الإشراف على مذاهب العلماء

18 - جماع (1) أبواب الصلاة عند العلل
1 - باب صلاة المريض جالساً إذا عجز عن القيام
(ح 393) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سقط عن فرس فجحش شقه الأيمن وصلى جالساً.
م 676 - وأجمع أهل العلم على أن فرض من لا يطيق القيام أن يصلى جالساً.
م 677 - واختلفوا فيمن له أن يصلي جالساً فقال ميمون بن مهران: إذا لم يستطع أن يقوم لدنياه فليصل قاعداً، وبه قال أحمد وإسحاق، وزادا: إذا أن قيامه يزيده في مرضه أو يشتد عليه،
صلى جالساً.
وقال مالك: أحسن ما سمعت في المريض إذا شق عليه وأتعبه وبلغ منه حتى يشتد عليه القيام، له أن يصلي جالساً.
وقال الشافعي: "إذا أطاق الصلاة ببعض المشقة المحتملة، لم يكن له أن يصلي إلا كما فرض عليه، وإنما أمر بالقعود إذا كانت المشقة غير محتملة، أو كان لا يقدر على القيام بحال".
__________
(1) في الأصل "باب جماع أبواب".

(2/212)


2 - باب صفة صلاة الجالس
م 678 - واختلفوا في صفة جلوس المصلى قاعداً، فقالت طائفة: يكون في حال قيامه متربعاً، وروى ذلك عن ابن عمر، وأنس، وابن سيرين، ومجاهد، وهو قول عطاء، والنخعى، وسعيد بن جبير، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وكره الصلاة متربعاً ابن مسعود فيما روى عنه، واختلفوا فيه عن عطاء، والنخعى.
م 679 - وقال سفيان الثوري: يكون جلوسه متربعاً، ويركع وهو متربع، فإذا أراد أن يسجد ثنى رجله، هذا قول سفيان الثوري.
وقال أحمد، وإسحاق: إذا أراد أن يركع ثنى رجليه كما يركع القائم.

3 - باب صلاة من [1/ 43/ب] يعجز عن القيام والجلوس
م 680 - روينا عن ابن عمر أنه قال: إن لم يستطع أن يصلي قاعداً فمضطجعاً

(2/213)


يومئ إيماءً، وصلى النخعي كذلك مضطجعاً، وبه قال قتادة، والثوري، والشافعي.
وقال أحمد، وإسحاق: يصلى على قدر ما قدر وتيسر عليه.
وقال أصحاب الرأي: يصلى مضطجعاً ويومئ.
وقال حارث العكلي: يصلي مستلقياً ويجعل رجليه بما يلي القبلة، ويومئ برأسه إيماءً، وبه قال أبو ثور.
وقال مالك: إذا لم يستطع أن يصلي قاعدًا صلى على جنبه أو على ظهره.
قال أبو بكر:
م 681 - روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: صلّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب.
وبه نقول.
قال أبو بكر:
م 682 - فإن لم يقدر أن يصلي على جنبه، صلى مستلقياً رجلاه في القبلة وإن لم يقدر صلى على قدر طاقته.

4 - باب سجود المريض على شيء يرفع إلى وجهه
م 683 - أجمع أهل العلم على أن القادر على الركوع والسجود لا تجزيه صلاة إلا أن يركع ويسجد.

(2/214)


م 684 - فإن عجز عن السجود ففيها قولان: أحدهما: أن يومئ إيماءً ولا يرفع إلي وجهه شيئاً ليسجد عليه، روي هذا القول عن ابن مسعود، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنس.
وقال عطاء، والثوري: يومئ برأسه إيماءً.
وقال مالك: "لا يرفع إلى جبهته شيئاً".
وقال أبو ثور: الإيماء أحب إلي، وإن رفع إلى وجهه شيئاً فسجد عليه أجزأه. ورخّص بعضهم: أن يضع مخدّة يسجد عليها ولا يرفع إلى وجهه شيئاً، هذا قول الشافعي، وروي عن ابن عباس، وأم سلمة، الرخصة في السجود على الوسادة والمخدّة، وقال أحمد، وإسحاق: نحواً من قول أبي ثور.
وكان أنس: إذا اشتكى يسجد على مرفقه.
واختار أحمد، السجود على المرفقة وقال: هو أحب إلي من الإيماء، وكذلك قال إسحاق.
ويجزئ السجود على المرفقة عاء أصحاب الرأي.

5 - باب صلاة من يعالج عينيه مستلقياً
م 685 - واختلفوا في المرء يعالج عينيه مستلقياً، فقالت طائفة: لا تجزيه الصلاة إلا قائماً، أراد ابن عباس: معالجة عينيه فأرسل إلى عائشة،

(2/215)


وأبي هريرة وغيرهم من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - فكلهم قال: إن أنت مت في السبع كيف تصنع بالصلاة، ترك معالجة عينيه.
وكره ذلك عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو وائل، ومالك ابن أنس، والأوزاعي.
وفيه قول ثان: وهو أن يجزيه أن يصلي مستلقياً، هذا قول جابر بن زيد، وأصحاب الرأي [1/ 44/ألف].
قال أبو بكر: لا يجزيه.

6 - باب إسقاط فرض الصلاة عن الحائض
(ح 394) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت أبي حبيش: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة.
م 686 - وأجمع أهل العلم على أن الحائض لا صلاة عليها في أيام حيضها، فيجب عليها القضاء.
م 687 - وأجمعوا على أن عليها قضاء الصوم الذي تفطره في أيام حيضها في شهر رمضان.

(2/216)


7 - باب أمر الصبيان بالصلاة
(ح 395) جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علموا الصبي الصلاة ابن سبع واضربوه عليها ابن عشر.
م 688 - قال بهذا مكحول، والأوزاعى، وأحمد، وإسحاق.
وبه نقول.
م 689 - وقد اختلف فيه، فكان ابن عمر، وابن سيرين يقولان: يعلم إذا عرف يمينه من شماله.
وقال النخعي، ومالك: يؤمر بالصلاة إذا أثغر.
وقال عروة بن الزبير: يؤمر بها إذا عقلها، وبه قال ميمون بن مهران.

8 - باب حد البلوغ الذي يجب على من بلغه الفرائض والحدود
قال الله جل ثناؤه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا

(2/217)


النِّكَاحَ} الآية، وقال: بلغ {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} الآية.
(ح 396) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن الغلام حتى يحتلم".
والكتاب والسنة تدلان على أن الاحتلام حد البلوع.
(ح 397) وعرض ابن عمر على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ابن أربع عشرة فلم يجزه،
وعرض عليه ابن خمس عشرة سنة فأجازه.
وأمر الله عز وجل: بقتل المشركين وقتالهم في غير آية من كتابه.
(ح 398) ونهى النبي- صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان.
فجعلت السنة الفصل بين الأمرين الإنبات.
(ح 399) قال عطية [الْقُرَظِيُّ] (1): عرضت على النبي- صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنظروا هل أنبت؟، فلم أكن أنبت، فألحقني بالسبي.
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع «القرطبي»، والمثبت من (الأوسط) وهو الصواب

(2/218)


م 690 - وأجمع أهل العلم على أن المرأة إذا حاضت وجب عليها الفرائض.
م 691 - وقال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور: الإنبات حد البلوغ.
وقال الشافعي لا يكون ذلك حد البلوغ إلا في أهل الشرك الذي يقتل من بلغ منهم، ويترك من لم يبلغ، وجاء النعمان بقول خلاف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه [1/ 44/ب] وسلم، قال: حد بلوغ الغلام ثماني عشر سنة والجارية سبع عشرة سنة.
قال أبو بكر: لا نعلم أحداً سبقه إلى هذا القول.
وقال سفيان الثوري: الحلم أدناه أربع عشرة وأقصاه ثماني عشرة، فإذا جاءت الحدود أخذنا بأقصاها.
وقال القاسم، وسالم: يحد الصبي إذا أنبت.

9 - باب المغمى عليه يفيق بعد خروج الوقت
م 692 - واختلفوا فيما يقضى المغمي عليه من الصلاة إذا أفاق، فقالت طائفة: لا قضاء عليه، كذلك قال ابن عمر، وطاؤس، والحسن، وابن سيرين، والزهري، وربيعة، ومالك، الشافعي، وأبو ثور.

(2/219)


وقالت طائفة: يقضي الصلوات كلها، روي هذا القول عن عمار بن ياسر، وعمران بن الحصين، وبه قال عطاء، وأحمد بن حنبل، وإسحاق.
وقالت فرقة: يقضي صلاة يومه وليلته، هذا قول النخعى، وقتادة، والحكم، وحماد وإسحاق.
واختلف فيه عن الثوري، فقال مرة: إذا أغمي عليه يوم وليلة قضى، وإن أغمي عليه أكثر من ذلك لم يقضه، وبه قال أصحاب الرأي.
وقال الفرياني عن الثوري، أنه كان يعجبه في المغمى عليه أن يقضي صلاة يوم وليلة.
وقال الزهري، وقتادة، ويحيى الأنصاري، إن أفاق نهاراً صلى الظهر والعصر، وإن أفاق ليلاً صلى المغرب والعشاء.
وقال الشافعي: "إن أفاق قبل المغرب بركعة صلى الظهر والعصر، وإن أفاق قبل الفجر بركعة فعليه المغرب والعشاء".
وقال مالك: "إذا أفاق وعليه من النهار قدر ما يصلي فيه الظهر وركعة من العصر قبل غروب الشمس، صلى الظهر والعصر جميعاً"، وإن لم يفق إلا قدر ما يصلى فيه أحدهما صلى العصر، والجواب عنده في إفاقته قبل طلوع الفجر في صلاة المغرب والعشاء كذلك.

(2/220)


10 - باب من عليه صلاة واحدة من يوم وليلة لايعرفها بعينها
م 693 - واختلفوا فيمن عليه صلاة واحدة لا يعرفها بعينها، فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يصلي صلاة يوم وليلة.
وقال الثوري: يصلى الفجر ثم المغرب، ثم يصلى أربعاً ينوي إن كان الظهر أو العصر أو العشاء.
وقال الأوزاعي: يصلى أربعاً بإقامة.

11 - مسائل
م 694 - قال مالك: والشافعي في المجنون: لا [1/ 45/ألف] يقضى الصلاة.
وقال مالك: يقضى الصوم.
وقال الشافعي: لا يقضي، وبقول الشافعي قال أحمد.
م 695 - وقال أحمد في الغلام: ابن أربع عشرة يترك الصلاة يعيدها، ويؤدب على الصلاة، وفي الصوم إذا أطاق الصوم، وليس عليه الإعادة في قول الشافعي إذا لم يكن احتلم.
م 696 - وكان الشافعي، وسفيان الثوري، وغير واحد يقولون: في السكران يقضى الصلاة، ولا أحفظ عن غيرهم في ذلك خلافاً.

(2/221)


وكذلك نقول.
م 697 - واختلفوا فيما على المرتد من قضاء ما ترك من صلاته، فكان الأوزاعي يقول: إذا رجع إلى الإِسلام أعاد حجته لما حبط من عمله, قيل له: فيقضي الصلاة، قال: يستأنف العمل، وهو مذهب أصحاب الرأي.
وقال الشافعي: عليه قضاء كل صلاة تركها في ردته.

(2/222)