الإشراف على مذاهب العلماء

27 - كتاب زكاة الفطر
(ح 533) ثبت أن رسول - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر على الذكر، والأنثى، والحر، والعبد، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير.
م 1025 - وأجمع عوام أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض.
وممن حفظنا ذلك عنه من أهل العلم، محمد بن سيرين، وأبو العالية، والضحاك، وعطاء، ومالك، وأهل المدينة، وسفيان الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقال إسحاق: هو كالإجماع من أهل العلم.
م 1026 - وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه وأولاده، والأطفال الذين لا أموال لهم.
م 1027 - واختلفوا في الأطفال الذين لهم أموال.
وكان الشافعي، وأبو ثور، يقولان: على الأب إخراج زكاة الفطر عنهم من أموالهم.
وحكى أبو ثور ذلك عن النعمان، ومحمد، وبه قال أحمد، وإسحاق.
وقال أبن الحسن: على الأب أن يؤدى عنهم من أمواله، وإن أدى ذلك عنهم من أمولهم فهو ضامن.

(3/61)


1 - باب اليتيم الطفل الذي له مال
ح 1028 - واختلفوا في وجوب الزكاة على اليتيم الذي له مال.
فكان مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، ويعقوب، يقولان: يودي عنه الوصي زكاة الفطر.
وقال ابن الحسن: لا يجب في مال الصغير صدقة الفطر يتيماً وغير يتيم.
قال أبو بكر: الأول أولى.
(ح 534) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - على كل صغير وكبير.

2 - باب رقيق الصبي الطفل
م 1029 - قال الشافعي: ليس على الأب إخراج زكاة الفطر عن رقيق الطفل الذي لا مال له، إلا أن يكون بالصغير عنه غنياً، فعلى الأب أن ينفق عليه ويخرج عنه زكاة الفطر.
وكان أبو ثور يقول: إذا لم يكن لليتيم مال [1/ 75/ألف] فعلى الوالد زكاة رقيقهم إذا أيسروا.
وحكى أبو ثور عن الكوفي: أن الأب لا يجب ذلك عليه.
م 1030 - واختلفوا في وجوب زكاة الفطر على الجد عن ولد ولده.
فأوجب الشافعي ذلك.
وقال أصحاب الرأي: لا يجب ذلك عليه.

(3/62)


3 - باب صدقة الفطر على المماليك
م 1031 - أجمع عوام أهل العلم على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر غير الغائب، والعبد المغصوب، والآبق، والعبد المشتري للتجارة، وأنهم اختلفوا في وجوب صدقة الفطر على السيد في عبده عن هؤلاء.

4 - باب اختلافهم في وجوب صدقة الفطر على السيد
في عبده المشتري للتجارة
م 1032 - واختلفوا في وجوب صدقة الفطر عند العبد المشتري للتجارة، فكان مالك بن أنس، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، يرون: على السيد زكاة الفطر عنهم، وزكاة التجارة.
قال أبو بكر: وبه نقول.
(ح 535) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - على كل حر وعبد.
م 1033 - وفي قول عطاء بن أبي رباح، والنخعي، والثوري، وأصحاب الرأي ليس على السيد فيهم زكاة الفطر.
وقال أصحاب الرأي: إذا كانوا للخدمة وللعلة، أدى عنهم.

(3/63)


5 - باب زكاة الفطر عن المكاتب
م 1034 - واختلفوا في وجوب صدقة الفطر على السيد في مكاتبه.
فكان ابن عمر لا يؤدي عن المكاتبين، وهذا قول أبي سلمة بن عبد الرحمن، وبه قال أحمد، وأصحاب الرأي، وهو مذهب الثوري.
وقال أصحاب الرأي: ليس على المكاتب في رقيقه الزكاة.
وقال أبو ثور: عليه فيهم الزكاة.
وكان عطاء يقول: يؤديها عن المكاتب، هذا قول مالك، وأبي ثور.
وقال إسحاق: يعطى عنه إذا كان في عياله وإلا فلا.
قال أبو بكر: من قال أن المكاتب عبد ما بقى عليه درهم ينبغي أن يرى أداء زكاة الفطر عنه لأنه عبد.

6 - باب العبيد الغيب
م 1035 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرون: أن يؤدي زكاة الفطر عن الرقيق كلهم غائبهم وحاضرهم، وهو على مذهب مالك، والشافعي، والكوفي.
وكان ابن عمر يخرج زكاة الفطر عن غلمانه الذين بوادي [1/ 75/ب] القرى وبخيبر.
وكذلك نقول.

(3/64)


7 - باب زكاة العبد الآبق
م 1036 - كان الشافعي وأبو ثور يقولان: عليه أن يؤدي زكاة الفطر عن العبد الآبق، علم بمكانه أو لم يعلم، وبه قال الزهري، وأحمد.
[وقال] (1) وإسحاق يؤدي عنه إذا علم بمكانه.
وقال الأوزاعي: يؤدي عنه إذا كان في دار الإسلام.
وفه قول رابع: وهو أن ليس عليه أن يطعم عن الآبق، هذا قول عطاء، والثوري، وأصحاب الرأي.
وفيه قول خامس: "وهو أن إذا كانت غيبته قريبة يرجى رجعته يزكى عنه، وإن كانت اباقته قد طالت فأيس منه فليس عليه أن يزكي عنه"، هذا قول مالك.
قال أبو بكر: الأول صحيح.

8 - باب زكاة الفطر عن العبد الذمي
(ح 536) في حديث ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس على كل حر وعبد من المسلمين.
م 1037 - واختلفوا في الإطعام عن الذمي.
فقال جابر بن عبد الله: صدقة الفطر على كل مسلم، هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور.
__________
(1) ما بين المعكوفين سقط من الأصل.

(3/65)


وروينا قلت علي أنه قال: حق على كل مسلم أطاق الصوم أن يطعم.
وقال ابن المسيب، والحسن: لا يؤدي إلا عمن صلى وصام.
وقال آخرون: يجب أن يعطى عن العبد الذمي، وهو قول عطاء، وعمر بن عبد العزيز، ومجاهد وسعيد بن جبير، والنخعي والثوري، وإسحاق وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: الأول أصح، لقوله من المسلمين.
م 1038 - وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: لا صدقة على الذمي في عبده المسلم.
وقال أبو ثور: يؤدي العبد عن نفسه إذا كان له مال.

9 - باب العمال من الرقيق يكونون في أرض المرء وماشيته
م 1039 - كان ابن عمر يطرح زكاة الفطر عن كل عبد له حاضر وغائب، أو في مزرعة.
وهذا مذهب سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن أبي عبد الرحمن، وعطاء، والحسن، وطاؤس، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن عبد الملك بن مروان أنه قال: في العبد يكون في الماشية والحائط، ليس عليه زكاة الفطر.

(3/66)


قال أبو بكر: الأول أصح.
(ح 537) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على كل حر وعبد".

10 - باب العبد بين الشركاء وإخراج الفطر عنهم [1/ 76/ألف]
م 1040 - واختلفوا في العبد يكون بين الشريكين.
فقال مالك، ومحمد بن مسلمة، وعبد الملك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن الحسن يخرج كل واحد منهما نصف صدقة الفطر عنهم.
وقد روى عن الحسن، وعكرمة، أنهما قالا: وليس على واحد منهما شيء، وبه قال الثوري، والنعمان، ويعقوب.
قال أبو بكر: الأول أصح.

11 - باب العبد المعتق بعضه
م 1041 - قال مالك: في العبد المعتق بعضه يخرج المالك نصفه نصف زكاة الفطر عن حصته، وليس على العبد فيما عتق منه شيء.
وقال الشافعي، وأبو ثور: في حصته المال كما على العبد إذا فضل عن قوت يومه ما يؤدي عن نفسه، أدى نصف زكاة الفطر.
وقال عبد الملك: على الذي يملك نصفه أدى الصاع منه.

(3/67)


وفيه قول رابع: وهو أن يخرج سيده بقدر ما يملك عنه وعليه في ذمته بقدر حريته. فإن لم يكن للعبد مال رأيت لسيده أن يزكيه كله، هذا قول محمد بن مسلمة.
وفيه قول خامس وهو أن لا يجب على مولاه أن يؤدي عنه مادام يسعى، ولا عليه أن يؤدي عن نفسه، هذا قوق النعمان.
وفيه قول سادس: وهو قول يعقوب، ومحمد قالا: "على العبد أن يؤدي عن نفسه وهو بمترلة الحر إذا عتق نصفه فقد عتق كله".

12 - باب العبد المرهون
م 1042 - واختلفوا في العبد المرهون.
فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور، يقولان: زكاة الفطر على الراهن.
وقال ابن الحسن: إذا كان عند الراهن وباء لذلك الدين وفضل مئتا درهم، فإن ذلك عليه، فإن لم يكن ذلك عنده فليس عليه صدقة الفطر.
قال أبو بكر: الأول أولى لدخوله في جملة الرقيق الذين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإخراج زكاة الفطر عنهم.

(3/68)


13 - باب العبد الموصى برقبته لرجل ولآخر بخدمته
م 1043 - واختلفوا في إخراج زكاة الفطر عن العبد برقبته لرجل ولآخر بخدمته.
فكان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: إن زكاة الفطر على مالك الرقبة.
وقال عبد الملك: الزكاة على من جعلت له الخدمة إذا كان ذلك زماناً طويلاً.

14 - باب العبد [1/ 76/ب] المغصوب
م 1044 - واختلفوا في الإطعام عن العبد المغصوب.
فكان الشافعي يقول: زكاته على مالكه.
ومال أبو ثور: إلى أن لا شيء عليه.

15 - باب العبد المبيع المشترط في عقدة الخيار للبائع أو للمشتري أولهما
م 1045 - قال مالك: إذا كان الخيار للبائع أو للمشتري أولهما أولهما أو لأحدهما ومضى يوم الفطر، ثم رده المشتري فالزكاة على البائع، وهو قول الشافعي، وإن كان الخيار للمشتري فزكاته على المشتري.

(3/69)


وقال النعمان: وإن كان الخيار للبائع أو للمشتري فمر يوم الفطر فالصدقة على الذي يصير العبد له.
وقال الثورى: إذا كان الخيار للمشتري فالصدقة عليه.
قال أبو بكر:
م 1046 - وأما العبد المستعار، والمودع، والمواجر، وأمهات الأولاد، والمعتق منهم إلى أجل، والمدبر فزكاة الفطر على السيد فيهم، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

16 - باب عبيد عبد الرجل
م 1047 - كان أبو الزناد، ومالك، وأصحاب الرأي يقولون: ليس على السيد فيهم صدقة الفطر.
وقال الشافعي: عليه أن يخرج عنهم.

17 - باب العبيد يكونون بيد العامل من مال القراص
م 1048 - وقال مالك، والشافعي في العبيد يكونون بيد العامل من مال القراص: زكاتهم على رب المال.
وقال أصحاب الرأي: لا زكاة فيهم.

(3/70)


مسألة
م 1049 - قال الشافعي، وأبو ثور: في العبد المشتري شراء فاسداً زكاته على البائع لأنه في ملكه.
وقال أصحاب الرأي: إن قبضه المشتري فأعتقه فالزكاة
على المشتري.
م 1050 - وفي قولهم إن لم يكن المشتري أعتقه فالزكاة على البائع.
وقال أصحاب الرأي: إذا اشترى قبل يوم الفطر بيوم عبداً شراء صحيحاً، ثم رده بعد الفطر بعيب، فالزكاة على المشتري، وكذلك قال الشافعي، وأبو ثور.
م 1051 - وقال أصحاب الرأي في العبد يجني جناية عمداً أو خطأً: زكاة الفطر على رب العبد، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور.
م 1052 - وإذا نكح الرجل المرأة على عبد قبضته أو لم تقبضه فمر يوم الفطر والعيد في ملكها، أو طلقها الزوج قبل أن يدخل بها،
فالزكاة على المرأة في قول الشافعي، وأبي ثور.
وقال أصحاب الرأي: إن كانت قبضته فعليها زكاة الفطر وإن لم تكن قبضته فلا زكاة عليها.
قال أبو بكر: قول [1/ 77/ألف] الشافعي صحيح.

18 - باب على من يجب زكاة زوجة المرء
م 1053 - أجمع أهل العلم على أن على المرأة قل أن تنكح، أن تخرج زكاة الفطر عن نفسها.

(3/71)


(ح 538) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: صدقة الفطر على كل ذكر وأنثى.
م 1054 - واختلفوا فيمن يجب عليه زكاة الفطر عنها بعد أن تنكح بعد إجماعهم على أنه كان عليها قبل أن تنكح.
فكان مالك، والليث، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، يقولون: على زوجها أن يخرج عنها صدقة الفطر.
وقال الثوري، وأصحاب الرأي: ليس على الزوج أن يطعم عن زوجته زكاة الفطر ولا عن خادمها.
قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: صدقة الفطر على كل ذكر وأنثى.
(ح 539) ولم يصح عن النبي- صلى الله عليه وسلم - خبر يعارض به هذا الخبر.
وظاهر الحديث لا يجوز تركه وليس منه إجماع فيتبع.

19 - باب زكاة الفطر عن الحبلى
قال أبو بكر:
م 1055 - أجمع كل من يحفظ عنه من علماء أهل الأمصار، لا يجب على الرجل إخراج زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه، وممن حفظنا ذلك عنه عطاء، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأى.

(3/72)


وكان أحمد بن حنبل: يستحب ذلك ولا يوجبه، ولا يصح عن عثمان خلاف ما قلناه.

20 - باب الوقت الذي يجب فيه صدقة الفطر
م 1056 - واختلفوا في الوقت الذي يجب فيه زكاة الفطر على من ولد له مولود أو ملك مملوكاً، فكان الشافعي، وإسحاق، يقولان: إذا ولد له مولود، أو كان في ملكه مملوك في شيء من نهار آخر يوم من شهر رمضان فغابت الشافعي ليلة هلال شوال، وجبت عليه زكاة الفطر، وإن ولد منهم مولود في ليلة الفطر لم يجب عليه زكاة الفطر في عامه ذلك.
وقال الثوري: إذا ولد له مولود قبل الهلال بيوم، أطعم عنه وإن كان بعد الهلال بيوم لم يطعم عنه.
وقال أحمد بن حنبل: إذا ولد له بعد الهلال فليس عليه زكاة.
وقال مالك: "في الذي يعتق يوم الفطر يخرج زكاته، وكذلك إن باعه تلك الليلة أخرج زكاته، ومن مات ليلة الفطر فأرى أن يؤدي زكاة الفطر عنه، وإن مات عبد الرجل قبل إنشقاق الفجر من ليلة الفطر يلزمه زكاة. . . . . . . . . (1)
__________
(1) بدأ السقط هنا
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: قال ابن المنذر في الإقناع:
«والوقت الذي يجب فِيهِ زكاة الفطر طلوع الفجر من يوم الفطر، فكل من ملك عبدًا أو ولد لَهُ مولود قبل طلوع الفجر، فطلع الفجر والعبد في ملكه والمولود حي فعليه في كل واحد منهما زكاة الفطر.»

(3/73)


[28 - باب إخراج صدقة الفطر إذا خرج إلى المصلى]
. . . . . . . . . (1) [1/ 77/ ب] خروج الناس إلى المصلى، وكان ابن عمر، وابن عباس يأمران بإخراجها قبل الصلاة، ومال إلى هذا القول عطاء، ومالك، وموسى بن وردان، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن ابن سيرين، والنخعي، أنهما كانا يرخصان في تأخيرها عن يوم الفطر.
وقال أحمد: أرجو أن لا يكون بذلك بأس.
قال أبو بكر: لا أحب ذلك.
__________
(1) انتهى السقط هنا
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وثبت في الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ»

(3/79)


29 - باب إخراج قيمة المكيلة بدلاً منها
م 1068 - واختلفوا في إخراج قيمة صدقة الفطر بدلاً منها.
فكان الثوري، وأصحاب الرأي، يجيزون ذلك، وروى معنى قولهم عن عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري.
وفي قول مالك، والشافعي: لا يجوز البدل منه.
وقال إسحاق، وأبو ثور: لا يجوز ذلك إلا عند الضرورة.
قال أبو بكر: لا يجوز ذلك بحال.

30 - باب إعطاء مسكين واحدٍ زكاة جماعة
م 1069 - واختلفوا فيمن أعطى مسكيناً واحداً زكاة جماعة.
فكان مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يجزئ ذلك.
وقال أحمد: إن أعطى على معنى الحاجة فأرجو أن لا يكون به بأس.
وقال الشافعي: يقسم زكاة الفطر على ما يقسم عليه زكاة المال، لا يجوز غير ذلك.
قال أبو بكر: أرجو أن يجزئ ما قال مالك.

31 - باب إعطاء أهل الذمة صدقة الفطر
م 1070 - أجمع أهل العلم على أن لا يجزئ أن يعطي من زكاة المال أحد من أهل الذمة.

(3/80)


م 1071 - واختلفوا في إعطاء أهل الذمة صدقة الفطر.
فممن قال: لا يعطي أهل الذمة من صدقة الفطر، مالك، والليث بن سعد، والشافعي.
وقال أحمد: لا يعجبني ذلك.
وقال أبو ثور: لا أحب ذلك.
وقال أصحاب الرأي: لا يعطي منها إلا المسلم فإن أعطى أهل الذمة أجزأ.
وقد روينا عن عمرو بن ميمون، وعمرو بن شرحبيل، ومُرة الهمذاني أنهم كانوا يعطون منها الرهبان.

32 - باب العروض المشتراة للتجارة
م 572 - أجمع عامة أهل العلم على أن في العروض التي مُلكت للتجارة الزكاة إذا حال علي الحول.
وممن روينا هذا القول عنه عمر بن الخطاب، وابن [1/ 78/ألف] عمر، وعائشة، وابن عباس، والفقهاء السبعة، وسعيد، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام، وخارجة بن زيد، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وبه قال الحسن البصري، وجابر بن زيد، وطاووس، وميمون بن مهران، والنخعي، وقال بجملة هذا القول،

(3/81)


مالك ابن أنس، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه.

33 - باب كيف يخرج زكاة العرض
م 1073 - واختلفوا فيما يجب في أو في ثمنه الذي اشترى به العرض أو في قيمته.
فكان الحسن يقول: يزكي عن الثمن الذي اشتراه، وبه قال جابر زيد يقومه وبنحو من ثمنه يوم حلت الزكاه فيه.
وقال قتادة: يقوم قيمة يومه.
وقال الأوزاعي: إن شاء زكى ثمنه الذي اشتراه، وإن شاء قوّم متاعه وزكاه بالقيمة.
وقال الشافعي: يقومه بالذي كان يشتري به العرض.
وقال أبو ثور: يقومه برأس ماله دنانير كانت أو دراهم.
وحكى عن النعمان أنه قال: يزكيه بأيّ ذلك شاء.

34 - باب العرض يقيم عند الرجل سنين
م 1074 - واختلفوا في العرض فللتجارة يقيم عند الرجل سنين ثم يبيعه.
فقالت طائفة: يقومه إذا حال عليه الحول ويخرج زكاته في كل سنة.
هذا قول الشافعي، وهو على مذهب الثوري، وأحمد، وإسحاق،

(3/82)


وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وكان عطاء يقول: يزكيه لسنة واحدة، وبه قال مالك.

مسألة
م 5107 - واختلفوا في العرض يشتريه الرجل بأقل من مائتي درهم، ثم يحول عليه الحول وهو يساوي ما يجب في الزكاة.
فقال الثوري: ليس عليه زكاة فيه حتى يكون ابتاعه بما فيه الزكاة.
وكان الشافعي يقول: إذا حال الحول على العرض فباعه بما يجب فيه الزكاة زكاة من يوم ملك العرض ولا أنظر لما قيمته في أول السنة ولا وسطها.

35 - باب تحول نية رب السلع في إحراف ما كان منها للتجارة إلى القيمة [1/ 78/ب]
م 1076 - واختلف أهل العلم فيمن ابتاع بُراً للتجارة، ثم بدأ له فجعله للبأس، أو ابتاعه لغير التجارة ثم نواه للتجارة.
فقال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: ليس عليه زكاة في الحالتين.
وقال إسحاق من بين أهل العلم، في سائمة المواشي إذا أراد صرفها إلى التجارة، أو من التجارة إلى السائمة إذا نواها سائمة وكان للتجارة فهي سائمة.
(ح 542) واحتج بقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنية".

(3/83)


36 - باب شرى المرء الأرض والنخل للتجارة فيزرع الأرض وتثمر النخل
م 1077 - واختلفوا في المرء يشتري الأرض والنخل للتجارة فيزرع الأرض وتثمر النخل، فكان الثوري، وأحمد، وإسحاق يقولون: يقومه قيمة إذا حال الحول عليه فيزكيه.
وقال الثوري: إذا اشتراه لغير تجارة فأدرك زكّاه وإن كان قبل ذلك بشهر.
وقال أبو ثور: عليه زكاة ما زرع ويقوم الأرض عند رأس الحول، ويزكّيها.
وقال أصحاب الرأي: إذا كانت أرض عشر وزرعها عليه العشر وعليه زكاة التجارة.
وقال الشافعي: إذا كانت غراساً غير نخل وزرع غير حنطة للتجارة، زكّاه زكاة التجارة.

37 - باب زكاة الديون
م 1078 - واختلفوا في وجوب الزكاة في الدين المرجوّ وغير ذلك.
فقالت طائفة: يؤدي زكاة ما كان منه على مليٍّ يرجو أخذه لكل سنة، هذا قول عثمان بن عفان، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وطاؤس، والنخعي، وجابر بن زيد، والزهري، والحسن

(3/84)


البصري، وميمون بن مهران، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي، وإسحاق، وأبي عبيد.
وقالت طائفة: يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة، كذلك قال عطاء أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وعطاء الخراساني، وأبو الزناد، ومالك بن أنس.
وقالت طائفة: يزكيه إذا قبضه لما مضى عليه من السنين، هذا قول الثوري، وأحمد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، غير أنهم قالوا: يزكي في السنة الثانية بعد أن يطرح مقدار زكاة ما وجب في السنة الأولى، وقد رويت أخباراً عن الأوائل أنهم قالوا: لا زكاة في الدين حتى يقبضه صاجه، ويحول عليه الحول من يوم قبضه، روينا هذا القول [1/ 79/ألف] عن ابن عمر، وعائشة، وعكرمة، وعطاء.

38 - باب ما يملكه المرء من إجارة عبيد وكريء مساكنه
م 1079 - واختلفوا في الرجال يؤاجر عبده، أو يكرى مساكنه بمال تجب في مثله الزكاة، فكان مالك يقول: لا تجب في شيء من ذلك زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه.
وبه قال النعمان: إذا لم يكن له مال غير ذلك.
وقال يعقوب، ومحمد: إذا قبض منهما درهماً أو أكثر زكّاه وبه قال أبو ثور.

(3/85)


39 - باب زكاة الدين المؤيس منه
قالت طائفة: يزكيه لما مضى إذا قبضه.
وكان الثوري، وأحمد يقولان: يزكيه لما مضى.
وكان عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، والليث بن سعد، والأوزاعي يقولون: يزكيه لسنة واحدة، وكذلك قال مالك في المال الذي غصبه أو ظلمه سنين، ثم ردّ عليه.
وكان قتادة يقول: لا زكاة في المال الضمار وبنحوه قال إسحاق، وأبو ثور.
وقال أبو عبيد: الضمار الغائب الذي لا يرجى.
وقال الشافعي: فيها قولان أحدهما: أن لا زكاة عليه لا مضى حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه، الثاني: أن عليه الزكاة إن سلم لما مضى.
وقال أصحاب الرأي: في المال يغلب عليه العدو، أو يغصبه المرء، لا زكاة عليه فيه.

40 - باب قبض السيد كتابة مكاتبه
م 1080 - واختلفوا فيما يقبضه السيّد من مكاتبه.

(3/86)


فكان مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا زكاة عليه في شيء من ذلك حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه.
وقال الثورى، وإسحاق: إذا قبضه أدّى الزكاة لما غاب عنه.
وقال الأوزاعي: إذا حلت نجوم مكاتبه فأخّرها وهو موسر زكّاه، وإن كان معسراً فلا زكاة عليه.

41 - باب من بيده مال تجب في مثله الزكاة وعليه دين مثله
م 1081 - واختلفوا فيمن بيده مال تجب في مثله الزكاه وعليه من الدين مثله.
فكان سليمان يسار، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، والنخعي، وميمون بن مهران، والثوري، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، يقولون: لا زكاة عليه.
قال حماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى، وربيعة: يزكى كل ما في يديه.
واختلف قول الشافعي فيه: فقال مرّة: كقول الثوري، وقال مرة: كقول ابن أبي ليلى.
وفرقت طائفة: بين المواشي [1/ 79/ب] في ذلك وبين الذهب والفضة، فأوجبت الزكاة في الماشية التي على صاحبها دين، وأسقطت
الزكاة من الذهب والفضة والمتاع إذا كان على صاحبها دين يجب بماله.
هذا مذهب مالك، والأوزاعي.

(3/87)


وأما أصحاب الرأي: فإنهم يوجبون الصدقة فيما أخرجت الأرض وإن كان على صاحبها دين يجب بماله، ويسقطون الصدقة عن سائر الأموال من الذهب والفضة والمواشي إذا كان على مالكه دين يحيط بماله.

(3/88)