الإشراف على مذاهب العلماء

24 - كتاب الكسوف
(ح 459) ثبت أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، ليستا تنكسفان لموت أحد من الناس ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموها فقوموا فصلوا.
(ح 460) وثبت أن الشمس لما كسفت صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس معه، فقام قياماً طويلاً قرأ نحوا من سورة البقرة، ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع فقام [1/ 51/ألف] قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، سجد، تم قام قياماً طويلاً وهو دون القيا الأول، ثم ركع ركوعا طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم [سجد]، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله تعالى.

(2/301)


1 - باب اختلافهم في عدد الركعات في صلاة كسوف الشمس
م 803 - واختلفوا في عدد ركوع صلاة الكسوف.
(ح 461) فروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما انكسفت الشمس صلى ركعتين.
وقال بظاهر الحديث، إبراهم النخعى، قال: صلوا ركعتين نحواً من صلاتكم، وبه قال أصحاب الرأي.
(ح 462) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة الكسوف ركعتين في كل ركعة ركعتين.
وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور.
(ح 463) وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى ست ركعات في أربع سجدات.
وقد روينا عن ابن عباس، وحذيفة أنهما صليا في كسوف الشمس ست ركعات وأربع سجدات.
(ح 466) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى في كسوف الشمس فقرأ، ثم ركع فقرأ، ثم ركع ثم قرأ، ثم ركع، ثم قرأ، ثم ركع، ثم سجد والأخرى مثلها.

(2/302)


وقد روينا عن علي بن أبي طالب، وابن عباس أنهما صليا هذه الصلاة.
(ح 465) وقد روينا عن علي بن أبي طالب أن الشمس انكسفت فقام فصلى خمس ركعات فسجد سجدتين، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك، ثم سلم، ثم قال: ما صلاها أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - غيري.
وقد حكى الحسن البصري هذه الصلاة.
وقد روينا عن العلاء بن زياد أنه قال في صلاة الكسوف: "يقوم فيكبر فيركع فإذا قال: سمع الله لمن حمده، نظر فإن كان لم تتجل قرأ، ثم ركع فإذا قال: سمع الله لمن حمده نظر فإن كان لم تتجل قرأ، ثم ركع فإذا قال: سمع الله لمن حمده نظر فإن كان قد تتجل سجد، ثم شفع إليها ركعة، وإن كان لم تتجل لم يسجد أبداً حتى تتجل".
وكان ابن راهويه يقول بعد أن ذكر صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين، وست ركعات في ركعتين، وثمان ركعات في ركعتين: كل ذلك مؤتلف يصدق بعضه بعضاً؛ لأنه إنما كان يزيد في [1/ 51/ب] الركوع إذا لم ير الشمس قد انجلت، وإذا انجلت الشمس سجد، فمن ها هنا صار زيادة الركعات، فلا يجاوز بذلك لأربع ركعات في كل ركعة، لأنه لم يأتنا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى أكثر من ذلك ".
قال أبو بكر: وقال آخر من أصحابنا: الأخبار في صلاة الكسوف أخبار ثابتة، فيصلى المصلى، فذكر في كل ركعة ركوعين، وذكر أنه يصلى في كل ركعة ثلاث ركعات، فإن أحب ركع في كل ركعة أربع

(2/303)


ركعات؛ لأن الأخبار فيها ثابتة، ويدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس مرات.
قال أبو بكر: هذا حسن.

2 - باب الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس
م 804 - واختلفوا في الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس، فممن روينا عنه أنه جهر بالقراءة في صلاة الكسوف، علي بن أبي طالب، وفعل ذلك عبد الله بن يزيد، وبحضرته البراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وبه قال أحمد، وإسحاق.
وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجهر بالقراءة في صلاة الكسوف.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول:
(ح 466) لحديث النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه جهر بالقراءة.

(2/304)


3 - باب قدر القراءة في صلاة كسوف الشمس
م 805 - واختلفوا في قدر القراءة في صلاة الخسوف، فقرأ ابن عباس: في الركعات الأول بالبقرة، وقرأ في الركعات الأواخر سورة آل عمران، وروينا عنه أنه قرأ في الركعة الأولى سورة البقرة، وفي الثانية بآل عمران.
وروى عن علي بن أبي طالب: أنهم خرزوا قراءته الروم، أو يس، أو العنكبوت.
وروينا عن إبان بن عثمان، أنه قرأ في كسوف {سأل سائل}.
وقال الشافعي: "يقرأ في القيام الأول بعد الافتتاح بسورة البقرة، أو قدرها إن كان لا يحفظهما، ثم يركع قدر مائة آية من سورة البقرة، تم يرفع، ثم يقرأ بأم القرآن وقدر مائتي آية من البقرة، ثم يركع بقدر ثلثى ركوعه الأول، ثم يرفع، ثم يسجد، ويقوم في الركعة الثانية فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة وخمسين آية من البقرة، ثم يركع بقدر سبعين آيه من البقرة، ثم يركع فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة آية من البقرة، ثم يركع قدر قراءة خمسين آية من البقرة، ثم يرفع رأسه ويسجد، ويجزيه ما قرأ به إذا قرأ بأم القرآن في مبتدأ الركعة وعند رفع رأسه من الركعة قبل الركعة الثانية في كل ركعة أجزأه".

(2/305)


4 - باب قدر السجود في صلاة الخسوف
م 806 - كان مالك يقول: "لم أسمع أن السجود يطول في صلاة الكسوف"، وهذا مذهب الشافعي، وأحمد.
ورأت طائفة من أصحاب الحديث: تطويل السجود [1/ 52/ألف] في صلاة الكسوف.
(ح 467) واحتجت بخبر عبد الله بن عمرو.
وبه نقول.

5 - باب الخطبة بعد صلاة الخسوف
م 807 - كان الشافعي، وإسحاق، وعامة الفقهاء من أصحابنا يرون: أن يخطب الإمام بعد صلاة الكسوف، ويحتجون في ذلك.
(ح 468) بحديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -صلى في كسوف

(2/306)


الشمس، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه.
وقال مالك: ليس للكسوف خطبة، وهو ممن روى حديث عائشة الذي فيه ذكر الخطبة، ووافقه يعقوب، فقال: ليس في صلاة الكسوف خطبة، ولا خروج إنما الصلاة في مسجد الجماعة.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول

6 - باب حضور النساء صلاة الكسوف
م 808 - كان مالك بن أنس، ويعقوب لا يريان: بأساً للعجائز أن يخرجن في الكسوف.
وقال مالك: أما غيرهن فلا أحبه.
وكره يعقوب: ذلك للشابة.
وقال الشافعي: "لا أكره لمن لا هيئة لها بارعة من النساء، ولا للعجوز، ولا للصبية شهود صلاة الكسوف مع الإمام بل أحبها لهن، وأحب إذا لذات الهيئة أن يصليها في بيتها".
ورأى إسحاق: أن يخرجن شاباً كن أو عجائز، ولوكن حيّضاً إلا أن الحيض يعتزلن المسجد ويقربن منه.

(2/307)


7 - باب صلاة الكسوف مع جماعة إذا تخلف الإمام عنها
م 809 - واختلفوا في القوم يصلون جماعة عند الكسوف، فصلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، وسليمان التيمي، كل واحد منهما بأصحابه، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور.
وكان ابن عباس- يصلى في صفة زمزم صلاة الكسوف.
وقال مالك، والشافعي: يصليها المسافر.
وقال مالك: تصلي النساء في بيوتهن صلاة الكسوف.
وذكر ذلك سفيان الثوري، وقال: يصلون وحداناً ولا يجمعهم رجل.
وقال النعمان: يصلون وحداناً لا يصلون جماعة.
وقال ابن الحسن كقول الثوري.

8 - باب الصلاة عند كسوف القمر
م 810 - واختلفوا في الصلاة لكسوف القمر، فروينا عن ابن عباس أنه فعل ذلك، وبه قال عطاء، والحسن البصري، وإبراهيم

(2/308)


النخعى، والشافعي، وأحمد، [1/ 52/ب] وإسحاق، وأبو ثور،
وأصحاب الرأي
قال أبو بكر: وبه نقول، والأخبار دالة على صحة هذا القول.
وكان مالك من بين أهل العلم يقول: ليس في كسوف القمر سنة، ولا صلاة كصلاة كسوف الشمس.

9 - باب صلاة الكسوف بعد العصر وعند طلوع الشمس
م 811 - واختلفوا في صلاة الكسوف بعد العصر، وفي وقت لا يصلى فيه، فقالت طائفة: يذكرون الله ويدعون، هذا مذهب الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة بن خالد، وابن أبي مليكة، وعمرو ابن شعيب، وأبي بكر بن عمرو بن حزم، وقتادة، وأيوب، وإسماعيل ابن أمية، والثوري، ومالك، ويعقوب.
وكان الشافعي يقول: "متى انكسفت الشمس نصف النهار أو بعد العصر صلى للخسوف"، وبه قال أبو ثور.

(2/309)


وكان إسحاق يقول: "يصلون بعد العصر ما لم تصفر الشمس للغروب، وكذلك بعد الفجر ما لم يطلع حاجب الشمس إلى أن يكون قيد رمح أو رمحين".
قال أبو بكر: يصلى للكسوف في كل وقت إلا وقت غروب الشمس، ووقت طلوعها، ووقت الزوال.

10 - باب الصلاة عند حدوث الآيات سوى الكسوف
م 812 - واختلفوا في الصلاة عند الزلزلة وسائر الآيات، فقالت طائفة: يصلى عندها كما يصلي عند الكسوف، استدلالاً:
(ح 469) بأن النبي- صلى الله عليه وسلم - لما قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله.
فكذا الزلزلة، والحادثة، وما أشبه ذلك من آيات الله.
وقد روينا عن ابن عباس أنه صلى في الزلزلة بالبصرة.
وقال ابن مسعود: إذا سمعتم هاداً من السماء فافزعوا إلى الصلاة، وهذا مذهب أحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
وكان مالك لا يرى ذلك، وبه قال الشافعي.

(2/310)


وقال أصحاب الرأي: الصلاة في ذلك حسنة وحداناً، يعني في الظلمة، أو الريح الشديدة.
وكان عروة بن الزبير يقول: لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت.
قال أبو بكر: وذكر الخسوف والكسوف موجود في الأخبار، غير أن بعضهم يستحب أن يقال: خسفت لقوله جلّ وعزّ: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} الآية.

(2/311)