الإشراف
على مذاهب العلماء 19 - كتاب صلاة
الخوف
م 698 - اختلف أهل العلم في الصلاة عند شدة الخوف، فقالت طائفة: يصلى ركعة
يوميء ايماءاً، وقال جابر بن عبد الله: إنما القصر (1) ركعة عند القتال.
وكان طاؤس، والحسن البصري، ومجاهد، والحكم، وقتادة يقولون: ركعة يوميء
ايماءاً.
وروى ذلك عن الضحاك وقال: فإن لم يقدر كبر تكبيرتين حيث كان وجهه.
وقال إسحاق: تجزيك عند الشدة ركعة تؤمي بها ايماءاً، فإن لم تقدر فسجدة
واحدة، فإن لم تقدر فتكبيرة لأنها ذكر الله.
وقال ابن عمر: يصلى ركعتين، وبه قال النخعي، والثوري، والشافعي، وهو مذهب
المدني، والنعمان ومذهب أكثر أهل العلم من علماء الأمصار من المتأخرين.
__________
(1) في الأصل "الصلاة" بدل القصر, والتصحيح من الحاشية, وكذا في الأوسط 5/
27 رقم المسألة 705.
(2/223)
1 - باب العمل في
الصلاة
قال أبو بكر:
م 699 - وكان الشافعي يقول: "رخص في الصلاة في حال شدة الخوف في الإستدارة،
والتحرف، والمشي القليل العدو والمقام الذي يقيمونه، وتجزيهم صلاتهم، ويضرب
أحدهم الضربة بسلاحه، أو يطعن الطعنة، فإما أن يتابع الضرب، أو الطعن، أو
يطعن طعنة فرددها في المطعون، أو عمل ما يطول، فلا تجزيه صلاته".
في قول ابن الحسن: "إن رماهم المسلمون بالنبل والنشاب، قطع صلاتهم، قال:
لأن هذا عمل في الصلاة يفسدها".
وقال غيرهما: كل ما فعله المصلي في حال شدة الخوف بما لا يقدر على غيره،
الصلاة مجزية قياساً على ما وضع عنه في القيام والركوع والسجود، [1/ 45/ب]
لعلة ما هو فيه من مطاردة العدو.
قال أبو بكر: هذا أصح وأشبه بظاهر الخبر مع موافقته النظر، والله أعلم.
2 - باب صلاة المغرب في شدة الخوف وكيف يصليها
الإمام
م 700 - واختلفوا في صفة صلاة الإمام المغرب في حال الخوف، فكان الحسن
البصري يقول: يصلى الإمام ستاً ويصلون ثلاثاً ثلاثاً.
قال أبو بكر: يعني بكل طائفة ثلثا.
(2/224)
وقالت طائفة: "يصلى الإمام بالطائفة الأولى
ركعتين فيتشهد بهم ويقوم فإذا قام ثبت قائما وأتم القوم لأنفسهم، ثم سلموا،
ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلى ركعة ثم يسلم بهم، ولا يسلمون هم فإذا سلم
الإمام قاموا فأتموا مابقى عليهم من صلاتهم"، هذا قول مالك، وهو مذهب
الأوزاعي، ومذهب الشافعي قريب من مذهب مالك غير أنه قال: يثبت الإمام
جالساً حتى تتم الطائفة الثانية الصلاة ثم يسلم.
وقيل لأحمد بن حنبل: سئل (1) سفيان في صلاة المغرب، كيف تصلى إذا كان
الخوف؟، قال: ركعتين للطائفة الأولى، وركعة للطائفة الثانية ويتموا
لأنفسهم، فقال الإمام أحمد: جيد لم يقصر، وقال
إسحاق كما قال الإمام أحمد.
وقال أصحاب الرأي: إذا كانت الصلاة صلاة المغرب، يفتتح الصلاة ومعه طائفة
وطائفة بإزاء العدو، فيصلي بالطائفة الذي معه ركعتين ثم تقوم الطائفة
مقامهم، فيقفون بإزاء العدو من غير أن يسلموا ولا يتكلموا، وتأتي الطائفة
الذي كانوا بإزاء العدو فيدخلون مع الإمام في الصلاة فيصلي بهم ركعة ويتشهد
ويسلم، ثم تقوم الطائفة الذين معه من غير أن يتكلموا ولا يسلموا مقامهم
فيقفون بإزاء العدو.
وتجئ الطائفة التي صلت مع الإمام الركعتين الأولتين، فيأتون مقامهم الذي
صلوا فيه، فيقضون ركعة وسجدتين وُحدانا يغير إمام ولا قراءة، ويتشهدون
ويسلمون ثم يقومون مقامهم بإزاء العدو، وتجئ الطائفة التي صلت مع الإمام
الركعة الثالثة، فيأتون مقامهم الذي صلوا فيه
__________
(1) في الأصل "قال" والتصحيح من الأوسط 5/ 40.
(2/225)
فيقضون ركعتين بقراءة وحدانا ويتشهدون
ويسلمون، ثم يأتون مقامهم فيقفون مع أصحابهم ".
3 - باب صلاة الطالب والمطلوب
م 701 - أجمع كل من نحفظ من أهل العلم على أن المطلوب يصلي على دابته، ذلك
قال عطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، والشافعي وأحمد، وأبو ثور.
م 702 - وإذا كان طالباً نزل فصلى بالأرض، وقال الشافعي: " إلا في حال
واحدة وذلك أن يقل الطالبون عن المطلوبين ويقطع الطالبون عن أصحابهم،
فيخافون عود المطلوبين عليهم، فإذا كان هذا هكذا كان لهم [1/ 46/ألف] (1)
أن يصلوا يومئون إيماء.
4 - مسائل
م 703 - كان مالك، والأوزاعي، وأحمد يرون أن يصلى الحاضر صلاة الخوف أربع
ركعات.
م 704 - وكان سفيان الثوري يقول: إذا كنت بأرض تخاف السبع أو الذئب أو
العدو أن يأخذوك، أومأت إيماءاً حيث كان وجهك واقفاً كنت أو سائراً، وهذا
على مذهب الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وابن
__________
(1) في الأصل "أن يصلون".
(2/226)
الحسن، وقال مالك فيمن خاف لصاً أو سبعاً:
صلى المكتوبة على دابته، فإذا أمن أعاد في الوقت.
قال أبو بكر: لا يعيد.
م 705 - وقال محمد بن الحسن: في الرجل لا يستطيع أن يقوم لخوف العدو يسعه
إن صلى قاعداً: يومئ إيماءاً.
قال الشافعي: إن صلى قاعداً يعيد.
قال أبو بكر: لا يعيد.
وكان الشافعي يقول: "إن دخل الصلاة في شدة الخوف راكباً، ثم نزل أحب إلى أن
يعيد، فإن لم ينقلب وجهه عن القبلة لم يعد؛ لأن النزول خفيف".
وقال أبو ثور: يبنى في الحالين ولا إعادة عليه.
قال أبو بكر: كما قال أبو ثور أقول.
(2/227)
|