مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه

كتاب المناسك

عملي في التحقيق:
أما القسم التحقيقي الذي يتعلق بتحقيق النص فقد كان منهجي فيه على النحو التالي:
أولاً: اعتمدت في التحقيق على نسختين: إحداهما من المكتبة الظاهرية, نسخت في القرن الرابع الهجري، ورمزت لها بـ (ظ) والثانية من المكتبة العمرية نسخت في القرن الثامن الهجري، ورمزت لها بـ (ع) , وهناك نسخة في دار الكتب المصرية نسخت من الظاهرية سنة 1362 هـ، ولم أعتبرها نسخة ثالثة، وإن احتجت إلى الإشارة إليها رمزت لها بـ (م) .
ثانياً: حاولت إخراج النص على أقرب صورة وضعها المؤلف؛ وقد وضعت نصب عيني أن أبذل كل ما في وسعي من جهد وطاقة لتحقيق ذلك.
ثالثاً: نظراً لعدم ترجيح إحدى النسختين على الأخرى حيث يوجد في كل منهما سقط بعض المسائل، ولا سيما أنه لم تكن إحداهما بخط المؤلف أو ممن اعتمده، فإنني لم أعتمد إحداهما. وعند الخلاف أثبت ما أراه صواباً من إحدى النسختين ووضعته بين قوسين هكذا () ، وذكرت في الهامش ما في النسخة الثانية مع تعليل لوجه ما أثبته, أما إذا لم يترجح

(5/2067)


عندي ما في إحداهما فأكتفي بذكر المقابلة، وأثبت غالباً ما في ظ لقدمها ووضوح خطها؛ وهذه الطريقة وإن كانت فيها مسئولية الاختيار وإعمال الفكر، فقد اخترتها رجاء أن أبلغ الهدف الذي أقصده وهو إخراج النص على أقرب صورة وضعها المؤلف.
رابعاً: إذا وجدت في إحدى النسختين سقط ورأيت أن الصواب إثباته، أثبته بين معقوفتين هكذا [] وأشرت إلى ذلك في الهامش، أما إذا رأيت عدم إثباته فأشير في الهامش بقولي: "في نسخة كذا بزيادة كذا"، أما إذا اتفقت النسختان في احتمال سقط أو تحريف، فإنني أثبت ما فيهما، وأشير إلى ما أراه في الهامش محافظة على النص، وقلَّ أن يوجد ذلك.
خامساً: إذا اختلفت النسختان في ترتيب المسائل، فإنني التزمت بترتيب الظاهرية، وأشرت في الهامش إلى موضع المسألة في العمرية.
سادساً: أعتمد في الكتابة على الرسم المعروف في الوقت الحاضر، كما أنني أثبت من نسخة (ع) الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم كاملة حيث كانت في (ظ) "صلى الله عليه" فقط، وأثبت الترضي عن الصحابة رضي الله عنهم من نسخة (ع) وإن لم يكن في نسخة (ظ) أيضاً.
سابعاً: لقد اعتنيت بالتثبت من جواب الإمامين أحمد وإسحاق في المسألة - بقدر الإمكان- ومعرفة من نسب ذلك إليهما غير الكوسج،

(5/2068)


فثبَّتّ قول الإمام أحمد من المسائل الأخرى المروية عنه كرواية ابنيه صالح وعبد الله وابن هانيء وأبي داود السجستاني, فإن وردت المسألة عندهم بنصها قلت: "أورد هذه المسألة فلان في المسائل برقم كذا ص كذا", وإن كانت بمعناها قلت: "أورد نحوها فلان".
أما قول الإمام إسحاق فاعتمدت في تثبيته على المغني، والشرح الكبير, والإشراف, ومعالم السنن، وشرح السنة, والمحلى, واختلاف الصحابة, وحلية العلماء.
ثامناً: التزمت بذكر الأدلة ما عليه المذهب بعد بيان علاقة المذهب بالمسألة، فإن كانت هي ما عليه المذهب قلت: "هذا هو المذهب"، وذكرت الأدلة، ثم ذكرت الروايات الأخرى الواردة في المسألة. وإن كانت المسألة المخالفة للمذهب قلت: "هذه رواية عن الإمام والمذهب هو كذا"، وذكرت أدلته.
تاسعاً: وضعت أرقاماً مسلسلة جانبية للمسائل، فبلغت سبع عشرة وأربعمائة مسألة.
عاشراً: وضعت العناوين للمسائل حسب دلالتها ليسهل على القارئ الوقوف على المسألة التي يريدها, وجعلت هذه العناوين في وسط الصفحة بين شرطتين هكذا - - وقد يدخل تحت العنوان أكثر من مسألة.

(5/2069)


حادي عشر: عزوت الآيات القرآنية إلى مواطنها من السور.
ثاني عشر: خرجت الأحاديث والآثار، سواء التي وردت في النص أو التي ذكرتها للاستدلال بها، معتمداً في ذلك على الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد، وموطأ الإمام مالك، ومستدرك الحاكم، وسنن الدارمي، وسنن الدارقطني، والسنن الكبرى للبيهقي، ومصنفَيْ عبد الرزاق وابن أبي شيبة, مبيناً الكتاب والباب ورقم الجزء والصفحة ورقم الحديث أحياناً, إلا ما ورد في كتاب المناسك فإنني لا أذكر الكتاب غالباً لأنه الغالب في الأحاديث الواردة هنا. وإذا لم يكن الحديث في الصحيحين حاولت ذكر درجته قوة وضعفاً، معتمداً على الكتب التي تعنى بذلك كالتلخيص الحبير، ومجمع الزوائد، وسنن الترمذي، وإرواء الغليل، وغيرها.
ثالث عشر: إذا تكررت المسألة في المخطوطة مرة أخرى، لا أكرر دراستها، بل أشير إلى الموضع الذي سبق دراستها فيه, إلا إذا كان بين الجوابين فرق فإنني أبينه.
رابع عشر: ترجمت لجميع الأعلام الواردة أسماؤهم في الكتاب ترجمة موجزة تتلخص في اسمه، وذكر بعض مشايخه، وتلاميذه، ووفاته.
خامس عشر: وضحت معاني الكلمات الغريبة معتمداً على أمهات كتب اللغة والفقه.
سادس عشر: عرفت بالأماكن الواردة في النص معتمداً على الكتب

(5/2070)


المختصة بذلك كمعجم البلدان لياقوت الحموي, وحاولت التعريف بها حديثاً بقدر الإمكان.
سابع عشر: تأكدت من نسبة الأقوال الواردة عن الأئمة في المسائل، وذلك بالرجوع إلى كتب مذهب من نقل عنه القول، وإلى كتب فقه الخلاف، وأمهات كتب الفقه لمن لم يكن له مذهب مدون.
ثامن عشر: أشرت إلى نهاية كل صفحة من النسختين ليسهل الرجوع إليهما لمن أراد ذلك.
تاسع عشر: قمت بوضع فهارس عامة لما احتوت عليه الرسالة ليسهل على القارئ الرجوع إلى أي جزئية يريدها, فاشتملت على:
1- فهرس الآيات القرآنية مرتبة حسب السور فالآيات.
2- فهرس الأحاديث النبوية والآثار ورتبتها على الحروف الهجائية.
3- فهرس الأعلام المترجمة لهم، والتزمت فيه ترتيبهم على الحروف الهجائية، وذكر الصفحات التي ورد ذكرهم فيها، عدا سفيان الثوري فاكتفيت بذكر الصفحة الأولى لكثرة وروده.
4- فهرس الأماكن ورتبتها على الحروف الهجائية أيضاً.
5- فهرس المصادر والمراجع، والتزمت فيه ترتيبها حسب

(5/2071)


1- الفنون فحروف المعجم, كما التزمت ذكر عنوان الكتاب كاملاً، واسم المؤلف وسنة وفاته، وبيان الطبعة, وتاريخها, والناشر كلما وجدت شيئاً من ذلك.
2- فهرس الموضوعات واشتمل على: فهرس القسم الدراسي، وذكرت فيه الأبواب والفصول والمباحث، وفهرس القسم التحقيقي، وذكرت فيه رقم المسألة وموضوعها ورقم الصفحة

(5/2072)


[باب] 1 المناسك2
__________
1 لفظة "باب" ساقطة من ظ, والأفضل إثباتها لأن المؤلف درج على إثباتها في أكثر بقية الأبواب, مثل، باب الكفارات, كتاب البيوع, كتاب الزكاة, ولأن في ذلك زيادة التوضيح.
2 المناسك لغة: جمع منسك بفتح السين وكسرها, والمنسك في كلام العرب يأتي للموضع المعتاد, فيقال: إن لفلان منسكاً يعتاده في خيرٍ كان أو غيره, ويأتي للموضع الذي يُذبح فيه الذبائح.
والنسْك: بسكون السين وضمها يطلق على العبادة والطاعة, فيقال: رجل ناسك أي: عابد, ويطلق على الدم؛ فيقال: من فعل كذا وكذا، فعليه نسك أي: دم يهريقه في مكّة.
لسان العرب لابن المنظور 10/498, الصحاح لجوهري 4/1612, تهذيب اللغة للأزهري 10/73.
وأما عند الفقهاء فقد غلب إطلاق المناسك: على أفعال الحج.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم, في الحديث الصحيح: "لتأخذوا عني مناسككم" حيث قال ذلك أثناء قيامه بأفعال الحج, والحديث أخرجه مسلم في الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة في يوم النحر راكبا 1/943.
انظر: المبدع في شرح المقنع لأبي إسحاق بن مفلح 3/83, والمطلع على أبواب المقنع للبعلي، ص 156, وفتح القدير للشوكاني 1/204, وصحيح مسلم بشرح النووي 9/45, هداية الراغب لشرح عمدة الطالب لعثمان أحمد النجدي ص 260.

(5/2073)


[1366-] (قلت لأبي عبد الله أحمد) 1 بن محمد بن حنبل: العمرة2 واجبة؟
قال: هي واجبة.3
__________
1 في ع "قال قلت لأحمد" ويكثر في نسخة ع زيادة "قال" قبل "قلت", والأصوب هنا حذفها كما في ظ, لأن المسائل للكوسج، فهو القائل في قوله "قلت"، وهو الذي جمعها عن الإمام أحمد، ولما سمع أنه رجع عن بعضها أعادها عليه فأقرها, فالمسائل له, وهو الذي دونها فلا داعي للزيادة "قال" قبل "قلت" وعلى إثباتها فالمقصود من دونها عن الكوسج.
2 العمرة لغة: مأخوذة من الاعتمار, وهو الزيارة, فيقال أتانا فلان معتمراً أي زائراً.
ومنه قول الشاعر العربي:
وراكب جاء من تثليث معتمراً
كما يأتي الاعتمار بمعنى القصد, ومنه قول الشاعر أيضاً:
لقد غزا ابن معمر حين اعتمر مغزى بعيداً من بعيد وضبر
أي حين قصد مغزى بعيداً.
وقيل: إنما قيل للمحرم للعمرة معتمراً, لأنه قصد لعمل في موضع عامر.
تهذيب اللغة 2/383, لسان العرب 4/604.
وأما تعريف العمرة شرعاً فهو: زيارة البيت على وجه مخصوص.
الفروع لشمس الدين بن مفلح 3/203, المبدع في شرح المقنع 3/84، الإقناع للمقدسي 1/334.
3 وهو الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف, كما يأتي تفصيله في آخر التعليق على المسألة

(5/2074)


[قلت] 1: ويقضي منها المتعة؟
قال: نعم.2
قال إسحاق: كما قال وأجاد،3 ظننت أنّ أحداً لا يتابعني عليه،4 وبيان ذلك في كتاب الله قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ
__________
1 سقطت من ظ، والأولى إثباتها, لأن الجواب بنعم دليل على سؤال, والسائل هو الكوسج فالأحرى إثباتها كما في نسخة ع, ويمكن حذفها، كما في ظ اكتفاء بـ"قلت" الأولى، كما ورد ذلك في بعض المسائل.
2 يحتمل هذا الجواب أمرين:
أحدهما: أن من أتى بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج يلزمه قضاؤها، ولا تجزيه هذه عن عمرة الإسلام, وهذا مردود بعدم الخلاف في إجزاء عمرة المتمتع.
المغني مع الشرح الكبير لابن قدامة 3/173, الفروع 3/299.
الثاني: أن من أفسد العمرة بالجماع يلزمه قضاءها كالحج, وهو المقصود، والله أعلم,
الإنصاف للمرداوي 3/497، المغني 3/379.
3 أي أحسن في ذلك الجواب، وهو القول بوجوب العمرة.
4 يعني إنّ إسحاق يقول: نظراً لما عرفته من كثرة المخالفين في وجوب العمرة، ظننت أن لا يتابعني أحد على ذلك.
قال ابن حزم: "وقد روينا عن إسحاق بن راهويه أنه ذكر له قول أحمد في المسألة فقال: أحسن ما كنت أظن أن أحداً يوافقني عليها".
المحلى لابن حزم 7/424.

(5/2075)


وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} .1
[ألا يرى من رآها تطوعا قرأها "والعمرة" لله] 2 حتى يكون استئنافاً.3
[1367-] قلت: قوله سبحانه وتعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} .4
__________
1 سورة البقرة، آية: 196.
2 ما بين المعقوفتين ساقط من ع, والصواب إثباته, لأن الكلام لا يستقيم بدونه.
3 أي لفظ "العمرة" في الآية منصوب بالعطف على الحج الواجب فتأخذ حكمه, وبهذا قرأ الجماعة، فعلى من رآها سنة أن يقرأها بالرفع على الاستئناف, كما قرأ الشعبي وأبو حيوة. تفسير القرطبي 2/369.
واتفق الإمامان أحمد وإسحاق هنا على أن العمرة واجبة, وهو الصحيح من المذهب كما في الإنصاف.
وعن الإمام أحمد رواية: أنها سنة، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.
وعنه أخرى: أنها تجب على غير مكي, نقلها الكوسج كما سيأتي في مسألة رقم (1399) .
وقال المرداوي: نص عليه في رواية عبد الله والأثرم والميموني وبكر بن محمد.
انظر المغني 3/173, والكافي 1/337, والهداية 1/88, والإنصاف 3/387, والفروع 3/203.
4 سورة آل عمران, آية: 97. وقد دلت الآية الكريمة على أحد شروط وجوب الحج، وهو الاستطاعة.

(5/2076)


قال: الزاد1 والراحلة،2 من موضعه الذي يكون فيه.3
__________
1 الزاد في اللغة: طعام يتخذ للسفر.
لسان العرب 3/198, مختار الصحاح للزبيدي ص 278.
والمقصود به هنا: ما يحتاج إليه من ذهابه ورجوعه من مأكول ومشروب أو كسوة. المغني 3/171.
2 الراحلة المشترطة هنا: راحلة تصلح لمثله، إما بشراء أو بكراء، لذهابه ورجوعه مع ما يحتاج إليه من آلتها, المغني 3/171.
3 روى هذه المسألة أيضاً ابنه عبد الله في مسائله برقم 436 ص 197. وهذا تفسير للاستطاعة التي هي شرط من شروط وجوب الحج باتفاق العلماء، وهذا التفسير الذي أجاب به الإمام أحمد هنا هو المذهب، وعليه جماهير أصحابه، وقطع به كثير منهم كما في الإنصاف 3/401, وقد نقلت أقوال غير ذلك منها: ما اعتبره ابن الجوزي من أن الزاد والراحلة في حق من احتاجهما فقط, أما من أمكنه المشي والتكسب بالصنعة فعليه الحج، واختار ذلك والد شيخ الإسلام ابن تيمية, وزاد القاضي على ذلك اعتبار التكسب ولو بمسألة.
[] المغني 3/169, المبدع 3/91-92, الفروع 3/226, ومن الأدلة على تفسير الاستطاعة بالزاد والراحلة كما هو المذهب:
[1-] ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال يا رسول الله، ما يوجب الحج. قال: الزاد والراحلة", رواه الترمذي في باب ما جاء في إيجاب الحج بالزاد والراحلة 3/77, حديث 813, وقال: حديث حسن.
[2-] ما روى الدارقطني في سننه 2/215 بإسناده عن جابر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس، وعائشة، رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم, "سئل: ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة".
صحّحه الحاكم. المستدرك 1/442.

(5/2077)


قال إسحاق: كما قال،1 ولكن يحسب عليه الدار والخادم.2
[1368-] قلت: امرأة موسرة3 ليس لها محرم؟ 4
__________
1 ذكر عنه ذلك ابن قدامة في المغني 3/169, وصاحب كتاب المعاني البديعة ق 153 مخطوط.
2 معنى كلام الإمام إسحاق أنّ وجود السكن له ولأولاده من بعده, ووجود الخادم لمن لا يقدر على خدمة نفسه يعتبر من الاستطاعة أيضاً, وهذا تفصيل لما أجمله الإمام أحمد في جوابه, وبه يقول، فقد جاء في المغني 3/171:
"وإن كان ممن لا يقدر على خدمة نفسه والقيام بأمره, اعتبرت القدرة على من يخدمه، لأنه من سبيله" ا. هـ.
3 اليسر بسكون السين وضمها: ضد العسر, وهو السعة والغنى.
فامرأة موسرة: يعني غنية.
انظر: لسان العرب 5/296, تهذيب اللغة 13/58, مختار الصحاح ص 742.
وروى أبو داود في مسائله ص 106: "قلت لأحمد: امرأة موسرة لم يكن لها محرم، هل وجب عليها الحج؟ قال: لا.
4 حرم الرجل: عياله ونساؤه وما يحمي, ومحرم المرأة: من لا يحل له نكاحها من الأقارب، كالأب والابن والأخ والعم.
لسان العرب 12/123, القاموس المحيط 4/96.

(5/2078)


قال: المحرم من السبيل.1
__________
1 السبيل لغة: الطريق وما وضح منه يذكر ويؤنث. لسان العرب 11/319.
والمراد به هنا: الاستطاعة التي هي من شروط وجوب الحج كما سبق في المسألة السابقة (1367) .
وكون المحرم من السبيل الذي اتفق عليه الإمامان هنا هو المذهب كما في الإنصاف 3/410.
وهناك روايات أخرى من الإمام أحمد:
منها: أن المحرم من شرائط لزوم السعي دون الوجوب, فمتى فاتها الحج بعد كمال الشرائط الخمس بموت، أو مرض لا يرجى برؤه أخرج عنها حجة، لأن شروط الحج به قد كملت، وإنما المحرم لحفظها فهو كتخلية الطريق وأحكام المسير.
وعنه: لا يشترط في القواعد من النساء اللاتي لا يخشى منهن ولا عليهن.
وعنه: لا يشترط إلا في مسافة القصر، كما لا يعتبر في أطراف البلد.
ورواية أخرى: أن المحرم ليس شرطا في الحج الواجب, المغني 3/190, المبدع 3/99.
ونفقة المحرم في الحج على المرأة، نصّ عليه، لأنه من سبيلها، فكان عليها نفقته، كالراحلة.
فعلى هذا يعتبر في استطاعتها لوجوب الحج أن تملك زاداً وراحلة لها ولمحرمها.
المغني 3/194، الإنصاف 3/415، المحرر في الفقه لأبي البركات 1/233.
وفي رواية عن الإمام أحمد أن المحرم إن لم يحملها وأعطته من مالها فعليه حملها, وهناك رواية أخرى بعدم التفريق بين الحالتين, أي أنه لا يلزمه السفر معها سواء أعطته النفقة أو لم تعطه، وهو الصحيح في المذهب كما في الإنصاف 3/415, لأنّ في الحج مشقة شديدة, وكلفة عظيمة, فلا تلزم أحداً لأجل غيره, كما لم يلزمه الحج عنها إذا كانت مريضة.
انظر أيضاً: المغني 3/194, المبدع 3/101, الفروع 3/240.
ونفقة المحرم في الحج على المرأة نص عليه أحمد، لأنه من سبيلها, فكان عليها نفقته, كالراحلة فعلى هذا يعتبر في استطاعتها لوجوب الحج أن تملك زاداً وراحلة لها ولمحرمها.

(5/2079)


قال إسحاق: كما قال،1 وليس على المحرم بواجب حملها, ولكن يستحب له حملها, فإن لم يفعل, فأعطته من مالها فعليه حملها.
[1369-] قلت: العمرة في شهور الحج؟
قال: لا بأس به، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دخلت العمرة في الحج"،2 يعني لا بأس بالعمرة في شهور الحج.3
__________
1 انظر عن قوله المغني 3/190.
2 أخرجه مسلم في باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 1/888، حديث 1218، وأبو داود في باب إفراد الحج 2/388، حديث 1790، والنسائي، باب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدي 5/181، وابن ماجة، باب التمتع بالعمرة إلى الحج 2/991، حديث 2977، والدارمي في باب من اعتمر في أشهر الحج 1/447، وأكثر ألفاظ الحديث بزيادة "إلى يوم القيامة".
3 وأفضل المناسك عند الحنابلة التمتع كما سيأتي في المسألة رقم (1402) ، وهو يستلزم عمرة في أشهر الحج فلا شك في جوازها حينئذ، وإنما اختلف علماء الحنابلة أيهما أفضل عمرة في أشهر الحج أو في غيرها إلى ثلاثة أقوال:
ثالثها: التسوية.
وقال المرداوي في الإنصاف 4/57: الصحيح من المذهب أن العمرة في غير أشهر الحج أفضل من فعلها فيها ا. هـ.
قلت: وذلك لغير المتمتع لما ثبت من أفضلية التمتع في المذهب، وقال ابن عقيل -إثر كلام نقل عن الإمام أحمد في أفضلية العمرة في غير أشهر الحج- قال: إنما قال أحمد ذلك في عمرة لا تمتع فيها ا. هـ. حكاه عنه في الفروع 3/290.
وانظر: في المسألة المغني 3/237، كشاف القناع للبهوتي 2/520.
وستأتي أيضاً برقم (1407) .

(5/2080)


قال إسحاق: كما قال، فتصير حينئذ متعةً إذا قام حتى يحج.1
[1370-] قلت: الصبي يحتلم بعرفة والعبد يعتق؟
قال: أرجو أن يجزي حجهما.2
__________
1 قوله: فتصير حينئذ متعة إذا قام حتى يحج، أي أنه إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج وبقى في مكة حتى جاء الحج وأحرم به، يعتبر أحرم بالعمرة متمتعاً بها للحج.
2 نص على إجزاء حجهما في مسائل عبد الله رقم 795، 796 ص213 حيث قال: سألت أبي عن الصبي يحتلم بعرفة؟ قال: يجزي، وسألت أبي عن العبد يعتق؟ قال: يجزي حجه.
وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب؛ كما في الإنصاف 3/389، لأنه أدرك الوقوف حراً بالغاً فأجزأه كما لو أحرم تلك الساعة.
وعنه رواية: أن الحج لا يجزئهما.
الفروع 3/219، المغني 9/200، الكافي لابن قدامة 1/378.

(5/2081)


قلت: فإن لم يكن أحرم العبد (بعد) .1
قال: ذاك أجود.2
قال إسحاق: كلاهما جائز [حجهما] 3، وصار ترك الإحرام بعد العتق والاحتلام جائز إذا فعلا ذلك قبل الاحتلام
__________
1 في ظ وفي مسائل عبد الله "بعد ما عتق" بزيادة "ما عتق"، والصواب حذفها كما في ع؛ لأن الكلام لا يستقيم إلا بحذفها، أو تكون إن لم يكن أحرم العبد إلا بعد ما عتق، أي بزيادة إلا.
2 وردت بنصها في مسائل عبد الله برقم 797 ص 214.
يعني قلت: ما الحكم إن لم يكن العبد محرماً حين العتق وإنما أحرم بعده؟ قال أحمد: ذاك أجود من كونه محرماً قبل العتق، ولا خلاف في إجزاء حج الصبي والعبد إذا أحرما في يوم عرفة بعد البلوغ والعتق إن لم يكونا أحرما قبل ذلك.
المغني 3/200.
3 تفردت بإثباتها نسخة ع، وهو الصواب، لأن المعنى يحتاج إلى ذلك، والمعنى أن الصبي إذا بلغ والعبد إذا أعتق بعرفة، فإن حجهما يجزيهما عن حجة الإسلام، سواء كانا محرمين قبل ذلك واستمرا على إحرامهما، أو لم يكونا محرمين وأحرما بعد ذلك.

(5/2082)


والعتق.1
[1371-] قلت: الشرط في الحج؟
قال: جيد صحيح،2 [قال] :3 إذا اشترط لا يكون محصراً،4
__________
1 معنى كلام الإمام إسحاق أن الصبي إذا بلغ والعبد إذا عتق في يوم عرفة وهما محرمان، يجوز لهما ترك تجديد الإحرام. المغني 3/200.
2 روى ذلك عنه ابنه عبد الله في مسائله برقم 754 ص 203، وروى قريباً من ذلك أبو داود في المسائل ص123.
3 لفظة "قال" مثبتة في ظ ومحذوفة من ع، والمعنى يستقيم بالحالتين، والقائل هو الإمام أحمد.
4 الحصر: يأتي بمعنى التضييق، فيقال: أحصره العدو إذا ضيق عليه أو أضيق عليه، ومنه قوله تعالى: {وَاحْصُرُوهُمْ} آية 5 من سورة التوبة.
أي: ضيقوا عليهم، ويأتي بمعنى المنع فيقال: أحصره المرض: إذا منعه من السفر أو حاجة يريدها، كما يأتي الحصر بمعنى الحبس، فتقول: حصرته فهو محصور أي: حبسته، وقيل: يقال للذي يمنعه الخوف والمرض: أُحصر، ويقال للمحبوس: حصر.
والمقصود بالإحصار: المنع من إتمام المناسك، سواء كان ذلك بمرض أو عدو أو نحوهما.
[] لسان العرب 4/195، تاج العروس للزبيدي 11/24-26، مختار الصحاح ص 139.
وستأتي أقسام الإحصار عند الفقهاء في المسألة: (1494) .
ومعنى قوله لا يكون محصراً: أي لا يلزمه ما يلزم المحصر.

(5/2083)


[هو] 1 يقول: محلي حيث حبستني.2
قال إسحاق:3 أجاد لما صح عن عمر4 وعثمان5 رضي الله
__________
1 لفظة "هو" محذوفة في ع، والأولى إثباتها، لأن فيه زيادة توضيح.
2 هذه صيغة الاشتراط في الحج وكمالها:" وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"، ويستحب للحاج أو المعتمر أن يقولها عند الإحرام؛ وفائدة ذلك أنه إذا عاقه عائق من عدو أو مرض، أو ذهاب نفقة، يتحلل ولا دم عليه، ولا صوم، كما هو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب على حدِّ تعبير صاحب الإنصاف 4/72.
وانظر أيضاً: 3/434، المغني 3/243، صحيح مسلم بشرح النووي 8/132.
3 لقول إسحاق انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 8/132، الإشراف ق 100ب.
4 ومما صح عنه ما روى البيهقي في السنن 5/222 عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "يا أبا أمية حج واشترط، فإن لك ما اشترطت ولله عليك ما اشترطت".
وفي المغني 3/243 "وممن روي عنه أنه رأى الاشتراط عند الإحرام: عمر، وعلي، وابن مسعود، وعمار" ا.?.
وقال ابن المنذر: "وممن روينا عنه أنه رأى الاشتراط عند الإحرام: عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح" الإشراف ق100 ب.
5 ومما صح عنه ما جاء في المحلى 7/113 أن عثمان رضي الله عنه رأى رجلاً واقفاً بعرفة فقال "له: أشارطت؟ قال: نعم".

(5/2084)


عنهما بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لضباعة1 ذلك.2
[1372-] قلت: يحج الرجل عن الرجل وقد مات؟
قال: إن كان يحج عن أبيه أو عن أمه3، وأما أن يأخذ دراهم
__________
1 هي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها المقداد بن الأسود، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنها ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم.
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 4/342، تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر أيضاً ص 470، الاستيعاب في أسماء الأصحاب لابن عبد البر 4/243.
2 عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير، فقال لها: لعلك أردت الحج؟ قالت: والله لا أجدني إلا وجعة، فقال لها: حجي واشترطي، قولي: اللهم محلي حيث حبستني"، وكانت تحت المقداد بن الأسود.
أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين 6/122، ومسلم في كتاب الحج، باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه 2/867، وأحمد في مسنده 1/327، والنسائي، باب كيف يقول إذا اشترط 5/168، والترمذي، باب ما جاء في الاشتراط في الحج 3/278.
ورواه عن ابن عباس أبو داود، باب الاشتراط في الحج 2/376، حديث1776، والدارمي، باب الاشتراط في الحج أيضاً 1/430.
3 قال ابن قدامة: "يستحب أن يحج الإنسان عن أبويه إذا كانا ميتين أو عاجزين" ا. هـ. المغني 3/197، الإنصاف 3/419.

(5/2085)


ويحج فلا يعجبني.1
[لا أدري ما هو] .2
قال إسحاق: هو جائز (من كل الناس) 3، ومن الآباء والأبناء
__________
1 حكى ذلك عنه أيضاً المرداوي في الإنصاف 3/419.
2 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن هذه العبارة من ألفاظ الإمام أحمد رحمه الله المعروفة عنده في المسائل.
"ولا يعجبني": من ألفاظ الإمام أحمد، وفيه وجهان عند الحنابلة:
أحدهما: التنزيه، والكراهة.
والثاني: التحريم.
وأقرب ما تحمل عليه هنا- والله أعلم - أنها للكراهة، لأن الإمام بعد ما أجاب بذلك تردد في الحكم وتوقف وقال: لا أدري ما هو، فيكون الحكم كراهة أخذ الأجرة على الحج مع الجواز.
وهذه رواية عن الإمام أحمد.
روى ابن هانئ في مسائله1/177: "وسئل عن الرجل يحج عن الميت وغيره بالدراهم؟ قال: مكروه، وشدد فيه".
وعنه رواية أخرى بأنه: لا يجوز الاستئجار على الحج.
قال في الفروع: إن ذلك أشهر الروايتين عن الإمام أحمد، وقال في الإنصاف: والمذهب عدم الصحة، وقدمه ابن قدامة في المغني.
المغني والشرح الكبير 3/180، الفروع 3/254، الإنصاف 3/421.
3 في ظ "من يقول كل الناس" بزيادة "يقول"، والمعنى يستقيم بحذفها كما أثبته من ع.

(5/2086)


والقرابة [ظ-41/ب] .
[1373-] قلت: تحج المرأة عن الرجل والرجل عن المرأة؟
قال: نعم.1
قال إسحاق: كما قال، [لقول] 2 النبي صلى الله عليه وسلم: "حجي عن أبيك".3
__________
1 قال ابن قدامة: "يجوز أن ينوب الرجل عن الرجل والمرأة، والمرأة عن الرجل والمرأة في الحج في قول عامة أهل العلم. لا نعلم فيه مخالفاً إلا الحسن فإنه كره حج المرأة عن الرجل" ا. هـ، المغني والشرح الكبير 3/183.
2 سقطت من ظ، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع.
3 الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "كان الفضل ابن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر. قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجة الوداع". وفي بعض الروايات" فحجي عنه ".
أخرجه البخاري، باب وجوب الحج وفضله 2/140، ومسلم، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، أو لموت 1/973، حديث1334، والنسائي، باب حج المرأة عن الرجل 5/118، وابن ماجة، باب الحج عن الحي إذا لم يستطع 2/970، حديث2907، والدارمي، باب في الحج عن الحي 435.
ووجه الدلالة من الحديث أنه دل بمنطوقه على جواز حج المرأة عن الرجل، كما دل بمفهومه على جواز حج الرجل عن المرأة من، باب الأولى.

(5/2087)


[1374-] قلت: من نذر أن يحج ولم يحج حجة الإسلام؟
قال: لا يجزيه، يبدأ بفرض الله عز وجل [عليه] ،1 ثم يقضي ما أوجب على نفسه، واحتج بحديث ابن عمر رضي الله عنهما.2
قال إسحاق: أحب إليَّ أن يفعل كما قال، وأرجو أن تجزي حجة الإسلام عنه،3 وإن كان حج حجة الإسلام فلا بد من
__________
1 في ع بحذف لفظة "عليه"، والأولى إثباتها كما في ظ لأن فيها زيادة توضيح.
2 وحديثه عن زياد بن جبير قال: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال: "رجل نذر أن يصوم يوماً، قال: أظنه قال: الاثنين، فوافق يوم عيد، فقال ابن عمر: أمر الله بوفاء النذر ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام هذا اليوم؟ ".
أخرجه البخاري، باب الصوم يوم النحر 2/249.
ووجه الدلالة من الحديث أن الرجل لم يتمكن من وفاء نذره لمانع، وهو كونه وافق يوم العيد، وكذلك لا يتمكن من وفاء نذره من نذر أن يحج ولم يحج حجة الإسلام، لشغل ذمته بالحج الواجب بفرض الله، ومضمون ذلك أنه لا بد من البداءة بحجة الإسلام، ولا تجزئ عن النذر، وهذا هو المذهب، كما في الإنصاف 3/417.
وهناك رواية أن حجه هذا يقع عن حجة الإسلام ويسقط عنه النذر، وهذا يوافق قول الإمام إسحاق هنا. المغني 3/119، 11/357.
3 وهي رواية عن الإمام أحمد كما جاء في آخر التعليق السابق ويفهم من كلام إسحاق أن هذا خلاف الأولى عنده.

(5/2088)


وفاء النذر إذا كان طاعة.1
[1375-] قلت: من مات وقد بقي عليه من نسكه؟
قال: يقضى عنه.2
قال إسحاق: كما قال.
[1376-] قلت: من مات ولم يحج فهو من جميع المال؟
قال: إذا كان مال كثير فأحب للورثة أن ينفذوا ذاك، وأما إذا كان مال قليل فإنما هذا شيء ضيعه، ليس هذا مثل الزكاة.3
__________
1 لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه".
أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة 7/233.
2 رواها أيضاً ابنه عبد الله برقم 827 ص 220.
قال ابن قدامة في المغني 3/196": فإن خرج للحج فمات في الطريق، حج عنه من حيث مات، لأنه أسقط بعض ما وجب عليه فلم يجب ثانياً " ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإنصاف 3/410، الإقناع 1/343، المبدع 3/98.
3 يعني الإمام أحمد رحمه الله بذلك: أن الزكاة إذا وجبت ومات صاحبها تدفع من ماله، أما الحج فإنه إذا وجب ولم يحج لا يلزم قضاؤه، بخلاف الزكاة، والمشهور في المذهب أن من وجب عليه الحج وتوفي قبله أخرج عنه من جميع ماله بلا نزاع، كما قاله في الإنصاف 3/409.
وهو ما ذهب إليه إسحاق هنا لما يأتي في آخر المسألة.
وإذا لم يخلف مالاً يفي بالحج عنه من بلده حج عنه من حيث أمكن، فإذا كان من سكان الرياض مثلاً ولا يفي ماله إلا الحج من بدر مثلاً، حج عنه من بدر حيث أمكن الوفاء.
وللإمام أحمد رواية في أن كلاً من الحج والزكاة والكفارات لا يدفع من أصل المال بل من الثلث، وهي رواية النيسابوري حيث قال في 1/719:" قيل لأبي عبد الله: ترى الحج عن الميت؟ قال: نعم إذا كان أوصى. قيل له: فإن لم يوص ووجب عيه الحج؟ قال: يحج عنه من الثلث، والزكاة والكفارات من الثلث " ا. هـ.
وانظر: المغني 3/196، الإقناع 1/342، المحرر 1/233.

(5/2089)


قال إسحاق: كل فريضة على الميت من حج، أو زكاة، أو نذر، أو أشباه ذلك من الواجب فمات ولم يقضه، فإن ذلك يقضى من جميع المال، قلّ [ع-83/أ] المال، أو كثر1، لأن ذلك فرض عليه في الحياة (وفي2 قول) الرسول صلى الله عليه وسلم بيان لذلك حين قال السائل: "أحج عن أبي وقد مات؟ فقال له: لو كان على أبيك دين (فقضيته) 3 أما كان يجزي؟. قال: بلى،
__________
1 انظر عن قول إسحاق المحلى 4/64.
2 في ظ "وقول" بحذف "في".
3 في ع "فقضيت".

(5/2090)


قال: فدين الله عز وجل أحق".1
[1377-] قلت: رجل قدم مفرداً بالحج ومعه هدي، أله أن يتمتع؟
(قال أحمد) :2 إذا كان معه هدي فليس له أن يفسخ.3
__________
1 الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رجل: يا رسول الله إن أبي مات ولم يحج أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق".
أخرجه النسائي في باب تشبيه قضاء الحج بقضاء الدين 5/118.
ومن الأدلة على ذلك ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة قالت: "يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء".
أخرجه البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب الحج والنذور عن الميت 2/217.
ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت. المغني 3/196.
2 في ع" قال الإمام أحمد " وأكثر ما في المسائل الإجابة "بقال" فقط بإتفاق النسختين.
3 فالمفرد إذا ساق الهدي تطوعاً- حيث لا يجب عليه الهدي - لم يكن له أن يفسخ حجه إلى عمرة، وكذلك القارن. وهذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب كما في الإنصاف 3/447، وقيل: يحل كمن لم يهد.
أما إن لم يسق الهدي، فالمستحب له أن يفسخ إحرامه إذا طاف وسعى، ويجعلها عمرة لأمر النبي صلى الله عليه [] وسلم أصحابه بذلك، المغني 3/416، الإنصاف 3/446-447، وستأتي مسألة نحوها برقم (1687) .

(5/2091)


قال إسحاق: كما قال.
[1378-] (قلت) :1 فيمن يكري2 نفسه (يحج) ؟ 3
قال: نعم4.
قال إسحاق: جائز كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} .5
__________
1 في ظ "قلت لأحمد"، بزيادة "لأحمد" بعد "قلت"، والأولى عدم ذكرها كما في ع، لأنه معروف أن الأسئلة جميعها للإمام أحمد، ولأنه يكثر عدم ذكرها في أغلب الكتاب.
2 معنى يكري نفسه: أي أنه يشتغل أثناء حجه سواء بإكراء دابته، أو بإكراء نفسه بأن يحمل معهم الأمتعة، أو يجهز لهم الطعام ونحو ذلك.
3 في ع "ويحج" بزيادة الواو، والأقرب للسياق حذفها كما في ظ لمناسبة ذلك للسؤال والجواب من بعده، أي من يكري نفسه يصح حجه.
4 روى نحوها ابنه عبد الله برقم 828 ص220.
5 الحديث عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً سأله فقال أوآجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك، هل يجزي عني؟ فقال ابن عباس: نعم {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} من آية 202 سورة البقرة.
والحديث أخرجه الإمام الشافعي في مسنده ص112، وابن خزيمة في صحيحه 4/351 بسند آخر.
وهو دليل على جواز حج من تكسب في الحج، حيث استدل ابن عباس بالآية على ذلك.

(5/2092)


[1379-] قلت: مسيرة كم لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم؟
قال أحمد: لا تسافر سفراً1 وإن (كان) 2 ساعة، في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "لا تسافر سفراً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلُوَنَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم".3
__________
1 هو من حديث ابن عباس الآتي ولم أر لفظ "لا تسافر سفراً"، إلا أنه ورد في حديث أبي سعيد الخدري:" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً".
رواه مسلم في باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره 1/977، حديث1340.
2 في ع" كانت "، والصواب ما أثبته من ظ، لأن المراد بقوله وإن كان هو السفر.
فالإمام أحمد يرى أنه لا يجوز سفر المرأة بدون محرم مطلقاً.
وعنه رواية مفهومها جواز سفرها في الحج الواجب بدون محرم، كما سبق في المسألة رقم (1368) .
3 وذلك عن أبي معبد قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم "يخطب يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجّة وإنني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: فانطلق فحج مع امرأتك".
متفق عليه، وسبق تخريجه في المسألة (1368) .

(5/2093)


قال إسحاق: لا يكون سفراً إلا ثلاثة أيام فصاعداً (سير) 1 المبطئ الماشي ويوم للمسرع2، وذلك ثمانية وأربعون ميلاً بالهاشمي، (فلا) 3 (يدخل قوله) 4صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون [رجل] بامرأة"5 في معنى السفر، لأن السفر لا يخلو من الناس [والرفاق] .6
[1380-] قلت7: يهل الرجل [بالحج] 8 قبل شهور9 الحج؟
__________
1 في ع" الغير "، والموافق للسياق ما أثبته من ظ.
2 في ع" للماشي "، والموافق للسياق ما أثبته من ظ.
3 في ع" ولا "، والمناسب ما أثبته من ظ، لأن المراد ربط ما بعد الفاء لما قبلها، وليس مطلق الجمع أو العطف التي تقتضيه الواو.
4 في ظ" يدخل معنى قوله " بزيادة "معنى".
5 سقطت من ع والصواب إثباتها كما في ظ، لأن الحديث كذلك، كما سبق في التعليق على مسألة رقم: (1368) .
6 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن فيه زيادة إيضاح.
7 في ظ بزيادة: "لأحمد".
8 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، ليختص الإهلال المذكور بالحج كما يدل عليه السياق.
9 في ع "أشهر" ويجمع شهر على أشهر وشهور، لسان العرب 4/432.

(5/2094)


قال: [لا] ،1 هذا مكروه.2
قال إسحاق: كما قال، فإن فعل كنت قائلاً له: اجعلها عمرة3 كما قال عطاء، [لأن] 4 ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج".5
__________
1 ساقطة من ظ، ولعل في إثباتها كما في ع زيادة تأكيد للكراهة.
2 الاختيار والأولى أن لا يحرم بالحج قبل أشهره، فإن فعل صح.
لكن الإحرام بالحج قبل أشهره مكروه، لكونه إحراماً به قبل وقته فأشبه الإحرام به قبل ميقاته، ولأن في صحته اختلافاً، ولقول ابن عباس الآتي قريباً.
وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب كما في الإنصاف.
وعن الإمام أحمد رواية أنه ينعقد عمرة، روى ابنه عبد الله في المسائل برقم 872 ص 233، "سألت أبي عن رجل أحرم بالحج في غير أشهر الحج؟ قال: يجعل حجه عمرة".
انظر: المغني 3/224، الشرح الكبير 3/223، الإنصاف 3/430، المقنع بحاشيته 1/396، تفسير القرطبي 2/343.
3 اتفق الإمامان هنا على كراهية الإحرام بالحج قبل أشهره، فإن أحرم به قبل ذلك صح إحرامه عندهما، وصرح إسحاق هنا جعلها عمرة، وهو محكي عن أحمد أيضاً كما في الإنصاف 3/430.
وسبقت الإشارة إليه قريباً، وهو مذهب عطاء، نسب ذلك إليه ابن قدامة في المغني 3/224.
4 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن السياق يقتضي ذلك.
5 أخرجه البخاري 2/150 في باب قوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} .
وقال في المحلى 4/65: " عن ابن عباس قال: "لا ينبغي لأحد أن يهل بالحج إلا في أشهر الحج لقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} . ا. هـ

(5/2095)


[1381-] قلت: من أهل بحجتين؟
قال: لا يلزمه إلا حجة.1
قال إسحاق: كما قال، ولكن يصير متمتعاً حتى يجزيه عنهما2 جميعاً3.
[1382-] [قلت4: متى يهل أهل مكة بالحج؟
قال: إن تعجلوا فما بأس قبل التروية،5 قال عمر رضي الله عنه: "إذا
__________
1 وانعقد إحرامه بإحداهما، بلا نزاع كما في الإنصاف 3/450، وانظر أيضاً: المغني 3/254، الإقناع 1/353، المحرر 1/236، الإشراف ق 103. اختلاف الصحابة ق 52 ب.
2 في ع (منهم) .
3 أي أن من أحرم بحجتين لا يلزمه إلا واحدة، ولكن لا بد أن تكون بالتمتع بالعمرة إلى الحج حتى تجزيه عن الحجتين، ولعل تعليله هذا هو أن الإحرام بالتمتع يكون فيه العمرة عن إحدى الحجتين والحج عن الثانية، والله أعلم.
4 ساقط من ظ من هذه المسألة حتى نهاية المسألة (1395) .
5 روى هذه المسألة ابنه عبد الله في مسائله برقم 829 ص 221.
والمستحب لهم كغيرهم يوم التروية، لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إحرام أهل مكة معه في يوم التروية، كما في حديث جابر في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم الذي سبق تخريجه في مسألة رقم (1701) .

(5/2096)


رأيتم الهلال فأهلوا".1
قال إسحاق: كما قال، والذي يلزم يوم التروية ولكل قادم حَلّ بمكة2.
[1383-] قلت: قول عمر رضي الله عنه: "تجردوا بالحج وإن لم تحرموا"؟
__________
1 أخرجه الإمام مالك عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: "يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثاً مدهنون؟ أهلوا إذا رأيتم الهلال". الموطأ 1/339، باب إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم.
وأورده ابن قدامة أيضاً في المغني 3/422 وفيه أنه قال لأهل مكة: "ما لكم يقدم الناس عليكم شعثاً؟ إذا رأيتم الهلال فأهلوا بالحج".
ورجح- أي ابن قدامة - استحباب إحرامهم كغيرهم في يوم التروية.
وقال المرداوي في الإنصاف: هذا المذهب مطلقاً، وعليه الأصحاب.
وذكر ابن مفلح في المبدع وكذا في الحاشية على المقنع أن إهلال المكي إذا رأى الهلال رواية عن الإمام أحمد لقول عمر المذكور.
[] المغني 3/421-422، المبدع 3/229، الإنصاف 4/25، المقنع بحاشيته 1/448، الفروع 3/506.
2 أي إحرام يوم التروية لازم لأهل مكة ولمن حَلّ من إحرامه ممن ورد عليها، ويجوز الإحرام قبله، والمستحب [] عنده الإحرام في يوم التروية للجميع. انظر عن قوله في ذلك المغني 3/421-422.

(5/2097)


قال: يعني تشبهوا بالحاج1.
قال إسحاق: كما قال.
[1384-] قلت: يحرم في دبر الصلاة أحب إليك؟
قال: أعجب إلي أن يصلي، فإن لم يصل فلا بأس2.
__________
1 روى ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابنه عبد الله في المسائل برقم 830 ص221.
وذكر ابن الأثير هذا الأثر وقال: في حديث عمر رضي الله عنه "تجردوا بالحج وإن لم تحرموا" أي تشبهوا بالحاج وإن لم تكونوا حجاجاً، وقيل: يقال: تجرد فلان بالحج إذا أفرد ولم يقرن.
النهاية في غريب الحديث 1/256.
2 يستحب الإحرام بعد صلاة إما مكتوبة، أو نفل، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال في المغني: المستحب أن يحرم عقيب الصلاة، فإن حضرت صلاة مكتوبة أحرم عقيبها، وإلا صلى ركعتين تطوعاً وأحرم عقيبهما ا. هـ.
وهذا هو الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف، وعليه أكثر الأصحاب.
وقد أورد هذه المسألة أيضاً ابنه عبد الله في المسائل برقم 741 ص198.
وقال في المغني: "والأولى الإحرام عقيب الصلاة".
وعن الإمام أحمد أنه يستحب أن يحرم عقيب مكتوبة فقط.
وروي عنه أيضاً: أن الإحرام عقيب الصلاة، وإذا استوت به راحلته وإذا بدأ بالسير سواء، لأن الجميع قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق صحيحة.
فقد نقل ابن قدامة عن الأثرم أنه قال: سألت أبا عبد الله أيما أحب إليه الإحرام في دبر الصلاة أو إذا استوت به راحلته؟ فقال: كل ذلك، قد جاء في دبر الصلاة، وإذا علا البيداء، وإذا استوت به ناقته، فوسع في ذلك كله. واختار الشيخ تقي الدين أنه يستحب أن يحرم عقيب فرض إن كان وقته، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه.
[] المغني والشرح الكبير 3/229-230، الإنصاف 3/433، المقنع بحاشيته 1/397، الاختيارات الفقهية ص 116.
والصحيح من المذهب أيضاً أنه لا يصلي الركعتين في وقت النهي. الإنصاف 3/433.

(5/2098)


قال إسحاق: كما قال.1
[1385-] قلت: الحائض إذا بلغت الميقات؟
قال: تغتسل2 وتهل وتصنع ما يصنع الحاج، غير أن لا تطوف
__________
1 انظر عن قول إسحاق المغني والشرح الكبير 3/229.
2 لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس أن تغتسل عند الإحرام، وذلك في حديث جابر الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم الذي سبق تخريجه، والاغتسال عند الإحرام للرجال والنساء على سبيل الاستحباب.
قال ابن المنذر:" وقد أجمع عوام أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال وأجمعوا على أن الاغتسال للإحرام غير واجب إلا ما روي عن الحسن البصري، فإن الحسن قال: إذا نسي الغسل عند إحرامه يغتسل إذا ذكر " ا. هـ
قاله في الإشراف، ونقل عنه ذلك ابن قدامة في المغني، إلا أنه في حق الحائض والنفساء آكد لما سبق، ولحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحائض والنفساء إذا أتتا على الوقت تغتسلان وتحرمان وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت".
أخرجه: أبو داود 2/357 في باب الحائض تهل بالحج، حديث1744، والترمذي 3/282 في باب ما تقضي الحائض من المناسك، حديث945 وقال: حسن غريب.
وإن رجت الحائض الطهر قبل الخروج من الميقات، استحب لها تأخير الاغتسال حتى تطهر ليكون أكمل لها، فإن خشيت الرحيل قبله اغتسلت وأحرمت.
انظر عن المسألة: المغني 3/225، 261، والشرح الكبير 3/261 وكشاف القناع 2/406، والإنصاف 3/432، وصحيح مسلم بشرح النووي 8/172، والإشراف 99ب، والمسائل برواية ابن هانئ 1/140.

(5/2099)


بالبيت والصفا والمروة، ولا تدخل المسجد.1
قال إسحاق: كما قال.
[1386-] قلت: المرأة إذا أحرمت بعمرة فأدركها الحج وهي حائض؟
قال أحمد: [ع-83/ب] تهل بالحج وتكون قارناً2 وعليها
__________
1 ومما يدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، قالت: شكوت في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: افعلي كما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري"، أخرجه البخاري في باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف 2/171.
وما قاله الإمام أحمد هنا من أنها لا تطوف بين الصفا والمروة هو رواية عنه في اشتراط الطهارة في السعي، والصحيح من المذهب أنها لا تشترط كما سيأتي في مسألة رقم (1423) ، وقد روى هذه المسالة أيضاً ابنه عبد الله برقم 847 ص 226.
2 روى عنه قريباً منها ابنه عبد الله في المسائل برقم 831 ص 221.
وإذا أحرمت المرأة بعمرة فأدركها الحج وهي حائض، فإنها تحرم بالحج وتكون قارنة، لما روى مسلم: "أن عائشة رضي الله عنها كانت محرمة بعمرة فحاضت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أهلي بالحج".
ولأن إدخال الحج على العمرة يجوز من غير خشية الفوات، فمعها أولى لكونها ممنوعة من دخول المسجد، فعلى هذا لا تقضي طواف القدوم.
[] المقنع بحاشيته 1/401، صحيح مسلم 1/870، الشرح الكبير 3/248-249.

(5/2100)


الهدي1.
قال إسحاق: كما قال، إلا أنها صارت كالمتمتع.
[1387-] قلت: طواف المكي قبل المعرف؟
قال أحمد: لا يخرج من مكة حتى يودع البيت2، فطوافه
__________
1 لأن القارن يجب عليه هدي.
2 هذه رواية عن الإمام أحمد، روى أبو داود في المسائل ص 132، " قلت: لأحمد إذا توجه إلى منى يودع البيت؟ قال: نعم، كان سفيان يقول: لا يخرج أحد من الحرم حتى يودع".
وحكى ابن مفلح والمرداوي بأنه نقلها ابن منصور وأبو داود.
وذكر ابن المنذر أن ممن استحب ذلك أحمد وإسحاق.
والصحيح من المذهب كما في الإنصاف أنه لا يطوف بعد إحرامه بالحج، لوداع مكة وقدمه في الفروع وقال اختاره الأكثر.
وقال ابن قدامة في المغني: "ولا يسن أن يطوف بعد إحرامه، قال ابن عباس: لا أرى لأهل مكة أن يطوفوا بعد أن يحرموا بالحج حتى يرجعوا، ولا أن يطوفوا بين الصفا والمروة حتى يرجعوا" ا. هـ
وكذلك الحكم لغير أهلها ممن كان بها متمتعاً وأهل بالحج منها.
المغني والشرح الكبير 3/423، الإنصاف 4/25، الفروع 3/507، الإشراف 122ب-123أ.

(5/2101)


بالبيت بعد أن يرجع من منى1.
قال إسحاق: كما قال، لأن الطواف في الزيارة هو الطواف الواجب الذي به يتم الحج، ومن لم يطف يومئذ من الناس كلهم فلا حج له2.
[1388-] قلت: قوله: الحج عرفات والعمرة الطواف3؟
قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: من طاف بالبيت
__________
1 أي أن طواف المكي الواجب والذي هو أحد أركان الحج يكون بعد الرجوع من منى، لذلك لا يجزيه السعي إذا سعى بعد طواف وداعه عند الخروج إلى منى، بناءً على الصحيح من المذهب.
المراجع السابقة عدا الإشراف.
2 لأن طواف الزيارة من أركان الحج ولا يتم إلا به، ولا يعذر أحد بتركه كما سيأتي في المسائل: (1588) .
3 يأتي ذلك منسوباً إلى ابن عباس رضي الله عنهما في مسألة رقم (1502) وروى نحو هذه المسألة ابنه عبد الله في المسائل برقم 835 ص 222.

(5/2102)


فقد حل1، هذا في العمرة، وقوله الحج عرفات مثل قوله: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة"2.
قال إسحاق: كما قال، لأن الحج إنما بدخوله عرفة قبل طلوع الفجر3.
[1389-] قلت: تكره أن يجاوز أحد ذا الحليفة بغير إحرام؟
__________
1 لم أقف عليه.
2 ويأتي عن الإمام أحمد في مسألة (1559) ، أن قوله: "الحج عرفة" يشبه قوله: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها".
والحديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" في كتاب الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة 1/145، ومسلم في كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة 1/423، حديث607، وابن ماجة 1/356 في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، حديث1122، وأحمد في مسنده 2/215، 271.
3 فمن أدرك ركعة من وقت الصلاة فقد أدرك الصلاة في وقتها، وليس معنى ذلك أنه يكتفي بتلك الركعة عن بقية الركعات، وكذلك من أدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج، وليس معنى ذلك أنه يكتفي بالوقوف عن بقية أركان الحج، وهو ما صرح به الإمام أحمد في مسائله رقم (1559) حيث قال: إن أفسدها شيء أليست تفسد صلاته، وكذلك الحج إذا هو وطئ قبل رمي الجمار فقد أفسد حجه. فتح الباري 2/57.

(5/2103)


قال: نعم، إذا كان ممن يمر بها فهذا مكروه1.
قال إسحاق: كما قال، وكذلك كل من كان له الوقت في موضع، لا تحل له مجاوزته حين يحرم إلا من عذر نسيان أو غيره.2
[1390-] قلت: قوله: كانوا يحبون أن يحرم الرجل أول ما يحج من بيته، أو يحرم الرجل من بيت المقدس، أو من دون الميقات؟
قال: وجه العمل المواقيت.3
قال إسحاق: كما قال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقّت المواقيت قد
__________
1 أورد هذه المسألة ابنه عبد الله في المسائل برقم 740 ص 198، وهذه المسألة متعلقة بدخول مكة بدون إحرام، وستأتي برقم (1395) .
2 قال ابن المنذر:" وكره أحمد وإسحاق مجاوزة ذي الحليفة إلى الجحفة " ا. هـ.
الإشراف ق 98ب.
فيمكن أن تحمل الكراهة التي ذكرها الإمامان هنا على ما نقله ابن المنذر عنهما من مجاوزة ذي الحليفة بغير إحرام والإحرام من الجحفة، والله أعلم.
3 حكى ذلك عنه أيضاً وعن إسحاق: ابن القيم والبغوي، قالا: "وقال أحمد وجه العمل المواقيت، وكذلك قال إسحاق".
انظر: تهذيب ابن القيم 2/285، شرح السنة 7/42، المغني 3/215، الشرح الكبير 3/222، المقنع بحاشيته [1/295-296،] المبدع 3/112، الإنصاف 3/430، الفروع 3/284.

(5/2104)


نظر فيها يرفق بأمته، والانتهاء إليه أفضل.
[1391-] قلت: نصراني أسلم بمكة ثم أراد الحج؟
قال: هو بمنزلة من ولد بمكة.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1392-] قلت: من دخل مكة بغير إحرام ثم أراد الحج، من أين يحرم بالحج؟
قال: من مكة.3
__________
1 روى نحو هذه المسألة ابنه عبد الله في المسائل برقم 386 ص222، والمعنى: أن الكافر بعد أن تجاوز الميقات فإنه يحرم من موضعه الذي أسلم فيه، فإذا كان بمكة فإنه يحرم بمكة على الصحيح من المذهب، لأنه أشبه المكي ومَنْ قريتُه دون الميقات، ولأن حاله قبل الإسلام كالمعدومة بالنسبة لدخوله الحرم وغيره، كالعبد يعتق والصبي يبلغ في يوم عرفة وقبله، فإنه يجزئ عنهما الحج، ولا يطالبان بالرجوع.
وعن الإمام رواية: أنه يحرم من الميقات.
[] المغني 3/219، الإنصاف 3/427-428، الفروع 3/283، المبدع 3/111.
2 انظر عن قوله المغني 3/219، الإشراف ق 99ب.
3 هذا هو المذهب، وعليه الأصحاب كما في الإنصاف.
وعنه رواية: أنه يلزمه أن يرجع فيحرم من الميقات.
حكاها عنه الكوسج في المسألة الآتية برقم (1394) .
ورواها عنه أيضاً أبو داود في مسائله برقم 747 ص151، وحكاها ابن المنذر في الإشراف.
المغني 3/219، الإنصاف 3/429، المقنع بحاشيته 1/395، الفروع 3/283، الإشراف ق 99أ.

(5/2105)


قال إسحاق: كما قال.1
[1393-] قلت: وإذا اعتمر عن غيره ثم أراد الحج لنفسه2؟
يخرج إلى الميقات إذا اعتمر عن نفسه3، وإن أراد الحج لغيره خرج إلى الميقات4.
__________
1 حكى عنه الكوسج في المسألة الآتية برقم (1394) ما يوافق الرواية الثانية للإمام أحمد، وكذلك ابن المنذر في الإشراف ق 99أ.
2 هكذا في نسخ المخطوطة.
والظاهر والله أعلم وجود سقط بين "لنفسه" و"يخرج" تقديره "قال"، لأن بذلك إثبات لقول الإمام أحمد، وهو ما جرى عليه المؤلف في أغلب المسائل.
3 لأن من أراد أن يحرم بالعمرة من مكة خرج إلى الحل، ولم يُجب عن الحكم الذي سئل عنه، وهو إرادة الحج عن نفسه، والحكم فيه أن الصحيح من المذهب أنه يحرم من مكة كمن دخلها وهو لا يريد الإحرام ثم بدا له ذلك، كما سبق في المسألة (1392) .
وعنه رواية أنه يخرج إلى الميقات كما في المسألة الآتية برقم (1394) .
4 أي أنه بعد العمرة عن غيره إن أراد الحج عن غيره خرج إلى الميقات، لأن المعضوب ومن مات ولم يحج يحج عنه من بلده، والله أعلم.

(5/2106)


قال إسحاق: كما قال.
[1394-] قلت: من دخلها بغير إحرام ثم أراد الحج؟
قال: يخرج إلى الميقات.1
قال إسحاق: كما قال،2 إلا أن يخشى فواتاً، فحينئذ أهل من مكانه فأهراق لذلك دماً،3 كذلك ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما.4
[1395-] قلت: لأحد أن يدخل مكة بغير إحرام؟
__________
1 هذه رواية عن الإمام أحمد، والمذهب أن يحرم من مكة، كما سبق أن نص عليه في المسألة رقم (1392) .
2 سبق عنه أيضاً في المسألة المذكورة أنه يحرم من مكة.
3 وكذلك من جاوزه مريداً للنسك فإنه إن خشي فوات الحج لا خلاف بين الإمامين أنه لا يرجع، بل يهل من مكانه.
انظر: المبدع 3/112، المغني 3/221، الإنصاف 3/429.
4 أخرج مالك عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: "من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهريق دماً" قال أيوب: لا أََدري قال: ترك أو نسي.
الموطأ 1/419، باب ما يفعل ما نسى من نسكه شيئاً.
قال الألباني: ضعيف مرفوعاً، وثبت موقوفاً. إرواء الغليل 4/299.

(5/2107)


قال: لا يدخلها أحد إلا بإحرام.1
قال إسحاق: كما قال، إلا ما كان من الحطابين وأشباههم فلهم ذلك] 2.
__________
1 هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو المذهب، والرواية الثانية أنه يجوز ذلك لغير من أراد نسكاً، وفي تجاوز الميقات بدون إحرام لمن أراد دخول مكة ممن لا يتكرر دخوله لها كالحطاب ونحوه روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: أنه لا يجوز مطلقاً سواء أراد نسكاً أو لم يرد، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب. وقد رواها ابن هانئ النيسابوري في مسائله 1/153 رقم 758.
ولأنه لو نذر دخولها لزمه الإحرام، ولو لم يكن واجباً لم يجب بنذر الدخول كسائر البلدان.
الثانية: أنه يجوز ذلك لغير من أراد نسكاً، ونقل المرداوي عن الزركشي أن ذلك هو ظاهر نص الإمام أحمد.
انظر: المغني 3/218، 427، والمقنع بحاشيته 1/394، 395، والمبدع 3/110، والإنصاف 3/427، 428.
2 آخر المسائل الساقطة من ظ، وكذلك قال أحمد؛ فإن من دخل مكة لقتال مباح أو حاجة كالحطاب والحشاش، ومن كان دخوله متكرراً إليها، فهؤلاء لا إحرام عليهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة حلالاً وعلى رأسه المغفر، وكذلك أصحابه، ولم يعلم أن أحداً منهم أحرم، ولأنه لو وجب الإحرام على من يتكرر دخوله أدى ذلك لأن يكون محرماً في جميع زمانه، فسقط وجوبه لرفع الحرج.
المغني 3/218، المقنع بحاشيته 1/395، الإنصاف 3/428.

(5/2108)


[1396-] قلت: إذا نذر الرجل أن يحج ماشياً ولم يسم من أين يمشي؟
قال: على نيته1، فإن كان [ع-84/أ] معذباً في ذلك فعلى حديث أخت عقبة.2
__________
1 أي يجب عليه الحج ماشياً من المكان الذي نوى المشي منه.
المغني 11/348، الإنصاف 11/148.
2 أخت عقبة لا يعرف اسمها كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح 4/80، وذلك لأنه يوجد صحابيان يسمى كل منهما عقبة بن عامر:
إحداهما أنصاري بدري لا رواية له، وهو عقبة بن عامر بن نابي.
والثاني عقبة بن عامر الجهني ليس أنصارياً، ولم يشهد بدراً، وله رواية كثيرة.
ولا شك أن لأخيها رواية كما هو الظاهر من هذا الحديث فهو الجهني إذاً فلا يعرف اسمها.
وذكر ابن سعد أنها أم حبان أخت عقبة بن عامر بن نابي، زوج حرام بن محيصة، وردَّهُ الحافظ ابن حجر لأن ابن نابي لا رواية له فلا تكون أخته، والجهني هو الذي له الرواية فلا يعرف اسم أخته.
انظر أيضاً: الإصابة 4/422.
الحديث أن عقبة بن عامر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة، فقال: "مروها فلتختمر، ولتركب ولتصم ثلاثة أيام".
أخرجه: أبو داود في كتاب الأيمان والنذور 3/596، حديث3293، والترمذي في الكتاب نفسه 4/116، حديث1544، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الأيمان 7/20، وابن ماجة في كتاب الكفارات، باب من نذر أن يحج ماشياً 1/689، حديث2134، والإمام أحمد في المسند 4/152

(5/2109)


عاودته1 في ذلك فقال: من حيث حلف إذا لم ينوِ.2
قال إسحاق: يلزمه إذا كان [نذر] 3 طاعة أن يحج (من حيث حلف) ،4 وحديث أخت عقبة يستعمل على ما جاء، لأنها خلطت بطاعتها معصية.5
__________
1 المعاودة: الرجوع إلى الأمر الأول، ويقال عاوده بالمسألة سأله مرة بعد أخرى، فالمعنى هنا: أي كررت السؤال عليه.
مختار الصحاح /460، المعجم الوسيط 2/635.
2 أي يجب عليه الحج ماشياً من المكان الذي حلف منه، فيحج من دويرة أهله ويحرم من حيث يحرم للواجب. المغني 11/348.
3 سقطت من ظ، والأَوْلى إثباتها كما في ع، لأنه يتضح المعنى بذلك أكثر، ولأنه المناسب للمقام، ولأن المقام يقتضي الإظهار لا الإضمار.
4 في ع" من الموضع الذي حلف "، والمعنى واحد.
5 خلاصة المسألة أن الإمام أحمد فرق بين من نوى من أين يمشي وبين من لم ينو، فإن نوى مشى من حيث نوى، وإن لم ينو مشى من حيث حلف، فإن كان عليه مشقة وعذاب بالمشي ركب وكفّر لحديث أخت عقبة، وهذا هو المشهور في المذهب.
وعنه رواية: أنه يلزمه دم لأن في بعض روايات الحديث "لتركب ولتهد".
المغني 11/346، الإنصاف 11/148.
أما الإمام إسحاق فإنه لم يفرق وأوجب عليه المشي من حيث حلف مطلقاً، سواء نوى أو لم ينو، قدر على ذلك أو لم يقدر، ورأى أنه لا حجة في حديث أخت عقبة، لأن الرخصة لها لكونها ارتكبت محرماً وهو ترك الاختمار، وليس لكونها غير قادرة على المشي، ويمكن أن يجاب عليه بأن تعذيب النفس محرم كما أن ترك الاختمار محرم.

(5/2110)


[1397-] قلت: لأهل مكة متعة،1 ومَنْ أهل مكة؟
قال أحمد: كل من كان من مكة على نحو ما يقصر [فيه] 2 الصلاة فليس هو من أهل مكة.3
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 المتعة: التمتع بالعمرة إلى الحج، وهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج في عامه. المغني 3/498، لسان العرب 8/329.
وقد نقل أنها تطلق على دم المتعة. المغني 3/503.
وأرى أن يكون إطلاقها هنا على المعنى الأول، لا على الدم، لأن الدم عليه لا له، فلا يقال لأهل مكة دم. المرجع السابق.
والإمام أحمد رحمه الله تعالى لم يجب هنا عن الشق الأول، وهو فيما إذا كان لأهل مكة متعة، ويمكن أن يفهم من صنيع تفريقه بين المكي وغيره في هذا الصدد أنه يقول بعدم التمتع لهم، وهي رواية عنه، كما أجاب صراحة بأنه لا عمرة عليهم في المسألة الآتية برقم (1399) ، وعنه رواية أن لهم التمتع كما سبق في التعليق على مسألة رقم (1366) .
2 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع؛ لأن السياق يتطلب ذلك.
3 قال في المغني 3/502: " لأن الشارع حد الحاضر بدون مسافة القصر بنفي أحكام المسافرين عنه، فالاعتبار به أولى " ا. هـ

(5/2111)


[1398-] قلت: قول ابن الزبير:1 المتعة2 لمن أحصر،3 وقال ابن عباس رضي الله عنهما هي لمن أحصر ولمن خليت سبيله؟
قال: قول ابن الزبير رضي الله عنهما، يعني (بعدو) 4 وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (بعدو وغيره) .5
قال إسحاق: كما قال، معنى (قوليهما) 6 هكذا في النظر.7
__________
1 هو الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد أحد العبادلة الأربعة، كان أول مولود في الإسلام بالمدينة من المهاجرين. تولى الخلافة تسع سنين، وقتل سنة ثلاث وسبعين رضي الله عنه وأرضاه.
[] الإصابة 2/301-303، تقريب التهذيب 173.
2 أي التحلل من الإحرام.
3 جاء في المحلى 4/158 عن عطاء قال: كان ابن الزبير يقول المتعة لمن أحصر.
4 في ظ " بعد " بحذف الواو، ولعلها سقطت من الناسخ، لأن المعنى لا يستقيم إلا بإثباتها كما في ع.
5 في ظ " بعد ولغيره "، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
6 في ظ " قولهما "، والأولى ما أثبته من ع لأن الاستقامة به أكثر.
7 المسألة في ع، قلت: قول ابن الزبير المتعة لمن أحصر ولمن خليت سبيله.
قال: قول ابن الزبير رضي الله عنهما: المتعة لمن أحصر، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لمن أحصر ولغيره، قول ابن الزبير يعني بعدو، وقال ابن عباس: بعدو وغيره.
قال إسحاق: كما قال معنى قوليهما، هكذا في النظر.
والأولى ما أثبته من ظ، لتكرار بعض العبارات في ع كما يظهر من العبارة.
وفسر الإمامان قول ابن عباس هنا بأن المتعة تكون لمن أحصر بعدو وبغيره كالمرض، والذي رأيته ينسب إلى ابن عباس رضي الله عنهما هو المتعة لمن أحصر بالعدو موافقاً لابن الزبير.
ففي سنن البيهقي 5/219 عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "لا حصر إلا حصر عدو".
ونسب إليه هذا القول: ابن قدامة في المغني 3/376، وابن العربي في أحكام القرآن 1/119.
وسيأتي بيان ما يفعله المحصر في المسألة رقم (1494) .

(5/2112)


[1399-] قلت: من أين يعتمر أهل مكة، وعليهم العمرة؟
قال: ليس عليهم عمرة1.
قال إسحاق: كما قال.
[1400-] قلت: العمرة في الشهر الذي يحرم فيه أو الذي يحل فيه؟
__________
1 هذه رواية عن الإمام أحمد نصرها في المغني 3/174، وسبق في المسألة رقم (1366) أن الصحيح من المذهب أن العمرة واجبة مطلقاً على جميع من يجب عليه الحج.
ولم يجب كل من الإمامين هنا عن من أين يعتمر أهل مكة؟ لأنه لا داعي لمعرفة ذلك ما داما أجابا بأنه لا عمرة عليهم، والجواب عن ذلك عند من يقول عليهم عمرة كما هو المشهور في المذهب، أن أهل مكة يكون إحرامهم من الحل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم وكانت بمكة يومئذ، أخرجه مسلم في باب بيان وجوه الإحرام 1/870، حديث1211.
انظر: المغني 3/210، مصنف ابن أبي شيبة 4/87

(5/2113)


قال: الذي يحل فيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما1.
قال إسحاق: كما قال، وقالوا:2 في الشهر الذي يحل فيه، إلا أن قول جابر أحب إلينا، لأنه أعلى شيء فيه.3
__________
1 والحديث عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن امرأة تجعل على نفسها عمرة في شهر مسمى ثم يخلو إلا ليلة واحدة ثم تحيض، قال: "لتخرج، ثم لتهل بعمرة، ثم لتنتظر حتى تطهر، ثم لتطف بالبيت".
أخرجه ابن هانئ في مسائله 1/155 مسألة 773، والأثرم كما في المغني 3/499.
2 إشارة إلى رأي المخالفين وهم المالكية القائلون بأن العبرة بوقت التحلل، وأن من تحلل من العمرة في أشهر الحج يعتبر متمتعاً وإن كان إحرامه بها قبل أشهر الحج. الكافي لابن عبد البر 1/331.
3 المسألة في ع: "قلت: العمرة في الشهر الذي يحرم فيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال إسحاق كما قال، وقال: في الشهر الذي يحرم فيه أو الذي يحل فيه؟ قال: الشهر الذي يحل فيه، إلا أن قول جابر أحب إلينا، لأنه أعلى شيء فيه ".
والصواب ما هو مثبت في ظ للتكرار في نسخة ع.
والعبرة عند الإمامين بوقت الإهلال لا بالتحلل للأثر السابق المروي عن جابر، فإنه جعل عمرتها في الشهر الذي أهلت فيه لا في الشهر الذي حلت فيه، لأنه لو اعتبر الشهر الذي حلت فيه لم يكن في ذلك وفاء بالنذر.
ويؤيد ذلك ما روى ابنه عبد الله في مسائله برقم 818 ص 218: " سألت أبي عن العمرة في الشهر الذي يهل فيه؟ قال في الشهر الذي يحرم فيه، على حديث جابر ابن عبد الله.
وابن هانئ في المسألة 772: سألته عن رجل أحرم بعمرة في شهر رمضان فدخل الحرم في شوال؟ قال أبو عبد الله: عمرته في الشهر الذي أهل، على حديث جابر.
فعلى هذا من أحرم في غير أشهر الحج ثم حل منها في أشهره لا يكون متمتعاً.
المغني 3/499، الإنصاف 3/441، الإقناع 1/351.

(5/2114)


[1401-] قلت: إذا اعتمر [الرجل] 1 في أشهر الحج ثم رجع ولم يحج، أو رجع إلى أهله ثم حج؟
قال: إذا سافر سفراً تقصر فيه الصلاة فليس بمتمتع.2
__________
1 ساقطة من ع، وكذا في رواية عبد الله، والأولى إثباتها كما في ظ، لأن أكثر سياق المسائل إثباتها كما في المسألة (1396) ، (1441) .
2 التمتع لغة: الانتفاع، فيقال: استمتعت بكذا وتمتعت به: أي انتفعت به.
المصباح المنير 2/562، لسان العرب 8/329.التمتع اصطلاحاً: هو أن يحرم بعمرة مفردة في أشهر الحج، فإذا فرغ منها أحرم بالحج من عامه. المغني 3/232، 498.
وما أجاب به الإمام أحمد هنا هو بيان لأحد شروط التمتع، وهو أن لا يكون سافر بعد عمرته سفراً تقصر فيه الصلاة، فإن فعل فليس بمتمتع، لما روي عن عمررضي الله عنه أنه قال: "إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع فإن خرج ثم رجع فليس بمتمتع".
رواه ابن حزم في المحلى 4/159.
وحكاه عنه أيضاً ابن قدامة، وابن مفلح، والبهوتي.
انظر: المغني3/501، الفروع 3/311، كشاف القناع 2/413.
وجواب الإمام أحمد المذكور عن الشق الثاني للسؤال، ولم يذكر الجواب عن الشق الأول صراحة؛ لأنه يفهم من ذلك، فإذا كان من سافر ثم رجع للحج لا يعتبر متمتعاً، فمن لم يحج من، باب أولى.
قال ابن قدامة أثناء كلامه عن شروط التمتع:" الثاني أن يحج من عامه، فإن اعتمر في أشهر الحج ولم يحج ذلك العام بل حج من العام القابل فليس بمتمتع " ا. هـ. المغني 3/500.
وقد روى هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 820، ص219.

(5/2115)


قال إسحاق: كما قال [ظ-42/أ] .1
[1402-] قلت: (القران) 2 والإفراد3 أو التمتع4؟
قال: التمتع آخر فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يعني أمر النبي صلى الله عليه وسلم.5
قال إسحاق: التمتع هو ما رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخر شيء من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم (لما قرن وساق الهدي) 6 وأصحابه (بين مُهلٍّ بالحج وبالعمرة) 7 دخل
__________
1 انظر عن قول إسحاق المغني 3/501.
2 في ظ" الإقران " وتؤدي إلى المعنى، والمشهور في كتب الفقه ما أثبته من ع.
والقران هو: أن يحرم بالحج والعمرة معاً، أو يحرم بالعمرة، ثم يدخل عليها الحج قبل الطواف. المغني 3/232.
3 الإفراد: هو أن يحرم بالحج مفرداً. المرجع السابق.
4 التمتع: سبق تعريفه في المسألة السابقة.
5 الصحيح من المذهب أن التمتع أفضل الأنساك الثلاثة، كما في الإنصاف 3/434.
6 في ع "لما كان قارن ساق الهدي"، والأقرب للسياق ما أثبته من ظ.
7 في ع" من بين مهل بالحج أو بالعمرة ". والصواب ما هو مثبت من ظ حيث ورد في الحديث كذلك.

(5/2116)


قلوبهم من ذلك، إذ خالف فعلُهم فعلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم حينئذ: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت ما أقول لكم، أي إذ دخلكم من فعلكم، فقال دخلت العمرة في الحج،1 أي تجوز العمرة في شهور الحج، فإنما أمرهم بما يجوز ويراه ولم يقل هاهنا: إن ما أمرتكم أفضل من فعلي وهو القران بالسوق، فكلما ساق الهدي فالقران أفضل، فإن لم يسق فالتمتع.2
[1403-] قلت: إذا (قرن) 3 الحج والعمرة كم يطوف؟
قال: طواف واحد يجزيه.4
قال إسحاق: كما قال.5
__________
1 قطعة من حديث جابر الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم وسبق تخريجه في المسألة رقم (1369) .
2 هذه رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختارها الشيخ تقي الدين.
الإشراف ق102، شرح السنة 7/74، المغني 3/232، الإنصاف 3/434.
3 في ع" أقرن " والصواب ما أثبته من ظ، لموافقته لحديث جابر.
4 هذا هو المذهب كما في الإنصاف 4/44.
5 انظر عن قوله سنن الترمذي 3/283.

(5/2117)


[1404-] قلت:1 من أهل بعمرة يضم إليها حجة؟
قال: نعم.2
[1405-] (قلت) :3 من أهل بحج يضم (إليه) 4 عمرة؟
قال: لم أسمعه.5
قال إسحاق: كما قال، لا يضم إلى الحج عمرة أبداً.
[1406-] قلت: قول عمر رضي الله عنه (لضبي) 6 بن معبد: "هديت لسنة
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد" بعد "قلت".
2 هذا إذا لم يشرع في الطواف، فإن شرع لم يصح إلا لمن ساق الهدي، فإنه يصح له ذلك ويصير قارناً.
المبدع 3/123، الإقناع 1/350، الكافي 1/394، الإنصاف 3/438.
3 في ظ" قلنا "، والأولى ما أثبته من ع؛ لأن المؤلف درج على ذلك.
4 في ظ "إليها"، والصواب ما أثبته من ع؛ لأن السياق يقتضي ذلك.
5 الصحيح من المذهب أن من أحرم بالحج، ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها، ولم يصر قارناً، وقيل يجوز إدخال العمرة على الحج ضرورة، الإنصاف 4/438.
وقال ابن قدامة في الكافي 1/395: "فإن أحرم بحج ثم أدخل عليه عمرة لم يصح، ولم يصر قارناً" ا. هـ.
[] وانظر أيضاً: المحرر في الفقه 1/235، المبدع 3/123، كشاف القناع 2/412، المغني 416-417.
6 في ع" للضبي"، والصواب" صبي " بالصاد المهملة، كما سيأتي في ترجمته قريباً.
وهو" صبي " بالتصغير ابن معبد التعلبي، له إدراك وحج في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستفتاه عن الجمع بين الحج والعمرة، وروى حديثه أصحاب السنن من رواية أبي وائل، عنه وروى عنه أيضاً مسروق، وأبو إسحاق، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وغيرهم.
قال الحافظ ابن حجر في التهذيب: ذكره ابن حبان في الثقات. وقال في التقريب أيضاً: إنه مخضرم.
وكما أشرت صبي بالصاد المهملة لا بالمعجمة كما جاء في المخطوطة والمغني، وحصل الخطأ أيضاً في الطبعة الباكستانية لتقريب التهذيب حيث جاء فيها ص 51 "صبيح"، وهو خطأ.
انظر: الإصابة 2/191، تهذيب التهذيب 4/410، التقريب 1/365 بتحقيق الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، الإكمال لابن ماكولا 5/165.

(5/2118)


نبيك صلى الله عليه وسلم؟.
قال: يعني الحج والقران من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والحج والمتعة كل هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم".1
قال إسحاق: كما قال.
[1407-] قلت: [قوله صلى الله عليه وسلم:] 2 دخلت العمرة في الحج؟
__________
1 روى هذه المسألة أيضاً ابنه عبد الله برقم 822 ص 219.
2 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن السياق يدل على أن يستفسر عن معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولا سيما أنه قد ورد نص هذا الحديث كما في مسألة (1369) ، وورد عن المؤلف مثل هذه الصيغة كما في مسألة (1398) ، (1406) .

(5/2119)


قال: يعني العمرة لا بأس [بها] 1 في أشهر الحج،2 كان أهل الجاهلية يكرهون العمرة في أشهر الحج.3
قال إسحاق: كما قال.
[1408-] [قلت: من اعتمر في ذي القعدة ثم استمتع في ذي الحجة يجزيه هدي واحد؟
قال: نعم هدي واحد.4
__________
1 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن السياق يقتضي ذلك.
2 سبق الكلام على هذه المسألة وتخريج الحديث الوارد فيها في حكم العمرة في أشهر الحج مسألة رقم (1369) .
3 وذلك ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرَّم: صَفَرَاً، ويقولون: إذا بَرَأَ الدَّبَر، وعفا الأَثَرُ، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رابعة، مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم. فقالوا: "يا رسول الله لمن -أي الحل-؟ قال: الحل كله".
أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحج، باب جواز العمرة في أشهر الحج 1/909، والبخاري في باب التمتع والإفراد والإقران 2/150.
4 ويجزيه هدي واحد، لأنه متمتع بلا خلاف إذا أقام بها، والمتمتع لا يلزمه إلا هدي واحد. المغني 3/498.

(5/2120)


قال إسحاق: كما قال] .1
[1409-] قلت: رفع اليدين إذا رأى البيت؟
قال: ما أحسنه.
قال إسحاق: كما قال، (ولا يدعن ذلك أحد) .2
[1410-] قلت: من أين يدخل مكة ومن أين يخرج؟ 3
قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم من (الثنية الأعلى) 4 وهو ناحية الأبطح، وخرج من (الثنية السفلى)
__________
1 هذه المسألة ساقطة من ع.
2 في ع" لئلا يدع ذلك أحد "، والسياق يقتضي ما أثبته من ظ.
ويستحب رفع اليدين عند رؤية البيت، وفي جواب كل من الإمامين ما يدل على ذلك.
المغني 3/381، المبدع 3/211، الإنصاف 4/3.
3 في "ع" يوجد تقديم وتأخير بين هذه المسألة والتي تليها.
وقد روى هذه المسألة ابنه عبد الله برقم787 ص212.
4 هكذا في ظ، وفي ع "ثنية الأعلى" والاسم المتعارف عليه "الثنية العليا"، وهو ما جاء في الحديث الآتي تخريجه بعد حاشيتين، وكذا في مسائل عبد الله، ويؤيد ذلك أيضاً ما ورد في مقابلتها "الثنية السفلى"، ولعل ما ورد في النسختين زلة من النساخ.
5 في ع " ثنية السفلى "، والصواب ما أثبته من ظ. راجع التعليق السابق.
والثنية العليا: هي كَداء بفتح الكاف ممدود ومهموز، ويعرف بباب المعلاة.
والثنية السفلى: هي كُدى بضم الكاف وتنوين الدال، ويقال لها، باب شبكة.
كشاف القناع2/476، معجم البلدان لياقوت الحموي4/439.
وقال البلادي في معجم المعالم الجغرافية261 "كداء بالتحريك والمد، هو: ما يعرف اليوم بريع الحجون.
وكدي بضم القاف والقصر، هو: ما يعرف اليوم بريع الرسام، بين حارة ال، باب وجرول".

(5/2121)


(وهي) 1 في دبر الكعبة.2
قال إسحاق: كما قال.
[1411-] قلت: دخول مكة ليلاً؟
قال: لا أكرهه.3
__________
1 في ع " وهو "، والسياق يقتضي ما أثبته من ظ؛ لأن السفلى مؤنث.
2 مما ورد في ذلك: ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء، ويخرج من الثنية السفلى".
وما روي عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها".
[] أخرجهما البخاري في باب من أين يخرج من مكة /154-155، ومسلم في باب استحباب دخول مكة من [] [] الثنية العليا والخروج منها من السفلى1/918، وأبو داود في باب دخول مكة 2/436-437.
3 المذهب استحباب دخول مكة نهاراً وقيل ليلاً.
قال ابن قدامه في المغني: "ولا بأس أن يدخلها ليلاً أو نهاراً" ا. هـ.
أما نهاراً فقد جاء فيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "بات النبي صلى الله عليه وسلم بذي طوى حتى أصبح ثم دخل مكة، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله".
أخرجه: البخاري، كتاب الحج 39، باب دخول مكة نهارا وليلاً 2/154، وأخرجه مسلم في كتاب الحج 38، باب استحباب المبيت بذي طوى عند إرادة دخول مكة 1/919.
وأما ليلاً ما روى مخرشي الكعبي "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلاً من الجعرانة حين مشى معتمراً، فأصبح بالجعرانة كبائت، حتى إذا زالت الشمس خرج عن الجعرانة حتى جامع الطريق طريق المدينة من سرف". (بفتح السين وكسر الراء واد متوسط الطول من أودية مكة، معجم المعالم الجغرافية 156) .
[] أخرجه النسائي، كتاب المناسك 104، باب دخول مكة ليلاً 5/199-200، وأخرجه أبو داود في كتاب المناسك، حديث1996 جـ 2/507، وأخرجه الترمذي في كتاب الحج 92، باب ما جاء في العمرة من الجعرانة، حديث935، 3/273.
[] وانظر أيضاً: المغني والشرح الكبير 3/379-380، المبدع 3/211، كشاف القناع 2/476، الفروع 3/495، فتح الباري 3/436، شرح منتهى الإرادات 2/49.

(5/2122)


قال إسحاق كما قال: ونهاراً أفضل فلا [ع-84/ب] يتعمدن أحد أن يدخل ليلاً لما يراه أفضل.1
__________
1 هكذا في المخطوطتين "لما يراه أفضل".
ولعل معنى العبارة: فلا يتعمدن أحد دخول مكة ليلاً بناءً على أن الداخل يرى أفضلية ذلك، والله أعلم.

(5/2123)


[1412-] قلت:1 المتمتع [كم] 2 يسعى بين الصفا والمروة؟
قال: إن طاف3 طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافاً واحداً فلا بأس4.
__________
1 في ظ "قلت لأحمد".
2 سقطت من ظ، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع.
3 المقصود بالطواف هنا السعي بين الصفا والمروة.
4 هذه رواية عن الإمام أحمد في أن على المتمتع سعياً واحداً، رواها عنه أيضاً ابنه عبد الله في المسائل برقم 748 ورقم 824 ص219.
وقد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في الفتاوى 26/138: "وليس على المفرد إلا سعي واحد، وكذلك القارن عند جمهور العلماء، وكذلك المتمتع في أصح أقوالهم، وهو أصح الروايتين عند أحمد، وليس عليه إلا سعي واحد" ا. هـ.
ومن أدلة ذلك ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً "، وفي رواية: " إلا طوافاً واحداً طوافه الأول ".
أخرجه مسلم في باب بيان أن السعي لا يكرر 1/930.
والمشهور في المذهب أن على المتمتع سعيين كما صرح بذلك في المبدع 3/248، والإقناع 1/392.
وقال المرداوي في الإنصاف 4/44: "قوله: ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً، هذا المذهب وعليه الأصحاب، ونص عليه، وعنه يكتفي بسعي عمرته" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الفروع 3/516، شرح منتهى الإرادات 2/64.

(5/2124)


قلت: 1 كيف هذا؟
قال: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما رجعوا من منى لم يطوفوا بين الصفا والمروة2.
قال إسحاق: يجزيه (طوافه) 3 بين الصفا والمروة لحجه وعمرته.
[1413-] قلت: كيف يرمل4 في الطواف؟
قال: اختلفوا [و] 5 يستوعب أحب إلي6 من
__________
1 في ظ "قلت لأحمد".
2 لم أقف على تخريجه بالنص المذكور، ولعله حديث جابر المتقدم في التعليق على قول الإمام أحمد: (إن طاف طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافا واحدا فلا بأس) .
3 في ع "طواف" والأقرب للسياق ما أثبته من ظ، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات "طوافه الأول".
4 الرَّمَلُ بالتحريك لغة: الهرولة، يقال: رَمَلَ الرجل يرمل رملاً ورملاناً إذا أسرع في مشيه وهز منكبيه وهو في ذلك لا ينزو.
لسان العرب 11/295، تاج العروس 7/250.
واصطلاحاً: الإسراع في المشي مع مقاربة الخطو.
المغني 3/386، الفتاوى 26/122.
5 الواو سقطت من ع، والإثبات أقرب إلى المعنى كما في ظ.
6 أحب إلي من ألفاظ الإمام أحمد وسبق أنها للندب، وقيل: للوجوب، وأقرب ما تحمل عليه هنا أنها للندب، لأن الرَّمَل سنة وليس واجباً.

(5/2125)


(الحجر) 1 إلى الحجر2.
__________
1 في ظ "من الحج إلى الحجر" وهذا تحريف، والصواب ما أثبته من ع، ويتوقف عليه المعنى.
2 أي الحجر الأسود، المغني 3/386، الإنصاف 4/8، المبدع 3/216.
ونقطة الخلاف الذي أشار إليه الإمام أحمد في قوله" اختلفوا " هي هل الرمل يستوعب جميع الأطوفة الثلاثة من الحجر إلى الحجر، أو يقتصر إلى الركن اليماني فقط؟
فالإمام أحمد يرى أنه يسن الرمل الثلاثة الأشواط الأول من طواف القدوم، ويكون ذلك من الحجر إلى الحجر، وهو قول الجمهور لما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثاً ومشى أربعاً.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود وحتى انتهى إليه ثلاثة أطواف".
أخرجهما مسلم في باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة 1/921، حديث62، 1263.
وذهب عطاء وطاووس والحسن إلى المشي بين الركن اليماني والحجر الأسود لحديث ابن عباس رضي الله عنهما الصحيح وفيه: "أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين، ليرى المشركون جلدهم".
أخرجه مسلم في ال، باب السابق 1/923.
والراجح استيعاب البيت في الرمل، لحديث ابن عمر وجابر الصحيحين السابقين، ولأن رواية ابن عباس إخبار عن عمرة القضاء وحديث جابر وابن عمر في حجة الوداع، فيجب العمل بالمتأخر، لأنه إنما يؤخذ الآخر من أحواله صلى الله عليه وسلم.
[] المغني 3/386-388، المبدع 3/216، الإشراف ق 116ب.

(5/2126)


قال إسحاق: كما قال1، لا يدعن الرمل من الحجر إلى الحجر لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك2، فإن لم يرمل بين الركن اليماني إلى الحجر الأسود جاز ذلك.3
[1414-] قلت: من ترك الرمل ما عليه؟
قال: ليس عليه شيء.4
__________
1 انظر عن قوله: الإشراف ق 116ب.
2 مما صح عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثا ابن عمر وجابر رضي الله عنهم المذكوران في التعليق السابق.
3 معنى الجواز هنا جواز السنة، وإلا فإنه لو لم يرمل في جميع الطواف فإن طوافه جائز باتفاق، وفي قول إسحاق إشارة إلى مذهب عطاء وطاووس والحسن السابق.
4 روى ابنه عبد الله في المسائل برقم 848 ص 226: سألت أبي قلت: من ترك الرمل ما عليه؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء.
والرمل سنة، كما سبق بيان ذلك في المسألة السابقة، فمن نسيه أو تركه عمداً لا شيء عليه، لأنه هيئة غير واجبة فلم يجب بتركها شيء، كالاضطباع وهو أن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر " الإقناع 1/380، ولأن طواف القدوم لا يجب بتركه شيء، فترك صفة فيه أولى أن لا يجب فيها شيء.
انظر: المغني 3/389، الكافي 1/432، الإنصاف 4/8، المحرر 1/246، الإشراف ق 117أ.

(5/2127)


قال إسحاق: كما قال.1
[1415-] قلت: من ترك السعي2 بين الصفا والمروة؟
قال: كلاهما3 عندي شيء واحد.
قال إسحاق: لا ينبغي لأحد أن يتعمد، لما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-[ذلك] 4 فإن نسي أو سها أجزأه
__________
1 انظر عن قوله الإشراف ق 117أ.
2 المقصود بالسعي هنا الإسراع في المشي بالوادي بين الصفا والمروة، ليس السعي الذي هو أحد أركان الحج على المشهور من المذهب كما سيأتي في المسألة (1588) .
ومما يدل على أنه الإسراع صياغة المسائل قبل وبعد هذه المسألة.
وحديث ابن عمر الآتي بعد حاشيتين.
وسمي المشي بين الصفا والمروة سعياً للسعي الحاصل في جزء منها وهو بطن الوادي.
الفتاوي 22/261.
وفي تحفة الأحوذي 3/601 "والمراد من السعي بين الصفا والمروة السعي في بطن الوادي الذي بين الصفا والمروة" ا. هـ.
3 الضمير يرجع إلى الإسراع في الوادي بين الصفا والمروة، والرمل في الطواف.
4 سقطت من ظ، والأولى إثباتها، لأن المقام مقام إظهار وليس مقام إضمار. ومما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرمل حديثا ابن عمر وجابر رضي الله عنهم السابقان في التعليق على المسألة رقم [] ، وفي السعي ما يأتي في التعليق التالي.

(5/2128)


(ذلك) .1
قال إسحاق: كما قال.
[1416-] (قلت: على النساء) 2 سعي في الوادي، أو رمل بالبيت أو
__________
1 بعد "ذلك" في نسخة ظ "قال إسحاق: كما قال"، والظاهر أنه سبق قلم من الناسخ حيث إن العبارة الماضية كلها لإسحاق، والإسراع في الوادي بين الصفا والمروة سنة: لما روت صفية بنت شيبة عن أم ولد شيبة قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة ويقول لا يقطع الأبطح إلاّ شدّا".
أخرجه ابن ماجة في باب السعي بين الصفا والمروة 2/995.
ومعنى"إلاّ شدَّا": أي عدواً. لسان العرب 3/234.
ولا يجب بترك ذلك شيء لما روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إن أسعَ بين الصفا والمروة فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى، وإن أمشِ فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا شيخ كبير".
أخرجه ابن ماجة في الموضع السابق، وأبو داود في باب أمر الصفا والمروة 2/454، والترمذي في باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة 3/217 وقال: حديث حسن صحيح.
ولأن ترك الرمل في الطواف بالبيت لا شيء فيه، فبين الصفا والمروة أولى.
انظر: المغني 3/407، المبدع 3/224.
2 في ظ "قلت هل على النساء" بزيادة "هل"، والموافق لما درج عليه المؤلف حذفها كما في ع.

(5/2129)


رقي1 على الصفا والمروة؟
قال: ليس عليهن شيء من ذلك.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1417-] قلت: على أهل مكة رمل بالبيت أو سعي بين الصفا والمروة؟
قال: إذا كان يهل من مكة لم يكن عليه رمل ولا سعي.4
__________
1 رقي: أي صعود، فيقال رقي فلان في الجبل يرقى رقياً: إذا صعد.
انظر: لسان العرب 14/331.
2 أورد هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 850 ص226.
3 لا يسن للنساء الرمل في الطواف بالبيت، ولا السعي الشديد بين الصفا والمروة. الشرح الكبير 3/408، المبدع [3/227،] الإقناع 1/381-385.
وقال ابن قدامة في المغني 3/412: قال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة، وليس عليهن اضطباع، وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجلد ولا يقصد ذلك في حق النساء، ولأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل والاضطباع تعرض للكشف"، ا. هـ.
4 أورد هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 851 ص 226.
ونقل صالح قال أبي: "ليس على أهل مكة رمل". المسائل ص 145.
وفي مسائل أبو داود 131 عن أحمد: "من أهلّ من مكة رَمَلَ".
وقال ابن قدامة في المغني 3/389: قال أحمد: ليس على أهل مكة رمل عند البيت ولا بين الصفا والمروة".
وقال: "وهذا لأن الرمل إنما شرع في الأصل لإظهار الجلد والقوة لأهل البلد، وهذا المعنى معدوم في أهل البلد".
والرمل في الطواف لغير مَنْ أَهَلَّ من مكة، كما هو موضح في المسالة الآتية، وأما السعي الوارد هنا فالذي تدل عليه المسألة أن: المقصود به سعي قبل عرفة، بدليل قول إسحاق بعد ذلك مباشرة لا بد من السعي بين الصفا والمروة إذا رجعوا، فإن كان كذلك، فأيضاً لا سعي على أهل مكة حيث إن الواجب عليهم هو السعي بعد الرجوع من عرفة الذي هو أحد أركان الحج- على الصحيح من المذهب، أما قبل عرفة فليس عليهم سعي، لأنهم لا عمرة عليهم، كما هي إحدى الروايات عن الإمام أحمد كما سبق في مسألتي (1366) ، (1399) .
ويحتمل أن المقصود بالسعي هو الإسراع في الوادي في الطواف بين الصفا والمروة بدليل عطفه على الرمل، وإطلاقه على الإسراع في الوادي، كما سبق في التعليق الأول للمسألة (1415) .
ويجاب عنه بأن السعي الذي هو الإسراع في الوادي بين الصفا والمروة سنة لكل سعي، ولكل من يسعى من الرجال، كما أطلقه في المغني 3/405، 407، والفتاوى 26/128، المحرر 1/246، زاد المعاد 1/221.

(5/2130)


قال إسحاق: لابد من السعي بين الصفا والمروة إذا رجعوا.1
__________
1 أي رجعوا من عرفات، بناءً على أن المقصود بالسعي الاحتمال الأول، وعلى الاحتمال الثاني يكون المقصود بقوله "لابد" الندب لا الإلزام، والله أعلم.

(5/2131)


[1418-] قلت: إذا طاف بعد الإفاضة1 رمل؟
قال: من أَهَلَّ [من] 2 مكة لا يرمل بعد الإفاضة.3
قال إسحاق: كما قال؛ لأنه لا رمل يوم النحر على طائف.
[1419-] قلت: الركوب بين الصفا والمروة من غير علة أو من علة، والطواف (حول البيت) 4 من علة؟
قال: أكرهه من غير علة،5 (وإن) 6 كانت علة يركب ويحمل حول البيت، واحتج بحديث أم سلمة رضي الله عنها7 أن النبي
__________
1 أي بعد الدفع من عرفة قال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} البقرة 198، والمراد إذا طاف طواف الإفاضة.
2 ساقطة من ع والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ، يؤيده أيضاً إثباتها في رواية عبد الله كما سيأتي.
3 أورد هذه المسألة أيضاً ابنه عبد الله برقم 852 ص 246، ولا يرمل بعد الإفاضة، انظر: المغني 3/389، والفروع 3/499.
4 في ع "بالبيت" وكذلك في رواية ابنه عبد الله، والمعنى واحد.
5 أوردها أيضاً ابنه عبد الله برقم 853 ص 227.
6 في ع "وإذا".
7 هي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم هند بنت أبي أمية -واسمه حذيفة، وقيل سهيل- بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، المخزومية، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع من الهجرة وقيل سنة ثلاث. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي سلمة، وفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وعنها ابناها عمر وزينب ابنا أبي سلمة، وأسامة بن زيد، وغيرهم، توفيت رضي الله عنها سنة اثنتين وستين، وقال ابن حبان: ماتت في آخر سنة إحدى وخمسين.
تهذيب التهذيب 12/455، الإصابة 4/439.

(5/2132)


صلى الله عليه وسلم قال لها: [ظ-42/ب] "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة".1
__________
1 والحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة" فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي الصبح إلى جنب البيت، وهو يقرأ والطور في كتاب مسطور".
أخرجه البخاري في باب طواف النساء مع الرجال 2/164، ومسلم في باب جواز الطواف على بعير وغيره 1/927، وأبو داود في باب الطواف الواجب 2/443، والبيهقي في باب الطواف راكباً 5/101، والنسائي، باب طواف الرجال مع النساء 5/224، وابن ماجة في باب المريض يطوف راكباً 2/987، حديث2961، ومالك في الموطأ، باب جامع الطواف 1/371.
وفي المسألة بيان حكم الركوب في الطواف والسعي، ويكون ذلك إما بعذر، أو بغير عذر، فمن طاف راكباً بعذر أجزأ ذلك قولاً واحداً في المذهب كما في الإنصاف 4/12.
أما من طاف راكباً أو محمولاً لغير عذر، ففيه ثلاث روايات:
إحداها: لا يجزئه طوافه وهو المذهب كما في الإنصاف 4/12.
وقال في المبدع 3/219: وهو الأشهر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم شبه الطواف بالصلاة حيث قال: "الطواف بالبيت صلاة".
رواه البيهقي 5/87، والترمذي 3/292 في باب ما جاء في الكلام في الطواف، وهي لا تفعل كذلك إلا لعذر.
الثانية: يجزئه ويجبر بدم.
الثالثة: لا شيء عليه.
وانظر أيضاً: المغني 3/415، الكافي 1/435.
وأما حكم السعي راكباً، فإن الأمر أخف في الطواف، فيتسامح فيه بالركوب ولو من غير عذر.
قال في الكافي 1/438: "ويسن أن يمشي، فإن ركب جاز" ا. هـ
وذلك أعم من أن يكون بعذر أو بدونه.
وقال في المغني 3/415: "فأما السعي فيجزئه لعذر ولغير عذر، لأن المعنى الذي منع الطواف راكباً غير موجود فيه" ا. هـ.
والمعنى المشار إليه هو كون الطواف صلاة كما جاء في الحديث، ولم يرد ذلك في السعي.
وانظر أيضاً: المبدع 3/220، كشاف القناع 2/282.

(5/2133)


قال إسحاق: كما قال سواء لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الرخصة في ذلك إذا كان من علة1، وكذلك إن ضعف لسنه2 قد ركب أنس بن مالك رضي الله عنه3 بين الصفا والمروة على
__________
1 ممن رخص لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أم سلمة، كما في حديثها السابق في هذه المسألة.
2 وذلك من جملة الأعذار، فالمثال ليس بمستقيم لما سبق، بل من، باب ذكر الخاص بعد العام.
3 هو الصحابي الجليل أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام، الأنصاري الخزرجي، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد المكثرين من الرواية عنه، وروى أيضاً عن أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، وروى عنه قتادة ومحمد بن سيرين والزهري وغيرهم. حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتمر. وهو آخر من مات من الصحابة في البصرة، توفي سنة 91 وقيل 92، وقيل 93.
[] الإصابة 1/84، تهذيب التهذيب 1/376-379 تهذيب الكمال 3/353-378.

(5/2134)


حمار.1
[1420-] قلت: من بدأ بين الصفا والمروة قبل البيت؟
قال: لا يجزيه.2
قال إسحاق: (كما قال) 3 يبدأ بما بدأ الله عز وجل به.4
__________
1 حكى ذلك ابن المنذر في الإشراف ق 120ب.
2 هذا هو الصحيح من المذهب، قاله في الإنصاف 4/21، وقد نقل ذلك عنه أيضاً ابنه عبد الله برقم 809 ص 216.
وفي المغني 3/408: "والسعي تبع للطواف لا يصح إلا بعد الطواف، فإن سعى قبله لم يصح" ا. هـ وعن الإمام روايات أخر تأتي في المسألة التالية.
3 في ع "كما قال حتى" بزيادة "حتى"، والمعنى مستقيم بالعبارتين.
4 قوله: يبدأ بما بدأ الله عز وجل به، اقتباس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري: "ابدؤوا بما بدأ الله به" عندما سألوا هل يبدأ بالصفا أو المروة في السعي بينهما؟ فيبدأ بالصفا لأن الله تعالى بدأ بها، قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} البقرة آية: 158.
واقتبس الإمام الحديث عند تعليل البداءة بالطواف قبل السعي، ولعله يعني بذلك قوله تعالى في الآية المذكورة {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فبدأ بقوله عز من قائل: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ} ثم أردف أمر الطواف بين الصفا والمروة وحج البيت أو العمرة قبل السعي يكون بالطواف فيه.
فيصح حينئذ استدلال الإمام إسحاق على وجوب تقديم الطواف على السعي بالبداءة بما بدأ الله به. والله أعلم.

(5/2135)


[1421-] قلت: وإذا طاف بالصفا والمروة قبل البيت في العمرة؟
قال: لا يجزيه، إذا فاته الطواف بالبيت أصلاً، فأما إذا طاف بالبيت بعد الصفا والمروة فلا شيء عليه1.
__________
1 نقل عبد الله في المسائل برقم807 ص216: "سألت أبي: إذا طاف الرجل بالصفا والمروة قبل البيت في العمرة ثم حلق، عليه دم؟ قال: أرجو أن يكون كذا.
ونص المسألة في ع: "قلت: إذا طاف بالصفا والمروة في العمرة ثم حلق؟ قال: عليه دم".
قال إسحاق: عليه دم إذا فاته الطواف بالبيت أصلاً، أما إذا طاف بالبيت بعد الصفا والمروة فلا شيء عليه".
والصواب ما أثبته من ظ، لأن ما في نسخة ع يؤدي إلى أن إسحاق يقول: من اعتمر ولم يطف بالبيت أصلاً فعليه دم، وعمرته صحيحه، ولا قائل بذلك، فإن إسحاق رحمه الله ذهب إلى أن السعي المختلف فيه بين العلماء فرض، كما سيأتي في مسألة رقم (1920) ، وانظر: معالم السنن 2/386.

فيستبعد أن يقول بصحة العمرة بدون طواف، فتكون هذه لم يرد قول إسحاق فيها، وهذا منهج المؤلف في هذا الكتاب، ولكنه نادراً كما أنه أحياناً يفرد رأي إسحاق ولم يذكر قولاً لأحمد.
فيتضح لنا أن ما ذكره الكوسج عن الإمام أحمد هنا من أنه من طاف بالبيت بعد الصفا والمروة لا شيء عليه، رواية عنه، وما رواه عنه ابنه عبد الله من أنه عليه دم رواية ثانية. أما الصحيح من المذهب أن السعي يكون بعد الطواف، فلو قدمه على الطواف لا يجزيه كما نص عليه في المسألة السابقة.
انظر: الإنصاف 4/21، والمغني 2/408، والفروع 3/505، وشرح منتهى الإرادات 2/57، والمبدع 3/226، وكشاف القناع2/487

(5/2136)


[1422-] قلت:1 إذا طاف بالبيت يؤخر الصفا والمروة؟
قال: نعم (إن) 2 شاء إذا كانت علة.3
__________
1 في ع "قلت لأحمد".
2 في ظ "إذا"، وما أثبته من ع موافقة لما جاء في المسائل برواية ابنه عبد الله.
3 روى عبد الله في المسائل برقم 808 ص216: قلت لأبي: إذا طاف بالبيت يؤخر الصفا والمروة؟ قال: نعم إن شاء، إذا كانت علة- يعني لا بأس به-.
وتأخير السعي على الطواف لا بأس به، سواء بعلة أو بدونها.
قال ابن قدامة "ولا تجب الموالاة بين الطواف والسعي، قال أحمد: لا بأس أن يؤخر السعي حتى يستريح أو إلى العشي" ا. هـ. المغني3/409.
وقال المرداوي: " يجوز له تأخير سعيه عن طوافه بطواف وغيره. نص عليه " الإنصاف 4/18

(5/2137)


قال إسحاق: شديداً1 كما قال.2
[1423-] قلت: يطوف بين الصفا والمروة على غير وضوء؟
قال: أعجب إليّ3 أن يكون على وضوء4، وإذا طاف بالبيت
__________
1 أي أوافق على ما قال الإمام أحمد بشدة.
2 نقل ابن المنذر: عن أحمد وإسحاق: لا بأس إذا طاف أول النهار أن يؤخر السعي حتى يبرد إذا كانت علة. الإشراف ق121أ.
3 "أعجب إليّ" من ألفاظ الإمام أحمد، ويقصد بها الندب وقيل للوجوب، والمقصود بها هنا الندب حيث إن المذهب أن الطهارة ليس شرطاً في السعي، كما سيأتي في التعليق التالي.
4 الصحيح من المذهب كما في الإنصاف 4/21 أن الطهارة تسن للسعي بين الصفا والمروة، ولا تشترط لصحته، لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قدمت مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة. قالت: فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "افعلي كما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري".
أخرجه البخاري في باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف2/101 كما سبق في المسألة رقم (1385) .
والسعي بين الصفا والمروة ليس طوافاً بالبيت.
قال في المغني3/413، قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا طافت المرأة بالبيت ثم حاضت سعت بين الصفا والمروة ثم نفرت، وفيه أيضاً أن عائشة وأم سلمة قالتا: "إذا طافت المرأة بالبيت وصلت ركعتين ثم حاضت، فلتطوف بالصفا والمروة". رواه الأثرم ا. هـ.
وذكره في الكافي 1/438 عن عائشة رضي الله عنها.
وعن الإمام رواية أخرى: أن الطهارة في السعي واجبة كالطهارة في الطواف.
انظر أيضاً: المبدع 3/226، الفروع 3/502، كشاف القناع 2/487، الإشراف ق121 أ.

(5/2138)


على غير وضوء ساهياً فإنه يعيده.1
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 رواها أيضاً ابنه عبد الله برقم 785 ص211.
والصحيح من المذهب كما في الإنصاف4/116: "من طاف على غير طهارة لا يجزيه طوافه".
ومن أدلة ذلك حديث عائشة السابق وفيه "غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري"، وما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه".
رواه البيهقي5/87، والترمذي كما سبق في مسألة رقم (1419) .
وعنه رواية أن الطهارة ليست شرطاً، فمن طاف للزيارة غير متطهر أعاد ما كان بمكة، فإن خرج إلى بلده جبره بدم. وعنه: من طاف للزيارة وهو ناسٍ للطهارة لا شيء عليه.
وأخرى أنه يصح من الحائض وتجبره بدم، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية كما حكاه صاحب الإنصاف- الصحة من الحائض ومن كل معذور، ولا دم عليهما.
المبدع 3/221، المغني 3/390، الكافي 1/433.
2 الإشراف ق116 أ، طرح التثريب 5/120.

(5/2139)


[1424-] قلت: قصر الصلاة1 بمنى (وعرفات) 2؟
قال: أما أهل مكة فلا يقصرون،3 وأما من أقام بمكة ثم خرج إلى منى وهو يريد بلده قصر الصلاة، لأنه أنشأ السفر حين خرج إلى منى.4
قال إسحاق: يقصرون كلهم،5 [ع-85/أ] لما سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم
__________
1 القَصْرُ والقِصر: من كل شيء خلاف الطول. لسان العرب 5/95، القاموس المحيط 2/121.
وقصر الصلاة: ردها من أربع ركعات إلى ركعتين، مأخوذة من قصر الشيء: إذا أنقصه، ويجوز أن يكون قصرها حبسها عن إتمامها، مأخوذ من قصر الشيء: إذا حبسه.
المطلع على أبواب المقنع ص 103.
2 في ظ "وبعرفات" بزيادة الباء، والأولى حذفها كما أثبته من ع، يؤيده رواية عبد الله لها في المسائل كذلك.
3 ووجه ذلك أنهم في غير سفر بعيد، فلم يجز لهم القصر، كغير من بعرفة ومزدلفة. المغني 3/427.
4 روى هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 780 ص 21، وقريباً منها برقم 781، 858 ص 228.
5 حكى ذلك عنه أيضاً ابن المنذر في الإشراف ق 136أ.
ونقل عنه أنه موافق للإمام أحمد في أن أهل مكة لا يقصرون.
قال الترمذي في سننه 3/229:" قال بعض أهل العلم ليس لأهل مكة أن يقصروا الصلاة بمنى إلا من كان بمنى مسافراً " وذكر منهم أحمد وإسحاق. وكذلك في تحفة الأحوذي 3/632، كما نقل عنه ذلك البغوي في شرح السنة 7/156

(5/2140)


وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما القصر بمنى،1 (ولم يتبين) 2 التمييز والفرق بين أهل مكة والقادمين من الأمصار،3 هكذا مذهب ابن عيينة.4
__________
1 ورد في ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان".
أخرجه البخاري 2/34 في كتاب تقصير الصلاة، باب الصلاة بمنى، ومسلم 1/483، باب قصر الصلاة بمنى.
وأخرجه الترمذي بلفظ: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ومع أبي بكر ومع عمر وعثمان ركعتين صدراً مع إمارته"، الترمذي 3/229، باب ما جاء في تقصير الصلاة.
2 في ع "ولم يتبين عنهم"، الزيادة: "عنهم"، والكلام واضح بدونها كما أثبته من ظ.
3 الأمصار: واحدة مصر، وهو البلد. لسان العرب 5/6.
والمقصود بهم هنا: من كان من غير مكة المكرمة، وهذا بيان لوجه الدلالة من الحديث أي أنه لما لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه به من بعده من صلى معهم من أهل مكة بالإتمام، دل ذلك أنهم يجوز لهم القصر كغيرهم.
وانظر عن المسألة المغني والشرح الكبير 3/427، الكافي 1/441.
4 حكى ذلك عنه الترمذي في سننه 3/229، والبغوي في شرح السنة 7/156، وابن عيينة هو الفقيه المشهور: سفيان بن عيينة

(5/2141)


[1425-] قلت: إذا لم يصلِّ مع الإمام يوم عرفة يجمع بينهما في منزله؟
قال: يجمع بينهما في رحله.1
قال إسحاق كما قال.2
[1426-] (قلت) :3 يتعجل الرجل إلى منى قبل [يوم] 4 التروية.5
قال: نعم لم لا يتعجل؟ 6
قال إسحاق: إن فعل جاز، وخروجه يوم التروية أفضل.7
[1427-] قلت: الجمع بين الصلاتين بعرفة (أو بجمع) 8 بأذان
__________
1 روى ذلك أيضاً ابنه عبد الله برقم 814 ص 217.
2 انظر: لقوله: المغني 3/425.
3 في ظ بزيادة "لأحمد".
4 سقطت من النسخ الثلاث، وكذلك في رواية عبد الله، والأولى إثباتها.
5 يوم التروية: هو اليوم الثامن من ذي الحجة، سمي بذلك، لأنهم كانوا يتروون من الماء فيه استعداداً ليوم عرفة، وقيل سمي بذلك، لأن إبراهيم عليه السلام رأى ليلتئذ في المنام ذبح ابنه فأصبح يروي في نفسه أهو حلم أم من الله تعالى؟. المغني 3/421.
6 روى معناها ابنه عبد الله برقم 813 ص217.
7 راجع مسألة رقم (1714) .
8 في ظ "ويجمع"، والصواب ما أثبته من ع لشموله الجمع بالمزدلفة حيث إن "جمع" اسم من أسماء المزدلفة، ولأن الجمع بين الصلاتين مفهوم من قوله في أول المسألة "الجمع بين الصلاتين" ولا داعي لتكراره

(5/2142)


وإقامة؟ 1
قال: لا. ولكن بإقامة، إقامة، لكل صلاة [إقامة] ،2 وهو خلاف ما روي عن سعيد بن جبير [عن ابن عمر رضي الله عنهما] 3 إقامة واحدة كان أفضل.
[قال إسحاق: كما قال، ولكن إن كان الإمام يتبع رواية سعيد ابن جبير إقامة واحدة كان أفضل] 4 لما لا ينبغي لكل من
__________
1 في ع "وإقامة أو إقامة" أي بزيادة "أو إقامة".
والصواب حذفها كما في ظ، لأن الكلام بـ (أو) يفسد المعنى.
2 سقطت من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأنها عمدة في الجملة، فهي مبتدأ مؤخر والخبر متعلق بالجار والمجرور، فالجملة مستقلة توضح قوله إقامة، إقامة أي إقامة للصلاة الأولى وإقامة للصلاة الثانية، بدليل قول المصنف بعد ذلك مباشرة: "لكل صلاة إقامة".
3 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن المسألة مروية عن ابن عمر رضي الله عنهما كما سيأتي، وفي ع أيضاً زيادة "هذا سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما" والمقام لا يتطلب ذكرها، فلعلها سبق قلم.
4 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لإضافتها ذكر رأي الإمام إسحاق المعهود ذكره في كل مسألة.

(5/2143)


يجمع بين (الصلاتين) 1 أن يحدث (بينهما) 2 عملاً، فالإقامة وإن كان مفتاح الصلاة فتركه أفضل.3
__________
1 في ع "الصلاتين إلا" بزيادة "إلاّ"، ولا يستقيم الكلام بإثباتها.
2 في ع "فيه"، والصواب ما أثبته من ظ، لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكور وهو (الصلاتان) ، ولأنها في النسخة المتقدمة.
3 والذي روي عن سعيد بن جبير هو أنه صلى المغرب بجمع، والعشاء بإقامة. ثم حدث عن ابن عمر أنه صلى مثل ذلك.
وحدث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل ذلك.
وعنه أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء ركعتين بإقامة واحدة".
أخرجهما مسلم في باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعاً بالمزدلفة [1/937-938.
] وجاء في سنن البيهقي 5/121، والترمذي 3/235 ما يشير إلى مثل ذلك عن سعيد ابن جبير وغيره.
وتحرير المسألة: أن الجمع بعرفة بين الظهر والعصر المستحب أنه يكون بأذان وإقامتين، يؤذن للأولى ويقيم لكل صلاة، لما جاء في حديث جابر رضي الله عنه: "ثم أذن بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم لم يصل بينهما شيئاً" وإن ترك الأذان فلا بأس".
قال المقدسي في الإقناع: "فإذا فرغ من خطبته نزل فصلى الظهر والعصر جمعاً إن جاز له بأذان وإقامتين، وإن لم يؤذن للصلاة فلا بأس" ا. هـ.
[] انظر: الإقناع 1/387، وانظر أيضاً: المغني3/424-425، المبدع 3/230، كشاف القناع2/491، الإنصاف4/28.
أما الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة فالمذهب أنه يكون بإقامة لكل صلاة من غير أذان، لما روى أسامة بن زيد قال: "دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب فنزل فبال ثم توضأ، فقلت له: الصلاة يا رسول الله، قال" "الصلاة أمامك"، فركب فلما جاء مزدلفة فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب. ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى، ولم يصل بينهما".
متفق عليه؛ أخرجه البخاري في باب الجمع بين الصلاتين بمزدلفة 2/172.
أخرجه مسلم كتاب الحج، باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعاً 1/934.
وإن جمع بينهما بإقامة واحدة فلا بأس، لما سبق عن سعيد بن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وإن أذن للأولى وأقام، ثم أقام للثانية فحسن، كما في الجمع بعرفه.
[] انظر: المغني والشرح الكبير3/437-438، المبدع 3/235، الإقناع1/388، كشاف القناع2/496 مسائل الإمام أحمد لأبي داود السجستاني ص118.

(5/2144)


[1428-] قلت: الوقوف على الدابة أحب (إليك) 1 إذا كانت معه دابة؟
قال: لا أحفظ الساعة شيئاً.2
__________
1 في ع بزيادة "قال" بعد لفظ إليك، والصواب حذفها كما في ظ، لأن عبارة السؤال لم تنته بدليل وجود الجواب بعد ذلك.
2 توقف الإمام أحمد رحمه الله عن الجواب في هذه المسألة، والمذهب أنه يستحب أن يقف بعرفة راكباً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف راكباً كما جاء في حديث جابر المشهور الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وسبق تخريجه في المسألة رقم (1369) .
ولأنه أعون على الدعاء. وقيل: الراجل أفضل لأنه أروح لراحلته. وقيل: الكل سواء.
وعنه رواية: أنه لا يجزئه راكباً.
[] انظر: المغني 3/428، الإنصاف 4/28-29، الكافي 1/441، المبدع3/231-232 وكشاف القناع2/492.

(5/2145)


(قال إسحاق:) 1 كلما كان يخشى أن يضيع2 دابته فليقف على دابته، وكذلك إن خشي ضعفاً وقف على الدابة، وإن لم يكن به علة (وكان) 3 له من يحفظ دابته وقوي فترك الركوب أفضل4.
__________
1 في ع بزيادة "كما قال"، والظاهر أنه سبق قلم، حيث إن الإمام أحمد توقف عن الجواب، والإمام إسحاق أفتى بها.
2 ضاع الشيء يضع ضيعة وضياعاً: أي هلك.
لسان العرب8/231، مختار الصحاح ص386.
ومعنى يضيع دابته: أي تضل عنه وتضيع فلا يعرف مكانها، يقال ضل الشيء إذا ضاع، وأضللته إذا ضيعته، وضللته إذا جعلته في مكان ولم تدر أين هو.
لسان العرب11/392.
3 في ظ "وإن كان" بزيادة "إن"، والكلام مستقيم بدونها كما أثبته من ع.
4 خلاصة قول الإمام إسحاق أن الوقوف على الدابة أفضل بشرطين: أن يخشى ضياع دابته، وأن يخشى ضعفاً، فإن انتفى ذلك بأن لم يكن به علة وقوي على الوقوف ووجد من يحفظ له دابته فالوقوف راجلاً أفضل في حقه من الركوب.

(5/2146)


[1429-] قلت: الوقوف بعرفه بغير وضوء؟
قال: كل شيء من المناسك يكره أن يكون بغير وضوء.
قال إسحاق: كما قال.1
[1430-] قلت: الحج ماشياً أحب إليك أم راكباً؟
قال: لا أدري.2
قال إسحاق: الماشي أفضل إلا أن يحمل على نفسه ما يشق
__________
1 الطهارة لا تشترط للوقوف بعرفة ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لما حاضت: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت". وسبق تخريجه في المسألتين (1385) ، (1423) ، ولكن المستحب أن يكون عمل المناسك كلها على طهارة.
المغني 3/435، كشاف القناع 2/494 والكافي 1/443.
2 هذا توقف من الإمام أحمد رحمه الله عن الجواب.
وقال أبو الخطاب وأبو يعلى الصغير: المشي أفضل. نقل ذلك عنهما البهوتي كما سيأتي في الحاشية التي بعد الحاشية التالية.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن ذلك يختلف باختلاف الناس.
الإنصاف 4/29، الاختيارات الفقهية 118، الفتاوى 26/132.

(5/2147)


عليه، قال الله عز وجل: {يَأْتُوكَ رِجَالاً} 1 بدأ بالرجال.2
[1431-] قلت: متى (يفوته) 3 الحج؟
__________
1 سورة الحج آية 27، ورجالاً يجمع على رَجْل بإسكان الجيم وهو خلاف الراكب أي الماشي، فرجالاً أي مشاة، الصحاح 4/1705 وفتح القدير للشوكاني 3/448.
2 يرى الإمام إسحاق أن الحج ماشياً أفضل من الراكب إذا كان ليس فيه مشقة، للآية المذكورة، وقد نقل ذلك عنه ابن المنذر في الإشراف 5/122.
وقال البهوتي في كشاف القناع 2/492: "وفي الانتصار ومفردات أبي يعلى الصغير أفضلية المشي في الحج على الركوب، وهو ظاهر كلام ابن الجوزي في مثير العزم الساكن، فإنه ذكر الأخبار في ذلك عن جماعة من العُبّاد، وأن الحسن بن علي حج خمس عشرة حجة ماشياً، وذكره غيره خمساً وعشرين" ا. هـ.
وأخرج البيهقي في السنن في باب من نذر تبرر أن يمشي إلى بيت الله الحرام 10/8 عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: "من حج من مكة ماشياً حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قيل له: وما حسنات الحرم؟ قال بكل حسنة مائة ألف حسنة".
[] وانظر أيضاً: الفروع 3/508، أضواء البيان 5/67-68.
3 في ظ "يفوت"، وما أثبته من ع هو المناسب بدليل الجواب بعده، وموافقته لما نقل عنه ابنه عبد الله والنيسابوري كما سيأتي في الحاشية التي بعد الحاشية التالية.
والفوات: مصدر فات فوتاً فواتاً إذا سبق ولم يدرك.
وفات الأمر فوتاً وفواتاً: مضى وقته ولم يفعل.
القاموس المحيط 1/160، المعجم الوسيط 2/705.

(5/2148)


قال: إذا (أدركه الفجر) 1 قبل أن يأتي عرفة إذا لم يطأ عرفة ليلاً فقد فاته الحج.2
قال إسحاق: كما قال، مع أن الوقوف بجمع حتى (يتم) 3 له الحج مما يستحب4، لما روى
__________
1 في ظ "أدركت الحج"، والصواب ما أثبته من ع، لأن المعنى لا يستقيم إلا به، وهو موافق لما نقل عنه عبد الله.
2 لحديث عروة الآتي بعد ثلاث حواش.
ولحديث عبد الرحمن الديلمي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فجاءه نفر من أهل نجد "فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه. أيام منى ثلاثة، فمن تعجل يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه".
رواه أبو داود، باب من لم يدرك عرفة 2/485، والترمذي، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج 3/237، والنسائي، باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة 5/264، وابن ماجة، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع 2/1003، حديث3015.
وقد نقل هذه المسألة بنصها عن الإمام أحمد: ابنه عبد الله برقم 811 ص 217، والنيسابوري في المسألة 83 ص166 قريباً منها، وانظر أيضاً: المغني 3/433، الشرح 3/507.
3 في ظ "يستقيم".
4 حيث يفهم من قوله: "إذا لم يطأ عرفة ليلاً فقد فاته الحج"، أن من وطأها فقد أدرك الحج ولو لم يقف بمزدلفة، بين إسحاق رحمه الله أن الوقوف بها من تمام الحج وأنه يستحب له ذلك، واستدل بحديث عروة الآتي في الحاشية التي بعد الحاشية التالية.
والمبيت بمزدلفة واجب؛ من تركه، أو دفع قبل نصف الليل فعليه دم، ومن لم يوافق مزدلفة إلا في النصف الأخير من الليل فلا شيء عليه.
[] انظر: المغني والشرح الكبير 3/441-442، الإنصاف 4/32.

(5/2149)


عروة1 ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.2
[1432-] قلت: يصلي قبل أن يأتي جمعاً 3؟
قال: لا يعجبني أن يصلي إلا بجمع، (فإن) 4 صلى
__________
1 هو عروة بن مضرس -بمعجمة ثم راء مشددة مكسورة- بن أوس بن حارثة بن لام بن عمرو بن طريف بن عامر الطائي.
قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: صحابي له حديث واحد في الحج.
انظر: تقريب التهذيب 238، الإصابة 2/471، تهذيب التهذيب 7/188.
2 حيث قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت: " يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني جئت من جبلي طي، أَكْلَلْتُ راحلتي وأتعبتُ نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضي تفثه".
أخرجه أصحاب السنن الأربعة في الأبواب والصفحات التي أخرجوا بها حديث عبد الرحمن الديلمي السابق.
3 أي مزدلفة.
4 في ع "وإن "، والموافق لما نقله عبد الله ما أثبته من ظ.

(5/2150)


أجزأه1.
قال إسحاق: كما قال، ولو أخره إلى نصف الليل حتى يجمع بينهما (كان) 2 أفضل.3
[1433-] قلت: الضعفة يرمون الجمار قبل أن تطلع الشمس؟
قال: لا بأس [به] .4
قال إسحاق: كما قال.
[1434-] [قلت:5 [ع-85/ب] يلبي حتى يرمي الجمرة في الحج؟
__________
1 نقلها عنه أيضاً ابنه عبد الله في المسائل برقم 812 ص 217.
2 في ظ " كما كان يجمع"، والأولى ما أثبته من ع لاستقامة المعنى به.
3 السنة أن يؤخر الحاج المغرب ويجمع بينها وبين العشاء إذا وصل مزدلفة، لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه الذي سبق في المسألة (1759) .
وإن صلى المغرب في طريق مزدلفة أجزأه ذلك، إلا أنه خالف السنة.
وقد صرح الإمام إسحاق هنا أن الجمع بينهما أفضل، حتى ولو أدى ذلك إلى تأخير الصلاة إلى نصف الليل، وهو مفهوم كلام الإمام أحمد أيضاً.
[] المغني 3/440، الكافي 1/443، المبدع 3/235-236، الشرح الكبير 3/439.
4 سقطت من ع، والمناسب إثباتها كما في ظ.
وقد نقل هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 815 ص 218.
5 هذه المسألة والتي تليها سقطتا من ظ، وأثبتهما من ع.

(5/2151)


قال: نعم.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1435-] قلت: متى يترك التلبية في العمرة؟
قال: حتى يستلم الحجر.3
__________
1 نقلها بنصها ابنه عبد الله في مسائله برقم 804 ص 215، ونقل مثلها أبو داود في مسائله ص105.
2 ورد في قطع التلبية عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة. أخرجه البخاري في باب التلبية والتكبير غداة النحر 2/179.
وقال الترمذي في السنن 3/260: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن الحاج لا يقطع التلبية حتى يرمي الجمرة. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق " ا. هـ.
وانظر أيضاً: المغني 3/451، الإنصاف 4/35 شرح السنة للبغوي 7/185، الإشراف ق 126أ، معالم السنن [2/341-342.
3] روى أبو داود في مسائله ص 103 عن أحمد بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: يمسك المعتمر عن التلبية إذا استلم الحجر والحاج إذا رمى جمرة العقبة، ا. هـ.
وروي ذلك عن ابن عباس يرفعه الترمذي في سننه 3/261 وقال: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، قالوا: لا يقطع المعتمر التلبية حتى يستلم الحجر، وقال بعضهم: إذا انتهى إلى بيوت مكة قطع التلبية، والعمل على حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وبه يقول سفيان والشافعي وأحمد وإسحاق" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإنصاف 4/24، شرح السنة 7/186، المغني 3/418، 453.

(5/2152)


قال إسحاق: كما قال] .
[1436-] قلت: من أين تؤخذ حصى الجمار1؟
قال: من حيث شاء.2
قال إسحاق: من المزدلفة أحبّ إلينا، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم غداة جمع3 [لابن عباس رضي الله عنهما] 4 (القط) 5 لي سبع
__________
1 الجمار: جمع جمرة وهي الحصاة، وسمي موضع الجمار بمنى جمرة، لأنها ترمى بالجمار، وقيل لأنها مجمع الحصى التي ترمى بها من الجمرة.
لسان العرب 4/146.
والمقصود بها هنا الجمرات المعروفة بدليل ذكر الحصى قبلها.
2 نقل عنه هذه المسألة ابنه عبد الله في مسائله برقم 816 ص 218.
والمذهب أن الحاج له أن يأخذ حصى الجمار من حيث شاء.
الإنصاف 4/32، الهداية 1/102، المغني 3/445.
3 الغدوة بالضم ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس.
المصباح المنير 2/443، لسان العرب 15/116، النهاية في غريب الحديث 3/346.
4 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع لإضافتها معلومة صحيحة، ولوجود ذلك في الحديث كما في التعليق التالي.
5 في ظ "التقط"، وما أثبته من ع مطابق لما جاء في الحديث.

(5/2153)


حصيات،1 [لما] 2 لا ينزل حتى يرمي.3
[1437-] قلت:4 من أين ترمى الجمار؟
__________
1 والحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته: "القط لي حصى"، فلقطت له سبع حصيات، هن حصى الخذف، فجعل ينفضهن في كفه ويقول" أمثال هؤلاء فارموا ".
ثم قال "يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين".
أخرجه ابن ماجة واللفظ له، في باب قدر حصى الرمي 2/1008، والنسائي 5/268، والحاكم 1/466 وصححه.
2 في ع"لكن"، والأولى ما أثبته من ظ تعليلاً لاستحباب التقاط الحصى من المزدلفة، وانظر عن معنى العبارة التعليق الآتي، ويحتمل أن الأولى" لكن " كما في ع، فيكون المعنى أن الاستحباب معلق بعدم النزول قبل الرمي. والله أعلم.
3 معنى كلام الإمام إسحاق أنه يستحب أن يجمع الحصى من المزدلفة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق ذكره، ولأنه يجمع الحصى منها يكون أول عمل يبدأ به هو الرمي، فلا ينزل لجمع الحصى.
قال في المبدع 3/238: "ويأخذ حصى الجمار من طريقه، أو من مزدلفة لئلا يشتغل عند قدومه إلى منى بغير الرمي، فإنه تحية منى كما أن الطواف تحية البيت، وكان ابن عمر يأخذه من جمع، وفعله سعيد بن جبير" ا. هـ.
وانظر أيضاً: المراجع السابقة.
4 في ظ بزيادة" لأحمد ".

(5/2154)


قال: من بطن الوادي.1
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 رواها أيضاً ابنه عبد الله برقم 817 ص218.
وأول ما يبدأ به الحاج من الجمار هو رمي جمرة العقبة يوم النحر، ويستحب أن يكون رميها من بطن الوادي لما روى عبد الرحمن بن يزيد قال: رمى عبد الله من بطن الوادي فقلت: يا أبا عبد الرحمن إن ناساً يرمونها من فوقها، فقال: والذي لا إله غيره هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب رمي الجمار من بطن الوادي 2/192.
ومسلم في كتاب الحج، باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي 1/942 بلفظ:" رمى عبد الله بن مسعود جمرة العقبة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة ".
وإن رماها من فوقها جاز ذلك، لأن عمرو رضي الله عنه جاء والزحام عند الجمرة فرماها من فوقها، ويتحقق الرمي من بطن الوادي للرامي من القسم السفلي من جمرة العقبة إذا وقف يرمي من الواجهة المفتوحة للرمي في الوقت الحاضر.
[] الإشراف ق 126أ، المغني والشرح الكبير 3/447-448، المبدع 3/339، فتح الباري 3/580.
أما بقية الأيام فيرمي الجمرات الثلاث، يبتدئ بالجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات من مكه وتلي مسجد الخيف، فيجعلها عن يساره ويستقبل القبلة، ثم يتقدم إلى الوسطى فيجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة، ثم يرمي جمرة العقبة ويستبطن الوادي ويستقبل القبلة.
[] انظر: المغني والشرح الكبير 3/474-475، المبدع 3/250.
2 انظر: لقوله الإشراف ق 126أ.

(5/2155)


[1438-] قلت: متى ترمى الجمار؟
قال: في الأيام الثلاثة1 يرمي بعد الزوال.2
قال إسحاق: كما قال، (فإن) 3 رمى قبل الزوال في اليوم الأول والثاني أعاد الرمي،4 وأما اليوم الثالث فإن رمى قبل الزوال أجزأه.5
__________
1 أي أيام التشريق.
2 فإن رمى قبله أعاد كما في قول ابن قدامة الآتي قريباً، وسيأتي نصاً كذلك في مسألة رقم: (1561) .
3 في ظ "وإن"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع، ويؤيده ورودها كذلك في آخر المسألة.
4 قال ابن قدامة في المغني 3/476: ولا يرمي في أيام التشريق إلا بعد الزوال فإن رمى قبل الزوال أعاد، نص عليه " أي الإمام أحمد، وحكى ذلك أيضاً عن إسحاق.
ومما استدل به لذلك ما روى جابر رضي الله عنه أنه قال: "رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس".
أخرجه مسلم 1/945، باب بيان وقت استحباب الرمي.
5 حكي ذلك عن أحمد وإسحاق وابن قدامة أيضاً حيث قال:" ألا إن إسحاق وأصحاب الرأي رخصوا في الرمي يوم النفر قبل الزوال، ولا ينفر إلا بعد الزوال، وعن أحمد مثله" ا. هـ. المغني 3/476. وحكى عن إسحاق عبارته هذه بنصها ابن المنذر في الإشراف ق 127ب، وانظر أيضاً: المبدع 3/250، الإنصاف 4/45، الإشراف ق 127أ.

(5/2156)


[1439-] قلت: رمي الجمار ماشياً أحب إليك أم راكباً؟
قال: المشي إي لعمري إن قدر على ذلك.1
قال إسحاق: (السنة المشي) 2 إلا من ضرورة.
__________
1 ذهب الإمام أحمد إلى أن المشي أفضل من الركوب في رمي الجمار عند عدم الضرورة.
وقال المرداوي في الإنصاف عن جمرة العقبة: "يستحب أن يرميها وهو ماش، على الصحيح من المذهب" وعليه أكثر الأصحاب، ا. هـ.
وقال أبو الخطاب في الهداية: "والأولى أن يكون ماشياً" ا. هـ. الإنصاف 4/34، الهداية 1/103، الفروع 3/512.
ولقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمى يوم النحر على راحلته وقال: "لتأخذوا عني مناسككم".
سبق تخريجه في المسألة رقم: (1366) .
وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة يوم النحر راكباً 3/244، باب ما جاء في رمي الجمار راكباً أو ماشياً.
كما روي في نفس ال، باب 3/245 عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى الجمار مشى إليها ذاهباً وراجعاً، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وقال بعضهم: يركب يوم النحر، ويمشي في الأيام التي بعد يوم النحر. وانظر أيضاً: المغني 3/449.
2 في ع "السنة في المشي" بزيادة في، والمعني مستقيم بدونها كما أثبته من ظ.

(5/2157)


[1440-] (قال أحمد: وإذا أوصى) 1 إلى رجل بحجة فاعتمر،2 قال: إذا جعله للميت فهذا (زاده خيراً) 3، ولكن يذبح من ماله.4
(قال إسحاق) :5 [ظ-43/أ] كما قال، ولكن الذبح أيضاً من مال الرجل، أو من مال الميت ينويه عن الميت.
[1441-] قال أحمد: إذا كان الرجل لا يقدر على الحج فحجوا عنه،6 ثم
__________
1 في ع "وقال الإمام أحمد إذا أوصى"، وكلاهما جاء على خلاف ما درج عليه المؤلف بتصدير المسألة "بقلت"، فلعل الصواب: "قلت إذا أوصى"، ويؤيده وجود جواب الإمام أحمد بعد ذلك.
2 أي مع الحج، وليس المقصود بأن أتى بعمرة بدل الحج، كما يفيد ذلك جواب الإمام أحمد.
3 في ع "زيادة خير" والمعنى واحد.
4 أي مال الرجل الوصي لا مال الميت.
5 آخر الصفحة رقم 83 من ظ.
وفي ع زيادة" سواء "، أي قال إسحاق سواء كما قال.
6 المذهب أن من اكتملت فيه شرائط الحج وعجز عن السعي إليه لكبر، أو مرض لا يرجى برؤه، لزمه أن يقيم من يحج عنه إذا وجد ذلك لحديث أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن. قال: حج عن أبيك واعتمر".
وقد سبق تخريجه في المسألة رقم: (1366) .
ولحديث الخثعمية أيضاً المتفق عليه السابق في المسألة رقم: (1373) .

(5/2158)


صح بعد ذلك وقدر [فقد] 1 قضى عنه الحج.2
قال إسحاق: كما قال3 لأنه حين فعله أتى ما أمر [به] .4
[1442-] قلت: ما يحل للمحرم إذا رمى جمرة العقبة؟
قال: يحل [له] 5 كل شيء إلا
__________
1 سقطت من ظ، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع، لأنه بعد الإثبات يفهم قضاء جديد، وذلك مخالف لما سيقت له العبارة الذي هو الإخبار بالاكتفاء بالحج الأول عنه، وهو المشهور في المذهب كما في التعليق الآتي، المغني 3/177، الإنصاف 3/405، المبدع 3/95، كشاف القناع 2/390.
2 إن عوفي بعد ذلك، فالمشهور في المذهب أن ذلك يجزيه، ولا يجب عليه الحج مرة أخرى، لأنه أتى بما أمر به فخرج عن العهد، كما لو لم يبرأ، ولأنه أدى حجة الإسلام فلم يلزمه حج ثان كما لو حج بنفسه، ولأن القول بعدم الإجزاء يفضي إلى إيجاب حجتين عليه. ولم يوجب الله عليه إلا حجة واحدة.
وقيل: لا يحزئه ذلك، وهو الأظهر عن شيخ الإسلام بن تيمية، كما حكاه المرداوي في الإنصاف 3/405 وابن مفلح في المبدع 3/96، وانظر أيضاً: المغني 3/178.
هذا كله إذا لم يبرأ قبل إحرام النائب، أما إن برئ قبل إحرامه، فإنه لا يجزيه، قولاً واحداً كما في الإنصاف 3/405.
3 حكى ذلك عنه ابن قدامة في المغني 3/178.
4 ساقطة من ظ والسياق يقتضي إثباتها كما في ع، ويؤيده ورودها في المغني كما سبق قريباً.
5 سقطت من ظ، والأولى إثباتها كما في ع، لأن السياق يتطلبها.

(5/2159)


النساء1 ويحل من الطيب.2
قال إسحاق: كما قال، لأن الطيب مباح لما طيبت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يفيض.3
__________
1 لما روت أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم النحر: "إنّ هذا يوم رخّص لكم إذا رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه إلا النساء".
أخرجه البيهقي في باب ما يحل بالتحلل الأول من محظورات الإحرام 5/137.
ولما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "إذا رميتم جمرة العقبة فقد حل لك كل شيء إلا النساء، فقال له رجل: يا ابن عباس والطيب؟ فقال: أما أنا فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك، أفطيب ذلك أم لا؟ ".
أخرجه ابن ماجة في باب ما يحل للرجل إذا رمى جمرة العقبة 2/1011.
2 لحديث ابن عباس المذكور ولحديث عائشة الآتي في التعليق التالي
3 الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت"، أخرجه البخاري في باب الطيب عند الإحرام وما يلبس 2/145، وفي باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق 2/195، ومسلم في باب الطيب للمحرم عند الإحرام 1/846، وأبو داود في باب الطيب عند الإحرام 2/358، وابن ماجة في باب ما يحل للرجل إذا رمى جمرة العقبة 2/1011.
وخلاصة القول في المسألة: أن ما يحل بالتحلل الأول فيه روايتان:
إحداهما: وهي المذهب أنه يحل به كل شيء إلا النساء للأحاديث السابقة.
[] الثانية: أنه يحل كل شيء إلا الوطء فقط، المغني 3/462، المبدع 3/243-244، الإنصاف 4/39، الهداية 1/104.
وفي قوله: "إذا رمى جمرة العقبة" إشارة إلى ما يحصل به التحلل الأول، وفيه روايتان أيضاً:
إحداهما: أنه يحصل بالرمي والحلق معاً، قدمها في المغني وقال في المبدع: وهو الأكثر.
الثانية: يكون بالرمي فقط.
المغني 3/463، المبدع 3/245، الكافي 1/448.

(5/2160)


[1443-] قلت: الرمي بالليل إذا [فاته] 1؟
قال: أما (الرعاء2 فقد رخص فيه) ،3 وأما غيره فلا يرمي إلا
__________
1 سقطت من ع، والصواب إثباتها لتوقف المعنى على ذلك.
2 الرعاء والرعاة: جمع راع، وراعي الماشية حافظها، لسان العرب 4/325.
3 في ع "للرعاء فقد رخص لهم"، ويستقيم المعنى بالعبارتين، والمذهب أنه يجوز للرعاة وأهل السقاية الرمي بالليل، كما يجوز لهم تأخير رمي اليوم الأول إلى اليوم الثاني أو الثالث، لقول عاصم ابن عدي رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر فيرمونه في أحدهما.
أخرجه الترمذي في باب ما جاء في الرخصة للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً 3/290، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه أيضاً مالك في الموطأ 1/408، وأبو داود 2/498، وابن ماجة 2/1010.
وقال ابن قدامة في الكافي 1/453: "ويجوز لرعاة الإبل وأهل سقاية الحاج ترك المبيت بمنى وترك رمي اليوم الأول إلى اليوم الثاني أو الثالث إن أحبوا أن يرموا الجميع في وقت واحد، والرمي بالليل" ا. هـ
[] وانظر أيضاً: المغني 3/517-518، الفروع 3/520، الإنصاف 4/48، المبدع 3/253، كشاف القناع 2/408، الفتح الرباني 12/222

(5/2161)


بالنهار (ومن الغد) 1 إذا زالت الشمس يرمي مرتين.2
قال إسحاق: كما قال، لا يرمي بالليل.3
[1444-] قلت: إذا نسي الجمار؟
قال: في جمرة واحدة دم، والجمار كلها دم،4
__________
1 في ع "من الغد" بحذف الواو، والأقرب للسياق إثباتها كما في ظ.
2 في ع "برميين"، والمعنى واحد أي: أن غير أهل الأعذار إذا فاته الرمي في النهار ليس له أن يرمي بالليل، بل يؤخره إلى اليوم الذي يليه فيرمي عن اليومين، لكن يقدم بالنية رمي الأول ثم الثاني.
قال في كشاف القناع 2/508: "وإن رمى غيرهم أي غير السقاة والرعاة قبل الزوال أو ليلاً لم يجزئه الرمي فيعيده " ا. هـ.
[] وانظر أيضاً: المغني 3/479-482، الكافي 1/453، 3/252، الفروع 3/519، الإشراف ق 128، مخطوط.
3 ويأتي عنه في مسألة رقم: (1659) أن عليه دماً مع الرمي إذا تعمد تركه إلى الليل. وانظر أيضاً: الإشراف 128.
4 روى ابن هانئ في مسائله 1/178 سألت أبا عبد الله عمن نسى رمي جمرة واحدة؟ قال: عليه دم. قيل: فإن نسي رمي الجمار الثلاثة؟ قال: عليه دم واحد ا. هـ.
وقد وجب بترك رمي الجمرة دم، لأنه نسك وفي ترك النسك دم، وروى الإمام مالك في الموطأ 1/419 عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دما".
قال الألباني: "ضعيف مرفوعاً، وثبت موقوفاً"، إرواء الغليل 4/299.
وقال ابن قدامة في المغني 3/519: "ومن ترك الرمي من غير عذر فعليه دم، قال أحمد: أعجب إلي إذا ترك الأيام كلها كان عليه دم، وفي ترك جمرة واحدة دم أيضاً، نص عليه أحمد" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الشرح الكبير 3/381، الإشراف ق 128ب.

(5/2162)


(وإذا) 1 نسي فرمى بست فليس عليه شيء.2
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 في ع "فإذا".
2 هذه رواية عن الإمام أحمد، ولا ينبغي له أن يتعمده، فإن تعمد ذلك تصدق بشيء. المغني 3/478، تهذيب ابن القيم 2/417.
والمذهب أنه لا بد من استيفاء سبع حصيات في الرمي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بسبع حصيات كما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات، يكبر على أثر كل حصاة"، إلى أن قال: "ويقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل".
أخرجه البخاري في باب رفع اليدين عند الجمرتين الدنيا والوسطى 2/194.
وعنه أن الرمي بخمس يجزئ.
وأخرى أنه إن رمى بستٍّ فلا شيء عليه، وبه قال الإمام إسحاق.
وفي المغني 3/478: "والأولى أن لا ينقص في الرمي عن سبع حصيات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بسبع حصيات، فإن نقص حصاة، أو حصاتين فلا بأس" ا. هـ.
وانظر أيضاً:: تهذيب ابن القيم 2/417، الإنصاف 4/46، الفروع 3/518، المبدع 3/251.
3 المغني 3/381، تهذيب ابن القيم 2/417.

(5/2163)


[1445-] قلت: يرمى عن الصغير والكبير والمريض؟
قال: نعم.1
[قال إسحاق: كما قال] 2 والكبير إذا كان قد ضعف.
[1446-] قلت: من قدم نسكاً قبل نسك،3 وأي شيء حديث ابن عباس رضي الله عنهما؟
قال أحمد: من نسي فقدم شيئاً قبل شيء فليس عليه شيء4
__________
1 روى أبو داود في المسائل ص 117: حدثنا أحمد قال: حدثنا روح عن ابن جريج قال: قال عطاء: "ويجزئ عن الصغير والمريض أن يرمى عنهما".
وقال ابن قدامة في الكافي 1/454: "ومن عجز عن الرمي جاز أن يستنيب من يرمي عنه، لأن جابراً قال لبينا عن الصبيان ورمينا عنهم" ا. هـ. وانظر أيضاً: المغني 3/519، المبدع 3/240.
وأخرج ابن ماجه في باب الرمي عن الصبيان 2/1010 عن جابر قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم.
ولأنه قد رخص للضعفة والنساء في الرمي ليلة النحر إشفاقاً بهم، فكذلك الرمي عنهم.
2 سقطت من ظ، والأَوْلى إثباتها كما في ع حيث درج المؤلف على ذكر قول إسحاق بعد قول أحمد في بقية المسائل.
3 المقصود بذلك ما يفعل يوم النحر من الرمي والذبح والحلق والطواف، لا مطلق مناسك الحج.
4 روى نحوها أبو داود في المسائل ص132

(5/2164)


وحديث ابن عباس رضي الله عنهما [ع-86/أ] أنه ترك من مناسكه شيئاً1، وإن حلق قبل أن يرمي على السهو فليس عليه شيء.2
__________
1 وذلك ما روى سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دما".
أخرجه مالك في الموطأ 1/419 كما سبق في المسألة (1454) .
2 السنة الترتيب بأن يبدأ بالرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رتبها كما جاء في حديث جابر المشهور الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: "حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثاً وستين بيده. إلى أن قال: ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر".
ولما روى أنس بن مالك أن رسول صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: خذ، وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس.
أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق 1/947.
فمن قدم شيئاً من ذلك على الآخر:
أ - فإن كان ناسياً أو جاهلاً بالسنة فالمذهب أنه لا شيء عليه.
ب - أمّا إن كان عامداً عالماً بمخالفة السنة، ففي المذهب روايتان:
إحداهما: لا دم عليه، وبهذا قال إسحاق.
والثانية: أن عليه دماً.
[] المغني 3/471-472، الإنصاف 4/42، الفتح الرباني 12/209.

(5/2165)


قال إسحاق: كما قال، إلا أن المذهب، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، فمن نسيَ أو ترك (حتى فات) 1 فعليه دم، وليس هذا بمخالف لما قدم شيئاً قبل شيء، لأنه قد أتى على كله.2
[1447-] قلت:3 من لبد4 أو ضفر5 أو عقص6 فليحلق؟
__________
1 في ع "حتى فات ذلك" بزيادة "ذلك"، والمعنى واضح بدونها كما في ظ.
2 معنى قول إسحاق هو: أن من نسي فقدم نسكاً على نسك لا شيء عليه، وأن ذلك لا يتعارض مع قول ابن عباس رضي الله عنهما بوجوب الدم، لأن قوله خاص بمن ترك شيئاً من مناسكه حتى فات وقته، فمن فعل ذلك فعليه دم، أمّا التقديم والتأخير فلا يجب به شيء، لأنه لم يترك شيئاً، وإنما أحدث إخلالاً بالترتيب.
3 بين هذه المسألة والتي بعدها تقديم وتأخير في ع.
4 التلبيد: أن يجعل المحرم في رأسه شيئاً من صمغ ليتلبد شعره بقيا عليه لئلا يشعث في الإحرام، ولبد شعره: أي لزقه بشيء لزج أو صمغ حتى صار كاللبد، لسان العرب 3/386، مختار الصحاح ص589.
5 الضفر: نسج الشعر وغيره عريضاً.
لسان العرب 4/489، مختار الصحاح ص 382.
6 عقص الشعر: ضفره وليّه على الرأس.
لسان العرب7/56، مختار الصحاح ص 446.

(5/2166)


قال أحمد: يعني وجب عليه الحلق (ليس) 1 له أن يقصر.
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 في ع "فليس" بزيادة الفاء في أوله.
2 نقل ذلك عن الإمامين ابن قدامة في المغني 3/457، لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: "من ضفر فليحلق ولا تشبهوا بالتلبيد"، وكان ابن عمر يقول لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ملبداً.
أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب التلبيد 7/59، وأحمد في مسنده 2/121.
وأخرج قول عمر رضي الله عنه أيضاً الإمام مالك في الموطأ 1/398 عن ابنه عبد الله، وعن سعيد بن المسيب، والذي جاء في كشاف القناع والمبدع لا فرق بين لبد وغيره في حكم وجوب الحلق، أو التقصير.
وقال المرداوي في الإنصاف أنه هو المذهب، وحكى عن الكوسج روايته هذه.
وقال العلامة ابن قدامة في المغني3/458: "والصحيح أنه مخير إلا أن يثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقول عمر وابنه قد خالفهما فيه ابن عباس وفعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على وجوبه" ا. هـ.
وقد نقل الحافظ ابن حجر في الفتح 3/560 أن ابن بطال نقل عن الجمهور تعيين الحلق لمن لبد، وخالف في ذلك أهل الرأي، ثم ذكر الحافظ بأنه لا دليل صريح بوجوب الحلق، وأن أعلى ما فيه هو قول عمر رضي الله عنه.
انظر: كشاف القناع 5/205، الإنصاف 4/38، المبدع3/243، طرح التثريب في شرح التقريب للعراقي 5/116.

(5/2167)


[1448-] قلت: كم تقصر المرأة (من) 1 رأسها؟
قال: قدر الأنملة.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1449-] قلت:4 من أخر الإفاضة إلى آخر النفر؟ 5
__________
1 في ع "عن"، والصواب ما أثبته من ظ.
2 في ع "أنملة" بحذف الألف واللام.
والأنملة بفتح الميم: رأس الأصبع، وهي واحدة الأنامل، وهي رؤوس الأصابع.
مختار الصحاح ص680.
3 المشروع في حق النساء التقصير لا الحلق، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك كما في المغني، أما كيفية التقصير ومقداره: فروي عن الإمام أحمد أن تقصر من كل قرن قدر الأنملة، وبه قال إسحاق.
وروي عنه أنها تجمع شعرها إلى مقدم رأسها، ثم تأخذ من أطرافه قدرها.
المغني3/464، كشاف القناع 2/502، الفتح الرباني 2/198، المبدع 3/243، المسائل لابن هانئ 1/155.
وعن حكم قدر الأنملة: قال المرداوي تعقيباً على قول ابن قدامة: " والمرأة تقصر من شعر رأسها قدر الأنملة " يعني فأقل، وهذا المذهب.
وقال ابن الزاغوني في منسكه: "يجب تقصير قدر الأنملة". ا. هـ.
الإنصاف 4/39، وانظر أيضاً:: المبدع 3/243، كشاف القناع 2/502.
4 في ط بزيادة "لأحمد".
5 أي من أخر طواف الإضافة إلى آخر أيام منى

(5/2168)


قال: لا بأس به.1
قال إسحاق: كما قال.
[1450-] قلت: [طواف] 2 الإفاضة يوم النحر من قال لا يزيد على سبع؟
قال (أراد) 3 لا يدخل عليه شيء.
قال إسحاق: لا يزيد على سبع.4
__________
1 الصحيح من المذهب أن من أخر طواف الإفاضة عن يوم النحر وعن أيام منى جاز له ذلك ولا شيء عليه، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.
وقيل عليه دم إن أخره عن يوم النحر لغير عذر.
وقيل بوجوب الدم إذا أخره عن أيام منى.
انظر: الإنصاف 4/43، المبدع 3/248، المغني والشرح الكبير 3/466، كشاف القناع 2/506، الفتح الرباني 12/204، الإجماع لابن المنذر ص55.
2 سقطت من ع، والأولى إثباتها كما في ظ لأن فيها زيادة توضيح.
3 في ع "وإن راد" بزيادة وإن، والمعنى يستقيم بدونها كما أثبته من ظ.
4 المعنى والله أعلم، أن طواف الإفاضة سبعة أشواط لا رمل فيها، ولا زيادة في العدد فيها لأنها من العبادات، والعبادات على السماع، ولا مجال للاجتهاد فيها.
قال ابن قدامة في المغني 3/466: "وصفة هذا الطواف كصفة طواف القدوم، سوى أنه ينوي به طواف الزيارة ويعينه بالنية، ولا رمل فيه ولا اضطباع؛ قال ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه، والنية شرط في هذا الطواف. وهذا قول إسحاق " ا. هـ.

وانظر أيضاً: كشاف القناع 2/504.

(5/2169)


[1451-] قلت: من أدركه المساء يوم الثاني1 بمنى؟
قال: يقيم إلى الغد حتى تزول الشمس.2
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 هكذا في النسخ والموافق لقواعد العربية "مساء اليوم الثاني"، أي من أيام التشريق.
2 المذهب جواز التعجيل في يومين، أي الخروج من منى بعد الرمي في اليوم الثاني من أيام التشريق، ويسمى هذا بالنفر الأول.
وسواء في ذلك من يريد الإقامة بمكة، أو غيره.
وروي عن الإمام أحمد أنه قال: لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة. وحجته قول عمر رضي الله عنه: من شاء من الناس كلهم أن ينفر في النفر الأول إلاّ آل خزيمة فلا ينفر إلا في النفر الآخر، كما سيأتي في مسألة رقم (1455) .
فقد جعل معنى قوله: "إلا آل خزيمة"، أي أنهم أهل حرم مكة.
وقد حمل صاحب المغني كلام أحمد على الاستحباب.
فمن أحب التعجيل خرج قبل غروب الشمس، فإن غربت وهو بمنى لزمه المبيت، ويرمي من الغد بعد الزوال، وهو ما نص عليه الإمام هنا..
انظر: المغني 3/479، والشرح الكبير 3/483، الإنصاف 4/49، المبدع 3/254، الكافي1/454، كشاف القناع 2/511.
3 انظر عن قوله المغني3/479، الشرح الكبير 3/483.

(5/2170)


[1452-] قلت:1 من بات دون منى (ليس عليه شيء) ؟ 2
قال: يطعم شيئاً.3
(قال عطاء هذا؟ قال: نعم درهماً) .4
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 في ع "ليله هل عليه شيء".
والأولى ما أثبته من ظ لشموله مطلق المبيت دون منى.
3 هذه رواية عن الإمام أحمد، ورواية ثانية أنه لا شيء عليه.
والصحيح من المذهب كما في الإنصاف أن عليه دماً، وجزم به في الإقناع، وقدمه في الفروع وقال: اختاره الأكثر، وكذلك في المبدع لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "من ترك نسكاً، أو نسيه فإنه يهريق دماً".
وسبق تخريجه في المسألة (1776) .
الإنصاف4/47، المبدع 3/252، الفروع 3/519، كشاف القناع2/510، المغني3/474.
وحكم المبيت بمنى واجب على الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، كما في الإنصاف، وقدمه المغني والشرح الكبير، وقال في الفروع أنه أصح الروايتين، وعن الإمام أحمد رواية أنه ليس بواجب.
المغني والشرح الكبير 3/473، الإنصاف 4/60، الفروع 3/527، كشاف القناع 2/508.
4 في ظ "قال عطاء: مد قال: يطعم درهماً"، والعبارة في كلا النسختين غير واضح معناها. ولعل ما أثبته من ع هو الأقرب، فيكون المعنى والله أعلم: أنه بعد جواب الإمام أحمد قال له الكوسج: قال عطاء هذا الجواب، فأجابه أحمد بنعم، أي قال عطاء: يتصدق بدرهم، ويشهد له ما حكى ابن المنذر في الإشراف ق 135ب عن عطاء فيمن بات ليلة عن منى أن عليه دراهم

(5/2171)


قال إسحاق: كما قال، وليس فيه وقت.1
[1453-] قلت: التكبير أيام التشريق؟
قال: أما أنا فأختار من غداة عرفة2 إلى آخر أيام التشريق، يكبر في العصر ثم يقطع،3 هذا يجمع الأقاويل كلها.4
__________
1 أي لا فرق بين من ترك المبيت ليلة أو أكثر. والله أعلم.
2 المقصود بغداة عرفة هنا: فجر يوم عرفة، كما يدل عليه الحديث الآتي في التعليق التالي.
3 ومما ورد في ذلك: ما روى الدارقطني في سننه 2/49 عن جابر بن عبد الله قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق حين يسلم من المكتوبات".
4 والخلاف الذي أشار إليه الإمام أحمد رحمه الله، هو اختلاف العلماء في ابتداء مدة التكبير ونهايته، فذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه من غداة عرفة إلى عصر يوم النحر، حاشية على مراقي الفلاح 1/351.
وذهب الإمامان مالك والشافعي في المشهور عنهما، أنه من ظهر يوم النحر إلى فجر آخر أيام التشريق، كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني 1/349، مغني المحتاج 1/314.
ويكون الاحتياط فيما اختاره الإمامان أحمد وإسحاق رحمهما الله تعالى، حيث إنه يجمع الأقاويل كلها كما صرح به الإمام أحمد، فإنه استوعب جميع الأزمنة التي ذكر الأئمة أنه يشرع فيها التكبير.
وما يرجح ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} البقرة 203، وهي أيام التشريق.
فتح القدير للشوكاني 3/448، والتكبير من الذكر. المغني 3/254.

(5/2172)


قال إسحاق: كما قال.
[1454-] قلت: النزول بالأبطح؟ 1
قال: من لم ينزل فليس عليه شيء.2
__________
1 الأبطح: مكان يعرف بالمحصب، ويضاف إلى مكة وإلى منى، لأن المسافة بينه وبينها واحدة، وربما كان إلى منى أقرب، وهو خيف بني كنانة، وذكر بعضهم أنه سمي أبطح، لأن آدم عليه السلام بطح فيه.
معجم البلدان 1/74، كشاف القناع 2/511، المغني 3/483.
والأبطح معروف بهذا الاسم إلى الآن، ويمر بوسطه شارع معروف بشارع الأبطح، والأبطح والمحصب متلاصقان، فالأبطح إلى جهة مكة، ويتصل به مباشرة المحصب، وهو إلى جهة منى، فهما يشملان حالياً من الحجون إلى طلعة منى.
2 لا خلاف في المذهب في أن النزول بالأبطح ليس بواجب ولا شيء على تاركه.
وقال بعض الأصحاب يستحب لمن نفر أن ينزل فيصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، لما روى نافع قال: كان ابن عمر يصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم يهجع هجعة ويذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب النزول بذي طوي 2/147.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون الأبطح.
أخرجه مسلم كتاب الحج، باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر والصلاة به 1/951.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يرى التحصيب سنة. صحيح مسلم 1/951.
وكان ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم لا يريان ذلك سنة، فقد جاء: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ليس التحصب بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وعن عائشة رضي الله عنهما قالت: "نزول الأبطح ليس بسنة إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج".
متفق عليهما. البخاري كتاب الحج، باب المحصب 2/196.
[] مسلم كتاب الحج، باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر والصلاة به 1/951-952. المغني والشرح [] الكبير 3/483-484، المبدع 3/255، كشاف القناع 2/511-512، الكافي 1/454-455.

(5/2173)


قال إسحاق: كما قال، لأن نزول النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لانتظار عائشة رضي الله عنها.
[1455-] قلت:1 قول عمر رضي الله عنه لينفر من شاء يوم النفر إلا آل
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".

(5/2174)


خزيمة؟ 1
قال: لأنهم أهل حرم.
قال إسحاق: كما قال.
[1456-] قلت:2 المحرم يشم الريحان وينظر في المرآة؟
قال: نعم.3
__________
1 سبق الاستدلال بهذا الأثر على أن من يريد الإقامة بمكة لا يحق له النفر الأول في مسألة رقم (1451) .
2 بين هذه المسألة والتي بعدها تقديم وتأخير في"ع".
3 في شم الريحان للمحرم روايتان:
إحداهما هذه: يباح شمه ولا فدية فيه، وهو الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف 3/470.
الثانية: يحرم شمه، فإن فعل فعليه الفدية، أجاب الإمام أحمد بما يدل عليها في المسألة الآتية برقم: (1645) .
انظر أيضاً: المغني والشرح الكبير 3/294، الكافي 1/407، الروايتين والوجهين ق50، الفروع 3/377، تصحيح الفروع 3/378، الإشراف ق114 أ، المسائل برواية النيسابوري 1/158.
أما حكم النظر في المرآة، فإن كان لحاجة كمداواة جرح وإزالة شعر نبت في عينه ونحو ذلك، فهذا جائز.
أما إن كان النظر لإزالة شعث، أو تسوية شعر، أو شيء من الزينة، كره له ذلك. وقيل: يحرم.
[] انظر: المغني والشرح الكبير 3/298-299، الإنصاف 3/506، الفروع 3/355، الكافي 1/413.

(5/2175)


قال إسحاق: كما قال لا بأس به، وترك ذلك أفضل.1
[1457-] قلت: الطيب قبل الإحرام؟
قال: لا بأس به وبعد الإحرام قبل أن يطوف بالبيت.2
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 انظر عن قول إسحاق في شم الريحان: المغني 3/294، الإشراف ق 114أ.
وفي النظر في المرآة الإشراف: ق 115أ.
2 يستحب لمن أراد الإحرام أن يتطيب في بدنه خاصة، وكذلك بعد الإحرام قبل الطواف بالبيت، لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت ".
وسبق تخريجه في مسألة رقم (1442) .
أما تطييب الثوب، فالصحيح من المذهب أنه يكره.
وقيل: تطييب ثوبه كتطييب بدنه.
[] انظر: المغني والشرح الكبير 3/226-228، الإنصاف 3/432، مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق النيسابوري 1/158.
3 انظر عن قوله الإشراف ق 100أ.

(5/2176)


[1458-] قلت:1 السواك للمحرم؟
قال: لا بأس به.2
قال إسحاق: كما قال؛ أخضرَ كان أو يابساً، لأن بينه وبين الصوم فرق،3 لأن الأخضر يخشى دخول [طعمه] 4 الحلق، والمحرم لا يضره.
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 قال ابن المنذر في الإجماع ص 52: " وأجمعوا أن للمحرم أن يستاك "، وقال في الإشراف ق 114م: "ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء، دخل في ذلك المحرم والصائم في شهر رمضان وغيره، ولا أعلم أحداً منع المحرم من السواك" ا. هـ.
وورد في سواك المحرم عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، وهل تسوك النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، قال: نعم".
انظر: صحيح ابن خزيمة، باب الرخصة في السواك للمحرم 4/486.
سنن البيهقي، باب المحرم يستاك 5/65.
3 فيكره للصائم السواك بالعود الرطب في إحدى الروايتين عن أحمد، وهو قول إسحاق للعلة المذكورة.
والثانية: لا يكره.
[] انظر: الشرح الكبير 3/72، مصنف ابن أبي شيبة 3/36-37، فقد جاء فيه آثار تؤيد الروايتين.
4 سقطت من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن الكلام لا يستقيم بدونها.

(5/2177)


[1459-] قلت: من لم يجد نعلين؟ 1
قال: يلبس خفين،2 والسروايل3 كذلك.4
__________
1 مثنى نعل، وهي ما وقيت به القدم من الأرض، والنَّعْل أيضاً: الحذاء، لسان العرب 11/667، تاج العروس 8/139، القاموس المحيط 4/59.
2 مثنى خُف: وهو الذي يلبس في الرجل، ويجمع على خفاف وأخفاف، لسان العرب 9/81، تاج العروس 6/92، القاموس المحيط 3/139، الصحاح 4/1353.
3 السراويل: فارسية معربة، وقد تذكّر، جمعها سراويلات، أو هي سروال وسروالة أو سرويل، وليس في كلام العرب فعويل غيرها.
القاموس المحيط 3/406، لسان العرب 11/334، تاج العروس 7/375، المصباح المنير 275، وفي المعجم الوسيط 1/428، والسراويل لباس يغطي السرة والركبتين وما بينهما.
والسراويل المعروفة الآن هي: لباس يستر النصف الأسفل من الجسم، يفصل بحيث تدخل فيه الرجلان كلاً على حدة، وبذلك يفارق الإزار.
4 أي أن السراويل مثل الخفين في الحكم، فمن لم يجد الإزار يلبس السراويل، كما أن من لم يجد النعلين يلبس الخفين.
وهذا بلا خلاف في المذهب؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين".
متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب السراويل 7/38، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة، وما لا يباح 1/835.
وانظر: المغني 3/272، الإنصاف 2/464، الكافي 1/404

(5/2178)


[1460-] قلت: يقطعهما؟
قال: لا.1
__________
1 هذا هو المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتفق عليه السابق في المسألة، ومن أدلته قول علي رضي الله عنه "قطع الخفين فساد، يلبسهما كما هما".
نقل ذلك ابن قدامة في المغني، وابن القيم في التهذيب، وبعدم قطعهما موافقة للقياس، فإنهما ملبوس أبيح لعدم غيره فأشبه السراويل تلبس عند عدم الإزار، وقطعه لا يخرجه عن حالة الحظر، فإن لبس المقطوع محرم مع القدرة على النعلين.
وقال ابن القيم في التهذيب: "ولا يسلم من مخالفة النص والقياس إلا من جوز لبسهما بلا قطع". ا. هـ
وفي رواية عن الإمام أحمد: يقطعهما أسفل من الكعبين، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا أسفل الكعبين".
متفق عليه؛ أخرجه البخاري في باب ما يلبس المحرم من الثياب 2/345، ومسلم في باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح 1/834.
وقد تعجب الخطابي من الإمام أحمد بقوله بعدم القطع فقال: أنا أتعجب من أحمد في هذا، فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغ، وقَلًّت سنة لم تبلغه.
ورجح ابن قدامة في المغني القطع الذي هو خلاف المشهور عملاً بالحديث الصحيح، وخروجاً من الخلاف وأخذاً بالاحتياط.
وقد أجاب القائلون بالرواية المشهورة عن حديث ابن عمر هذا بأجوبة منها:
أن قوله: "وليقطعهما" من كلام نافع، وليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأنه يحتمل أن يكون منسوخاً، فإن عمرو بن دينار روى الحديثين معاً، ثم قال: انظروا أيهما كان قبل.
[] انظر: المغني 3/273-275، المبدع 3/142-143، الإنصاف 3/465، تهذيب ابن القيم 2/345-349، معالم السنن للخطابي 2/345، المطبوع مع مختصر المنذري.

(5/2179)


قال إسحاق: بلى يقطع الخفين أسفل من الكعبين.
[1461-] قلت: يبدل المحرم ما شاء من الثياب؟
قال: نعم.1
قال إسحاق: نعم.
__________
1 إن في إباحة ذلك دليلاً على سماحة الشريعة الإسلامية، لأن في عدم إباحة تبديل المحرم لثيابه مشقة وضرراً على الجسم، والحاجة تدعو إلى إبدال الثياب، ولا سيما إذا طالت مدة الإحرام سواء بطول السفر، أو بالإحرام بالحج مبكراً.
ولم أقف على رأي بمنع المحرم من تبديل ثيابه، بل المنقول يؤيد جواز ذلك، ففي صحيح البخاري 2/146: "وقال إبراهيم: لا بأس أن يبدل ثيابه".
وأخرج البيهقي في باب المحرم يلبس من الثياب ما لم يهمل فيه 5/52 عن عكرمة مولى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم غير ثوبيه بالتنعيم وهو محرم.
وروى ابن خزيمة في باب إبدال المحرم ثيابه في الإحرام 4/202 عن جابر رضي الله عنه قال: كنا نلبس من الثياب إذا أهللنا ما لم نهل فيه.
وانظر عن المسألة أيضاً القرى لقاصد أم القرى 238، فتح الباري 3/406.

(5/2180)


[1463-] قلت: المنطقة1 للمحرم؟
قال: لا بأس بها.2
قال [إسحاق] :3 لا بأس بذلك، وهو الهميان،4 وليس له أن
__________
1 المِنْطَق والمِنْطَقة والنطاق: كل ما شد به وسطه.
المحكم والمحيط الأعظم في اللغة 6/174، لسان العرب 10/354.
2 هذا إذا كان بها نفقة (من النقود) ، أما إن لم يكن فيها نفقة، ولبسها لوجع، أو لحاجة فالصحيح أن يفدي. الإنصاف 3/467.
3 ساقطة من ظ، والصواب إثباته، كما في ع لتقدم قول الإمام أحمد، فالقول الثاني هو قول إسحاق، كما هو الدارج في جميع المسائل.
4 الهميان: التكه (ما يربط به السروال) ، وقيل للمنطقة هميان، فهما بمعنى واحد كما فسره الإمام إسحاق هنا. ويقال للذي تجعل فيه النفقة ويشد على الوسط هميان. انظر: لسان العرب 3/437، 15/364.

(5/2182)


يعقده، ولكن ليدخل السيور1 بعضها في بعض.2
[1464-] قلت: القبة3 للمحرم؟
قال: القبة للمحرم (لا،4 وهذه الظلال) 5 إلا أن يكون شيئاً
__________
1 السيور: جمع سير وهو: الذي يقد من الجلد.
القاموس المحيط 2/56، مختار الصحاح ص 325.
2 هذا إذا ثبت بذلك، أما إن لم يثبت إلا بالعقد، وفيه نفقته فله عقده، وبهذا قال: أحمد وإسحاق.
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أوثق عليك نفقتك".
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحرم في الهميان أن يربطه إذا كانت فيه نفقته".
المغني والشرح الكبير 3/277، الإنصاف 3/467، المسائل برواية أبي داود ص 126.
3 القبة من البناء معروفة، وقيل هي البناء من الأدم خاصة.
والقبة من الخيام: بيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب.
لسان العرب 1/659.
وفي ذلك جاء حديث جابر الآتي في تعليق المسألة.
4 في ع "لأن الظلال"، والذي يستقيم به الكلام ما أثبته من ظ، والمنع في المحمل كما سيأتي قريباً.
5 الظِلال: جمع ظلَّة وهي ما سترك من فوق، أو الشيء يستتر به من الحر والبرد.
وجاء الظلال: ما أظلك من سحاب ونحوه.
[] لسان العرب 11/16-17، مختار الصحاح 404.

(5/2183)


يسيراً باليد، أو ثوباً يلقه على عود يستتر به.
قال إسحاق: كما قال [ع-86/ب] (وإن) 1 تظلل بالقبة لم
__________
1 في ع "فإن". وتحرير هذه المسألة أن الاستظلال إما أن يكون في محمل أو لا، فإن كان بغير محمل كأن استظل بالسقف أو الحائط، أو نزل تحت شجرة، أو نصب خيمة، فلا شيء عليه، لما جاء في حديث جابر رضي الله عنه الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم: "وأمر بقبةٍ من شعر تضرب له بنمرة، فسار حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها".
الحديث رواه مسلم1/147.
أما إن كان الاستظلال في المحمل وما في معناه، كالهودج، ففي تحريمه ثلاث روايات:
الأولى: يحرم، قال عنها صاحب الإنصاف: وهو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
الثانية: يكره. قال في الإنصاف: "اختارها المصنف والشارح وقالا: هي الظاهر عنه"، ويعني بهما ابن قدامة وصاحب الشرح الكبير.
الثالثة: يجوز من غير كراهة، ذكرها صاحب الفروع.
وفي وجوب الفدية ثلاث روايات أيضاً:
الثالثة: إن كثر الاستظلال وجبت الفدية، وإلا فلا، وهي توافق قول الإمام هنا: " وهذه الظلال إلا أن يكون شيئاً يسيراً".
والراجح في المذهب والله أعلم أنه يكره ذلك، ولا يحرم، ولا فدية فيه، لإجماع علماء المذهب على جواز الاستظلال بالخيمة وبثوب على عود يستتر به.
وقال في المغني:" وظاهر كلام أحمد أنه إنما كره ذلك كراهة تنزيه لوقوع الخلاف فيه، وقول ابن عمر، ولم ير ذلك حراماً ولا موجباً للفدية " ا. هـ.
وقال في الإنصاف بعد رواية الكراهة:" وجزم بهذا ابن رزين وصاحب الوجيز، وصححه في تصحيح المحرر، ثم قال: وقال القاضي موفق الدين هذا المشهور" ا. هـ.
[] انظر: المغني 3/282-285، الفتاوى 26/112، القرى 198-199، الكافي 1/406، الإنصاف 3/461-[463،] الفروع 3/364-365، المبدع 3/140، كشف المخدرات والرياض المزهرات شرح أخصر المختصرات 173، مسائل عبد الله ص 205، التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع ص 100.

(5/2184)


يضره.
[1465-] قلت: ما تلبس المحرمة من الثياب؟
قال: تلبس الخز1 والقز2 والمصابيغ بالعصفر لا بالطيب والحلي،3
__________
1 الخز من الثياب ما ينسج من صوف وإبريسم (أي حرير) .
لسان العرب 5/345، المعجم الوسيط 1/231، القاموس 4/80.
2 القز: من الثياب والإبريسم: أعجمي معرب وجمعه قزوز. قال الأزهري: هو الذي يسوى من الإبريسم.
انظر: لسان العرب 5/395 مختار الصحاح 533، تاج العروس 4/69، المعجم الوسيط 2/733.
3 الحلي: جمع حَلْي بالفتح، وهو ما يزين به من مصوغ المعدنيات، أو الحجار.
وقال الليث: الحلي كل حلية حليت به امرأة، أو سيفاً ونحوه.
وقال غيره: إنما يقال الحلي للمرأة، وأما سواها فلا يقال إلا حلية للسيف.
انظر: القاموس المحيط 4/321، المعجم الوسيط 1/195، تاج العروس 10/97.
والحلي معطوف على المصابغ بالعصفر، حيث إن الصحيح من المذهب أنه يباح للمحرمة لبس الحلي، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب، ولْتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفراً أو خزاً أو حلياً أو سراويل أو قميصاً أو خفاً".
أخرجه أبو داود كتاب المناسك، باب ما يلبس المحرم 2/412، ولم تر عائشة بأساً بالحلي والثوب الأسود.
وقال في الكافي: ويكره التزين بالحلي، وهو مباح لحديث ابن عمر.
وهناك رواية بأنه يحرم على المحرمة لبس الحلي، وجزم به الخرقي.
[] انظر: الإنصاف 3/504، المغني 3/269، 3/308-310، الكافي 1/413.

(5/2185)


ولا تلتثم1 ولا تبرقع.2
__________
1 اللثام: قال عنه ابن منظور: رد المرأة قناعها على أنفها ورد الرجل عمامته على أنفه.
وفي تهذيب اللغة حكاية أبي عبيد عن أبي زيد قال تميم: تقول: تلثمت على الفم، وغيرهم تقول تلفمت.
وفيه أيضاً: وقال الفراء: إذا كان على الفم فهو اللثام، وإذا كان على الأنف فهو اللفام.
لسان العرب 12/433، تهذيب اللغة 15/101، الصحاح 5/2026.
2 البرقع: يقال فيه برقع، كقنفد وبرقع، كجندب وبرقوع كعصفور، وهو شيء يلبس على الوجه يكون للنساء والدواب، وفيه خرقان للعينين.
[] انظر: تهذيب اللغة 3/294، لسان العرب 8/9-10، الصحاح 3/1184، تاج العروس 5/273.
واللثام والبرقع يحرمان على المحرمة؛ لما جاء في البخاري 2/146 في باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر: ولبست عائشة الثياب المعصفرة، وهي محرمة، وقال: لا تلثم، ولا تتبرقع، ولا تلبس ثوباً بورس ولا زعفران.
ولما سبق في مسألة رقم (1465) من حديث ابن عمر في النهي عن النقاب، وهو شبيه بالبرقع واللثام، حيث إن النقاب هو ما يوضع على مارن الأنف ويستر ما تحته، كما سيأتي ذلك في مسألة رقم (1546) والتعليق عليه.
ولأن إحرام المرأة في وجهها، فيحرم عليها تغطيته، فإن احتاجت إلى ستره سدلت عليه من فوق رأسها ما يستره، كما سيأتي في مسألة رقم (1465) .
[] انظر: المغني 3/305، الإنصاف 3/502-503، الكافي 1/405، الإشراف ق 108أ، فتح الباري 3/405-406.

(5/2186)


قال إسحاق: كما قال.
[1466-] قلت: المحرم يغطي1 وجهه؟
قال: (إن ذهب ذاهب إلى قول عثمان رضي الله عنه2 لا أعيبه، يروى عن عثمان رضي الله عنه وزيد، ومروان) 3 ولم
__________
1 في ع "يخمر" المعنى واحد.
2 هو عثمان بن عفان بن أبي العاص، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد المبشرين بالجنة، ويلقب بذي النورين. استشهد رضي الله عنه في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة، وعمره ثمانون، وقيل غير ذلك.
تقريب التهذيب 235، الإصابة 2/455.
3 هو مروان بن الحكم بن العاص، أبو عبد الملك الأموي المدني. ولي الخلافة في آخر سنة 64هـ، وهو أول من ملك من بني الحكم، وإليه ينسب بنو مروان ودولتهم المروانية، مات سنة 65هـ.
قال عنه الحافظ ابن حجر: لا يثبت له صحبة من الثانية.
انظر: تقريب التهذيب 333، الإصابة 3/383، الأعلام 7/207.

(5/2187)


ير1 به بأساً.2
قال إسحاق: السنة أن يغطي المحرم وجهه إذا نام من (الذباب) 3 وغيره، وإن لم
__________
1 أي الإمام أحمد رحمه الله.
2 في إحدى الروايتين عنه، وهو الصحيح من المذهب كما في الإنصاف 3/463.
وذكر في المغني وفي كشاف القناع، وجزم به أنه مروي عن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت.
والثانية: لا يجوز، وعليه الفدية بتغطيته، لما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن المحرم الذي وقصته ناقته: "ولا تغطوا وجهه"، أخرجه مسلم 1/867.
وقد أجاب ابن قدامة عن ذلك بأن هذه الرواية مضطربة، ورجح الأولى، لأنه قول جمع من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف فيكون إجماعاً.
المغني 304، المحرر 238، الفروع 3/366، شرح النووي 8/128، كشاف القناع 2/425.
3 في ظ "الذبان" والأولى ما أثبته من ع، لأنه الموافق لإطلاقه على الحشرة المعروفة، والذبان جمع كثرة للذ، باب وجمعه من القلة أذبة، والواحدة منه ذبابة، وذبانة- بالضم والكسر - وهي الحشرة المجنحة المعروفة التي في المنازل، وتسقط في الطعام والإناء.
لسان العرب 1/382، المصباح المنير 1/207، مختار الصحاح ص 219، المعجم الوسيط 1/308.

(5/2188)


يضرب1 ما غطى به وجهه كان أفضل.
[1467-] قلت:2 المحرمة تلبس الخفين والقفازين.3
قال: أما (الخفان) 4 فنعم، وأما القفازان فلا يعجبني.5
__________
1 هكذا في النسخ، ولعلها "وإن لم يمر"، بمعنى وأن لا يمس الوجه ما غطى به وجهه.
2 في ظ بزيادة (لأحمد) .
3 القفاز: لباس الكف.
قال شمر: القفازان شيء تلبسه نساء الأعراب في أيديهن يغطي أصابعها ويدها مع الكف.
وقال ابن دبرد: "القفاز ضرب من الحلي تتخذه المرأة ليديها ورجليها " ا. هـ. والمقصود به هنا التعريف الأول.
[] انظر: تهذيب اللغة 8/437-438، تاج العروس 5/285.
4 في ظ: الخفين، والصواب ما أثبتناه من ع، لأنه الموافق لقواعد العربية.
5 "فلا يعجبني" يقصد به هنا التحريم، حيث إن لبس القفازين يحرم على المحرمة لما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تتنقب المرأة الحرام، ولا تلبس القفازين".
أخرجه البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة 2/215، ورواه أبو داود، [] باب ما يلبس المحرم 2/411، والترمذي، باب ما جاء فيما لا يجوز للمحرم لبسه 3/194-195 وقال: حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم.
وانظر أيضاً: المغني 3/308، الإنصاف 3/503، الكافي 1/405، تهذيب ابن القيم 2/351.

(5/2189)


قال إسحاق: القفازان شبه الدسلموذ.1
[1468-] قلت:2 المحرمة تسدل على وجهها؟
قال: نعم.3
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 الدسلموذ: لم أقف على تعريفه، والدست: من الثياب ما يلبسه الإنسان ويكفه لتردده في حوائجه.
المصباح المنير 1/194، والديابوذ ثوب ينسج بنيرين. لسان العرب 3/490.
2 في ظ بزيادة "لأحمد".
3 وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفنا".
أخرجه أبو داود 2/416، باب المحرمة تغطي وجهها، وابن ماجه 2/979، باب المحرمة تسلسل الثوب على وجهها.
وانظر عن المسألة تهذيب ابن القيم 2/350، المغني 3/305، كشاف القناع 2/447، مسائل الإمام أحمد رواية إسحاق النيسابوري 1/157.
4 انظر عن قوله: المغني 3/305، معالم السنن 2/354.

(5/2190)


[1469-] قلت:1 الكحل [للمحرم] 2؟
قال: ما لم يكن فيه طيب، ولا يعجبني3 أن يكتحل للزينة، وأما المرأة فلا تكتحل بالسواد إلا بالذرور.4
قال إسحاق: كما قال.5
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 ساقطة من ع، والأولى إثباتها كما في ظ، لأن المقصود بالحكم هو المحرم، كما أن في ذلك موافقة لما درج عليه في المسائل التي بعدها.
3 يقصد بها هنا "الكراهة".
4 الذَّر: مصدر ذررت، وهو أخذ الشيء بأطراف أصابعك تذره كذر الملح المسحوق على الطعام.
والذرور: بالفتح ما يذر في العين وعلى القرح من دواء يابس، وفي الحديث: تكتحل المحد بالذرور. لسان العرب [4/303-304.
] ولا يجوز للمحرم أن يكتحل بما فيه طيب، أمّا ما عداه فمباح، إلا إن كان أسْوَدَ أو للزينة فيكره حينئذ، والمرأة أشد كراهة، لأنها محل للزينة.
وقد جاء في حديث جابر الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم: "أن علياً صلى الله عليه وسلم قدم من اليمن فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل فلبست ثياباً صبغاً واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقت صدقت".
رواه مسلم 1/888.
فهذا يدل على أنها كانت ممنوعة من ذلك أثناء الإحرام.
المغني 3/306، الكافي 1/413.
5 معالم السنن 2/356

(5/2191)


قال: [لا] 1 بأس به،2 ولكن لا يقطع الشعر.3
قال إسحاق: كما قال.4
[1472-] قلت: المحرم ينكح؟
قال: لا، وإن نكح فرق بينهما.5
__________
1 سقطت من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن الكلام لا يستقيم بدونها.
2 ولا فدية عليه، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "احتجم وهو محرم".
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الحجامة والقيء للصائم 2/237.
ومسلم في كتاب الحج، باب جواز الحجامة للمحرم 1/862.
3 فإن قطع شعراً فعليه الفدية لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} الآية 196 سورة البقرة.
ولأنه حلق شعراً لإزالة ضرر غيره، فلزمته الفدية كما لو حلقه لإزالة قمله.
[] المغني 3/278-279، الكافي 1/414، تحفة الأحوذي 3/577-578.
4 الإشراف ق 113ب، معالم السنن 2/356.
5 هذا المذهب، وعليه الأصحاب، كما قاله صاحب الإنصاف، وسواء كان النكاح لنفسه أو لغيره بأن كان والياً في النكاح أو وكيلاً فيه.
لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب".
رواه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح المحرم 2/1030، والنسائي في كتاب المناسك، باب النهي عن نكاح المحرم 5/192.
ورواية عن الإمام: إن زوج المحرم غيره صح، سواء كان ولياً أو وكيلاً.
[] المغني والشرح الكبير 3/311-313، شرح النووي لصحيح مسلم 9/194. الإنصاف 3/492، تحفة [] [] الأحوذي 3/578-580.

(5/2193)


قال إسحاق: كما قال، قد سن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ به عمر بن الخطاب رضي الله عنه.1
[1473-] قلت: يغسل المحرم ثيابه؟ 2
قال: نعم.3
__________
1 وذلك ما روى البيهقي في باب المحرم لا ينكح ولا ينكح 5/66، إن طريفاً تزوج امرأة وهو محرم، فرد عمر بن الخطاب رضي الله عنه نكاحه.
وقال ابن حزم: "وصح عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت فسخ نكاح المحرم إذا نكح" المحلي 7/198.
وتأتي نحو هذه المسألة برقم (1688) .
2 في ع "قلت: المحرم يغسل ثيابه".
3 ومما ورد في ذلك:
أ- ما روى البيهقي 5/64 في باب المحرم يغسل ثيابه عن جابر قال:" المحرم يغتسل ويغسل ثوبيه إن شاء".
ب- ما جاء في الآثار للأنصاري ص 123 عن مجاهد قال: "سألت ابن عمر رضي الله عنهما أيغسل المحرم ثيابه؟ قال: نعم إن الله لا يصنع بدرنه شيئاً".
جـ- عن نافع ابن عمر قال: "لا بأس أن يغسل المحرم ثيابه".
المحلى 7/247.
وسبق في مسألتي (1461) ، (1470) إن المحرم يبدل ثيابه ويغتسل.

(5/2194)


قال إسحاق: (نعم كما قال) .1
[1474-] قلت: المحرم يحك رأسه؟
قال: (يحكه) 2 ببطن أنامله3 [لا] يقتل4 دابة5 ولا يقطع شعراً.6
__________
1 في ظ "نعم"، بحذف "كما قال"، وأكثر ما درج عليه المؤلف في إثبات قول إسحاق هو:" كما قال "
وانظر عن قول إسحاق في المسألة. الإشراف ق 115أ.
2 في ع" يحك "، والمناسب ما أثبته من ظ.
3 وهذا من، باب سد الذرائع، لأن الحك بالظفر يحتمل أن يقطع الشعر، أما بالباطن فغالباً أنه لا يقطع.
4 سقطت "لا" من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، ولأن السياق يتطلب ذلك.
5 أي قملة.
6 فإن قطع شعراً لزمته فدية، راجع التعليق على مسألة رقم: (1471) .
وسيأتي تفصيل ذلك في المسألة (1510) .
وتحرير المسألة أن المذهب جواز حك المحرم رأسه، أو بدنه برفق ما لم يقطع شعراً.
وقيل: غير الجنب لا يحكهما بيديه، ولا يحكهما بمشط، أو ظفر.
انظر: الإنصاف 3/460، الفروع 3/354، المغني 3/267، المحرر 1/238

(5/2195)


قال إسحاق: كما قال،1 وكذلك كل جسده يحكه بالأصابع ولا يحكه بظفره، فإن حكه بظفره حتى أدمى تصدق بشيء.
[1475-] قلت: المحرم يقصر عن الحلال؟
قال: نعم.2
قال إسحاق: (نعم) .3
[1476-] قلت: المحرم إذا مات يغطى وجهه؟
قال: لا يغطى وجهه، ولا يقرب الطيب.4
__________
1 انظر عن قوله الإشراف ق 115ب.
2 المحرم إذا حلق رأس حلال، أو قلم أظفاره، فلا فدية عليه، لأنه شعر مباح الإتلاف، فلم يجب بإتلافه شيء، كشعر بهيمة الأنعام.
المغني 3/524، الشرح الكبير 3/266، الفروع 3/354، المحرر 1/238، المبدع 3/138، التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح ص 108.
3 في ع "شديداً".
وانظر عن قوله المغني 3/524، الشرح الكبير 3/266.
4 الطيب: ما يتطيب به.
لسان العرب 1/565.
وفي الكافي 1/407: "كل ما يتطيب به، أو يتخذ منه طيب، كالمسك والكافور والعنبر والزعفران والورس والورد والبنفسج".
ومما ورد في ذلك ما روى ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً في حديث المحرم الذي وقصته ناقته: "وكفنوه في ثوبه، ولا تمسوه بطيب، ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبداً" - أي على هيئته التي مات عليها - النووي على مسلم 8/129.
وفي بعض الروايات: "اغسلوه بماء ولا تقربوه طيباً، ولا تغطوا وجهه فإنه يبعث يلبي". أخرجه مسلم، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات 1/866.
ولقد سبق الكلام في حكم تغطية وجه المحرم في مسألة رقم: (1466) ، وأن الصحيح من المذهب جواز ذلك.
ورواية المنع مستندة لهذا الحديث، وهي المذكورة هنا.
وأجيب بأن المتفق عليه من الحديث: "لا تخمروا رأسه"، والرواية الأخرى مضطربة كما قاله ابن قدامة في المغني 3/304.
ويمكن تأويل الحديث بأن المقصود منه صيانة الرأس، كما ذهب إليه النووي في شرح صحيح مسلم 8/128.

(5/2196)


قال إسحاق: كما قال.
[1477-] قلت: ما استيسر من الهدي [ما هو] 1؟
قال: شاة.2
__________
1 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها كما في ع؛ لأن مقام السؤال يتطلبها.
2 الشاة: الواحدة من الغنم للذكر والأنثى، والجمع شياه.
القاموس المحيط 4/289، مختار الصحاح 352، المصباح المنير 1/328.
روى ذلك عن الإمام أحمد ابن هانئ 1/158 برقم 797.
ومما ورد في تقدير ما استيسر من الهدي ما روى الإمام مالك في الموطأ 1/385 عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم أنهما قالا: "ما استيسر من الهدي شاة".
وانظر أيضاً: المغني 3/566، الإشراف ق 128، فتح القدير للشوكاني 1/196.

(5/2197)


قال إسحاق: كما قال،1 [والبقرة] 2 والبدنة أفضل،3 والشاة4 وشرك في الدم5 يجزي.6
__________
1 الإشراف ق 128 ب.
2 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن البقرة كالبدنة في الأفضلية إن أخرجت كاملة.
3 هذا إذا كانت كاملة، قال في الإقناع: " والأفضل فيهما إبل ثم بقر إن أخرج كاملاً ".
الإقناع 1/401، وانظر أيضاً: المغني 3/571، شرح منتهى الإيرادات 2/77.
4 هكذا في المخطوطة فيكون حكم الشاة، كحكم ما بعدها في الإجزاء، ويحتمل وجود تصحيف فبدل الواو "من" فتصبح العبارة: "والبدنة أفضل من الشاة".
5 أي الإشتراك في الهدي والأضحية بالبدنة والبقرة.
6 لما روي عن جابر رضي الله عنهما أنه قال: "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة".
رواه مسلم في باب الإشتراك في الهدي وإجزاء البقرة والبدنة كل منهما عن سبعة 1/955، والترمذي في باب ما جاء في الإشتراك في البدنة والبقرة 3/248 وقال: حديث حسن صحيح.
[] وانظر عن المسألة أيضاً المغني 3/579-580، 11/96 الكافي 1/472، الإشراف ق 128ب.

(5/2198)


[1478-] قلت: كيف تنحر البدن؟ 1
قال: معقولة2 على ثلاث،3 وإن خشي عليها أن تنفر4
__________
1 النحر: الصدر، ونحره ينحره نحراً أصاب صدره.
ونحر البعير: طعنه في منحره حيث يبدو الحلقوم من أعلى الصدر.
لسان العرب 10/486.
ونحر البدن شرعاً: أن يضربها بحربة أو نحوها في الوهدة التي بين أصل عنقها وصدرها.
المغني 11/45، الشرح الكبير 11/52.
2 عقل البعير: ثني وظيفه مع ذراعه، وشدهما جميعاً في وسط الذراع.
لسان العرب 11/459، مختار الصحاح 447.
3 السنة في نحر الإبل أن تكون قائمة معقولة يدها اليسرى لقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} سورة الحج الآية 36.
ولأن ابن عمر رضي الله عنهما مر على رجل قد أناخ بدنته لينحرها، فقال: ابعثها قياماً مقيدة، سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
متفق عليه. أخرجه البخاري، باب نحر الإبل مقيدة 2/185، ومسلم، باب نحر البدن قياماً مقيدة 1/956.
4 النفر: التفرق.
ونفر الظبي وغيره نفراً أو نفراناً: شرد. لسان العرب 5/224.

(5/2199)


أناخها.1
قال إسحاق: كما قال.
[1479-] قلت: يوجه بالذبيحة إلى القبلة؟
قال: نعم.2
قال إسحاق: كما قال.
[1480-] قلت: يذبح أهل الكتاب للمسلمين؟
قال: أما النسك فلا،3 وأما [ما] 4 سوى ذلك فلا بأس.
__________
1 أناخها: أبركها. لسان العرب 3/65.
وانظر عن المسألة: الكافي 1/480، الإقناع 1/403.
2 هذا على وجه الاستحباب لأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يستحب ذلك، ولأنها أولى الجهات بالاستقبال.
انظر: المغني 11/46، الكافي 1/480.
3 هذه رواية عن الإمام أحمد. وعنه أيضاً: لا يجزي ذبحه للإبل خاصة.
والصحيح جواز ذلك، وهو المذهب كما في الإنصاف 4/82.
ولكن المستحب أن يذبحها مسلم.
وحجة المنع أن النسك قربة، فلا يليه غير أهل القربة.
ومعتمد ما عليه المذهب أن من جاز له ذبح غير الأضحية جاز له ذلك كالمسلم، ولأن الكافر يجوز أن يتولى ما كان قربة للمسلمين كبناء المساجد والقناطر. المغني 11/116.
4 سقطت الميم من ظ، والصواب إثباتها كما في ع.

(5/2200)


قال إسحاق: لا يذبح أضحية1 ولا غيرها للمسلمين، فإذا ذبحها لنفسه وسمى غير الله عز وجل أكلتُه إذا لم أسمع منه ذلك.2
[1481-] قلت: الأكل من لحوم الضحايا فوق ثلاثة أيام؟
__________
1 الأضحية بضم الهمزة وكسرها وتشديد الياء فيهما، جمعها أضاحي، ويقال لها ضحية وجمعها ضحايا، وهي شاة تذبح يوم الأضحى.
القاموس المحيط 4/356، مختار الصحاح 378، المصباح المنير 1/359.
2 أما عدم أكل ذبيحة من سمعناه يذكر على ذبيحته اسم غير الله، فلقوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} الآية 173 سورة البقرة، وورد تكرار تحريم هذه المحرمات في سورة النحل آية 115.
وأما أكل ذبيحة من لم نسمعه يذكر ذلك، فلقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} من الآية 5 من سورة المائدة.
وأما عدم استنابة الكافر في ذبح الأضحية فلما فيها من القربة، وهو ليس من أهل القرب.
وعدم استنابته مطلقاً في أية ذبيحة فذلك أخذ بالاحتياط وورع من الإمام إسحاق رحمه الله تعالى.
والراجح جواز ذلك كما سبق لعموم الأدلة في ذلك، ولأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك وتحصل كثيراً في البلدان التي يعيش فيها مسلمون وأهل كتاب.

(5/2201)


قال: لا بأس [به] .1
قال إسحاق: كما قال،2 سنة مسنونة.3
[1482-] قلت: كم يؤكل من التطوع؟
قال: الثلث، ويطعم أصحابه الثلث، ويتصدق بالثلث.
[قال إسحاق: كما قال] .4
__________
1 ساقطة من ظ، والمناسب إثباتها كما في ع.
2 قال ابن قدامة في المغني 11/110: "ويجوز ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة في قول عامة أهل العلم" ا. هـ.
3 فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكراً".
أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام وبيان نسخه 2/164، وأحمد في مسنده 5/357.
والحديث مما صرح فيه بالناسخ والمنسوخ جميعاً.
ومعنى نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء.. الخ أنه كان منهياً عن الانتباذ في بعض الأوعية خوفاً من أن يصير مسكراً إلا في الأسقية، لأنه يؤمن منها الإسكار، فورد نسخ ذلك، فأبيح الانتباذ في كل وعاء بشرط أن لا يشربوا مسكراً.
شرح النووي على صحيح مسلم 13/158.
4 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها كما في ع؛ لأن المعهود من المصنف أن يذكر رأي إسحاق في المسألة، ويستحب الأكل من هدي التطوع لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} سورة الحج، آية 36.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من بدنه، كما في حديث جابر المشهور الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الكافي 1/474، والمبدع 3/298 أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "الضحايا والهدايا ثلث لك، وثلث لأهل بيتك، وثلث للمساكين".
وانظر عن المسألة أيضاً المغني 3/566، الكافي 1/468/، المبدع 3/296، الإنصاف 4/103، فتح القدير للشوكاني 3/454.

(5/2202)


[1483-] قلت: مسوك1 الضحايا كيف يصنع بها؟
قال: يتصدق بها، (وينتفع) 2 ولا يبيعها.3
__________
1 جمع مَسْك بالفتح وسكون السين: وهو الجلد، وخص به بعضهم جلد السخلة.
لسان العرب 10/486.
2 في ظ "وينتفع بها" بزيادة "بها" والمناسب حذفها كما أثبته من ع.
3 هذا هو المشهور في المذهب لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ولا تبيعوا لحوم الأضاحي والهدي، وتصدقوا، واستمتعوا بجلودها".
أخرجه أحمد في مسنده 4/15، وعنه يجوز بيع الجلد والتصدق بثمنه.
وثالثة: يجوز ويشتري بثمنه أضحية.
ورابعة: يجوز ويشتري به آلة البيت، كالغربال ونحوه، لا مأكولاً.
وخامسة: يكره.
وأخرى: يحرم بيع جلد الشاة فقط.
انظر: المغني 11/111، المبدع 3/289، الإنصاف 4/92

(5/2203)


قال إسحاق: كما قال.
[1484-] قلت:1 ما يؤكل من الكفارات، والنذور، وجزاء الصيد؟
قال: لا يؤكل من النذور، ولا من جزاء الصيد، ويؤكل ما سوى ذلك.2
قال إسحاق: كما قال، لأن النذور وجزاء الصيد3 واجبان،4
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 آخر الصفحة رقم 85 من ظ.
وهذه رواية عن الإمام أحمد.
والمذهب، وما عليه جماهير الأصحاب، كما في الإنصاف أنه لا يجوز الأكل من كل واجب، سوى هدي التمتع والقران.
ومن أدلة جواز الأكل منها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أكلن من الهدي، كما يدل عليه حديث عمرة عن عائشة الآتي في الصفحة التالية.
الإنصاف 4/104، المغني 3/565، الكافي 1/468، المبدع 3/296، فتح الباري 3/558، الإشراف ق 129 ب.
3 في ظ (الصيد) ساقطة.
4 آخر الصفحة 171 من ع، والواجب عند الأصوليين هو: ما توعد بالعقاب على تركه وقيل: ما يعاقب تاركه، [] روضة الناظر لابن قدامة 1/90-91، المسودة في أصول الفقه 575.

(5/2204)


ويتحامى1 الأكل من كل واجب أحب إلينا،2 وكذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما: لا يؤكل من جزاء الصيد والنذور، ويؤكل ما سوى ذلك [ظ-44/أ] .3
قال أحمد: بلغني عن أبي يعقوب [إسحاق] 4 أنه قال: لا يؤكل من هدي المتعة.
قال أحمد: فذكر [ت] 5 حديث عمرة6 عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أدخل علينا لحم بقر فقالوا ذبح النبي صلى الله عليه وسلم عن
__________
1 في ع "وتتحامى"، والأقرب للسياق ما أثبته من ظ.
والمعنى يجتنب الأكل ويتوقاه، لسان العرب 14/200.
2 انظر عن قول إسحاق المغني 3/565، معالم السنن للخطابي 2/297، الإشراف ق 129ب.
3 أخرجه البخاري في باب ما يأكل من البدن وما يتصدق 2/187.
4 ساقط من ع، وهو ابن راهوية المشارك في المسائل.
5 التاء ساقط من ع.
6 هي عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية، تابعية أكثرت عن عائشة. وروى عنها ابنها أبو الرجال، وأخوها محمد بن عبد الرحمن، وابن أخيها يحيي بن عبد الله، وابن ابنها حارثة بن أبي الرجال وغيرهم، قال عنها الحافظ في التقريب: "ثقة من الثالثة"، ماتت سنة ثمان وتسعين، وقيل سنة ست ومائة.
تهذيب التهذيب 2/438، التقريب ص 471.

(5/2205)


أزواجه1 (فنفر) .2
قلت: من شاء؟ 3
قال: (يأكلن) 4 من اللحم، قال:5 ويكون هذا.
قلت: يأكل؟
قال: يأكل (ما سوى جزاء) 6 الصيد والنذور، واحتج بحديث ابن عمر رضي الله عنهما.7
__________
1 الحديث عن عمرة قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا أنه الحج، حتى إذا دنونا من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي، إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة أن يحل. قالت عائشة رضي الله عنها: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبح النبي صلى الله عليه وسلم عن أزواجه".
أخرج البخاري في باب ما يأكل من البدن وما يتصدق 2/187، ومسلم في باب بيان وجوه الإحرام 1/876، وابن ماجة في باب فسخ الحج 2/993، حديث2981، وأحمد في مسنده 6/194 بلفظ: (عن نسائه) .
2 في ع "ببقر"، والصواب ما أثبته من ظ؛ لأن الحديث ينتهي عند قوله: " أزواجه"و "فنفر" من كلام الإمام أحمد.
3 أي تأكل من شاءت منهن.
4 في ع "لم يأكلن".
5 أي الإمام أحمد أيضاً، وفيه زيادة تأكيد بجواز الأكل.
6 في ظ "ما سوى ذلك جزاء"، والصواب ما أثبته من ع؛ لأن المعنى لا يستقيم إلا به.
7 السابق تخريجه في أول المسألة.

(5/2206)


قال إسحاق: كما قال، ولم (أقل) 1 ما بلغه.2
[1485-] قلت: ما يضمن من الهدي؟
قال: (هدي المتعة) 3 وجزاء الصيد [وكل] 4 شيء من الكفارات.
قال إسحاق: كما قال، ومن التطوع ما يأكل منه، فإذا أكل غرم كالهدي.5
__________
1 في ظ "أقله"، والمناسب حذف الهاء كما في ع، لاستقامة المعنى بذلك.
2 أكد الإمام إسحاق رحمه الله ما سبق له من أنه يجوز للمحرم أكل ما سوى الصيد والنذور، ونفى ما بلغ الإمام أحمد رحمه الله من أنه يقول بأن المتمتع لا يأكل من هديه.
ويحمل هذا الخطأ على الواسطة بينهما، فإن الإمامين جبلان في الحفظ والضبط والإتقان، أو لعله نسيان من الإمام إسحاق فيما أفتى به أولاً.
3 في ع "الهدي والمتعة"، والصواب ما أثبته من ظ لاستقامة المعنى به.
4 ساقطة من ع، والمعنى يقتضي إثباتها كما في ظ.
5 أي: ويضمن من هدي التطوع ما يأكل منه إذا خاف عطبه في الطريق فنحره، كما يأتي في المسألة التالية، وأما الواجب إذا ساق له هدياً وعطب في الطريق فعليه الضمان، ومنه ما ذكر من هدي التمتع والجزاء والكفارات، وكذلك النذر، فيضمن الجميع، لأن وجوبه في الذمة فلا يبرأ منه إلا بإيصاله إلى مستحقه، بمنزلة من عليه دين فحمله إلى مستحقه يقصد دفعه إليه فضاع في يده، فإنه يضمن.
وروى الإمام مالك في الموطأ 1/380، والدارقطني 2/242 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أهدى تطوعاً ثم ضلت فليس عليه البدل، إلا إن شاء، فإن كان نذراً فعليه البدل".
كما روى مالك في الموطأ 1/381 عن ابن شهاب أنه قال: من أهدى بدنة جزاءً، أو نذراً أو هدي تمتع فأصيبت في الطريق، فعليه البدل.
[] انظر: المغني 3/557، الإنصاف4/98-99

(5/2207)


[1486-] قلت: البدنه تهلك قبل أن تبلغ؟ 1
قال: إن كان تطوعاً فليس عليه البدل،2 وإن كان هدي المتعة وجزاء الصيد والكفارات فعليه البدل، ولا يأكل من التطوع [هو] 3 ولا أحد من أهل رفقته.4
__________
1 أي قبل وصولها الحرم ومجئ وقت الذبح. الإنصاف4/83، الشرح الكبير مع المغني 3/522.
2 لما سبق في المسألة السابقة (1485) .
3 ساقطة من ع، والأقرب ما أثبته من ظ للتنصيص على المعطوف عليه الموضح للمعنى أكثر.
4 إذا خاف عطب هدي التطوع نحره ولا يأكل منه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم يقول: " "إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتاً فانحرها، ثم أغمس نعلها في دمها، ثم اضرب صفحتها، ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك".
أخرجه مسلم في باب ما يفعل بالهدي إذا عطب 1/963.
فإن أكله غرم.
روى الإمام مالك في الموطأ 1/381 عن سعيد بن المسيب أنه قال: "من ساق بدنه تطوعاً فعطبت فنحرها، ثم خلى بينها وبين الناس يأكلونها فليس عليه شيء، وإن أكل منها، أو أمر من يأكل منها غرمها".
أما إذا وصل الهدي محله فيستحب الأكل من هدي التطوع، كما سبق في المسألة (1482) .
وعلم مما سبق أنه لا يأكل من التطوع في حالة العطب، ويأكل من الواجب، لأن التطوع لا يلزمه ضمان فإن أكل غرم.
[] المغني 7/560-561، الإنصاف 4/97.

(5/2208)


قال إسحاق: كما قال، لأنه إن أكل غرم.
[1487-] قلت: تركب البدنة؟
قال: إي والله، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: اركبها.1
__________
1 هو جزء من حديث أخرجه الأئمة: البخاري ومسلم وأبو داود بأسانيدهم عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يسوق بدنة فقال: "اركبها، قال: إنها بدنة، فقال: اركبها ويلك، في الثانية أو في الثالثة".
وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهراً ".
[] صحيح البخاري 2/180، باب ركوب البدن صحيح مسلم1/960-961-، باب جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها، سنن أبي داود 2/367، باب ركوب البدن.

(5/2209)


قال إسحاق: كما قال.1
[1488-] قلت: من قال: من قلد هديه فقد أحرم؟ 2
(قال: قالت) 3 عائشة رضي الله عنها: "كنت أفتل4 قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم"5.
__________
1 انظر: لقول إسحاق معالم السنن 2/293.
وركوب البدن إذا كان لحاجة يجوز، لحديث جابر المذكور، ولأنه تعلق بها حق المساكين فلم يجز ركوبها من غير ضرورة، وأما مع عدم الحاجة ففيه روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: وهو الصحيح من المذهب أنه لا يجوز لما ذكرنا.
والثانية: يجوز لحديث أبي هريرة.
[] المغني والشرح الكبير3/563، الإنصاف4/91، المبدع 3/287-288.
2 ويحرم عليه ما يحرم على المحرم، وهو قول ابن عباس، ومحكي عن ابن عمر رضي الله عنهم، كما سيأتي في التعليق على قول إسحاق: (كما قال) .
3 في ظ "وقالت"، والأولى ما أثبته من ع لاستقامة المعنى بذلك.
4 فتل الحبل فتلاً أي لواه وبرمه. المعجم الوسيط 2/673، لسان العرب 11/514.
5 ولفظه "عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه، ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المحرم".
أخرجه البخاري في باب فتل القلائد للبدن 2/182، ومسلم في باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم 1/957، وأبو داود في باب من بعث بهديه وأقام 2/365، وابن ماجه في باب تقليد البدن 2/1034، حديث3095.
وبظاهره قال مالك والشافعي، كما في معالم السنن.

(5/2210)


[و] 1 قال: من قلد هديه، وهو يريد الحج فقد وجب عليه الإحرام، وحديث عائشة رضي الله عنها: "أنه [إن] 2 كان مقيماً لا يحرم عليه شيء".
قال إسحاق: كما قال.3
[1489-] قلت: صيام (المتمتع) ؟ 4
قال: (يصوم) 5 في أشهر الحج على حديث ابن عمر رضي الله عنهما6 ما بين أن يهل بالحج، ويجعل آخرها7 يوم
__________
1 الواو ساقطة من ع، والصواب إثباتها، كما في ظ، والقائل هو الإمام أحمد.
2 ساقطة من ع، والصواب إثباتها، كما في ظ لاستقامة المعنى بذلك.
3 انظر عن قول الإمامين فتح الباري 3/546، ومعالم السنن 2/293، وشرح السنة 7/96.
4 في ع "التمتع"، والمناسب للسياق بعده ما أثبته من ظ.
5 في ظ "تصوم".
6 وحديث ابن عمر جاء فيه "فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعةً إذا رجع إلى أهله".
متفق عليه، البخاري في باب من ساق البدن معه 2/181، ومسلم في باب وجوب الدم على المتمتع 1/901.
7 أي الأيام الثلاثة.

(5/2211)


عرفة.1
قال إسحاق: كما قال، ولا (يصومهن) 2 إلا وهو محرم، (كذلك) 3 قال ابن عمر رضي الله عنهما.4
قلت: من قال لا يصومهن حتى يحرم؟ 5
قال: إذا علم أنه لا يجد فيقدم الصوم،6 ويعجبه7 أن يكون محرماً.
__________
1 هذا هو المشهور عن الإمام أحمد، وهو وقت الاختيار لصيام هذه الأيام الثلاثة، أي ما بين إحرامه بالحج ويوم عرفة، ولها وقت جواز ويبتدئ من بعد الإحرام بالعمرة.
وعن الإمام رواية أن الأفضل أن يكون آخرها يوم التروية.
المغني 3/505، المبدع 3/175، الكافي 1/398، الإنصاف 3/512.
2 في ظ "يصومن"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.
3 في ظ "وكذلك" بزيادة الواو، والمناسب ما أثبته من ع. لأن إسحاق يستدل بقول ابن عمر رضي الله عنهما وليس قبل قوله قول، وقول ابن عمر يوافقه.
4 انظر عن قول ابن عمر رضي الله عنهما المغني 3/505، الإشراف ق122 أ.
5 أي بالحج: وممن قال بذلك إسحاق والشافعية والمالكية، كما سيأتي في التعليق الأخير في المسألة.
6 قال ابن قدامة في المغني: 3/505: " وإن صام منها شيئاً قبل إحرامه بالحج جاز، نص عليه" أي الإمام أحمد.
7 أي الإمام أحمد، وتطلق هذه اللفظة عند علماء الحنابلة على الندب، وقيل على الوجوب، والمقصود بها هنا الندب حملاً على ما هو مقرر في المذهب.

(5/2212)


قال إسحاق: كما قال، لا يصوم إلا وهو محرم.1
[1490-] قلت: إذا فاته الصوم؟
قال: إذا فاته الصوم حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما،2 أرجو أن لا يكون به بأس يصوم أيام منى.3
__________
1 انظر عن قول إسحاق المغني 3/505.
2 قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن، إلا لمن لم يجد الهدي".
أخرجه البخاري 2/250 في كتاب الصيام، باب صيام أيام التشريق.
وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة، فإن لم يجد هدياً ولم يصم صام أيام منى".
وبنحوه عن عائشة رضي الله عنها.
أخرجهما البخاري أيضا 2/250.
3 هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو قول إسحاق لحديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، المشار إليه.
وعن الإمام أحمد رواية: أنه لا يصوم أيام منى ويصوم بعد ذلك عشرة أيام، للحديث السابق في التعليق السابق الذي أشار إليه الإمام أحمد، ولأنها لا يجوز فيها صوم النفل، فلا يصومها عن الهدي.
والروايتان عن الإمام أحمد مطلقتان في أكثر كتب الحنابلة.
والراجح: والله أعلم جواز صومها لمن لا يجد الهدي، للحديث الصحيح عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم، ويخص به حديث النهي عن صيامها، وهو صريح حديثهما حيث بينا أنه لم يرخص إلا لمن لا يجد الهدي. والظاهر أن الترخيص من المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقياس فاقد الهدي على المتطوع قياس مع الفارق، علاوة على أنه في مقابل النص.
[] المغني 3/507، الإنصاف 3/351-352، المبدع 3/176.
وعن أحمد في وجوب الدم عليه في هذه الحالة روايتان:
أحدهما: يجب عليه الدم، جزم بها الخرقي.
وثانيهما: لا دم عليه.

(5/2213)


قال إسحاق: كما قال، يصوم أيام التشريق بلا شك لما رخص لهم في ذلك، وهو مستثنى من جملة نهي النبي صلى الله عليه وسلم أيام التشريق.1
__________
1 ومنه عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب".
أخرجه مسلم 1/800 في كتاب الصيام، باب تحريم صوم أيام التشريق.
وعن عقبة ابن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب".
أخرجه الترمذي 3/143 في كتاب الصيام، باب ما جاء في كراهية الصوم أيام التشريق، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه أبو داود 2/804 في باب صيام أيام التشريق، والنسائي 5/252 في كتاب المناسك، باب النهي عن صوم يوم عرفة.
وفي حديث لأبي داود 2/804 قال عمرو بن العاص لابنه عبد الله الصائم في أيام التشريق "كل فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها".
وانظر عن قول إسحاق المغني 3/507، ومعالم السنن للخطابي 3/295، وسنن الترمذي 3/244.

(5/2214)


[1491-] قلت: المتمتع لا يجد هدياً؟
قال: يصوم أيام منى،1 حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1492-] قلت: صيام السبعة إذا مات قبل أن يصومهن؟
قال: يطعم عنه.4
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 هذا إذا لم يصم قبل يوم النحر.
2 هو حديثهما في المسألة السابقة (1490) .
3 راجع المسألة السابقة (1490) .
4 هذا إن كان لغير عذر، يطعم عنه كما يطعم عن صوم أيام رمضان، أما إن كان لعذر فلا شيء عليه كما في المغني.
وفي المبدع والإنصاف أنه كصوم رمضان، نص عليه أحمد، تمكن منه أم لا، أي يطعم عنه مطلقا لعذر أولغير عذر. وبناء على أنه يدفع من التركة للحج إذا مات بعد التمكن كما سبق في مسألة رقم (1376) يترجح الإطعام إذا كان في التركة سعة لذلك.
المغني 3/509، المبدع3/178، الإنصاف 3/516.

(5/2215)


[1493-] قلت: من فاته الحج؟
قال: يحل بعمرة،1 وإن كان معه هدي نحره، ويحج من قابل2 وعليه الهدي3 (وإذا) 4 كان أهلَّ بحج وعمرة فعليه قضاؤهما،
__________
1 هذا الصحيح من المذهب، لما روى الشافعي في مسنده ص 125 أن عمر رضي الله عنه قال لأبي أيوب حين فاته الحج: "اصنع ما يصنعه المعتمر، ثم قد حللت، فإن أدركت الحج قابل فحج، واهد ما استيسر من الهدي".
ورواه أيضا البيهقي 5/174 في باب ما يفعله من فاته الحج، ومالك في الموطأ 1/383، باب هدي من فاته الحج.
وعن الإمام أحمد رواية: أنه يمضي في حج فاسد ويقضيه.
المغني 3/550، المبدع 3/267، الكافي 1/460، الإنصاف 4/62.
2 المذهب عليه القضاء، سواء كان الفائت واجباً أو تطوّعاً، لعموم حديث عمر السابق.
ولما روى الدارقطني 2/241 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فاته عرفات فاته الحج، فليحل بعمرة، وعليه الحج من قابل".
وعنه: لا قضاء عليه، فإن كانت فرضاً فعلها بالوجوب السابق، وإن كانت نفلاً سقطت. المغني 3/551، المبدع 3/268، الكافي 460.
3 على أصح الروايتين عن الإمام أحمد، لقول عمر السابق لأبي أيوب.
والثانية: لا هدي عليه.
[] انظر: المراجع السابقة، والسنن الكبرى للبيهقي 5/174-175.
4 في ع "إذا" بحذف الواو، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.

(5/2216)


وهدي واحد يجزيه.1
قال إسحاق: كما قال.
[1494-] قلت:2 المحصر؟ 3
قال: إذا كان إحصار عدو نحر هديه ورجع،4
__________
1 يجب على من فاته الحج هدي واحد يخرجه عند القضاء، سواء كان مفرداً أو قارناً أو متمتعاً. المغني 3/552.
وانظر أيضاً: المسألتين الآتيتين برقم (1653) ، (1706) .
2 في ظ بزيادة "لأحمد".
3 الحصر: المنع، وقد تقدم تعريفه لغة في المسألة رقم (1371) .
4 هذا إذا لم يجد طريقاً، لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (سورة البقرة- الآية 196) .
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم حصروا في الحديبية أن ينحروا ويحلقوا ويحلوا.
وسواء كان الإحرام بحج أو بعمرة أو بهما. وهذا هو المذهب.
أما إن وجد طريقاً آمناً لم يجز له التحلل، قرب أم بعد، لأنه قادر على أداء نسكه فأشبه من لم يحصر، فإن كان لا يصل إلا بعد الفوات مضى وتحلل بعمرة.
انظر: المغني 3/371، 372، والكافي 1 /461، والمبدع 3/270، والإنصاف 4/67.
وفي وجوب القضاء والهدي ومكان نحره روايات عن الإمام.
ففي القضاء روايتان:
إحداهما: لا قضاء عليه وهو المذهب.
والثانية: يجب عليه القضاء.
وفي الهدي اختار ابن القيم رحمه الله أنه لا هدي عليه. والمذهب أنه يلزمه.
ومكان نحره رواية أنه لا ينحره إلا في الحرم، ويواطئ رجلاً على نحره في وقت يتحلل فيه. وأخرى أنه لا ينحره إلا في الحرم إذا كان مفرداً أوقارناً، ويكون يوم النحر. والمذهب ينحره في محل حصره.
انظر: الإنصاف 4/68، 70، والمغني 3/372، 373.

(5/2217)


(وإن) 1 كان من مرض أو كسر فهو محرم حتى يطوف بالبيت،2 (هذا على الحج والعمرة) .3
__________
1 في ع "وإذا".
2 إذا كان الإحصار بغير عدو: فالمشهور في المذهب أنه لا يجوز له التحلل، لأنه لا يستفيد بالحل الانتقال من حاله، ولا التخلص من الأذى الذي به، بخلاف حصر العدو، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم "دخل على ضباعة بنت الزبير فقالت: "إني أريد الحج وأنا شاكية، فقال: "حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني". سبق تخريجه في المسألة (1371) .
فلو كان المرض يبيح الحل ما احتاجت إلى شرط. وعنه رواية: أن له التحلل بذلك.
[] انظر: المغني 3/376، الكافي 1/463-464، الإنصاف 4/71، المبدع 3/273.
وفي لزوم القضاء والهدي ما تقدم في حصر العدو، أما مكان نحر الهدي فالمنصوص عن الإمام أحمد أن من معه هدي لا ينحره إلا في الحرم. الإنصاف 4/71.
3 في ع "على هذا الحج والعمرة".
والمعنى: أي أن الحكم في ذلك واحد، سواء كان إحرامه بالحج أو بالعمرة أو بهما، كما سبقت الإشارة إليه في المحصر بعدو في التعليق على هذه المسألة.

(5/2218)


وإن كان معه هدي بعث به إلى البيت إن وصل إلى ذلك،1 (وإن لم يصل) 2 فالهدي معه أبداً حتى يصل إلى البيت،3 وهو محرم [أبداً حتى يصل إلى البيت] ،4 (وإن) 5 أصابه أذى أو احتاج إلى دواء، أو ما كان فعل (وافتدى) ،6 فإن وصل إلى البيت وقد كان بعث بهديه ذلك وقد فاته الحج7 [ع87
__________
1 أي إن تمكن من ذلك وهو بعث الهدي.
2 في ظ "وإن وصل"، والسياق يؤيد ما أثبته من ع.
3 ولا ينحره قبل ذلك.
4 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن المعنى لا يتم بدونها. فالمعنى: فيكون محرما حتى يصل إلى البيت فيتحلل بعمرة.
5 في "ع": "فإن".
6 في ع "وهدى" وأكثر ما يرد هذا الحكم بلفظ "الفدية" وليس "بالهدي"، ومما يدل على ذلك قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} سورة البقرة آية 196.
المغني 3/520، الكافي 1/415
7 آخر الصفحة 172 من ع.

(5/2219)


/ب] فعليه هدي [آخر] ،1 والقارن (المحصر) 2 بتلك المنزلة عليه (فيها) 3 هدي واحد.4
قال إسحاق: كما قال سواء.
[1495-] قلت:5 قصة صفية بنت حيي رضي الله عنها6 حين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفر7؟
__________
1 في ظ "واحد"، والسياق يقتضي ما أثبته من ع ". والمعنى: إن وصل المريض الذي أرسل هديه إلى البيت محرماً وقد فاته الحج، تحلل بعمرة وعليه هدي آخر غير الذي بعثه.
2 في ظ "والمحصر"، والصواب ما أثبته من ع لموافقته للسياق.
3 في ظ "فيهما".
4 راجع التعليقات السابقة في المسألة.
5 في ظ بزيادة "لأحمد".
6 هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب بن سعنة بن ثعلبه بن عبيد، رضي الله عنها. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خيبر، وماتت سنة ست وثلاثين، وقيل في ولاية معاوية رضي الله عنه، قال الحافظ في [] [] التقريب ص 470: وهو الصحيح. وانظر أيضاً: الإصابة 4/337-339، الاستيعاب لابن عبد البر 4/337-339.
7 قال في المعجم الوسيط 2/939: "نفر الحاج من منى: دفعوا إلى مكة".
ومعنى النفر هنا: الخروج من مكة، والقصة ما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحابستنا هي؟ قالوا إنها قد أفاضت: قال: فلا إذاً".
أخرجه البخاري في باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت 2/195، ومسلم في باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض 1/964، وأبو داود في باب الحائض تخرج بعد الإفاضة 2/510، وابن ماجة في باب الحائض تنفر قبل أن تودع 2/1021، حديث3072.

(5/2220)


قال: هو هكذا.
قال إسحاق: كما قال.1
[1496-] قلت: امرأة طافت خمسة أشواط ثم حاضت؟
قال: لا، إلا التمام.2
__________
1 ذهب الإمامان إلى أنه لا طواف وداع على حائض لقصة صفية هذه، ويشهد له أيضاً الحديث المتفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض".
البخاري، باب طواف الوداع 2/195، ومسلم في ال، باب السابق 1/946.
وتدل القصة أيضا على أن طواف الحج ركن لا يعذر أحد بتركه، كما سيأتي في المسألتين (1496) ، (1604) ، المغني 3/489، كشاف القناع 2/513، غاية المنتهى1/416.
2 هذا في طواف الإفاضة، فلا يجزيها إلا التمام، لأنه ركن لا يعذر أحد بتركه، كما دل عليه حديث المسألة السابقة، وكما سيأتي في المسألة (1604) .
[] ومن ترك بعض الطواف كمن ترك جميعه. المغني 3/492-493.
وستأتي المسألة (1665) قريباً منها.

(5/2221)


قال إسحاق: لا يجزيها إلا السبع الوافية في الطواف الواجب [يوم النحر] 1، (فأما) 2 في الوداع فيجزيها أكثر السبع.3
[1497-] قلت: إذا طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تصلي الركعتين؟
قال: تمضي [تصلي] 4 حيث شاءت،5 واحتج6 بحديث عمر ابن الخطاب رضي الله عنه.7
__________
1 ساقطة من ظ، والأَوْلى إثباتها كما في "ع"، لأن بذلك يتعين كونه طواف الإفاضة وهو المراد، وطواف الإفاضة وإن كان يجوز بعد يوم النحر كما سبق في المسألة (1449) إلا أن ذلك وقته المفضل الذي طاف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم.
المغني 3/465.
2 في ع "وأما".
3 بل يسقط عنها طواف الوداع كله، سواء طافت بعضه أم لم تطف، كما سبق في المسألة (1495) .
4 ساقطة من ع، والمناسب للمقام إثباتها كما في ظ.
5 لأن ركعتي الطواف سنة مؤكدة وليستا بواجب، ويستحب أن يركعهما الطائف خلف المقام، وليس ذلك بواجب. انظر: المغني والشرح الكبير 3/401.
6 أي على جواز صلاتهما في أي مكان.
7 وهو ما روى عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عبد القاري أخبره أنه طاف مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد صلاة الصبح بالكعبة، فلما قضى عمر رضي الله عنه طوافه، نظر فلم ير الشمس، فركب حتى أناخ بذي طوى فسبح ركعتين".
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/91، باب من ركع ركعتي الطواف حيث كان.

(5/2222)


قال إسحاق: كما قال، إن عمر حين طاف بعد الصبح ثم خرج من مكة فلما طلعت الشمس صلى، فأمر الحائض شبيه بقول عمر رضي الله عنه.1
[1498-] قلت: يكون آخر عهده بالبيت؟
قال: إذا خرج إلى الأبطح2 فقد خرج من حد مكة.
يقول: إن اشترى بعد ذلك أوباع (فلا شيء3 عليه) .4
__________
1 ووجه الشبه بينهما أن عمر رضي الله عنه امتنع من الصلاة عند شروق الشمس للنهي عن الصلاة فيه، فلما زال وقت النهي صلى، وكذلك الحائض تمتنع من الصلاة للحيض، فإذا زال المانع تصليهما حيث شاءت.
2 الأبطح: سبق تعريفه في المسألة رقم: (1454) .
3 في ظ "فلا يثبت"، والصواب ما أثبته من ع لاستقامة المعنى به.
4 سئل الإمام أحمد هنا عن طواف الوداع، فأجاب بأن من ابتعد عن البيت ووصل إلى الأبطح فهو في حكم من خرج من مكة، ولا يطلب منه وداع آخر، ولو اشتغل بعد ذلك بأمور كالبيع والشراء، ووافق عليه إسحاق. وأما ما دون الأبطح، فالمذهب أن من اشتغل في تجارة أو أقام بعد طواف الوداع أعاد لحديث ابن عباس السابق، أما إذا اشترى زاداً أو شيئاً لنفسه في طريقه فلا شيء عليه.
[] المغني 3/486-487، الإنصاف 4/50.
ولم يجب رحمه الله عن حكم طواف الوداع، وحكمه: المذهب أَن طواف الوداع واجب ومن تركه لزمه دم، وبه قال إسحاق، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض".
متفق عليه. وسبق تخريجه في المسألة (1495) .
ولمسلم: "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت"، ووقته بعد فراغ المرء من جميع أموره وعزمه على الخروج.
[] المغني والشرح الكبير 3/485-486، الإنصاف 4/49، كشاف القناع 2/512، طرح التثريب 5/127-128.

(5/2223)


قال إسحاق: 1كما قال.2
[1499-] قلت:3 عن كم تنحر البدنة؟
قال: عن سبعة، والبقرة عن سبعة.4
__________
1 في ع بزيادة "أخشى".
2 آخر الصفحة رقم 86 من ظ.
3 في ظ بزيادة "لا حمد".
4 لما روى جابر رضي الله عنه قال: "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البقرة عن سبعة والبدنة عن سبعة".
رواه مسلم في باب الاشتراك في الهدي، وإجزاء البقرة والبدنة كل منهما عن سبعة 1/955، والترمذي في باب ما جاء في الاشتراك في البدنة والبقرة 3/248 وقال: حديث حسن صحيح.

(5/2224)


قال إسحاق: كما قال.
(وإن) 1 نحر البدنة عن عشرة أجزأه، لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.2
__________
1 في ع "فإن".
2 وهو ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر الأضحى فاشتركنا في البقرة سبعة، وفي الجزور عشرة".
رواه الترمذي في نفس الباب 3/349، وقال: حديث حسن غريب.
ورواه النسائي في كتاب الضحايا، باب ما تجزئ عنه البدنة من الضحايا 7/222.
وابن ماجة في باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة 2/1047، حديث3131.
واستدل له أيضاً بالحديث المتفق عليه عن رافع بن خديج "إن النبي صلى الله عليه وسلم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير".
البخاري في كتاب الشركة 3/ 110، ومسلم في كتاب الأضاحي 2/1559، ورواه أيضاً النسائي في كتاب الأضاحي 7/221.
والراجح والله أعلم ما دل عليه حديث جابر الصحيح الصريح في الأضحية، وهو أن البدنة عن سبعة، وأما حديث رافع فهو في القسمة لا في الأضحية، وحديث ابن عباس غريب كما صرح به الحافظ الترمذي، وقال: إنما نعرفه من وجه واحد، فهو لا يقوى على معارضة الحديث الصحيح الصريح في الموضوع. وذكر العلامة السندي في حاشية النسائي 7/221 أنه منسوخ.
[] وانظر أيضاً: المغني 3/578-579، 11/96، زاد المعاد 1/231، سنن الترمذي 3/248.

(5/2225)


[1500-] قلت: الأخذ من الشعر في العشر؟ 1
قال: أما إذا أراد أن يضحي فلا يأخذ،2 حديث أم سلمة رضي الله عنها.3
قال إسحاق: كما قال، والأمصار في ذلك سواء.4
[1501-] قلت: الحلق يوم النحر في غير الحج؟
قال: ما أعرفه.5
__________
1 أي عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، كما في التعليق التالي.
2 روى نحوها عن الإمام ابنه عبد الله برقم 972، 973،ص 262.
3 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئاً".
رواه مسلم، كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو يريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً 2/1565.
والنسائي كتاب الضحايا 7/211.
4 قال في الفروع وأطلق أحمد النهي، وهو المذهب.
ونهيه صلى الله عليه وسلم مع قاعدة أن النهي يقتضي التحريم، إلا لصارف يؤيد ما أجاب به الإمامان هنا، وهو الحرمة، وفيه الاحتياط.
[] المغني 11/95، المبدع 3/299، الإنصاف 4/108-109، الفروع 3/555،
الإشراف ق 143ب.
5 الحلق يوم النحر في غير الحج لموافقة الحجاج بدعة، أما حلق الرأس لغير حج أوعمرة مطلقاً، ففيه روايتان عن الإمام أحمد.
أحدهما: يكره حلقه في غير حجة أوعمرة أوحاجة.
والثانية: لا يكره، وهو الصحيح من المذهب كما في الإنصاف.
[] المغني 1/73-74، الإنصاف 1/123، المحرر 1/11.

(5/2226)


قال إسحاق: كما قال، لا يحلقن أحد بغير مكة إلا من علة، لما يكون شبيهاً بالخوارج.1
[1502-] قلت: قول ابن عباس رضي الله عنهما الحج عرفات؟ 2
__________
1 الخوارج: هم فرقة خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه. تاريخ الخلفاء 174.
وورد أن من سيماهم التحليق.
قال ابن قدامة في المغني 1/73: "واختلفت الرواية عن أحمد في حلق الرأس، فعنه مكروه لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج: "سيماهم التحليق" ا. هـ.
ومما رود في ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج ناس من قبل المشرق ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه. قيل ما سيماهم؟ قال: سيماهم التحليق أوالتسبيد". (وهو بمعنى التحليق) .
أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قراءة الفاجر والمنافق وأصواتهم، وتلاوتهم لا تتجاوز حناجرهم 8/218، وأحمد في مسنده 3/5.
وقال الحافظ ابن حجر: إنهم الخوارج، فتح الباري 13/536.
2 ثبت ذلك في حديث مرفوع وهو حديث الديلمي السابق في التعليق على المسألة رقم (1763) ، فإن فيه: "الحج عرفة".
وسبقت هذه المسألة برقم (1388) بلفظ "قلت: قوله الحج عرفات والعمرة الطواف"؟

(5/2227)


قال: (نعم) 1 لا يتم الحج إلا بعرفات.2
قلت: [قال] 3: والعمرة الطواف.
قال: يقول: لا تتم العمرة إلا بالطواف.4
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في ع "يقول"، والمناسب للمقام ما أثبته من ظ، ويحتمل صحة "يقول"، فيكون المعنى قال أحمد: يقول ابن عباس: "لا يتم الحج إلا بعرفات".
2 فسر الإمام أحمد رحمه الله تعالى العبارة بمعنى أن الحج لا يتم بدون عرفات، وذلك للاهتمام بأمرها وبيان أنها أهم ركن فيه، وليس معناه أن كل الحج عرفة، فإنه له أركان أخرى لا يتم إلا بها أيضاً كطواف الإفاضة. الفروع 3/525.
3 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، للدلالة على أن القائل ابن عباس رضي الله عنهما، والسياق يقتضي إثباتها أيضاً.
4 أي الطواف أهم ركن في العمرة كما أن الوقوف بعرفة أهم ركن في الحج.
ويظهر الحصر في هذه المسألة أكثر من الأولى، لأن في ركنية غير الطواف في العمرة خلافاً، بخلاف الحج المتفق فيه على ركنية غير الوقوف، وهو طواف الإفاضة.
[] انظر: المغني 3/428، الإقناع 1/397-398، المبدع 3/3/265، الفروع 3/525-528.

(5/2228)


[1503-] قلت: من قال (عمرة) 1 في رمضان تعدل حجة (أثبت) 2 هو؟
قال: بلى، هو ثبت.3
قال إسحاق: ثبت كما قال، ومعناه: أن يكتب له كأجر حجة، ولا يلحق بالحاج أبداً.4
[1504-] قلت:5 في الذي يصيب أهله مهلاًّ بالحج؟
__________
1 في ع "العمرة"، والصواب ما أثبته من ظ، لورودها كذلك في الحديث.
2 في ع "ثبت".
3 أي مصيب في قوله ذلك، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: "ما منعك أن تحجين معنا؟ قالت: كان لنا ناضح فركبه أبو فلان لزوجها وابنها، وترك ناضحا فنضح عليه، قال: فإذا كان رمضان اعتمري فيه، فإن عمرة في رمضان حجة، أو نحواً مما قال".
أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب عمرة في رمضان 2/200، ومسلم، كتاب الحج، باب فضل العمرة في رمضان 1/917، ولفظه: فإن عمرة فيه تعدل حجة.
وفي لفظ: "فعمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي".
4 أي يكتب له أجر حجة ولا يجزي ذلك عن حجة الإسلام، فالحديث بمثابة قوله صلى الله عليه وسلم "من قرأ قل هو الله أحد فقد قرأ ثلث القرآن".
كما حكاه ابن قدامة في المغني 3/176 عن إسحاق.
5 في ظ بزيادة "لأحمد".

(5/2229)


قال: يحجان من قابل1 ويتفرقان2، وأرجو أن يجزيهما هدي واحد.3
[قال إسحاق: كما قال، بل يجزيهما هدي واحد] 4.
__________
1 إن كان ما أفسداه حجاً واجباً، وجب عليهما القضاء بلا خلاف في المذهب، أما إن كان تطوعاً فالمنصوص عن أحمد وجوب القضاء، وعليه الأصحاب، وفي الهداية لا يلزم القضاء. الإنصاف ص 496 الشرح الكبير 3/318.
2 في حكم التفرق وجهان:
الأول: يستحب وهو المذهب.
الثاني: يجب.
انظر: الإنصاف 3/497، الكافي 1/459، المغني 3/315، الشرح الكبير 3/319.
3 هذه رواية عن الإمام ولو كانت مطاوعة له، والمذهب أن على كل واحد منهما بدنة إذا طاوعته، وذهب إليه الإمام أحمد في المسألة (1680) وعنه رواية لا فدية عليها.
أما المكرهة فالمذهب لا فدية عليها كما أجاب به الإمام أحمد في المسألة، وعنه: عليها الفدية، وعنه: يفدي عنها الواطئ.
المغني 3/316، الإنصاف 3/521.
4 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن في ذلك إثباتاً لقول إسحاق في المسألة. وهو المطلوب كما درج عليه المؤلف.
وجزم إسحاق أنه يجزيهما هدي واحد، أي ولو كانت مطاوعة، موافقاً لرواية عن أحمد كما سبق.
وانظر عن قول إسحاق في ذلك الإشراف ق104أ.
والأصل في المسألة: ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأله فقال: إني وقعت بامرأتي ونحن محرمان، فقال: "أفسدتَ حجك. انطلق أنت وأهلك مع الناس فاقضوا ما يقضون، وحل إذا حلوا. فإذا كان في العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك، واهديا هدياً، فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم".
وقال ابن عباس وعبد الله بن عمرو مثل ذلك، وفي حديث ابن عباس: فإذا أحرمتما فتفرقا، ولا تلتقيا حتى تقضيا نسككما.
[] انظر: سنن البيهقي 7/167-168، باب ما يفسد الحج.
وانظر أيضاً: المراجع السابقة.

(5/2230)


[1505-] قلت:1 المحرم إذا باشر امرأته وهي محرمة؟
قال:2 عليه دم.3
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 في ع قال الإمام أحمد.
3 أي شاة أو سبع بدنة أو بقرة، وهذا إذا كان دون الفرج ولم ينزل، وهو المذهب.
وفي رواية أن عليه بدنة.
أما إن أنزل، فالمذهب أن عليه بدنة.
وفي رواية أن عليه شاة. وأجاب بذلك الإمام أحمد في المسألة (1681) .
الإنصاف 3/501، 523، المغني والشرح الكبير 3/322، الكافي 418.
وحكم حجه، إن لم ينزل: لا يفسد.
الإنصاف 3/502، المغني 3/322، الكافي 1 /459.
وإن أنزل فيه روايتان: المذهب أنه لا يفسد، كما سيأتي بيان ذلك في التعليق على المسألة (1624) .

(5/2231)


قال إسحاق: نعم.
[1506-] قلت: في الذي يصيب امرأته بعد رمي (الجمرة) ؟ 1
قال: إذا رمى (الجمرة) 2 فقد انتقض الإحرام، ويعتمر من التنعيم.
قال إسحاق: حجته جائزة، (وإن) 3 يعتمر من التنعيم حتى يكون (الطواف بالبيت) 4 بدل الزيارة محرماً، فهو أفضل، لأنه لو كان ترك طواف الزيارة (ولم) 5 يكن جامع جاز له أن يرجع محرماً فيطوف طواف الزيارة.6
[1507-] قلت: [في] 7 الذي يصيب أهله في العمرة قبل أن يقصر؟
__________
1 في ع "الجمار"، والصواب ما أثبته من ظ، لأن المقصود جمرة العقبة.
2 في ع "الجمار"، والصواب ما أثبته من ظ، لأن المقصود جمرة العقبة.
3 في ع "لأن".
4 في ع "طواف البيت".
5 في ع "لم" بحذف "الواو"، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
6 خلاصة هذه المسألة أن من وطئ بعد رمي جمرة العقبة: لم يفسد حجه، ويفسد إحرامه، ويلزمه أن يحرم من الحل- ويلزمه شاة على المذهب، وقيل بدنة.
[] انظر: المغني 3/515-516، الإنصاف ص499-501، الكافي 1/459.
7 في ع بحذف "في".

(5/2232)


قال: الدم لهذا كثير عندي.1
قال إسحاق: كما قال يتصدق (بشاة) 2 لا بد له.
[1508-] قلت: من قبل امرأته وهو محرم؟
قال: عليه دم.3
قال إسحاق: كما قال [[ع-88/أ] .
[1509-] قلت: أين تقضى الفدية؟
قال: على حديث علي رضي الله عنه4 (إلا ما كان مما ترك
__________
1 الصحيح من المذهب أن الذي يجامع في العمرة قبل الحلق أو التقصير لا تفسد عمرته، ويلزمه دم.
وقيل: تفسد.
الإنصاف 3/501، المغني والشرح الكبير 3/412.
2 في ع "بالشاة".
3 هذه المسألة ساقطة من ظ.
وقد روى نحوها عن الإمام أحمد ابنه عبد الله برقم 761 ص 205، وحكم القبلة حكم المباشرة فيما دون الفرج. وسبق الكلام عن ذلك في التعليق على المسألة (1505) .
وانظر أيضاً: 3/324 فقد خص فيه ذكر حكم من قبل.
4 والحديث أن الحسين بن علي اشتكى من رأسه فأمر علي برأسه فحلق، ثم نسك عنه بالسقياء فنحر عنه بعيراً. أخرجه مالك في الموطأ، باب جامع الهدي 1/388.

(5/2233)


في أمر الحج فهو بمكة) .1
قال إسحاق: كما قال.2
[1510-] قلت: من نتف شيئاً من شعره؟
قال: في ثلاث شعرات دم، هو عندي كثير،3 كان ابن عيينة
__________
1 في ظ "مما كان مما ترك من أمر الحج وهو بمكة".
والصواب ما أثبته من ع، لأن المعنى يستقيم به، أي أن الفدية إن كانت لفعل محظور فإن محلها حيث وجد سببها، لحديث علي رضي الله عنه المشار إليه ولحديث كعب بن عجرة المتفق عليه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالفدية في الحديبية".
البخاري في باب المحصر 3/208، ومسلم 1/859، حديث1201.
فإنه لم يأمره ببعثه إلى الحرم، وهذا هو المذهب.
ورواية: أن محلها الحرم.
أما إن كانت لترك واجب، فمحلها الحرم لأنه هدي وجب لترك نسك، فأشبه هدي القران.
[] الإنصاف 3/531-532، المغني 3/568-569، الكافي 1/428.
2 انظر: لقوله: الإشراف ق 106أ.
3 في إزالة الثلاث الشعرات روايتان عن الإمام أحمد:
الأولى: تجب بذلك الفدية، وهو المذهب، وبه قال ابن عيينة.
الثانية: لا تجب، وأن أقل شيء تجب فيه الفدية أربع شعرات. اختاره الخرقي وقدَّمه في المغني.
[] المغني والشرح الكبير 3/521، الكافي 1/416، الإنصاف 9/456-457.

(5/2234)


يستكثره.1
قال إسحاق: فيه دم.2
[1511-] قلت: المحرم يقاتل العدو؟
قال: إذا أريد [ماله بُدَّ لَهُ] 3 من أن يدفع عن نفسه.4
قال إسحاق: كلما (أريد) 5 ماله فله أن يقاتل، يبدأ
__________
1 حكى موافقة للرواية الأولى: ابن قدامة في المغني 3/521، والشرح الكبير 3/263، وابن المنذر في الإشراف ق 106ب.
2 حكى ذلك عنه ابن المنذر في الإشراف ق 106ب.
3 كذا في النسختين ظ وع، ولعله "ما لا بد له" كما في م، ويصح المعنى بهما لكن بهذا التقدير يكون أوضح.
4 لعموم حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد".
متفق عليه. البخاري في كتاب المظالم، باب من قاتل دون ماله 3/108، ومسلم في كتاب الإيمان 1/125، حديث226.
ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: "فلا تعطه مالك". قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قاتله". قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار".
رواه مسلم في كتاب الإيمان أيضاً 1/124، حديث225.
5 في ظ "أراد"، والمناسب للمقام ما أثبته من ع.

(5/2235)


بالنشدة.1
[1512-] قلت:2 ما يتداوى به المحرم؟
قال: كل شيء ليس فيه طيب.3
قال إسحاق: كما قال، وكل شيء يوكل.4
[1513-] قلت: من قتل الصيد يحكم عليه كما قتل في الخطأ والعمد؟
__________
1 النشدة: من المناشدة كقوله أناشدك الله أن لا تفعل كذا، أي أسألك بالله، فيقال: نشدتك الله، وناشدتك الله- أي سألتك به، فيبدأ بالمناشدة، وإن لم يكف عنه، دفعه بالأخف فالأخف كغيره في دفع الصائل.
أساس البلاغة للزمخشري ص632، لسان العرب 3/422، مختار الصحاح 659، المصباح المنير 2/605.
2 في ظ بزيادة "لأحمد".
3 روى نحو هذه المسألة عن الإمام أحمد ابنه عبد الله في المسائل برقم 759 ص205، وروى نحو ذلك أيضاً الإمام أحمد عن ابن عمر في مسائل أبي داود ص112.
4 أجاب الإمام أحمد بضابط لما يتداوى به المحرم، وأجاب الإمام إسحاق بأنه يتداوى بكل شيء يوكل، ويقيد ذلك بأن لا يمس طيباً، لعموم النهي عن الطيب في الإحرام، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته: "ولا تمسوه بطيب".
أخرجه مسلم 1/866، وراجع أيضاً مسألة رقم (1462) .

(5/2236)


قال: كلما قتل يحكم عليه في الخطأ والعمد.1
قال إسحاق: كما قال.
[1514-] قلت: (ما حكم فيه) 2 من الصيد؟
قال: (كلما تقدم) 3 فيه حكم فهو على ذلك.
قال إسحاق: كما قال، كل شيء [قد] 4 حكم فيه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو ما حكم (فيه) 5 إلى يوم
__________
1 هذا على الصحيح من المذهب، لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ، وعن جابر رضي الله عنهما قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضبع يصيده المحرم كبشاً.
أخرجه ابن ماجة، باب جزاء الصيد يصيبه المحرم 2/1030.
فلم يفرق بين العمد والخطأ، ولأنه ضمان إتلاف استوى عمده وخطؤه كما للآدمي.
[] وعنه رواية: أنه لا كفارة في قتل الصيد إذا كان خطأ. المغني 3/531-532، الإنصاف 3/528.
2 في ع "ما قد حكم فيه" بزيادة "قد".
3 في ع "كلما قد تقدم" بزيادة "قد".
4 في ع بحذف "قد".
5 في ع بحذف "فيه".

(5/2237)


القيامة.1 وما لم يحكموا فيه [حكم فيه] 2 ذوا عدل.3
ويجوز أن يحكم فيه ذوا عدل والذي أصاب الصيد.4
[1515-] قلت:5 الثعلب؟
قال: أمره (يشتبه) .6
__________
1 لأنهم أقرب إلى الصواب وأبصر بالعلم، فكان حكمهم حجة على غيرهم، كالعالم مع العامي.
المغني 3/535، الإنصاف 3/536، المبدع 3/192.
2 في ظ حذف "فيه"، والأقرب للسياق إثباتها كما في ع.
3 لقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} المائدة آية 95.
4 المذهب أنه يجوز أن يكون القاتل للصيد أحد العدلين لعموم الآية.
ولما روى الشافعي في مسنده ص 134 أن عمر رضي الله عنه "أمر إربد أن يحكم في الضب الذي قتله، فحكم فيه بجدي، فقال عمر: فذلك فيه".
[] المغني 3/536-537، الإنصاف 3/540، المبدع 3/195.
5 في ظ بزيادة "لأحمد".
6 في ظ "مشتبه"، وما أثبته من ع موافق لما نقله ابن المنذر عن الإمام أحمد، الإشراف ق 111أ.
وفي قتل الثعلب روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: فيه الجزاء.
والثانية لا جزاء فيه.
المغني 3/533، الإنصاف 3/537، المبدع 3/149.
وعلى القول بأن فيه الجزاء روايتان بما يجب فيه:
إحداهما: أن فيه عنزاً.
والثانية: شاة.
الإنصاف 3/537، المغني 3/533، المبدع 3/194.

(5/2238)


قال إسحاق: [إن] 1 أهل العلم اختلفوا فيه، منهم من جعله صيداً يرى فيه [حكومة] 2، ومن جعله سبعاً لم يحكم فيه، والحكم فيه أحب إلي.
[1516-] قلت: القملة؟ 3
قال: يطعم (عنها) 4 شيئاً.5
__________
1 في ع بحذف "إن".
2 في ع "الحكومة".
3 الجمع: قمل، وهو معروف أوله الصؤاب، وهي بيض القمل. لسان العرب 11/568.
4 في ظ "عنه" والصواب ما أثبته من ع، لأن الضمير يرجع إلى القملة وهي مؤنث.
5 في قتل المحرم للقمل روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: لا جزاء عليه، وهي المذهب، لأنه غير مأكول، وهو من المؤذيات، ولا مثل له ولا قيمة.
الثانية: عليه الجزاء. فعلى هذه الرواية أي شيء تصدق به فهو خير.
[] انظر: الإنصاف 3/486، المغني والشرح3/268، 532-533.

(5/2239)


قال إسحاق: تمرة فما فوقها.1
[1517-] قلت: حمام الحل والحرم؟
قال: سواء.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1518-] قلت لأحمد: الصيد يدخل الحرم حياً؟
قال: ما يعجبني.4
__________
1 المغني 3/268.
2 في وجوب الجزاء فيه، لأن أصله وحشي والعبرة بالأصل لا بالحال.
انظر: المغني 3/533، الإنصاف 3/484، المبدع 3/195، الإشراف ق 111ب.
والواجب فيه شاة، فقد حكم بعض الصحابة بذلك، منهم ابن عباس، وعمر، وابن عمر، وعثمان رضي الله عنهم.
المغني والشرح الكبير 3/532، المبدع 3/195، مسند الإمام الشافعي 135.
وعن الإمام أحمد رواية أنه لا يضمن أهليه.
انظر: معونة أولي النهى 4/101.
3 الإشراف ق 111ب.
4 فيلزم من ملكه في الحل رفع يده عنه وإرساله، فإن تلف في يده أو أتلفه، فعليه ضمانه.
[] المغني 3/359، الإنصاف 3/481-482، الكافي 1/424.

(5/2240)


قال إسحاق: كما قال.1
[1519-] قلت: لحم الصيد في الحرم؟
قال: إذا ذبح في الحلِّ لا بأس به.2
قال إسحاق: كما قال.
[1520-] [قلت:3 يقرد4 المحرم بعيره؟
قال: نعم.5
__________
1 قال ابن قدامة "وممن كره إدخال الصيد الحرم ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، وعطاء، وطاووس، وإسحاق". المغني 3/359.
2 لأن النهي عن الصيد في الحرم، أما ما ذبح في غير الحرم فمباح، وما ذبح في غير الحرم خرج عن كونه صيداً في الحرم، ولأنه لو جرحه في الحل فدخل الحرم فمات حل أكله، فهذا من، باب أولى. الكافي 1/425.
3 هذه المسألة بكاملها ساقطة من ع.
4 القراد: واحد القردان، وهو دويبة تعض الإبل. لسان العرب مادة "قرد".
ومعنى يقرد بعيره: أي ينزع عنه القراد. الشرح الكبير مع المغني 3/304.
5 قال في الشرح الكبير 3/304 "ولا بأس أن يقرد المحرم بعيره" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإشراف ق115.
ولقد روى مالك وابن أبي شيبة وعبد الرزاق عن ربيعة بن أبي عبد الله أنه رأى عمر بن الخطاب يقرد بعيراً له في طين بالسقيا، وهو محرم.
كما روى ابن أبي شيبة أن علياً رخّص للمحرم أن يقرد بعيره.
الموطأ 1/357، ومصنف عبد الرزاق 4/449، ومصنف ابن أبي شيبة 4/22.

(5/2241)


قال إسحاق: كما قال] .1
[1521-] قلت: لحم الصيد؟
قال: لا بأس به للمحرم إلا ما أريد [به] 2 الرجل إذا صيد من أجله على ما قال عثمان رضي الله عنه.3
قال إسحاق: كما قال سواء.4
[1522-] قلت: قوم محرمون اشتركوا في صيد؟
قال: عليهم جزاء واحد.5
__________
1 انظر عن قول إسحاق الإشراف ق115ب.
2 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
3 قال في المغني "وإن صيد من أجله لم يبح له، روي ذلك عن عثمان ابن عفان". انظر: المغني والشرح الكبير 3/289.
4 انظر عن قول إسحاق سنن الترمذي 3/204.
5 هذا هو المذهب لقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} المائدة 95.
والجماعة قد قتلوا صيداً فيلزمهم مثله.
ولأنه بدل متلف يتجزأ، فيقسم بدله بين المشتركين.
وعنه: على كل واحد جزاء.
وعنه: إن كفروا بالمال فجزاء واحد، وإن كفروا بالصيام فكفارات.
الكافي 1/422، الإنصاف 3/547، المغني 3/546.

(5/2242)


قال إسحاق: كما قال.1
[1523-] قلت: قوم أحلة صادوا في الحرم2 صيداً؟
قال: عليهم الجزاء.3
__________
1 انظر: لقوله المغني 3/546، الإشراف ق112أ.
2 أي حرم مكة، بناءً على المذهب، كما يأتي في آخر التعليق على المسألة.
3 صيد الحرم حرام على الحلال والحرام، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكة ولا ينفر صيده" الحديث.
أخرجه البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب لا يحل القتال بمكة 2/214، ومسلم في باب تحريم مكة وصيدها 1/986، حديث1353.
وحكمه في الجزاء حكم صيد الإحرام، كما نص عليه في المسألة الآتية برقم 1613، لأنه مثله في التحريم فكان مثله في الجزاء.
الكافي 1/423، الإنصاف 3/548، المغني 3/358.
أما حرم المدينة فإنه يحرم صيده أيضاً، لكن لو فعل ففي وجوب الجزاء روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: لا جزاء فيه وهو المذهب،
والثانية: أنه فيه الجزاء.
[] المغني 3/369-370، الإنصاف 3/559.

(5/2243)


قال إسحاق: كما قال [ظ-45/أ] .
[1524-] قلت: الكلب1 إذا أكل من الصيد؟ 2
قال: لا يؤكل.3
__________
1 أي الكلب المعلم، ويعتبر في تعليمه ثلاثة شروط: إذا أرسله استرسل، وإذا زجره انزجر، وإذا أمسك لم يأكل. المغني 11/6.
2 الصيد لغة: ما تصيد، وفي القاموس الصيد: المصيد، أو ما كان ممتنعاً ولا مالكَ له.
لسان العرب 3/261، القاموس المحيط 1/320.
وشرعا: اقتناص حيوان حلال متوحش طبعاً، غير مملوك لأحد، ولا مقدور عليه. الإقناع 4/321، وانظر أيضاً: المطلع على أبواب المقنع ص 385.
3 هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهي المذهب كما في الإنصاف، لما جاء عن عدي بن حاتم قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: إنا قوم نصيد بهذه الكلاب، فقال: "إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليكم وإن قتلن، إلا أن يأكل الكلب، فإني أخاف أنما أمسكه على نفسه، وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل".
متفق عليه، البخاري في كتاب الذبائح والصيد-، باب إذا أكل الكلب 6/220، ومسلم في باب الصيد بالكلاب المعلمة 2/1529، وفيه "فإن أكل الكلب فلا تأكل".
والرواية الثانية: يباح الأكل.
المغني 11/8، الإنصاف 10/431.

(5/2244)


قال إسحاق: كما قال، (لا يتبع) 1 حينئذ.
[1525-] قلت: البندقة2 والحجر؟ 3
قال: لا، أي لا يؤكل.4
__________
1 كذا في النسختين أي لا يؤكل بعده، وفي م "لا ينبغي"، والصواب ما أثبته، لأن ما في م مخالف للنسخة المنقول عنها، ولأن عبارة "لا ينبغي" موهمة بأن ذلك خلاف الأولى ولا يحرم، ودل كلام الإمامين على أنه يحرم كما في الحديث الصحيح، فيناسب ذلك العبارة المثبتة.
2 البندق: الذي يرمى به، واحده بندقة، والجمع بنادق.
لسان العرب 10/29، القاموس المحيط 3/222، الصحاح 4/1452، وفي صبح الأعشى 2/145: "قوس البندق-ويسمى الجلاهق- قوس يتخذ من القنا، ويلف عليه الحرير، ويغرى. وفي وسط وتره قطعة دائرة تسمى الجوزة، توضع فيها البندقة عند الرمي".
3 أي الذي لا حد له.
4 قال ابن عمر رضي الله عنهما في المقتول بالبندق: "تلك الموقوذة".
أخرجه البخاري في باب صيد المعراض 6/218.
وقال الخرقي في المختصر 209: "ولا يؤكل ما قتل بالبندق أو الحجر، لأنه موقوذ" ا. هـ.
والمقصود بالحجر كما أسلفت هو الذي لا حد له، أما المحدد إن قتل بحده فيباح ذلك، لما روى أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى فأصيبت شاة، فكسرت حجراً فذبحتها، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأكلها.
[] أخرجه البخاري في باب ما أنهر الدم من القصب، وباب ذبيحة المرأة والأمة 6/225-226، وابن ماجة في باب ذبيحة المرأة 2/1062، وقال في الروض المربع 3/356 الشرط الثاني: الآلة فتباح بكل محدد ولو مغصوباً، من حديد وحجر وقصب وغيره" ا. هـ. وانظر أيضاً: المغني 11/37.

(5/2245)


قال إسحاق: كما قال، إلا ما أدركت ذكاته.
[1526-] قلت: ذبيحة السارق؟
قال: لا بأس بها.
قال إسحاق: مكروه.1
__________
1 المراد بذلك حكم ذبيحته من حيث صحة التذكية، فهي كما تدل عليه مسألتنا صحيحة بالاتفاق بين أحمد وإسحاق، إلا أن تذكيته مكروهة عند إسحاق، غير مكروهة عند أحمد.
ونقل عبد الرزاق في المصنف 4/485 بسنده عن طاووس وعكرمة كراهة ذلك، كما نقل عدمها عن الزهري وابن المسيب.
فأما حرمة المسروق فلا خلاف فيها.
وفي مسائل عبد الله برقم 976 ص263: "سمعت أبي يقول لو أن رجلاً سرق شاة ثم ذبحها، فقال: لا يحل أكلها-يعني- له قلت لأبي: فإن ردها على صاحبها؟ قال: لا تؤكل.

(5/2246)


[1527-] قلت:1 من نسي التسمية عند الذبح.
قال: لا بأس به.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1528-] قلت: ذبيحة المرأة والصبي؟
قال: لا بأس به (إذا كان الصبي يطيق) 4 الذبح [ع-88/ب] .5
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 المشهور من المذهب أن التسمية شرط مع الذكر، وتسقط سهواً، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "من نسي فلا بأس".
أخرجه البخاري، باب التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمداً 6/224.
وعنه أن التسمية مستحبة غير واجبة.
وعنه أخرى: لا يعذر بتركها عمداً أو سهواً.
[] المغني 11/32-33، المبدع 9/223-224، الإنصاف 10/441-442.
3 المغني 11/33.
4 في ع "إذا كان يطيق الصبي"، والإطاقة: القدرة على الشيء. لسان العرب 10/232.
5 آخر الصفحة 174 من ع، وفي مسائل عبد الله برقم 988 ص267 "سألت أبي عن ذبيحة الصبي والمرأة؟ قال إذا طاقا وسميا فلا بأس".

(5/2247)


قال إسحاق: كما قال، ولا أقل من سبع سنين.1
[1529-] قلت: ذبيحة الأقلف؟ 2
قال: لا بأس (بها)
__________
1 الطفل إذا كان مميزاً أبيحت ذبيحته، وإن كان غير مميز فلا تباح. وفي صحة ذبيحة المرأة ما روي أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى، فأصيبت شاة، فكسرت حجراً فذبحتها فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأكلها.
أخرجه البخاري كما سبق في المسألة: (1525) .
وقال في المغني: "قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة ذبيحة المرأة والصبي".
[] المغني 11/54-55 والإنصاف 10/386-389.
2 الأقلف: الذي لم يختن.
انظر: لسان العرب 9/290، القاموس المحيط 3/293.
3 في ظ "به". والصواب ما أثبته من ع، لأن الضمير يعود إلى ذبيحة الأقلف وهي مؤنث.
وذبيحة الأقلف تباح، قال المقدسي في الإقناع: "ويشترط للذكاة أربعة شروط أحدها أهلية الذابح، وهو أن يكون عاقلاً قاصداً التذكية ولو مكرهاً أو أقلف، وتكره ذبيحته" ا. هـ.
وفي الشرح الكبير: "وعن أحمد لا تباح ذبيحة الأقلف، وروي عن ابن عباس، والصحيح إباحته فإنه مسلم أشبه سائر المسلمين" ا. هـ.
الشرح الكبير مع المغني 11/46، الإقناع 4/316، كشاف القناع 6/205، مسائل النيسابوري 2/131، مصنف عبد الرزاق 5/483.

(5/2248)


قال إسحاق: كما قال ولكن لا يتعمدن.1
[1530-] قلت: ما يذكى2 به؟
قال: كل شيء (إلا) 3 السن والظفر.4
قال إسحاق: كما قال، لأن السن عظم.5
__________
1 العمد: ضد الخطأ، وتعمده: قصده. لسان العرب 3/302.
2 الذكاة في اللغة: إتمام الشيء. لسان العرب 14/288.
وفي الشرع: ذبح أو نحر مقدور عليه مباح أكله، من حيوان يعيش في البر، لا جراد ونحوه، بقطع حلقوم ومريء، أو عقر إذا تعذر. الإقناع 4/316.
3 في ع بتكرار "إلا".
4 الظفر معروف، وجمعه أظفار وأظفور وأظافير، يكون للإنسان وغيره.
لسان العرب 4/517، القاموس المحيط 2/83.
5 في الأصل (عظمة) .
والأصل في ذلك ما جاء في حديث رافع بن خديج من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر، وسأخبركم عنه، أما السن عظم، وأما الظفر فمدى الحبشة". متفق عليه.
[] أخرجه: البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب التسمية على الذبيحة 6/224-225.
ومسلم في كتاب الأضاحي، باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن والظفر 2/1558. المغني 11/43، الإقناع 4/317، الروض المربع 3/356.

(5/2249)


[1531-] قلت: المعراض؟ 1
قال: (أكره) 2 صيد المعراض حتى يخزق3.4
قال إسحاق: كما قال [فما أصابه] 5 بعرضه فلا يأكل.6
__________
1 المعراض بالكسر: سهم يرمى به بلا ريش ولا نصل، يمضي عرضاً فيصيب بعرض العود لا بحده.
انظر: لسان العرب 7/180، المصباح المنير 2/403.
وفي المغني: المعراض: عود محدد، وربما جعل في رأسه حديدة.
2 في ع "كره"، والأقرب للسياق ما أثبته من ظ، لأن الكوسج ينقل جواب الإمام أحمد، وهو رحمه الله يذكر رأيه ولا ينقل رأي غيره.
3 الخزق: الطعن، خزق السهم وخسق، إذا أصاب الرمية ونفذ فيها.
انظر: اللسان 10/79، النهاية في غريب الحديث 2/29.
4 المعراض إن أصاب بحده فخرق وقتل يباح صيده، وإن أصاب بعرضه فقتل بثقله فلا يباح.
انظر: المغني 11/25، الإنصاف 10/420، مختصر الخرقي ص 208.
5 في ظ "فإذا أصاب"، والأقرب للسياق وبنص الحديث ما أثبته من ع.
6 لما جاء في حديث عدي بن حاتم قلت: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب، فقال: "إذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله".
أخرجه: البخاري كتاب الذبائح والصيد، باب صيد المعراض 6/218.
ومسلم واللفظ له في كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة 2/1529، وروى قريباً من هذه عن الإمام أحمد ابنه عبد الله في مسائل برقم 1023 ص 273.

(5/2250)


[1532-] قلت:1 ثمن الهدي؟ 2
قال: أرجو أن لا يكون به بأس.3
قال إسحاق: [أكرهه] 4، ولكن الشراء أهون.5
[1533-] قلت (لأحمد) 6: الجلالة؟ 7
قال: (أكرهها) 8 " (نهى النبي صلى الله عليه وسلم) 9 عن لحوم
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد"، والمسألة (1534) متقدمة على هذه المسألة في ع.
2 لعله يعني بذلك: ما حكم من يتصدق بثمن هدي التطوع بدل شرائه وذبحه؟
3 قال البهوتي عن الأضحية: "وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها، كالهدي والعقيقة". الروض المربع 1/536.
4 في ع "كما قال أكرهه" بزيادة "كما قال"، والأقرب للمعنى ما أثبته من ظ.
5 أي أقرب إلى الصواب.
6 في ع بزيادة "رضي الله عنه".
7 الجلالة هي التي أكثر علفها النجاسة. الإقناع 4/311.
8 في ظ "أكرهه"، والصواب ما أثبته من ع لأن المقصود لحوم الجلالة، وهي مؤنث، ويؤيده الحديث الآتي، والكراهة رواية عن الإمام.
والمذهب وما عليه الأصحاب أن لبن ولحم الجلالة يحرم، وجزم به في الإقناع.
المغني 11/71، الإنصاف 10/366، الإقناع 4/311.
9 في ع "النبي صلى الله عليه وسلم نهى".

(5/2251)


الجلالة،1 وأكره ركوبها.2
قال إسحاق: كما قال، وكذلك ألبانها.3
[1534-] قلت:4 ذكاة الجنين؟ 5
قال: ذكاة أمه.6
__________
1 وذلك ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الجلالة وألبانها".
رواه ابن ماجة في كتاب الذبائح، النهي عن لحوم الجلاّلة 2/1064.
2 يكره ركوب الجلالة، لأنها ربما عرقت فتلوث الراكب بعرقها. وعن الإمام رواية: أنه يحرم ركوبها.
المغني 11/72، الإنصاف 10/367، الإقناع 4/311.
3 كما نص عليه في حديث ابن عمر السابق في التعليق الذي قبل الحاشية السابقة حيث ذكر فيه تحريم لحوم الجلالة وألبانها.
4 في ظ بزيادة "لأحمد".
5 الجنين: الولد ما دام في بطن أمه لاستتاره فيه، وجمعه أجنة وأجنن. انظر: لسان العرب 13/93.
6 في مسائل عبد الله برقم 982 ص 265 "سمعت أبي يقول: ذكاة الجنين ذكاة أمه، وروى نحوها عن الإمام أحمد أيضاً ابن هاني في المسائل برقم 1767 ج2/136، ومما يستدل به لذلك: ما روى جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ذكاة الجنين ذكاة أمه". رواه أبو داود في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في ذكاة الجنين 3/252.
وهذا إذا خرج من بطن أمه بعد ذبحها ميتاً أو متحركا كحركة المذبوح، أما إن خرج حياً حياة مستقرة يمكن أن [] يذكى، فلا يباح إلا بذكاته. المغني 11/51-52، الإنصاف 10/402-403، المبدع 9/224.

(5/2252)


قال إسحاق: كما قال.1
[1535-] قلت: لحوم الخيل2 والبراذين؟ 3
قال: لا بأس بهما.4
__________
1 المغني 11/51.
2 الخيل: جماعة الأفراس لا واحد له، أو واحدة، خائل لأنه يختال، وجمعه أخيال وخيول. القاموس المحيط 3/384، لسان العرب 11/231.
3جمع برذون وهو: الدابة، والأنثى برذونة. والبراذين من الخيل ما كان من غير نتاج العراب. لسان العرب 13/51، القاموس 4/203.
4 لقول جابر رضي الله عنه: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص في لحوم الخيل".
وقالت أسماء رضي الله عنها: "نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً فأكلناه". متفق عليهما.
أخرجهما البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب لحوم الخيل 6/229.
ومسلم في كتاب الصيد والذبائح، باب أكل لحوم الخيل 2/1541، وفي مسائل النيسابوري 2/137: "سمعت أبا عبد الله وسئل عن أكل لحوم الخيل؟ قال: تؤكل.

(5/2253)


قال إسحاق: كما قال، فإن تركهما1 تارك فله حجة أيضاً2، والرخصة أحب إلينا.3
__________
1 في ع "تركها"، والأقرب ما أثبته من ظ الظاهر السياق.
2 وهي ما استدل بها من لم ير أكل لحومها، ومن ذلك مفهوم قوله تعالى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} سورة النحل آية 8.
لأن التعليل بالركوب يدل على أنها مخلوقة لهذه المصلحة دون غيرها، وإفرادها عن الأنعام وذكرها مع الحمير يفيد اتحاد حكمهما، والحمر الأهلية حرام، وحديث خالد ابن الوليد قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير".
رواه الإمام أحمد 4/89، وأبو داود 4/151، وابن ماجة 2/1066، والبيهقي 9/328.
3 لأن حديثي جابر وأسماء متفق على صحتهما، وحديث خالد قال عنه أحمد: ليس له إسناد جيد، كما في المغني 11/70.
وقال ابن الجوزي في العلل 2/171: "قال المؤلف قال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، وبقية من المدلسين يحدث عن الضعفاء" أهـ.
وقال عنه أبو داود أنه منسوخ، وقال الشوكاني في فتح القدير 3/149: "والحاصل أن الأدلة الصحيحة قد دلت على حل أكل لحوم الخيل، فلو سلمنا أن في هذه الآية متمسكاً للقائلين بالتحريم، لكانت السنة المطهرة رافعة لهذا الاحتمال، ووافق لهذا الاستدلال "أهـ.
وانظر أيضاً:: المغني 11/69،الإقناع 4/310، المذهب لأحمد 126.

(5/2254)


[1536-] قلت: الثعلب؟
قال: أكرهه.1
قال إسحاق: كما قال.
[1537-] [قلت:2 يزاحم3 على الحجر؟ 4
قال: لا، ولا يُؤْذِي5 ولا يُؤْذَى.
قال إسحاق: كما قال.] 6
__________
1 في أكل الثعلب روايتان عن الإمام:
إحداهما: أنه يحرم، لأنه سبع، وهي الصحيح من المذهب، وجزم به في الإقناع.
الثانية: يباح.
انظر: المغني 11/67، والشرح 11/75، الإنصاف 10/360، الإقناع 4/309.
2 هذه المسألة ساقطة من ع، كما انفردت نسخة ع بالمسألة التالية.
3 زحم القوم بعضهم بعضاً يزحمونهم زحماً وزحاماً: ضايقوهم. وازدحموا وتزاحموا: تضايقوا. لسان العرب 12/262.
4 أي الحجر الأسود.
5 الأذى: كل ما تأذيت به. وأذى الرجل: فعل الأذى. لسان العرب 14/27.
6 ورد في ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمر إنك رجل قوي، لا تؤذ الضعيف إذا أردت استلام الحجر، فإن خلا لك فاستلمه، وإلا فاستقبله وكبر". أخرجه البيهقي في كتاب الحج، باب الاستلام في الزحام 5/80.
وتقبيل الحجر مستحب، وفي المزاحمة إيذاء للناس، وهذا لا يجوز، فلا يرتكب محرم للحصول على المستحب.
المغني 3/384، الفروع 3/496، الروض المربع 4/96.

(5/2255)


[1538-] [قلت:1 الجبن؟ 2
قال: يؤكل من كل.
قال إسحاق: كما قال.] 3
[1539-] قلت: الشيء يهدى4 إلى البيت؟
قال: إن قسمه على5 فقراء مكة أعجب إلي،6 ولا يدفعه إلى
__________
1 هذه المسألة ساقطة من ظ.
2 الجبن: الذي يؤكل وهو ما جمد من اللبن وصنع بطريقة خاصة، وفيه ثلاث لغات جُبْنٌ وجُبُنٌ وجُبُنّ، أجودها الأولى وهي سكون الباء. المصباح المنير 1/90، لسان العرب 13/85، المعجم الوسيط 1/106.
3 ورد في ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في تبوك، فدعا بسكين فسمّى وقطع".
[] رواه أبو داود في كتاب الأطعمة، باب أكل الجبن 4/169، وانظر أيضاً: مصنف عبد الرزاق 5/538-و-542.
4 أي الهدية، وليس الدم الواجب.
5 في ظ "في".
6 أي يتولى التقسيم بنفسه.

(5/2256)


بني شيبة.1
قال إسحاق: كما قال،2 وذلك لما أحدثوا من أمر المحاباة.
[1540-] قلت: يقبل اليد إذا مس الحجر؟ 3
قال: لا بأس به.
قال إسحاق: هو سنة.4
__________
1 أي لا يدفعه إليهم ليتولوا قسمته. وبنو شيبة هم سدنة الكعبة والذين بأيديهم مفاتيحها، قال عثمان بن طلحة: "فلما كان يوم الفتح قال: أي النبي صلى الله عليه وسلم: يا عثمان ائتني بالمفتاح، فأتيته به فأخذه مني، ثم دفعه إلي وقال: خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم". زاد المعاد 2/165.
2 وستأتي المسألة بنحو نصها برقم (1758) .
[3] أي: لمسه ومسكه بيده. انظر: لسان العرب 6/217-218، القاموس المحيط 2/260.
4 لما روي عن نافع قال: رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ثم قبّل يده، وقال: "ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله".
أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب استلام الركنين اليمانيين10/924، وأخرج حديث نافع عن ابن عمر البيهقي في كتاب الحج من سننه، باب تقبيل اليد بعد الاستلام 5/75.
وانظر عن المسألة أيضاً المغني 3/395، الإنصاف 4/5، المصنف لعبد الرزاق الصنعاني 5/40 وما بعدها، المقنع بحاشيته 1/442، الروض المربع 4/96.

(5/2257)


[1541-] قلت: (مس) 1 المقام؟ 2
قال لا يمسه.
قال إسحاق: كما قال،3 إنما أمر بالصلاة إليه.4
[1542-] قلت:5 إذا قطع الطواف يبني أو يستأنف؟
__________
1 في ع "ومس" بزيادة الواو.
2 أي: مقام إبراهيم عليه السلام.
3 في ع بزيادة "أيضاً".
وقال في الفروع: "ولا يشرع تقبيل المقام ومسحه"، وحكى الإجماع على ذلك. الفروع 3/503، الإنصاف 4/18، شرح منتهى الإيرادات 2/54.
4 وذلك قوله تعالى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} سورة البقرة آية 125.
وجواب الإمامين دال على وقوف السلف عند النص، غير خارجين عنه، متمثلين بقوله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"، أخرجه النسائي بهذا الفظ 1578/، باب 22.
ويوضحه أكثر ما روي عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قبل الحجر ثم قال: "أما والله لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك".
رواه مسلم في باب استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف 1/925.
5 في ظ بزيادة "لأحمد".

(5/2258)


قال: يبني.1
قال إسحاق: كما قال، وكذلك إن أحدث (ذهب فتوضأ ثم رجع) 2 فبنى، واجباً كان أو غير واجب.3
[1543-] قلت: المكتوبة تجزئ من (ركعتي) 4 السبع؟
قال: أعجب إلى أن يصلى ركعتي5 السبع.
قال إسحاق: كما قال، (وإن) 6 اقتصر على ذلك
__________
1 هذا إذا كان القطع يسيراً، أو أقيمت الصلاة، أو حضرت جنازة.
لما في ذلك من المشقة، ولأن أداء الصلاة فعل مشروع فلم يقطعه وصلاة الجنازة تفوت بتأخيرها.
ويكون ابتداء البناء من الحجر الأسود.
أما إذا كان طويلاً: فالمذهب أنه يستأنف، لأن الموالاة شرط، وقد والى النبي صلى الله عليه وسلم بين طوافه وقال: "خذوا عني مناسككم".
ورواية: أن الموالاة لا تشترط مع العذر.
انظر: الإنصاف 4/17، المغني 3/414، المبدع 3/222.
2 في ظ "فذهب فتوضأ ورجع"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
3 ستأتي مسألة من أحدث في الطواف برقم (1622) .
4 في ع "ركعتين"، وقواعد العربية تقتضي ما أثبته من ظ.
5 في ع "ركعتين"، وقواعد العربية تقتضي ما أثبته من ظ.
6 في ع "فإن".

(5/2259)


أجزاه.1
[1544-] قلت: الطواف بعد العصر وبعد الصبح؟
قال: (لا بأس به والصلاة) 2 أيضاً.
قال إسحاق: كما قال؛ لما خص رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة بذلك.3
[1545-] قلت: يقرن4 بين الطواف؟
__________
1 المذهب أن صلاة المكتوبة بعد الطواف تجزي عن ركعتيه، كتحية المسجد وركعتي الإحرام.
وفي رواية: أنها لا تجزئ عنهما، ويصليهما بعد المكتوبة.
[] انظر: المغني والشرح الكبير 3/401-402، الإنصاف 4/8، المبدع 3/256.
2 في ظ "لا بأس بالصلاة"، والأولى ما أثبته من ع، لزيادة الإيضاح فالمعنى: لا بأس بالطواف والصلاة.
3 مما ورد مما يدل على جواز الطواف والصلاة بعد الصبح والعصر:
ما روى جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار".
أخرجه الترمذي في كتاب المناسك، باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف 3/220، وقال: حديث حسن صحيح. وأبو داود في باب الطواف بعد العصر 2/449، والنسائي، باب إباحة الطواف في كل الأوقات 5/223.
4 أي يجمع: بأن يؤخر ركعتي الطواف فيطوف سبعين أو أكثر، ثم يصلي لكل سبعة أشواط ركعتين.

(5/2260)


قال: (إن) 1 قرن فأرجو أن لا يكون به بأس،2 وإن لم يقرن فهو الأصل.3
قال إسحاق: كما قال سواء.
__________
1 في ع "إذا".
2 لأنه فعل ذلك بعض الصحابة، فلقد روى عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه 5/64، عن ابن جريج قال: "كان عطاء لا يرى بقرن الطواف بأساً، ويفتي به، ويذكر أن طاووس والمسور بن مخرمة كانا يفعلانه".
كما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها طافت بالبيت ثلاثة أسابيع، لا تصلي بينهن، فلما فرغت صلت لكل سبع ركعتين، وأخرج هذا الأثر أيضاً سعيد بن منصور، كما ذكره محب الدين الطبري في القرى لقاصد أم القرى ص 318.
ويقول ابن قدامة في المغني 3/402 محتجاً لجواز قرن الطواف: "إن الطواف يجري مجرى الصلاة، يجوز جمعها" ا. هـ.
3 أشار بذلك إلى أنه إن صلى بعد كل طواف فهو أولى، وفيه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى الركعتين بعد الطواف.
وهناك رواية عن الإمام أحمد أنه يكره قرن الطواف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ومما يدل عليها ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف أيضاً عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يكره قرن الطواف، ويقول: على كل سبع ركعتان، وكان هو لا يقرن بين سبعين.
انظر: المغني والشرح الكبير 3/402، المبدع 3/224، الإنصاف 4/18، الفروع 3/503، التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع 148، مصنف عبد الرزاق 5/64.

(5/2261)


[1546-] قلت: المرأة تطوف (متنقبة) ؟ 1
قال: إذا كانت غير محرمة فلا بأس.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1547-] قلت: الصلاة في جوف الكعبة؟
قال: لا بأس بها.4
__________
1 في ع "منتقبة".
2 ومما ورد في ذلك ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 5/25 عن عائشة رضي الله عنها، كانت تطوف بالبيت وهي متنقبة.
وانظر أيضاً: المغني 3/306. أما إذا كانت محرمة فلا يجوز لها النقاب، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنتقب المرأة الحرام، ولا تلبس القفازين".
أخرجه البخاري كما سبق في المسألة (1467) .
3 قال ابن المنذر في الإشراف ق 119 أ: "كانت عائشة أم المؤمنين رحمة الله عليها تطوف متنقبة، وبه قال الثوري وأحمد وإسحاق" ا. هـ.
4لم يبين الإمام أحمد هنا فيما إذا كانت الصلاة التي لا بأس بها في جوف الكعبة فرضاً أو نفلاً، كما بينه إسحاق، والمعروف عنه أنه له في هذه المسألة روايتان:
رواية كما قال إسحاق هنا بصحة النافلة فيها دون الفريضة، لقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} سورة البقرة آية 144.
والمصلي فيها أو على ظهرها غير مستقبل لجهتها، وهو المذهب.
ورواية بصحة المكتوبة في ذلك أيضاً.
[] المغني 1/721، الإقناع 1/99-100، الإنصاف 1/496-497.

(5/2262)


قال إسحاق: أما النافلة فلا بأس بها،1 ولا تجوز المكتوبة فيها، ولا فوقها.
[1548-] قلت: من يتعوذ2 بالبيت3 من دبر الكعبة؟ 4
قال: هذا قد روي فيه5، وأما البين
__________
1 قال ابن قدامة: "وتصح النافلة في الكعبة وعلى ظهرها، لا نعلم فيه خلافاً". المغني 1/721.
2 عاذ به: لاذ به ولجأ إليه واعتصم، فيتعوذ بالبيت أي يلتجئ بالدعاء.
لسان العرب 3/498.
3 آخر الصفحة 175 من ع.
4 أي من خلفها.
وفي اللسان 4/268 دبر البيت مؤخره وزاويته، والمراد به هنا حكم من يلتزم للدعاء والتعوذ بخلف الكعبة بدل مكان الملتزم المعهود بين الركن والباب.
5 في ع "قال إسحاق كما قال سنة".
من ذلك ما روى الأزرقي بسنده عن أيوب قال: رأيت القاسم بن محمد وعمر بن عبد العزيز يقفان بظهر الكعبة بحيال الباب، فيتعوذان ويدعوان.
وعن عطاء قال: "مر ابن الزبير بعبد الله بن عباس بين ال، باب والركن الأسود، فقال: ليس هاهنا الملتزم دبر البيت، قال ابن عباس: هناك ملتزم عجائز قريش".
أخبار مكة 1/348، القرى لقاصد أم القرى 318.

(5/2263)


[فهو] 1 بين الركن والباب.2
قال إسحاق: (كل سنة) 3.4
[1549-] قلت: (يدخل البيت والحجر بالنعلين) 5؟
__________
1 ساقطة من ع، والأقرب إثباتها كما في ظ للاتضاح أكثر.
2 فيستحب لمن فرغ من طواف الوداع أن يقف في الملتزم، وهو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، فيلتزمه ويلصق به صدره ويدعو الله عز وجل، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:" طفت مع عبد الله، فلما جاء دبر الكعبة قلت: ألا تتعوذ قال: نعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر، وأقام بين الركن وال، باب فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطاً وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله".
رواه أبو داود في كتاب الحج، باب الملتزم 2/452، وابن ماجة فيهما 2/987.
المغني والشرح 3/490، المبدع 3/257، القرى 318.
3 في ع "كما قال سنة"، والموافق للسياق ما أثبته من ظ.
4 الأقرب والله أعلم هو ما في ع، قال إسحاق: كما قال سنة، لأنه يبعد أن يقول إسحاق كل سنة مع أن السنة لم تثبت في هذا، وفي حال الإصرار على إثبات ما أثبت في المتن، فإنه يجب التعليق على ذلك.
5 في ع "يدخل البيت بالنعلين أو الحجر".
والحجر بكسر الحاء: حجر إسماعيل، وهو ما تركت قريش في بنائها من أساس إبراهيم عليه السلام، وهو حالياً ما أحيط بالبناء المقوس من جهة شمال الكعبة بين الركنين العراقي والشامي، ويسمى الحطيم.
حاشية على المغني 3/397، وانظر أيضاً: تهذيب الأسماء واللغات 3/80، معجم البلدان 2/221.

(5/2264)


قال: مكروه1، والحجر من البيت.2
قال إسحاق: كما قال.
[1550-] قلت: اللقطة3 يشهد عليها إذا وجدها؟
__________
1 قال ابن قدامة في المغني "ولا يدخل البيت بنعليه ولا خفيه ولا الحجر، لأن الحجر من البيت" ا. هـ.
ومما ورد في ذلك أيضاً ما روى عبد الرزاق في مصنفه بسنده عن عطاء وطاووس ومجاهد قالوا: "لا يدخل البيت بحذاء ولا بسلاح ولا خفين" المغني 3/586، المبدع 3/257، مصنف عبد الرزاق 5/83.
2 ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي روته عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت الكعبة، ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشاً حين بنت البيت استقصرت".
أخرجه مسلم واللفظ له في باب نقض الكعبة وبنائها 1/968، والبخاري في باب فضل مكة 2/156.
3 اللقطة: بضم اللام وفتح القاف: وهي اللغة المشهورة: اسم الشيء الذي تجده ملقى فتأخذه، وفيها من اللغات لقطة بسكون القاف، ولقاطة. المصباح المنير 2/556، لسان العرب 7/392.
وفي الاصطلاح: المال الضائع من ربه يلتقطه غيره.
انظر: المغني والشرح 6/318، الإقناع 1/397.

(5/2265)


قال: نعم يشهد ذوي عدل،1 وإذا أكلها، فإن جاء صاحبها غرمها.
[1551-] قلت: بحديث من يغرمها؟
قال: بحديث بسر بن سعيد2 عن زيد3 بن
__________
1 المذهب أن الإشهاد على اللقطة مستحب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالإشهاد، وإنما أمر بالتعريف، كما في حديث زيد بن خالد الآتي، وحديث أبي بن كعب، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وقيل يجب الإشهاد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل" رواه أبو داود 2/335 والأمر يقتضي الوجوب. وأجيب عنه: بأنه محمول على الاستحباب لما سبق.
انظر: المغني 6/335، الإنصاف 6/418، المبدع 5/285.
2 هو بسر بن سعيد المدني، العابد، مولى ابن الحضرمي. روى عن أبي هريرة، وعثمان، وزيد بن ثابت، وزيد بن خالد الجهني، وغيرهم. قال مالك: قال الوليد بن عبد الملك لعمر بن عبد العزيز: من أفضل أهل المدينة؟ قال: "مولى لبني الحضرمي يقال له بسر". مات سنة مائة، وقيل سنة مائة وواحد.
[] انظر: تهذيب التهذيب 1/437-438، والطبقات الكبرى لابن سعد 5/281-282.
3 زيد بن خالد الجهني، أبو عبد الرحمن، ويقال أبو طلحة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعثمان، وعائشة، وعنه ابناه خالد وأبو حرب، وبسر بن سعيد، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم. توفي بالمدينة سنة 78، وقيل بالكوفة. تهذيب التهذيب 3/410، الإصابة 1/547.

(5/2266)


خالد.1
قال إسحاق: كما قال.
[1552-] قلت: [من] 2 أين تشعر3 البدن؟
__________
1 الجهني، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة؟ فقال: "عرفها سنة، فإن لم تعرف، فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كُلْها، فإن جاء صاحبها فأدها إليه". أخرجه مسلم في كتاب اللقطة 2/1349.
فإن تلفت قبل الحول لم يضمنها إن لم يفرط، لأنها في يده أمانة. وبعده: فالمذهب أنه يضمنها ولو لم يفرط، لأنها دخلت في ملكه.
ورواية أنه لا يضمنها.
انظر: المغني 6/336، 339، المبدع 5/285، 286، الإقناع 2/402، الإنصاف 6/420.
2 ساقطة من ظ، والأقرب إثباتها كما في ع.
3 الإشعار: الإعلام، وأشعر البدنة أعلمها.
انظر: لسان العرب 4/413.
ويراد به عند الفقهاء: أن يشق صفحة سنامها الأيمن حتى يدميها. المغني 3/574، النووي على مسلم 8/228.

(5/2267)


قال: صفحة1 (سنامها) 2 الأيمن، حديث أبي حسان3 عن ابن عباس رضي الله عنهما.4
__________
1 الصفح: الجنب، وصفح كل شيء: جانبه. لسان العرب 2/512.
2 في ظ "سنامه"، والأقرب للسياق ما أثبته من ع.
وسنام البعير والناقة: أعلى ظهرها. لسان العرب 12/306.
3 هو أبو حسان الأعرج ويقال: الأجرد أيضاً، بصري، اسمه: مسلم بن عبد الله. روى عن علي، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وابن عمر، وغيرهم، وعنه قتادة، وعاصم. وذكره ابن حبان في الثقات. قتل سنة ثلاثين ومائة. التهذيب 12/72، التقريب 401.
4 قال: صلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "الظهرَ بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم، وقلدها نعلين ثم ركب راحلته. فلما استوت به على البيداء أهل بالحج".
أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام 1/912، واللفظ له، وأبو داود في كتاب الحج، باب في الإشعار 2/362، وابن ماجة، باب إشعار البدن 2/1034، والترمذي، باب ما جاء في إشعار البدن 3/249، حديث 906، والنسائي، باب أي الشقين يشعر 5/170.
وما ذكره الإمام أحمد هنا ودل عليه الحديث الثابت هو الصحيح من المذهب.
وعنه: أن الإشعار في الجانب الأيسر.
وثالثة: له الخيرة في ذلك.
انظر: المغني 3/574، الإنصاف 4/101، الإقناع 1/407.

(5/2268)


قال إسحاق: كما قال.1
[1553-] قلت: رجل اشترى2 بدنة فضلت3 فاشترى أخرى، ثم وجد الأولى؟
قال: ينحرهما جميعاً.4
قال إسحاق: كما قال [ظ-45/ب] .5
__________
1 سنن الترمذي 3/250.
2 في ع "أهدى".
3 أي ضاعت. يقال ضل الشيء إذا ضاع. لسان العرب 11/392.
4 لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها ساقت بدنتين فضلتا، فأرسل إليها ابن الزبير بدنتين مكانهما فنحرتهما، ثم وجدت البدنتين الأوليين فنحرتهما، وقالت: "هكذا السنة في البدن".
رواه الدارقطني في كتاب الحج 2/242، والذي ذكره الإمام أحمد هنا هو المنقول، أنه نص عليه وجزم به في المغني، ولم يحك خلافاً عنه.
وعن الإمام رواية مخرجة على إحدى روايتيه في العاطب والمعيب، في أن له استرجاعها.
والمذهب في الجميع عدم الاسترجاع.
[] انظر: المغني 3/558-559، الإنصاف 4/100، المحرر 1/250.
5 انظر: المغني 3/558.

(5/2269)


[1554-] قلت: البدنة تهلك قبل أن تبلغ (الحرم) 1؟
قال: أما إذا كانت نذراً أو جزاء صيد أبدلها ويأكل وإن شاء باع، وإذا كان تطوعاً لم يأكل هو ولا [أحد من] 2 أهل رفقته، وخلى بينها وبين الناس.
قال إسحاق: (كما قال) .3
[1555-] قلت: كم حج النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكم اعتمر؟
قال: ما حج من المدينة إلا واحداً،4 والعمرة يقولون: ثلاثاً5
__________
1 في ع "في الحرم" بزيادة في، والكلام يستقيم بحذفها كما في ظ.
2 ساقطة من ع، وفي إثباتها كما ظ زيادة تأكيد بمنع أي واحد من أهل رفقته.
3 في ظ "هو كما قال" بزيادة "هو"، وأكثر إجابة الإمام إسحاق في هذه المسائل بحذفها كما أثبته من ع.
وقد تقدم الكلام عن حكم ذلك في المسألة رقم (1486) .
4 وهي حجة الوداع، وكانت سنة عشر من الهجرة.
انظر: الإقناع 1/334، زاد المعاد 1/175، حاشية الروض المربع 1/453.
5 مما جاء في ذلك ما روى الإمام مالك في الموطأ أنه بلغه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثاً: عام الحديبية، وعام القضية، وعام الجعرانة". باب العمرة في أشهر الحج 1/342، ولم يذكر فيه عمرته التي كانت مع حجه.
وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 1/184: "ولكن هذا الحديث مرسل وهو غلط أيضاً".

(5/2270)


ويقولون: أربعاً.1
قال إسحاق: (حج) 2 حجتين قبل أن يهاجر،3 وأما من المدينة فكما قال، والعمرة أربع.
[1556-] قلت: يعتمر الرجل في الشهر كما شاء؟
__________
1 جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر، كلهن في ذي القعدة، إلا التي مع حجته" عمرة من الحديبية أو زمن الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته.

أخرجه البخاري في باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم 2/199، ومسلم في باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن 1/916، واللفظ له.
[] انظر في المسألة أيضاً: زاد المعاد 1/171-172.
2 في ع "حج صلى الله عليه وسلم".
3 ورد في ذلك عن جابر بن عبد الله قال: "حج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث حجج، حجتين قبل أن يهاجر، وحجة قرن معها عمرة".
صححه ابن خزيمة في باب ذكر عدد حجج النبي صلى الله عليه وسلم 4/352 وأخرجه الترمذي في باب كم حج النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: هذا حديث غريب من حديث سفيان، لا نعرفه إلا من حديث زيد بن حباب، وابن ماجة، باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم 2/1037، حديث3076، والدارقطني 1/278، وانظر أيضاً: زاد المعاد 1/175.

(5/2271)


قال: ما أمكنه، ليس لها وقت كوقت الحج.1
قال إسحاق: كما قال، إلا أنه يعتمر في كل شهر أفضل،2 لكي يجمع الاختلاف،3 ويكون أمكن للحلق.
[1557-] قلت: المحرم ينزع ضرسه4 وإذا انكسر ظفره
__________
1 مما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
متفق عليه. أخرجه البخاري في باب العمرة 2/198، ومسلم في باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة 1/983.
وما روى الشافعي بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا حمم رأسه خرج فاعتمر، مسند الشافعي ص 113.
وروي عن أحمد أنه قال: "إن شاء اعتمر في كل شهر".
وعنه لابد أن يحلق أو يقصر، وفي عشرة أيام يمكن الحلق.
انظر: المغني 3/175، زاد المعاد 1/174، الإنصاف 4/57.
2 فقد روى الشافعي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه اعتمر في كل شهر مرة، مسند الشافعي 113.
3 يجوز تكرار العمرة في السنة وفي الشهر كما أجاب به الإمام أحمد هنا، لأنه ليس لها وقت خاص، وكره ذلك الحسن وابن سيرين ومالك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله. وأشار الإمام إسحاق أن التوقيت بالشهر وسط بين ما ذهب إليه الفريقان، وتتقارب أقوالهم بذلك، ولا ينتقض بعدم إمكانية الحلق أو التقصير.
4 أي: يقلع سنه، لسان العرب 8/349، 6/116، وراجع أيضاً المسألة (1530) .

(5/2272)


طرحه؟ 1
قال: نعم.2
قال إسحاق: يفعل3 ذلك سنة.4
[1558-] قلت: محرم مس طيباً ولبس ثوباً وحلق رأسه ولبس الخفين وأشباه ذلك مما لا ينبغي له أن يفعله؟
قال: كأنه حل5، عليه كفارة واحدة [وإن فعل6 واحدة]
__________
1 طرحه: رماه. طرح بالشيء وطرحه يطرحه طرحاً: رمى به.
انظر: لسان العرب 2/528.
2 ولا فدية عليه، فقد جاء عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "المحرم يدخل الحمام وينزع ضرسه ويشم الريحان وإذا انكسر ضرسه طرحه، ويقول: أميطوا عنكم الأذى، فإن الله عز وجل لا يصنع بأذاكم شيئاً".
أخرجه البيهقي في السنن، باب المحرم ينكسر ضرسه 5/62، والدارقطني 1/232، ولأن ذلك يؤذيه ويؤلمه فله إزالته كالشعر النابت في عينه. المغني 3/298، الإنصاف 3/459، مطالب أولي النهي 2/325.
3 نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، كما في المغني 3/298.
4 ومن ذلك أثر ابن عباس رضي الله عنهما السابق.
5 في ظ "يدخل".
6 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها كما في ع، لأن ذلك هو المبين للرواية عن الإمام أحمد الذي وافق عليها الإمام إسحاق، كما سيأتي في التعليق التالي.

(5/2273)


بعد واحدة فعليه دم في كل واحدة.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1559-] قلت: فسر لي حديث عبد الرحمن بن يعمر،3 وحديث عروة
__________
1 هذه رواية عن الإمام أحمد ووافق عليها الإمام إسحاق، أي بالتفريق بين فعلها في وقت واحد أو أوقات. وعنه رواية ثانية: أنه عليه فدية واحدة. والصحيح من المذهب أن من فعل محظوراً من أجناس فعليه لكل واحد فدية، سواء فعل ذلك مجتمعاً أو متفرقاً، لأنها مختلفة فلم تتداخل كالحدود.
ويأتي في المسألة (1678) عن أحمد وإسحاق أنهما قالا: عليه في كل واحد كفارة بدون تفصيل.
[] المغني 3/527، الإنصاف3/527، المبدع 3/185، المقنع بحاشيته 1/427-428، الشرح الكبير 3/343، وإن كرر محظوراً من جنس واحد فسيأتي بيان حكمه في التعليق على المسألة (1634) .
2 انظر عن قول إسحاق المراجع السابقة عدا الإنصاف.
3 هو عبد الرحمن بن يعمر الديلمي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه بكير بن عطاء الليثي. [] [] وذكر ابن حبان أنه مكي سكن الكوفة. مات بخراسان. تهذيب التهذيب 6/301-302، الإصابة 2/417، التقريب 212، الاستيعاب مع الإصابة 2/402.
ولفظ حديثه الذي أشار إليه المصنف أنه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فجاءه نفر من أهل نجد فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه".
أخرجه أصحاب السنن، وقد سبق في المسألة (1431) .

(5/2274)


ابن مضرس.1
قال: أما حديث عبد الرحمن بن يعمر فهو على كمال الحج به يكمل الحج، وقوله: الحج عرفة (يشبه) 2 قوله: "من أدرك من الصلاة [ركعة] 3 فقد أدركها"،4 فإن أفسدها شيء أليس
__________
1 ولفظ حديثه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله، إني جئت من جبلي طيء أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى يدفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضى تفثه".
أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وقد سبق تخريجه أيضاً في المسألة (1431) .
2 في ع "شبه".
3 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لموافقة الحديث.
4 أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة 1/145.
ومسلم في كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة 1/423، حديث607.
وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الرجل يدرك الإمام ساجداً 1/553، حديث 893، وابن ماجة بلفظ: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك" في باب من أدرك من الجمعة ركعة 1/356، حديث1122.

(5/2275)


[كانت] 1 تفسد صلاته، (وكذلك) 2 الحج إذا هو وطئ قبل رمي (الجمرة) 3 فقد أفسد حجه.
وحديث عروة توكيد بجمع.4
قال إسحاق: كما قال، ولا يدعن الوقوف بجمع قل أم كثر.5
__________
1 ساقطة من ع.
2 في ع "فهكذا"، والمناسب ما أثبته من ظ.
3 في ظ "الحجارة"، والأولى ما أثبته من ع، لأنه الوارد في المناسك.
4 قد يفهم حديث ابن يعمر (الحج عرفة) بأن من وقفها فقد تم حجه، ويدل حديث ابن مضرس عن المبيت بمزدلفة أن هناك واجبات أو فروضاً أخر للحج زيادة عن الوقوف بعرفة، فطلب الكوسج من الإمام أحمد الجمع بين الحديثين، فجمع بينهما بما ذكر، فإن الوقوف بعرفة يكمل الحج بأداء أهم ركن فيه، وحديث ابن مضرس دال على التأكيد بالمبيت بجمع أي بالمزدلفة-الذي سبق بيان حكمه في المسألة (1431) ، وفي حديث ابن مضرس أيضاً تأكيد لذلك الركن العظيم وهو الوقوف بعرفة، وانظر عن ذلك المسألة (1431) ، (1485) .
5 أكد الإمام إسحاق هنا على ضرورة المبيت بمزدلفة، وعدم الاكتفاء بالوقوف بعرفة بناء على حديث ابن يعمر "الحج عرفة"، وسبق في المسألة (1431) أنه يرى أن المبيت بمزدلفة واجب، ومن تركه لزمه دم.

(5/2276)


[1560-] قلت: المحرم يغسل رأسه قبل أن يحلقه؟
قال: إذا رمى الجمرة فقد انتقض إحرامه1، إن شاء غسله.2
قال إسحاق: كما قال.
[1561-] قلت: إذا رمى قبل الزوال يعيد الرمي؟
قال: نعم يعيد الرمي إلا يوم النحر.
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 أي انتهى الأثر المترتب عليه من المنع، بمعنى أنه حصل له التحلل الأول برمي جمرة العقبة، وحصول التحلل بذلك رواية عن الإمام أحمد.
والصحيح من المذهب أن التحلل الأول لا يحصل إلا بفعل اثنين من ثلاثة وهي: الرمي والحلق والطواف. وهذا بناء على الاختلاف هل الحلق أو التقصير نسك أو إطلاق من محظور.
[] والصحيح من المذهب أنه نسك، قدمه في المغني والهداية والفروع. الإنصاف 4/40-41، المغني والشرح الكبير 3/458، الفروع 3/514، الهداية 1/203.
2 ويجوز للمحرم غسل رأسه قبل رمي جمرة العقبة أيضاً، إلا إذا خاف تساقط الشعر، فإن أمن ذلك فله الغسل برفق، كما سبق في المسألة (1470) .
3 إذا رمى قبل الزوال في أيام التشريق، يعيد الرمي، لأن وقت الرمي فيها من الزوال كما سبق في المسألة (1438) ، ولا يعيد في يوم النحر، بل وقته المفضل بعد طلوع الشمس. المغني 449، ويدل على هذا الحكم الذي أجاب به الإمامان هنا حديث: جابر بن عبد الله في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة ضحى يوم النحر، ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لتأخذوا عني مناسككم".

(5/2277)


[1562-] قلت: يرمي [الجمار] 1 بحصاة قد رمى بها؟
قال: لا، هذا مكروه.2
قال إسحاق: مكروه كما قال3 فإن اضطر فرمى جاز [ع-89/ب] .4
[1563-] قلت: [رجل] 5 رمى جمرة [قبل جمرة] ؟ 6
__________
1 ساقطة من ع.
2 الصحيح من المذهب أن الرمي بما رمي به لا يجزئ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من غير المرمي، وقال: "خذوا عني مناسككم".
وقيل: يجزئ.
المغني 3/446، الشرح الكبير 3/452، المبدع 3/241، الإنصاف 4/36.
3 في ع بتكرار "قال".
4 آخر الصفحة 6، وحكى ابن المنذر عنه صلى الله عليه وسلم جواز ذلك بدون تفصيل. الإشراف ق 126 ب.
5 ساقطة من ظ، والأقرب للسياق إثباتها كما في ع.
6 في ع "قبل جمرة" ساقطة

(5/2278)


قال: يبتدئ يحسب له واحدة.1
قال إسحاق: كما قال.
[1564-] قلت:2 يوم النفر يقوم عند الجمار؟ 3
قال: من الناس من (يقوم) 4 يوم النفر أخف،5 وأما الذي يستحب فطول القيام.6
__________
1 المذهب أن الترتيب في رمي الجمار واجب، كما أجاب به الإمام أحمد هنا، فإن بدأ بجمرة العقبة ثم الثانية ثم الأولى، لم يجزه، إلا الأولى، وأعاد الثانية والثالثة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رتبها، وقال: "خذوا عني مناسككم".
وعن الإمام أحمد رواية: أنه يجزئ ذلك مع الجهل.
وعنه أيضاً: أنه يجزئ مطلقاً.
المغني والشرح الكبير 3/477، الإنصاف 4/46، المبدع 3/251.
2 في ظ بزيادة "لأحمد".
3 أي الوقوف للدعاء عند الجمرة الأولى والثانية، أما جمرة العقبة فلا يسن الوقوف عندها، كما سيأتي في التعليق الذي بعد حاشيتين.
4 في ع "يقول"، والمعنى مستقيم بالعبارتين.
5 قال محب الدين الطبري في القرى ص 527: "باب ما جاء في الرخصة في ترك القيام عند الجمار يوم النفر: عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال: لا يقام يوم النفر عند الجمار. عن ابن طاووس عن أبيه: "لا يقام يوم النفر عند الجمار إلا قياماً خفيفاً. أخرجهما سعيد بن منصور" ا. هـ.

6 يسن الوقوف عند الجمرة الأولى والثانية بعد رمي كل منهما للدعاء، ولا يقف عند جمرة العقبة، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: "أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا أزالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام، ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يقف عندها".
[] أخرجه أبو داود في باب رمي الجمار 2/497، حديث1973. المغني والشرح الكبير 3/474-475، المبدع 3/250.
وانظر أيضاً: المسألتين (1644) ، (1654) ولم أقف على تفريق بين النفر وغيره في الوقوف عند الجمار، إلا ما ذكرت في تعليق على قول الإمام أحمد: (من الناس من يقوم يوم النحر أخف) .

(5/2279)


قال إسحاق: (إن لم يقم يومئذ) 1 أصلاً لنصبهم2 (للحج) 3 جاز، ولكن ليقم قياماً خفيفاً.
[1565-] قلت: قوله:4 من قدم ثقله5 فلا حج له؟ 6
__________
1 في ع "يومئذ إن لم يقم".
2 النصب: أن يسير القوم يومهم. لسان العرب 1/760.
3 في ع "الحج".
4 أي قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما يتضح في التعليق الذي بعد الحاشية التالية.
5 الثقل: متاع المسافر وحشمه. لسان العرب 11/87، المصباح المنير 1/83، النهاية.
6 أخرج ابن أبي شيبة عن الأعمش عن عمارة قال: قال عمر: من قدم ثقله ليلة ينفر فلا حج له، وعن الحكم عن [] إبراهيم عن عمرو بن شرحبيل عن عمر قال: "من تقدم ثقله قبل النفر فلا حج له". المصنف 4/41-42.

(5/2280)


قال: كأنه أحب أن يبيت الناس بمنى،1 ليس له ذاك الإسناد.2
قلت: إبراهيم عن عمرو بن شرحبيل؟ 3
قال: ما أرى سمعه منه.4
قال إسحاق: قد صحّ هذا، ومعناه: لا فضيلة له، وأحب أن لا يقدم أحد ثقله.5
__________
1 نقل ابنه عبد الله في المسائل برقم 891 ص 240: "سألت أبي عن قول عمر: من قدم ثقله فلا حج له، فقال هذا على التغليظ، والله أعلم، لئلا يتقدم الناس فتخلو منى" أي يتعجلوا في يومين.
2 لما يأتي في تعليق رقم 4 من أن إبراهيم لم يسمع من عمرو بن شرحبيل شيئاً.
3 هو عمرو بن شرحبيل الهمداني، أبو ميسرة الكوفي. روى عن عمر، وابن مسعود وغيرهم، وعنه أبو وائل، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو عمار، وغيرهم. كانت ركبتاه كركبة البعير من كثرة الصلاة. مات رحمه الله سنة ثلاث وستين.
انظر: تهذيب التهذيب 8/47، التقريب 26.
4 قال الحافظ ابن حجر في التهذيب 8/78 عند ترجمته للنخعي: "وقال ابن المديني: لم يسمع من الحارث بن قيس، ولا من عمرو بن شرحبيل" ا. هـ. ولم يذكر الحافظ المزي في تهذيب الكمال أن إبراهيم روى عن عمرو بن شرحبيل.
5 روى ابن أبي شيبة أيضاً: عن طاووس قال: "إذا حل لك النفر فلا بأس أن تقدم ثقلك".
[] وعن عمار بن ياسر قال: إذا حلّ لك النفر فقدم ثقلك إن شئت. المصنف 2/41-42.

(5/2281)


[1566-] قلت: من نفر1 ولم يودع البيت؟
قال: (إذا) 2 تباعد فعليه دم، (وإن) 3 كان قريباً4 (رجع) .5
قال إسحاق: كما قال.6
ومن ترك الزيارة فعليه الرجوع أبداً، لأنه الطواف الواجب
__________
1 معنى النفر هنا: الخروج من مكة، راجع المسألة (1495) .
2 في ع "فإذا".
3 في ع "وإذا".
4 القريب: هو الذي بينه وبين مكة دون مسافة القصر، والبعيد من بلغ مسافة القصر. المغني والشرح 3/487.
5 في ظ "يرجع" وقال الخرقي في المختصر: "فإن خرج قبل الوداع، رجع إن كان بالقرب، وإن بعد بعث بدم" ا. هـ. المغني 3/487 ومما ورد في ذلك: أن ابن عمر رضي الله عنهما رَدّ رجلاً من مرّ ظهران لم يكن ودَّع البيت. أخرجه البيهقي في كتاب الحج، باب الوداع 5/162 وقال في المغني: أخرجه سعيد بن منصور. فالقريب إذا رجع سقط عنه الدم، وإن لم يرجع لزمه، والبعيد: قيل يلزمه وإن رجع، لأنه استقر عليه، وقيل: لا يلزمه، لأنه أتى بالواجب. المغني والشرح الكبير 3/487، المبدع 3/256.
6 المغني والشرح الكبير 3/487

(5/2282)


(الذي به يتم الحج) .1
[1567-] قلت: أهلت امرأة وزوجها كاره؟
قال: لا ينبغي له أن يمنعها إذا لم تكن حجت حجة الإسلام.2
فإن (كان) 3 تطوعاً (فلزوجها أن يمنعها) ،4 وإذا (كان) 5 على وجه اليمين فعليها كفارة اليمين.6
__________
1 في ع "الذي يتم به الحج"، وقد سبق الكلام على أن طواف الإفاضة أو الزيارة ركن لا يتم الحج إلا به في التعليق على المسألتين (1495، 1496) ، وسيأتي أيضاً في المسألة (1604) .
2 على الصحيح من المذهب، لأنه فرض لم يكن له منعها منه كصوم رمضان والصلوات الخمس.
وعن الإمام أحمد رواية: أنه له تحليلها.
المغني 3/194، 554، الإنصاف 3/399، الكافي 1/385، الإشراف ق 98 أ.
3 في ظ "كانت"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع، لأن الضمير يعود للإهلال.
4 في ظ "فليس لزوجها أن يمنعها"، وما أثبته من ع هو المذهب إن كان إحرامها من غير إذنه، كما هو ظاهر المسألة، لأن حقه ثابت في استمتاعها فلم تملك إبطاله بما لا يلزمها. وما في ع رواية عن الإمام أحمد فيما إذا كان [] إحرامها بغير إذنه أيضاً. وأما إذا أحرمت للتطوع بإذنه فليس له أن يمنعها، رواية واحدة. الإنصاف 3/397-[398،] الكافي 1/383، 385، المحرر 1/234، المغني 3/194، 554-456.
5 في ع "كانت"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.
6 أي: إذا حلفت أن تحج ومنعها زوجها، تكفّر كفارة يمين.

(5/2283)


قال إسحاق: التطوع1 إذا لم تكن أحرمت وتريد الإحرام فله منعها إن شاء، إلا أن يتفضل عليها، وإذا أحرمت في التطوع مضت2 إلا أن يكون قد حلف بالطلاق فلها المضي تعمل عمل المحصر تحل بعمرة وعليها الحج من قابل،3 وهذا4 إذا حلف إن حججت العام.5
[1568-] قلت: من نذر أن يطوف على أربع؟ 6
قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "طوافاً للرجلين وطوافاً
__________
1 لم يذكر هنا قول إسحاق في الواجب، وقوله في ذلك ليس له منعها، كما هو الصحيح من المذهب. المغني 3/194، 554.
2 وهي رواية عن الإمام أحمد كما سبق آنفاً.
3 ومثله ما لو أحرمت بواجب فحلف بطلاقها ثلاثاً في رواية عن الإمام أحمد، والصحيح من المذهب أنها لا تحل. الإنصاف 3/399، المغني 3/556.
4 أي القضاء.
5 أي: إذا حلف بالطلاق إن حججت هذا العام، تحل وعليها قضاؤه. وإن حلف بالطلاق إن حجت بدون قيد "العام"، لا يكون عليها قضاء، لأن ذلك يكون حرجاً عليها، إما أن تطلق وإما أن يجب عليها أن تحل بعمرة كل سنة ويكون عليها حج من قابل، وفي ذلك حرج عليها، ولا حرج في الدين لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} سورة الحج آية 78.
6 أي: على رجليه ويديه بمعنى أن يطوف حبواً.

(5/2284)


لليدين،1 عاودته2 [في ذلك] ".3
فقال: مثل ذلك.4
قال إسحاق: كما قال.
لما لا نجد في هذا أعلى من قوله،5 وجهل هؤلاء6
__________
1 قال ابن قدامة في المغني 11/371: "قال ابن عباس رضي الله عنهما في امرأة نذرت أن تطوف بالبيت على أربع، قال: "تطوف عن يديها سبعاً وعن رجليها سبعاً"، رواه سعيد" ا. هـ.
2 أي كررت السؤال على الإمام أحمد. انظر: المسألة رقم: (1396) .
3 ساقطة من ع.
4 من نذر أن يطوف على أربع فعليه طوافان، لما روى معاوية بن خديج، أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أمه كبشة بنت معدي كرب عمة الأشعث بن قيس، فقالت أمه: يا رسول الله إني آليت أن أطوف بالبيت حبواً، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طوفي على رجليك سبعين: سبعاً عن يديك، وسبعاً عن رجليك".
رواه الدارقطني 2/237، لقول ابن عباس السابق.
وعن الإمام أحمد رواية: أنه يلزمه طواف واحد.
انظر: المغني 11/371، الفروع 6/414، تصحيح الفروع 6/414، الإنصاف 11/150.
5 أي قول ابن عباس.
6 وهم من قالوا: إن القياس أن لا يلزمه إلا طواف واحد، قال في المغني 11/371 والقياس أن يلزمه طواف واحد على رجليه، ولا يلزمه ذلك على يديه، لأنه غير مشروع فيسقط، كما أن أخت عقبة نذرت أن تحج غير معتمرة، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحج وتعتمر.

(5/2285)


(حيث) 1 [ظ-46/أ] خطّؤوا ابن عباس رضي الله عنهما [في ذلك] .2
[1569-] (قلت) :3 من جعل على نفسه المشي متى يركب؟
قال: إذا رمى الجمرة فقد فرغ، يركب.4
قال إسحاق: كما قال.
[1570-] قلت: الرجل يهدي الرجل؟
__________
1 في ع "حين"، ويستقيم المعنى بالعبارتين.
2 آخر الصفحة رقم 89 من ظ وساقطة من ع.
3 في ع "قال قلت".
4 قال في المغني: "ويلزمه المنذور من المشي أو الركوب في الحج أو العمرة إلى أن يتحلل، لأن ذلك انقضاء الحج والعمرة".
قال أحمد: يركب في الحج إذا رمى، ومن العمرة إذا سعى، لأنه لو وطئ بعد ذلك لم يفسد حجاً ولا عمرة، وهذا يدل على أنه إنما يلزمه في الحج التحلل الأول" ا. هـ. وانظر أيضاً: الفروع 6/412، الإنصاف 11/148، كشاف القناع 6/283.

(5/2286)


قال: إذا أراد اليمين فكفارة (يمين) 1 إلا [أن ينذر] 2 أن ينحره فعليه كبش، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.3
قال إسحاق: كما قال، لما استعمل ها هنا النية.
[1571-] قلت: من قال: إن فعلت كذا وكذا فأنا يومئذ محرم (أو قال فأنا محرم) 4 بحجة؟
قال: (إذا) 5 أراد اليمين فكفارة يمين.
__________
1 في ظ "اليمين".
2 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن الكلام لا يستقيم إلا بها.
3 لو نذر ذبح ابنه أو نفسه أو أجنبي، ففي ذلك روايتان عن الإمام أحمد مرويتان عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً:
إحداهما: هذه، بأنه يلزمه ذبح كبش، فقد روى البيهقي في السنن 10/73 في كتاب الإيمان، باب ما جاء فيمن نذر أن يذبح ابنه أو نفسه، عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: في رجل نذر أن يذبح ابنه قال: يذبح كبشاً.
والثانية: أن عليه كفارة يمين، وهو المذهب، لأنه نذر معصية فيوجب الكفارة.
وفي السنن الكبرى أيضاً 10/72 عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لامرأة نذرت أن تذبح ابنها: لا تنحري ابنك، وكفري عن يمينك.
[] انظر عن المسألة أيضاً: المغني 11/215-217، 235، الإنصاف 11/125-126، كشاف القناع 6/276، الفروع 6/403.
4 في ظ "أو أنا محرم"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
5 في ع "إن".

(5/2287)


قال إسحاق: كما قال.1
[1572-] قلت: متمتع (لم) 2 يجد ما يذبح، فصام، ثم وجد يوم النحر ما يذبح؟.
قال: إذا دخل في الصوم فليس عليه،3 ويقول في الكفارات كلها إذا دخل في الصوم يمضي فيه،4 وكذلك إذا تيمم ثم دخل في الصلاة فلْيمضِ.5
__________
1 هذه مسألة نذر اللجاج، وتقدم الكلام عليها في باب الأيمان.
وانظر: الإنصاف 11/50، المغني 11/283، الشرح الكبير 11/209.
2 في ظ "لا" والمناسب لسياق الكلام ما أثبته من ع.
3 أي: لا يلزمه الخروج من الصوم إلى الهدي، وهذا هو المذهب، لأنه صوم دخل فيه لعدم الهدي، فلم يلزمه الخروج إليه، كصوم السبعة.
وقيل: إن قدر على الهدي قبل يوم النحر انتقل إليه، وإن وجده بعد أن مضت أيام النحر أجزأه الصيام، لأنه قدر على المبدل في وقت وجوبه، فلم يجزئه البدل. وقال صاحبا المبدع والإنصاف: وفي الفصول تخريج يلزمه الانتقال.
المغني 3/509، الإنصاف 3/516، المبدع 3/178، الهداية 1/90، كشاف القناع 2/454، القواعد الفقهية لابن رجب ص 7.
4 لأنه بدل لا يبطل بالقدرة على المبدل، فلم يلزمه الرجوع إلى المبدل بعد الشروع فيه، كما لو شرع المتمتع العاجز عن الهدي في صوم السبعة الأيام، فإنه لا يخرج بلا خلاف. المغني 11/281.
5 هذه رواية عن الإمام أحمد روي عنه أنه رجع عنها، فقد حكى صاحبا المغني والمبدع بأن المروزي روى عن أحمد قال: كنت أقول يمضي، فإذا الأحاديث أنه يخرج" ا. هـ.
والمشهور في المذهب أنه تبطل الصلاة بوجوده للماء لقوله صلى الله عليه وسلم: "الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك".
رواه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الجنب يتيمم 1/236، والترمذي في كتاب الطهارة أيضاً، باب ما جاء في [] التيمم للجنب إذا لم يجد الماء 1/111-213 وقال: هذا حديث حسن صحيح. فدل بمفهومه أنه لا يكون طهوراً [] عند وجود الماء، وبمنطوقه على وجوب إماسه جلده عند وجوده. المغني 1/270، المبدع 1/227-228.

(5/2288)


قال إسحاق: الذي نختار أن يعيد الصوم والتيمم جميعاً ما لم يفرغ.1
[1573-] (قلت) :2 أناس اشتركوا في بقرة وظنوا أنهم سبعة، فلما ذبحوها إذا هم ثمانية؟
قال: أقول (يذبحون) 3 شاة، وقد أجزأت [عنهم] .4
__________
1 اختلاف العلماء للمروزي ص 34 تحقيق صبحي السامرائي.
2 في ع "قال قلت".
3 في ع "يذبحوا"، وقواعد العربية تؤيد ما أثبته من ظ.
4 ساقطة من ظ، والمناسب إثباتها لأن في ذلك زيادة توضيح.
وقال المرداوي في الإنصاف 2/76: "لو اشترك جماعة في بدنة أو بقرة للتضحية فذبحوها على أنهم سبعة، فبانوا ثمانية، ذبحوا شاة وأجزأتهم على الصحيح من المذهب-إلى أن قال-ونقل مهنا تجزي عن سبعة، ويرضون الثامن يضحي" ا. هـ.
وانظر أيضاً: المبدع 3/278، الإقناع 1/402، شرح منتهى الإرادات 2/78.

(5/2289)


قال إسحاق: [قد] 1 أجزاهم ذلك، وإن ذبحوا شاة كان أفضل.
[1574-] قلت:2 يصوم [ع-90/ب] السبعة3 الأيام4 في الطريق؟
قال: إن شاء صام في الطريق.5
قال إسحاق: جائز كما قال.6
__________
1 ساقطة من ع.
2 في ظ بزيادة "لأحمد".
3 آخر الصفحة 177 من ع.
4 في ع "أيام"، والمناسب ما أثبته من ظ، لأن الأيام بدل من السبعة.
5 لصيام السبعة الأيام وقت اختيار ووقت جواز:
فأما وقت الاختيار فإذا رجع إلى أهله لظاهر الآية، ولما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله". متفق عليه.
وأما وقت الجواز: فمنذ تمضي أيام التشريق. المغني 3/506، المبدع 3/176، الإنصاف 3/513، كشف المحظورات 179، فتح القدير للشوكاني 1/197.
6 المغني 3/506.

(5/2290)


[1575-] قلت: يقلد الشاة؟ 1
قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى [مرة] 2 غنماً فقلدها.3
قال إسحاق: سنة مسنونة تقليد الغنم عن النبي صلى الله عليه وسلم4 ومن بعده.
__________
1 القلادة: ما جعل في العنق. لسان العرب 3/366.
وتقليد الهدي: أن يجعل في أعناقها النعال وآذان القرب وعراها، والحكمة من تقليد الهدي: المحافظة عليها، فبه [] تعرف ولا تختلط بغيرها، ويتوقاها اللصوص. المغني 573-574.
2 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لنص الحديث عليها.
3 كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة إلى البيت غنماً، فقلدها".
أخرجه مسلم في باب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه واستحباب تقليده 1/958، والبيهقي في باب الاختيار في تقليد الغنم دون الإشعار 5/232، والبخاري في باب تقليد الغنم 2/183 بدون ذكر "فقلدها".
4 يسن تقليد الغنم للحديث المذكور، ولما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كنت أفتل القلائد للنبي صلى الله عليه وسلم فيقلد الغنم ويقيم في أهله حلالاً" وفي لفظ: "كنت أفتل قلائد الغنم للنبي صلى الله عليه وسلم ثم يمكث حلالاً".
أخرجه البخاري في باب تقليد الغنم 2/183.
وانظر أيضاً: المغني 3/573، الإنصاف 4/101، المبدع 3/395، الهداية 1/108، فتح الباري 3/547

(5/2291)


[1576-] قلت: هدي التطوع إذا عطب يُؤْكل؟
قال: إذا كان عليه البدل فله أن يأكل ويبيع، والتطوع ينحره ويخلي بينه وبين الناس، ولا يأكل هو ولا أهل رفقته.1
قال إسحاق: كما قال.
[1577-] قلت: من قال: لا يجزئ هدي المتعة والإحصار إلا يوم النحر، وما سوى ذلك يجزئك في أي شهر شئت.
قال: أما هدي المتعة فإنه يذبح يوم النحر،2 وأما الإحصار فإنه يختلف، يكون من عدو، فيذبح مكانه ويرجع،3 وكل شيء تصيب بمكة فكفارته بمكة.4
وأما ما كان معناه حديث علي رضي الله عنه، فعلى ما صنع علي رضي الله عنه.5
__________
1 سئل الإمام أحمد رحمه الله هنا عن الأكل من هدي التطوع إذا عطب، فأجاب بما هو أعم من ذلك وهو حكم الهدي إذا عطب مطلقاً، سواء كان واجباً أو تطوعاً، وسبق الكلام على ذلك في المسائل (1485، 1486) ، (1554) .
2 الشرح الكبير مع المغني 3/244، الإنصاف 3/445، الهداية 1/90.
3 انظر: المسألة (1398) والتعليق عليها.
4 أي أن ما وجد سببه بمكة يكون التكفير عنه بها. المغني 3/569.
5 فعله رضي الله عنه المشار إليه هو: أن ابنه اشتكى من رأسه، فحلق رأسه ثم نسك عنه بالسقيا في خارج الحرم، فما كان في معنى ذلك، وهو الفدية الواجبة لفعل محظور، فمحلها حيث وجد سببها، وسبق تقرير ذلك في المسألة (1509) .

(5/2292)


قال إسحاق: كما قال [يعني] 1 حديث حسين بن علي رضي الله عنهما.2
[1578-] قلت: يكره القران إلا بسوق؟
قال: لا.3
قال إسحاق: أكرهه إلا بسوق، (فإذا لم يسق) 4 تمتع ولا يقرن.5
__________
1 ساقطة من ظ، والمناسب إثباتها كما في ع.
2 وهو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب رضي الله عنهما، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته. ولد سنة أربع، وقيل سنة ست، وقيل سنة سبع. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أخوه [] الحسن، وبنوه: علي زين العابدين، وفاطمة، وسكينة، وغيرهم. استشهد سنة إحدى وستين. الإصابة 1/331-334.
وسبق تخريج حديثه في المسألة (1509) .
3 قال قدامة في المغني 3/232: "وقد أجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة" ا. هـ.
4 في ع "قال: إذا لم يسق"، والموافق للسياق ما أثبته من ظ.
5 وسيأتي في المسألة (1605) قول إسحاق: ولا يجوز القران إلا بسوق، وقد حكى ذلك عنه المروزي في اختلاف العلماء ص 110، وقد سبق في المسألة (1402) أن مذهب إسحاق ورواية عن الإمام أحمد أنه إن ساق الهدي فالقران أفضل وإن لم يسق فالتمتع

(5/2293)


[1579-] قلت: إذا نتجت1 البدنة فمات ولدها؟
قال: ليس عليه شيء.2
قال إسحاق: كما قال.
[1580-] قلت: بدنتان سمينتان بتسعة وبدنة بعشرة؟
قال: ثنتان أعجب إلي.3
__________
1 نتجت: ولدت. لسان العرب 2/374.
2 لبقاء أصل الهدي وعدم نقصه بذلك، أما إذا لم يمت ذبحه معها، كما سيأتي ذلك عن الأئمة الثلاثة سفيان وأحمد وإسحاق في المسألة (1670) ، وكذا لو تعيبت في الطريق ذبح ولدها معها.
المغني 3/563، المبدع 3/288.
3 قال المرداوي في الإنصاف 4/34: "وسأله ابن منصور: بدنتان سمينتان بتسعة، وبدنة بعشرة؟ قال: ثنتان أعجب إلي"، وذكر ذلك أيضاً ابن مفلح في المبدع، وابن رجب في القواعد، والشويكي في التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح، وأورد ابن رجب، المسألة تحت قاعدة: "إذا تقابل عملان أحدهما ذو شرف في نفسه ورفعة وهو واحد، والآخر ذو تعدد في نفسه وكثرة، فأيهما يرجح؟ " قال: "ظاهر كلام الإمام أحمد ترجيح الكثرة". وما ذكر الكوسج هو نص الإمام أحمد في المسألة، ولأصحابه وجهان غير هذا:
أحدهما: الأفضل المغالاة في الثمن.
والثاني: أنهما سواء.
المبدع 3/278، القواعد الفقهية 22، التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح ص 125، شرح منتهى الإرادات 2/77

(5/2294)


قال إسحاق: أحب إلي أكثرهما ثمناً،1 فإذا استوتا في الثمن فثنتان أعجب إلي لكثرة اللحم.
[1581-] قلت: القارن يصيب شيئاً من طيب أو شعر أو لباس، ما عليه من الكفارة؟ 2
قال: عليه كفارة واحدة.3
__________
1 وهو وجه عند الحنابلة كما سبق، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
2 في ع "من قال الكفارتان".
3 ويأتي ذلك عنه أيضاً في المسألة (1679) .
وفي الإنصاف والفروع: "نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، ويدل على ذلك ظاهر الكتاب والسنة، فإن ما ورد في ذلك لم يفرق بين القارن وغيره، قال تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} سورة البقرة، آية 196.
وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: آذاك هوامك؟ قال: نعم يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك شاة".
أخرجه البخاري واللفظ له في باب المحصر 2/208، ومسلم 1/859، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسأل كعباً عن إحرامه، فدل ذلك أنه لا فرق بين القارن وغيره في فعل المحظور والتكفير عنه.
وعن الإمام أحمد رواية أخرى: أن القارن يلزمه جزاءان: إذا ارتكب محظوراً، لانتهاكه إحرامين، وهو قول سفيان كما يأتي عنه في صدر المسألة (1679) .
انظر: الفروع 3/464، الإنصاف 3/531.

(5/2295)


قال إسحاق: كما قال، (لأن إحرامه وإحرام المفرد) 1 والمتمتع إحرام واحد.2
[1582-] قلت: رجل أحرم بالحج فكره (ذاك) 3 أبوه وأمه.
قال: إذا وجب، فعليه الإنفاذ.4
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في ع "لأن إحرامه إحرام المفرد الحج"، والصواب ما أثبته، لأن الكلام لا يستقيم إلا بذلك.
2 يأتي نحو هذا الجواب في الموضوع عن الإمام إسحاق في المسألة (1631) ، (1679) .
3 في ع "ذلك"، والأولى ما أثبته من ظ، لأنه المشار به إلى القريب.
4 أي: عليه أن يحج إذا كان واجباً، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أما إن كان تطوعاً فلا يحج، لأحقيتهما بمنعه من ذلك، كالجهاد إذا لم يتعين.
انظر: الإنصاف 3/400.

(5/2296)


[1583-] قلت: إذا أفسد حجهما بجماع من أين يهلان من قابل؟
قال: من حيث كانا أهلاَّ من مواقيتهما.1
[قال إسحاق: كما قال] ،2 والافتراق من حيث أصابا.3
[1584-] قلت: رجل حج، ثم ارتد، ثم أسلم [يستأنف] ؟ 4
قال:5 يستأنف.6
__________
1 الإحرام في القضاء يكون من أبعد الموضعين، الميقات، أو موضع إحرامه الأول، لأنه إن كان الميقات أبعد، فلا يجوز له تجاوز الميقات بغير إحرام، وإن كان موضع الإحرام أبعد، فعليه الإحرام بالقضاء منه، لأن القضاء يحكي الأداء.
انظر: المغني 3/378، المبدع 3/163، الإنصاف 3/496.
2 ساقطة من ع، والأولى إثباتها لأن المؤلف درج على ذكر قول إسحاق بعد قول أحمد، وقول إسحاق موافق لقول أحمد في هذه المسألة، كما في المغني 3/378.
3 وكذا المذهب، وعليه الأصحاب كما قاله المرداوي في الإنصاف 3/496.
وعن الإمام رواية: أنهما يتفرقان من الموضع الذي يحرمان فيه.
انظر أيضاً: المغني والشرح الكبير 3/378، المبدع 3/164.
ومعنى التفرق: هو أن لا يركب معها في محمل، ولا ينزل معها في فسطاط (بيت من الشعر، المصباح المنير 2/472) .
4 ساقطة من ظ، وفي ع "من قال يستأنف" بزيادة من قال، وهذه الزيادة لا تتفق مع جواب الإمام أحمد، والظاهر أنها زيادة من الناسخ.
5 في ع (قال أحمد) بزيادة أحمد.
6 هذه رواية عن الإمام أحمد، ودليلها الآية المذكورة في قول إسحاق.
والرواية الثانية: أنه لم يلزمه حج ثان، قال عنها صاحب الإنصاف 3/388 الصحيح من المذهب، وأطلق الروايتين في الحاشية على المقنع 10/387.

(5/2297)


قال إسحاق: كما قال، لما قال جل ذكره {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} .1
[1585-] قلت: محرم نظر إلى امرأته [بشهوة] 2 (حتى انتشر) ،3 أو لمس من شهوة؟
قال: إذا ردد النظر أعجب إلي أن يهريق دماً.
قال إسحاق: كما قال، ولو أمنى كذلك (بعد أيضاً إذ لم يمس) .4
__________
1 الزمر، آية 65.
2 ساقطة من ظ، والمناسب للسياق إثباتها كما في ع.
3 في ع (حتى إذا انتشر) بزيادة (إذا) .
4 في ع "أيضاً بعد إذ لمس".
وتحرير هذه المسألة: أنه إن نظر ولم يكرر فأمنى، فعليه شاة.
قال المرداوي في الإنصاف 3/224: "لو نظر نظرة فأمنى فعليه شاة بلا نزاع" ا. هـ.
أما إن نظر وكرر، فأنزل ففيه روايتان:
إحداهما: عليه بدنة. وهي المذهب كما في الإنصاف 3/524.
الثانية: عليه شاة، وهي قول إسحاق.
انظر أيضاً: المغني 3/330، المبدع 3/182، الإشراف ق 105 أ.
وإن كرر النظر حتى أمذى فعليه شاة، وهو المذهب، وقيل لا فدية عليه. الإنصاف 3/524.
وإن لم يقترن بالنظر مني أو مذي، فلا شيء عليه، سواء كرر النظر أو لم يكرره. المغني 3/332، المبدع 3/182.
أما إذا لمس: فإن أنزل فعليه بدنة، وهو المذهب كما في الإنصاف 3/501.
وعنه رواية: عليه شاة.
وإن لم ينزل فعليه شاة، وهو المذهب كما في الإنصاف 3/523.
وعنه: عليه بدنة. وانظر أيضاً: المبدع 3/167، المغني 3/322.
وسبق بيان حكم حجه في التعليق على المسألة (1505) .

(5/2298)


[1586-] قلت:1 رجل جامع [أهله] 2 ثم أصاب صيداً، [ع-90/أ] أو حلق رأسه أو أشباه ذلك؟
قال: الإحرام عليه قائم كلما أصاب من3 ذلك فعليه الكفارة.4
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 ساقطة من ع.
3 آخر الصفحة رقم 178 من ع.
4 لأنه يجب عليه إتمامه لعموم قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ولأنه قد روي ذلك عن عمر وعلي وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين. فلا بد أن يجتنب بعد الفساد ما يجتنبه قبله، وسبق التفصيل فيمن كرر محظوراً في المسألة: (1558) .
[] انظر: المغني 3/377-378، الإنصاف 3/495.

(5/2299)


قال إسحاق: أعجب إليّ أن يكون يلزمه ما يلزم الحرام.1
[1587-] قلت:2 من طاف يوم النحر، ثم جامع امرأته قبل أن يصلي الركعتين؟
قال: ما عليه3 شيء، يصلي متى شاء.
قال إسحاق: كما قال، لأن الذي يتم به الحج هو الطواف، وقد فرغ منه.
[1588-] قلت:4 إذا جامع في العمرة قبل أن يطوف بالصفا والمروة؟
قال: لا تتم العمرة إلا بالطواف بينهما، يقضي العمرة ويكون عليه فيها الهدي.
__________
1 وافق إسحاق الإمام أحمد في أنه يلزم المفسد لحجه ما يلزمه لو لم يفسده، وتقدم رأيه فيمن كرر محظوراً من أجناس في المسألة (1558) .
2 في ع وردت المسألة الآتية برقم (1594) إثر هذه المسألة.
3 أي ليس عليه شيء من دم أو غيره، لأنه بطوافه هذا قد تحلل التحلل الذي يجيز له الجماع، ولأن ركعتي الطواف سنة لا شيء على تاركها. المغني 3/401.
4 في ع بزيادة "لأحمد رضي الله عنه".

(5/2300)


قال إسحاق: (لا قضاء عليه) ،1 إذا كان قد طاف بالبيت، لما قال ابن عباس رضي الله عنهما: العمرة البيت، وعليه دم كما قال [ظ-46/ب] .2
__________
1 في نسخة م "القضاء عليه".
2 يدور الحكم فيمن جامع في العمرة قبل الطواف بين الصفا والمروة على هل السعي ركن أم لا؟ وفي ذلك ثلاث روايات عن الإمام أحمد:
الأولى: أنه ركن لا تتم العمرة إلا به، فمن جامع قبله فسدت عمرته وعليه الدم والقضاء، كما سبق في المسألة (1366) ، وهذا ما نص عليه الإمام أحمد هنا، ونسبه البغوي في شرح السنة 7/140 له وإلى إسحاق، وكذلك الخطابي في معالم السنن 2/386.
الثانية: أنه سنة لا شيء على تاركه، قال به ابن عباس رضي الله عنهما كما في شرح السنة في المكان المشار إليه، والمغني 3/408، وأحكام القرآن للجصاص 1/96، أخذاً بظاهر قوله تعالى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، ونفي الجناح دليل على عدم الوجوب.
الثالثة: أنه واجب يجبر بالدم، وهي التي قال بها الإمام إسحاق هنا، ورجحها في المغني 3/408 معللاً بأن دليل من أوجبه وجعله ركناً، دل على مطلق الوجوب لا على كونه لا يتم الحج إلا به، وقال المرداوي في الإنصاف 4/58 عن الرواية الأولى أنها الصحيح من المذهب، وصححه في المحرر 1/243، وقدمها في الفروع 3/525.
ومن الأدلة لها سعيه صلى الله عليه وسلم مع قوله في الحديث الصحيح: "خذوا عني مناسككم" وقوله صلى الله عليه وسلم: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي". أخرجه الإمام أحمد في مسنده 6/421، والدارقطني في سننه 2/255.
وانظر أيضاً: فتح القدير للشوكاني 1/160.

(5/2301)


[1589-] قلت: في محرم أصاب صيداً أيأكله الحلال؟
قال: لا يأكله.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1590-] قلت: (من) 3 وجب عليه هدي،4 فلم يجد، يقوم عليه قيمة دراهم ثم يقوم طعاماً، ثم يصوم مكان كل مدّ يوماً؟
قال: يصوم مكان كل نصف صاع يوماً،5 هكذا في
__________
1 حيث إن المحرم إذا ذبح الصيد صار ميتة يحرم أكله على جميع الناس، لأن الصيد حرم عليه ذبحه لحق الله تعالى فلم يحل بذبحه كالمجوس.
المغني والشرح الكبير 3/292، المقنع بحاشيته 1/412.
2 انظر عن قول إسحاق المغني والشرح الكبير 3/292.
3 في ع "فيمن"، والمعنى مستقيم بالعبارتين، ولعل الاختلاف من النساخ.
4 المقصود بالهدي هنا الواجب في جزاء الصيد، لأن هدي المتعة الواجب فيه الهدي أو الصيام على الترتيب، ولا حاجة للتقويم لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} البقرة، آية 196، المغني 3/498.
5 الصحيح من المذهب كما في الإنصاف 3/509، وكما حكى عن الإمام أحمد في المسألة الآتية برقم (1594) أن كفارة جزاء الصيد على التخيير بين إخراج المثل، أو التقويم بطعام، أو الصيام عنه، لقوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} سورة المائدة، آية 95.
وعنه رواية أنها على الترتيب، فيجب المثل، فإن لم يجد أطعم، فإن لم يجد صام.
المغني 3/543، المبدع 3/173.
وفي مقدار الطعام الذي يصوم عنه روايتان عن الإمام:
إحداهما: أنه يصوم عن كل مد يوماً.
والثانية: عن كل نصف صاع يوماً، وهي ما حكاها الكوسج عن الإمام هنا، وقال القاضي إن في المسألة رواية واحدة عن الإمام فحمل الأولى على البر، والثانية على ما سواه.
المغني 3/544، المبدع 3/174، الإشراف ق 109 أ.
وقال في الإنصاف 3/511: "والصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب أنه يصوم عن كل طعام مسكين يوماً".

(5/2302)


حديث الحكم عن مقسم1 عن ابن عباس رضي الله
__________
1 في (م) (معتمر) .
هو مقسم بكسر أوله وسكون ثانية بن بجرة، ويقال نجدة، أبو القاسم مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له مولى ابن عباس للزومه له. روى عن ابن عباس، وعبد الله بن الحارث، وعائشة، وعبد الله بن عمرو. وروى عنه ميمون بن مهران، والحكم بن عتيبة، وغيرهم. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب ص 346: صدوق وكان يرسل. مات سنة إحدى ومائة.
تهذيب التهذيب 10/288، الجرح والتعديل 8/414.

(5/2303)


عنهما.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1591-] قلت: ما يرخص من شجر الحرم ومن نبتها أن يقلع؟
قال: كل (ما زرع) 3 على مائك، والشجر البالي الميت (المتساقط) .4، 5
__________
1 قال: "إذا أصاب المحرم الصيد فإن كان عنده جزاء ذبحه، فإن لم يكن عنده جزاء قوّم جزاؤه دراهم، ثم قوّمت الدراهم طعاماً، فصام مكان كل نصف صاع يوماً، وإنما جعل الطعام للصائم لأنه إذا وجد الطعام وجد جزاؤه"، المحلى 7/221، وحمله القاضي على ما سوى البر كما سبق آنفاً، ويدل أثر ابن عباس أيضاً على ما ذهب إليه الإمام أحمد في رواية أن جزاء الصيد على الترتيب، والصحيح من المذهب التخيير كما سبق في التعليق على قول الإمام أحمد: (يصوم مكان كل نصف صاع يوما) .
2 انظر عن قول إسحاق الإشراف ق 109 أ.
3 في ع "ما زرعته"، ولعل المناسب ما أثبته من ظ، يشمل كل ما نبت في ملكه، سواء بواسطته أو بفعل غيره.
4 في ع "الساقط"، والمناسب ما أثبته.
5 ورد في قطع شجر الحرم الحديث الصحيح في فتح مكة حيث قال فيه صلى الله عليه وسلم: "لا يعضد شجرها".
أخرجه البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب لا ينفر صيد الحرم 2/213، ومسلم في باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها 1/989، حديث1355.
واستثني في الحديث "الإذخر"، واختلف العلماء في حكم ما سواه مما ينبت في أرض الحرم، فلا خلاف في المذهب من أنه لا يجوز قطع ما لم ينبته الإنسان، وأما ما أنبته الإنسان فإن كان زرعاً فلا خلاف في جواز قطعه، وإن كان شجراً قيل: لا يجوز لعموم النهي في الحديث الشريف، واختار ابن قدامة في المغني 3/365 أنه إن كان الشجر من جنس شجرهم كالنخل لم يحرم، قياساً على الزرع.
والصحيح من المذهب أنه يجوز قطعه كذلك، كما قاله في الإنصاف 3/553، وقدمه في الفروع 3/475، وجزم به في المحرر 1/242، والهداية 1/98. وانظر أيضاً: فتح الباري 4/44.
وأما قطع الشجر الميت المتساقط والانتفاع به فهو جائز قال صاحب المغني: لا نعلم فيه خلافاً، انظر: المراجع السابقة.

(5/2304)


قال إسحاق: كما قال.
[1592-] قلت: تكره أجور (بيوت) 1 مكة وشراءها والبناء بمنى؟.
قال: أخبرك2 أني أتوقى الكراء،3 وأما الشراء فقد اشترى عمر
__________
1 في ظ "بيت"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
2 في ظ (أجترئ) .
3 أي أتنزه عن ذلك لكراهته، ويشهد له ما في المسائل برواية ابنه عبد الله ص 234 مسألة 875: "سألت أبي عن كراء بيوت مكة؟ فقال ما أكثر ما جاء فيه كراهية، وقال: إن تنزه أحب لي".
ومسألة بيع بيوت مكة وإجارتها طال الخلاف فيها، واختلفت الروايات عن الإمام أحمد في ذلك، فروي عنه عدم جواز ذلك، قال المرداوي في الإنصاف: "هذا هو المذهب المنصوص، وهو مبني على أن مكة فتحت عنوة" وقال: "والصحيح من المذهب أنها فتحت عنوة، وعليه الأصحاب".
وروي عن الإمام أحمد جواز ذلك.

(5/2305)


رضي الله عنه دار السجن،1 وأما البناء بمنى فإني أكرهه.
قال إسحاق: كل شيء من دور مكة فإن بيعها وشراءها وإجارتها (مكروه) ،2 (ولكن الشراء واستئجار الرجل أهون) 3 إذا لم يجد، وأما البناء بمنى على وجه الاستخلاص لنفسه فلا يحل.4
__________
1 أخرج عبد الرزاق في باب الكراء في الحرم 5/14: "قال ابن جريج: ولا يرى به عمرو بن دينار بأساً، قال: وكيف يكون به بأس والربع يباع فيؤكل ثمنه، وقد ابتاع عمر بن الخطاب دار السجن بأربعة آلاف دينار" ا. هـ. والربع: الدار بعينها حيث كانت. القاموس 3/25.
2 في ع "مكروهة"، وحكى الكراهة عن إسحاق: ابن قدامة في المغني 4/304، الشرح 4/20، وابن حزم في المحلى 4/263.
3 في ظ "وليس الكراء واستئجار الرجل أهون"، ولعل الصواب ما أثبته من ع كما يفهم ذلك من السياق، والمعنى أن الشراء والاستئجار أهون فيجوز ذلك، لأن الإنسان قد لا يجد مسكناً فإنه يضطر إلى ذلك، بخلاف البيع، لأن الغالب أن البائع قد يبيع وهو في غنى ولا توجد ضرورة لبيع ذلك، لأنه بإمكان الإنسان التكسب بغير ذلك، أما إن احتاج لذلك ووجدت ضرورة، فحكمه حكم الشراء.
4 قال ابن قدامة رحمه الله: "قال إسحاق: البناء بمكة على وجه الاستخلاص لنفسه لا يحل" ا. هـ. المغني 4/305، الشرح الكبير 4/21.
والمعنى أي: إذا كان البناء لاستئثار نفسه على وجه الخصوص فإن هذا لا يجوز، ويفهم منه أن البناء إذا لم يكن كذلك فإنه يجوز.
وعنه رواية أخرى: بجواز الشراء وعدم جواز الكراء، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.
والروايتان الجواز وعدمه مبنيتان على أن مكة فتحت عنوة أو صلحاً، وقال بكل واحد منهما الإمام أحمد.
وقال ابن قدامة عن رواية جواز الكراء والبيع، وهو أظهر في الحجة.
وقال ابن القيم في الزاد بعد سرد حجج الفريقين: "والصواب القول بموجب الأدلة من الجانبين، وأن الدور تملك وتوهب وتورث وتباع، ويكون نقل الملك في البناء لا في الأرض" ا. هـ.
[] انظر: المغني 4/304-305، الشرح الكبير 4/20-21، الإنصاف 4/288- 290، الفتاوى 17/490، [29/211،] زاد المعاد 1/174-179، المحلى 7/263، شفاء الغرام 1/26-32، مصنف ابن أبي شيبة 4/79.

(5/2306)


[1593-] قلت:1 (يخرج) 2 من حجارة مكة أو ترابها إلى الحل؟
قال: كأن الخروج [منها] 3 أشد، إلا ماء زمزم أهون، أخرجه
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد"
2 في ظ "هل يخرج" بزيادة هل، وأكثر ما درج عليه المؤلف في بقية المسائل عدم ذكرها كما أثبته من ع.
3 ساقطة من ع.

(5/2307)


كعب.1
قال إسحاق: لا يخرج شيء من ترابها ولا [من] 2 حجارتها، وأما ماء زمزم فمباح، (ولا يدخل في شيء) 3 مما وصفنا.
__________
1 قال ابن قدامة في المغني 3/587: "ولا يخرج من تراب الحرم ولا يدخل فيه من الحل كذلك، قال عمر وابن عباس رضي الله عنهما: "ولا يخرج من حجارة مكة وترابها إلى الحل، والخروج أشد، إلا أن ماء زمزم أخرجه كعب" ا. هـ.
وذكر نحوه ابن مفلح في الفروع 3/481، وقال بعد ذلك: "ولا يكره إخراج ماء زمزم، قال أحمد: أخرجه كعب، [] لم يزد على ذلك". ثم أورد حديث عائشة في نقل ماء زمزم". الفروع 3/482-483.
وحديثها رضي الله عنها: "أنها كانت تحمل من ماء زمزم، وتخبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحمله".
أخرجه الترمذي في كتاب الحج 3/295، حديث963 وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والبيهقي في باب الرخصة في الخروج بماء زمزم 5/202.
وانظر أيضاً: شرح السنة 7/300، مسائل أبي داود ص 137.
ولم أقف على رواية كعب المشار إليها، ولم يرد حديث في ماء زمزم عمن يسمى بهذا الاسم من الصحابة كما [] أفاده الحافظ المزي في تحفة الأشراف 8/294-325، والنابلسي في ذخائر المواريث 3/85-88.
2 ساقطة من ع، والمناسب للسياق إثباتها كما في ظ.
3 في ظ "ولا يخرج شيء"، والصواب ما أثبته من ع، لأن المعنى والسياق يتطلب ذلك، ويشهد له ما سبق ذكره في المغني: "ولا يخرج من تراب الحرم، ولا يدخل فيه من الحل".
وفي إدخاله الحرم روايتان عن الإمام أحمد كما في الفروع 3/481.

(5/2308)


[1594-] قلت:1 فيمن أصاب الصيد هو مخير في الطعام والصيام والذبح؟
قال: هو مخير.2
قال إسحاق: كما قال.
[1595-] قلت: الشرب في الطواف؟
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد"، وقد وردت هذه المسألة في ع إثر مسألة رقم (1587) .
2 هذا هو الصحيح من المذهب كما في الإنصاف، وقدمه في المغني، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} سورة المائدة، آية 95، وأوفى الأمر للتخيير.
وعن الإمام أحمد رواية: أن جزاء الصيد على الترتيب.
وعنه رواية أخرى: أنه مخير بين إخراج المثل والصيام، ولا إطعام، وإنما ذكر في الآية ليعدل الصيام. المغني 3/543، الإنصاف 3/509، الإشراف ق 109 أ.

(5/2309)


قال أحمد: لا بأس به، حدثنا إسحاق1 [قال] 2 (أخبرنا) 3 أحمد4 [قال] 5 (حدثنا) 6 معتمر7 عن هشام8 عن قيس بن
__________
1 الظاهر أنه ابن راهويه بمعنى أن الكوسج بعد ما ذكر جواب الإمام أحمد أورد الأثر الذي رواه عن إسحاق عن أحمد بالسند المذكور.
2 ساقطة من ع.
3 في ع "أنا"، وهو اصطلاح عند المحدثين بمعنى "أخبرنا".
4 هو الإمام أحمد بن حنبل.
5 ساقطة من ع.
6 في ع "نا"، وهو اصطلاح عند المحدثين بمعنى حدثنا.
7 هو معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي أبو محمد البصري، قيل إنه كان يلقب بالطفيل. روى عن أبيه، وحميد الطويل، وهشام بن حسان، وجماعة. وروى عنه الثوري وهو أكبر منه، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم. ثقة، وقيل: إنه سيئ الحفظ. مات سنة سبع وثمانين ومائة.
تهذيب التهذيب 10/227، التقريب ص 342، الأعلام 7/265.
8 هو: هشام بن حسان الأزدي القردوس، أبو عبد الله البصري. روى عن حميد بن هلال، والحسن البصري، وقيس بن سعد المكي، وعنه الحمادان، والسفيانان، ومعتمر بن سليمان، وغيرهم. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب ص 364: "ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال لأنه قيل كان يرسل عنهما" ا. هـ. مات سنة سبع وقيل: سنة ثمان وأربعين ومائة.
وانظر أيضاً: تهذيب التهذيب لابن حجر 11/34، الإعلام 8/85، تذكرة الحفاظ 1/154.

(5/2310)


سعد1 عن طاووس قال: لا بأس بالشرب في الطواف.2
قال إسحاق: كما قال في المسألة.3
[1596-] قلت: فعل ابن أبي (نعم)
__________
1 هو: قيس بن سعد المكي، أبو عبد الملك. روى عن عطا وطاووس ومجاهد وغيرهم، وعنه الحمادان وهشام بن حسان. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب ص 283: ثقة. مات سنة تسع عشرة ومائة، وقيل: سبع عشرة ومائة.
انظر: تهذيب التهذيب 8/397، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 2/356.
2لم أقف على الأثر عن طاووس بالسند المذكور، وقال ابن المنذر: "روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شرب ماء في الطواف، ورخص في الشرب في الطواف عطاء وطاووس وأحمد وإسحاق، ولا أعلم أحداً منع منه الطائف، وبه نقول" ا. هـ. وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال: "لا بأس أن يشرب وهو يطوف". الإشراف ق 118 أ، مصنف عبد الرزاق 5/497، وانظر أيضاً: المغني 3/392.
3 سبق نقل ابن المنذر ذلك عنه في التعليق السابق.
4 في ع "نعيم"، والصواب ما أثبته من ظ، لما يأتي في ترجمته، واسمه عبد الرحمن بن أبي نعم-بضم النون وسكون المهملة-البجلي، أبو الحكم الكوفي العابد. روى عن أبي هريرة وأبي سعيد ورافع بن خديج وابن عمر، وروى عنه سعيد بن مسروق الثوري ومحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضبي وغيرهما. أخرج له الستة. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: "صدوق عابد من الثالثة، مات قبل المائة".
[] انظر: تهذيب التهذيب 6/286، التقريب ص 211، سير أعلام النبلاء 5/62، حلية الأولياء 5/69-73، طبقات ابن سعد 6/298، التاريخ الكبير 5/356، الأنساب للسمعاني 2/92، خلاصة تذهيب الكمال 2/155.

(5/2311)


(يلبي) 1 بالحج حين يصدر2 الناس من منى؟ 3
قال: (كرهه) 4 أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.5
قال إسحاق: كما قال.6
__________
1 في ظ "يلي"، والصواب ما أثبته من ع.
2 الصدر: خلاف الورد، وهو الانصراف عن الماء، ويقال أيضاً للانصراف عن غيره، ويوم الصدر: اليوم الرابع من أيام النحر، لأن الناس يصدرون فيه عن مكة إلى أماكنهم.
انظر: المعجم الوسيط 1/510، القاموس المحيط 2/70، مجمل اللغة 2/552.
3 أي يحرم بالحج بمجرد صدور الناس من منى، فقد روى محمد بن فضيل عن أبيه قال: كان عبد الرحمن بن أبي نعم يحرم من السنة إلى السنة ويقول: "لبيك، لو كان رياء لاضمحل" وهذا هو فعله المشار إليه في المسألة. سير أعلام النبلاء 5/63، حلية الأولياء 5/70.
4 في ع "قد كرهه" بزيادة قد.
5 ومن ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما "من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج".
أخرجه البخاري 2/150 في باب قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} . ووجه الكراهة لفعل ابن أبي نعم، لأنه إحرام بالحج قبل أشهره.
6 انظر عن قوله المغني 3/224، الشرح الكبير 3/223، وراجع أيضاً الإحرام بالحج قبل أشهره في المسألة

(5/2312)


[1597-] قلت: يكره الجوار1 بمكة؟
قال: قد جاور جابر وابن عمر رضي الله عنهما،2 ليت أني الآن بمكة مجاور.3
قال إسحاق: كما وصف.
[1598-] قلت:4 يقتل صيدها متعمداً ويكفّر؟
قال: (لا يعجبني أن يفعل ذلك) 5 متعمداً.
قال إسحاق: كما قال.6
[1599-] [ع-91/أ] قلت: هل يقطع من شجر الحرم متعمداً ويكفّر؟
__________
1 الجوار لغة: المجاورة، وجاوره مجاورة أي ساكنه، فالجوار بمكة أي السكن بها. لسان العرب 4/153، المعجم الوسيط 1/146.
2 ذكر ذلك ابن قدامة في المغني 3/587، ومحب الدين الطبري في القرى ص 660.
3 تستحب المجاورة بمكة، وتجوز لمن هاجر منها المجاورة بها، ونقل حنبل عن الإمام أحمد إنما كره عمر الجوار بمكة لمن هاجر منها، فحمله في الفروع أن الإمام أحمد حكاه ولم يقل به، ويحتمل القول به فيكون فيه [] [] روايتان. الفروع 3/492-493، الإنصاف 3/563، المغني 3/587.
4 في ع وردت هذه المسألة قبل المسألة التي تليها، والمناسب الترتيب الذي أثبته من ظ، بدليل الضمير في قوله "صيدها"، فإنه يرجع إلى مكة في المسألة التي قبلها.
5 في ع "ما يعجبني أن يفعل ذاك".
6 سبق تقرير حكم صيد الحرم وما يجب فيه في المسألة (1523) .

(5/2313)


قال: لا، إلا ما كان منه ميت ساقط.
قال إسحاق: كما قال، (لا يتعمدن) 1 أحد بهذا.2
[1600-] قلت: قول عمر رضي الله عنه: "لا تتخذوا لدوركم3 أبواباً"؟ 4
قال: الدار التي لها أفنية5 وساحة.6
قال إسحاق: كما قال، (وأما) 7 إذا قصر عن مسكنه لا يلزمه
__________
1 في ع "لا يتعمد".
2 سبق أيضاً تقريره في المسألة (1591) .
3 الدار: المحمل يجمع البناء والعرصة، وكل موضع حل به قوم فهو دارهم، والدور جمع دار، وهي المنازل المسكونة والمحال. لسان العرب 4/298.
4 والأثر هو: ما روى عبد الرزاق في المصنف 5/147: "عن مجاهد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبواباً، لينزل البادي حيث شاء".
5 جمع فناء وهو سعة أمام الدار، وفناء الدار ما امتد من جوانبها.
انظر: لسان العرب 15/165.
6 الساحة: الناحية، وهي أيضاً فضاء يكون بين دور الحي. وساحة الدار: باحتها. لسان العرب 2/492.
7 في ع "فأما".

(5/2314)


إدخال (الحجاج) .1
[1601-] قلت: يدخل المحرم (الحمام) ؟ 2
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.
[1602-] قلت: رجل تمتع فلم يذبح حتى رجع إلى أهله؟
قال: يبعث بالدم إلى مكة إذا كان ساهياً، قال والعامد عليه دم واحد، إلا أنه أساء.3
__________
1 في ظ "الحج"، والصواب ما أثبته من ع، لأن به يستقيم المعنى، وفي ع أيضاً زيادة "قال إسحاق الكوسج: قال كان الحميري يقول: أنتم تسمون الحجرة داراً". والمعنى أي: إذا كانت داره لا تكفي لسكنه فإنه لا يلزمه إتاحة الفرصة لغيره بدخولها من الحجاج وغيرهم، فعلى هذا لا مانع من تبويبها، وهذه المسألة مترتبة على الخلاف في جواز إجارة بيوت مكة وبيعها، وسبق تحريرها في المسألة
وانظر أيضاً: فتح الباري 3/451، فتح القدير للشوكاني 3/449.
2 في ظ "الخيام"، والظاهر أن الصواب ما أثبته من ظ، وروى هذه المسألة بهذا اللفظ ابنه عبد الله في مسائل برقم 579 ص 204، وكلاًّ من الدخول في الحمام والخيام جائز للمحرم، انظر عن دخول الخيام مسألة الاستظلال للمحرم رقم (1464) ، وعن دخول الحمام مسألة الاغتسال للمحرم رقم (1470) .
3 قال أبو الخطاب: "فإن وجب عليه الهدي فأخره لعذر، مثل إن ضاعت نفقته، أو وجب عليه الصيام فلم يصم الثلاثة الأيام في الحج لعذر، لم يلزمه غير قضاء ذلك، وإن أخّر ذلك لغير عذر، فعلى روايتين:
إحداهما: لا يلزمه إلا قضاء ذلك.
والثانية: يلزمه مع القضاء دم". ا. هـ.
[] الهداية 1/90-91، وانظر أيضاً: المقنع بحاشيته 1/423.

(5/2315)


قال إسحاق: كما قال.
[1603-] (قال أحمد) :1 [قوله صلى الله عليه وسلم] :2 "لا تحل لقطتها3إلا لمنشد"4 (فكأن) 5 لقطة الحرم (لمن) 6 يغشى
__________
1 في ع "قال الإمام أحمد رضي الله عنه".
2 ساقطة من ظ، والأقرب للسياق إثباتها كما في ع.
3 الضمير يعود إلى مكة، وسبق تعريف اللقطة في المسألة (1550) .
4 جزء من حديث، ولفظه عند البخاري: "عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يعضد عضاهها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد، ولا يختلى خلاها".
أخرجه البخاري في كتاب اللقطة، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة 3/94، وسبق تخريجه بألفاظ مقاربة في المسألتين (1523) ، (1591) .
ومعنى قوله: "لا تحل لقطتها إلا لمنشد"، أي: لا تحل إلا لمن يريد أن يعرفها فقط، أما من أراد أن يعرفها ثم يتملكها فلا. فتح الباري 5/88.
5 في ع "قال فكأن"، بزيادة "قال".
6 في ع "لم" والموافق للمعنى ما أثبته من ظ.

(5/2316)


(الحرم) 1 من الناس أنهم متفرقون من بلدان شتى، فالذي يأخذ لقطتها يقول: متى (أجد) 2 صاحبها فلا يحل له، [إلا] 3 أن ينشد لقطة الحرم كما ينشد غير لقطة الحرم، فإذا أنشدها سنة حلت له.
قال إسحاق: قال جرير الرازي:4 معنى قوله [صلى الله عليه وسلم] 5 "لا تحل لقطتها إلا لمنشد"، يقول إلا الرجل سمع صاحبها ينشدها قبل ذلك فحينئذ له أخذها، وهذا الذي أختاره.6
__________
1 في ظ "الحرام".
2 في ظ "أخذ"، والمعنى يقتضي ما أثبته من ع.
3 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ لأن المعنى لا يستقيم بدونها.
4 هو جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي، أبو عبد الله الرازي. روى عن عبد الملك بن عمير وسليمان التيمي والأعمش وعطاء بن أبي السائب وغيرهم. وروى عنه إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم. توفي سنة ثمان وثمانين ومائة هـ.
انظر: تهذيب التهذيب 2/75، تذكرة الحفاظ 1/271، تاريخ بغداد 7/253، الأعلام 2/119.
5 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما سبق في التعليق الثاني في المسالة.
6 الضمير يعود إلى الإمام إسحاق، قال ابن حجر في الفتح 5/88: "وقال إسحاق بن راهويه: قوله "إلا لمنشد" أي: لمن سمع ناشداً يقول: من رأى لي كذا، فحينئذ يجوز لواجد اللقطة أن يعرفها ليردها على صاحبها، وهو أضيق من قول الجمهور لأنه قيده بحاله للمعرف دون حاله" ا. هـ.

والمذهب أن لقطة الحرم كغيرها في جواز ملكها بعد تعريفها سنة، لعموم الأحاديث الواردة في اللقطة، ولأن حرم مكة أحد الحرمين فأشبه المدينة، ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها في الحل والحرم كالوديعة.
وهناك رواية عن الإمام أحمد: أنه لا يجوز التقاط لقطة الحرم للتمليك، وإنما يجوز حفظها لصاحبها، فإن التقطها عرفها أبداً حتى يأتي صاحبها لهذا الحديث، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية. المغني 6/332، الإنصاف 6/413،المبدع 5/284، الاختيارات الفقهية ص 169.

(5/2317)


[1604-] (قلت) :1 [ما] 2 الطواف (الواجب) 3 الذي لا بد منه؟
قال: لا بد من طواف الزيارة يوم النحر.
قال إسحاق: كما قال، لأن الحج به يتم.4
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 سقطت من ظ، وبإثباتها كما في ع يتضح المعنى أكثر.
3 في ع "الواجب قال" بزيادة "قال"، والسياق يتطلب حذفها، كما في ظ.
4 طواف الزيارة ركن لا يتم الحج إلاّ به، كما سبقت الإشارة لذلك في المسائل: (1495، 1496) ، (1566) .
أما كونه يوم النحر فذلك هو الأفضل وليس واجباً، ولا بأس بتأخيره عن يوم النحر كما نص عليه في المسألة [ (1449) ،] وانظر أيضاً: المغني 3/465-466، ولم يقصد الإمام أحمد رحمه الله هنا بأن طواف الزيارة واجب في يوم النحر، بل عرفه بأول وقته وأفضله.

(5/2318)


[1605-] قلت: من قرن الحج والعمرة يتمتع إذا شاء؟
قال: إذا لم يسق الهدي إن شاء صيرهما عمرة.1
قال إسحاق: كما قال، ولا يجوز القران إلا بسوق.2
[1606-] قلت: رجل دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة ثم ينشئ الحج، أمتمتّع هو؟
قال: نعم.
قال إسحاق: شديداً كما قال.
[1607-] قلت: رجل من أهل مكة انقطع إلى [بلد] 3 سواها ثم قدم معتمراً في أشهر الحج ثم أقام بمكة حتى أنشأ الحج منها، أمتمتّع هو؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 بل يستحب له ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا ويجعلوها عمرة، إلا من كان معه هدي.
انظر: المغني 3/416، وانظر أيضاً: المسألة (1377) .
2 سبق تقرير ذلك في المسألة (1578) .
3 سقطت من ع، والأولى إثباتها كما في ظ.
4 قال ابن قدامة في المغني 3/502: "فإن دخل الآفاقي مكة متمتعا ناوياً للإقامة بها بعد تمتعه، فعليه دم المتعة"، قال ابن المنذر: "أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم"، ولو كان الرجل منشؤه ومولده بمكة فخرج عنها متنقلاً مقيماً بغيرها، ثم عاد إليها متمتعاً ناوياً للإقامة بها أو غير ناوٍ لذلك، فعليه دم المتعة، لأنه خرج بالانتقال عنها عن أن يكون من أهلها" إلى أن قال: "فكأنما نوى أن يقيم بعد أن يجب عليه الدم" ا. هـ.
وانظر عن قول ابن المنذر المشار إليه الإشراف ق 121 ب.
وانظر أيضاً: الإنصاف 3/441

(5/2319)


[1608-] قلت: رجل قدم مكة بعمرة فطاف بالبيت وبالصفا والمروة وهو جنب، أو على غير وضوء ناسياً، ثم وقع بأهله ثم ذكر؟
قال: يعيد الطواف1 وعليه دم،2 وقد أجزأه.3
قال إسحاق: كما قال.
[1609-] قلت: محرم اضطر، يأكل الميتة أو (يصيد) 4 الصيد فيأكله؟
__________
1 لأن الطهارة شرط في صحة الطواف.
2 لكونه وطئ في عمرته، الإنصاف 3/521، الكشاف 2/455، المبدع 3/180، ويلزم من إعادة الطواف إعادة السعي حيث إن سعيه الأول بعد طواف على غير طهارة، فلا يعتد به. المغني 3/409.
3 أي أجزأه عمله هذا وهو الإعادة.
4 في ع "يصيب"، والأقرب للسياق ما أثبته من ظ.

(5/2320)


قال: يأكل الميتة.1
قال إسحاق: يأكل الصيد، وعليه الجزاء [ظ-47/أ] 2. 3
__________
1 قال في الإنصاف 10/472: "وهو المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب"، وعلله بقوله لأن في أكل الصيد ثلاث جنايات: صيده وذبحه وأكله، وأكل الميتة فيه جناية واحدة.
وروي عن الإمام أحمد نحو ما روى عنه ابن منصور هنا جماعة.
قال أبو داود في مسائله ص 128: "سمعت أحمد سئل عن المحرم يضطر إلى الميتة والصيد، قال: يأكل الميتة. وسألته عنه مرة أخرى قال: أما أنا فأختار له الميتة".
وفي مسائل ابن هاني 2/134: "سألت أبا عبد الله عن المحرم يضطر إلى الصيد والميتة؟ قال: يأكل الميتة ولا يقرب الصيد، لأن الميتة قد أحلت له".
وفي مسائل ابنه عبد الله رقم 902 ص 243: "سمعت أبي سئل عن المحرم يضطر إلى الميتة والصيد؟ قال: يأكل الميتة. قيل: فإن اضطر إلى الصيد؟ قال: يصيد ويأكل ويكفّر".
وقال ابن قدامة عن أكل الصيد عند الاضطرار: "فيباح له ذلك بغير خلاف نعلمه فإن الله تعالى قال: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وترك الأكل مع القدرة عند الضرورة إلقاء بيده إلى التهلكة" ا. هـ.
المغني 3/531، الشرح الكبير 3/531، وانظر أيضاً: الإنصاف 3/491.
2 في م "وعليه الجزاء" ساقطة.
3 آخر الصفحة 91 من ظ، ولم أطلع على قول غيره للإمام إسحاق في المسألة، وقوله هذا يحتمل أنه يرى أن في أكل الميتة الجزاء قياساً على الصيد، مخالفاً بذلك لمذهب الإمام أحمد، ويحتمل أنه يريد أن عليه الجزاء إذا لم يجد الميتة فاضطر للصيد فأكله، كما نقل نحو ذلك عن الإمام أحمد ابنه عبد الله، كما سبقت الإشارة إليه.

(5/2321)


[1610-] قلت: رجل أرسل كلبه في الحل على الصيد فصاده في الحرم؟
قال: ليس عليه شيء.1
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يتعمد إرساله كي يصيد في الحرم.2
[1611-] قلت: رجل أرسل كلبه في الحرم (فصاد) 3 في الحل؟
قال: ولا على هذا شيء.4
__________
1 هذا هو المنصوص عن أحمد، لأنه لم يرسله على صيد في الحرم بل دخل باختياره، أشبه ما لو استرسل بنفسه.
قال في الشرح الكبير 3/362: "أما إن أرسل كلبه على صيد في الحل فقتله في الحرم، فنص أحمد على أنه لا يضمنه" ا. هـ.
وروي عن الإمام أحمد أنه إن كان الصيد قريباً من الحرم ضمنه لأنه فرط بإرساله، وإلاّ لم يضمنه.
انظر أيضاً: المغني 3/362، المبدع 3/203 والمقنع مع حاشيته 1/437.
2 لأنه إن تعمد ذلك أشبه ما لو فعل ذلك بسهمه، ومن فعل ذلك بسهمه ضمن عند أحمد وإسحاق والثوري. المقنع مع حاشيته 1/437.
3 في ع "فصاده"، والموافق للسياق ما أثبته من ظ.
4 هذا في أصح الروايتين عن الإمام أحمد، لأنه ليس من صيد الحرم، وعنه رواية توافق ما نقل الكوسج عن إسحاق هنا بأن عليه الضمان.
قال ابن قدامة في المغني 3/361: "قال أحمد فيمن أرسل كلبه في الحرم فصاد في الحل فلا شيء عليه، وحكي عنه رواية أخرى بأنه يضمن" ا. هـ. وانظر أيضاً: الشرح 361، المبدع 3/200.

(5/2322)


قال إسحاق: بلى، هذا يغرم لأنه ارتكب (ما لا) 1 يحل له.
[1612-] قلت: رجل رمى صيداً [في الحل] 2 فأصابه في الحرم؟
قال: عليه جزاؤه [ع-92/ب] .3
قال إسحاق: كما قال.
[1613-] قلت: رجل حلال أصاب صيداً في الحرم يحكم عليه كما يحكم على المحرم؟
قال: نعم.4
__________
1 في ع "ما لم"، والأقرب للسياق إثباتها كما في ظ.
2 ساقطة من ع، والمناسب للسياق إثباتها كما في ظ.
3 آخر الصفحة 180 من ع، وما أجاب به الإمام هنا من أن عليه الجزاء هو المشهور في المذهب، لأنه قتل صيداً حرمياً، ولا يختص تحريمه فيمن في الحرم.
وعن الإمام أحمد رواية أنه لا جزاء عليه.
[] المغني 3/360-361، الشرح الكبير 3/361، المبدع 3/203.
4 قال ابن قدامة في المقنع 3/436 "وهو حرام على الحلال والمحرم، فمن أتلف من صيده شيئاً فعليه ما على المحرم في مثله" ا. هـ.
وانظر أيضاً: المغني 3/358، الإنصاف 3/548، المبدع 3/201. وتقدمت الإشارة إلى هذا في المسألة رقم (1523) .

(5/2323)


قال إسحاق: كما قال.
[1614-] قلت: محرم دل حلالاً على الصيد فقتله هل عليه الكفارة؟
قال: نعم، عليه الكفارة،1 ولا ينبغي [له] 2 أن يفعل ذلك، وإنما ذلك بمنزلة رجل أمر رجلاً أن يقتل مسلماً فقتله.3
قال إسحاق: كما قال.4
قال أحمد: وهذا عليه أدب ينكل به.
__________
1 أي الجزاء بمثله. قال ابن قدامة: "ويضمن الصيد بالدلالة فإذا دل المحرم حلالاً على الصيد فأتلفه فالجزاء كله على المحرم" ا. هـ.
المغني 3/286، وانظر أيضاً: الشرح الكبير في نفس الصفحة، والإنصاف 3/474 حيث قال: "هذا المذهب مطلقاً، نقله ابن منصور، وعليه أكثر الأصحاب".
2 سقطت من ظ.
3 أي أن المحرم مع كونه يلزمه الجزاء إذا دل على الصيد، فإنه يحرم عليه هذا العمل.
قال في المبدع: "ويضمن مع التحريم ما دل عليه" ا. هـ.
[] انظر: المغني 3/286-287، المبدع 3/150.
4 المغني والشرح الكبير 3/286.

(5/2324)


قال إسحاق: أجاد.1
[1615-] قلت: على أهل مكة إحصار؟ 2
قال: أهل مكة يهلون ولا يحلون إلا بالوقوف بعرفة وبالرمي وبالطواف مثل الحاج.3
__________
1 فيه زيادة تأكيد أن الإمامين رحمهما الله يريان أنه لا يجوز للمحرم أن يدل على الصيد، وقوله: "هذا ينكل به" يحتمل أن الإشارة ترجع إلى الحكم عليه بالكفارة، فيكون المعنى: يحكم عليه كفارة، وهذا الحكم -أي إيجاب الكفارة- تنكيل له حيث حكم عليه بالكفارة وهو لم يصده. ويحتمل أن الإشارة ترجع إلى من دل على الصيد، فيكون المعنى: أن عليه الكفارة وينكل به بأن يعزره الإمام بما يراه. والله أعلم.
2 الإحصار: منع الحاج من دخول مكة والوصول إلى البيت غالباً.
3 قال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم على أن المحرم إذا حصره عدو من المشركين وغيرهم فمنعوه الوصول إلى البيت ولم يجد طريقاً آمناً، فله التحلل" ا. هـ.
المغني 3/371، وانظر أيضاً: الشرح الكبير 3/515.
ويطلق أيضاً على المنع من إتمام المناسك كما سبق في المسألة 6، فالمكي لا يحصر، لأنه في مكة، فلا بد له من إتمام أعمال الحج. وروى نحو هذا عن الإمام أحمد النيسابوري في المسائل برقم 720، ج 1/146 حيث قال: "قلت لأبي عبد الله: على المكي إحصار؟ قال: لا، قد وجب عليه الحج ساعة يلبي بالحج، وقال: أذهب إلى قول عمرو بن دينار: لا تكون متعة إلا من الموقت" ا. هـ.
أي لا يكون تحلل الإحصار إلا لمن جاء من الميقات، والظاهر أن هذا ما لم يمنع الحاج من الوقوف بعرفة، فإنه لو منع يكون له التحلل كمن منع من دخول مكة السابق حكمه في المسألة (1398) ، (1494) ، وما دام هو في مكة يحل بعمرة، كما نقل ذلك ابن المنذر عن الإمام أحمد، فلا يتحلل من إحرامه كتحلل المحصر.

(5/2325)


قال إسحاق: كما قال.
[1616-] قلت: (رجل) 1 قدم معتمراً في (أشهر الحج) 2 حتى إذا قضى عمرته أهل بالحج من مكة، ثمّ كسر (أو أصابه) 3 أمر لا يقدر على أن يحضر مع الناس المواقف؟
قال: نرى إن لم يجد من يحمله إلى المواقف [أن يقيم حتى] 4 إذا برأ وصح خرج إلى الحل فدخل بعمرة فقضاها، ثم عليه حج قابل والهدي.
قال إسحاق: كما قال سواء.5
__________
1 في ع "رجلاً".
2 في ظ "شهر الحج"، والمناسب ما أثبته من ع، لأن للحج أشهراً وليس شهراً واحداً، قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} البقرة 197.
3 في ظ "وأصابه"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
4 مشطوب من ظ، والصواب إثباته كما في ع، لأن الكلام لا يستقيم إلا بإثباته.
5 سبق تقرير ذلك في المسألتين (1398) ، (1494) وتأتي مسألة مشابهة لها برقم (1418) .

(5/2326)


[1617-] قلت: رجل أهل بالحج فأحصر بعدو، قال:1 يحل من كل شيء وينحر هديه ويحلق ويرجع، وليس عليه قضاء؟
(قال أحمد) :2 إذا كان من عدو3 فليس عليه قضاء.4
قال إسحاق: كما قال.
[1618-] قلت: وإذا أهل بالحج فكسر أو مرض، فهو حرام حتى يصل إلى البيت فيحل بعمرة، وعليه الحج من قابل والهدي؟
قال: نعم، أنا أعتقد هذا من قول المدنيين.5
قال إسحاق: كما قال.6
__________
1 "قال" مثبتة في النسختين، ولعل إثباتها سهو من الناسخ، فإن السياق لا يتطلب ذكرها حيث نص على جواب الإمام أحمد بعد ذلك.
2 في ع "قال الإمام أحمد".
3 في ظ "عذر".
4 هذا هو المذهب، وعن الإمام أحمد رواية أنه يقضي الحج ولو كان من حصر عدو، وسبق بيان ذلك في المسألة (1398) .
5 نعم هذا قول المالكية، قال ابن عبد البر في الكافي 1/346: "من أحصره المرض فإنه لا يحله إلا الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والحلاق ولو أقام سنين، فإذا وصل إلى البيت بعد فوات الحج عمل عمل العمرة وقطع التلبية عند دخول الحرم" ا. هـ.
6 سبقت المسألة برقم (1616) وسبق بيان ما دلت عليه في المسألتين (1398) ، (1494) .

(5/2327)


[1619-] قلت: يستلم الأركان كلها؟
قال: لا، إلا اليماني والحجر.1
قال إسحاق: هكذا هو.2
[1620-] قلت: رجل طاف ثمانياً أو تسعاً، يتم طوافين (أو يقطع) ؟ 3
قال: (إن شاء أتم) 4 طوافين وإن شاء قطع، ولا ينصرف إلا على وتر.
قال إسحاق: كما قال، ولكن يبني على ما طاف حتى يتم طوافين.
__________
1 لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني.
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنين اليمانيين. أخرجهما مسلم في باب استحباب استلام الركنين اليمانيين في الطواف دون الركنين الآخرين 1/924.
[] وانظر عن المسألة المغني 3/393-395، المبدع 3/217، الروض الندي 184.
2 الإشراف ق 116 ب.
3 في ظ "ويقطع"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
4 في ع "إن شاء أن يتم"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.

(5/2328)


[1621-] قلت: رجل شك في طوافه بعد ما ركع ركعتين؟
قال أحمد: إن كان الطواف الواجب فإنه يعيد،1 وإن كان تطوعاً فقد ذهب.2
قال إسحاق: كما قال.
[1622-] قلت: إذا أصابه شيء في الطواف مما ينقض وضوءه (أيبني أم يستأنف) ؟ 3
قال: يبني.4
__________
1 هذه رواية عن الإمام أحمد، قال ابن قدامة في المغني 3/392: "وإن شك بعد الفراغ منه لم يلزمه شيء، لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها" ا. هـ.
وقال ابن رجب في القواعد قاعدة 159 في تعارض الأصل والظاهر: "إذا شك بعد الفراغ من الصلاة أو غيرها من العبادات في ترك ركن منها، فإنه لا يلتفت إلى الشك، وإن كان الأصل عدم الإتيان به وعدم براءة الذمة، لكن الظاهر من أفعال المكلفين للعبادات أن تقع على وجه الكمال، فيرجح هذا الظاهر على الأصل" ا. هـ.
القواعد ص 340، وانظر أيضاً: المبدع 3/223.
2 أي لا يلزمه إعادته، لأنه لا يلزم من انتقض وضوؤه في طواف التطوع الإعادة، كما سيأتي في المسألة (1624) ، فمن شك فيه لا يلزمه من، باب أولى.
3 في ع "يبنى أو يستأنف".
4 هذه رواية عن الإمام أحمد فيما إذا سبقه الحدث، كما قاله ابن قدامة قال: "أما إذا أحدث عمداً فإنه يبتدئ الطواف لأن الطهارة شرط له، فإذا أحدث عمداً أبطله كالصلاة، وإن سبقه الحدث ففيه روايتان".
والرواية الثانية: أنه يستأنف، قال عنها المرداوي في الإنصاف: "هذا المذهب بلا ريب"، وقال: "واعلم أن حكم الطائف إذا أحدث في أثناء طوافه حكمه حكم المصلي إذا أحدث في صلاته". وروي عن الإمام أحمد أيضاً فيمن طاف ثلاثة أشواط أو أكثر يتوضأ، فإن شاء بنى وإن شاء استأنف، كما روي عنه يبني إذا لم يحدث حدثاً إلا الوضوء فإن عمل عملاً غير ذلك استقبل الطواف.
انظر: المغني 3/414، الإنصاف 4/17، المبدع 3/222

(5/2329)


(قال إسحاق) :1 كما قال.2
[1623-] قلت: (وبالصفا) 3 والمروة؟
قال: يبني،4 وإذا خرج5 في الجنازة والصلاة المكتوبة يبني.6
__________
1 في ع "قال إسحاق يبني" بزيادة يبني.
2 انظر عن قول إسحاق المغني 3/414، الإشراف ق 134أ.
3 في ع "والصفا" بحذف الباء.
4 سبق في المسألة (1423) أن الطهارة لا تشترط في السعي على المشهور في المذهب، وجوابه هنا بأنه يبني موافق لذلك.
5 في ظ بزيادة "من" بعد خرج، والمناسب للسياق عدم ذكرها، كما في ع.
6 وذلك في الطواف والسعي، لأن الصلاة فعل مشروع في أثناء الطواف فلم تقطعه، والجنازة يصلي عليها ولا تقطع الطواف أيضاً، لأنها تفوت بالتشاغل عنها.
المغني 3/413، المبدع 3/222، الإنصاف 4/21، الإشراف ق 118ب، 119أ، 120ب.
ويكون ابتداء الطواف في البناء من الحجر الأسود ولو كان قطعه من بعده. المغني 3/413.

(5/2330)


(قال إسحاق) :1 كما قال.2
[1624-] قلت: رجل طاف بالبيت تطوعاً فانتقض وضوؤه، أله أن يترك ذلك الطواف (فلا يعيده) ؟ 3
قال: إن شاء تركه.4
قال إسحاق: كما قال.
[1625-] قلت: هل يقف الرجل في الطواف يتحدث مع الرجل؟
قال: مكروه.
[1626-] قلت: بين الصفا والمروة؟
__________
1 في ع "قال إسحاق يبنى" بزيادة يبني، والمقام لا يتطلب ذكرها كما هو مثبت من ظ.
2 انظر عن قول إسحاق الإشراف ق 119 أ.
3 في ع "ولا يعيده".
4 قال ابن مفلح في المبدع 3/222: "فأما النفل فلا تجب إعادته كالصلاة" ا. هـ.
وانظر أيضاً: المغني 3/414.

(5/2331)


قال: في السعي أهون.
قال إسحاق: كما قال، وأن يحدث من السنن أو أمر الآخرة في الطواف بالبيت فلا بأس به.1
[1627-] قلت: يجهر الإمام في الظهر يوم عرفة؟
قال: لا.
قلت: [ع-93/أ] وإن كان يوم الجمعة؟
قال: [وإن كان يوم الجمعة] 2 ليس ثمة جمعة.3
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 قال ابن قدامة رحمه الله في المغني 3/391 "يستحب أن يدع الحديث، إلا ذكر الله تعالى، أو قراءة القرآن، أو أمراً بمعروف، أو نهياً عن منكر، أو ما لا بد منه. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الطواف بالبيت صلاة، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير" ا. هـ.
أخرجه الحاكم وصححه في المستدرك 1/459.
وانظر أيضاً: الشرح الكبير 3/391، الإشراف ق 117 أ.
2 ساقطة من ظ، وفي إثباتها كما في ع موافقة للسياق أكثر.
3 وقال البهوتي: ويجهر إمام بقراءة الفاتحة والسورة في الصبح، وفي أولتي مغرب وعشاء" إلى أن قال: "ويسر فيما عدا ذلك" ا. هـ.
شرح منتهى الإرادات 1/182. فيدخل فيه يوم عرفة.

(5/2332)


[1628-] قلت:1 يقدم الفدية قبل حلق الرأس إذا آذاه القمل؟
قال: لا بأس به،2 ويقدم الكفارة قبل الحنث،3 "الأعمال بالنية"،4 أليس يقدم الزكاة قبل محلها،5 والمظاهر يكفر قبل أن يتماسا؟ 6
__________
1 في ع بين هذه المسألة والتي بعدها تقديم وتأخير.
2 قال ابن قدامة في المغني 3/525: "ومن أبيح له حلق رأسه لأذى به، فهو مخير في الفدية قبل الحلق وبعده، نص عليه أحمد" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإنصاف 3/509.
3 قال ابن قدامة في المغني 11/225: "والتكفير قبل الحنث وبعده سواء في الفضيلة" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإقناع 4/338.
4 جزء من حديث، ولفظه عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الأعمال بالنية 1/20.
5 قال ابن مفلح في الفروع 2/571: "يجوز تعجيل الزكاة قبل الحول إذا تم النصاب" ا. هـ. وانظر أيضاً: الإقناع 1/287، المغني 2/500.
6 بل يجب عليه ذلك، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} المجادلة آية 3.
وانظر: الإقناع 4/85، المغني 8/556.

(5/2333)


قال إسحاق: لا يعجبني في الفدية، والباقي كما قال.
[1629-] قلت: [إذا] 1 قتل المحرم الصيد ثم أكله؟
قال: كفارة واحدة.2
قال إسحاق: كما قال.
[1630-] قلت: العبد يعتق في (الموقف) 3 بعرفة يجزي عنه من حجة الإسلام؟
قال: يجزيه.
قلت: محرماً كان أو غير محرم؟
قال: غير محرم أجود.4
__________
1 ساقطة من ظ، والمناسب للسياق إثباتها كما في ع.
2 وذلك لأن الضمان للقتل دون الأكل. المغني 3/292، الشرح 3/292، الإنصاف 3/478.
3 في ظ "المواقف"، والمناسب ما أثبته من ع.
4 لأنه لا يفوته آنذاك شيء من أفعال الحج، وبين الإمام أحمد أن حاله أجود، لأنه إن كان محرماً فقد فاته بعض أفعال الحج قبل الحرية، ولذلك خالف في إجزاء حجته عن حجة الإسلام بعض أهل العلم، ومنهم ابن المنذر ومالك.
المغني 3/200، الشرح الكبير 3/162، الإشراف ق 99ب.

(5/2334)


قال إسحاق: هو جائز محرماً كان أو غير محرم.1
[1631-] قلت: القارن إذا (أفسد) 2 حجه بإصابة أهله، ما عليه [من الهدي] ؟ 3
قال: عليه هدي واحد.4
قال إسحاق: كما قال، لأن عليه طوافاً واحداً وسعياً واحداً، [و] 5 كذلك سائر الأشياء تشبيهاً به.6
__________
1 سبق الكلام عن ذلك في المسألة رقم (1702) .
2 في ظ "فسد"، والمناسب ما أثبته من ع.
3 سقطت من ظ، والمناسب إثباتها كما في ع بدليل تحديد الجواب، بعد ذلك بالهدي.
4 أي بدنة، لأنها الواجبة في إفساد الحج بالوطء، ولا فرق بين القارن وغيره في وجوبها، قال في الإقناع 1/370: "الثالث فدية الوطء تجب به بدنة، قارناً كان أو مفرداً" ا. هـ.
وفي المغني 496: "إن أفسد القارن نسكه بالوطء فعليه فداء واحد" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإشراف ق 104.
5 الواو ساقطة من ع.
6 أي: وكذلك في بقية محظورات الإحرام، فإنه لا يلزمه إلا ما يلزم المفرد، كما أنه ليس عليه إلا ما على المفرد من الطواف والسعي.
قال ابن قدامة في المغني 3/496 "وإن قتل القارن صيداً فعليه جزاء واحد" ا. هـ.
انظر أيضاً: كشاف القناع 2/455.
وراجع أيضاً المسألة

(5/2335)


[1632-] قلت: إذا التقى الختانان1 ولم ينزل، (أفسد) 2 حجهما؟
قال: إذا مس (الختان الختان) 3 (فسد) 4 حجهما.5
[1633-] قلت: الماء الدافق من المباشرة والجس6 والقبلة والنظرة، يفسد الحج؟
قال: هذا أهل أن يفسد حجه، والنظرة أهون ما هنالك.7
__________
1 التقاء الختانين: تغييب الحشفة في الفرج، وختان الرجل: الجلدة التي تبقى بعد الختان، وختان المرأة: جلدة كعرف الديك على الفرج يقطع منها في الختان. الكافي 1/57.
2 في ع "فقد أفسدا".
3 في ظ "الختانان"، والأولى ما أثبته من ع ويؤيده حديث "إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان، فقد وجب الغسل"، رواه مسلم 348، باب 22.
4 في ع "أفسدا".
5 قال الخرقي في المختصر ص 70: "فإن وطئ المحرم في الفرج فأنزل أو لم ينزل، فقد فسد حجهما" ا. هـ.
وقال ابن قدامة في المغني 3/315، معلقاً على ذلك: "أما فساد الحج بالجماع فليس فيه اختلاف". وانظر أيضاً: الإشراف ق 103.
6 الجس: اللمس باليد. لسان العرب 6/38.
7 إذا أنزل من باشر فيما دون الفرج، ففي فساد حجه روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: أنه يفسد كما يدل عليه كلامه هنا، ونص عليها في رواية ابنه عبد الله برقم 297 ص 242، ونص على ذلك إسحاق ونسبها إليه ابن قدامة في المغني 3/322، واختارها الخرقي لأنها عبادة يفسدها الوطء، فأفسدها الإنزال عن مباشرة كالصيام.
الثانية: أنه لا يفسد أجاب بذلك الإمام أحمد في المسألة الآتية برقم (2013) وقال عنها ابن قدامة: وهي الصحيحة إن شاء الله، لأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحد فلم يفسد الحج، وهي المذهب كما في الإنصاف.
وانظر أيضاً: الكافي 1/459، وراجع المسألة (1505) .

(5/2336)


قال إسحاق: يفسد من كل حجة إذا أنزل الماء الدافق وتعمد الجماع وإن كان دون الفرج، إلا نظرة فعليه دم، وحجته جائزة.1
[1634-] قلت: رجل وقع بأربع نسوة وهو محرم في يوم واحد أو في أيام متفرقة؟
قال: فسد حجه وعليه كفارة واحدة2ما لم يكفر،3 فإذا قتل
__________
1 انظر عن مسألة النظر بالتفصيل مسألة رقم (1585) .
2 هذا هو المذهب، وكذلك إن كرر غيره من سائر المحظورات من جنس واحد، لتداخل الكفارات.
وعن الإمام أحمد رواية: أن عليه لكل وطء كفارة.
وعنه أخرى: إن تعتمد سبب المحظور، مثل إن لبس لشدة الحر، ثمّ لبس للبرد، ثم لبس للمرض، فعليه كفارات، وإلا فواحدة.
3 فإن كفّر عن الأول لزمه للثاني كفارة.
[] انظر: المغني 3/318، 3/527، الإنصاف 3/525-526، المبدع 3/183-184، المقنع بحاشيته 1/427.

(5/2337)


بعد ذلك صيداً أو حلق رأسه ففي كل واحدة هدي على حدة.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1635-] قلت: هل يجب على المرأة شيء إذا كانت كارهة حين وقع بها زوجها؟
قال: المستكرهة لا.3
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 لأنه يجب عليه أن يجتنب بعد الوطئ ما يجتنبه قبله، كما سبق في المسألة (1586) .
2 انظر عن قوله الإشراف ق 104.
3 هذا هو المذهب، لقوله صلى الله عليه وسلم "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
أخرجه ابن ماجة من حديث أبي ذر بلفظ "إن الله تجاوز عن أمتي ... ". وفي رواية لابن عباس "إن الله وضع عن أمتي" 2043، 2045، باب 160.
وعن الإمام أحمد رواية: عليها الفدية.
وعنه أخرى: أنه يفدي عنها الواطئ، كما سبق في المسألة رقم 1504، وسيأتي في المسألة رقم (1680) .
وانظر: المغني 3/316، والإنصاف 3/512، والمبدع 3/180.

(5/2338)


[1636-] قلت: رجل نسي طواف الإفاضة حتى رجع إلى بلاده؟
قال: إذا ترك الإفاضة فلا بد من أن يرجع إلى البيت (يعتمر) ،1 فإن كان أصاب أهله فعليه دم.2
قلت: فإن كان طاف طواف الوداع؟
قال: لا يجزي الوداع من الإفاضة إلا أن ينوي (ذلك) .3
قال إسحاق: كما قال.
[1637-] قلت: إذا أصاب الرجل امرأته قبل أن تقصر من شعر رأسها وقد أفاضت؟
قال: تهريق دماً، وقد تم حجها وحجه.4
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في ع "معتمراً". ولزمه الرجوع لأن طواف الإفاضة ركن لا يتم الحج إلا به، كما سبق في مسألتي (1502) ، (1566) .
2 لأن الوطء قبل الطواف وبعد التحلل الأول لا يفسد الحج ولا يوجب البدنة. المغني 3/493، الفروع 3/535.
3 في ع "ذاك" ولم يقع طواف الوداع عن طواف الإفاضة لأن النية شرط في الطواف. المغني 3/494.
4 لأن الحج يتم بطواف الإفاضة، والحلق أو التقصير واجب فيمن تركه جبره بدم، كسائر الواجبات، فالذي يجامع قبل الحلق أو التقصير فكأنه ترك ذلك الواجب، فيجبر بدم. الإنصاف 2/62، الفروع 3/529، الشرح الكبير 3/506.

(5/2339)


[1638-] قلت: إذا نذر أن (يحج) 1 ماشياً ولم (ينو) 2 من أين يمشي؟
قال: يكون ذلك من حيث حلف، فإن لم يقدر يمشي (وكان) 3 معذباً بالمشي فعل ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أخت عقبة بن عامر.4
قال إسحاق: كلما كان المشي عجز عنه [فله أن يركب ويهدي] 5، فإنما معنى صوم ثلاثة أيام معنى الكفارة إذا لم يجد.6
__________
1 في ظ "يمشي"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
2 في ع "ينوي"، والموافق لقواعد العربية ما أثبته من ظ.
3 في ظ "كان" بحذف الواو، والصواب إثباتها كما في ع، لأنه الموافق للسياق، وحذفها لا يستقيم معه المعنى.
4 سبق تقرير ذلك في المسألة (1396) .
5 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع لأن الكلام لا يستقيم بدونها، وما أجاب به الإمام إسحاق هنا يخالف ما نقل عنه في المسألة (1396) فإنه قال هنالك بوجوب المشي وإن لم يقدر.
6 بمعنى والله أعلم: أنه إذا عجز عن المشي يركب ويكفّر، كما أن الحالف إذا حنث يصوم إذا لم يجد الطعام أو الكسوة أو الرقبة، وقد سبق تقرير المسألة في المسألة رقم (1396) كما أشرت إليه آنفاً.

(5/2340)


[1639-] قلت:1 سئل سفيان2 [ع-93/ب] يجزي القارن شاة؟
قال: نعم.
(قال أحمد) :3 بلى.4
قال إسحاق: لا يجزيه إلا الهدي يسوقه معه، فإن لم يفعل فهو متمتع، حكمه (كحكم) 5 المتمتع6 عليه ما استيسر من
الهدي.
__________
1 في ظ بزيادة "قال" بعد "قلت"، والأولى حذفها كما أثبته من ع، لاستقامة المعنى بذلك. ويجوز إثباتها، فيكون القائل هو الراوي عن سفيان.
2 هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ولد سنة 97هـ. روى عن أبيه وأبي إسحاق الشيباني وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، وعنه خلق كثير، منهم جعفر بن برقان، وخصيف بن عبد الرحمن من مشايخه، والأوزاعي، ومالك وزهير بن معاوية. قيل عنه: إنه أمير أهل الحديث، وقال ابن المبارك كتبت عن ألف ومائة شيخ ما كتبت عن أفضل من سفيان. توفي رحمه الله سنة 161.
[] تهذيب التهذيب 4/111-115، الأعلام 3/104، طبقات ابن سعد 6/257، تاريخ بغداد 9/151، وفيات الأعيان 1/210.
3 في ع "قال الإمام أحمد".
4 قال ابن قدامة: "ولا نعلم في وجوب الدم على القارن خلافاً، إلا ما حكي عن داود" ا. هـ. المغني 497.
5 في ظ "حكم" بحذف الكاف الأولى.
6 لم يكن جواب الإمام إسحاق هنا عن ما يجزي القارن من الدم، وإنما كان جوابه عن حكم من لم يسق الهدي هل يصح منه القران أم لا؟ وقد سبق أن نص على ذلك في المسألتين (1578) ، (1605) حيث قال في الأولى: "أكرهه إلا بسوق"، وفي الثانية: "ولا يجوز القران إلا بسوق".

(5/2341)


[1640-] (قلت) :1 سئل سفيان عن إنسان أخَّر الطواف إلى الإفاضة؟ 2
قال: يهريق دماً.
قال أحمد: ليس عليه شيء.
قال إسحاق: لا شيء عليه.3
[1641-] قلت: سئل [سفيان] 4 عن رجل طاف بالبيت ثم دخل الكعبة قبل أن يسعى بين الصفا والمروة، قال: لا بأس.
[قال أحمد: لا بأس] 5 به.
قال إسحاق: كما قال، لأنه ربما سهل عليه دخول الكعبة،
__________
1 في ع بزيادة "قال" أيضاً.
2 أي النفر من مكة.
3 سبق كلام الإمامين عن ذلك في المسألة (1449) في حكم تأخير الإفاضة عن يوم النحر.
4 ساقط من ظ، والأولى إثباته، كما في ع لأن في ذلك اتضاحاً أكثر، ولأنه قد ذكره في المسألتين السابقتين.
5 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن السياق يتطلب ذلك.

(5/2342)


حينئذ فله أن يغتنم ذلك.1
[1642-] قلت: سئل [سفيان] 2 عن محرم غطى رأسه وهو نائم ناسياً، فلم ير عليه (شيئاً) .3
[قال أحمد: ليس عليه شيء] 4
__________
1 قال ابن المنذر: "وقال الثوري لا بأس له إذا طاف أن يدخل الكعبة، فإذا خرج سعى، وبه قال أحمد وإسحاق" ا. هـ.
الإشراف ق 121 أ، وسبق حكم الصلاة في جوف الكعبة في المسألة (1547) .
2 ساقطة من ظ، وأكثر ما درج عليه المؤلف الإثبات كما في ع.
3 في ع "شيء"، والموافق لقواعد العربية ما أثبته من ظ، وعن قول سفيان هذا:
قال ابن قدامة في المغني 3/528: "وقال أحمد: قال سفيان ثلاثة في الجهل والنسيان سواء: إذا أتى أهله، وإذا أصاب صيداً، وإذا حلق رأسه". فمفهومه أنه لا شيء على الناسي فيما سوى ذلك، ومنه تغطية الرأس المنصوص عليه هنا. وانظر أيضاً: اختلاف العلماء ص 119.
4 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن السياق يتطلب ذلك، والمشهور في المذهب أن المتطيب أو اللابس ناسياً، أو جاهلاً لا فدية عليه. ونسب ابن قدامة ذلك إلى سفيان الثوري وإسحاق، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
أخرجه ابن ماجة في كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي 1/659.
وعن الإمام رواية: أنه تجب عليه الفدية، حكاها عنه الكوسج في المسألة الآتية برقم (1649) .
ونقلها ابن قدامة عن الثوري أيضاً.

(5/2343)


قال إسحاق: كما قال، ليس عليه في الناسي [شيء] 1، والعامد عليه فدية2 [دون الدم] .3
[1643-] [قلت: سئل4 عن الرجل يتوضأ وهو محرم فيقع] 5 في يده الشعر، فلم ير عليه (شيئاً) .6
قال [أحمد] 7: ليس عليه شيء.8
__________
1 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
وانظر عن قول إسحاق المغني 3/528.
2 لنهيه صلى الله عليه وسلم عن لبس العمايم والبرانس.
المغني 3/302، المبدع 3/139، الكافي 1/406، الإنصاف 3/461، الشرح الكبير مع المغني 3/268.
3 ساقطة من ع.
4 أي سفيان.
5 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ لأن المعنى لا يستقيم بدونها.
6 في ظ "بأساً"، والأولى ما أثبته من ع بدليل نص أحمد عليها في الجواب، وموافقته لنص سفيان في المسألة السابقة.
7 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها كما في ع.
8 قال في الفروع 3/354: "وله تخليل لحيته ولا فدية بقطعه بلا تعمد" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الشرح الكبير 3/368، الإنصاف 3/460، ولم أقف على رأي سفيان وإسحاق في المسألة.

(5/2344)


قال إسحاق: ليس عليه شيء كما قال.
[1644-] قلت: قال1 قلت: امرأة لم تقم عند الجمرتين أو (إحداهما) ؟ 2
قال:3 تطعم شيئاً، وأن تهريق دماً أحب إلي.
قال أحمد: إن أطعمت شيئاً فليس به بأس، وإن لم تطعم فليس عليها شيء.
قال إسحاق: كما قال.4
قال أحمد: لأن الوقوف (هناك) 5 سنة وليس من الفرض.6
__________
1 أي الراوي عن سفيان.
2 في ظ "أحدهما"، والموافق لقواعد العربية ما أثبته من ع.
3 أي سفيان، وانظر عن نص عبارته هذه المغني 3/477.
4 انظر عن قول إسحاق المغني 3/477.
5 في ع "هنالك"، وكلاهما يشار به إلى المكان البعيد، والإشارة في المسألة إلى الوقوف عند الجمرتين. شرح ابن عقيل 1/136.
6 كما سبق في التعليق على المسألة (1564) ، والوقوف عند الجمرتين الأولى والثانية مستحب للرجال والنساء، وتأتي مسألة نحو هذه المسألة برقم (1654) ، ومن ترك سنة من سنن الحج فلا شيء عليه. الإقناع 1/398، الفروع 3/529.

(5/2345)


[1645-] قلت: [قال] 1 يشم المحرم الريحان؟
قال:2 أكرهه.
قال أحمد: (ليس) 3 من آلة (المحرم) 4 شم الريحان،5 ابن عمر كرهه.6
قال إسحاق: (تركه أحب إلي) 7، (وإن) 8 شم [لم] 9 يكن عليه فدية.
__________
1 ساقطة من ع، والموافق للسياق إثباتها، كما في ظ.
2 أي سفيان الثوري وحكى كراهة ذلك عنه ابن المنذر في الإشراف ق 114 أ.
3 في ظ "ليس هو" بزيادة "هو"، والأقرب حذفها كما في ع.
4 في ع "الإحرام".
5 أي ليس مما يباح استعماله للمحرم شم الريحان، وهذا في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، والمذهب أنه يباح له ذلك، كما سبق بيانه في المسألة (1456) .
6 حكى الكراهة عن ابن عمر رضي الله عنهما: شمس الدين ابن مفلح في الفروع 3/377، وبرهان الدين بن مفلح في المبدع 3/147، وابن المنذر في الإشراف ق 114 أ.
7 في ع "تركه خير"، وسياق الإمام إسحاق هو ما أثبته.
8 في ع "فإن".
9 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن قول إسحاق يباح شم الريحان بلا فدية كما سبق في المسألة (1456) .

(5/2346)


[1646-] قلت: سئل سفيان عن رجل جاوز الميقات فأهلّ، ثم جامع؟
قال: عليه أن يحج من قابل، وعليه بدنة، وليس عليه دم، لترك ميقاته، لأن عليه القضاء،1 فإن رجع إلى ميقاته فما أحسنه.
قال أحمد: عليه دم لتركه الميقات، ويمضي في حجته يصنع ما يصنع الحاج، (ويلزمه) 2 ما يلزم المحرم في كل ما أتى، لأن الإحرام عليه قائم وعليه حج قابل، والهدي.3
قال إسحاق: كما قال أحمد.4
__________
1 انظر عن قول سفيان المغني 3/217، الشرح الكبير 3/221، الإشراف ق 99 أ.
2 في ظ "ويلزم"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
3 من جاوز الميقات بدون إحرام ثم أفسد حجه، فالصحيح من المذهب كما في الإنصاف 3/430 أن الدم لا يسقط عنه، لأنه واجب عليه بموجب هذا الإحرام، فلم يسقط بوجوب القضاء كجزاء الصيد، وبهذا قال إسحاق.
ونقل عن الإمام أحمد: أنه يسقط بقضائه، وهو قول الثوري كما سبق قبل حاشية.
انظر: المغني 3/217، الشرح 3/221، المبدع 3/112، حاشية المقنع 1/395.
وراجع أيضاً مسألة رقم (1506) ما يجب على المجامع في الحج. ومسألة رقم (1586) من أفسد حجه بالجماع لزمه اجتناب ما يجتنبه قبله.
4 في ع بزيادة "رضي الله عنهما".
وانظر عن قول إسحاق المغني 3/217، الشرح 3/221، الإشراف ق 99 ب

(5/2347)


[1647-] قلت: قال سفيان في مملوك جاوز (الميقات) 1 (بغير) 2 إحرام منعه مواليه أن يحرم حتى وقف بعرفة، قال: "يحرم مكانه وليس عليه دم، لأن سيده الذي منعه".3
قال أحمد: جيد،4 حديث أبي رجاء5 عن ابن عباس رضي الله عنهما.6
__________
1 في ظ "المواقيت"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
2 في ع "بعد" والصواب ما أثبته من ظ لأن المعنى لا يستقيم إلا به.
3 انظر عن قول الثوري. المغني 3/219.
4 إذا تجاوز المملوك الميقات بدون إحرام ثم عتق، يحرم وليس عليه دم على الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف 3/427، لأنه أحرم من الموضع الذي وجب عليه الإحرام منه.
وعن الإمام أحمد رواية: أنه يلزمه دم. انظر أيضاً: المغني 3/219، المبدع 3/111.
5 هو عمران بن ملحان بكسر الميم وقيل بفتحها وسكون اللام، ويقال ابن تيم، ويقال ابن عبد الله العطاردي البصري. أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره. روى عن عمر وعلي وابن عباس وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: مخضرم ثقة، معمر مات سنة خمس ومائة وله مائة وعشرون سنة. وقال ابن سعد: كان ثقة في الحديث، وله رواية علم بالقرآن، أمّ قومه أربعين سنة. قال: وقال الواقدي عنه: توفي سنة سبع عشرة ومائة هجرية. تهذيب التهذيب 8/140، تقريب التهذيب 265، الاستيعاب [3/23-26،] طبقات ابن سعد 7/138-140، حلية الأولياء 2/304-309.
6 لم يذكر الإمام أحمد هنا حديث أبي رجاء عن ابن عباس، وإنما أشار إليه بسنده هذا، ولا يوجد في كتب السنة الستة كما في تحفة الأشراف 5/191 حديث عن أبي رجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أشبه من حديث: "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة جاهلية".
أخرجه البخاري في كتاب الفتن 8/87، وفي كتاب الأحكام 8/105.
والظاهر أن الإمام أحمد أخذ بعموم: "من رأى من أميره شيئاً يكرهه" وإن كان الحديث وارداً على من فارق الجماعة، ولا شك أن السيد أمير على عبده وزيادة، ومناسبة الحديث لمسألتنا أيضاً أنه منعه من الإحرام، فإن كرهه فليصبر. والله أعلم

(5/2348)


قال إسحاق: كما قال [ظ-48/أ] .1
[1648-] قلت: قال سفيان: سمعنا أن (الحرم) 2 ميقات [أهل مكة] 3 فمن خرج من الحرم ولم (يهل) 4 أمرته أن يرجع، وأرى عليه إذا كان ذاك حدهم ما أرى على غيرهم إذا [جاوزوا] 5 الميقات.6
__________
1 انظر عن قول إسحاق المغني 3/219.
2 في ع "المحرم"، والصواب ما أثبته من ظ لأن المعنى لا يستقيم إلا به.
3 ساقطة من ع، والكلام لا يتم إلا بإثباتها كما في ظ.
4 في ع "تهل"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.
5 في ع "جاوز"، والصواب ما أثبته من ظ لموافقته للسياق.
6 فإن من تجاوز الميقات مريداً للنسك غير محرم فعليه أن يرجع ليحرم منه، بشرط أن لا يخشى فوات الحج، فإن رجع فلا شيء عليه.
وإن أحرم بعد تجاوز الميقات عليه دم رجع أو لم يرجع، على الصحيح من المذهب.
وعن الإمام أحمد رواية: يسقط الدم إن رجع إلى الميقات وهو قول سفيان.
[] انظر: المغني 3/216-217، الإنصاف3/429، المقنع بحاشيته 1/395، الإشراف ق98ب.

(5/2349)


قال أحمد: ليس لهم حد محدود،1 إلا أنه أعجب إلى أن يحرموا من الحرم إذا (توجهوا) 2 إلى منى.
__________
1 في مسألة مهل المكي للحج روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: هذه قال المرداوي في الإنصاف: "على الصحيح من المذهب، نقله الأثرم وابن منصور"، يعني بذلك رواية الكوسج هذه، لأن المقصود من الإحرام من مكة الجمع في النسك بين الحل والحرم، وهذا يحصل بالإحرام من أي موضع كان.
الثانية: يحرم من الحرم سواء كان مكياً أو غيره، إذا كان قد اعتمر، لحديث: "حتى أهل مكة يهلّون منها" وفي لفظ "حتى أهل مكة من مكة".
أخرجه مسلم في باب مواقيت الحج والعمرة 1/839. فمن أحرم من الحل وذهب إلى الموقف مباشرة ولم يمر بالحرم فعليه دم، لأنه لم يجمع في إحرامه بين الحل والحرم، وهو قول سفيان كما أجاب به في صدر المسألة.
قال عن هذه الرواية المرداوي: هذا المذهب، ولم يذكر ابن قدامة في المغني والمقنع غيرهما، ومما يرجح هذه الرواية الحديث الصحيح المتقدم، وهو نص في محل النزاع. والله أعلم.
[] المغني 3/212-213، الإنصاف 3/426، المقنع بحاشيته 1/394.
2 في ع "وجهوا"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.

(5/2350)


قال إسحاق: كما قال أحمد،1 [ع-94/أ] فإن أخذوا بما روى ابن سيرين أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم لأهل مكة التنعيم2 كان أفضل.3
[1649-] قلت: قال سفيان: إذا لبس قميصه عشرة أيام ناسياً لم أر عليه شيئاً.4
قال أحمد: أقول عليه [الكفارة.
__________
1 آخر الصفحة 183 من ع.
2 قال ابن قدامة في المغني 3/210 عن ذلك "قال ابن سيرين: "بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل مكة التنعيم"، وذكره عنه أيضاً أحمد البنا في الفتح الرباني 11/57.
3 ما ذكر الإمامان أحمد وسفيان ووافق عليه إسحاق أولاً هو محل الحاج إذا أراد أن يهل للحج، وهو من أي مكان من الحرم، ومرسل ابن سيرين وارد على مهل أهل مكة للعمرة، فلا يرد على من أراد أن يهل بالحج، وفرق بين مهل المكي للحج ومهله للعمرة، قال الخرقي: "وأهل مكة إذا أرادوا العمرة فمن الحل، وإذا أرادوا الحج فمن مكة".
[] انظر: الإنصاف 3/425-426، المغني 3/210-212، المقنع بحاشيته 1/394، وراجع أيضاً المسألة (1399) .
4 حكى ذلك عنه المروزي في اختلاف العلماء ص 119، وابن قدامة المغني 3/528. وسبق قوله أيضاً في المسألة (1642) ، وما أجاب به من عدم إيجاب الكفارة على من لبس ناسياً، وهو المشهور عند الحنابلة كما سبق في المسألة المذكورة.

(5/2351)


قلت: كفارة واحدة؟
قال:] 1 كفارة واحدة ما لم يكفّر.2
قال إسحاق: ليس عليه شيء.3
[1650-] (قلت: قال سفيان: إذا وجد ريحه أو طعمه فلا أرى به بأساً) 4 إذا مسته النار.5
قال أحمد: ما يعجبني إذا كان يجد ريحه أو طعمه، إلا أن يكون
__________
1 ساقطة من ظ، والأقرب للسياق إثباتها كما في ع.
2 سبق في مسألة (1642) أن المشهور في المذهب أن من لبس ناسياً لا شيء عليه، فيما نقل عن الإمام أحمد هنا بلزوم الكفارة هي الرواية الثانية، كما سبقت الإشارة لذلك هناك. وسبق أيضاً أن من كرر محظوراً من جنس واحد أن عليه كفارة واحدة ما لم يكفر عن الأولى في المسألة (1634) .
3 حكى ذلك عنه ابن قدامة في المغني 3/528، وسبق قوله أيضاً في المسألة (1634) المشار إليها آنفاً.
4 في ع "قلت سئل سفيان إذا وجد ريحه أو طعمه أو ريحه (مرة أخرى) قال: لا أرى به بأساً"، والمعنى يستقيم بالعبارتين ما عدا تكرار أو ريحه، والضمير في قوله ريحه وطعمه يعود على المأكول الذي فيه طيب، وهو معهود في الذهن بالنسبة للمؤلف حيث سبق في المسألة (1462) بيان حكم أكل ما فيه طيب، وكررها هنا لعرض قول سفيان على الإمام أحمد، كما هي عادة المؤلف أن يذكر في آخر كل، باب أقوال سفيان، ويعرضها على الإمام أحمد ويأخذ جوابها.
5 انظر عن قول سفيان الثوري الإشراف ق 114ب.

(5/2352)


شيئاً قليلاً.1
قال إسحاق: كما قال أحمد.
[1651-] قلت:2 سئل سفيان عن رجل أهلّ لا يدري بحج أو (بعمرة) .3
قال: إذا كان لا يدري فأحب إلي أن يجمعهما جميعاً، فإن كان (هذا قد) 4 (أخذ به) 5 وإن كان هذا قد (أخذ به) .6
قال أحمد: وأنا أقول (إن) 7 كان أهل بحج فشاء أن (يجعله) 8 عمرة إذا قدم مكة فعل، [وإن] 9 كان أهلّ بحج (وعمرة) 10
__________
1 سبق تفصيل أكل ما فيه طيب في المسألة (1462) .
2 في ع بزيادة "لأحمد".
3 في ع "عمرة"، والأقرب للصواب ما أثبته من ظ.
4 في ع "فإن كان هذا كان قد" بزيادة كان.
5 في ع "أخذته"، والصواب ما أثبته من ظ لأن المعنى لا يستقيم إلا به.
6 في ع "أخذته"، والصواب ما أثبته من ظ لأن المعنى لا يستقيم إلا به.
7 في ع "وإن" بزيادة الواو.
8 في ظ "يجعلها"، والصواب ما أثبته من ع، لأن الضمير يرجع للحج وهو مذكر.
9 في ع بياض، والصحيح ذكرها كما في ظ، لأن السياق يتطلب ذلك.
10 في ع "أو عمرة" والصواب ما أثبته من ظ لأن السوق يكون بهما.

(5/2353)


فلم يسق، فشاء أن يجعلها عمرة فعل.1
قال إسحاق: كما قال أحمد (لا بأس له) 2 أن يكون متمتعاً، حتى يأتي على الأمرين جميعاً، (فإذا) 3 كان نوى واحداً منهما كان قد بر.4
[1652-] قلت: (قال) 5 سفيان: إذا طاف الرجل بالصبي والمريض يجزي عنهما.6
__________
1 أي أن له في كلتا الحالتين جعل ما نواه عمرة، وفي مسائل أبي داود 124: سمعت أحمد سئل عن رجل لبى فنسي فلا يدري بحجة لبى أو بعمرة؟ قال: يجعلها عمرة ثم يلبي بالحج من مكة، لو أنه أهل بالحج فجعلها عمرة لم يكن به بأس، وهذا هو الصحيح من المذهب في أن من أحرم بنسك ونسيه جعله عمرة.
وعن الإمام رواية أن يصرفه إلى ما شاء. الإنصاف 3/450، الفروع 3/335، المغني 3/252، الشرح الكبير 3/252.
2 في ظ "لأنه نوى"، والأقرب للسياق ما أثبته من ع.
3 في ع "فإن".
4 أي أنه لا يخلو حال الناسي لنسكه من أن يكون أحرم بحج أو بعمرة، وأنه إذا تمتع بالعمرة إلى الحج يعتمر ويحج، ويكون حينئذ قد فعل ما نواه سابقاً، فتبرأ ذمته، وهو ما يؤدي إليه كلام الإمام أحمد، فإنه إذا اعتمر في الحج يصير متمتعاً.
5 في ع "قال سئل" بزيادة "سئل"، والصواب حذفها كما في ظ، لأن المعنى لا يستقيم إلا بذلك.
6 أي عن الحامل والمحمول.

(5/2354)


قيل له: أليس ذاك إذا نوى؟
قال: (هل) 1 يستقيم إلا بالنية؟ 2
قال أحمد: نعم.
قلت: يجزي عنهما؟
قال: نعم.3
__________
1 في ع "و"، وتصح العبارة بهما.
2 قال ابن المنذر في الإشراف ق 119: "واختلفوا فيمن طاف بصبي ونواه بطوافه عنه وعن الصبي، فقال الثوري وأحمد وإسحاق: يجزيه إذا نوى ذلك" ا. هـ.
3 إن كان المحمول كبيراً حمل لعذر، فإن نويا جميعاً عنه وقع ما نوياه، وإن نويا عن الحامل وقع عنه، وإن نوى أحدهما عن نفسه ولم ينو الآخر وقع عن الناوي، وإن لم ينويا شيئاً أو نوى كل واحد عن صاحبه لم يقع شيء، وإن نوى كل واحد منهما عن نفسه فالصحيح من المذهب أنه يقع عن المحمول، وذكر المرداوي في الإنصاف وابن مفلح في المبدع احتمالاً لابن الزاغوني أنه يقع عنهما، قال ابن قدامة: "وهو قول حسن" ا. هـ.
وهذا موافق لرواية الكوسج هذه، ذكراه احتمالاً، ولم يتعرضا لرواية الكوسج هذه، ولم يذكرها ابن قدامة في المغني.
انظر: المغني 3/206، المبدع 3/219، الإنصاف 4/14.
فأما الصبي فإن نوى الحامل عن نفسه وعن الصبي وقع عن الصبي على الصحيح من المذهب، كالكبير يطاف به محمولاً لعذر وينوي كل واحد منهما عن نفسه، واقتصر عليه في المبدع. وذكر ابن قدامة في المسألة ثلاثة احتمالات فقال: "فإن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي احتمل وقوعه عن نفسه كالحج إذا نوى به عن نفسه وغيره، واحتمل أن يقع عن الصبي كما لو طاف بكبير ونوى كل واحد منهما عن نفسه لكون المحمول أولى، واحتمل أن يلغو لعدم التعيين لكون الطواف لا يقع عن غير معين" ا. هـ.
وجعل المرداوي الاحتمال الأول وجهاً في المذهب، ونحو ذلك في الفروع، ولم يتعرضوا-كما أشرت إليه-لرواية الكوسج هذه بأنه يجزي عنهما، ومما يؤكد هذه الرواية ما سبق ذكره عن ابن المنذر قبل حاشية.
انظر: المغني 3/205، الإنصاف 3/392، الفروع 3/216، المبدع 3/88، الإقناع 1/336.

(5/2355)


قال إسحاق: كما قال (ولا بد) 1 من النية.2
[1653-] قلت: قال سفيان في رجل قدم مكة وقد فاته الحج: يطوف طوافين طوافاً لحجه وطوافاً لعمرته،3 وينحر وعليه الحج من
__________
1 في ع "لا بد" بحذف الواو.
2 انظر عن قول إسحاق الإشراف ق 119.
3 هذا قول سفيان الثوري إن كان فاته الحج قارناً، كما نصّ على ذلك في المسألة الآتية برقم (2038) ، ونسب إليه ذلك ابن قدامة في المغني 3/552، فيما إذا كان قارناً، ووجه قوله يطوف طوافين أنه يقول: يطوف ويسعى لعمرته، ثم لا يحل حتى يطوف ويسعى لحجه. أما إن لم يكن قارناً، فقوله كقول الإمامين أحمد وإسحاق بأنه يلزمه طواف واحد وسعي واحد.
قال ابن قدامة في المغني 3/550: "من فاته الحج يتحلل بطواف وسعي وحلاق، هذا على الصحيح من المذهب" إلى أن قال: "وهو قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي" ا. هـ.

(5/2356)


قابل، ويستحب أن ينحر من قبل أن يحل.
قال أحمد: طواف واحد يجزي عنه، وإن كان معه هدي نحره، وعليه الهدي من قابل.
قلت: هدي واحد؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال أحمد.1
[1654-] قلت: قال سفيان من رمى الجمرتين ولم يقم (عندهما) 2 فليذبح شاة أو يتصدق بصاع.
قال أحمد: لا (أعلم) 3 عليه شيئاً، ويتقرب إلى الله بما شاء [وقد أساء] .4
__________
1 سبق الكلام عما يفعله من فاته الحج في المسألة (1493) ، ولا يختلف الحكم في ذلك سواء كان قارناً أو لم يكن قارناً عند الإمامين أحمد وإسحاق.
2 في ع "عندها"، وقواعد العربية تقتضي ما أثبته من ظ.
3 في ظ "نعلم"، ولعل الصواب ما أثبته من ع، لأن أسلوب المؤلف في معظم المسائل اتباع الإفراد لا التعظيم، كما سيأتي قوله في المسألة (1663) : "ما أدري"، وفي المسألة (1695) : "ما أعرف هذا".
4 ساقطة من ع، والمعنى وقد أساء لتركه التي هي الوقوف عند الجمرتين، كما سبق في المسألتين (1564) ، (1644) .

(5/2357)


قال إسحاق: كما قال أحمد.1
[1655-] قلت:2 قال سفيان: إذا أدركه المساء بغير منى في اليومين ثم أتى منى لحاجة بعدما أمسى بغيرها، فلا يرون عليه شيئاً.3
[قال] 4 قلت: يذهب؟
قال:5 نعم.
قال أحمد: إذا كان قد نفر قبل المساء ثم عاد إلى منى لحاجة له
__________
1 في ع بزيادة "رضي الله عنهما" وسبقت مسألة نحو هذه المسألة برقم (1644)
وانظر أيضاً: المسألة (1564) .
2 في ع يوجد قبل ذلك عبارة "آخر الجزء الرابع وأول الجزء الخامس بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، والظاهر أنها من الناسخ بدليل أن الكلام متصل بعضه ببعض، فيحتمل أن المراد بالجزء هو الجزء المنسوخ منه الكلام، ويأتي نحو ذلك عن نسخة ظ في أول الأيمان ص؟.
3 ممن لم يروا عليه شيئاً الإمام الشافعي ففي الأم 2/215: "لو خرج منها قبل أن تغيب الشمس نافراً ثم عاد إليها مارّاً أو زائراً لم يكن عليه شيء إن بات، ولم يكن عليه لو بات أن يرمي من الغد" ا. هـ.
4 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، والقائل هو الراوي عن سفيان.
5 أي سفيان.

(5/2358)


فأدركه المساء بمنى فلينفر.1
قال إسحاق: كما قال، لما كان نفره حيث نفر أولاً، (فإنما) 2 قيل له3 يتعجل في اليومين قبل المساء، فإذا أمسى لم يكن له أن ينفر،4 فإذا كان نفر في الوقت الذي أمر فذاك نفره، ثم رجوعه إليه [ع-94/ب] لحاجة لم يضره ذلك، ورجع من ساعته ليلاً كان أو نهاراً.
[1656-] قلت: قال سفيان: من رمى قبل الزوال يعيد الرمي؟ 5
قال أحمد: نعم.
قال إسحاق: كما قال.6
__________
1 قال في المبدع 3/245: "فلو عاد فلا يضر رجوعه لحصول الرخص، وليس عليه رمي في اليوم الثالث، قاله أحمد" ا. هـ.
وذكر ذلك أيضاً المرداوي في الإنصاف 4/49.
2 في ع "وإنما"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.
3 في ع بزيادة "أن".
4 سبق في المسألة (1451) بيان أحكام النفر، وأن من أدركه المساء بمنى لزمه المبيت.
5 انظر عن قوله المغني 3/476 والإشراف ق 127أ.
6 سبق كلام الإمامين عن ذلك في المسألة (1438) .

(5/2359)


[1657-] قلت: قال:1 ومن رمى (بالخذف) 2 والمَدَر3، لم يعد الرمي؟ 4
قال [أحمد] :5 لا أدري ما الحذف والمدر،6 (وإذا) 7 رمى بالتفاح أو بالنوى، أو ما أشبهه لا، حتى يرمي بالحصى.8
[قال إسحاق: لا يجزيه حتى يرمي بالحصى] 9 وما أشبه الحصى
__________
1 أي سفيان.
2 في ظ "الخذف"، بحذف الباء، والموافق للسياق إثباتها كما في ع. والخذف: الرمي بالحصى الصغار بأطراف الأصابع. لسان العرب 9/61، المصباح المنير 1/165، النهاية 2/16، وفي الأم للشافعي 2/214 "والخذف ما حذف به الرجل، وقدر ذلك أصغر من الأنملة طولاً وعرضاً".
3 المدر: قطع الطين اليابس، وفي المصباح المنير: المدر: جمع مدرة وهو التراب المتلبد. لسان العرب 5/162، المصباح المنير 2/566.
4 انظر عن قوله المغني 3/446.
5 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن في ذلك بياناً لمذهب الإمام أحمد، حيث إن ما قبله قول سفيان الثوري كما أسلفت في التعليق الأول في المسألة.
6 جعل ابن قدامة المدر مما لا يجوز الرمي به. المغني 3/446.
7 في ع "إن"، والأقرب للسياق ما أثبته من ظ.
8 لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بالحصى وأمر بالرمي مثل حصى الخذف، كما سبق في المسألة (1436) ، فلا يتناول غير الحصى، ويتناول جميع أنواعه. المغني 3/446.
9 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن في ذلك إثباتاً لقول إسحاق وهو ما درج عليه المؤلف، ولأن هذا التعقيب من أسلوب إسحاق كما في بقية المسائل

(5/2360)


إذا لم يجد الحصى.
[1658-] قلت: قال سفيان: فيمن نسي [رمي] 1 الجمار (أو) 2 تركه عمداً، فعليه كفارة واحدة؟ 3
(قال أحمد) :4 النسيان والعمد في هذا واحد، [عليه كفارة واحدة] .5
قال إسحاق: كما قال.6
__________
1 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها كما في ع، لأن فيها زيادة توضيح، ولموافقة الضمير في قوله "تركه".
2 في ظ "إن"، والصواب ما أثبته من ع، لأن مذهب سفيان التسوية بين العمد والنسيان في ترك رمي الجمار، فلا يستقيم الكلام إلا بما أثبته، ويؤيده وجود "نسي" قبل ذلك فلا يتناسب معها إلا "أو" المثبتة.
3 انظر عن قول سفيان الإشراف ق 128 أ.
4 في ع "قال أحمد رحمه الله".
5 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها كما في ع، لأن فيها زيادة إيضاح، وبيان أن الواجب في ذلك كفارة واحدة، كما سبق في مسألة رقم (1444) أن من نسي رمي جمرة أو أكثر عليه دم.
6 سبق كلام الإمامين أحمد وإسحاق عن ترك رمي الجمار أو نقصه في المسألة (1444) المشار إليها آنفاً.

(5/2361)


[1659-] قلت: قال سفيان: في الذي يؤخر الرمي إلى الليل ناسياً أو متعمداً يهريق دماً.1
قال أحمد: قد غلط عليه، أما الناسي فأرجو أن لا يكون عليه (شيء) ،2 (لأنك) 3 تجد أقواماً رخصوا الرمي بالليل،4 (فأما) 5 العامد كأنه ترك الرمي أصلاً، وهو6 أسهل من المسألة الأولى7 التي نسي الجمار أو تركه.
قال إسحاق: كلما تركه ناسياً رمى [إذا] [ظ-48/ب] ذكر8 (وأما إذا تعمد) 9 تركه إلى الليل رمى وعليه دم.10
__________
1 حكى ذلك عنه ابن المنذر في الإشراف ق 128 أ.
2 في ع "شيئاً"، والصواب "شيء" كما أثبته لأنه اسم كان.
3 في ظ "لابل" والأقرب للسياق ما أثبته من ع.
4 وممن رخص بذلك أبو ثور كما في الإشراف ق 128 أ.
5 في ع "وأما"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.
6 أي من آخر الرمي إلى الليل.
7 هي المسألة السابقة، وكان أسهل، لأنه بقي له وقت يمكن أن يرمي فيه على قول بعض العلماء، ولم يقل الإمام أحمد بوجوب الكفارة عليه مراعاة للخلاف.
8 أي ولا دم عليه، ويرمي في وقت الرمي وهو بعد الزوال من الغد، وقد سبق قوله في المسألة (1443) أنه لا يرمي بالليل، وانظر أيضاً: الإشراف ق 128 أ.
9 في ظ "وإذا تعمد" بحذف "أما".
10 قال ابن المنذر في الإشراف ق 128: "وقال إسحاق: إذا تعمد تركه إلى الليل رمى وعليه دم" ا. هـ. ويرمي كما أشرت إليه آنفاً في وقت الرمي الذي هو بعد الزوال من الغد

(5/2362)


[1660-] قلت: قال سفيان في رجل أمر رجلاً أن يرمي عنه وهو مريض فنسي [أن يرمي] 1 الذي أمر حتى رجع إلى مصره، قال: (على الذي أمر عن المريض دم) .2
قال أحمد: قد أساء المأمور، ولكن الدم على الآمر.3
قال إسحاق: كما قال.
[1661-] قلت: قال سفيان: من خرج ولم يودع (فإن) 4 عليه الكفارة،5 قال عباد بن كثير:6 ليس عليه
__________
1 ساقطة من ع، والأولى إثباتها كما في ظ، لأن في ذلك زيادة إيضاح.
2 في ع "على الذي أمر دم وعلى المريض دم".
3 قال المرداوي في الإنصاف 3/421: "ونقل ابن منصور إن أمر مريض من يرمي عنه فنسي المأمور أساء، والدم على الآمر" ا. هـ. وحكى ذلك أيضاً ابن مفلح في الفروع 3/254.
4 في ع "قال"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.
5 أي: دم، وانظر عن قول سفيان المغني 3/485، 487، المجموع 8/284.
6 هو: عباد بن كثير الثقفي البصري، روى عن أيوب السختياني ويحيى ابن أبي كثير وعمرو بن خالد. وروى عنه إسماعيل بن عياش والد راوردي، وأبو نعيم، وغيرهم. روى له أبو داود وابن ماجة. قال ابن المبارك: قلت للثوري: إن عباداً من تعرف حاله، وإذا حدث جاء بأمر عظيم، فترى أن أقول للناس: لا تأخذوا عنه؟ قال: بلى. مات بعد الأربعين ومائة. تهذيب التهذيب 5/100، التقريب 163.

(5/2363)


كفارة.1
قال أحمد: عليه دم.
قال إسحاق: كما قال أحمد.2
[1662-] قلت: سئل سفيان تسافر المرأة مع زوج ابنتها؟
قال: ما أرى [به] 3 بأساً.
قال أحمد: ما أرى به بأساً، ولكن لا يرى منها حرمة.4
__________
1 لم أقف على قوله.
2 سبق قول الإمامين أحمد وإسحاق في حكم طواف الوداع في المسألة (1498) .
3 ساقطة من ع، والأولى إثباتها كما في ظ.
4 قال ابن قدامة في المغني 3/190: "قال الأثرم سمعت أحمد يسأل: هل يكون الرجل محرماً لأم امرأته يخرجها إلى الحج؟، فقال: أما في حجة الفريضة فأرجو، لأنها تخرج إليها مع النساء ومع كل من أمنته، وأما في غيرها فلا" ا. هـ.
وقال أيضاً في ص 192: "قال أحمد: ويكون زوج أم المرأة محرماً لها يحج بها" وإلى أن قال: "وقال في أم امرأته يكون محرماً لها في حج الفرض دون غيره، قال الأثرم: كأنه ذهب إلى أنها لم تذكر في قوله: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} الآية ا. هـ.
أي لم يستثنِ زوج البنت في إبداء الزينة له.
وقال شمس الدين بن مفلح في الفروع 3/238: "ونقل الأثرم في أم امرأته يكون محرماً لها في حج الفرض فقط" ا. هـ.
وحكى ذلك أيضاً المرداوي في الإنصاف 3/413 وانظر أيضاً: المبدع 3/100، المقنع بحاشيته 1/392، الإقناع 1/343، كشاف القناع 2/394، كشف المخدرات 169، الإنصاف 3/412.فقد ذكر أصحاب هذه الكتب أن من محارم المرأة زوج أمها وابن زوجها، ولم يذكروا زوج البنت.
أما الشيخ أحمد بن محمد النجدي فقد قال في جامع المناسك الثلاثة الحنبلية ص 41: "ويشترط في حق المرأة أن يصحبها محرم، وهو زوجها أو من يحرم عليها بنسب أو سبب كأخ وخال وزوج أم وبنت" ا. هـ.

(5/2364)


قال إسحاق: كما قال، [و] 1 ليكونوا في رفقة معهم (نساء) 2، ولا يخلون بها.
[1663-] قلت: سئل سفيان عن امرأة طافت وهي حائض (الطواف) 3 الواجب، أو على غير وضوء أو جنب ثم رجعت إلى الكوفة، قال: تعود كما هي محرمة.
__________
1 الواو ساقطة من ع، والأقرب للسياق إثباتها كما في ظ.
2 في ع "ليلاً"، والسياق يقتضي ما أثبته من ظ.
3 في ع "طواف" بحذف الألف واللام.

(5/2365)


قال أحمد: ما أدري،1 دعها.2
ثم قال: أما رجوعها إلى البيت فلا بد من الرجوع إليه، فتطوف إذا كانت قد طافت جنباً أو حائضاً.3
[1664-] قلت: فإن كان أصاب أهله؟
قال: ليس عليه شيء،4 ولم ير ما قال سفيان أن تعود كما هي محرمة.
قال إسحاق: كما قال أحمد.
__________
1 أي: لا أعرف قول سفيان هذا، وإلا فقد أجاب الإمام أحمد رحمه الله في المسألة. ويحتمل أن المعنى: لا أعرف من أين قال سفيان تعود كما هي محرمة. ويأتي عنه ما يؤكد هذا المعنى في المسألة التالية.
2 في ع توجد عبارة بين "دعها" و"ثم" غير واضحة، أقرب ما تحمل عليه "تمر له". والمعنى مستقيم بدونها كما أثبته من ظ.
3 سبق في المسألة (1423) حكم الطواف على غير طهارة مفصلاً.
4 أي: إن طاف الرجل طواف الركن جنباً أو على غير طهارة، فذهب إلى بلاده فأصاب أهله، ليس عليه شيء، بمعنى: لم يفسد حجه وإنما وجب عليه دم.
قال ابن قدامة في المغني 3/493: "قال أحمد: من طاف للزيارة أو اخترق الحجر في طوافه ورجع إلى بغداد، فإنه يرجع لأنه على بقية إحرامه. فإن وطئ النساء أحرم من التنعيم" ا. هـ.

(5/2366)


[1665-] قلت: قال سفيان: إذا لم تكمل سبعة1 فهي بمنزلة (من لم تطف تكون حراماً) 2 حتى ترجع، فتقضي حجة كانت أو عمرة.
قال أحمد: ما أحسن ما قال.
قال إسحاق: كما قال في السبعة الواجب.3
[1666-] قلت: سئل سفيان عن رجل حج عن رجل فأصابه أذى من رأسه أو تطيب أو لبس ثوباً أو أصاب صيداً، قال: ما جنى فهو عليه في ماله، وليس عليهم منه شيء وإن اشترطه عليهم.
قال أحمد: هو عليه ليس عليهم.4
__________
1 أي سبعة أشواط.
2 في ظ "من لم تكن حراماً"، والمعنى يستقيم بما أثبته من ع.
3 قال ابن قدامة في المغني 3/492: "طواف الزيارة ركن الحج لا يتم إلا به، ولا يحل من إحرامه حتى يفعله. فإن رجع إلى بلده قبله لم ينفك، ورجع متى أمكنه محرماً، لا يجزيه غير ذلك. وبذلك قال عطاء والثوري ومالك والشافعي وإسحاق"، ثم قال: "فإن ترك بعض الطواف، فهو كمن ترك جميعه".
وسبق أيضاً في المسألة (1496) أن الطواف الواجب لا بد من إتمامه، ولا يعذر أحد بتركه.
4 بين ابن قدامة في المغني أن ما لزم النائب المستأجر من الدماء فعليه، لأن الحج عليه، وكذا النائب غير المستأجر ما لزمه من الدماء بفعل محظور فعليه في ماله، لأنه لم يؤذن له في الجناية. وأطلق ذلك ولم يبين فيما إذا اشترط أو لم يشترط، والظاهر عدم اختلاف الحكم كما نص عليه الإمامان سفيان وأحمد، لما يأتي في التعليق الذي بعد الحاشية التالية.

(5/2367)


قلت: [وإن اشترطه عليهم؟
قال:] 1 وإن اشترطه، لا يدري (أيكون أم لا يكون) .2
قال إسحاق: كما قال [ع-95/أ] أحمد، إلا أن الشرط إن اشترطه على الذي يعطي3 الحج وكان متطوعاً عن الذي يحج عنه، فشرطه على الأمر جائز، وإن كان منفذاً عن ميت (فبما) 4 اشترط عليه، من مثل هذا لم ينتفع بشرطه.5
__________
1 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
2 في ع "يكون أو لا يكون"، والمعنى واحد، ووجه كونه لم ينفعه شرطه أنه شرط على مجهول فلا يجوز، لأنه لا يعلم هل يصيب شيئاً أم لا، فيكون شرطاً على غائب. ولم يفرق الإمام أحمد بين ما إذا كان الذي يحج عن غيره يحج عنه تطوعاً أو عن استئجار، وفرق بين ذلك الإمام إسحاق، فأجاز الشرط للأول دون الثاني، كما سيأتي.
3 بالبناء على المجهول، كما يتضح في التعليق الذي بعد الحاشية التالية.
4 في ظ "بما" بحذف الفاء.
5 أي إذا اشترط المتطوع على الذي يحج عنه أنه إن أصاب دماً فعليه، جاز ونفعه ذلك الشرط وكان الدم على الذي يحج عنه. وأما إذا اشترطه منفذ عن ميت بوصية أو اشترطه مستأجر، لم يجز ولم ينتفع بشرطه عند الإمام إسحاق. والله أعلم.

(5/2368)


[1667-] قلت: قال سفيان: إذا قال الرجل: حجوا عني بألف درهم يحج بها رجال،1 وإذا قال: حجوا عني بألف درهم حجة، يحج عنه حجة، وما بقي يرد إلى الورثة.
قال أحمد: جيد.2
__________
1 أي يصرف المال كله في الحج، فإذا زاد عن حجة حج عنه بالمبلغ رجال. وإذا قيده كما في الصورة الآتية بحجة، يحج عنه حجة واحدة، والباقي يرد للورثة.
2 إذا أوصى الموصي أن يحج عنه بقدر من المال، كأن قال: حجوا عني بألف درهم، فالمذهب أنه يحج عنه بجميعه بقدر ما يبلغ من الحجج، لأنه وصى بجميعه في جهة قربة فوجب صرفه فيها.
قال ابن قدامة في المقنع: "وإن وصى أن يحج عنه بألف، صرف في حجة بعد أخرى حتى ينفذ، ويدفع إلى كل واحد قدر ما يحج به" ا. هـ.
وعنه رواية: تصرف في حجة، والباقي للورثة.
فإن لم تكف الألف، أو البقية بعد الإخراج، حج به من حيث بلغ، على الصحيح من المذهب، وقيل: يعان به في حجه.
[] المغني 6/560، الإنصاف 7/237-238، المحرر 1/387، المقنع بحاشيته 3/371، الهداية 1/223.
أما إن حدد ذلك كأن قال: حجوا عني بألف درهم حجة، فما نقل عن الإمام أحمد هنا، رواية قدمها أبو الخطاب في الهداية.
والمذهب وما عليه جماهير الأصحاب، كما في الإنصاف بأنه يدفع جميع المبلغ إلى من يحج عنه، وجزم به في المغني والمحرر، لأنه قصد إرفاقه بذلك.
الإنصاف 7/239، المغني 6/563، المحرر 1/387، الهداية 1/224

(5/2369)


قال إسحاق: (كلما) 1 قال: حجوا عني فإنما يحج عنه برجال، إن احتمل [المال] 2 (حججاً) 3، فما فضل يصرف (في) 4 الحج أبداً، لما نوى الميت استغراق الألف في الحج، وإذا قال: حجوا عني (بألف) 5 حجة، فما فضل لا يكون أبداً راجعاً إلى الورثة [لما] 6 قال: الحجة (بألف) 7، فما فضل يجعل في مثله، يعان به (حاج) 8 [أو] 9 يحج [به] 10 من الموضع الذي بلغ.11
__________
1 في ظ "كما"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
2 ساقطة من ظ، وفي إثباتها كما في ع زيادة إيضاح، والمقصود بالمال الثلث فيما زاد عن حجة الإسلام.
3 في ع "حجاً"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.
4 في ظ "إلى"، والأقرب ما أثبته من ع.
5 في ع "بألف درهم".
6 ساقطة من ظ.
7 في ع "بألف درهم".
8 في ع "الحجاج". والموافق للسياق ما أثبته من ظ.
9 ساقطة من ع، والمقام يقتضي إثباتها كما في ظ.
10 ساقطة أيضاً من ع.
11 لم يفرق الإمام إسحاق بين الصورتين، فيرى أن الباقي يصرف في الحج أبداً، وقد حكي عنه ذلك أيضاً في المسألة الآتية برقم (1707) .

(5/2370)


[1668-] قلت: وإذا قال: لفلان ألف درهم يحج بها، يعطى ألف درهم، فإن شاء حج وإن شاء لم يحج.
قال أحمد: لا، بل يحج عنه، وما فضل فهو له.1
قال إسحاق: كما قال، لأن الميت قد رضي بالفضل أن يكون له.2
[1669-] قلت:3 قال سفيان: إذا أعطى الرجل دراهم يحج (عن)
__________
1 قال ابن قدامة في المغني 6/564: "ولو قال المعين: اصرفوا الحجة إلى من يحج وادفعوا الفضل إلي لأنه موصى به إلي، لم يصرف إليه شيء، لأنه إنما أوصى له بالزيادة بشرط أن يحج، فإذا لم يفعل لم يوجد الشرط ولم يستحق شيئاً" ا. هـ.
وانظر أيضاً:: الإنصاف 7/240.
وقال ابن مفلح في المبدع 6/41: "فإن عينه فقال: يحج عني فلان بألف، صرف ذلك إليه" ا. هـ.
وحكى ذلك أيضاً ابن قدامة رحمه الله في المغني 6/563، وأبو الخطاب في الهداية 1/224.
2 علله ابن قدامة بنحو ذلك، فقال: "إذا أوصى أن يحج عنه بقدر من المال حجة واحدة، وكان فيه فضل عن قدر ما يحج به، فهو لمن يحج لأنه قصد إرفاقه بذلك " ا. هـ المغني 6/563.
3 في ع بزيادة "لأحمد".
4 في ظ "عنه"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع

(5/2371)


إنسان فمات1 في بعض الطريق. قال: ينبغي له أن يوصي أن يحجوا عنه، فإن لم يفعل ترد الدراهم على الورثة2 وليس عليه شيء مما أنفق.
قال أحمد: ليس عليه شيء مما أنفق،3 ويحجوا بالباقي من (حيث بلغ) 4 هذا الميت.5
قال إسحاق: كما قال أحمد سواء
[1670-] قلت: قال سفيان: أكره أن يستأجر الرجل عن (أبويه) 6 يحج
__________
1 أي النائب.
2 لأنه أخذ الدراهم على أن يتم الحج، فموته قبل إتمامه يبقي ذلك ديناً عليه، فلزمه الوصية بوفائه. فإن لم يتم ذلك تعاد للورثة، لأنه حق لهم، حيث لم يتم إنجاز العمل المقابل لذلك وهو الحج.
3 لأن إنفاقه هذا في حال يصح له الإنفاق فيها، وما حصل من عدم تمكنه من إتمام الحج لا يملكه، وعلله ابن قدامة في المغني بأنه إنفاق بإذن صاحب المال، فلا يلزمه الضمان. المغني 3/181.
4 في ظ "مبلغ"، ويستقيم الكلام بالعبارتين، إلا أنه يتضح أكثر بما أثبته من ع.
5 لأنه سقط عنه بعض ما وجب عليه بفعل نائبه فلم يجب عليه ثانياً، العدة شرح العمدة ص 163، وانظر عن [] المسألة أيضاً المغني 3/181-182، الفروع 3/253، كشاف القناع 2/398.
6 في ع "والديه".

(5/2372)


عنهما.
قال أحمد: نحن نكره هذا كله، إلا أن يعينه في الحج.
قال إسحاق: لا أرى استئجار حاج عن ميت أبداً، بل يعطى قدر ما يحج به عن الميت فيكون حجه كله منه،1 وما فضل رده حتى يصرفوه في مثله.2
[1671-] قلت: [قال:] 3 وإذا حج الرجل عن آخر أكره أن يأخذ ما فضل من حجه، شرطاً كان عليه أو غير شرط.
قال أحمد: يرد الفضل وأكره [له] 4 أن يأخذ الدراهم على أن يحج عن آخر، قيل له: (فكيف) 5 يصنع؟
قال: يجهز رجلاً [ظ-49/أ] يحج عنه.
قال إسحاق: إن فعل كما قال أحمد فحسن، وإن أعطوه حتى
__________
1 سبق تقرير مذهب الإمامين أحمد وإسحاق في الاستئجار على الحج في المسألة (1372) .
2 أي أن ما فضل عن تكاليف الحج مما قدر له يرده على الورثة، وينفقونه عنه مرة أخرى في حج، أو يحج به من حيث بلغ، كما سيأتي في المسألة
3 ساقطة من "ع"، والسياق يقتضي إثباتها، كما في ظ، ولأن بذلك يتعين كون القائل سفيان.
4 ساقطة من "ع".
5 في ع "كيف" بحذف الفاء.

(5/2373)


يتجهز هو فلا بأس.1
[1672-] قلت: قال سفيان: إن شاء صام الثلاثة أيام (متفرقة) 2، والوصال أحب [إلي] .3
قال أحمد: لا بأس به متفرقاً.
قال إسحاق: كما قال، لما لم يسم الله عز وجل في كتابه متتابعاً.4
[1673-] قلت: قال سفيان فإن لم يصم في العشر فعليه دم؟ 5
__________
1 راجع عن قول الإمامين أيضاً المسألة (1372) .
2 في ظ "متفرقاً"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
3 ساقطة من ع.
4 المقصود بذلك قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} سورة البقرة آية 196.
فلم يذكر التتابع هنا.
وقال ابن قدامة في المغني 3/506: "ولا يجب التتابع، وذلك لا يقتضي جمعاً ولا تفريقاً. وهذا قول الثوري وإسحاق وغيرهما، ولا نعلم فيه مخالفاً" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإنصاف 3/515، المبدع 3/177.
5 قال المروزي في اختلاف العلماء ص 122: "قال سفيان: إذا لم يجد المتمتع ما يذبح ولم يصم فإن الدم أحب إلي، ومنهم من يرخص يقول: يصوم بعد أيام التشريق" ا. هـ.

(5/2374)


قال أحمد: يصوم أيام منى.
قال إسحاق: كما قال أحمد.1
[1674-] قلت: (سئل) 2 سفيان (عن) 3 رجل اشترى بدنة فنتجت؟
قال: إذا نحرها يبدأ بالأم ثم ولدها.
قال أحمد: لا تبالي [بأيهما] 4 بدأت.5
__________
1 سبق تفصيل قول الإمامين أحمد وإسحاق فيمن فاته صومها في العشر، وأن الراجح جواز صومها في أيام التشريق. وعلى الرواية بعدم جواز ذلك عن الإمام أحمد أيضاً روايتان في وجوب الدم عليه، سبق ذلك في المسألة (1490) .
2 في ظ "قال"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
3 في ظ "في"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
4 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
5 قال في المبدع 3/288: "فإن ولدت المعينة ذبح ولدها معها، سواء عينها حاملاً أو حدث بعده، لما روي عن علي أن رجلاً سأله فقال: "يا أمير المؤمنين إني اشتريت هذه البقرة لأضحي بها وإنها وضعت هذا العجل، فقال: لا تحلبها إلا ما فضل عن ولدها، فإذا كان يوم الأضحى فاذبحها وولدها عن سبعة". رواه سعيد والأثرم. ا. هـ.
وانظر أيضاً: المغني 3/562، والشرح الكبير 3/564، المحرر 1/249.

(5/2375)


قال إسحاق: (كما قال أحمد) .1
[1675-] قلت: (سئل) 2 سفيان (عن) 3 رجل نحر فلم يطعم منه حتى سرق؟
قال: لا أرى عليه شيئاً، إذا نحره فقد فرغ.4
قال أحمد: جيد.5
قال إسحاق: كما قال.
[1676-] قلت: سئل سفيان: عن رجل أهلّ بالحج والعمرة فقرن بين الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة؟ 6
__________
1 غير واضحة في ع، والأقرب لها "كل واسع"، والكلام مستقيم بما أثبته من ظ، وهو الموافق لما درج عليه المؤلف.
2 في ع "قال".
3 في ع "في"، والمناسب للسياق في العبارتين ما أثبته من ع.
4 انظر عن قول سفيان المغني 3/557.
5 قال في المقنع 3/289: "وإن ذبحها فسرقت فلا شيء عليه" ا. هـ.
وجزم بذلك في المغني والشرح، والمحرر.
وقال المرداوي في الإنصاف: هذا المذهب.
المغني 3/557، الشرح 3/569، المحرر 1/250، الإنصاف 4/93.
6 أي: جمع بين الطواف والسعي بأن طاف للحج والعمرة طوافاً واحداً ثم سعى لهما كذلك، ويتحقق ذلك فيها إذا طاف بعد الوقوف بعرفة ولم يكن قد طاف قبل ذلك. والله أعلم.

(5/2376)


قال: يعيد.1
قال أحمد: طواف واحد يجزيه ولم ير ما قال سفيان.
قال إسحاق: كما قال أحمد [ع-95/ب] .2
[1677-] قلت: (قال) 3 سفيان في المحصر إذا حل، ثم جامع قبل أن يحلق أو أصاب صيداً: (ليس) 4 عليه شيء، [ليس] 5 هو بمنزلة النسك.6
__________
1 أي: لا بد من أن يطوف طوافين، طوافاً لعمرته، وطوافاً لحجه. انظر: اختلاف العلماء للمروزي ص 115 مخطوط.
2 سبق قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله في المسألة (1403) أن القارن يجزيه طواف واحد وسعي واحد.
3 في ظ "سئل" والمناسب للسياق ما أثبته من ع.
4 في ع "فليس" بزيادة الفاء.
5 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
6 دل كلام سفيان على أنه لم يعتبر الحلق نسكاً، ومن اعتبره نسكاً لا يعتبر الحل بدونه.
قال ابن قدامة في المغني 3/375: "فيحصل الحل بشيئين: النحر أو الصوم والنية، إن قلنا الحلاق ليس بنسك، وإن قلنا هو نسك حصل بثلاثة أشياء الحلاق مع ما ذكرنا" ا. هـ.
فيدور الحكم هنا مع الخلاف في هل الحلاق نسك أم لا؟ فمن لم يعتبره نسكاً لم ير شيئاً فيما فعل قبله. وذهب إليه سفيان كما هو واضح في مسألتنا هذه.
وانظر أيضاً: المغني 3/458، الشرح الكبير 3/459.
ومن رآه نسكاً اعتبر ما يحصل قبله من المحظورات يجب فيه الكفارة، وهو ظاهر مذهب الحنابلة.
قال ابن قدامة في المغني 3/458: والحلق والتقصير نسك في الحج والعمرة في ظاهر مذهب أحمد وقول الخرقي ا. هـ.

(5/2377)


قال أحمد: نحن نكره له أن يحل إلا أن يكون إحصار عدو.
قال إسحاق: كما قال.1
[1678-] قلت: قال سفيان في الطيب كفارة، وفي الثياب كفارة، وفي الشعر كفارة؟
قال أحمد: جيد في كل واحد كفارة.
[قال إسحاق: كما قال] .2
__________
1 لم يتعرض أحمد وإسحاق لحكم المحصر إذا حل وجامع قبل أن يحلق، وإنما أجابا عما يكون به الإحصار، وقد سبق قولهما في ذلك في المسألة رقم (1494) .
2 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن في ذلك إثباتاً لقول إسحاق، وقد درج المؤلف على ذلك، وسبق في المسألة (1558) تفصيل قول الإمامين أحمد وإسحاق فيمن فعل محظوراً من أجناس.

(5/2378)


[1679-] قلت: قال سفيان إذا (قرن) 1 بين الحج والعمرة فأصاب شيئاً من طيب، أو شعر، أو لباس، فعليه كفارتان،2 ومن قال: طوافاً واحداً،3 فكفارة واحدة.4
[قال أحمد: عليه كفارة واحدة.
قال إسحاق: كفارة واحدة] 5، لا يكون حكمه أعظم من
__________
1 في ع "أقرن"، والصواب ما أثبته من ظ، لما سبق في التعليق رقم 1 على المسألة (1403) .
2 وذلك بناء على رأيه بأن عليه طوافين وسعيين، كما سبق في المسألة (1676) .
3 ممن قال يجزي القارن طواف واحد وسعي واحد: أحمد في المشهور عنه، وإسحاق، ومالك، والشافعي، وعطاء، وطاووس، ومجاهد.
وقد سبق قول الإمامين أحمد وإسحاق في ذلك في المسألة (1403) ، وانظر: أقوال بقية الأئمة: الكافي لابن عبد البر 1/334، المغني 3/494.
4 أي: من قال يجزي القارن طواف واحد وسعي واحد، يرى أنه إن ارتكب محظوراً يلزمه كفارة واحدة.
قال ابن قدامة في المغني 3/196: "وإن أفسد القارن نسكه بالوطء، فعليه فداء واحد، إلى أن قال: وسائر محظورات الإحرام من اللبس والطيب وغيرهما، لا يجب في كل واحد منها أكثر من فداء واحد، كما لو كان مفرداً. والله أعلم" ا. هـ.
راجع أيضاً المسألة (1581) .
5 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ

(5/2379)


حكم الطواف، وإنما عليه طواف واحد.1
[1680-] قلت: قال سفيان: (نحن نقول) 2 إذا طاوعته امرأته فعلى كل واحد منهما كفارة،3 وإن باشرها وليس (عليهما) 4 ثوب (فعليهما) 5 فدية.
قال أحمد: أما في الوطء (فما) 6 أحسنه،7 وفي المباشرة
__________
1 كما سبق بيانه في التعليق الذس قبل الحاشية السابقة.
2 في ع "نقول نحن".
3 الجمهور أن الكفارة بدنة، وقال سفيان الثوري وإسحاق: "إنها بدنة، فإن لم يجد فشاة". المغني 3/316، 568، الإشراف ق 104 أ.
4 في ع "الضمير للواحدة وليس للمثنى".
5 الظاهر أنه يعني بذلك أنها إن كانت مطاوعة في المباشرة كان على كل واحد منهما فدية، قياساً على قوله في المجامعة المطاوعة في المسألة رقم (1682) .
6 في ع "ما" بحذف الفاء.
7 أي: ما أحسن قول سفيان في ذلك، وهذا من ألفاظ الإمام أحمد في الجواب، كما يقول أحياناً: جيد.
قال الخرقي في المختصر ص 70: "فإن وطئ المحرم في الفرج فأنزل أو لم ينزل، فقد فسد حجهما، وعليه بدنة إن كان استكرهها. وإن كانت طاوعته، فعلى كل واحد منهما بدنة" ا. هـ. وهو الصحيح من المذهب، وعنه رواية أنه يجزئهما هدي واحد، وأخرى أنه لا فدية عليها، كما سبق بيان ذلك في التعليق على المسألة (1504) ، وراجع المسألة (1635) عن حكم المكرهة.

(5/2380)


عليهما دم.1
قال إسحاق: كما قال أحمد إذا أراد بالدم شاة.2
[1681-] قلت: قال سفيان: وأصحابنا يقولون: (إن) 3 قبّل فأمنى فبدنة، وإن قبّل فأمذى فبقرة، وإن قبّل [قبلة] 4 فلم يمنِ ولم يمذِ فشاة.5
قال أحمد: أرجو أن (يجزي عنه) 6 شاة يعني (في هذا
__________
1 أشار الإمام أحمد إلى أنه خالف سفيان في هذه المسألة، ولا يتأتى الخلاف من جهة قوليهما: "فدية" و"دم" لأن مؤداهما هنا واحد. قال في المقنع: " وما وجب للمباشرة ملحق بفدية الأذى" المبدع 1/182.
وانظر أيضاً: المغني 568، فيحمل قول الإمام أحمد هنا على أن عليهما دماً واحداً، ولو كانت مطاوعةً قياساً على إحدى رواياته في المجامعة المطاوعة كما في التعليق السابق، ويؤيده أيضاً موافقة إسحاق لأحمد القائل بهدي واحد ولو كانت مطاوعة في الجماع، كما سبق في المسألة رقم (1504) .
وبهذا يتضح الخلاف بين الإمامين سفيان وأحمد. والله أعلم.
2 وهو المراد. انظر: المغني 3/568، المبدع 3/182.
3 في ع "إذا".
4 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
5 انظر عن قول سفيان المغني 3/327.
6 في ع "يجزيه".

(5/2381)


كله) .1
قال إسحاق: يجزيه شاة في كل واحدة من ذلك ما لم يكن (تعمد جماعاً) 2 دون الفرج، فإذا جامع دون الفرج فحكمه حكم المجامع في الفرج.
قال أحمد: لكن إن غشيها دون الفرج وجبت عليه بدنة، ولا أفسد الحج إلا بالتقاء الختانين،3 وكلما وقع على أهله ولم يرم الجمرة فعليه أن يأتي الحج من قابل.4
قال إسحاق: كما قال، إلا قوله "ما لم يجامع في الفرج" ما لم
__________
1 في ع "في كل هذا"، وهذه رواية عن الإمام أحمد، والمذهب أن من قبل زوجته أو باشرها فأمنى فعليه بدنة، كما سبق في التعليق على المسألة (1505) ، وأجاب بذلك أيضاً الإمام أحمد في المسألة (1633) .
2 في ظ "تعمد جماع". والأقرب ما أثبته من ع.
3 الفرق بين رأي الإمامين أحمد وإسحاق فيمن وطئ فيما دون الفرج، هو أن إسحاق يرى ذلك كالوطء في الفرج، يفسد الحج ويوجب عليه بدنة.
ويرى الإمام أحمد هنا أنه يوجب عليه بدنة ولا يفسد الحج، فإن الحج لا يفسد عنده إلا إذا مس الختان الختان.
وسبق له نحو هذا الجواب في مسألة رقم (1632) .
وعن الإمام أحمد رواية توافق ما ذهب إليه إسحاق، ويقول ابن قدامة عن الرواية الأولى وهي الصحيحة إن شاء [] الله. المغني 3/322-323.
4 راجع المسألة (1506) .

(5/2382)


يكن جماعاً.1
[1682-] قلت: سئل سفيان عن المحرم يجامع [أهله] 2 في غير الفرج وينزل [قال] 3: يقولون: عليه بدنة، وتم حجه.4
قلت: فالمرأة؟
[قال:] 5 عليها دم إذا كانت تشتهي.
قيل له: فإن أنزلت؟
قال: عليها ما على الرجل.
قال أحمد: جيد.6
__________
1 أي أن الإمام إسحاق وافق الإمام أحمد فيما ذهب إليه، إلا قوله: "ما لم يجامع في الفرج"، ولم يقل الإمام أحمد ذلك نصاً، بل قاله معنى وهو قوله: "إلا بالتقاء الختانين"، فأتى بما هو أعم منه، وهو "ما لم يكن جماعاً"، أي يقول إسحاق: "لا أفسد الحج ما لم يكن جماعاً" أعم من أن يكون وطئا في الفرج، أو وطئا فيما دونه قصد به الجماع، كما وضحه أيضاً في المسألة التالية.
2 ساقط من ع.
3 زيادة يقتضيها السياق.
4 انظر عن قول الثوري الإشراف ق 105 أ.
5 ساقط من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
6 قال ابن قدامة في المغني 3/323: "والمرأة كالرجل في هذا كله إذا كانت ذات شهوة، وإلا فلا شيء عليها كالرجل إذا لم يكن له شهوة".
وانظر أيضاً: الإنصاف 3/525، وراجع المسألة السابقة (1681) في وجوب البدنة وعدم فساد الحج، ووجوب البدنة عليها إذا كانت تشتهي وأنزلت، كمسألة المرأة المجامعة المطاوعة السابقة برقم (1680) .

(5/2383)


قال إسحاق: كما قال إذا لم يكن الجماع دون الفرج إنزالاً، فإن حكم ذلك والجماع واحد ما تعمد [ظ-49/ب] . 1
[1683-] قلت: سئل سفيان عن رجل أهلّ بعمرة في أشهر الحج ثم جامع أهله قبل أن يطوف بالبيت ثم أقام إلى الحج؟
قال: يحج [مع الناس] 2 وعليه دم لعمرته، لما أفسد من العمرة، وليس عليه دم للمتعة، لأنه (أفسد ما عليه قضاؤه لعمرته) .3
قال أحمد: بلى، عليه دم [المتعة، ودم] 4 لما أفسد من العمرة.5
__________
1 في ع "إذا تعمد".
كما بينه في المسألة السابقة (1680) .
2 ساقطة من ع.
3 في ع "أفسدها عليه قضاء لعمرة".
4 ساقطة من ظ، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع.
5 المذهب أن المتمتع إذا أفسد عمرته يجب عليه دم لإفساده لعمرته، ولا يسقط عنه دم التمتع، لأنه دم وجب عليه، فلا يسقط بالإفساد.
وعن الإمام أحمد رواية توافق ما نقل عن سفيان هنا، وهي أن دم المتعة يسقط عنه، لأنه لم يحصل له الترفه بسقوط أحد السفرين.
المغني 3/515، الفروع 3/394، الإنصاف 3/498.

(5/2384)


قال إسحاق: كما قال.
[1684-] قلت:1 قال سفيان في رجل حج ثم ارتد ثم أسلم قال: يستأنف الحج، لا تجزيه حجته تلك.2
قيل له: فإن أصاب في حجته تلك ما يجب عليه من كفارات ثم ارتد ثم أسلم، ترى عليه كفارة؟.
(فقال) :3 لا، كل شيء عمله وهو مسلم من الفرائض ثم ارتد فليس عليه قضاء، يستأنف إذا أسلم، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك} .4
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 سبق في المسألة (1584) قول الإمامين أحمد وإسحاق في إجزاء حجته أو عدم إجزائها، وأنها تجزيه على المذهب عند الحنابلة.
3 في ع "قال" بحذف الفاء.
4 سورة الزمر آية 65، فإذا ارتكب شيئاً فارتد ثم أسلم، لم يكن عليه أداؤه إلا في حقوق الآدميين. ونقل ابن قدامة عن الثوري أنه يذهب إلى أن من أصاب حداً ثم ارتد ثم أسلم درئ عنه الحد، إلا حقوق الناس، لأن ردته أحبطت عمله فأسقطت ما عليه من حقوق الله تعالى، كمن فعل ذلك في حال شركه، ولأن الإسلام يجب ما قبله. المغني 10/؟.

(5/2385)


قال أحمد: كل شيء وجب عليه وهو مسلم فهو عليه، لا بد له من أن يأتي به.1
قال إسحاق: كما [ع-96/أ] قال أحمد، لأن ارتداده لا يخفف عنه فرضاً كان لزمه في إسلامه.
[1685-] قلت: قال سفيان: (إذا) 2 لمس من شهوة فعليه دم.3
قال أحمد: جيد.4
قال إسحاق: كما قال.
[1686-] قلت: قال سفيان في رجل قارن (قدم مكة) 5 فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة لعمرته ثم جامع قبل أن يأتي منى، عليه
__________
1 المرجع السابق.
2 في ظ "إذا لم " بزيادة "لم"، والسياق يقتضي حذفها كما في ع.
3 هذا إذا لم ينزل. المغني 3/327.
4 هذا إذا لم ينزل أيضاً، أما إذا أنزل فعليه بدنة.
وقد سبق تفصيل ذلك في المسألة (1505) ، (1585) .
5 في ظ "مدين"، والصواب ما أثبته من ع، لأن الكلام لا يستقيم إلا به.

(5/2386)


شاة لعمرته وينحر بدنة لحجه، وعليه الحج من قابل.1
قال أحمد: إن كان نوى بطوافه أن يحل من حجه ومن عمرته فقد حل، إذا هو قصر أو حلق.2
قلت: وله أن يحل (منهما) 3 إذا قرن؟
قال: نعم إذا لم يسق (ولا بد له) 4 من أن يهلّ بالحج في عامه ذلك، [وليس عليه شيء إذا وطئ بعد الحلق] 5 (وليس) 6 عليه لعمرته شيء على قولنا7، لأن العمرة إنما هو الطواف
__________
1 لأن القارن يبقى على إحرامه كالمفرد، ولا يحل إلا بعد رمي جمرة العقبة والحلق، فإذا جامع قبل أن يأتي منى فقد أفسد حجه وعليه بدنة، ويجب عليه القضاء، كما سبق تفصيل ذلك في المسألة (1504) .
2 لأنه إن نوى ذلك أصبح متمتعاً، والمتمتع إذا طاف وسعى للعمرة حل له كل شيء حتى النساء، لما جاء في حديث جابر المشهور في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم "فلما قدمنا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نحل. قال: أحلوا وأصيبوا من النساء". الشرح الكبير 246.
3 في ظ "منها"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
4 في ظ "لا بد" بحذف الواو و"له"، والأقرب للسياق ما أثبته من ع.
5 ساقطة من ظ، وفي إثباتها زيادة فائدة.
6 في ع "فليس".
7 أي إذا نوى بطوافه أن يحل كما سبق في التعليق على قول الإمام أحمد: (إذا كان نوى بطوافه أن يحل) في المسالة.

(5/2387)


بالبيت، وعليه دم إن (عجل) 1 به العام، وليس عليه في قابل، وعليه أن يحج ويعتمر من قابل.2
[1687-] قلت: فإن أهل بحج وساق، أله أن يفسخه ويجعله عمرة؟
قال: لا.
قال إسحاق: كما قال.3
[1688-] قلت: محرم تزوج؟
قال أحمد: يفرق بينهما.
__________
1 في ع "تعجل".
2 هكذا في المخطوطين، ولا يظهر لي معنى ذلك، والظاهر والله أعلم أنه سقط بعض الكلام، وأن الذي عليه الحج والعمرة من قابل هو الذي في الصورة المقابلة. فقول الإمام أحمد: وهو القارن الذي ساق الهدي أولم يسق الهدي ولكن لم ينو أن يحل فجامع بعد الفراغ من أعمال العمرة، وهو ما يفهم من كلام الإمام أحمد.
ويحتمل أن يكون ما بين القوسين قطعة من كلام ساقط لإسحاق مع ذكره، فإنه لم يذكر له في المسألة قولاً، خلافاً لما درج عليه المؤلف من ذكر أقواله، فيمكن أن يكون قول إسحاق نحو ما يلي: "قال إسحاق: كما قال، وإن كان ساق الهدي أولم يسق ولكن لم ينو أن يحل، فجامع بعد أعمال العمرة، كان عليه دم، وعليه أن يحج ويعتمر من قابل".
3 سبق تقرير ذلك في المسألة (1377) .

(5/2388)


قال إسحاق: كما قال، لما صحّ نهي النبي صلى الله عليه وسلم، وفرق بينهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه.1
[1689-] قلت: قال سفيان في رجل أرسل كلبه في الحل على [شيء] 2 فطرده حتى دخل الحرم فأخذه: (ليس) 3 عليه شيء، ليس هو بمنزلة يده.
قال أحمد: كما قال.
قال إسحاق: كما قال.4
[1690-] قلت: قال: لو رمى شيئاً في الحل (فدخلت) 5 رميته الحرم فأصابت شيئاً ضمن، لأن يده التي جنت.
قال أحمد: ما أحسن ما قال.
__________
1 سبق بيان حكم النكاح للمحرم، وتخربج ما صحّ من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وتفريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسألة (1472) ، وانظر أيضاً: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح ص 169.
2 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثابتها كما في ع.
3 في ع "قال: ليس" بزيادة قال، والمقام لا يتطلبها، كما أثبته من ظ.
4 سبق بيان الحكم في المسألة (1610) .
5 في ظ "فدخل"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.

(5/2389)


قال إسحاق: كما قال.1
[1691-] قلت:2 قال سفيان: إذا طردت في الحرم شيئاً فأصابه شيء قبل أن يقع أو حين (يقع) 3 ضمنت،4 وإن وقع من ذلك المكان إلى مكان آخر فليس (عليك) 5 شيء.6
قال أحمد: جيد.7
قال إسحاق: كما قال.
[1692-] قلت:8 قال سفيان في شجرة أصلها في الحرم وأغصانها في الحل
__________
1 قال ابن قدامة في المغني 3/362: "وإن رمى من الحل صيداً في الحل فقتل صيداً في الحرم فعليه جزاؤه، وبهذا قال الثوري وإسحاق" ا. هـ.
2 في ظ بزيادة "لأحمد".
3 في ع "وقعت"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
4 لأن في تنفيره تسبباً في إتلافه، فأشبه ما لو أتلفه في شبكة. المغني 3/363.
5 في ظ "عليه"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
6 لأنه لم يكن سبباً في إتلافه. المرجع السابق.
7 قال ابن قدامة في المغني 3/364: "إن سفيان قال إذا طردت في الحرم شيئاً فأصابه شيء قبل أن يقع أو حين وقع، ضمنت. وإن وقع من ذلك المكان إلى مكان آخر، فليس عليك شيء. فقال أحمد: جيد".
8 في ظ بزيادة "لأحمد".

(5/2390)


فوقع على أغصانها طير فرماه إنسان (فصرعه) :1 ليس عليه شيء لأن الطير في الحل، ولا تقطع أغصانها التي في الحل.2
قال أحمد: عليه جزاؤه، لأن أصلها في الحرم3.
قال إسحاق: كما قال، لأن (الأغصان) 4 تبع للأصل أبداً.
[1693-] قلت: وقال: شجرة أصلها في الحل وأغصانها في الحرم وعليها
__________
1 في ظ "فضربه"، والموافق للمقام ما أثبته من ع، ويؤيده وروده كذلك في المسألة التالية.
2 لأن الأغصان تابعة للأصل. المغني 3/368، ويظهر أن الإمام سفيان فرق بين الصيد والقطع في تبعية الغصن للأصل، فتتبع الأغصان الأصل في القطع دون ما وقع عليها فيعتبر فيه محله. ووافقه الإمامان أحمد في رواية وإسحاق في القطع، وأما في الصيد فراعيا جانب الاحتياط وأوجبا فيه الضمان، ولو كان على غصن في الحل أصله في الحرم كما يتضح في المسألة التالية.
3 من قتل صيداً على غصن في الحل أصله في الحرم، في ضمانه روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله:
إحداهما: يضمن، وهي ما نقلها الكوسج هنا عنه وعن الإمام إسحاق. وحكاها أيضاً عنهما ابن قدامة في المغني.
الثانية: لا يضمن، قدمها في المغني، وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب، كما في الإنصاف، وهي قول الإمام سفيان كما حكاه عنه الكوسج هنا، وابن قدامة في المغني 3/361، الإنصاف 3/549، المقنع بحاشيته 1/437.
4 في ع "أغصانها"، والأقرب لموافقة السياق ما أثبته من ظ.

(5/2391)


طير فرماه إنسان فصرعه.
قال: ما كان في الحل فليرم وما كان في الحرم فلا يرم.1
قال أحمد: ما أحسن ما قال.2
قال إسحاق: كما قال،3 فإن أصاب (الأغصان) 4 التي في الحرم [لم] 5 يكن عليه شيء، لأنها تبع للأصل [ع-96
__________
1 أي يضمن والحالة هذه، حيث إن الطير على الغصن الذي هو في الحرم، فعليه الضمان. ويؤيده ما سبق من رأيه في المسألة السابقة من أن من قتل طيراً على غصن في الحل أصله في الحرم لا يضمن، فالاعتبار عنده ما عليه الصيد بدون نظر إلى الأصل. وانظر عن قوله في المسألة المغني 3/360.
2 فيمن قتل طيراً على غصن في الحرم أصله في الحل روايتان أيضاً عن الإمام أحمد رحمه الله:
إحداهما: أنه يضمن، نص عليها في مسائل صالح، وهي المذهب وعليها أكثر الأصحاب كما في الإنصاف. وقال عنها في المقنع: أصح الروايتين، وبهذا قال الثوري كما في التعليق السابق، وأجاب بذلك الإمام أحمد في هذه المسألة، ووافقه عليه الإمام إسحاق.
الثانية: لا يضمن.
[] انظر: المغني 3/360-361، المقنع بحاشيته 1/436، الإنصاف 3/548، مسائل صالح ص 163.
3 أي يضمن الطير لأنه في الحرم.
4 في ظ "للأغصان".
5 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، والسياق يدل عليه، وقوله "يكن" دال أيضا على سقوط "لم".

(5/2392)


ب] .1
[1694-] قلت: سئل سفيان عن صيد رُمي في الحل، فتحامل فدخل (في الحرم) 2 فمات؟
قال: ليس عليه فيه كفارة، ويكره أكله، لأنه مات في الحرم.
قال أحمد: ما أحسن ما قال.
قال إسحاق: كما قال، لأن الإرادة مضت فيه في الحل [ظ-50/أ] .3
__________
1 بين الإمام إسحاق رحمه الله أن من قطع الغصن الذي في الحرم الذي وقع عليه الطير لم يكن عليه شيء، لأنه تبع لأصله الذي في الحل، وهذه رواية عن الإمام أحمد. المغني 3/368.
2 في ظ "الحرم" بحذف "في"، وفي إثباتها كما في ع موافقة لما قبله "في الحل".
3 المعنى: أي لأن قصد رمي الصيد كان في الحل.
قال ابن قدامة في المغني 3/367: "ولو رمى الحلال من الحل صيداً في الحل فجرحه، وتحامل الصيد فدخل الحرم فمات فيه، حل أكله ولا جزاء فيه لأن الذكاة حصلت في الحل، فأشبه ما لو جرح صيداً ثم أحرم فمات الصيد بعد إحرامه، ويكره أكله لموته في الحرم" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الشرح 3/363، الإنصاف 3/552.

(5/2393)


[1695-] [قلت: قال سفيان له إذا أحرم الرجل في بيته صيد فهو ضامن له.
قال أحمد: "ما أعرف هذا"، كالمنكر لما قال.1
قال إسحاق: كلما أحرم وفي يده صيد فعليه إرساله، فأما في البيت فلا يضر] .2
[1696-] قلت: قال سفيان فيمن طاف يوم النحر (لم ينو به طواف) 3 الزيارة يجزيه منه.4
قال أحمد: معاذ الله، لا يجزيه إلا بالنية.5
__________
1 وبين ابن قدامة في المغني أن من ملك صيداً في الحل فأدخله الحرم أو أحرم بالنسك، لزمه رفع يده عنه وإرساله. فإن تلف في يده أو أتلفه فعليه ضمانه. المغني 3/359.
2 هذه المسألة بتمامها ساقطة من ظ، وسبق في المسألة (1518) ، أن إسحاق ممن كره إدخال الصيد في الحرم.
3 في ع "لم ينو بطواف"، والموافق لقواعد العربية والسياق ما أثبته من ظ.
4 حكى ذلك عنه ابن قدامة في المغني 3/466.
5 لأن النية شرط من شروط الطواف لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنما الأعمال بالنية، وإنما لكل امرئ ما نوى".
أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور 7/237، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه صلاة، ولا تصح الصلاة إلا بالنية.
المغني 3/466، الشرح 3/402، الإنصاف 4/19.

(5/2394)


قال إسحاق: كما قال أحمد، لأنه واجب به يتم الحج (ولا تقضى) 1 المكتوبات إلا بالنية.2
[1697-] (قلت: قال) :3 (سئل) 4 سفيان عن السنور5 الأهلي؟
قال: ليس فيه حكومة، وإن لم يكن أهلياً ففيه حكومة.
قال أحمد: أهلي وغير أهلي فيه حكومة.6
__________
1 في ع "لا تقضى" بحذف الواو.
2 انظر عن قول إسحاق في عدم إجزاء الطواف بدون نية. المغني 3/466.
3 في ع "قال قلت".
4 في ع "سألت"، وما أثبته من ظ هو ما درج عليه في جميع المخطوطة.
5 السنور: الهر.
6 قال شمس الدين بن مفلح في الفروع 3/427: "ونقل ابن منصور في السنور أهلياً أو برياً حكومة" ا. هـ.
وقال ابن قدامة في المغني 3/533: "واختلفت الرواية في السنور أهلياً كان أو وحشياً، والصحيح أنه لا جزاء فيه، وهو اختيار القاضي، لأنه سبع وليس بمأكول.
وقال الثوري وإسحاق في الوحش حكومة، ولا شيء في الأهلي، لأن الصيد كان وحشياً ا. هـ.
وانظر أيضاً: المبدع 3/49، الإنصاف 3/538.

(5/2395)


قال إسحاق: كما قال سفيان،1 لما يلزم حكومة المحرم فيما يصيب في غير (الأهلي) .2
[1698-] قلت: سئل سفيان: أرأيت إن كثر عليه القمل، أترى أن يلقيها ويكفّر؟
قال: نعم.
قال أحمد: جيد.3
قال إسحاق: كما قال،4 لأن الله عز وجل لم يأمره بتعذيب نفسه.5
__________
1 كما سبق تقرير ذلك في التعليق السابق.
2 في ع "أهلي".
3 رمي القمل كقتله، قال ابن قدامة في المغني 3/267: "ولا فرق بين قتل القمل أو إزالته بإلقائه على الأرض" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الفروع 3/357، الإنصاف 3/487، وسبق في المسألة (1516) أن في قتل المحرم للقمل روايتين عن الإمام أحمد:
إحداهما: لا جزاء عليه، وهي المذهب.
والثانية: عليه الجزاء، فيوافقها ما نقله عنه الكوسج هنا.
4 نسب ابن قدامة في المغني إلى إسحاق أنه يقول فيمن قتل القمل عليه تمرة فما فوقها. المغني 3/268.
5 قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} البقرة 286.

(5/2396)


[1699-] قلت: قال سفيان في رجل أصاب صيداً وعنده طعام لا يتم جزاء الصيد: صام، لا يكون بعضه (صوماً) 1 وبعضه (طعاماً) 2، يكون صوماً.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما قال.3
[1700-] قلت: [سئل سفيان] : 4 أرأيت إن كان جزاؤه مداً أو
__________
1 في ع "صوم"، وقواعد العربية تؤيد ما أثبته من ظ.
2 في ع "طعام"، وقواعد العربية تؤيد ما أثبته من ظ.
3 أي من أصاب صيداً والطعام الذي عنده لا يكفي لجزائه، فإنه يصوم ويترك الطعام، ولا يصوم عن بعض ويطعم عن البعض الآخر.
قال ابن قدامة في المغني 3/545: "ولا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن بعض، نص عليه أحمد، وبه قال الشافعي والثوري وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر، إلى أن قال: لأنها كفارة واحدة، فلا يؤدي بعضها بالإطعام وبعضها بالصيام كسائر الكفارات".
وقال المرداوي في الإنصاف 3/512: "ولا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن بعضه، نص عليه، ولا أعلم فيه خلافاً" ا. هـ.
وانظر أيضاً: المبدع 3/174، الفروع 3/432، الإشراف 39 ب.
4 ساقط من ظ، والموافق للسياق إثباتها كما في ع

(5/2397)


نصفا؟ 1
قال: يصوم يوماً.2
قال أحمد: لا بد من تمام يوم.3
قال إسحاق: كما قال.
[1701-] قلت:4 سئل سفيان عن الضفدع؟
قال: فيه حكومة.
[قال أحمد: لا أعرف فيه حكومة، من أين يكون فيه حكومة] 5؟ قد نهي عن
__________
1 أي: إن كان جزاء الصيد المقتول بعد تقويمه لم يبلغ ما يعدل صيام يوم، أو بقي منه ما لا يعدل يوماً.
2 وكذلك لو بقي من الطعام ما لا يعدل يوماً، فإنه يصوم عنه يوماً.
3 قال المرداوي في الإنصاف 3/512: "لو بقي من الطعام ما لا يعدل يوماً، صام عنه يوماً. نص عليه. لأنه لا يتبعض" ا. هـ.
وانظر أيضاً: المغني 3/544، الفروع 3/432، المبدع 3/174.
وسبق في المسألة (1590) مقدار الطعام الذي يعدل صيام يوم.
4 في ظ بزيادة "لأحمد".
5 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها كما في ع، لأن في ذلك بيان قول الإمام أحمد في المسألة، وهو ما درج عليه المؤلف.
وفي تقرير قول الإمام أحمد قال المرداوي في الإنصاف 3/485: "قال الإمام أحمد: لا فدية في الضفدع. وقال في الإرشاد: فيه حكومة" ا. هـ.

(5/2398)


قتله.1
[قال إسحاق: كما قال أحمد] .2
[1702-] قلت: سئل سفيان عن المغمى عليه هل يلبى عنه؟ 3
قال: أرى أن يمضي، فإذا أفاق لبى، فإن كان عليه أيام يرجع [رجع، فإن لم يكن عليه أيام يرجع] 4 لبى، وأهراق دماً
__________
1 وذلك ما روى النسائي عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان أن طبيباً ذكر ضفدعاً في دواء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله. سنن النسائي كتاب الصيد والذبائح، باب الضفدع 6/210.
ونقل عبد الله عن أبيه في المسائل برقم 1015 ص 271 تحريم أكل الضفدع، وعلل الإمام أحمد هنا عدم وجوب الجزاء في قتل الضفدع بالنهي عن قتله، وذلك يدل على أن الضفدع ليس من الصيد المباح أكله، فلا يجب فيه الجزاء، لأن من شروط وجوب جزاء الصيد أن يكون الصيد مباحاً أكله.
[] انظر: المغني 3/532-534، 11/84.
2 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها كما في ع، لأن ذلك بيان قول الإمام إسحاق، وهو ما درج عليه المؤلف من ذكر قوله بعد قول الإمام أحمد.
3 أي: يحرم عنه وينوى عنه الحج؟
4 ساقطة من ظ، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع.

(5/2399)


ومضى.1
قال أحمد: جيد، وإن وقف بعرفة وهو مغمى عليه فليس له حج، إلا أن يفيق قبل طلوع الفجر.2
قلت: قيل لسفيان: فإن لم (يفق) ؟ 3
قال: ما أرى أن يلبى عنه،4 ليس هو بمنزلة الصبي.5
قال أحمد: جيد.6
__________
1 انظر عن قول سفيان: الإشراف ق 140 أ.
والمعنى والله أعلم أنه يمضي في سفره وهو مغمى عليه، فإن أفاق وكان لديه وقت متسع بأن يرجع ويلبي من الميقات فعل ولا شيء عليه، وإلا لبى بعد إفاقته وأهرق دماً لمجاوزته الميقات بدون إحرام.
2 روى عنه ذلك ابناه: صالح في المسائل ص 19، وعبد الله في المسألة 889 ص 39، وانظر أيضاً: المغني 3/205.
3 في ع "يفيق"، وقواعد العربية تقتضي ما أثبته من ظ.
4 قال في المجموع 7/38 "اتفق أصحابنا والعراقيون والخراسانيون وغيرهم أن المغمى عليه ومن غشي لا يصح إحرام وليه عنه، لأنه غير زائل العقل".
5 فإن الصبي يحرم عنه وليه إن كان غير مميز. قال ابن قدامة: "الصبي حجه فإن كان مميزاً أحرم بإذن وليه، وإن كان غير مميز أحرم عنه وليه فيصير محرماً بذلك" ا. هـ.
المغني 3/203، وانظر أيضاً: الشرح الكبير 3/163.
6 قال ابن قدامة: "إذا أغمي على بالغ لم يصح أن يحرم عنه رفيقه" ا. هـ.
المغني 3/205، وانظر أيضاً: الشرح الكبير 3/165.

(5/2400)


قال إسحاق: كما قال، لأنه لا بد من أن يكون واقفاً وقد عقل، قلّ الوقوف أم كثر، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة".1
[1703-] قلت:2 امرأة (أرادها) 3 زوجها، فلبت بحج (أو عمرة) ؟ 4
قال أحمد: وجب عليها [ع-97/أ] ما لبت به.5
قال إسحاق: لا، بل هي بمنزلة المحصر، لأنها عصت الزوج لما قال [عطاء6] نحو ذلك، (قال) :7 إن قال لامرأته: إن حججت العام فأنت طالق ثلاثاً وهما محرمان، أنها بمنزلة المحصر: تهل بالعمرة وعليها الحج من قابل،
__________
1 سبق تخريجه في المسألة (1431) .
2 في ظ بزيادة "لأحمد".
3 في ظ "أرادت"، والموافق للسياق ما أثبته من ع، والمعنى أنها أحرمت وزوجها يريدها، وغير آذن لها بالإحرام.
4 في ع "وعمرة"، والأولى ما أثبته من ظ، لشموله الإحرام بالحج أو بالعمرة أو بهما.
5 سبق في المسألة (1567) بيان حج المرأة بدون إذن زوجها مفصلاً.
6 بياض في ظ، وأثبته من ع.
7 في ع "قلت"، والموافق للسياق ما أثبته من ظ، والقائل هو عطاء.

(5/2401)


أخبرني1 [بذلك] 2 عيسى بن يونس3 [عن] 4 الأوزاعي، عن عطاء،5 وكذلك إذا خالفته فأهلت بحجة.
[1704-] قلت: سئل سفيان إن أكل منه شيئاً؟
قال: يغرم قيمة ما أكل، يعني من الفدية أو جزاء الصيد.
قال أحمد: إذا أكل منه شيئاً فعليه البدل.6
__________
1 في ظ توجد قبل أخبرني "حدثنا إسحاق قال أخبرني إسحاق قال"، والكلام مستقيم بدونها، والضمير في قوله "أخبرني"، للإمام إسحاق.
2 ساقطة من ظ، والإشارة إلى قول عطاء السابق.
3 هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، أبو عمرو السبيعي الكوفي، ويقال أبو محمد. روى عن أبيه والأعمش والأوزاعي وغيرهم، وروى عنه أبوه يونس وابنه عمرو، وحماد بن سلمة وإسحاق بن راهويه وغيرهم. مات سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل إحدى وثمانين.
التهذيب 8/237، تذكرة الحفاظ 1/289، طبقات الحفاظ 124.
4 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع لتوقف صحة العبارة على ذلك.
5 قال ابن قدامة قال عطاء: "الطلاق هلاك، هي بمنزلة المحصر". المغني 3/556.
6 قال ابن قدامة في المغني 3/566 إثر كلام عن ما يجوز الأكل منه وما لا يجوز من الهدي: "وإن أكل منها ما منع من أكله ضمنه بمثله، لأن الجميع مضمون عليه بمثله حيواناً، فكذلك أبعاضه" ا. هـ.
وقد سبق بيان ما يجوز الأكل منه وما لا يجوز، وما يضمن وما لا يضمن من الهدي في المسائل: (1484، 1485، 1486) .

(5/2402)


قال إسحاق: (كما قال) ،1 لما قال ابن عباس ذلك2.
[1705-] قلت: قال سفيان: لا تجزي المهزولة في جزاء الصيد ولا في المتعة.
قال أحمد: كلما لا يجزي في الأضاحي لا يجزي فيهما3.
قال إسحاق: كما قال، لأنها إذا كانت [لا] 4 تجزي في الأضحية، فما كان من الواجب فهو ألزم له.
__________
1 في ع "كما قال أحمد" بزيادة أحمد، وأكثر ما درج عليه عدم الزيادة.
2سبق عنه أنه قال: "إذا هديت هدياً تطوعاً" إلى أن قال: "فإن أكلت أو أمرت به غرمت" راجع المسألة (1485) ، المغني 3/558 وسبق حديث ابن عباس أيضاً في المسألة المذكورة.
3 قال ابن قدامة في المغني: "ويمنع من العيوب في الهدي ما يمنع في الأضحية". ومما جاء في بيان ما لا يجزي في الأضحية: "عن البراء بن عازب رفعه قال: لا يضحى بالعرجاء البين ضلعها، ولا بالعوراء بين عورها، ولا بالمريضة بين مرضها، ولا بالعجفاء التي لا تنقي".
أخرجه: الترمذي في كتاب الأضاحي، باب ما لا يجوز من الأضاحي 4/85، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
ومعنى لا تنقي أي: الهزيلة التي لا مخ فيها، المبدع 3/278.
وانظر عن المسألة: المبدع 3/278، الإقناع 1/402، الإشراف ق 129 أ، المقنع بحاشيته 1/473.
4 ساقطة من ظ، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع.

(5/2403)


[1706-] قلت: قال سفيان في قارن قدم [مكة] 1 فاته الحج ومعه بدنة يطوف طوافين طوافاً لحجه وطوافاً لعمرته2، ويمسك البدنة، فإن باعها فلا شيء عليه؟ 3
قال أحمد: إن كان قد أوجبها فلا بد من أن ينحرها4، وعليه مثل ما أهل به من قابل. 5
قال إسحاق: كما قال أحمد، لما مضت السنة من النبي صلى الله عليه وسلم في القارن بالطواف الواحد والسعي الواحد6.
__________
1 ساقطة من ع، والأقرب للسياق إثباتها كما في ظ.
2 انظر عن قوله هذا المغني 3/552.
3 وقد سبق أن نقل عنه في المسألة (1653) أنه ينحر وقال ابن قدامة: إن سفيان قال: ويهريق دماً، وهنا أجاب سفيان بأنه لا شيء عليه إن لم ينحر البدنة التي ساقها، فلعله قصد بذلك تخفيفاً عنه، حيث إن البدنة ذات قيمة، فيمكن له بيعها وشراء شاة ينحرها، فيتفق كلامه في لزوم النحر، أو لعل هذه رواية أخرى عنه. والله أعلم.
4 قال ابن قدامة في المغني 3/552: "وإذا كان معه هدي قد ساقه نحره، ولا يجزئه إن قلنا بوجوب القضاء".
5 سبق الكلام عن حكم القضاء والهدي على من فاته الحج في المسألة (1493) .
6 وسبق تقرير ما على القارن من الطواف والسعي في المسألة (1403) ، والمسألة مبنية على ما يلزم القارن من الطواف والسعي إذا لم يفته الحج وسبق ببيانه في المسألة المذكورة، ومما ينبني على هذا الأصل من المسائل مسألة ما إذا أصاب صيداً أو اقترف شيئا محرماً عليه من محرمات الإحرام، فمن قال عليه طوافان وسعيان يوجب عليه كفارتين، ومن قال عليه طواف واحد وسعي واحد يوجب عليه كفارة واحدة. وقد سبق ذلك في المسألة (1679) .

(5/2404)


[1707-] قلت: قال سفيان: إذا حج رجل عن رجل ففاته الحج، فهو ضامن.
قال أحمد: أنا لا أرى أن يأخذ الدراهم ويحج1 (وعلى) 2 قولهم يضمن3.
قال إسحاق: كلما حج فلم يفرط ففاته الحج لم يضمن، لأن الأخذ للحج هو مباح إذا كانت إرادته فضل (شهود) 4 المشاهد والأخذ، (ولم تكن) 5 إرادته المواكلة ودفع الأيام
__________
1كما سبق بيان ذلك في المسائل: (1372) ، (1378) ، (1668) ، (1670) والذي لا يراه الإمام أحمد هو الاستئجار في الحج، أما إذا كان على البلاغ بأن يعطي الإنسان من يحج عنه تكاليفه في الحج، فإن زاد عن التكاليف أعاده، وإن نقص أخذ بقية التكاليف، فهذا جائز. وسيأتي نحوه في المسألة (1709) .
2 في ظ "على" بحذف الواو، والذي يستقيم به الكلام إثباتها كما في ع.
3 أي على قول من أجاز أخذ الأجرة على الحج، فإنه يضمنها إذا فاته الحج. المغني 3/182.
[] وممن أجاز الاستئجار على الحج: مالك والشافعي وأحمد في رواية. بداية المجتهد 1/320، المجموع [7/120-121،] المغني 3/180.
4 في ع "شهد"، والأقرب ما أثبته من ظ.
5 في ع "لم تكن" بحذف الواو

(5/2405)


هؤلاء1 [ظ-50/ب] (حيث) 2 (ميزوا3 بينهما) إذا قال4: "حجوا عني" صرف في الحج كما (قال) 5، وإذا قال: "حجة" فللورثة6.
[1708-] قلت:7 قال سفيان: إذا حج رجل عن رجل ثم أقام بعد النفر،
__________
1 في قول الإمام إسحاق رحمه الله تعالى: "أخطأ هؤلاء" نظر، وما ذهب إليه الإمام أحمد مسلك قوي، فإنه إذا حدد الموصي بأنه يريد بالمبلغ حجة كفى في نفاذ وصيته حجة واحدة، بخلاف ما إذا قال: "حجوا عني" فأطلق، فإنه يحتمل أنه أراد استغراق المبلغ جميعه للحج. والله أعلم.
2 في ع "حين".
3 في ع "بأن قالوا".
4 أي الميت.
5 في ع "قلنا"، والسياق يقتضي ما أثبته من ظ.
6 هذا عين ما أجاب به الإمام أحمد في مسألة (1667) .
7 في ظ بزيادة "لأحمد".

(5/2407)


فالنفقة عليه إلا أن يكون [الورثة] 1 أذنوا له.
قال أحمد: النفقة عليه2 (وإن) 3 أذنوا له، إذا كانت وصية، إلا أن يكونوا تبرعوا من أموالهم.
قال إسحاق: كما قال أحمد سواء، لأن المال لغير المعطى، إلا [أن4] يكونوا تبرعوا.
[1709-] قلت: قال سفيان: (أكره) 5 أن يستأجر الرجلُ الرجلَ أن يحج عن
__________
1 ساقطة من ع، وفي ظ بياض، والأولى إثباتها لأن فيه زيادة توضيح، ويؤيده إثباتها في نسخة م، وهي المنسوخة عن الظاهرية.
2 قال ابن قدامة في المغني 3/183: "وإن أقام بمكة أكثر من مدة القصر بعد إمكان السفر للرجوع أنفق من مال نفسه، لأنه غير مأذون له فيه" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإنصاف 3/420، الفروع 3/253.
3 في ظ "فإن"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
4 ساقطة من ع، والموافق للسياق إثباتها كما في ظ.
5 في ع "وأكره" بزيادة الواو.

(5/2408)


آخر، فإن فعل (وقضى) 1 عنه المناسك فإني أرجو أن يجزيه.
قال أحمد: أكره أن يستأجر [الرجل] 2 الرجل أن يحج عن آخر، إنما يجهز [الرجل] الرجل أن يحج عن الميت.
قال إسحاق: كما قال3، وقد أحسن سفيان، (إذا قاطع) 4 فإنا وإن كرهنا المقاطعة فإن قوماً من علماء أهل الحجاز5 (رأوه جائزاً) 6، فلا نغرمه وقد (تمم) 7 الحج عن صاحبه [ع-97/ب] 8.
__________
1 في ظ "قضى" بحذف الواو، والمناسب للسياق إثباتها كما في ع.
2 ساقطة من ظ، وفي إثباتها كما في ع زيادة توضيح.
3 سبق مراراً حكم الإجارة على الحج، وسبق نحو عبارة الإمام أحمد هذه في المسألة (1671) ، وراجع أيضا المسائل: (1372) ، (1378) ، (1670) ، (1707) .
4 في ع "قاطع"، والصواب يقتضي ما أثبته من ظ، ومعنى المقاطعة أن يقطع له الأجرة أي يحددها، كأن يقول: حج عن فلان بألفي ريال مثلاً، وهي الطريقة المعروفة بالسنة على الإجارة، كره ذلك الأئمة الثلاثة: أحمد في هذه الرواية، وإسحاق، وسفيان. ويرتضون بالطريقة المعروفة بالأجرة على البلاغ، وهي ما إذا أعطى الذي يحج عن غيره تكاليف الحج. راجع المسألة (1707) .
5 سبق في المسألة (1707) أن ممن أجاز الاستئجار على الحج الإمامين مالكاً والشافعي.
6 في ع "رآه جائز"، والموافق لقواعد العربية ما أثبته من ظ.
7 في ظ "تم"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
8 المعنى أي: مراعاة للخلاف في المسألة، لا نحكم على الذي حج عن غيره بتلك الطريقة أن يغرم ما أخذه، والحال أنه قد تمم الحج عن صاحبه (مستنيبه) ، فيحكم بإجزاء الحج أيضاً.

(5/2409)


[1710-] قلت:1 قال الحسن في امرأة تريد أن تحج (فلم يأذن لها) 2 زوجها: أن تحج بغير إذن زوجها وليس له أن يمنعها.
قال أحمد: لا ينبغي له أن يمنعها، ولا تحج إلا بإذنه. 3
قال إسحاق: كلما كان عليها الحج فرضاً فلها أن تحج بغير إذنه [مع محرم] 4، وإن كان تطوعاً لم يحل لها أن تحج، وله منعها لما أدت الفريضة. 5
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 في ظ "بغير إذن".
3 هذا إذا كان الحج نفلا فلا ينبغي له أن يمنعها، فأما الفرض فلا يجوز له أن يمنعها، بل يجوز لها الحج بدون إذنه، كما سبق في المسألة (1567) . ويمكن أن تكون عبارة الإمام أحمد رحمه الله تعالى فيما هو أعم من النفل، فمعناها أنه لا يليق بالرجل أن يمنع زوجته عن أفعال العبادات كالحج. ومن الأدب كذلك أن لا تحج هي إلا بإذنه. قال ابن قدامة في المغني 3/194: "ويستحب أن تستأذنه في ذلك، نص عليه أحمد، فإن أذن وإلا خرجت بغير إذنه" ا. هـ.
وبذلك يحمل قول الإمام أحمد هنا: "لا تحج إلا بإذنه" على الإطلاق على أنه مخصص بحجة النفل، أو أن المقصود به الاستحباب.
4 ساقطة من ظ، وفي إثباتها كما في ع زيادة توضيح.
5 سبق تفصيل قوله في المسألة (1567) .
وذكر هنالك أنه إذا أحرمت في التطوع تمضي، إلا أن يكون قد حلف بالطلاق فتعمل عمل المحصر، وعليها الحج من قابل

(5/2410)


[1711-] قلت: قال: قلت [يعني] 1 لسفيان: إذا أوصى بحجة؟
قال: يفرد.
قال أحمد: نعم.2
قال [إسحاق: إن أفرد] 3 كما أمر فحسن، وإن ضم معه عمرة بمال الميت [عن الميت4] جاز5.
[1712-] قال أحمد: الأربعة الأشهر: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب.
قال إسحاق: كما قال6.
__________
1 ساقطة من ع.
2 لأنه أقل ما يشمله الحج، والمحرم بالحج يقال له مفرد.
قال ابن قدامة في المغني 3/247: "الإفراد. وهو الإحرام بالحج مفرداً" ا. هـ.
أما القران والتمتع، فكلاهما فيه زيادة عن الإفراد.
3 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن المعنى لا يستقيم بدونها، ولموافقة ما درج عليه المؤلف من إثبات قول إسحاق في المسألة.
4 ساقطة من ع.
5 لعله قصد بذلك إذا كانت العمرة واجبة عليه، أما إن كانت تطوعاً فليس له ذلك، إلا إذا أجازه الورثة، لأن فيه زيادة نفقة لم يأمره بها.
6 الأشهر الحرم هي المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} التوبة، آية 36.
قال القرطبي: الأشهر المذكورة في هذه الآية: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب. تفسير القرطبي 8/132.
وروى البخاري في صحيحه في كتاب بدء الخلق 4/74.
عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض. السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".

(5/2411)


[1713-] قال أحمد: إذا كان الناس محتاجين، فالصدقة أحب إلي من الحج، يعني من بعد الحج.1
قال إسحاق: كما قال.
[1714-] قال أحمد: (يولى) 2 على أهل مكة رجل ليس من أهلها، هكذا السنة في ذلك3.
__________
1 يريد به حج الفرض، وقد أتى الإمام أحمد رحمه الله تعالى بهذا القيد بعد الإجابة الأولى، خوفاً من أن يتوهم أن الصدقة مقدمة على الحج مطلقاً. وإنما أتى بلفظ الحج فقط بدون حج الفرض، لأن الحج إذا أطلق لا يكون إلا للفرض، فإن أريد غير الفرض فبقرينة.
2 في ع "ويولى" بزيادة الواو.
3 لم أقف عليه.

(5/2412)


قال إسحاق: إن فعلوا ذلك فحسن، وإن كان الذي يستأهل1 من أهلها جاز ذلك.
[1715-] سئل أحمد [عن] 2 من قال: لا يقصر إلا في حج أو عمرة أو غزو؟
[قال: هذا التأويل3، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصر إلا في حج أو عمرة أو غزو4] .5
__________
1 يستأهل: يستحق أي إن كان أهلاً لولايتها وهو من أهلها، جاز ذلك.
2 ساقطة من ع.
3 أي القول بعدم جواز القصر في سفر غير الحج والعمرة والجهاد. وممن قال بذلك ابن مسعود رضي الله عنه.
4 هذا مما استدل به من قال بعدم جواز القصر في غير سفر الحج والعمرة والجهاد، وأجيب عنه: بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسافر إلا في حج أو عمرة أو جهاد.
انظر: أحكام القرآن للجصاص 2/255، المغني 2/99، الشرح الكبير 2/91، المجموع 4/346.
5 بين المعقوفتين ساقط من ع.
والسياق يتطلب إثباتها كما في ظ، وهو الموافق لما درج عليه المؤلف من إثبات جواب الإمام أحمد في المسألة.

(5/2413)


قال إسحاق: كما قال، (والتقصير) 1 في غيرهم2 سنة أيضاً3.
[1716-] [قلت: لأحمد] 4 إن النبي صلى الله عليه وسلم (أقام) 5 بمكة
__________
1 في ظ "والمقصر"، والأقرب ما أثبته، وقد عقد البخاري كتاباً سماه: "كتاب تقصير الصلاة"، صحيح البخاري 2/34.
2 أي في غير الحج والعمرة والجهاد.
3 لما روي عن إبراهيم أنه قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله إني أريد البحرين في تجارة فكيف تأمرني في الصلاة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: صل ركعتين".
رواه سعيد كما في المغني 2/100، وأورده عن إبراهيم أيضاً الجصاص في أحكام القرآن 2/255.
وغير ذلك من الأحاديث الدالة على جواز قصر الصلاة في السفر.
قال ابن قدامة في المغني 2/100: "وهذه النصوص تدل على إباحة الرخص في كل سفر. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يترخص في عوده من سفره، وهو مباح" ا. هـ.
انظر: المغني 2/99، بداية المجتهد 1/158، المجموع 2/346، المقنع بحاشيته 1/222، الإنصاف 2/316، كفاية الأخيار 1/87، توضيح البيجوري 1/228، أحكام القرآن للجصاص 2/255.
4 في ع "قلت لأحمد رضي الله عنه".
5 في ع "إذا أقام" بزيادة إذا.

(5/2414)


ثماني عشرة زمن الفتح؟ 1
قال: إنما أراد حنيناًلم يكن ثم إجماع2، (وأقام) 3 بتبوك عشرين4 لم [يكن] 5 ثم إجماع، ولكن إذا أجمع [على] 6
__________
1 وذلك ما روي عن عمران بن حصين قال: "غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين، يقول: يا أهل البلد صلوا أربعاً فإنا قوم سفر".
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يتم المسافر 2/23، والبيهقي في كتاب الصلاة، باب المسافر يقصر ما لم يجمع مكثاً ما لم يبلغ مقامه 3/151 وأحمد في مسنده 4/431، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، وقد تكلم فيه جماعة من الأئمة، مختصر المنذري 2/61، وقال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير 2/46: "وعلي ضعيف".
2 أي لم ينو ولم يعزم على إقامة أيام معلومة، وإنما كان يستعد للسفر إلى حنين، قال ابن منظور "جمع أمره وأجمعه وأجمع عليه: عزم عليه"، المغني 2/834، لسان العرب 8/57، المصباح المنير 1/109.
3 في ع "فأقام".
4 روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة".
أخرجه أحمد في مسنده 3/295، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب إذا أقام بأرض العدو يقصر 2/27، وقال الألباني صحيح، إرواء الغليل 3/23.
5 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن المعنى لا يستقيم بدونها.
6 ساقطة من ع، والأقرب إثباتها لأن فيه زيادة إيضاح.

(5/2415)


إقامة زيادة على أربع أتم الصلاة1.
(قال إسحاق) :2 هذه الأشياء تتبع كما جاءت، والأربع ليس بقوي3.
[1717-] قال أحمد: (وإذا) 4 رمى عند طلوع الشمس
__________
1 عن الإمام أحمد في ذلك روايتان:
إحداهما: إن نوى الإقامة أربعة أيام أتم، وإن نوى دونها قصر.
والثانية: أنه إن نوى الإقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم، وهذا هو المشهور عن أحمد، ويوافق ما رواه عنه الكوسج هنا.
انظر: الإنصاف 2/329، المغني 2/132، الكافي 1/200، المبدع 2/113، الكافي لابن عبد البر 1/209، الشرح الصغير 1/204، المجموع 4/219، مغني المحتاج 1/264، الاختيار لتعليل المختار 1/79، سنن الترمذي 2/433، معالم السنن 2/60.
2 في ع "قال إسحاق رضي الله عنه".
3 هذا تأدب من الإمام إسحاق رحمه الله في جوابه، وبيان لمذهبه وهو أنه إن نوى إقامة تسعة عشر يوماً أتم، حكى ذلك عنه الترمذي في سننه 2/433.
4 في ع "إذا" بحذف الواو.

(5/2416)


في النفر الأول ثم نفر كأنه (لم ير عليه دماً) ،1 [وإذا رمى قبل طلوع الشمس فعليه دم2] .
قال [إسحاق3] إذا رمى بعد طلوع الشمس يوم النفر الأول فلا شيء عليه4، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما:
إذا (انتفخ) 5 النهار في النفر الأول حل النفر لمن أراد التعجيل6، فأما قبل طلوع الشمس فعليه دم كما قال أحمد7.
[1718-] (قلت:) 8 امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تطوف بالصفا؟
__________
1 في ع "لم يرى عليه دما" والموافق لقواعد العربية ما أثبته من ظ، وحكى المرداوي ما يدل على هذه الرواية فقال: ونقل ابن منصور: أن الرمي عند طلوعها متعجل، ثم نفر. كأنه لم ير عليه دماً، وجزم به الزركشي" ا. هـ. الإنصاف 4/45.
2 ساقطة من ع، وسبق الكلام عن وقت الرمي في المسألة (1438) .
3 ساقطة من ع، والموافق للسياق، ولما درج عليه المؤلف الإثبات كما في ظ.
4 حكى عنه ابن قدامة في المغني 3/476 ما يدل على ذلك، كما سبق في المسألة (1438) .
5 في ظ "ارتفع"، وما أثبته من ع هو الموافق لأثر ابن عباس الآتي في التعليق التالي.
6 لم أقف على الأثر باللفظ المذكور، وفي السنن الكبرى للبيهقي 5/152: "عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا انفتح النهار من يوم النفر الآخر فقد حل الرمي والصدر" طلحة بن عمرو المكي ضعيف-" ا. هـ.
7 راجع وقت الرمي المسألة (1438) .
8 في ظ "قال أحمد"، والمناسب للسياق، والموافق لأكثر ما درج عليه المؤلف ما أثبته من ع.

(5/2417)


قال: لا بد من أن تطوف بالصفا والمروة إذا كان من الطواف الواجب.
قال إسحاق: كما قال1.
[1719-] قال إسحاق: وأما الرجل الذي عليه الحج (وقد ذهب2) ماله ولم يحج، وكان مفرطاً أله أن يحج لغيره؟ فإن السنة في ذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مجملاً، حيث رأى رجلاً يلبي عن شبرمة فقال له: "أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: فاجعل هذه عن نفسك ثم حج (عن صاحبك) 3"، فهذا الذي
__________
1 يدور الحكم في ذلك على هل السعي ركن في الحج والعمرة أم لا؟ وقد سبق الكلام على ذلك في المسألة (1588) .
2 في ع "فذهب".
3 في ظ "لصاحبك"، والمناسب ما أثبته من ع، ولم أقف على حديث بعبارة: "حج عن صاحبك أو لصاحبك". فالحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: "لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي، أو قريب لي، قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة".
أخرجه أبو داود في باب الرجل يحج عن غيره 2/403، وابن ماجة في باب الحج عن الميت 1/969، حديث2903، والبيهقي فيمن ليس له أن يحج عن غيره 4/336، وقال: هذا إسناد صحيح ليس في هذا الباب أصح منه، ولعل ذلك رواية بالمعنى، ورواية الحديث بالمعنى لمثل الإمام إسحاق رحمه الله العالم بالألفاظ ومقاصدها، الخبير بما يحيل معانيها، جائزة عند جمهور السلف والخلف، كما قاله النووي في التقريب. تدريب [] الراوي في شرح تقريب النواوي 2/98-99.

(5/2418)


يعتمد عليه،1 والذي ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم [في الفقير] 2 أن يحج عن غيره لا يعرف مذهبه.3
[1720-] سئل أحمد عن وصي حج عن الميت؟
قال: لا يحج عنه4، [ع-98/أ] لأنه
__________
1 أي في أن من لم يحج حجة الإسلام ليس له أن يحج عن غيره، فإن فعل وقع عن نفسه، وهو المذهب، وهو قول إسحاق. المغني 3/198، الإنصاف 3/416، معالم السنن 2/335، حلية العلماء 3/208.
وعن الإمام أحمد رواية أنه يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن غيره.
المغني 3/198، معالم السنن 2/335، حلية العلماء 3/208.
2 ساقطة من ظ، والمناسب للسياق إثباتها كما في ع.
3 هذا مذهب سفيان الثوري، حيث رأى أنه إن كان يقدر على الحج حج عن نفسه، وإن لم يقدر حج عن غيره. حكى ذلك عنه ابن قدامة في المغني 3/198، والشاشي القفال في حلية العلماء 3/208.
4 قال ابن قدامة في المغني 6/565: "وإذا أوصى لرجل أن يخرج عنه حجة لم يكن للوصي الحج بنفسه". نص عليه أحمد كما لو قال: "تصدق علي" لم يجز أن يتصدق على نفسه. ا. هـ.
وروى أبو داود في المسائل ص 135: سمعت أحمد سئل: يحج عنه الوصي؟ قال لا يحج الوصي عن الميت.

(5/2419)


(لاينبغي) 1له أن ينفذ ذاك2 إلا أن يكون الورثة كباراً فيجيزوا ذلك، فإن كانوا صغاراً فلا يحج الوصي3.
قال إسحاق: لا بل يستحب للوصي أو لمن كان يلي الميت من القرابة أن يتولى أن يحج عن الميت، فإنه أفضل من الغرباء، بعد أن يكون الذي دفع في الحج قواماً ليس فيه فضل كبير عن الحج، فإذا كان كذاك فحج، فما فضل جعله في الحج [ظ-51/أ] 4.
[1721-] قلت لأحمد: يجب على المرأة إذا لم يحج بها محرمها (أن تعطيه5)
__________
1 في ظ "ينبغي" بحذف "لا"، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع.
2 لأنه إذا نفذه بنفسه يتهم في قدر المال الذي أنفقه في الحج وفي قصد الانتفاع بها دون تنفيذ الوصية.
3 كما سبق آنفاً.
4 أي: يجوز أن يحج الوصي بنفسه إذا كان المال الذي أخذه للحج قواماً، بمعنى ليس فيه فضل كبير عن نفقة الحج المعروفة، فإن كان كذلك وبقي مال صرفه في الحج، كما إذا أوصى الميت أن يحج عنه بخمسمائة درهم وبقي منها صرف في الحج أبداً، كما سبق في المسألة (1666) .
5 في ع "أن تعطي له".

(5/2420)


شيئاً يحج بها وهي موسرة؟ فكأنه حسن لها أن تعطي1.
قال إسحاق: ما أحسن ما قال.
[1722-] (قلت:) 2 فإن أبى زوجها (أن يدعها تخرج) 3 وهي تجد محرماً؟
قال: إذا وجب عليها الحج فلا تطع زوجها.4
[1723-] سئل أحمد: عن رجل عزل5 ألف درهم للحج فمات قبل
__________
1 قال في الفروع 3/240: "وإن أراد أجرة فظاهر كلامهم لا يلزمها، ويتوجه كنفقته، كما ذكروه في التغريب في الزنى وفي قائد الأعمى، فدل ذلك كله على أنه لو تبرع لم يلزمها للمنة، ويتوجه أن يجب للمحرم أجرة مثله لا النفقة، كقائد الأعمى، ولا دليل يخص وجوب النفقة" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإنصاف 3/415، المبدع 3/102، وسبق في مسألة (1368) والتعليق عليها أن نفقة المحرم من سبيلها، بل ويعتبر من استطاعتها، لوجوب الحج إن تملك زاداً وراحلة لها ولمحرمها.
2 في ظ "قيل لأحمد"، وقد وردت فيها أثر مسألة (1724) ، ولعل المناسب إثباتها هنا كما في ع.
3 في ع "أن يدعها أن تخرج" بزيادة "أن".
4 سبق بيان ذلك في المسألة (1567) ، (1710) .
5 عزل الشيء: نحاه جانباً، فمعنى "عزل ألف درهم" أي: نحاها جانباً ولم يتصرف فيها، وخصصها للحج.
لسان العرب 11/440، المصباح المنير 2/407.

(5/2421)


(أوان) 1 الحج؟
قال: ميراث.
قال إسحاق: الدراهم ميراث (الميت) ،2 ولكن إن كان الميت عليه الحج فرضاً، فلا بد من أن يحج الورثة عنه.3
[1724-] قلت لإسحاق: رجل أوصى [رجلاً] 4 أن يحج عنه بألف درهم، فاتجر الوصي بالألف فربح؟
قال: يجعل الربح كله في سبب الحج عن الميت، ويعطي الألفَ رجلاً بعينه فيحج، والنماء يعطى في سبب الحج.5
[1725-] سئل أحمد عن رجل قال: اعطوا فلاناً دراهم يحج عني،
__________
1 في ظ "أبان"، والمعنى يستقيم بما أثبته من ع.
2 في ظ "للميت"، والمناسب ما أثبته من ع.
3 كما سبق في المسألة رقم (1375، 1376) أن من مات وعليه حج يحج عنه من ماله.
4 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها كما في ع.
5 لأنه تعدى في ذلك العمل، ولا يستحق شيئاً من الربح لتعديه.

(5/2422)


(وإذا) 1 فلان [قد] 2 أخذ دراهمَ للحج، أله أن يحج لهذا قابلاً؟
فكأنه رخص فيه.
قال إسحاق: أرجو أن يكون ذلك جائزاً إذا كان على وجه النظر والحيطة.3
[1726-] قال أحمد: إنما يكره أن يظلل المحرم إذا كان راكباً، وأما إذا كان على القرار4 فلا بأس به.
__________
1 في ع "فإذا".
2 ساقطة من ع.
3 فلعله أراد بتعيينه إياه الإحسان إليه، أو عينه لثقته به بأنه يؤدي عنه الفرائض كما ينبغي، فيحتاط أن يكون هو الذي يحج عنه ولو من قابل إذا لم يتمكن في هذه السنة كما في المسألة، وهذا كله فيما إذا لم يعتذر هو أو يأبى، فإن كان كذلك حج عنه ثقة سواه. وسبق في المسألة (1668) عن ابن قدامة أنه إذا قال: اصرفوا الحجة إلى من يحج، وادفعوا إلي فضل المال لأنني أنا الموصى به لم يقبل منه، لأنه إنما أوصى له بالزيادة بشرط أن يحج، فإذا لم يحج لا يستحق شيئاً. راجع المسألة المذكورة والمسألة التي قبلها.
4 أي في مكان مستقر وليس في محمل، وسبق الكلام عن الاستظلال للمحرم مفصلا في مسألة رقم (1464) .
وراجع معنى القرار لسان العرب 5/84، المصباح المنير 2/496.

(5/2423)


[1727-] قلت: إذا أهل [بالحج] 1 [من] 2 دون الميقات ثم ترك إحرامه؟ 3
قال: لا يستطيع أن يتركه وهو محرم، وكل ما أصاب من لباس أو صيد أو غير ذلك فعليه (في كل واحد) 4 كفارة،5 (وإن) 6 أتى أهله فقد بطل حجه، إلا أنه محرم أبداً،7 نحن نقول في المحصر هو على إحرامه أبداً، إلا أن يكون بعدو.8
__________
1 ساقطة من ع، والصواب إثباتها، لأن في عدم ذلك احتمال أن يكون الإهلال بالعمرة، والكلام هنا عن الإهلال بالحج بدليل قوله: بطل حجه بعد ذلك.
2 ساقطة من ظ، والأولى إثباتها.
3 أي فسخ إحرامه وتخلى عنه، قال ابن منظور في لسان العرب 10/405: "تركت الشيء أي خليته". وانظر أيضاً: المصباح المنير 1/74.
4 في ظ "في ذلك كله"، والصواب ما أثبته من ع، ويشهد له ما سبق تقريره في المسألة (1558) : من كرر محظوراً من أجناس فعليه في كل واحدة كفارة، وما في التعليق التالي.
5 قال الخرقي في المختصر ص 71: "فإن قال أنا أرفض إحرامي وأحل، فلبس المخيط وذبح الصيد، وعمل ما يعمله الحلال، كان عليه في كل فعل فعله دم، وكان على إحرامه" ا. هـ. وانظر أيضاً: المغني 3/377.
6 في ع "فإن".
7 أي يبقى محرماً حتى يتحلل به الحاج، لأنه يجب المضي في الحج الفاسد. وسبق بيان ما يفعله من أفسد حجه بالجماع في المسألة (1586) .
8 أي لا يتحلل المحصر بغير عدو، سبق الكلام على ذلك في المسألة (1398) ، (1494) .

(5/2424)