اختلاف
الفقهاء لابن جرير كتاب الغصب
مدخل
...
كتاب الغصب
من اختلاف الفقهاء
تأليف أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} 1 الآية وقال عز
وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ
الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي
بُطُونِهِمْ نَاراً} 2 الآية فنص تبارك وتعالى
تحريم أكل أموالنا بيننا في كتابه بالباطل إلا
بما أباحه لنا من التجارة عن التراضي3 بيننا
في كتابه وأوجب لآكل أموال اليتامى ظلما
النار.
أجمل ذكر التحريم4 لآكلها ظلما وباطلا في محكم
تنزيله وأوضح المعاني التي يستحق بها5 آكل مال
غيره اسم الآكل ظلما وباطلا وما اللازم له من
الأحكام في عاجل الدنيا وفسره على لسان رسول
الله عليه وسلم
ـــــــ
1 {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ
تَرَاضٍ مِنْكُمْ} الآية 33من سورة النساء.
2 {وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} الآية 11 النساء.
3 لعل صوابه حذف: بيننا في كتابه.
4 ن: لآكلها.
5 ن: آكل.
(1/169)
نقل بعض ذلك
التفسير الكل مجمعين عليه عامتهم وخاصتهم.
ونقل بعضه الحجة مجمعة عليه وبعضه مختلفة فيه
ونحن مبينو كل ذلك إن شاء الله بعونه وقته
فانا به وله وصلى الله على محمد النبي وآله
وسلم.
أجمع جميع الخاصة والعامة إن الله عز وجل حرم
أخذ مال امرء مسلم أو معاهد بغير حق إذا كان
المأخوذ منه ماله غير طيب النفس بأن يؤخذ منه
ما أخذ وأجمعوا جميعا أن آخذه على السبيل1
التي وصفنا بفعله آثم وبأخذه ظالم وأجمعت
الحجة التي وصفناها جميعا أن آخذه على السبيل
التي وصفنا إن كان اخذه من حرز مستخفيا بأخذه
وبلغ المأخوذ ما يجب فيه القطع أنه يسمى بما
أخذ سارقا وإن كان أخذه مكابرة من صاحبه في
صحراء أنه يسمى محاربا وقد ذكرنا في كتاب
المحاربين اختلافهم في اسمه إذا أخذ ذلك
مكابرة في مصر فأغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وأنه إن اخذ ما أخذ على السبيل التي وصفنا
اختلاسا من يد صاحبه أنه يسمى مختلسا وأنه إن
أخذه على هذه السبيل مما اوتمن عليه أنه يسمى
خائنا وأنه إن اخذه على ما ذكرنا قهرا للمأخوذ
منه وقسرا بغلبة ملك أو فضل قوة انه يسمى
غاصبا2.
ـــــــ
1 ن: الذي وصفنا يفعله اثم ويأخذه ظالم.
2 وقال ابن المنذر في الأشراف في كتاب الغصب:
وقد أجمع أهل العلم علي أن الله جل وعز حرم
أموال المسلمين والمعاهدين بغير حق فالأموال
محرمة بنص
كتاب الله جل وعز وبالأخبار الثابته عن رسول
الله صلي الله عليه وسلم وبإجماع أهل العلم
علي ذلك إلا بطيب أنفس المالكين من التجارات
والهبات والعطايا وغير ذلك وقد أجمع أهل العلم
علي أن من أخذ مالا لمسلم من حرزه مستخفيا
بأخذه إنه سراق وقد ذكرنا ما يجب علي السارق
في كتاب أحكام السراق وقد أجمعوا علي أن أن من
أخذ أموال المسلمين مجاهرةفي الصحاري إن اخذه
يسمي محاربا وقد ذكرنا في كتاب المحاربين ما
يجب عليهم ودل حديث جابر علي أن من اختلس من
يد مسلم شيئا يملكه أنه يسمي مختلسا وعلي من
أودع وديعة فأخذها أو نقصها إنه يسمي خائنا.
أبوبكر قال: عن استحق ابن إبراهيم الديري عن
عبدالرزاق عن ابن جريج عن أبي هريرة عن جابر
أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ليس علي
المختلس قطع وليس علي الخائنين قطع" قال أبو
بكر:من أخذ مالا علي غير ما ذكرناه سمي غاصبا
لا أعلمهم يختلفون فيه.
(1/170)
خرم
1القيمة استحسانا2.
3وقال أبو ثور عليه ثمنها وثمن ولدها فإن كان
ثمنها أنقص مما كان يوم غصبها بنقص دخلها كان
عليه ما نقصها وإنما قلنا بالثمن لأن الجارية
ليست بمستهلكة فلا4 تجوز عليه القيمة وهي في
يده ولم يحكم بها للمدعي لأنها قد صارت أم ولد
له ولها منه ولد فلا يصدق على إبطال حقها وحق
ولدها ولم يكن له أن يطأ ولا يستمتع بجارية
لغيره إلا بشراء وأما الولد فإن كان5 وطؤه وطء
زناء لم يلحق به النسب6 ولا يصدق على نفيهم
لقوله وهو ولده في الحكم وهي أم ولد له وإذا
مات عتقت.
ـــــــ
1 ضاع ما كان بينةهذه الورقة وبين الورقة
الأولي من كتاب الغصب ويظهر أن موضوع هذا
الباب إقرار الغاصب للمغصوب منه بالغصب وهل
يجب عليه قيمة المغصوب أو ثمنه وحكم الجارية
المغصوبة إذا ولدت بعد الغصب وحكم ولدها.
2 هذا بقية قول أبي حنيفة وأصحابه ولعل ما ضاع
قبل هذا شبيه قول ابن المنذر في كتاب الغصب من
الأشراف: باب ذكر الدار يغصبها الرجل وتتهدم:
وقال أصحاب الرأي: ليس علي الغاصب شئ قال:
لأنه لن يحركها ولم يغيرها عن حالها: قال أبو
يوسف: يضمن ولا يصدق علي المشتري استحسن ذلك
وادع القياس فيه ثم رجع إلي قول [ي حنيفة
قالأبو بكر: وقد ناقضوا في هذا وزعموا أن رجلا
لو اغتصب جارية ثم باعها ثم أقر بعد البيع
أنها جارية المغصوب منه أن عليه القيمة وكذلك
قولهم في الحيوان كله ولي بين شئ من ذلك فرق
إلا الاستحسان الذي من شاء فعل مثل فعلهم.
3 أشراف: باب ذكر الغاصب يولد الجارية ويقر
لرب الجارية بأنها له ولا بينه له وجحدت
الجارية ذلك قال أبوبكر: وإذا غصب رجل جارية
وأولدها ثم ادعاها رجل وأقر له الغاصب بها ولا
بينة له فعليه قيمتها وقيمة أولادها وإن كان
فيها نقصان فعليه ما دخلها من النقص ولا يحل
له أن يطأها ولا يستمتع بها وذلك أنها جارية
لربها وهم ولده في الحكم والجارية تعتق بنوته،
وهذا علي مذهب الشافعي وأبي ثور غير أن أبا
ثور قال: عليه ثمنها لأن القيمة لا تكون إلا
المستهلكة وهي فائقة.
4 ن: يجوز وإن كان عليه الخ.
5 ن: وطيه وطي.
6 لعل شيئا سقط في النسخة: أشراف: قال أبو
بكر: وإذا أقام رجل جارية أنها له فادعت أن
مولاها الأول قد كان أعتقها وقد ةلدت من
المشتري وقال المولي: قد كنت أعتقها لم تقبل
دعوىالجارية ولا قول المولي الذ ي باعها وذلك
أن المشتري قد ثبت ملكه عليها فلا تصدق
الجارية ولا البائع أنه كان أعتقها وهذا قول
أبي ثور وأصحاب الرأي.
(1/171)
1وقال إذا
اغتصب رجل دارا فباعها وقبضها المشتري ثم أقر
الغاصب أنه اغتصبها فإن لم تكن لرب الدار بينة
كان على الغاصب ثمن الدار وذلك أنه أقر أنه
أتلف مالا لإنسان ولا يقدر على تخليصه فعليه
ثمنه.
وقياس قول مالك إن اقراره باطل وعليه ضمان
قيمة الجارية للذي أقر له بها مع قيمة الولد.
ـــــــ
1 أشراف إذا اغتصب رجل دار فباعها وقبضها
المشتري ثم الغاصب أقر أنه اغتصبها فإن لم يكن
لرب الدار بينة أنها داره كان علي الغاصب قيمة
الدار لأنه أقر أنه أتلف مالا لإنسان ولا يقدر
علي خلاصة فعليه قيمته وهذا علي مذهب الشافعي
وبه قال أبو ثور غلا أنه قد يضمن ثمن الدار.
(1/172)
واختلفوا في حكم المغصوب يجني عليه في يد
الغاصب أو يجني أو يصيبها ما ينقصها
...
واختلفوا في حكم المغصوب يجني عليه في يد
الغاصب أو1 يجني أو2 يصيبها ما ينقصها
3فقال الشافعي: 4إذا اغتصب رجل جارية فباعها5
فجنى عليها أجنبي في يد المشتري أو الغاصب
جناية تأتي على نفسها أو بعضها فأخذ الذي هي
في6 يده أرش الجناية7 ثم استحقها المغصوب فهو
بالخيار في أخذ أرش الجناية من يدي من أخذها
إذا كانت نفسا أو تضمينه قيمتها على ما وصفنا
وإن كانت جرحا فهو بالخيار في أخذ8 أرش الجرح
من الجاني والجارية من الذي
ـــــــ
1 ن: يجني.
2 أي الجارية المغصوبة.
3 أم: الغصب والمستكرهة.
4 أم: قال: وإذا غصب الرجل الخ.
5 أم: فسواء باعها في الموسم أو علي منبر أو
تحت سرداب حق المغصوب فيها في هذه الحالات
كلها سواء فإن جني عليها أجنبي الخ: إلا أن في
أم ق: الحالات سواء وإن جني عليه أجنبي الخ.
6 أم: يديه.
7 أم ق: الجناية من يدي الخ.
8 ن: أخذ الجرح الخ.
(1/172)
هي1 في2 يده3
أو تضمين الذي هي في4 يده ما نقصها الجرح
بالغا ما بلغ وكذلك إن كان المشتري قتلها أو
جرحها فإن كان الغاصب قتلها فلمالكها عليه
الأكثر من قيمتها يوم قتلها أو قيمتها في أكثر
ما كانت قيمة لأنه لم يزل لها ضامنا. 5فإن كان
المغصوب ثوبا فباعه الغاصب من رجل فلبسه ثم
استحقه المغصوب أخذه وكان له ما بين قيمته
يوم6 اغتصبه وبين قيمته التي نقصه إياها اللبس
كأن قيمته يوم7 غصب عشرة فنقصه اللبس خمسة
فيأخذ ثوبه وخمسة وهو بالخيار في تضمين8 الأرش
للمشتري أو الغاصب فإن ضمن الغاصب فلا سبيل له
على اللابس9 وإذا10 اغتصب11 جارية فأصابها عيب
من السماء أو بجناية أحد فسواء وسواء أصابها
ذلك عند الغاصب أو المشتري يسلك بما أصابها من
العيوب12 التي من السماء ما يسلك بها في
العيوب التي13 يجنيها عليها الأدميون14 وإذا
اغتصب الرجل جارية فباعها من آخر محدث بها عند
المشتري عيب ثم جاء المغصوب فاستحقها أخذها
وكان بالخيار في أخذ ما
ـــــــ
1 أم: في يديه.
2 أم مد: يديه مانقصها الخ.
3 ن: وتضمين.
4 أم ق: يديه.
5 أم: قال: وغن كان الخ.
6 أم مد: غصبه عشرة.
7 أم ق: غصبه.
8 أم: اللابس المشتري والغاصب.
9 زاد في الأم نحو صحيفة.
10 أم مد: قال وإذا غصب: أم ق: وإذا اغتصب.
11 أم: الجارية.
12 أم ق: التي يجني عليها الخ.
13 أم: يجني عليها الخ.
14 أم: قال وإذا غصب.
(1/173)
نقصها العيب من
الغاصب1 فإن2 أخذ منه لم يرجع على المشتري3
وإن أخذه من المشتري رجع به المشتري على
الغاصب4 وبثمنها الذي أخذ منه لأنه لم يسلم5
له ما اشترى وسواء كان العيب من السماء أو
بجناية آدمى "حدثنا بذلك عنه الربيع".
وروى أبو ثور عن الشافعي أنه قال إذا اغتصب
الرجل عبدا أو أمة فجنت6 عليه جناية ثم جاء
ربها فاستحقها أن على الغاصب أرش ما نقصها
الجناية وذلك أن العبد والأمة إذا عرف
بالجناية نقص من7 أثمانها فليس على الغاصب إلا
أقل الأمرين من الجناية والقيمة وذلك أن عليه
أن يدفع الجارية أو العبد سليما كما أخذه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اغتصب الرجل جارية
وقيمتها ألف فجنى عليها إنسان وقيمتها ألفان
ضمن ذلك رب الجارية الجاني ألفي درهم إن شاء
وإن شاء ضمن الغاصب ألفا ويرجع الغاصب على
الجاني بألفين فإن كان خطأ كان على عاقلته في
ثلاث سنين فإذا أخذها الغاصب تصدق بألف وأخذ
ألفا مكان ألفه وقالوا إن اغتصب رجل جارية أو
عبدا فعطب عنده ضمن الغاصب قيمته بالغة ما
بلغت ولو أن رجلا قتل عبد رجل ضمن القيمة إن
كانت أقل من عشرة آلاف وإن كان أكثر ضمن عشرة
آلاف إلا عشرة دراهم.
ـــــــ
1 أم ق: وإن.
2 أم: أخذه.
3 أم: بشئ ولرب الجارية أن يأخذ ما ننقصه
العيب في يد المشتري فإن أخذه إلي الخ: إلا في
أم ق: في يدي.
4 أم مد: بثمنها.
5 أم: إليه.
6 لعل صوابه: عنده.
7 ن: أثمانها.
(1/174)
وإن اغتصب رجل
عبدا أو أمة فجنت عنده جناية ثم جاء ربها
فاستحقها قيل ادفع أو إفد فإن دفعها أو فداها
كان له على الغاصب قيمتها وإن ماتت في يد
الغاصب بعد الجناية كان عليه قيمتان قيمة
الجارية للمولى فإذا دفعها قال1 له أولياء
القتيل: هذه قيمة الجارية التي قتلت صاحبنا
فيأخذونها منه ثم يرجع على الغاصب فيقول له
هذه قيمة لم تسلم لي وذلك لما كان عندك من
الجناية فيأخذ منه قيمة أخرى.
وإذا اغتصب دارا فسكنها أو لم يسكنها فانهدمت
الدار فليس عليه شيء وذلك أنه لم يجرحها ولم
يهدمها.
وقالوا في الحيوان كله إذا مات من غير أن
يستخدمه أو يستعمله فعليه الضمان.
وقال أبو ثور إذا اغتصب جارية وقيمتها ألف
فجنى عليها إنسان وقيمتها ألفان ضمن رب
الجارية الجاني ألفين فإن لم يجده ضمن الغاصب
الفي درهم وكان للغاصب أن يأخذ الجاني بقيمتها
وذلك أنه استهلكها وهي في يده وقد ضمن قيمتها
وإن جنت الجارية عند الغاصب جناية ثم جاء ربها
فاستحقها مثل قول الشافعي.
وقال إن ماتت في يدي الغاصب بعد الجناية فإن
عليه للجناية أن يدفع الثمن أو الفدية وكان
عليه للمولى قيمتها وقال في الغصب إذا تلف في
يدي الغاصب بجناية أو حدث من السماء مثل قول
الشافعي سواء في ذلك الدور والحيوان.
وقياس قول مالك إن المغصوب إن كان عبدا أو أمة
فجنى2 عليهما
ـــــــ
1 أي للمولي.
2 ن: عليها.
(1/175)
جان في يد
الغاصب كان1 لربه أن2 يتبع أيهما شاء إن شاء
الغاصب وإن شاء الجاني فإن ضمن الغاصب رجع على
الجاني بما ضمن وإن ضمن3 الجاني لم يرجع على
أحد بشيء وكذلك إن كان ثوبا وكل شيء.
ـــــــ
1 أي لرب العبد.
2 ن: بيع.
3 ن: أغاصب.
(1/176)
واختلفوا في حكم غلة المغصوب
فقال مالك إذا آجر الغاصب المغصوب وكان دوابا
فإن لأرباب الدواب إذا علموا ذلك كراء ما حمل
عليه غرما عليه إن سلمت الدابة وإن تلفت خير
أهل الدابة بين الثمن والكراء "حدثني بذلك
يونس عن ابن وهب عنه" و"حدثني يونس عن أشهب عن
مالك" أنه سئل عن رجل اشترى أرضا على ما يجوز
له الشراء فمكثت في يده سنين يزرعها ويأكل
غلتها ثم يجيء صاحبها فيستحقها وقد بذر فيها
بذره وعمل فيها فيريد أن يأخذ أرضه وقد قال
المشتري قد بذرت وسقيت وقد كان لي فيما مضى من
السنين فهذه السنون مثلها فقال مالك ليس ذلك
للذي يستحق وأرى له عليه كراء تلك السنة التي
جاء فيها فقط.
وقال الشافعي:1 إذا اغتصب الرجل من الرجل2
الدابة فاستغلها أو لم يستغلها ولمثلها غلة3
أو دار فسكنها أو أكراها4 أو لم يسكنها ولم
يكرها ولمثلها
ـــــــ
1 لعل صوابه: للمشتري: أي يطلب صاحب الأرض من
المشتري كراء أرضه مدة ما كانت تحت يد المشتري
بحسب ما خرج منها وهي تحت يد صاحبها.
2 أم: قال: وإذا غصب.
3 أم: دابة.
4 أم: ودارا.
5 أم مد: أو لم يكرها.
(1/176)
كراء أو شيئا1
ما كان مما له غلة استغله أولم يستغله انتفع
به أولم ينتفع به فعليه كراء مثله من حين أخذه
حتى2 رده3 ولا يكون لأحد غلة بضمان إلا للمالك
"حدثنا بذلك عنه الربيع".
وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اغتصب الرجل دابة4
رجلا فآجرها أوداره أو عبده فالأجرة للغاصب
ويتصدق بها لأنه ضامن فلا يجتمع ضمان وأجرة.
وقالوا إن باع الغاصب الدابة وقد استعملها
فماتت عند المشتري فأخذ رب الدابة المشتري
بالقيمة فإن المشتري يرجع على الغاصب5 ولا
يكون للغاصب أن يعطي في6 قيمتها للمشتري من
غلتها شيئا إلا أن 7يكون عنده وفاء فيعطي8
منها.
وقال أبو ثور إذا اغتصب الرجل الدابة أو الدار
أو العبد9 فواجره فلا يحل له شيء من أجرته
وأجرته فاسدة ولرب السلعة على المستأجر
ـــــــ
1 أم ق: مما كان مما له غلة.
2 أم: يرده.
3 أم: إلا أنه إن كان أكراه بأكثر من كراء
مثله فالمغصوب بالخيار في أن يأخذ ذلك الكراء
لنه كراء ناله أو يأخذ كراء مثله لأا الخ: إلا
أن في أم مد: كان كراءه
بأكثر الخ.
4 أن وجلا.
5 أشراف: باب ذكر الغاصب يواجر ما اغتصب: قال
أبو بكر: واختلفوا في: الرجل يغصب من رجل دابة
فأجرها فأصاب من غلتها أو غصبة عبد فأصاب من
غلته لمن تكون الغلة؟ فقال أصحاب الرأي: تكون
الغلة للغاصب وعليه أن يتصدق به لأن الدابة
والعبد كانا في ضمان فإن تلف العبد أو الدبة
من عمل الغاصب ضمن قيمتها وإذا ضمن القيمة
استعان بالغلة في القيمة فإن فضل عنه شئ تصدق
به وقال: إنن لم يمت العبد أوالدابة ولكنه
باعه فأخذ ثمنه فاستهلكه فمات عند المشتري
وضمن رب الجارية أو رب العبد المشتري القيمة
رجع الغاصب علي المشتري بالثمن ويستعين الغاصب
بالغلة في أداء الثمن إن لم يكن عنده وفاء.
6 ن: قيمته.
7 لعل صوابه: لا يكون: أي يتصدق بالغلة كلها
إلا أن لا يكون عنده وفء فيعطي في القيمة من
الغلة.
8 أي من الغلة: ن: منه.
9 لعل صوابه: فيؤجره.
(1/177)
مثل كراء سلعته
ويرجع المستأجر على الغاصب بما أخذ منه من
الأجرة1 وإذا اغتصب رجل شيئا فآجره فعطب عند
الذي استأجره فأخذ رب السلعة2 المستأجر
بالقيمة وذلك عند عدم الغاصب فإن الإجارة
فاسدة ويرجع رب السلعة على المستأجر بكراء
المثل3 وقيمة سلعته ويرجع المستأجر على الغاصب
بالقيمة التي أخذت منه4 للرقبة فقط لأنه غره.
ـــــــ
1 أشراف: وإذا اغتصب الرجل شيئا الخ.
2 أشراف:علي المستأجر فأخذ رب السلعة المستأجر
بالقسمة وذلكحين لم يجد الغاصب فالأجرة فاسدة.
3 أشراف: وبقيمة.
4 اشراف: لرقبته لأنه غره وهذا قول أبي ثور.
(1/178)
واختلفوا في حكم المغصوب إذا خلطه الغاصب بشيء
لا يتميز من ماله
فقال مالك إن الغاصب إذا اختلط المغصوب بما لا
يتميز من ماله أن المغصوب منه والغاصب يضرب
بقيمة ماله في ذلك وذلك أن يونس "حدثني عن ابن
وهب عنه" أنه سئل عن الرجل يبضع معه القوم
بضائع فيخلط مالهم كله ثم يموت قال يضرب كل
انسان منهم في ذلك المال بقدر حقه.
وقال الشافعي:5 في الشيء الذي يخلطه الغاصب
بما اغتصب فلا يتميز6 أو يغصب مكيال زيت فيصبه
في زيت مثله أو خير منه فيقال
ـــــــ
1 أشراف: وإذا اغتصب الرجل شيئا الخ.
2 أشراف:علي المستأجر فأخذ رب السلعة المستأجر
بالقسمة وذلكحين لم يجد الغاصب فالأجرة فاسدة.
3 أشراف: وبقيمة.
4 اشراف: لرقبته لأنه غره وهذا قول أبي ثور.
5 أم: قال: ومن الشئ.
6 أم: منه ويغصبه: وقال ابن الصباغ في الشامل:
وفصل ذلك فقال: إن خلطه بمثله قيل للغاصب:إن
شئت أعطيه مكيالا من هذا الزيت لأنه غير مزداد
علي حقه:
وقال المنذر في الأشراف: وقال الشافعي في
الرجل يغتصب من الرجل مكيال زيت فيصبه في زيت
مثله أو خير منه فقال للغاصب: إن شئت أعطيه
مكيال زيت مثل زيته وإن شئت أخذ من هذا الزيت
مكيالا ثم كان غير مزداد إذ كان زيتك مثل زيته
وكنت تاركا للفضل إذا كان زيتك خيرا من زيته
ولاخيار من زيته للمغصوب أنه غير متنقض فإن
كان صب ذلك الزيت في زيت شر من زيته ضمن
الغاصب له مثل زيته ولأنه قد انتقص زيته
بتصبيبه فيما هو شر منه.
(1/178)
للغاصب إن شئت
أعطيت مكيال1 زيت مثل زيته وإن شئت أخذت من
هذا الزيت مكيالا ثم كان غير2 مزداد إذا كان
زيتك مثل زيته3 وكنت تاركا للفضل إذا كان زيتك
أكثر من زيته ولا خيار للمغصوب لأنه غير منتقص
فإن كان صب ذلك المكيال في زيت شر من زيته4
ضمن الغاصب له مثل زيته لأنه قد انتقص زيته
بتصييره فيما هو شر منه5 وإن كان صب زيته في
بان أو شيرق أو دهن طيب أو سمن أو عسل ضمن في
هذا كله لأنه لا يتخلص منه الزيت ولا يكون له
أن يدفع إليه6 مكيالا7 منه وإن كان المكيال8
منه خيرا من الزيت من قبل أنه غير الزيت9.
قال ولو كان صبه في10 ماء ان خلصه منه حتى
يكون زيتا لا ماء فيه11 وتكون مخالطة الماء
غير ناقصة له12 كان لازما للمغصوب أن يقبله
وإن كانت مخالطة الماء ناقصة له في العاجل
والمتعقب كان عليه أن يعطيه مكيالا مثله
مكانه13. 14قال ولو غصبه زيتا فأغلاه على
النار فنقص كان عليه
ـــــــ
1 ن: مكيال زيته.
2 ن: مزدادا.
3 ن: وكنت ولا خيار الخ.
4 أم مد: زيته لأنه قد انقض زيته بتصبره.
5 أشراف: وإن صب زيته بتصبره.
6 أشراف: مكتالا منه وإن كان مكيالا منه خير
من الزيت من قبل أنه غير الزيت ولو اغتصبه
زيتا فأغلاه الخ...
7 ن وأشراف: منه: أم: مثله.
8 ن: المكيال خيرا.
9 أم مد: ولو كان: أم ق: وكان.
10 ن: ما خلصه.
11 ن: وتكون المخالطة.
12 ن: لأن ما.
13 أم: قال الربيع: ويعطيه هذا الزيت بعينه
وإن نقصه الماء ويرجع عليه بنقصه وهو معني قول
الشافعي، قال الشافعي:ولو اغتصبه الخ.
14 أشراف: ولو اغتصبه الخ.
(1/179)
أن يسلمه إليه
وما نقص مكيلته ثم إن كانت النار تنقصه شيئا
في القيمة1 لم يكن عليه. 2وقال ولو غصبه حنطة
جيدة فخلطها برديئة كان كما3 وصفت في الزيت4
يغرم له مثلها بمثل كيلها إلا أن5 يقدر على أن
يميزها حتى تكون معروفة وإن خلطها6 بمثلها أو
أجود كان كما وصفت في الزيت7 وإن خلطها بشعير
أو ذرة أو حب غير الحنطة كان عليه أن يوخذ
بتمييزها حتى يسلمها إليه بعينها بمثل كيلها
وإن نقص كيلها8 ضمنه "حدثنا بذلك عنه الربيع".
وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا استودع رجل رجلا
حنطة وآخر شعيرا فخلطهما فعلى المستودع حنطة
وشعير لهما مثل ما استودعاه أو قيمة ذلك قالوا
وإن كان الخلط من غيره فإن الحنطة والشعير
يباعان ويقسم الثمن على قيمة حنطة هذا وعلى
قيمة شعير هذا وكذلك كل غاصب خلط متاع الناس
بعضه ببعض فإن باع صاحب الحنطة والشعير
سلعتهما جزافا فقال صاحب الحنطة كانت حنطتي
كرين وقال صاحب الشعير بل كانت كرا أو قال
صاحب الشعير كان شعيري كرين وقال صاحب الحنطة
بل شعيرك كان كرا أحلف كل واحد منهما لصاحبه
واقتسما الثمن على ما أقر كل واحد منهما
لصاحبه.
ـــــــ
1 أم وأشراف: كان عليه أن يغرم له نقصانه وإن
لم تنقصه شيئا في القيمة فلا شئ عليه
2 أم وأشراف: ولو اغتصبه حنطة الخ...
3 أن ق: وصفنا.
4 أشراف: تقوم له مثلهما بمثل الخ...
5 أم وأشراف: يكون يقدر.
6 أم: قال: ولو خلطه.
7 أم ق: بالشعير أو ذرة أو أخذ حب الخ...
8 أم ق: شيئا ضمنه: أم مد: شيئا نقصه ضمنه.
(1/180)
1وقال أبو ثور
إذا خلط المستودع الحنطة والشعير كان الحنطة
والشعير بين الرجلين فإن كان نقص من قيمتها
شيئا2 بالخلط كان على المستودع لأنه جان وكذلك
إن كان الخلط من غير المستودع3 فالحكم واحد
وكذلك في كل جان على شيء مما يكال أو يوزن إذا
خلط بعضه ببعض وإذا اختلف رب الحنطة والشعير
فيما كان لهما من مبلغ الحنطة والشعير مثل قول
أبي حنيفة.
ـــــــ
1 أشراف: باب الرجلين يودعان الرجل شيئين
فيخلط بينهما: قال أبو بكر: وإذا أودع رجل
رجلا حنطة وأودعه آخر شعيرا فخلط بينهما
فالحنطة والشعير بين الرجلين علي قدر أموالهما
فإن كان نقص الخ...
2 ن: بالحنطة.
3 أشراف: ما دخل في ذلك من النقص لأنه جاني
وهذا يشبه مذهب الشافعي وبه قال أبو ثور.
(1/181)
واختلفوا حكم الغاصب يتلف ما غصب بسببه على
يدي مالكه أو في مال مالكه
1فقال الشافعي: 2إذا اغتصب رجل رجلا زعفرانا
وثوبا فصبغ الثوب بالزعفران كان رب الثوب
بالخيار في أن يأخذ الثوب مصبوغا لأنه زعفرانه
وثوبه ولا شيء له غير ذلك أو يقوم ثوبه3 أبيض
وزعفرانه صحيحا فإن كانت قيمته ثلثين قوم ثوبه
مصبوغا بزعفران فإن كانت قيمته خمسة وعشرين
ضمنه4 الخمسة لأنه أدخل عليه النقص5 وكذلك لو
كان غصبه سمنا وعسلا ودقيقا فعصده كان للمغصوب
الخيار في أن يأخذه معصودا ولا شيء للغاصب في
الحطب والقدر والعمل من قبل أن ما له فيه أثر6
ولا عين أو يقوم له العسل منفردا والسمن
والدقيق منفردين فإن كانت
ـــــــ
1 أم: قال: وإن غصبه زعفرانا الخ: أشراف: وكان
الشافعي يقول: إن غصبه الخ...
2 ن: فقال الشافعي: رجا رجلا الخ...
3 ن: ثوبه وزعفرانه الخ...
4 أم: خمسة.
5 أم: قال: وكذلك إن غصبه.
6 ن: لا.
(1/181)
قيمته عشرة وهو
معصود قيمته سبعة غرامات له ثلاثة من قبل انه
ادخل عليه النقص. 1وإن غصبه دابة2 وشعيرا فعلف
الدابة الشعير رد الدابة والشعير3 لأنه هو
المستهلك له وليس في الدابة عين من الشعير
يأخذه إنما4 فيها منه أثر.
5ولو غصبه6 طعاما فأطعمه إياه والمغصوب لا
يعلم كان متطوعا7 بالطعام وكان عليه8 ضمان
الطعام وإن كان المغصوب يعلم أنه طعامه9 فلا
شيء عليه من قبل أن سلطانه إنما كان على أخذ
طعامه10 فقد أخذه11 وإن اختلفا فقال المغصوب
أكلته ولا أعلم أنه طعامي وقال الغاصب أكلته
وأنت تعلم فالقول قول المغصوب مع يمينه إذا
أمكن أن12 يكون يخفي ذلك بوجه من الوجوه
"حدثنا بذلك عنه الربيع".
وقال أبو حنيفة وأصحابه13 إذا اغتصب رجل رجلا
ثوبا أو
ـــــــ
1 أم ق: ولو.
2 ن: أو شعيرا الخ...
3 أم: من قبل أنه.
4 ن: فيه.
5 أم: م قبل أنه.
6 أم مد: غصبه فاطعمه: أشراف: باب ذكر الغاصب
ثم يطعمه صاحبه: وقلات طائفة: إذا أطعمه
الخ...
7 أم وأشراف: بالإطعام.
8 أشراف: الضمان وإن.
9 أم وأشراف: فاكله فلا الخ...
10 ن: فهذا حده. أم ق: بعد أخذه.
11 أم: قال: وإن: أشراف: قال الشافعي: وإن.
12 أشراف: يكون ذلك.
13 أشراف: قال أبوبكر: واختلفوا في الرجل يغصب
حنطة أو تمرا أو ثوبا يخفي، ثم إن الغاصب وهب
ذلك الشئ لربه أو هاه إليه فأكل مالك الطعام
الطعام، أو لبس الثوب حتي بلي، وهو لا يعلم أن
ذلك له فقالت طائفة: لا شئ علي الغاصب لأنه قد
رد إليه ملكه وإن كان لا يعلم هذا قول أي ثور
وبه قال أصحاب الرأي.
(1/182)
حنطة أو تمرا
أو شئيا مما يخفى ثم إن الغاصب وهبه لربه
فأكله أو لبس الثوب حتى خرقة فلا شيء على
الغاصب.
قالوا فإن كان تمرا فاتخذ منه خلا ثم أهداه
إلى صاحب التمر1 أو جعله نبيذا فسقاه فعليه
قيمة التمر وكذلك كل شيء غيره عن حاله فهو ملك
له وعليه قيمة الذي غيره2 الجوزجاني عن محمد.
وقال أبو ثور إذا اغتصبه شيئا ثم أهداه إليه
أو أطعمه إياه فلا شيء على الغاصب لأنه قد رد
إليه ملكه وإن كان لا يعلم فإن كان تمرا فاتخذ
منه خلا ثم أهداه إلى صاحب التمر كان عليه ما
بين الخل والتمر من القيمة فإن كان الخل أكثر
من قيمة التمر فهو لصاحب التمر وكذلك إن
اغتصبه حنطة فجعلها سويقا أو دقيقا أو3 سميذا
أو إطرية أن نشاستج ثم أهداه إلى صاحب الحنطة
فإن عليه ما بين الحنطة وما جعله من النقصان
وإن كانت قيمته أكثر أو مثل قيمته فلا شيء
عليه.
وقياس قول مالك في الغاصب يتلف ما غصب بسببه
على يدي مالكه أو في مال مالكه إن كان استهلكه
فليس له أن يرجع على الغاصب بشيء إلا أن يكون
دخله عنده نقص قبل أن يجني عليه المغصوب منه
فإن كان دخله نقص ضمن قيمة النقصان وكان ما
بقي بعد ذلك من قيمته ساقطا عن الغاصب
باستهلاك المغصوب منه إياه.
وأجمعوا جميعا أن الرجل إذا استهلك لرجل بعض
ما يكال أو يوزن أن
ـــــــ
1 أشراف قال أبو بكر: قال أصحاب الرأي: إذا
غصبه تمرا فنبذه الغاصب وسقاه إياه، قال:
الغاصب ضمن لثمن مثل ثمره أو قيمته لأنه
استهلكه لحين نبذه.
2 أشراف: وقياس قولهم في الحنطة يغتصبها ثم
يجعله سويقا أو دقيقا أو سنيدا أو نشاستج، ثم
أهداه إلي صاحب الحنطة إن عليه قيمة كل شئ
غيره عن حاله
لصاحيه.
3 ن: سمذا.
(1/183)
عليه مثله وأنه
إن لم يجد له مثله من جنسه فأراد أن يأخذه
غيره بيعا بما لزمه مما لا يجوز أن ينسأ
أحدهما في الآخر أنه جائز وأنه لا يجوز لهما
الافتراق حتى يتقابضا وذلك مثل أن يهلك له
حنطة فلم يجد المستهلك الحنطة لصاحبها حنطة
مثل حنطته فأراد أن يعطيه شعيرا بحقه ورضي به
صاحبه إن ذلك جائز إن تقابضا ذلك في مجلسهما
الذي تبايعا فيه وإن افترقا قبل التقابض بطل
البيع فيه.
(1/184)
واختلفوا في حكم المسلم يتلف خمر الذمي
فقال مالك عليه قيمتها "حدثني بذلك يونس عن
ابن وهب عنه".
وقال الشافعي لا شيء على من أهلك خمرا لمسلم
أو نصراني وكذلك إن قتل له خنزيرا "حدثنا بذلك
عنه الربيع".
وقال أبو حنيفة وأصحابه إن اغتصب النصراني
لنصراني خمرا فاستهلكها حكم عليه بقيمة الخمر
فإن أسلما لم يحكم عليه بشيء وإن أسلم أحدهما
لم يحكم على المسلم ولا له بقيمة خمر وإن كان
خنزيرا فأسلما أو أسلم أحدهما فإنه يقضى
بينهما بالقيمة رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة
روى محمد عن زفر وعافية عن أبي حنيفة أنه كان
يقول إن أسلم المغصوب فطلب الخمر لم يقض له به
وإن أسلم الغاصب فعليه قيمة الخمر وإن أسلما
جميعا بطلت وهو قول محمد.
وقالوا إن اغتصب مسلم ذميا خمرا كانت عليه
قيمتها ولا يكون عليه خمر مثلها وإن اغتصب
مسلم ذميا خمرا فجعلها خلا كان له أخذها أو
قيمة الخل وإن اغتصبه جلد ميتة فدبغه ثم
استهلكه لم يكن عليه شيء في قول أبي حنيفة
والفرق عنده بين الخمر إذا صارت خلا والجلد
إذا دبغ أن صاحب الخل لو أصاب خله كان له أخذه
ولم يغرم شيئا وإن صاحب
(1/184)
الجلد لو أصاب
الجلد كان له أخذه ويغرم ما زاده الدابغ.
وقال أبو يوسف ومحمد عليه إن استهلكه قيمة
الجلد ويعطيه صاحب الجلد قيمة الدباغ.
وقال أبو ثور إن اغتصب الذمي ذميا خمرا ثم
ارتفعوا إلينا فاخترنا الحكم عليهم لم نحكم
عليه إلا بما نحكم به بين المسلمين ولا نحكم
عليهم بثمن خمر ولا خنزير ولا حرام وإن
اغتصبها مسلم من مسلم واستهلكها فلا شيء عليه.
1قال وإن اغتصبه جلد ميتة مما يؤكل2 لحمه
فدبغه فهو للذي اغتصب منه وإن استهلكه كانت
عليه قيمته وذلك أنه لما دبغه حل بيعه وكان
بالدباغ متطوعا لا شيء له3 فلما استهلكه بعد
أن حل4 كان له قيمة والخمر لا قيمة لها5 فلا
يحل بيعها.
وأجمعوا أنه إذا اغتصبه عبدا أو أمة فلا شيء
على المغصوب منه.
آخر كتاب الغصب من الاختلاف والحمد لله وصلى
الله على محمد وآله وسلم.
وكتب محمد بن أحمد بن إبراهيم الإمام
ـــــــ
1 أشراف: وكان أبو ثور يقول: إن اغتصبه الخ.
2 أشراف: يوكل قيمته، قال: وذلك الخ.
3 ن: فيما.
4 ن:كانت قيمة.
5 أشراف: ولا.
(1/185)
|