الإشراف على مذاهب العلماء

16 - كتاب الاستسقاء
قال الله جل ذكره: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ} الآية.
(ح 379) وثبت أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله قحط المطر
فادع الله أن [1/ 28/ب] يسقينا، فدعا الله، فمطرنا.
(ح 380) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -خرج بالناس إلى المصلى يستسقى، فاستقبل القبلة وحول رداءه.
قال أبو بكر:
م 639 - ليس لصلاة الإستسقاء أذان ولا إقامة.
م 640 - واختلفوا في الوقت الذي يخرج فيه الإمام لصلاة الإستسقاء، فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: يخرج كالخروج إلى صلاة العيد.
وقد روينا عن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه خرج إلى الإستسقاء وذلك في زوال الشمس.
قال أبو بكر: والقول الأول أصح.

(2/188)


(ح 381) في حديث ابن عباس، وصلى كما يصلى في العيد.
م 641 - واختلفوا في إخراج أهل الذمة في الإستسقاء، فروينا عن مكحول، أنه لم ير بذلك بأساً.
وقال ابن المبارك: إذا خرجوا يعزلون عن مصلاهم، وحكى ذلك عن الزهري.
وقال إسحاق بن راهويه: لا يؤمروا به ولا ينهوا عنه.
وكان الشافعي يكره إخراجهم، ويأمر بمنعهم، فإن خرجوا متميزين لم يمنعهم.
وقال أصحاب الرأي: لا يجب إخراجهم.
قال أبو بكر: قول إسحاق حسن.
م 642 - وكان الشافعي يقول: "أحب أن يخرج الصبيان ويتنظفون للاستسقاء، وكبار النساء ومن لا هيئة له منهن، ولا أحب خروج ذوات الهيئة، ولا آمر بإخراج البهائم".
وكره يعقوب، ومحمد خروج الشابة ورخصا في خروج العجائز.
(ح 382) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه استسقى فخطب قبل الصلاة.

(2/189)


م 643 - وروينا عن ابن الزبير أنه خطب ثم صلى، وفي الناس البراء بن عازب، وزيد بن أرقم.
وروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز.
وروينا عن عبد الله بن يزيد أنه صلى ثم استسقى.
وقال مالك بن أنس، والشافعي، والحسن (1) يبدأ بالصلاة قبل الخطبة.
وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه خطب قبل الصلاة.
وبه نقول.
(ح 383) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء.
م 644 - وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، ومحمد بن الحسن.
م 645 - واختلفوا في عدد التكبير في صلاة الإستسقاء، فكان مالك، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: لا يكبر فيها تكبير العيد.
وقالت طائفة: يكبر فيها كما يكبر في العيدين، هذا قول سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، والشافعي.
(ح 384) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - استسقى وحول (2) ردائه.
م 646 - واختلفوا في تحويل الرداء، فكان مالك يقول: "إذا فرغ الإمام من الصلاة في الإستسقاء خطب الناس قائماً يدعو في [1/ 29/ب] خطبته
__________
(1) كذا في الأصل, وفي الأوسط "محمد بن الحسن".
(2) في الأصل "رداءه".

(2/190)


مستقبل الناس، فإذا استقبل القبلة حول رداءه، جعل ما على يمينه على شماله، وما على شماله على يمينه، ودعا قائماً واستقبل الناس جميعاً القبلة، كما استقبلها الإمام قعوداً، وحولوا أرديتهم جميعاً كما حول الإمام، فإذا فرغ مما يريد من الدعاء تحول إلى الناس بوجهه، ثم انصرف".
وممن كان يرى أن يجعل اليمين الشمال والشمال اليمين، أحمد بن حنبل وأبو ثور.
وبه كان يقول الشافعي بالعراق ثم قال بمصر آخر قوليه قال: "آمر الإمام أن ينكس رداءه فيجعل أعلاه أسفله ويزيد مع تنكيسه، يجعل شقه الذي كان على منكبه الأيمن الأيسر، والذي كان على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن".
وفيه قول ثالث: قاله محمد بن الحسن قال: "ويقلب الإمام رداءه كما قال أحمد، وأبو ثور وقال: "ليس ذلك على من خلف الإمام".
م 647 - واختلفوا في خطبة الإستسقاء، فقال مالك، والشافعي: "يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلسة".
وقال عبد الرحمن بن مهدي: يخطب خطبة خفيفة يعظهم ويحثهم على الخير.
م 648 - واختلفوا في الاستسقاء بغير صلاة، فكان قيس بن أبي حازم يستسقي بغير صلاة، ورأى ذلك الشافعي.

(2/191)


وكان الثوري يكره ذلك.
م 649 - وكان مالك يقول: لا بأس أن يستسقى الناس في العام مرة أو مرتين أو ثلاتاً إذا احتاجوا إلى ذلك.
وقال الشافعي: إن لم يسقوا يومهم ذلك أحببت أن يتتابع الاستسقاء ثلاثة أيام يصنع في كل يوم منها صنعته في اليوم الأول.
وقال إسحاق: لا يخرجون إلى الجبّان إلا مرة ولكن يجتمعون في مساجدهم، إذا فرغوا من الصلاة دعوا الله، ويدعوا الإمام يوم الجمعة على المنبر ويؤمن الناس.
قال أبو بكر:
(ح 385) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الاستسقاء وخطب.
م 650 - وبه قال عوام أهل العلم، إلى أن جاء النعمان فقال: لا صلاة في الاستسقاء إنما فيه دعاء.
وخالفه ابن الحسن فقال: يصلى في الاستسقاء نحواً من صلاة العيد.
قال أبو بكر: السنة مستغنى (1) بها عن كل قول.
__________
(1) في الأصل "مستغناً بها".

(2/192)