الإشراف
على مذاهب العلماء 26 - كتاب الزكاة
1 - باب جماع أبواب صدقة الإبل والبقر والغنم
قال أبو بكر:
ح 911 - أجمع أهل العلم على وجوب الصدقة في الإبل والبقر والغنم إذا كانت
سائمة.
م 912 - وأجمعوا علي أن لا صدقة فيما دون خمس من الإبل.
(ح 509) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: ليس فيما دون خمس ذود
صدقة.
م 913 - وأجمع أهل العلم أن في كل خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان، وفي
خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم
يكن بنت مخاض فابن لبون، ذكر إلى خمس وثلاثين، فإن زادت واحدة ففيها بنت
لبون إلى خمس وأربعين، فإن زادت واحدة ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين، فإن
زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإن زادت واحدة ففيها ابنتا لبون
إلى التسعين، فإن زادت واحدة ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة كل
هذا مجمع عليه.
ولا يصح عن علي ما روي عنه في خمس وعشرين.
(3/5)
2 - باب الإبل يزيد
على عشرين ومائة
م 914 - واختلفوا في الإبل يزيد على عشرين ومائة إلى ثلاثين ومائة.
فقال محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وأحمد، وأبو عبيد: ليس في الزيادة شيء
حتى تبلغ ثلاثين ومائة.
وحكى عبد الملك عن مالك أنه قال: كقول هؤلاء.
وقال الشافعي، وإسحاق، وأبو ثور: فيها ثلاث بنات لبون إلى أن تبلغ ثلاثين
ومائة.
وفي قول ثالث: وهو أن فيما زاد على العشرين ومائة، في خمس شاة، وفي عشر
شاتان، وفي خمس عشر ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، فإذا بلغت مائة
وأربعين ففيها حقتان وأربع من الغنم، وإذا بلغت خمساً وأربعين ومائة، ففيها
حقتان وبنت مخاض، حتى تبلغ خمسين ومائة، ثم فيها ثلاث حقاق، فإذا زادت
استأنفت الفرائض كما استأنفت في أولها، هذا قول إبراهيم النخعي.
وفي هذه المسألة قول رابع: قاله حماد بن أبي سليمان قال: خمس وعشرين ومائة
حقتان وابنة مخاض.
3 - باب إذا. . . . . . (1)
__________
(1) بدأ السقط من هنا
(3/6)
[4 - باب صدقة
البقر]
(3/8)
[5 - باب صدقة
الغنم]
. . . . . . . . . . . . (1) [1/ 67/ ب] شاة وروينا هذا القول عن علي، وعبد
الله بن عباس، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، والحسن بن صالح، وإسحاق،
وأبو ثور، والنعمان. وبه نقول.
__________
(1) انتهى السقط هنا
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في المغني ما نصه:
ِ وَهِيَ [أي صدقة الغنم] وَاجِبَةٌ بِالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ؛ أَمَّا
السُّنَّةُ فَمَا رَوَى أَنَسٌ، فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ، الَّذِي
ذَكَرْنَا أَوَّلَهُ، قَالَ: «وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا،
إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، شَاةٌ، فَإِذَا
زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلَى مِائَتَيْنِ، فَفِيهَا شَاتَانِ،
فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَفِيهَا ثَلَاثُ
شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ مِائَةٍ
شَاةٌ، وَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ
شَاةً وَاحِدَةً، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا،
وَلَا يُخْرِجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةً، وَلَا ذَاتَ عَوَارٍ، وَلَا
تَيْسًا، إلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ». . . .
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعِينَ
مِنْ الْغَنَمِ سَائِمَةٍ صَدَقَةٌ، فَإِذَا مَلَكَ أَرْبَعِينَ مِنْ
الْغَنَمِ، فَأَسَامَهَا أَكْثَرَ السَّنَةِ، فَفِيهَا شَاةٌ، إلَى
عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى
مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ)
وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. . . .
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ). .
. .
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا إذَا زَادَتْ عَلَى
ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ لَا
يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَمِائَةٍ، فَيَكُونُ فِي كُلِّ
مِائَةٍ شَاةٌ، وَيَكُونُ الْوَقْصُ الْكَبِيرُ بَيْنَ ثَلَاثِمِائَةٍ
وَوَاحِدَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَهُوَ أَيْضًا مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ
وَتِسْعُونَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ [يعني ابن المنذر]. وَحُكِيَ
عَنْ النَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الثَّلَاثَمِائَةِ حَدًّا لِلْوَقْصِ،
وَغَايَةً لَهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ تَغَيُّرُ النِّصَابِ،
كَالْمِائَتَيْنِ.
(3/10)
م 927 - وقال الثوري: فإذا زادت على الثلث
مائة فليس فيها الثلث مائة حتى تبلغ أربع مائة، فإذا بلغت أربع مائة ففي كل
مائة شاة، وهكذا قال الشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان.
وقد روينا عن معاذ بن جبل: أن الشاء إذا بلغت ماتين لم يغيرها حتى تبلغ
أربعين ومائتي شاة، فإذا بلغت أربعين ومائتين أخذ منها ثلاث شياه، فإذا
بلغت ثلث مائة لم يغيرها عن فرضها حتى تبلغ أربعين وثلث مائة، فإذا بلغت
ذلك أخذ منها أربع شياه.
قال أبو بكر: وليس يثبت هذا عن معاذ لأن الشعبي رواه عنه وهو لم يلقه.
6 - باب الصدقة في العوامل من الإبل والبقر
م 928 - واختلفوا في وجوب الصدقة في العوامل من الإبل والبقر.
روينا عن علي، ومعاذ، أنهما قالا: لا صدقة في العوامل من الإبل والبقر، وبه
قال جابر بن عبد الله، وسعيد بن جبير، والنخعي، ومجاهد، والحسن البصري،
وعطاء، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وسعيد عبد العزيز، والحسن بن أبي
صالح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي.
(3/11)
وقالت طائفة "في الإبل النواضح، والبقر
السواني، وبقرة الحرث صدقة"، هذا قول مالك، وهو قول مكحول وقتادة.
وقال حماد بن أبي سليمان: في أثمانها إذا بيعت صدقة.
قال أبو بكر: ليس في العوامل صدقة.
(ح 513) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: في كل أربعين من الإبل سائمة
بنت لبون.
وفيه دليل على أن لا زكاة في غير السائمة.
م 929 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الجواميس بمنزلة البقر،
كذلك قال الحسن البصري، والزهري، ومالك، والثوري، وإسحاق، والشافعي، وأصحاب
الرأي.
وكذلك نقول.
7 - باب جمع الضأن والمعز في الصدقة
م 930 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الضأن والمعز يجتمعان في
الصدقة.
م 931 - واختلفوا في الصدقة من أيّ الصنفين يؤخذ، فروينا عن عكرمة أنه قال:
تؤخذ من أكثر العددين، وبه قال مالك، وإسحاق، وقالا: إن استويا أخذ من أي
العددين شاء.
(3/12)
وقال الشافعي القياس أن يأخذ من كل بقدر
حصّته.
قال أبو بكر: هذا أحسن.
8 - باب السن التي تؤخذ في صدقة الغنم [1/
68/ألف]
م 932 - روينا عن عمر الخطاب أنه قال لعامله: خذ العناق، والجزعة،
والثنيّة، وذلك عدل بين الغذآء وخيار المال، وبه قال الشافعي.
وروينا عن ابن عمر أنه قال: يجوز في الأضحية ما يجوز في الصدقة.
وقال مالك: لا يؤخذ إلا الجزع، والثنيّ، وبه قال أبو عبيد، وإسحاق، وأبو
ثور.
وقال النخعي: لا يؤخذ جزعة في صدقة الغنم، وبه قال أصحاب الرأي.
9 - باب تفريق الغنم لأخذ الصدقة
م 933 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه لقي سعداً فقال: إذا صدّقتم الماشية
فأقسِمُوها أثلاثاً، ثم يختار صاحب الغنم الثلث، ثم اختاروا من الثلثين
الباقين.
وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: يختار المصدق من الثلث الأوسط، وبه
قال الزهري، والقاسم.
(3/13)
وقال الحكم، وسفيان الثوري: يفرق مرتين.
وقال الشافعي: يجب على رب المال والوفاء.
وبه نقول.
10 - باب إخراج الهرمة والتيس والمعيبة في الصدقة بغير إذن ربّها
(ح 514) ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يؤخذ في الصدقة
هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس، إلا أن يشاء المصدق.
م 934 - وثبت ذلك عن عمر بن الخطاب، وروينا عن علي.
وروينا عن ابن مسعود أنه قال. لا يؤخذ في الصدقة ذكر، ولا هرمة، ولا جزعة،
ولا ذات عوار من الشآء.
وقال مالك: إن رأى المتصدق أن ذات العوار، والتيس، أو الهرمة خير له أخذها،
وكذلك قال الشافعي.
م 935 - واختلفوا فيه إذا كانت مهازيل كلها، أو ذوات عيب.
فكان مالك يقول: إذا كانت كلها جربا أخذ منها واحدة، وبه قال الشافعي،
ويعقوب، ومحمد، إلا أن محمداً قال: بؤخذ أفضلها.
م 936 - وقال مالك، والشافعي: فإن كانت الفريضة صحيحة أخذها.
وقال مالك: إذا كانت هتماء، يشتري له فريضته.
قال الشافعي: يؤخذ منها واحدة.
(3/14)
11 - باب صدقة
الفصلان والعجاجيل
م 937 - واختلفوا في صدقة الفصلان والحملان.
فكان الشافعي يقول: توخذ الصدقات من كل صنف من هذا واحد منه، وبه قال
الأوزاعي، وإسحاق، ويعقوب.
وقال مالك: على صاحب الأربعبن عن السخال أن يأتي بجذعة من الضأن، أو ثنية
من المعز، ولا يؤخذ من الصغار شيء، وبه قال أبو عبيد، وأبو ثور، وكذلك صدقة
[1/ 68/ب] الإبل والبقر.
وفيه قول ثالث: وهو أن لا شيء فيها، هذا قول النعمان، ومحمد، وحكى ذلك عن
الثوري.
وفي هذه المسألة قول رابع: وهو أن يأخذ المصدق مسنة، ورد على رب المال فصل
ما بين المسنة والصغيرة التى في ماشيته، حكى هذا القول عن الثوري.
م 938 - وكان سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والنعمان، ويعقوب،
ومحمد يقولون: في أربعين حملا مسنة تؤخذ المسنة.
12 - باب النهي عن الجمع بين المتفرق والتفريق
بين المجتمع خشية الصدقة
(ح 515) ثبت أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال بعد ذكره صدقات الإبل
والبقر والغنم: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة.
م 939 - وثبت ذلك عن عمر، وروى مثله عن علي، وابن عمر.
(3/15)
م 940 - واختلفوا في معني قوله هذا، فكان
مالك يقول: إنما يعني بذلك أصحاب المواشي ينطلق النفر لكل واحد منهم أربعون
شاة وقد وجبت عليهم الصدقة، فإذا أظلهم المصدق جمعوا؛ لأن لا يكون عليهم
فيها إلا شاة واحدة، فنهوا عن ذلك، وبه يقول الأوزاعي وبمعناه قال الثوري.
وفي قول ثان: وهو أن الذي عنى به المصدق وأرباب الأموال، لا تفرق بين ثلاثة
في عشرين ومائة، خشية إذا جمع بينهم أن يكون فيها شاة، ولا يجمع بين متفرق،
رجل له مائة شاة، ورجل له مائة شاة وشاة فإذا تركا على افتراقهما كان فيها
شاتان، وإذا اجتمعتا كانت فيها ثلث، ورجلان لهما أربعون شاة فإذا فرقت فلا
شىء فيها، فإذا اجتمعت فيها شاة، والخشية خشية الوالي أن يقلل الصدقة وخشية
رب المال أن يكثر الصدقة، هذا قول الشافعي.
وقال أبو ثور، وأبو عبيد في قوله: لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع
على رب المال وعلى الساعي.
وقال النعمان في قوله: لا يفرق بين مجتمع: يكون للرجل عشرون ومائة شاة
ففيها شاة فإذا فرقت أربعين أربعين ففيها ثلاث شياة، وفي قوله، لا يجمع بين
متفرق، الرجلان يكون منهما أربعون شاة فإن جمعها كان فيها شاة فإن فرقها لم
يكن فيها شاة.
وكان أحمد بن حنبل يقول: في الرجل له راعيان مع كل واحد منهما أربعون شاة
إن بعد ما بينهما فعليه شاتان، وإن كان أحد الراعيين
(3/16)
بالكوفة والأخر بالبصرة، وإن كان له ببغداد
عشرون شاة وبالكوفة عشرون فلا شيء عليه، لأنه لا يجمع بين متفرق.
قال أبو بكر: ولا يحفظ هذا عن غيره.
13 - باب زكاة الخلطاء
(ح 516) ثبت أن رسول الله [1/ 69/ألف]-صلى الله عليه وسلم- قال بعد قوله:
لا يجمع بين متفرق ولا يفرق ببن مجتمع خشية الصدقة: وما كان من خليطين
فإنهما يتراجعان بالسويّة".
م 941 - واختلف أهل العلم في معنى قوله: "وما كان من خليطين فإنهما يرجعان
بالسويّة".
فقال يحيى الأنصاري، ومالك، والأوزاعي: إذا كان الراعي والفحل والمراح واحد
فهما خليطان.
وقال الشافعي: "إذا راحا وسقيا معاً واختلطت فحولهما، فإنهما يكونان خلطاء
".
واختلف مالك والشافعي في المراح.
فقال الشافعي: في المراح، إذا افترقت في خصلة من هذا الخصال، يعني الخصال
التي بدأنا بذكرها لم يكونا خليطين.
(3/17)
وقال مالك: "إن فرقها المبيت هذه في قرية
وهذه في قرية فهما خليطان".
وقال عطاء وطاووس: إذا عرفا أموالهما فليس بخليطين.
قال أبو بكر: وهذه غفلة إذ غير جائز أن يتراجعا بالسويّة والمال بينهما لا
يعرف أحدهما ماله من مال صاحبه.
م 942 - واختلفوا في الرجلين يكون بينهما الماشية وليس لكل واحد منهما من
المال ما لو كان منفرداً غير خليط، وتجب فيه الزكاة.
فقالت طائفة: فلا زكاة عليها، هذا قول مالك، والثوري، وأبو ثور، وأهل
العراق.
وكان الشافعي يقول: عليهما الزكاة، وبه قال الليث، وأحمد، وإسحاق.
قال أبو بكر: والأول أصح.
م 943 - واختلف مالك والشافعي في الرجلين يختلطان بماشيتهما قبل الحول
بشهرين أو ثلاثة.
فقال مالك: يزكيان زكاة الخلطاء، وكان الشافعي يقول: لا يكونان خليطين حتى
يحول عليهما حول من يوم اختلطا.
م 944 - واختلفوا في الرجلين يكونان خليطين أحدهما مكاتب، أو صبي، أو
معتوه، والآخر بالغ عاقل.
فقال الشافعي: لا يصدق صدقة الخلطاء إلا أن يكونا مسلمين، وإن خالطه نصراني
أو مكاتب صدق صدقة المنفرد.
(3/18)
وفي قول أبي ثور: إذا خالط المكاتب وجبت في
الزكاة.
وحكى عن الكوفي أنه قال: لا شيء عليه.
14 - باب الشركاء في الذهب والفضة والزرع
والثمر
م 945 - أكثر أهل العلم يقولون في الجماعة يكون بينهم خمسة أواق من الفضة:
لا زكاة عليهم حتى يكون حصة كل واحد منهم ما تجب فيه الزكاة، هذا قول مالك،
وسفيان الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، وكان
الشافعي إذ هو بالعراق [1/ 69/ب] يقول كما يقول هؤلاء ثم قال بمصر: عليهم
الزكاة، ووافق إسحاق، الشافعي في الحب والتمر، وخالفه في الذهب والفضة.
م 946 - وقال مالك في الشريكين: في الزرع يجدان ثمانية أوسق، لاصدقة
عليهما.
وقال الشافعي، والأوزاعي، وإسحاق: فيها الصدقة.
قال أبو بكر: قول مالك أصح.
15 - باب وجوب الزكاة في الثمار المحبسة أصولها
م 947 - كان مالك يقول: "في الحوائط المحبسة في سبيل الله، أو على قوم
بأعيانهم تؤخذ منها الصدقة"، وبه قال الشافعي في الصدقة الموقوفة تكون خمسة
أوسق.
(3/19)
وروينا عن مكحول أنه قال: لا زكاة فيها،
وروى ذلك عن طاووس، وقال أحمد: إذا وقف أرضاً على المساكين لا أرى فيها
العشر، إلا أن يوقف رجل على ولده فيصيب الرجل خمسة أوسق ففيها الصدقة، وقال
أبو عبيد: إذا كانت الصدقة على أهل الحاجة فلا زكاة فيها، وإن كانوا على
قوم بأعيانهم ففيه الصدقة.
قال أبو بكر: هذا حسن.
16 - باب رجوع المرء في صدقته بشراء
(ح 517) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في فرس كان حمل عليه
عمر في سبيل الله: لا تبتاعها ولا ترجعن في صدقتك.
م 948 - وممن كره ذلك ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وسلمه بن الأكوع، وطاؤس،
وعبيد الله بن الحسن، ومالك، والشافعي، وأحمد.
ورخص الحسن، وعكرمة، وربيعة، والأوزاعي، للمرء (1) أن يشتري صدقته التي
تصدق بها.
قال أبو بكر: الأول أصح.
__________
(1) في الأصل تكرر "أن".
(3/20)
17 - باب المبادلة
بالمواشي
م 949 - اختلف أهل العلم فيمن بدل ماشية له قبل الحول بماشية لآخر فراراً
من الصدقة.
فكان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون (1): لا زكاة على كل واحد
منهما فيما قبض من صاحبه حتى يحول على ما اشترى حول من يوم اشتراه.
وقال الثوري: كذلك غير أنه لم يذكر الفرار من الصدقة.
وكان مالك، والأوزاعي، وعبد الملك، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد يرون في ذلك
الزكاة إذا كان فراراً من الصدقة.
18 - باب المال يحول عليه أحوال قبل أن يخرج
منه الصدقة م 950 - واختلفوا في خمس من الإبل حال عليها حولان.
فقال مالك: فيها شاتان [1/ 70/ألف] في حكاية أبي عبيد عنه، وبه قال أبو
عبيد، وأحمد، والشافعي، فيما حكاه أهل العراق عنه، وقال بمصر: فيها قولان،
أحدهما: كما قال هؤلاء، والآخر: أن عليه شاة.
م 951 - وقال أبو ثور في عشرة من الإبل حال عليها حولان: عليه أربع من
الغنم، وحكى ذلك عن الشافعي.
__________
(1) في الأصل "يقولان".
(3/21)
وحكى عن الكوفي أنه قال: عليه في السنة
الأولى شاتان وفي السنة الثانية شاة، ومعنى قول مالك كما قال أبو ثور.
م 952 - وقال الشافعي وأبو ثور: في خمس وعشرين من الإبل حال عليها حولان،
يؤدي بنت مخاض في السنة الأولى، وفي السنة الثانية أربع من الغنم، وحكى ذلك
عن الكوفي.
م 953 - وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: في رجل له أربعون شاة لم يصدقها
أعواماً (1) لم تزد شيئاً، قال: فيها شاة واحدة.
19 - باب الصدقة يتأخر عنها الساعي بعد الحول
م 954 - واختلفوا في الماشية يتأخر عنها الساعي حتى هلك بعضها.
فقال مالك: يأخذ صدقة ما وجد وليس عليه فيما هلك شيء، وبه قال الثوري.
وقال الشافعي إذا أمكنه دفعها إلى المصدق أو إلى المساكين ولم يفعل فهو
ضامن لما هلك.
وهذا مذهب أحمد، وإسحاق.
وكذلك نقول.
20 - باب الماشية لا يجب في أصلها الصدقة
فتوالدت قبل مجيء المصدق
م 955 - قال مالك: في الماشية لا يجب في أصلها الصدقة فتوالدت قبل أن
__________
(1) في الأصل "أعوام".
(3/22)
يأتي المصدق بيوم واحد فجاء المصدق، وعددها
ما يجب فيه الصدقة عليه الصدقة.
وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا زكاة عليه حتى
يحول عليها الحول من يوم تصير أصلاً يجب في مثله الزكاة.
وبه نقول.
مسألة
م 956 - وإذا غلب قوم من الخوارج على بلد، ولم يود أهل ذلك البلد الزكاة
أعواماً، ثم ظفر بهم الإمام، أخذ منهم الزكاة للأعوام الماضية في قول مالك،
وأبي ثور وهو مذهب الشافعي.
وقال أصحاب الرأي: في قوم أسلموا في دار الحرب فأقاموا سنين، ثم خرجوا إلى
دار الإسلام: لا زكاة عليهم لما مضى، وجواب أبي ثور في هذه المسألة كجوابه
في الأولى.
وكذلك نقول.
21 - باب المال يباع بعد دخول الحول عليه
م 957 - واختلفوا في المال يحول عليه الحول يباع.
فكان أبو ثور يقول: يأخذ المصدق الصدقة منها ويرجع به المشتري على البائع.
(3/23)
وقال الشافعي: فيها قولان، أحدهما أن البيع
فاسد [1/ 70/ب] لأنه باع ما يملك وما لا يملك.
والقول الثاني: أن المشتري بين الخيار بين أن يرد البيع أو يجيز البيع.
وقال أصحاب الرأي: هو بالخيار إن شاء أخذ البائع حتى يؤدي صدقتها، وإن شاء
أخذ مما في يدي المشتري.
22 - باب الماشية تشترى للتجارة ينوي أن تكون
سائمة
م 958 - واختلفوا الماشية تكون للتجارة ينوي صاحبها أن تكون سائمة.
فكان الثوري يقول: لا يزكيها حتى يحول عليها الحول من يوم نوى، وكذلك قال
أبو ثور، وأصحاب الرأي.
م 959 - قال سفيان الثوري: وإن كان عنده غنم سائمة، فبدا له أن يجعلها
للتجارة فلا تكون للتجارة حتى يصرفها من زكاتها زكاة السائمة.
وقال أصحاب الرأي: إذا اشترى الإبل للتجارة، ثم بدا له فجعلها سائمة فحال
عليها الحول من يوم اشتراها، وإنما له منذ جعلها سائمة ستة أشهر فعليه
الزكاة إذا مضت لها سنة من يوم جعلها سائمة فعليه زكاة السائمة.
وقال الشافعي: إذا اشترى السائمة للتجارة زكاها زكاة السائمة، وبه قال أبو
ثور.
م 960 - وقال الشافعي: إذا ملك السائمة بميراث أو هبة زكاها بحولها زكاة
السائمة.
(3/24)
23 - باب إسقاط
الصدقة عن الخيل والرقيق
(ح 518) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "على المسلم في عبده
ولا فرسه صدقه".
م 961 - واختلفوا في صدقة الخيل.
فقال كثير منهم: لا صدقة فيها، روينا هذا القول عن علي، وابن عمر، وبه قال
الشعبي، وعطاء، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، والحكم،
وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو أيوب، وأبو خثيمة،
وأبو بكر بن أبي شيبة، ويعقوب ومحمد بن الحسن، واحتجوا (1) بحجتهم بظاهر
هذا الحديث بقوله:
(ح 519) "عفوت عن الخيل والرقيق".
وبأن الخلفاء الراشدين لم يكونوا يأخذون منها صدقة ولم يكن في كتب عهودهم.
وقال حماد بن أبي سليمان: فيها صدقة.
__________
(1) في الأصل "واحتج".
(3/25)
وقال النعمان: في الخيل الإناث والذكور
التي يطلب نسلها في كل فرس دينار، وإن شئت قوّمتها دراهم فجعلت في كل مائتى
درهم خمسة دراهم.
24 - باب زكاة ما أخرجت الأرض من الحبوب
والثمار
قال الله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ
طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}
الآية.
وقال: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الآية.
م 962 - وروينا عن ابن عباس أنه قال: العشر [1/ 71/ألف] ونصف العشر، وقال
مرة، حقه الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله، وبه قال جابر بن زيد، وسعيد
بن المسيب، والحسن وطاووس، وقتادة.
وقال مجاهد: إذا حصد زرعه ألقى لهم من السنبل، وإذا جزّز نخله ألقى لهم من
الشماريخ، فإذا كاله زكّاه.
وقالت طائفة: كان هذا قبل الزكاة لأن هذه السور مكية.
وممن قال: أن الآية منسوخة النخعي، وأبو جعفر.
(3/26)
25 - باب إسقاط الزكاة عمّا دون خمسة أوسق
مما فيه الزكاة من الحبوب والثمار
(ح 520) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس فيما دون خمسة
أوسق صدقة.
م 963 - وهذا قول ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف،
وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وعطاء، وجابر بن زيد، ومكحول، والنخعي،
والحكم، وبه قال مالك، ومن تبعه من أهل المدينة، وسفيان الثوري، ومن وافقه
من أهل العراق، والأوزاعي وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وابن المبارك،
وشريك، والشافعي وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد.
ولا نعلم أحداً خالف هذا القول غير النعمان، فإنه أحدث قولاً خلاف السنة،
وما عليه أصحابه، وأهل العلم من علماء الأمصار زعم: أن الزكاة في كل ما
أخرجته الأرض من قليل ذلك وكثيره إلا الوفاء، والغصب الفارسي، والحشيش،
والشجر الذي ليس له ثمر مثل السمر وما أشبهه.
26 - باب مبلغ الصدقة في الحبوب والثمار والفرق
بين ما سقته الأنهار وبين ما سقي بالرشاء
(ح 521) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سن فيما سقت السماء
والعيون، أو كان
(3/27)
عَثَرِيًّا العشر، وفيما سقى بالنضح نصف
العشر.
م 964 - وقال بجملة هذا القول مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي،
وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وروينا ذلك عن جماعة من التابعين.
وبه نقول.
27 - باب الزرع يسقى بعض الزمان بماء السماء وبعضاً بالدلو
م 965 - كان عطاء بن أبي رباح يقول: إذا سقى بعض الزمان بالسماء وبعضاً
بالعيون، نظر إلى أكثر السقيين، فكان زكاته على ذلك.
وقال الثوري: على الذي أحياه [1/ 71/ب] وغلب عليه صدقته.
وقال مالك: إذا كان نصفاً ونصفاً أخرج نصف زكاته عشراً، والنصف الآخر نصف
العشر.
وقال الشافعي: القياس أن ينظر إلى ما عاش بالسقي أخذ بقدر ذلك كأنه إن كان
عاش بهما ثم نصفين أخذ ثلاثة أرباع العشر بهما على هذا المعنى.
28 - باب ما يجب فيه الصدقة مما أخرجت الأرض
م 966 - أجمع عوام أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحنطة، والشعير،
والثمر، والزبيب.
(3/28)
م 967 - واختلفوا في وجوب الصدقة في سائر
الحبوب والثمار.
فقالت طائفة: لا صدقة إلا في هذه الأربعة الأشياء، هذا قول الحسن البصري،
ومحمد بن سيرين، والشعبى، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح،
وابن المبارك، ويحيى بن آدم، وأبو عبيد.
وفيه قول ثان: وهو ضم السلت إلى الأصناف الأربع، هذا قول ابن عمر
وقد قيل: إن السلت نوع من الشعير، فإن كان هكذا فهو موافق لقول هؤلاء.
وفي قول ثالث: وهو ضم الذرة إلى الحنطة، والتمر (1)، والشعير، والزبيب،
والسلت، هذا قول النخعي.
وفيه قول رابع: وهو إيجاب الصدقة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب،
والسلت، والزيتون، روينا هذا القول عن ابن عباس.
وفيه قول خامس: وهو إيجاب الصدقة في النخل والعنب، والحبوب كلها، هذا قول
عطاء.
وقال مكحول، وعمر بن عبد العزيز، وحماد أبي سليمان، والزهري، في القطانيّ:
العشر، وبه قال مالك، والأوزاعي.
وفه قول سادس: "وهو أن ما جمع أن يزرعه الآدميون ويَبُس ويدَخر، ويقتات
مأكولاً، أو سويقاً، أو طبيخاً ففيه الصدقة، والقطانيّ فيها الزكاة، وليس
في الأبازير، ولا الفثّ، ولا الثُفّاء، ولا
__________
(1) في الأصل "والتمر إلى".
(3/29)
من حبوب البقل، ولا الأسبيوش صدقة، ولا
يؤخذ من شيء من الشجر صدقة إلا النخل والعنب، هذا قول الشافعي.
وقد اختلف فيه عن أحمد فحكى عنه أنه قال: كما قال أبو عبيد.
وحكى عنه أنه قال: كل شيء يدّخر ويبقى في الزكاة.
وقال إسحاق: كل ما وقع عليه اسم الحب وهو مما يبقى في أيدي الناس مما يصير
في بعض الأزمنة عند الضرورة طعاماً لقوم، فهو حب يؤخذ منه العشر.
وقال أبو ثور: في الحنطة، والشعير، والرزّ، والحمّص، والعدس، والذرة، وكل
جميع الحبوب [1/ 72/ألف] مما يوكل ويدّخر، والثمر، والسلت، والدخن
واللوبيا، والقرطم، ومما أشبه ذلك صدقة.
وقال أصحاب الرأي: في الحنطة، والشعير، والحلبة، والتّين، والزيتون،
والذرة، والزبيب، والسمسم، والأرز، وجميع الحبوب إذا كان ذلك في أرض الصدقة
العشر.
29 - باب زكاة الزيتون
م 968 - واختلفوا في الزيتون.
فقال الزهري، ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، وأبو ثور،
وأصحاب الرأي: فيه الزكاة. وقال ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وأبو عبيدة:
لا زكاة في الزيتون.
(3/30)
وقد كان الشافعي إذ هو بالعراق يقول: بقول
مالك، ثم قال بمصر: لا أعلمها تجب في الزيتون.
م 969 - واختلفوا في صدقته كيف تؤخذ.
فكان الزهري يقول: يخرص زيتوناً ويؤخذ زيتوناً صافياً، وبه قال الليث بن
سعد، والأوزاعي.
وقال مالك: يؤخذ العشر بعد أن يعصر ويبلغ الزيتون خمسة أوسق.
30 - باب ذكر إسقاط الزكاة عن الخضر والفواكه
قال أبو بكر:
م 970 - وروينا عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب أنهما قالا: ليس في
الخضروات صدقة، وبه قال مالك، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والأوزاعي،
والليث بن سعيد، والحسن بن صالح، وعمر بن عبد العزيز، وابن جابر، والشافعي،
وأبو ثور.
وقال النعمان: "في الرياحين، والبقول، والرطاب القليل منه والكثير،
والزعفران، والورد في قليله وكثيره العشر ونصف العشر".
وقال يعقوب، ومحمد: "ليس في شيء من هذا زكاة إلا ما كان له ثمرة باقية إلا
الزعفران ونحوه مما يوزن، فإنه إذا خرج منه خمسة أوسق أدنى ما يكون من قيمة
الوسق ففيه العشر"، هذا قول يعقوب.
وقال محمد: "لا يكون في الزعفران شيء حتى يكون خمسة أمنان".
(3/31)
وقال محمد: "في قصب السكر الذي منه السكر
ويكون في أرض العشر ما في الزعفران".
وقال آخرون: لا زكاة في الخضر ولكن يزكى أثمانها إذا بيعت وبلغ الثمن مائتي
درهم، وهذا قول الحسن، والزهري.
فأما مذهب مالك، والثوري، والشافعي: فلا صدقة فيها ولا في أثمانها حتى يحول
على أثمانها الحول في ملك مالكيها.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
31 - باب صنوف الأموال التي لا يجوز ضم بعضها
إلى بعض
م 971 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم [1/ 72/ب] على أن الإبل لا يضم
إلى الغنم، ولا إلى البقر، وعلى أن البقر لا تضم إلى الإبل ولا إلى الغنم،
وعلى إسقاط الزكاة على كل صنف منها حتى يبلغ المقدار الذي يجب أخذ الصدقة
منها، إلا ما ذكرنا من اختلافهم في صدقة البقر.
م 972 - وكذلك لا يجوز ضم ثمر النخل إلى الزبيب.
م 973 - واختلفوا في ضم سائر الحبوب.
فقالت طائفة: لا يضم منها نوع إلى نوع غيره ولا يجب فيها الزكاة حتى تكمل
من كل نوع منها خمسة أوسق، هذا مذهب عطاء،
(3/32)
ومكحول، والأوزاعي، والثوري، "والحسن بن
صالح، وشريك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: يضم القمح إلى الشعير، ولا يضاف القطانيّ إلى القمح والشعير،
هذا قول مالك.
قال مالك: "الحنطة والسمراء والبيضاء، والسلت، والشعير صنف واحد، والقطنية
وهو الحمص، والعدس واللوبيا، والجلبان، فإذا حصد الرجل من ذلك خمسة أوسق
ففيه الصدقة ".
وقال الزهري: يضاف القمح إلى الشعير، ولا يضاف إلى القمح والشعير.
وقال الحسن البصري: القمح والشعير كقول مالك.
وقد روينا عن طاووس، وعكرمة قولاً ثالثاً: وهو أن الحبوب تجمع على صاحبها
ثم يؤخذ زكاتها.
قال أبو يكر: ولا نعلم أحداً قال بجملة هذا القول، والذي نقول أن لا يضم
صنف من الحبوب إلى صنف غيره.
(ح 522) وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الوسق ستون
مختوماً.
م 974 - وهذا قول كل من نحفظ عنه من أهل العلم.
32 - باب صدقة العسل
م 975 - اختلف أهل العلم في صدقة العسل.
(3/33)
فممن رأى فيه العشر مكحول، وسليمان بن
موسى، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق.
وقال النعمان: إذا كان العسل في أرض العشر ففي قليل العسل وكثيره العشر.
وقال يعقوب، ومحمد: ليس فيما دون خمسة أوسق من العسل عشر.
وفي قول مالك، وابن أبي ليلى، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي: لا زكاة
فيه، وقد روينا ذلك عن ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز.
قال أبو بكر: ليس في وجوب صدقة العسل خبر ثابت عن النبي - صلى الله عليه
وسلم -، ولا إجماع فلا زكاة فيه.
33 - باب وجوب العشر في أرض الخراج
م 976 - اختلف أهل العلم: في وجوب العشر فيما يخرج أرض الخراج من الحب،
فقال أكثر أهل العلم: العشر في الحب والخراج على أهل الأرض، كذلك قال عمر
[1/ 73/ألف] بن عبد العزيز، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، والزهري، ويحي
الأنصاري، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والحسن بن صالح، وابن أبي ليلى، وابن
المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.
(3/34)
وقالت طائفة: قليلة عددها: لا يجب فيما
أخرجت الأرض الخراج العشر ولا نصف العشر.
قال أبو بكر: ولا معني لقول خالف قائله الكتاب، والسنة، فأما الكتاب،
فقوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الآية.
أما السنة، فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(ح 523) ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة.
قال ابن المبارك: يقول الله عز وجل. {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ
الْأَرْضِ} الآية ثم قال: نترك القرآن لقول أبي حنيفة.
34 - باب الأرض تخرج حبا وقد أدّان على صاحبه
م 977 - واختلفوا فيمن أخرجت أرضه حبا وقد أدّان على صاحبه.
فقالت طائفة: يقضي دينه ويزكي ما يبقى إذا كان فيما يبقى الزكاة، روينا هذا
القول عن ابن عمر، وابن عباس، ومكحول، وبه قال الثوري، وابن المبارك،
وشريك، وإسحاق، وأبو ثور.
وقال أحمد: لا يزكي ما أنفق عن ثمرته خاصة.
وأوجبت طائفة: في ذلك العشر ولم تسقط عنه شيئاً مما أدان عليه، هذا قول
الزهري، ومالك، والأوزاعي، وابن أبي ليلى والحسن بن صالح، وهو يشبه مذهب
الشافعي، المشهور من قوله، وبه قال
(3/35)
أصحاب الرأي، وكان أبو عبيد يزعم أنه قال
قولاً يجمع المذهبين قال: إن كان الدين صحيحاً قد علم به فلا صدقة عليه،
وإن كان ذلك لا يعلم إلا بقوله، لم يقبل دعواه.
قال أبو بكر: هذا إلى الخروج من المذهين أقرب، وبالقول الأول أقول.
35 - باب الأرض يستأجرها المرء ليزرعها فيخرج
حباً
م 978 - واختلفوا في الأرض يستأجرها المرء فيزرعها فيخرج حباً.
فقالت طائفة: الزكاة على مالك الزرع المستأجر دون رب الأرض، هذا قول مالك،
والثوري، وشريك، وابن المبارك، وأبي ثور، وحكى أبو ثور ذلك عن الشافعي.
وقال أصحاب الرأي: العشر على رب الأرض، وليس على المستأجر شيء.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
36 - باب الذمي يزرع أرضاً من أرض العشر
م 979 - واختلفوا في الذمي يزرع أرضاً من أرض العشر بملك وغير ملك.
فقال مالك، والثوري، وشريك، والشافعي، وأبو عبيد: ليس عليه في ذلك شيء
(3/36)
وقال النعمان: إذا اشترى الذمي. . . . . .
. . (1)
__________
(1) بدأ السقط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وننقل هنا المسألة من المغني:
فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ بَيْعُ أَرْضِهِ مِنْ ذِمِّيٍّ
وَإِجَارَتُهَا مِنْهُ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى إسْقَاطِ عُشْرِ الْخَارِجِ
مِنْهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
الْمُسْلِمِ يُؤَاجِرُ أَرْضَ الْخَرَاجِ مِنْ الذِّمِّيِّ؟ قَالَ: لَا
يُؤَاجِرُ مِنْ الذِّمِّيِّ، إنَّمَا عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَهَذَا
ضَرَرٌ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَدُّونَ
الزَّكَاةَ. فَإِنْ آجَرَهَا مِنْهُ ذِمِّيٌّ، أَوْ بَاعَ أَرْضَهُ الَّتِي
لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا ذِمِّيًّا، صَحَّ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ.
• وَهَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَشَرِيكٍ، وَأَبِي
عُبَيْدٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهَا عُشْرٌ وَلَا خَرَاجٌ. قَالَ حَرْبٌ:
سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ الذِّمِّيِّ يَشْتَرِي أَرْضَ الْعُشْرِ؟ قَالَ:
لَا أَعْلَمُ عَلَيْهِ شَيْئًا، إنَّمَا الصَّدَقَةُ كَهَيْئَةِ مَالِ
الرَّجُلِ، وَهَذَا الْمُشْتَرِي لَيْسَ عَلَيْهِ.
• وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ فِي هَذَا قَوْلًا حَسَنًا،
يَقُولُونَ: لَا نَتْرُكُ الذِّمِّيَّ يَشْتَرِي أَرْضَ الْعُشْرِ.
• وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ قَوْلًا عَجِيبًا. يَقُولُونَ:
يُضَاعَفُ عَلَيْهِمْ.
• وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ شِرَائِهَا.
اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَصَاحِبِهِ.
فَإِنْ اشْتَرَوْهَا ضُوعِفَ عَلَيْهِمْ الْعُشْرُ، وَأُخِذَ مِنْهُمْ
الْخُمْسُ؛ لِأَنَّ فِي إسْقَاطِ الْعُشْرِ مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الْأَرْضِ
إضْرَارًا بِالْفُقَرَاءِ، وَتَقْلِيلًا لِحَقِّهِمْ، فَإِذَا تَعْرِضُوا
لِذَلِكَ ضُوعِفَ عَلَيْهِمْ الْعُشْرُ، كَمَا لَوْ اتَّجَرُوا
بِأَمْوَالِهِمْ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِمْ، ضُوعِفَتْ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ،
فَأُخِذَ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ.
وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَبِي يُوسُفَ. وَيُرْوَى ذَلِكَ
عَنْ الْحَسَنِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الْعُشْرُ بِحَالِهِ. وَقَالَ أَبُو
حَنِيفَةَ: تَصِيرُ أَرْضَ خَرَاجٍ. وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ أَرْضٌ لَا
خَرَاجَ عَلَيْهَا، فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الْخَرَاجُ بِبَيْعِهَا، كَمَا
لَوْ بَاعَهَا مُسْلِمًا، وَلِأَنَّهَا مَالُ مُسْلِمٍ يَجِبْ الْحَقُّ
فِيهِ لِلْفُقَرَاءِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ بَيْعِهِ لِلذِّمِّيِّ
كَالسَّائِمَةِ، وَإِذَا مَلَكَهَا الذِّمِّيُّ فَلَا عُشْرَ عَلَيْهِ
فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ، فَلَا تَجِبُ عَلَى
الذِّمِّيِّ، كَزَكَاةِ السَّائِمَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ يَبْطُلُ
بِالسَّائِمَةِ؛ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَهَا،
وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ مِنْهَا، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ تَضْعِيفِ الْعُشْرِ،
تَحَكُّمٌ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا قِيَاسَ.
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: واختار ابن المنذر القول الأول، فقال في
الإقناع: «وإذا زرع الذمي أرضًا من أرض العشر فأخرجت حبا فلا زكاة عليه»
(3/37)
[43 - باب نصاب
الذهب والفضة]
. . . . . . . . . . . (1) [1/ 58/ ب] مثقالاً وقيمتها مائتا درهم أن
الزكاة تجب منه، إلا ما اختلف فيه عن الحسن البصري.
م 991 - وأجمعوا على أن الذهب إذا كان أقل من عشرين مثقالاً ولا تبلغ قيمة
مائتي درهم ألاّ زكاة فيه.
م 992 - واختلفوا في الذهب يكون عشرون مثقالاً ولا يساوي مائتي درهم أو
يكون قيمته مائتا درهم ولا يبلغ عشرين مثقالاً، فقال كثير منهم: لا تجب على
الرجل الزكاة في أقل من عشرين مثقالاً، وفي عشرين ديناراً نصف دينار، روينا
هذا القول عن علي، وعمر بن عبد العزيز، وابن سيرين، والنخعي، وعروة بن
الزبير، والحكم، وبه قال مالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد،
والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حميد، وأبو ثور، والنعمان، ويعقوب، ومحمد.
وقالت طائفة: إذا بلغت قيمة الذهب مائتى درهم ففيه ربع العشر وإن كان أقل
من عشرين مثقالاً، هذا قول عطاء، والزهري، وأيوب، وسليمان بن حرب، وروى ذلك
عن طاووس.
وفيه قول ثالث: وهو أن الصدقة واجبة على ظاهر الكتاب والسنة، فكل ذهب مختلف
فيه ففيه الزكاة، وكل ذهب أجمعوا على أن لا زكاة فيه فلا زكاة.
__________
(1) انتهى السقط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الإجماع لابن المنذر كما يلي:
«وأجمعوا على أن الذهب إذا كان عشرين مثقالا قيمتها مائتا درهم أن الزكاة
تجب فيه، وانفرد الحسن البصري، فقال: ليس فيما دون أربعين دينارًا صدقة»
(3/42)
وقد ذكرنا الذهب الذي أجمع أن لا زكاة فيه
في أول الكتاب.
وقد روينا عن الحسن أنه قال: فيما دون أربعين ديناراً صدقة، وقد روينا عنه
أنه قال كما روينا عن علي.
44 - باب الذهب والفضة الناقصين عن الوزن الذي
تجب فيه الزكاة
م 993 - كان عبد الملك بن الماجشون يقول: في الدراهم والدنانير يجوز جواز
الوزن وإن لم يكن وزناً ففيه الزكاة، هذا قول مالك.
وكان الشافعي، وإسحاق، يقولان: لا زكاة في ذلك وإن نقصت حبّة.
وبه نقول.
45 - باب الجمع بين الذهب والفضة
م 994 - واختلفوا في الجمع بين الذهب والفضة.
فكان ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وشريك، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد،
وأبو ثور، لا يرون ضم الذهب إلى الورق ولا
(3/43)
ضم الورق إلى الذهب، ولا يوجبون الزكاة حتى
يملك من كل واحد منهما ما يجب فيه الزكاة.
وقالت طائفة: يضم الفضة إلى الذهب، كذلك قال الحسن البصري، وقتادة، ومالك،
والأوزاعي، والثوري، [1/ 59/ألف] وأصحاب الرأي.
م 995 - واختلفوا في إخراج الزكاة منهما، وكيف يضم أحدهما إلى الآخر، فكان
الأوزاعي يقول: إذا كانت عشرة دنانير ومائة درهم أخرج من الذهب ربع دينار
ومن الفضة درهمين ونصف.
وقال سفيان الثوري: يضم القليل إلى الكثير، فإن كانت إذا ضمت الدراهم إلى
الدنانير عشرين مثقالاً ضمّهما إلى الدنانير، وكذلك القول في ضم الدنانير
إلى الدراهم يزكّيها على هذا الحساب.
وقال أصحاب الرأي: في الرجل يكون له عشرة مثاقيل تبراً ودنانير ومائتا
درهم، عليه الزكاة، وكذلك إن كان له خمسة عشر ديناراً وخمسون درهماً أو كان
له مائة وخمسون درهماً وخمسة مثاقيل ذهب عليه الزكاة.
وقال مالك: "إذا كانت عشرة دنانير ومائة درهم عليه الزكاة، فإن كانت تسعة
دنانير قيمتها مائتا درهم فلا زكاة عليه إنما ينظر في هذا إلى القدر الذي
يكافي كل دينار بعشرة دراهم على ما كانت في الزمن الأول، فإن كانت تسعة
دنانير ومائتا درهم وعشرة دراهم وجبت فيها الزكاة يؤخذ من الفضة ربع
عشرها".
قال أبو بكر: القول الأول صحيح.
(3/44)
46 - باب زكاة الحلي
م 996 - واختلفوا في وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة.
فروينا عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو أنهما قالا: فيه الزكاة، وكذلك
قال ابن عباس، وابن مسعود، وابن المسيب، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعبد الله
بن عمرو بن شدّاد، وميمون بن مهران، وابن سيرين، ومجاهد، وجابر بن زيد،
والزهري، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي.
وأسقطت طائفة الزكاة عن الحلى، وممن قال ليس في الحلي الزكاة: ابن عمر،
وجابر بن عبد الله، وعائشة، وأسماء بنت أبي بكر، والشعبى، ومحمد بن علي،
والقاسم بن محمد، وعمرة، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وقد كان الشافعي يقول هذا إذ هو بالعراق، ثم وقف عنه بمصر وقال: هذا مما
أستخير الله فيه.
وقال أنس بن مالك: يزكّي عاماً واحداً.
وقال الحسن البصري: زكاته عاريته، وبه قال عبد الله بن عتبة، وقتادة.
وقال أحمد بن حنبل مرة هكذا، وقال مرة: لا زكاة فيه.
قال أبو بكر: الزكاة واجبة في لظاهر الكتاب والسنة، وقد ذكرت ذلك في أول
الفصل هذا [1/ 59/ب].
(3/45)
47 - باب إسقاط
الزكاة عن اللؤلؤ، والجوهر، والعنبر
م 997 - واختلفوا فيما يجب في العنبر.
فروينا عن ابن عباس أنه قال: لاشيء فيه، وبه قال عمر بن عبد العزيز، ومالك،
والثوري، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، والشافعي، وأبو ثور وأبو عبيد،
والنعمان، ومحمد.
م 998 - وقال الحسن البصري: ليس في صيد السمك صدقة، وكذلك قال مالك بن أنس،
والثوري، والشافعي، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، والنعمان، ومحمد.
وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: في العنبر الخمس، وكذلك قال
الحسن.
م 999 - وقال الزهري: في العنبر واللؤلؤ يخرج من البحر الخمس، وكذلك قال
يعقوب، وإسحاق في العنبر.
وكان عطاء يقول: ليس في اللؤلؤ، ولا الزبرجد، ولا الياقوت، ولا الفصوص
صدقة.
وقال القاسم بن محمد: ليس في اللؤلؤ الزكاة إلا ما يراد التجارة.
وكذلك قال عكرمة في الياقوت والجوهر، وهذا قول مالك، والثوري، والشافعي،
والنعمان، ومحمد.
(3/46)
48 - أبواب زكاة
الركاز والمعادن
(ح 527) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: وفي الركاز الخمس.
م 1000 - وهذا قول الزهري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه،
ولا نعلم أحداً خالف ذلك إلا الحسن البصري، فإنه فرق بن ما يوجد في أرض
الحرب، وإذا وجد في أرض العرب، فأوجب الخمس فيه إذا وجد في أرض الحرب، وإذا
وجد في أرض العرب ففيه الزكاة.
قال أبو بكر: بظاهر الحديث نقول.
49 - باب اختلافهم في تفسير الركاز
م 1001 - قال الحسن البصري: الركاز، المال المدفون دفن الجاهلية دون
المعادن، وبه قال الشعبى، ومالك، والحسن بن صالح، والأوزاعي، وأبو ثور.
وقال الزهري، وأبو عبيد: الركاز، المال المدفون، والمعدن جميعاً، وفيهما
جميعاً الخمس.
(3/47)
م 1002 - وكان عمر بن عبد العزيز. يأخذ من
المعادن إن باع العشر إلا أن يكون ركزة، فإن كانت ركزة ففيها الخمس، وهذا
على مذهب مالك، والأوزاعي.
50 - باب ما يجب فيما يخرج من المعدن
م 1003 - واختلفوا فيما يخرج من المعدن.
فقال مالك: إذا بلغ ما يخرج من المعدن عشرين ديناراً أو مائتي درهم زكى ذلك
مكانه، وشبّه ذلك بالزرع يخرجه من أرض المرء.
وكان عمر بن عبد العزيز يأخذ من المعادن من كل مائتي درهم خمسة دراهم،
وكذلك قال أحمد، وإسحاق، وأبو [1/ 60/ألف] ثور.
وأوجب الزهري، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي فيما يخرج من المعدن الخمس.
وجعلت طائفة ما يخرج من المعدن فائدة من الفوائد، فإذا اجتمع منه مقدار ما
يجب منه الزكاة وحال عليه الحول ففيه الزكاة، هذا قول إسحاق.
وبه نقول.
51 - باب القدر الذي يجب فيه الخمس من الركاز
م 1004 - واختلفوا في مقدار الركاز الذي يجب فيه الخمس.
(3/48)
فقالت طائفة: يجب إخراج الخمس من قليل
الركاز وكثيره على ظاهر الخبر، هذا قول مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد،
وأصحاب الرأي.
واختلف قول الشافعي في هذا الباب، فقال إذ هو بالعراق أشبه بظاهر الحديث
هذا القول. وقال بمصر: " لا يتبين لي أن أوجبه على رجل إذا كان أقل مما يجب
فيه الزكاة ".
قال أبو بكر: الأول أولى بظاهر الحديث، وبه قال جملة أهل العلم.
52 - باب وجوب الخمس في ركاز الحديد والنحاس
وغير ذلك
م 1005 - أجمع أهل العلم على أن الخمس يجب في ركاز الذهب والفضة على ما
ذكرته عنهم.
م 1006 - واختلفوا في وجوب الخمس فيما يوجد من ركاز الجوهر، والحديد، وغير
ذلك.
فقال طائفة: يجب في ذلك كله الخمس، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبي عبيد،
وأصحاب الرأي.
وقول الشافعي: في هذه كقول في المسألة قبلها.
وقال الأوزاعي: ما أرى بأخذ الخمس من ذلك كله بأساً.
واختلف فيه عن مالك، وأصح قوليه ما عليه سائر أهل العلم.
وبالقول الأول أقول.
(3/49)
53 - باب الذمي يجد
الركاز
م 1007 - قال كل من نحفظ عنه من أهل العلم على الذمي في الركاز يجده الخمس،
هذا قول مالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق من أصحاب الرأي وغيرهم
والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، ومن تبعهم من أهل العلم.
وكذلك نقول.
وهذا يدل على أن خمس الركاز ليس سبيله سبيل الصدقات، لأن الذمي لا زكاة
عليه إنما سبيله سبيل مال الفيء.
54 - باب العبد يجد الركاز
م 1008 - قال الثوري، والأوزاعي، وأبو عبيد: إذا وجد العبد ركازاً يُرضَحُ
له منه، ولا يعطاه كله.
وقال أصحاب الرأي، وأبو ثور: هو له بعد الخمس.
وحكى أبو. . . . . . . (1)
__________
(1) بدأ السقط هنا
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في المغني لابن قدامة
الْوَاجِد لَهُ إذَا كَانَ عَبْدًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ
مَالٍ، فَأَشْبَهَ الِاحْتِشَاشَ وَالِاصْطِيَادَ، وَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا
مَلَكَهُ، وَعَلَيْهِ خُمْسُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ كَسْبِهِ، وَإِنْ
كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَهُوَ لَهُمَا، وَيُخْرِجُ عَنْهُمَا
وَلِيُّهُمَا. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي الرِّكَازِ يَجِدُهُ
الْخُمْسَ. قَالَهُ مَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالثَّوْرِيُّ،
وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ،
وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجِبُ الْخُمْسُ إلَّا عَلَى مَنْ تَجِبُ
عَلَيْهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ زَكَاةٌ. وَحُكِيَ عَنْهُ فِي الصَّبِيِّ
وَالْمَرْأَةِ أَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ الرِّكَازَ. وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: إذَا كَانَ الْوَاجِدُ
لَهُ عَبْدًا، يُرْضَخُ لَهُ مِنْهُ، وَلَا يُعْطَاهُ كُلَّهُ
وقال ابن المنذر في الإقناع:
«ففي الركاز الخمس قليلا كَانَ أو كثيرا، والركاز دفن الجاهلية وسواء كَانَ
ذهبا، أو فضة، أو نحاسا، أو حديدا، أو جوهرا، أو غير ذَلِكَ عَلَى ظاهر
الحديث، وسواء كَانَ الذي وجده: حرا أو عبدا أو مكاتبا أو امرأة أو صبيا أو
ذميا، وسواء مَا وجد منه في موات أرض الإسلام أو أرض الحرب، إن فِيهِ الخمس
وأربعة أخماس لمن وجده»
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: فهذا اختيار ابن المنذر كما ترى، وما عزاه
المحقق له (فيما أكمله بنفسه من نص الإشراف)، مخالف لذلك، والله أعلم
(3/50)
[61 - باب تقدمة
الزكاة قبل الحول]
(3/55)
. (1) أعاد كالصلاة.
قال أبو بكر: لا يجزيه وإن عجل.
62 - باب الزكاة يخرجها الرجل فتضيع منه
م 1019 - وقال الحسن البصري، وقتادة: إذا أخرجها فضاعت تجزئ عنه.
وقال الزهري، والحكم، وحماد، والثوري، وأحمد، وأبو عبيد:
هو ضامن لها حتى يضعها مواضعها.
وقال مالك إن أخرجها عند محلها فسرقت منه أو سقطت أراها مجزية عنه وإن
أخرجها بعد ذلك بأيام ثم سقطت أو سرقت ضمنها.
وقال الشافعي إذا أخرج زكاة ماله بعد ما حلت، فإن كان فرط فيها كان ضامناً
لها، وإن لم يفرط رجع إلى باقي ماله، وإن كان فيما بقي زكّاه وإن لم يكن
فيما بقي زكاة لم يزكه.
وقال أبو ثور: إن كان فرط في أداء الزكاة كان عليه زكاة الجميع وإن كان لم
يفرط فعليه زكاة ما بقي من المال.
__________
(1) انتهى السقط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص المسألة في المغني لابن قدامة كما يلي:
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَجُوزُ تَقْدِمَةُ الزَّكَاةِ) وَجُمْلَتُهُ
أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ النِّصَابُ
الْكَامِلُ، جَازَ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ. وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ
وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو
حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَحُكِيَ عَنْ
الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ
وَدَاوُد لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُؤَدَّى زَكَاةٌ قَبْلَ حُلُولِ
الْحَوْلِ».
وَلِأَنَّ الْحَوْلَ أَحَدُ شَرْطَيْ الزَّكَاةِ، فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ
الزَّكَاةِ عَلَيْهِ كَالنِّصَابِ، وَلِأَنَّ لِلزَّكَاةِ وَقْتًا، فَلَمْ
يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ، كَالصَّلَاةِ. وَلَنَا، مَا رَوَى عَلِيٌّ،
«أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ
فِي ذَلِكَ. وَفِي لَفْظٍ: فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي
ذَلِكَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ يَعْقُوبُ
بْنُ شَيْبَةَ: هُوَ أَثْبَتُهَا إسْنَادًا.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: «إنَّا قَدْ أَخَذْنَا
زَكَاةَ الْعَبَّاسِ عَامَ الْأَوَّلِ لِلْعَامِ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ:
إنَّا كُنَّا تَعَجَّلْنَا صَدَقَةَ الْعَبَّاسِ لِعَامِنَا هَذَا عَامَ
أَوَّلَ». رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ عَطَاءٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ،
وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا،
وَلِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ لِمَالٍ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ قَبْلَ وُجُوبِهِ،
فَجَازَ، كَتَعْجِيلِ قَضَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ،
وَأَدَاءِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ،
وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ بَعْدَ الْجَرْحِ قَبْلَ الزَّهُوقِ، وَقَدْ
سَلَّمَ مَالِكٌ تَعْجِيلَ الْكَفَّارَةِ، وَفَارَقَ تَقْدِيمَهَا عَلَى
النِّصَابِ، لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لَهَا عَلَى سَبَبِهَا، فَأَشْبَهَ
تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْيَمِينِ، وَكَفَّارَةَ الْقَتْلِ عَلَى
الْجَرْحِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ قَدَّمَهَا عَلَى الشَّرْطَيْنِ، وَهَاهُنَا
قَدَّمَهَا عَلَى أَحَدِهِمَا.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّ لِلزَّكَاةِ وَقْتًا. قُلْنَا: الْوَقْتُ إذَا دَخَلَ
فِي الشَّيْءِ رِفْقًا بِالْإِنْسَانِ، كَانَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ
وَيَتْرُكَ الْإِرْفَاقَ بِنَفْسِهِ، كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَكَمَنْ
أَدَّى زَكَاةَ مَالِ غَائِبٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ
وُجُوبِهَا، وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ تَالِفًا فِي ذَلِكَ
الْوَقْتِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ فَتَعَبُّدٌ مَحْضٌ،
وَالتَّوْقِيتُ فِيهِمَا غَيْرُ مَعْقُولٍ، فَيُجِبْ أَنْ يُقْتَصَرَ
عَلَيْهِ.
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقال ابن المنذر في الإقناع: وَلا يجوز إخراج
الزكاة إلا بعد حلول الحول، وخبر العباس لا يثبت
(3/56)
وقال أصحاب الرأي: إذا حال الحول فهلك بعضه
فليس عليه أن يزكى ما هلك ولكن يزكي ما بقى.
وقال بعض أهل العلم في المال يهلك بعد دخول الحول وبقى مائتا درهم أن فيها
خمسة دراهم وإن هلك ولم يبق إلا عشرة دراهم أدى زكاتها مثل الشريكين يتلف
بعض المال ويكونان شريكين فيما يبقى.
قال أبو بكر: هذا صحيح.
63 - باب إذا أمكن إخراج الزكاة فلم يفعل حتى
هلك المال
م 1520 - واختلفوا في المال يحول عليه الحول، ويمكن المرأ دفعها إلى
المساكين فلم يفعل حتى ضاع المال.
فقال مالك، والحسن بن صالح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: يضمن
الزكاة وهي دين عليه.
وفرق مالك بين زكاة المواشي وبين سائر الأموال، فقال في الماشية: لا تجب
فيها الزكاة، وإن حال الحول حتى يجيء المصدق فإن تلفت قبل مجيئه فلا شيء
عليه.
64 - باب وفاة المرء بعد وجوب الزكاة عليه
م 1021 - اختلف أهل العلم في موت الرجل بعد وجوب الزكاة عليه.
فقالت طائفة: يخرج من ماله كديون الآدميين، هذا قول عطاء، والحسن
(3/57)
البصري، والزهري، وقتادة، والشافعي، وأحمد،
وإسحاق، وأبي ثور.
وبه نقول.
والقول الثاني: أن ذلك يخرج من ماله، كسائر الوصايا إذا كان أوصى بها، وإن
لم يكن أوصى بها فليس على ورثته إخراج ذلك من ماله، هذا قول ابن سيرين [1/
74/ألف] والنخعي، والشعبي، وحماد بن أبي سليمان، وداؤد بن أبي هند، وحميد
الطويل، والبتّي، والثوري.
وقال الليث بن سعد، والأوزاعي: يؤخذ ذلك من ماله ولا يجاوز الثلث، يبدأ به
على الوصايا.
وقال مالك: يؤخذ ذلك من ماله ويبدأ به على أهل الوصايا، وأرى ذلك بمنزلة
الدين، وقال مرة: لا يجاوز الثلث.
وقال أصحاب الرأي: إن كان أوصى بها وأمر أن تبعد، جعلت ذلك من الثلث، وإن
كان أوصى بوصايا مختلفة أو لم يوص تحاص، ولم يبدؤوا بالزكاة على غيرها، وإن
لم يأمر بها الميت فليس يلزمهم أن يفعلوه.
65 - باب وجوب الزكاة في مال اليتيم
م 1022 - واختلفوا في وجوب الزكاة في مال اليتيم، فقالت طائفة: تجب الزكاة
في مال اليتيم.
روينا هذا القول عن عمر، وبه قال علي بن أبي طالب، وابن عمر، وجابر،
وعائشة، والحسن بن علي، وعطاء، وجابر بن زيد، ومجاهد،
(3/58)
وابن سيرين، وبه قال ربيعه، ومالك،
والثوري، والحسن بن صالح، وعبد الله بن الحسن، وابن عيينة، والشافعي،
وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وسليمان بن حرب.
وقال النخعي، وأبو وائل، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، ليس في مال اليتيم
زكاة.
وقال سعيد بن المسيب: لا زكاة حتى يحضر الصلاة ويصوم رمضان.
وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: في ماله الزكاة غير أن الولي لا
يخرجه، ولكن يحصيه فإذا بلغ أعلمه ليزكي عن نفسه.
وقال ابن أبي ليلى: في ماله الزكاة ولكن الوصي إن أداها ضمن.
وقد روينا عن ابن شبرمة أنه قال: لا أزكي مال اليتيم الذهب والفضة، ولكن
البقر، والإبل، والغنم، وما ظهر من مال زكيته وما غاب عني لم طلبه.
وقال أصحاب الرأي: لا زكاة في مال الطفل إلا فيما أخرجت الأرض فإن الصدقة
واجبة عليه فيما أخرجت أرضه دون سائر ماله.
66 - باب زكاة مال العبيد
م 1023 - كان سفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق يقولان: زكاة مال العبد على
مولاه وهو مذهب أصحاب الرأي.
وقال آخرون: ليس عليه فيه شيء ولا على مولاه، هذا قول ابن عمر، وجابر،
والزهري، وقتادة، ومالك، وأحمد، وأبو عبيد.
(3/59)
وأوجبت طائفة: على العبد الزكاة، روينا هذا
القول عن عطاء، وبه قال [174/ب] أبو ثور، وروى ذلك عن ابن عمر.
67 - باب زكاة مال المكاتب
م 1024 - أجمع كل من يحفظ من أهل العلم على أن لا زكاة في مال المكاتب حتى
يعتق، غير أبو ثور.
وممن قال بجملة هذا القول جابر بن عبد الله، وابن عمر، وعمر بن عبد العزيز،
وعطاء، ومسروق، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأصحاب
الرأي، ومن تبعهم.
وقال أبو ثور: في مال المكاتب الزكاة كما تجب في مال الحر.
قال أبو بكر: لا زكاة في مال المكاتب.
(3/60)
|