اختلاف الفقهاء للمروزي

بَاب الوصايا
[إذا أوصى بسهم من ماله]
288- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى بسهم من ماله لبني فلان وَهُوَ السدس كَانَ سهام الورثة أقل أَوْ أكثر.
وكذَلِكَ قَالَ الْحَسَن بْن صَالِح.
وكذَلِكَ روي عَن الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ: له السدس
وَقَالَ عَطَاء وعكرمة: لَيْسَ له شَيْء.
وكذَلِكَ قَالَ شَرِيْك.
وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: تقام الفريضة ثُمَّ يعطي سهما من سهام

(1/503)


الفريضة إن كانت الفريضة من أربعة وعشرين أعطي من أربعة وعشرين وإن كَانَ من اثني عشر أعطي سهما من اثني عشر.
وَهُوَ قَوْل بعض أَصْحَاب الرَّأْيِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا قَالَ: أوصيت لفلان بنصيب من مالي أَوْ جزء من مالي أَوْ حظ من مالي فهَذَا كله سواء ويقَالَ للورثة أعطوه منه ما شئتم لِأَنَّ كُلّ شَيْء نصيب وجزء وحظ.

وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا كما قَالَ الشَّافِعِيُُّ.
[إن قال: إن مت ففلان حر]
289- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاقَالَ الرَّجُل: إن مت ففلان حر فلَيْسَ له أن يرجع وإن قَالَ: إن مت من مرضي هَذَا ففلان حر فإن شاء أن يبيعه فباعه وإن لم يبعه فمات فَهُوَ حر وإن صح فلا شَيْء عليه.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.

(1/504)


وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وأَبُوْ ثَوْرٍ: كُلّ هَذَا واحد وَهُوَ وصيه فله أن يرجع فيها مَتَى شاء المدير وغيره عندهم سواء واحتجوا بحَدِيْث جابر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باع مدبرا.
وأن عَائِشَة دبرت جارية ثُمَّ باعتها.
وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل: لَا يكون الرَّجُل فِي التدبير إِلَّا بأن يخرجه من ملكه ببيع أو هبة، فإن هو قال: رجعت في التدبير ولم يخرج [85/أ] المدبر من ملكه، فَإِنَّهُ يعتق إِذَا مات.

[أوصى رجل ورجعت ورثته]
290- وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا قَالَ: قد رجعت فيه فقد بطل التدبير فإن مَاتَ لم يعتق
قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أوصى الرَّجُل بالثلث لوارث فطنت الورقة ثُمَّ رجعوا

بَعْد موته فلهم أن يرجعوا لأنهم أجازوا شيئا لم يقع ولم يملكوه إنما ملكوه بَعْد موته فإن أجازوا بَعْد الموت فَهُوَ جائز لَيْسَ لهم أن يرجعوا قبضوا أَوْ لم يقبضوا.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.

(1/505)


وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وكذَلِكَ أقول فيه.
[إذا أوصى بأكثر من الثلث برضاء الورثة]
291- وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا استأذن ورثته وَهُوَ مريض فأذنوا له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه فلَيْسَ لهم أن يرجعوا فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ: وذَلِكَ أن الرَّجُل إِذَا كَانَ صحيحا كَانَ أحق بجميع ماله يضع فيه ما شاء إن شاء يتصدق أَوْ يعطيه من يشاء فعل وإنما يكون استئذانه للورثة جائزا عَلَى الورثة إِذَا أذنوا له حين يحجب عَن ماله ولا يجوز له شَيْء إِلَّا فِي ثلثه وحين هم أحق بثلثي ماله منه فلذَلِكَ حين يجوز عليهم ما أذنوا له.
[إذا أقر الرجل بدين في مرضه]
292- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أقر الرَّجُل بدين فِي مرضه لوارث لم تجز إِلَّا شَيْء أقر بِهِ فِي الصحة [85/ب] وإن أقر بشيء عنده فقَالَ هَذَا مضاربة أَوْ وديعة أَوْ عارية أَوْ بضاعة فَهُوَ للذي أقر بِهِ إِذَا سمى بعينه ولا يكون للغرمَاء ولا للورثة. وكذَلِكَ قَالَ

(1/506)


أَصْحَاب الرَّأْيِ والشَّافِعِيّ.
ويروى عَن الْحَسَن وطَاوُس وميمون بْن مهران أَن إقراره جائز فِي مرضه للوارث وغير الوارث.
وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أقر لوارث فِي مرضه نظر فِي ذَلِكَ فإن كانت هناك أسبَاب ووجوه فيها دلائل عَلَى صدق المقر كَانَ جائزا وإنه لم يكن هناك

سبب يدل عَلَى صدقه فَهُوَ باطل.
[إذا أوصى بشيء فضاع]
293-قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى الإنسان بعينه فذهب ذَلِكَ الشيء أَوْ سرق أَوْ ضاع فلَيْسَ له فِي سائر المال شَيْء فإن ضاع المال وبقي ذَلِكَ الشيء بعينه شاركه الورثة فِي ذَلِكَ الشيء ويجوز له ثلث ذَلِكَ الشيء بعينه

(1/507)


وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ هَذَا بشيء عَلَى معنى أَنَّهُ وهب ميراث الورثة لم يشاركوا الموصى له فيما أوصى له كما إِذَا ذهبت وصية الموصى له لم يشارك الورثة فِي ميراثهم.
[إذا أوصى بعتق ووصية]
294- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى بعتاقة ووصايا بدئ بالعتاقة فإن بقي شَيْء كَانَ لأَصْحَاب الوصايا.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وأَبُوْ ثَوْرٍ: العتاقة وغيره سواء ويتخاصمون.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وكذَلِكَ الْقَوْل عندنا.

[إذا ضيع زكاته ثُمَّ أوصى بها]
295- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا ضيع الرَّجُل زكاته فِي حياته أَوْ الحج فأوصى بَعْد الموت فإنها تكون من الثلث.
وكذَلِكَ قَالَ

(1/508)


أَصْحَاب الرَّأْيِ.
قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: كُلّ واجب فَهُوَ من جميع المال أوصى أَوْ لم يوص ويروى هَذَا عَن الْحَسَن وطَاوُس وعَطَاء.
[إذا أوصى بمثل نصيب ولده]
296- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى بمثل نصيب ولده وفيهما لذكر والأنثى كانت الوصية بمثل نصيب الأنثى بالأقل إِلَّا أن يسمي نصيب ذكر.

وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ بالأقل.
وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ إِذَا كانت بنت وابنت ابْن يعطي السدس

(1/509)


[إذا أوصى لرجلين]
297- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى الرَّجُل الآخر بماله ولرجل آخر بثلثه وأَبُوْا أن يجيزوا فَإِنَّهُ يقسم ثلث ماله عَلَى أربعة ثلاثة أرباع لصاحب المال وربع لصاحب الثلث.
وهكَذَا قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى والْحَسَن بْن صَالِح وشَرِيْك والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق.
وَقَالَ النعمان: ثلث ماله بينهما نصفان.
وكذَلِكَ قَوْل أَبُوْثَوْرٍ.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والقياس هَذَا.

(1/510)


(فارغة)

بَاب العتق والولاء
[إذا أعتق أحد الشَرِيْكين نصيبه في العبد]
298- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كَانَ عبد بين الرَّجُلين فأعتق أحدهما نصيبه ضمن [86/ب] الآخر إن كَانَ له وفاء لنصيب الآخر فإن لم يكن له وفاء نقص من نصيب الآخر فلا ضمان عليه.
فإن ضمن كَانَ له الولاء فإن لم يكن له وفاء سعى العبد فِي نصف قيمته والولاء للذي أعتق.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ كذَلِكَغَيْر شيخهم.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ مثل قولهم إِذَا كَانَ المعتق موسرا وخالفوهم فِي المعسر فقَالُوْا: إِذَا كَانَ المعتق معسرا فلا ضمان عَلَيْهِ ولا يسعي العبد فِي شَيْء لكنه يكون عَلَى حاله نصفه رقيق ونصفه حر يعمل لنفسه يوما ولمولاه يوما.
وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد وأبي عُبَيْد وأبي ثور

(1/511)


واحتج مَالك ومن قَالَ بقوله بحَدِيْث ابْن عُمَر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: فإن كَانَ المعتق معسرا فقد عتق منه ما عتق.
واحتجوا أيضا بحَدِيْث

عمران بْن حصين أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عِنْدَ موته ولَيْسَ له مَالك غيرهم وأقرع النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعتق ثلثهم وأرق الثلثين ولم يستسعهم.
وفي قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ فِي هَذَا: يعتق هؤلاء الْعَبِيْد كلهم ويسعون فِي ثلثي قيمتهم للورثة.
واحتج سُفْيَان ومن قَالَ بقوله فِي السعاية بحَدِيْث أبي هريرة عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: من أعتق شقصا له فِي عبد وعن كَانَ معسرا سعى العبدغَيْر مشقوق عليه.
وضعف أَحْمَد حَدِيْث أبي

هريرة فِي السعاية. وَقَالَ: رواه شعبة وهمام ولم يذكر فيه السعاية وقد اخْتَلَفُوْا فِي إسناده وصل بعضهم ولم يوصل بعضهم

(1/512)


وَقَالَ شيخ أَصْحَاب الرَّأْيِ فِي هَذِهِ المسألة قولا خلاف الْحَدِيْثين اللذين رويا عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخلاف ما أجمع عَلَيْهِ أَهْل الْحِجَاز وأَهْل الْعِرَاق فقال: إِذَا كَانَ العبد بني عثنين فأعتق أحدهما نصيبه وَهُوَ موسر فإن الشَرِيْك الآخر بالخيار إن شاء ضمن العبد نصف قيمته يسعى فيها والولاء بينهما وإن شاء أعتقه كما أعتق صاحبه والولاء بينهما
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والْقَوْل عندنا ما قَالَ أَهْل الْمَدِيْنَة.

(1/513)


[إذا ملك ذا رحم]
299- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاورث الرَّجُل من أخيه أَوْ عمه أَوْ خاله منهما يعتق لم يضمن هَذَا الذي ورثه ويسعى الآخر فيما بقي من قيمته.
وهَذَا قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ.
وفي قَوْل مَالك وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وأبي ثَوْرٍ: إِذَا ملك ذا رحم محرم لم يعتق عَلَيْهِ إِلَّا الوالدان والولد خاصة.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: فإن ملك من ولد أَوْ والد شقصا بأي وجه ملك سِوَى الميراث أعتق عَلَيْهِ الشقص الذي ملك وقوم عَلَيْهِ ما بقي إن كَانَ موسرا وعتق إن كَانَ معسرا عتق منه ما ملك ورق ما بقي لغيره وإن ملك شقصا من ولده أَوْ والده بميراث ورثه عتق عَلَيْهِ ما ملك منه ولم يقوم عَلَيْهِ ما بقي لأنه لم

يختر ملكه بكسبه إنما ملكه من حيث لَيْسَ له دفعه.

(1/514)


[إذا أعتق الأم دون الجنين]
300- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأعتق الأم واستثنى ما فِي بطنها إنه رقيق فلَيْسَ له ذَلِكَ وقد عتقت وعتق ما فِي بطنها.
وَقَالَ أَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا عتقها واستثنى ما فِي بطنها فله ذَلِكَ وتكون هي حرة وما فِي بطنها رقيق.
يروى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَر والْحَسَن وإِبْرَاهِيْم.

(1/515)