اختلاف الفقهاء للمروزي

بَاب [الْمَسْح عَلَى الخفين]
[مدة المسح]
33- قَالَ سُفْيَانُ: الْمُسَافِر يمسح عَلَى خفيه ثلاثة أيام

(1/149)


ولياليَهُن والمقيم يوم وليلة. [8/أ]
وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: يمسح كم شاء ما لم يخلع، لَا وقت فِي ذَلِكَ.
وكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُوْلُ بقول أَهْل الْمَدِيْنَةِ وَهُوَ ببغداد ثُمَّ رجع عنه فقَالَ مثل قَوْل سُفْيَان وَهُوَ قَوْل أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

[الْمَسْح أعلى الخف]
34-قَالَ سُفْيَانُ: يمسح عَلَى الخفين أعلاهما مرة

(1/150)


واحدة ولا يمسح باطنهما.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إن مسح أعلاه أجزأه وكَانَ يحب أن يمسح أعلاه وأسفله.
وَقَالَ مَالِكٌ: يمسح أعلاه وأسفله.
وحكي ذَلِكَ عَن الزُّهْرِيِّ، وإِسْحَاق كَانَ يَقُوْل بِهِ واحتج بحَدِيْث المغيرة بْن شعبة وابن عُمَر.
وضعف أَحْمَدُ حَدِيْثَ المغيرة.

(1/151)


[مسح الخف ببلل المطر]
35- قَالَ سُفْيَان: وإن نسي أن يمسح عَلَى خفيه فأصابهما بلل من مَاء السمَاء أَوْ نضح عليهما مَاء أجزأه.
وفي قَوْل الشَّافِعِيّ ومَالك وأَحْمَد وإِسْحَاق لَا يجزئه حَتَّى يمسح عليه.

[نزع الخف بَعْد المسح]
36- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا مسحت عَلَى خفيك ثُمَّ نزعتهما فاغسل قدميك لَيْسَ عَلَيْك إِلَّا ذَلِكَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ غسل قدميه ساعة خلع خفيه أجزأه وإن أخر غسلهم أعاد الْوُضُوْء.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيُّ

(1/152)


وأَحْمَد وإِسْحَاق: يعيد الْوُضُوْء
وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أضعف الأقاويل عِنْدِيْ أن يغسل قدميه وَقَالَ: إنما أقول يعيد الْوُضُوْءَ احتِيَاطًا.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ-يعني مُحَمَّدًا-: لَا أوجب عَلَيْهِ الْوُضُوْء.
ويقولون: إِذَا خلع أحد خفيه وجب عَلَيْهِ أن يخلع الخف الآخر ويغسل قدميه حكاه عَلَى التعجب؛ ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ هَذَا إن كانت الطهارة إنما تنتقض بالخلع فينبغي أن يغسل هَذِهِ التي خلع خاصة.
وأَبُوْ ثَوْرٍ يَقُوْلُ: يغسل قدميه وإن خلع إحداهما غسل التي خلع ويمسح عَلَى الأخرى.

(1/153)


[المقيم يمسح ثُمَّ يسافر]
37- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا مسحت عَلَى خفيك وأنت مقيم ثُمَّ بدا لك أن تسافر ولم تمسح عليهما يوما وليلة فأتم إِلَى ثلاثة أيام واحتسب بما مسحت عَلَيْهِ وأنت مقيم.
قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاقُ: إِذَا مسح وَهُوَ مقيم ثُمَّ سافر فَإِنَّهُ لَا يمسح أكثر من تمام يوم وليلة. ووافقا سُفْيَان فِي الْمُسَافِر يمسح ثُمَّ يقدم فيقيم أَنَّهُ يخلع إِذَا أتم يوما وليلة.

[إِذَامسح عَلَى الخفين ثُمَّ نزع أحدهما]
38- قَالَ سُفْيَان: إِذَا مسحت عَلَى خفيك ثُمَّ نزعت أحدهما فانزع الآخر واغسل قدميك.

قَالَ أَحْمَدُ: أُنْكِر هَذَا الْقَوْلَ. وَقَالَ: إن كانت الطهارة إنما تنتقض بالخلع فينبغي أن يغسل هَذِهِ

(1/154)


[هل النوم ناقض للوضوء؟]
39- قَالَ سُفْيَانُ: فِي النائم لَا يجب عَلَيْهِ الْوُضُوْء حَتَّى يضع جنبه وإن نام قائما أَوْ قاعدا لَا يعيد وضوءه.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: يجب عَلَيْهِ الْوُضُوْءُ عَلَى أيِّ حالٍ نام إِلَّا أن ينام وَهُوَ قاعد، وذهب إِلَى حَدِيْث ابْن عُمَر فِي القاعد
وَقَالَ إِسْحَاقُ: يجب عَلَيْهِ الْوُضُوْء عَلَى أي حال نام أي ينام وَهُوَ قاعد.
وَقَالَ أَحْمَدُ: وسئل عَن رجل نام محتبيا أيتوضأ؟ قَالَ: نعم

(1/155)


يتوضأ.
قَالَ: والمستنِدُ يَتَوَضَّأُ.
قلت: فَنَامَ سَاجِدًا؟
قَالَ: والساجد يتوضأ إِذَا طال".
وأنا أقول: النائم قاعدا إِذَا طال النوم يتوضأ إِلَّا أن القاعد والمتربع أهون من المحتبي والمستند.

[بقية مسائل التَّيَمُّم]
[إِذَاتيمم فصلى ثُمَّ وجدالماء]
40- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا تيممت فصليت ثُمَّ وجدت المَاء فلا تعد صلاتك فإن وجدتَ المَاء وأنتَ فِي الصَّلَاة قبل أن تُسلِّم فانصرف وتوضأ ثُمَّ استقبل الصَّلَاة

(1/156)


وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ

وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا وجد المَاء وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يمضي فِي صلاته وصلاته جائزة.
وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْثَوْرٍ
وَقَالَ إِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ بقولِ سُفْيَانَ.
وَقَوْلُ أَحْمَدَ أَحَبُّ إِلَيَّ

[كم يُصَلِّي بالتَّيَمُّم؟]
41- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا تيمم يُصَلِّي بذَلِكَ التَّيَمُّم

(1/157)


الصَّلَوَات كلها ما لم يحدث وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ
وَهُوَ قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ
وَقَالَ يحيى بْن سعيد وربيعة ومَالك: يتيمم لكل صَلَاة.
وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ وأَحْمَدَ وإِسْحَاقَ
[النية للتيمم]
42- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا علَّمْتَ رجُلًا التَّيَمُّمَ لم يجزئك

(1/158)


حتى تنويه أَنْتَ التَّيَمُّم.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَهُوَ قَوْل مَالك والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق؛ أجمعوا عَلَى التَّيَمُّم أَنَّهُ لَا يجزئ إِلَّا بنية.
واخْتَلَفُوْا فِي الْوُضُوْء والغسل
فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَصْحَابنا

أَبُوْ ثَوْرٍ لَا يجزيه الْوُضُوْء والغسل إِلَّا بنية.
قَالَ سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ: الْوُضُوْء والغسل جائز بغير

(1/159)


نية لو أن رجلا علم رجلا الْوُضُوْء وَهُوَ لَا ينويه لنية أجزأه وكذَلِكَ إِذَا توضأ واغتسل متبرد وَهُوَ لَا يقصد الفرض أجزأه
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يجزيه الْوُضُوْء والتَّيَمُّم بغير نية
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: مثل قَوْل الشَّافِعِيّ وغيره.

[هل يقطع الصَّلَاة شَيْء؟]
43- قَالَ سُفْيَانُ: لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء كلب ولا حمار ولا امرأة وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ قول

(1/160)


مَالك والشَّافِعِيّ
وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحُمَيْدِيُّ: يقطعها الكلب الأسود خاصة ولا يقطعها سِوَاهُ

(1/161)


[بَاب صَلَاة الخوف]
[صفة صَلَاة الخوف]
44- قَالَ سُفْيَانُ: صلى رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الخوف بذات الرقاع
وأما مَالك والشَّافِعِيّ وعَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي وأَحْمَد فإنهم

اختاروا أن يصلوا صَلَاة الخوف عَلَى حَدِيْث سهل بْن أبي حثمة

(1/162)


واختاره يحيى بْن يحيى
وإِسْحَاق يذهب مثل مذهب سُفْيَان وَقَالَ أَحْمَدُ: عَلَى أي حَدِيْث صلوها يحزؤهم مما روى عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا أعلم فيه حَدِيْثا ثابتا

(1/163)


[بَاب صَلَاة الجمعة]
[بم تدرك الجمعة؟]
45-قَالَ سُفْيَانُ: فِي الجمعة إِذَا أدركهم وهم جلوس ثُمَّ سلم صلى أربعا ينوي بِهَا الظهر وكذَلِكَ قَالَ: ابن الْمُبَارَك
قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُُ لَيْسَ بينهم اختلاف إِلَّا أن بعضهم قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أن ينوي الظهر كذَلِكَ كَانَ يَقُوْل إِسْحَاق
وَقَالَ كبير أَصْحَاب الرَّأْيِ يُصَلِّي ركعتين وخالفه عامتهم

(1/164)


[كَيْفَ يسجد المزحوم؟]
46- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا اشتد الزحام فلم تقدر أن تسجد فسجدت عَلَى ظهر

رجل فلَا بَأْسَ وإن انتظرت حَتَّى يرفعوا رؤسهم فسجدت فلَا بَأْسَ
قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاق إِذَا أمكنه أن يضع كفيه بالأرض سجد عَلَى ظهر أخيه فإن لم يمكنه أن يضع كفيه بالأرض انتظر حَتَّى يرفع القوم رؤوسهم ثُمَّ يسجد وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.

(1/165)


[بَاب صَلَاة العيدين]
[تكبيرات العيدين]
47- قَالَ سُفْيَانُ: فِي التكبير فِي الأضحى والفطر أربع تكبيرات قبل القِرَاءَة ويحمد الله ويُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين كُلّ تكبيرتين
واختار مَالك وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق [أن] يكبر سبعا فِي أوله ويكبر

(1/166)


خمسا فِي آخره لَا يوالي بين القراءتين ويحمد الله ويُصَلِّي على نبيه عَلَيْهِ السَّلَام.
[الحدث في العيدين]
48- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأَحْدَثَ فِي العيدين فخاف أن يسبقه الْإِمَام بالصَّلَاة قبل أن يتوضأ فليتيمم ثُمَّ يُصَلِّي معه وإنما جعل ذَلِكَ لأنها صَلَاة لَا تقضى ولَيْسَ هي بمنزلة

(1/167)


صَلَاة فريضة يقضيها
قَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق والْحُمَيْدِيّ لَيْسَ له أن يتيمم.

[صَلَاة المرضى جماعة يوم الجمعة وقبل الْإِمَام]
49- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كَانَ القوم محبسين أَوْ مرضى فِي مصر فلا يصلوا

جميعا ليصلوا وحدانا صَلَاة الظهر ولا يصلوا حَتَّى يرجع الْإِمَام
وَقَالَ أَحْمَدُ: وإِسْحَاق إِذَا فاتهم الجمعة وكانوا مرضى أَوْ محبوسين فإنهم يصلون جماعة والمرضى والمحبوسين يصلون قبل الْإِمَام إِذَا دخل وقت

(1/168)


الظهر لأنه لَيْسَ عليهم جمعة ومن وجبت عَلَيْهِ الجمعة فلَيْسَ له أن يُصَلِّي ما لم تنته الجمعة
فإن صلى قبل الْإِمَام فإنهم قد اخْتَلَفُوْا فِي صلاته هل تجزيه أم لا
فقَالَ الشَّافِعِيُُّ لَا تجزيه صلاته وعَلَيْهِ إِذَا فاتت الجمعة أن يُصَلِّي الظهر مرة أُخْرَى أُخْرَى
واخْتَلَفَأَصْحَاب الرَّأْيِ فِي ذَلِكَ فقَالَ شيخهم إِذَا صلى الظهر فقد أجزأه فإن هو خرج بَعْد ذَلِكَ من منزله فذهب إِلَى الجمعة فأدرك الْإِمَام وَهُوَ يُصَلِّي الجمعة فدخل معه فِي صلاته فقد انتقض الظهر وصلاته الجمعة

(1/169)


وَقَالَ صاحباه إِذَا هو صلى الظهر فإن هو خرج يريد الجمعة فقد انتقض الظهر وعَلَيْهِ بأن يمضي إِلَى الجمعة فيُصَلِّي الجمعة فإن فاتته أعاد الظهر
وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ صلاته الظهر جائزة وَهُوَ عاجز بِتَرْكِ الجمعة فإن هو خرج أَوْ لم يخرج صارت الجمعة ولم يخرج من منزله يريد الجمعة أجزأه ذَلِكَ وإن لم يخرج يريد الجمعة صار إِلَى الجمعة فقد أجزأه الظهر وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل بهَذَا ثُمَّ ترك.

[الرَّجُل ينسى صَلَاة في الحضر فيذكرها في السفر أو العكس]
50- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا نسيت الصَّلَاة فِي الحضر فذكرتها فِي السفر فصل صَلَاة الحضر وإِذَانسيت صَلَاة السفر فذكرتها فِي الحضر فصل صَلَاة

السفر وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ

(1/170)


وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا نسي صَلَاة فِي الحضر فذكرها فِي السفر مثل قَوْل سُفْيَان قَالَ: فإن نسي صَلَاة فِي السفر فذكرها فِي الحضر صلى صَلَاة الحضر أربعة
قَالَ أَحْمَدُ: يعجبني أن يفعل مثل ما قَالَ الشَّافِعِيُُّ
ويروى عَن أشعث عَن الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ: يُصَلِّي صَلَاة يومه الذي يذكر فيه ويروى عَن الْحَسَن مثل قَوْل الشَّافِعِيّ الْفَضْل بْن دلهم وغيره.

[اشتراط المصر صَلَاة الجمعة]
51- قَالَ سُفْيَانُ: لَا تشريق ولا جمعة إِلَّا فِي مصر جامع. قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا لَا شَيْء. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ

(1/171)


الرأي
وَقَالَ مَالِكٌ نرى أن يجمع فِي القرى بإمام وغير إمام
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ كُلّ قرية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة وجبت إِلَى حَدِيْث كعب بْن مَالك

(1/172)


قَالَ: أول جمعة جمعت بالْمَدِيْنَة أربعون رجلا.

[التكبير أيام التشريق]
52- قَالَ سُفْيَانُ: التكبير أيام التشريق عَلَى الْمَرْأَة والرَّجُل والحاضر والبادي

(1/173)


وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَإِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ يكبر الرَّجُل والْمَرْأَة والمنفرد والْمُسَافِر

(1/174)