اختلاف الفقهاء للمروزي

بَاب البيوع
[بيع المرابحة]
301- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاباع الرَّجُل [88/أ] بمائة درهم ثُمَّ قَالَ: الذي ابتاعه منه اشتريته بمِائَتَيْن فاشتراه منه مرابحة بربح خمسين درهما فالبيع جائز ويرفع عَن المشتري الزيادة وما أصابها من الربح فيكون بمائة وخمسة وعشرين. وكذَلِكَ قَالَ طَائِفَة من أَصْحَاب الرَّأْيِ.
وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وأبي ثور.
وَقَالَ غيره: إِذَا علم المشتري فَهُوَ بالخيار فِي أخذه الثمن الذي سمي له أَوْ فسخ البيع ورده والرجوع برأس المال.
[بيع الحيوان بعضه ببعض]
302- قَالَ سُفْيَانُ: لابأس بقرة بعشرين شاة يدا بيد وبع الحيوان بعضه ببعض كَيْفَ شئت بع البقر بالخيل والخيل بالإبل والإبل بالغنم واحد بعشرين أَوْ بعشرة وكَيْفَ شئت يد بيد ولا تبعه نسيئة.
وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ.

(1/516)


وَقَالَ أَحْمَدُ: أكره بيع الحيوان بالحيوان نسيئة لحَدِيْث الْحَسَن عَن سمرة

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لَا بَأْسَ بالحيوان يدا بيد ونسيئة إِذَا اختلفا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وأَبُوْثَوْرٍ: الحيوان بالحيوان نسيئة ذهبوا إلى حَدِيْث عَبْد اللهِ بْن عَمْرو عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد روي عَن علي أَنَّهُ باع بعيرا ببعيرين أَوْ بعشرين إِلَى أجل.
وابن عمر [88/ب] وجابر رخصه.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هَذَا أقيس الأقاويل.

(1/517)


[إذا سمى العيوب وبرئ منها]
303- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاباع الرَّجُل السلعة فسمى العيوب وبرئ منها فقد برئ وإن لم يرها إياه.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا تبرأ من كُلّ عيب فَهُوَ برئ سمى العيوب أَوْ لم يسمها.
وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا باع بالبراءة من كُلّ عيب وَهُوَ لَا يعلم ثُمَّ وجد عيبا فلا يرجع بشيء وذَلِكَ براءة وإِذَاكَانَ بِهَا عيب علمه ثُمَّ باع بالبراءة من كُلّ عيب وكَانَ المشتري أن يرد عَلَيْهِ بالعيب.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لا يبرأ حَتَّى يسمي العيوب أَوْ يضع يده عليها.
وهَذَا قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى.
وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل وَهُوَ ببغداد: لَا تكون بالبراءة من كُلّ عيب براءة وللمشتري أن يرجع عَلَى البائع وكل عيب وجده بسلعة علمه البائع.
ثم قَالَ بَعْد بمصر مثل هَذَا الْقَوْل إلا

(1/518)


في الحيوان خاصة.
فإن قَالَ: إِذَاتبرأ فِي الحيوان من العيوب برئ من كُلّ عيب لم يعلمه ولا يبرأ من علمه اتباعا لحَدِيْث عثمان بْن عفان حيث قَالَ لابن عمر: أتحلف بالله ما بعته بالبراءة؟ فقَالَ عثمان: تحلف [89/أ] بالله لقد بعته وما بِهِ داء فعلمه فأبى أن يحلف وقبل العبد

وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى: لَا يبرأ حَتَّى يسمي العيوب كلها بأسمائها.
وذَلِكَ يروى عَن شريح والْحَسَن وإِبْرَاهِيْم وطَاوُس وإِسْحَاق كانوا يقولون بحَدِيْث عثمان.
[إذا بيع العبد فكسب ثم رد لعيب]
304- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاباع الرَّجُل عبدا فأغل غلة عنه الذي اشتراه ثُمَّ رأى بِهِ عيبا فرده فغلته للمشتري بما ضمن.
وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ وقول مَالك والشَّافِعِيّ وأَحْمَد فِي الغلة وكل ما كَانَ من كسب العبد والأمة وغلة الدور والحيوان وغير ذَلِكَ. وكذَلِكَ إَن وهب العبد هبة أَوْ وجد ركازا فكل ذَلِكَ للمشتري

(1/519)


وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْ ثَوْرٍ وعامة أَصْحَابنا: وكذَلِكَ كُلّ ما حدث فِي ملك المشتري من نتاج الماشية وصوفها ووبرها ولبنها وولد الأمة وتمر النخل والشجر فحله للمشتري.
وخالفهم أَصْحَاب الرَّأْيِ فقَالُوْا: فِي نتاج الماشية وولد الأمة والثمر أَنَّهُ للبائع إِذَا رد البيع، قَالُوْا: لِأَنَّ نتاج الماشية من الماشية وولد الأمة من الأمة وثمر النخل من النخل.
وَقَالَ أَصْحَابُنا: كل هَذَا سواء إنما كَانَ [89/ب] المشتري يوم يرده عَلَى حاله يوم اشتراه فله أن يرد كُلّ ما حدث فِي ملكه لأنه كَانَ مَالكا يوم حدث فِي ملكه فلَيْسَ له أن يرده عَلَى البائع لِأَنَّ البائع لم يملكه.
وَقَالَ أَصْحَابُنا: فإن هو غصب عبدا أَوْ حيوانا أَوْ أرضا أَوْ دارا أَوْ غير

ذَلِكَ بما له فاستغله أَوْ لم يستغله حَتَّى استحقه

(1/520)


ربه فَإِنَّهُ يقضي عَلَى الغاصب برد شَيْء المغصوب عَلَى ربه وبغلته إن كَانَ استغله وكَانَ مما له غلة فعَلَيْهِ كَذَا مثله من يوم غصبه عَلَى أن يرده وفرقوا بين الغصب والشراء لِأَنَّ المشتري مَالك لما اشترى فلذَلِكَ صارت غلته وما عدت فِي ملكه له والغاصب ضده المشتري لأنهغَيْر مَالك لمغتصب فلما لم يملك الشيء المغصوب بالغصب لم يملك غلته ولا سكناه.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ خلاف ذَلِكَ فقَالُوْا: كُلّ من غصب شيئا فاستغله له غلته وإن لم ستغله استخدم العبد إن كَانَ عبدا أَوْ سكن دارا فلا شَيْء عَلَيْهِ فِي استخدام العبد ولا فِي سكنى الدار لأنه كَانَ ضامنا لذَلِكَ وقاسوا ذَلِكَ عَلَى حَدِيْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الخراج بالضمان.
وَقَالَ أَصْحَابُنا: إنما قضى بالحد أم بالضمان فِي رجل اشترى عبدا فاستغله ثُمَّ وجب رده عيبا فرده عَلَى البائع فقضى لِأَنَّ الخراج للمشتري لأنه كَانَ مَالكا ولا يشبه الغصب الشراء لِأَنَّ الغاصب للشيءلايكون مَالكا فِي شَيْء من الأموال والمشتري مَالك لما اشترى فأحدهما ضد الآخر وغير جائز أن يقاس الشيء عَلَى ضده

(1/521)


[اشترى جارية ثم رأى بِهَا عيبًا]
305- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاابتاع الرَّجُل الجارية فوقع عليها ثُمَّ رأى بهاعيبا فمنهم من يَقُوْل يردها ويرد العشر من ثمنها إن كانت بكرا وإن كانت ثيبا فنصف العشر.
ومنهم من يقول: هي له موقوعة عليها ويرد عَلَيْهِ فضل ما بين الصحة والداء وهن أحب عَلَى سُفْيَان.
وَهُوَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ؛ وبه يَقُوْل إِسْحَاق.
والْقَوْل الْأَوَّل قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى.
وَقَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيّ: إن كانت ثيبا فوطئها ثُمَّ وجد بِهَا عيبا فإن شاء ردها ولا يرجع بشيء لِأَنَّ الْوَطْء لَا ينقصها.
وإن كانت بكرا فإن الشَّافِعِيّ قد يلزمه ويرجع بنقصان العيب لأنه قد نقصها بذهاب العذرة.
وَقَالَ مَالِكٌ: إن كانت بكرا كَانَ له أن يردها [90/ب] ويرد ما نقصها الْوَطْء.
وَقَالَ أَحْمَدُ - إِذَاوطئها وهي ثيب- بمثل قَوْل الشَّافِعِيّ إنه إن شاء ردها ولا يرد معها شيئا.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا الْقَوْل عندنا

(1/522)


[إذا وجد عيبا في المبيع ثم تعيب عنده]
306- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَااشترى الرَّجُل السلعة فرأى بِهَا عيبا وقد حدث بِهَا عيب عنده فهي للمشتري ويرد عَلَيْهِ البائع فضل ما بين الصحة والداء

وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ.
وأما ابْن أَبِيْ لَيْلَى فَإِنَّهُ قَالَ: يردها ويرد ما نقصها العيب الذي حدث عنده.
وَقَالَ مَالِكٌ: هو بالخيار إن شاء ردها ورد ما نقصها العيب الذي حدث عنده وإن شاء حبسها ووضع عنده بقدر العيب.
وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد.
[إذا ابتاع السلعة من رجلين]
307-قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاابتاع الرَّجُل السلعة من رجلين قد قام نصفها عَلَى أحدهما بخمسين والنصف الآخر بستين فباعهما مرابحة أَوْ بِهِ دوازده أخذ كُلّ واحد منهما رأس ماله والربح بينهما عَلَى المال عَلَى قد رؤوس أموالهما

(1/523)


وإن باعا مساومة فالربح بينهما نصفان.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا باعا السلعة مرابحة فالثمن والربح بينهما عَلَى قدر رؤوس مالهما وإن باعا مساومة فالربح [91/أ] بينهما نصفان ولا ينظر عَلَى الشرى لِأَنَّ كُلّ واحد منهما يملك منها مثل ما يملك صاحبه قِيْلَ له فإن أحدهما أعطى أكثر مما أعطى صاحبه ثُمَّ قَالَ: البس الثوب الساعة بينهما سواء فالثمن بينهما نصفان لِأَنَّ كُلّ واحد منهما يملك الذي يملك صاحبه.
وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا باعا السلعة مرابحة عَلَى رؤوس أموالهما فإن الوضيعة بينهما عَلَى رؤوس أموالهما كَانَ الثمن بينهما عَلَى رؤوس أمولهما وكذَلِكَ لو باعا عَلَى وضيعة من رؤوس أمولهما فإن الوضيعة بينهما على

رؤوس أموالهما وإن باعا مرابحة ولم يسميا رؤوس أموالهما فالربح نصفان.

(1/524)


بَاب بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة وإِذَااخْتَلَفَالنوعان
[بيع الذهب بالذهب]
308- قَالَ سُفْيَانُ: الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل يدا بيد ولا تبعه نسيئة والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل كيلا بكيل يدا بيد ولا يباع نيسئة.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: قد صح الخبر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه نهى عَن بيع هَذِهِ الستة أشياء أن يباع صنف صنف منها بشيء من صنفه الا مثل بمثل يدا بيد.
وَقَالَ: إِذَا اختلف [91/ب] الصنفان فبيعوا كَيْفَ شئتم يدا بيد ولا يصلح لنسيئة.
واتفق العلمَاء عَلَى ذَلِكَ.
[الاختلاف في البر والشعير]
309- فلم يختلفوا فِي ذَلِكَ إِلَّا فِي البر والشعير فإن مَالكا وأَهْل الْمَدِيْنَة والْأَوْزَاعِيّ جعلوا البر والشعير صنفا واحدا فقَالُوْا: لَا يجوز أن يباع الشعير إِلَّا مثلا بمثل

(1/525)


وقَالَ سُفْيَانُ وأَهْل الْعِرَاق: البر والشعير صنفان مختلفان لَا بَأْسَ أن يباع أحدهما بالآخر متفاضلا يدا بيد ولا يجوز نسيئة
وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْثَوْرٍ.
وحكم هَذِهِ الأنواع الأربعة البر والشعير والملح والتمر إِذَا اختلفت حكم الذهب والفضة فإن الخبر فيها عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحد لِأَنَّ أَصْحَاب الرَّأْيِ فرقوا بين الذهب والفضة وسائر هَذِهِ الأنواع فِي معنى. خالفهم أَصْحَابنا فيه فقَالُوْا: لَا يجوز أن يباع الذهب بالفضة إِلَّا أن يكونا جميعا حاضرين قَالُوْا: لو أن رجلا باع ذهبا بعينه بفضة بعينها إلا أَنَّهُما غائبان عَن مجلسهما الذي ابتاعا فيه وتفرقا من مكانهما قبل أن يحضر الذهب والفضة وتقابضا انتقض الصرف لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الذهب بالفضة ربا إِلَّا هاء وهاء

(1/526)


قَالُوْا: هاء وهاء [92/أ] أن يأخذ ويعطي قبل أن يتفرقا.
هكَذَا قَالَ أَصْحَابُنا
وَقَالَ أَصْحَابُنا وكذَلِكَ البر والشعير وسائر ما سمى معهما حكم ذَلِكَ

كله كحكم الذهب والفضة لِأَنَّ الخبر فيهما عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى معنى واحد.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لو أن رجلا باع قفيرا من بر بعينه بقفير من شعير بعينه وهما غائبين عَن مكانهما الذي تبايعا فيه ثُمَّ تفرقا قبل أن يحضر القفيرين وتقابضا بَعْد التفرق كَانَ البيع جائز ولم ينتقض البيع بتفرقهما قبل التقابض ولم يشترط أحدهما عَلَى الآخر أجلا فيكون البعي قد وقع عَلَى النسيئة.
[ما يتحقق فيه الربا]
310- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: وكذَلِكَ كلما يكال فحكمه حكم البر والشعير والتمر والملح قياسا عليهما وكلما يوزن فقياس عَلَى الذهب والفضة يوزنان جميعا.
قَالَ:

(1/527)


فقس جميع الوزن عليهما قَالُوْا: فلا يجوز أن يبتاع شَيْء مما يكال لَيْسَ من نوعه إِلَّا بمثل يدا بيد فَإِذَا اخْتَلَفَالنوعان فلَا بَأْسَ أن يباع أحدهما بالآخر متفاضلا يدا بيد ولا يصلح نسيئة.
وكذَلِكَ لَا يجوز أن يباع شَيْء ما يوزن بشيء من نوعه إِلَّا مثلا بمثل ووزنا بوزن يدا بيد [92/ب] وإِذَااخْتَلَفَالنوعان فلَا بَأْسَ أن يباع أحدهما بالآخر متفاضلا يدا بيد ولا يصلح نسيئة وسواء عندهم كَانَ الذي يكال مما يؤكل ويشرب ولا يؤكل ولا يشرب.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: كُلّ ما كَانَ مما يؤكل ويشرب فقياس عَلَى الأربعة الأشياء التي نهى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنها.
وكذَلِكَ كُلّ ما يوزن مما يؤكل ويشرب فقياس عَلَى هَذِهِ الأربعة الأشياء قَالَ: ولا يجوز أن يقاس عَلَى الذهب والفضة لأنهم قد أجمعوا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بأن يشتري بالذهب والفضة جميع الأشياء التي تكال وتوزن

يدا بيد ونسيئة.
قَالَ: ويلزم من قاس الحديد والرصاص وما يوزن عَلَى الذهب والفضة أن لَا يجيز أن يشتري بالذهب والفضة شيئا من الحديد ولامن سائر ما يوزن نسيئة كما لَا يجوز أن يشتري بقفير من بر قفيرا من حمص نسيئة.
ويروى عَن سعيد بْن المسيب أَنَّهُ قَالَ: لا ربا إِلَّا فِي الذهب والفضة أَوْ مما يكال ويوزن ويؤكل ويشرب.
فَكَانَ الشَّافِعِيّ يذهب إِلَى هَذَا

(1/528)


وَهُوَ قَوْل أبي ثَوْرٍ وجماعة من أَصْحَابنا.
ففي قَوْل سعيد بْن المسيب: لَا بَأْسَ أن يباع كُلّ ما عدا [93/أ] الذهب والفضة وما يكال ويوزن مما يؤكل ويشرب بعضه ببعض يدا بيد ونسيئة اخْتَلَفَالنوعان أَوْ لم يختلفا كَانَ ذَلِكَ مما يكال ويوزن وذَلِكَ نحو الحديد والرصاص والقطن فلَا بَأْسَ أن يباع منا من حديد بعشرين منا من حديد أَوْ رصاص أَوْ قطن يدا بيد أَوْ نسيئة وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَصْحَابه.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يجوز أن يباع من من حديد بمنوين من حديد لَا يد بيد ولا نسيئة وكذَلِكَ جميع ما يوزن

(1/529)


ولا يباع شَيْء منه بشيء من نوع إِلَّا مثلا بمثل يدا بيد كالحديد بالحديد والرصاص بالرصاص والقطن بالقطن.
وإِذَااخْتَلَفَالنوعان فلَا بَأْسَ أن يباع أحدهما بالآخر متفاضلا واحدا باثنين يدا بيد ولا يصلح نسيئة.
أجمع أَصْحَاب الرَّأْيِ وسُفْيَان عَلَى ذَلِكَ.
[بيع الربوي بعضه ببعض]
311- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: ما كَانَ من المتاع من نوع واحد كرابيس

وطيالسة فكل ما كَانَ من هَذَا من نوع واحد فلَا بَأْسَ أن يباع واحد باثنين يدا بيد ويصلح نسيئة وإِذَااخْتَلَفَأصله ونوعه فلَا بَأْسَ أن يباع واحد باثنين يدا بيد ونسيئة.
وفي قَوْل [93/ب] الشَّافِعِيّ وأَصْحَابه: لَا بَأْسَ بأن يباع هَذَا كله بعضه ببعض متفاضلا يدا بيد ونسيئة اخْتَلَفَأصله أَوْ لم يختلف عَلَى حَدِيْث سعيد بْن المسيب لأنه لَيْسَ مما يكال ولا يوزن ولا يؤكل ولا يشرب.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا أنظر فِي هَذَا عَلَى الكيل والوزن إِذَا كَانَ مما لَا يؤكل ولا يشرب

(1/530)


[بيع الشيء قبل قبضه]
312- قَالَ سُفْيَانُ: ولا تبع بيعا ما لم تقبضه بَعْد حَتَّى يقبضه من صاحبه ولا تبع شيئا من الأشياء ولا تولي منه ولا تشرك فيه مما يكال أَوْ لَا يكال أَوْ بما يوزن أَوْ لَا يوزن أَوْ دابة أَوْ عبدا أَوْ شيئا اشتريته حَتَّى تقبضه.
وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِغَيْر كبيرهم فَإِنَّهُ وافقهم فِي جميع الأشياء إِلَّا فِي الدور والأرضين فَإِنَّهُ زعم لَا بَأْسَ بأن تباع الدور والأرضون قبل القبض وما سِوَى ذَلِكَ لَا يباع حَتَّى يقبض.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ مثل قَوْل سُفْيَان.
وَقَالَ مَالِكٌ: كُلّ شَيْء لَا يكال ولا يوزن فلَا بَأْسَ ببيعه قبل القبض

وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كل ما وقع عَلَيْهِ اسم الطعام مما يؤكل ويشرب فلا يجوز أن يباع حَتَّى يقبض وما سِوَى ذَلِكَ فلَا بَأْسَ أن يباع قبل القبض ذهب إلى حَدِيْث النَّبِيّ [94/أ] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ابتاع

(1/531)


طعاما فلا يبعه حَتَّى يقبضه فشبه جميع ما يؤكل ويشرب بالطعام.
وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ وأَبُوْعُبَيْدٍ.
قَوْل أَحْمَد ولم يثبت عَن النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَامغَيْر الطعام شَيْء بعينه إنما هو فِي الطعام خاص ومن قَالَ: لا تباع جميع الأشياء حَتَّى تقبض جعله قياسا عَلَى الطعام.
يروى عَنِ ابْنِ عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ: أما الذي نهى عنه رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا يباع حَتَّى يقبض الطعام.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: ولا أحسب كُلّ شَيْء إِلَّا بمنزلة الطعام.
ويروى عَن عثمان من حَدِيْث قتادة عَن عبد ربه عَنِ ابْنِ عياض عَن عثمان بْن عفان قَالَ: كل شَيْء لَا يكال ولا يوزن فلَا بَأْسَ ببيعه قبل القبض.
ويروى عَن جماعة من التابعين

(1/532)


[دفع الثمن في البيع]
313- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَابعت طعاما أَوْ برا أَوْ دابة أَوْ عبدا فينبغي للبائع أن يدفع المتاع عَلَى الذي باع ثُمَّ يأخذ الدَّرَاهِم منه إِذَا دفعه عليه.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يجب عَلَى البائع تسليم السلعة عَلَى المشتري ما لم يقبض الثمن.
وكذَلِكَ قَوْل أَبُوْثَوْرٍ.

وحكى الشَّافِعِيّ فِي هَذِهِ المسألة أربعة أقاويل: أشهرها أَنَّهُ قَالَ: قَالَ بعض الْعِرَاقيين يجبر القاضي كُلّ واحد منهما [94/ب] البائع عَلَى أن يحضر السلعة والمشتري عَلَى أن يحضر الثمن ثُمَّ يسلم السلعة عَلَى المشتري والثمن عَلَى البائع ولا يبالي بأيهما بدأ إِذَا كَانَ ذَلِكَ حاضرا.
قَالَ: وَقَالَ غيره: لَا أخبر أحدا منهما عَلَى إحضار شَيْء. ولكن أقول أيكما شاء أن أقضي له بحقه عَلَى صاحبه فليدفع عَلَيْهِ ما عَلَيْهِ من قبل أَنَّهُ لَا يجب عَلَى كُلّ واحد منكما دفع ما عَلَيْهِ إِلَّا بقبض ماله.
قَالَ: وَقَالَ آخرون:

(1/533)


أنصب لهما عدلا فأجبر كُلّ واحد منهما عَلَى الدفع عَلَى العدل فَإِذَاصار الثمن والسلعة فِي يديه أمرناه أن يدفع الثمن عَلَى البائع والسلعة عَلَى المشتري.
قَالَ الشَّافِعِيُُّ: ولا يجوز فيها إلا الْقَوْل الثاني أن يجبر واحد منهما أَوْ قَوْل آخر وَهُوَ أن يجبر البائع عَلَى دفع السلعة عَلَى المشتري بحضرته ثُمَّ ينظر فإن كَانَ له مال أجبرته عَلَى دفع ثمنها من ساعته فإن غاب ماله وقف السلعة وأشهد أَنَّهُ وقفها للمشتري فإن وجد مالا دفعه عَلَى البائع وأشهد عَلَى إطلاق الوقوف عَن الجارية فإن لم يكن له مال فالسلعة عين مال البائع وجدها عِنْدَ مفلس أحق بِهِ إن شاء أخذه.
قَالَ: وإنما أشهدنا عَلَى الوقف [95/أ] لأنه إن أَحْدَثَ بَعْد إشهادنا عَلَى وقف ماله فِي ماله شيئا لم يجز.
قَالَ: وإنما منعنا من الْقَوْل الذي حكينا أَنَّهُ لَا يجوز غيره أَوْ هَذَا الْقَوْل أخذنا بهَذَا اقول دونه أَنَّهُ لَا يجوز للحاكم عندنا أن يكون الرَّجُل مقرا بأن هَذِهِ الجارية قد خرجت من ملكه ببيع عَلَى مَالكه ثُمَّ لَا يكون له حبسها وكَيْفَ يجوز له حبسها وقد علمنا أن ملكه لغيره ولا يجوز أن يكون رجل قد أوجب عَلَى نفسه ثمنا وماله حاضر فلا يأخذ منه ولا يجوز لرب الجارية أن يطأها ولا يبيعها ولا يعتقها وقد باعها من غيره ولا يجوز للسلطان أن يدع الناس يتدافعون الحقوق وَهُوَ يقدر عَلَى أخذها منهم

(1/534)


[إذا اخْتَلَفَالبيِّعَان]
314-قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا اخْتَلَفَالبيعان فقَالَ هَذَا بعتك بعشرين وَقَالَ الآخر بعته بعشرة ولم يكن بينهما بينة فَالْقَوْل قَوْل البائع إِذَا كَانَ البيع حاضرا بعينه أَوْ يترادان البيع وإن حلف أحدهما ولم يخلف الآخر كَانَ البيع للذي حلف وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق.
وَقَالَ [95/ب] مَالِكٌ إن كانت السلعة فِي يد البائع فَالْقَوْل قوله ثُمَّ يحلف المشتري ويبرأ وإن كانت فِي يد المشتري وذَلِكَ قريب لم يتغير فَالْقَوْل قَوْل البائع ويحلفان جميعا وإن كانت السلعة تغيرت وطال ذَلِكَ واخْتَلَفَأسواقها وأرى الْقَوْل قَوْل المشتري إِلَّا أن يأتي من ثمنها بأمر لَا يعرف أن مثلها لَا يباع بِهِ يدعي الشيء اليسير.

(1/535)


وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: الْقَوْل قَوْل المشتري مَعَ يمينه لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: البينة عَلَى المدعي واليمين عَلَى المدعى عليه.
وضعف حَدِيْث ابْن مسعود إِذَا اختلفا الخ فقال: قد اضطربوا فيه فأسنده

بعضهم وأرسله بعضهم ولم يسنده إِلَّا ابْن أَبِيْ لَيْلَى. وقد اخْتَلَفَفيه عنه أيضا ولو ثبت هَذَا عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقلنا بِهِ وكانت السنة أولى من النظر.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: الْقَوْل عندنا ما قَالَ سُفْيَانُ ومن وافقه

(1/536)


وكذَلِكَ القياس والحجة فِي ذَلِكَ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: البينة عَلَى المدعي واليمين عَلَى المدعى عليه" وكل واحد من هذين مدع وكل واحد مدعى عَلَيْهِ لأنهما قد اتفقا عَلَى أن ملك السلعة كَانَ للبائع ثُمَّ ادعى المشتري أَنَّهُ ملكها عَلَيْهِ بمائة درهم والبائع ينكر دعواه يَقُوْل لم أبعها قط بمائة درهم فالمشتري يدعي عَلَيْهِ وَهُوَ منكر لدعواه والبائع يدعي عَلَى المشتري أَنَّهُ ملكها إياه بألف

درهم والمشتري منكر دعواه فيقول لم أمتكلها بألف درهم إنما ملكتها بمائة درهم فعلى البائع أن يحلف للمشتري عَلَى دعواه وهي أن يحلف أني لم أبعك هَذِهِ السلعة بمائة درهم ولم أبعكها بأقل من ألف درهم فَإِذَا حلف عَلَى ذَلِكَ قِيْلَ للمشتري إما أن تأخذها بما أقر بِهِ البائع وحلف عَلَيْهِ وإما أن يحلف عَلَى دعواه عنك لم تشترها منه بأكثر من مائة درهم فإن هو حلف عَلَى ذَلِكَ رد السلعة كاختلافهما لو اختلفا فقَالَ أحدهما: وهبت لي هَذِهِ السلعة. وَقَالَ الآخر: لم أهبها لك ولكن بعتها إياك بمائة درهم فَالْقَوْل فيه عنهما يتحالفان وترد السلعة إلى ربها.
[إذا اختلفا والسلعة مستهلكة]
315- فإن كانت السلعة مستهلكة فإنهم اخْتَلَفُوْا فِي ذَلِكَ:
فقَالَ سُفْيَانُ: الْقَوْل قَوْل المشتري [96/ب] مَعَ يمينه الا أن يجيء البائع ببينة
واخْتَلَفَأَصْحَاب الرَّأْيِ فِي ذَلِكَ.
فقَالَ النعمان ويعقوب مثل قَوْل سُفْيَان.
وَقَالَ مُحَمَّد: يتحالفان ويترادان

(1/537)


القيمة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ.
وَقَالَ غيرهم من أَصْحَابنا: إن كَانَ المشتري هو المستهلك السلعة تحالفا وردا القيمة فإن كانت السلعة هلكت مِنْ غَيْرِ استهلاك المشتري تحالفا فَإِذَا حلفا لم يكن عَلَى المشتري شَيْء رد قيمته ولا غيره لأنه لم يكن متعديا فِي أخذ السلعة ولا جانيا عليها وعنما هلكت مِنْ غَيْرِ جنايته ولا يضمن إلا

جاني أَوْ متعدي وَهُوَ القياس عِنْدِيْ.
[إذا اختلفا في اشتراط الخيار]
316-قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاباع الرَّجُل البيع فقَالَ البائع: بعتك عَلَى أن يكون بالخيار فَالْقَوْل قَوْل المشتري علا أن يجيء البائع ببينة.
[إذا اختلفا في النقد والنسيئة]
317- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَااخْتَلَفَالبيعان فقَالَ أحدهما: بعتك نقدا وَقَالَ المشتري: اشتريت بنسيئة. فَالْقَوْل قَوْل البائع إِلَّا أن يجيء المشتري ببينة فإن جاء المشتري ببينة وإلا أخذ بالثمن نقدا.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ:

(1/538)


يتحالفان ويترادان.
قَالَ أبو عَبْد اللهِ: القياس عَلَى ما قَالَ الشَّافِعِيُُّ.

[هل العرض عَلَى البائع يكون رضا؟]
318- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا بعت بيعا بشرط فعرضته عَلَى بيع فَهُوَ لك فقد رضيته. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: لَا يكون العرض عَلَى البائع رضا.
قَالَ: وكذَلِكَ إن كانت جارية فاستخدمها أَوْ وطئها
قَالَ: فإن كَانَ فعل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قد رضي لزمته السلعة ولا يكون رضا إِلَّا أن يَقُوْلَ: قد رضيت أَوْ يمضي لأجل الذي جعل له فيه الخيار وإِذَااشترى الرَّجُل عبدا أَوْ جارية ثُمَّ ظهر بِهِ عيب فعرضه بعدما رآه عَلَى البيع ففي قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ إِذَا عرضه عَلَى البيع لزمه
وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: له أن يرد بَعْد العرض ولا يكون عرضه رضا بالعيب.

(1/539)


[الخيار في البيع]
319- قَالَ سُفْيَانُ: ويروى عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إِلَّا ببيع

الخيار والخيار أن يَقُوْل: اختر فإن اختار فالبيع جائز وإن لم يتفرقا
وأما إِبْرَاهِيْم وأَهْل الْمَدِيْنَة فيقولون: إِذَا تبايعا فَهُوَ جائز وإن لم يتفرقا.
وَقَالَ أَصْحَابُ الْحَدِيْث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أَوْ يتخير أحدهما صاحبه بَعْد البيع وممن قَالَ ذَلِكَ: ابْن الْمُبَارَك وابن عيينة ويحيى القطان وعَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وأَبُوْ [97/ب] عُبَيْدٍ وإِسْحَاق وأَبُوْ ثَوْرٍ. والإفتراق أن يفترقا بأبدانهما عَن مقدمهما الذي تبايعا فيه

(1/540)


[اشترى عبدا وأعتقه قبل التفرق]
320- فإن كَانَ المشتري عبدا فأعتقه البائع أَوْ المشتري قبل أن يتفرقا فإن أَصْحَابنا اخْتَلَفُوْا فِي ذَلِكَ:
فقَالَ ابْن الْمُبَارَك والشَّافِعِيّ وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ: إن أعتقه البائع فعتقه جائز وإن أعتقه المتشري فعتقه باطل.
وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: أيهما أعتقه باطل أما البائع فإن العبد قد خرج من ملكه بالبيع وملكه المشتري وله الخيار فِي أن ينقض ملك المشتري فيرد عَلَى ملكه فلما لم يختاره نقض البيع فعتقه فيهغَيْر جائز لأنهغَيْر مَالك وأما المشتري فعتقهغَيْر جائز لِأَنَّ للبائع فيه خيارا ولَيْسَ له أن يبطل خيار البيع.
وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: لو أن رجلا اشترى عبدا عَلَى أن البائع

والمشتري فيه بالخيار ثلاثة أيام فالبيع جائز فِي قَوْل العلمَاء كلهم والخيار ثابت.
[أعتق العبد قبل مضي زمن الخيار]
فإن أعتق البائع أَوْ المشتري قبل أن يمضي وقت الخيار فإن أَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: عتق البائع جائز لِأَنَّ عنقه اختيار لنقض البيع وعتق المشتري باطل لِأَنَّ للبائع فيه خيارا ولَيْسَ له أن يبطل خيار البائع.
وكذَلِكَ قَالَ ابْن الْمُبَارَك [98/أ]

(1/541)


والشَّافِعِيُّ فِي هَذَا.
وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: أيهما أعتق فعتقه باطل.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: القياس ما قَالَ أَبُوْثَوْرٍ.
[إذا اشترى عبدا بماله]
322- قَالَ سُفْيَانُ: فِي مملوك أتى رجلا فقال: اشتري بما لي من مولاي فاعتقني فاشتراه فأعتقه فإن العتق جائز ويغرم المال مرة أُخْرَى وهَذَا إِذَا لم يشتره بذَلِكَ المال بعينه فإن أخذ المال من العبد وَهُوَ ألف درهم نجا عَلَى سيده فقال: قد اشتريت منك هَذَا العبد بهَذِهِ الألف بعينها.
فقال: قد بعتك بِهَا فالبيع باطل لأنه اشترى العبد بما لَا يملك فإن أعتقه بَعْد ذَلِكَ فالعتق باطل لأنه أعتق ما لَا يملك فإن أخذ الألف من العبد ثُمَّ جاء سيده فقال: بعيني عبدك هَذَا بألف درهم ولم يقله بهَذِهِ الألف بعينها فقَالَ السيد: قد بعتك هَذَا العبد بألف درهم فقال: قد أخذته فقد وجب البيع بينهما وملك العبد ووجب عَلَيْهِ ألف درهم فإن هو جاء بتلك الألف التي أخذها من العبد فأداها عَلَى سيد العبد فِي ثمنه ثُمَّ اطلع السيد بَعْد ذَلِكَ عَلَى أن الألف التي أداها عَلَيْهِ أخذها من عبده فله أن يرجع عَلَيْهِ بثمن العبد فيقول: إن الألف التي أديت علي كانت لي فأدي علي ثمن العبد فعَلَيْهِ أن يؤدي ثمن العبد مرة أُخْرَى وعتقه فيه جائز

(1/542)


[تعيب العبد ثم باعه مرابحة]
323- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاابتاع الرَّجُل العبد فأصابه عنده داء عور أَوْ عمى

فلَا بَأْسَ أن يبعه مرابحة
قَالَ أَصْحَاب الرَّأْيِ: يبعه مرابحة ولَيْسَ عَلَيْهِ أن يبين إِلَّا أن يكو ن هو الذي جنى عَلَيْهِ العيب إذ ذاك أن يبين فإن لم يبين فالمشتري بالخيار إِذَا علم بذَلِكَ إن شاء رد وإن شاء أمسك.
وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: لَيْسَ له أن يبيع مرابحة حَتَّى يبين العيب الذي حدث عنده وسواء حدث من فعله أَوْ فعل غيره.

[اشترى شيئًا فوجده أكثر]
324- قَالَ سُفْيَانُ: فِي رجل اشترى جرابا عَلَى أن فيه مائة ثوب أَوْ طعاما عَلَى أَنَّهُ كر فوجد الثياب مِائَتَيْ ثوب والطعام كرين.
قَالَ: أما الثياب فمردود وأما الطعام فيكيل له الذي له وما بقي كَانَ له وَقَالَ: كُلّ ما كَانَ شيئا متفرقا فزاد فَهُوَ مردود وأما الكيل والوزن إن زاد أَوْ نقص يترادان.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وأبي ثَوْرٍ.
وهَذَا إِذَا وقع الثمن فِي الثياب جملة لم يسم لكل ثوب ثمنا

(1/543)


[اشترى شيئًا فوجده أقل]
325- فإن اشترى جرابا عَلَى أن فيه مائة ثوب كُلّ ثوب بعشرة فوجدها تسعين فإن سُفْيَان قَالَ: المشتري بالخيار [99/أ] إن شاء أخذ وإن شاء رد.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وإن زادت عَلَى مائة فالبيع مردود عَلَى قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد فِي المسألتين جميعا.
وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: وسمى لكل ثوب ثمنا أَوْ لم يسم فالبيع فاسد إِذَا زادت الثياب أَوْ نقصت إِذَا كانت الثياب مختلفة لِأَنَّ الثوب الزايد والناقص لَا يدري هو من خير الثياب أَوْ رديئها أَوْ وسطها.
فإن اشترى جرابا من ثياب عَلَى أن كُلّ ثوب بعشرة والثياب مختلفة فيه

ما يساوي عشرين وفيه ما يساوي خمسة فإن أَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: لَا بَأْسَ بأن يخير شرى كُلّ ثوب عَلَى ما سمي من الثمن فيخير بشراء الثوب الذي لَا يساوي إِلَّا خمسة دراهم عشرة دراهم ويبيعه مرابحة
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَك: هَذَا عِنْدِيْ وقطع الطريق قريب من السواء.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وَهُوَ عِنْدِيْ هكَذَا.
[إن وجد بأحد الثياب عيبًا]
326- وكذَلِكَ إن وجد بأحد الثياب عيبا

رده بالقيمة فِي قَوْل إِسْحَاق ولَيْسَ له أن يرده بالثمن الذي سمى
وقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يرده بالثمن الذي سمى لكل ثوب
وإن كَانَ الذي وجد بِهِ العيب من جياد المتاع أَوْ من شرارها

(1/544)


[اشترى الثياب مجموعة ثم وجد بأحدها عيبًا]
327- قَالَ: فإن اشترى جرابا من متاع بثمن وأخذ ولم يسم لكل ثوب ثمنا أَوْ اشترى عَبِيْدا صفقة واحدة ثُمَّ وجد بأحد الثياب عيبا أَوْ بأحد الْعَبِيْد شيئا فأراد أن يرده فإن أَهْل العلم اخْتَلَفُوْا فِي ذَلِكَ.
فقَالَ شريح والقاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن والشعبي وحماد بْن أبي سليمان: يأخذه بِهِ جميعا. وَهُوَ قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ.
وَقَالَ الْحَسَنُ ومُحَمَّد بْن سيرين والحارث العكلي وابن شُبْرُمَةَ وقتادة-وَهُوَ قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ-: يرد الذي وجد بِهِ العيب بحصته من الثمن إِلَّا أن يكون المتشري شيئين لَا يصلح أحدهما إِلَّا بالآخر نحو الخفين والنعلين أَوْ بَاب بيت مصراعين فَإِنَّهُ إِذَا وجد بأحدهما عيبا أخذهما جميعا أَوْ ردهما جميعا فِي قولهم.
وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وإِسْحَاق.
وَقَالَ مَالِكٌ: فيمن اشترى رقيقا صفقة واحدة فوجد بأحدهما عيبا.
قَالَ: إن كَانَ ذَلِكَ العبد وجد ذَلِكَ الرقيق أكثر ثمنا أَوْ أجله وَهُوَ الذي فيه الْفَضْل له لو سلم فيما يَرَى الناس فعنه يرد البيع كله وإن لم يكن كذَلِكَ رد ذَلِكَ الذي [100/أ] وجد بِهِ العيب بقيمته من الثمن

(1/545)


[بَاب السلف]
[شروط السلف]
328- قَالَ سُفْيَانُ: أسلف دراهمك ودنانيرك فِي كيل معلوم ولا تفارقه حَتَّى تدفع عَلَيْهِ الدَّرَاهِم فصفة الشيء الذي تسلف سمى طيبا أَوْ جيدا سمى الم كَانَ الذي يدفعه عَلَيْك فيه.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
قَالَ الشَّافِعِيُُّ: إن اشترط فِي سلم يعني أجلا معلوما فَهُوَ عَلَى أجله وإن لم يشترط أجلا معلوما فَهُوَ حال وَهُوَ يفسد السلم وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ.

(1/546)


قَالَ الشَّافِعِيُُّ: هو أَحَبُّ إِلَيَّ أن يسمي الم كَانَ الذي يوفيه فيه.
وَقَالَ أَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْ ثَوْرٍ: إن سمى مكانا يوفيه فيه فعَلَيْهِ أن يوفيه فِي المكَانَ الذي سمى وإن لم يسم المكَانَ فالسلم جائز لأنه لَيْسَ فِي حَدِيْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أمر أن يسمي المكَانَ الذي يوفيه فيه.

[الدَّرَاهِم الزيوف في السلم]
329- قَالَ سُفْيَانُ: وإن أسلفت دراهم فَكَانَ فيها زيوف فانقص من السلف بقدر الزيوف.
وَقَالَ شيخ أَصْحَاب الرَّأْيِ مثل ذَلِكَ إِذَا كَانَ الدَّرَاهِم الذي وجده ستوقا قَالَ: وإن كَانَ زيفا استحببت أن يبدله.
قَالَ: وإِذَاكَانَ زيوفا

(1/547)


كلها بطل السلف.
وَقَالَ يعقوب: يبدلها والسلف جائز
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: يبطل السلفَ إِذَا كَانَ فِي الدَّرَاهِم رديء.
حكى عنه أَبُوْثَوْرٍ.
وَقَالَ إِسْحَاق وأَبُوْ ثَوْرٍ: يبدله والسلم جائز.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أرجو أن يكون جائزا إِذَا أبدله.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وأخبرني أَبُوْ بكر الأثرم قَالَ: قلت لأبي

عَبْد اللهِ: رجل اشترى بدنانير دراهم فوقعت فيها رديئة كَيْفَ يصنع؟ فقال: قد اخْتَلَفَالناس فيها قَالُوْا: فيها أربعة أقوال.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أما ابْن عُمَر فقال: لَيْسَ له بدل. رواه ابْن جريج عَن خلاد بْن عَطَاء قَالَ: وما أدري من خلاد بْن عَطَاء هَذَا؟. قَالَ: فكَيْفَ يكون هَذَا أعطيك دينار واخذ منك دراهم فيكون الدينار فاسدا أَوْ تكون الدَّرَاهِم رديئة فلا أرد عَلَيْك ولا ترد علي.
قَالَ: وكَانَ مَالك يَقُوْل: ينتقض الصرف.
قَالَ: وهَذَا شديد يكون قد ذهبت الدَّرَاهِم.
قَالَ: وقَالَ سُفْيَانُ: ينتقض من الصرف بقدر ذَلِكَ. قَالَ: ولم أره يعجبه.
ثم قَالَ: وما أرى الناس يسلمون مما قَالَ الْحَسَن وقتادة قَالَا: لَا يرد عَلَيْهِ ويأخذ البدل. قلت: فنرجو [101/أ] أن يكون الْقَوْل ما قالا فَهُوَ أسهل عَلَى الناس. قَالَ: أرجو أن يكون قد رواه سعيد عَن قتادة عَن الْحَسَن قَالَ: وَهُوَ قَوْل قتادة قَالَا: لَا بَأْسَ بأن يستبدل.
قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: يروى هَذَا عَنِ ابْنِ

(1/548)


سيرين من حَدِيْث أزهر السمان عَنِ ابْنِ عون عَن مُحَمَّد بْن سيرين.
[السلم في الثمار]
330- قَالَ سُفْيَانُ: ولا تسلفن فِي شَيْء من الثمار إِلَّا فِي حينها وسلف فيهاوفي أيدي الناس منها شَيْء نحو العنب أَوْ السفرجل أَوْ التفاح وما يكال ويوزن أشياه الفاكهة ولا تسلفن فِي شَيْء من هَذَا إِلَّا فِي حينه وفي أيدي الناس منه شَيْء.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَا بَأْسَ أن تسلف فِي الثمار قبل أن يطلع الثمر إِذَا شرط الأجل عَلَى وقت يكون الثمار فيه موجودا وكذَلِكَ الطعام وسائر

الأشياء واحتج بحَدِيْث ابْن عَبَّاس قدم النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِيْنَة وهم يسلمون فِي الثمار السنتين والثلاث فقال: من أسلف فليسلف فِي كيل معلوم ووزن معلوم عَلَى أجل معلوم.
قَالَ: فقد أجاز النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكون الثمر سلفا مضمونا فِي غير [101/ب] حينه الذي يطيب فيه لأنه إِذَا سلف شيئا سنتين وثلاثة كَانَ بعضها

(1/549)


فيغَيْر حينه.
وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وأَحْمَد وأَبُوْثور.
[السلم بين ذميين ثم يسلم أحدهما]
331- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأسلف النَّصْرَانِيّ عَلَى النَّصْرَانِيّ فِي الحضر فأسلم أحدهما مما رد عَلَيْهِ رأس ماله وإِذَا أقرضه خمرا فأسلم الذي أقرض الخمر فلا ينبغي له أن يأخذ الخمر ولا قيمته وإِذَاأسلم المستقرض ولم يسلم الآخر رد عَلَيْهِ قيمة الخمر.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْ ثَوْرٍ: لَا يرد عَلَيْهِ شَيْء لأنه لَيْسَ للخمر ثمن ولا قيمة.
[السلم في الحيوان]
332- قَالَ سُفْيَانُ: يكره السلف فِي الحيوان.
وهكَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لَا بَأْسَ بالسلف فِي الحيوان.
وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ

(1/550)


وإِسْحَاق وأَبُوْ ثَوْرٍ وعَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي

ويحيى القطان.
واحتجوا بحَدِيْث أبي رافع وأبي هريرة والعرباض بْن سارية أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استلف بكرا.
واحتجوا بأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بالدية عَلَى العاقلة والدية عَلَى مائة من الإبل فأجمعوا أَنَّهُا فِي ثلاث سنين فِي مثل سنة وأنها بأسنان [102/أ] معلومة.
واحتجوا بأن أَصْحَاب الرَّأْيِ كلهم قد وافقوهم عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بالْكِتَابة عَلَى الوصفاء فقَالُوْا: إن جازت الْكِتَابة عَلَى الوصفاء فكذَلِكَ جائز أن يستلف فِي الوصفاء.
وقد أجاز أَصْحَاب الرَّأْيِ أيضا تزويج الْمَرْأَة عَلَى العبد والأمة الموصوفين فجوزوا أن يكون الحيوان دينا بالصفة

(1/551)


بَاب الشراء والبيع
[إذا اشترى مالم يره]
333- قَالَ سُفْيَانُ: وكل بيع ابتعته ولم تره فأنت بالخيار إِذَا رأيته.
وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وسواء اشترى البيع عَلَى الصفة فوجده عَلَى الصفة أَوْ عَلَى خلاف الصفة له خيار الرؤية.
وَقَالَ مَالِكٌ: لا يجوز بيع إِلَّا بيع عين أَوْ صفة فَإِذَاوصف له سلعة ثُمَّ وجدها عَلَى الصفة فالبيع لازم ولا خيار له.
وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَيْسَ البيع إِلَّا بيعين بيع عين يَرَى البائع والمشتري وبيع صفة مضمونة عَلَى البائع وَهُوَ اسلم وكَانَ يبطل ما سِوَى ذَلِكَ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الرَّجُل يَرَى الدار من خارجه

(1/552)


ويَرَى الثياب مطوية من ظهورها غيَرَى موضع طيها ثُمَّ يشتريها [102/ب] عنه لَا يكون له خيار الرؤية فِي شَيْء من ذَلِكَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الساج المدرج فِي جزأيه والثوب القبطي والمدرج فِي طيه

لا يجوز بيعها حَتَّى يبشره وينظر مشتريها عَلَى ما فِي أجوافها فإن ابتاعها قبل ذَلِكَ فذَلِكَ من ييع الغرور وَهُوَ كالملامسة.
[البائع ضامن للمبيع حتى يسلمه]
334- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: كُلّ من باع شيئا مما يكال ويوزن أَوْ لَا يكال ولا يوزن فَهُوَ فِي ضمان البائع حَتَّى يسلمه إِلَى المشتري لَا يسألون من أيهما كَانَ الامتناع من القبض.
وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ.
وَقَالَ مَالِكٌ: فِي كُلّ شَيْء يكال ويوزن فَهُوَ فِي ضمان البائع حَتَّى يسلمه إِلَى المشتري دفعه إِلَيْهِ فيمنعه إياه

(1/553)


وَقَالَ أَحْمَدُ: كل شَيْء يؤكل ويشرب فَهُوَ فِي ضمان البائع حَتَّى يسلمه عَلَى المشتري ولا يجوز بيعه حَتَّى يقبضه وكل ما سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فِي ضمان المشتري وله أن يبيعه قبل القبض إِلَّا أن يمتعه البائع من القبض بَعْد أن يسأله المشتري فإن تلف بَعْد ذَلِكَ فَهُوَ ضامن [103/أ] لقيمته والثمن عَلَى المشتري.
وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: كُلّ من عقد البيع بينهما عَلَى شَيْء فقد انتقل ملك البائع كما باع عَلَى المشتري فعن تلف المبيع بَعْد البيع فِي ملك البائع ولم يكن منعه المشتري من قبضه فَهُوَ مال المشتري وعَلَيْهِ الثمن فإن كَانَ منعه قبضه فَهُوَ متعد فِي منعه فإن تلف بَعْد ذَلِكَ فَهُوَ ضامن لقيمته كانت القيمة أكثر من الثمن أَوْ أقل وَعَلَى المشتري الثمن.
واحتج بحَدِيْث ابْن عُمَر ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فَهُوَ من مال المبتاع.
وقصة عثمان وعَبْد الرَّحْمَن بْن عوف

(1/554)