبق الكلام حول هذه المسألة وبيان معنى لبن الفحل في مسألة رقم: (985) .
3 في ع زيادة "من".
4 لعموم قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} البقرة: 221.
ذكر القرطبي في تفسيره 3/72، وكذلك أبو حيان في تفسيره البحر المحيط 2/165: "أجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه ما".
ونقل عن ابن كثير -رحمه الله- مثله في 1/257، وذكر ابن كثير في نفس الصفحة قول عمر رضي الله عنه: "المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة"، وقال ابن كثير: وإسناده صحيح.
ونقل ابن مفلح في المبدع شرح المقنع: "ولا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال"، وقال عند ذلك: "لا نعلم فيه خلافا". المبدع 7/70.
وانظر أيضاً: الفروع 5/207.

(4/1649)


[1017-] قلت: من أين يؤجل العنين؟ 1
قال: من يوم يرفع.2
قال إسحاق: هو كما قال.3
[1018-] قلت: العنين؟ 4
قال: يؤجل سنة.
قال إسحاق: هو كما قال.
__________
1 وردت نحو هذه المسألة في مسائل أبي داود ص: 178.
2 التأجيل يكون من يوم المرافعة للحاكم، فإذا ادعت المرأة عجز زوجها عن وطئها لأجل العنة سئل عن ذلك، فإن أنكر ذلك والمرأة عذراء فالقول قولها، وإن كانت ثيباً فالقول قوله مع يمينه في ظاهر المذهب، لأن هذا أمر لا يعلم إلا من جهته، والأصل السلامة، فإن أقر بالعجز، أو ثبت ببينة على إقراره به، أو أنكر وطلبت يمينه فنكل، ثبت عجزه ويؤجل سنة.
وفي الأثر الذي أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/253 قال معمر الراوي عن عمر: وبلغني أنه يؤجل سنة من يوم ترفع أمرها.
[] راجع عن المسألة: المغني 6/668-669، والمبدع 7/102، والإنصاف 8/186-187، والفروع 5/228.
3 انظر: عن قول إسحاق: المغني 6/668، والإشراف 4/82.
4 معنى السؤال كما يفهم من السياق كم يؤجل العنين؟.
وقد سبق بيان أثر عمر في هذا في المسألة السابقة (1017) .

(4/1650)


[1019-] قلت: رجل تزوج امرأة قد زنت قبل ذلك ولم يعلم؟ 1
قال: هي امرأته2 وإن فارقها يجب لها نصف الصداق.3
قال إسحاق: هو كما قال.4
[1020-] قلت: إذا وطئ الرجل جاريته ممن لا تحيض ثم أراد بيعها؟ 5
قال: يستبرئها6 بثلاثة أشهر.
__________
1 في ع بلفظ "ولم يعلم ذلك".
2 لا يجوز نكاح الزانية لمن يعلم زناها إلا إذا تابت وانقضت عدتها، فإن لم يعلم زناها وعقد عليها، فالعقد صحيح، وهي امرأته وحكمها حكم غيرها من النساء، فإن فارقها قبل الدخول فلها نصف الصداق، شأنها شأن غيرها من المطلقات قبل الدخول.
راجع عن المسألة: المغني 6/601، والمبدع 7/69، والإنصاف 8/32.
3 في ع بلفظ: "صداق النصف".
4 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/101، وشرح السنة 9/290.
5 ورد عن الإمام أحمد في مسائله برواية ابنه عبد الله هذه الرواية ص: 371، وكذلك وردت في مسائله برواية أبي داود ص: 167.
6 الاستبراء: -بالمد- طلب براءة الرحم. وهو عبارة عن التربص الواجب بسبب ملك اليمين حدوثاً أو زوالاً، خص بهذا الاسم لأن هذا التربص مقدر بأقل ما يدل على البراءة من غير تكرر، وخص التربص الواجب بسبب النكاح باسم العدة اشتقاقاً من العدد لما فيه من التعدد.
[] انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/23-24، والمبدع 8/148، وكشاف القناع 5/435.

(4/1651)


قال إسحاق: هو كما قال.1
[1021-] قلت: رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها واحدة أوثنتين، فتزوجها رجل فطلقها قبل أن يدخل بها2، أترجع إلى زوجها الأول؟
__________
1 مثله ما في الإشراف على مذاهب العلماء 4/316 إلا أنه نسب لإسحاق أن استبراءها أربعون ليلة.
ولعلها رواية أخرى عن الإمام إسحاق.
ونقل عن الإمام أحمد روايتان فيمن أراد بيع أمة يطؤها، وأكثر أصحاب الإمام أحمد أطلقوا الخلاف فيما إذا كانت الأمة تحيض أو لا تحيض.
وخص ابن قدامة الروايتين فيما إذا كانت تحيض وتحمل، أما إن كانت لا تحيض فيقول ابن قدامة عنها في المغني 7/515: "وإن كان يطؤها وكانت آيسة فليس عليه استبراؤها، لأن انتفاء الحمل معلوم".
وذكر في الصفحة الثانية إطلاق الأصحاب الروايتين. ورده بأن علة وجوب الاستبراء احتمال الحمل وهو بعيد هنا.
[] راجع أيضاً: الإنصاف 9/322-323، والمبدع 8/154.
2 في ع بلفظ "ترجع إلى زوجها الأول".

(4/1652)


ل ترجع وتكون عنده على ما بقي.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1022-] قلت: رجل3 حلف بطلاق امرأته لا يدرى أواحدة أو ثلاثة؟
قال: أما الواحدة فقد وجبت عليه وهي عنده حتى يستيقن.4
__________
1 تبين غير المدخول بها بطلقة واحدة وإن رغب مطلقها بعد ذلك فيها فهو خاطب من الخطاب، يتزوجها برضاها بنكاح جديد، وترجع إليه على ما بقي من الثلاث، سواء تزوجت بعده أم لم تتزوج، لأن التي لا تحل حتى تنكح زوجاً غيره ويذوق عسيلتها هي المطلقة ثلاثاً، وهذه بخلافها.
راجع: المغني 7/274، والإنصاف 9/25.
وتقدم نحو هذه المسألة في مسألة رقم: (967) .
[2] انظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/202-203، والاستذكار، لوحة 216 والجامع لأحكام القرآن 3/152.
3 في ع بحذف: "رجل".
4 إذا شكّ في عدد الطلاق فإنّه يبني على اليقين، وقد نصّ ابن قدامة في المغني 7/247 على رواية ابن منصور هذه، وعلّل لها بقوله: لأنّ ما زاد على القدر الذي تيقّنه طلاق مشكوك فيه، فلم يلزمه كما لو شكّ في أصل الطلاق، وإذا ثبت هذا، فإنّه تبقى أحكام المطلق دون الثلاثة من إباحة الرجعة، وإذا راجع وجبت النفقة والحقوق الزوجية.
وقال الخرقي: ويحرم وطؤها، وذكر ابن مفلح في المبدع أنّها رواية عن الإمام أحمد. وعلّلوا لهذه الرواية لكونه متيقّن التحريم شاكّاً في التحليل، وعليه نفقتها ما دامت في العدّة، لأنّ الأصل بقاؤها استناداً لبقاء النكاح، ولأنّه لو تنجس ثوبه، ولم يدر موضع النجاسة منه، لا يحلّ له أن يصلّي فيه حتّى يغسل ما يتيقّن به طهارته، فهكذا هنا.
وظاهر كلام الإمام والأصحاب أنّه إذا راجعها حلّت له، قال المرداوي في الإنصاف 9/139: "هذا المذهب بلا ريب".
ويشهد لذلك القاعدة الفقهية المشهورة "اليقين لا يزول بالشكّ".
ويردّ على ما ذكر بأنّ من تيقّن الأدنى، لا يثبت فيه حكم الأعلى، كمن تيقّن الحدث الأصغر لا يثبت فيه حكم الأكبر، ويخالف الثوب، فإن غسل بعضه لا يرفع ما تيقّنه من النجاسة.
راجع أيضاً: الإقناع 4/60، المبدع 7/381، مطالب أولي النهى 5/427، المقنع بحاشيته 3/215، والهداية 2/39.

(4/1653)


قال إسحاق: كما قال.
[1023-] قلت: امرأة طلقت فمات زوجها في عدتها، ترث من زوجها وتعتد عدة المتوفى عنها من يوم توفي؟
قال أحمد: إذا كان الطلاق يملك فيه الرجعة فإنهما يتوارثان، وتستأنف عدّة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشراً لحال الميراث، وإذا كان الطلاق لا يملك فيه الرجعة فلا ميراث لها، إلا أن

(4/1654)


يكون طلقها وهو مريض؛ فإنها ترثه في العدة، وبعد العدة ما لم تزوج كما ورث عثمان رضي الله عنه [ع-51/أ] تماضر من عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
قال إسحاق: كما قال سواء.1
[1024-] قلت:2 رجل له جارية يطؤها فأراد أن ينكحها رجلاً، أيستبرئ؟
قال: نعم.3
وإن باعها أيضاً استبرأ.4
__________
1 سبق الكلام مفصلاً في هذه المسألة في مسألة رقم: (968) ، ومسألة رقم: (980) من هذا البحث.
2 في ع هذه المسألة مؤخرة عن التي تليها في ظ.
3 من أراد بيع أمته التي لا يطؤها لم يلزمه استبراؤها، ويستحب ذلك للاحتياط، وعلى المشتري إستبراؤها سواء كانت عذراء أو غيرها، لعموم النهي حيث ورد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة".
أخرجه أبو داود: 2/616، وأخرجه الترمذي: 3/438 وقال: حديث حسن، وأخرجه الحاكم: 2/195 وقال: هذا صحيح على شرط مسلم.
راجع أيضاً: المغني 7/509، 515، والعدة 433، وغاية المنتهى: 3/212، 213.
4 وإذا زوجها قبل الاستبراء لم ينعقد العقد، وهذا المذهب، وعن الإمام أنه يجوز ذلك من غير استبراء فيصح العقد، ولا يطأ الزوج حتى يستبرئ. الإنصاف: 9/323.

(4/1655)


قال إسحاق: كما قال.1
[1025-] قال أحمد: وإذا كان لا يطؤها يبيعها قبل أن يستبرئها إنما السنة للمشتري في الاستبراء، والبائع يحتاط لنفسه إذا كان يجامعها ووهن حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- "العذراء لا تستبرأ"2 إنما رواه عبد الوهاب3 عن أيوب عن
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/321.
2 في ظ: "العذراء الاستبراء". وما أثبته من نسخة ع، ومن مصنف ابن أبي شيبة: 4/223.
والحديث موجود في مصنف ابن أبي شيبة بالسند الذي أنكره الإمام أحمد.
وفي مصنف عبد الرزاق: 7/227 عن أيوب عن نافع، فالسند من أبي بكر بن أبي شيبة إلى منتهاه ابن سيرين في غاية الصحة، كما سيتضح في ترجمة كل منهم.
فالحديث صحيح لكنه مقطوع موقوف على ابن سيرين، وفي نفس المرجع مصنف ابن أبي شيبة عن عبد الوهاب عن يونس عن أيوب عن ابن عمر "إن اشترى أمة عذراء فلا يستبرئها".
فصح ذلك عن ابن عمر. وبالله التوفيق.
3 عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي، أبو محمد البصري، روى عن حميد الطويل وأيوب السختياني وابن عون وغيرهم، ووثقه يحيى بن معين، واختلط قبل موته بثلاث سنين. مات سنة أربع وتسعين.
[] انظر: تقريب التهذيب: 222، تهذيب التهذيب: 6/449-450.

(4/1656)


محمد،1 والمعروف عن نافع عن ابن عمر تُستبرأ الأمة بحيضة.
قال إسحاق: كما2 قال: إلا قول ابن عمر في العذراء، فإنه قد صح وليس هذا بمخالف، لما قال ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا استبرأ جارية استبرأها بحيضة3 لأن هذه غير عذراء.
__________
1 هو محمد بن سيرين.
2 في ع بلفظ: "قال إسحاق هو كما قال".
3 روى ذلك عنه البيهقي في سننه:7/450، ونسبه إليه ابن قدامة في المغني: 7/509، فالحاصل أن ابن عمر -رضي الله عنهما- روى عنه في استبراء الأمة، تُستبرأ بحيضة وتمسك بهذا الإمام أحمد.
وذهب إلى أن قول ابن عمر -رضي الله عنهما- أن الأمة تُستبرأ بحيضة ولو كانت عذراء، وروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: العذراء لا تُستبرأ.
وجمع بين قولي ابن عمر -رضي الله عنهما- الإمام إسحاق بأن يحمل قول ابن عمر: "تُستبرأ الأمة بحيضة، إذا لم تكن عذراء".
والظاهر، والله أعلم، أنّ سلوك الإمام إسحاق تجاه قولي ابن عمر -رضي الله عنهما- سليم، وعلى قواعد الترجيح.
وأما حكم المسألة، فالظاهر وجوب استبراء الأمة، ولو كانت عذراء لعموم النهي الوارد في حديث أبي سعيد الخدري الذي سبق في المسألة التي قبل هذه المسألة.

(4/1657)


[1026-] قلت:1 الرجل يظاهر من أمته؟
قال: إذا كانت زوجة فعليه الظهار، وإذا كانت ملك يمين فلا.2
قال إسحاق: هكذا، هو كما قال [ظ-28/ب] .3
[1027-] قلت: كيف يلاعن الرجل امرأته؟
قال: على ما في كتاب الله.4
__________
1 في ع بحذف: "الرجل".
2 المذهب أن من ظاهر من أمته لم يصح ظهاره وعليه كفارة يمين، ذكره المرداوي في الإنصاف: 9/199 ونقل عن الزركشي أنه هو المشهور والمختار.
وفي رواية عن الإمام أحمد نقلها حنبل أنه تلزمه كفارة الظهار.
راجع عن المسألة: المغني: 7/357، شرح السنة للبغوي: 9/244، الفروع: 5/489.
3 انظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/240، زاد المعاد: 5/359، والأوسط، لوحة رقم: 283.
4 يشير بهذا إلى الآيات التي في سورة النور، وهي قوله - عز وجل-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ [] [] الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} سورة النور: 6-9.
ونقل ابن قدامة في المغني: 7/436، رواية ابن منصور هذه بنصها، كما نقلها صاحب الفروع فيه: 5/510، وكذلك نقلها المرداوي في الإنصاف: 9/236، وذكر صفة اللعان نحو ما ذكر ابن منصور عن الإمام أحمد هنا.

(4/1658)


[1028-] قلت: يوقف عند الخامسة فيقال له: اتق الله؟
قال: نعم، إنها موجبة.
قال: يقول أربع مرات: أشهد بالله إنه فيما رماها به لمن الصادقين، ثم1 يوقف عند الخامسة.
فيقال له: اتق الله إنها موجبة، فإن حلف فقال: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين،2 والمرأة مثل ذلك توقف عند الخامسة.
فيقال لها: اتق الله فإنها الموجبة توجب عليك العذاب، فإن حلفت قالت:3 غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
__________
1 في ع بلفظ: "ثم عند الخامسة فيقال له: اتق الله إنها موجبة".
2 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن هلال بن أميه قذف امرأته، فجاء فشهد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت".
أخرجه: البخاري 6/178، وأخرجه مسلم 2/1135.
3 في ع: "فقالت".

(4/1659)


[1029-] قلت: إذا كذب نفسه عند الخامسة؟
قال: يضرب، وهي امرأته.1
[1030-] قلت: فإن لم تحلف عند الخامسة؟
قال: لا ترجم، يقال لها: اذهبي2، والولد لها.
فإذا أقرت أربع مرات3 رجمت.
__________
1 لأن اللعان أقيم مقام البينة في حق الزوج، فإذا أكذب نفسه تبين أن لعانه كذب وهذا قذف وزيادة في هتك عرضها، فلا أقل من أن يجب عليه الحد الذي كان واجباً بالقذف المجرد، وهي امرأته لأنه لم يحصل لعان.
قال المرداوي في الإنصاف: 9/257: وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر أن هناك رواية أنه لا يحد.
[] راجع أيضاً: المغني: 7/414-415، الفروع: 5/516، وغاية المنتهى: 3/196.
2 إذا لاعن الزوج ونكلت المرأة لم تحد، وهو الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف: 9/249.
وحكي عن الزركشي أنه قال: أما انتفاء الحد عنها فلا نعلم فيه خلافاً في مذهبنا."
وذكر في الفروع: 5/415 أنه قوي.
وأما ما يصنع بالمرأة إذا قلنا أنها لا تحد، فالمذهب: أنها تحبس حتى تلتعن، أو تقر أربع مرات.
وعن الإمام أحمد رواية: أنه يخلى سبيلها، كما صرحت به رواية ابن منصور هذه. راجع أيضا [] الإنصاف: 9/449-450، المغني 7/444-446.
3 ولا حد على من أقر دون أربع مرات عند الحنابلة، خلافاً للمالكية والشافعية وإسحاق القائلين بوجوب الحد عليه ولو أقر مرة.
دليلهم قوله صلى الله عليه وسلم: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها".
أخرجه: البخاري: 8/25، ومسلم: 2/1325.
فأمر برجمها ولم يفصل، وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ويحسن به الاستدلال، كما هي القاعدة الفقهية.
وأجيب عنه بالحديث الذي أخرجه البخاري: 8/21، 22، ومسلم: 2/1318، عن أبي هريرة أنه أتى رجل من الأسلميين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: يا رسول الله إني زنيت. فأعرض عنه، فكررها أربع مرات. فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبك جنون؟ قال: لا. فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال رسول الله: ارجموه.
فلو وجب الحد بمرة واحدة لما أعرض عنه الرسول في المرة الأولى؛ لأنه لا يجوز ترك حد وجب.
وما قيل من عدم التفصيل في الحديث الذي استدلوا به رد بأنه ممنوع، فإن الاعتراف يقع على القليل والكثير، وهذا الحديث الذي (شهد على نفسه أربع شهادات) فيه بيان لذلك الإجمال.
راجع: المغني: 8/192، مغني المحتاج:4/150، الكافي للمالكية: 2/360

(4/1660)


وأهل المدينة يقولون: إذا أبت أن تلتعن رجمت،1 وذلك أنهم يقولون إذا أقر أو أقرت [مرة] رجم ورجمت.
قال إسحاق: هو كما قال، إلا أنها إذا أبت أن تلتعن رجمت لما قال
__________
1 ما ذكره الإمام أحمد عن أهل المدينة (المالكية) هو مذهبهم ومذهب الشافعية، وإليه ذهب الإمام إسحاق، وتأتي أدلتهم مفصلة في التعليق على آخر المسألة.

(4/1661)


{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} 12.
[1031-] قلت لإسحاق: وفي اللعان إذا لم يلتعن أحدهما، ما يلزمه؟
قال: الحكم في ذلك أن يعرض عليها أن تلتعن فإن أبت ذكرت النار ووعظت، وإن3 لم تقر ولم تلتعن رجمت لقول الله: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} 4 الآية.
والعذاب5 فسّره أهل العلم: الحد،6 فلمّا لم تدرأ عن نفسها الحد باللعان بقي الحد.
__________
1 {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} آية: 8، 9 من سورة النور.
2 هذا ما أثبته من ع في ظ بحذف "مرة"، وأثبته لأن المالكية والشافعية يقولون يكفي الإقرار مرة واحدة، وقد سبق الكلام على الإقرار عند الحنابلة والمالكية والشافعية عند التعليق على قول الإمام أحمد: (وأهل المدينة يقولون) من هذه المسألة.
3 في ع بلفظ "فإن لم تقر".
4 في ع تكملة الآية: {إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} .
5 في ع بحذف كلمة: "العذاب".
6 راجع: جامع البيان للطبري: 18/85، والتفسير الكبير للفخر الرازي: 23/167

(4/1662)


وكذلك1 أخبرنا المعتمر2 عن أبي عوانة3 عن حمّاد4 أنّها ترجم، وهذا هو مذهب هؤلاء كلهم5 إلا أنهم تركوا قياد6 كلامهم، وذلك لما أجمعوا أن المدعى عليه بكل الحقوق مائة ألف7 أو أكثر إذا لم يقر8 قضوا عليه بدعوى المدعي, فكان يلزمهم إذا9 أبت أن تلتعن [أن يجعلوا ذلك منها إقراراً بالزنى, والزوج لو أنه تعذر منها وأبى أن يلتعن] 10 وثبت على قوله
__________
1 في ع بلفظ: "قال إسحاق: فكذلك".
2 هو: المعتمر بن سليمان التيمي، أبو محمّد البصري يلقّب بـ"الطفيل"، من كبار التاسعة، مات سنة سبع وثمانين ومائة، وقد جاوز الثمانين.
[] انظر: تقريب التهذيب ص 342، وتهذيب التهذيب 10/227-228.
3 أبو عوانة: هو وضّاح بن عبد الله اليشكري الواسطي البزّار، أبو عوانة، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة خمس، أو ست وسبعين ومائة.
[] انظر: تقريب التهذيب ص 369، وتهذيب التهذيب 11/116-119.
4 ابن أبي سليمان.
5 قوله "مذهب هؤلاء كلهم": أي العلماء القائلين بعدم وجوب الحد على التي أبت اللعان وذلك إشارة إلى كلام الإمام أحمد السابق.
6 أي تركوا قياس كلامهم, أو ما تقتضيه قواعدهم.
7 في ع بلفظ "مائة ألف كان أو أكثر"، أي بزيادة "كان".
8 إذا لم يقر أي: وأبَى أن يحلف.
9 في ع بعد "إذا" توجد عبارة غير واضحة لعلها "رماها لها".
10 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.

(4/1663)


فإنه يحد وهي امرأته، فإن أكذب نفسه حد أيضاً وهي امرأته.
[1032-] قلت: الأمة تطلق ثم تعتق في العدة؟
قال أحمد: إذا طلقت تطليقتين ثم أعتقت فإن تزوجها تكون عنده على تطليقة1 على حديث يحيى2 بن أبى كثير عن عمرو3 بن
__________
1 أورد الإمام ابن القيم -رحمة الله عليه- رواية ابن منصور هذه بنصها في تهذيبه لسنن أبي داود 3/113.
2 يحيى ابن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نصر اليماني، روى عن أنس وقد رآه، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، ويعلى بن حكيم، ومحمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة وغيرهم، وأرسل عن أبي أمامة، وعروة بن الزبير، وغيرهم. وروى عنه ابنه عبد الله وأيوب السختيانى ويحيى بن سعيد الأنصاري وهما من أقرانه وغيرهم. ثقة ثبت, لكنه يدلس ويرسل, مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
[] انظر: تقريب التهذيب ص 378, وتهذيب التهذيب 11/268-270.
3 عمرو بن معتب، ويقال بن أبي معتب المدني, روى عن أبي الحسن مولى بني نوفل, وعنه يحيى بن أبي كثير.
قال الميموني: قال لنا أحمد: أما أبو الحسن فمعروف، ولكن لا أعرف عمراً.
وقال مسلم عن أحمد روى عنه محمد بن يحيى قيل له: أثقة هو؟ قال: لا أدري.
وقال ابن المديني: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: لا أعرفه. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: قليل الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات, وذكره العقيلي وغيره في الضعفاء, وذكر ابن حجر في التقريب أنه من السادسة ضعيف.
انظر: تقريب التهذيب ص 256, وتهذيب التهذيب 7/498.

(4/1664)


معتب1 عن أبى الحسن2 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلي الله عليه وسلم3.
قال أحمد: هذا إذا كان زوجها عبداً, وأما إذا كان زوجها حراً
__________
1 في الأصل: عمرو بن شعيب.
2 الحسن مولى بني نوفل عن ابن عباس، وعنه عمرو بن معتب.
كذا قال محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عمرو.
ورواه غير واحد عن عبد الرزاق فقالوا: عن أبي الحسن، وهو الصواب.
قال عنه الحافظ في التقريب ص401: مقبول من الرابعة. وانظر: تهذيب التهذيب 2/329.
3 الحديث: عن يحيى بن أبي كثير عن عمرو بن معتب عن مولى بني نوفل يعني أبا الحسن قال: سئل ابن عباس عن عبد طلق امرأته بتطليقتين ثم عتقا أيتزوجها؟ قال: نعم. قيل: عمن؟ قال: أفتى بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, قال عبد الله قال أبي: قيل لمعمر: يا أبا عروة من حسن هذا لقد تحمل صخرة عظيمة.
قال الخطابي في معالم السنن 2/638: " يريد بذلك إنكار ما جاء به من الحديث..".
والحديث أخرجه أحمد في المسند 1/334، وأبو داود 2/638، وابن ماجة، حديث 2082، والنسائي 6/154، والحاكم 2/205، والبيهقي 7/370.
وكل هذه الروايات تؤول إلى السند المذكور.
قال أبو داود في سننه 2/639: "أبو الحسن معروف، وليس العمل على هذا الحديث".
وقال الخطابي في معالم السنن: 2/639: " إن أهل الحديث ضعفوه".

(4/1665)


فإن طلاق الحر الأمة ثلاث تطليقات.1
__________
1 بناء على ما قال الإمام هنا معتمداً على الحديث السابق لا يكون هناك فرق بين العبد والحر, إذ يجوز لكل منهما أن يراجعها فيتزوجها، وإنما يظهر الفرق في الرواية الأخرى عن الإمام الموافقة لرأي الجمهور، وهو عدم إباحة زواج العبد منها ثانية إلا بعد زوج.
وعن الإمام أحمد روايتان في المسألة:
إحداهما: رواية ابن منصور هذه ونحوها رواية أبي طالب.
والأخرى: أنها لا تحل له إلا بعد زوج لأنها بانت منه بتطليقتين، وهو أقصى ما يملكه من التطليقات.
راجع المسألة رقم: 907 من هذا البحث.
قال الخطابي في معالم السنن 2/638: "ومذهب عامة الفقهاء أن المملوكة إذا كانت تحت مملوك فطلقها تطليقتين أنها لا تحل إلا بعد زوج".
والرواية القائلة بأنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، هي المذهب، كما في الإنصاف: 9/167.
ويقويها أن الحديث الذي استدل به للرواية الأخرى كثر فيه المقال، والذين أخرجوه من المحدثين، كل منهم ذكر أنه لا يعرف حال عمرو بن معتب، الذي تؤول إليه كل روايات هذا الحديث، فلا تقوم بمثله حجة، فالعمل إذا المصير إلى أنها لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره، لأن طلاق العبد تطليقتان، كما سبق تقريره في المسألة رقم: (907) .
قال ابن قدامة في المغني 7/214: ولأنها حرمت عليه بالطلاق تحريماً لا ينحل إلا بزوج وإصابة، ولم يوجد ذلك، فلا يزول التحريم.
[] راجع أيضاً: المبدع 7/407، وزاد المعاد 5/272-276.

(4/1666)


قال إسحاق: كما قال.1
[1033-] قلت: عبد طلق امرأة له [أمة] 2 تطليقتين؟
قال: ما داما عبدين فإنهما لا يتراجعان، فإذا أعتقا جميعاً فإن شاء تزوجها وتكون عنده [ع-51/ب] على واحدة [قول ابن عباس.3
[1034-] قلت: أعتقا في عدتهما؟
قال: في العدة وبعد العدة واحدة.] 4
قال إسحاق: كما قال5.
__________
1 انظر: عن قول إسحاق في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/292.
2 هذا ما أثبته من ع، وفي ظ "عبد طلق امرأته"، وأثبته لأن كلام الإمام الذي يليه يدل عليه.
3 راجع المسألة رقم: (1032) .
4 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
5 هذه المسألة هي نفس المسألة السابقة: (1032) ، وقولهما هذا مبني على حديث عمرو بن معتب الذي سبق تخريجه وبيان ضعفه لعدم معرفة عمرو بن معتب.
ونقل ابن القيم في زاد المعاد 5/273 " أنها إنما حرمتها عليه التطليقتان لنقصه بالرق، فإذا زال النقص وصار حراً ملك الثلاث، وخاصة إذا كان العتق في العدة لبقاء آثار النكاح، وإن انقطعت بانت منه وحلت بدون زوج وإصابة لأنه حر والحر تحرم منه المرأة بما إذا طلقها ثلاثا".
وسبق الكلام في المسألة السابقة رقم: (1032) .

(4/1667)


[1035-] قلت: إذا طلق العبد امرأته وهي أمة فأعتقت1 أله أن يتزوجها وهو عبد؟
قال: لا، إنما الطلاق بالرجال.2
قال إسحاق: كما قال.
[1036-] قلت: تخير الأمة إذا كان زوجها حراً؟ 3
قال4: لا، إذا كان زوجها حراً فلا خيار لها5 إنما تخير من
__________
1 في ع بلفظ "وأعتقت".
2 أي لعدم زوال النقص الذي جعل من أجله أن امرأته تبين منه بتطليقتين وهو الرق. والرواية الراجحة عن الإمام عدم التفريق فيما إذا أعتق أو لم يعتق إذا طلقها تطليقتين وهو عبد، كما بيّن في المسألة السابقة رقم: (1032) .
3 أي: هل تخير الأمة المعتقة التي كانت تحت حر، وإنما ذكرت أنها معتقة لأن قرائن البحث تدل على ذلك.
4 في ع بلفظ "قال: إذا كان زوجها حراً فلا خيار لها".
5 وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب كما في الإنصاف 8/176.
وعنه رواية أن لها الخيار ولو كان حراً لورود بعض الروايات في حديث بريرة أن زوجها كان [] حراً كما في المسند 6/42, 6/170, 6/175-176. وكما في سنن النسائي: 6/163.
ولأنها ملكت نفسها ولم تكن تملكه عند عقد نكاحها، والمنافع تابعة للرقبة، فلها الخيار.
ولهذا التعليل الأخير اختار شيخ الإسلام ابن تيمية هذه الرواية، كما في الإنصاف 8/177, وفصله ابن القيم في زاد المعاد: 5/170.
والأقوى القول الأول: لأن أصح الروايات وأكثرها في حديث بريرة أن زوجها كان عبداً كما في [] المسند: 6/45-46, 6/172, والبخاري 6/171, وأخرج مسلم: 2/1143.
وقد فصل هذا ابن القيم في زاد المعاد: 5/168, وبين أوجه الترجيح في أن زوجها كان عبداً.
[] راجع أيضاً المغني: 6/659-660.

(4/1668)


العبد إذا اختارت نفسها تكون فرقة بغير طلاق.1
__________
1 إذا أعتقت الأمة تحت عبد ثبت لها الخيار باتفاق العلماء، كما في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/80, والمغني: 6/659.
ودليل المسألة قبل الإجماع حديث بريرة السابق تخريجه، وتكون فرقتها كما قال الإمام أحمد هنا فرقة بغير طلاق أي فسخاً.
قال ابن قدامة قي المغني: 6/660 "وفرقة الخيار-أي خيار الأمة إذا أعتقت- فسخ لا ينقضي به عدد الطلاق، نص عليه أحمد ولا أعلم فيه خلافاً, قيل لأحمد: لم لا يكون طلاقاً؟ قال: لأن الطلاق ما تكلم به الرجل".
ولأنها فرقة باختيار المرأة فكانت فسخاً كالفسخ لعنّة وعته.
وما حكاه ابن قدامة هنا عن الإمام أحمد هو ما سيأتي في المسألة: 1038، ومن ذلك علم أن الناقل هو الكوسج، ولم يصرح به ابن قدامة.
[] راجع أيضاً: الإنصاف: 8/177, وفتح الباري: 9/406-408، ونيل الأوطار: 6/152-153.

(4/1669)


قال إسحاق: كما قال.1
[1037-] قال أحمد: وخيار الحرة تطليقة تملك الرجعة.2
قال إسحاق: كما قال، لأن الخيار من العبد، فإن أعتق العبد فله أن يتزوجها، ومضت واحدة.3.
__________
1 انظر عن قول إسحاق في عدم تخيير الأمة المعتقة التي كانت تحت حر: المغني: 6/659, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/80.
وعلى أن خيارها فسخ لا طلاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81.
2 نبه الإمام أحمد في التفرقة بين خيار الأمة المعتقة، وبين من خيّر زوجته الحرة -بقوله: اختاري- على أن خيار الحرة يكون تطليقاً، وأما خيار الأمة فإنه فسخ، وذلك لوجود عبارة الرجل في خيار الحرة دون خيار الأمة، فإن الطلاق ما تكلم به الرجل، كما سبق النقل عنه آنفاً.
3 الظاهر من كلام الإمام إسحاق -رحمه الله- أنه حمل (خيار الحرة) في عبارة الإمام أحمد على الأمة المعتقة، فرتب على ذلك أنه إذا أعتق زوجها العبد بعد ذلك كان له أن يتزوجها ومضت طلقة واحدة, وهذا يخالف ما هو مشهور عنهما, وقد نقل ابن المنذر عنهما أن خيار الأمة لا يكون طلاقاً كما بينت آنفاً.
وانظر أيضاً: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81. والله أعلم.

(4/1670)


[1038-] قلت لأحمد:1 ويخطبها في العدة.
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.2
[1039-] قلت: لم لا يكون طلاقا؟
قال: الطلاق ما تكلم به الرجل، إنما هذا شيء من قبلها.3
قال إسحاق: كما قال.
[1040-] قلت: إذا خيّرت الأمة فاختارت نفسها ولم يكن دخل بها؟
قال: فلا صداق لها [وإن اختارته فالصداق] 4
__________
1 في ع بحذف "لأحمد".
2 يحل له خطبتها ونكاحها في عدتها, إذ لا يصان ماؤه عن مائه ولا يخشى اختلاط نسبه بنسب غيره.
الكافي لابن قدامة: 3/51, المبدع: 7/ 14.
3 أورد ابن قدامة هذه العبارة كما سبق في المغني: 6/660، ونقلها أيضاً ابن مفلح في المبدع:7/96.
4 ما بين المعقوفين مطموس في ظ، وأثبته من ع.
والمشهور عن الإمام أحمد الذي ذكر أصحابه بأنه منصوص عنه هو أنه إن اختارت الفسخ قبل الدخول فلا مهر لها.
وفي رواية عن الإمام أن لها نصف المهر لأنه وجب للسيد فلا يسقط بفعل غيره.
والصور في هذه المسألة أربع: فإن اختارت المقام معه قبل الدخول أو بعده أو اختارت الفراق بعد الدخول فالمهر للسيد في الصور الثلاث, لأنها إن اختارت المقام معه لم يوجد مسقط للمهر الواجب بالعقد, وإن فسخت بعد الدخول فقد استقر المهر به.
والصورة الرابعة وهي التي وردت في نص المسألة هنا: ما إذا اختارت الفراق قبل الدخول.
والراجح فيها: أن لا مهر لأن الفرقة جاءت من قبلها فسقط مهرها، كما لو أسلمت زوجة الكافر أو ارتدت زوجة المسلم.
انظر عن قول الإمامين في أن لا صداق لها في الإشراف على مذاهب العلماء 4/81، والمغني 6/663، 664, انظر أيضاً: المبدع 7/99.

(4/1671)


للسيد1.
قال إسحاق: كما قال، لأنها ذهبت بنفسها.
[1041-] قلت: [ظ-29/أ] إذا أعانها زوجها في مكاتبتها لم تخيّر؟
قال: وما زوجها؟
[1042-] قلت: عبد.
قال: إذا أعانها أو لم يعنها فلها الخيار.2
__________
1 في الأصل: "وإن اختاره فلا صداق للسيد".
2 لعموم حديث بريرة السابق تخريجه في مسألة: (1036) .

(4/1672)


قال إسحاق: كما قال.
[1043-] قلت: إذا زوج الرجل أم ولده فمات سيدها قبل أن يدخل1 بها زوجها خيّرت؟
قال: هي حرة تخير, فإن اختارت نفسها فلا صداق لها ولا لسيدها, وإن اختارت زوجها فالصداق للسيد.
وإذا كان الزوج دخل بها2 فمات عنها سيدها؟
قال: هي حرة3 تخيّر والصداق للسيد، وإذا4 كانت تحت حر فلا خيار لها.5
[1044-] قلت: والصداق للسيد أيضاً؟
قال: نعم لأنها أمة6، فإذا كانت مكاتبة فلا يكون الصداق
__________
1 في ع بلفظ "قبل أن يدخل بها زوجها".
2 في ظ: "وإذا كان الرق ودخل".
3 حكمها في ذلك حكم غيرها من الإماء.
وسبق الكلام عن ذلك في المسألة رقم: 1040 والتعليقات عليها.
4 في ع "فإذا".
5 راجع المسألة رقم: (1036) فقد سبق الكلام عليها.
6 أي لأنها كانت أمة عند العقد، وراجع المسألة رقم: (1040) .

(4/1673)


للسيد، إنما الصداق لها1 إلا أن تعجز فترد في الرق، فصار الصداق للسيد.
قال إسحاق: كما قال.
[1045-] قلت: رجل تحته أمة فاشتراها؟
قال: هي فسخ ويطأ بملك اليمين.2
قال إسحاق: كما قال.
[1046-] قلت: يفرق بين المتشاغرين؟ 3
قال: نعم يفرق بينهما.4
__________
1 لأن المكاتبة كسبها لها لا يملك السيد منه شيئاً، ما لم تعجز فترد في الرق.
المبدع: 6/350,351, 359.
2 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: 941من هذا البحث.
وراجع أيضاً عن المسألة وقواعد ابن رجب ص 43، وانظر: المغني 6/610.
3 الشغار أصله الشغر: يقال شغر الكلب يشغر شغراً إذا رفع إحدى رجليه ليبول, وشغر البلد إذا خلا من الناس, وشغر المرأة يشغرها شغوراً وأشغرها إذا رفع رجليها للنكاح.
واصطلاحاً: أن يزوج الرجل وليته على أن يزوجه الآخر وليته، ولا صداق بينهما.
انظر: المقنع مع حاشيته 3/46، وكشاف القناع 5/93.
4 وذلك أن نكاح الشغار باطل لنهيه -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري 6/128، ومسلم 2/ 1034.
والنهي يقتضي الفساد، وفي حديث ابن عمر الذي أخرجه مسلم 2/1035 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا شغار في الإسلام"، والنفي لنفي الحقيقة الشرعية.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه يصح العقد ويفسد الشرط كما لو تزوجها على ما لا يتمول كالخمر، فإنه يجب حينئذ مهر المثل.
والراجح: الرواية الأولى لأن ما ذكر لا يقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة في الباب.
والرواية الأولى هي المذهب كما في الإنصاف 8/159.
وراجع أيضاً: المغني 6/641، والاستذكار 4/118، والمبدع 7/83، وفتح الباري 9/162.

(4/1674)


قال إسحاق: كما قال1 شديداً.
[1047-] قلت: حديث زيد بن أرقم2 أن ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر
__________
1 انظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/58، ومعالم السنن للخطابي 2/560.
2 هو زيد بن أرقم: بن قيس بن النعمان بن مالك من الخزرج، اختلف في كنيته, قيل أبو عمر وقيل أبو عامر، واستصغر يوم أحد، وأول مشاهده الخندق وقيل المريسيع، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة, ثبت ذلك في الصحيح. وله حديث كثير ورواية عن علي، روى عنه أنس مكاتبة وأبو الطفيل وعبد خير، وله قصة في نزول سورة المنافقون في الصحيح، وشهد صفين مع علي، ومات بالكوفة أيام المختار سنة ست وستين، وقيل سنة ثمان وستين.
انظر: الإصابة 1/542, والاستيعاب: 1/537, 538.

(4/1675)


واحد؟ 1
قال: حديث2 [ع-52/أ] عمر3 في القافة4 أعجب
__________
1 حديث زيد بن أرقم: قال:" أتي علي رضي الله عنه بثلاثة نفر وهو باليمن وقعوا على امرأة في طهر واحد, فسأل اثنين: أتقران لهذا بالولد؟ قالا: لا, حتى سألهم جميعاً، فجعل كلما سأل اثنين قالا: لا, فأقرع بينهم, فألحق الولد بالذي صارت عليه القرعة وجعل عليه ثلثي الدية, قال: فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, فضحك حتى بدت نواجذه".
أخرجه: أحمد في المسند 4/374,373, وأبو داود في سننه 2/701, والنسائي 6/182, وابن ماجه، حديث: 2348.
2 ذكر ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية 217 عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: أخبرني عروة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعا القافة في رجلين اشتركا في الوقوع على امرأة في طهر واحد, وادعيا ولدها، فألحقته القافة بأحدهما, وذكر ابن القيم في نفس الصفحة, أن إسناده صحيح متصل, فقد لقي عروة عمر واعتمر معه.
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه: 7/449.
3 في ع بلفظ "حديث ابن عمر"، ولكل منهما حديث في الموضوع.
انظر: الطرق الحكيمة ص 217، 218.
4 القافة: لغة معرفة الآثار, والقائف الذي يعرف الآثار, تقوفت أثره إذا اتبعت مثل قفوت أثره.
قال ابن الأثير: القائف الذي يتتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه.
انظر: لسان العرب: 9/293, تاج العروس: 6/229, النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: 4/151.
واصطلاحاً: هي إلحاق الولد بأصوله لوجود الشبه بينه وبينهم.
والقائف هو الذي يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود.
فالقيافة: هي معرفة النسب عند الاشتباه بالفراسة والنظر وبما خصه الله تعالى به من علم ذلك, وإلحاق الأنساب بأهلها.
انظر: المبدع: 5/307, المغني: 5/769, كشاف القناع: 4/237.

(4/1676)


إلي.1
قال إسحاق: السنة في هذا رواية زيد بن أرقم لما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.2
__________
1 انظر: عن كلام الإمام أحمد هذا: معالم السنن للخطابي: 2/701, وتهذيب السنن لابن القيم: 3/178, وفيها "أحب إلي" بدل "أعجب إلي".
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق في المسألة: معالم السنن للخطابي:7/701, وتهذيب السنن لابن القيم:3/178.
بالنظر في هذه المسألة نرى أن المعول عليه عند الإمام أحمد في إلحاق النسب هو القافة, وخالفه الإمام إسحاق إلى أنه بالقرعة لحديث زيد بن أرقم.
ويقوي ما ذهب إليه الإمام أحمد الحديث الذي رواه البخاري: 4/213، ومسلم 2/1082 عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:" دخل عليّ قائف والنبي صلى الله عليه وسلم شاهد، وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسُر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأعجبه فأخبر به عائشة.
ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سر من قول القائف، ولا يظهر السرور والرضى إلا بما هو حق عنده, والحديث الذي استدل به الإمام إسحاق تكلم فيه كما ذكره الخطابي في معالم السنن: 2/701, ولا يقوى على معارضة الحديث المتفق عليه.
[] راجع عن الموضوع أيضاً: زاد المعاد: 5/418-425, والطرق الحكيمة: ص216 ,217.

(4/1677)


[1048-] قلت: المظاهر يكفّر وإن بر؟
قال: لا يكفّر إذا بر1
قال إسحاق: كما قال2.
[1049-] قلت: الجارية متى تحتاج إلى محرم؟
قال: إذا كان مثلها تُشتَهى، بنت تسعٍ امرأة.3
__________
1 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} المجادلة: 3, فتجب الكفارة لأمرين الظهار والعود، ولا تجب بالظهار فقط، فإذا لم يعد بأن بر فلا تجب عليه الكفارة.
راجع: المغني: 7/351,349, ومنار السبيل: 2/266, والمغني والشرح الكبير: 8/577 ,578.
2 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/240، الأوسط، لوحة رقم: 284.
3 وذلك لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين".
أخرجه مسلم: 2/1038, وأخرجه أحمد في المسند: 6/42.
ولقول عائشة -رضي الله عنها-: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة".
أخرجه الترمذي: 3/418, والبيهقي: 1/320.
وقال عنه الألباني في إرواء الغليل: 1/199 إنه موقوف على عائشة.
وقد نص ابن قدامة في المغني: 6/490 على رواية ابن منصور هذه وكذلك المرداوي في الإنصاف: 8/57, وقال على الصحيح من المذهب.
ووردت في المغني والشرح الكبير: 7/383, والفروع: 5/172.

(4/1678)


قال إسحاق: كما قال1.2
[1050-] قلت: اليهودية أو3 النصرانية تكون تحت اليهودي والنصراني فتسلم قبل أن يدخل بها؟
قال: لا صداق لها4.
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: جامع الترمذي: 3/318, والإشراف: 4/35, والأوسط، لوحة رقم: 190.
2 هذه المسائل تنتهي بالربع الأول من اللوحة رقم: 102، ثم يختلف الترتيب ويبدأ من نصف اللوحة رقم: 103.
3 في ع "و" بدل "أو".
4 لأن الفرقة من قبلها وفي المسألة ثلاث روايات عن الإمام أحمد:
إحداها: هذه كما في الإنصاف 8/211, وقال عنها المرداوي هذا المذهب نص عليه الأصحاب وقطع به ابن قدامة.
والثانية: أن لها نصف المهر, لأن الفرقة جاءت من قبله بتأخره عن الإسلام.
والثالثة: التوقف وهي رواية الأثرم.

(4/1679)


[1051-] قلت: هي1 أحق بنفسها، وإن أسلم زوجها؟
قال: نعم.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1052-] قلت: [رجل] 4 طلق امرأته وهي بكر قبل أن يدخل بها، فعفا أبوها زوجَها عن نصف5 الصداق؟
قال: ما أرى عفو الأب إلا جائزاً، وأرى أن يأخذ من مالها ما شاء أو كلّه.6
__________
1 في ع زيادة "و" قبل "هي".
2 لأنه إن أدرك المدخول بها وهي لم تنقض عدتها منه راجعها، وهذه أسلمت قبل أن يدخل بها، فتتعجل الفرقة بينهما من حين إسلامها، ويكون ذلك فسخاً لا طلاقاً.
راجع: الإنصاف 8/213,211, والمغني 6/616,614, شرح السنة: 9/93, الإقناع: 3/204.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق في أنه يوقف أمرهما على انقضاء العدة، فإن انقضت العدة وقعت الفرقة منذ أسلمت. المغني 6/616, شرح السنة: 9/94.
4 ما بين المعقوفين أثبته من ع وغير موجود في ظ، وأثبته لأن فيه توضيحاً للمعنى.
5 في ع "عن النصف من الصداق".
6 نقل نص رواية ابن منصور هذه في المبدع والمغني وفي الروايتين والوجهين.
وأصل المسألة مبني على الخلاف فيمن هو الذي بيده عقدة النكاح هل هو الزوج أو الأب (الولي) ؟ فالمذهب بلا ريب كما قال في الإنصاف أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج.
قال أبو حفص وهو البرمكي عمر بن أحمد بن إبراهيم: ما أرى ما نقله ابن منصور إلا قولاً لأبي عبد الله قديماً, ويشير بذلك إلى أن الإمام رجع عنه، ومن ثم لا يكون عفو الأب الزوج من نصف الصداق جائزاً.
قال ابن قدامة في المغني: "وظاهر قول أبي حفص أن المسألة رواية واحدة، وأن أبا عبد الله رجع عن قوله بجواز عفو الأب وهو الصحيح".
وأخذ الإمام للاستدلال لهذه الرواية مأخذاً آخر وهو أن للأب الأخذ من مال الابنة ما شاء كما يدل عليه حديث: "أنت ومالك لأبيك".
أخرجه أبو داود 2/801، وابن ماجه، حديث 2291, وذكر أن رجال إسناده ثقات.
والصداق لا يعدو أن يكون من مالها.
انظر: عن المسألة: الإنصاف 8/271, المغني: 6/729, المبدع: 7/ 158, الروايتين والوجهين، لوحة رقم: 124.

(4/1680)


قال إسحاق: لا يكون عفو [الأب] 1 عفواً لأن الذي بيده, عقدة النكاح الزوج.2
__________
1 في النسختين "عفو الزوج"، وصحة العبارة "عفو الأب" لأن السؤال يدل على هذا حيث المسؤول عنه عفو الأب، والمعنى أي: لا يكون عفو الأب الزوج المذكور عفواً لأن العفو لمن بيده عقدة النكاح وهو الزوج.
2 وما ذهب إليه الإمام إسحاق هو المذهب، وهو المشهور وعليه جمهور الحنابلة.
انظر: الإنصاف: 8/271, وانظر: عن قول إسحاق الإشراف على مذاهب العلماء: 4/63.

(4/1681)


[1053-] قلت: امرأة اشترطت على الرجل عند عقدة النكاح: أن لا تتزوج عليّ ولا تتسرى ولا تخرجني من داري؟
قال: هذه الشروط كلها لها فإن تزوج أو تسرى فهي مخيرة، فإن شاءت أقامت معه, وإن شاءت فارقته1, قال2 النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج".3
قال إسحاق: كما قال.4
[1054-] قلت: الرجل ينكح الأمة فتلد5 ثم يشتريها تكون أم ولد؟
__________
1 قال في الإنصاف: 8/155: " فهذا صحيح لازم, إن وفى به وإلا فلها الفسخ, هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب, وهو من مفردات المذهب, أي انفرد به المذهب الحنبلي عن المذاهب الثلاثة الأخرى، وإلا فقد قال به غير الحنابلة من المجتهدين كالإمام إسحاق.
راجع: المحرر 2/213, المبدع 7/80, الكافي: 3/55, الإقناع: 3/189, منار السبيل: 2/171, وراجع المسألة رقم: (900) .
2 في ع بلفظ "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم".
3 الحديث سبق تخريجه في المسألة رقم: (900) .
4 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/72, والمغني: 6/549,548.
5 في ع بلفظ "فتلد منه ثم يشتريها".

(4/1682)


قال: لا، حتى تحدث عنده حملاً.1
قال إسحاق: كما قال.
[1055-] قلت: المحرم يراجع امرأته؟ 2
قال: لا, هذا عندي تزويج3.
__________
1 نقلت هذه الرواية في المغني والإنصاف.
قال المرداوي في أثرها هذا المذهب.
وعن الإمام أحمد روايتان في هذه المسألة غير هذه الرواية:
إحداها: تصير أم ولد, ولو كان قد ملكها بعد وضعها منه.
وذكر ابن قدامة في المغني أنه لم يجد هذه الرواية، وهي فيما إذا ملكها بعد ولادتها، بل نقل عنه التوقف فيها في رواية مهنا.
الرواية الأخرى: أنها تصير أم ولد إذا ملكها حاملاً، بشرط أن يطأها فيه.
راجع: الإنصاف 7/492, والمغني 9/535,534, والمبدع 6/371, والإشراف 4/308.
2 روى عبد الله بن الإمام أحمد في مسائله نحو هذه المسألة ص 235.
3 هذه رواية عن الإمام أحمد قياساً على النكاح لأن كلا منهما استباحة فرج مقصود بعقد, وعنه: أنها تباح كقول إسحاق، صححها ابن قدامة في المغني، والمرداوي في تصحيح الفروع. وقال في الإنصاف: هو المذهب.
ومما يرجحها أن الرجعة إمساك لقوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوف} البقرة: 231.
فتباح الرجعة، كالإمساك واستمرار النكاح السابق قبل الطلاق، والقياس المذكور أعلاه منقوض بأن الرجعية مباحة فلا استباحة في الرجعة.
راجع المغني 3/341, والفروع 3/385, وتصحيح الفروع 3/385.

(4/1683)


قال إسحاق: يراجع، ولكن إذا بانت واحدة لم يتزوجها، لأنه لا بد من رضاها.1
[1056-] قلت: كم يتزوج العبد؟
قال: يتزوج العبد ثنتين.
قال إسحاق: كما قال2.
[1057-] قلت: العبد إذا ملكته امرأته والرجل يملك امرأته تكون فرقة بغير طلاق؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 لأنه إذا بانت بواحدة فات وقت الرجعة، فالعودة إليها تكون بنكاح جديد لذا كان لا بد من رضاها, وهو منهي عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم ولا ينكح".
أخرجه أحمد في المسند: 1/69,68,62,57, ومسلم: 2/1031.
فلم يجز للمحرم للحديث.
2 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: (912) .
[3] انظر: عن قول الإمامين: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/132-133, والمغني: 6/611.
وقال ابن قدامة في المغني 6/610: " لو ملك زوجته وهي أمة انفسخ نكاحها، وكذلك لو ملكت المرأة زوجها انفسخ نكاحها، ولا نعلم في هذا خلافاً."

(4/1684)


[1058-] قلت: العبد إذا أعتقته امرأته وهي في عدة منه؟
قال: لم يتراجعا إلا بنكاح جديد وولي1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1059-] قلت: إذا ملّك الرجل امرأته أمرها؟
قال: القضاء ما قضت3.
قلت: فأنكر عليها, قال: لم أرد إلا تطليقة [ع-53/أ] 4, يحلف5 على ذلك ويكون أملك بها؟
__________
1 لم يتراجعا لأن الفرقة لم تكن عن طلاق بل إنما كانت فسخاً, ويدل على ذلك أنه لم يحتسب عليه تطليقة.
[] راجع: المغني: 6/611, والإنصاف: 8/150-151.
2 ذكر ابن قدامة في المغني: 6/611 الإمام إسحاق مع الأئمة الذين قالوا بأن المرأة إذا ملكت زوجها فانفسخ نكاحها فليس ذلك بطلاق، فمتى أعتقته ثم تزوجها لم تحتسب عليه تطليقة.
3 لأنه ملكها أمرها بخلاف ما إذا خيّرها, لأن التمليك الذي من ألفاظه: أمرك بيدك، من الكنايات الظاهرة، والتخيير من الكنايات الخفية.
راجع: المغني: 7/144,132,130.
4 في ع بلفظ "لم أرد إلا تطليقة واحدة".
5 نهاية اللوحة رقم: 103 من ع، وبداية اللوحة رقم: 104 من ع

(4/1685)


قال: هذا قول ابن1 عمر -رضي الله عنهما- هو ما قضت على قول عثمان2 رضي الله عنه، فإن أنكر عليها لا يقبل ذلك منه3.
__________
1 انظر: قول ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا في سنن البيهقي: 7/348, ومصنف عبد الرزاق: 6/518, وسنن سعيد بن منصور: 1/420,419.
2 انظر: قول عثمان رضي الله عنه في مصنف عبد الرزاق: 6/518, وسنن سعيد بن منصور: [1/418-419.
3] ذكر الإمام أحمد في الجواب مذهب ابن عمر -رضي الله عنهما- القائل بقبول إنكاره وحلفه في المسألة، وهو قول زيد بن ثابت رضي الله عنه, ومذهب عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو عدم قبول ذلك, وقد اختار الإمام أحمد قول عثمان رضي الله عنه.
وأفتى الإمام أحمد بذلك مراراً، ففي المقنع: 3/153: "وإن قال لامرأته أمرك بيدك, فلها أن تطلق ثلاثاً وإن نوى واحدة".
وذكر المرداوي في الإنصاف أن هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
راجع: الإنصاف: 8/491, والمغني: 7/141, والمبدع: 7/285.
ونقل عن الإمام أحمد في مسائل ابنه عبد الله ص 357: "سألت أبي عن رجل كانت له امرأة, فجعل أمرها في يدها وإنما أراد واحدة فلقنها قرابتها, فقالت: اختاري ثلاثاً, يلزمها الثلاث أو الواحدة التي أراد الزوج؟ فقال: يحلف ويكون القول قوله" وذلك لأن التمليك نوع من التخيير فيرجع فيه إلى نيته كما إذا خيّرها.
ويترجح قول عثمان رضي الله عنه والذي اختاره الإمام أحمد لأنه ملكها أمرها، ويقتضي ذلك العموم أي الأمر الذي ملكها عام يشمل كل أمورها فيتناول جميع الطلقات، كما إذا قال: طلقي نفسك ما شئت، وإنكاره يخالف ما يقتضيه اللفظ، وخالف التمليك التخيير لأنه من الكنايات الظاهرة والتخيير من الكنايات الخفية وقضى بهذا القول القاسم بن محمد كما في الموطأ: 2/554.
[] راجع المغني: 7/144, وشرح السنة: 9/218-219, والإنصاف: 8/491.

(4/1686)


قال إسحاق: كما قال ابن عمر رضي الله عنهما ويحلف على إرادته
[1060-] قلت: إلى كم يكون أمرها بيدها؟
قال: إذا ملكها أمرها فأمرها بيدها حتى يغشاها، أو يرجع في ذلك.
قلت: يرجع إن شاء.
قال1: يرجع إن شاء يعني الزوج.
قال إسحاق: كما قال2 يرجع، ولكن ما قال حتى يغشاها فليس ببيّن3.
__________
1 في ع زيادة "قال" قبل "يرجع".
2 سبق الكلام على هذه المسألة في مسألتي رقم: (971) ، (972) .
3 أي أن الإمام إسحاق يرى أنه لا بد أن يرجع في تمليكه، ولا يكفي عنده الغشيان كما هو عند الإمام أحمد، وسبق استدلال الإمام على هذا بقول حفصة لزبراء: " أمرك بيدك ما لم يغشك زوجك".
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (971) .

(4/1687)


[1061-] قلت: رجل ظاهر من امرأته في مجالس متفرقة؟
قال: عليه كفّارة واحدة ما لم يكفّر1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1062-] قلت: رجل قال لامرأته: كل امرأة أنكحها عليك ما عشت فهي عليّ كظهر أمي؟
__________
1 هذا المذهب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد -رحمه الله-، وعليه أكثر الأصحاب كما في الإنصاف: 9/206.
وعن الإمام أحمد ثلاث روايات غير هذه:
الأولى: إن كرره في مجلس واحد فكفارة واحدة، وإن كان في مجالس فكفارات.
الثانية: إن قصد بالتكرار التأكيد فكفارة واحدة، وإن قصد الاستئناف فكفارات.
الثالثة: تتعدد الكفارات مطلقاً، سواء كان في مجلس أو مجالس، قصد التأكيد أو الاستئناف.
ومما يرجح ما عليه المذهب أن التكرار لا يؤثر تحريماً في الزوجة، فإنها قد حرمت عليه بالظهار الأول، فلا تجب به كفارة.
راجع: المغني: 7/386, والإنصاف: 9/207,206, والمغني والشرح الكبير: 8/581, وهداية الراغب: ص496, والمبدع: 8/45.
2 انظر: عن قول إسحاق في المسألة: المغني: 7/386, شرح السنة: 9/245, الأوسط، لوحة رقم: 281.

(4/1688)


قال: يجزيه من ذلك عتق رقبة1.
قال إسحاق: كما قال2.3
[1063-] قال أحمد: رجل [تزوج4 امرأتين] 5 [في عقدة واحدة يجب عليه كفارة واحدة6 ثم7 [إن] تزوج [أخرى] [ظ-29/ب] بعد أن8 كفّر يكفّر في كل امرأة
__________
1 أي كفارة واحدة سواء تزوج النسوة بعد ذلك بعقد أو عقود.
2 فإذا تزوج بعد ذلك كان مظاهراً، وإن أراد العود فعليه كفارة.
ويدخل تحت المسألة ما إذا تزوج بعد ذلك نسوة بعقد واحد, وعليه حينئذ كفارة واحدة عند الإمامين, فأما إن تزوج بعقود مختلفة فلقد روي عن الإمامين أن لكل عقد كفارة كما في المغني: 7/355.
وما يقوي الرواية الأولى عندهما أن هذا ظهار واحد فكفارته واحدة، كما لو ظاهر من أربع نساء بكلمة واحدة.
راجع أيضاً: كشاف القناع: 5/373, الكافي: 3/262.
3 نهاية اللوحة رقم: 56 من ظ، وبداية اللوحة 57.
4 ما بين المعقوفين من ع.
5 في ظ: "امرأة". والمثبت من المغني: 7/355 وهو الموافق للسياق، إذ المرأة الواحدة لا يُقال فيها: "في عقدة واحدة".
6 من ظ.
7 الزيادة من المغني. ويقتضيها السياق.
8 زيادة يقتضيها السياق.

(4/1689)


يتزوجها1.
قال إسحاق: كما قال.
[1064-] قلت: على النساء ظهار؟
قال: من ذهب على أنها يمين يوجب عليها الكفارة2.
قال إسحاق: [لا تكون3 المرأة] متظاهرة لما وصف الله الظهار للأزواج من النساء، ولكنها يمين تكفّرها [لأن4 الإرادة] في
__________
1 من ع.
2 إذا قالت المرأة لزوجها: أنت علي كظهر أبي، لم تكن مظاهرة على المذهب. واختلفت الروايات عن الإمام أحمد في الكفارة إلى ثلاث روايات:
أولاها: أن عليها كفارة ظهار، وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، كما في الإنصاف والفروع.
الثانية: أن عليها كفارة يمين، وهو ما أشار إليه الإمام هنا، ووافقه عليه الإمام إسحاق.
الثالثة: لاشيء عليها، ونقله ابن المنذر في الإشراف: 4/239, وابن قدامة في المغني: 7/385 عن الإمام إسحاق.
وانظر أيضاً: الإنصاف: 9/201,200, والفروع: 5/489.
3 ما بين المعقوفين ساقط من النسخة ظ، وأثبته من نسخة ع.
4 ما ببين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع

(4/1690)


ذلك اليمين1.
[1065-] قلت: قال -يعني سفيان-: رجل ظاهر من أمته قال: [هو ظهار.
قال أحمد:] 2 لا يكون الظهار إلا من زوجة3.
__________
1 نقل الإمام القرطبي في تفسيره: 17/277 عن الإمام إسحاق -رحمه الله-: "قال لا تكون امرأة متظاهرة من رجل، ولكن عليها يمين تكفرها."
وسبقت الإشارة إلى أن ابن قدامة وابن المنذر نسبا إليه القول بأنه ليس عليها كفارة, ويرجح القول بأن عليها كفارة يمين ما ذكره ابن قدامة عن وجوب كفارة اليمين عليها, وهذا أقيس على مذهب أحمد وأشبه بأصوله لأنه ليس بظهار، ومجرد القول من المنكر والزور لا يوجب كفارة الظهار بدليل سائر الكذب. المغني: 7/385.
ولأنه بمنزلة من حرم على نفسه الحلال كالطعام, فإنه بالعودة إليه يحنث وعليه كفارة يمين.
راجع: الإنصاف: 9/201,200, والمبدع: 8/37, والعدة: 438, والمغني والشرح الكبير: 8/568,567, وتصحيح الفروع: 5/489.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ, وموجود في ع, والصواب إثباته لدلالته على قول سفيان, والمعنى يقتضيه.
وانظر: عن قول سفيان الإشراف: 4/240, مصنف عبد الرزاق: 6/242, وبداية المجتهد: 2/108, والمغني: 7/348.
3 قال المرداوي في الإنصاف: 9/199 "بلا نزاع".

(4/1691)


قال إسحاق: كما قال1.
[1066-] قلت لأحمد2: الظهار أمن ذوات المحرم من النسب والرضاعة؟
قال: لا أعرف الرضاعة. وجبن عنها.
قال إسحاق: الرضاع والنسب واحد3.
[1067-] قلت لأحمد4: رجل ظاهر من امرأته ثم فارقها, عليه أن يكفّر؟
قال: لا يكفّر، إنما الكفارة إن5 أراد أن يعود
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/240, والأوسط، لوحة رقم: 283.
ويؤيد ما ذهب إليه الإمامان أحمد وإسحاق قوله عز وجل: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} المجادلة، آية 2. فخصهن بالذكر.
ولأن الظهار لفظ يتعلق بتحريم الزوجة، فلا تحرم به الأمة كالطلاق.
راجع: المبدع: 8/36, ومطالب أولي النهى: 5/512, والمغني والشرح الكبير: 8/516, والعدة ص437.
2 في ع بحذف "لأحمد".
3 سبق الكلام مفصلاً في هذه المسألة في المسألة رقم: (1001) .
4 في ع بحذف "لأحمد".
5 في ع بلفظ: "إنما الكفارة لمن أراد أن يعود إليها".

(4/1692)


إليها1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1068-] قلت: يدخل على الرجل إيلاء في تظاهر، وكيف هذا؟
قال أحمد: الإيلاء في قولنا يوقف3 كأنه قد حلف, فقال: "والله لا أطؤك سنة" فهذا مولٍ إذا مضت الأربعة الأشهر, جاءت تطالب أوقف لها بعد مضي الأربعة، فإما أن يفيء وإما أن يطلق4.
فإن قال لها في قوله5 ذلك: أنت عليّ كظهر أمي إن وطأتك
__________
1 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} , المجادلة، آية 3, فلا تلزم الكفارة حتى ينضم العود إلى الظهار.
راجع الإنصاف: 9/204, والمغني: 7/351.
2 نقل ابن المنذر نحو هذا الحكم عن الإمام إسحاق في أنه لا يكفّر المظاهر من زوجته إذا بر.
انظر: الإشراف: 4/241, والأوسط، لوحة رقم: 283.
وسبق أن المظاهر لا يكفّر إذا بر في المسألة رقم: (1048) .
3 يوقفه الحاكم بأن يقول له: إما وإما, إما أن تفيء, وإما أن تطلق على ما وضحه الإمام أحمد هنا. راجع أيضاّ المسألة رقم: (1006) .
4 سبق الكلام على هذا في المسألة رقم: (1006) .
5 هذا ما أثبته من نسخة ع، أي بحذف "بعد"، ففي النسخة ظ "في قوله بعد ذلك"، والذي يظهر أن هذا لا بد منه ليستقيم الكلام.

(4/1693)


سنة, فأراد أن يطأها1 بعد مضي الأربعة، يقال له: إما أن تفيء فإن وطئها فقد وجبت عليه كفارة الظهار، وإن أبى فأرادت أن تفارقه طلقها عليه الحاكم2.
قال إسحاق: كما قال إذا كان الزوج يأبى.
[1069-] قلت: كم تعتد المختلعة؟
قال: ثلاث حيض عدة المطلقة.
قال: إسحاق: كما قال3: ومن ذهب إلى حيضة لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة ثابت بن قيس بن شماس فهو مذهب.
وقد قاله4 عثمان بن عفان5 وابن عمر وابن عباس -رضي
__________
1 في ع زيادة "فأراد أن يطأها بعد مضي السنة كفّر، وإن جاءت تطلب فليس له أن يعضلها".
2 قال في كشاف القناع: 5/365: "وإن كان المولي مظاهراً لم يؤمر بالوطء لأنه محرم عليه قبل التكفير.... ويقال له: إما أن تكفّر وتفيء وإما أن تطلق".
وانظر عن المسألة: الإشراف: 4/228, وبداية المجتهد: 2/110.
3 الواو: غير موجودة في ظ، وأثبتها من نسخة ع.
4 في ظ "قال".
5 انظر قول عثمان وابن عمر -رضي الله عنهما- في: الإشراف: 4/288.
وقول ابن عباس سبق في المسألة رقم: (970) .

(4/1694)


الله عنهم- وأنا أذهب إليه1.
[1070-] قلت: وهل يلحقها الطلاق ما كانت في العدة؟
قال: لا يلحقها الطلاق ما كانت في العدة، لأنهما لا يتوارثان، وإن قذفها لا يلاعنها وإن كانت في العدة.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1071-] قلت: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً ثم أنكر حملها يلاعنها؟ 4
__________
1 هذه المسألة سبق الكلام عليها في المسألة رقم: (970) .
وسبق تخريج حديث امرأة ثابت بن قيس والكلام عليه.
2 لأن المختلعة لا تحل له إلا بنكاح جديد فلا يلحقها حينئذ طلاقه ولا توارث ولا تلاعن بينهما كالمطلقة قبل الدخول.
راجع: المغني: 7/59, والعدة: ص 407, وكشاف القناع: 5/217, والمبدع: 7/228.
3 انظر قول الإمام إسحاق في: المغني: 7/59, والإشراف: 4/219.
4 نقل بن مفلح في الفروع: 5/514 رواية ابن منصور هذه بنصها، وكذلك ذكرها المرداوي في الإنصاف: 9/244, وابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/258.

(4/1695)


قال: يلاعنها لنفي الولد, وإذا قذفها بلا ولد لا يلاعنها1، وإن كانت حاملا لاعنها [ع-53/ب] .
وإذا طلقها ثلاثاً ثم قذفها وهي حامل؟ 2
قال أحمد: هذا أشد إذا كانت حاملاً فقد وجب اللعان بينهما.
قال إسحاق: كما قال. ومعنى قوله إذا طلقها ثلاثاً ولم يكن ولد لم تلاعن لأنها حينئذ ليست بزوجة, فإذا كان ولد لاعن بسبب الولد.3
[1072-] قلت4: العبد إذا تزوج الحرة أو الأمة أو الحر اليهودية أو
__________
1 في ع بلفظ "يلاعنها".
2 سأل الكوسج أولاً عمن أبان زوجته ثم أنكر حملها, فالجواب فيما ذكر الإمام أحمد أن ينظر أمرها، فإن كانت حاملاً لاعن وإلا فلا, ثم سأل بعد ذلك فيما إذا أبانها ثم قذفها وهي حامل حملاً ظاهرا. المذهب أن من قذف زوجته التي طلقها ثلاثاً بزنى في النكاح أنه يلاعنها بشرط أن يكون بينهما ولد, فإنه يلاعن لنفيه, وإلا حد ولم يلاعن, هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال بعض أصحاب الإمام أحمد إن أبانها ثم قذفها بزنى في الزوجية لاعن.
راجع: المغني: 7/400, المبدع: 8/83, الفروع: 5/514, الإنصاف: 9/244.
3 انظر قول إسحاق وأحمد في: الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 292, والاستذكار، لوحة 185, 184.
4 من بداية هذه المسألة إلى آخر المسألة رقم: (1077) غير موجود في نسخة ع.

(4/1696)


النصرانية يلاعنها؟
قال أحمد: كلا الزوجين يلاعن، إنما هي1 نفي الولد.
قال: وإذا كان قاذفاً فكانت حاملاً أو لم تكن يلاعنها2.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 أي الملاعنة.
2 بمعنى أن العبد إذا قذف زوجته الحرة أو الأمة الحامل، أو قذف الحر زوجته الكتابية الحامل لاعنها، فدل ذلك على أن الزوج يلاعن زوجته مطلقاً.
وذكر ابن قدامة في المغني: 7/392 رواية ابن منصور هذه الدالة على أن كلا الزوجين المكلفين يلاعن، سواء كانا مسلمين أو كافرين أو عدلين أو فاسقين أو محدودين في قذف أو اتصف بذلك أحدهما دون الآخر، وهذا هو المذهب وعليه جماهير الأصحاب من الحنابلة، وإليه ذهب الإمام إسحاق.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه لا يصح اللعان إلا من زوجين مكلفين مسلمين حرين عدلين غير محدودين في قذف.
ويؤيد الرواية الأولى التي عليها المذهب عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} , النور، آية 6. فيعم كل زوج رمى زوجته بالزنى.
وقال ابن قدامة في المغني: 7/393 "وهذه الرواية هي المنصوصة عن أحمد في رواية الجماعة وما يخالفها شاذ في النقل".
[] وراجع أيضاً: الإنصاف 9/242-243، والفروع 5/513, وزاد المعاد 5/358-359.
3 انظر عن قول إسحاق: المغني: 7/392, وشرح السنة: 9/254, والإشراف: 4/265.

(4/1697)


[1073-] قلت: رجل طلق امرأته ثلاثاً وهي مملوكة وهي حامل, عليه نفقتها؟
قال: هو ولده، وعليه نفقتها.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1074-] قلت: نفقة الحامل المطلقة3؟
قال: إذا كانت حاملاً فلا بد من نفقة, وإذا لم تكن حاملاً فلا
__________
1 رواية الإمام أحمد هذه قدمها ابن قدامة في المغني.
واستنادها عموم قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق، آية: 6.
والمسألة من فروع القاعدة الفقهية: "هل تجب نفقة الحامل للحمل أو لها من أجل الحمل؟ ".
وأصح الروايتين عن الإمام في ذلك أنها تجب للحمل كما ذكر ابن رجب في القواعد الفقهية: ص180، وهي المذهب وعليها أكثر الأصحاب كما نقل في الإنصاف.
فبناء على ذلك "فرع عليها كل من ابن قدامة والمرداوي" أنه لا تجب لها النفقة في مسألتنا هذه، لأن الولد مملوك لسيد الأمة فنفقته على مالكه.
راجع الإنصاف: 9/364, المغني: 7/598, المبدع: 7/194.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 7/598.
3 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: (962) ، (990) وزدناها تفصيلاً في المسألة التي قبل هذه.

(4/1698)


نفقة لها ولا سكنى لحديث فاطمة1.
قال إسحاق: كما قال.
[1075-] قلت: عبد طلق امرأته وهي أمة ثم أعتقت، كم تعتد؟
قال: إذا كان طلقها واحدة ثم عتقت في العدة تستكمل عدة الحرة، وإذا كان طلّقها تطليقتين تعتد عدّة الأمة، في العدّة عتقت أو بعد العدّة2.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 هي فاطمة بنت قيس, سبقت ترجمتها, وكذلك سبق تخريج حديثها والكلام عليه في المسألة رقم: (962) .
2 لأنها إذا أعتقت وهي رجعية فقد وجدت الحرية وهي زوجة، تعتد عدة الوفاة لو مات، فوجب أن تعتد عدة الحرائر.
أما إن أعتقت وهي بائن فلم توجد الحرية في الزوجية، فلم تجب عليها عدة الحرائر، ولأن عدة الرجعية تنتقل إلى عدة الوفاة لو مات فتنتقل إلى عدة الحرائر، والبائن لا تنتقل إلى عدة الوفاة فلا تنتقل إلى عدة الحرائر.
انظر: المغني: 7/462.
3 انظر: عن قول إسحاق: المغني: 7/462, والإشراف على مذهب العلماء: 4/292.
انظر: عن المسألة أيضاً" الإنصاف: 9/285, والمبدع: 8/123.

(4/1699)


[1076-] قلت لأحمد: عدّة المستحاضة1؟
قال: إذا كانت تعرف أقراءها2 فأقراؤها, فإذا اختلط عليها فعدّتها سنة3.
__________
1 الاستحاضة في اللغة: يقال: استحيضت المرأة أي" استمر بها الدم بعد أيامها، فهي مستحاضة. والمستحاضة التي لا يرقأ دم حيضها ولا يسيل من المحيض, ولكنه يسيل من عرق يقال له العاذل.
انظر: لسان العرب: 7/142, تاج العروس: 5/25.
والاستحاضة اصطلاحاً: استمرار سيلان الدم من المرأة في غير وقت الحيض، لا من عرق الحيض بل من عرق يقال له العاذل.
انظر: كشاف القناع: 1/196, المبدع: 1/290.
2 القَرء والقُرء. الحيض والطهر ضد, وذلك أن القَرء والقُرء الوقت، وهو يكون للحيض والطهر.
قال أبو عبيد: " القرء يصلح للحيض والطهر." قال: "وأظنه من أقرأت النجوم إذا غابت، والجمع: أقراء." وقال ابن الأثير: "قد تكررت هذه اللفظة في النصوص الشرعية مفردة ومجموعة: فالمفردة بفتح القاف، وتجمع على أقراء وقروء، وهو من الأضداد، ويقع على الطهر والحيض, والأصل في القرء الوقت المعلوم، ولذلك وقع على الضدين لأن لكل منهما وقتاً".
انظر: لسان العرب: 1/130, ومختار الصحاح: ص526, والنهاية في غريب الحديث: 4/32.
3 إذا عرفت المستحاضة أيام حيضتها تعتد تلك الأيام كغير المستحاضة، فإذا مرت لها ثلاثة قروء فقد انقضت عدّتها، وإن اختلط عليها الأمر، وتسمى المستحاضة الناسية، فعن الإمام أحمد روايتان:
إحداهما: رواية ابن منصور هذه، وهي أنها تعتد سنة بمنزلة من ارتفعت حيضتها ولا تدري ما رفعها.
والأخرى: أنها تعتد بثلاثة أشهر, وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب كما في الإنصاف، وأيضاً قدمه ابن قدامة في المغني.
ويؤيدها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حمنة بنت جحش "أن تدع الصلاة أيام أقرائها".
أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها 1/264، فجعل لها حيضة في كل شهر تترك فيها الصلاة والصيام، فيثبت لهذه الأيام حينئذ أحكام الحيض، وتنقضي العدة إذا مضت ثلاثة أشهر لمضي قدر ثلاثة قروء فيها.
راجع: الإنصاف: 9/286, والمغني: 7/467, والمبدع: 8/124.

(4/1700)


قال إسحاق: كما قال1.
[1077-] قلت: قال مالك: الأمر عندنا في المطلقة التي ترفعها حيضتها [قال إذا كانت لا تدري2 ما الذي رفعها] تنتظر تسعة3
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 7/467, والإشراف: 4/286.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في نسخة الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/212، وغير موجود أيضاً في الموطأ المطبوع مع تنوير الحوالك شرح الموطأ للسيوطي: 2/100.
ولا يقول -رحمه الله- بما دلت عليه العبارة، فإن عدة التي ارتفع حيضها عنده سنة، سواء عرفت ما رفعه أو لم تعرف.
انظر عن ذلك: الجامع لأحكام القرآن: 18/164, والمنتقى: 4/110.
3 ذكر القرطبي في تفسيره: 18/163: "أن المرتابة في عدتها لا تنكح حتى تستبرئ نفسها من ريبتها, ولا تخرج من العدة إلا بارتفاع الريبة. وقد قيل في المرتابة التي ترفعها حيضتها وهي لا تدري ما رفعها: أنها تنتظر سنة من يوم طلقها زوجها, منها تسعة أشهر استبراء وثلاثة عدة."

(4/1701)


أشهر، فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة1 أشهر، فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض، فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت [الثانية قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض، وإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت الثالثة كانت قد] 2 استكملت عدة الحيض، وإن لم تحض استقبلت ثلاثة أشهر ثم [حلت، ولزوجها عليها في ذلك الرجعة قبل أن تحل3، إلا] أن يكون بت طلاقها [ظ-30/أ] .
__________
1 أخرج البيهقي في سننه: 7/420 أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى بذلك، وكما في الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/212 أنه قضى أيضاً بذلك.
2 بعد كلمة "حاضت" بياض في ظ، وهي النسخة الظاهرية التي انفردت بذكر هذه المسائل.
كما سبقت الإشارة إليه في المسألة رقم: (1072) .
وما بين المعقوفين في النص المنقول عن مالك مكمل من الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/213,212.
3 بياض في ظ وما بين المعقوفين من كلام الإمام مالك مكمل من الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/213,212.
وانظر: عن النص بكماله من قوله: قال مالك إلى آخر النص في الموطأ مع الزرقاني، كتاب [] [] الطلاق جامع عدة الطلاق: 3/212-213.

(4/1702)


قال أحمد: هذا كله كما قال1، إذا كانت لا تدري ما الذي رفعها2 فإن كان من مرض أو رضاع، فعلى قول عبد الله بن مسعود وعثمان وعلي3 -رضي الله عنهم- وعلى قول ابن
__________
1 أي أنها تعتد سنة تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة. قال في الإنصاف: 9/285: "هذا المذهب، وعليه الأصحاب."
وانظر أيضاً المبدع: 8/124, والمغني: 7/463.
2 هذا القيد خالف به الإمام أحمد مالكاً فإن عدة التي ارتفع حيضها عند مالك سنة كما سبق، سواء ارتفع لعارض أو لم تعرف ما الذي رفع حيضها.
انظر: الجامع لأحكام القرآن: 18/164.
3 حاصل ما أجاب به الإمام هنا أن من ارتفع حيضها لمرض أو رضاع أو لغير ذلك من العوارض انتظرت زوال العارض وعود الدم، وإن طال إلى أن تصير إلى سن الإياس فتعتد بعدة الآيسات.
وقوله على قول ابن مسعود وعثمان وعلي -رضي الله عنهم أجمعين-؛ فإن ابن مسعود أفتى بما ذكرناه فيمن ارتفع حيضها لمرض، وقال بمثل ذلك عثمان وعلي فيمن انقطع حيضها لرضاع.
وما بينته بأنه حاصل مذهب الإمام أحمد قال عنه المرداوي في الإنصاف 9/287: "هذا المذهب نص عليه في رواية صالح وأبي طالب والأثرم، وعليه الأصحاب."
وأشار إلى رواية ابن منصور هذه بعينها.
وروي عنه أنها تعتد بسنة.
وعنه أنها تعتد ثلاثة أشهر.
[] راجع: الإنصاف: 9/287-288, والمبدع: 8/126-127, والمغني: 7/465, والمحرر: [105-106.

(4/1703)


] مسعود رضي الله عنه حيث ورث علقمة1 من امرأته فارتفع حيضها ستة عشر شهراً.
وذلك أنها مرضت فارتفع حيضها, فكان ارتفاع حيضها لعلة المرض.
وإذا كانت ترضع فارتفع حيضها فعلى ما قال عثمان وعلى
__________
1 علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك الكوفي ولد في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. وروى عن عمر وعثمان وعلي وسعد وحذيفة وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم، وعنه ابن أخيه عبد الرحمن بن يزيد بن قيس وإبراهيم بن يزيد وعامر الشعبي وأبو وائل شقيق ابن سلمة وغيرهم, ثقة ثبت فقيه عابد. مات بعد الستين، وقيل بعد السبعين.
انظر: تهذيب التهذيب: 7/278,276, وتقريب التهذيب: ص 243, وتاريخ بغداد: 12/296, وتذكرة الحفاظ: 1/48.
وحديثه أخرجه البيهقي في سننه: 7/419 بسند قال عنه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/234: "إنه صحيح" أن علقمة طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين, فحاضت حيضة أو حيضتين في ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، ثم لم تحض الثالثة حتى ماتت، فأتى عبد الله فذكر ذلك له, فقال عبد الله: "حبس الله عليك ميراثها", فورثه منها.
وكذلك أخرجه سعيد بن منصور أيضاً بنفس السند: 1/349.

(4/1704)


حديث 1 محمد بن يحيى بن حبان2.
قال إسحاق: كما قال وما استثنى في المرض والرضاع, ومعنى قول علقمة في مرض امرأته, يكون أن مال ابن مسعود رضي الله عنه إلى الحمل يكون سنتين كما قالت عائشة3 -رضي الله عنها-،
__________
1 حديث محمد بن يحيى بن حبان هو ما أخرجه البيهقي بسنده في سننه: 7/419, باب: من تباعد حيضها عن محمد بن يحيى بن حبان أنه قال: "كانت عند جده حبان امرأتان له هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية وهي ترضع، فمرت بها سنة ثم هلك عنها ولم تحض، فقالت: "أنا أرثه لم أحض"، فاختصما إلى عثمان رضي الله عنه: فقضى لها عثمان بالميراث فلامت الهاشمية عثمان رضي الله عنه فقال عثمان رضي الله عنه ابن عمك هو أشار إلينا بهذا, يعنى علياً رضي الله عنه." أخرجه أيضاً سعيد بن منصور في سننه: 1/350,349.
قال الألباني في إرواء الغليل: 7/201 "رجاله ثقات، وضعفه بانقطاع سنده حيث رواه محمد بن يحيى المذكور عن جده ولم يدركه."
2 هو محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري المازني، أبو عبد الله المدني الفقيه, روى عن أبيه وعمه واسع ورافع بن خديج وأنس وعباد بن تميم وغيرهم, روى عنه الزهري ويحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وابن عجلان وابن إسحاق ومالك والليث وآخرون. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: "ثقة فقيه، مات بالمدينة سنة إحدى وعشرين ومائة، وله أربع وسبعون سنة."
[] انظر: تهذيب التهذيب: 9/507-508, وتقريب التهذيب: ص323.
3 خالف إسحاق أحمد في عدة من ارتفع حيضها لعارض أنها تعتد أكثر مدة الحمل عند عائشة وهو سنتان، وأجاب الإمام إسحاق عن استدلال الإمام أحمد بقصة علقمة حين ورثه ابن مسعود رضي الله عنه من زوجته بعد طلاقه لها، وقد انقطع حيضها لستة عشر شهراً، باحتمال أن ابن مسعود كان يميل إلى أن الحمل يكون سنتين فتعتد بذلك.
وقد تقدم قول عائشة المشار إليه في المسألة رقم: (929) .

(4/1705)


والذي نعتمد عليه ما قال مالك تسعة أشهر وثلاثاً بعد، فذلك سنة1 إلا في الرضاع والحمل فإنها تربص سنتين تمام ما وصفت عائشة2 -رضي الله عنها-:" لا يبقى الولد في البطن أكثر من سنتين".
قال إسحاق: وأما الرجل يطلق امرأته فتحيض حيضتين ثم يرتفع حيضها أكثر من سنة3 فتزوجت زوجاً, زوجها وليها فمكثت معه شهراً فدخل بها, وخلعها بتطليقة فمكثت ثمانية أشهر بعد الخلع ثم خطبها الأول فتزوجها ودخل بها الزوج فحاضت حيضة عنده ثم بعد ذلك حملت فولدت, فإن السنة
__________
1 هذا بالنسبة للمسألة التي اتفق عليها الإمام إسحاق مع الإمام أحمد، وهي فيما إذا لم تعرف ما الذي رفع حيضها.
2 انظر قول عائشة في السنن الكبرى للبيهقي: 7/443, باب ما جاء في أكثر الحمل، وقد سبق الكلام على أكثر الحمل وأقله مفصلاً في المسألة (929) .
3 مسألة مفرعة على قول الإمام إسحاق من أن المرأة التي تعرف ما الذي رفع حيضها تتربص سنتين.

(4/1706)


في ذلك إذا كانت المطلقة ممن تحيض فارتفع حيضها أن تربص سنتين, أكثر ذلك1, لما جاء أن الغالب من النساء لا يحملن أكثر من سنتين2, والمشهور من حبلهن تسعة أشهر.
ورأى عمر3 بن الخطاب رضي الله عنه أن أقصى عدتها سنة, جعل تسعة أشهر للحبل ثم جعل ثلاثة أشهر بعد ذلك كعدة التي يئست من الحيض، ثم تزوج4, وهذا الذي قال عمر رضي الله عنه وعليه أهل المدينة من زمن عمر إلى يومنا هذا, وبه يأخذ مالك ومن فوقه من أهل العلم، وأرجو أن يكون ذلك جائزاً5.
وأما إذا مضى سنتان عليها من عند انقطاع حيضتها وهي شابة فلا شك عندنا أن لا عدة عليها بعد السنتين, ولها أن تزوج من شاءت, وأخطأ هؤلاء الذين جعلوا عدتها بالشهور إذا يئست من الحيض، فقد صيروا عدة امرأة مطلقة شابة من نحو أربعين
__________
1 أي أكثر مدة الحمل عند عائشة -رضي الله عنها-.
2 راجع المسألة رقم: (929) فقد سبق الكلام على هذا فيها.
3 روى الإمام مالك في الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/212 قول عمر هذا "جامع عدة الطلاق".
4 وقول عمر رضي الله عنه هذا محمول على من لم تعرف ما الذي رفع حيضها وهو وارد في ذلك.
5 أي "ولا أقول به" فإن قوله في المسألة أنها تتربص سنتين.

(4/1707)


سنة1 وهذا شيء لا نعرف, فإذا تزوجت هذه التي أتى عليها سنة زوجاً آخر ثم خلعها جاز ذلك 2على3 ما وصفنا من قول عمر وأهل المدينة, فإذا تزوج بها الأول وكان الثاني دخل بها جاز نكاحه، قال4: إذا حاضت عنده حيضة ثم حبلت5 فالولد ولده6.
[1078-] قلت: إذا طلق الرجل امرأته وله عليها رجعة فاعتدت بعض عدتها ثم ارتجعها ثم فارقها قبل أن يمسها، أنها لا تبني على ما مضى من عدتها؟
قال أحمد: كذلك7 أقول يستأنف8.
__________
1 جعلوا الشابة مثل الآيسة التي بلغت أربعين سنة.
2 من بداية المسألة رقم: 1072 إلى هنا ساقط من النسخة العمرية، وانفردت به النسخة الظاهرية.
3 بداية اللوحة رقم: 105 من ع.
4 في ع بلفظ "جاز نكاحها فإذا حاضت" أي بحذف "قال". وزيادة "ف" قبل "إذا".
5 في ع بلفظ "حبلت منه فالولد ولده".
6 كما فصل الإمام إسحاق في أول كلامه في المسألة.
7 في ع بلفظ "كذاك".
8 نص في المغني والإنصاف على أن هذه رواية ابن منصور, والقول بأنها تستأنف هو أصح الروايتين عن الإمام أحمد، وهو المذهب لأنه طلاق في نكاح امرأة مدخول بها فيه، فأوجب عدة كاملة كما لو لم يتقدمه نكاح.
وحكى الإمام الثوري إجماع العلماء على ذلك كما في المغني: 7/292, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/283.
لكن ابن المنذر ذكر أن عطاء خالف في المسألة كما في الإشراف نفس الصفحة. وعن الإمام أحمد رواية أنها تبني على العدة السابقة.
[] انظر: الإنصاف: 9/300, والمغني: 7/292-293, والكافي: 3/319, ومطالب أولي النهى: 5/578, والإقناع: 4/116, والمبدع: 8/138.

(4/1708)


قال إسحاق: كما قال1.
[1079-] قلت: متى يفرّق بين الرجل وامرأته إذا لم يجد ما ينفق عليها؟
قال: إذا عجز ولا يقدر أن ينفق2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/283, والمغني: 7/292.
2 أي يفرّق بينهما إذا عجز الزوج عن النفقة، وذلك فيما إذا اختارت المفارقة، فإنها تخير عند عجزه بين الفرقة والمقام معه, وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد.
يدل عليه قوله عز وجل: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} البقرة (229) .
وليس إمساك المرأة مع عدم الإنفاق عليها إمساكاً بمعروف فلم يبق إلا التسريح، إلا إذا رضيت به.
قال في المقنع: "وعنه ما يدل على أنها لا تملك الفسخ بالإعسار".
قال الزركشي: "نقل ابن منصور ما يدل على أنها لا تملك الفسخ به ما لم يوجد منه غرور."
لعله يعني بذلك الضرر، وهذه الرواية التي أشار إليها الزركشي غير موجودة في النسختين الموجودتين بين أيدينا.
[] راجع الإنصاف: 9/383-384, والمبدع: 8/206-208, والمغني: 7/573, وهداية الراغب: ص 510, والكافي 3/367, وزاد المعاد: 5/511.

(4/1709)


[1080-] قلت: هل يؤجل؟
قال: لا1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1081-] قلت: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها وهي لا تحيض؟
قال: أما أنا فأعجب إليّ أن تربص ثلاثة أشهر أقل ما3 يستبين فيه الحمل4.
__________
1 لأن الإعسار بالنفقة يثبت الفسخ ولم يرد في الشرع الأمر بالإنظار فوجب أن يثبت الفسخ في الحال كالعيب, ولأن سبب الفسخ الإعسار وقد وجد فلا يلزم التأخير. المغني: 7/574.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: في التفرقة بالإعسار الإشراف على مذاهب العلماء: 4/143, والمغني: 7/573.
3 في ع بحذف "ما".
4 قال ابن قدامة في المغني: 7/460 "لأن الحمل يكون نطفة أربعين يوماً، وعلقة أربعين يوماً، ثم يصير مضغة، ثم يتحرك ويعلو بطن المرأة فيظهر الحمل، وهذا معنى لا يختلف بالرق والحرية".
واختلف النقل عن الإمام أحمد في استبراء أم الولد وفي استبراء الأمة عموماً، ومسألتنا فيما إذا كانت لا تحيض، وما ذكره الإمام هنا بأنها تعتد بثلاثة أشهر نقله الجماعة عنه.
وذكر المرداوي في الإنصاف عن الزركشي "هذا هو المشهور عن الإمام أحمد -رحمه الله-".
وعن الإمام أحمد رواية بأنها تعتد بشهر واحد، وهو المذهب كما في الإنصاف.
وقال عنه ابن مفلح في المبدع إنه الأصح.
وعنه تستبرأ بشهرين.
وعنه بشهر ونصف.
وعنه في أم الولد إذا مات سيدها وهي مسألتنا هذه تعتد أربعة أشهر وعشراً، وهو قول الإمام إسحاق.
[] راجع المبدع: 8/157-158, والإنصاف: 9/326-327, والمغني: 7/459-460, 9/546, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/289.

(4/1710)


قال إسحاق: أربعة أشهر وعشراً1.
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق في: المبدع: 8/158, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/289, وراجع المسألة (927) .
لحديث عمرو بن العاص قال: "لا تفسدوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، عدة أم الولد إذا توفي سيدها أربعة أشهر وعشراً."
رواه أبو داود: 2/730.
لكن ضعفه الإمام أحمد كما في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/289.
ومما ضعف به أنه موقوف وفيه قبيصة بن ذؤيب الراوي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه لم يسمع منه، ذكره الحافظ الدارقطني كما في سنن البيهقي: 7/448.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار، لوحة 224: منقطع لا يصح الاحتجاج بمثله.

(4/1711)


[1082-] قلت: العبد إذا طلق الأمة طلاقاً يبنها1، ثم مات وهي في عدّتها2 تعتدّ عدة المتوفى عنها زوجها: شهرين وخمس ليال.
قال: نعم3.
قال إسحاق: هكذا هو4.
[1083-] قلت: وإن أعتقت وله عليها رجعة ولم تختر فراقه حتى يموت وهي في عدتها من طلاقها، اعتدت عدة الحرة؟
__________
1 في ع "لم يبنها".
2 في ع بلفظ "فإنها تعتد عدة المتوفى عنها"، أي بحذف "زوجها" وزيادة "فإنها".
3 يحمل ذلك على ما إذا كان في مرض موته، فإنه إذا أبانها في الصحة فلا تنتقل إلى عدة الوفاة بلا نزاع.
انظر: الإنصاف: 9/276.
4 المسألة كما أشرت إليها فيما إذا طلقها في مرض فإنها ترثه على الخلاف في طلاق المريض، ومذهب أحمد وإسحاق أنها ترثه ما لم تتزوج.
انظر: الإشراف: 4/187.

(4/1712)


قال: نعم1.
[1084-] قلت: وترث منه2؟
قال: نعم, إن كانت حرة واعتدت منه ترثه.
قال إسحاق: كما قال.
[1085-] قلت: كم وزن نواة3 من ذهب؟
قال: ثلاثة دراهم4 وثلث.
__________
1 تعتد عدة الحرة للوفاة لأنها رجعية، ولذلك يلحقها طلاقه وله مراجعتها بدون إذنها.
انظر أيضاً: المغني 7/462، والإنصاف 9/152.
وانظر: المسألة رقم: (1075) .
2 بناء على أن كل رجعية ترث.
وقال في المغني: 6/329: "إذا طلق الرجل امرأته طلاقاً يملك رجعتها في عدتها لم يسقط التوارث بينهما ما دامت في العدة، سواء كان في المرض أو الصحة، بغير خلاف نعلمه." ونحوه في المبدع: 6/239.
3 قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر 5/132: "النواة في الأصل عجمة التمرة."
4 يتعرض العلماء لتقدير النواة عند شرح حديث أنس رضي الله عنه: أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تزوج امرأة من الأنصار على نواة من ذهب، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصدقتها؟ " قال: "وزن نواة من ذهب." والحديث متفق عليه.
واختلف العلماء في تقدير النواة ومن أشهر أقوالهم القولان المنصوص عليهما في المسألة. وما فسر به الإمام إسحاق هنا هو تفسير أكثر العلماء، وقد اقتصر ابن قدامة على حكايته في المغني: 6/539.
[] وانظر أيضاً: فتح الباري: 9/234-235. والنووي على مسلم: 9/216, ومعالم السنن للخطابي: 2/584, وشرح السنة للبغوي: 9/134, وعون المعبود: 6/140.

(4/1713)


قال إسحاق: النواة1 خمسة دراهم.
[1086-] قلت: نكاح السر ما هو؟
قال: أن لا يظهروه, وأن يزوجا بالأولياء.
قال إسحاق: كذا هو2.
__________
1 في ع بحذف "النواة".
2 فيشترط فيه أركان عقد النكاح الصحيح, فيزوجها ولي بشهادة شاهدين، ولكن يتواصون بكتمانه. وحكمه أن النكاح صحيح لتوافر أركانه، والقدر المطلوب من الإعلان لصحة النكاح يوجد بشهادة عدلين، ويكره ذلك.
وعلل الكراهة صاحب كشاف القناع بقوله: "لأن السنة إعلان النكاح".
وقد كرهه عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما عنه رواه البيهقي في سننه: 7/126.
[] وانظر أيضاً: المغني: 6/538, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/47, والإقناع: 3/178- 179, والجامع لأحكام القرآن: 3/79.

(4/1714)


[1087-] قلت: رجل زوجوه امرأة على ألف1، فإن كان له امرأة فعلى ألفين2؟
قال: هذا على ما اشترطوا عليه3.
قال إسحاق: كما قال4.
__________
1 في ع زيادة "درهم".
2 في ع بلفظ "فهي على ألفين".
وقد نص في الروايتين والوجهين: ص 127 على رواية ابن منصور هذه.
3 هذه رواية الإمام التي نص عليها في المسألة، وهو المذهب كما في الإنصاف، وصح ذلك لأن الألف معلوم والجهل في الألفين، وهو معلوم أيضاً على شرط فإن وجد الشرط كان زيادة في الصداق. والصداق تجوز الزيادة فيه.
وعن الإمام رواية مخرجة على نص الإمام بأنه لا يصح مهر من تزوجها على ألف إن كان أبوها حياً وألفين إن كان أبوها ميتاً.
قال في الإنصاف: وهو الصواب، ورجحه في المغني والمبدع، ويقوي الرواية المنصوصة عن الإمام أحمد الفرق الواضح بين المسألة التي نص على عدم صحتها وهذه المسألة، لأن الصفة التي جعل الزيادة عليها للمرأة في المسألة الممنوعة، وهو كون أبيها ميتاً ليس للمرأة فيها عرض يصح بذل العوض فيه، بخلاف مسألتنا فإن خلو المرأة من ضرة من أكبر أغراضها، ويؤيده عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج."
متفق عليه، سبق تخريجه في المسألة رقم: (900) .
[] انظر: الإنصاف 8/242-243، والمغني 6/741-742، والمبدع 7/140-141.
4 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/57.

(4/1715)


[1088-] قلت: [رجل تزوج امرأة في السر بمهر] 1 وأعلنوا مهرا آخر؟
قال: أما هؤلاء فينبغي لهم أن يفوا بما قالوا2 [له, وأما هو فيؤخذ بالعلانية] 3.
قال إسحاق4: المهر مهر السر إذا
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من نسخة ظ وأثبته من ع.
2كان في جواب الإمام هذا بياض في ظ واختلاف بين النسختين وصعوبة في قراءة بعض الكلمات.
وبحمد الله نقل ابن قدامة في المغني: 6/739 رواية ابن منصور هذه بنصها، فصححت منه وأغنى عن كثير من العناء.
3 إن اتفقا على أن المهر ألف وأنهما يعقدان العقد بألفين تجملاً ففعلا ذلك، فالمهر ألفان لأنها تسمية صحيحة في عقد صحيح فوجبت, فالمعتمد من قوليهما هو ما كان في العلانية، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
وأشار الإمام أحمد في جوابه هذا بأنه يستحب للمرأة أن تفي للزوج بما وعدت به سراً وبما شرطته على نفسها من أنها لا تأخذ إلا مهر السر، ويؤيده عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون على شروطهم."
وقد سبق تخريجه في المسألة رقم: (900) .
انظر: المغني: 6/739, والإنصاف: 8/293, وكشاف القناع: 5/155, والمحرر: 2/33.
4 نقل ابن المنذر في الأوسط لوحة رقم: 199، والإشراف 4/59 كلام الإمام إسحاق هذا ويستدل لمذهبه بما ذكرناه في الفقرة السابقة في استحباب وفاء المرأة بما شرطته على نفسها سراً, ويرد عليه أن التسمية صحيحة في عقد صحيح فلا مدفع لها، ويؤيد القول بالأخذ بالعلانية قول الجمهور في أن وضع اللغات توقيفي.
انظر: المغني: 6/739, والكوكب المنير: ص 89.

(4/1716)


قالوا1 ما بعد هذا من العلانية إياه [ظ-30/ب] .
[1089-] قلت: المرأة يموت زوجها فتدّعي الصداق؟
قال أحمد: المخرج على الأولياء2, وإلا فلها صداق مثلها3.
قال إسحاق: كما قال، وكذلك إذا مات الزوجان فاختصم أولياؤها وأولياء الزوج4.
[1090-] قلت: رجل تزوج امرأة على صداق معلوم ودخل بها وقال: قد أوفيتها، وتقول هي: لم يوفني؟
__________
1 ومعنى قول الإمام إسحاق "إذا قالوا ما بعد هذا من العلانية إياه" أي إذا قالوا عما يعلنونه عند العاقد بعد ذلك أنه المهر.
2 لعله يريد أن أولياء الزوجة والزوج لا بد أن يكون عندهم علم بصدق دعوى المرأة وعدمه، فإن لم يكن قد أصدقها فلها صداق مثلها.
انظر: الإشراف 4/61.
3 على حديث بروع بنت واشق المتقدم تخريجه في المسألة رقم: (883) .
وانظر أيضاً المغني: 6/721.
(4) انظر قول إسحاق في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/61.

(4/1717)


قال: عليهم المخرج يعني الأولياء1.
قال إسحاق: كذا هو2.
[1091-] قلت: قالوا: نزوجك إن جئت بالمهر الذي كذا وكذا3؟
قال أحمد: هذه عدة4 لم يقع النكاح بعدة.
قال إسحاق: كما قال.
[1092-] قلت: نصراني تزوج نصرانية على قُلة من خمر ثم أسلما؟
قال: إذا كان دخل بها فهو جائز, وإن لم يكن دخل بها فلها
__________
1 قال المرداوي: "المذهب والذي عليه الأصحاب قاطبة أن القول قولها لأن الزوج هو الذي يدعي دفع المهر في مسألتنا هذه".
الإنصاف: 8/293, وانظر: كشاف القناع: 5/155.
2 في ع بحذف "إسحاق".
وانظر: عن قولي الإمامين: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/60.
3 هذه المسألة انفردت بنقلها النسخة العمرية وغير موجودة في ظ فأثبتها.
4 ومعنى كلام الإمام أحمد أن هذا وعد وليس بعقد.
وقد نقل ابن المنذر في الإشراف: 4/75 عن الإمام أحمد وإسحاق قولهما في الرجل يقال له: إن جئت بالمهر إلى كذا وإلا فليست لك زوجة، أن الشرط باطل والنكاح جائز.

(4/1718)


صداق مثلها1.
قال إسحاق: كما قال، إذا لم يختصموا إلى حكامنا لأن حكامنا لا تجوز إلا أن2 يقضوا بحكم أهل الإسلام3.
[1093-] قلت: رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها، ثم تزوج امرأة أخرى فدخل بها، فإذا المدخول بها أم؟
قال أحمد: حرمتا عليه جميعاً4.
__________
1 المذهب أن العبرة في المسألة تكون بالقبض لا بالدخول، لأن في إبطال المقبوض مشقة لتطاول الزمان وكثرة تصرفاتهم في الحرام مما يؤدي إلى تنفيرهم عن الإسلام، فيعفى ذلك كما يعفى عما تركوه من الفرائض والأركان، وما لم تقبضه من الحرام لا يكون لها صداقاً سواء دخل بها أو لم يدخل.
انظر: المغني: 6/635, والإنصاف: 8/209, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/71, والاختيارات الفقهية: ص 225.
2 في ع بحذف "أن".
3 ويرجع هذا القول إلى أن ما لم تقبضه من الحرام لا يكون لها صداقاً.
4 في النسختين تكررت عبارة "حرمتا عليه جميعاً" فاكتفيت بنقل واحدة من العبارتين، لأن التكرار واضح.
ووجه ما أجاب به الإمام أحمد ووافق عليه الإمام إسحاق أن البنت تحرم بالدخول على الأم, وتحرم الأم بالعقد على البنت فحرمتا في المسألة.
راجع بالتفصيل مسائل (916– 919) .

(4/1719)


قال إسحاق: كما قال.
[1094-] قلت: رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها، فإذا هي ابنة1؟
قال2: يفارقهما جميعاً، ثم يخطب الابنة إن شاء3.
قال إسحاق: كما قال.
[1095-] قلت: رجل تزوج امرأة فدخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها، ابنة أو أماً [ع-54/أ] حرمتا عليه جميعاً؟
قال أحمد: يفارقهما4.
__________
1 وردت في مسائل الإمام أحمد لابن هاني: 1/208 نحو هذه المسائل بألفاظ مختلفة.
2 في ع بحذف "قال" وزيادة "أحمد".
3 سبق ما يدل على هذا في التعليق على المسألة السابقة, والمسألتان مبنيتان على ما تقرر بأن العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول بالأمهات يحرم البنات, وفي مسألتنا هذه لم يدخل على الأم فلذلك جاز له خطبة الابنة.
وراجع المسائل رقم: (916– 919) .
4 في ع زيادة "جميعاً"، ويحرمان عليه على التأبيد, فالأم تحرم عليه بالعقد على ابنتها, فلأن تحرم عليه بالدخول أوْلى, وتحرم البنت عليه بالدخول على أمها.
راجع المسألتين السابقتين.
[] وانظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 8/114-115, والمقنع بحاشيته: 3/32-33, [] [] [] والمغني: 6/569-570, والمحلى: 9/642, والجامع لأحكام القرآن: 5/113.

(4/1720)


قال إسحاق: كما قال1.
[1096-] قلت: رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها، فإذا هي أختها؟
قال: يفارق هذه التي دخل بها, ويعتزل الأخرى حتى تنقضي عدة هذه2، ثم الأولى امرأته.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
[1] انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/93-94.
2 في ع بلفظ "حتى تنقضي عدة هذه عن الأولى امرأته"، وما في ظ أوضح.
قال في المقنع: "وإن تزوجهما في عقدين, أو تزوج إحداهما في عدة الأخرى، سواء كانت بائناً أو رجعية فنكاح الثانية باطل."
قال في الإنصاف "بلا نزاع".
يصح عقد الأولى لأنه لا جمع بين الأختين فيه، ويبطل نكاح الثانية لأن الجمع يحصل به، فلا يصح عقده عليها حتى تخرج الأولى من عصمته وتزول أحكام زوجيته منها.
[] انظر: المقنع بحاشيته: 3/36, والإنصاف: 8/124, والمغني: 6/581-582, والفروع: 5/199, والفتاوى لابن تيمية: 32/72, والمحلى: 9/530.
3 انظر عن قول إسحاق رحمه الله: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/97 حيث نقل ابن المنذر نحو هذا عن الإمام إسحاق فيمن ملك أختين مملوكتين فوطأ إحداهما ثم أراد وطء الأخرى.

(4/1721)


[1097-] قلت: فإن كان دخل بالأولى ثم تزوج هذه ودخل بها، حرمتا عليه جميعا؟
قال أحمد: يفارق الأخرى، ويعتزل الأولى حتى تنقضي عدة هذه الأخرى، ثم الأولى امرأته.
قال إسحاق: هو هكذا1.
[1098-] قلت2: رجل تزوج امرأة فدخل بها، ثم تزوج صبية ترضع فأرضعتها امرأته، حرمتا عليه جميعاً؟
قال أحمد: يفارق الصغيرة ولها3 على المرضعة نصف الصداق لأنها قد بانت من زوجها4, ويفارق الأخرى لأنها صارت أم
__________
1 في ع بلفظ "كذا هو".
وانظر: المسألة السابقة وهذه مثلها، فلا فرق بين كونه دخل بالأولى وبين كونه لم يدخل بها، فإن عقد الأولى في الحالتين صحيح لخلوه من الموانع، وعقد الثانية باطل لحصول الجمع المحرم لنكاحها بالنص. راجع المراجع السابقة.
2 وردت في مسائل الإمام أحمد لابن هانيء نحو هذه المسألة: 1/213.
3 في ع بحذف "لها".
4 بانت لوجهين: أولا: لأنها صارت بنته حيث أرضعت بلبنه.
الوجه الثاني: أنها صارت بنتاً للمدخول بها فهي ربيبة قد دخل بأمها، وإذا بانت الصغيرة (من غير سبب من جهتها) وجب عليه أن يعطيها نصف المهر لانفساخ النكاح قبل الدخول من غير سبب من جهتها، ويرجع على الكبيرة بما لزمه من صداق الصغيرة لأنها قررته وألزمته إياه وأتلفت عليه ما في مقابلته كما لو أتلفت عليه المبيع.
[] راجع المغني: 7/549-550, والمبدع: 8/173-174, والمقنع بحاشيته: 3/303, والفروع: [5/571-572,] والقواعد لابن رجب 355, ومطالب أولي النهى: 5/609-610.

(4/1722)


المرضعة1.
قال إسحاق: كما قال، إذا كان الرضاع خمس رضعات2.
[1099-] قلت: قال سفيان: في رجل تزوج صبية رضيعاً3، ثم تزوج أخرى رضيعاً4، فجاءت أم الأولى فأرضعت الأخرى، حرمتا عليه5 صارتا أختين، فيغرم الزوج لكل واحدة نصف الصداق
__________
1 فصارت من أمهات نسائه المحرمات بالنص. انظر: نفس المراجع في الفقرة السابقة.
2 يعنى الإمام إسحاق بذلك أن الرضاع المذكور يشترط فيه كونه الرضاع المحرم وهو خمس رضعات، وهذا هو ظاهر المذهب عند الإمام أحمد.
وقد تقدم تفصيل ما يحرم من الرضاع في المسألة رقم: (982) .
3 في ع بحذف كلمة "رضيعاً".
4 في ع بلفظ "رضيع" بالرفع.
5 في ع زيادة "جميعاً".

(4/1723)


ويتزوج أيتهما شاء, وتغرم التي أرضعت الأخرى للرجل.
قال أحمد1: يغرم صداق [كلتيهما2] ، لكل واحدة نصف الصداق.
قال إسحاق: كما قال أحمد3.
[1100-] قلت: قال سفيان4: في رجل كانت5 تحته امرأة فتزوج عليها صبية رضيعاً6 فذهبت امرأته فأرضعتها، فسدتا عليه جميعاً، ويغرم الزوج نصف الصداق للصبية7، وتغرم امرأته التي
__________
1 في ع بلفظ "قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى".
2 في النسختين ع, ظ "كلتاهما"، والصواب ما أثبته لأنها مضافة إلى الضمير وهي مجرورة بإضافة "صداق" إليها والقاعدة أن كلا وكلتا إذا أضيفتا إلى الضمير أعربتا إعراب المثنى فترفعان بالألف وتنصبان وتجران بالياء.
[] انظر: شرح ابن عقيل: 2/61-62.
3 العقد على كل منها صحيح ثم طرأ ما يبطلهما مرة واحدة فيكون الحكم كمسألة من جمعهما في عقد واحد السابقة برقم: (1098) , وتغرم المرضعة للرجل ما بذله لهما كما سبق في المسألة رقم: (1098) .
4 انظر: عن قول سفيان الإشراف على مذاهب العلماء: 4/115.
5 في ع بلفظ "كان".
6 في ع "رضيع".
7 في ع بحذف "للصبية".

(4/1724)


أرضعت الصبية للزوج، فإن كانت التي أرضعت الصبية دخل بها فلها صداقها وإن لم يكن دخل بها فلا شيء لها1، وإن كانت أرضعتها وهي جاهلة أو ناسية فهو سواء عليها الغرم.
قال أحمد: جيد2 وإن لم يكن دخل بها فلا بأس أن يتزوج الصغيرة. 3
قال إسحاق: كما قال4.
[1101-] قلت: قال سفيان5 في رجل وقع على جارية ابنه: إن حبلت كانت أم ولد، وإن لم تحبل إن شاء الابن باعها.
__________
1 لأنها هي التي تسببت في انفساخ نكاحها فيسقط صداقها، كما لو انفسخ النكاح قبل الدخول لأي سبب آخر من جهتها, فأما إن كان دخل بها فلها صداقها لأن الصداق يستقر بالدخول، ولا يسقط بعد ذلك لأي سبب.
[] انظر: المبدع: 8/175, والفروع: 5/571-572.
2 في ع بلفظ "ليس له أن يتزوج واحدة منهما إذا كان قد دخل بالأم المرضعة، فإن لم يكن دخل بها فلا بأس".
3 لأنها لو كانت بنتها من النسب لم تحرم عليه لأن البنات إنما يحرمن بالدخول بالأمهات دون العقد عليهن.
كما سبق بيانه في عدة مسائل منها المسألة رقم: 1092، 1094.
4 انظر قول إسحاق في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/115.
5 قول سفيان منقول بنصه في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/128.

(4/1725)


قال أحمد: [إذا] 1 كان [الأب] 2 قابضاً للجارية ولم يكن الابن وطئها فأحبلها الأب، فالولد ولده والجارية له وليس للابن منها شيء3.
قال إسحاق: كما قال4.
[1102-] قلت: قال سفيان: في رجل طلق امرأته تطليقة فانقضت5 العدة فادعى مراجعتها.
__________
1 ساقطة من ظ، والتصويب من ع، والمعنى يقتضيه وبه يتم الكلام، وهي مثبتة في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/128, الذي نقل عبارة الإمام أحمد هذه كاملة.
2 في نسخة ع "الابن"، والصواب ما في ظ الذي أثبته، والسياق يقتضيه وهي كذا في الإشراف على مذاهب العلماء حيث نقل العبارة: 4/128.
3 هذا إذا كان الأب قد قبضها وتملكها ولم يكن الولد وطئها فتصير جاريته في كل شيء، وإن وطئها قبل تملكها فقد فعل محرماً لأن الوطء الحلال يكون بالزوجية وبملك اليمين, وهذه ليست زوجة له ولا ملك يمينه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك." وقد سبق تخريجه في المسألة رقم: 877 لم يرد فيه حقيقة الملك حيث أضيف الملك إلى الولد، لأن الشيء لا يكون مملوكاً لمالكين حقيقة في حال واحدة, ولا يحد الأب بذلك للشبهة، والحدود تدرأ بالشبهات.
[] راجع المغني: 9/536-537, والمحرر: 2/11, والفروع: 5/134-135.
4 انظر قول الإمام إسحاق في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/128.
5 في ع "وانقضت العدة".

(4/1726)


قال: بينته أنه قد راجعها وإلا فهي أملك بنفسها1، ولا تجوز شهادة رجل ويمينه إلا رجلين.
قال أحمد: جيد 2 [كما قال أنها تكون شهادة] رجل ويمينه في الحقوق3، وأما الطلاق4 والحدود5 فلا.
قال إسحاق: كما قال [ظ-31/أ] 6.
__________
1 انظر عن قول الإمام الثوري في الشهادة على الرجعة عموماً: اختلاف العلماء للمروزي، لوحة رقم: 35, وأحكام القرآن للجصاص: 3/456.
2 هذا ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 كما تقبل شهادة رجل وامرأتين.
انظر: المغني: 9/151, والمبدع: 10/257.
4 وكذا النكاح والرجعة ونحو ذلك، فلا يقبل فيه إلا رجلان على الصحيح من مذهب الإمام أحمد, وعن الإمام أحمد رواية أنه يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين.
[] انظر: الإنصاف: 12/71-80, والمغني: 9/149, والمحرر: 2/323, والمبدع: 10/255-256, والنكت والفوائد السنية: 2/323.
5 الصحيح من مذهب الإمام أحمد: أنه يقبل في القصاص وسائر الحدود رجلان، وعليه الأصحاب كما في الإنصاف.
وعن الإمام رواية لا يقبل في القصاص إلا أربعة.
[] الإنصاف: 12/79, والمبدع: 7/254-255, والمغني: 9/148.
[6] انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 9/149-150, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة رقم: 35.

(4/1727)


[1103-1] قلت: إذا أمر الرجل ابنه أن يطلق امرأته؟
قال: يطيع أباه إذا كان الأب رجلاً صالحاً، واحتج بحديث ابن عمر2 -رضي الله عنهما- حين أمره عمر رضي الله عنه أن يطلق امرأته3.
__________
1 في الأصل "قال أحمد".
2 الحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كانت تحتي امرأة وكان أبي يكرهها، فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك."
وفي رواية ابن ماجة: فذكر ذلك عمر رضي الله عنه للنبي -صلى الله عليه وسلم- فأمرني أن أطلقها، فطلقتها.
[] أخرجه أبو داود في الأدب، باب بر الوالدين: 5/349-350, والترمذي في سننه في كتاب [] الطلاق، باب الرجل يأمره أبوه أن يطلق امرأته: 3/494-495, وقال الترمذي: حديث حسن صحيح, والحاكم في المستدرك وصححه: 2/197, وابن ماجة في الطلاق، باب الرجل يأمره أبوه بطلاق امرأته: 1/675.
قال في تحفة الأحوذي: 4/368 بعد ذكر الحديث: فيه دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها وإن كان يحبها فليس ذلك عذراً له في الإمساك، ويلحق بالأب الأم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن لها من الحق على الولد ما يزيد على حق الأب.
راجع أيضاً: نيل الأوطار: 6/220, ومعالم السنن: 2/631, وعون المعبود: 6/227, وشرح السنة: 9/191.
3 في ع بلفظ "قال: قلت: فأمه لا يطيعها في هذا, قال إسحاق: إن فعل ما قاله أبوه وأمه".

(4/1728)


[1104-] قلت: فأمه؟
قال: لا يطيعها في هذا.
قال إسحاق: إن فعل ما قال أبوه وأمه كان قد أخذ بالفضيلة، ولا يلزمه أن يطلّقها على معنى الإيجاب لأن طلاق المرأة الصالحة ليس من بر الوالدين في شيء1.
[1105-] قلت: رجل تزوج ذات محرم2 فدخل بها، لها [ع-54/ب] الصداق3؟
__________
1 إذا عجز عن التوفيق بين والده وبين بقاء امرأته وأصر الوالد على طلاقها فطلقها كان ذلك براً له, وظاهر حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- السابق والذي صححه الترمذي يؤيد ما ذهب إليه الإمام أحمد.
ويؤيده أيضاً ما رواه الحاكم في المستدرك: 2/197: "أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال: إن أمي لم تزل بي حتى تزوجت وإنها تأمرني بطلاقها، فقال: ما أنا بالذي آمرك أن تعق أمك ولا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنة. فحافظ على ذلك الباب إن شئت أو ضيّعه".
صححه الحاكم، وتابعه الذهبي في تلخيص المستدرك: 2/197.
2 في ع بلفظ "ذات محرم منه"، والسؤال في النسختين يبدو أن فيه سقطاً حيث إن الكلام فيه نقص.
3 نهاية اللوحة رقم: 106 من ع، وبداية اللوحة رقم: 107 من ع.

(4/1729)


قال: إذا تزوج أمه من الرضاعة أن يصدقها.
قلت: أو أمه؟
قال1: أردت أن أقول ذلك2. وإذا تزوج أمه أو ذات محرم منه عمداً [قُتل3.
قال إسحاق: كما قال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى ذات محرم] فاقتلوه"4.
__________
1 في ع بلفظ "قال: لذا أردت أن أقول ذلك".
2 هذه رواية عن الإمام أحمد في أنه لا مهر لذات محرم لم تطرأ محرميتها، فأما إذا طرأت كأمه من الرضاعة فلها الصداق كما صرح به هنا. والفارق بينهما أن تحريم الأم تحريم أصل وتحريم أمه من الرضاع تحريم طارئ، فلا مهر لذات محرم غير طارئ إذا وطئت بشبهة كاللواط بالأمرد.
والمذهب أن الموطوءة بشبهة أجنبية كانت أو ذات محرم لها مهر المثل.
وعن الإمام أحمد رواية: أن من تحرم ابنتها لا مهر لها، كالأم والبنت ومن تحل ابنتها كالعمة لها المهر.
انظر: الإنصاف: 8/307, والمبدع: 7/173, والمغني والشرح الكبير: 8/99.
3 سبق الكلام مفصلاً على حكم هذه المسألة في المسألة رقم: (915) , وما بين القوسين غير موجود في ع.
4 لفظ الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الرجل للرجل: يا يهودي، فاضربوه عشرين, وإذا قال: يا مخنث، فاضربوه عشرين, ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه".
أخرجه أحمد في المسند: 1/300, والترمذي في كتاب الحدود: 4/62, وابن ماجة في الحدود: [2/857-858,] والحاكم: 4/356, والبيهقي: 8/237.
قال الترمذي: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإبراهيم بن إسماعيل أحد رواته يضعف في الحديث."
وضعفه أيضاً الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب ص 18.
وضعف الألباني الحديث في إرواء الغليل: 8/22.
وقال الترمذي: "العمل على هذا عند أصحابنا." ثم ذكر قولي أحمد وإسحاق المذكورين في صلب المسألة, ويؤيد معنى الحديث الذي ذهب إليه الإمامان هنا حديث البراء بن عازب أن رجلاً تزوج امرأة أبيه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهما.
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (915) .
وقد أشرنا إلى أن الترمذي حسنه، وصححه الألباني.

(4/1730)


[1106-] قلت1 لأحمد: رجل طلق امرأته وأشهد، ثم راجع ولم يشهد حتى انقضت العدة، [أي وكان قد راجع2 قبل انقضائها] .
قال: إذا راجع فهي رجعة3.
__________
1 في ع بحذف "لأحمد".
2 ما بين القوسين أثبته من ع لأن فيه زيادة توضيح للمعنى.
3 فلا يشترط الإشهاد على الرجعة، قال في الإنصاف: "وهو المذهب، نص عليه في رواية ابن منصور وعليه جماهير الأصحاب." يريد هذه الرواية التي معنا: لأنها لا تفتقر إلى قبول فلا تفتقر إلى إشهاد كسائر حقوق الزوج، وتحمل الآية {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} الطلاق: 2، على الاستحباب.
وعن الإمام رواية أنها تجب لظاهر الآية.
انظر: الإنصاف: 9/152, والمغني: 7/282

(4/1731)


قال إسحاق: إذا راجع بشهود كانت رجعة، وإن وطئها يريد به المراجعة كانت رجعة، وأما دون الجماع فلا تكون مراجعة إلا أن يكون شهود. 1
[1107-] قلت: رجل غصب امرأة على نفسها، ما عليه؟
قال: عليه الحد وليس عليها الحد2, وليس [لها3] شيء إن
__________
1 في ع "أي وكان قد راجع قبل انقضائها قال إن راجع بشهود كانت رجعة ... الخ". بدون ذكر لرأي إسحاق -رحمه الله-, وأضيف فيها رأي إسحاق لأحمد، والصواب ما كان في ظ والذي أثبته، وذلك لنهج الكوسج في الالتزام بذكر قوليهما، ولأنه صرح في الإنصاف أن رواية ابن منصور عن الإمام أحمد عدم اشتراط الشهادة على الرجعة، كما سبق آنفا.
وانظر قول الإمام إسحاق في أن الوطء مع إرادة المراجعة يكون رجعة في: المغني: 7/283, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/303, واختلاف العلماء 32, وفتح الباري: 9/483.
2 قال ابن قدامة: "ولا حد على مكرهة في قول عامة أهل العلم ... ولا نعلم فيه خلافا." المغني: 8/186.
وانظر أيضاً: المبدع: 9/71, وهداية الراغب 531, والإقناع: 4/255.
3 في ظ "عليها"، وما أثبته من ع لأنه به يستقيم الكلام.

(4/1732)


كانت ثيباً, وإن كانت بكراً فلها صداق مثلها1.
قال إسحاق: كما قال.
[1108-] قلت: أمة أتت قوماً فزعمت أنها حرة فتزوجها رجل فولدت منه؟
قال: يفدي ولده بغرة غرة2, وللأمة ما كان سمى لها من
__________
1 هذه رواية عن الإمام أحمد.
والمذهب والذي عليه جمهور الأصحاب أن المكرهة يجب لها مهر المثل، سواء كانت بكراً أو ثيباً.
وعن الإمام رواية ثالثة وهي أنه لا يجب للمكرهة مهر مطلقاً. واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وعللوه بأنه خبيث.
انظر: الإنصاف: 8/306, والمبدع: 7/173, وغاية المنتهى: 3/74.
2 أي يكون أولاده أحراراً ويفدي كل واحد منهم بغرة الذكر بعبد والأنثى بأمة. وعن الإمام روايتان غير هذه فيما يفديهم به:
فروي عنه أنه يفديهم بقيمتهم.
وروي عنه أنه مخير أن يفديهم بغرة غرة أي مثلهم أو يفديهم بقيمتهم.
وعن الإمام رواية بأنه لا يلزمه فداؤهم.
قال الزركشي: "نقل ابن منصور لا فداء عليه لانعقاد الولد حراً".
قلت: أجاب بنحو ذلك الإمام أحمد في المسألة رقم: 157.
والمذهب أنه يلزمه فداؤهم, ويفديهم بقيمتهم يوم ولادتهم، على الصحيح من المذهب.
[] راجع المبدع: 7/92, والمغني: 6/519- 520, والإنصاف: 8/170-171.

(4/1733)


المهر1.
قال إسحاق: كما قال.
[1109-] قلت: رجل وجد مع امرأته رجلاً فقتله؟
قال: إذا جاء بشهود أنه وجده مع امرأته في بيته يهدر دمه2،
__________
1 انظر: المغني: 6/520، ثم يفرق بينهما إن كان هو ممن لا يجوز له نكاح الإماء, وإن كان ممن يجوز له ذلك فله الخيار، فإن رضي بها فما ولدت بعد ذلك فهو رقيق.
راجع المبدع: 7/94, والإنصاف: 8/168, والمحرر: 2/24, والمغني: 6/522, وتصحيح الفروع: 5/221.
2 إذا وجد الرجل مع امرأته رجلاً وقتله فعليه القصاص إذا لم يأت ببينة للحديث الذي رواه مسلم: 2/1135 في باب اللعان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سعد بن عبادة قال: "يا رسول الله أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ " قال: "نعم."
فإن أتى ببينة على ذلك فلا قصاص عليه.
وعن الإمام أحمد في عدد الشهود روايتان:
إحداها هذه: اكتفاء بالرجلين كالقصاص.
الثانية: لا بد من شهود أربعة لما روي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عمن وجد مع امرأته رجلاً آخر فقتله؟ فقال: "إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته".
[] أخرجه مالك في الموطأ: 2/737-738.
وانظر أيضاً عن المسألة: الإنصاف: 9/476, والمغني: 7/649, والمبدع: 8/277.

(4/1734)


وإن كان شاهدان1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1110-] قلت: رجل زنى بامرأة لا يتزوجها ابنه ولا أبوه؟
قال: كذا3 هو4.
قال إسحاق: كما قال5.
[1111-] قلت لأحمد:6 رجل عنده أختان مملوكتان فوقع على إحداهما
__________
1 في النسخة ظ بلفظ "شاهدان"، والصواب ما أثبته.
2 انظر قول الإمام إسحاق -رحمه الله- في: فتح الباري: 9/449, ومعالم السنن: 4/671, وشرح السنة للبغوي: 9/266.
3 في ع بلفظ "هكذا هو".
4 قال ابن قدامة: "فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه، وحرمت عليه أمها وابنتها كما لو وطئها بشبهة أو حلالاً."
[] المغني: 6/576، وانظر أيضاً الإنصاف: 8/116-117, والمحرر: 2/19, والفروع: 5/195.
5 انظر قول الإمام إسحاق في المغني: 6/576.
6 في ع بحذف "لأحمد".

(4/1735)


ثم زوجها1 يقع على الأخرى؟
قال أحمد: نعم إذا خرجت [من2 ملكه] بنكاح3 حرمها على نفسه.
قلت: فإن طلقها فرجعت إليه؟
قال: لا يطأ واحدة منهما حتى يحرم فرج واحدة على نفسه.4
قال إسحاق: كما قال في الأمرين جميعاً؛ لأنه لا بد من إخراج إحداهما من ملكه.5
[1112-] قلت: سئل سفيان عن رجل اشترى جارية وهي مسروقة فوقع عليها فحبلت ثم جاء صاحبها؟
__________
1 في ع زيادة "رجلاً".
2 ما بين المعقوفين مزيد من ع.
3 أو بيع أو هبة أو ما أشبهه, ويعلم أنها ليست بحامل, المغني: 6/584, والإنصاف: 8/126.
4 يجوز الجمع بين الأختين في الملك لأن الملك يقصد به التمول أعم من أن يكون للاستمتاع, ولا يجوز جمعهما في الوطء.
وتقدم الكلام على ذلك في المسألة رقم: (921) .
5 أي ملك الاستمتاع ولا يقول الإمام إسحاق بأنه يجب عليه إخراج إحداهما من ملكه مطلقاً، فالمنهي عنه جمعهما في الوطء لا في الملك, كما سبق آنفا.
وتقدم تقرير مذهب الإمام إسحاق في هذه المسألة في المسألة رقم: (921) .

(4/1736)


قال: له القيمة لأنه استهلاك.1
قال أحمد: ترد الأمة إليه، ويفدي ولده بغرة غرة.2
قال إسحاق: كما قال.
[1113-] قلت:3 رجل قال لامرأته: أنت طالق كألف؟
قال: هذا عندي على الثلاث.4
قال إسحاق: كما قال.
[1114-] قلت: رجل حلف فجرى على لسانه غير ما في قلبه وأراد أن
__________
1 نزلها منزلة من استهلك متاعاً وذهبت عينه، ولم يرتضه الإمامان هنا للفرق الكبير بين المتاع الذي استهلك وذهبت عينه والأمة الموجودة التي تأثرت بالوطء والحمل, ويغرم له عن ذلك بغرة, كما ذهب إليه الإمامان هنا.
2 كمسألة من تزوج أمة على أنها حرة, فأصابها وولدت منه السابقة برقم: (1108) .
3 في ع بلفظ: "قلت: قال: لامرأته أنت طالق كألف؟ قال: هذا عندي على الثلاث".
4 مثله ما إذا قال: أنت طالق كل الطلاق، أو منتهاه، أو أبعده، أو بعدد الحصى، فتطلق ثلاثاً.
قال في الإنصاف: "قطع به الأصحاب، ونص عليه الإمام أحمد في "كألف" في رواية ابن منصور."
[] انظر: الإنصاف: 9/10, والمبدع: 7/294- 295, والكافي: 3/180, والمحرر: 2/59.

(4/1737)


يتكلم به؟
قال أحمد: لا أدري ما هذا.
عاودته، فقال: أرجو أن يكون الأمر فيه واسعاً.
قال إسحاق: هو1 الإرادة2 لأنها أغلوطة.
[1115-] قلت: هل ترضع المرأة ولدها أكثر من سنتين؟
قال3: لا, مكروه واحتج بحديث علقمة.4
__________
1 في ع بلفظ "هو على الإرادة".
2 يدل على ذلك قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} . سورة المائدة آية: 89.
وفي مسألتنا هذه لم يعقد في قلبه ما جرى على لسانه, وما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به، كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر.
انظر: تفسير ابن كثير: 2/89, وفتح القدير للشوكاني: 2/71, والإشراف: 4/193.
3 في ع بحذف "لا", والمعنى واحد, أي لا ترضعه أكثر من سنتين هو مكروه.
4 هو علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي.
وحديثه هو ما رواه الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه: 4/291 بسنده "أن علقمة مر بامرأة وهي ترضع صبياً لها بعد الحولين فقال: لا ترضيعه بعد ذلك."
ومثله ما رواه ابن جرير الطبري بسنده إلى علقمة في تفسيره: 2/292, وكذلك ابن كثير في تفسيره: 1/282.

(4/1738)


قال: القرآن بذاك نزل.1
قال إسحاق: كما قال لأنه لا يحل الرضاع أكثر من سنتين.
[1116-] قلت: رجل سألته امرأته الطلاق, فجعل يضربها, ويقول هذا طلاقك؟
قال أحمد: هذا يلزمه, لأنه يقال: ثلاث2 لا لعب فيهن3
__________
1 قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} البقرة 233. فلا رضاع بعد الحولين.
نقله ابن جرير في تفسيره عن عمر وابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم-.
وقال البغوي في شرح السنة: "فدل على أن الحولين تمام مدتها فانقضت, فقد انقطع حكمها".
ونسبه لأحمد وإسحاق, وذكر ابن المنذر نحو هذا عنهما في الإشراف.
انظر: جامع البيان للطبري: 2/492, شرح السنة للبغوي: 9/84, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/112.
وانظر أيضاً: الإنصاف: 9/334, المبدع: 8/165, عون المعبود: 6/61.
2 في ع بلفظ "لا يلعب فيهن الأولى أحسن حالا يعني الذي حلف".
3 روي في ذلك حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة."
[] أخرجه أبو داود, باب الطلاق على الهزل: 2/643-644, والترمذي: 3/481, وقال: هذا حديث حسن غريب, والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وأخرجه الحاكم في المستدرك: 2/197 وصححه, وكذلك صححه الذهبي في تلخيص المستدرك: 2/198.

(4/1739)


الأولى أحسن حالاً الذي حلف فجرى على لسانه غير ما في قلبه1.
وإذا قال: هذا طلاقك. هذا طلاقك جاز عليه بانت2 منه.
قال إسحاق: لا يجوز فيما قال3 هذا طلاقك وهو يضربها أن يقع الطلاق, لأن هذا تعيين4 من الزوج لها يقول: أنت
__________
1 إشارة إلى المسألة السابقة برقم: (1114) ، وأن الذي حلف فجرى على لسانه غير ما أراده لا شيء عليه, بل هو في سعة من أمره.
2 الضرب مع قوله هذا طلاقك كناية، وشأن الكنايات أن يقع بها الطلاق إن نواه، وإلا فيكون اللطم قائماً مقام النية فيقع الطلاق من دون نية.
ويمكن أن يحمل جواب الإمام هنا على ذلك لأنه لم يشترط النية فيما أتى به, وفي الإنصاف منصوص الإمام أحمد "أنه يقع نواه أو لم ينوه".
وعن الإمام رواية أنه لا يقع.
[] انظر: الإنصاف: 8/468-469, المبدع: 7/271-272.
3 في ع بحذف "قال".
4 في ع بلفظ "تعيير".
والمعنى والله أعلم: أن الزوج عيّن جواب سؤالها بأن جعله ضرباً تأديباً لها لما بدر منها من السؤال الذي أغضبه.
وما في نسخة ع وهو "تعيير" محتمل، لأنه أراد بضربها تحقيرها.
وقد أشرت في التعليق السابق أنها كناية تدخل تحت القاعدة التي يسير عليها الإمام إسحاق في الكنايات، وهي أن الاعتبار في كل ذلك النية, وقد صرح بذلك في عدة مسائل.
انظر: المسائل رقم: (945، 946، 947) .

(4/1740)


تريدين الطلاق فضربي إياك طلاقك، ليس هذا بشيء.
[1117-] قلت: رجل قال لامرأته: أنت حرة؟
قال: إذا كان [يعني] 1 الطلاق أخاف أن يكون ثلاثاً2.
قال إسحاق: كلما نوى بقوله أنت حرة طلاقاً كان, وإلا لم يقع، ولا يكون إذا وقع إلا ما نوى3.
__________
1 في ظ بلفظ "إذا كان معنى" وأثبت هذا من ع لأنه به يستقيم الكلام.
2 "أنت حرة" من الكنايات الظاهرة، وشأن الكنايات الظاهرة وقوع الثلاث إن نوى بها الطلاق ولو نوى واحدة، وهذا المذهب.
وعن الإمام أحمد رواية أنه يقع ما نواه.
وعنه أنه يقع بها واحدة بائنة.
وسبق تفصيل الكلام على ذلك في المسألة رقم: (973) .
وانظر أيضاً: الإنصاف: 8/476, والمغني: 7/124.
3 نسب في الإشراف إلى الإمام إسحاق القول بأنه إن نوى الطلاق فهي واحدة وهو أحق بها, والمعهود عنه أنه يقول في مثل هذا (هو على ما نوى) كما هو مذهبه في الكنايات وكما صرح به هنا وفي المسألة رقم: (973) .
انظر: الإشراف: 4/170,167.

(4/1741)


[1118-] [قلت: رجل له أربع نسوة] 1 فقال لهن: أنتن طوالق ثلاث تطليقات؟
قال أحمد: ما أرى إلا بنّ منه [ظ-31/ب] .2
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ, وأثبته من ع.
2 أورد رواية مسألة الكوسج هذه عن الإمام أحمد: ابن قدامة في الكافي، ولفظه (أوقعت بينكن ثلاث تطليقات) لا (أنتن طوالق ثلاث تطليقات) كما في المخطوطتين.
وذكر ابن مفلح قي المبدع نحو عبارة الكافي مصرحاً بنقل الكوسج للمسألة.
وورد نص المسألة أيضاً في المغني والإنصاف بدون نسبة للكوسج وفيها لفظ ما في الكافي.
فاتفقت المراجع الأربع على نقل لفظ "أوقعت بينكن ثلاثا"، والفرق بين العبارتين ظاهر، فإن ما أوردته المراجع الأربع المذكورة يقتضي قسمة الثلاث بينهن بخلاف ما في المخطوطتين, وإذا حملناه على ما نقل في الكتب فما أجاب به الإمام هنا رواية في المسألة.
قال في الكافي: "فظاهره أنه أوقع بكل واحدة ثلاثاً؛ لأن نصيب كل واحدة من كل طلقة ربع ثم يكمل بالسراية.", والمذهب أنه يقع بكل واحدة طلقة واحدة، وعليه أكثر الأصحاب, أما إذا قال: لنسائه أنتن طوالق ثلاثاً، قال في المغني: 7/246: "طلقن ثلاثاً ثلاثاً. نص عليه أحمد لأن قوله طلقتكن يقتضي تطليق كل واحدة منهن وتعميمهن به، ثم وصف ما عممهن به من الطلاق بأنه ثلاث فصار لكل واحدة ثلاث بخلاف قوله: أوقعت بينكن ثلاثاً، فإنه يقتضي قسمة الثلاث."
[] راجع الكافي: 3/184, والمبدع: 7/298-299، والإنصاف: 9/16, والمغني: 7/245-246.

(4/1742)


قال إسحاق: قد بنّ إلا أن ينوي مقاسمة الثلاث التطليقات بينهن.
[1119-] [ع-55/أ] قلت: رجل قال لامرأته: أنت طالق كلما شئت وإذا شئت؟
قال1: إذا شئت فهي [مرة] 2، وإذا قال: كلما شئت فلها ذلك3 فيما بينها وبين ثلاث4.
قال أحمد: جيد ما لم يغشها، فإذا غشيها فلا أمر لها5.
قال إسحاق: كما قال إلا الغشيان6.
__________
1 لم يذكر قائل القول, والظاهر أنه الإمام سفيان الثوري, فقد كان من عادة الكوسج أن ينقل رأي الثوري ويعرضه على الإمام أحمد كما في مسائل رقم: (863، 865، 869، 874) .
والمذكور هو قول سفيان الثوري كما نقله ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ وأثبته من ع، لأنه به يستقيم الكلام.
3 في ع بلفظ "ذاك".
4 نقل ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206 عن الثوري قوله: "وإذا قال: أنت طالق كلما شئت، فهي كلما شاءت طالق حتى تبين بثلاث."
5 كمسألة إذا قال لها: أمرك بيدك، السابقة برقم: (971) . وسبق الكلام بالتفصيل فيما ينتهي إليه تمليكها الطلاق.
6 تقدم عدم موافقة الإمام إسحاق للإمام أحمد في انتهاء مدة التمليك بالغشيان في المسألة رقم: (1060) , ومذهبه في التخيير أن لها الخيار ما دامت في المجلس، فقد قال: "الذي أختار من ذلك ما اجتمع عليه عامة أهل العلم من التابعين أن لها الخيار ما دام في مجلسها."
راجع المسألة رقم: 971.

(4/1743)


[1120-] قلت: رجل قال: لامرأته: أنت طالق إن شئت؟
قال أحمد: إن شاءت فهي طالق إذا قالت: قد شئت الطلاق1، فهي واحدة2.
قال إسحاق: كما قال.
[1121-] قلت رجل قال لامرأته: أنت طالق إن شئت، قالت: إن شاء
__________
1 في ع بلفظ "فهي طالق واحدة".
2 إذا نطقت بالمشيئة بلسانها بأن قالت: قد شئت، لأن ما في القلب لا يعلم إلا إذا عبر عنه باللسان.
انظر: المغني: 7/212, المبدع: 7/360, الإنصاف: 9/100.

(4/1744)


أبي؟
قال1: ليس بشيء، قد ردت الأمر.
قال أحمد2: ليس بشيء.
قلت: ردت الأمر؟
قال: نعم3.
قال إسحاق: كما قال4.
[1122-] قلت5: رجل باع امرأته أتبين منه؟
قال6: لا, ولكن يعزر.
__________
1 لعل القائل هو سفيان كما في المسألتين السابقتين.
وانظر عن قول سفيان في هذه المسألة: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206.
2 في ع بلفظ "قال أحمد: ليس شيء قد ردت الأمر؟ قال نعم".
3 لأنها لم تشأ إنما علقت مشيئتها بمشيئته، كما لو قالت: قد شئت إذا طلعت الشمس. انظر: الكافي: 3/208.
4 انظر: عن قولي الإمامين أحمد وإسحاق الإشراف على مذاهب العلماء: 4/207.
5 في ع بحذف "رجل"، وهذه المسألة مؤخرة عن التي تليها في ع.
6 لم ينسب هذا القول لقائله وهو سفيان الثوري حيث إنه ورد منسوباً إليه كما في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206, والمغني: 7/141, والأوسط، لوحة رقم: 270.

(4/1745)


قال أحمد: لا تبين منه1 ولكن2 قد أتى أمراً عظيماً.
قال إسحاق: كما قال3.
[1123-] قلت: رجل طلق امرأته فقيل له: ألا تراجعها؟
[قال4: ما طلقتها وأنا أريد رجعتها، ولو أردت رجعتها ما طلقتها] ينوي بذلك طلاقاً؟
قال5: ليس عليه شيء.
قال أحمد: ليس عليه شيء. 6
__________
1 لأن البيع لا يتضمن معنى الطلاق حيث إنه نقل ملك بعوض، والطلاق مجرد إسقاط، فلم يقع به طلاق.
راجع المغني: 7/141, والمبدع: 7/290, والأوسط لوحة رقم: 270.
2 في ع بحذف "لكن".
3 انظر: عن أقوال الأئمة الثلاثة في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206, والمغني: 7/141, والأوسط، لوحة رقم: 270.
4 ما بين المعقوفين غير موجود في ع، والمسألة في ع بلفظ: "قلت: رجل طلق امرأته، قيل له: ألا تراجعها؟ قال: طلقتها. ينوي بذلك الطلاق. قال أحمد: ليس عليه شيء. قال إسحاق: كما قال، لأنه على ما نوى".
5 القائل هو سفيان الثوري.
6 إذا قال هذا الكلام ونوى به طلاقاً جديداً لزوجته الرجعية لم يكن عليه شيء، لأن ذلك ليس من ألفاظ الطلاق، لا من صريحه ولا من كنايته ظاهرة كانت أو خفية.
قال ابن رجب في القواعد الفقهية في القاعدة الخامسة والعشرين بعد المائة: "ومنها: لو طلق امرأته طلقة رجعية وحلف لا راجعتها وأراد الامتناع من عودها إليه مطلقاً حيث يتزوجها بنكاح جديد بعد البينونة. نص عليه في رواية ابن منصور". قواعد ابن رجب: 280.

(4/1746)


قال إسحاق: كما قال، لأنه على ما نوى.
[1124-] قلت: رجل قال لامرأته: إن ولدت جارية فأنت طالق، وإن ولدت غلاماً فأنت طالق ثنتين. فولدت جارية ثم ولدت غلاماً؟
[قال1] : إذا ولدت الجارية قبلُ وقعت عليها تطليقة ولا يقع في الغلام شيء لأنها حين تلد الغلام تبين, فقد انقضت عدتها, ويخطبها إلى نفسها.
فإن ولدت الجارية فراجعها الرجل قبل أن يقع الغلام؟
قال: إذا فعل ذلك وقع عليها ثلاث، ولا تحل له حتى تنكح
__________
1 ما بين المعقوفين مزيد من ع.
والقائل هو سفيان الثوري، وقد ذكر كلام الثوري في هذه المسألة في: الإنصاف والقواعد الفقهية منسوباً إليه، كما ذكر فيهما إنكار الإمام أحمد على سفيان جوابه هذا، وقد نص على أن هذه رواية ابن منصور.
[] انظر: القواعد الفقهية لابن رجب: ص 273، والإنصاف 9/78-79.

(4/1747)


زوجاً غيره1.
قال أحمد: " هذا على نية الرجل, ولم ير المسألة كما قصصتها عليه2.
قال: هذا على نية الرجل, إنما أراد بذلك تطليقة." 3
__________
1 ما أجاب به الثوري من أنها تطلق بالأول وتبين بالثاني ولا تطلق به هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب, طلقت بالأول لتحقق الشرط ولم تطلق بالثاني لأن العدة انقضت بوضعه، فصادفها الطلاق حال كونها بائنا.
[] انظر: الإنصاف: 9/78-79, والمغني: 7/207, والكافي: 3/201, والمبدع: 7/342.
2 في ع بلفظ "كما قصصتها فقال" أي بحذف "عليه" وزيادة "الفاء".
3 أي طلاقاً مرة واحدة، ويوضحه نقل ابن رجب لرواية ابن منصور هذه في القواعد الفقهية، والمرداوي في الإنصاف: "أنه على ما نوى إنما أراد ولادة واحدة".
قال ابن رجب: وقول سفيان هو "الذي عليه أصحابنا".
ثم قال: والمنصوص أصح أن الحالف إنما حلف على حمل واحد وولادة واحدة، والغالب أنه لا يكون إلا ولداً واحداً، لكنه لما كان ذكراً مرة وأنثى أخرى نوع التعليق عليه, فإذا ولدت ذكراً وأنثى لم يقع به المعلق بهما جميعاً بل المعلق بأحدهما لأنه لم يقصد إلا إيقاع أحد الطلاقين، وإنما ردده لتردده في كون المولود ذكراً أو أنثى. وينبغي أن يقع أكثر الطلاقين إذا كان القصد تطليقاً بهذا الوضع، سواء كان ذكراً أو أنثى، لكنه أوقع بولادة أحدهما أكثر من الآخر فيقع به أكثر المعلقين, واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رواية الكوسج هذه.
[] انظر: الإنصاف: 9/79, والقواعد الفقهية: ص 273, والمغني: 7/205-206, والمحرر: 2/70, والمبدع: 7/212.

(4/1748)


قال إسحاق: كما قال.
[1125-] قلت: امرأة طلقت تطليقة فحاضت حيضة أو حيضتين فراجعها زوجها ثم طلقها قبل أن يدخل بها، تستأنف العدة؟
قال أحمد: نعم, تستأنف العدة.
قال إسحاق: كما قال1.
[1126-] قلت: يجوز شهادة رجل وامرأتين في الطلاق؟
قال: أحمد: لا والله.
قال إسحاق: يجوز2.
[1127-] قلت: قال سفيان في رجل طلق امرأته تطليقة [فولدت بعد 3
__________
1 سبق الكلام على هذه المسألة بالتفصيل، وذكر الروايات عن الإمام أحمد فيها، وتقرير قول الإمام إسحاق فيها في المسألة رقم: 1077.
2 سبقت هذه المسألة تحت رقم: (1102) وفصلنا القول فيها عند الحنابلة وذكر رأي الإمام إسحاق بها.
[] راجع أيضاً المغني: 9/149-150.
3 هكذا في المخطوطتين "فولدت بعد سنتين"، وفي العبارة الآتية "فولدت قبل سنتين"، والذي يتفق مع السياق ومذهب الثوري في أن أكثر مدة الحمل سنتان هو عكس ذلك فتكون العبارة "فولدت قبل سنتين هي امرأته", فلم تبن قبل الولادة لعدم انقضاء العدة وتكون العبارة التالية: فإن ولدت بعد سنتين فهي أملك بنفسها, لأن الولد لا يمكن أن يأتي منه لوقوع ذلك بعد مضي أكثر مدة الحمل بعده وتكون العبارة التالية: "وإن جاءت قبل سنتين فالولد ولده" لأنها إن ولدته بعد سنتين - التي هي أكثر مدة الحمل عند سفيان - علم أنها حملت به بعد زوال النكاح والبينونة منه فلا يكون ولده.
راجع عن المسألة المغني: 7/477, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/287.

(4/1749)


سنتين] هي امرأته لأنه لم يكن ذلك إلا من جماع [فإن ولدت قبل سنتين] فهي أملك بنفسها، وإن جاءت بعد سنتين فالولد ولده وبانت منه.
قال أحمد: إن جاءت بولد بعد سنتين فالولد ولده وبانت منه1.
__________
1 بناء على ظاهر المذهب بأن أكثر مدة الحمل أربع سنين, فالولد ولده لإمكان أن يكون منه وتنقضي به العدة.
قال في المغني: 7/478: "أن المرأة إذا ولدت لأربع سنين فما دون من يوم موت الزوج أو طلاقه ولم تكن تزوجت ولا وطئت ولا انقضت عدتها بالقروء ولا بوضع الحمل فإن الولد لحق بالزوج وعدتها منقضية به".
وانظر أيضاً: المبدع: 8/98, وانظر أيضاً بالتفصيل عن أقل وأكثر مدة الحمل المسألة رقم: (930، 931) .

(4/1750)


قال إسحاق: كما قال1.
[1128-] قلت: قال سفيان في رجل تزوج امرأة ولها ابن من غيره فيموت ابنها، إن جاءت بالولد دون ستة أشهر [من يوم مات ابنها ورّثناه، وإن جاءت بالولد بعد ستة أشهر] 2 لم نورّثه إلا ببينة.
قال أحمد: يكف عن امرأته، فإن لم يكف فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر فلا أدري هو أخوه أم لا3؟
قال إسحاق: إذا كان لستة أشهر فهو كما قال سفيان4.
__________
1 سبق أن أكثر مدة الحمل أربع سنين عند الإمام إسحاق، كالمشهور من مذهب الإمام أحمد, انظر: المسألة رقم: (932) .
2 ما بين المعقوفين أثبته من ع لأنه به يكمل الكلام.
وقد نقل عبارة الإمام سفيان هذه ابن المنذر في الإشراف: 4/323.
3 انظر: عن نص هذه المسألة والتصريح بأنها رواية الكوسج: القواعد الفقهية لابن رجب: [179-180.
] قال ابن رجب إثر ذلك: "وظاهر هذا أنه إن كف عن الوطء ورث الولد، وإن لم يكف: فإن جاءت بالولد بعد الوطء لدون ستة أشهر ورث أيضاً وكان كمن لم يطأ، وإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً فظاهر كلام أحمد الذي ذكرناه أنه لا يرث".
4 للعلم بوجوده حال الموت, لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر.
وانظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/323.

(4/1751)


[1129-] قلت: قال سفيان في رجل دخل بامرأته, كانت عنده سنتين فلم يصل إليها أي يجامعها، ثم طلقها تطليقة، أترى له عليها رجعة أو ميراثاً؟
قال: لا1.
قال أحمد: له عليها رجعة وبينهما الميراث، وعليها العدة إذا أغلق الباب وأرخى الستر، فقد وجب بينهما ما يجب بالدخول2.
__________
1 لأن غير المدخول بها تبين بطلقة واحدة حيث لا عدة عليها، وهذا يدل على أن سفيان ممن يعتبر الدخول بالوطء، ولكن نسب إليه ابن المنذر أنه يعتبر إرخاء الستر أو إغلاق الباب أو الخلوة دخولاً في وجوب كامل الصداق, كما نسب إليه ذلك ابن قدامة في إيجاب العدة.
[] الإشراف: 4/64-65, والمغني: 7/451.
2 هذا المذهب مطلقاً سواء كان المانع شرعياً كإحرام وحيض أو حسياً كمرض، وعليه جماهير الأصحاب, وعن الإمام أنه لا عدة مع وجود مانع شرعي. وعنه لا عدة بدون وطء مطلقاً.
ويؤيد ما عليه المذهب ما روي عن زرارة بن أوفى قال: "قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق باباً أو أرخى ستراً فقد وجب المهر ووجبت العدة".
المغني: 6/724, والقواعد الفقهية لابن رجب: 330.
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (966) .
وانظر أيضاً: الإنصاف 8/283 و 9/270.
ملاحظة: لم يوجد في المخطوطتين رأي الإمام إسحاق.
ورأيه في المسألة اعتبار إرخاء الستر وإغلاق الباب دخولاً إلا أن يكون هناك مانع شرعي، كما سبق ذلك في المسألة رقم: 966.
وانظر: عن رأيه المغني: 6/724, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/65.
وتأتي مسألة مشابهة لهذه المسألة برقم: (1157) وفيها رأي إسحاق.

(4/1752)


[1130-] قلت: قال سفيان: لا يرون بأساً أن يطلقها وهي حائض قبل أن يدخل بها [فإنه لا عدّة له عليها1.
قال: ما يعجبني] .2
قال إسحاق: إن فعل وهي حائض قبل أن يدخل بها [ع-55/
__________
1 ما بين القوسين ساقط من ظ، وأكملته من ع.
وقول سفيان هذا وافقه عليه إسحاق، وهو مذهب أحمد كما يأتي, وكما في المغني: 7/109.
2 ذكر نص رواية ابن منصور هذه في الإنصاف والمبدع وحاشية المقنع، ومذهب الإمام أحمد في المسألة موافق لما ذهب إليه الإمامان الثوري وإسحاق من أنه لا سنة ولا بدعة لطلاق غير المدخول بها من جهة الوقت، حكمها في ذلك حكم الصغيرة والآيسة والحامل التي استبان حملها, لأنه لا عدة يخاف عليهن بتطويلها, فلا عدة على غير المدخول بها. وعدة الآيسة والصغيرة بالأشهر, فأما الحامل فبوضع الحمل, ولذلك جاز طلاق غير المدخول بها وهي حائض.
راجع: المحرر: 2/51, والمقنع بحاشيته: 3/140, والإنصاف: 8/456, والمبدع: 7/263, [] [] والفروع: 5/374, وهداية الراغب: 481, وطرح التثريب: 7/85-86.

(4/1753)


ب] [فليس هذا مثل ما رواه ابن عمر1 -رضي الله عنهما-، هو نحو ما قال2 سفيان] [ظ-32/أ] .3
[1131-] قلت4: رجل طلق امرأته وهو مريض قبل أن يدخل بها، لا
__________
1 الذي رواه ابن عمر هو حديثه في أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال له: "مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس, فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء."
أخرجه أحمد في المسند: 2/7, 54, 63, 64, 102, 124.
[] والبخاري 6/163, ومسلم 2/1093, وأبو داود 2/632, والنسائي 6/139، والبيهقي [7/323-324.
] والفرق بين هذه المسألة وما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- كما أشار إليه الإمام إسحاق هو أن امرأة ابن عمر -رضي الله عنهما- كانت مدخولاً بها فلها طلاق سنة وبدعة, ومسألتنا هذه في غير المدخول بها فليس لها طلاق بدعة وسنة من جهة الوقت بإجماع العلماء، كما قال ابن عبد البر، حكاه عنه في المغني وطرح التثريب, ومن ثم حرم طلاق حائض مدخول بها لأنه طلاق بدعة, وجاز طلاق حائض غير مدخول بها لأنه لا يوصف بالسنية والبدعية من جهة الوقت.
راجع المغني: 7/159, وطرح التثريب: 7/86, والنووي على مسلم: 10/62.
2 نهاية اللوحة رقم: 61 من ظ.
3 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، أكملته من ع.
4 بداية اللوحة رقم: 62 من ظ.

(4/1754)


ميراث بينهما؟
قال أحمد: يتوارثان، ولها الصداق كاملاً، وعليها العدة، إنما هذا فرار.
قال إسحاق: كما قال. 1
[1132-] قلت: قال سفيان: للمملوكة2 واليهودية والنصرانية متعة3 من الحر إذا طلقن؟
قال أحمد: لكل مطلقة متاع إذا كان غير مدخول بها, إن4 لم يكن فرض لها.5
__________
1 سبقت هذه المسألة برقم: (968، 969) .
2 نقل القرطبي عن الإمام الثوري في الأمة ما يخالف ما ذكر عنه هنا حيث قال: "وقال الأوزاعي والثوري: لا متعة لها، لأنها تكون لسيدها وهو لا يستحق مالاً في مقابل تأذي مملوكته لأن الله سبحانه إنما شرع المتعة للمطلقة قبل الدخول، والفرض لكونها تتأذى بالطلاق قبل ذلك. وكذلك نقل عنه الشوكاني مثل ما نقل القرطبي. الجامع لأحكام القرآن: 3/201, فتح القدير: 1/253.
3 في ع بحذف "متعة".
4 في ع بحذف "إن".
5 إذا عقد الرجل على المرأة ولم يسمِ لها مهراً وطلقها قبل الدخول كان لها عليه المتعة لقوله تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} البقرة, آية 236.
والضمير في طلقتموهن يدخل تحته كل امرأة جاز العقد عليها، سواء كانت مسلمة أو ذمية، حرة كانت أو أمة، لعموم الآية.
ولأن ما يجب من العوض يستوي فيه المسلم والكافر والحر والعبد، فلا يخصص مسلمة دون ذمية.
[] راجع المغني: 6/115-116, وجامع البيان للطبري: 2/536-537, وفتح القدير للشوكاني: 1/253,252.

(4/1755)


قال إسحاق: كما قال1 أحمد.
[1133-] قلت: رجل جعل أمر امرأته بيد رجل ولا يدري ما قضى فيها، هل له أن يجامعها حتى يعلم ما قضى فيها؟
قال: نعم.
قال: أحمد: لا يجامعها حتى يعلم ما قضى فيها2.
__________
1 انظر: عن قول إسحاق الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 3/200, فتح القدير للشوكاني: 1/252.
2 أورد المسألة ابن رجب في القواعد الفقهية تحت كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية قال: "تأملت نصوص أحمد فوجدته يأمر باعتزال الرجل امرأته في كل يمين حلف الرجل عليها بالطلاق وهو لا يدري أهو بار فيها أم لا حتى يستيقن أنه بار." قال: "وحاصله أنه متى علق الطلاق بشرط وأمكن وجوده، فإنه يعتزل امرأته حتى يعلم انتفاءه", ثم أورد نصوصاً عن الإمام أحمد تدل على ذلك، ومن بينها نحو مسألتنا هذه.
انظر: القواعد الفقهية لابن رجب: ص 357.

(4/1756)


قال إسحاق: كما قال.
[1134-] قلت1: اختاري وأمرك بيدك سواء؟
قال أحمد: لا، إذا قال: أمرك بيدك، فالقضاء ما قضت, وإذا قال لها: اختاري، فاختارت نفسها، فهي واحدة تملك الرجعة2.
قال إسحاق: هما سواء إذا نوى بأمرك بيدك ما نوى في التخيير، وإذا لم ينو شيئاً لم يكن, إذا قال: خيرتك أن تأكلي شيئاً.
__________
1 في ع زيادة "قال".
2 سبق الكلام أن للمرأة أن تطلق نفسها إذا جعل زوجها أمرها بيدها في المسألة: (1059) ، وسبق هنالك التفصيل بين قولي الإمامين ويفترق التمليك والتخيير أيضاً في الوقت الذي للمرأة التصرف فيه, فمن جعل أمر امرأته بيدها كان لها ذلك ما لم يفسخ أو يطأ، فأما إن خيّرها لم يكن لها أن تطلق نفسها إلا ما دامت في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه.
وسبق ذلك أيضاً في المسألة رقم: (971) .

(4/1757)


[1135-] قلت: رجل جعلت له امرأته ألف درهم على أن يخيّرها فاختارت الزوج، أيرد1 عليها الألف؟
قال أحمد: لا يرد عليها شيئاً، قد وجب2 له الذي جعلت له ولو أنها طلقت نفسها كانت على ما طلقت نفسها وتكلمت به.3
قال إسحاق: كما قال.
[1136-] قلت4: قال سفيان رجل قال لامرأته: اختاري أو اذهبي أو5 أمرك بيدك أو الحقي أو أخرجي, نيته؟
يسأل إن نوى طلاقا فهو طلاق وإن لم ينو طلاقا فليس
__________
1 في ع بلفظ "يرد عليها".
2 في ع بحذف "له".
3 جاز ذلك لأن تخييرها توكيل منه إياها على طلاقها، والتوكيل لا يبطل بدخول العوض فيه. ونقل في المغني عن الإمام أحمد قال: "إذا قالت امرأته: اجعل أمري بيدي وأعطيك عبدي هذا, قبض العبد وجعل أمرها بيدها، فلها أن تختار ما لم يطأها أو ينقضه". ونقل نحو ذلك في المبدع.
[] انظر: المغني: 7/153-154, المبدع: 7/286.
4 في ع بحذف "قال سفيان".
5 في ع بلفظ "اذهبي وأمرك بيدك".

(4/1758)


بشيء1.
قال أحمد: أخاف أن يكون كل واحد من هذا2 ثلاثا إذا كان على وجه الغلظة مثل قوله: خلية بارية بائنة. 3
قال إسحاق: كما قال سفيان على ما نوى لأنه كلام يشبه الطلاق, وكل كلام يشبه
__________
1 مذهب الثوري -رحمه الله- في الكنايات كمذهب الإمام إسحاق في أن كنايات الطلاق كلها، سواء كانت ظاهرة أو خفية، إذا أريد بها الطلاق تكون على ما نوى: واحدة أو ثنتين أو ثلاثاً.
[] انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/166-170.
2 في ع بحذف "هذا".
3 تكررت لفظة "أخاف" عن الإمام أحمد مراراً في هذه المسائل, وسبق التعليق على ذلك وتوضيحه بكلام أئمة الحنابلة في المسألة رقم: (947، 973) .
وسبق الكلام فيما يقع بالكنايات الظاهرة إن أريد بها الطلاق أيكون ثلاثاً أو ما نوى، في المسألة رقم: (973) , وقوله: "اخرجي واذهبي" من الكنايات الخفية، وكذا "الحقي بأهلك"، على الصحيح من المذهب. ويقع بالخفية عند الإمام أحمد ما نواه كقول إسحاق.
انظر: الإنصاف: 8/484.
و"أمرك بيدك" من الكنايات الظاهرة.
انظر: المغني: 7/130, والإنصاف: 8/491.
وأما قوله "اختاري" بدون تكرار، لها حكم الكناية الخفية، كما هو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب, وعدها في المغني من الكنايات الخفية.
انظر: عن ذلك المبدع: 7/286, الإنصاف: 8/492, المغني: 7/132.

(4/1759)


الطلاق أريد به الطلاق فهو على ما نوى1.
[1137-] [ع-56/أ] قلت: رجل جعل أمر امرأته بيد رجلين، فطلق أحدهما ثلاثاً والآخر مرة، لا2 يجوز لهما؟
قال أحمد: اجتمعا على واحدة. 3
قال إسحاق: كما قال4.
__________
1 فيستوي عنده الكنايات الظاهرة والخفية كما علل هنا، وسبق قوله في ذلك في عدة مسائل منها المسألة رقم: (973) .
2 في ع "ولا يجوز لهما"، وهذه عبارة الثوري كما نقل عنه ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/183.
ويعنى بذلك والله أعلم: لا يجوز لهما بمعنى لا يترتب على طلاقهما شيء حيث اختلفا، ويوضحه قول ابن قدامة: "وقال الثوري لا يقع شيء." المغني: 7/146.
وقد يكون الكوسج ينقل قول سفيان كعادته للإمام أحمد بأن الإمام سفيان يقول فيمن جعل أمر امرأته بيد رجلين فطلق أحدهما ثلاثاً والآخر مرة، لا يجوز لهما.
3 أي اجتمع طلاقهما على واحدة, قال ابن قدامة في كتابه المغني رداً على رأي الثوري السابق: "ولنا أنهما طلقا جميعاً واحدة مأذوناً فيها فصح (كما) لو جعل إليهما واحدة." المغني: 7/146.
وانظر أيضاً: المبدع: 7/258. الإنصاف: 8/445.
4 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 7/146, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/183.

(4/1760)


[1138-] قلت: قال سفيان1: في الحرام على ثلاثة وجوه: إن نوى طلاقاً فهو طلاق، وإن نوى يميناً فهو يمين، وإن لم ينو طلاقاً ولا يميناً فهي كذبة. 2
قال: هذا قول أبي حنيفة،3 كفارة في هذا كله, كفارة الظهار4.
قال إسحاق: الحرام إذا لم ينو يميناً فهو على تحريمها، فإن نوى طلاقا ثلاثاً أو أقل فهو كما نوى5.
[1139-] قلت: قال سفيان في رجل قال لامرأته: أنت مني برية ونوى
__________
1 في ع بلفظ "قال سفيان يقول في الحرام".
2 انظر: عن نص كلام الإمام سفيان الثوري هذا: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/172, مصنف عبد الرزاق: 6/401.
3 قال ابن المنذر إثر كلام الثوري السابق: وبه قال أصحاب الرأي.
[] وانظر أيضاً عن رأي أبي حنيفة: فتح القدير لابن الهمام: 4/253-254، والهداية شرح بداية المبتدي: 4/254.
4 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: (955) , وعندها أجاب الإمام أحمد أن عليه كفارة ظهار, وسبقت الروايات عنه في هذه المسألة هنالك.
5 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/172, فتح الباري: 9/372, وسبق عنه في المسألة رقم: (955) "وإن لم تكن له نية فأدناه يمين".

(4/1761)


ثنتين، لا يكون إلا واحدة أو ثلاثاً1.
قال أحمد: أخاف أن تكون ثلاثا2.
قال3 إسحاق: هو على ما نوى، إن نوى واحدة فواحدة بائنة، أو ثنتين فكذلك.
[1140-] قلت: يكره للمرأة أن تحج في عدتها من طلاق؟
قال: لا بأس به4.
__________
1 مذهب الإمام سفيان الثوري أن من قال: برية، أو نحو ذلك ونوى واحدة وقعت، وإن نوى ثلاثاً وقعت، وإن نوى ثنتين وقعت واحدة.
[] انظر: عن قوله هذا: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/167-168.
وبه قال الحنفية وعللوه بأن قوله ذلك اسم للذات, والذات واحدة فلا تحتمل العدد، وإنما احتمل الثلاث لأنه لفظ البينونة, وقالوا: بأنه يقع بذلك إما بينونة غليظة أو بينونة خفيفة، فلا يكون هناك قسم ثالث، ولا يفترق الحاصل بالواحدة والثنتين لأن أثرهما في البينونة والحرمة سواء, لأنه تحل المرأة في كل واحدة منهما بنكاح جديد من دون زوج آخر.
[] راجع بدائع الصنائع: 4/1773, 4/ 1801- 1803.
2 مضى ذلك عن الإمامين أحمد وإسحاق مراراً, انظر: المسائل رقم: (973، 974، 1136) .
3 في ع بلفظ "قال: هو على ما نوى واحدة فواحدة بائنة أو اثنتين وكذلك".
4 إذا كان الطلاق بائنا بخلاف المعتدة من الوفاة، لأن لزوم المنزل والمبيت فيه واجب عليها، بخلاف الطلاق البائن وبخلاف الرجعية، فإن الرجعية زوجة.
[] انظر: المغني: 3/240-241, والمغني والشرح الكبير: 3/195.

(4/1762)


قال إسحاق: كما قال إذا كانت مبتوتة1.
[1141-] قلت: قال سفيان: إذا طلقها ثلاثاً وهو مريض ثم برأ ثم مات فإنها ترثه, وإن ماتت لم يرثها صح أو لم يصح 2؟
قال: نعم هو كما قال3.
__________
1 ومثلها عبارة ابن قدامة في المغني أيضاً قال: "ولها أن تخرج إليه في عدة الطلاق المبتوت" أي البائن الذي لا رجعة فيه. المغني: 3/240.
وانظر: عن قولي الإمامين أحمد وإسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/272, الأوسط لابن المنذر لوحة رقم: 300.
2 انظر: عن قول الإمام الثوري في المغني: 6/331, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/188.
3 سبق في مسألتي (968، 969) حكم الطلاق في مرض الموت, وهنا فيما إذا لم يمت، بل صحّ ثم مات.
وأجاب الأئمة الثلاثة هنا بأن الحكم لا يختلف أيضاً فترثه، وعلله في المغني بنحو ما علل به الإمام إسحاق هنا، وذكر أيضاً أن قول الجمهور أنها لا ترثه لأن هذه بائن بطلاق في غير مرض الموت، فلا ترثه كالمطلقة في الصحة. وأجاب بذلك الإمام أحمد في المسألة رقم: (1218) .
وانظر: المغني: 6/331.

(4/1763)


قال إسحاق: كما قال، لأنه فار وليست بفارة1.
[1142-] قلت: وإذا طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو مريض ثم صح في العدة فطلقها الثالثة، لم يتوارثا2.
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.
[1143-] قلت: كما لو طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو صحيح، ثم مرض فطلقها الثالثة، ثم مات في العدة ورثته؟
قال: نعم، هذا ترثه بعد العدة3.
قال إسحاق: كما قال.
[1144-] قلت: رجل له أربع نسوة فطلق واحدة منهن ثلاثاً، وواحدة ثنتين، وواحدة واحدة، فمات [على ذلك، و4 لا يدرى]
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/188.
2 لانتفاء علة الحكم وهي تهمة حرمانها من الميراث، حيث طلقها الطلقة التي أبانتها في حالة الصحة.
المغني: 6/331, والمبدع: 6/241.
3 لإمكان قيام التهمة في حقه. راجع المسألة رقم: (968، 969) .
4 هذا ساقط من ظ، وأكملته من ع.

(4/1764)


أيتهن التي طلق ثلاثاً أو التي طلق ثنتين أو التي طلق واحدة؟
قال: يرثن [ظ-32/ب] كلهن.
قال أحمد: يقرع بينهن، فالتي أبانها بالطلاق تخرج فلا ميراث لها1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1145-] قلت3: النصرانية تسلم وهي تحت نصراني؟
قال: يفرق بينهما.
[1146-] قلت: إذا أسلم زوجها وهي في العدة؟
قال: فهو أحق بها4.
__________
1 نقل ابن قدامة رواية ابن منصور هذه قائلا: وقال أحمد في رواية ابن منصور في رجل له أربع نسوة طلق واحدة منهن ثلاثاً، وواحدة اثنتين، وواحدة واحدة، يقرع بينهن، فالتي أبانها تخرج ولا ميراث لها. هذا فيما إذا مات في عدتهن وكان طلاقه في صحته فإنه لا يحرم الميراث إلا المطلقة ثلاثاً. انظر: المغني: 7/258.
2 نهاية اللوحة رقم: 110 من ع.
3 من بداية هذه المسألة إلى نهاية المسألة رقم: (1151) موجودة في النصف الأول من لوحة رقم: 102 إلى النصف الأول من لوحة رقم: 103 من ع.
4 إذا أسلم الزوجان معاً فهما على نكاحهما، سواء كانا كتابيين أو مجوسيين، وكذا إن أسلم زوج الكتابية. وإذا أسلمت الكتابية قبل زوجها أو أحد الزوجين المجوسيين قبل الدخول انفسخ النكاح. ويحمل قول الإمام أحمد هنا "يفرق بينهما" على ذلك. وإن أسلم أحد المجوسيين أو الكتابيين بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة، فإن أسلم الآخر قبل انقضائها فهي المسألة التي فصل فيها الإمام إسحاق هنا, واختلفت الروايات عن الإمام أحمد، والمذهب والذي عليه جماهير الأصحاب ويؤدي إليه قول الإمام أحمد هنا فهو أحق بها, أي ما دامت في العدة.
وعنه رواية أن الفرقة تتعجل بإسلام أحدهما كما قبل الدخول.
وعنه رواية ثالثة: التوقف في حكم النكاح حالة إسلام الكتابية وفسخ النكاح في حالة إسلام أحد المجوسيين بعد الدخول.
وعنه رواية رابعة: وهي التوقف في كليهما.
انظر: المغني: 6/614, والإنصاف: 8/210, والمبدع: 7/117, وأحكام أهل الملل للإمام أحمد، لوحة 85, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين لوحة رقم: 101.

(4/1765)


قال إسحاق: كما قال1 أحمد, وأما المجوسية إذا أسلمت ولم يسلم المجوسي فتزوجها مسلم بأمر وليها يجوز ذلك, ولم يفرّق بينهما حاكم, فإن كان ذلك في العدّة فنكاحها باطل, فإن انقضت العدّة ولم يسلم المجوسي فقد انقضى ما بينهما2، فمن شاء تزوجها نكاحاً صحيحاً بولي وشهود، فإن كان الزوج غائبا فلم يعلم بإسلامها تربص حتى يعلم ذلك لأنه ربما أسلم
__________
1 في ع بحذف "أحمد".
2 في ع بلفظ "فإن شاء تزوجها".

(4/1766)


طمعاً فيها, فإن كان ذلك وهي في العدّة فهما على نكاحهما لا يحتاجان إلى تجديد نكاح1.
قال2 إسحاق: وأما المجوسي الذي تزوج بمجوسية وكانت عنده خمسة أشهر فأسلمت، ثم تزوجها مسلم3 فولدت ولداً لتمام تسعة أشهر من يوم بنى بها المجوسي, فادعى المجوسي أن الولد ولده وادعى المسلم ذلك, فإن الولد ولد المجوسي, وهو مسلم لإسلام أمه، وذلك أنه يعلم أن المرأة لا تلد لأربعة أشهر, فإنما مكثت عند المسلم أربعة أشهر4, فدعواه باطل ودعوى المجوسي أولى لما استيقنا أن الحبل كان وهي في ملكه, وقد صيرناه مسلماً لحال أمه والولد أبداً بين الزوجين يلحق بالمسلم، مضت السنة في ذلك من عمر5 بن الخطاب رضي الله عنه
__________
1 ومثل المجوسية في كل ذلك النصرانية، كما سبق بيانه في التعليق السابق، وذلك فيما إذا أسلمتا بعد الدخول كما سبق.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/208, 210, المغني: 6/616, معالم السنن للخطابي: 4/672, واختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي, لوحة 27, 28.
2 في ع بحذف "إسحاق".
3 بحيث حصل خطأ ولم يعلم حبلها.
4 لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر، راجع المسألة رقم: (930) .
5 أخرج عبد الرزاق بسنده عن عمر بن الخطاب في مصنفه: 6/30 في نصرانيين بينهما ولد فأسلم أحدهما, قال: "أولاهما به المسلم."

(4/1767)


وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وكذلك ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة رافع1 بن سنان رضي الله عنه حيث أسلم وأبت امرأته أن تسلم.
__________
1 رافع بن سنان الأنصاري الأوسي، أبو الحكم، جد عبد الحميد بن جعفر. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم, وروى عنه ابن ابنه جعفر والد عبد الحميد بن جعفر, وفي إسناد حديثه اختلاف مذكور في ترجمة عبد الحميد بن سلمة.
انظر عن ترجمته: الإصابة: 1/484, وتهذيب التهذيب: 3/231, والاستيعاب: 1/486, وتقريب التهذيب: 91.
وقصته المذكورة: أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم, فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "ابنتي وهي فطيم، أو شبهه", وقال رافع: ابنتي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اقعد ناحية." وقال لها: "اقعدي ناحية", قال: "وأقعد الصبية بينهما, ثم قال: "ادعواها." فمالت الصبية إلى أمها, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهدها." فمالت الصبية إلى أبيها فأخذها."
رواه أبو داود في سننه، باب إذا أسلم أحد الأبوين مع من يكون الولد: 2/769, والنسائي: 6/185, والحاكم: 2/206, وسعيد بن منصور: 2/140.
والحديث قال عنه ابن قدامة في المغني: 7/613 "فأما الحديث فقد روي على غير هذا الوجه ولا يثبته أهل النقل, وفي إسناده مقال".
وقال عنه الحافظ في التلخيص: 4/11 "في إسناده اختلاف كثير وألفاظ مختلفة".
ويؤخذ من الحديث إن صح تخيير الصبي المميز بين أبويه اللذين أحدهما غير مسلم، وأن الأحب للرسول صلى الله عليه وسلم اختيار المسلم منهما، وهو الرأي المقابل لما ذهب إليه الإمام إسحاق هنا.
ورد على هذا الاستدلال ابن المنذر فقال: "ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنها تختار أباها بدعوته فكان ذلك خاصاً في حقه." نقله عنه ابن قدامة في المغني: 7/613.
وذكر نحو ذلك أيضاً ابن القيم في زاد المعاد: 5/460.
[] وانظر أيضاً المغني: 9/137-0138 والأوسط لوحة رقم: 244.

(4/1768)


[1147-] قلت: إذا كانت المرأة تحيض في الأشهر مرة؟
[قال] 1: فعدّتها بالحيض2.
قال إسحاق: كما قال3.
[1148-] قلت: صيام العبد في التظاهر؟
قال: يصوم شهرين4.
قال إسحاق: أجاد [فما شأن] 5 الإيلاء؟ [ع-52/ب]
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، فأثبته من ع.
2 لعموم قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء} البقرة آية: 228.
وحكى إجماع العلماء على ذلك ابن المنذر.
[] انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/280, المغني: 7/467-468, الإنصاف: 9/284.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق المغني: 7/468, الإشراف: 4/285.
4 بالإجماع. انظر: الإنصاف: 9/223, المبدع: 8/60, المغني: 7/380.
5 هكذا العبارة في المخطوطتين.
ومذهب الإمام إسحاق في مدة إيلاء العبد مخالف لمذهبه في مدة صيام العبد في الظهار، فإنه يجعل مدة إيلائه النصف من إيلاء الحر، بخلاف الظهار فإنه جعله كالحر.
انظر: عن مذهبه في إيلاء العبد: المسألة رقم: (926) ، ولعل هذه العبارة "فما شأن الإيلاء" تعليق من إسحاق الكوسج على كلام إسحاق بن راهوية حيث فرق بين صيام العبد في التظاهر ومدة إيلائه.
وانظر قول الإمام إسحاق في ظهار العبد في: المغني: 7/380, والإشراف: 4/250.

(4/1769)


[1149-] قلت: حديث طاووس1 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة تردّ إلى واحدة؟
قال: كل أصحاب ابن عباس رووا خلاف ما قال طاووس2.
__________
1 الحديث أخرجه مسلم في صحيحه: 2/1099 باب طلاق الثلاث، وأبو داود في سننه: 2/649 باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، وأحمد: 1/314, والحاكم في المستدرك: 2/196.
ولفظ الحديث كما في مسلم: "أخبرنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر, طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة, فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم".
والحديث من طريق طاووس هذه يدل على أن طلاق الثلاث بكلمة واحدة يقع به واحدة، ولم يذهب إليه الإمامان أحمد وإسحاق هنا، بل ذهبا إلى أن الثلاث تقع, وهو قول جماهير العلماء من الصحابة والتابعين وقول الأئمة الأربعة.
2 وأجاب عن الحديث كل من أحمد وإسحاق بجواب، فأجاب عنه الإمام أحمد بأن طاووس وإن كان ثقة فقد خالف الثقات، بمعنى أن الحديث شاذ فإنه ينطبق عليه تعريف الشاذ عند أئمة الحديث كما في تدريب الراوي: 1/222.
وأجاب الإمام إسحاق عن الحديث بأن جعل الثلاث واحدة في غير المدخول بها فإنها تبين بواحدة, ويأتي تفصيل ذلك ضمن كلامه في المسألة.
[] انظر: المغني: 7/104، والإنصاف 8/453، وشرح السنة للبغوي: 9/ 209-212، والمدونة: 2/66, ومغنى المحتاج: 3/311, وفتح القدير لابن الهمام: 3/468.

(4/1770)


وروى سعيد بن جبير, ومجاهد1 ونافع عن ابن عباس خلاف ذلك.
قوله2: سئل: إني3 طلقت امرأتي كذا وكذا.
__________
1 فمن رواية مجاهد عنه قال: "كنت عند ابن عباس, فجاءه رجل فقال إنه طلق امرأته ثلاثاً, قال: فسكت حتى ظننت أنه ردها إليه, ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة ثم يقول: يا ابن عباس، يا ابن عباس، وإن الله تعالى قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} - آية 2 سورة الطلاق- وإنك لم تتق الله فلم أجد لك مخرجاً, عصيت ربك, وبانت منك امرأتك, وإن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُن} في قبل عدتهن".
وذكر أبو داود في سننه أنه روى نحو ذلك عن ابن عباس سعيد بن جبير وعطاء ومالك بن الحارث وعمرو بن دينار، قال: كلهم قالوا في الطلاق الثلاث: إنه أجازها, قال: "وبانت منك." سنن أبي داود: 2/647.
2 في ع بلفظ "قوله أي سئل أني طلقت امرأتي".
3 بعد أن ذكر الإمام أحمد أن كل أصحاب ابن عباس رووا خلاف ما قال طاووس عد أدلة على وقوع الثلاث, على سبيل الإيجاز والاختصار، فذكر من روى عن ابن عباس خلاف ذلك وأشار إلى حديث آخر بهذه العبارة: سئل: إني طلقت امرأتي كذا وكذا.
والظاهر أنه يعني بذلك حديث ركانة عن جده, قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني طلقت امرأتي البتة، فقال: ما أردت بها؟ فقلت: "واحدة, قال: والله. قلت: والله. قال: فهو ما أردت." فدل الحديث على أنه إن أراد الثلاث وقعت.
والحديث أخرجه الترمذي: 3/480 باب ما جاء في الرجل يطلق امرأته البتة وقال: هذا الحديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وأبو داود في سننه: 2/657 في البتة.
وابن ماجه: 1/661 باب البتة.

(4/1771)


وفاطمة1 بنت قيس طلقت ثلاثاً على ما روى2 الشعبي.
وما روى ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يطلق امرأته ثلاثاً.
قال3: حتى تذوق4 من
__________
1 فاطمة بنت قيس سبقت ترجمتها في المسألة رقم: (962) .
2 الحديث عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثاً, فلم يجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم نفقه ولا سكنى, الحديث سبق تخريجه في المسألة رقم: (962) .
3 في ع بلفظ "فقال حتى تذوق من عسيلته".
4 الحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل تكون له المرأة ثم يطلقها، ثم يتزوجها رجل فيطلقها قبل أن يدخل بها، فترجع إلى زوجها الأول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حتى تذوق العسيلة".
أخرجه أحمد عن ابن عمر بهذا اللفظ في المسند: 2/25, 62, 85.
وأخرجه أصحاب الكتب الستة عن عائشة. وقال الترمذي بعد رواية الحديث: وفي الباب عن ابن عمر وأنس والرميصاء أو الغميصاء وأبي هريرة.
تخريج الحديث: أخرجه البخاري، باب ما جاء في طلاق الثلاث: 6/165.
ومسلم: 2/1055، باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره.
[] وأبو داود: 2/731-732 باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها غيره.
والترمذي: 3/426 باب ما جاء فيمن يطلق امرأته ثلاثاً فتزوجها آخر فيطلقها قبل أن يدخل بها.
والنسائي: 6/148 باب إحلال المطلقة ثلاثاً.
وابن ماجه: 1/621 باب الرجل يطلق امرأته ثلاثاً فيتزوجها آخر فيطلقها قبل أن يدخل بها.
وأخرجه أحمد في المسند أيضا: 1/314, 6/43, 6/96.

(4/1772)


عسيلته1.
__________
1 عسيلة: تصغير عسلة، وهي كناية عن الجماع, شبه لذته بلذة العسل وحلاوته, فاستعار لها ذوقاً, وإنما أنث لأنه أراد قطعة من العسل، وهذه استعارة لطيفة شبهت لذة المجامعة بحلاوة العسل، أو سمي الجماع عسلا, لأن العرب تسمي كل ما تستحليه عسلاً, وقال ابن حجر في هدي الساري: "والتصغير للتقليل إشارة إلى أن القليل منه يجزئ."
وقال أيضا: "وليس المراد بعض المني لأن الإنزال لا يشترط."
راجع معالم السنن: 2/732, والنهاية في غريب الحديث: 3/237, طرح التثريب: 1/98, وهدي [] الساري: 156-157.

(4/1773)


[1150-] قلت لأحمد: فيه متعلق1.
قال: لا, لم يروه إلا طاووس.
قال إسحاق: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطلاق [لم يرو أحد من أصحابه عنه خلاف روايته] 2 إنما رووا عنه قوله ولم يفسروا أمدخولة أو3 غير مدخولة، فإذا وضعت رواية طاووس على غير المدخولة لم يكن خلافاً لروايته4.
وأما5 حديث فاطمة فليس فيه بيان أنه طلق ثلاثاً بكلمة، ولا
__________
1 سأل الكوسج الإمام أحمد هل يستدل برواية طاووس عن ابن عباس الدالة على جعل الثلاث واحدة, فأجاب: "بلا, لانفراد طاووس عن أصحاب ابن عباس في ذلك كما سبق تقريره في أول المسألة.
2 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ هي "لم يستقر واحد من أصحابه عنه خلاف روايته".
3 في ع "أم".
4 انظر: عن قول إسحاق هذا: اختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي، لوحة رقم: 24، والحاشية التي على زاد المعاد: 5/249.
5 في ع بلفظ "وإنما في حديث فاطمة فليس فيه بيان أنه طلق بكلمة، ولا في رواية ابن عمر -رضي الله عنهما- حتى تذوق العسيلة إن كان ثلاثاً".

(4/1774)


في رواية ابن عمر -رضي الله عنهما- حتى تذوق العسيلة، لأن الطلاق كان ثلاثاً، وإنما نضع حديث طاووس على غير المدخولة لما حكى عكرمة1 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- التمييز2
__________
1 عكرمة البربري: أبو عبد الله المدني، مولى ابن عباس, ولد سنة خمس وعشرين, أصله من البربر. كان لحصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس لما ولي البصرة لعلي. قال: "طلبت العلم أربعين سنة, كنت أفتي بالباب وابن عباس في الدار."
وقيل لسعيد بن جبير: تعلم أعلم منك؟ قال: "عكرمة, لم يكن في موالي ابن عباس أغزر من عكرمة, كان من أهل العلم." مات سنة خمس ومائة أو ست أو سبع بالمدينة.
انظر: عن ترجمته: تهذيب التهذيب: 7/263, وتذكرة الحفاظ: 1/95, وطبقات الحفاظ للسيوطي: ص 43.
2 ورد التمييز بين المدخولة وغير المدخولة عن طاووس أن رجلاً يقال له أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس, قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: بلى, كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر، فلما رأى الناس (قد) تتابعوا فيها قال: "أجيزوهن عليهم."
أخرجه أبو داود في سننه: 2/649, قال أبو داود وروى حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس: إذا قال: "أنت طالق ثلاثاً". بفم واحد فهي واحدة, ورواه إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة هذا قوله, لم يذكر ابن عباس وجعله قول عكرمة. سنن أبي داود: 2/647.

(4/1775)


بينهما, وما روى1 عمرو2 عن جابر وعطاء في غير المدخولة الثلاث واحدة.
[1151-] قلت: قوله [سبحانه و3 تعالى] {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ 4 مِنْ خِطْبَةِ
__________
1 انظر رواية عمرو المذكورة هنا في سنن أبي داود: 2/647.
وانظر: عن القول المنسوب لجابر بن زيد وعطاء في: معالم السنن: 2/648, والإشراف: [4/163-164.
] وقد تقدمت ترجمة جابر بن زيد، وكذلك عطاء في المسألة رقم: (968) .
2 هو عمرو بن دينار المكي أبو محمد الجمحي, أحد الأعلام. روى عن جابر وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس، وعنه شعبة, وابن عيينة وأيوب وحماد بن زيد, وأبو حنيفة, قال شعبة: "ما رأيت أحداً أثبت في الحديث من عمرو." وقال ابن أبي نجيح: "ما كان عندنا أفقه ولا أعلم من عمرو بن دينار, لا عطاء, ولا مجاهد, ولا طاووس." مات سنة عشرين ومائة, وهو ابن ثمانين سنة.
انظر: عن ترجمته: تهذيب التهذيب: 7/28, وتذكرة الحفاظ: 1/113, وشذرات الذهب: 1/171.
3 ما بين المعقوفين مزيد من ع.
4 آية 235 من سورة البقرة وأولها: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} التعريض ضد التصريح, وهو إفهام المعنى بالشيء المحتمل له ولغيره، وهو من عرض الشيء وهو جانبه, كأنه يحوم به على الشيء ولا يظهره, وقيل هو من قولك: عرضت الرجل أي أهديت إليه تحفة.
نقل القرطبي في تفسيره عن ابن عطية: "أجمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزويجها وتنبيه عليه لا يجوز. ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعية إجماعاً كالزوجة, وأما من كانت في عدة البينونة، فالصحيح جواز التعريض لخطبتها."
انظر: الجامع لأحكام القرآن: 3/188, وتفسير ابن كثير: 1/286, وفتح القدير للشوكاني: 1/250.
[] وانظر أيضاً عن أصل المسألة المبدع: 7/14, والمغني: 6/608-609, والإشراف على [] [] مذاهب العلماء: 4/29-30, والمجموع: 16/256-257.

(4/1776)


النِّسَاءِ} ما الذي رخص للرجل أن يقول؟
قال: يقول: إنك لجميلة، وإنك لنافقة1، وإنك إلى خير إن شاء الله [تعالى2، ونحوها3] , ولا يخطبها4.
__________
1 أي إنك غالية الثمن بمثابة السلعة التي تنفق, ومنه حديث عمر: من حظ المرء نفاق أيمه.
قال ابن الأثير: "أي من حظه وسعادته أن تخطب إليه نساؤه من بناته وأخواته, ولا يكسدن كساد السلع التي لا تنفق". النهاية في غريب الحديث: 5/99.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ع.
3 مثل: إنك لصالحة, إن الله لسائق إليك خيراً, إني فيك لراغب وإن حاجتي في النساء, وإن يقدر الله خيراً يكن.
الجامع لأحكام القرآن: 3/188, والمبدع: 7/14.
4 من بداية المسألة (1145) إلى نهاية هذه المسألة رقم: (1151) , المسائل في ع ليست بالترتيب الموجود في ظ، بل متقدمة عليها.

(4/1777)


قال إسحاق: كما قال.
[1152-] قلت: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة في عدّتها؟
فقال: الولد للأول.
[قيل: وإن كانت سنة؟ [ع-56/ب]
قال: وإن كانت سنة] 1.
قيل: وإن كانت سنتين؟
قال: وإن كانت سنتين2.3
قال أحمد: [نعم ما لم تقر بانقضاء العدة.
قال إسحاق: كما قال [ظ-33/أ] .
[1153-] قلت:] 4 إذا5 كانت المرأة عند الرجل فولدت له، فقالت: إني
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأكملته من ع.
2 لأن السنتين داخلة في أكثر مدة الحمل عند الأئمة الثلاثة سفيان وأحمد وإسحاق، والخلاف بينهم في أكثر من السنتين فأحمد في الظاهر من مذهبه أن أكثر مدة الحمل أربع سنين, وكذلك عند إسحاق، وسفيان عنده أكثر مدة الحمل سنتان.
راجع المسألة (966، 1127) ففيها تفصيل لمن تزوج امرأة في عدتها.
3 نهاية اللوحة رقم: 63 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 64 من ظ.
4 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
5 بداية اللوحة رقم: 111 من ع.

(4/1778)


أرضع ولدي, وقال هو: لا, فهو أحق بولده يسترضع له؟
قال أحمد: هي أحق بولدها، وإذا أبت فليس له أن يجبرها، وإن تعاسروا1 فينظر ما ترضع به فذلك لها, هذا في2 الطلاق.
قال إسحاق: هذا كما قال3 أحمد.
[1154-] قلت: قال سمعت سفيان قيل له: ما ترى في رجل قال لامرأته: أنت طالق ملء هذا البيت؟
__________
1 قال القرطبي في تفسيره: 18/169 في تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} الطلاق آية: 6، معناه: وإن تضايقتم وتشاكستم فليسترضع لولده غيرها, فيكون معنى عبارة الإمام أحمد هنا: وإن تشاكسوا واختلفوا في قدر ما يعطيها أجرة لرضاع ولده.

2 قال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/151: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الزوجين إذا افترقا ولهما طفل, أن الأم أحق به ما لم تنكح." والمذهب عند الإمام أحمد أنها أحق به وإن طلبت أجرة مثلها ووجد من يتبرع له بالرضاع.
[] انظر: الإنصاف: 9/405-406, والمغني: 7/627, والمبدع: 3/221.
3 انظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/151.

(4/1779)


قال: هي واحدة، وهو أحق بها.1
قيل له: فإن نوى ثلاثاً؟
قال: هي واحدة.
قال أحمد: إذا أراد الغلظة2 عليها في معنى يريد أن تبين منه فهي ثلاث3، فإذا قال:4 أنت طالق غليظة أو شديدة فهي واحدة 5، حتى يقول: أنت طالق البتة أو بائنة، فأخشى أن تكون ثلاثاً.
قال إسحاق: كلما قال شيئاً من ذلك فهو على إرادته، ويحلف
__________
1 الكوسج كعادته ينقل قولاً قيل لسفيان فأجاب فيه بهذا الجواب، ويعرض هذا السؤال مع إجابته على الإمام أحمد، ثم يعرضه على الإمام إسحاق.
وقول سفيان هذا فيمن قال لامرأته: أنت طالق مثل هذا البيت، نقله عنه عبد الرزاق في مصنفه: 6/374.
2 في ع بلفظ "إذا كان أراد الغلظة عليها".
3 أورد ابن قدامة رواية الإمام أحمد في المغني, وذكر ابن مفلح في المبدع نقل ابن منصور عن الإمام أحمد هذه الرواية.
[] راجع المغني: 7/265, والمبدع: 7/295, والإنصاف: 9/11-12.
4 في ع زيادة "لها" بعد قال.
5 راجع المراجع السابقة في التعليق على قول الإمام أحمد: (إذا أراد الغلظة عليها في معنى..) من هذه المسألة.

(4/1780)


على قوله ما نوى.1
[1155-] قلت: قال: رجل ظاهر من أمته؟ 2
قال: هو ظهار.3
قال أحمد: لا يكون ظهار إلا من زوجة.
قال إسحاق: كما قال.4
[1156-] قال أحمد: والخلية والبرية والبائنة والبتة وطلاق الحرج أخشى أن يكون ثلاثاً، وفي الحرام كفارة الظهار.
قال إسحاق: هو كما وصفنا أولاً على النيات.5
__________
1 سبق جواب الإمام إسحاق هذا في عدة مسائل. انظر: مثلاً المسألة رقم: (974، 1136) .
2 في نسخة ظ "امرأة"، والصواب ما أثبته من ع، لأن الأمة هي المقصودة هنا كما هو واضح.
3 القائل هو الإمام سفيان الثوري.
وقد سبق تقرير قوله في المسألة رقم: (1065) .
4 سبقت المسألة في المسألة رقم: (1065) ، وسبق الإشارة إلى أقوال الأئمة الثلاثة وإثباتها.
5 انفردت النسخة ع بنقل هذه المسألة, والألفاظ المذكورة عدا الحرام كناية ظاهرة في الطلاق، وسبق عن الإمامين الإجابة على ذلك والتعليق عليه مراراً.
انظر: المسألة رقم: (973، 974، 1136) .
وسبق قول الرجل لامرأته: أنت علي حرام في المسألة رقم: (1138) .

(4/1781)


[1159-] قلت:1 بل أنت طالق؟
قال: واحدة.
قال إسحاق: كما قال.
[1160-] قلت: قال سفيان أم الولد والمدبرة طلاقهما طلاق الأمة وعدتهما عدة الأمة في الوفاة والفرقة.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 في ع بلفظ "قلت: قال: بل أنت طالق لا بل وطالق؟ قال: هي واحدة, قال إسحاق: كما قال", ويعلل لما أثبته أن ذلك لا يقتضي إيقاع طلقة ولم تكن قبله طلقة يرد عنها الإضرار, وهو أقرب, لأنه بناء على التعليل الذي نقلت عن ابن مفلح آنفاً لا يرتفع الطلاق بعد وقوعه كما يقتضي قوله (وطالق) إيقاع الطلاق، فيقع بذلك طلقتان لا واحدة.
ومما يصوب ما في ظ أن جواب الإمامين أنها طلقة واحدة يناسبها، بخلاف ما في ع فإن فيه صيغتين.
2 المقصود من الوفاة إذا توفي عنها الزوج لا السيد, فإن الحكم يختلف حينئذ عن الأمة, أي أن عدة الأمة من الزوج ليست كعدتها من السيد، كما سبق عن الإمامين أحمد وإسحاق في المسألة رقم: (927) .
وعدة الأمة من وفاة الزوج عند الأئمة الثلاث, شهران وخمس ليال. وعدتها من الزوج في الفرقة حيضتان.
انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/291.
وانظر أيضاً المبدع: 8/113, 8/116.
وسبق ذلك عن الإمامين أحمد وإسحاق في المسألة رقم: (906) .
وطلاق أم الولد والمدبرة طلاق الأمة، إلا أن الطلاق عند أحمد وإسحاق معتبر بالرجال كما سبق في المسائل رقم: (907، 910) .
[] وعند سفيان معتبر بالنساء كما في كتاب شرح السنة للبغوي: 9/61-62, فتبين كل من الأمة والمستولدة والمدبرة إذا كان زوجها حراً بثلاث تطليقات عند أحمد وإسحاق, وبتطليقتين عند سفيان.

(4/1783)


[1161-] قلت: قال سفيان1: وقع عليها وهي لا تعلم أن لها الخيار، حلفت أنه ما وقع عليك وأنت تعلمين أنه2 كان لك الخيار، فإن حلفت خيّرت وإن كانت علمت فلا خيار لها3.
قال أحمد: إذا وقع عليها فلا خيار لها، علمت أو لم
__________
1 في ع بلفظ "إن وقع عليها".
2 في ع بلفظ "إن كان لك الخيار".
3 المسألة: فيما إذا أعتقت الأمة تحت عبد، كان لها الخيار ما لم يطأها وهي عالمة عند الإمام سفيان.
انظر: عن قوله: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81, المغني: 6/661.

(4/1784)


تعلم. 1
قال إسحاق: كما قال سفيان2.
[1162-] قلت: قال سفيان: إذا أعتقت الأمة خيّرت تحت من كانت حر أو عبد، فإن اختارت نفسها ولم يكن دخل بها فلا صداق لها، لأن الفرقة جاءت من قبلها، فإن3 اختارته فالصداق للسيد, لأن أصل المهر وقع للسيد حين تزوجت, وإن كان دخل بها
__________
1 قال الخرقي: "فإن أعتق قبل أن تختار أو وطئها بطل خيارها، علمت أن الخيار لها أو لم تعلم." مختصر الخرقي مع المغني: 6/660.
قال المرداوي في الإنصاف: "وهو المذهب، نص عليه في رواية الجماعة.
وروي عن الإمام أحمد مثل قول سفيان, دليل ما عليه المذهب: أن بريرة عتقت وهي عند مغيث عبد لآل أبي أحمد، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: "إن قربك فلا خيار لك".
أخرجه أبو داود في سننه: 2/673.
وذكر ابن قدامة أنه قول ابن عمر وحفصة، وقال في ترجيحه: "لأنه قول من سمينا من الصحابة، ولا مخالف لهم في عصرهم, ونقل عن ابن عبد البر: لا أعلم لابن عمر وحفصة من الصحابة مخالفاً".
راجع المغني: 6/660, الإنصاف: 8/178, المبدع: 7/96.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 6/661, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/70.
3 في ع بلفظ "وإن اختارته".

(4/1785)


فالصداق أيضاً للسيد1.
قال أحمد: إذا كانت أمة فالصداق للسيد على حال2، ولا تخير تحت الحر.
قال إسحاق: كما قال أحمد3.
[1163-] قلت: قال سفيان: إذا أعتقت الأمة فعلمت في مجلسها أن لها الخيار فلم تختر فلا خيار لها.
قال أحمد: [لها4 الخيار] ما لم يغشها.5
__________
1 انظر: عن قول سفيان الثوري في ثبوت الخيار للأمة إذا أعتقت تحت حر في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/80.
وعن قوله: أن لا صداق لها أصلاً إذا اختارت فراقه قبل الدخول. الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81.
2 المراد من كلام الإمام أحمد "على كل حال" ما دامت أمة.
3 مضت مسألة هل تخير الأمة إذا كان زوجها حراً برقم: (1036) .
ومضت مسألة ألا صداق لها إذا اختارت نفسها ولم يكن دخل بها في المسألة رقم: (1040) .
وسبق تقرير متى يكون لها الصداق إذا اختارت نفسها أو اختارت المقام معه في المسألة رقم: (1040) .
4 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأنه به يستقيم الكلام.
5 لما روى الإمام أحمد بإسناد عن الحسن بن عمرو بن أمية قال: "إذا عتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها, إن شاءت فارقته، وإن وطئها فلا خيار لها", أخرجه أحمد في المسند: 4/65, 66.
قال صاحب بلوغ الأماني: "لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال: "رواه أحمد متصلاً هكذا ومرسلاً من طريق أخرى, وفي المتصل الفضل بن عمرو بن أمية مستور, وابن لهيعة حديثه حسن لغيره, وبقية رجاله ثقات." بلوغ الأماني مع الفتح الرباني: 16/202.

(4/1786)


[1164-] قلت: قال1: قال2 عمر رضي الله عنه في العربي يتزوج الأمة فولده لا يسترقون، يفديهم3.
قال أحمد: لا أقول في العربي شيئاً قد اختلفوا فيه4.
__________
1 القائل هو الإمام سفيان الثوري.
انظر عن قوله: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/79, فتح الباري: 5/170.
2 تأتي الروايات عن عمر رضي الله عنه في آخر المسألة.
3 في ع بلفظ "يفديهم بعددهم".
4 هكذا توقف الإمام أحمد في المسألة.
وفي المنتقى لأبي البركات ابن تيمية: 2/807 أن الإمام أحمد قال: "لا أذهب إلى قول عمر "ليس على عربي ملك" قد سبى النبي صلى الله عليه وسلم في غير حديث، وأبو بكر، وعلي حين سبى بني ناجية."
والصحيح من المذهب أنه إذا أبيح للحر نكاح أمة فنكحها ولم يشترط حرية أولاده, فهم أرقاء لسيدها، وعليه أكثر أصحاب الإمام أحمد.
وعن الإمام رواية أن ولد العربي يكون حراً، وعلى أبيه فداؤه."
الإنصاف: 8/170.

(4/1787)


فذكر حديث بني المصطلق1 حين أعتقهم2 النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
1 بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء وكسر اللام بعد قاف، وبنو المصطلق بطن شهير من خزاعة, وهو المصطلق بن سعيد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر, ويقال إن المصطلق لقب، واسمه: جذيمة بفتح الجيم بعدها ذال معجمة مكسورة.
انظر: أسد الغابة: 7/56, وفتح الباري: 5/171, وتاج العروس: 6/412.
2 في حديث عائشة -رضي الله عنها- حين قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق أن جويرية بنت الحارث جاءت إليه تستعينه على كتابتها، قال صلى الله عليه وسلم: "فهل لك في خير من ذلك؟ " قالت: "وما هو يا رسول الله؟ " قال: "أقضي كتابتك وأتزوجك." قالت: "نعم يا رسول الله." قال: "قد فعلت ... "
وفيه أن الناس لما سمعوا ذلك أرسلوا ما بأيديهم. قالت عائشة: "فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها".
أخرجه أحمد في المسند: 6/277. وأبو داود في سننه: 4/250 كتاب العتق، باب في بيع المكاتبة إذا فسخت الكتابة. والبيهقي: 9/74.
وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر.
ووجه الدلالة من الحديث واضح في أن عرب بني المصطلق استرقوا وأعتقوا.
وسبيهم وارد في عدة أحاديث منها الحديث المتفق عليه عن ابن عمر.
أخرجه البخاري في العتق، باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع: 3/122.
ومسلم حديث رقم: (1730) ، 2/1356 في الجهاد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث."

(4/1788)


وذكر حديث عائشة -رضي الله عنها- كان عليها عتق أربع محرر من ولد إسماعيل [ع-57/أ] .1
قال إسحاق2: كما قال سفيان لأن عمر رضي الله عنه قال: "ليس على عربي ملك"3.
__________
1 ورد في حديث رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما زلت أحب بنى تميم منذ ثلاث سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم، سمعته يقول: " هم أشد أمتي على الدجال." قال: وجاءت صدقاتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه صدقات قومنا." وكانت سبية منهم عند عائشة فقال: "أعتقيها، فإنها من ولد إسماعيل."
[] وأورد الحافظ ابن حجر في فتح الباري: 5/170-172 ألفاظ الحديث وذكر منها: كانت على عائشة (محرر) و (نسمة) و (سبية) و"نذرت عائشة أن تعتق محرراً من بني إسماعيل"، ولم يذكر أنه كان عليها عتق أربع محرر, وذكر أن للطبراني في الكبير رواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاء بني العنبر قال لها: "خذي منهم أربعة".
2 انظر عن قول الإمام إسحاق في المسألة: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/79.
3 روى عنه ذلك البيهقي في سننه: 9/74، وقال: "هذه الرواية منقطعة عن عمر".
وروى عنه أيضاً في 9/43 "لا يسترق عربي".
وفي الرواية الأولى أنه قال: "إن أسلم وله مملوك من العرب يقوّم قيمته خمساً من الإبل فداء."
كما روى عنه أيضاً قوله "فرض في كل سبي من العرب فدى ستة فرائص، وأنه كان يقضي بذلك فيمن تزوج الولائد من العرب".
قال البيهقي: "وهذا أيضاً مرسل إلا أنه جيد."
السنن الكبرى للبيهقي: 9/74.

(4/1789)


ورأى عمر فداء الأولاد، وهو الحق المبين1.
[1165-] قلت: قال عمر رضي الله عنه: والمولى يسترق ولده.
قال أحمد2: أما المولى فلا يختلف فيه أن ولده عبيد إذا كان
__________
1 والجمهور بخلافه لكثرة ما ورد من استرقاقهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبوب له البخاري: "باب من ملك من العرب رقيقاً فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية". قال الحافظ ابن حجر: "هذه الترجمة معقودة لبيان الخلاف في استرقاق العرب, وهي مسألة مشهورة."
والجمهور على أن العربي إذا سبي جاز أن يسترق, وإذا تزوج أمة بشرطه كان ولدها رقيقاً, وذهب الأوزاعي والثوري وأبو ثور إلى أن على سيد الأمة تقويم الولد ويلزم أبوه بأداء القيمة، ولا يسترق الولد أصلاً, وقد جنح المصنف إلى الجواز وأورد الأحاديث الدالة على ذلك.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار:"والحاصل أنه قد ثبت في جنس أسارى الكفار جواز القتل والمن والفداء والاسترقاق، فمن ادعى أن بعض الأمور تختص ببعض الكفار دون بعض لم يقبل منه ذلك إلا بدليل ناهض يخصص العمومات.
وقال ابن المنذر: "وقد أجمع أهل العلم أن العرب والعجم يستوون في الدماء، فإذا استووا في الدماء عند الجميع, واختلفوا فيما دون الدماء, كان حكم ما اختلفوا فيه حكم ما أجمعوا عليه, مع دلالة السنة."
[] راجع المنتقى: 2/805, الإشراف على مذاهب العلماء: 2/79-80, فتح الباري: 5/170-173, نيل الأوطار: 8/6.
2 في ع "قال أحمد"، ثم توجد عبارة غير واضحة وبعدها "له ولي" ثم يستقيم الكلام.

(4/1790)


تزويجاً1، إلا أن يكون مغروراً بفداء ولده.2
[1166-] قلت: قال سفيان في رجل اشترى3 جارية مسروقة فوقع عليها فحبلت، أن لصاحبها القيمة لأنه استهلاك.
قال أحمد: الولد للمشتري لأنه مغرور، وليس عليه أن يفديهم4، وترد الأمة إلى مالكها الأول, وعلى الواطئ العقر.
[1167-] قلت: المهر؟
قال: نعم, ويرجع على من غره.
قال إسحاق: كما قال سواء. 5
[1168-] قلت: قال سفيان في رجل تزوج مملوكة فقال مواليها: تعمل بالنهار ونبعثها بالليل إليك.
__________
1 قال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/79: "أجمع أهل العلم على أن العجمي والمولى إذا تزوج أمة فأولدها, أن الأولاد رقيق."
2 سبق تفصيل ذلك في المسألة رقم: (1108) .
3 في ع بلفظ "أمة".
4 في ع زيادة "لأنه شرى".
5 سبق تفصيل الكلام في هذه المسألة في المسألتين رقم: (1108، 1112) .

(4/1791)


قال: على الزوج [نفقتها ما دامت1 عنده] .
قال أحمد: لا بد أن ينفق عليها إذا كانت عنده، يعني بالليل، والشرط جيد [ظ-33/ب] 2.
قال إسحاق: كما قال, لأن الشرط في مثل هذا جائز، ما لم يحرم3 حلالاً ولم يحل حراماً.
[1169-] قلت: قال سفيان: إذا أراد الرجل أن يزوج جاريته4 ولم يكن
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 الشرط صحيح؛ لأنه لا يخل بمقصود النكاح الذي هو الاستمتاع ويكون عادة ليلاً, وإذا كان الشرط صحيحاً لم يمنع صحة العقد, فالعقد صحيح والشرط صحيح.
وأما النفقة فإنها تجب حينئذ على الزوج مادامت عنده، أي الوقت الذي تكون عنده وهو الليل، فإن نفقتها تجب عليه فيه, وعلى السيد نفقة النهار، لأنها في خدمته حينئذ، ولأنها ثابتة على الأصل في وجوبها عليه.
قال في المقنع: "وإن سلمت الأمة نفسها ليلاً ونهاراً فهي كالحرة, فإن كانت تأوي إليه ليلاً, وعند السيد نهاراً, فعلى كل واحد منهما النفقة مدة مقامها عنده." المقنع مع المبدع: 8/203.
راجع المغني: 6/564, الإنصاف 8/345, المبدع: 8/203.
3 في ع بلفظ "لم يحرم حلالاً ولا أحل حراماً".
4 في ع بحذف "الواو".

(4/1792)


يقع عليها، فليزوجها وليس عليها عدة1, وإذا باعها استبرأها المشتري.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما قال.
[1170-] قلت: قال سفيان: إذا زوّج الرجل أم ولده فلا يزوجها حتى يستبرئها بحيضة, فإن زوجها ودخل بها2 ثم مات عنها اعتدت من زوجها، ثم رجعت إلى مواليها.
قال أحمد: نعم، كما قال.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 سبقت مسألة من له جارية يطؤها فأراد أن ينكحها أو يبيعها برقم: (1024) .
وأما إذا كان لا يطؤها فأراد أن يبيعها فقد سبقت أيضا برقم: (1025) .
وإن أراد تزويجها لم يلزمه استبراؤها كما اتفق عليه الأئمة الثلاثة هنا، وهو المذهب عند جماهير أصحاب الإمام/ ونقله جماعة عن الإمام أحمد كما في الإنصاف.
وعنه أنه يلزمه الاستبراء وإن لم يطأها. انظر: الإنصاف: 9/324.
2 في ع زيادة "زوجها".
3 سبقت مسألة استبراء أم الولد قبل تزويجها برقم: (928) .
وسبق أن الأمة إذا توفي زوجها تعتد عدة وفاة شهرين وخمس ليال بمسألة رقم: (1082) .

(4/1793)


[1171-] قلت: سئل [سفيان] 1 [ع-57/ب] عن رجل زوّج أم ولده قبل أن2 يستبرئها بحيضة, فمات عنها سيدها قبل أن يدخل بها زوجها، ثم فارقها زوجها قبل أن يدخل بها3، فليس عليها عدّة لا من زوجها ولا من سيدها.
قال أحمد: كما قال4.
قال إسحاق: كما قال.
قال أحمد: فإن مات عنها زوجها قبل أن يدخل بها لم ترثه 5، وكان لها صداقها كله, وتعتد شهرين وخمسة أيام6, وإن لم
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 في ع بلفظ "بعد أن يستبرئها بحيضة".
3 يظهر أن هذا نهاية السؤال, وأن جواب سفيان يبدأ من قوله: "فليس عليها عدة" ولعل كلمة "قال" سقطت أي: قال سفيان فليس عليها عدة، لا من زوجها ولا من سيدها.
4 أما عدم العدة من زوجها فلأنه لم يدخل بها، وأما عدم العدة من سيدها فلأنها محرمة عليه وليست له فراشاً، فإنه زال فراشه عنها قبل وجوب الاستبراء.
راجع: المبدع: 8/105, الإنصاف: 9/324, المغني: 7/504, شرح السنة: 9/318.
5 لم ترثه لكونها أمة رقيقة، والرق مانع من موانع الميراث.
انظر: الفروع: 5/56, المبدع: 6/264, المغني: 6/266.
6 كما سبق بيان ذلك في المسألة رقم: (1160) .

(4/1794)


يكن سمّى لها صداقاً فلها صداق مثلها, وكذلك المدبرة والمكاتبة.
قال إسحاق: كما قال.
[1172-] قلت: قال سفيان: إذا مات الرجل عن سريته وقد ولدت له أولاداً وهي حائض لم يحتسب بهذه1 الحيضة, عليها ثلاث حيض سوى هذه، وهي تخرج وتطيب وتخطب, ولكن لا تتزوج حتى تحيض ثلاث حيض2.
قال أحمد: تعتد حيضة، إنما هذه لا مطلقة ولا متوفى عنها زوجها لأنها أمة، إنما عليها 3 أن تحيض وليس عليها العدة، تخرج وتطيب وتخطب، ولكن لا تتزوج حتى تحيض [حيضة] 4.
__________
1 في ع بلفظ "هذه".
2 انظر: عن قول الإمام الثوري المغني: 7/501, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/289, وشرح السنة: 9/317.
3 في ع بلفظ "إنما عليها أن تعتبر".
4 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وسبق الكلام على عدة أم الولد إذا توفي سيدها بمسألة رقم: (927) .
وأما خروجها وعدم إحدادها، فمحل إجماع.
قال ابن المنذر: "ولا أعلمهم يختلفون في أن لا حداد على أم الولد إذا مات سيدها"، كما في الإشراف على مذاهب العلماء، ونقل عنه ذلك ابن قدامة أيضاً في المغني، وأقرّه.
انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/295, والمغني: 7/517.

(4/1795)


قال إسحاق: تعتد أربعة أشهر وعشراً لأنها صارت حرة، حديث عمرو بن العاص1 رضي الله عنه.
[1173-] قلت: قال سفيان: إذا زوّج الرجل أم ولده فمات سيدها قبل أن يدخل بها زوجها, خيّرت: فإن اختارت نفسها فلا صداق لها ولا لسيدها, وإن اختارت زوجها فالصداق للسيد2, وإن كان الزوج دخل بها فمات عنها سيدها فإنها تخيّر، والصداق للسيد.
قال أحمد: نعم، كما قال.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 سبق الكلام على قول الإمام إسحاق وتوجيهه.
وكذلك سبق تخريج حديث عمرو بن العاص الذي أشار إليه هنا في المسألة رقم: (927) .
2 انظر: عن قول الإمام الثوري في أن لا صداق لها إذا اختارت الفرقة قبل الدخول. الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81.
3 سبق توضيح المسألة وتقريرها في المسألة رقم: (1040) .

(4/1796)


[1174-] قلت: قال: سألت سفيان عن رجل1 تزوج امرأة حاملاً من السبي أو من فجور، هل يجوز تزويجه؟
قال: يفرّق بينهما.
قال أحمد: جيد2.
قال إسحاق: كما قال.
قال أحمد: ولا 3يكون ذلك طلاقاً إذا4 وضعت، إن شاء خطبها إذا لم يكن دخل5 بها، فإن كان دخل بها يفرّق بينها وبينه، ولها الصداق وينالان بأدب. فإن شاء
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 112، وبداية اللوحة رقم: 113 من ع.
2 لا يجوز وطء الحامل سواء كانت أمة ملكها أو زوجة، لما قال صلى الله عليه وسلم في سبايا أوطاس: "لا توطأ حامل حتى تضع".
وسبق تخريجه في المسألة (1024) .
وفي حديث رويفع بن ثابت مرفوعاً: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره".
أخرجه أحمد في المسند: 4/108, وأبو داود، حديث رقم: 2158, والترمذي 1131, وقال: حديث حسن.
فإذا تزوج امرأة حاملاً أو معتدة في عدّتها، فرّق بينهما.
قال ابن المنذر: "ومنع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار أن يطأ الرجل جاريته يملكها من السبي وهي حامل, حتى تضع حملها". وقال: "ممن حفظنا عنه ذلك ... " وذكر منهم أحمد وإسحاق.
راجع: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/312، وزاد المعاد: 5/105, 155.
3 في ع بحذف الواو.
4 في ع بلفظ "فإذا وضعت".
5 هذا القيد لعدم وجوب الصداق عليه، وعدم التأديب لهما لا لجواز خطبتها بعد الوضع.

(4/1797)


خطبها بعد أن تضع ما في بطنها، ثم تعتد من الزوج الأخير عدة مستقبلة.
قال أحمد: فإن لم تكن حاملاً فتزوجت في عدّتها فإنه يفرّق بينهما، ولها الصداق بما أصاب منها ويؤدّبان1, فإن كانت2 جاءت بولد من هذا الوطء الثاني لأكثر من ستة أشهر فهو له, فإن ادعاه الأول وادعاه الأخير دعي له القافة فألحقوه بأبيه3.
__________
1 سبقت مسألة من تزوج في العدة في المسألة رقم: (880) .
وإذا تزوج رجل امرأة معتدة وهما عالمان بالعدة وتحريم النكاح فيها, ووطئها فهما زانيان عليهما حد الزنى, وإن علم ذلك أحدهما دون الآخر وجب عليه الحد, ذكره ابن قدامة في المغني: 7/484.
ويمكن أن مجمل التأديب ذكره الإمام أحمد والإمام إسحاق فيما إذا علما أنها في العدّة وجهلا تحريم النكاح فيها.
2 في ع بحذف "كانت".
3 وذلك إذا أمكن كونه منهما، وذلك فيما إذا ولدت لأكثر من ستة أشهر ولأربع سنين فما دونها, وقد أورد المرداوي في الإنصاف رواية ابن منصور هذه.
راجع المغني: 7/483, الإنصاف: 9/299.

(4/1798)


[1175-] قلت: فلمن تكون هذا العدة التي انقضت بالولادة1؟
قال: تكون هذه العدة لمن ألحق به الولد، ثم تعتدّ أيضاً ثلاث حيض؛ لأنه اجتمع عليها وطئان2.
قال إسحاق: كما قال. إنما يؤدبان إذا علما العدة.
[1176-] قلت: قال سفيان: إذا وهبت له أو تصدق بها عليه أو ورثها أو اشتراها فلا يقع عليها حتى يستبرئها, فإذا3 باع جارية فردت عليه من عيب أو شيء، فلا يقع عليها حتى يستبرئها إذا كان صاحبها قد قبضها.
قال أحمد: جيد ما أحسن ما قال4.
__________
1 قال الخرقي: "وإن أتت بولد يمكن أن يكون منهما أري القافة وألحق بمن منهما، وانقضت عدتها منه، واعتدت للآخر". الخرقي مع المغني: 7/483.
2 في ع بلفظ "وإذا باع".
3 يلزم على من عادت إليه أمته بعد القبض لأنه تجديد ملك.
انظر: المبدع: 8/153, الإنصاف: 9/322.
4 من ملك أمة بسبب من الأسباب المذكورة لزمه استبراؤها, فلا يحل له وطؤها ولا الاستمتاع بها حتى يستبرئها، سواء ملكها من صغير أو كبير أو رجل أو امرأة, وسواء كانت هي ممن تحمل أو ممن لا تحمل، هذا المذهب وعليه الأصحاب, وعن الإمام أحمد رواية بأنه لا يلزمه استبراء إذا ملكها من طفل أو امرأة, وعنه رواية أن الاستبراء في التي تحيض فقط.
وعنه رواية أن التحريم يختص بالوطء دون الاستمتاع، وهو جواب الإمام أحمد في المسألة رقم: (1183) وتأتي قريباً.
انظر: الإنصاف: 9/316, المبدع: 8/149, المغني: 7/509, الفروع: 5/561.

(4/1799)


قال إسحاق: كما قال.
[1177-] قلت: قال الحسن: إذا اشتراها وهي حائض اجتزى بتلك الحيضة1 [ظ-34/أ] .
قال سفيان2: وكان أصحابنا يقولون: حتى تحيض حيضة أخرى.
قال أحمد: جيد، يعني قول سفيان3.
__________
1 نسب ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/315, للحسن البصري أنه يذهب إلى أنها تُستبرأ بحيضة أخرى, وأورد بعد ذلك القول الثاني وهو أن يجتزى بتلك الحيضة وقال: "وقد اختلف فيه عن الحسن البصري".
وكذلك في مصنف ابن أبي شيبة نسب للحسن القول الأول. انظر: مصنف ابن أبي شيبة: 4/225.
2 في ع بحذف سفيان.
انظر: عن قول سفيان الثوري في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/315.
3 وهو أنها لا تكتفي ببقية الحيضة. انظر: المبدع: 8/157, الاستذكار: لابن عبد البر في لوحة 224.

(4/1800)


قال إسحاق1: الذي نختار ما قال الحسن: إذا اشتراها حائضاً اجتزى البائع والمشتري بتلك الحيضة2.
[1178-] قلت: قال سفيان: إذا اشتراها من امرأة يستبرئها لأن السنة أن يستبرئها3.
قال أحمد: جيد4.
قال إسحاق: كما قال5.
[1179-] قلت: إذا اشترى الجارية التي لا تحيض؟
قال أحمد: يستبرئها بثلاثة أشهر6.
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/315.
2 نهاية اللوحة رقم: 65 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 66.
3 انظر: عن قول سفيان هذا في مصنف ابن أبي شيبة: 4/225.
4 وهو المذهب وعليه الأصحاب, راجع المسألة رقم: (1176) .
5 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/314.
6 المذهب استبراء الجارية عند الملك ولو كانت لا تحيض.
وعن الإمام رواية بأن الاستبراء خاص بمن تحيض.
وما أجاب به الإمام هنا من كون التي لا تحيض تستبرأ بثلاثة أشهر، نقله الجماعة عنه كما قاله في الإنصاف.
وقال ابن قدامة في المغني: هو المشهور عن أحمد.
وفي الفروع: (وهي أظهر) وعنه أنها تُستبرأ بشهر.
قال في الإنصاف: وهو المذهب، وعنه تستبرأ بشهر ونصف وعنه بشهرين.
راجع الإنصاف: 9/ 326, والمبدع: 8/157, والفروع: 5/266, والمغني: 7/502.

(4/1801)


قال إسحاق: كما قال1
[1180-] قلت: قال سفيان: إذا اشترى 2الجارية ممن تحيض فلم تحض؟
قال: هو عيب ترد منه [ع-58/أ] .
قال أحمد: هذا عيب ترد منه.3
قال إسحاق: كما قال.
[1181-] قلت: قال سفيان: إذا اشترى عجوزاً وقد يئست من المحيض
__________
1 ذكر الإمام إسحاق في المسألة رقم: (1181) وكذا في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/316 أن الأمة تُستبرأ أربعين ليلة عجوزاً كانت أو ممن قاربت أن تحيض, فينزل قوله هنا (تُستبرأ بثلاثة أشهر) على من عداهما ممن لا تحيض وممن ارتفع حيضها، كما صرح به في المسألة المشار إليها.
2 في ع بلفظ "إذا ابتاع الرجل".
3 انظر: عن هذا الحكم: المبدع: 4/86, والإنصاف: 4/341, وروضة الطالبين: 3/461.

(4/1802)


فعليه أن يستبرئها1 بثلاثة أشهر، وإن شاء شهراً ونصفاً, ولا يقبل ولا يباشر لأن السنة من اشترى جارية فعليه الاستبراء. وإن كانت ممن لا تحيض ولا تلد فعليه أن يستبرئها.
قال أحمد: يستبرئها بثلاثة أشهر لأن الحمل لا يستبين في أقل من ثلاثة أشهر2، والباقي كما قال.
[1182-] قال إسحاق: الأمر في ذلك أن يستبرئها أربعين ليلة عجوزاً كانت أو ممن قاربت أن تحيض،3 فإن كانت ممن تحيض
__________
1 قال ابن المنذر في الإشراف: 4/316: "واختلفوا في استبراء الأمة التي لا تحيض من صغر أو كبر. وقال الثوري: بشهر ونصف، أو ثلاثة أشهر, أي ذلك فعل فلا بأس."
2 سبق كلام الإمام أحمد وتقرير المذهب عنده والروايات عنه في المسألة رقم: (1179) .
3 انظر: عن كلام الإمام إسحاق هذا في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/316.
وحكم من كان عليها استبراء عند الحنابلة وارتفع حيضها إن كانت تعرف ما رفعه انتظرته حتى يجيء فتستبرئ به أو تصير من الآيسات وتعتد بالشهور، وإن كانت لا تدري ما رفعه تربصت تسعة أشهر ثم استبرأت استبراء الإماء على التفصيل السابق في كونه ثلاثة أشهر أو شهراً أو شهرين أو شهراً ونصفاً.
ولم أجد من نسب للإمام إسحاق أنها تستبرئ بثلاثة أشهر.
وقد سبق عن إسحاق موافقته لمالك وأحمد أن عدة التي ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه تنتظر تسعة أشهر، فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة أشهر، في المسألة رقم: (1260) .
وسبقت موافقته للإمام أحمد على أن استبراء الجارية التي لا تحيض ثلاثة أشهر في المسألة رقم: (1179) ، فقياس قوله أن تنتظر الأمة التي ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه تسعة أشهر ثم تُستبرأ بثلاثة أشهر, ويحتمل أنه نزلها منزلة من لا تحيض وهو ظاهر قوله.

(4/1803)


فارتفع الحيض استبرأها بثلاثة أشهر لأنه لا يتبين الحبل في أقل من ثلاثة أشهر، كذلك أخبرني الوليد1 بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري2.
__________
1 الوليد بن مسلم القرشي مولى بني أمية وقيل مولى بني العباس، أبو العباس الدمشقي عالم الشام, روى عن الأوزاعي، ومالك، وابن جريج, والثوري, وخلق, وعنه الليث أحد شيوخه وابن وهب وأحمد, وإسحاق بن راهوية وابن المديني. مات سنة أربع وتسعين ومائة.
انظر: تهذيب التهذيب: 11/151, وتذكرة الحفاظ: 1/302, وخلاصة تهذيب الكمال: 358, وميزان الاعتدال: 4/347, وطبقات الحفاظ للسيوطي: 132.
2 لم أقف عليه بهذا السند عن الزهري، ولكن أخرج عبد الرزاق في مصنفه: 6/339 عن معمر عن الزهري نحوه.
وكذلك أخرج الطبري في تفسيره جامع البيان: 28/140 من طريق معمر عن الزهري نحوه أيضاً.
وكذلك أشار إلى ذلك عن الزهري: ابن حجر في فتح الباري: 9/470.

(4/1804)


[1183-] قلت: قال1 سفيان: وقد كان بعض من يشار إليه من أهل العلم يقول: إذا ابتاع الصغيرة ممن لا يجامع مثلها يقول: ليس عليها عدة2.
قال سفيان: أحب إلي إذا اشترى الصغيرة التي لا يجامع مثلها أن لا يقبل ولا يباشر حتى يستبرئها من قبل السنة3.
قال أحمد4: أجاد5 يعني سفيان.
__________
1 في ع زيادة "قلت لأحمد".
2 أي ليس عليها استبراء, قال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/314, وقال عكرمة وإياس بن معاوية: "وإذا اشترى جارية صغيرة لا يجامع مثلها, ولا بأس أن يطأها ولا يستبرئها."
3 انظر: عن قول سفيان في عدم مباشرتها وتقبيلها: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/316.
4 المذهب أن الصغيرة تُستبرأ كغيرها وفي رواية أنها لا تُستبرأ. راجع المسألة رقم: (1176) .
وقد سبق في المسألة رقم: (1176) عن الإمام أحمد أن الاستبراء يحرم به الوطء دون الاستمتاع.
وعلى المذهب أن الاستمتاع قبل الاستبراء يحرم أيضاً، واستثنيت المسبية فإن في الاستمتاع بها فيما دون الفرج روايتين، والمذهب عدم الحل.
[] انظر: الإنصاف: 9/136-137, والكافي: 3/334.
5 في ع بلفظ "قال أحمد: جيد".

(4/1805)


قال إسحاق: لا بأس أن يقبلها ويباشرها لأنها ممن لا يخشى أن ترد من حبل، ولا نرى بالمدركة بأساً أن يقبلها ويباشرها قبل الاستبراء لحديث1 ابن عمر -رضي الله عنهما-.
[1184-] قلت: سئل سفيان عن رجل اشترى جارية لم تحض وقد حاض مثلها؟
قال: من الناس من يقول لا يقربها حتى يأتي عليها سنتان أقصى ما تلد فيها النساء2 أو تحيض قبل ذلك.
قال أحمد: إنما يراد من ذلك أن [يعلم3 أن] ليس بها حبل يستبرئها بثلاثة أشهر4.
قال إسحاق: كما قال أحمد5.
__________
[1] حديث ابن عمر هو ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 4/227-228 قال: "وقعت لابن عمر جارية يوم جلولاء في سهمه كان في عنقها إبريق فضة، قال: فما ملك نفسه أن جعل يقبلها والناس ينظرون."
2 سبق أن أقصى مدة الحمل عند الإمام سفيان سنتان. راجع المسألة رقم: (1127) .
3 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأنه به يستقيم السياق.
4 انظر: المسألة رقم: (1181) ، وكذلك سبق ذكر الروايات في المسألة رقم: (1176) .
5 انظر: عن قوله في: المسألة رقم: (1176، 1182) .

(4/1806)


[1185-] قلت: قال الحسن في رجل قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله تعالى، كان يلزمه1؟
وكان سفيان إذا سئل عن هذا لم يقل [ع-58/ب] فيه شيئاً2.
قال أحمد: 3 أما أنا فلا أقول فيه شيئاً.
[1186-] قلت: لم؟
قال: الطلاق ليس هو يمين.
[1187-] قلت: وكذلك العتق؟
قال: نعم لو كان معناهما معنى اليمين لكفّر يمينه وراجع امرأته وارتجع في عتقه4.
__________
1 انظر عن قول الحسن البصري في: مصنف عبد الزراق: 6/389 ومصنف ابن أبي شيبة: 5/148, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, والمغني: 7/216.
2 أخرج عبد الرزاق في مصنفه: 6/389 بسنده عن الثوري عن إسماعيل عن الحسن قال: "ليس استثناؤه بشيء."
3 في ع بلفظ "قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى".
4 سبق تقرير مذهب الإمام أحمد في ذلك في المسألة رقم: (951) وأن المشهور عنه وقوع الطلاق.
وانظر أيضاً مسألتي (952، 953) .

(4/1807)


قال إسحاق: ينفعه استثناؤه ولا يقع عتاق ولا طلاق لأنه1 وإن لم يكن يميناً فهو فعل منه قد2 تقدمت النية فيه، على أن لا يقع بها الطلاق والعتاق لاستثنائه3.
قال إسحاق: وأما الاستثناء في الطلاق فإن علماء أهل المدينة وأهل العراق اختلفوا، فرأى مالك4 ومن سلك طريقه من أهل العراق مثل ابن أبي ليلى5 وضرباؤه، ومن أهل الشام الأوزاعي6 وضرباؤه [أن الطلاق
__________
1 في ع بحذف "الواو".
2 في ع بلفظ "فقد تقدمت النية على أن لا يقع بها الطلاق ولا العتاق لاستثنائه".
[3] سبقت المسألة بقولي الإمامين أحمد وإسحاق في المسألتين: (951-953) .
وانظر: عن قول إسحاق أيضاً في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, والمحلى: 9/217.
4 ففي المدونة: 2/122 "ليس قوله أنت طالق إن شاء فلان مثل قوله أنت طالق إن شاء الله، إنما الاستثناء في قول مالك: أن يقول أنت طالق إن شاء الله فالطلاق فيه لازم، وأما إذا قال إن شاء فلان فلا يطلق حتى يعرف أيشاء فلان أم لا".
انظر أيضاً: الكافي في فقه أهل المدينة: 1/476.
5 محمد بن أبي ليلى. وقوله هذا في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, والمحلى: 9/217.
6 انظر قول الأوزاعي في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, والمغني: 7/216, والمحلى: 9/217.

(4/1808)


واقع1 ولا تنفعه ثنياه] .
وقد ذهبوا فيما نرى والله أعلم أن الطلاق فعل من الأفعال، وإنما الاستثناء في الأيمان، مع ما تقدمهم في قولهم مثل سعيد بن المسيب ومن بعده.2
والذين رأوا الاستثناء جائزاً مثل إبراهيم3 وطاووس ونظرائهم واتبعهم الثوري وأخذ بقولهم، رأوا الثنيا في [الطلاق وغيره4 جائزة] .
وهذا الذي يعتمد عليه، وذلك أن الثنيا وإن كان كما ادعوا أنها في الأيمان وليست في الأفعال، فإن معنى الآخر قائم وهي إرادة الحالف ومخرج كلامه على ما سبق من إرادته، وعامة الطلاق إنما هو على الإرادات بعد أن تكون الألفاظ التي تعتبر
__________
1 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "الطلاق واقعاً ولا تقع ثنياه".
2 انظر قول سعيد بن المسيب في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, المغني: 7/216, [] [] المحلى: 9/217-218, فقه سعيد بن المسيب: 3/346-347.
3 انظر قول إبراهيم النخعي وطاووس في: مصنف عبد الرزاق: 6/389 ومصنف بن أبي شيبة: [5/47-48,] والمغني: 7/216 وكذلك الثوري موجود قوله معهم، وسبق عنه في أول الكلام في المسألة أنه لم يقل شيئاً, والمحلى: 9/217.
4 ما بين المعقوفين أثبته من ع، والذي في ظ "في الطلاق جائز".

(4/1809)


الإرادة [موافقة1] ، فلما قال: أنت طالق إن شاء الله تعالى، علمنا بما أظهر2 من الثنيا أن إراداته أن لا يطلق، فهو على ما أراد. وهو أحسن المذهبين فيما نرى والله أعلم3.
[1188-] قلت: قال الحسن 4 في العبد يأبق وله امرأة: هي فرقة.
قال أحمد: لا تكون فرقة، لا5 بيع ولا هبة ولا صدقة ولا ميراث إلا أن تعتق, فإذا عتقت وكانت تحت عبد خيرت، فإن
__________
1 في ع "موافق"، وفي ظ "موافقاً"، وقواعد اللغة العربية تقتضي ما أثبته, وهذه القاعدة أعني قاعدة الاعتماد على النية طبقها الإمام إسحاق في عامة مسائل الكنايات في الطلاق، ومعظم الخلاف بينه وبين الإمام أحمد في مسائل الطلاق كانت لتمسكه الشديد بهذه القاعدة.
انظر: أمثلة لأجوبته في المسائل رقم: (955، 973، 11036، 1138) .
2 في ع بلفظ "علمنا أن بما أظهر من الثنيا أن إرادته على أن لا يطلق".
3 سبق الكلام على الرأيين وبيان الراجح منهما، وبيان ما ذهب إليه الإمام إسحاق، وأنه رواية عن الإمام أحمد في المسألة رقم: (951) .
4 وردت نحو هذه المسألة في مسائل أبي داود 178.
وانظر: عن قول الحسن في مصنف عبد الرزاق: 7/93 ومصنف ابن أبي شيبة: 5/200, والإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر: 4/106, ولم ينسبوا في كتبهم هذا القول لأحد غيره.
5 في ع زيادة "و" قبل "لا بيع".

(4/1810)


اختارت نفسها فهي فرقة، وما سوى ذلك لا يكون فرقة1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1189-] قلت: قال سفيان: إذا كانا مشركين لهما عهد فأسلما، فهما على نكاحهما.
قال سفيان: فأيهما أسلم قبل صاحبه عرض عليه الإسلام فإن أبى فرّق بينهما, فإن أسلم بعد ذلك فلا شيء إلا بنكاح جديد3 [ظ-34/ب] .
قال أحمد: لا, هو أحق بها إن أسلم في عدتها. 4
__________
1 سبق الكلام على خيار الأمة إذا أعتقت تحت عبد في مسألة (1036) ، وأنها إذا اختارت نفسها كان ذلك فرقة بغير طلاق, وفي مسألة (1038) قيل للإمام أحمد: "لم لا يكون طلاقا؟ ".
قال: "الطلاق ما تكلم به الرجل, إنما هذا شيء من قبلها".
2 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/106.
3 انظر نص كلام الإمام سفيان الثوري هذا في: اختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي, لوحة 30, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/208, والاستذكار لابن عبد البر، لوحة 140.
4 سبق التفصيل في مسألة إسلام الزوجين الكتابيين أو المجوسيين أو أحدهما في المسألة رقم: (1146) .

(4/1811)


قال إسحاق: كما قال أحمد. 1
[1190-] سئل2 إسحاق3 عن مجوسي تزوج مجوسية صغيرة ثم أسلم قبل أن يدخل بها، ومات قبل أن تدرك الجارية؟
فقال: لها4 المهر بالعقدة، ولا ميراث بينهما. 5
[1191-] قيل: فإن أسلمت في العدّة؟
قال: هذه صغيرة6 ولا تعقل الإسلام، فإن كانت كبيرة فأسلمت قبل أن يقسم الميراث، فلها الميراث قبل انقضاء العدّة
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 66 من ظ.
2 بداية اللوحة رقم: 67 من ظ.
3 هذه المسألة انفرد بالسؤال عنها الإمام إسحاق، وسوف تأتي مسائل ينفرد بها إسحاق تارة، وينفرد بها أحمد تارة أخرى.
4 في ع بلفظ "فقال: المهر لها بالعقدة ولا ميراث لها".
5 أما المهر فلها نصف المهر لأن الفرقة جاءت من قبله، وأما الميراث فلا ميراث لها، للإجماع بأن الزوجين الوثنيين إذا أسلم أحدهما قبل صاحبه ولم يدخل الزوج بامرأته أن الفرقة تتعجل بينهما، كما حكاه ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/210
6 في ع بحذف "الواو".

(4/1812)


أو بعده1.
[1192-] قلت: قال الحسن2 في النصرانية تسلم وزوجها نصراني أو3 المجوسية تكون تحت المجوسي فتسلم قبل أن يدخل بها ولا يسلم: لا صداق لها4.
قال سفيان: فكان غيره من الفقهاء يقول: لها نصف الصداق وإن لم يكن دخل بها؛ لأنها دعته إلى الإسلام فأبى5.
__________
1 مذهب الإمام إسحاق أن المجوسية المدخول بها إذا أسلمت أو أسلم زوجها, فأسلم المتأخر منهما قبل انقضاء العدة، فهما على النكاح، كما في مسألة (1146) , والإشراف على مذاهب العلماء: 4/210.
وللإجماع الذي نقله ابن المنذر في التعليق على قول إسحاق: "لها المهر بالعقدة ولا ميراث بينهما" من المسألة السابقة (1190) يحمل قوله على إسلام الكبيرة إذا كانت مدخولاً بها وتوريثها بعد العدة يخالف ما أجاب به إسحاق في المسألة رقم: (1146) وما نقل عنه ابن المنذر آنفاً من أنه تقع الفرقة بينهما إذا أسلمت بعد العدة، والأقرب أن لا ميراث لها.
2 انظر عن قول الحسن في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/209, المغني: 6/615.
3 في ع "و" بدل "أو".
4 في ع "فلا صداق لها".
5 وهو قول الثوري كما في المغني واختلاف العلماء للمروزي، وهو رواية عن الإمام أحمد, وممن قال بذلك قتادة, وعلل ذلك ابن قدامة بنحو ما ذكره الإمام سفيان هنا, قال: "لأن الفرقة حصلت من قبله بإبائه الإسلام وامتناعه منه, وهي فعلت ما فرض الله عليها، فكان لها نصف الصداق ما فرض الله لها، كما لو علق طلاقها على الصلاة فصلت." ا.?.
انظر: المغني: 6/615, واختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي، لوحة: 28, والإنصاف: 8/211.

(4/1813)


قال أحمد: ليس لها شيء. 1
قال إسحاق: كما قال2.
[1193-] قلت: قال الشعبي3: كل فرقة طلاق.
قال سفيان: فأما الذي [نستحب نحن4] : فإن جاءت الفرقة من قبلها
__________
1 قال المرداوي رحمه الله: "هذا المذهب نص عليه, وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به أكثرهم." ا.?.
وقدمه ابن قدامة في المغني وعلله "بأن الفرقة حاصلة بفعلها فلم يجب لها شيء كما لو ارتدت".
انظر: المغني: 6/615, الإنصاف: 8/211.
2 في ع بلفظ "كما قال أحمد".
وانظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/209.
3 انظر مذهب الشعبي في مثل ذلك في الخلع مثلاً: المغني: 7/56, شرح السنة للبغوي: 9/196, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة رقم: 105.
4 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "الذي نستحب فإن جاء".

(4/1814)


فليس بشيء، وإذا جاءت من قبله فهو طلاق1.
قال أحمد: كل فرقة بين الرجل وامرأته فهي فرقة بغير طلاق، إلا أن يلفظ بالطلاق2 مثل قوله: أنت طالق، أو الخيار، فإنها واحدة تملك [ع-59/أ] رجعتها3، أو يجعل أمرها بيدها أو بيد غيرها، فهو على ما طلقت نفسها أو طلقها المجعول إليه أمرها4.
فأما اللعان5 وخيار6 الأمة
__________
1 ونسبوا إليه أن مذهبه في الخلع أنه تطليقة بائنة، مع أن ذلك فرقة من قبلها.
انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/218, شرح السنة: 9/196, المغني: 7/56, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة 38, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة 105.
2 سبق عن الإمام أحمد في مسألة (1039) أنه سئل: إن عتقت الأمة تحت عبد فخيّرت فاختارت نفسها، لم لا يكون طلاقاً؟
قال: "الطلاق ما تكلم به الرجل، إنما هذا شيء من قبلها".
وانظر أيضاً المبدع: 7/96.
3 انظر: المسألة رقم: (974) , فقد سبق الكلام على ذلك.
4 سبق تفصيل الكلام في مثل هذا في المسألة رقم: (1059) .
[5] انظر: عن قول الإمامين في: المغني: 7/412-413, الإنصاف: 9/251, شرح السنة: 9/256.
6 انظر: المسألة رقم: (1038) .

(4/1815)


والخلع1 [والمرضعة2] والذي يغشى أم امرأته3 وكل شيء يلزمه فراقها، فهو فراق وليس بطلاق.
قال إسحاق: كما قال4, إلا أمرك بيدك، فهو على ما نوى الزوج: إن نوى واحدة فواحدة, وإن نوى ثنتين فثنتين, وإن نوى كل أمرها فالقضاء ما قضت5.
__________
1 ورد عن الإمام أحمد روايتان في الخلع هل هو فسخ أو طلقة بائنة، والصحيح من المذهب أنه فسخ، كما ذهب الإمام أحمد هنا.
ونقل المرداوي عن الزركشي أنه قال: "هذه هي المشهورة في المذهب واختيار عامة الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم", ويشترط في وقوع الخلع فسخاً أن لا ينوي به الطلاق، فإن نوى به الطلاق كان طلاقاً على الصحيح من المذهب.
المغني: 7/56, الإنصاف: 8/392.
وانظر أيضاً عن قول الإمام إسحاق في أن الخلع فسخ: الإشراف: 4/218, شرح السنة: 9/296, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة 38.
راجع أيضاً التعليق على المسألة رقم: (970) .
2 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "المرضع".
[] وانظر: عن قول الإمامين في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/115, والإنصاف: [9/339-340.
[3]] انظر: مسألتي رقم: (914-915) فقد سبق الكلام على المسألة.
4 في ع بلفظ "قال إسحاق: هو كما قال".
5 وافق الإمام إسحاق الإمام أحمد في تفريقه بين ما يكون فسخاً وما يكون طلاقاً، وخالفه فيما يقع إذا قال الرجل لامرأته: أمرك بيدك, وسبق تقرير ذلك في المسألة رقم: (1059) .

(4/1816)


[1194-] قلت: سئل سفيان عن رجل دخل بامرأته فلم يصل إليها1 أن يجامعها ثم طلقها تطليقة، أترى [له2] عليها رجعة؟
قال: لا.
[1195-] قلت3: فالميراث؟
قال: ولا ميراث.
قال أحمد: إذا أغلق الباب وأرخي الستر فهو بمنزلة المدخول بها.
قلت: فإن لم يغلق الباب ولم يرخ الستر؟
قال: إذا خلا بها.
قال إسحاق: كما قال سفيان, إلا أن يكون أغلق الباب وأرخى الستر ولم يكن بها علة4 مانعة.
__________
1 في ع بحذف "إليها".
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 في ع بلفظ "قيل فالميراث".
4 سبقت المسألة بعينها في المسألة رقم: (1129) ما عدا قول إسحاق، فإنه لم يكن موجوداً هناك.
ولا فرق بين قول إسحاق وأحمد إلا في اعتبار العلة المانعة, وسبق التفصيل في ذلك بمسألة رقم: (966) .
وانظر أيضاً المغني: 7/451, واختلاف العلماء، لوحة رقم: 38.

(4/1817)


[1196-] قلت: سئل سفيان عن المرأة إذا قالت: إن زوجها لا يستطيع أن يجامعها؟
قال: إن كانت عذراء نظر إليها النساء، وإن كانت ثيباً استحلف زوجها1.
قال أحمد: جيد2.
قال إسحاق: كما قال3.
[1197-] قلت: المرتد كم تعتد4 امرأته؟
__________
1 انظر عن قول الإمام سفيان الثوري: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/2, 83, اختلاف العلماء، لوحة رقم: 23.
2 اعتبار قوله بيمينه إن كانت ثيباً رواية عن الإمام أحمد, قال عنها ابن قدامة: في ظاهر المذهب.
وعنه رواية: القول قولها. قال عنها المرداوي: وهو المذهب.
[] راجع الإنصاف: 8/190-191, المغني: 6/668-669.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/82, 83.
[4] نقل ابن هانئ في مسائله: 1/217-218 نحو هذه المسألة

(4/1818)


قال أحمد: ثلاثة1 قروء2.
[1198-] قلت: فإن قتل؟
قال أحمد: أربعه أشهر وعشراً3.
[1199-] قلت: فإن تاب؟
قال أحمد: هو أحق بها ما كانت في العدة4.
[1200-] قلت: لمن5 ميراثه؟
__________
1 في ع بحذف "ثلاثة" وهذا سقط.
2 انظر: المغني: 7/449, حاشية الروض المربع: 7/60.
3 انظر: الإنصاف: 9/275, المغني: 7/470, الإشراف: 4/274.
4 هذه رواية عن الإمام أحمد، وأجاب بها أيضاً في مسألة تأتى برقم: (1202) فإن أسلم قبل انقضاء العدة فهما على النكاح، وإن لم يسلم حتى انقضت بانت منذ ارتد.
رجح هذه الرواية ابن قدامة في المغني، ونقل المرداوي في الإنصاف عن الزركشي أنه المذهب، وعقبه بقوله: وهو الصحيح.
وعن الإمام أحمد رواية أن الفرقة تتعجل فتبين منه منذ ارتد، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو قول الثوري أجاب به في المسألة الآتية برقم: (1202) .
راجع الإنصاف: 8/216, المبدع: 7/122, المغني: 6/639.
5 في ع بحذف "لمن".

(4/1819)


قال: يقتل ويؤخذ ماله1 على حديث2 البراء بن عازب3 رضي الله عنه.
قلت: فإن مات، لمن ميراثه؟
قال: مثل ذلك.
قلت: فإن هرب؟
قال: يوقف4 ماله.
__________
1 ويكون فيئا في بيت مال المسلمين, وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب, قاله المرداوي في الإنصاف.
وعنه كما قال الإمام إسحاق هنا أنه يكون للمسلمين من ورثته.
وعنه رواية أيضاً: أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره, وقيده الزركشي بشرط أن لا يكونوا مرتدين، حكى عنه ذلك المرداوي، وحكى عن ابن منصور أن الإمام أحمد رجع عن هذا القول.
انظر: الإنصاف: 7/352, المغني: 6/300, المبدع: 6/234, 235.
2 حديث البراء: عن البراء عن أبيه قال: "لقيت خالي معه راية فقلت: أين تريد؟ قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل من بني تميم تزوج امرأة أبيه من بعده، فأمرنا أن نقتله ونأخذ ماله، ففعلوا."
أخرجه: أحمد في المسند: 4/295 بهذا اللفظ، وأخرجه أبو داود: 4/602, والترمذي، حديث 1362 وقال: "حديث حسن غريب", والنسائي: 6/109, وابن ماجة حديث رقم: 2607.
3 في ع بحذف "عازب".
4 انظر: المغني: 6/302.

(4/1820)


قال إسحاق: هو كما قال, إلا في الميراث فإن ميراثه للمسلمين من ورثته، والباقي كما قال1.
[1201-] قلت: قال سفيان إذا ارتدت المرأة عن الإسلام ولها زوج قبل أن يدخل بها، فلا صداق لها وقد انقطع ما بينهما، الرجل والمرأة فيه سواء.
قال أحمد: قد انقطع ما بينهما [ع-59/ب] ، ولا2 صداق لها لأنه ليس ها هنا عدة، وإن لم يكن دخل بها.
قال إسحاق: كما قال3.
[1202-] قلت: قال سفيان: إذا ارتدت المرأة عن الإسلام ثم رجعت إلى
__________
1 انظر عن قول إسحاق: فتح الباري: 12/51, شرح السنة: 8/365, معالم السنن: 4/603, المغني: 6/301، وفيه يقول أن ما اكتسبه بعد ردته يكون فيئاً.
2 في ع بزيادة "و".
3 إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح في قول عامة أهل العلم، إلا أنه حكي عن داود أنه لا ينفسخ بالردة.
ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} الممتحنة: 10.
وفي المغني وكذا في المبدع لأنه اختلاف دين يمنع الإصابة، فأوجب فسخ النكاح، كما لو أسلمت تحت كافر, وأما سقوط المهر فلأن الفرقة من قبلها.
انظر: المغني: 6/639, والمبدع: 7/122, والإنصاف: 8/215.

(4/1821)


الإسلام، فخطبها زوجها بمهر جديد ونكاح جديد1؟
قال أحمد: هو أحق بها ما كانت في العدة2.
قال إسحاق: هو كما قال3.
[1203-] قلت: سئل سفيان عن رجل وطئ جاريته فولدت، فمات الرجل ولم يدع ولده ولم ينفه4؟
قال: ما أرى إلا أن يلحقه.
__________
1 انظر عن قول سفيان الثوري: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/211, والمبدع: 7/122, والمغني: 6/639.
وهو رواية عن الإمام أحمد واختارها ابن المنذر.
وعلل لذلك في المغني والمبدع "أن ما أوجب فسخ النكاح استوى فيه ما قبل الدخول وبعده كالرضاع".
انظر: المغني: 6/139, والمبدع: 7/122, والإنصاف: 8/216, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/211.
2 وذلك أشهر الروايتين عن الإمام أحمد، كما بينه ابن مفلح، وهو المذهب كما سبق في المسألة رقم: (1199) .
وانظر أيضاً المبدع: 7/122, والمغني: 6/639, والإنصاف: 8/216.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/211, وشرح السنة: 9/94.
4 في الأصل "يبنه".

(4/1822)


قال أحمد: الولد ولده إذا كان وطئاً بيناً.
قال إسحاق: هو كما1 قال إذا كان إقراره بالوطء معروفاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الفراش للأمة في عبد2 بن زمعة وغيره.
[1204-] قلت: سئل سفيان3 عن رجل قال لرجل: قد زوجتك ابنتي إن رضيت أمها وهي صغيرة.
__________
1 اتفق الأئمة الثلاثة أن الأمة تصير فراشاً بالوطء إن أقره سيدها ثم أتت بولد يمكن أن يكون منه لحقه، ولا يتوقف ذلك على استلحاقه.
ويدل عليه الحديث المذكور في المسألة وما رواه مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يدعوهن يخرجن, لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن.
أخرجه مالك في الموطأ: 2/743، باب القضاء في أمهات الأولاد.
وأخرجه البغوي أيضاً في شرح السنة: 9/297.
وانظر أيضاً عن المسألة زاد المعاد: 5/410, والمبدع: 8/102, وشرح السنة: 9/297, والمغني: 7/401, والإنصاف: 9/263.
2 سبق تخريج هذا الحديث في المسألة رقم: (914) ، وسبقت هناك ترجمة عبد بن زمعة.
3 انظر نص كلام الإمام الثوري هذا في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/74, والأوسط، لوحة رقم: 207.

(4/1823)


قال: لا أرى شيئاً وقع بعد حتى ترضى أمها.
قال أحمد: جيد1.
[1205-] قلت: وإذا قال زوجتك إلا أن يكره فلان أو أمها؟
[قال:] 2 لا أرى الكراهة مثل الرضى.
قال أحمد: أرجو أن يكون وقع في ذا التزويج3.
قال إسحاق: كلاهما4 ينظر إلى الرضى والكراهة5، فإنهما شرطان [ظ-35/أ] .
__________
1 هذا تعليق للنكاح على شرط مستقبل, وهو من نكاح المتعة. قال في المقنع عن نكاح المتعة: "أو علق ابتداؤه على شرط، كقوله: زوجتك إذا جاء رأس الشهر أو إن رضيت أمها."
قال المرداوي معلقاً على ذلك: "الصحيح من المذهب بطلان العقد في ذلك وشبهه."
وعلله ابن مفلح بأن النكاح عقد معاوضة، فبطل على شروط كالبيع.
وعن الإمام رواية يصح النكاح دون الشرط.
راجع المبدع: 7/88, والمقنع بحاشيته: 3/44, والإنصاف: 8/164.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 راجع التعليق رقم: 2 في المسألة.
4 في ع بلفظ "قال إسحاق: كلاهما واحد".
5 انظر عن قول الإمام إسحاق هذا في الأوسط، لوحة رقم: 207.

(4/1824)


[1206-] قلت1: قال سفيان في رجل زوّج ابنه وهو غائب؟
قال: ما أراه شيئاً إلا أن يقول أمرني ابني2.
قال أحمد: إن قال أمرني ابني هو كاذب, ما أراه إلا جائزاً أمره أو لم يأمره، فإن أنكر الابن كان نصف الصداق على الأب3.
__________
1 بداية اللوحة رقم: 68 من ظ.
2 بمعنى أن سفيان يرى أن الأب ليس له أن يزوج ابنه إلا بإذنه، فإن كان الابن بالغاً وافقه على ذلك الإمام أحمد، إلا أن يدعي إذن ابنه ولم يأذن له، كما ذكره الإمام أحمد.
انظر: اختلاف العلماء، لوحة رقم: 22، والاستذكار لوحة 103.
3 ورد عن الإمام أحمد نحو هذه المسألة في مسائل ابن هاني: 1/196.
هذا وللأب تزويج ابنه العاقل غير البالغ سواء أذن أو لم يأذن، وسواء رضي أو لم يرض، على الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف.
وذكر ابن مفلح نحوه في المبدع, وليس للأب تزويج ابنه العاقل البالغ بغير إذنه، بلا نزاع في المذهب، كما أفاده المرداوي أيضاً, فمسألتنا هذه في الابن العاقل غير البالغ، فإنه لم يرد عن الإمام أنه أجاز للأب تزويج ابنه البالغ بغير أمره كما ذكره المرداوي, وإذا عقد للصغير تعلق الصداق بذمة الابن موسراً كان أو معسراً كما ذكره ابن قدامة في المغني, وإذا رد الابن المميز غير البالغ عقد النكاح، كان شطر الصداق على الأب كما أفاده الإمام أحمد هنا.
راجع الإنصاف: 8/52, 54, والمبدع: 7/22, والمغني: 6/502, والمقنع بحاشيته: 3/80.

(4/1825)


قال إسحاق: كما قال سفيان، إلا إن كان الابن صغيراً أو كان يخطب عليه برضى منه1.
[1207-] قلت: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة فقال: تزوجت امرأة حراماً؟
قال: أرى النكاح جائزاً.
قال أحمد: نعم.
قال إسحاق: إن أراد به كذباً أو مكايدة فالنكاح جائز.2
__________
1 وإذا حملنا كلام الإمام أحمد على الصبي غير البالغ اتفق قوله مع قول إسحاق هذا.
انظر قول الإمام إسحاق في تزويج الأب الغلام العاقل غير البالغ في المغني: 6/499.
2 نظيرها ما ذكروه من أنه لو قيل لإنسان: ألك امرأة؟ فقال: لا، وأراد به الكذب لم يلزمه شيء.
قال ابن قدامة معلقاً على ذلك: "إنما يلزمه إذا أراد الكذب لأن قوله: ما لي امرأة كناية تفتقر إلى نية الطلاق, وإذا نوى الكذب فما نوى الطلاق، فلم يقع الطلاق." ثم ذكر أمثلة يمكن أن يحمل ذلك عليها منها: (أني كمن لا امرأة له) , وقال: أو لم ينو شيئاً لم تطلق لعدم النية المشترطة في الكناية، فإذا نوى بمسألتنا هذه مثلاً تزوجت امرأة حراما عليها أفعالها، لم يقع الطلاق, لأنه لم ينوْه، فإن أراد به ذلك أو نحوه فيقابله في مسألتنا ما ذكره الإمام إسحاق، وإن لم ينو شيئاً كما أطلقه الإمامان أحمد وسفيان فالنكاح جائز أيضاً لعدم النية المشروطة في الكناية، كما علله به ابن قدامة آنفا.
[] انظر: المغني: 7/138-139, والمقنع بحاشيته: 3/144-145.

(4/1826)


[1208-] قلت: سئل سفيان عن رجل زوج ابنه صغيراً وضمن المهر، فمات الأب ولم يدع وفاء؟
قال: يرجع بالمهر على الابن، فإن ترك وفاء أخذ من ميراثه وحوسب به الابن من نصيبه1.
قال أحمد: كما قال2.
قال إسحاق3: كما قال سواء4.
__________
1 انظر عن قول سفيان في استقرار المهر في مال الابن: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/687.
2 نقل ابن هانيء نحو هذه المسألة في مسائله عن الإمام أحمد: 1/214.
وفيما يتعلق بضمان الأب الصداق، فإن الأب لا يضمنه إن كان الابن موسراً، وكذا في أشهر الروايتين إن كان معسراً وهو المذهب, وفي رواية يضمنه.
وأما عن استقرار الصداق بذمة الابن فلأن الأب عقد العقد نيابة عن الابن، فكان على الابن بذله، كثمن المبيع. وإذا مات الأب بعد ضمان الصداق فما ذكره الأئمة الثلاثة من محاسبة الابن من نصيبه مترتب على استقرار المهر في ذمة الابن.
انظر: المبدع: 7/146, والإنصاف: 8/252, والمغني: 6/502.
3 انظر عن قول إسحاق في استقرار المهر في مال الابن: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/687.
4 في ع بحذف "سواء".

(4/1827)


[1209-] قلت: رجل تزوج امرأة ولها ابن رضيع من غيره، فأرادت أن ترضعه [ومنعها زوجها أن ترضعه1] ؟
قال: ليس لها أن ترضعه.
قال: أقول هكذا.
قلت: فيترك الصبي.
قال: يسترضع له، إنما تزوجها للفراش لا لشغل نفسها2.
قال إسحاق: هو كما قال3.
[1210-] قلت: قال سفيان: امرأة كانت تحت رجل ففارقها ولها ابنة4، [ثم تزوجت رجلاً فولدت له ابنة، فأراد ابن الزوج أن يتزوج ابنتها] ؟
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من ع، لأن المعنى يتضح به، إذ هو المقصود من السؤال.
2 علل ذلك ابن قدامة في المغني بقوله: "لأن عقد النكاح يقتضي تمليك الزوج الاستمتاع في كل الزمان من كل الجهات سوى أوقات الصلوات، والرضاع يفوت عليه الاستمتاع في بعض الأوقات، فكان له المنع، كالخروج من منزله، إلا أن يضطر الولد إليها وخشي عليه التلف بأن لم توجد مرضعة سواها أو لا يقبل الارتضاع من غيرها".
انظر: المغني: 7/625, والإنصاف: 8/363, والمبدع: 7/204.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الأوسط، لوحة رقم: 242.
4 في ع بلفظ "ابنتها"، وما بين المعقوفين غير موجود في ع.

(4/1828)


قال: لا 1بأس به، التي كانت قبل وكانت بعد.
قال أحمد2: لا بأس التي قبل والتي بعد.
قال إسحاق3: كما قال سواء.
[1211-] قلت: قال سفيان إذا أحل له فرجها فوقع عليها، فهي مملوكة لسيدها الأول، والولد مملوك، ويثبت النسب.
قال أحمد: هذا وطء على شبهة [و] 4 الولد ولده، والأمة ترجع إلى سيدها الأول5.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 انظر عن قول الإمام سفيان الثوري: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/99.
2 لعدم أسباب التحريم فيجوز لابن الزوج الثاني نكاح ابنة الزوج الأول، ويجوز لابن الزوج من غير هذه الزوجة نكاح ابنة الزوج الثاني, وهو معنى قولهما التي قبل والتي بعد.
انظر: المغني: 6/588, والإشراف: 4/99.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/99, والأوسط، لوحة رقم: 218.
4 "الواو" ساقطة من ظ، وأثبتها من ع لأن الكلام يستقيم بوجودها.
5 سبق تقرير المسألة في مسألتي (937، 938) وأن الأبضاع لا تستباح بالإباحة، وأنه يكون الواطئ مثل مسألتنا زانياً ويقام عليه الحد، وأنه لا يسقط الحد في مثل ذلك إلا إذا وطئ شخص جارية ولده أو جارية امرأته بإذنها, أو كان يجهل التحريم.

(4/1829)


[1212-] سئل أحمد عن امرأة أحلت جاريتها لأبيها فوطئها [ع-60/أ] ؟
قال: إذا وطئها فقد استهلكها1.
قيل: فإنه [أعتقها2] ؟
قال: لا أدري3.
قال إسحاق: إذا وطئها مرة فحملت فهو استهلاك، فأما إذا وطئها فلم تحمل، فعتقها جائز.
[1213-] سئل4 سفيان عن شهادة رجل مكان رجل في الطلاق؟
قال: ما أراه إلا جائزاً5.
__________
1 قوله استهلكها أي إذا وطئها تكون من ماله وتخرج من ملكية بنته، ولذلك توقف الإمام أحمد عن جواز عتقها بعد ذلك.
وقد سبق تفصيل الكلام فيما إذا استهلكها الأب في المسألة رقم: (1101) .
2 هكذا في نسخة ظ، وفي نسخة ع "فإنه عتقها", والأقرب فإن هي أعتقتها, أي ما الحكم فيما إذا أعتقت جاريتها التي استهلكها أبوها بالوطء, وقد يكون السؤال عن حكم عتق الأب لها بعد أن وطئها فخرجت من ملك ابنته.
3 سبق في مسألتي (939، 940) أنه لا حد على الأب في وطء جارية ابنه للشبهة، والابنة هنا مثل الابن.
4 المسألة في ع بلفظ "قلت: سئل سفيان عن شهادة رجل في الطلاق"، ولا شك أن هذا سقط.
5 نقل ابن قدامة رحمه الله في المغني: 9/207 رواية ابن منصور هذه كاملة بما فيها قول سفيان هذا.

(4/1830)


قال أحمد: جيد، ما أحسن ما قال1.
__________
1 ستأتي مسألة شهادة الرجل على الرجل في باب الشهادات في المسألة رقم: (2918) وتجوز الشهادة على الشهادة بالإجماع، كما حكاه ابن قدامة في المغني.
وعن الإمام أحمد روايات فيما تقبل فيه الشهادة على الشهادة، فأما ما يتعلق بالمال فتقبل فيه.
قال ابن قدامة في المغني: 9/206: "أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق على إمضاء الشهادة على الشهادة في الأموال."
وحكم هذه المسألة حكم كتابة القاضي إلى القاضي، لأنها شهادة على شهادة، والمذهب أنه لا تقبل الشهادة على الشهادة، وكتابة القاضي في الحدود، كما نقله المرداوي في الإنصاف: 11/321.
ونقل عنه -رحمه الله- أنه يقبل ذلك في غير حد وقود, وعلى الروايتين الأخيرتين يقبل في الطلاق ونحوه. قال المرداوي في الإنصاف 12/89: "ونص الإمام أحمد -رحمه الله- على قبولها-أي الشهادة على الشهادة-في الطلاق."
وعنه رواية أنه لا يقبل في غير الأموال.
وظاهر كلام الخرقي أن الشهادة على الشهادة تقبل في القود، فإنه قال: وشهادة العدل على شهادة العدل جائزة في كل شيء إلا في الحدود, فلم يستثن إلا الحدود, وقال ابن قدامة: وظاهر كلام أحمد أنها لا تقبل في القصاص أيضاً ولا حد القذف لأنه قال: "إنما تجوز في الحقوق، أما الدماء والحد فلا".
وأنكر ابن قدامة على بعض الحنابلة الذين أثبتوا للإمام أحمد رواية في قبول الشهادة على الشهادة في القصاص, المغني: 9/91.
قال ابن قدامة بعد أن أورد مسألة ابن منصور هذه: "فجعله أصحابنا رواية في القصاص، وليس هذا برواية فإن الطلاق لا يشبه القصاص، والمذهب أنها لا تقبل فيه لأنه عقوبة بدنية تدرأ بالشبهة، وتبنى على الإسقاط، فأشبهت الحدود."
انظر: المغني: 9/217, وانظر أيضاً الإنصاف: 11/321, 12/89, والمبدع: 10/103, 10/294, والنكت والفوائد السنية: 2/334, والمحرر: 2/334, ومغني ذوي الأفهام 239.

(4/1831)


قال إسحاق1: كما قال، وكذلك (في كل الحقوق) 2، وتجوز شهادة رجل على شهادة آخر، كان شريح يجيز بذلك3
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة 143، واختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي، لوحة رقم: 105، والمغني: 9/206.
2 في ع "في الحقوق كلها", واستدل من قال بأنها تقبل في الحقوق كلها لأن ذلك يثبت بشهادة الأصل، فيثبت بالشهادة على الشهادة.
وأجاب عن ذلك ابن قدامة بالفرق الظاهر بين المسألتين، وقال: "ولا يصح قياسها على الأموال لما بينهما من الفرق في الحاجة والتساهل فيها، ولا يصح قياسها على شهادة الأصل لما ذكرنا من [] الفرق فيبطل إثباتها. المغني: 9/206-207.
3 أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح قال: "تجوز شهادة الرجل على الرجل في الحقوق", ويقول شريح للشاهد: "قل أشهدني ذوا عدل." مصنف عبد الرزاق: 8/338.
وانظر أيضاً عن هذا اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة 143، واختلاف العلماء للمروزي، لوحة رقم: 105, والمغني: 9/206.

(4/1832)


ويسميهم المباذيل -يعنى الضرورة-.
[1214-] قلت1 لأحمد: سئل سفيان عن رجل خلا بامرأته وهي حائض؟
قال: لها المهر كاملاً.
قيل2: وإن كان محرماً؟
قال: وإن كان محرماً3.
قال أحمد: نعم, إذا أغلق الباب وأرخى الستر.
قال إسحاق: لا يكون لها المهر بالخلوة أبداً على هذا، إلا أن تكون خلوة وهي فارغة4.
__________
1 في ع بحذف "لأحمد".
2 في ع بحذف "قيل".
3 هذا جواب الإمام الثوري، ودل على أنه يرى الخلوة ولو مع قيام مانع شرعي، وسبق عنه المسألة رقم: (1129) ما يدل على أنه لا يعتبر الخلوة دخولاً.
ونقل عنه كل من ابن المنذر وابن قدامة ما يدل على ما ذهب إليه في هذه المسألة، فلعلها رواية أخرى عنه.
[] انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/64- 65, والمغني: 7/451.
4 أي خالية من الموانع الحسية أو المعنوية التي تمنع الجماع، والمسألة ما هو الدخول المعتبر أو المشروط لإيجاب المهر كاملاً، أو إيجاب العدة.
وسبق ذلك في المسائل (966، 1129، 1157) .

(4/1833)


[1215-] قلت: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة على خادم1، ثم زوجها غلامه فولدت أولاداً، وطلق امرأته قبل أن يدخل بها؟
قال: لها نصف قيمتها وقيمة ولدها.
قال أحمد: جيد2.
قال سفيان: فإن أعتقها قبل أن يدخل بها، لم يجز له ذلك.
قال أحمد: لا يجوز عتقه لأنه حين تزوجها وجبت3 الجارية لهما4.
قال سفيان: فإن نقصت الخادم من عيب أو شيء شاركها في
__________
1 يطلق لفظ الخادم على المذكر والمؤنث: قال الجوهري في الصحاح: 5/1909 "والخادم واحد الخدم، غلاماً كان أو جارية." ويقال للمؤنث أيضاً الخادمة, كما في القاموس، وهي خادم وخادمة. القاموس: 4/104, والمراد هنا الجارية للسياق.
2 تملك المرأة الصداق المسمى بالعقد، فإذا طلقها قبل الدخول كان له الرجوع بنصف الصداق، فإن كانت به زيادة أو نقص فللمرأة وعليها، ففي مسألتنا هذه يعطيها الزوج نصف قيمة الجارية ويعطيها أيضا قيمة الأولاد؛ لأن الولد من زوائد الصداق، وهي أحق بالزوائد حيث ملكت الأصل وهو الصداق المسمى بالعقد.
انظر: المغني: 6/698, المبدع: 7/153, الفروع: 5/284, الإنصاف: 8/262, مطالب أولي النهى: 5/195, الإشراف: 4/66.
3 في ع بلفظ "وجبت له الجارية".
4 حيث تملك المرأة الصداق المسمى بالعقد.
انظر: المغني: 6/698, المبدع: 7/151, الإنصاف: 8/261.

(4/1834)


النصف، فإن شاء أخذ نصف القيمة،1 وإن تزوجها على أرض فبنته داراً فله نصف قيمة الأرض، أو ثوب فصبغته فله نصف قيمة الثوب، وكل شيء من أشباه هذا لأنه استهلاك.
قال أحمد: جيد2.
قال إسحاق: كما قال.
[1216-] قلت: سئل سفيان عن رجل قال لامرأته: يوم أخرج من البلد فأمرك بيدك. فخرج سراً لم تعلم المرأة ثم علمت بعد ذلك، فلا أراه شيئا. 3
قال أحمد: أمرها بيدها, سراً خرج أو علانية إذا جعل أمرها بيدها،
__________
1 نصف قيمة الصداق وقت العقد أو قنع بنصف المعيب فله الخيار في ذلك, وإذا كان بالمهر زيادة متصلة، فللمرأة الخيار بين دفع نصف قيمته يوم العقد، أو دفع نصفه مع الزيادة.
[] راجع: المغني: 6/699, الإنصاف: 8/264-266, المبدع: 7/153, الإشراف: 4/66.
2 قال في المغني: "وإذا أصدقها خشباً فشقته أبوابا فزادت قيمته لم يكن له الرجوع في نصفه لزيادته، ولا يلزمه قبول نصف، لأنه نقص من وجه، فإنه لم يبق مستعداً لما كان يصلح له من التسقيف وغيره."
المغني: 6/703, والأوسط، لوحة رقم: 197.
3 انظر قول الثوري في ذلك في: الإشراف: 4/179, والمغني: 7/147.

(4/1835)


فلها الأمر1 ما لم يغشها على حديث زبراء2.
قال إسحاق: الأمر بيدها إذا خرج, ولكن إذا لم تعلم ذلك حتى قامت من ذلك المجلس ذهب خيارها، إلا أن يوقّت الزوج وقتا، ومتى ما بلغها بعد يوم أو أكثر فلم تختر شيئاً في مجلسها فلا خيار لها3 [ظ-35/ب] .
__________
1 في ع بلفظ "فلها المهر ما لم يغشها".
2 سبقت المسألة وسبق تخريج حديث زبراء مولاة عدي بن كعب في المسألة رقم: (971) .
3 فمذهبه في هذا الخيار أنه على الفور، مثل خيار المخيرة سواء بسواء، وخالفه أحمد في فورية خيار المملكة أمرها.
وسبق بيان مذهبهما في المسألة رقم: (971) ويوافق الإمام سفيان الإمامين في أن خيار المخيرة على الفور.

(4/1836)


الجزء الثالث1
[1217-] قال: حدثنا إسحاق بن منصور المروزي قال: قلت: لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله] 2.
قال الأوزاعي: [ع-60/ب] رجل خيّر3 امرأته ثم بدا له أن يرجع من قبل أن تختار، إن شاء رجع من قبل أن تختار4.
قال سفيان: ليس له أن يرجع5.
قال أحمد: له أن يرجع, وكذلك إذا جعل أمرها بيدها، فله أن يرجع ما لم تختر6.
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 68 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 69 من ظ.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع, وإنما بدأت المسألة بقوله: "قال: قلت: قال الأوزاعي".
3 نهاية اللوحة رقم: 118 من ع، وبداية اللوحة رقم: 119 من ع.
4 انظر: عن قول الأوزاعي: الإشراف:4/183, المغني: 7/142.
5 انظر عن قول الثوري: المرجعين السابقين.
واستدل له: لأنه ملكها ذلك فلم يملك الرجوع كما لو طلقت.
وانظر: كذلك عن دليله: المغني: 7/142, الإشراف: 4/183.
6 يجوز الرجوع قيل أن تختار لأن ذلك كان توكيلاً منه، فكان له الرجوع فيه كالتوكيل في البيع.
ورد ابن قدامة على من قال إنه ملكها أمرها فلم يكن له الرجوع بقوله: "إن الطلاق لا يصح تمليكه، ولا ينتقل عن الزوج، وإنما ينوب فيه غيره عنه, فإذا استناب غيره فيه كان توكيلاً لا غير, ثم وإن سلم أنه تمليك فالتمليك يصح الرجوع فيه قبل اتصال القبول به كالبيع."
المغني: 7/142, المبدع: 7/286, الإنصاف: 8/492.

(4/1837)


قال إسحاق: كما قال أحمد والأوزاعي1.
[1218-] قلت: قال سفيان: إذا طلقها ثلاثاً وهو مريض ثم صح ثم مات، فإنها ترثه، وإن ماتت لم يرثها صح أو لم يصح.
قال أحمد: إذا صح فليس لها ميراث.
قال إسحاق: كلما كان أصل الطلاق في المرض فهو فار، صح أو لم يصح إذا مات ورثته2.
قلت3: قال: إذا طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو مريض، ثم صح في العدة فطلقها الثالثة، لم يتوارثا؟
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/183, المغني: 7/142.
2 سبقت المسألة بأقوال الأئمة الثلاثة بمسألة رقم: (1141) , واتفقوا هنالك على ما أجاب به الإمامان سفيان وإسحاق هنا، كما سبق بيان أن قول الجمهور هو ما أجاب به الإمام أحمد هنا.
انظر أيضاً: المغني: 6/331.
3 في ع بحذف "قال".

(4/1838)


قال أحمد: لا ترث.
قلت: لو طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو صحيح، ثم مرض فطلقها الثالثة، ثم مات في العدة، ورثته؟
قال أحمد: جيد ترثه.
قال إسحاق: كما قال1.
[1219-] قلت2: قال سفيان في رجل تزوج امرأة ودخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها وهي أم الأولى، فمات على ذلك؟
قال: لهما الصداق ولا ميراث لهما.
قال أحمد: كما قال، ولا ميراث لهما3.
[1220-] قلت: قال: [فإن لم يكن دخل بالأخرى] 4 فنكاح الأولى
__________
1 سبقت المسألة برقم: (1142، 1143) .
2 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
3 سبقت نحو هذه المسألة المسائل (1093، 1094، 1095) ووجب الصداق لكل منهما بما استحل من فروجهما, ولا ميراث لهما لحصول الفرقة في كل منهما، وتحرم عليه كل واحدة منهما على التأبيد، فتحرم البنت للدخول بأمها والأم بالعقد على بنتها, ولأن تحرم بالدخول أولى كما ذكر في المسألة هنا.
وقد سبق بيان ما تحرم به كل واحدة منهما في المسائل (916، 919) .
4 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ: "فإن دخل بالأخرى الأولى جائز" وهو خطأ لما سبقت حكايته من الدخول في الحالة الأولى، والمعني بالأخرى التي لم يدخل بها هي الأم كما يفهم من العبارة السابقة.

(4/1839)


جائز1، والأخرى فاسد، وليس لها صداق ولا ميراث 2، ولا عدّة عليها.
قال أحمد: كما قال.
قال إسحاق: كما قال.
[1221-] قلت: قال: فإن تزوج الابنة والأم في يوم3 واحد, ودخل بهما في يوم واحد، فلا ميراث4 لهما, ولهما الصداق5، وعليهما عدّة المطلقة ثلاثة قروء.
قال أحمد: جيد, لأنه فسخ بلا موت، يقول ليس عليها عدّة6
__________
1 لخلوه من الموانع.
2 لا ميراث لها لفساد العقد وليس لها صداق لفساده, ولعدم الدخول، ولا عدة عليها لعدم الدخول, وفسد نكاحها لأن العقد على البنات يحرم الأمهات. انظر: مسألة (916) .
3 في ع بلفظ "فإن تزوج الابنة والأم يوماً واحداً".
4 لفساد العقد.
5 بما استحل من فرج كل منهما.
6 قال ابن قدامة: "والموطوءة بشبهة تعتد عدّة المطلقة، وكذلك الموطوءة في نكاح فاسد."
وقال أيضا: "لأن وطء الشبهة وفي النكاح الفاسد في شغل الرحم ولحوق النسب، كالوطء في النكاح الصحيح، فكان مثله فيما تحصل به البراءة."
المغني: 7/450, المبدع: 8/133, المحرر: 2/107.

(4/1840)


المتوفى.
قال إسحاق: كما قال.
[1222-] قلت: قال سفيان في رجل تزوج امرأة وهي ثيب، ثم تزوج صبية فعمدت امرأته إلى الصبية فأرضعتها: فسدتا عليه جميعاً، وله أن يتزوج الصبية، إلا أن يكون كان دخل بالثيب، وليس له أن يتزوج الكبيرة، لأنها صارت أم الصغيرة، لأن الرجل إذا تزوج الابنة فدخل أو لم يدخل لم تحل له الأم، وإذا تزوج الأم ولم يدخل بها حلت له الابنة.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما قال سواء1.
[1223-] قلت:2 قال سفيان: يكره أن يستأجر الظئر3 إلى أن يفطم
__________
1 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: (1100) .
2 في ع بلفظ "قلت لأحمد: قال سفيان: يكره للرجل أن يستأجر الظئر".
3 الظئر بالكسر مهموز, العاطفة على غير ولدها المرضعة له من الناس والإبل.
انظر: تاج العروس: 3/366, لسان العرب: 4/514, الصحاح: 3/729.

(4/1841)


حتى يسمي أجلاً معلوماً أو دراهم معلومة [أو دنانير معلومة] 1 ولا يسمي كسوة إلا كسوة يسميها باباً باباً2.
قال أحمد: نعم3.
قال إسحاق: كما قال, إلا قوله في الكسوة، لا ينبغي له أن
__________
1 ما بين المعقوفين مزيد من ع، والأقرب "أو" في الدراهم للعطف.
2 أي لا يصح جعل الكسوة أجرة لها حتى يصف الكسوة، أي ما تلبسه من الخمار والعباءة وغيرها من الملابس، يصفها وصفاً معيناً.
3 بيّن ابن قدامة في المغني أنه يشترط لعقد إجارة الظئر أربعة شروط هي: أن تكون المدة معلومة، وأن يكون الصبي معروفا بالمشاهدة، ومعرفة موضع الرضاع، ومعرفة العوض.
وموافقة الإمام أحمد للثوري هنا في اشتراط وصف الكسوة رواية عنه.
والمذهب والذي عليه جماهير الأصحاب أنه يكتفى في الاستئجار بالطعام والكسوة بدون وصف كما ذكره المرداوي, ويرجع في قدرها إلى العرف على الصحيح من المذهب, وبم يعتبر؟ خلاف في المذهب في أنها تعطى كسوة مثلها، أو كسوة أبي الطفل، أو تعطى أوساط الكسوة كما ذهب إليه الإمام إسحاق, وعن الإمام أحمد أنها تعطى كسوة المسكين.
انظر: المغني: 5/496, الإنصاف: 6/12, المبدع: 5/67, الاختيارات الفقهية 286, الجامع لأحكام القرآن: 3/163.

(4/1842)


يسمي الكسوة, يكسوها أوساط الكسوة1.
[1224-] قلت2: يكره لبن ولد الزنى أن يرضع به؟
قال أحمد: قد كرهه قوم.
قلت: تكرهه أنت؟
قال: إني أخبرك، اللبن مشبه عليه3.
قال إسحاق: كما قال4.
__________
1 يوافق الإمام إسحاق ما عليه جماهير أصحاب الإمام أحمد من أنه لا يشترط وصف الكسوة أو الطعام, وبين أنه يرجع فيه إلى أوساط الكسوة.
2 في ع بلفظ "قال: قلت: يكره لابن الزنى ولد الزنى".
3 روى البيهقي في سننه: 7/464 "عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز -رضي الله عنهما- أنهما قالا: اللبن يشبه عليه." وفي رواية أخرى يشتبه عليه.
وأورده ابن قدامة بهذا اللفظ الأخير, وفي المغني ونحو ذلك في المبدع "كره أبو عبد الله الارتضاع بلبن الفجور والمشركات".
وقال ابن قدامة: ولأن لبن الفاجرة ربما أفضى إلى شبه المرضعة في الفجور، ويجعلها أما لولده فيتعير بها ويتضرر طبعاً وتعيراًَ.
انظر: المغني: 7/562, المبدع: 8/182, الفروع: 5/576, غاية المنتهى: 3/223, منار السبيل: 2/293.
4 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/114.

(4/1843)


[1225-] قلت1: قال سفيان في رجل تزوج امرأة وله ابنة من غيرها فزوجها رجلاً فمات أبوها: فإن شاء زوّج ابنته لزوج امرأته2.
قال أحمد3: نعم, جمع عبد الله بن جعفر4 بين امرأة رجل
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
2 انظر قول الإمام الثوري في: مصنف عبد الرزاق: 7/481, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/98.
3 قال الخرقي رحمه الله تعالى: "ولا بأس أن يجمع بين من كانت زوجة رجل وابنته من غيرها."
وقال ابن قدامة معلقاً على ذلك: "أكثر أهل العلم يرون الجمع بين المرأة وربيبتها جائزاً لا بأس به.
قال ابن المنذر: "وبه نقول، وذلك أني لا أجد دلالة أحرم الجمع بينهما".
وفي شرح السنة للبغوي: "وجملته أن كل امرأتين من أهل النسب لو قدرت إحداهما ذكراً حرمت الأخرى عليه, فالجمع بينهما حرام, ولا بأس بالجمع بين المرأة وزوجة أبيها".
انظر: مختصر الخرقي مع المغني: 6/588, الإشراف: 4/98, المغني: 6/588, شرح السنة: 9/99, فتح الباري: 9/154.
4 هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي. ولد بالحبشة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أمه أسماء بنت عميس وعن علي بن أبي طالب وغيرهم، وعنه بنوه معاوية وإسحاق وغيرهم. مات سنة 80 ?.
انظر: الإصابة: 2/280, والتقريب 169، وتهذيب التهذيب: 5/170.

(4/1844)


وابنته1.
قلت: ترى أنت؟
قال: نعم2.
قال إسحاق: كما قال3.
[1226-] قلت4: قال سفيان في رجل طلق امرأته ثلاثاً ثم تزوجها رجل بغير ولي ثم طلقها: لا يعجبني أن يتزوجها زوجها الأول حتى يكون نكاحاً بولي5.
__________
1 أثر عبد الله بن جعفر علقه البخاري في صحيحه, باب ما يحل من النساء ويحرم.
وقال ابن حجر في فتح الباري 9/155: "الأثر المذكور وصله البغوي في الجعديات من طريق عبد الرحمن بن مهران أنه قال: جمع عبد الله بن جعفر بين زينب بنت علي وامرأة علي ليلى بنت مسعود".
وأخرجه البيهقي في سننه: 7/167، باب من يحل الجمع بين امرأة الرجل وبنته.
وسعيد بن منصور في سننه: 1/276، باب الجمع بين الرجل وامرأته.
وعبد الرزاق في مصنفه: 7/481، باب الرجل يتزوج امرأة الرجل وابنته.
2 حكى الإمام أحمد قصة عبد الله بن جعفر، فسأله الكوسج عن رأيه هو، فأجاب بجواز ذلك.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/98.
4 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
5 المسألة مبنية على عدم صحة النكاح بلا ولي، كما قال به الأئمة الثلاثة هنا.
وانظر: عن قول الإمام الثوري: تهذيب السنن لابن القيم: 3/29, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/33, ومعالم السنن للخطابي: 2/570, والمغني: 6/449.

(4/1845)


قال أحمد: ما أحسن ما قال1.
قال إسحاق2: إن تزوجها بغير ولي ثم طلق لم يقع عليها
__________
1 المذهب اشتراط الولي في صحة النكاح. قال المرداوي وعليه الأصحاب، نص عليه, فإذا زوجت نفسها لم يصح.
وعن الإمام أحمد رواية أنه يجوز ذلك.
وعنه أن لها أن تأمر رجلاً يزوجها.
فإذا بطل النكاح بدون ولي على المذهب لم يكن محللاً لمن طلق زوجته ثلاثاً ويريد أن يرجع إليها بعد هذا النكاح الذي يفتقر إلى وجود الولي، حيث إن هذا النكاح لا عبرة به.
[] المغني: 6/449, والإنصاف: 8/66, وغاية المنتهى: 3/15, والمحرر: 2/15-16.
2 انظر عن قول الإمام إسحاق: تهذيب السنن لابن القيم: 3/29, والإشراف: 4/33, ومعالم السنن: 2/570.
وعلل ابن قدامة لعدم الاحتياج إلى فسخ من الحاكم بأنه لا حاجة إلى فسخ ولا طلاق لأنه نكاح غير منعقد، أشبه النكاح في العدة.
واختار ابن قدامة بأنه يطلقها أو يفسخ نكاحها، وإذا امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه، وقال: "نص عليه أحمد."
ومما علل به أيضاً ابن قدامة: أن تزويجها من غير تفريق يفضي إلى تسليط زوجين عليها، كل واحد منهما يعتقد أن نكاحه الصحيح، ونكاح الآخر الفاسد.
[] راجع المغني: 6/453-454, والإنصاف: 8/67, ومعالم السنن: 2/566.

(4/1846)


الطلاق, لأن العقدة منفسخة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فنكاحها باطل"1.
[1227-] قلت2: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة وهو يريد أن يحلها لزوجها، ثم بدا له [ع-61/أ] فأمكسها؟
قال: لا يعجبني إلا أن يفارق ويستقبل نكاحاً جديداً3.
قال أحمد: جيد4.
__________
1 هذا الحديث سبق تخريجه في المسألة رقم: (879) .
2 في ع بلفظ "قال: قلت".
3 نقله الخطابي في معالم السنن, وكذا ابن القيم في تهذيب السنن والبغوي في شرح السنة وابن المنذر في الإشراف. وقال سفيان الثوري: "إذا تزوجها وهو يريد أن يحلها لزوجها ثم بدا له أن يمسكها, لا يعجبني إلا أن يفارقها ويستأنف نكاحاً جديداً, وكذلك قال أحمد بن حنبل".

انظر: معالم السنن: 2/262, وشرح السنة: 9/101, والإشراف: 4/201, وتهذيب السنن لابن القيم: 3/22, والمغني: 6/647.
4 الصحيح من المذهب أن نكاح المحلل باطل مع شرطه، ورواية الكوسج هذه دالة عليه, وعن الإمام أحمد يصح العقد ويبطل الشرط.
قال ابن قدامة: "فإن شرط عليه التحليل قبل العقد ولم يذكره في العقد ونواه في العقد. أو نوى التحليل من غير شرط، فالنكاح باطل أيضاً."
وقيل: يكره ويصح العقد.
وإذا كان النكاح باطلاً لم يكن له أن يمسكها بذلك العقد لبطلانه.
انظر: المغني: 6/646, والإنصاف: 8/161, والمبدع: 7/85, والإشراف: 4/201.

(4/1847)


قال إسحاق: لا يحل له أن يمسكها لأن المحلل لم تحل له عقدة النكاح1 [ظ-36/أ] .
قلت2: قيل فإن فارقها، أتحل لزوجها الأول؟
قال: لا.
قال أحمد: جيد3.
قال إسحاق: كما قال.
[1228-] قلت: قال سفيان: وإذا كان عند الرجل مملوكة فطلقها تطليقتين فوقع عليها [سيدها4] ، فإنها لا تحل لزوجها5.
قال أحمد: جيد6، وكذلك إذا طلقها تطليقتين ثم اشتراها لم
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/201, المغني: 6/647.
2 في ع بلفظ "قال: قلت".
3 لبطلان العقد. راجع المراجع السابقة.
4 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأنه به يكمل الكلام.
5 انظر: عن قول الإمام سفيان المقنع بحاشيته: 3/228.
6 لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَه} البقرة, آية 230, وإطلاق النكاح هنا يقتضي النكاح الصحيح، فيشترط في النكاح المبيح أن يعقد عليها زوج غيره، ويطأها في القبل.
قال ابن مفلح في المبدع: "وحاصله أن حلها للزوج الأول مشروط بأن تنكح زوجاً غيره, فلو كانت أمة فوطئها السيد فلا، وأن يكون النكاح صحيحاً على المذهب, فلو كان فاسداً فلا, وأن يطأها في الفرج."
[] راجع: المقنع بحاشيته: 3/228-229, المبدع: 7/404, المغني: 7/275, الكافي: 3/204.

(4/1848)


تحل1 له، ولكن إذا أعتقها تزوجها وتكون عنده على واحدة ومضت ثنتان على2 حديث عمرو بن معتب.
قال إسحاق: كما قال.
[1229-] قلت: قال سفيان في رجل قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها ما
__________
1 قال في المقنع: "وإن كانت أمة فاشتراها مطلقها، لم تحل".
قال المرداوي: "هذا المذهب نص عليه، وعليه الأصحاب".
وفي المقنع أيضا: "ويحتمل أن تحل".
قال ابن مفلح في المبدع: "لأن الطلاق يختص بالزوجية فأثر في التحريم".
قلت: والأول أصح؛ لأن الآية: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَه} صريحة في تحريمها، فلا يعول على ما خالف ذلك.
انظر: المبدع: 7/407, والإنصاف: 9/167, والمقنع بحاشيته: 3/229.
2 سبقت هذه الفقرة الأخيرة من المسألة في المسألة رقم: (1032) وسبق تخريج هذا الحديث، وترجمة عمرو بن معتب، وتقرير قول أحمد وإسحاق في تلك المسألة.

(4/1849)


دمت حية فهي طالق؟
قال: هذا وقّت1.
قال أحمد: إن تزوجها لم آمره أن يفارقها2.
__________
1 أي عين ذلك بمدة حياة زوجته، ومذهب الإمام الثوري أنه لا يصح تعليق الطلاق قبل النكاح، إلا إذا سمى امرأة بعينها كأن يقول: إن تزوجت فلانة، أو وقّت وقتاً كما في مسألتنا هذه.
انظر: عن قول الثوري: شرح السنة: 9/200, والاستذكار، لوحة 211, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة 43, والإشراف: 4/185, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة رقم: 107.
2 نص على رواية ابن منصور هذه في الروايتين والوجهين، لوحة رقم: 129 ونحوها في مسائل عبد الله ص358, ومسائل ابن هاني: 1/235.
ولم يأمره أن يفارقها إذا تزوجها لأنه لا يصح تعليق الطلاق من الأجنبي، فلو قال: إن تزوجت امرأة فهي طالق، لم تطلق إذا تزوجها.
قال المرداوي: هذا المذهب، وعليه الأصحاب، ونص عليه.
من الأدلة على ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الأحزاب آية 49.
فجعل الطلاق بعد النكاح.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك".
أخرجه الترمذي: 3/486, وقال: حديث حسن صحيح. وأبو داود: 2/640.
وعن الإمام أحمد رواية أنها تطلق.
والمسألة سبقت بصيغة مختلفة وبدون ذكر قول سفيان برقم: (991، 992) .
وانظر أيضاً: الكافي: 3/200, والإنصاف: 9/59, والمبدع: 7/324.

(4/1850)


قال إسحاق: [هذا1] جائز، لا يقع الطلاق أبداً ما لم يسمها بعينها، وقّت أو لم يوقّت، وإذا سماها حنث2، وإن فعل لم آمره بفراقها.
قلت: قال: وإذا قال: من بني آدم فليس يوقت يتزوج3؟
قال أحمد: نعم.
قال إسحاق: كما قال4.
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأنه به يستقيم الكلام.
2 أي: ولو سماها لا يقع الطلاق إذا تزوجها، لكنه إذا لم يطلق بعد تزوجه إياها حنث في يمينه.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق في شرح السنة: 9/200, والإشراف: 4/185, والاستذكار، لوحة 212, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة رقم: 43, وفتح الباري: 9/386.
3 فهذه المسألة خارجة عن شرطي الإمام سفيان في جواز تعليق الطلاق قبل النكاح، فلا يصح تعليق الطلاق فيها، بل يتزوج ولا تطلق.
4 لا تفترق هذه المسألة عن المسألة السابقة عند الإمامين أحمد وإسحاق، فإنهما لم يشترطا في عدم وقوع الطلاق قبل النكاح شرطاً.

(4/1851)


[1230-] قلت: من قال إذا بدأ1 بالطلاق: وقع وإن بر؟
قال2: هذا شريح3 يقوله ليس ذا بشيء.
قال إسحاق: صدق وأجاد4.
[1231-] قلت: قال سفيان في رجل قال لامرأته: لا تخرجي، قالت: والله لأخرجنّ، قال: إن خرجت فأنت طالق، رددها ثلاثاً، أما في القضاء فهو يلزمه.
__________
1 أي إذا حلف الرجل بالطلاق ليفعلن كذا وكذا وقدم الطلاق في يمينه، ومثل له ابن قدامة في المغني "أنت طالق لأقومن". المغني: 7/183.
2 القائل هنا هو الإمام أحمد.
3 أخرج عبد الرزاق في مصنفه: 6/379 عن شريح أنه كان يقول: "إذا بدأ بالطلاق وقع وإن برّ".
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه: 2/34, وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/46 هذا الأثر عن إبراهيم عن شريح قال: إذا بدأ بالطلاق وقع حنث أو لم يحنث, وكان يقول إبراهيم وما يدري شريح.
وقال ابن المنذر في الإشراف: قال كثير من أهل العلم لا شيء عليه. وذكر نحوه ابن قدامة في المغني.
انظر: الإشراف: 4/205, والمغني: 7/183.
4 انظر: الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 269.

(4/1852)


قال أحمد: إذا كان إنما أراد بالكلام الأول1، لا يلزمه.
قال إسحاق: كما قال أحمد، لا يلزمه إلا تطليقة لأنه تكرار.
[1232-] قلت: رجل قال لامرأته: إن لم أفعل كذا وكذا فأنت طالق، فيموت أو تموت، يتوارثان إن2 لم يوقت؟
قال أحمد: إذا كان على أمر سهل عقد عليه أنه يفعله اليوم فتوانى عمداً حتى حنث, فإذا كان طلق ثلاثاً لم يتوارثا3، وإذا كان له فيها مهلة أو مدة أراد أن يفعله وإن بعد ذاك ثم ماتا توارثا4.
__________
1 الأول مفعول أراد أي إذا أراد بالكلام الذي قاله بعد ذلك الأول قاصداً الإفهام, وإن لم يقصد ذلك فأعاده ثلاثاً طلقت ثلاثاً، وإن قصد الثانية إفهاماً وقع، ووقع ما بعدها لكل مرة طلقة.
انظر: الإنصاف: 9/89, والمغني: 7/179, والمبدع: 7/351.
2 في ع بلفظ "إذا لم يوقت".
3 لم يتوارثا لأنه عين اليوم فتعلقت يمينه به, وهذا توضيح من الإمام أحمد ولم يكن محل السؤال, فإن السؤال عما إذا لم يوقّت وهذا فيما إذا وقّت، ويجيب الإمام أحمد عن المسؤول عنه في الشطر الثاني من جوابه.
راجع المغني: 7/189, والإنصاف: 9/65, والفروع: 5/429.
4 إذا قال لامرأته إن لم أطلقك فأنت طالق، أو: إن لم أضرب عبدي فامرأتي طالق، ومات أحدهما أو ماتا ولم يفعل ما علق به الطلاق طلقت في آخر جزء من حياة أولهما موتاً لأنه لا يمكن إيقاع الطلاق بها بعد موت أحدهما، فتبين أنه وقع إذا لم يبق من حياته ما يتسع لتطليقها, فأما الإرث فإذا كان الطلاق المعلق رجعياً فكما قال الإمام أحمد هنا يتوارثان، وإذا كان بائناً لم يرثها وهي ترثه.
قال في المغني: نص عليه أحمد في رواية أبي طالب إذا قال لزوجته: أنت طالق ثلاثاً إن لم أتزوج عليك، ومات ولم يتزوج عليها ورثته، وإن ماتت لم يرثها. وعلله ابن قدامة فقال: وذلك لأنها تطلق في آخر حياته فأشبه طلاقه لها في تلك الحال "أي في حال مرض الموت".
وقال ابن قدامة أيضاً: ويتخرج لنا أنها لا ترثه أيضاً ... لأنه إنما طلقها في صحته وإنما تحقق شرط وقوعه في المرض لم ترثه، كما لو علقه على فعلها ففعلته في مرضه.
[] انظر: المغني: 7/189-190, والإنصاف: 9/65, والمبدع: 7/330, والفروع: 5/429.

(4/1853)


قال إسحاق: كما قال1.
[1233-] قلت: قيل لسفيان: يجامع امرأته ما لم يحنث؟
قال [أحمد2] : نعم هي امرأته بعد3.
__________
1 انظر: الأوسط لابن المنذر، لوحة 270.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأن القائل هو أحمد بن حنبل، والمسألة كما هي في ع.
"قلت: قيل لسفيان: يجامع امرأته ما لم يحنث؟ قال أحمد: نعم هي امرأته بعد".
3 هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد في أنه لا يمنع من وطء زوجته قبل فعل ما حلف عليه، لأنه نكاح صحيح لم يقع فيه طلاق، فحل له الوطء.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه يمنع، وبه قال إسحاق والحسن وابن المسيب والشعبي.
قال ابن مفلح: "جزم به جماعة، والأول أصح."
[] انظر: المغني: 7/189-190, والمبدع: 7/330, والفروع: 5/429.

(4/1854)


قال إسحاق: كلما حلف على مثل هذا تربص حتى يتبين الحنث.
[1234-] قلت1: قال سفيان إذا وقّت وقتا فحان ذلك الوقت وهما حيان، وقع الطلاق2.
قال أحمد: جيد3.
قال إسحاق: كما قال4.
[1235-] قلت: قال رجل حلف على امرأته فقال: إن فعلت كذا وكذا
__________
1 في ع بلفظ "قلت لأحمد".
2 فتكون زوجته إلى ذلك وتطلق في أوله.
انظر: الكافي: 3/211, والإشراف: 4/194.
وذكر ابن المنذر أن ممن قال هذا القول الإمام سفيان الثوري.
3 انظر: كشاف القناع: 5/280, والمبدع: 7/316, والإنصاف: 9/45, والمغني: 7/165.
4 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف 4/194.

(4/1855)


فهي طالق، فطلقها ثلاثاً قبل أن تفعل ذلك الشيء، ثم1 تزوجها رجل آخر، ثم إن الرجل طلقها فرجعت إلى زوجها الأول ليس بشيء سقط الحنث حين طلقها وتزوجها غيره2.
قال أحمد: لا, الحنث عليه3.
قال إسحاق: أجاد. خشيت أن يسهو. أبو عبيد4 قال بذلك القول5.
__________
1 في ع بحذف "ثم".
2 لأن طلاق ذلك الملك انقضى.
انظر: الإشراف: 4/205, والأوسط لوحة 269, والمجموع: 17/243.
3 قال ابن قدامة: "ومتى علق طلاق زوجته على صفة ثم أبانها، ثم تزوجها قبل الصفة عادت الصفة، لأن العقد والصفة وجدا منه في الملك ما لو لم تتخللهما بينونة". الكافي: 3/220. وانظر أيضاً عن المسألة المجموع: 17/243.
4 هو القاسم بن سلام البغدادي, القاضي, أحد الأعلام, روى عن هشيم, وابن عيينة ووكيع وخلق, وعنه عباس الدوري وخلق. وثّقه أبو داود, وابن معين, وأحمد وغير واحد, وولي قضاء طرطوس وفسر غريب الحديث, وصنف كتباً, ومات بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين.
انظر: عن ترجمته تذكرة الحفاظ: 2/417, وطبقات الحنابلة: 1/259, وتاريخ بغداد: 12/403, وتهذيب التهذيب: 8/315.
5 انظر عن قول أبي عبيد: الأوسط لوحة 269.

(4/1856)


[1236-] قلت: قال سفيان: وإن كان شيء يملك الرجعة فإن الحنث عليه كما هو وإن1 سمى ثلاثاً يهدم ذاك.
قال أحمد: ثلاث وواحد واحد، إنما يسقط الحنث بأن يحنث، ما لم يحنث فإن الحنث عليه قائم2.
قال إسحاق: كما قال.
[1237-] قلت3: قال سفيان في رجل طلق امرأته تطليقة، فقال مكانه: إن راجعتك فأنت طالق ثلاثاً, إن راجعها في العدة، فهو كما قال، وإن تركها حتى تنقضي عدتها، فهو خاطب من الخطاب ويتزوجها إن شاء.
قال أحمد: إن كان قال هذا القول أراد أن يغلظ عليها وأن لا تعود إليه، فمتى ما راجعها في العدة وبعد العدة طلقت, وإن كان إنما أراد الرجعة ما دامت في العدة فهو على ما أراد به، يحنث في العدة ولا يحنث في غير العدة.
قال إسحاق: هو كما قال, ولكن بعد العدة لا تسمى مراجعة
__________
1 في ع بلفظ "وإذا سمى".
2 راجع التعليق على قول الإمام أحمد: "لا، الحنث عليه"، من المسألة السابقة برقم: (1235) .
3 في ع بلفظ "قال قلت: قال سفيان".

(4/1857)


[ع-61/ب] إنما1 هو تجديد نكاح, ولكن هو على ما نوى2.
[1238-] قلت3: قال: قال إبراهيم4: رجل حلف أن لا يلبس من غزل امرأته فحاكت ثوباً تبيعه وتشتري غيره، فكره ذلك.
قال أحمد: يكره5 ذلك.
__________
1 نهاية اللوحة 120 من ع، وبداية اللوحة رقم: 121 من ع.
2 توضيح المسألة أن الإمام الثوري علق الحكم على لفظ الرجعة, وذلك يكون فيما إذا راجعها في العدة فتحرم عليه, فأما إن تزوجها بنكاح جديد فلا تحرم عليه, والإمامان أحمد وإسحاق اعتبرا نيته, فإن نوى بالرجعة الرجعة الشرعية المعروفة فذاك, وإن نوى ما هو أعم من ذلك وهو رجوعها إليه ولو بنكاح جديد، فالأمر على ما نوى، وتطلق.
انظر: المسألة (1123) .
3 في ع بلفظ "قال: قلت: قال إبراهيم".
4 إبراهيم هو النخعي.
5 الكراهة مع الجواز فيما إذا قال ذلك ولم يقصد قطع مِنَّتِها عليه, فأما إذا قصد ذلك: ففي المقنع: "وإن حلف لا يلبس ثوباً من غزلها يقصد قطع منتها فباعه واشترى بثمنه ثوباً فلبسه، حنث".
وقال ابن مفلح في المبدع: "وإن لم يقصد قطع المنة ولا كان سبب يمينه يقتضي ذلك لم يحنث إلا بما تناولته يمينه، وهو لبسه خاصة".
وذكر نحو ذلك ابن قدامة في المغني.
انظر: المقنع بحاشيته: 3/574, المبدع: 9/283, 284, الإنصاف: 11/54, المغني: 8/783.

(4/1858)


قال إسحاق: أجاد إبراهيم، لأنه على إرادته.
[1239-] قلت1: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة فولدت لخمسة أشهر، فأقامت المرأة البينة أنه تزوجها من ستة أشهر؟
قال: يلحق النسب، البينة بينتها.
قال أحمد: إذا قامت البينة فالولد له، [و] 2 إذا قال: ليس مني، لاعنها3.
قال إسحاق: كما قال4 أحمد.
[1240-] قلت5: قال سفيان إن جاءت المملوكة بولد وزوجها حر
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت: سئل سفيان".
2 الواو ساقطة من ظ وأثبتها من ع.
3 لمقام البيّنة؛ فإن البينة تبين إمكان كون الولد منه حيث أتت بالولد بعد ستة أشهر من زواجهما على ما بينته البينة فالعمل عليها فالولد ولده, ومن أنكر ولده لاعن زوجته.
انظر: المبدع: 8/98, الكافي: 3/392, المحرر: 2/101.
4 في ع بحذف "لأحمد".
5 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".

(4/1859)


فانتفى منه ألزق به الولد ولا ضرب1.
قال أحمد: لا, بل يلاعنها وينفي ولدها.
قال إسحاق: كما قال, لأن بين كل زوجين ملاعنة2.
[1241-] قلت: قال سفيان, وإذا3 كانت حرة تحت المملوك فجاء بولد وانتفى منه ألزق به الولد وضرب4 الحد [ظ-36/ب] .
قال أحمد: يلاعن.
قال إسحاق: كما قال5 أحمد.
__________
1 أي ألحق به الولد ولا يحد بمعنى أنه تشترط الحرية فيمن يجري بينهما اللعان, وانظر: عن مذهب الإمام الثوري في أنه لا يجري اللعان بين الحر والأمة.
الإشراف: 4/265, المغني: 7/392, الاستذكار 4، لوحة رقم: 185, الأوسط، لوحة رقم: 295.
2 سبقت المسألة وإجابة الإمامين بنحو ما أجابا به، وسبق التعليق على ذلك في المسألة رقم: (1072) .
3 في ع بلفظ "وإن كانت".
4 انظر عن مذهب الإمام الثوري في أنه لا لعان بينهما وأن الحرة تحد بذلك: الإشراف: 4/265, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين لوحة، رقم: 112, 113.
5 مذهب الإمامين أحمد وإسحاق أنه يجري اللعان بين كل زوجين.
وسبق تقرير ذلك في المسألة رقم: (1072) .

(4/1860)


[1242-] قلت1: سئل سفيان عن رجل قذف امرأته وهي صماء خرساء.
قال الشعبي2: يجلد. وكان غيره3 يقول: لا يجلد.
قال أحمد: لا أرى وقع شيء، لعلها كانت4 تقر، لعلها كانت تعفو عنه، أو تسكت عنه5.
قال إسحاق: كما قال6.
__________
1 في ع بلفظ "قال قلت سئل سفيان".
2 أخرج الإمام عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه: 7/108, عن سفيان الثوري عن يحيى بن أيوب عن الشعبي في رجل قذف امرأته صماء بكماء, قال هي بمنزلة الميتة, أضربه, وقال غيره لا أضربه حتى تعرب عن نفسها.
وفي سنن سعيد بن منصور: 1/413 بمسنده حديثا عمر بن بشير عن الشعبي سئل عن رجل قذف امرأته وهي صماء خرساء, قال الشعبي: ليس تسمع ولا تتكلم فتصدقه أو تكذبه, ليس بينهما حد ولا لعان.
3 من قال بهذا أحمد وإسحاق وأبو عبيد, انظر: الإشراف: 4/266, المغني: 7/396.
4 في ع بلفظ "لعلها كانت تقر، ولعلها كانت تعفو عنه".
5 فلا حد ولا لعان قال ابن قدامة: قال أحمد إذا كانت المرأة خرساء لم تلاعن؛ لأنه لا تعلم مطالبتها, وحكاه ابن المنذر عن أحمد.
انظر: المغني: 7/396, الإشراف: 4/266.
6 في ع بلفظ "قال: قلت قال سفيان".

(4/1861)


[1243-] قلت: سئل سفيان عن رجل وطئ جاريته فولدت ولم يدع الولد ولم ينفه, قال1: ما أرى إلا أن يلحقه.
قال أحمد: إذا كان وطأ معروفاً يلحقه كما قال2 عمر رضي الله عنه.
[1244-] قلت3: سئل سفيان عن رجل قال لامرأته: ما في بطنك ليس مني؟
تترك4 حتى تضع5.
قال أحمد: نعم، إذا وضعت إن نفاه لا عنها, وإن ادعاه فالولد ولده، ولا يضرب إلا أن يقول: زنيت, فإن قال: زنيت ضرب
__________
1 قوله "قال" ساقطة من النسخ الثلاث، والسياق يقتضي إثباتها.
2 لم يذكر في هذه المسألة رأي الإمام إسحاق.
وسبقت المسألة بآراء الأئمة الثلاثة المتفقة مع تخريج قول عمر رضي الله عنه المشار إليه في هذه المسألة بمسألة رقم: (1203) .
3 في ع بلفظ "قال: قلت سئل سفيان".
4 في ع بلفظ "تتربص حتى تضع"، ولعله ببداية هذه العبارة تبدأ إجابة سفيان على السؤال.
5 فلا يلاعن من نفى حمل امرأته حتى تضع لعدم تحقق وجود الحمل كما يأتي في كلام ابن قدامة التالي.
وانظر عن قول الإمام الثوري: الإشراف: 4/257, الاستذكار 4، لوحة رقم: 181

(4/1862)


الحد1.
__________
1 المسألة في اللعان على الحمل, وفي ذلك روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: لا يصح نفيه ولا الالتعان عليه، لأنه غير محقق.
قال ابن قدامة: "اختلف أصحابنا فيما إذا لاعن امرأته وهي حامل ونفى حملها في لعانه، فقال الخرقي وجماعة: لا ينتفي الحمل بنفيه قبل الوضع، ولا ينتفي حتى يلاعنها بعد الوضع وينتفي الولد فيه".
وعلله ابن قدامة بقوله: " لأن الحمل غير مستيقن يجوز أن يكون ريحاً أو غيرها، فيصير نفيه مشروطاً بوجوده، ولا يجوز تعليق اللعان بشرط".
قال ابن رجب في قواعده الفقهية: "هذا المذهب عند الأصحاب".
وقال المرداوي في الإنصاف: " هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله، وعليه أكثر الأصحاب."
والرواية الثانية عن الإمام أحمد: يصح نفيه قبل الوضع.
وذكر ابن رجب في القواعد والمرداوي في الإنصاف أنها رواية ابن منصور.
ورواية ابن منصور التي معنا توافق الرواية الأولى.
ومما يشهد لجواز الملاعنة على الحمل حديث عويمر العجلاني الذي أخرجه البخاري في كتاب الطلاق: 6/165, حيث كانت زوجته التي لاعنها حاملاً، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "انظروها فإن جاءت به كذا وكذا", وفيه فجاءت به على المكروه من ذلك. واختار هذه الرواية ابن قدامة في المغني قال: "وهذا القول الصحيح لموافقته ظواهر الأحاديث، وما خالف الحديث لا يعبأ به كائنا ما كان."
انظر: المغني: 7/423, المبدع: 8/94, قواعد ابن رجب 183, الإنصاف: 9/255, الاستذكار: 4/181.

(4/1863)


قال إسحاق: كما قال.
[1245-] قلت1: قال إبراهيم وعطاء: 2 إذا ضرب الرجل في القذف ثم قذف امرأته، يضرب ولا يلاعن.
قال أحمد: لم؟
قلت: لا تجوز شهادته.
قال: وأي شيء اللعان من الشهادة.
قلت: يلاعن؟
قال: إي والله، لو3 كان معناه معنى الشهادة فقذفها زوجها4 وهو فاسق لم يلاعنها ولو كان معناه معنى الشهادة لكان يشهد هو أو تشهد هي لما يشهد عليهما غيرهما5.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت: قال إبراهيم".
2 انظر قول إبراهيم وعطاء في: الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 295، وأحكام القرآن للجصاص: 3/292, والمغني: 7/392.
3 في ع زيادة "و" بعد لفظ الجلالة.
4 في ع بحذف "زوجها".
5 مذهب الإمامين أحمد وإسحاق أنه يجري اللعان بين كل زوجين لظاهر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} النور, آية 6. فالمحدود في القذف زوج رمى زوجته بالزنى فيدخل في عموم الآية، وسبق تقرير ذلك في عدة مسائل.
انظر: المسألة رقم: (1072، 1240، 1241) .
ورد الإمام أحمد على من ذهب إلى أن اللعان كالشهادة فلا يقبل لعان المحدود كما لا تقبل شهادته بأن هناك فرقاً واضحاً بين الشهادة واللعان ووضحه بمثالين:
أولهما: أن الفاسق يلاعن ولا تقبل شهادته.
وثانيهما: أنه يقبل لعان أحد الزوجين للآخر، ولا تقبل شهادة أحدهما للآخر أو عليه.
انظر: عن تلاعن المحدودين: المغني: 7/392, شرح السنة: 9/254, الأوسط، لوحة رقم: 295, المقنع بحاشيته: 3/257.

(4/1864)


قال إسحاق: كما قال.
[1246-] قلت: سئل سفيان عن رجل رأى في حجر امرأته ولداً فقال: هذا ليس بولدي، ولا أقذف امرأتي.
قال: بينة المرأة أنه ولده، وإلا هو منه برئ1.
قال أحمد: إذا كان الفراش فراشه. فقال: ليس هذا الولد مني, وقد كانت2 ولدته في ملكه يلاعن3.
__________
1 انظر: عن قول الإمام سفيان الثوري هذا الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 297.
2 في ع بلفظ "وقد كان في ملكه".
3 الولد ولده لإمكان أن يكون منه، وما أجاب به الإمام أحمد من لعانه بنفي الولد مع عدم قذفه لها إحدى الروايتين عنه، عللها ابن قدامة في الكافي بقوله: "لأنه لا يحتاج إلى نفي النسب الفاسد، فشرع كما لو قذفها".
والرواية الأخرى: أنه لا يلاعن، لظاهر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ} النور, آية 6. وهذا لم يرمها بالزنى.
واختار هذه الرواية ابن قدامة في المغني.
ويتصور أن يقول لها: الولد ليس بولدي، ولا أقذف امرأتي، كأن يقول لها: إنه من وطء شبهة ونحوه.
انظر: الكافي: 3/296, والمغني: 7/427.

(4/1865)


قال إسحاق: كما قال.
[1247-] قلت: فإن قال رجل لامرأته معها ولد: ليس هذا بولدك؟
قال: 1 ليس بشيء2.
__________
1 القائل هو الإمام أحمد بدليل إجابة الإمام إسحاق بعده.
2 أي: لا التعان بينهما حيث لم يقذفهما, وصورة المسألة أن تقول له: هذا ولدي منك، فيرد عليها: ليس هذا ولدي منك بل استعرته أو التقطته, ففي إلحاق الولد وجهان:
أحدهما: لا يقبل قولها إلا ببينة لإمكان إقامة البينة على الولادة، والأصل عدم الولادة فالبينة على المدعي.
والثاني: يقبل قولها، قال ابن قدامة: "لأنه خارج تنقضي به العدة, فالقول قولها فيه كالحيض." انظر: الكافي: 3/296.

(4/1866)


قال إسحاق: كما قال.
[1248-] قلت: قال الشعبي رجل قذف امرأته [بالزنى] 1 فقال: زنى بك فلان فلاعنته امرأته [ثم إن الرجل الذي قذف بامرأته جاء بعد, فقال: افتريت علي, لا يجلد له زوج المرأة, لما لاعنته امرأته أبطلت عنه الحد] 2.
قال أحمد: حديث ماعز3 بن مالك رضي الله عنه حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "بمن"؟ قال: بفلانة, فلم يضربه النبي صلى الله عليه وسلم لها4.
__________
1 ما بين المعقوفين مزيد من ع.
2 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ هي: "وإن الرجل الذي قذف" فقط، وهذا سقط فأثبته من ع.
3 هو ماعز بن مالك الأسلمي، هو الذي رُجم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-. ثبت ذكره في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد وغيرهما, وجاء ذكره في حديث أبي بكر الصديق وأبي ذر وجابر بن سمرة ونعيم بن هزال وأبي برزة, وفي بعض طرقه: "لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لأجزأت عنهم".
انظر عن ترجمته: الإصابة: 3/317. الاستيعاب: 3/418.
4 إذا قذف امرأته بالزنى برجل بعينه ولاعنها سقط الحد عنه لهما. قال المرداوي: هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ومن الأدلة على ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري: 6/4، أن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن سحماء ولم يحده النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عزره له، وقذفه بشريك بن سحماء ثابت في الصحيح.
ومن الأدلة عليه أيضاً ما استدل به الإمام أحمد من حديث ماعز بن مالك, وهذه الرواية أخرجها عن نعيم بن هزال قال: "كان ماعز بن مالك يتيماً في حجر أبي فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك, وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج", وفيه: أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقم علي كتاب الله", حتى قال أربع مرات. قال -صلى الله عليه وسلم-: " إنك قد قلتها أربع مرات, فبمن"؟ قال: "بفلانة."
أخرجه أحمد في المسند: 5/216, 217, وأبو داود، حديث رقم: 4419.
[] وقال الألباني في إرواء الغليل: 7/357-358: "وهذا إسناد حسن، ورجاله رجال مسلم".
[] انظر عن أصل المسألة المغني: 7/439-440, زاد المعاد: 5/382, المبدع: 8/91, الإنصاف: 9/251, شرح السنة: 9/261, الإشراف 4/272, الأوسط، لوحة رقم: 298.

(4/1867)


قال إسحاق: كما قال.
[1249-] قلت1: قال سفيان إذا وقّت وقتاً في الظهار فذهب ذلك الوقت، كأنه2 [ع-62/أ] [يقول] 3 ليس
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت قال سفيان".
2 نهاية اللوحة رقم: 121 من ع، وبداية اللوحة رقم: 122 من ع.
3 ما بين المعقوفين مزيد من ع، لأن الكلام به يستقيم.

(4/1868)


عليه شيء1.
قال أحمد: إذا مضى الوقت سقط الظهار2.
قال إسحاق: كما قال3.
[1250-] قلت: قال4 رجل يظاهر فأخذ في الصوم فجامع بالليل،
__________
1 صورة المسألة أن يقول لامرأته أنت علي كظهر أمي شهراً, فإذا بر بيمينه ولم يقربها ليس عليه شيء.
وانظر عن قول الثوري هذا في: اختلاف العلماء، لوحة رقم: 52, الإشراف: 4/241, المغني: 7/349.
2 مما يدل على صحة الظهار مؤقتاً حديث سلمة بن صخر، وفيه: "ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أصاب فيه، فأمر بالكفّارة."
أخرجه أحمد في المسند: 4/37, وأبو داود: 2/661, والترمذي: 3/504, وقال: حديث حسن, وأخرجه ابن ماجة، حديث رقم: 2026, وأخرجه الحاكم: 2/203 وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
قال ابن قدامة في الكافي: 3/258: "ولأنه يمين مكفرة فصح توقيتها، كاليمين بالله تعالى، فإذا مضى الوقت مضى حكم الظهار".
وانظر أيضاً: المبدع: 7/11, المغني: 7/349, الإشراف: 4/241.
3 انظر قول الإمام إسحاق في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/241, المغني: 7/349.
4 القائل هنا هو سفيان الثوري.
وانظر: عن قوله المغني: 7/262, المبدع: 8/63, الإشراف: 4/252.

(4/1869)


يستقبل؟
قال أحمد: يستقبل1.
قال إسحاق: كما قال.
[1251-] قلت: [قال:] 2 فإن أطعم فجامع يطعم ليس هذا من نحو هذا، يعني الصوم.
قال أحمد: يقضي3.
__________
1 هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد وعليها المذهب، كما ذكره المرداوي، لقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} المجادلة, آية 4.
فأمر بالصوم المتتابع قبل المسيس, ومن وطئ قبل انتهاء مدة الشهرين لم يأت بالصوم على ما أمر به فلم يجزه.
وعن الإمام رواية بأنه لا ينقطع التتابع بوطء المظاهر منها ليلاً. ذهب إليه داود واختاره ابن المنذر.
[] انظر: الإنصاف: 9/227-228, المغني: 7/367, المبدع: 8/63, الإشراف: 4/252, زاد المعاد: 5/339.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 وفي نسخة ع "يقضي الطعام".
وذكر ابن مفلح في المبدع أن ابن منصور نقل أن وطأه في أثناء الإطعام لا يقطعه, وفي المخطوطتين ما أثبته من أنه يقضي.
ولعله سقطت "لا" النافية من الجملة حتى يوافق ما نقل عنه ابن مفلح، وأطلقه ابن قدامة في المغني حيث قال: "ولو وطئ في أثناء الإطعام لم تلزمه إعادة ما مضى منه."
وعلله بقوله: "أنه وطئ في أثناء ما لا يشترط التتابع فيه، فلم يوجب الاستئناف، كوطء غير المظاهر منها، أو كالوطء في كفارة اليمين، وبهذا فارق الصيام."
المغني: 7/373, وانظر أيضاً: المبدع: 8/63.

(4/1870)


قال إسحاق: كما قال.
[1252-] قلت: قال سفيان: إذا قال الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي إن قربتك؟
قال: إن1 قربها قبل أربعة أشهر كان ظهاراً وسقط الإيلاء، وإن تركها أربعة2 أشهر قبل أن يجامعها كان إيلاء لأنه منعه من الجماع ما قال، فمتى ما قربها بعد ذلك وقع عليه الظهار3 إن لم يكن وقّت وقتاً، فإذا وقّت وقتاً فمضى ذلك الوقت قبل أن يجامعها لم يكن ظهار4.
__________
1 في ع بلفظ "فإن قربها".
2 في ع بحذف "أشهر".
3 انظر: عن قول الثوري في أنه إذا لم يقع عليها فتفارقا لم يكن عليه ظهار, المغني: 7/351.
4 سبقت مسألة توقيت الظهار عن الأئمة الثلاثة في مسألة (1249) .

(4/1871)


قال أحمد: إذا قال أنت عليّ كظهر أمي ولم يوقّت لذلك وقتاً فقد وجبت عليه كفارة الظهار إلا أن يطلقها ثلاثاً، فإن طلقها ثلاثا فلا كفارة عليه إلا أن يراجعها بعد زوج فإن راجعها فالظهار1 عليه, وإن قال لها: أنت عليّ كظهر أمي سنة إن وطئتك فجاءت بعد مضي الأربعة الأشهر وقف لها, فإما أن يفيء وإما أن يطلق 2، وإن هي تركته حتى تمضي السنة سقط عنه الظهار، وإن هو وطئها قبل مضي السنة فقد وجب عليه كفارة الظهار3.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 قال الخرقي: "فإن مات أو ماتت أو طلقها لم تلزمه الكفارة، فإن عاد فتزوجها لم يطأها حتى يكفّر، لأن الحنث بالعود".
قال ابن قدامة: "سواء كان الطلاق ثلاثاً أو أقل منه، وسواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو قبله، نص عليه".
وذلك لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ." سورة المجادلة آية رقم: 3. وهذا زوج ظاهر من امرأته ويريد أن يعود لما قال، فلا يحل له قبل التكفير.
[] انظر: مختصر الخرقي مع المغني: 7/351, 352, الإنصاف: 9/205, المبدع: 8/43-44.
2 راجع المسألة رقم: (1006) .
3 راجع المسألة رقم: (1249) .

(4/1872)


[1253-] قلت: قال سفيان: لا يعلم الإيلاء إلا في الجماع، وهو الذي نأخذ به.
قال أحمد: جيد1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1254-] قلت3: قال سفيان: رجل آلى من امرأته فمضت أربعة أشهر فقال الرجل بعد الأربعة الأشهر: إني كنت جامعتها قبل أن تمضي الأربعة الأشهر قال: لا يصدق،4 لأنها قد بانت منه إلا أن يأتي ببينة، وإذا قال قبل انقضاء الأربعة الأشهر: إني كنت قد جامعتها صدق5.
__________
1 فيشترط في الإيلاء أن يحلف على ترك الوطء في القبل، لأن ترك الجماع هو الذي يضر الزوجة ويجب على الزوج فعله فيعتبر في الإيلاء، فلو قال: لا وطئتك دون الفرج لم يكن مولياً, لأنه لم يحلف على ترك الوطء الذي يطالب به في الفيئة والمطالب في الفيئة هو الوطء في القبل.
انظر: المغني: 7/311, 334, المبدع: 8/4, 26, الإنصاف: 9/169, 188.
2 في ع بلفظ "قال إسحاق: كما قال أحمد".
3 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان في رجل".
4 في ع "قال لا يصدق يقول لأنها".
5 أما عن تصديقه فقد اتفق الأئمة الثلاثة عليه، ويأتي التعليق التالي أن ذلك فيما إذا كانت المرأة ثيباً، والخلاف بينهم أن مذهب سفيان إذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر تطلق المرأة تطليقة بائنة ولا تحتاج إلى توقيف من الحاكم, فلا فائدة في ادعائه الفيئة بعد بينونتها.
انظر: الإشراف: 4/230, وشرح السنة: 9/239.

(4/1873)


قال أحمد: قبل الأربعة وبعد الأربعة واحد، يصدق ويطؤها بعد الأربعة إن شاء1.
قال إسحاق: كما قال.
[1255-] قلت: قال سفيان في رجل آلى من امرأته وهو مريض فمضت أربعة أشهر وهو صحيح ثم مات في العدة: فإنها ترثه2.
__________
1 وذلك أن امرأة المولي لا تطلق بمضي المدة بل لا بد من توقيف السلطان، وإن لم يوقف فهي امرأته وإن أتى على ذلك سنون، كما قال الإمام أحمد في المسألة (1005) .
وسبق تقرير ذلك والاستدلال له في تلك المسألة.
وتصديق الزوج في ادعائه الوطء فيما إذا كانت المرأة ثيباً، وهل تلزمه اليمين على ذلك روايتان عن الإمام أحمد.
وإن ادعت المرأة أنها عذراء فشهدت بذلك امرأة عدل قبل قولها.
انظر: المغني: 7/334, والمبدع: 8/29, والإنصاف: 9/691.
2 المسألة مبنية على ما بينته في المسألة السابقة من أن مذهب الإمام سفيان أنه إذا مضت الأربعة الأشهر بانت المرأة, فجعل سفيان من آلى من امرأته وهو مريض كمن طلق امرأته وهو مريض، فترثه إذا مضت الأربعة، وهو صحيح.
وأما حكم من طلّق امرأته وهو مريض فصحّ، ثم مات عند الإمام سفيان فقد سبق عنه قوله: "إذا طلقها وهو مريض ثم صح ثم مات فإنها ترثه وإن ماتت لم يرثها صح أو لم يصح."
راجع مسألتي (1141، 1218) .

(4/1874)


قال أحمد: لم يقع شيء بعد1.
قال إسحاق: كما قال, لأنه لا يكون2 [مضي الأربعة طلاقا كما] 3 [ظ-37/أ] قال هؤلاء،4 لأنه يوقف عند مضي الأربعة.
__________
1 لأن المرأة لا تطلق بمضي الأربعة الأشهر حتى يوقفه السلطان فيفيء أو يطلق كما سبق في المسألة رقم: (1005) .
2 نهاية اللوحة 71, وبداية اللوحة 72 من ظ.
3 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
4 يشير بذلك الإمام إسحاق إلى من قال أنه إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة ولا تحتاج إلى توقيف.
وممن قال بذلك من الصحابة ابن مسعود وابن عباس، وذهب إليه الثوري والأوزاعي والنخعي والحسن البصري والحنفية.
انظر: المغني: 7/318, 319, الإشراف: 4/230, شرح السنة: 9/239, فتح القدير لابن [] [] الهمام: 4/191, الهداية شرح بداية المبتدي: 4/191- 192.

(4/1875)


[1256-] قلت1: قال: فإذا آلى وهو صحيح فمضت أربعة أشهر وهو مريض ثم مات في العدة فلا ميراث بينهما2.
قال أحمد: كل هذا واحد لم يقع شيء امرأته على حالها.
قال إسحاق: كما قال3.
[1257-] قلت4: قال سفيان: إذا حلف الرجل ألا يجامع امرأته في بيت أو دار أو منزل ثم تركها أربعة أشهر فليس بإيلاء، لأنه لو شاء جامعها في غيره ولم يكن عليه شيء5.
قال أحمد: صدق6.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 بناء على قوله أن المرأة تطلق إذا مضت أربعة أشهر من مدة الإيلاء كما سبق في المسألتين السابقتين, ولم يكن له ميراث كمن طلق امرأته وهو صحيح فمات وهي في العدة.
3 راجع المسألتين السابقتين والمسألة رقم: (1005) في أن امرأة المولي لا تطلق بمضي المدة.
4 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
[5] انظر قول الثوري في المغني: 7/304, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/232-233, الأوسط لابن المنذر لوحة 279.
6 علل ذلك ابن قدامة في المغني ونحوه ابن مفلح في المبدع: "أنه يمكن وطؤها بغير حنث فلم يكن مولياً كما لو استثنى في يمينه."
[] انظر: المغني: 7/304, المبدع: 8/11-12, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/232-233.

(4/1876)


قال إسحاق: هذا إيلاء لما عقد اليمين أن1 لا يجامع.
[1258-] قلت2: قال: سألت سفيان عن رجل حلف أن لا يجامع امرأته إن شاء الله تعالى لا يرونه شيئاً حتى يحلف يبهم اليمين أن3 لا يجامعها أربعة أشهر فما زاد4.
قال أحمد: نحن لا نرى الاستثناء في الطلاق، وأما هذا فليس هو5 بطلاق [في إيلاء نفسه لا أوجب الطلاق، له الاستثناء6] .
__________
1 لأنه حلف على ترك وطئها. وبه قال ابن أبي ليلى، وأجاب عن ذلك ابن مفلح في المبدع بما سبق في الحاشية السابقة. المغني: 7/304, والمبدع: 8/12, والإشراف: 4/233, والأوسط لوحة رقم: 279.
2 في ع بلفظ "قال: قلت: سألت".
3 في ع بلفظ "أن لا يجامع".
4 انظر: عن قول الثوري في هذا: الإشراف: 4/233.
وانظر: عن قوله في جواز الاستثناء في اليمين إذا كان موصولا باليمين وعدم الحنث عليه في ذلك: سنن الترمذي: 4/108.
5 كما سبق تفصيله في المسائل (951، 952، 1153) .
6 أي ما لم يوجب الطلاق له الاستثناء. هذه عبارة نسخة ع وفي نسخة ظ "في الإيلاء نفسه له أوجب الطلاق له الاستثناء"، ويستقيم المعنى بما أثبته من ع ومعناه: ويصح الاستثناء في كل يمين مكفرة كاللعان والظهار والنذر لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى، فلا حنث عليه."
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (951) .
وانظر: المغني: 8/715, 717, والإنصاف: 11/25, والمبدع: 9/269, والإشراف: 4/233, وسنن الترمذي: 4/108.

(4/1877)


قال إسحاق: له الاستثناء1.
[1259-] قلت2: قال سفيان في رجل غاب عن امرأته فجاءها نعي زوجها أنه قتل، فاعتدت3 أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوجت فقدم زوجها الآخر.
قال: هي امرأته4.
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق في ذلك: الإشراف: 4/233.
وانظر: عن قوله في جواز الاستثناء في كل يمين المغني: 8/715, وسنن الترمذي: 4/108.
بل يجوز عنده الاستثناء في الطلاق والعتاق خلافاً لما هو مشهور عن الإمام أحمد كما سبق في مسائل (951، 952، 1254) .
2 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
3 في ع بلفظ "واعتدت أربعة أشهر وعشرا ثم تزوجت وقدم زوجها الأول".
4 في ع بحذف "قال".

(4/1878)


قيل له: فإن قذفها؟
قال: يلاعنها1 ويفرّق [ع-62/ب] بينهما2، وتعتد من الذي لاعنها، ثم إن شاء زوجها الآخر تزوجها.
قال أحمد: هو كما قال3 وليس هذا مفقوداً, والمفقود لا يجيء نعيه4 ولو جاء نعيه كان أمراً بيناً5.
قال إسحاق: هو كما قال سواء، إلا أن المفقود ليس كالغائب، إنما هو أن يفقد من6 موضع لا يدرى أين توجه، فلربما جاء نعي مثل هذا أيضاً7.
__________
1 في ع "لا يلاعنها"، والصواب كما هو في ظ بحذف "لا" حيث الحكم يقتضي ذلك.
2 نهاية اللوحة رقم: 122 من ع، وبداية اللوحة رقم: 123 من ع.
3 فمتى قدم فهو أحق بزوجته، وإنما أبيح لها التزويج بناء على أنه على ظاهر النعي، فإذا بان حياً انقطع ذلك الظاهر.
وسبق تخيير المفقود فيما إذا جاء وقد تزوجت امرأته في المسألة رقم: (1011) وإجراء اللعان بينهما بناء على أنها زوجته حيث لم يكن ميتاً ولم يطلقها.
4 في ظ بحذف "الواو" وأثبتها من ع، لأن الكلام يستقيم بوجودها أكثر.
5 سبق التعريف بالمفقود عند الإمام أحمد في المسألة رقم: (1009) .
6 في ع بلفظ "أن يفقد من موضع فلم يدرى".
7 وذلك يدخل تحت ما قاله الإمام إسحاق في المسألة (1010) معلقاً على ضابط الإمام أحمد للمفقود. قال إسحاق: "وكذلك كلما ولى في موضع ثم فقد منه."

(4/1879)


[1260-] قلت1: المرأة تستدين على زوجها وهو غائب؟
قال أحمد: نعم2، وإن لم تستدن يحكم لها عليه بذاك3.
قال إسحاق: كما قال سواء4.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 لتأكد وجوب النفقة للزوجة على زوجها فلا تسقط النفقة بحال من الأحوال، فإذا لم ينفق لعذر أو لغير عذر لم تسقط، سواء استدانت أو لم تستدن. ومما يدل على ذلك فعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي ذكره ابن المنذر في الإشراف وابن قدامة في المغني وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى واللفظ له عن ابن عمر أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم، فأمرهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا.
وصححه الألباني في إرواء الغليل.
انظر: سنن البيهقي: 7/469, وإرواء الغليل: 7/228, والإشراف: 4/143, والمغني: 7/578.
3 في ع بلفظ "بذلك".
4 انظر قول الإمام إسحاق في وجوب نفقة الزوجة على الزوج الغائب أيام غيبته في المغني: 7/587.
قال ابن المنذر: "نفقة الزوجة واجبة بالكتاب والسنة والاتفاق، ولا يزول ما وجب بالحجج التي ذكرناها إلا بسنة أو اتفاق, ولا نعلم شيئاً يدل على سقوط نفقة الزوجة إلا الناشز الممتنعة, فنفقة الزوجة واجبة على الزوج غائباً كان الزوج أو حاضراً. الإشراف: 4/143.

(4/1880)


[1261-] قلت1: قال: قلت لسفيان: مرت امرأة على رجل فحلف بالله لا يجامعها، ثم تزوجها وتركها أربعة أشهر؟
قال: لا يرونه شيئاً لأنه حلف وليست له2 بامرأة.
قال أحمد: ليس بشيء3.
قال إسحاق: كما قال لأن الإيلاء أن يحلف على ملكه لما قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} .4
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 قال ابن المنذر: "قال سفيان الثوري: إذا مرت به امرأة فحلف أن لا يقربها, ثم تزوجها، قال: ليس بإيلاء, وإن قال: إن تزوجتها فوالله لا أقربها, فإن تزوجها وقع الإيلاء." الإشراف: 4/231.
3 للآية التي استدل بها الإمام إسحاق في المسألة هنا والأجنبية عند حلفه لم تكن من نسائه، ولأنه لم يثبت قصد الإضرار في حق الأجنبية.
قال ابن قدامة: " ولأن الإيلاء حكم من أحكام النكاح فلم يتقدمه، كالطلاق، والقسم."
وذكر ابن قدامة أنه نقل عن الإمام أحمد يصح الظهار قبل النكاح لأنه يمين، فعلى هذا التعليل يصح الإيلاء قبل النكاح، والمنصوص أنه لا يصح لما ذكرناه.
[] المغني: 7/312- 313, والمبدع: 8/4, والإنصاف: 9/169, والمحرر: 2/85.
4 الآية 226 من سورة البقرة.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق المغني: 7/318, والإشراف: 4/231, وذكر ابن المنذر أن قول طائفة من العلماء منهم أحمد وإسحاق أنه ليس بمول ويكفّر إذا قربها.

(4/1881)


[1262-] قلت1: قال: سألت سفيان عن رجل حلف أن لا يجامع امرأته أربعة أشهر، فمضى شهران ثم طلقها تطليقة بائنة، ثم تزوجها.
[قال2: يستقبل أربعة أشهر ولا تحتسب بالشهرين اللذين كانا قبل3 ذلك] .
قال أحمد: لا بد من أربعة أشهر كوامل قد مضى شهران يبني على ما مضى4.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سألت".
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
3 بمعنى أن الإيلاء باق ولا يهدمه الطلاق، وهو ما حكاه أبو عبيد عن الثوري كما في الإشراف: 4/228.
4 وذلك إذا كان الطلاق رجعياً كما هو ظاهر في المسألة وتكميل المدة على ما قبل الطلاق هو المذهب، كما في الإنصاف.
وذلك مبني على أن الطلاق الرجعي لا يقطع مدة الإيلاء، وهو المذهب.
وفي المسألة وجه على أن الطلاق الرجعي يقطع المدة, كما يقطعها الطلاق البائن, وعليه إن راجعها في العدة أو نكحها بعد العدة استأنف المدة إن بقيت مدة الإيلاء, وإن بقي منها أقل من مدة الإيلاء أو مضت شهران وبقي شهران كما في مسألتنا هذه، سقط الإيلاء.
وهو ما ذهب إليه ابن قدامة في المغني.
والمذهب تكميل المدة كما أشرت إليه آنفا، وصرح به الإمام أحمد هنا، وبناء على المذهب في أن الطلاق لا يقطع الإيلاء. وذكر المرداوي أن الإمام أحمد نص عليه.
انظر: الإنصاف: 9/185, والمغني: 7/335, والمبدع: 7/23.

(4/1882)


قال إسحاق: كما قال سواء.
[1263-] قلت: قال سفيان في نصراني آلى من امرأته فمضى أربعة أشهر ثم أسلما بعد، يلزمه الطلاق وهي تطليقة بائنة؟
قال أحمد: النصراني إذا أسلم يوقف مثل المسلم سواء1.
قال إسحاق: كما قال أحمد.
[1264-] قلت2: قال سفيان3: إذا اختلعت المرأة من زوجها وهي مريضة إن اختلعت منه بأقل من ميراثه منها أجزناه، وإن اختلعت بأكثر4 من ميراثه لم نجزه.
قال أحمد: جيد5.
__________
1 يصح إيلاء النصراني ويلزمه ما يلزم المسلم إذا تحاكموا إلى المسلمين، وإذا أسلم لم ينقطع حكم إيلائه، فإذا مضت المدة وقفه الحاكم كغيره. وسبق بيان لزوم التوقيف عند الإمامين أحمد وإسحاق. انظر المسألة (1010) .
2 في ع بلفظ "قال: قلت".
3 انظر نص هذه المسألة في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/220, والأوسط، لوحة رقم: 275, والمغني: 7/88. فقد ذكروا جميعاً قول الإمام سفيان الثوري في هذه المسألة.
4 في ع "بأكثر".
5 وعلل ما ذكر أن المرأة متهمة في أنها قصدت بهذا الفعل أن توصل لزوجها شيئاً من مالها بطريقة لم تكن قادرة عليها إذا كان من الورثة وهي أن تخالعه فتقر له, فيبطل ذلك الأجل هذه التهمة، فلا يعطى إذا كان زائداً على ميراثه إلا قدر ما يستحق في الميراث.
انظر: المغني: 7/88, المبدع: 7/243, الإنصاف: 8/419, غاية المنتهى: 3/102.

(4/1883)


قال إسحاق: كما قال1.
[1265-] قلت2: قال سفيان3: إذا أقر الرجل لامرأته بدين4 في مرضه وقد فارقها في مرضه، إن كان ما أقر به من الدين أقل من ميراثها منه أعطيناها، وإن كان أكثر لم نجزه إلا بقدر الميراث.
قال أحمد: صحيح. 5
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق رحمه الله: الإشراف: 4/220, الأوسط، لوحة 275, المغني: 7/88.
2 في ع زيادة "قال".
3 انظر: عن نحو كلام سفيان هذا في الأوسط لابن المنذر، لوحة 275.
4 في ع بلفظ "بالدين".
5 إذا خالع امرأته في مرض موته وأقر لها بدين، أو أوصى لها بأكثر مما كانت ترثه، فلا تأخذه إلا برضى الورثة؛ لأن الزوج متهم في أنه التجأ إلى ذلك ليوصل إليها أكثر مما تستحق فمنع منه، كما إذا أقر لها أو لأي وارث آخر فلا يقبل منه كل ذلك بقيام التهمة.
انظر: المغني: 7/89, المبدع: 7/243, الإنصاف: 8/419, غاية المنتهى: 3/102.

(4/1884)


قال إسحاق: إقراره في المرض لها وليست بامرأته لما فارقها جائز، إلا أن يعلم أنه أراد تلجئة، وكذلك لكل وارث. 1
[1266-] قلت لأحمد: قال سفيان: إذا قالت المرأة في مرض الرجل: لم يطلقني زوجي، يسأل الرجل البينة وإلا ورثته.
قال أحمد: هي ترثه حتى يثبت أنه طلقها.
قال إسحاق: كما قال2.
[1267-] قلت: سئل سفيان عن رجل أم قوما وفيهم رجل قد حلف أن
__________
1 علل الإمام إسحاق المسألة بنحو ما سبق في التعليق السابق، أي إذا علم أنه أراد ذلك حيلة ليعطيها مبلغاً لا تستحقه لم تعط، وكذلك كل وارث، فمتى علم أنه أراد بذلك التحايل لم ينفذ إقراره أو وصيته.
وانظر نحو كلامه في المسألة في: الأوسط، لوحة رقم: 275.
2 اتفق الأئمة الثلاثة في هذه المسألة على أن من أقر بطلاق امرأته في صحته ونفته الزوجة لم يقبل منه إلا ببينة، فإن لم يقم البينة ورثته، وذلك لقيام التهمة في فعله، لأنه إقرار بما يبطل به حق غيره, فلم يقبل، كما لو طلقها في مرضه، أو أقر لها بدين، أو أوصى لها بمال.
قال المرداوي: "وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب."
ونقل المرداوي قولا بعدم إرثها واستبعده.
[] انظر: المغني: 6/333-334, المبدع: 10/303, الإنصاف: 12/140, الإقناع: 3/117-118.

(4/1885)


لا يكلمه، فسلم ونوى بالتسليم فلاناً؟
قال: [ظ-37/ب] أراه قد حنث إلا أن يسلم وهو لا ينويه، فإن لم ينوه لم يحنث.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كلما سلم ونواه بالتسليم لم يقصد قصد كلامه لم يحنث؛ لأن يمينه يقع عليه الحنث على إرادته، وهو لم ينو تسليم الصلاة حين حلف.1
[1268-] قلت2: قال سفيان في نصراني طلق امرأته ثلاثاً؟
__________
1 اتفق الأئمة أحمد وسفيان وإسحاق هنا أنه إذا قال: لا يكلم إنساناً فصلى به إماماً وقصد في التسليم من الصلاة السلام عليه أنه يحنث بذلك لإرادته، وإن لم يقصد ذلك لم يحنث.
قال ابن قدامة في المغني: "لأنه قول مشروع في الصلاة فلم يحنث به كتكبيرها، وليست نية الحاضرين لسلامه واجبة في السلام".
وفيه أيضاً -أي في المغني- وفي المبدع والإنصاف أنه إن أرتج الإمام في الصلاة ففتح عليه الحالف لم يحنث بذلك.
وعلله ابن قدامة: "بأن ذلك كلام الله وليس كلام الآدمي".
[] انظر: المغني: 8/821- 822, الإنصاف: 11/82, المبدع: 9/302.
2 في ع زيادة "قال".

(4/1886)


قال: إذا قامت البينة1 يفرّق بينهما الوالي. 2
قال أحمد: إذا ارتفعوا إلينا حكمنا بحكم الإسلام.3
قال إسحاق: كما قال.
[1269-] قلت4: الرجل يتزوج المرأة وهو عقيم لا يولد له؟
__________
1 في ع بلفظ "قال إذا قامت البينة قال يفرق بينهما الوالي".
2 انظر عن قول الإمام الثوري في لزوم طلاق الكفار كطلاق المسلمين في: الإشراف: 4/213, المغني: 6/637.
وممن قال بجوازه الشعبي وابن جريج وكان الحسن لا يراه جائزاً.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة: 5/232.
3 لأن طلاقهم طلاق من بالغ عاقل في نكاح يحكم له بالصحة فيقع كطلاق المسلم.
واستدل ابن قدامة لصحة أنكحتهم بأن الله تعالى أضاف النساء إليهم فقال تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} . آية 4 سورة المسد, وقال تعالى: {امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} من آية 11 سورة التحريم.
قال ابن قدامة: "وحقيقة الإضافة تقتضى زوجية حقيقية."
وما أشار إليه الإمام أحمد بقوله: "إذا ارتفعوا إلينا" هو أنهم يقرون على الأنكحة الباطلة ولا يحكم بالفراق بطلاقهم إذا لم يرفعوا أمرهم إلينا، ويضاف إلى ذلك شرط آخر وهو أن يعتقدوا إباحة ذلك في دينهم.
[] انظر: المغني: 6/637-638, الإشراف: 4/213.
4 في ع بلفظ "قال: قلت".

(4/1887)


قال [أحمد:] 1 أعجب إلي إذا عرف ذا من نفسه أن يبين عسى امرأته تريد الولد. 2
قال إسحاق: كما قال3, لأنه لا يسعه أن يغرها.
[1270-] قلت: قال سفيان: إذا قالوا نزوجك إن جئت بالمهر إلى كذا وكذا وإلا فليس بيننا وبينك شيء؟
قال: النكاح جائز إذا وقع التزويج، والشرط باطل. 4
قال أحمد: النكاح جائز والشرط جائز. 5
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 أورد ابن المنذر نص عبارة الإمام أحمد هذه، وأشار إليها ابن قدامة في المغني، وما ذكره الإمام هو استحباب تبيين حالة إذا كان يعلم أنه عقيم في ابتداء النكاح, أما إذا انعقد النكاح فلا يكون العقم عيباً يفسخ به النكاح.
قال ابن قدامة: "لأن ذلك لا يعلم, فإن رجالاً لا يولد لأحدهم وهو شاب ثم يولد له وهو شيخ فلا يتحقق ذلك منهما", ولو كان يثبت بذلك الفسخ لثبتت في الآيسة.
انظر: المغني: 6/653, الإشراف: 4/78.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/78.
4 انظر عن قول الإمام الثوري: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/73, المغني: 7/693, شرح السنة: 9/53.
5 جاز الشرط في ذلك لأن الصداق عوض في معاوضة فجاز ذلك فيه كالثمن في المبيع, وسبق تقرير ثبوت الشروط الصحيحة في النكاح في المسألة رقم: (900) .
وقد سبقت المسألة عن الإمام أحمد وإسحاق برقم: (1091) وقد ذكرنا هناك أن ابن المنذر نقل عن الإمام أحمد وإسحاق أن الشرط باطل والنكاح جائز.
راجع أيضاً المغني: 6/693, المبدع: 7/141.

(4/1888)


قال إسحاق: كما قال، لأن1 النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحق [ع-63/أ] الشروط2 أن يوفى به ما استحللتم به الفروج3."
[1271-] قلت4: سئل سفيان عن الرجل يتزوج المرأة يشترط لها شرطاً لازماً لا يخرجها يقول: إن أخرجتها فأمرها بيدها؟
قال سفيان: الشرط لازم، ولكن يكره5 هذا الشرط.
__________
1 في ع بلفظ "لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-".
2 نهاية اللوحة رقم: 123، وبداية اللوحة رقم: 124 من ع..
3 سبق تخريج هذا الحديث في المسألة رقم: (900) .
وسبق أيضاً استدلال الإمام إسحاق به في صحة الشرط وبقول عمر رضي الله عنه: "مقاطع الحقوق عند الشروط".
[] ونقل عنه ابن المنذر الدليلين في الإشراف: 4/72-73.
4 في ع زيادة "قال".
5 مذهب الإمام الثوري أنه لا يرى الشروط جائزة في النكاح، فإذا اشترطت عليه أن لا يخرجها من دارها صح النكاح وبطل الشرط، لأنه يرى هذه الشروط خلاف كتاب الله. ومما استدل به هو ومن معه على ذلك حديث: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل".
وسبق تخريج هذا الحديث في المسألة رقم: (900) .
ولكن الثوري أجاز الشرط هنا، والظاهر أن ذلك لتعليق تمليك أمرها بيدها، فإذا علق ذلك بإخراجها عن دارها فأخرجها فقد تحقق الشرط, فالأمر بيدها.
وانظر: عن قوله في عدم صحة الشرط جامع الترمذي: 3/434.

(4/1889)


قال أحمد: الشرط لازم، ولا يكره1 الشرط.
قال إسحاق: كما قال2 أحمد3 سواء.
[1272-] قلت4: قال سفيان في رجل عنده أربع نسوة فتزوج الخامسة فولدت أولاداً؟
قال: الخامسة فاسد ويفرّق بينهما، ولها المهر بما استحل منها، ويلحق به الولد. 5
__________
1 بناء على صحة الشروط الصحيحة غير المنافية لمقاصد النكاح. راجع مسألة (900) .
وانظر أيضاً المغني: 6/548, المحرر: 2/23, منار السبيل: 2/171, المبدع: 7/80.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق في صحة الشروط في النكاح: الإشراف: 4/72, شرح السنة: 9/54, وجامع الترمذي: 3/434.
3 في ع بحذف كلمة "أحمد".
4 في ع بلفظ "قال: قلت".
5 ونحو ذلك ما إذا تزوج الإنسان ذات محرم، فإذا وطئها لم يكن عليه حد عند الثوري أيضاً لأنه قد وجدت شبهة، وهي وجود صورة المبيح وهو عقد النكاح الذي هو سبب للإباحة، ولم يثبت حكمه لعدم جواز العقد على من عقد عليها, فإذا لم يثبت حكم الإباحة بقيت صورته شبهة دائرة للحد الذي يندرئ بالشبهات.
وأكثر أهل العلم مع ما قاله الإمامان أحمد وإسحاق الآتي في كلامهما في هذه المسألة، وقد سبق عنهما نحو هذا فيمن نكح ذات محرم في المسألة (1105) .
[] راجع أيضاً المغني: 8/182-183.

(4/1890)


قال أحمد: جيد, إذا كانا جاهلين، فإن تعمدا رجما إذا كانا ثيبين، ولا يلحق به الولد، وكل من أقيم عليه الحد فلا يلحق به الولد، وكل من درأت عنه الحد ألحقت به الولد1.
قال إسحاق: كما قال وفقه فيها2.
__________
1 يقول ابن قدامة عن وجوب الحد عليهما, أنه وطء في فرج امرأة مجمع على تحريمه من غير ملك ولا شبهة ملك، والواطئ من أهل الحد عالم بالتحريم فيلزمه الحد كما لو لم يوجد العقد.
وإن كانا جاهلين عن تحريم ذلك يدرأ عنهما الحد لما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفع إليه امرأة تزوجت في عدتها فقال: "هل علمتما"؟ فقالا: لا. قال: "لو علمتما لرجمتكما." فجلده أسواطاً ثم فرق بينهما.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 4/131, وعبد الرزاق في مصنفه: 7/199.
[] وانظر أيضاً المغني: 7/456, 8/182-183.
2 أي تفطن, وفهم الصواب في المسألة, وانظر عن قول إسحاق فيمن أقدم على نكاح باطل كمسألتنا, وكمن تزوج ذات محرم له: المغني: 8/182.

(4/1891)


[1273-] قلت1: رجل حلف على يمين لا يدري ما هي أطلاق أم غيره؟
قال: لا يجب عليه الطلاق حتى يعلم أو يستيقن. 2
قال إسحاق: كما قال.
[1274-] قلت: الجمع بين ابنتي عم؟
قال: قد كره3 ذلك قوم.
قال إسحاق: إنما كره لفساد ما بينهما، وهو حلال.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 للقاعدة الفقهية: اليقين لا يزول بالشك, فلا يزول النكاح الثابت يقيناً بالشك في الطلاق، وأصل القاعدة حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه المتفق عليه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً." واللفظ لمسلم.
البخاري مع الفتح: 1/237, مسلم مع النووي: 4/49, 50.
قال ابن قدامة: "ولأنه شك طرأ على يقين فوجب اطراحه، كما لو شك المتطهر في الحدث أو المحدث في الطهارة".
راجع الإنصاف: 9/138, المغني: 7/247, المبدع: 7/380, كشاف القناع: 5/332, مطالب أولي النهى: 5/447.
3 سبقت المسألة برقم: (896) .

(4/1892)


[1275-] قلت: 1 صيام العبد في التظاهر؟
قال: 2 يصوم شهرين.
قال إسحاق: كما قال.
[1276-] قلت: 3 من قال الفيء الجماع، فإن كان مريضاً يفيء بلسانه؟
قال: من ذهب هذا المذهب فنعم.4
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 سبقت المسألة برقم: (1148) .
3 في ع بلفظ "قال: قلت".
4 أي: فنعم المذهب هو، قال ابن قدامة معلقاً على قول الخرقي: "والفيئة الجماع." قال: "ليس في هذا اختلاف بحمد الله".
قال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الفيء الجماع, وإذا كان له عذر لا يستطيع الوطء لمرض أو إحرام أو غيرهما لزمه أن يفيء بلسانه، فيقول مثلا: متى قدرت جامعتها."
وروي عن سعيد بن جبير أنه لا يكون الفيء إلا بالجماع في حال العذر وغيره.
وذهب أبو ثور إلى أنه إن لم يكن قادراً على الجماع لم يوقف حتى يستطيع، ولا تلزمه الفيئة بلسانه لأن الضرر بترك الوطء لا يزول بالقول.
وقال ابن قدامة في ترجيح أنه تلزمه الفيئة باللسان: "ولنا أن القصد بالفيئة ترك ما قصده من الإضرار، وقد ترك قصد الإضرار بما أتى به من الاعتذار, والقول مع العذر يقوم مقام فعل القادر."
[] المغني: 7/327-328, والمبدع:: 8/23، والإشراف: 4/229, وكشاف القناع: 5/362-363.

(4/1893)


قال إسحاق: لا يكون فيء إلا بجماع، إلا أن يكون مرض لا يستطيع الجماع أصلاً.1
[1277-] قلت: يتسرى العبد؟
قال: [نعم] 2 بإذن سيده.
قال إسحاق: كما قال. 3
[1278-] قلت: العبد إذا أبق وله امرأة.
قال: هي امرأته.
قال إسحاق: كما قال. 4
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق في أنه لا يكون الفيء إلا بالجماع لمن لا عذر له: الإشراف: 4/229.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 سبقت المسألة برقم: (905) .
4 سبق أن إباق العبد لا يكون فرقة للنكاح عند الإمامين أحمد وإسحاق، خلافاً للحسن القائل بأنه فرقة. انظر: المسألة رقم: (1188) .

(4/1894)


[1279-] سئل أحمد عن رجل أعطى جارية له عبده على التسري1 فأبق عبده؟
قال: يأخذ جاريته يصنع بها ما شاء. 2
قال إسحاق: كما قال.
[1280-] سئل أحمد عن رجل زوّج جاريته من عبده فأبق عبده؟
لم يفت فيه بشيء. 3
قال إسحاق: كلما كان التزويج فإن إباقه لا يكون طلاقاً.
__________
1 بمعنى على سبيل التمليك، فإنه لا يجوز وطء جارية غيره سواء كان بإذنه أو غير إذنه، لأن الوطء ليس مما يستباح بالبذل والإباحة، ومن فعل ذلك فهو زان وعليه الحد، إلا في موضعين:
أحدهما الأب يطأ جارية ولده.
الثاني: الرجل يطأ جارية امرأته بإذنها.
وسبق ذلك في المسألة رقم: (937، 938) .
2 وهذا بناء على ما سبق من أن إباق العبد لا يكون طلاقاً، كما صرح بذلك الإمام في المسألة السابقة والمسألة رقم: (1188) .
3 راجع المسألتين السابقتين والمسألة رقم: (1188) .

(4/1895)


[1281-] قلت: قول علي [كرم الله وجهه] 1 حين جاءته المرأة فقال: اتقي الله واجلسي في بيتك2، ما أراد بذلك؟
قال: العنين الذي لم يصبها قط، وأما الذي أصابها مرة فلا يكون عنيناً. 3
قلت4: العنين يؤجل5 سنة؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.
[1282-] قلت6: المرأة إذا ارتدت تبين من زوجها؟
قال: لا. هو ممنوع منها7، فإذا انقضت العدة بانت منه، فإن
__________
1 في ع زيادة "قال" قبل "قلت"، وكذلك ما بين المعقوفين مزيد من ع.
2 روى البيهقي في سننه: 7/227 عن علي رضي الله عنه قصة فيها معنى ما ذكر.
3 قال ابن قدامة: أكثر أهل العلم على هذا يقولون متى وطئ امرأته مرة ثم ادعت عجزه، لم تسمع دعواها ولم تضرب له مدة، وذكر فيمن قال ذلك الإمام إسحاق. المغني: 6/672.
وانظر عن قول الإمامين أيضاً: الإشراف: 4/83.
4 في بلفظ "قال: قلت".
5 سبقت مسألة تأجيل العنين برقم: (1017، 1018) .
6 في ع زيادة "قال".
7 في ع بحذف "منها"، والمعنى: أي يمنع من وطئها وهما على نكاحهما حتى تنقضي عدتها، فإن انقضت العدة ولم تسلم بانت منه.
وسبق تقرير ذلك في المسألة رقم: (1199) والمسألة (1202) .

(4/1896)


تابت أو تاب في العدة فهما على نكاحهما، هذا في الرجل والمرأة1 أيهما ارتد.
قال إسحاق: كما قال, لأن السنة2 على ذلك، وقد جهل3 هؤلاء حكم المرتد فرأوا الارتداد تطليقة, واحتجوا بقوله
__________
1 في ع بتقديم "المرأة" على "الرجل".
2 الظاهر أنه يعني بذلك السنة الواردة في رد أحد الزوجين إلى صاحبه اللذين أسلم أحدهما فأسلم الآخر قبل انقضاء العدة.
وذكر ابن قدامة في المغني أن مسألتنا هذه وهي مسألة الردة مقيسة على مسألة إسلام أحد الزوجين.
ومن السنة الثابتة في ذلك ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلاً جاء مسلماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءت امرأته مسلمة بعده, فقال: يا رسول الله إنها كانت أسلمت معي, فردها علي."
أخرجه أبو داود: 2/674, والترمذي: 3/449, وقال: حديث حسن صحيح.
وسبق كلام الإمامين على مثل هذا في مسألة 346.
وانظر أيضاً معالم السنن: 2/674, الإشراف: 4/211.
3 من هؤلاء الذين أشار إليهم الإمام إسحاق الحسن وعمر بن عبد العزيز ومالك. انظر: الإشراف: 4/211, الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 18/67, المدونة: 2/112, المغني: 6/139.

(4/1897)


سبحانه وتعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} 1 وغلطوا لِما لم [يقل] 2 حين يرتد فقد بانت.
[1283-] قلت3: النصرانية تسلم وهي تحت النصراني؟
قال: يفرّق بينهما.4
قلت: [ظ-38/أ] إذا أسلم زوجها وهي في العدّة؟
قال: إذا أسلم زوجها وهي في العدّة فهو أحق بها.
قال إسحاق: نعم. 5
[1284-] قلت: على الأمة أن تنتقب؟ 6
__________
1 من آية 10 من سورة الممتحنة.
وذكر القرطبي في تفسيره: 18/67 استدلال الإمام مالك بالآية على المسألة.
2 ما بين المعقوفين أثبته من ع، ولفظ نسخة ظ يشبه "يقتل" والمعنى يستقيم بما أثبته.
3 في ع زيادة "قال" قبل "قلت".
4 سبقت المسألة برقم: (1145) .
5 سبقت المسألة برقم: (1146) .
6 النقاب: القناع على مارن الأنف، والجمع نقب. والنقاب عند العرب هو الذي يبدو منه محجر العين.
انظر: لسان العرب: 1/768, النهاية في غريب الحديث: 5/103, المطلع على أبواب المقنع: 349.

(4/1898)


قال: لا. 1
قال إسحاق: كما قال.
[1285-] قلت: إذا أسر المسلم فتنصر، تبين منه امرأته؟
قال: إذا انقضت العدّة بانت، فإذا رجع إليها في العدّة فهو أحق بها.
قال إسحاق: كما قال.2
[1286-] قال أحمد: يجبر على الطلاق في الإيلاء.3
__________
1 القائل هو الإمام أحمد, لأن النقاب والقناع للحرائر، ولأن عورة الأمة ما بين السرة والركبة كعورة الرجل, وفي حديث عمرو بن العاص مرفوعاً: "إذا زوّج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها".
رواه أبو داود: 4/362.
قال ابن قدامة بعد أن نقل آثاراً عن الصحابة في عدم انتقاب الأمة، قال: وهذا دليل على أن عدم حجب الإماء كان مستفيضاً بينهم مشهوراً، وأن الحجب لغيرهن كان معلوماً.
[] انظر: المغني: 6/560, المبدع: 1/360-361.
2 راجع حكم ما إذا ارتد أحد الزوجين في المسائل (1199، 1202، 1282) .
3 إذا رفعت امرأة المولي أمر زوجها إلى الحاكم ووقفه وطلب منه أن يفيء فلم يفعل وهو قادر على الفيئة، أمر بالطلاق، فإن لم يطلق طلق عليه الحاكم بطلب المرأة.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه ليس للحاكم الطلاق عليه، بل يحبسه ويضيق عليه حتى يطلق.
ورجح ابن قدامة الرواية الأولى وقال: "إن ما دخلته النيابة وتعين مستحقه وامتنع من هو عليه قام الحاكم مقامه فيه، كقضاء الدين." قال: "وهذا أصح في المذهب".
راجع المسألة 150.

(4/1899)


قلت: كم تطلق عليه؟
قال: واحدة. 1
قال إسحاق: كما قال تبين واحدة إذا انقضت العدة.
__________
1 إذا أمر الحاكم المولي بطلاق زوجته فله أن يطلقها واحدة أو ما شاء، وليس للحاكم إجباره على أكثر من طلقة لحصول وفاء حق المرأة بذلك، فإنها تبين منه بعد العدة وتتخلص من ضرره. وعنه رواية بأن طلقته تكون بائنة. وبه قال أبو ثور.
ووجهه أن طلاق المولي فرقة لرفع الضرر فكان بائناً كفرقة الخلع، ولأنه لو كان طلاقه طلاقاً رجعياً لم يندفع الضرر، لأنه يرتجعها فيبقى الضرر.
وأجيب عن ذلك بأنه طلاق صادف زوجة مدخولاً بها من غير خلع ولا استيفاء عدد الطلاق فكان رجعياً, وبالنسبة للضرر يندفع بضرب مدة أخرى له. وإذا طلق عليه الحاكم, قام الحاكم مقام الزوج وملك من الطلاق ما يملكه المولي, فإن طلق واحدة فواحدة وإن طلق أكثر من واحدة فله ذلك.
وعن الإمام أحمد رواية مرجوحة بأن فرقة الحاكم تكون بائناً مطلقاً.
[] راجع المغني: 7/331-332, شرح السنة: 9/238, المبدع: 8/27-29, الإشراف: 4/230.

(4/1900)


[1287-] قال أحمد: والحرام فيه كفارة الظهار، فإنه إذا قال: أنت علي كظهر أمي، أو أنت عليّ حرام، فهو وذاك [ع-63/ب] واحد1.
قال إسحاق2: أما الحرام فهو على ما نوى من الطلاق، فإن لم ينوه فكفارة اليمين.
[1288-] قلت3: الخلع تطليقة4، فإن ندم أو ندمت؟
__________
1 ما أجاب به الإمام أحمد هنا من أن عليه كفارة ظهار في ذلك هو المذهب وسبق ذلك في المسألة (955، 1138) .
وفي المسألة (1138) سبق ذكر قول الإمامين الثوري وأبي حنيفة.
2 في ع زيادة "و" وقول الإمام إسحاق هذا سبق عنه في عدة مسائل.
انظر: المسألة رقم: (955، 1138) .
3 في ع زيادة "قال".
4 أي على قول من قال: الخلع تطليقة، فإذا ندم وندمت وتزوجا أتحسب عليه هذه الطلقة؟
والإمامان أحمد وإسحاق يريان أنه فراق وليس بطلاق, ولذا قال الإمام أحمد: فإن تراجعا كانا على ثلاث.
وممن قال إن الخلع تطليقة بائنة الإمام الثوري.
انظر: الإشراف: 4/218, شرح السنة: 9/196, والمسألة رقم: (1193) .

(4/1901)


قال أحمد: الخلع فراق على قول ابن عباس1 -رضي الله عنهما- فإن تراجعا كانا على ثلاث.
قال إسحاق2: كما قال.
[1289-] قلت3: قال سمعت يعني سفيان قال: إذا تزوجها وهو محرم، أو هي حائض، أو في رمضان، ثم ادعت الدخول ألزمته المهر.
قال أحمد: إذا أغلق الباب وأرخى الستر.
قال إسحاق: 4 هو كما وصفنا5 فيما مضى.
[1290-] قلت: بيع الأمة طلاقها؟
__________
1 سبق تقرير قول ابن عباس -رضي الله عنهما- والاستدلال له في المسألة رقم: (970) ، وانظر أيضاً: الإشراف: 4/218.
2 سبق رأى الإمامين أحمد وإسحاق، وكذلك الإمامين الشعبي والثوري فيما يكون فسخاً وما يكون طلاقاً من الفرقة في المسألة رقم: (1193) . وسبق فيها تقرير ما روي عن الإمام أحمد في فرقة الخلع.
وانظر أيضاً المسألة رقم: (970) .
3 في ع زيادة "قال".
4 في ع بحذف "إسحاق".
5 سبق تقرير المسألة في عدة مسائل منها رقم: (966، 1129، 1157) .

(4/1902)


قال: احتج بحديث1 ابن مسعود وأنس2 أن تأولا قوله تبارك وتعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} .3 فقال ابن مسعود رضي الله عنه: "نزلت في المشركين والمسلمين".
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "إنها نزلت في سبايا أوطاس4
__________
1 في ع بلفظ "احتج بابن مسعود وأنس"، والصواب عبارة ظ التي أثبت, والمعنى أي احتج من قال بيع الأمة طلاقها بحديث ابن مسعود وأنس -رضي الله عنهما- في هذه الآية.
2 من الآية 24 من سورة النساء.
3 كان ابن مسعود وأنس -رضي الله عنهما- يريان أن الأمة الزوجة إذا باعها سيدها طلقت وحلت لمشتريها لأنه ملكها استدلالاً بظاهر الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} .
ومعناه: وحرم عليكم ذوات الأزواج إلا ما ملكت أيمانكم إما بسبي أو بشراء, وممن نقل عنه ذلك مع ابن مسعود، وأنس من الصحابة: ابن عباس في رواية وجابر وأبي ابن كعب، ومن التابعين سعيد بن المسيب، والحسن ومجاهد.
[] انظر عن أقوالهم وتفسيرهم للآية: أحكام القرآن للجصاص: 2/135-136, وأحكام القرآن للكيا الهراسي: 1/406, مصنف ابن أبي شيبة: 4/265, مصنف عبد الرزاق: 7/280, فتح الباري: 9/404.
4 أوطاس: واد في ديار هوازن، فيه كانت وقعة حنين بين النبي صلى الله عليه وسلم وهوازن. انظر: معجم البلدان: 1/281, مراصد الإطلاع على الأمكنة والبقاع: 1/132.

(4/1903)


سبين ولهن أزواج في قومهن فنزلت {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} " قال1 علي كرم الله وجهه موافقاً لأبي2 سعيد: إنها نزلت في المشركين, وأما تأويل من تأول في بريرة3 أنها خيرت بعد ما
__________
1 وممن قال بذلك مع أبي سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب من الصحابة: عمر وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس في رواية، وجمهور الفقهاء، ومنهم أحمد وإسحاق.
انظر: عن أقوالهم في تفسير الآية: جامع البيان للطبري: 5/1، التفسير الكبير: 10/41, تفسير [] ابن كثير: 1/473-474, فتح القدير للشوكاني: 1/ 448, وأحكام القرآن للكيا الهراسي: 1/405, أحكام القرآن للجصاص: 2/135, مصنف ابن أبي شيبة: 4/265, فتح الباري: 9/404.
2 بأن الآية واردة على المزوجات المسبيات فقط ولا يكون البيع طلاقاً، وهو قول الجمهور، بل نقل الفخر الرازي الإجماع على ذلك بعد الخلاف الأول. قال: فذهب علي وعمر وعبد الرحمن بن عوف أن المنكوحة إذا بيعت لا يقع عليها الطلاق وعليه إجماع الفقهاء اليوم.
انظر: التفسير الكبير: 10/41, أحكام القرآن للكيا: 1/406, فتح الباري: 9/404.
3 هي بريرة بنت الحارث الهلالية، والدة يزيد بن الأصم وأمها بنت عامر بن معتب الثقفي، مولاة عائشة، كانت مولاة لبعض بني هلال فكاتبوها ثم باعوها من عائشة. انظر: ترجمتها الإصابة: 4/242, والاستيعاب: 4/242, والتقريب 466, وحديثها سبق تخريجه في المسألة رقم: (1036) .

(4/1904)


اشترتها عائشة -رضي الله عنها- وأعتقتها, وأن ذلك لم يكن طلاقاً شِرَاها فليس في ذلك دليل أنها لم يكن بيعها طلاقها لأنه لا يدرى أكان قبل نزول الآية أو بعدها.
وابن عباس رضي الله عنهما يروي قصة1 بريرة تخيير النبي صلى الله عليه وسلم إياها, وهو يقول: "بيع الأمة طلاقها".
__________
1 ما روي في قصة بريرة وتخييرها قد سبق تخريج الحديث الذي يدل على ذلك في المسألة رقم: (1036) .
وما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- هو رواية عنه رواها عنه الطبري في تفسيره: 5/4: "بيعها طلاقها، وعتقها طلاقها، وهبتها طلاقها، وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طلاقها".
وحديث بريرة استدل به الجمهور على أن بيع الأمة لا يكون طلاقها، وقد بوب به البخاري في صحيحه في كتاب الطلاق، "باب لا يكون بيع الأمة طلاقها".
واعترض عليه ابن التين بأنه لم يأت في الباب بشيء مما يدل عليه التبويب.
وقال ابن حجر: وهذا الذي قاله -يعني ابن التين- عجيب, أما أولاً فإن الترجمة مطابقة فإن العتق إذا لم يستلزم الطلاق فالبيع بطريق الأولى, وأيضا فإن التخيير الذي جر إلى الفراق لم يقع إلا بسبب العتق لا بسبب البيع، وأما ثانيها فإنها لو طلقت بمجرد البيع لم يكن للتخيير فائدة.
ويأتي الجواب على من اعترض على الجمهور بأن ابن عباس كان يقول بيعها طلاقها مع روايته لقصة بريرة مع أنه لا يجوز أن يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه.
[] انظر: فتح الباري: 9/404, وأحكام القرآن للكيا الهراسي: 1/406, وتفسير ابن كثير: [1/473-474.

(4/1905)


] ورأى أحمد على حديث أبي سعيد الخدري.
قال إسحاق: كما قال لا يكون بيعها طلاقها أبداً حتى يطلقها الزوج أو تشتري [بضعها] 1 من الزوج.
[1291-] قلت: فمن اشترى جارية ولها زوج؟
قال: لا يكون بيعها طلاقها.
قال إسحاق: كما قال.
[1292-] قلت2: سئل يعني الأوزاعي عن رجل قال: كل جارية أتسراها فهي حرة، متى تكون حرة؟
قال: إذا وطئها ولم يعزل عنها فقد3 تسراها.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وفي ظ "بعضها" وما أثبته هو الصواب، والمراد من ذلك الخلع.
2 في ع بلفظ "قال: قلت: سئل الأوزاعي عن رجل كل جارية أتسراها".
3 أجاب الإمام الأوزاعي عما سئل وهي متى تكون حرة, وجوابه في ذلك لا يخالف جواب الإمامين أحمد وإسحاق، لأنه يجب الغسل بالتقاء الختانين، والعتق قبل الملك يشبه الطلاق قبل النكاح، ويدل عليهما حديث عمرو بن العاص الآتي.
ونقل الخطابي عن الأوزاعي أنه لا يرى وقوع الطلاق قبل النكاح، إلا إذا خص امرأة بعينها، أو [] قبيلة، أو بلد، وإن عم فليس بشيء. معالم السنن: 2/640-641.

(4/1906)


قال أحمد1: لا أجترئ أن أعتق عليه، فإن هو أعتق ليس به بأس، وأما أنا فلا أجترئ عليه، إلا أن يكون في ملكه2 فيقول: متى تسريت منكن فهي حرة، فإذا وجب عليها الغسل وجب3 عليه التسري.
قال إسحاق: كما قال4، وليس فيه موضع جبن.
__________
1 في ع بلفظ "قال الإمام أحمد: لا أجترئ أن أعتق عليه، فإن فعل هو فأعتقها".
2 فلا يصح العتق قبل الملك، وهذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، قال عنها ابن قدامة: وهو قول أكثر أهل العلم.
ومستندها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك".
قال الترمذي: "حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب".
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (1229) .
والرواية الثانية: يصح. قال في الإنصاف: وهو المذهب.
[] انظر: المغني: 8/719, والإنصاف: 7/417-418, والمبدع: 6/310, وجامع الترمذي: 3/486.
3 في ع "وإذا وجب".
4 نقل عنه الترمذي في جامعه في الطلاق قبل النكاح أنه لا يقع في غير من عينها، قال ووسع إسحاق في غير المنصوصة.
وسبق ذلك عنه في المسألة (1229) .
ويأتي ذلك مفصلاً في المسألة رقم: (1304) .
فمذهبه إذاً عدم صحة الجميع قبل ملك المحل، سواء كان طلاقاً أو عتقاً في غير المسمى.
انظر: جامع الترمذي: 3/487.

(4/1907)


[1293-] سئل1 الأوزاعي عن الغلامين يلوط أحدهما بصاحبه، ثم يكبرا فيولد للمفعول به جارية، أيتزوجها الفاعل؟
قال: لا.2
قال أحمد: على قولنا كما قال، إذا كان ذلك في الدبر.3
__________
1 في ع بلفظ "قال: قال سئل الأوزاعي".
2 انظر قول الأوزاعي في الأوسط لابن المنذر، لوحة 219، والمغني: 6/578.
3 فيحرم باللواط ما يحرم بوطء المرأة. قال المرداوي: "هذا المذهب نص عليه, وعليه جماهير الأصحاب، لأنه وطء في فرج فينشر الحرمة كوطء المرأة، ولأن المرأة التي يريد أن يعقد عليها بنت من وطئه، فحرمت عليه كما لو كانت الموطوءة أنثى."
وقال أبو الخطاب: "يكون ذلك كالمباشرة دون الفرج", والمذهب في المباشرة دون الوطء أنها لا تنشر الحرمة". فلا ينشر اللواط الحرمة عند أبي الخطاب، وصححه ابن قدامة في المغني والمقنع.
استدل بعموم قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} النساء آية 24.
وبنت المفعول به ليست من المنصوص عليهن، ووطء المرأة يوجب المهر ويلحق النسب إلى غير ذلك من أحكامه التي لا تثبت باللواط، فلا يلحق به.
قال ابن قدامة: "لو أرضع الرجل طفلاً لم يثبت به حكم التحريم، فها هنا أولى."
ونقل المرداوي في الإنصاف عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه ذكر أن المنصوص عن الإمام أحمد في مسألة التلوط نحو صورة مسألتنا هذه، وهي أنه لا يتزوج بنت المفعول فيه ولا أمه. قال ابن تيمية: وهو قياس جيد، قال: فأما تزوج المفعول فيه بأم الفاعل ففيه نظر، ولم ينص عليه.
[] انظر: الإنصاف: 8/119-120, والمغني: 6/577-578, والمبدع: 7/61, وكشاف القناع: 5/73.

(4/1908)


[1294-] قلت: المفعول به والفاعل عليهما الغسل؟
قال أحمد: [نعم] 1 إذا كان ذلك في الدبر, لأن حكمهما حكم الزنى، والذي يأتي البهيمة عليه الغسل وإن لم2 ينزل.
قال إسحاق: كما قال.
[1295-] سئل3 إسحاق عن رجل طلق امرأته تطليقة فتزوجت في عدّتها زوجاً آخر فانقضت عدتها عنده؟ 4
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من ع لأنه به تكمل إجابة الإمام أحمد.
2 قال في المقنع في عد ما يوجب الغسل: "الثاني: التقاء الختانين وهو تغييب الحشفة في الفرج قبلاً كان أو دبراً من آدمي أو بهيمة حي أو ميت."
[] انظر: في المقنع مع المبدع: 1/181-183, والمغني: 1/205, والعدة 47.
3 في ع بلفظ "قال: سئل إسحاق" وابتداء من هذه المسألة يوجه الكوسج الأسئلة لإسحاق بن راهوية وحده كما يحصل أحياناً منه للإمام أحمد.
4 في ع بحذف "عنده".

(4/1909)


قال: السنة في ذلك أن يفرّق1 بينها وبين الذي تزوجها في عدّة من الزوج الأول, ثم تعتدّ من الأول [فإن كان هذا الزوج الثاني لم يكن دخل بها تزوجها إذا انقضت عدّتها من الأول] 2. فإن كان الثاني دخل بها فرّق3 بينهما، وعليه المهر للدخول، وتعتد منه بعد ما تعتدّ من الأول لأن عليها عدّتين إذا كان الثاني قد دخل بها.
[1296-] سئل إسحاق عن الأمة تعتق وزوجها حر أو عبد؟
__________
1 يفرّق بينهما لأن النكاح باطل، فإنه لا يجوز نكاح المعتدة إجماعاً لقوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} البقرة من آية 235.
فإذا نكح وجب عليه فراقها، وإن دخل بها وجب لها المهر بما استحل من فرجها، فإن لم يفارقها وجب التفريق بينهما.
انظر: المغني: 7/480, والكافي: 3/316, والعدة 428, والفروع: 5/552, وغاية المنتهى: 3/207.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
3 يؤمر بمفارقتها، فإن لم يفعل وجب التفريق بينهما، فإن فارقها أو فرق بينهما وجب عليها أن تكمل عدّة الأول، لأن حقه أسبق وعدّته وجبت عن وطء في نكاح صحيح، فإذا أكملت عدّة الأول وجب عليها أن تعتدّ من الثاني، ولا تتداخل العدتان لأنهما من رجلين.
المغني: 7/481, والعدة 428, والفروع: 5/252, والهداية لأبي الخطاب: 2/61.

(4/1910)


قال: السنة في ذلك أن لا خيار لها من الحر لأنها [صارت إلى مثل حاله] 1 فأي خيار لها؟ إنما لها أن تختار إذا أعتقت من زوجها إذا كان عبدا، [ظ-38/ب] والذي يصح من زوج بريرة أنه كان عبداً. 2
[1297-] سئل3 إسحاق عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها، هل تلزمه نفقتها4 إن كانت صغيرة لا يجامع5 مثلها؟
قال: كل ما لم يدخل بها وهي ممن يدخل بها ولم يمتنع القوم من تسليمها فعليه النفقة لها، وأما الصغيرة فلا نفقة لها عليه، إلا أن تبلغ حد الوطء. 6
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 سبقت المسألة رقم: (1036) ، كما سبقت هنالك الإشارة إلى الروايات التي وردت في أن زوج بريرة كان حراً والواردة في أن زوجها كان عبداً، وأن ذلك هو الأصح وهو المروي في الصحيحين.
[] راجع المسألة المذكورة, وانظر بالتفصيل عن ذلك: زاد المعاد: 5/168, وفتح الباري: [9/406-408,] والمغني: 6/659-660.
3 في ع بلفظ "قال: سئل".
4 في ع بلفظ "أرأيت إن كانت صغيرة".
5 نهاية اللوحة رقم: 125، وبداية اللوحة 126 من ع.
6 انظر عن قول الإمام إسحاق: الأوسط لوحة رقم: 235 والإشراف: 4/142, والمغني: 7/601.
وما أجاب به الإمام إسحاق هو مذهب الحنابلة، لأن النفقة تجب على الزوج بالتمكين من الاستمتاع بها، وتعذر ذلك هنا لصغرها فلم تجب نفقتها، كما لو امتنع أولياؤها من تسليمها الزوج.
انظر: المغني: 7/601, والمبدع: 8/201, والإنصاف: 9/377, وكشاف القناع: 5/371, والأوسط، لوحة رقم: 235, والإشراف: 4/142.

(4/1911)


[1298-] سئل1 إسحاق عن الحر تكون تحته الأمة فطلقها تطليقتين، ثم أدركها العتق في العدة، كيف تعتد؟
قال: العدة بالنساء كلما طلقها ثنتين فعدتها عدة2 الحرة، ينبغي له إن أراد فراقها طلقها ثلاثاً لأن الطلاق بالرجال، فلما طلقها ثنتين بقي من3 طلاقه واحدة، فأدركها العتاقة فلم تبن منه.4
__________
1 في ع بلفظ "قال: سئل عن الحر تكون تحته الأمة فطلقها ثنتين بعد".
2 في ع بلفظ "فعدتها عدة الحر لأنه ينبغي".
3 في ع بلفظ "بقي من طلاقها".
4 انظر قول الإمام إسحاق في الأوسط، لوحة رقم: 306 والمغني: 7/462, وهو مذهب الحنابلة، ويوضحه قول الخرقي في مختصره:"وإذا طلقها طلاقاً يملك فيه الرجعة وهي أمة فلم تنقض عدتها حتى أعتقت بنت على عدّة حرة, وإن طلقها طلاقاً لا يملك فيه الرجعة فأعتقت اعتدت عدة الأمة".
وذلك أن الأمة إذا أعتقت وهي رجعية فقد وجدت الحرية، وهي زوجة وتعتد عدة الوفاة إذا مات، بل وترثه كما في مسألتي رقم: (1083، 1084) .
فتعتدّ هنا عدّة الحرة فأما إذا أعتقت وهي بائن فلا تجب عليها عدة الحرائر لعدم وجود الحرية في وقت الزوجية. وقال المرداوي عن هذا الحكم: "بلا نزاع."
انظر: المغني: 7/462, والإنصاف: 9/285.

(4/1912)


[1299-] سئل1 إسحاق عن العبد تكون تحته الحرة فطلقها ثنتين، ثم أدركه العتق وهي2 في العدة، هل يراجعها؟
قال: لا3 مراجعة بينهما لأنه طلقها أقصى طلاقه إن الطلاق بالرجال وعدتها عدة الحرائر4.
[1300-] سئل5 إسحاق عن أم الولد إذا مات السيد، كيف تعتد؟
قال: السنة عندنا أن تعتد أربعة6 أشهر وعشراً.
__________
1 في ع بلفظ "قال سئل إسحاق".
2 في ع بحذف "هي".
3 في ع بلفظ "قال: مراجعة بينهما لأنه طلقها".
4 راجع مسائل الطلاق بالرجال والعدة بالنساء في المسألتين رقم: (907 – 910) .
5 في ع بلفظ "قال: سئل إسحاق".
6 راجع مذهب الإمامين أحمد وإسحاق بالتفصيل في عدة أم الولد التي توفي سيدها إذا كانت تحيض: المسألة رقم: (927) , وإذا كانت لا تحيض المسألة رقم: (1081) .

(4/1913)


[1301-] سئل1 إسحاق عن أقل ما تصدق المرأة في انقضاء العدة؟
قال: إذا كانت المرأة لها أقراء معلومة قبل أن تبتلى بالعدة حتى عرفها بذلك بطانة أهلها ممن ترضى دينهن وأمانتهن فإنها تصدق في ذلك ولو كان كذا وأربعين يوما، ً2 فإن لم تعرف بذلك وكان ذلك أول ما رأت حيضاً أو طهراً حتى انقضى ثلاث حيض في شهر، فإن العدة لا تنقضي3 بذلك، ولا تصدق في دون ثلاثة أشهر لأن الأخذ بالاحتياط في العدة، وقد جعل الله عز وجل بدل كل حيضة شهراً في اللائي يئسن [من الحيض] 4
__________
1 في ع بلفظ "قال: سئل إسحاق".
2 بل عند الحنابلة ولو كان كذا وثلاثين يوماً أو حتى كذا وعشرين يوماً.
قال ابن قدامة: "وأقل ما تنقضي به العدة تسعة وعشرين يوماً, وإن قلنا: القرء الحيض وأقل الطهر ثلاثة عشر يوماً, لأن ثلاث حيضات ثلاثة أيام وبينها طهران ستة وعشرون يوماً. وإن قلنا: الأقراء الأطهار, والطهر: ثلاثة عشر يوماً, فأقلها: ثمانية وعشرون يوماً ولحظة, وإن قلنا: أقله خمسة عشر يوماً, فأقلها اثنان وثلاثون يوماً ولحظة".
انظر: الكافي: 3/305, والمغني: 7/286, وكشاف القناع: 5/346, والمبدع: 7/400, الإشراف: 4/304.
3 لأن مدة الحيضات الثلاث أكثر من شهر. راجع نفس المراجع السابقة.
4 ما بين المعقوفين أثبته من ع.

(4/1914)


واللائي لم يحضن1 فإذا أشكل2 على المسلم انقضاء عدّة امرأة ردها إلى الكتاب والسنة.3
[1302-] سئل 4 إسحاق عن رجل تزوج امرأة فبنى بها فأتى عليها ستة أشهر فولدت المرأة، فإن الولد ولده لأن النساء تلدن لذلك الوقت، إلا أن يكون لها زوج قبل ذلك ففارقها، أو مات عنها فكانت حبلى منه، فحينئذ لا يسع هذا أن يدعيه إذا علم أن الحبل كان من غيره، وإن لم يعلم فله أن يدعيه فإن ادعياه جميعاً فالولد ولد هذا 5 الأخير لما تلد المرأة في ستة أشهر. 6
__________
1 لقوله تعالى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} من آية 4 من سورة الطلاق.
2 لقوله تعالى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} في الآية السابقة من سورة الطلاق، وهذه مرتابة في أمرها حيث تدعي انقضاء عدتها بأقل من أدنى العدة ولم تكن لها عادة قبل ذلك يحال عليها، فعدتها إذاً ثلاثة أشهر.
3 انظر عن قول إسحاق هذا: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/304.
4 في ع بلفظ "قال: سئل".
5 في ع بحذف "هذا".
6 سبقت المسألة بجواب الإمام أحمد فقط، وبنحو ما أجاب به الإمام إسحاق هنا في المسألة رقم: (930، 931) .
وقال ابن المنذر: "وأجمع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار من أهل المدينة والكوفة وسائر علماء الأمصار من أصحاب الحديث وأهل الرأي، على أن المرأة إذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم عقد نكاحها, أن الولد لا يلحق به, وإن جاءت به لستة أشهر من يوم عقد نكاحها فالولد له".
الإجماع لابن المنذر ص: 49, والإشراف: 4/279.

(4/1915)


[1303-] سئل إسحاق [عن رجل جعل أمر امرأته بيدها] 1؟
فقال: أيما رجل جعل أمر امرأته بيدها فإن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اختلفوا2 في ذلك، فرأى عثمان وابن عمر3 -رضي الله
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 سبقت المسألة برقم: (1059) مع تحريرها والإشارة إلى أدلتها وتخريج قول ابن عمر وعثمان -رضي الله عنهم-، وأن المذهب، والذي عليه أصحاب الإمام أحمد أن القضاء ما قضت، ولا يقبل منه إرادته لأقل من ثلاث، وهو قول عثمان.
3 قول ابن عمر -رضي الله عنهما- في المسألة: القضاء ما قضت إلا أن ينوي الرجل أقل من ذلك، فيقول مثلاً لم أرد إلا تطليقة، فيحلف على ذلك ويكون أملك بها, وهذا الاستثناء في قول ابن عمر دل عليه ما سبق أن نقل عنه الإمام أحمد في المسألة (1059) وما حكى عنه الإمام إسحاق في كلامه الآتي في هذه المسألة, قال ابن المنذر في الإشراف: " ولم يذكر ذلك -أي الاستثناء-غير ابن عمر."
قلت: وبه قال الإمام إسحاق، وسيأتي ترجيحه لذلك في هذه المسألة، وصرح به في المسألة (1059) قال: "كما قال ابن عمر، ويحلف على إرادته".
[] انظر: سنن البيهقي: 7/348, ومصنف عبد الرزاق: 6/518-520, وسنن سعيد ابن [] [] [] منصور: 1/419-420, والإشراف: 4/181, وشرح السنة: 9/218.

(4/1916)


عنهما- أن يكون القضاء ما قضت.
وقال عمر وابن1 مسعود -رضي الله عنهما-: أمرك بيدك كقوله: اختاري، يجعلان ذلك تطليقة يملك الرجعة.
وخالفهم بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال ذلك إلى الرجل, والذي نعتمد2: أن يكون القائل هذا يدينه الحاكم، فإن أراد طلاقاً يملك الرجعة كان ذلك، وإن أراد ثانياً أو أكثر الطلاق كان ذلك على إرادته. وقد فسر عن ابن عمر -رضي الله عنهما- حيث قال: القضاء ما قضت أنه قال إلا أن ينوي غير ذلك فيحلف الرجل ثم يجعل3 به، وهذا القول أشبه بالسنة
__________
1 روى ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/161, وبسنده عن عمر وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما- أنهما قالا: "أمرك بيدك واختاري سواء."
وانظر: عن قوليهما أيضاً في سنن البيهقي: 7/347, وشرح السنة: 9/218, والإشراف: 4/181.
2 في ع بلفظ "الذي نعتمد عليه".
3 روى البيهقي بسنده عن الشافعي عن مالك عن نافع أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول إذا ملك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت، إلا أن يناكرها الرجل فيقول: لم أرد إلا تطليقة واحدة، فيحلف على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها. سنن البيهقي: 7/384.
وانظر أيضاً المراجع السابقة عند تخريج قول ابن عمر في أول المسألة.

(4/1917)


الماضية لأن النبي صلى الله عليه وسلم حيث خيّر1 نساءه.
فذهب عمر رضي الله عنه أن من خيّر لا يكون مبتدعاً وكلما جاز للرجل أن يطلق على مذهب قد سن له، لم يكن ذلك الطلاق إلا سنته وهو يملك الرجعة، ومما يقوي هذا [المذهب] 2 قول النبي صلى الله عليه وسلم لركانة3 بن عبد يزيد حين طلق امرأته البتة: ما أردت4 بذلك؟ وكذلك فعل عمر رضي الله عنه [وبر] 5 الحالف البتة وما أشبه ذلك فله حكمه. فلذلك اخترنا في أمرك بيدك يدين ما أراد بقوله, أثلاثاً أو أقل من ذلك, وكلما دين مطلقاً فإنه يحلف على دعواه6 [ع-64/ب] .
__________
1 حديث تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه متفق عليه.
وسبق تخريجه في المسألة (971) .
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأن فيه زيادة بيان.
3 ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي المطلبي الهاشمي, كان من مسلمة الفتح وكان من أشد الناس، وهو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصارعه وذلك قبل إسلامه ففعل وصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلق امرأته سهيمة بنت عويمر البتة فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أردت بها"؟ يستخبره.
انظر ترجمته: الإصابة: 1/506, والاستيعاب: 1/515, وتقريب التهذيب: 104.
4 حديث ركانة سبق تخريجه في المسألة (1149) .
5 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
6 سبق الترجيح في حكم المسألة في المسألة رقم: (1059) .

(4/1918)


[1304-] [قال] 1 إسحاق: وأما إذا حلف أن كل امرأة يتزوجها فهي طالق2 أو امرأة قد سماها، فإن السنة3 مضت بأن لا طلاق قبل نكاح4، فكلما لم يسمها بعينها فإنه لا يقع شيء، فإن سمى قبيلتها أو مصرها أو قال: إن تزوجت على امرأتي فلانة، أو ما أشبه ذلك من المواقيت، فإنه لا يقع، ولا نعلم في ذلك سنة مضت بتشديد، وإنما جبنا عن المنصوبة لما جاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم مجملاً, فإن كان عن المنصوبة5 وغير المنصوبة6 فقد أخذنا بغير المنصوبة7، وإن كان [غير المنصوبة فقد اتبعنا] 8 [ظ-39/أ] .
__________
1 المثبت بين المعقوفين من عبارة ع، وعبارة ظ "سئل إسحاق"، وما أثبته يستقيم به الكلام.
2 سبقت المسألة برقم: (991، 992، 1219) .
وانظر أيضاً المسألة رقم: (1292) .
3 في ع زيادة "قد".
4 سبق تخريج الحديث الدال على هذا في المسألة رقم: (991) .
5 وفي الأصل "المنسوبة".
6 وفي الأصل "المنسوبة".
7 وفي الأصل "المنسوبة".
8 ما بين المعقوفين كان في موضعه سواد لا تظهر منه الكلمات في نسخة ظ، والمثبت مكمل من عبارة نسخة ع التي يظهر أيضاً أنه قد حصل فيها سقط، وعبارتها "فإن كان عن المنصوبة وغير المنصوبة فقد اتبعنا".
فالظاهر سقوط تكملة الكلام كما هو موضح فيما أثبته، لأن السياق يدل عليه.

(4/1919)


[1305-] قال1 إسحاق: أما الرجل الذي يريد أن يطلق امرأته ثلاثاً أو أقل أو أكثر وقد عقد قلبه على ذلك، ثم قال: فلانة بنت فلان، ولم يقل طالق، فإن كانت إرادته ونيته بذكره الثلاث إيقاع الطلاق عليه، وقع الطلاق وإن لم يكن مما يشبه2 الطلاق.
وقد3 أجمع أهل العلم أن كل شيء يشبه الطلاق فهو طلاق، كما تقدم من نيته بإرادة الطلاق ثم تكلم باسمها وبالثلاث دليل
__________
1 بداية اللوحة رقم: 76 من ظ.
2 صورة المسألة فيما إذا قال الرجل لامرأته واسمها زينب "زينب ثلاثا".
وذهب الإمام إسحاق هنا إلى أنه إن أراد بذلك إيقاع الطلاق وقع، وأن المرأة إذا سمعت ذلك منه، أو أخبرت بذلك عنه فإن عليها أن تسأل الزوج، فإن أقر فذاك، وإلا وجب عليها رفع أمره إلى الحاكم، فيحلفه الحاكم على إرادته.
وقول الرجل: "زينب ثلاث" ليس من ألفاظ الطلاق الصريحة أو الكناية ولا يقع الطلاق بغير لفظ، فيشبه أن لا يقع ذلك عند الحنابلة، وقد صرحوا بأنه لا يقع بغير لفظ، فلو نواه بقلبه من غير لفظ لم يقع.
بل قال ابن مفلح في المبدع: وكذا إن نواه بقلبه وأشار بإصبعه لم يقع, نص عليه، لأنه ليس بصريح ولا كناية.
انظر: كشاف القناع: 5/245, والمبدع: 7/268, والإشراف: 4/175.
3 في ع بلفظ "فقد أجمع".

(4/1920)


على ما قد1 نواه، وإن كان حيث تكلم باسمها وذكر الثلاث ثم2 ندم أن تلفظ بالطلاق فقد صار ناقضاً لما تقدم من نيته.
فإن كان فعله هذا لم تسمع به المرأة فله أن لا يبلغها ذلك، وكذلك لو سمع هذا من هذا3 الزوج غيره وقد أخبره ذلك ولم يلفظ بالطلاق لأنه إن بلغها مبلغ ذلك لزمها أن ترافعه إلى الحاكم حتى يحلفه ما أراد، وعلى الحاكم أن يحلفه إذا ذكر الثلاث, ولو لم يكن في هذا الذي قلنا إلا ما ذكر غير واحد ليث4 بن أبى سليم عن الحكم بن عتيبة أن رجلاً أراد أن يطلق امرأته ثلاثاً، فلما أراد أن يلفظ بذلك أخذ رجل على فيه5
__________
1 في ع بحذف "قد".
2 في ع بحذف "ثم".
3 في ع بحذف "هذا".
4 ليث بن أبي سليم بن زنيم، مولاهم أبو بكر، ويقال أبو بكر الكوفي، واسم أبي سليم أيمن، ويقال أنس، ويقال زياد، ويقال عيسى. روى عن طاووس ومجاهد وعطاء وعكرمة. قال ابن حبان: "اختلط في آخر عمره، كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل.", وقال ابن معين: "منكر الحديث، مجمع على سوء حفظه.", وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق, اختلط أخيراً ولم يتميز حديثه فترك."
[] انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب: 8/465- 468, تقريب التهذيب: 287.
5 أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/100 بسنده عن ليث عن الحكم في رجل قال لامرأته: أنت طالق, وأشار بيده ثلاثاً. قال فسألوه عن ذلك فقال: هي واحدة.

(4/1921)


وأمسك بالثلاث, فأجمع أهل العلم على أنه ثلاث.
فأحسن ما نضع قول من وصفنا على أن من صيروه ثلاثاً لما بين الإشارة من إرادته.
[1306-] قال إسحاق: وأما الرجل يخطب إلى رجل ابنته فزوجها منه بشهادة امرأته، ثم غاب1 عنها سنة فزوج [رجل] 2 الجارية من آخر على كره من الجارية، وزف بها الآخر وهي منكرة تصيح: إن أبي زوجني من فلان، فإن العقدة الأولى لم تتم لما لم يكن شهود3، إلا أن يكون الأب أعلن ذلك والزوج قبل
__________
1 في ع زيادة "الرجل".
2 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وفي ظ "الرجل"، والسياق يقتضي التنكير لأن الرجل الذي زوجها ثانياً ليس أباها, كما يفهم من تعليل إسحاق الآتي في عدم انعقاد النكاح الثاني لفقدان رضاها.
3 اختلف الفقهاء في الشهادة في النكاح، فقال الجمهور إن الشهادة شرط في النكاح ولا ينعقد النكاح إلا بحضور شاهدين, وممن قال بذلك الحنابلة والحنفية والشافعية وإسحاق وابن حزم.
ومما استدل به الجمهور حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل، فنكاحها باطل."
رواه الدارقطني: 3/ 226.
وقال ابن حزم: لا يصح في هذا الباب شيء غير هذا السند. المحلى: 9/465. =

(4/1922)


...................................................................................
__________
= وعن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل."
رواه ابن حبان وصححه، ورواه الدارقطني: 3/227.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة."
رواه الترمذي، وذكر أنه لم يرفعه غير عبد الأعلى، وأنه قد وقفه مرة، وأن الوقف أصح.
قال مجد الدين أبو البركات ابن تيمية في المنتقى: "وهذا لا يقدح؛ لأن عبد الأعلى ثقة، فيقبل رفعه وزيادته, وقد يرفع الراوي الحديث وقد يقفه."
وقد ورد في الشهادة روايات كثيرة، منها ما ذكرت، وضعف أكثر هذه الروايات, لكن يقوي بعضها بعضاً.
قال صاحب غاية الأماني: "لم أقف على حديث صحيح مرفوع في مسند الإمام أحمد ولا في الكتب الستة يحتج به على اعتبار الشهادة في النكاح، إلا ما رواه الترمذي عن ابن عباس."- ويعنى الحديث السابق-.
وقال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم, قالوا: لا نكاح إلا بشهود, لم يختلفوا في ذلك من مضى منهم، إلا قوماً من المتأخرين من أهل العلم".
وقال الشوكاني: "والحق ما ذهب إليه الأولون- يعنى الذين اشترطوا الشهادة- لأن أحاديث الباب يقوي بعضها بعضاً".
وقال ابن قدامة: "ولأنه يتعلق به حق غير المتعاقدين وهو الولد، فاشترطت الشهادة فيه، لئلا يجحده أبوه فيضيع نسبه بخلاف البيع, فأما نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بغير ولي وغير شهود فمن خصائصه في النكاح، فلا يلحق به غيره."
انظر: المغني: 6/450, المبدع: 7/46, الأم: 5/19, مغني المحتاج: 3/144, المحلى: [9/465,] فتح القدير لابن الهمام: 3/199, الهداية مع البداية: 3/199-200, جامع الترمذي: [3/411-412,] المنتقى: 2/512-513, نيل الأوطار: 6/126-127, غاية الأماني مع فتح الرباني: 16/156.

(4/1923)


غيبته حتى تسامع الناس ذلك ولا ينكر الزوج ذلك1، فإن هذا إذا كانت على ما وصفنا عند مالك2 وأهل المدينة ومن اتبعهم
__________
1 في ع بحذف "ذلك".
2 ذهب الإمام مالك إلى أن النكاح جائز بغير شهود إذا أعلنوا بعد ذلك، وهو قول الزهري، ففي المدونة: "قال: أرأيت الرجل ينكح ببينة ويأمرهم أن يكتموا ذلك، أيجوز هذا النكاح في قول مالك؟ قال: لا".
المدونة: 2/158, والكافي: 3/21, والجامع لأحكام القرآن: 3/79.
وذهبت طائفة إلى أن النكاح جائز بغير شهود، ومنهم الأئمة الثلاثة الذين ذكرهم الإمام إسحاق هنا، وهم: عبد الله بن إدريس, ويزيد بن هارون. وعبد الرحمن بن مهدي.
وممن نسب إليهم ذلك: ابن المنذر في الإشراف والأوسط, وابن قدامة في المغني.
وعلم من ذلك أن صنيع الإمام إسحاق -رحمه الله- في جعل قولهم مع قول أهل المدينة فيه تجوز، فإنهم يرون صحة النكاح بغير شهود ولو لم يعلنوا بعد ذلك، بخلاف ما ذهب إليه أهل المدينة من أنه يشترط في صحة النكاح بلا شهود أن يعلن بعد ذلك.
واختار ابن المنذر في الإشراف ما ذهب إليه يزيد بن هارون ومن معه, وذكر عنه أنه كان يعيب أصحاب الرأي بأن الله أمر بالإشهاد على البيع ولم يأمر بالإشهاد على النكاح, وأن أصحاب الرأي زعموا أن البيع جائز بدون الشهادة والنكاح باطل بدون شهادة ولم يأمر الله بالإشهاد عليه.
[] انظر: الإشراف: 4/45-46, والأوسط، لوحة رقم: 193, والمغني: 6/420.

(4/1924)


من علماء أهل العراق, مثل ابن إدريس1 ويزيد [ع-65/أ] ابن هارون2 وابن مهدي3 ونظرائهم نكاح صحيح لما صار الإعلان شهادة.
وأحب الأقاويل إلينا: أن يشهدوا عند العقد شاهدين أو امرأتين
__________
1 عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن، الإمام القدوة الحجة، أبو محمد الأودي الكوفي، أحد الأعلام, كان عابداً فاضلاً يسلك في كثير من فتياه ومذاهبه مسلك أهل المدينة. قال أحمد بن حنبل: "كان ابن إدريس نسيج وحده." توفي سنة 192هـ.
تذكرة الحفاظ: 1/282, اللباب: 1/501, طبقات الحفاظ للسيوطي 124.
2 يزيد بن هارون بن زاذان الواسطي السلمي أبو خالد, أحد الأئمة, كان حافظاً متقناً صحيح الحديث من رواة الكتب الستة, توفي سنة 206هـ.
انظر: ترجمته في تهذيب التهذيب: 11/366, تذكرة الحفاظ: 1/317, شذرات الذهب: 2/16, العبر: 1/350.
3 عبد الرحمن بن مهدي بن حسان، أبو سعيد البصري اللؤلؤي، حافظ عارف بالرجال والحديث, وثقه أبو حاتم وابن حبان, وقال أحمد عنه: إذا حدث ابن مهدي عن رجل فهو حجة. توفي سنة 198هـ.
انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ: 1/329, شذرات الذهب: 1/355, تاريخ بغداد: 10/2240.

(4/1925)


ورجل1, وقد ذهب هؤلاء الذين وصفناهم مذهباً وتأولوا في ذلك تزويج علي كرم الله وجهه أم كلثوم2 من عمر -رضي الله عنهما وبعثه إياها إليه3، وتزويج الفريعة4 للمسيب بن نجبة5 أحدهما من الآخر، ونحو هذا من الحجج وليس هذا
__________
1 وهو رواية عن الإمام أحمد، والمذهب أنه لا ينعقد النكاح إلا بشاهدين ذكرين.
المغني: 6/452, المبدع: 7/48.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: جامع الترمذي: 3/412, نيل الأوطار: 6/126, والمنتقى: 2/513.
وانظر أيضاً المسألة رقم: 1126.
2 هي أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، أمها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ولدت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. خطبها عمر من علي -رضي الله عنهما- فقال علي: إنها صغيرة. فقال عمر: "زوجنيها فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد", فقال: "أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتكها, فلما جاءته خرج إلى المهاجرين وقال: "زفوني فقد تزوجت أم كلثوم."
[] الإصابة: 4/467, الاستيعاب: 4/468-469.
3 في الأصل "وبعثت أباها إليه".
4 لم أقف فيما اطلعت عليه على معرفة من هي الفريعة، حيث لا توجد قرينة تدل على اسم والدها، وكذلك ترجمة المسيب ليس فيها لها ذكر.
5 المسيب بن نجبة بفتح النون والجيم بعدها موحدة، بن ربيعة بن رباح بن هلال الفرازي، شهد القادسية ومشاهد علي، وقتل يوم عين الوردة.
وقال ابن حجر: "روى له الترمذي في سننه، وروى عن حذيفة وعلي، ولم يشر أحد ممن ترجم له لقصة زواجه من الفريعة. قتل سنة خمس وستين."
انظر: الإصابة: 3/471, المشتبه في الرجال: 1/113, تبصير المنتبه: 1/196.

(4/1926)


ببين1.
وأما الجارية حيث أنكرت تزويج الثاني لما قالت: إن أبي قد زوجني، فإن تزويجها من الثاني باطل لأنه لا بد من رضاها، فإن أحبت جددت النكاح الأول بشهود وولي لما لم يتم الثاني لإنكارها في المذهبين2 جميعاً.
[1307-] قال إسحاق: وأما الرجل يقول لامرأته: إن دخلت دار فلان فلا تكوني في ملكي3، فإن أراد طلاقها فهو ما نوى واحداً أو اثنين أو ثلاثاً. وإن قال: لم أكن4 نويت طلاقاً إنما نويت أن لا تكوني في ملكي على ما كنت أفعل بك أو ما أشبه ذلك من
__________
1 ذكر الإمام إسحاق أن هاتين القصتين ونحوهما من الحجج لا تعتبر دليلاً على عدم اعتبار الشهادة في النكاح، وأن الاستدلال بمثل هذا غير ظاهر.
2 أي: سواء كان ذلك على مذهب من لم يشترط الشهود أو على مذهب من يشترط الشهود، فإنه لا يجوز تزويجها إلا برضاها.
3 في ع زيادة "أبداً فإنه يدين ما أراد بقوله لا تكوني".
4 في ع بلفظ "لم أنو طلاقاً".

(4/1927)


المعاني، فإنه يحلف ويصدق على دعواه.1
[1308-] قلت2 لإسحاق: هل يتزوج العرب في الموالي وموالي تميم في تميم وغيرهم من الموالي فيمن يوالون؟ وهل يجوز لغير مواليهم أن يتزوجوا فيهم؟ 3
__________
1 المسألة في اعتبار لفظ "لا تكوني في ملكي", وما أجاب به الإمام إسحاق هنا ما تكرر عنه فيما سبق من أنه يعتبر النية في جميع الكنايات ظاهرة أو خفية، وأن الطلاق لا يقع بها إلا مع نية الطلاق، وإذا نوى لم يقع إلا ما نواه, وتشبه هذه العبارة التي ذكرها الإمام إسحاق قول الزوج لامرأته: لا سبيل لي عليك أو لا سلطان لي عليك، وهما من الألفاظ المختلف فيها عند الحنابلة، هل هي من الكنايات الظاهرة أو الخفية، وأشهر الروايتين في ذلك عن الإمام أحمد أنهما من الكنايات الظاهرة, وعند الحنابلة أيضاً أن شرط وقوع الطلاق بالكنايات الخفية أن ينوي بها الطلاق، كما أشار إليه الإمام إسحاق.
راجع كلام الإمام إسحاق في النية المسألة رقم: (947، 973، 974) .
وانظر أيضاً المغني: 7/132, والمبدع: 7/277.
2 هذه المسألة المتعلقة بالكفاءة في النكاح بطولها ساقطة من ظ، وانفردت بإثباتها نسخة ع، وفيها بعض الكلمات غير واضحة وتصعب قراءتها، وقد بذلت ما في وسعي وعانيت كثيراً في محاولة فهمها.
3 السؤال يتكون من أربع فقرات:
الفقرة الأولى: تتعلق بزواج العرب من الموالي.
والفقرات الباقية: عن زواج الموالي من العرب, ومثلها بتميم من العرب, هل يجوز أن يتزوج مواليهم فيهم؟ وهل يمكن ذلك في غيرها من قبائل العرب؟
وهل يجوز للموالي أن يتزوجوا في غير من يوالون من العرب؟

(4/1928)


[] قال: السنة لا يتزوج العرب إلا بعضهم في [----1---] لما لهم فضل على سائر العرب, ولكن إن تزوج غير قريش بعدادهم عرب لم2 يجز التفريق بينهم.
وقد ذكر3 عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أكفانا من العرب بنو هلال".
__________
1 هذه المسألة انفردت بنقلها نسخة ع، ويوجد في المكان الخالي بين المعقوفين طمس، وبسببه لم أستطع فهم العبارة، وقد حاولت جاهداً أن أعرف هذا الطمس لأنه بفهمه تفهم المسألة، فلم أستطع ذلك.
2 المسألة مبنية على اشتراط الكفاءة لصحة النكاح، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد هو المذهب عند أكثر المتقدمين.
قال الزركشي: "هذا المنصوص المشهور، والمختار لعامة الأصحاب من الروايتين." نقل عنه ذلك المرداوي.
والرواية الثانية أن الكفاءة ليست شرطاً في صحة النكاح.
قال ابن قدامة: "وهذا قول أكثر أهل العلم.", وقال: "والصحيح أنها غير مشروطة".
قال المرداوي: "وهو الصواب الذي لا يعدل عنه."
[] انظر: المغني: 6/480, والإنصاف: 8/105-107.
3 لم أقف على تخريجه في مظانه، وقد بذلت ما في وسعي فلم أستطع العثور عليه.

(4/1929)


ومن رأى التفريق بين قريش1 وسائر العرب لم نعلم له حجة.
فأما أن يتزوج الموالي العربيات فإنا نكره ذلك، ونرى إذا فعل ذلك أن يفرّق2 بينهم، إلا أن تكون من
__________
1 روي عن الإمام أحمد روايتان في كون العرب أكفاء بعضهم لبعض، فروي عنه أن غير قريش من العرب لا يكافئها وغير بني هاشم لا يكافئ بني هاشم.
والرواية الثانية أن العرب بعضهم لبعض أكفاء كما أن العجم بعضهم لبعض أكفاء، وبه قال الحنفية، فيكون ما أشار إليه الإمام إسحاق من قول من يقول بتفريق نكاح العربي بقرشية رواية عند الحنابلة بناء على الرواية في اشتراط الكفاءة لصحة النكاح كما أسلفت آنفاً, وعلى الرواية في أن سائر العرب لا يكافئون قريشاً.
والخلاصة: أن ذلك رواية, فأما المعتمد فإنه لا يفرق نكاح سائر العرب من قريش ولا نكاح المولى من العرب، إلا إن لم ترض المرأة والأولياء جميعاً، فيكون لمن لم يرض منهم الفسخ بناء على أن الكفاءة ليست شرطاًَ في صحة النكاح كما صححه ابن قدامة وقال المرداوي، كما سبق في التعليق على قول إسحاق: (ولكن إن تزوج غير قريش بعدادهم) من هذه المسألة, وهو الصواب الذي لا يعدل عنه.
[] راجع: المغني: 6/480-483, والإنصاف:8/105-109, وكشاف القناع: 5/66-68, وفتح [] القدير لابن الهمام: 3/295-297, والهداية على البداية: 3/294-297.
2 وهو قول الإمام الثوري كما في نيل الأوطار، ورواية عن الإمام أحمد كما سبق في التعليقات الماضية في هذه المسألة. والصحيح الحكم بصحة النكاح وتخيير الزوجة وأوليائها في فسخ النكاح.
انظر: نيل الأوطار: 6/129.

(4/1930)


[موالي] 1 القوم خاصة، فإنا وإن كرهنا له أن يتزوج من عربية من موالياته جبنا عن التفريق2 بينهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مولى3 القوم من [ع-65/ب] أنفسهم".
__________
1 الكلمة غير واضحة في المخطوطة, والسياق يدل على ما أثبته.
2 روي عن الإمام أحمد أن مولى القوم يكافئهم للحديث المذكور، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج زينب من زيد بن حارثة. والصحيح من المذهب أن مولى القوم ليس كفؤاً لهم.
قال ابن قدامة: "وقد قال أحمد هذا الحديث في الصدقة لا في النكاح, ولهذا لا يساوونهم في استحقاق الخمس ولا في الإمامة ولا في الشرف."
وبيّن أن الإمام أحمد في الرواية التي عليها المذهب اعتذر عن تزويج زيد وابنه عربيتين بأنهما عربيان، فإنهما من قبيلة كلب وقد طرأ عليهما رق فلهما حكم كل عربي الأصل.
انظر: المغني: 6/486, والإنصاف: 8/110.
3 عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأبي رافع: "اصحبني فإنك تصيب منها , قال: حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله. فأتاه فسأله. فقال: "مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة."
أخرجه: أبو داود, واللفظ له، باب الصدقة على بني هاشم، حديث رقم: 1650, 2/298, وأحمد في المسند: 6/10, والترمذي، حديث رقم: 657 وقال: حديث حسن صحيح, والنسائي: 6/109, وصححه الألباني في إرواء الغليل: 3/337.

(4/1931)


وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الصدقة1 لا تحل لبني هاشم"، وقال صلى الله عليه وسلم: "مولى القوم من أنفسهم"، فحرم عليهم الصدقة أيضاً.
وقد قيل: المولى لحمة كلحمة النسب2. فكان هذا بياناً لما خفنا من التفريق [3 وكذلك فعل ابن سيرين4 لما تزوج وأراد زعموا بذلك تصحيح النسب لما دخل النسا كالنسب لها
__________
1 الحديث سبق تخريجه في أول المسألة.
2 هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك: 4/341 عن عبد الله بن عمر مرفوعاً، وقال الحاكم: صحيح الإسناد, وأخرجه البيهقي: 10/292، وصححه الألباني في إرواء الغليل: 6/109.
3 العبارة التي بين المعقوفين غير واضحة، وحاولت قدر استطاعتي فهمها وتصحيحها. ولعل المعنى المقصود هو أن ابن سيرين رغب تزويج العربيات كما رغبه ابن عون، كما يأتي في بقية المسألة، وليس معنى ذلك أنهما يريان عدم جواز التزويج من الموالي. فأصل الكفاءة معتبرة في الرجل دون المرأة.
قال ابن قدامة: "فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا مكافئ له، وقد تزوج من أحياء العرب وتزوج صفية بنت حيي، وتسرى بالإماء". وقال: "من كانت عنده جارية فعلمها وأحسن تعليمها وأحسن إليها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران." متفق عليه.
ولأن الولد يشرف بشرف أبيه لا بأمه، فلم يعتبر ذلك في الأم."
المغني: 6/487.
4 سبقت ترجمته في المسألة رقم: (974) .

(4/1932)


دخل النسا في الأحرار في زمن الحجاج1 وبعده فرأى أن العربية] إذا سبيت لم تملك أبداً لما جاء أن [يفدوا] 2، فلذلك رغب في تزويج العربيات لصحة النسب، وكذلك ابن عون3.
فأما العجم إذا تزوجوا العربيات فرّق بينهم، فإن كانوا ذا يسار
__________
1 الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي، الأمير الشهير, ولد سنة 45هـ، ونشأ بالطائف، وكان أبوه من شيعة بني أمية. رمى الكعبة بالمنجنيق إلى أن قتل ابن الزبير. ولي إمرة العراق عشرين سنة. وقع ذكر أفعاله في الصحيحين وغيرهما، وليس بأهل أن يروى عنه، ذكره ابن حجر.
[] انظر: التقريب: 65, وتهذيب التهذيب: 2/210-213.
2 الصواب ما أثبت، والموجود في ع والتي انفردت بنقل هذه المسألة "يفدون" والفعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة.
شرح ابن عقيل: 1/79.
3 هو عمرو بن عون بن أوس السلمي الواسطي, نزيل البصرة, روى عن ابن عيينة والحمادين وأبي عوانة وغيرهم , وعنه روى ابن معين والبخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وآخرون.
قال أبو زرعة: "قل من رأيت أثبت منه". مات سنة خمس وعشرين ومائتين.
انظر: ترجمته تذكرة الحفاظ: 2/426, تهذيب التهذيب: 8/86, طبقات الحفاظ للسيوطي: 186.

(4/1933)


وصلاح كذلك رأى الأوزاعي1 وسفيان ومالك2 وابن أبي ليلى.
[1309-] قلت3 لأحمد: المرأة يموت زوجها وهي في بعض القرى على
__________
1 انظر: عن قول الأوزاعي: الجامع لأحكام القرآن: 3/75.
2 أما عن قول الثوري فقال الشوكاني في نيل الأوطار, وقال الثوري: "إذا نكح المولى العربية يفسخ النكاح".
وأما ما نسبه الإمام إسحاق للإمام مالك فإن اعتبار النسب في الكفاءة في النكاح رأي مرجوح عند المالكية، فإن المعتمد عندهم أن الكفاءة في ثلاثة أمور هي: الدين, والحرية، والحال بمعنى السلامة من العيوب.
وعند المالكية أيضاً يجوز للمرأة ووليها ترك الكفاءة برضاهما, فلا يفرق نكاح مولى من عربية إذا رضيت به ورضي به وليها.
وظهر بذلك أن ما نقله الإمام إسحاق عن إطلاق تفريق نكاح الموالي من العربيات فيه نوع من التجوز, فإنه وإن اعتبر النسب من الكفاءة في رأي عند المالكية، فإنهم لا يرون تفريق النكاح بذلك إذا تم برضى الولي والمرأة، إلا أن يحمل ما نقله فيما إذا تم النكاح بدون رضاهما أو رضى واحد منهما.
وسبق ما يدل على ترجيح عدم التفريق في التعليقات السابقة في المسألة.
[] انظر: نيل الأوطار: 6/129, شرح الصغير: 3/167-169, الجامع لأحكام القرآن [] [] [] للقرطبي: 3/75-76.
3 في ع بلفظ "قال: قلت".

(4/1934)


رأس فرسخ1 أو نحوه؟
قال: زائرة؟
قلت: نعم.
قال: ترجع إلى بيتها فتعتد فيه.2
قال إسحاق: كما قال سواء.3
__________
1 الفرسخ بالسكون، والفرسخ من المسافة المعلومة في الأرض مأخوذ منه، والفرسخ ثلاثة أميال أو ستة, سمي بذلك لأن صاحبه إذا مشى قعد واستراح من ذلك كأنه سكن, وهو واحد الفراسخ فارسي معرب.
انظر: مختار الصحاح: ص497, لسان العرب: 3/44.
2 المسألة في وجوب اعتداد المتوفى زوجها في منزلها.
ومن الأدلة على ذلك حديث فريعة بنت مالك بن سنان، أخت أبي سعيد الخدري، عندما قتل زوجها. وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله." فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشراً.
قالت: "فلما كان عثمان بن عفان أرسل إليّ فسألني عن ذلك فأخبرته, فاتبعه وقضى به".
وهذا الحديث سبق تخريجه في المسألة (963) .
وإذا أتاها الخبر في غير مسكنها رجعت إلى مسكنها فاعتدت به. خالف في ذلك ابن المسيب والنخعي فقالا: لا تبرح من مكانها الذي أتاها فيه نعي زوجها.
انظر: المبدع: 8/143, المغني: 7/521, الكافي: 3/322, الإشراف: 4/275.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق في وجوب اعتداد المتوفى عنها زوجها في منزلها. المغني: 7/521.

(4/1935)


[1310-] قلت [لأحمد رضي الله عنه] 1: إذا أراد الرجل أن يعتق جاريته ويتزوجها ويجعل عتقها صداقها، كيف يفعل؟
قال: يقول: قد2 أعتقتك، وجعلت عتقك صداقك.3
__________
1 هذه المسائل فيها تقديم وتأخير بالنسبة للنسخة العمرية, وما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 في ع بحذف "قد".
3 هذه صيغة من يريد أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها ويتزوجها، كما صرح الإمام أحمد هنا في المسألة, وصحة العقد في ذلك هو المذهب.
قال المرداوي: "قال الزركشي: هذا المنصوص عن الإمام أحمد -رحمه الله- والمشهور عنه."
وقال ابن قدامة: إن ظاهر المذهب أن الرجل إذا أعتق أمته وجعل عتقها صداقها فهو نكاح صحيح، نص عليه في رواية جماعة.
ونصر ذلك ابن حزم في المحلى بأدلة مفصلة.
ومما يدل على ذلك حديث أنس المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها.
أخرجه: البخاري في كتاب النكاح، باب من جعل عتق الأمة صداقها: 7/121.
ومسلم في النكاح، باب فضيلة اعتاقه أمته ثم يتزوجها، حديث رقم: 1365.
وأحمد في المسند: 3/99, 291.
وعن الإمام أحمد رواية لا يصح النكاح في ذلك، بل يستأنف نكاحها بإذنها، فإن أبت ذلك فعليها قيمتها.
[] انظر: الإنصاف: 8/97-98, المغني: 6/527, المبدع: 7/44, المحلى: 9/503.

(4/1936)


قال إسحاق: جائز، فإن ندمت فلا يجوز إن قالت: لا أرضى.1
[1311-] سئل أحمد عن الرجل يعتق عبده وله مال؟
قال: ماله للسيد،2 إنما روى أيوب عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أعتق غلاماً له وله مال، فلم يعرض لماله إنما تركه ابن عمر -رضي الله عنهما-.3
ويروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: أما إن مالك لي،4 وعن
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق في صحة النكاح في ذلك: المغني: 6/528, شرح السنة: 9/58, معالم السنن: 2/544, جامع الترمذي: 3/424.
2 وهو المذهب وعليه الأصحاب, ومن أدلته حديث ابن مسعود الآتي: وبه قال ابن مسعود وأنس.
وعن الإمام رواية أن المال للعبد، واستدل بفعل ابن عمر الآتي.
انظر: المغني: 9/374, والمبدع: 6/299, والإنصاف: 7/480.
3 ذكر ابن قدامة في المغني: 9/372 عن حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا أعتق عبداً لم يعرض لماله. ورجال هذا السند أيوب, حماد, ونافع, تقدمت ترجمتهم.
وهذا الأثر عن ابن عمر لم أقف على من خرجه، ولكن نقله ابن قدامة في المغني.
4 أخرج ابن ماجة عن ابن مسعود أنه أعتق مولى له يقال له عمير, وأن ابن مسعود رضي الله عنه قال له: "يا عمير إني أعتقك عتقاً هنيئاً, إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيما رجل أعتق غلاماً, ولم يسم ماله, فالمال له", فأخبرني ما مالك؟
أخرجه: ابن ماجة في كتاب العتق، باب من أعتق عبداً وله مال, حديث رقم: 2530, 2/845.
وأخرج نص قول ابن مسعود هذا عبد الرزاق في مصنفه: 8/135.
والحديث ضعيف فيه مجهولان: إسحاق بن إبراهيم وجده.
انظر: إرواء الغليل: 6/172.
وفي المحلى قال ابن حزم: "إنه منقطع." 9/215.

(4/1937)


أنس1 بن مالك رضي الله عنه.
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن أنس بن سيرين أن أنس بن مالك سأل عبداً له مال عن ماله، فأخبره بمال كثير، فأعتقه وقال: "مالك لك."
مصنف عبد الرزاق: 8/135.
2 انظر عن قول إسحاق: المحلى: 9/214.
ومن أدلة ما عليه المذهب من أن المال للسيد حديث ابن مسعود السابق. ولكنه ضعيف كما في [] إرواء الغليل: 6/171-172.
ومن الأدلة أيضاً أن العبد وماله كانا جميعاً للسيد، فإن تفضل وأزال ملكه عن أحدهما بقي ملكه في الآخر, كما إذا باعه.
وقد ورد حديث صحيح مرفوع رواه مسلم في كتاب البيوع رقم: 80 من كتاب البيوع: 2/1173, عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله يقول ... "من ابتاع عبداً فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع."
ومن أدلة الرواية الأخرى بأن المال للعبد ما رواه أبو داود في سننه: 4/270. وابن ماجة: 2/845 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق عبداً وله مال، فمال العبد له إلا أن يشترطه السيد".
ولكن الإمام أحمد ضعف الحديث بعبد الله بن أبي جعفر، وقال عنه الحافظ في التقريب ص 170: "صدوق يخطئ."
وورد تضعيف الإمام أحمد للحديث في المبدع، والمغني، وتهذيب السنن لابن القيم، حيث قال ابن القيم: "إن هذا ليس بمحفوظ بل المحفوظ الحديث الوارد في البيع"، الحديث السابق الذي أخرجه مسلم.
وذكر أيضاً ابن القيم أن قصة العتق وهْم من أبي جعفر، خالف فيه الناس.
ونقل عن البيهقي أن ذلك خلاف رواية الجماعة.
وقال الخطابي بعد أن ذكر تأويل حديث ابن أبي جعفر على وجه الندب والاستحباب، قال: وقد جرى من عادة السادة أن يحسنوا إلى مماليكهم إذا أرادوا إعتاقهم، وأن يرضخوا لهم. فكان أقرب من ذلك أن يتجافى له عما في يده.
وأما فعل ابن عمر -رضي الله عنهما- في عدم التعرض لمال العبد الذي أعتقه، فلقد نقل عن الإمام أحمد أن ذلك كان تفضلاً من ابن عمر على العبد.
انظر: المغني: 9/374, والمبدع: 6/299, والإنصاف:7/480, ومعالم السنن للخطابي: 4/271, وتهذيب السنن لابن القيم: 6/420.

(4/1938)


[1312-] قلت1 لأحمد: امرأة مات زوجها وهو صبي وهي حبلى، تعتدّ أربعة أشهر وعشراً؟
قال: لا تعتدّ بالحبل، ولا يلحق الولد، ولو لم تكن حبلى تعتدّ
__________
1 في ع زيادة "قال".

(4/1939)


أربعة أشهر وعشراً.1
قال إسحاق: أما العدّة فلا بد من أربعة أشهر وعشر، إن وضعت قبل ذلك تتم تمام أربعة أشهر وعشر2, لأنه حبل من زنى لا يلحق به3 إلا أن يكون يعلم أنه منه لما جامع وقد راهق.
فأما إذا كان لا يجامع مثله لم يلحق به أبداً, وكلما وطئها وهو
__________
1 فثبت في المسألة أنه لا يمكن أن يكون الحمل من الصبي، ومن ثم لم يلحق الولد به، ولم تعتدّ بالحمل.
والقاعدة عند الحنابلة أن كل حمل لا يلحق بالزوج لا تنقضي به عدة المرأة من هذا الزوج. فحينئذ تجب عليها عدتان في مسألتنا هذه: عدة من الوطء الذي حملت منه، لأن العدة تجب من كل وطء، وتنتهي هذه العدة بوضع الحمل، فإذا وضعته اعتدّت من وفاة زوجها الصبي بأربعة أشهر وعشر.
قال ابن قدامة في المغني: "لأن العدتين من رجلين لا يتداخلان".
[] راجع: المغني: 7/479-480, والمقنع بحاشيته: 3/270, والكافي: 3/313, والفروع: [5/551-552.
2] بخلاف ما سبق عن الحنابلة من أنها بعد وضع الحمل وانقطاع عدة وطء الحمل بالوضع تعتدّ عدّة وفاة كاملة أربعة أشهر وعشرا, لأن العدتين من رجلين لا يتداخلان كما علله ابن قدامة، كما أشرت إليه آنفا.
راجع: المغني: 7/479, 480, المقنع بحاشيته: 3/270, الكافي: 3/313, الفروع: 5/551, 552.
3 في ع بلفظ "لأنها حبلى من زنى لا يلحق إلا أن يكون يعلم منه".

(4/1940)


زوجها [ظ-39/ب] في الظاهر ثم تحقق أنها امرأة غيره فلا يقبل الولد أبداً، [أقضى عليه قاض أو لم يقض, وإن كان غائباً لم يقبل الولد أبداً] 1، ويكون الولد ولد الواطئ بالنكاح الظاهر2.
[1313-] قلت3: ما آخر الأجلين؟
قال: إذا كانت حبلى فولدت قبل أربعة أشهر وعشر، أتمت أربعة أشهر وعشراً, فإن مكثت حاملاً أكثر من أربعة أشهر وعشر، اعتدت بالحبل.4
__________
1 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
2 لأنه وطء اعتقد الواطئ حله فلحق به النسب، كالوطء في الأنكحة الفاسدة, وقد قال الإمام أحمد: "كل من درأت عنه الحد ألحقت به الولد."
راجع: المغني: 7/432, المقنع بحاشيته: 3/265, الكافي: 3/321.
3 في ع بلفظ "قال: قلت لأحمد رحمه الله تعالى".
4 القول باعتداد المرأة المتوفى عنها زوجها بأبعد الأجلين الذي وضحه الإمام أحمد مروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقول جماهير العلماء أنها تعتد بوضع الحمل، لقوله تعالى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق آية 4، وهي مخصصة لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} ." البقرة آية 234.
وأصرح دليل على ذلك الحديث المتفق عليه أن أم سلمة قالت: إن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال، وأنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تتزوج.
أخرجه: البخاري في كتاب الطلاق, باب وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن: 6/182.
وأخرجه مسلم واللفظ له في كتاب الطلاق، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل: 2/1123.
[] وفتح الباري: 9/474-475, المغني: 7/474, الكافي: 3/301, المبدع: 8/109, 302, غاية المنتهى: 3/201, 202.

(4/1941)


قال إسحاق: كما قال, وشبهها حكم الحبل إذا كان من زنى لما يكون زوجها صبياً أو غائباً بهذا القول إذ1 لم يكن فيه سنة قائمة. 2
[1314-] سألت أحمد عن3 رجل قال لامرأته: بِهِشْتَم ونوى الكذب؟
__________
1 في ع بلفظ "إذا لم يكن".
2 تقدم عن الإمام إسحاق ذلك في المسألة السابقة رقم: (1312) وأن مذهب الحنابلة في ذلك أنها تعتد عدتين عدة لوطء الحمل فتبقى حتى تضع الحمل، وعدة وفاة لزوجها بعد وضع الحمل.
3 في ع بلفظ "عمن قال لامرأته".

(4/1942)


قال: لا يكون أقل من تطليقة. أرأيت إن قال: أنت1 طالق، ونوى الكذب أليس كانت تطليقة؟ فهذا مثل ذاك.2
قال إسحاق: كلما نوى طلاقاً من وثاق أو ما أشبهه، فليس بطلاق، وكذلك بالفارسية. 3
[1315-] قلت4: إذا حلف فقال: إن كلمتك خمسة أيام فأنت طالق أله أن يجامعها ولا يكلمها؟
__________
1 في ع بحذف عبارة "أنت طالق".
2 في ع بلفظ "ذلك".
وتقدم في المسألة رقم: (948) أن لفظة "بهشتم" تعني الطلاق بالفارسية، وما أجاب به الإمام أحمد -رحمه الله- من أنه لا يقبل منه دعوى الكذب في ذلك، لأن لفظ الطلاق لفظ صريح، والصريح لا يحتاج إلى نية مادام قصد لفظ الطلاق.
راجع: المبدع: 8/269, المغني: 7/134, 138, الكافي: 3/169, كشاف القناع: 5/249.
3 سبق كلام الإمام إسحاق في مثل هذا حيث إن الاعتماد عنده على النية في كل مسائل الطلاق, فهنا كذلك إذا نوى بالفارسية غير لفظ الطلاق, فإنه لا يقع الطلاق كالأمثلة التي ضربها في المسألة.
راجع المسائل رقم: (947، 973، 974) .
وراجع أيضا: المبدع: 7/270, والكافي: 3/169, والإشراف: 4/173، فقد نص على كلام الإمام إسحاق في لفظ بهشتم.
4 في ع بلفظ "قلت لأحمد".

(4/1943)


قال: أي شيء كان بدء هذا1؟ فإذا هو يذهب في هذا إلى نية الرجل, إذا أراد أن يسوءها أو يغيظها، فإذا لم يكن له نية2 فله أن يجامعها ولا يكلمها.
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون احتيالاً3.
[1316-] قلت4: إذا ظهر الولد، فللزوج أن يراجعها؟
قال: أليس يقال: ما لم تضع؟
__________
1 أي يسأل ما الذي حمله على هذا الحلف، فإن عرف أنه قصد بذلك ما هو أعم من الكلام من قربانها والتمتع بها فليس له أن يجامعها، فإن جامعها تحقق شرطه وطلقت، وإن أراد أن يغيظها أو يسوءها بعدم التكلم معها في هذه المدة كان له أن يجامعها. وكما حمل ذلك في المسألة على ما نواه، فكذلك كل حلفه على فعل بلفظ عام وإرادة شيء خاص، مثل أن يحلف لا يغتسل الليلة ويريد به الجنابة، أو يقول: لا قربت لي فراشاً ويريد بذلك ترك جماعها. والظاهر أن ما بعد هذا توضيح من الكوسج لكلام الإمام أحمد.
راجع: المغني: 7/221, 222.
2 أي نية ما هو أعم من الكلام من تمتع بالجماع ونحوه.
3 أي إذا احتال لا يحل له بذلك، وصورة الاحتيال أن يقصد أولاً ما هو أعم من الكلام، ويقول بعد ذلك عن إرادة مجامعتها: قصدت الكلام فقط.
4 في ع بلفظ "قال: قلت لأحمد".

(4/1944)


فكان مذهبه إلى أن تضع1.
[قال إسحاق: كما قال: له أن يراجعها ما لم تضع] 2.
[1317-] سئل3 إسحاق عن رجل فجر بامرأة ابنه أو قبّلها أو باشرها؟
قال: كلما كان دون الجماع فلا يحرم الحرام الحلال4.
[1318-] قلت5 لإسحاق: رجل فجر بامرأة فأرضعت تلك المرأة جارية
__________
1 لأنه بظهور الولد في العدة يتبين أنها حملت منه، وانتهاء عدّة الحامل بوضع الحمل.
قال تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق آية 4.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/282.
3 في ع بلفظ "قال إسحاق عن رجل".
4 سبق ذلك في مسألتي رقم: (914، 915) , حيث قال الإمام أحمد في كلام وافق فيه الإمام إسحاق مخالفاً للإمام سفيان: "أما أنا فلا أحرم إلا بالغشيان." وقال: "فأما دون الفرج، فإنه لا يحرم الحرام الحلال."
راجع المسألتين المشار إليهما, ويأتي تفصيل كلام الإمام إسحاق في معنى لا يحرم الحرام الحلال في المسألة رقم: (1324) .
5 في ع بلفظ "قال: قلت".

(4/1945)


ثم تزوج1 الرجل الذي فجر بتلك المرأة تلك الجارية؟
قال: لا ينبغي له أن يتزوج تلك [ع-66/أ] المرضعة إذا كان تناول أمها2.
__________
1 في ع بحذف كلمة "تزوج".
2 وفي المسألة خلاف عند الحنابلة، والمذهب أن الجارية التي ارتضعت ممن فجر بها لا تحرم عليه.
وهناك رواية أنها تحرم عليه، لأنه سبب ينشر الحرمة، فاستوت فيه الحرمة والإباحة، كالوطء يثبت الحرمة حلالاً كان أو حراماً.
وذكر ابن مفلح أن هذه رواية صالح في مسائل عن الإمام أحمد.
قال ابن مفلح: "والأول أولى." أي عدم التحريم.
وما عليه المذهب من عدم التحريم هو ظاهر كلام الخرقي، حيث قيد تحريم الرضاعة على الواطئ بأن يكون ممن يلحق به النسب.
وقال ابن مفلح في المبدع: "لأن من شرط ثبوت المحرمية بين المرتضع وبين الرجل الذي ثاب اللبن بوطئه أن يكون لبن حمل ينسب إلى الواطئ, فأما ولد الزنى ونحوه فلا."
ومما يؤيد هذا المعنى أن التحريم بينهما فرع لحرمة الأبوة، فلما لم تثبت حرمة الأبوة لم يثبت ما هو فرع لها. فيفارق تحريم ابنته من الزنى لأنها من نطفته حقيقة, كما يفارق تحريم المصاهرة للزنى فإن التحريم فيها لا يقف على ثبوت النسب، ولذلك تحرم عليه أم الزوجة وابنتها من نسب.
[] راجع: المغني: 7/541, 544, الإنصاف: 9/330, المبدع: 8/162-163, الجامع لأحكام القرآن: 5/114.

(4/1946)


[1319-] قلت1 لإسحاق: رجل حلف بالطلاق أن لا يفعل كذا وكذا، ثم نسي ففعل؟
قال: أرجو أن لا يلزمه شيء من الطلاق والعتاق، إذا كان قد ارتكب ناسياً2.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق وعبارته هذه: الإشراف:4/193.
وما أجاب به الإمام إسحاق هو رواية عن الإمام أحمد أيضاً.
والمذهب عند الحنابلة في ذلك أنه يلزمه ما حلف عليه من الطلاق والعتاق.
وعن الإمام أحمد ثلاث روايات فيمن حلف لا يفعل شيئاً ففعله ناسياً أو جاهلاً:
الأولى: أنه يحنث في الطلاق والعتاق فقط, ولا يحنث في اليمين المكفرة، وهو المذهب.
الثانية: أنه يحنث في الجميع لأنه فعل ما حلف عليه قاصداً لفعله، فيحنث كما لو كان ذاكراً ليمينه.
الثالثة: لا يحنث في الجميع لظاهر الآية: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} ، الأحزاب آية 5.
ووجه ما عليه المذهب من أنه لا يحنث في اليمين المكفرة بأن الكفارة تجب لرفع الإثم، ولا إثم على الناسي والجاهل, وأما وقوع الطلاق والعتاق فقال ابن قدامة في المغني: "فهو معلق بشرط، فيقع بوجود شرطه من غير قصد، كما لو قال: أنت طالق إن طلعت الشمس أو قدم الحاج."
[] راجع في هذا: المغني: 8/684-685, المبدع: 7/369-370, الإنصاف: 9/114, 11/23.

(4/1947)


[1320-] قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: أمرك بيدك، فقالت: قد طلقت نفسي، أو قالت: قد طلقتك؟
قال: كلاهما واحد، إذا أرادت بقولها أنت طالق أي أنا طالق1.
[1321-] قلت2 لإسحاق: قال لامرأته: أنت علي حرام؟
قال: كلما نوى بذلك3 الطلاق فذلك ثلاث، وإن نوى بقوله يميناً فهو يمين4.
[1322-] قلت لإسحاق: رجل حلف بالطلاق على شيء أنه ليس هكذا ثم علم أنه ليس كما حلف؟
__________
1 نسب ابن المنذر ذلك للإمام إسحاق في الإشراف, وذكر أن الإمام إسحاق ممن قال بأن المملكة أمرها إذا طلقت زوجها كانت تطليقة يملك الرجعة. وقيل: إنه لا يقع بطلاق زوجها طلاق, وممن قال بذلك: الثوري، وابن المنذر.
انظر: الإشراف: 4/182.
2 في ع بلفظ "قال قلت".
3 سبق تفصيل كلام الإمام إسحاق فيمن قال لامرأته: أنت علي حرام، في المسألة رقم: (955، 1138) .
4 في ع بلفظ "فهي يمين".

(4/1948)


قال: كلما حلف على أنه عمل كذا وكذا بالطلاق ثم استيقن بعد أنه لم يعمله، فحكم ذلك كحكم النسيان1 لأنه خطأ, وقد ضم2 الخطأ إلى النسيان في الحديث3.
[1323-] قلت4 لإسحاق: رجل فجر بامرأة فقالت المرأة: إني قد أرضعت امرأتك، ثم5 رجعت عما قالت، يقبل قولها أو ليس قولها
__________
1 وكذا عند الحنابلة أيضاً ويسمى ذلك لغو اليمين، فإن لغو اليمين أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه، وهذا أحد قسمي اليمين على الماضي، فإنه إن كان عالماً بكذبه ويحلف على ذلك فهي اليمين الغموس، وإن كان يظنه فتبين خلاف ذلك فهو لغو اليمين، وحكم لغو اليمين كحكم من حلف على شيء في زمن مستقبل ثم فعله ناسياً.
وسبق حكم مسألة النسيان برقم: (1319) .
راجع أيضاً: المبدع: 9/266, والإنصاف: 11/18.
2 في ع بلفظ "وقد ضم الخطأ في الحديث إلى النسيان".
3 الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه", من حديث عبد الله بن عباس.
رواه ابن ماجه: 1/630 كما رواه أيضاً من حديث أبي ذر الغفاري مرفوعاً بلفظ "إن الله تجاوز ... الخ" ورواه الحاكم عن ابن عباس في المستدرك: 2/198، وصححه الألباني في إرواء الغليل: 1/659.
4 في ع بلفظ "قال: قلت لإسحاق".
5 في ع بلفظ "وقد رجعت عما قالت".

(4/1949)


بشيء، وشهد امرأتان أنها كاذبة في قولها الأول؟
قال: يقبل رجوعها، وذاك أنها متهمة1 في الشهادة وإذا كذبتها امرأتان فذلك زيادة قوة2, وإن لم تجز شهادتهن في الحكم،3 ولو لم ترجع ومضت على قولها فله أن يتهمها4 إلا أن يكون ما قالت خبراً مستفيضاً.
[1324-] قلت5 لإسحاق: ما تفسير الحلال لا يحرمه الحرام؟
__________
1 أي متهمة في عدالتها، فإنها ليست بعدل حيث ارتكبت الفاحشة، فلعلها أرادت إلحاق الضرر به بعدما فعل بها فكذبت في شهادتها.
2 في ع بلفظ "قوله".
3 لا تجوز شهادة النساء في غير المال مما يطلع عليه الرجال, فأما ما لا يطلع عليه الرجال كالرضاع والبكارة والحيض فتقبل فيها شهادتهن، بل المذهب أنه يقبل في ذلك شهادة امرأة واحدة.
وعن الإمام أحمد رواية لا بد من امرأتين في ذلك, فإذا شهدت امرأة مرضية أنها أرضعت امرأة قبل منها, فإذا لم ترجع عنه وشهدت امرأتان بأنها كاذبة لم يقبل قولهما, وهو الذي عبر عنه الإمام إسحاق بقوله: وإن لم تجز شهادتهن في الحكم, لأن تزكية المرأة يمكن أن يطلع عليها محارمها وغيرهم بالاستفاضة.
راجع: المغني: 9/155, المبدع: 10/260.
4 بالتهمتين المذكورتين أعلاه.
5 في ع بلفظ "قال: قلت".

(4/1950)


قال: أما قوله: لا يحرم الحرام الحلال1 فمعناه: أن فجوره بامرأة لا تحل له لا يحرم زناه [ذلك] 2 ما هو له حلال.
[1325-] قلت3 لأحمد: امرأة غضبت فقالت لبعض قرابتها: إن زوجي4 طلقني, فسئل الزوج فقال: نعم، ولم يكن طلقها إنما أراد أن يغيظها بذلك.
قال: اختلفوا فيه حين قال قد طلقتك فأخشى عليه5.
__________
1 هذا لفظ حديث رواه ابن ماجة والبيهقي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً، وكذلك رواه البيهقي عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً.
ورواه مرفوعاً عن ابن عباس, ولكن ضعف السيوطي الحديث في الجامع الصغير. وأما العمل به عند الإمامين أحمد وإسحاق، فإنه لا يحرم الحرام الحلال عندهما إذا كان دون وطء, وأما الوطء فإن وطء الحرام عندهما محرم كوطء الحلال, وسبق ذلك في عدة مسائل.
[] انظر: المسائل رقم: (914، 915، 1317) , وسنن ابن ماجة: 1/649, وسنن البيهقي: [7/168-169,] والجامع الصغير للسيوطي: 2/204.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 في ع بلفظ "قال: قلت".
4 في ع زيادة "قد".
5 إذا قيل لرجل أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، وأراد الكذب كما في مسألتنا هذه طلقت، وإن لم ينو, لأن "نعم" صريح في الجواب، والجواب الصريح للفظ الصريح صريح, والصريح لا يحتاج إلى نية. والاختلاف الذي أشار إليه الإمام أحمد فيما إذا قال الرجل: قد طلقتك، أن ذلك يحتمل الإنشاء والخبر, فهي إنشاء من حيث إن اللفظة هي التي تثبت الحكم وينفذ عنها، وهي إخبار لإخبارها عن المعنى الكامن في النفس.
والمذهب أن لفظ الطلاق وما تصرف منه صريح, ومعنى جواب الإمام أحمد أنه مادام اختلفوا فيما إذا قال قد طلقتك وهي تحمل معنى الخبر وقيل بوقوع الطلاق فيها، أخشى أن يقع عليه الطلاق فيما إذا أجاب بنعم وهو كاذب.
[] انظر: المغني: 7/138-139, والمحرر: 2/55, والفروع: 5/392, والمقنع بحاشيته: 3/144, والاختيارات الفقهية: 257, والكافي: 3/168.

(4/1951)


قال إسحاق: كلما أجاب بنعم وهو يريد جواباً وقع الطلاق1.
[1326-] قلت لأحمد: حديث2 عمرو بن هرم: "ينالهن من الطلاق ما
__________
1 لما سبق آنفا في المغني وغيره, من أن لفظ "نعم" صريح في الجواب، والجواب الصريح للفظ الصريح صريح.
[2] حديثه هو ما رواه سعيد بن منصور في سننه: 1/322-323 بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في رجل له ثلاث نسوة طلق إحداهن تطليقة, ولم تقع نيته على واحدة منهن قال: "ينالهن من الطلاق ما ينالهن من الميراث".
وعمرو: هو عمرو بن هرم الأزدي البصري, روى عن أبي الشعثاء وسعيد بن جبير وعكرمة، وغيرهم, وعنه حبيب بن أبي حبيب الجرمي وجعفر بن أبي وحشية وسالم المرادي وغيرهم, وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو داود, وذكره ابن حبان في الثقات وقال: صلى عليه قتادة بعد ما دفن.
انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب: 8/113, الجرح والتعديل: 6/267, ميزان الاعتدال: 3/191, التقريب: 263.

(4/1952)


ينالهن من الميراث"؟
قال: ينالهن من الطلاق أليس يرثن جميعاً؟
قلت: بلى.
قال: وكذلك يقع عليهن الطلاق1.
__________
1 صورة المسألة كما يأتي في كلام الإمام إسحاق فيما إذا طلق الرجل واحدة من نسائه الأربع ونسيها أنه لا يطأ واحدة منهن حتى يتذكر ذلك أو يقرع بينهن على خلاف في المذهب, فحكم الطلاق جار على الجميع إلى تلك الغاية، والمذهب أن المنسية تخرج بالقرعة.
قال المرداوي: "وهذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد -رحمه الله-، واختاره جماهير الأصحاب.
ونقل عن الزركشي قوله: هذا منصوص الإمام أحمد -رحمه الله-، وعليه عامة الأصحاب."
وذكر ابن رجب في القواعد أن هذا هو المشهور، وأنه المذهب.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه يتوقف عن الجميع حتى يتبين، وهي اختيار ابن قدامة وهذا كله في الحل فيمن تحل منهن لزوجهن, فأما إذا مات فإنه تستعمل القرعة في المنسية للتوريث، فمن خرجت عليها القرعة صارت المطلقة فلا ترث.
علل ذلك ابن قدامة في المغني ونحوه في المبدع: "لأن الحقوق إذا تساوت على وجه لا يمكن التمييز إلا بالقرعة، صح استعمالها كالشركاء في القسمة."
[] راجع: المغني: 7/253-257, المبدع: 7/384, الإنصاف: 9/143, قواعد ابن رجب [] [] ص355-356, الكافي: 3/222.

(4/1953)


قال إسحاق: إنما نقول ينالهن من الطلاق مثل ما ينالهن من الميراث، لأن أربع نسوة إذا طلق واحدة [فلا يدري أيتهن هي] 1 [ظ-40/أ] فإن الربع أو الثمن يقسم بين الأربعة2 لما لا يدرى أيتهن المطلقة3، ولو جئن جميعاً وهو حي فادعين كل واحدة تقول: أنا التي طلقت، كان الحكم في ذلك أن يقرع4 بينهن، ولو قال الزوج: أنا أحفظ من طلقت صدق, فأما ما قال هؤلاء أنه إذا قال لا أحفظ من طلقت، أنه يجبر
__________
1 ما بين المعقوفين هي عبارة ع، وعبارة ظ هي "لا يقع على أيتهن".
2 كذا في النسختين، والصواب "الأربع" بحذف التاء لأنه وصف لمؤنث.
3 بخلاف ما سبق عن الحنابلة من أنه يقرع بينهن، فالتي خرجت بالقرعة هي المطلقة، والميراث للبواقي.
قال ابن قدامة في تعليل ذلك: " لأن توريث الجميع توريث لمن لا يستحق يقيناً والوقف لا إلى غاية حرمان لمن يستحق يقيناً والقرعة يسلم بها من هذين المحذورين، ولها نظير في الشرع."
المغني: 7/257.
4 فمن خرجت بالقرعة فهي المطلقة، وتحل البواقي للزوج، وهو المذهب عند الحنابلة كما سبق آنفاً.

(4/1954)


حتى يوقع الطلاق على إحداهن1 فهو خطأ.
[1327-] قلت2 لأحمد: رجل وقع من بطن أمه أعمى أصم أبكم فعاش حتى صار رجلاً؟
قال: هو بمنزلة الميت مع أبويه.
قلت3: وإن كانا مشركين ثم أسلما بعدما صار رجلاً؟
قال: هو معهما.
قال إسحاق: كما قال، يعني على دين أبويه.
[1328-] قلت4 لإسحاق: يزوج مثل ذا5؟
__________
1 قال بنحو ذلك الشافعية، فإنهم يقولون إنه يوقف حتى يتذكر، ولا يطالب ببيان إن صدقته النسوة في النسيان, فإن كذبنه وادعت كل واحدة منهن أنها التي طلقت كما في المسألة, لا يقبل قوله: نسيت، بل يطالب بيمين جازمة أنه لم يطلق المدعية، فإن لم يحلف ونكل، حلفت وقضي بطلاقها.
[] راجع: المجموع: 17/249-250, مغني المحتاج: 3/304.
2 في ع زيادة "قال" قبل "قلت".
3 في ع بلفظ "قال: قلت".
4 في ع بلفظ "قال: قلت".
5 ورد في مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله: "سألت أبي عن الأخرس يتزوج؟ قال: إذا كان يفهم الإشارة, أو يفهم ما يدرونه له من التزويج، وكذا إذا طلق أيضاً. مسائل عبد الله ص340.

(4/1955)


قال: شديداً يزوجه الولي، فإذا عرف إشارته1 بالطلاق فهو كذلك أيضاً.
[1329-] سئل2 أحمد عن رجل وطئ أمته وأمها؟
قال: حرمتا عليه جميعاً، فإن شاء استخدمهما3.
قال إسحاق: ما أحسن ما قال في الجماع يحرم [ع-66/ب] .
[1330-] قلت4 لأحمد: طلاق الصبي؟
__________
1 أي إذا عرفت إشارته بالطلاق طلقت.
قال ابن قدامة: "لأنه لا طريق له إلى الطلاق إلا بالإشارة، فقامت إشارته مقام الكلام من غير نية."وهو قول الثوري.
انظر: المغني: 6/534, 7/238, 239, كشاف القناع: 5/249, الإشراف: 4/203.
2 في ع بلفظ "قال: سئل".
3 أي يبقيان في ملكه ولا يطؤهما، لأن الملك يقصد به التمول دون الاستمتاع، فأما رمة وطئهما عليه, فإنه حين دخل بإحداهما حرمت الأخرى عليه, وسبق في المسألة رقم: (984) أنه لا يجوز جمع الأختين للوطء بملك اليمين.
انظر أيضاً المغني: 6/584, شرح السنة: 9/71, الإشراف: 4/97.
4 في ع بلفظ "قال: قلت لأحمد".

(4/1956)


قال: إن كان يعقل.
قلت: ابن كم؟
قال: إذا كان يعقل.
فراددته؟ فلم يوقّت1.
قال إسحاق: كلما جاز عن2 ثنتي عشرة سنة, وقد عقل الطلاق فطلق، وقع لما يحتلم ابن اثنتي عشرة سنة3.
[1331-] قلت4 لأحمد: إذا كان زوجها صغيراً وهي حبلى؟
قال: ومن يقضي لها بالفراش إنما يقضي بالفراش إذا كانا مدعيين5 فإذا كانا في أرض غربة يعلم أنه لا يصل مثله6 فإنه
__________
1 سبقت المسألة برقم: 959.
وما أجاب به الإمام أحمد هنا من أن الحكم منوط بعقله الطلاق هو المذهب, وعنه روايات غير هذه وردت في التعليق على المسألة المذكورة.
2 في ع بحذف "عن".
3 وصحة الطلاق من ابن اثنتي عشرة سنة رواية عن الإمام أحمد، وعبارة الإمام إسحاق في المسألة رقم: 959 السابقة: "ما لم يحتلم أو يبلغ خمسة عشرة سنة أو تنبت عانته". فتكون له روايتان في المسألة.
4 في ع بلفظ "قال: قلت".
5 إذا كانا وأمكن أن يكون الحمل من صاحب الفراش, كما يفهم من السياق.
6 أي كان كل واحد من الزوجين بعيداً عن الآخر، بحيث يعلم أنه لا يمكن أن يصل إليها.

(4/1957)


لا يقضى له بالفراش1 [واختلط2] منه أحمد.
قال إسحاق: كما قال، لأن الفراش إنما هو ملك يملكه فيطؤها بالملك، وليس للصغير ولا للغائب من أولاده مما ملكوها شيئاً إذا علم أن هذا الصغير وهذا الغائب لم يطأ3.
[1332-] سئل4 أحمد عن امرأة طلقت ولم تحض فاعتدت شهرين ثم حاضت؟
قال: تعتد بالحيض5.
__________
1 المعلم بأنه لم يجتمع بها فلا يلحق الولد بالزوج في ذلك, وفي الصغير الذي لا يطأ مثله أو من تزوج امرأة فطلقها في نفس المجلس، ووضح الإمام أحمد مسألة الصغير التي سئل عنها بمسألة الغائب التي تماثلها في العلة والحكم.
[] انظر: الكافي: 3/292-293, المبدع: 8/100, المغني: 7/428-429, كشاف القناع: [5/405-406.
2] ما بين المعقوفين أثبته من ع، وفي محل الكلمة في ظ بياض. والعبارة في ع هي "لا يصل مثله، ولا يقضى له بالفراش، واختلط منه أحمد" هكذا، ولم يظهر لي معنى "اختلط".
3 أي وليس الفراش لصغير وللغائب شيئاً.
4 في ع بلفظ "قال: سئل أحمد عن امرأة طلقت ولم تكن تحيض".
5 قال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الصبية أو البالغ المطلقة التي لم تحض, إن حاضت قبل انقضاء الشهور الثلاثة بيوم أو أقل، أن عليها استئناف العدة بالحيض"، لأن الشهور بدل عن الأقراء, فإذا وجد المبدل بطل حكم البدل كالتيمم مع الماء, ولا يحسب لها ما قبل الحيض إن قلنا القرء حيض، وكذلك إن قلنا أنه طهر على المذهب. وهناك وجه في المذهب أن ما قبل الحيض يحسب قرءاً.
انظر: الإشراف: 4/285, المبدع: 7/122, الإنصاف: 9/284, كشاف القناع: 5/419.

(4/1958)


قال إسحاق: هكذا هو1.
[1333-] قلت2 لإسحاق: امرأة أرضعت ابنة رجل، أيحل لهذا الرجل أن يتزوج من بنات الظئر شيئاً؟
قال: كلما ولدت تلك المرضعة من ولد فقد صاروا إخوة هذا3 وأخواته، أرضعته بعد ما ولد [هذا4] أو قبله5.
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/285.
2 في ع بلفظ "قال: قلت".
وورد في مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص349 نحو هذه المسألة.
3 أي هذا الطفل المرتضع وهي الابنة المذكورة.
4 في ظ "ولدها" وما بين المعقوفين في المتن أثبته من ع، حيث إن السياق يقتضيه.
5 يظهر من كلامه تحريم البنت المرضعة على أخواتها من أمها من الرضاعة.
أما ما يتعلق بزواج أبيها بابنة المرضعة فهو صريح في المسألة الآتية (1334) .
وعند الحنابلة أن ذلك لا يحرم لأن حرمة الرضاع لا تنتشر إلى من في درجة المرتضع من إخوته وأخواته، أو من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته. ففي كشاف القناع مع متنه الإقناع: "فتحل مرضعة لأبي مرتضع ولأخيه ولعمه ولخاله من نسب, ويحل لأبيه أي المرتضع من نسب أن يتزوج أخته من الرضاعة لأنه لا رضاع بينهما ولا نسب".
وقال ابن المنذر: " ولا بأس أن يتزوج الرجل المرأة التي أرضعت ابنه، وكذلك بابنة المرأة التي هي أخت ابنه."
انظر: المبدع: 8/162, الإنصاف: 9/329, 330, المغني: 7/542, الإشراف: 4/110.

(4/1959)


[1334-] قلت لإسحاق: امرأة أرضعت امرأة رجل، أيحل1 لزوج هذه المرضعة أن يتزوج من بنات الظئر شيئاً؟
قال: ليس بينهم قرابة، إلا أنه لا يجمع2 بينهن لأنهن أخوات.
__________
1 في ع بلفظ "هل يحل".
2 ويعلل عدم الجمع بما ذكره ابن قدامة في المغني ونحوه في الإنصاف، فكل شخصين لا يجوز لأحدهما أن يتزوج الآخر لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى لأجل القرابة لا يجوز الجمع بينهما، لتأدية ذلك إلى قطيعة الرحم القريبة، لما في الطباع من التنافس والغيرة بين الضرائر.
قال المرداوي: "وخالف الشيخ تقي الدين -رحمه الله- في الرضاع، فلم يحرم الجمع مع الرضاع."
انظر: المغني: 6/574, 6/581, الإنصاف: 8/122, الإشراف: 4/110.

(4/1960)


[1335-] قلت1 لإسحاق: للرجل أن يجمع بين جاريتين في فراشه ويجامعهما؟
قال: يجمع بينهما في فراش، ولا يجامع إلا وبينهما ستر, فأما الولد إذا بلغ خمس سنين إلى سبع فلا ينبغي أن يجامع الرجل المرأة أو الجارية وهو معهما في البيت، إلا أن يجعل ستراً حائلاً بينهم وبينه2.
[1336-] سئل إسحاق عن امرأة قالت لزوجها: طلقني، قال: لا أستطيع من أجل مهرك, قالت: فإني أترك مهري عليك إن طلقتني,
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 وما أجاب به الإمام إسحاق هنا هو مذهب الحنابلة أيضاً، ويبين المرداوي أن عدم جماعه إحداهن بحيث تراه الأخرى يحتمل أن يكون مكروهاً وأن يكون محرماً، وكونه مكروهاً هو الصحيح من المذهب. ورجح ابن قدامة في المغني التحريم. وقال المرداوي: "وهو الصواب".
وصوب المرداوي التحريم وإن رضيتا بذلك، وذكر أنه اختيار ابن قدامة في المغني.
وعبارة ابن قدامة في المغني: "وإن رضيتا بأن يجامع واحدة بحيث تراه الأخرى لم يجز لأن فيه دناءة وسخفاً وسقوط مروءة، فلم يبح برضاهما. وإن أسكنهما في دار واحدة كل واحدة في بيت، جاز إذا كان ذلك مسكن مثلها."
[] انظر: المغني: 7/26-27, الإنصاف: 8/359-360, المبدع: 7/201-202, الكافي: 3/126, الفروع: 5/324.

(4/1961)


قال: ففعل1, قالت: فإني قد طلقت نفسي ثلاثاً.
قال: جائز، ثم قال لي: يستعمل القضاء ما قضت2 هاهنا.
[1337-] سئل3 إسحاق عن رجل قال: زوجت ابنتي هذه من ابنك فقال أبو الغلام: قبلت، ولم يذكر المهر؟
قال: النكاح واقع، ولها مهر [ع-67/أ] مثلها4.
__________
1 أي فملكها أمرها كما يفهم من سياق الكلام الآتي.
2 أي أنها إذا طلقت نفسها ثلاثاً كما في المسألة تكون طالقاً ثلاثاً.
وتقدم ذلك مفصلاً في المسألة (1059، 1303) .
3 في ع بلفظ "قال: سئل إسحاق".
4 انظر: عن قول الإمام إسحاق فيمن تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً أن لها مهر المثل: الإشراف: 4/62.
ومن الأدلة على صحة النكاح من غير تسمية صداق: أن ابن مسعود رضي الله عنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود: "لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث." فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق امرأة منا مثل ما قضيت."
وسبق تخريج هذا الحديث في المسألة رقم: (883) .
ويسقط مهرها إذا طلقت قبل الدخول وقبل أن يفرض لها صداق، ولا يكون لها إلا المتعة عند إسحاق وأحمد في رواية الجماعة.
وعن أحمد أن الواجب لها في ذلك نصف مهر مثلها.
[] انظر: المغني: 6/712-713 وكشاف القناع: 5/156, ومطالب أولي النهى: 5/218, والمبدع: 7/267.

(4/1962)


قيل: فزوجها الولي من آخر؟
قال: ليس له نكاح1 ولا مهر لها عليه، إلا أن يكون دخل بها.
[1338-] سئل إسحاق عن رجل زوج يتيمة من رجل، فطلقها قبل أن تدرك؟
قال: ليس لها مهر ولا عليها عدة، وليس طلاقه إياها بشيء، فإن شاء تزوجها بعد ما تدرك2.
[1339-] قلت لأحمد: امرأة طلّقها زوجها ثلاثاً، ثم جحدها؟
قال: تفتدي منه بما تقدر.
__________
1 لم يصح النكاح، لأنه لا يصح العقد على منكوحة، وقد كان نكاحها صحيحاً، كما سبق آنفاً.
2 المسألة مبنية على عدم انعقاد النكاح، وأن نكاح غير الأب لليتيمة التي لم تدرك باطل. فأما الأب فقد ذكر ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة إذا زوجها من كفؤ جائز، وممن نقل قوله في ذلك الإمام إسحاق.
وسبق نقل الكلام عنه مفصلاً في ذلك في المسألة رقم: (862) .

(4/1963)


قلت: إن جبرت على ذلك؟
قال: لا تزين ولا تقربه، وتهرب إن قدرت1.
[1340-] قلت له: حديث2 ابن عمر -رضي الله عنهما-؟
__________
1 أورد ابن قدامة في المغني نص عبارة الإمام أحمد هذه، وورد نحوها في الإقناع.
وروي عن الحسن والزهري والنخعي أن الزوج يستحلف على ذلك، ثم يكون الإثم عليه, ورجح ابن قدامة ما أجاب به الإمام أحمد، وقال هو قول أكثر أهل العلم, قال: لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه، فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات.
[] انظر: المغني: 7/259-260, كشاف القناع: 5/237-238, الإشراف: 4/198.
2 أي: إذا قلت ذلك ألا يعارضك حديث ابن عمر الدال على أنه يستحلف، فإذا حلف يترك؟
والحديث المذكور هو ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/79 بسنده عن إبراهيم بن مهاجر قال: "كانت لابن عمر سبية، فكان زوجها يسارها بالطلاق، فقالت لابن عمر: إنه يكون منه الشيء في السر، فأحلفه وتركه.
وإبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي، أبو إسحاق الكوفي, روى عن طارق بن شهاب والشعبي والنخعي وغيرهم، وعنه شعبة والثوري وأبو عوانة وغيرهم. قال أحمد: "لا بأس به.", وقال ابن حبان في الضعفاء: "هو كثير الخطأ.", وقال النسائي: "ليس بالقوي." وقال ابن حجر في التقريب: "صدوق لين الحفظ."
[] انظر: ترجمته في تهذيب التهذيب: 1/167-198, تقريب التهذيب: ص23, ميزان الاعتدال: 1/67.

(4/1964)


قال: لا أدري ما هو إبراهيم بن مهاجر؟
لم يره1 شيئاً.
قلت: أتقاتله إذا أرادها؟
قال: لا أدري ما تقاتله, 2 قال أبو حنيفة3 تقاتله, تهرب إن قدرت.
[1341-] قلت لأحمد: إذا سمعت أو شهد عدلان؟
قال: إذا سمعت فهو أشد, وإذا سمع عدلان أو غير متهمين.
قال: نعم, هذا كله لا تقيم معه4.
__________
1 لعل هذا تعليق من إسحاق الكوسج راوي هذه المسائل، أي أن الإمام أحمد لم ير إبراهيم بن مهاجر شيئاً بمعنى أنه يضعفه.
2 معنى قوله: لا أدري ما تقاتله، أي: لا أدري بماذا تدفع نفسها عنه، أتقتله أم لا؟ ويوضحه ما نقله ابن قدامة في المغني عن مسائل أبي طالب أن الإمام أحمد قيل له: فإن بعض الناس قال تقتله, هي بمنزلة من يدفع عن نفسه, فلم يعجبه ذلك.
انظر: المغني: 7/260, كشاف القناع: 5/337.
3 بعد أن بين الإمام أحمد عدم رضاه بالمقاتلة, ذكر أن أبا حنيفة يرى أنها تقاتله, ثم ذكر رأيه وهو أن تهرب إن قدرت.
الإشراف: 4/198, المغني: 7/26.
4 قال ابن قدامة: "فإذا طلق ثلاثا وسمعت ذلك وأنكر، أو ثبت ذلك عندها بقول عدلين، لم يحل لها تمكينه من نفسها، وعليها أن تفر منه ما استطاعت وتمتنع منه إذا أرادها، وتفتدي منه إن قدرت".
انظر: المغني:7/260, كشاف القناع: 5/337.

(4/1965)


[1342-] سئل أحمد إذا أتى أخت امرأته؟
قال: يمسك عن امرأته حتى تحيض أي أختها ثلاث حيض، فإن كانت ممن لا1 تحيض [ظ-40/ب] فثلاثة أشهر, فإن كانت حبلى حتى تضع2.
[1343-] سئل أحمد عن المطلقة والمتوفى عنها تغسل رأسها وتدهن وتلبس ثوباً جديداً, فأكثر السائل عليه؟
فقال: قد أعطيتك الأصل كلما صنعت شيئاً من هذا ولم ترد به الزينة فلا بأس، إلا الصبغ والطيب3.
[1344-] قال أحمد: السكنى للمطلقة ثلاثاً أوجب من النفقة لقول الله
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 78 ظ، وبداية اللوحة رقم: 79 من ظ.
2 سبقت المسألة بقول الإمامين أحمد وإسحاق برقم: (936) .
3 فإنهما يكونان للزينة في كل وقت, وسبق ما تجتنبه الحادة بمسألة رقم: (975) .
كما سبق الخلاف في إحضار المطلقة بمسألة رقم: (976) .

(4/1966)


تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} 1.
__________
1 الآية {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} آية 6 من سورة الطلاق.
وكلام الإمام أحمد هنا يدل على أن النفقة والسكنى واجبتان، إلا أن السكنى أوجب, وفي المسألة عنه ثلاث روايات:
إحداها: هذه. وهو قول الثوري.
الثانية: أن لا سكنى لها، ولا نفقة. وهي ظاهر المذهب وقول الإمام إسحاق.
الثالثة: أن لها السكنى دون النفقة.
ومن أدلة ما عليه المذهب حديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه: أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب, فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته. فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال لها: "ليس لك عليه نفقة ولا سكنى" , فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك. ثم قال: "إن تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم".
أخرجه البخاري مختصراً: 6/183, وأخرجه مسلم بهذا اللفظ، حديث رقم: 1480.
قال ابن القيم فيمن قال بعدم السكنى والنفقة لها قال: "وهو مذهب صاحبة القصة فاطمة بنت قيس, وكانت تناظر عليه. ومن أدلة ما أجاب به الإمام هنا ظاهر الآية السابقة وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إشارة إلى الآية، وحديث فاطمة بنت قيس", قال: ما كنا لندع كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لا ندري أحفظت ذلك أو لا. أخرجه أبو داود في سننه: 2/718.
ولكن في ثبوته عن عمر نظر, فقد أنكره الإمام أحمد, ففي مسائل الإمام أحمد برواية داود ص184: قلت: يصح هذا من عمر رضي الله عنه؟ قال: لا.
وقال ابن قدامة بعد ذكر إنكار أحمد لذلك: وهذا مجمع على خلافه، وقد أخذنا بخبر فريعة وهي امرأة، وبرواية عائشة وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحكام.
وصار أهل العلم إلى خبر فاطمة هذا في كثير من الأحكام.
راجع: المغني: 7/529, المقنع بحاشيته: 3/292, والاستذكار 4، لوحة رقم: 206, فقد نقل قول الإمامين أحمد وإسحاق, المحرر: 2/116.

(4/1967)


[1345-] قلت لأحمد: حديث السميط أما تعرفه؟
قال: نعم السدوسي 1، إنما جعل بينة بذلك 2.
[1346-] سئل أحمد عن رجل أعتق جارية، أله أن يتزوج بها؟
قال: نعم 3.
__________
1 سميط بن عمير، ويقال ابن سمير السدوسي، أبو عبد الله البصري. روى عن أبي موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وأنس وأبي الأحوص، وعنه سليمان التيمي، وعاصم الأحول، وعمران بن جرير.
قال عنه الحافظ في التقريب: "صدوق".
انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب: 4/240, تقريب التهذيب ص137.
2 الظاهر أن قول الإمام أحمد "إنما جعل بينة بذلك" إشارة إلى حديث رواه المذكور في إيجاب السكنى للمطلقة ثلاثاً. ولم أقف عليه بعد الاجتهاد في البحث عنه في مظانه، والأدلة الدالة على عدم وجوب النفقة للمطلقة ثلاثاً كثيرة منها: ما سبق، وأصرحها حديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه السابق، والعمل عليه عند الحنابلة على المذهب كما بينت في المسألة.
3 بل ذلك من أفضل القرب فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل كانت عنده وليدة فعلّمها فأحسن تعليمها, وأدبها فأحسن تأديبها, ثم أعتقها وتزوجها, فله أجران."
أخرجه البخاري تحت باب اتخاذ السراري, ومن أعتق جارية ثم تزوجها.
البخاري مع الفتح: 9/126.
وأخرجه مسلم بسنده عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي يعتق جاريته ثم يتزوجها له أجران. أخرجه تحت باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها.
مسلم مع النووي: 9/223.

(4/1968)


[1347-] سئل عن الأسير يتزوج وهو في أيدي الروم؟
قال: لا يتزوج.
قيل: فإن خاف على نفسه 1؟
__________
1 وذلك أنه لا يأمن أن يطأ امرأته غيره من أهل الحرب، وأن أولاده يكونون عبيداً لهم، وهذا ليس للأسير فقط، بل لا يجوز النكاح بدار الحرب إلا لضرورة، فيجوز على الصحيح من المذهب، وحتى أن الأسير إذا أسرت معه امرأته لا يطؤها, سئل الإمام أحمد عن ذلك كما في المغني فقال: "كيف يطؤها فلعل غيره منهم يطؤها."
قال ابن قدامة عمن يدخل إلى دار الحرب بأمان كالتاجر مثلا: "لا ينبغي له التزوج، لأنه لا يأمن أن تأتي امرأته بولد فيستولي عليه الكفار، وربما نشأ بينهم فيصير على دينهم، فإن غلبت عليه الشهوة أبيح له نكاح مسلمة لأنها حال ضرورة، ويعزل عنها كيلا تأتي بولد، ولا يتزوج منهم لأن امرأته إذا كانت منهم غلبته على ولدها فيتبعها على دينها."
[] انظر: المغني: 8/455, الإنصاف: 8/14-15

(4/1969)


قال: لا يتزوج.
[1348-] سئل إسحاق عن المرأة إذا أسلمت ثم أسلم زوجها في العدة أو بعد انقضاء العدة؟
قال: كلما كانت في العدة فهو أحق بها بلا تجديد نكاح, فإذا انقضت عدتها فهو خاطب إن شاء 1.
وكذلك المرتدة لا تبين من زوجها أبداً إلا أن يعرض عليها الإسلام فتأبى فتقتل، أو تنقضي عدتها [ع-67/ب] قبل أن تسلم، فإنها تبين حينئذ من الزوج.2
[1349-] قلت: مال المفقود كسبيل امرأته 3؟ 4
قال: نعم إذا قسم ماله ثم جاء
__________
1 سبق ذلك في عدة مسائل انظر المسائل رقم: (1146، 1189، 1192) .
2 سبق ذلك بالمسائل رقم: (1197، 1202) .
3 أي: فيرجع إلى صاحبه إذا جاء بعد ذلك، كزوجته إذا تزوجت ثم جاء فإنه يخيّر بين رجوعها إليه إن رغب في رجوعها وبين صداقها.
وسبق ذلك بمسألة رقم: (1010) .
4 من هذه المسألة إلى نهاية المسألة (1365) ، وهي آخر مسألة في نسخة ظ. هذه المسائل موجودة في آخر لوحة رقم: 95 إلى بداية الربع الأول من لوحة رقم: 98 من نسخة ع.

(4/1970)


قال: ما وجده أخذه وما استهلك فليس [عليهم شيء1] إنما قسم بحق هو لهم، ليس على الورثة شيء2.
قال إسحاق: كما قال، وأجاد واجترأ.
[1350-] قلت: المختلعة يأخذ منها أكثر مما أعطاها؟
[قال3: لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها4] .
__________
1 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ هي "فليس عليه إنما قسم". وأثبت عبارة ع، لأنها تناسب المعنى.
2 قال ابن مفلح في المبدع: إذا قسم ماله ثم قدم أخذ ما وجده بعينه, والتالف ليس بمضمون. نص عليه في رواية ابن منصور، ونسبها إلى ابن منصور أيضاً المرداوي في الإنصاف، وهذه رواية عن الإمام أحمد, والصحيح من المذهب أنه يأخذ ما وجده بعينه، ويرجع على من أخذ الباقي.
انظر: المبدع: 6/219, الإنصاف: 7/339.
3 ما بين المعقوفين غير موجود في ع, وهذه المسائل متقدمة على ما بعدها، وليست على الترتيب الموجود في ظ.
4 المذهب أن المنع من أخذه منها أكثر مما أعطاها على سبيل الاستحباب، وأنه يجوز أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها لقوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} ، البقرة آية 229, وأنه يجوز أن يأخذ فلم يقدر بشيء.
قال المرداوي: "هذا المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب."
وعن الإمام رواية أنه لا يجوز له أن يأخذ أكثر مما أعطاها، فإن فعل ذلك أمر برد الزيادة، وهو قول عطاء والزهري.
انظر: المغني: 7/52, والإنصاف: 8/398, والإشراف: 4/217, والمبدع: 7/230.

(4/1971)


قال إسحاق: هو كما قال1.
[1351-] قلت: الخلع دون السلطان [ع-49/أ] ؟
قال: [يجوز2 دون السلطان3]
قال إسحاق: كما قال4.
[1352-] قلت: إذا طلقها تطليقة أو تطليقتين ثم قذفها في العدة؟
__________
1 حكى ابن قدامة في المغني وابن المنذر في الإشراف والأوسط وابن كثير في تفسيره, أن الإمام إسحاق ممن يكره أن يأخذ الزوج من زوجته في الخلع أكثر مما أعطاها، فإن فعل جاز مع الكراهة.
[] انظر: المغني: 7/53, والإشراف: 4/217, والأوسط لوحة رقم: 275-276, وتفسير ابن كثير طبعة دار الشعب: 1/404.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
3 قال ابن قدامة: "ولا يفتقر الخلع إلى حاكم، نص عليه أحمد فقال: يجوز الخلع دون السلطان." انظر: المغني: 7/52.
4 انظر: عن قول الإمام إسحاق المغني: 7/52, والإشراف: 4/225.

(4/1972)


قال: يلاعن1.
قال إسحاق2: كما قال.
[1353-] قلت: طلقها ثلاثا؟
قال: يجلد.
قلت: فبانت بواحدة؟
قال: يجلد3.
__________
1 لأنها زوجته، ذكر ابن قدامة في المغني: قال أبو طالب: "سألت أبا عبد الله عن الرجل يطلق تطليقة أو تطليقتين ثم يقذفها، قال: قال ابن عباس: لا يلاعن ويجلد, وقال ابن عمر: يلاعن ما دامت في العدة", قال: "وقول ابن عمر أجود لأنها زوجته وهو يرثها وترثه فهو يلاعن."
وقال ابن قدامة بعد ذلك: "لأن الرجعية زوجة فكان له لعانها كما لو لم يطلقها." وعلل بنحوه في الكافي أيضاً.
[] راجع المغني: 7/401-402, والمبدع: 8/84, والكافي: 3/278-279, والإشراف: 4/258.
2 في ع بلفظ "هو كما قال".
[] وانظر: عن قول الإمام إسحاق المغني: 7/401-402, والإشراف: 4/258.
3 وذلك فيما إذا قذفها بزنى ليس في زمن النكاح, فأما إن قذفها بزنى في النكاح، فعن الإمام أحمد روايتان. وأكثر الأصحاب أنه يلاعنها بشرط أن يكون بينهما ولد، فيلاعنها بسبب الولد.
وروي أنه إن قذفها بزنى في الزوجية لاعنها، سواء كان بينهما ولد أو لم يكن.
وسبق ذلك في المسألة رقم: (1071) .

(4/1973)


قال إسحاق1: هو كما قال.
[1354-] قلت: الخلع فراق, وليس بطلاق؟
[قال: الخلع فراق وليس بطلاق2] ، وهي أولى بنفسها، فإن تراجع يعني تزوجها كانت3 على ثلاث4.
قلت5 لإسحاق: بيّن لي الخلع؟
قال: السنة إذا أراد الرجل أن يخلع امرأته6 وهي على طمع أن ترجع إلى زوجها ولا يكره الزوج ذلك، أن يبعث هو حكماً من أهله وتبعث هي حكماً من أهلها، وكل واحد منهما يفوض أمره إلى حكمه7.
__________
1 سبق قول الإمام إسحاق والإشارة إلى موضعه في المسألة رقم: (1071) .
2 ما بين المعقوفين ساقط من ع.
3 في ع بلفظ "كان على ثلاث".
4 سبقت مسألة هل الخلع فسخ أو طلاق بائن بمسألة كل فرقة طلاق رقم: (1193) . وراجع أيضاً التعليق على المسألة رقم: (970) .
5 في ع بلفظ "قلت: بين لي الخلع".
6 في ع بلفظ "فهو على طمع أن ترجع إلى زوجها".
7 قال في المقنع عما يستدعي الحكمين: فإن ادعى كل واحد منهما ظلم صاحبه له, أسكنهما الحاكم إلى جانب ثقة, ليشرف عليهما, ويلزمهما الإنصاف، فإن خرجا إلى الشقاق والعداوة بعث الحاكم حكمين حرين مسلمين عدلين.
ويدل عليه قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} ." آية 35 من سورة النساء.
راجع: المقنع بحاشيته: 3/112, كشاف القناع: 5/211, المغني: 7/48, المبدع: 7/216, الإنصاف: 8/378.

(4/1974)


فإن رأى الفرقة فرق وإن رأى الإجاز أجاز1. فيلتقيان فيبدأ حكم الرجل فيقول لحكم المرأة: ما تنقم2 على هذه، أفي مطعم أو مشرب أو ملبس؟ فيتكلم بحجتها.
فيقول حكم الرجل لحكمها: أرأيت إن عاد إلى ما تحبين
__________
1 روي عن الإمام أحمد روايتان في الحكمين هل هما حكمان كما سماهما الله تعالى أو وكيلان, ومما يترتب على هذا الخلاف أنه إن قلنا إنهما حكمان اشترط أن يكونا فقيهين، وإن قلنا إنهما وكيلان جاز أن يكونا عاميين, وإن قلنا إنهما حكمان كان لهما فعل ما رأياه بغير رضى الزوجين، بخلاف ما إذا قلنا إنهما وكيلان فليس لهما فعل شيء إلا برضاهما. ولا ينفذ تصرف الحكمين إذا غاب الزوجان إن قلنا إنهما حكمان، لأنه لا يجوز الحكم على الغائب, وإن قلنا إنهما وكيلان جاز ذلك.
[] راجع: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 5/175-179, المغني: 7/49, الكافي: 3/139-[140,] الإنصاف: 8/379, غاية المنتهى: 3/92-93.
2 في ع بلفظ "ما تنقم من هذه أفي مطعم أو في مشرب أو ملبس".

(4/1975)


أترضين بذلك؟ وكذلك حكم المرأة لحكم الزوج ما ينقم عليها كمثل ما وصفنا، فإن رأيا أن يجمعا بعد ما عرفا قوليهما [جميعاً1] ، وإن رأيا أن يفرّقا فرّقا ولم يذكرا طلاقاً، فهي فرقة بغير طلاق، كالبيع بين الرجلين. كذلك قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في الفرقة2.
فإن أحبا المراجعة فتزوجها بولي وشهود ومهر، لا بد من ذلك لأنه تجديد نكاح كالأجنبية3 وكانت عنده على ثلاث, وإذا
__________
1 ما بين القوسين أثبته من ع لأنه يقتضيه سياق الكلام.
2 أي ذهب ابن عباس -رضي الله عنهما- إلى أن الخلع فرقة بغير طلاق، روى ذلك البيهقي في السنن الكبرى: 7/316 بسنده إلى ابن عباس قال: "وقال ابن عباس ذكر الله عز وجل الطلاق في أول الآية وآخرها والخلع بين ذلك, فليس الخلع بطلاق ينكحها." أي يتزوجها إذا أراد بنكاح جديد، ولا يشترط نكاح زوج غيره.
وسبق توضيح دليل ابن عباس -رضي الله عنهما- في التعليق على المسألة رقم: (970) .
3 نسب ابن المنذر في الإشراف وابن قدامة في المغني ذلك للإمام إسحاق -رحمه الله-, ووجوب تجديد النكاح في ذلك إن أراد العود يستوي فيه ما إذا قلنا: إن فرقة الخلع فسخ أو طلاق، لأن القصد منه تخليصها من ضرره، فلو جاز ارتجاعها لم تتخلص من ذلك.
ولقوله تعالى: {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} البقرة آية 229, وإنما يكون فداء إذا خرجت به عن قبضته وسلطانه, وإذا كانت له الرجعة لم تخرج عن حكمه, علل ابن قدامة بهذا في المغني.
[] راجع: المغني: 7/59-60, الكافي: 3/146, الإشراف: 4/219.

(4/1976)


أراد الزوج أن يذكر طلاقاً فطلقها تطليقة بما لها عليه كان خلعاً فيه طلاق على ما سموا، وتكون بائناً واحدة كانت أو اثنتين أو ثلاثا1.
وإنما بينا أمر الحكمين إذا كان هناك طمع المراجعة ويكون كل واحد يحتمل طبيعة صاحبه, فحينئذ تحتاج إلى الحكمين لقول الله تبارك وتعالى: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا 2} الآية.
فإن كان الزوج آيساً منها ولم يرد العود فيها لما يأتيه منها [ما] 3 لم يحتج إلى الحكمين فخلعها بما لها عليه أو ما سميا جاز ذلك، ولا يحل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها4 وإن كان
__________
1 قال ابن قدامة: "ومتى وقع الخلع بلفظ الطلاق أو نوى به الطلاق فهو طلاق بائن, لأنه لا يحتمل غير الطلاق." الكافي: 3/145.
وراجع أيضاً المسألة رقم: (1193) .
2 في ع بلفظ "لقول الله عز وجل".
والآية رقم: 35 من سورة النساء.
3 ما بين المعقوفين مقحم في وسط الكلام، والمعنى يستقيم بدونه.
4 سبق ذلك في المسألة رقم: (1350) , وسبق النقل فيها أن ذلك جائز عند الإمام إسحاق مع الكراهة, ولعله يعني بعدم الحل هنا حرمة التنزيه.

(4/1977)


النشوز1 من قبله لم يحل له أن يأخذ مما أعطاها شيئاً، قل أم كثر2، فإن كان النشوز من قبلها حل له3.
[1355-] قلت لإسحاق: قالت: اشتريت منك ثلاث تطليقات بمالي عليك.
__________
1 النشوز: من النشز وهو ما ارتفع من الأرض, والنشوز يكون بين الزوجين، وهو كراهة كل واحد منهما صاحبه, يقال نشزت المرأة على زوجها ارتفعت عليه واستعصت عليه وأبغضته وخرجت عن طاعته, ونشز الزوج عليها إذا جفاها وأضر بها.
انظر: لسان العرب: 5/418, تاج العروس: 4/86.
وشرعاً: كراهة كل واحد من الزوجين صاحبه وسوء عشرته.
انظر: المبدع: 7/214, مطالب أولي النهى: 5/286, المحرر: 2/44, المقنع: 3/11.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق في ذلك الإشراف: 4/215.
3 ومذهب الحنابلة نحو ما ذكره الإمام إسحاق، فإن عضلها لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود, وإن عضلها لا لتفتدي فافتدت صح الخلع، وإن منعها كمال الاستمتاع لتفتدي فافتدت صح مع الكراهة.
[] راجع: المغني: 7/54, الإنصاف: 8/383,. الكافي: 3/141-143, كشاف القناع: 5/213, المبدع: 7/221.

(4/1978)


وقال1: بعت منك ثلاث تطليقات بمالك علي؟
قال إسحاق: بانت ثلاث2.
[1356-] قلت لأحمد: كيف الخلع3؟
قال: إذا4 أخذ المال فهي فرقة5.
[1357-] سئل إسحاق عن رجل خلع امرأته ثم راجعها في العدة، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟
قال: كلما [خلعها6] لم تجز [ظ-41/أ] المراجعة في ذلك، إنما
__________
1 في الأصل "وقالت".
2 لأن ذلك يفهم منه إرادة الخلع، كقولها أتبرؤني إن أعطيتك ألفاً فقبل ذلك منها, ولم يذكروا البيع والشراء من ألفاظ الخلع الصريحة، ولا الكناية عند الحنابلة، فصريحه المفاداة والفسخ والخلع وكنايته مثل بارأتك, أبرأتك, أبنتك.
3 أي هل فرقته فسخ أو طلاق؟
4 في ع بحذف "إذا".
5 سبق مراراً هل الخلع فسخ أو طلاق، وبيان أن الصحيح من المذهب أنه فسخ، إلا أن ينوي الطلاق، أو يتلفظ به، فهو طلاق بائن.
راجع المسائل رقم: (970، 1193، 1354) .
6 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وفي ظ "طلقها", وأثبت هذا لأن الكلام يدور حول الخلع.

(4/1979)


يجوز له تجديد نكاح في كلا المذهبين من رأى الخلع تطليقة بائنة، ومن رآه كالبيع من الرجلين زايله اسم1 المراجعة إذا وقع الخلع2.
[1358-] قلت: [لأبي3 عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل [ع-49/ب] رحمه الله تعالى ورضي عنه في الرجل يجحد امرأته طلاقها من قال:] 4 يستحلف، ثم الإثم عليه بعد5.
قال أحمد: إذا علمت6 افتدت بمالها وبما تقدر عليه.
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 79 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 80 من ظ.
2 أي أنه لا يمكن للرجل أن يراجع زوجته المختلعة إلا بنكاح جديد، سواء قلنا الخلع تطليقة أو قلنا إنه فسخ، كما سبق بيانه في المسألة رقم: (1354) .
3 نهاية اللوحة رقم: 96 من ع، وبداية اللوحة رقم: 97 من ع.
4 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "قلت: في الرجل يجحد امرأته طلاقها؟ قال: يستحلف".
والصواب ما أثبته حيث إن جواب الإمام أحمد يأتي في جواب الإمام بعد ذلك.
ولم يذكر الكوسج قائل ذلك ولعله الحسن البصري, وممن قال بذلك أيضاً النخعي، والزهري كما سبق بيانه في المسألة (1339) .
[] وانظر أيضاً المغني: 7/59-60, الإشراف: 4/198.
5 سبقت المسألة برقم: (1339) .
6 في الأصل "غلبت".

(4/1980)


قال إسحاق: في الأصل كما قال1 إذا استيقنت, فأما إذا قيل إنه طلقك فأنكر حلفته وقامت عنده2.
[1359-] قلت: رجل رمى امرأة بما فعلت في الجاهلية؟
قال: عليه الحد3.
قال إسحاق: كما قال شديدا لحرمة الإسلام4.
__________
1 في ع بلفظ "قال إسحاق في إلا هو كما قال, قلت إذا استيقنت".
2 وافق الإمام إسحاق الإمام أحمد في أصل المسألة، وقيدها بما إذا استيقنت ذلك، كأن سمعت منه مباشرة أو تواتر لها الخبر، فأما إذا لم تستيقن ذلك وسمعته من غيره وجحد ذلك حلفته وأقامت معه.
3 ذكر ابن قدامة في المغني أن للإمام أحمد روايتين فيما إذا قال الرجل: زنيت في شركك, إحداهما هذه, لأن القذف وجد في حال كونه محصناً, ورجح الرواية القائلة بأنه لا حد عليه بقوله، ولنا: أنه أضاف إلى حال ناقصة أشبه ما لو قذفه في حال الشرك، ولأنه قذفه بما لا يوجب الحد على المقذوف فأشبه ما لو قذفه بالوطء دون الفرج.
وقد أورد ابن مفلح في المبدع سؤال الكوسج وجواب الإمام أحمد عليه, وقال ابن قدامة: "وهذا كله فيما إذا ثبت زنى المقذوف في الشرك، فأما إذا ثبت عدم الزنى في الشرك فعلى القاذف الحد، لأنه يعلم كذبه، وكذلك يجب عليه الحد إن لم تعرف الحقيقة على الأصح.
[] راجع: المغني: 8/228-229, المبدع: 9/87, الإشراف: 10/206.
4 وقد علل بهذا التعليل الذي علل به الإمام إسحاق هنا ابن مفلح في المبدع: 7/87.

(4/1981)


[1360-] قلت: إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا أحدهم زوجها؟
قال: يلاعن الزوج ويضرب الثلاثة1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1361-] قلت3: رجل زوّج رجلاً ابنة له، فبعث إليه بابنة أخرى فدخل بها؟
قال أحمد: لها المهر بما أصاب منها ولا تكون له امرأة4, تكون
__________
1 لنقصان عدد الشهود, فلا بد من أربعة شهود غير الزوج لإسقاط الحد عن الثلاثة وعن الزوج, فيحد الثلاثة، والزوج يلاعن وإلا حد لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} آية 6 سورة النور. فلا بد من اكتمال عدد شهود الزنى.
قال ابن قدامة في المغني: "إذا قذف زوجته المحصنة وجب عليه الحد، وحكم بفسقه، وردت شهادته، إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن. فإن لم يأت بأربعة شهداء، أو امتنع من اللعان، لزمه ذلك كله." وقال الحسن البصري والشعبي والأوزاعي وأبو ثور ويقام عليه الحد.
[] انظر: المغني: 7/404, الإشراف: 4/272-273.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/272.
3 في ع بحذف "رجل".
4 ويعتزل امرأته حتى تنقضي عدة التي وقع عليها كما سبق في المسألة رقم: 936 في رجل زنى بأخت امرأته، فقد ذكر ابن قدامة أن الإمام أحمد أجاب في ذلك أن لها المهر بما أصاب منها, ولأختها المهر على وليها حيث إنه هو الذي بعثها إليه.
راجع المسألة رقم: 81.
وانظر أيضاً المغني: 6/546.

(4/1982)


على ما قال علي: [يجهز الرجل الابنة] 1 التي زوجها من عنده فيبعث بها إليه2.
قال إسحاق3: كما قال4.
[1362-] قلت: بيع أمهات الأولاد؟
قال: لا5 يعجبني بيعهن6، واحتج فيه بحديث عمرو بن
__________
1 في ع "يجهز الأب الابنة".
2 روى عبد الرزاق في مصنفه: 6/252 بسنده عن أبي الوضي وكان صاحباً لعلي قال: "قضى علي في رجل زوج ابنة له, فأرسل بأختها فأهداها إلى زوجها، فقضى علي للتي بنى بها ما في بيتها، وعلى أبيها أن يجهز الأخرى من عنده، ثم يرسل بها إلى زوجها.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 6/546.
4 في ع زيادة "هو".
5 في ع بلفظ "يعجبني بيعهن"، والصواب ما في ظ لأن الصحيح عن الإمام أحمد عدم جواز بيعهن.
6 قال المرداوي في الإنصاف: "الصحيح من المذهب أنه لا يجوز ولا يصح بيع أم الولد، وعليه جماهير الأصحاب. ونص عليه. وقطع به كثير منهم. وحكى جماعة الإجماع على ذلك."
واختلف الحنابلة في جواب الإمام أحمد هذا "لا يعجبني بيعهن" وقوله في مسائل صالح كما في المبدع والمغني "أكرهه"، فجعل أبو الخطاب ذلك رواية عن الإمام أحمد في جواز بيع أمهات الأولاد مع الكراهة، ولم يرتضه ابن قدامة في المغني, ولذلك قال في المقنع ونحوه في الإنصاف "وعنه ما يدل على جواز بيعها مع الكراهة، ولا عمل عليه".
راجع: المقنع بحاشيته: 2/517, والمغني: 9/531, والإنصاف: 7/494, والمبدع: 6/371.

(4/1983)


العاص رضي الله عنه: "ولا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، عدة أم الولد أربعة أشهر وعشر"1.
قال إسحاق2: لا يحل بيعهن أبداً لما دخل العتاقة بهن واختلط اللحم باللحم والدم بالدم.
قال إسحاق: فإن باعها فالبيع فاسد.
[1363-] قلت: المرأة يموت ولدها وهي ذات زوج؟
__________
1 الحديث سبق تخريجه والكلام عليه في المسألة رقم: (927) .
2 في ع بلفظ "قال إسحاق: لا يبعن أبداً لما دخل العتاق فيهن"، وفي ظ زيادة "قال إسحاق: فإن باعها".

(4/1984)


قال: لا يمسها زوجها حتى يعلم أحاملة هي أم لا1.
قال إسحاق2: هو كما قال3.
[1364-] قلت: إذا طلق امرأته في نفسه؟
قال: لا, حتى يظهر.
قال إسحاق: هو كما قال.
[1365-] قلت: بين المسلم والنصرانية واليهودية والمملوكة ملاعنة؟
قال: بينهم ملاعنة، إنما يريد نفي الولد, وإنما قال الله:
__________
1 فإن كانت حاملاً ورث الحمل من ولدها هذا الذي مات، وإن عرفت براءة رحمها من الحمل لم يرث ما حملته بعد ذلك.
وقوله: لا يمسها، أي لا ينبغي له أن يمسها، وليس معناه يحرم عليه ذلك, فإن وطئها قبل أن يستبرئها فولدت لأقل مدة الحمل ورث الحمل من ولدها الذي توفي، وإن ولدت لأكثر من ستة أشهر لم يرث الحمل، إلا أن يقر الورثة أنها كانت حاملاً يوم موت ولدها.
انظر: المغني: 6/316.
وراجع أيضاً المسألة رقم: (1128) .
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/287.
3 في ع بلفظ "هو كما قال".

(4/1985)


{وَالَّذِينَ [ع-50/أ] َ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} 1 فهو يقع على هؤلاء كلهم2.
قال إسحاق: هو كما قال3, لأنهن أزواج, قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} 4.
__________
1 آية 6 من سورة النور.
2 سبقت المسألة برقم: (1072) ، وفي ع "كلهن".
3 في ع بلفظ "قال إسحاق: هو كما قال الله عز وجل لأنهن أزواج, قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} ".
4 نهاية اللوحة رقم: 80 من ظ.

(4/1986)