الإشراف
على مذاهب العلماء 28 - كتاب قسم
الصدقات
قال الله جل ثناءه {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ
وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} الآية.
م 1082 - واختلفوا في معنى قوله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ} فقال مجاهد، وعكرمة، والزهري: المساكين الطوافون،
والفقراء فقراء المسلمين.
وقال قتادة: الفقير الذي به زمانه، والمسكين الصحيح المحتاج.
وقد روينا عن الضحاك أنه قال: الفقراء فقراء المهاجرين، والمساكين الذين لم
يهاجروا.
وفيه قول رابع: والله أعلم - أن "الفقير" من لا مال له ولا حرفة تقع منه
موقعاً زمناً قوياً كان أو غيره، سائلاً كان أو غير متعففاً، والمسكين، من
له مال أو حرفة لا تقع منه موقعاً ولا تغنيه سائلاً كان أو غير سائل" هذا
قول الشافعي.
وفيه قول خامس: وهو أن المسكين هو الذي يخشع ويسكن وإن لم يسأل، "والفقير"
الذي يتحمل ويقبل الشيء سراً ولا يخشع هذا قول عبيد الله بن الحسن.
(3/89)
وقال محمد بن مسلمة: "الفقر" الذي له
المسكن يسكنه والخادم، إلى من هو أسفل من ذلك، والمسكين " الذي لا ملك له.
وفيه قول سابع: قاله بعض اللغة، قال: المسكين الذي لا شيء له، والفقير الذي
له البلغة من العيش.
1 - باب العاملين عليها
م 1083 - كان الزهري يقول: هم السعاة.
وقال قتادة: هم جباتها الذين يجبونها.
وقال الشافعي: "المتولّون بقبضها".
م 1084 - واختلفوا في قدر ما يستحقه العامل على الصدقات.
فقال الشافعي: يعطون منها بقدر أجور أمثالهم.
وقال مالك: إنما ذلك إلى الإمام واجتهاده.
وذكر أبو عبيد أن هذا قول الثوري، وأهل العراق، وبه قال أبو عبيد.
وقال محمد بن الحسن: [1/ 80/ألف] يعطيهم الإمام قدر ما يرى.
وقال أبو ثور: يعطيهم عمالة مثلهم وإن كان أكثر من الثمن.
2 - باب المؤلفة قلوبهم
م 1085 - واختلفوا في "المؤلفة قلوبهم".
(3/90)
فكان الحسن البصري يقول: "المؤلفة قلوبهم"
الذين يدخلون في الإسلام.
وقال الزهري: من أسلم من يهودي، أو نصراني.
وقال الشافعي: هو من دخل في الإسلام.
وقال أبو ثور: لهم سهم يعطيهم الإمام قدر لما يرى.
وقالت طائفة: لا سهم، "للمؤلفة قلوبهم" بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم
-،
هذا قوله أصحاب الرأي، وقالوا: إنما كان ذلك على عهد النبي - صلى الله عليه
وسلم - فأما
اليوم فلا.
3 - باب سهم الرقاب
م 1086 - واختلفوا في سهم الرقاب.
فقالت طائفة: يعتق منه رقبة، هذا قول ابن عباس، والحسن البصري، ومالك،
وعبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور.
وقالت طائفة: لا يعتق منها رقبة كاملة إنما يجعل ذلك للمكاتبين، هذا قول
الشافعي.
وقال مالك: لا يعجبنى أن يعان بها للمكاتبين.
وقول الليث سعد كقول الشافعي.
وروينا عن النخعي، وسعيد بن جبير، أنهما قالا: لا يعلّق من الزكاة رقبة
كاملة.
(3/91)
وقال النخعي: يعطى منه في رقبة ويعين به
مكاتبا وبه قال النعمان، ويعقوب، ومحمد.
وقال أحمد: في المكاتب هو بمترلة العبد كيف يعطيه.
وفيه قول ثالث: قاله الزهري: وهو أن سهم الرقاب نصفان، نصف لكل مكاتب ممن
يدعى الإسلام، والنصف الباقي تستوى فيها رقاب من صلى وصام وقدم إسلامه من
ذكر وأنثى يعتقون.
م 1087 - واختلفوا في ولاء من يعتق من الزكاة.
فقال أبو عبيد: الولاء للمعتق.
وقال الحسن، وأحمد، وإسحاق: يجعل ما يزكيه المعتق من الزكاة في الرقاب.
وقال عبد الله بن الحسن: يجعل ما خلفه المعتق من الزكاة في بيت مال
الصدقات.
وفيه قول رابع: وهو أن ولاءه يكون لجميع المسلمين، هذا قول مالك.
4 - باب الغارمين
م 1088 - كان مجاهد يقول: إذا ذهب بمال الرجال السيل، أو ادان على عياله،
أو إحترق ماله هو من الغارمين.
وقال قتادة: إذا أغرقه الدين في غير إملاق ولا تبذير ولا فساد.
(3/92)
وقال الشافعي: "الغارمون صنفان: صنف ادانوا
في مصلحتهم أو معروف وغير معصية [1/ 80/ب]، ثم عجزوا عن أداء ذلك في العرص
والنقد فيعطون في عزمهم ".
"وصنف أدانوا في جمالات وإصلاح ذات بين معروف، ولهم عروض إن بيعت أضرتهم
فيعطى هؤلاء ما يوفر عروضهم، وذلك إذا كان دينهم في غير فسق ولا تبذير ولا
معصية الله".
م 1089 - واختلفوا في الرجل يموت وعليه دين، يعطى في دينه من الزكاة.
فقال النخعي، وأحمد، وأصحاب الرأي: لا يعطى في دين ميت ولا في كفنه.
وقال أبو ثور: يقضى عن الميت دينه من الزكاة، لأن الله جعل للغارمين فيها
سهم.
م 1090 - وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد: لا يدفع إلى غني،
ولا في بناء مسجد، ولا ليشتري منها مصحف.
وقال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: لا يعطى منا في كفن ميت، ولا يجوز أن
يعطى في قول الشافعي من الزكاة في شيء مما ذكرناه.
5 - باب الدين يكون على المعسر يحسبه من الزكاة
م 1091 - واختلفوا في الدين يكون على المعسر يحسبه من الزكاة.
فقال الحسن البصري: يحتسب به من الزكاة، روينا ذلك عن عطاء.
(3/93)
وقال الليث بن سعد: يضع عنه من زكاته بعض
ما عليه، ويقسم ما سوى ذلك على أهل السهام.
وقال أحمد، وأبو عبيد: لا يجوز ذلك.
وقال أبو عبيد: "ولا أعلم أحداً قال غير ذلك من أهل الأثر، وأهل الرأي".
وقال أصحاب الرأي: لا يجزيه، وإن قضاه ثم تصدق به عليه أجزأه.
6 - باب سهم سبيل الله عز وجل
م 1092 - واختلفوا في سهم سبيل الله عز وجل.
فقالت طائفة: يعطى المغازي منها وإن كان غنياً، هذا قول مالك، والشافعي،
وأبي عبيد، وإسحاق، وأبي ثور.
وقال أحمد: يجعل من الزكاة في سبيل الله.
وقال النعمان، ويعقوب، ومحمد: لا يعطى الغازي في سبيل الله، إلا أن يكون
منقطعاً محتاجاً.
قال أبو بكر: هذا خلاف ظاهر القرآن والسنة، فأما الكتاب فقوله عز وجل: "في
سبيل الله" وأما السنة:
(ح 543) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمسة،
أحدها: أو غازٍ في سبيل الله.
(3/94)
7 - باب إعطاء
الزكاة في الحج
م 1093 - واختلفوا في إعطاء الزكاة في الحج.
فروينا عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأساً أن يعطى الرجل من زكاته في الحج.
وعن ابن عمر أنه قال: الحج في سبيل الله.
وقال أحمد، وإسحاق: يعطى من ذلك في الحج.
وكان [1/ 81/ألف] الشافعي، والثوري، وأبو ثور يقولون لا يعطى منها في حج
ولا غيره.
وحكى أبو ثور ذلك عن الكوفي.
قال أبو بكر: هكذا أقول.
8 - باب سهم ابن السبيل
م 1094 - قال قتادة: "ابن السبيل" هو الضيف والمسافر، إذا قطع به وليس معه
شيء.
وقال مالك: الحاج المنقطع به هو ابن السبيل يعطى من الزكاة وبه قال أصحاب
الرأي.
(3/95)
وقال الشافعي: "ابن السبيل: من جيران
الصدقة الذين يريدون السفر في غير معصية، فيعجزون عن بلوغ سفرهم، فهي لهم
معونة على سفرهم".
9 - باب تفريق الصدقات في الأصناف التي ذكرها
الله وفي بعضها
م 1095 - أجمع أهل العلم على أن من فرق صدقه في الأصناف التي ذكرها الله في
سورة البراءة، قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ} الآية أنه موديها فيما فرض عليه.
م 1096 - واختلفوا فيمن فرق ذلك في بعض الأصناف دون بعض.
فقالت فرقة: في أيها وضعها أجزأ عنك، روى هذا القول عن حذيفة، وابن عباس،
وبه قال الحسن البصري، والنخعي، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، وسعيد بن
جبير، والثوري، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي.
وقال أحمد: يفرق أحب إليّ ويجزيه في صنف واحد.
وقال مالك: "يكون ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام فأن الأصناف كانت فيه
الحاجة والعدد أوثر (1) ذلك الصنف".
__________
(1) في الأصل "أثر".
(3/96)
وقال أبو ثور: إذا قسم الإمام قسمة على من
سمى الله عَزَّ وَجَلَّ أنه له، وإذا قسمه الناس عن أمولهم فإن أعطاه الرجل
بعض الأصناف رجوت أن يجزئ عنه.
وقد روينا عن النخعي قولاً رابعاَ: قال: إذا كان المال كثيراً فرقه بين
الأصناف، وإذا كان قليلاً أعطاه صنفاً واحداً.
وفي قول خامس: وهو إيجاب الصدقة أن يفرقها في الأصناف التي سمى الله عز
وجل، هكذا قال عكرمة، والشافعي.
10 - باب دفع الزكاة إلى الأمراء
م 1097 - أجمع أهل العلم على أن الزكاة كانت تدفع إلى رسول الله- صلى الله
عليه وسلم - وإلى [1/ 81/ب] رسله، وعماله، وإلى من أمر بدفعها إليه.
م 1098 - واختلفوا في دفع إلى الأمراء.
فكان سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعائشة،
والحسن البصري، والشعبى، ومحمد بن علي، وسعيد بن جبير، وأبو رزين،
والأوزاعي، والشافعي، يقولون: تدفع إلى الأمراء.
وقال عطاء: أعطيهم إذا وضعوها في مواضعها.
وقال طاووس لا يدفع إليهم إذا لم يضعوها مواضعها.
(3/97)
وقال الثوري: أحلف لهم وخنهم وأكذبهم، ولا
تعطيهم شيئاً إذا لم يضعوها مواضعها.
م 1099 - واختلفوا في وضع أرباب الأموال زكاة أموالهم مواضعها دون السلطان.
فكان الحسن البصري، ومكحول، وسعيد بن جبير، والنخعي، وميمون بن مهران،
يقولون: يضعها مواضعها.
وقال الشافعي: لا أحب أن يولي زكاة مال غيره.
وقال أحمد: يفرق، هو أحب إلى.
وقال أبو ثور: لا يسعه ذلك، ولا يجزيه إذا وضعها مواضعها ولم يأت بها
السلطان.
وقال أبو عبيد: "في زكاة الذهب والفضة إن دفعها إلى الأمراء أو فرقها
تجزيه، وقال في المواشي والحب، والثمار: لا يليها إلا الأئمة، وإن فرقها
ربها لم تجزه وعليه الإعادة".
11 - باب دفع الزكاة إلى الخوارج
م 1100 - روينا عن ابن عمر أنه سئل عن مصدق ابن الزبير، ومصدق نجدة، قال:
إلى أيهما دفعت إليه الزكاة أجزأ عنك.
(3/98)
وروينا عن سلمة بن الأكوع: أنه دفع صدقته
يعين إلى نجدة.
وكان الشافعي، وأحمد، وأبو ثور يقولون: يجزئ.
وقال أصحاب الرأي إذا ظهروا على قوم فأخذوا زكاة أموالهم، ثم ظهر الإمام
احتسبوا به لهم من الصدقة، وإذا مر الإنسان على عسكر الخوارج فحشروه لا
يجزئ عنه من زكاته.
وقال أبو عبيد: "في الخوارج يأخذون الزكاة على من أخذوا منه الإعادة".
12 - باب استحلاف أرباب الأموال
م 1101 - واختلفوا في استحلاف أرباب الأموال على ما أظهروا من الصدقات.
فقال طاووس، والثوري، وأحمد: لا يستحلفون لأنهم مؤتمنون على أموالهم.
وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان: يستحلفون إذا اتهموا.
13 - باب منع الذمي صدقات [1/ 82/ألف] المسلمين
م 1102 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الذمي لا يعطى من
(3/99)
زكاة الأموال شيئاً، وممن حفظنا ذلك عنه
ابن عمر، والحسن البصري، والنخعي وقتادة، مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد،
وأبو ثور، وأبو عبيد، والنعمان.
14 - باب منع الصدقة من له قوة ويكتسب بها
م 1103 - كان الشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد يقولون: لا يعطى من
الزكاة من له قوة يقدر بها على الاكتساب.
وفي قول أصحاب الرأي: من لم يملك مائتي درهم فله أن يأخذ من الزكاة،
وللمعطى أن يعطى قوياً مكتسباً، أو غير قوى ولا مكتسب.
وقال يعقوب: ذلك قبيح، وأرجو أن يجزئ.
قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول.
15 - باب حد الفقر من حد الغناء
م 1154 - كان الثوري، وابن المبارك، والحسن بن ماع، وعبيد الله بن الحسن،
وأحمد، وإسحاق يقولون: لا يعطى من الزكاة من
له خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب.
(3/100)
وقال أبو عبيد: لا يعطى من له أوقية،
والأوقية أربعون درهماً.
وكان الحسن البصري يقول: من له أربعون درهماً فهو غني.
وكان الشافعي يقول: قد يكون الرجل بالدرهم غنياً مع كسبه، ولا يغنيه الألف
مع ضعفه في نفسه، وكثرة عياله.
وقال النعمان: لا بأس أن يأخذ من له أقل من مائتي درهم، ولا تحل الزكاة لمن
له مائتا درهم فصاعداً.
16 - باب القدر الذي يعطاه الفقير من الصدقة
م 1105 - كان الثوري يقول: "لا يدفع إلى الرجل من الزكاة أكثر من خمسين
درهماً إلا أن يكون غارماً.
وقال أحمد: لا يأخذ منها أكثر من خمسين.
وقال أصحاب الرأي: إن أعطى مائتي درهم أو ألفاً وهو محتاج أجزأه ذلك،
ويكرهون أن يبلغ مائتي درهم إذا لم يكن عليه دين وله عيال.
وقال أبو ثور: يعطى من الصدقة حتى يغنها ويزول عنه اسم المسكنة، ولا بأس أن
يعطى الفقير الألف وأكثر من ذلك وذلك لأنه فقير، وحكى ذلك عن الشافعي.
17 - باب إعطاء من له دار وخادم
م 1106 - أجمع أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم [1/ 82/ب] على
(3/101)
من له دار، أو خادم لا يستغني عنهما أن له
يأخذ من الزكاة وللمعطى أن يعطيه، هذا قول الحسن البصري، والثوري، وأحمد،
وأبي عبيد، وأصحاب الرأي، وأبى ثور.
وكان مالك يقول: "إذا كانت له دار ليس في ثمنها فضل إن بيعت، اشترى من
ثمنها داراً فضلت له فضلة لا يعيش فيها رأيت أن يعطى، وإن كانت داره في
ثمنها ما يشتري مسكناً ويفضل له فضل يعيش فيها، لم يعط شيئاً، والخادم مثل
ذلك".
18 - باب الفقير يعطى على ظاهر الفقير ثم يتبين
غناءه
م 1107 - واختلفوا في الرجل يعطى الفقير من الزكاة على ظاهر فقره، ثم يعلم
غناه.
فكان الحسن البصري، وأبو عبيد، والنعمان يقولون: يجزيه.
وقال الثوري، والحسن بن صالح، ويعقوب: لا يجزيه.
وقال الشافعي: فيها قولان: أحدهما، أن يضمن، والآخر لايضمن.
قال أبو بكر: أصح ذلك أن يضمن.
19 - باب دفع الزكاة إلى الوالدين والقرابات
م 1108 - أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين،
(3/102)
والولد في الحال الذي يجبر الدافع ذلك
إليهم على النفقة عليهم.
م 1109 - واختلفوا في دفع الزكاة إلي سائر القرابات.
فكان سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل.
وشريك، وأبو عبيد، يقولون: من يجبر المرء على نفقته فلا يعطى منها شيئاً.
وكان ابن عباس يقول: إذا كانت له قرابة محتاجون فليدفعها إليهم، وبه قال
عطاء.
وقال الحسن البصري، وطاووس: لا يعطى ذو قرابة لقرابته من الزكاة شيئاً.
م 1110 - واختلفوا فيمن يجبر المرء على نفقته.
فكان مالك، وسفيان الثوري، وأبو ثور، وأبو عبيد يقولون يجبر الرجل على أن
ينفق على والديه إذا كانا محتاجين.
وقال الشافعي: يجبر الرجل على نفقته والديه إذا كانا زمنين ولا مال لهما.
م 1111 - واختلفوا في الجد.
فكان مالك: لا يرى أن يجبر الرجل على النفقة على جده، غير أن الشافعي إنما
يوجب ذلك على من كان منهم زمناً ولا مال له.
وكان مالك يقول: الذين يلزمه نفقتهم الولد ولد الصلب ديناً يلزمه [1/
83/ألف] في الذكور حتى يحتلموا، وفي النساء حتى يتزوجن، ويدخل بهن أزواجهن،
فإن طلقها أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها، فإن طلقها قبل البناء كانت
نفقتها على أبيها.
(3/103)
وكان الشافعي يقول: "يجبر الرجل على أن
ينفق على ولده حتى يبلغوا الحلم والمحيض، ثم لا نفقة لهم عليه إلا أن
يكونوا زمناً سواء في ذلك الذكر والأنثى، وسوى ولده ولد ولده وإن سفلوا، ما
لم يكن لهم أموال، وما لم يكن لهم أب دونه يقدر على أن ينفق عليهم".
وقال أحمد، وإسحاق: لا يعطى الزكاة الولد وإن سفل، ولا يعطى الجد وإن
ارتفع.
وقال الثوري: يجبر الرجل على أن ينفق على ذوي أرحامه الذين يرثهم على قدر
ميراثه، ومن لم يرثه لم يجبر على نفقته.
وقال النعمان: يعطي الرجل زكاته كل فقير إلا امرأته، أو ولده، أو والده، أو
زوجته.
20 - باب إعطاء المرأة زوجها من الزكاة
م 1112 - أجمع أهل العلم على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة لأن نفقتها
تجب عليه، وهي غنية بغناه.
م 1113 - واختلفوا في المرأة تعطي زوجها من الزكاة، فكان أبو ثور، وأبو
عبيد، ويعقوب، ومحمد يقولون: جائز أن تعطيه من الزكاة.
وقال النعمان: لا تعطيه من الزكاة لأنه يجبر على نفقتها.
وروى الأثرم عن أحمد أنه قال: لا تعطيه من الزكاة نفقتها.
(3/104)
وحكى آخر عنه أنه قال: تعطيه.
قال أبو بكر: جائز أن تعطيه وهو فقير، لأنه من جملة الفقراء.
21 - باب نقل الصدقة من بلد إلى بلد
م 1114 - اختلف أهل العلم في نقل الصدقة من بلد إلى بلد، فاستحب أكثرهم أن
لا تنقلها، هذا مذهب طاووس، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وسعيد بن جبير،
وبه قال مالك، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو
عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
فإن أخرجها وفرّقها في غير بلده فهو جائز في قول الليث بن سعد، والشافعي،
وأصحاب الرأي.
وروينا عن عمر بن عبد العزيز: أنه ردّ زكاةً أتي بها من خراسان إلى الشام
فردّها إلى خراسان.
وروينا عن الحسن، والنخعي أنهما كرها نقل الزكاة من بلد إلى بلد إلا لذي
قرابة، وكان. . . . . . . (1)
__________
(1) بدأ السقط هنا
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وجاء في المغني لان قدامة ما نصه:
وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُمَا كَرِهَا نَقْلَ
الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ، إلَّا لِذِي قَرَابَةٍ. وَكَانَ أَبُو
الْعَالِيَةِ يَبْعَثُ بِزَكَاتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ.
(3/105)
|