اختلاف الفقهاء للمروزي

(بَاب فِي التَّيَمُّم)
[كَيْفَ التَّيَمُّم]
23- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أردت أن تتيمم فاضرب كفيك الأرض ثُمَّ امسح بهما وجهك ثُمَّ ضعهما عَلَى الأرض مرة أُخْرَى ثُمَّ امسح بكفيك وذراعيك إِلَى المرفقين.
وكَذَا قَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ.
وَقَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ مثل ذَلِكَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ وجماعة أَصْحَاب الْحَدِيْث: التَّيَمُّم ضربة واحدة للوجه

(1/133)


والكفين واحتجوا بحَدِيْث عمار.
وكَانَ إِسْحَاق يَقُوْلُ: يتيمم بضربتين ضربة للوجه وضربة للكفين لَا يمسح الذراعين من الطهارة.

[الْمَسْح ببلل اللحية]
24- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا نسيتَ أن تَمْسَحَ بِرَأْسِكَ وقد توضأتَ فَكَانَ فِي يدك بلل أَوْ فِي لحيتك أجزأك أن تمسح ما فِي لحيتك أَوْ فِي يدك. وأن تأخذ مَاء آخر لرأسك أحب إلي.
وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُُّ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يجزيه أن يمسح برأسه بما فضل عَن يديه ولحيته؛ وقَالُوْا: إن مسح بهَذَا المَاء الذي فِي لحيته فصلّى يعيد الصَّلَاةَ. وهكَذَا قول

(1/134)


الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يجزيه حَتَّى يأخذ له مَاء جديدا. [5/ب]

[الْوُضُوْء بالمَاء المستعمل]
25- وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ: لو أن رجلا توضأ فِي طست والْوُضُوْء واجب عَلَيْهِ فجاءرجل فتوضأ بهَذَا المَاء أنه لَا يجزيه.
واخْتَلَفَ الْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الرَّجُل يتوضأ فِي طست متطوعا بالْوُضُوْء مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ ثُمَّ يجيء رجل فيتوضأ بذَلِكَ الماءِ
فَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يجزيه الْوُضُوْء بذَلِكَ الماءِ.

(1/135)


قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيُّ: يجزيه.
وَقَالَ سُفْيَانُ: يجزيه.
وَقَالَ أَبُوْثَوْرٍ: يجزيه أن يتوضأ بالمَائين جميعا.
وَقَالَ إِسْحَاق مثل قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ والشَّافِعِيِّ.
وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هو جائز بالماءين جميعا.

[بَابُ صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيْضِ]
[كَيْفَ يُصَلِّي المريض]
26- قَالَ سُفْيَانُ: المريض يُصَلِّي يومىء (إيماء) قال

(1/136)


أَحْمَدُ: إن أومأ أَوْ سجد عَلَى مِرْفَقَةٍ أجزأه كليهما. يروى عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و [به] يقول أبوعَبْد اللهِ.

[الصَّلَاة قاعدً

ا]
27- قَالَ سُفْيَانُ: فِي الرَّجُل يُصَلِّي قاعدا قَالَ: يتربع ثُمَّ ليقرأ وليركع وَهُوَ متربع فَإِذَاأراد أن يسجد ثنى رجله ثُمَّ عاد وتربع. وَقَالَ: كلاهما جائز يتربع أَوْ يجلس كما يجلس فِي الصَّلَاة.

(1/137)


[صفة الجلوس في الصَّلَاة]
28- والجلوس فِي الصَّلَاة أن ينصب اليمنى ويضجع اليسرى.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَإِسْحَاقُ وأَحْمَدُ فِي الجلسة الأولى كما قَالَ سُفْيَانُ. ويضجع اليسرى فيجلس عليها [6/أ]

(1/138)


وينصب اليمنى فِي الجلسة (الأخيرة) يتورك عَلَى شقه الأيسر ويخرج قدميه وينصب اليمنى ويجلس على شقه الأيسرعَلَى حَدِيْث أبي حميد الساعدي.

[قَضَاءُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ]
29- قَالَ سُفْيَانُ: المغمى عَلَيْهِ لَا يقضي إِلَّا صَلَاة يومه الذي أفاق فيه.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يقضي إِلَّا الصَّلَاة التى أفاق فِي وقتها

(1/139)


وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَإِسْحَاقُ: إِذَا أفاق فِي وقت الْعَصْرَ قضى الظهر والْعَصْرَ جميعا وإِذَاأفاق فِي وقت العشاء قضى المغرب والعشاء جميعا لَا يقضي أكثر من هَذَا
وَقَالَ أَحْمَدُ: يقضي الصَّلَوَات كلها جعله قياسا عَلَى النائم ذهب إِلَى حَدِيْث عمار أغمي عَلَيْهِ فقضى الصَّلَوَات كلها.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يقضي خمس صلوات فَإِذَاكَانَ أكثر من ذَلِكَ لم

(1/140)


يقضه.
قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أغمي عَلَيْهِ يوما وليلة قضى، وإن أغمي عَلَيْهِ أكثر من ذلك لم يقض.

[بَاب الرَّجُل يشك فِي صلاته]
30-قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا شككتَ فِي صَلَاتِكَ فَلَا تَدْرِيْ ثَلَاثًا صَلَّيْتَ أَوْ أَكْثَرَ؟ فَانْظُرِ الَّذِيْ تستيقن فَابْنِ عَلَيْهِ حَتَّى تُتِمَّ الصَّلَاةَ ثُمَّ اسْجُدْ سجدتين إِذَا سلمت من صلاتك تشهد فِي السجدتين واسجدهما بَعْد التسليم.
[6/ب] وَقَالَ مَالِكٌ والْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ مثل قَوْل سُفْيَان فِي الرَّجُل يشك فِي صلاته إنه يبني عَلَى اليقين إِلَّا أَنَّهُم خالفوه فِي سجدتي السَّهْو فقَالُوْا:

(1/141)


هما قبل التسليم عَلَى حَدِيْث أبي سعيد الخدري وعَبْد الرَّحْمَن بْن عوف.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: واختلفت الروايات عَن أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين فِي الذي يشك فِي صلاته.
وروي عَن عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍو وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُما قالا:

يعيد الصَّلَاة حَتَّى يحفظ فلا يشك.
وروي عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ: إن نسيت المكتوبة فعد لصلاتك مرة واحدة فإن شككت الثانية فلا تعد.
وكذَا قَالَ طَاوُس به.
وروي عن

(1/142)


سعيد بْن جبير وعَطَاء وميمون بْن مهران "أَنَّهُمْ كَانُوْا إِذَا شكوا فِي الصَّلَاة أعادوها ثلاث مرات فإن كانت الرابعة لم يعيدوا".
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يبني عَلَى أكثر ظنه عَلَى حَدِيْث ابْن مسعود.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إن فعل هكَذَا عَلَى ما روي عَن عَبْد اللهِ بْن مسعود أجزأه.
وَقَالَ بعض أَصْحَاب الرَّأْيِ كغيرهم:

(1/143)


إِذَاشك فِي صلاته فلا يدري ثلاثا-يعني صلى-أم أربعا؟
قَالَ: إِنْ كان ذلِكَ أول ما سها استقبل الصَّلَاة وإن كان قد لقي ذلك غير مرة تحرى الصواب وبنى عَلَى أكبررأيه. وَاللهُ أَعْلَمُ.

بَاب [سجود السَّهْو]
[مَتَى يسجد للسهو؟]
31- واخْتَلَفُوْا فِي سجدتي السَّهْو
فقَالَ مَالِكٌ: ما كَانَ من سهو هو نقصان فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يسجد سجدتي

السَّهْو قبل التسليم؛ وما كَانَ من زيادة فَإِنَّهُ يسجدهما بَعْد التسليم.
وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وأَبُوْ ثَوْرٍ وذهبوا إلى حَدِيْث ابْن بحينة فِي النقصان وإلى حَدِيْث

(1/144)


ذي الْيَدَيْنِ فِي الزيادة.
وَقَالَ سائر أَهْل الْمَدِيْنَة ويُرْوَى ذَلِكَ عَن الزُّهْرِيّ وربيعة: سجود السَّهْو كله قبل التسليم إِلَّا فِي موضعين:
1- أن يشك فِي صلاته فلا يدري كم صلى فإن هو بنى عَلَى أكثر ظنه فَإِنَّهُ يسجد سجدتي السَّهْو بَعْد التسليم عَلَى حَدِيْث ابْن مسعود عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
2- وإِذَا سلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ ساهيا ثُمَّ تكلم أَوْ لم يتكلم ثُمَّ ذكر فَإِنَّهُ يبني عَلَى صلاته ويسجد سجدتي السَّهْو بَعْد التسليم عَلَى حَدِيْث ذي

الْيَدَيْنِ وكذَلِكَ كُلّ سهو سِوَى هذين

(1/145)


فَإِنَّهُ يسجد فيه قبل التسليم عَلَى حَدِيْث أبي سعيد الخدري وعَبْد الرَّحْمَن بْن عوف وابن بحينة رضي الله عنهم.
وَقَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ: سجود السَّهْو كله بَعْد التسليم عَلَى حَدِيْث ذي الْيَدَيْنِ وعَبْد اللهِ بْن مسعود رضي الله عنهما.
وروي عَن المغيرة بْن شعبة خلاف حَدِيْث ابْن بحينة فِي سجود السَّهْوِ خَاصَّةً

(1/146)


قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: يختار فِي سجود السَّهْو كله قبل التسليم إِلَّا فِي موضع واحد عَلَى حَدِيْث ذي الْيَدَيْنِ.
[الجمع بين الصلاتين في السفر]
32- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: حَدِيْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه جمع بين الظهر والْعَصْرَ والمغرب والعشاء فِي السفر

قَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَةِ: لَا بَأْسَ أن يجمع بين الصلاتين فِي السفر يؤخر الأولى منهما حَتَّى يدخل وقت الأُخْرَى ثُمَّ يصليهما جميعا فِي وقت الآخرة منهما [7/ب]

(1/147)


قَالَ الشَّافِعِيُُّ: إن شاء قدم الآخرة فصلاهما فِي وقت الأولى وإن شاء أخر الأولى فصلاهما فِي وقت الأُخْرَى.
وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وذهبا إِلَى حَدِيْث ابْن عَبَّاسٍ
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أن يؤخر الظهر فيصليها فِي وقت الْعَصْرِ مَعَ الْعَصْرِ ويؤخر المغرب حَتَّى يغيب الشفق ثُمَّ يصليها مَعَ العشاء ولم ير أن يقدم الْعَصْرَ فيصليها فِي وقت الظهر

(1/148)


وضعف أَحْمَد حَدِيْث ابْن عَبَّاس وذهب إِلَى حَدِيْث ابْن عُمَر أَنَّهُ أخر المغرب حَتَّى غاب الشفق ثُمَّ جمع بينهما

وَقَالَ: هكَذَا رأيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وقول ابْن عُمَر أعجب إلي؛ وحَدِيْث ابْن عَبَّاس صحيح.