مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه

كتاب الكفارات

باب1 (الكفارات)
__________
1 في ظ يوجد قبله: الجزء الرابع من مسائل أحمد بن محمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه، رواية إسحاق بن منصور المروزي، فيه الكفارات وأول البيوع، وسيأتي نحوه في المسألة (1655) عن نسخة ع.
2 في ع "الأيمان" والأقرب مما أثبته من ظ، لأن أغلب المسائل الواردة هنا في كفارات الأيمان، ولاحتمال حذف مضاف تقديره من كفارات الأيمان.
والأيمان: جمع يمين، وهي لغة: يمين الإنسان وغيره، واليمين: القوة والقدرة، وتطلق أيضاً على الحلف والقَسَم. [] لسان العرب 13/458، 461، 462، مختار الصحاح 744-745.
واليمين شرعا: الحلف على مستقبل إرادة تحقيق خبر فيه ممكن بقوله، يقصد به الحث على فعل الممكن أو تركه. الإقناع 4/329، كشاف القناع 6/228.
والكفارات جمع كفارة وهي لغة: مشتقة من الكَفر-بالفتح-وهو التغطية، وكل شيء غطى شيئا فقد كفره، وسُمي الزارع كافراً، لأنه يغطي البذر بالتراب. مختار الصحاح 577، لسان العرب 5/148، أساس البلاغة 547.
والكفارة-بالتشديد-:ما كُفِّر به من صدقة أو صوم ونحو ذلك. لسان العرب 5/148.
والكفارة شرعاً: هي عبارة عن الفعلة والخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة: أي تسترها وتمحوها. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 4/189.
وقال النووي في المجموع: "استعملت الكفارة فيما وجد فيه صورة مخالفة أو انتهاك وإن لم يكن فيه إثم كالقاتل خطأ وغيره". المجموع 6/333.

(5/2425)


[1728-] قلت:1، 2حديث أبي لبابة3 حين قال: أنخلع من مالي صدقة إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجزيك الثلث من ذلك".4
__________
1 في ظ قبل "قلت" توجد عبارة نصها "حدثنا إسحاق بن منصور بن بهرام المروزي قال:" فعلى إثباتها يكون القائل "حدثنا" هو راوي المسائل: محمد بن حازم، كما سبق في المسألة الأولى.
2 في ظ "قلت: لأحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله".
3 هو أبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري، واختلف في اسمه فقيل: بشير، وقيل: رفاعة، وقيل: يسير، وقيل: مروان. شهد بدراً، وكان أحد النقباء. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وروى عنه ولداه السائب، وعبد الرحمن، وعبد الله بن عمر، وغيرهم. مات في خلافة علي رضي الله عنه. [] [] الإصابة 4/167، الاستيعاب 4/167-168، تهذيب التهذيب 12/214.
4 أخرج الإمام أحمد في مسنده 3/452: "إن أبا لبابة بن عبد المنذر لما تاب الله عليه قال: يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأساكنك، وأني أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجزي عنك الثلث"".
وأخرج أبو داود في سننه في كتاب الأيمان والنذور، باب فيمن نذر أن يتصدق بماله 3/613، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم، أو لبابة أو من شاء الله: إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله صدقة. قال: "يجزي عنك الثلث".
وأخرج أيضا بسند آخر: "عن ابن كعب بن مالك قال: كان أبو لبابة، فذكر معناه، والقصة لأبي لبابة".
وقال ابن القيم في التهذيب 4/384 إثر ما ورد في بعض روايات حديث مالك من أن فيه ذكر الثلث، قال: "المحفوظ في هذا الحديث ما أخرجه أصحاب الصحاح من قوله: "أمسك عليك بعض مالك".
وأما ما ذكر فيه الثلث، فإنما أتى به إسحاق، ولكن هو في حديث أبي لبابة بن عبد المنذر" فذكر الحديث.
وقصة أبي لبابة أنه شعر أنه أذنب فربط نفسه بسلسلة حتى ذهب سمعه، وكانت ابنته تحله إذا حضرت الصلاة أو أراد أن يذهب لحاجة، وإذا فرغ أعادته إلى الرباط، حتى تاب الله عليه؟ وقد اختلف في الذنب الذي ارتكبه.
قال عن ذلك ابن عبد البر في الاستيعاب 4/167، (اختلف في الحال التي أوجبت فعل أبي لبابة هذا بنفسه، وأحسن ما قيل في ذلك أنه كان ممن تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية، وقال والله لا أحل نفسي منها ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى يتوب الله علي، أو أموت. فتاب الله عليه، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وحله بيده.ثم قال: يا رسول الله إن من توبتي-الحديث. وقد قيل: إن الذنب الذي أتاه أبو لبابة كان إشارته إلى حلفائه من بني قريظة أنه الذبح إن نزلتم على حكم سعد بن معاذ، وأشار إلى حلقه، فنزلت الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} الأنفال آية 27، فتاب الله عليه) ا. هـ بتصرف.
ورجح القول الثاني البنا في بلوغ الأماني المطبوع مع الفتح الرباني 9/184

(5/2426)


قال: هذا على النذر والتقرب إلى الله عز وجل فيجزيه الثلث

(5/2427)


(من) 1 ماله،2 وإذا كان على معنى اليمين،3 فكفارة يمين على ما قالت عائشة وحفصة وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم،4 فإذا كان في الحج وكان معذبا في مشيه فكفارة يمين على
__________
1 في ظ "في".
2 قال في المقنع "ولو نذر الصدقة بكل ماله، فله الصدقة بثلثه ولا كفارة" ا. هـ.
وهذا هو الصحيح من المذهب كما في الإنصاف، وعن الإمام أحمد رواية: بأنه تلزمه الصدقة بماله كله، وهذه توافق قول إسحاق الآتي:
قال المرداوي: "قال الزركشي: ويحكي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، أن الواجب في ذلك كفارة يمين" ا. هـ.
ويمكن أن تحمل هذه الرواية على ما بينه الإمام أحمد في تتمة كلامه هذا فيما إذا خرج النذر على معنى اليمين.
انظر: المغني 11/339، الإنصاف 11/127، الإقناع 4/359، المقنع بحاشيته 3/598، المحرر 2/199، المبدع 9/330.
3 وهو ما يسمى بنذر اللجاج والغضب، وذلك إذا خرج النذر مخرج اليمين، بأن يمنع به نفسه أو غيره شيئاً، أو يحث به على شيء، مثل أن يقول: إن كلمت زيدا فلله عليّ الحج أو الصدقة بمالي، فهذا مخير بين الوفاء بما حلف فلا شيء عليه، وبين أن يحنث فيتخير بين فعل المنذور أو كفارة يمين، ولا يلزمه الوفاء به كما يلزمه وفاء نذر [] التبرر. المغني 11/194-195، الإنصاف 11/119، المحرر 2/199.
[4] حكى ذلك عن الصحابة المذكورين رضي الله عنهم ابن قدامة في المغني 11/194-195، ويأتي ذلك في حديث أبي رافع عن حفصة وابن عمر وزينب بنت أم سلمة التي عدها ابن قدامة في المغني من بين من أفتى في القضية، وقال في الاستدلال للمسألة "ولأنه قول من سمينا ولا مخالف لهم في عصرهم".

(5/2428)


حديث أخت عقبة.1
وإذا كان يريد اليمين فقال: هو محرم بحجه أو عليه المشي إلى بيت الله عز وجل فكفارة يمين،2 على حديث أبي رافع3
__________
1 فالنذر بالحج إذا كان على وجه القربة إلى الله تعالى وجب الوفاء به، إلا أن يكون الإنسان معذباً بذلك، فيكون الحكم ما دل عليه حديث أخت عقبة السابق في المسألة (1396) ، بأنه يكفر كفارة يمين. وإن كان النذر بالحج نذر لحاج كأن قال "إن كلمت زيدا فأنا محرم بالحج" فقد سبق في التعليق على هذه المسألة، وسيأتي في بقية كلام الإمام أحمد كما في التعليق التالي أن عليه كفارة يمين على حديث أبي رافع.
2 هذا هو بقية كلام الإمام أحمد رحمه الله المشار إليه.
وفي مصنف عبد الرزاق 8/453 "عن معمر عن قتادة قال: سئل الحسن وجابر بن زيد عن رجل قال: إن لم أفعل كذا وكذا فأنا محرم بحجة، قالا: ليس الإحرام إلا على من نوى الحج يمين يكفرها".
3 هو نفيع بن رافع الصائغ، أبو رافع المدني، نزيل البصرة مولى ابنة عمر، وقيل مولى بنت العجماء. أدرك الجاهلية، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم. روى عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وروى عنه الحسن البصري، وبكر بن عبد الله المزني، وقتادة، وغيرهم، قال عنه الحافظ بن حجر في التقريب: "ثقة ثبت"، قال الذهبي: موته قريب من موت أنس بن مالك رضي الله عنه.
تهذيب التهذيب 10/172، التقريب 359، تذكرة الحافظ 1/69، طبقات الحافظ 34.

(5/2429)


قصة مولاته.1
قال إسحاق: كما قال، لأن كل ذلك إذا لم يكن على وجه النذر قربة إلى الله عز وجل، فكفارة يمين مغلظة،2 وأما فعل
__________
1 وذلك ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 8/486 "عن بكر بن عبد الله قال: "أخبرني أبو رافع قال: قالت مولاتي ليلى ابنة العجماء: كل مملوك لها حر، وكل مالها هدي، وهي يهودية أو نصرانية إن لم تطلق زوجتك-أو تفرق بينك وبين امرأتك-. قال فأتيت زينب ابنة أم سلمة، وكانت إذا ذكرت امرأة بفقه ذكرت زينب، قال: فجاءت معي إليها، فقالت: أفي البيت هاروت وماروت؟ فقالت: يا زينب جعلني الله فداك، إنها قالت: كل مملوك لها حر، وهي يهودية أو نصرانية، فقالت: يهودية ونصرانية؟ خلي بين الرجل وامرأته، قال: فكأنها لم تقبل ذلك، قال: فأتيت حفصة فأرسلت معي إليها، فقالت: يا أم المؤمنين، جعلني الله فداك إنها قالت: كل مملوك لها حر، وكل مال لها هدي، وهي يهودية أو نصرانية، قال: فقالت حفصة: يهودية ونصرانية؟ خلي بين الرجل وامرأته فكأنها أبت، فأتيت عبد الله بن عمر، فانطلق معي إليها، فلما سلم عرفت صوته، فقالت: بأبي أنت وبآبائي أبوك، فقال: أمن حجارة أنت أم من حديد أم من أي شيء أنت؟ أفتتك زينب وأفتتك أم المؤمنين فلم تقبلي منهما، فقالت يا أبا عبد الرحمن: جعلني الله فداك، إنها قالت كل مملوك حر، وكل مال لها هدي، وهي يهودية ونصرانية، قال: يهودية ونصرانية؟ كفري عن يمينك وخلي بين الرجل وامرأته".
وقال ابن قدامة في المغني 11/219: أخرجه الأثرم والجوزجاني.
2 كفارة اليمين مذكورة في قوله تعالى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} سورة المائدة آية 89، وقد بين إسحاق رحمه الله مراده بالكفارة المغلظة في المسألة رقم (954) من كتاب الطلاق حيث قال: "ولكني أختار في الأيمان المغلظات ستين مسكينا".

(5/2430)


أبي لبابة فليس [فيه] 1 أنه قال فعلت [في] 2 مالي، إنما قال: أريد أن أفعل، فإذا [فعل في] 3 ماله كله قربة فهو كما قال،4 إلا أنه يحبس قوت نفسه قدر ما يكفيه إلى أن يصيب.5
__________
1 ساقطة من ع والذي يدل عليه السياق إثباتها كما في ظ.
2 ساقطة من ع.
3 ساقطة من ع والذي يدل عليه السياق إثباتها كما في ظ.
4 أي تلزمه الصدقة بماله كله، وهي رواية عن الإمام أحمد كما سبق في أول المسألة. وأجاب الإمام إسحاق عن المشهور عن الإمام أحمد بأنه لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي لبابة "يجزي عنك الثلث" فإن أبا لبابة كان يريد أن يلتزم بالنذر بكل ماله ولم يلتزم به قبل ذلك، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من التزام ذلك ووجهه إلى الثلث، فلا يكون الحديث دليلاً على أن من التزم نذر كل ماله يجزي عنه الثلث.
5 أي إلى أن يجد مالاً، ثم إن وجد مالاً يتصدق بقدر ما كان حبسه لنفقته كما يأتي عن الإمام إسحاق أيضا في المسألة (1755) ، والإمام إسحاق يرى أيضاً كقول أحمد أنه إذا كان الإنسان قد نذر بفعل ما يكون معذباً فيه، أنه لا ينفذ ذلك، بل عليه كفارة يمين، ولكنه لا يرى أن الإنسان يكون معذباً فيما إذا أنفق كل ماله بنذر. ومن صريح كلام إسحاق الدال على أنه إذا كان الإنسان معذباً فيما نذر به لا ينفذه، قوله فيمن نذر ثلاثين حجة، لا يكون هذا النذر أبداً في طاعة، عليه كفارة مغلظة وذلك في المسألة الآتية رقم (1762) .

(5/2431)


[1729-] قلت: يكره أن يحلف الرجل بالمصحف؟ [ع-79/أ]
قال: لا أكره ذلك، بل يغلظ عليه بكل ما يقدر.
قال إسحاق: كما قال.1
__________
1 قال ابن قدامة رحمه الله في المغني 11/194 "وإن حلف بالمصحف انعقدت يمينه، وكان قتادة يحلف بالمصحف، ولم يكره ذلك إمامنا وإسحاق لأن الحالف بالمصحف إنما قصد الحلف بالمكتوب فيه وهو القرآن، فإنه بين دفتي المصحف بإجماع المسلمين" ا. هـ.
وفي المبدع: "ولم يكره أحمد الحلف بالمصحف"، واختلفت الروايات عن الإمام أحمد في الكفارة الواجبة حالة الحنث إذا حلف بكلام الله، أو بالمصحف، أو بالقرآن، أو بسورة منه، أو بآية منه، هل الواجب كفارة واحدة، أو بكل آية كفارة إن قدر، أو بكل آية كفارة مطلقاً قدر أو لم يقدر؟.
والمذهب أن عليه كفارة واحدة، وجزم به في الإقناع وقدمه في المحرر، والهداية، والفروع، لأن الحلف بصفات الله تعالى وتكرار اليمين بها لا يوجب أكثر من كفارة واحدة، فهذا أولى.
وقال في الروضة كما في الإنصاف والمبدع: "أما إذا حلف بالمصحف فعليه كفارة واحدة، رواية واحدة" ا. هـ.
[] انظر: الإنصاف 11/7-8، المبدع 9/259، الإقناع 4/331، المقنع بحاشيته 3/561، المحرر 2/197، الهداية 2/118.

(5/2432)


[1730-] قلت: [الرجل] 1 يقول حلفت وأقسمت؟
قال: إذا كان يريد [اليمين] 2 فكفارة يمين.3
قال إسحاق: كما قال.4
[1731-] قلت: من أقسم على رجل فلم يبره؟
قال: الحنث على المقسم.5
__________
1 ساقطة من ع.
2 ساقطة من ع والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
3 إن نوى بذلك اليمين كان يميناً بلا نزاع، وإن لم ينو فالمذهب أنه لا يكون يميناً، وبه قال إسحاق، وعن الإمام أحمد رواية: أنه يكون يميناً، ويأتي نحوها أيضاً في المسألة (1745) ، (1771) .
[] المغني 11/205، المبدع 9/260، الإنصاف 11/9-10، المحرر 2/197، التنقيح المشبع 289، وهذا إن لم يذكر لفظ الجلالة أما إن ذكره بأن قال: حلفت بالله أو أقسمت بالله فهي يمين، المراجع السابقة.
4 انظر عن قول إسحاق المغني 11/205.
5 أي الكفارة على الحالف، وهذا هو الصحيح من المذهب كما في الإنصاف، ولم يذكر غيره ابن قدامة في المغني، وحكى عن الإمام أحمد رواية: أنها تجب على الذي حنثه.
المغني11/247، الإنصاف 11/34،
وإبرار المقسم: فعل ما أراده الحالف ليصير بذلك باراً، فتح الباري 11/542، لسان العرب 4/53، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإبرار المقسم، فقد أخرج البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع"، وذكر مما أمر به "إبرار المقسم". فتح الباري 10/ 316، 603

(5/2433)


قال إسحاق: كما قال.
[1732-] قلت: من قال "يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك؟ "1
قال: هكذا هو، إلا أن يخاف القتل نحو حديث وائل بن حجر.2
__________
1 لفظ الحديث، وسيأتي توضيح ذلك في آخر المسألة.
2 هو وائل بن حُجر-بضم المهملة وسكون الجيم- بن سعد بن مسروق بن وائل الحضرمي، أبو هنيدة، ويقال أبو هند. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه ابناه علقمة وعبد الجبار. مات في ولاية معاوية بن أبي سفيان.
الإصابة 11/108، تهذيب التهذيب 3/592، الأعلام 8/108.
وحديثه أي قصته، لا حديثاً بروايته، وذلك عن سويد بن حنظلة قال: "خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدو له، فتحرج القوم أن يحلفوا وحلفت أنه أخي، فخلى سبيله. فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا وحلفت أنه أخي، قال: "صدقت المسلم أخو المسلم".
أخرجه أبو داود في باب المعارض في اليمين 3/573، وابن ماجة في باب من ورى في يمينه 1/685.
وقوله: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك": أي تحمل اليمين على المعنى الذي يقصده المستحلف، وورد بذلك لفظ رواية في مسلم: "اليمين على نية المستحلف" 2/1274، فلا يعتبر في ذلك قصد الحالف ولا يستفيد من توريته، وأفاد العلامة ابن قدامة في المغني أن ذلك مقيد بما إذا لم يكن المستحلف ظالماً، سواء كان المستحلف الظالم حاكماً أو غير حاكم، فإذا كان ظالما نفعت الحالف توريته.
[] المغني 11/242-245، الإقناع 4/335، المبدع 9/282.

(5/2434)


حدثنا إسحاق1قال: (أخبرنا) 2 أحمد3قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا عبد الله بن أبي صالح4 [ذكوان] 5 عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك".6
__________
1 أي ابن راهويه.
2 في ع "أنبأنا".
3 أي ابن محمد بن حنبل.
4 هو عبد الله بن أبي صالح ذكوان السماني المدني، ويقال له عباد. روى عن أبيه وسعيد بن جبير، وروى عنه هشيم وابن جريج وغيرهما. له حديث واحد في الكتب الستة عن أبيه عن أبي هريرة، وهو حديث مسألتنا. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: لين الحديث، تهذيب التهذيب 5/263، التقريب 176.
5 ساقطة من ع، والأنسب إثباتها كما في ظ، لأنه اسم أبي صالح كما سبق في الترجمة آنفا.
6 الحديث بالسند المذكور موجود في مسند الإمام أحمد 2/228، ورواه مسلم في باب يمين الحالف على نية المستحلف 2/1274، حديث 1653 عن يحيى بن يحيى وعمرو الناقد عن هشيم، وأبو داود في باب المعارض في اليمين 3/572، حديث3255 عن عمرو بن عون عن هشيم، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء أن اليمين على ما يصدقه صاحبه 3/636، حديث 1354 عن قتيبة وأحمد بن منيع قالا: حدثنا هشيم، وابن ماجة في باب من ورّى في يمينه 1/686، حديث 1221 عن عمرو بن رافع عن هشيم، والدارمي في الرجل يحلف على الشيء وهو يورّك على يمينه 1/583، عن عثمان بن محمد بن هشيم، والتوريك في اليمين: أن ينوي الحالف غير ما نواه المستحلف. هامش على سنن الدارمي 583.

(5/2435)


قال إسحاق: هكذا هو.
[1733-] قلت: فيمن جعلت مالها في سبيل الله عز وجل (وأعتقت) 1 جاريتها حديث امرأة من ذي أصبح؟ 2
قال: أما العتق فعلى ما قالت،3 وأما المال فكفارة
__________
1 في ع "فأعتقت".
2 وذلك ما روى عبد الرزاق في مصنفه 8/485: "عن عثمان بن أبي حاضر قال: "حلفت امرأة من أهل ذي أصبح فقالت: مالي في سبيل الله، وجاريتها حرة إن لم يفعل كذا وكذا- لشيء كرهه زوجها- فحلف زوجها ألا يفعله، فسئل عن ذلك ابن عمر وابن عباس فقالا: أما الجارية فتعتق، وأما قولها: مالي في سبيل الله، فتتصدق بزكاة مالها".
3 قال الخرقي: "ومن حلف بعتق ما يملك فحنث، عتق عليه كل ما يملك من عبيده وإمائه ومكاتبيه ومدبريه وأمهات أولاده وشقص يملكه من مملوكه" ا. هـ.
المغني 11/219.

(5/2436)


يمين.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1734-] [قلت: فيمن جعل مملوكه حُراً إن لم يفعل كذا وكذا؟
قال: هذا مثل ذاك.
قال إسحاق: كما قال] .3
[1735-] قلت: "إذا استلجج4 أحدكم باليمين في أهله، فإنه آثم
__________
1 هذه إحدى الروايات عن الإمام في أن من تصدق بكل ماله هل عليه أن يتصدق بكله أو يتصدق بالثلث ولا كفارة، أو تلزمه كفارة يمين فقط، وسبق ذلك في أول الكفارات مسألة رقم (1728) .
2 انظر عن قول إسحاق المغني 11/219، وسبق قوله أيضا في المسألة (1728) .
3 هذه المسألة ساقطة من نسخة ع.
4 لج في الأمر: تمادى عليه وأبى أن ينصرف عنه. لسان العرب 2/353.
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 35/278: "اللجاج التمادي في الخصومة، ومنه قيل: رجل لجوج إذا تمادى في الخصومة، ولهذا تسمي العلماء هذا نذر اللجاج والغضب، فإنه يلج حتى يعقده ثم يلج في الامتناع من الحنث، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن اللجاج باليمين أعظم إثماً من الكفارة".

(5/2437)


له عند الله عز وجل من الكفارة التي أمر الله1 بها".2
قال: [ظ-51/ب] يعني يكفّر عن يمينه.3
قال إسحاق: كما قال، يقول: لا يلج في يمينه فيمضي عليه بل يرجع فيكفّر يمينه.4
__________
1 آخر الصفحة 100 من ظ.
2 هذا حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه بهذا اللفظ الإمام أحمد في مسنده 2/278، وأخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه"، وفي مسلم: "فرض".
وانظر: صحيح البخاري، كتاب الأيمان والنذر 7/217 ومسلم الكتاب المذكور، باب النهي عن الإصرار على اليمين 2/1276.
ومعنى الحديث أنه إذا حلف يميناً تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه، ويكون الحنث ليس فيه معصية، ينبغي له أن يحنث فيفعل ذلك الشيء ويكفر عن يمينه، فإن لم يفعل وقال: أنا أتورع عن ارتكاب الحنث وأخاف الإثم، فهو مخطئ، واستمراره على ذلك أكثر إثماً من الحنث.
فتح الباري 11/519، صحيح مسلم بشرح النووي 11/123.
3 انظر عن المسألة أيضاً المغني 11/166.
4 للحديث السابق، ويؤيده أيضا حديث "إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأتِ الذي خير وكفّر عن يمينك" متفق عليه، البخاري 7/240، مسلم 2/1274.

(5/2438)


[1736-] قلت (من) 1 يحلف على أمور شتى أو على شيء واحد مراراً (وفي مجلس) 2 أو في مجالس؟
قال: ما لم يكفّر فهو كفارة واحدة.3
__________
1 في ع "فيمن".
2 في ظ "أو في مجلس" والأقرب للسياق ما أثبته من ع.
3 من كرر أيماناً إما أن يكون على شيء واحد أو على أشياء، فإن كان على شيء واحد كقوله: والله لا أكلت، والله لا أكلت، والله لا أكلت، فعليه كفارة واحدة، وهو المذهب، وهذا هو المقصود بقوله في مسألتنا "أو على شيء واحد مراراً".
وقد روى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه قال: "إذا أقسمت مراراً فكفارة واحدة".
وعن الإمام أحمد رواية أن عليه لكل يمين كفارة.
المغني 11/210، المبدع 9/279، الإنصاف 11/44، المصنف 8/504.
أما إن كان على أشياء، كقوله: والله لا أكلت، والله لا شربت، والله لا لبست، فعن الإمام أحمد روايتان:
إحداهما: هذه بأن عليه كفارة واحدة حكاها ابن قدامة في المغني عن إسحاق، كما ذكر أن ابن منصور نقلها عن أحمد.
[] والثانية: أن عليه لكل يمين كفارة قال ابن قدامة: وهو قول أكثر أهل العلم. المغني 11/211-212، المبدع [9/279-280،] الإنصاف 11/45.
ومن حلف يميناً واحدة على أجناس كقوله: والله لا أكلت ولا شربت ولا لبست، فكفارة واحدة، نص على ذلك في المسألة الآتية برقم (1767) .
وقال ابن قدامة وابن مفلح لا نعلم فيه خلافاً.
المغني 11/211، المبدع 9/280، الإنصاف 11/46.

(5/2439)


قال إسحاق: كما قال.1
[1737-] قلت: من قال: عليّ عتق رقبة فحنث؟
قال: [ع-79/ب] عليه كفارة يمين.2
قال إسحاق: كما قال (إذا كان ذلك في معصية أو غضب) .3
[1738-] قلت: من قال: كل حلال عليه حرام إذا كانت له امرأة؟
قال: إذا كانت له امرأة فكفارة الظهار،4 وإذا لم تكن له امرأة
__________
[1] انظر عن أقوال إسحاق في المسألة المغني 11/210-212.
[] وأما التفريق بين المجلس والمجالس، فقد روى عبد الرزاق في المصنف 8/505- 506: "عن قتادة أنه قال: "إذا حلف في مجلس واحد فكفارة واحدة، وإذا كان في مجالس شتى فكفارات شتى، ونقله ابن قدامة في المغني عن عمرو بن دينار، وذهب إلى أنه لا يختلف الأمر فيما إذا كان يمينه في مجلس أو مجالس". المغني 11/210.
2 فهو نذر لجاج فسبيله إذا حنث أن يكفّر كفارة يمين، أو يفعل ما حلف عليه كما سبق ذلك في بيان حكم نذر اللجاج في مسألة (1728) .
[] وانظر أيضاً: المغني 11/194، 220، الإنصاف 11/119، المبدع 9/326-327.
3 في ع "إذا كان في غضب ومعصية" بحذف ذلك وتقديم غضب على معصية.
وانظر عن قول إسحاق المغني 11/195.
4 جاء في كتاب الطلاق من هذه المسائل في المسألة رقم (955) "قلت: إذا قال: ما أحل الله عليه حرام وله امرأة؟ قال: عليه كفارة ظهار."
ومن قال لزوجته: أنتِ عليَّ حرام، فالصحيح من المذهب أنه ظهار، اختاره الخرقي وقدمه في الفروع، وعن الإمام أحمد رواية أنه ظاهر في اليمين، وعنه أخرى أنه كناية ظاهرة، وعنه أخرى أنه كناية خفية.
[] انظر: الإنصاف 8/486-487، 9/196، المغني 8/506، الفروع 5/390.

(5/2440)


فكفارة يمين.1
قال إسحاق: كما قال إذا لم ينو طلاق امرأته.
[1739-] (قلت) :2 افتداء اليمين؟
قال: أرجو أن لا يكون به بأس.3
__________
1 لأن من حرم حلالاً لم يحرم وعليه كفارة، وهذا هو المذهب، ويحتمل أن يحرم تحريماً تزيله الكفارة.
[] انظر: المغني 11/249، والإنصاف 11/30، والمحرر 2/198، والمبدع 9/272-273، والإشراف 4/172.
2 في ع "قال قلت" بزيادة قال.
3 يكون افتداء اليمين، والله أعلم، بأن يتصالح مع خصمه فيسلم له المطلوب، وإن كان هو محقاً ابتعاداً عن اليمين.
قال في المحرر 2/198: "ومن دعي إلى الحلف عند حاكم وهو محق، فالأولى أن يفتدي يمينه" ا. هـ.
وقال المرداوي عن افتداء اليمين عند الحاكم، وهو المذهب.
الإنصاف 11/29، المبدع 9/271.
وفي المبدع 9/272: "ذكر في المستوعب والرعاية أنه إن أراد اليمين عند غير الحاكم، فالمشروع أن يقول: والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لا ومقلب القلوب، وما أشبه ذلك" ا. هـ.

(5/2441)


قال إسحاق: كما قال.
[1740-] قلت: كم في كفارة اليمين من الطعام؟
قال: مُدُّ بُرٍّ لكل مسكين.1
قال إسحاق: كما قال، ونصف صاع أفضل.
[1741-] قلت: (يجزي المكاتب) 2 في الرقبة الواجبة؟
قال أحمد: إذا لم يكن أدى شيئاً فنعم، وأما إذا كان أدى الثلثَ، النصفَ، الثلثين، فلا يعجبني.3
__________
1 قال ابن قدامة في المغني 8/601 "قدر الطعام في الكفارات كلها مُدّ من بُرٍّ لكل مسكين، أو نصف صاع من تمر أو شعير" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الشرح الكبير 8/616، الإنصاف 9/233.
وستأتي المسألة أيضاً برقم (1751) .
2 في ظ "تجزي المكاتبة"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
3 في إجزاء المكاتب في العتق ثلاث روايات عن الإمام أحمد:
إحداها: هذه أي لا يجزي إن أدى من كتابته شيئاً، وهو المذهب كما في الإنصاف، وجزم به الخرقي، لأنه إن أدى شيئاً فقد حصل العوض عن بعضه فلم يجز كما لو أعتق بعض رقبة.
الثانية: أنه يجزئ مطلقاً.
الثالثة: أنه لا يجزئ مطلقاً.
[] الإنصاف 9/218-219، المغني 11/271.

(5/2442)


قال إسحاق: كما قال.1
[1742-] قلت: يجزي ولد الزنى في الرقبة الواجبة؟
قال: نعم.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1743-] قلت: الذي يحنث متى يجب عليه الصوم ممن لا يجد الكفارة؟
قال: يترك لنفسه قوت يومه ثم يكفر (بما بقي) ،4 وإذا دخل
__________
1 انظر عن قول إسحاق: المغني 11/271.
2 أي يجزئ وقال المرداوي في الإنصاف: "وهو المذهب ولا أعلم فيه خلافا" ا. هـ.
وحكى ابن قدامة في المغني أن إجزاء ولد الزنى في الرقبة الواجبة هو قول أكثر أهل العلم، لدخوله في مطلق قوله تعالى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} المجادلة آية 3.
المغني 11/272، الإنصاف 9/220.
3 انظر عن قول إسحاق المغني 11/272.
4 في ع "ما بقي" بحذف الباء، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.
وقال الخرقي: "ويكفر بالصوم من لم يفضل عن قوته وقوت عياله يومه وليلته مقدار ما يكفر به" ا. هـ.
وقال المرداوي في الإنصاف: "لا ينتقل إلى الصوم إلا إذا عجز عجزاً، كعجزه عن زكاة الفطر على الصحيح من المذهب" ا. هـ.
والحجة لذلك ظاهر قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} المائدة آية 89.
فإن الله تعالى اشترط للصيام أن لا يجد، ومن وجد ما يكفر به فاضلاً عن قوته وقوت عياله فهو واجد فيلزمه التكفير بالمال.
المغني 11/277، الإنصاف 11/41، المبدع 9/278، الفروع.

(5/2443)


في الصوم ثم وجد سعة يمضي في صيامه.1
قال إسحاق: كما قال2، إلا أنا نختار له إذا وجد سعة قبل فراغه من الصوم أن يعتق أو يطعم أو يكسو.
[1744-] قلت: إذا كسا كم يكسو؟.
__________
1 قال الخرقي: "ومن دخل في الصوم ثم أيسر لم يكن عليه الخروج من الصوم إلى العتق أو إلا أن يشاء" ا. هـ.
ويستدل لذلك بأنه بدل لا يبطل بالقدرة على المبدل، فلم يلزمه الرجوع إلى المبدل بعد الشروع فيه، كما لو شرع المتمتع العاجز عن الهدي في صوم الأيام، فإنه لا يخرج بلا خلاف. المغني 11/281.
2 انظر عن قول إسحاق المغني 11/277، 281.

(5/2444)


قال: ثوباً جامعاً تجوز فيه الصلاة.1
قال إسحاق: كما قال.
[1745-] قلت: فيمن قال: حلفت ولم يحلف؟
قال: إذاً لم يعقد اليمين.2
[قال إسحاق: كما قال] 3 لا شيء عليه.4
__________
1 فإذا كسا امرأة أعطاها درعاً وخماراً، لأنه أقل ما يستر عورتها وتجزئها الصلاة فيه. مختصر الخرقي 218، [] المغني 11/260-261، الإنصاف 11/40، المبدع 9/277، المحرر 2/198.
2 قال ابن قدامة في المغني: "إذا قال: حلفت ولم يكن حلف، فقال أحمد: هي كذبة ليس عليه يمين، وعنه عليه الكفارة" ا. هـ.
فمن قال: حلفت ولم يحلف، فالمذهب أنه لا شيء عليه، إلا أن ينوي بذلك إنشاء يمين فيكون يميناً.
وعن الإمام أحمد رواية: أن عليه كفارة ولو لم ينو بذلك اليمين بل أراد الكذب، وأجاب بذلك الإمام أحمد في مسألته الآتية برقم (1771) وسبقت أيضاً المسألة برقم (1730) .
المغني 11/248، الإنصاف 11/39.
3 في ع "قال إسحاق: نعم كما قال" بزيادة نعم، وأكثر ما درج عليه المؤلف حذفها، كما أثبته من ظ.
4 انظر عن قول إسحاق المغني 11/205.

(5/2445)


[1746-] قلت: إلى كم يكون للرجل [ع-80/أ] الاستثناء؟
قال: ما دام في ذلك الأمر.1
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون سكوت، ثم عود في الأمر.2
[1747-] قلت: يجوز له الاستثناء في نفسه؟
[قال:] 3 [لا] 4 حتى يتكلم.5
__________
1 هذا المذهب وهو أنه يشترط لعدم الحنث في اليمين أن يكون الاستثناء متصلاً، كما نص عليه أيضاً في المسألة الآتية برقم (1765) ، لأن الاستثناء من تمام الكلام فاعتبر اتصاله به كالشرط وجوابه، ولو جاز الاستثناء في كل حال لم يحنث حانث به.
وعن الإمام أحمد رواية: أنه لا يحنث إذا كان الفصل يسيراً.
وعنه أخرى: أنه لا يحنث إذا استثنى في المجلس.
[] المغني 11/226-227، المبدع 9/269، الإنصاف 11/25.
2 انظر عن قول إسحاق المغني 11/227.
3 ساقطة من ع والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
4 ساقطة من ظ وفي إثباتها كما في ع يتضح المعنى أكثر.
5 قال ابن قدامة في المغني: "ويشترط أن يستثني بلسانه، ولا ينفعه الاستثناء بالقلب في قول عامة أهل العلم"، إلى أن قال: "ولا نعلم لهم مخالفاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف فقال إن شاء الله" والقول هو النطق" ا. هـ.
وروي عن الإمام أحمد: إن كان مظلوماً فاستثنى في نفسه، رجوت أن يجوز إذا خاف على نفسه.
المغني 11/228، الإنصاف 11/26، المبدع 9/270

(5/2446)


قال إسحاق: كما قال، لا بد من نطق،1
[1748-] قلت: إذا (أوقع) 2 اليمين بين الرجلين (فاستحياهما) 3 جميعاً أقرع بينهما أيهما (يحلف) ؟ 4
قال: هذا شيء ليس في أيديهما يقرع بينهما.
قال إسحاق: كما قال.5
[1749-] قلت: من حلف فقال: إن شاء الله، لم يحنث؟
قال: ليس له (استثناء) 6 في الطلاق والعتاق.7
__________
1 انظر عن قول إسحاق المغني 11/228.
2 في ع "وقعت" والأقرب ما أثبته من ظ، والمعنى والله أعلم أنه كان سبباً في إيقاع اليمين.
3 في ع "فاستحياها"، والأقرب ما أثبته من ظ.
4 في ع "حلف" ومعنى الحلف والله أعلم: الحنث.
5 معنى المسألة، والله أعلم، أنه إذا حلف عليه اثنان أحدهما حلف عليه أن يفعل كذا والثاني أن لا يفعل كذا، فإنه يقرع بينهما فمن وقعت عليه القرعة بأن يحنث حنث، وبَرَّ هو بيمين الثاني.
6 في ع "الاستثناء".
7 حكى رواية ابن منصور هذه ابن قدامة في المغني 11/231، وهذا هو المذهب كما في الإنصاف، أي أن الاستثناء في الطلاق والعتاق لا ينفعه، لأنه وقع الطلاق والعتاق في محل قابل، فتوقع كما لو لم يستثن، وعلل الإمام أحمد ذلك بأن الطلاق والعتاق ليسا من الأيمان، وهما لا يُكَفِّرَان.
وعن الإمام أحمد رواية أن الطلاق والعتاق لا يقعان مع الاستثناء، وهي توافق قول إسحاق كما سيأتي قريباً.
وعنه: أنه يقع العتق دون الطلاق. وعنه أن إيقاع الطلاق والعتاق لا ينفع فيه الاستثناء، أما الحلف بهما فينفع فيه.
وعنه أيضاً: التوقف عن الجواب كما سيأتي في المسألة (1765) أنه قال: "لم أفتِ فيه".
قال الخرقي: "وإذا استثنى في الطلاق والعتاق، فأكثر الروايات عن أبي عبد الله رحمه الله أنه توقف عن الجواب، وقطع في موضع أنه لا ينفعه الاستثناء" ا. هـ.
[] المغني 8/382-11/231، الإنصاف 9/104، الروض الندي 405، المبدع 7/305، المقنع بحاشيته [3/206-207،] الفتاوى 33/238، و 35/284.

(5/2447)


قال إسحاق: كلما استثنى متصلاً في الطلاق والعتاق فله ثنياه،1 لأن من لم يرَ له الاستثناء في ذلك
__________
1 حكى جواز الاستثناء في الطلاق عن إسحاق بن حزم في المحلى 10/217، وهي رواية عن الإمام أحمد كما ذكرت آنفاً؛ لأنه علقه على مشيئة لم يعلم وجودها، فلم يقع، كما لو علقه على مشيئة زيد.
والراجح والله أعلم هو وقوع الطلاق وعدم الانتفاع بالاستثناء، لما روي عن ابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا: "كنا معشر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزاً في كل شيء إلا في الطلاق والعتاق"، حكى ذلك ابن قدامة في المغني، وصاحب حاشية المقنع عن أبي الخطاب.
وقال ابن قدامة: "وهذا نقل للإجماع، وإن قدر أنه قول بعضهم ولم يعلم له مخالف فهو إجماع" ا. هـ.
ولأنه استثناء يرفع جملة الطلاق فلم يصح كقوله: أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً فلم يصح.
المغني 8/282، المقنع بحاشيته 3/307.

(5/2448)


[يقول:] 1 ليست بيمين، ولكن إنما أجزنا استثناءه لإرادته ونيته [ع-80/ب] المتقدمة أن لا يريد أن يقع هذا الطلاق وهذا العتاق.2
[1750-] قلت: يتصدق عن الميت؟
قال: نعم، يحج عنه ويسقي عنه (ويعتق عنه ويسعى عنه) ويصام عنه النذر إلا الصلاة.3
__________
1 ساقطة من ع والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
2 حكى الكوسج عن الإمامين نحو هذه المسألة في باب الطلاق برقم (951) .
3 قال ابن قدامة في المغني 11/369: "من نذر حجاً أو صياماً أو صدقةً أو عتقاً أو اعتكافاً أو صلاة أو غيره من الطاعات ومات قبل فعله، فَعَلَهُ الولي عنه، وعن أحمد في الصلاة لا يصلي عن الميت لأنها لا بدل بحال" ا. هـ.
وما يتعلق بالحج يأتي مراراً. انظر: المسائل (1372، 1670، 1671) .
وجواز الصيام عنه له ما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" متفق عليه.
أخرجه البخاري في كتاب الصيام، باب من مات وعليه صوم 2/239، ومسلم 1/803، باب قضاء الصيام عن الميت، حديث 1147.
وللوفاء بالنذر إجمالاً ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقض عنها".
أخرجه الترمذي في كتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء في قضاء النذر عن الميت 4/117 وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو داود في باب قضاء النذر عن الميت 3/603.

(5/2449)


قال إسحاق: كل [شيء عنه] 1 جائز حتى الصلاة (والذكر والتسبيح) ، 2ألا ترى أن الحاج عن غيره لا بد له من أن يصلي خلف الأسبوع، فيجزيه أن ينويه عن نفسه.3
__________
1 ساقطة من ع.
2 في ع "والتسبيح والذكر".
3 أي فهل يجزيه أن ينوي عن نفسه، وهو استفهام إنكاري بمعنى أنه لا يجزي أن ينوي عن نفسه، بل لا بد أن ينوي عن الذي حج عنه، فأثبت بذلك الإمام إسحاق أن الصلاة عن الميت جائزة، وهي الرواية التي قدمها ابن قدامة في المغني في روايتي الإمام أحمد في المسألة.

(5/2450)


[1751-] قلت: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ؟ "1
قال: أما أنا فأقول مداً من حنطة لكل مسكين.2
قال إسحاق: كما قال، لأن اللازم (ذلك) .3
[1752-] قلت: يقدم الكفارة قبل الحنث؟
قال: نعم يقدم الكفارة قبل الحنث،4 المظاهر يكفر [عن
__________
1 جزء من الآية الكريمة {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} المائدة آية: 89.

2 سبق بيان مقدار إطعام كل مسكين في المسألة (1740) .
3 في ع "ذاك".
4 أي يجوز له تقديم الكفارة قبل الحنث، جزم بذلك في المغني وقدمه في المبدع، وهذا هو المذهب كما في الإنصاف. ويستدل لذلك بما روى عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفّر عن يمينك وأتْ الذي هو خير".
وسبق تخريجه في المسألة (1735) ، فقدم التكفير قبل الإتيان بالذي هو خير أي قبل الحنث. ولأنه كفر بعد وجود السبب فأجزأ ككفارة الظهار، وكتعجيل الزكاة بعد وجود النصاب.
[] وعن الإمام أحمد رواية: أنه لا يجوز التكفير قبل الحنث بالصوم. المغني 11/223-224، المبدع 9/278-[279،] الإنصاف 11/42-43، شرح السنن 10/17. وقد سبقت الإشارة إلى هذه المسألة في المسألة رقم (1628) .

(5/2451)


يمينه] 1 قبل أن يحنث.2
قال إسحاق: كما [قال] ،3 وكذلك [كل] 4 كفارة يمين واجبة، فله أن يقدمها قبل الحنث لا يكون حكمه أعظم من الزكاة.5
[1753-] قلت: [ع-81/أ] (صيام) 6 ثلاثة أيام متتابعة؟
[قال: نعم، متتابعة] 7 في كفارة اليمين في قراءة
__________
1 ساقطة من ع ويستقيم الكلام بما في النسختين.
2 قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} سورة المجادلة آية 3.
3 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن الكلام لا يتم بدونها.
4 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
5 أي يجوز تقديم الزكاة قبل الحول، فيجوز تقديم الكفارة الواجبة في اليمين قبل الحنث، لأن اليمين لا يكون أعظم من الزكاة التي جاز إخراجها قبل الحول.
انظر عن قول إسحاق المغني 11/323، شرح السنة 1/17، معالم السنن للخطابي 3/585.
6 في ع "يصام".
7 ساقطة من ع، والصواب إثباتها لموافقته لما درج عليه المؤلف، ولأن السياق يقتضيه

(5/2452)


أُبَيّ1 وابن مسعود رضي الله عنهما.2
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 هو أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك الأنصاري الخزرجي، سيد القراء، ويكنى أبا المنذر وأبا الطفيل، شهد المشاهد كلها. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك"، وكان عمر يسميه سيد المسلمين. اختلف في وفاته.
[] قال الحافظ في الإصابة: وصحح أبو نعيم أنه مات سنة ثلاثين. الإصابة 1/31-32، التقريب 25.
2 الآية بقراءة الجمهور: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} سورة المائدة آية 89.
وقراءة الصحابيين الجليلين أُبي وابن مسعود "فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات" الآية. نسب إليهما ذلك الشوكاني في فتح القدير 2/72، واشتراط التتابع في الصيام هو المذهب لقراءة أبي وعبد الله بن مسعود المشار إليها، ولأنه صيام في كفارة فوجب فيه التتابع ككفارة القتل والظهار، والمطلق يحمل على المقيد.
[] وعن الإمام أحمد رواية أنه يجوز له تفريقها، المغني 11/273، المبدع 9/278، الإنصاف 11/41-42، المحرر 2/198، مسائل ابن هانئ 2/75.
3 انظر عن قول إسحاق المغني 11/273.

(5/2453)


[1754-] قلت: قيل له يعني سفيان يطعم أهل الكتاب من كفارة اليمين؟
قال: المسلم أحب إلي.1
قال الإمام أحمد: (لا يجزيه) 2 أن يطعم أهل الذمة كل شيء من الواجب، لا يطعم أهل الذمة كفارة اليمين، والظهار وكل شيء من الكفارات.3
قال إسحاق: كما قال [أحمد] 4 وأجاد.
[1755-] قلت: قال: قيل له-يعني سفيان-: ما ترى في رجل قال (إذا) 5 ملكت عشرة (دراهم فهي) 6 على المساكين فملكها فأصاب فيها؟
قال: أحب إلي أن يتنزه عنها.
__________
1 قال ابن قدامة في المغني 11/252: "وقال الثوري: يعطيهم إن لم يجد غيرهم".
2 في ع "لا يجوز له".
3 لأنهم كفار فلم يجز إعطاؤهم كما في أهل الحرب، قاله في المغني، ولم يذكر خلافاً في المذهب. المغني 11/252.
4 ساقطة من ع والأَوْلى إثباتها كما في ظ لأن في ذلك نصاً بأن قول إسحاق كقول أحمد لئلا يلتبس بقول سفيان، وانظر عن قول إسحاق المغني 11/252.
5 في ع "إن".
6 في ع "درهم فهو" والأنسب للسياق ما أثبته من ظ

(5/2454)


قيل [له] 1: يتصدق بها كلها؟
قال: نعم.
قال أحمد: إذا كان يريد اليمين أجزأه كفارة اليمين، وإذا أراد النذر يجزيه الثلث.
قال إسحاق: كما قال، إلا في النذر عليه أن يمضيه إذا كان في طاعة إلا قوته حتى يصيب، ثم يتصدق بقدر ما كان حبسه.2
[1756-] قلت: سئل سفيان عن رجل قال: لله تعالى عليه أن يصوم شعبان فمضى شعبان ولم يصم من غير عذر، قال (يصوم ويطعم) 3 [ظ-52/أ] .
__________
1 ساقطة من ع.
2 حكى رواية ابن منصور هذه أبو إسحاق بن مفلح في المبدع 9/331 فقال: "ونقل ابن منصور: أنه قال: إن ملكت عشرة دراهم فهي صدقة، وإن كان على جهة اليمين أجزأه كفارة يمين، وإن أراد النذر أجزأه الثلث" ا. هـ.
ومن قال: إذا ملكت عشرة دراهم فهي على المساكين، إذا أراد بذلك نذراً يكون لمن نذر أن يتصدق بكل ماله، والمشهور عن أحمد أنه يجزيه الثلث، وعن إسحاق أنه يلزمه فيما نذر فيه، وسبق تقرير ذلك في مسألة رقم (1728) .
3 في ظ "يصوم ثلاثة" والذي يستقيم به المعنى ويوافق الحكم في المسألة ما أثبته من ع، ومعنى يطعم: أي عن كفارة اليمين.

(5/2455)


(قال أحمد: ما أحسنه) 1 يصوم ويكفر عن يمينه.2
قال إسحاق: كما قال أحمد؛ الصوم مكان الصوم، والكفارة مكان التأخير.
قال أحمد: الصوم يطعم عنه في رمضان، والنذر يقضى عنه.3
[قال إسحاق: كما قال أجاد] .4
[1757-] قلت: (قال) 5 سفيان: في صيام شهرين متتابعين يستقبل الرجل من المرض وغيره. والمرأة تقضي من الحيض وتستقبل من المرض.
[قال أحمد: يبني رمضان متتابعاً، أليس يفطر ثم يقضي ما
__________
1 في ظ "قال أحمد: ما أحسنه قال أحمد" بزيادة قال أحمد الثانية والمعنى مستقيم بحذفها كما أثبته من ع.
2 قال عن ذلك المرداوي رحمه الله: "بلا نزاع"، الإنصاف 11/140، وانظر: المبدع 9/337.
3 لعله يقصد بذلك من مات ولم يأت به، وقد سبق في المسألة (1750) أن المذهب أنه يجوز قضاء صيام النذر عنه، أو لعله يقصد من نذر الصوم فعجز عنه لكبر أو مرض. الشرح 356.
4 في ع "قال إسحاق أجاد كما قال".
5 في ظ "سئل" والموافق للسياق ما أثبته من ع.

(5/2456)


أفطر] ؟ 1
قال إسحاق: كما قال أحمد يبني على ما مضى أبدا من مرض أو غيره.
[1758-] قلت: (رجل أو امرأة) 2 نذرت بشيء أن يهدى إلى البيت؟
قال: لا يعطى لبني شيبة، يقسم على مساكين مكة.3
__________
1 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لقول الإمام إسحاق الآتي "كما قال أحمد".
وأما توجبه جوابه: فإنه سئل عمن كان عليه صيام شهرين متتابعين فأفطر لعذر، هل يبني أم يستأنف؟ فأجاب بأن صوم رمضان متتابع، ومع ذلك إذا أفطر يبني على ما مضى ويقضي الفائت فقط، وذلك يكون جواباً أيضاً للسؤال؛ فإنه كما يبني في صيام رمضان المتتابع يبني في غيره من الصيام المتتابع. وهذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد.
والثانية: أن يخير بين أن يستأنف ولا شيء عليه، وبين أن يبني على صيامه ويكفر، وهو المذهب كما في الإنصاف، وجزم به الخرقي، وجزم به أيضاً في المبدع والمحرر والمغني، وقدمه في الشرح الكبير والفروع.
الإنصاف 11/144، المغني 11/364، المحرر 1/200، الشرح الكبير 11/353، مسائل ابن هانئ 2/76، الفروع.
2 في ع "رجل وامرأة"، والمناسب للسياق ما أثبته من ظ.
3 فيتصرف فيه كما يتصرف في هدي الحج ودمائه، وقد سبق أن ذلك لمساكين الحرم في المسألة (1539) .

(5/2457)


قال إسحاق: كما قال.1
[1759-] قلت: رجل حلف بنذور كثيرة مسماة: إلى بيت الله عز وجل2 (أو لا يكلم) 3 أباه أو أخاه بكذا وكذا، نذر الشيء لا يقوى عليه أبدا؟
قال: كفارة يمين إذا كان على معنى اليمين، فإذا كان على وجه التقرب إلى الله عز وجل فالوفاء به (إلا أن يكون) 4 معذباً في ذلك، فيكون على حديث أخت عقبة.5
__________
1 سبقت المسألة كاملة برقم (1539) في الشيء يهدى إلى البيت.
2 في ظ (إلى بيت الله الحرام) .
3 في ع "أن لا يكلم"، والأقرب للسياق ما أثبته من ظ.
4 في ع "أن لا يكون"، والمعنى يستقيم بما أثبته من ظ.
5 سبق في مسألة رقم (1728) أن النذر إذا كان على معنى اليمين فكفارة يمين، وإذا كان على وجه التقرب إلى الله فيلزم الوفاء به، إلا إذا كان معذباً به فيكون الحكم فيه ما دل عليه حديث أخت عقبة بأنه يكفر كفارة يمين، وبين الإمام أحمد هنا أن من نذر نذوراً كثيرة أو الشيء الذي لا يقوى عليه، فإن كان على معنى اليمين فكفارة يمين، وإن لم يكن كذلك فهو معذباً فيه، فيكون الحكم فيه ما دل عليه حديث أخت عقبة. والله أعلم. انظر: المبدع 9/328، وراجع أيضا المسألة المذكورة.

(5/2458)


قال إسحاق: كلما كان نذوراً على هذه الجهة فكفارة يمين مغلظة وهو مخير1، وإذا كان (في طاعة الله) 2 فعليه الوفاء بما نذر.3
[1760-] قلت: رجل جعل على نفسه المشي ولم يذكر حجاً ولا عمرة؟
قال: لا يكون المشي إلا في (حج أو عمرة) 4 وإذا أراد اليمين فكفارة يمين،5 وإذا [ع-81/ب] أراد التقرب إلى الله عز
__________
1 أي بين الوفاء به وبين التكفير كفارة يمين، ويأتي عنه نحو عبارته هذه في مسألة (1781) .
2 في ع "في طاعة" بدون ذكر لفظ الجلالة.
3 ولا يكون في طاعة الله ما فيه تعذيب للعبد، كما يأتي عنه في المسألة (1762) قوله: "في رجل نذر ثلاثين حجة قال: لا يكون هذا النذر أبداً في طاعة الله عليه كفارة مغلظة"، وراجع أيضا المسألة (1728) .
4 في ع "حج وعمرة"، والصواب ما أثبته من ظ لأنه يكفي في ذلك الإتيان بأحدهما، ويؤيده قول ابن قدامة في المقنع: "وإن نذر المشي إلى بيت الله أو موضع من الحرم لم يجزئه إلا أن يمشي في حج أو عمرة" المبدع [9/341-342،
] وانظر أيضاً: المغني لابن قدامة 11/345، الإنصاف للمرداوي 9/147، والشرح الكبير 11/359.
5 كما سبق في المسألة السابقة.

(5/2459)


وجل فليوف بنذره.1
قال إسحاق: كما قال؛ إذا أراد بذكره حجاً أو عمرةً، فإن نوى [بذا] 2 (مسجداً) 3 من مساجد الله عز وجل كان كما أراد.4
[1761-] (قلت) :5 ما المن؟ 6
__________
1 لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" أخرجه البخاري كما سبق في المسألة (1374) ، ولا يكون ذلك إلا في حج أو عمرة، كما قاله الإمام أحمد في صدر المسألة.
وسبقت مسألة: من نذر أن يحج ماشياً برقم (1396) .
2 ساقطة من ع.
3 في ع "مسجد"، والموافق لقواعد العربية ما أثبته من ظ.
4 كمسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى، لأن من نذر المشي إليهما لزمه ذلك. المغني 11/350، المبدع 9/343، الإنصاف 11/149.
وفي المغني 3/349، والشرح الكبير 3/363. "ومن نذر سوى الثلاثة لا يلزمه إتيانه، لا نعلم فيه خلافاً"، وانظر أيضاً: الإنصاف 11/149.
5 في ع "قلت لأحمد" بزيادة أحمد.
6 معنى السؤال كما فهم من الجواب ومن استخدم اللفظة عند الفقهاء في باب الأيمان، أي ما المنّ المعتبر فيما إذا حلف الرجل أن يقطعه، هل يحنث باستعمال عين ما حلف أن لا يستعمله ابتعاداً عن المن فقط، أو يحنث باستعمال ثمنه أو المبدل به، ونحو ذلك.

(5/2460)


قال: إذا كان رجلاً يمون رجلاً1 أو امرأة تمون زوجها فتمتن على زوجها: إني أنفق عليك أو أكسوك، فيحلف (الرجل أو الممنون) 2 عليه أن لا يأكل من طعامه ولا يلبس من ثيابه، فمتى ما صار إلى شيء مما أراد، وقع من (ذاك) 3 عليه [حنث] 4 في وجه من الوجوه إن حلف أن لا يلبس ثوباً، فباع الثوب فاشترى بثمنه ثوباً آخر أو نحو هذا.5
قال إسحاق: كما قال.
[1762-] [قلت:6 رجل نذر ثلاثين حجة؟
__________
1 أي ينفق عليه من قوله: يمون تموناً، قال الفيروز أبادي: "التمون كثرة النفقة على العيال، ومانه قام بكفايته فهو ممون" ا. هـ. القاموس 4/275.
2 في ع "الزوج أو الممنون".
3 في ع "ذلك".
4 ساقطة من ع.
5 خلاصة القول في ذلك أن الأيمان يرجع فيها إلى النية، فمثلاً لو امتن شخص على آخر، فحلف الممنون عليه أن لا يلبس له ثوباً ليقطع منته به، فباع الثوب فاشترى بثمنه ثوباً آخر، فإنه يحنث، لأنه انتفع به وهذا الانتفاع [] [] تلحقه المنَّة. المغني 11/298-299، المبدع 9/283.

6 هذه المسألة بتمامها ساقطة من ظ.

(5/2461)


قال: يحج ما استطاع، فإذا لم يستطع كفّر عن يمينه.1
قال إسحاق: لا يكون هذا النذر أبداً في طاعة عليه كفارة مغلظة] .2
[1763-] قلت: قول من يقول: النذر نذران، فنذر لله عز وجل ونذر للشيطان، [فما كان لله] 3 عز وجل (ففيه) 4 الوفاء، وما كان للشيطان [فلا وفاء فيه ولا كفارة.5
__________
1 ويأتي عنه في المسألة (1781) أنه قال: "أجبن إذا تكلم في ثلاثين حجة، ثم قال: وليس في ثلاثين حجة حديث، ثم قال: فيه كفارة يمين".
2 لا يكون في طاعة، لأن الإنسان يكون معذباً فيه، وانظر عن قول إسحاق في المسألة نفسها، المسألة الآتية برقم (1781) ، وانظر أيضاً: التعليق على قوله في المسألة (1728) .
3 في ظ "قال: فما كان لله" بزيادة "قال"، والمعنى مستقيم بحذفها كما في ع.
4 في ع "فعليه" والأقرب ما أثبته من ظ.
5 ورد بنحو ذلك حديث فيه التكفير في نذر المعصية وهو عن عمران ابن حصين قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "النذر نذران، فما كان من نذر في طاعة الله فذلك لله وفيه الوفاء، وما كان من نذر في معصية الله فذلك للشيطان ولا وفاء فيه، ويكفره ما يكفر اليمين".
أخرجه النسائي في باب كفارة النذر 7/28.
وممن قال بأن نذر المعصية لا كفارة فيه مالك والشافعي ورواية عن الإمام أحمد.
الكافي لابن عبد البر 1/391، المجموع 8/452، المغني 11/334، سنن الترمذي 4/104.

(5/2462)


قال: النذر للشيطان] :1 هي المعصية، وعليه الكفارة2 (وفيه حديث الهياج) .3
وحديث عائشة4 رضي الله عنها؛ حديث الزهري: وما كان
__________
1 ما بين المعقوفتين ساقط من ع، والأقرب لاستقامة المعنى الإثبات كما في ظ.
2 أي النذر للشيطان هو نذر المعصية، ووجوب الكفارة فيه كما نص عليه هنا هو المذهب، كما في الإنصاف للأحاديث التي ذكرها الإمام أحمد الآتي بيانها، ولحديث عمران بن حصين السابق.
3 في ع "وفيه على حديث الهياج" والموافق للسياق ما أثبته من ظ، والهياج هو: هياج بن عمران بن الفصيل-بفتح الفاء وكسر الصاد-البرجمي البصري. روى عن عمران بن حصين، وسمرة بن جندب، وروى عنه الحسن البصري، قال عنه الحافظ في التقريب "مقبول".
تهذيب التهذيب 11/89، التقريب 367.
وحديثه: ما أخرج أحمد في مسنده 4/428 عن هياج بن عمران البرجمي أن غلاماً لأبيه أبق، فجعل لله تبارك وتعالى عليه إن قدر عليه أن يقطع يده، قال: فقدر عليه، قال: فبعثني إلى عمران بن حصين، قال: فقال: "أقرئ أباك السلام وأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة. فليكفر عن يمينه، ويتجاوز عن غلامه ".
4 قوله "حديث عائشة حديث الزهري، حديث الزهري بدل من حديث عائشة لأن حديث الزهري هو حديث عائشة، فإن الزهري رواه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين".
أخرجه أبو داود في باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية 3/594، والترمذي في باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نذر في معصية 4/103، وذكر أن الحديث لا يصح بهذا السند، وصححه بسند آخر.

(5/2463)


لله عز وجل ففيه الوفاء، إلا أن يكون معذباً في نحو حديث أخت عقبة، كفّر عن يمينه وركب [وإن كان] 1 معناه: اليمين فليكفّر [عن] 2 يمينه.3
قال إسحاق: كما قال، المعذب وغير المعذب كفارة يمين مغلظة.4
[1764-] قلت: لغو اليمين؟
قال: أن يحلف على الشيء (ويرى) 5 أنه كما حلف
__________
1 ساقطة من ع والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
2 ساقطة من ع، والأقرب إثباتها كما في ظ.
3 ملخص كلامه: أنه إن كان النذر في طاعة وقصد به القربة ففيه الوفاء، إلا أن يكون معذباً فيه فلا ينفذه ويكفّر عنه، وإن قصد بذلك اليمين فعليه كفارة يمين، وقد تردد ذلك كثيراً في هذا الباب.
4 معنى كلامه هذا أن ذلك لا يكون نذراً في طاعة أبداً، وهو عين ما قاله فيمن نذر أن يحج ثلاثين حجة. في المسألة (1762) .
5 في ع "يرى" بحذف الواو.

(5/2464)


عليه.1
قال إسحاق: كما قال.
[1765-] قلت: الاستثناء في الأيمان كلها وإلى متى [يكون] 2 له الاستثناء؟
قال: له الاستثناء (في الكلام ما لم يخرج) 3 إلى غير ذلك الكلام،4 وله الاستثناء في كل شيء إلا الطلاق (والعتاق) ،5
__________
1 ويبين بخلافه، وهذه إحدى صور لغو اليمين.
ومن صور لغو اليمين أيضاً: أنها التي تمر على لسان الإنسان في حديثه من غير قصد، كقول الرجل: لا والله، وبلى والله.
المغني 11/179، الإنصاف 11/18، 20، 21، المبدع 9/266.
وقد أخرج أبو داود في سننه 3/571، عن عطاء في اللغو في اليمين، قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلام الرجل في بيته، كلا والله، وبلى والله".
2 ساقطة من ع.
والمعنى مستقيم بما في العبارتين.
3 في ظ "ما كان في الكلام لم يخرج"، والأقرب للسياق ما أثبته من ع.
4 كما سبق في المسألة (1746) أن المذهب أنه يشترط لعدم الحنث في اليمين أن يكون الاستثناء متصلا بالكلام.
5 في ع "والعتق".

(5/2465)


(فإذا قال) :1 أنت طالق إن شاء الله تعالى لم أُفتِ فيه بشيء.2
قال إسحاق: الاستثناء في كل شيء جائز.3
[1766-] قلت: الرجل يقول: كفر بالله أو شرك بالله تعالى ثم4 يحنث؟ 5
قال: كلّ ما أراد به اليمين (فكفارته كفارة يمين) 6 على
__________
1 في ع "قال إذا قال"، والأقرب للسياق ما أثبته من ظ.
2 سبق عنه في المسألة (1749) أنه قال ليس له الاستثناء في الطلاق والعتاق.
3 كما سبق عنه ذلك في المسألة (1749) ، وانظر عن قوله أيضاً: المحلى 10/217.
4 في ظ (بم) .
5 وصورة ذلك أن يقول: إن لم يفعل كذا فهو يهودي، كما سبق في حديث أبي رافع الذي أشار إليه الإمام أحمد في المسألة (1728) .
6 في ع "فكفارة يمين".
وهذه رواية عن الإمام أحمد، وهي المذهب، كما في الإنصاف.
والثانية: لا كفارة عليه، قال عنها ابن قدامة: هي أصح إن شاء الله تعالى، فإن الوجوب من الشارع، ولم يرد في هذه اليمين نصّ ولا هي في قياس المنصوص، فإن الكفارة إنما وجبت في الحلف باسم الله تعالى تعظيماً لاسمه، وإظهاراً لشرفه وعظمته، ولا تتحقق التسوية.
[] المغني 11/198-199، الإنصاف 11/31-32.

(5/2466)


حديث أبي رافع.1
قال إسحاق: [كما قال] 2 وعلى الإمام أن يؤدبه3 كما فعل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
[1767-] (قلت: رجل قال) :4 والله لا آكل هذا الطعام، ولا ألبس هذا الثوب، ولا أدخل هذا البيت؟
قال: [في] 5 كل هذا كفارة واحدة، لأنه في شيء واحدٍ نسقاً واحداً.6
__________
1 السابق في المسألة (1728) .
2 ساقطة من ظ والموافق لما درج عليه المؤلف إثباتها كما في ع، وانظر عن قول إسحاق بأن عليه كفارة يمين.
المغني 11/199، شرح السنة 10/9.
3 لأنه لا يجوز أن يقول ذلك، فقد ورد النهي عن ذلك، فعن ثابت بن الضحاك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال" أخرجه البخاري في باب من حلف بملة سوى الإسلام 7/223، والنسائي في باب النذر فيما لا يملك 7/19.
4 في ع "قلت رجل حلف فقال".
5 ساقطة من ع، والأقرب للسياق إثباتها كما في ظ.
6 النسق: بالتسكين، مصدر نسقت الكلام إذا عطفت بعضه على بعض. لسان العرب10/353.

(5/2467)


قال إسحاق: كما قال، إلا أن يريد أن يؤكد على نفسه في كل واحد يميناً.1
[1768-] قلت: رجل حلف [أن] 2 لا يأكل اللحم فأكل الشحم؟
قال: لا بأس به إلا أن يكون أراد اجتناب الدسم.3
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يريد به كل شيء من اللحم، فإن الشحم من اللحم كما قال إبراهيم.
[1769-] قلت: حلف أن لا يشرب اللبن [ع-82/أ] (فأكل الزبد) ؟ 4
__________
1 سبق تقرير هذه المسألة في مسألة رقم (1736) .
2 ساقط من ع، ويستقيم الكلام بما في النسختين.
3 قال الخرقي: "ولو حلف لا يأكل لحماً فأكل الشحم أو المخ أو الدماغ لم يحنث، إلا أن يكون أراد اجتناب الدسم، فيحنث بأكل الشحم" ا. هـ.
وعدم الحنث بأكل الشحم لمن قال لا يأكل اللحم هو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب كما في الإنصاف، لأنه لا يسمى لحماً وينفرد عنه باسمه وصفته.
وقال القاضي: يحنث بأكل الشحم الذي على الظهر والجنب. المغني 11/318، الإنصاف 11/68، المبدع 9/295.
4 في ع "قال فأكل الزبد" بزيادة قال، والذي يقتضيه السياق ويستقيم به المعنى حذفها كما في ظ.

(5/2468)


قال: لا بأس به.1
قال إسحاق: كما قال.
[1770-] (قلت: رجل حلف لا يشرب) 2 من لبن هذه البقرة، فبيعت واشترى بثمنها شاة؟
قال: يشرب من لبنها،3 كل هذا إذا لم يرد دفع (المن) 4 أو حيله.5
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 هذا هو المذهب كما في الإنصاف.
وعن الإمام أحمد رواية أنه يحنث، وقال القاضي: يحتمل أن يقال في الزبد إن ظهر فيه لبن حنث بأكله. المغني [11/314،] الإنصاف 11/72-95، المبدع 9/297.
2 في ع (قلت أن لا يشرب) ، والمناسب ما أثبته من ظ لأن فيه زيادة إيضاح.
3 لأن يمينه كانت على لبن البقرة، فلم تتناول ثمنها الذي اشترى به شاة.
4 في ع "اليمين"، والأقرب للسياق ما أثبته من ظ، فإذا قصد بيمينه هذه دفع المن فإنه يحنث، لإمكان المن عليه حينئذ لما سبق ذلك في المسألة (1761) ، ويصح المعنى أيضاً بما كان في نسخة ع، وهو إرادة دفع اليمين، ويكون معناه الحيلة المذكورة بعد ذلك، والحيلة تفسير لدفع اليمين.
5 أي إذا جمع لبن البقرة وباعها واشترى بثمنها شاة، فعل كل ذلك حيلة للتخلص من الحنث في يمينه، فإنه يحنث. ويشبه ذلك فعل اليهود الذين حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها.

(5/2469)


[1771-] قلت: رجل [قال] 1 حلفت أو أقسمت؟
قال: إن أراد الكذب فقد وجبت عليه الكفارة فيها.2
قال إسحاق: كلما لم يرد اليمين فلا [كفارة] 3 عليه، كان كما أراد.4
[1772-] قلت: إذا قال الرجل قد حلفت ولم يحلف، وطلقت ولم يطلق؟
قال: أخشى أن يكون قد وجب عليه الطلاق.5
قال إسحاق: لا يجب عليه شيء إذا أراد الكذب6 [ظ-52/ب] .
__________
1 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
2 هذه رواية عن الإمام أحمد، والمذهب أنه لا شيء عليه كما سبق بيان ذلك في المسألة (1730) ، (1745) .
3 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن السياق والمعنى لا يستقيم بدونها.
4 سبق قوله أيضاً في المسألتين المذكورتين.
5 وحكمه حكم من أقر بالطلاق وهو كاذب، كمن يقال له: أطلقت امرأتك؟ فيقول: نعم، وأجاب الإمام أحمد في ذلك بنحو ما أجاب به هنا، كما في المسألة التالية.
6 ورد في ع إثر هذه المسألةِ المسألةُ الآتية برقم (1778) .

(5/2470)


[1773-] (قلت) :1 وإذا سئل الرجل أطلقت امرأتك؟ فيقول: نعم؟
[قال:] 2 أخاف أن يلزمه.3
قال إسحاق: كلما أراد به كذبا لم يلزمه.
[1774-] قلت: سئل عن رجل قال: كلُّ جارية أطؤها فهي حرة متى تعتق؟
قال: إذا توارت الحشفة فقد عتقت.
قال أحمد: جيد إذا وجب الغسل.4
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في ع "قلت قال" بزيادة "قال".
2 ساقطة من ع، وفي كلتا النسختين يستقيم المعنى، فإن زيادة "قال" الأولى يناسب حذفها هنا، وحذفها هناك إثباتها هنا.
3 إذا قيل للرجل: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، فالصحيح من المذهب كما في الإنصاف أنه يقع الطلاق، وجزم به في المغني والشرح، لأن نعم صريح في الجواب، والجواب الصريح للفظ الصريح صريح، فلو قيل له: ألفلان عليك ألف؟ فقال: نعم، وجب عليه. المغني 8/285، الشرح 8/278، الإنصاف 8/467، مصنف ابن أبي شيبة 5/99.
4 وسبق في المسألة (1630) أن الحج يفسد عند الإمام أحمد إذا مَسَّ الختانُ الختانَ.

(5/2471)


[1775-] سئل الإمام أحمد عن امرأة حلفت فقالت: إن لبست قميصي هذا فهي تهديه؟
قال: تلبس قميصها وتكفر يمينها؛ عشرة مساكين لكل مسكين مُدّاً، (وإن) 1 كانت موسرة وأرادت اليمين فعليها كفارة اليمين.
قال إسحاق: كما قال.2
[1776-] قلت: رجل نذر أن ينحر نفسه؟
قال: يفدي نفسه، إذا حنث يذبح كبشاً.3
قال إسحاق: كما قال.
[1777-] قلت: من قال: أنا أهدي جاريتي هذه أو داري هذه؟
__________
1 في ع "فإن".
2 فرق الإمامان أحمد وإسحاق رحمهما الله تعالى بين الموسرة وغيرها إذا حلفت بإهداء قميصها فلم يتركا الخيار للمعسرة وألزماها بكفارة يمين، وأن لا تضيع مالها رحمة بها وشفقة عليها، لأنها لو تصدقت بذلك قد يكون في ذلك ضرر لها وأن لا تجد ما تستر به وهذا لا يجوز، بينما تركا الخيار للموسرة بأن لها أن تهديه لضمان استطاعتها على شراء بدله. والله أعلم.
3 هذه رواية عن الإمام أحمد، والمذهب أن عليه كفارة يمين كما سبق تقرير ذلك في المسألة: (1570) .

(5/2472)


قال: كفارة يمين إذا أراد اليمين.1
قال إسحاق: كما قال.
[1778-] قلت:2 من قال عليه عتق مائة رقبة؟
قال: إذا أراد اليمين فكفارة يمين.3
قال إسحاق: كما قال، إلا أنها مغلَّظة.
[1779-] قلت: الرجل يحلف كاذباً على أمر يتعمد (ذاك) ؟ 4
(قال: هذا أتى عظيماً) .5
__________
1 لأن مرجع الأيمان إلى النية، وإن لم يرد اليمين فكذلك كفارة يمين إن كان نذر لجاج وغضب، لأن فيه كفارة يمين كما سبق في مسألة رقم (1728) .
2 وردت هذه المسألة في ع إثر مسألة رقم (1772) .
3 هذه المسألة كسابقتها، لما ذكر فيها، ولأن في ذلك نذراً بما لا يستطيع، فإن عتق مائة رقبة ليس بالسهل، فهو كمن نذر الشيء الذي لا يقوى عليه، كما سبق في مسألة رقم (1759) .
4 في ع "ذلك".
5 في ع "قال هذا إثماً عظيماً" وهو مخالف لقواعد العربية فلعله أراد "أتى إثماً عظيماً" بزيادة أتى، وإتيانه للعظيم بسبب كذبه بهذه اليمين وذلك محرم مذموم، قال تعالى: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} المجادلة آية 14.
وقال صلى الله عليه وسلم "إياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور".
أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة 4/347، حديث 1971، وقال: حديث حسن صحيح.
واليمين المذكورة هي التي تسمى باليمين الغموس، وسميت بالغموس لأنها تغمس صاحبها في النار، وهي من أكبر الكبائر. قال صلى الله عليه وسلم: "الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس". أخرجه: البخاري 8/228.

(5/2473)


[قلت الكفارة] ؟ 1
قال: هذا يتبوأ مقعده.2
قال [إسحاق] 3: ليس في ذلك كفارة ولكن فيه (الإثم العظيم) 4، فليتب إلى الله.
[1780-] قلت: تكره أن يحلف الرجل بعتق أو طلاق أو مشي؟
__________
1 ساقطة من ع، والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ.
2 أي ليس عليه كفارة. قال الخرقي: "ومن حلف على شيء وهو يعلم أنه كاذب، فلا كفارة عليه لأن الذي أتى به أعظم من أن تكون فيه الكفارة" ا. هـ.
وهذا هو المذهب، أي أنها يمين غير منعقدة فلا توجب الكفارة كاللغو.
وعن الإمام أحمد أن فيها الكفارة.
[] المغني 11/177-178، الإنصاف 11/16، المبدع 9/265.
3 ساقطة من ع، والموافق للسياق ولما درج عليه المؤلف إثباتها.
4 في ع "إثماً عظيماً".

(5/2474)


قال: سبحان الله تعالى من لا يكره ذلك،1 لا يحلف [إلا] 2 بالله.3
قال إسحاق: كما قال.
[1781-] قلت: إذا قال الرجل كل مالٍ لي في سبيل الله عز وجل (أو لله) 4 عليّ حجة أو ثلاثون حجة إن كان كذا وكذا؟
قال: إذا كان يريد اليمين فكفارة يمين،5 وأجبن إذا تكلم في ثلاثين
__________
1 قال المرداوي في الإنصاف: 11/15: "نص الإمام أحمد رحمه الله على كراهة الحلف بالعتق والطلاق، وفي تحريمه وجهان وأطلقهما في الفروع:
أحدهما: يحرم اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله. وقال: ويعزر وفاقاً لمالك.
والثاني: لا يحرم واختاره الشيخ تقي الدين أيضاً في موضع آخر، بل ولا يكره. قال وهو قول غير واحد من أصحابنا. ا. هـ.
2 إلا ساقطة من ع، والصواب إثباتها، لأنه الموافق للحكم الشرعي كما في التعليق التالي.
3 لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت".
أخرجه البخاري في، باب لا تحلفوا بآبائكم 7/221.
4 في ع "ولله" بحذف الألف.
5 لأن مرجع الأيمان إلى النية كما سبق في التعليق على المسألة (1760) وسبق أيضا في المسألة (1728) أن النذر إذا كان على معنى اليمين فكفارته كفارة يمين.

(5/2475)


حجة،1 وإذا كان معناه النذر فالوفاء به.2
قلت: حجة وثلاثون حجة؟ 3
قال: ليس في ثلاثين حجة حديث.
قلت: فثلاثون أشد من واحدة؟
قال: فيه كفارة4 يمين.5
قال إسحاق: في كل هذا كفارة [يمين] 6 مغلظة، ثلاثين حجة كانت أو أكثر7، [فما] 8 عظم من الحج وكثر فهو أجدر به أن يكفر.
__________
1 سبق عنه رحمه الله تعالى في المسألة (1762) "أن من نذر ثلاثين حجة يحج ما استطاع، فإذا لم يستطع كفر عن يمينه".
2 هذا إذا كان نذر حجة، لأنه قربة إلى الله، فيجب الوفاء به كما سبق في المسألة (1728) ، أما إذا نذر أن يجعل ماله في سبيل الله فهذه رواية عن الإمام، والمذهب أنه يجزئه التصدق بثلثه، كما سبق في المسألة المذكورة.
3 أي قلت يلزم الوفاء به، أو أنذر حجة أو أنذر ثلاثين حجة؟
4 في ظ (كفارة يمين يكفر) .
5 لأن هذا فيه تعذيب لنفسه. راجع المسألة (1759) .
6 ساقطة من ع.
7 كما سبقت أقواله في مثل ذلك في المسائل: (1728) ، (1759) ، (1762) .
8 في ظ "بما"، والأقرب للسياق ما أثبته من ع.

(5/2476)


[1782-] قال إسحاق: وأما ما سألت عن الحالف (متى زوج) 1 ابنته من فلان فامرأته طالق، فغاب الأب فزوجها الأخ فلما رجع [الأب] 2 لم يرض ما زوج ابنه أيلزم الأب اليمين؟
[قال] 3: فإن ذلك لا يلزمه إذا كانت الإرادة عند عقد اليمين (أن لا) 4 يزوجها منه، ولا يحتل بعد ذلك بهذه الغيبة لكي يزوجها، فإنه لا يقع عليه طلاق (امرأته) .5
وتزويج الأخ عندنا جائز إذا كان [الأب] 6 غائباً في مصر أخرى، ألا ترى أن عائشة رضي الله عنها زوجت بني أختها بنات أخيها، وإنما معنى ذلك: أنها رأت ذلك جائزاً، والذي
ولي العقدة بنو الأخ، وأبوهم غائب بالطائف،7 (احتج بذلك [ع-82/ب] ابن المبارك) .8
__________
1 في ع "متى ما زوج" بزيادة "ما".
2 ساقطة من ع، وفي إثباتها كما في ظ إيضاح.
3 ساقطة من ظ، والأنسب إثباتها كما في ع لطول المقام.
4 في ظ "أولاً"، والموافق للسياق وما يستقيم به الكلام ما أثبته من ع.
5 في ع "امرأة"، والموافق للسياق ما أثبته من ظ، وخلاصة القول في المسألة أن الإمام إسحاق رحمه الله علق عدم لزوم الأب اليمين بشرطين:
الأول: أن يكون قاصداً عند عقد اليمين أنه لا يزوج بنته من ذلك الرجل بنفسه، ولا يقصد تزويجه إياها مطلقاً.
الثاني: أن لا يكون سفره على سبيل التحايل ليزوج ابنه البنت ذلك الرجل في غيبته فلا يحنث هو في يمينه.
6 ساقطة من ظ، والمناسب للسياق إثباتها كما في ع.
7 أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه 4/135 عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الفتى من بني أختها إذا هوى الفتاة من بني أخيها طربت بينهما شهراً وتكلمت، فإذا لم يبق إلا النكاح قالت: يا فلان أنكح فإن النساء لا ينكحن". وأخرج نحو ذلك ابن حزم في المحلى 9/453.
ومما ورد عن عائشة رضي الله عنها أيضاً أنها زوجت بنت أخيها عبد الرحمن من المنذر ابن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام، فلما قدم أنكر ذلك فجعل المنذر أمرها إليه فأجازه. المحلى 9/455.
8 في ع "احتج بحديث ابن المبارك"، والموافق للسياق ما أثبته من ظ.

(5/2477)


(قال: ومعنى قول عائشة: أنكحت) 1 أي تكلمت،2 لما رأت تزويج الولي والأب غائب جائزاً.
وهذا الذي نعتمد عليه أن يكون تزويج الولي الدون جائزاً إذا كان الولي من الأولياء بمصر آخر، وبين المصرين سفر تقصر (فيه) 3 الصلاة.4
__________
1 في ظ "وقال معنى ذلك أنكحت"، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
2 كما هو واضح في حديث عائشة السابق.
3 في ع (في مثله) .
4 وهذا على سبيل الأولوية عند الإمام إسحاق، فإنه يجوز عنده أن يزوج الأبعد مع وجود الأقرب، فيجوز عنده أن يزوج الأخ للأب مع وجود الأخ الشقيق، وكل ولي كذلك عنده، كما صرح بذلك في أوائل النكاح من مسائل الكوسج هذه، مستدلاً بحديث: "أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول".
أخرجه الترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء في الوليين يزوجان 3/418، وقال: هذا حديث حسن. وأبو داود في باب إذا أنكح الوليان 2/571، والنسائي في كتاب البيوع 7/314.
ووجه الدلالة: عنده بأنه لم يفرق في الحديث بين ولي وولي، ونقل عنه ابن المنذر في الإشراف، مسألة تزويج الأخ للأب مع وجود الشقيق، وخطأه.
أما المسألة عند الحنابلة فالمذهب أنه لا يجوز تزويج الأبعد مع وجود الأقرب، فإذا غاب الأقرب فالمذهب أنه يزوجها الأبعد.
الإنصاف 8/76، 81، المغني 7/364، 369، الإشراف 4/44، شرح منتهى الإرادات 3/19.

(5/2478)


بالحج،1 ولأنا نرى أن يحج كلّ من كان أدّى الفريضة أن يأخذ مالاً فيحج عن غيره، ولا يأخذه مقاطعة، بل يجعل كل ما احتاج من كسوة أو نفقة أو كراء من مال الميت، فإن فضلت فضلة ردها عليه،2 ولا يكون ذلك للورثة أبداً كما قال (هؤلاء) 3 عليهم4 صرف ذلك في معونة في حج أو حج حيث بلغ، قال الميت: "حجوا عنِّي بالذي سمى حجته" أو قال: "حجوا عني"،5 وقد أخطأ
__________
1 أي: إذا كان قصده الحصول على الفضل بمشاهدة مشاعر الحج والاستفادة من الأجرة، ولم يكن الحصول على المال هو هدفه الوحيد.
2 كما سبق في المسألة (1670) قوله إنه لا يرى استئجار حاج عن ميت.
3 في ع "وهؤلاء" بزيادة الواو، والصواب حذفها كما أثبته من ظ، لأن المعنى لا يستقيم بالإثبات، أي لا يرد ما زاد على الحج على الورثة كما قال هؤلاء، ومنهم الإمام أحمد.
قال ابن قدامة في المغني 3/182: "وقال-أي أحمد- في رجل أخذ حجة عن ميت ففضلت معه فضلة، يردها" ا. هـ.
وسبق نص ما ينكره إسحاق عند أحمد في المسألة (1667) .
4 أي الورثة.
5 إذا أوصى الميت أن يحج عنه بمبلغ ففضل من الحج مبلغ، لا يرد إلى الورثة عن الإمام إسحاق، بل يحج به عن الميت حجاً آخر من حيث بلغ، أي من حيث يكفي لتكاليف الحج، سواء كان من مكان بعيد أو قريب. فالمبلغ الباقي قد يكفي لتكاليف حاج من جدة أو المدينة المنورة أو دمشق أو ما إلى ذلك. وإن لم يكف لتكاليف حجة يعان به حاج. ويستوي في ذلك عنده فيما إذا قال الموصي: "حجوا عني بذلك حجة"، أو أطلق وقال: "حجوا عني" فقط. وسبق قول إسحاق في ذلك في مسألة رقم (1667) ، (1669) .

(5/2479)