نَيْلُ المَآرِب بشَرح دَلِيلُ الطَّالِب

كتَاب الإِيلاَء
وهو لغةً الحلف. (1)
(وهو حرامٌ، كالظِّهار) قال في الفروع: في ظاهِرِ كلامهم، لأنه يمين على ترك واجبٍ.
وكان الإِيلاءُ وَالظهارُ طلاقاً في الجاهلية.
(ويصحُّ من زوجٍ) فلا يصحُّ من غيرِهِ، لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (يصحُّ طلاقه، سوى عاجزٍ عن الوطءِ إما لمرضٍ لا يرجى برؤُه أو لجبٍّ كاملٍ أو شللٍ) لأن الجماعَ لا يطلب منه، لامتناعه بعجْزه.
(فإذا حلفَ الزوجُ باللهِ) تبارك و (تعالى، أو بصفةٍ من صفاتِهِ) سبحانه وتعالى، (أنه لا يطأ زوجته) الممكنَ جماعُها في قبل (أبداً،) أو يُطْلِقُ، (أو مدةً تزيدُ على أربعةِ أشهرٍ) يتكلَّم بها أو ينويها (صار مُولياً). ولا فرق في ذلك بين أن يحلف في حالة الرضا أو الغضب، ولا بين أن تكون الزوجةُ مدخولاً بها أوْ لا. نصَّ على ذلك.
(ويؤجِّل له) أي للمولي ولو قِنًّا (الحاكمُ إن سألتْ زوجتُهُ) الحاكِمَ، و (ذلك أربعة أشهرٍ من حينِ يمينِهِ.) قال في المنتهى وشرحه:
__________
(1) أما في الاصطلاح فهو الحلف على ترك وطء الزوجة.

(2/256)


ويُضْرَبُ لمولٍ، ولو قنًّا، مدةُ أربعةِ أشهرٍ من يمينه، ويحسَبُ عليه زمنُ عذرِهِ فيها، كحبسٍ، وإحرامٍ، ومرضٍ، ونحو ذلكَ، لأن المانع من جهته، وقد وُجد التمكينُ الذي عليها، لا عذرُها؛ يعني أنه لا يحتسب عليه من المدة زمنُ عذرِها كصغرٍ، وجنونٍ، ونشوزٍ، وإحرامٍ، ونفاسٍ، ومرضها، وحبسها. بخلاف حيضٍ. انتهى.
فائدة: فهم من المتن للِإيلاء أربعةُ شروط:
الأول: أن يحلفَ الزوجُ على تركِ الوطء في القبل، فإنْ تركه بغيرِ يمينٍ لم يكن مولياً.
الثاني: أن يحلف بالله تعالى، أو صفةٍ من صفاته.
الثالث: أن يحلف على أكثر من أربعةِ أشهرٍ.
الرابع: أن يكون من زوجٍ يمكنهِ الوطء.
(ثم يُخيَّر بعدها) أي بعد مضيّ الأربعةِ أشهرٍ (بين أن يكفَر) كفارةَ يمينٍ (ويطأَ، أو يطلِّق).
(فإن امتنع من ذلك) أى من التكفير والوطء أو الطلاق (طلَّقَ عليهِ الحاكمُ) طلقةً، أو ثلاثاً (1)، أو فَسَخَ. وليس للحاكم أن يأمره بالطَّلاقِ ولا أن يطلِّق عليه إلا أن تَطْلُبَ المرأةُ ذلك من الحاكم.
__________
(1) قيل: لأنه قام مقام المولي، فيقع ما يوقعه من ذلك كالوكيل المطلق. لكن قال في شرح المنتهى "قد سبق أن الوكيل المطلق لا يملك أكثر من واحدة، إلا أن يحمل على وكيل قيل له: طلّق ما شئت. مع أن المؤلي نفسه يَحْرُم عليه إيقاع الثلاث بكلمة، فكيف تجوز لغيره؟ " اهـ.

(2/257)