الإشراف على مذاهب العلماء

 [29 - كتاب الصيام]

(3/107)


[6 - باب هلال رمضان إذا حال دون منظره غيم أو قتر]
. . . . . . . . . . (1) [1/ 83/ ب] صومه، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي، وحذيفة، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وبه قال ابن عباس، وأبو هريرة، وأنس، وأبو وائل، وعكرمة، وابن المسيب، والشعبى، والنخعي، وابن جريج، والأوزاعي.
وقال مالك: سمعت أهل العلم ينهون عنه.
وكانت أسماء بنت أبي بكر: تصوم اليوم الذي يغم على الناس فيه.
__________
(1) انتهى السقط هنا
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في الاستذكار لابن عبد البر ما يلي:
• وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ كَرَاهَةَ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وحذيفة وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو وَائِلٍ وَالشَّعْبِيُّ وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وبن سِيرِينَ
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقُ بن رَاهْوَيْهِ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ. . . . .

• وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَصُومُهُ إِذَا حال دون ذلك مَنْظَرِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ غَيْمٌ أَوْ سَحَابٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَصُمْهُ
وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَصُومُ الْيَوْمَ الَّذِي يُغَمُّ فِيهِ عَلَى الناس نحو مذهب بن عُمَرَ
وَرَوَتْ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَأَنْ أَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ
وَهَذَا صَوْمُ الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي هذا فعل ابن عُمَرَ

(3/110)


وقالت عائشة: أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان.
وروينا عن الحسن، وابن سرين، أنهما قالا: يفعل الناس ما يفعل إمامهم.
وقال الشعبي، والنخعي: لا تصم إلا مع جماعة من الناس.
وقال ابن عمر، وأحمد: إذا كان لم ير لعلة في السماء صام الناس، وإن كان صحواً أفطروا.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

7 - باب صوم يوم الشك على أنه تطوع
م 1123 - واختلفوا في صوم يوم الشك على أنه تطوع.
فكرهت فرقة ذلك، كان ابن عباس، يأمر بفصل بينهما وبه قال أبو هريرة.
وقال عكرمة: من صام هذا اليوم يريد يوم الشك فقد عصى الله ورسوله.
ورخصت طائفة: في صومه تطوعاً، حكى مالك هذا القول عن أهل العلم وبه قال الأوزاعي، والليث بن سعد، ومحمد بن مسلمة، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

(3/111)


قال أبو بكر:
(ح 550) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتعجل شهر رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً، فيأتي ذلك على صومه.

8 - باب الهلال يراه أهل بلدة دون سائر البلدان
م 1124 - اختلف أهل العلم في الهلال يراه أهل بلدة ولا يراه غيرهم.
فروينا عن عكرمة أنه قال: لكل قوم رؤيتهم، وبه قال إسحاق، وهو مذهب القاسم، وسالم، وقال آخرون: إذا ثبت ذلك عند الناس أن أهل بلد قد رأوه فعليهم قضاء ما أفطروا، هذا قول الليث بن سعد، والشافعي، وأحمد.
ولا أعلمه إلا قول المدني والكوفي.

9 - باب قبول شهادة الواحد على هلال الصوم وهلال الفطر
م 1125 - واختلفوا في شهادة الشاهد على هلال الصوم وهلال [1/ 84/ألف] الفطر.
فقال قوم: لا تقبل في ذلك كله إلا شاهدي عدل، كذلك قال
مالك بن أنس، والأوزاعي، والليث بن سعد، والماجشون، وإسحاق،

(3/112)


وبه قال عمر بن عبد العزيز، وعطاء.
وهو قول الشافعي غير أنه قال: أحب إلى لو صاموا بشهادة العدل.
وقال الثوري مرة: شهادة رجلين أحب إلي، وقد قال: يجوز شهادة رجل وامرأتين في الأهلة.
وقال الليث بن سعد: والشافعي، وعبد الملك بن الماجشون لا
تقبل فيه شهادة النساء.
وقال أبو ثور: وطائفة من أهل الحديث: تقبل شهادة الواحد في الصوم والفطر.
وفيه قول ثالث: وهو أن يقلد الشاهد الواحد على هلال الصوم ولا يقبل في الفطر إلا شاهدين، هذا قول أحمد بن حنبل.
وفيه قول رابع: قاله النعمان قال: يجوز على هلال رمضان شهادة الرجل العدل وإن كان عبداً وكذلك الأمة، ولا يجوز في هلال الفطر إلا رجلان أو رجل وامرأتان إذا كانوا عدولاً، وكذلك قال يعقوب.

10 - باب من رأى الهلال وحده
م 1126 - كان مالك بن أنس، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل، يقولون: إذا رأى هلال رمضان وحده صام، وإذا رأى هلال الفطر وحده لم يفطر.
وكان الشافعي يقول: يصوم ويفطر.
وقال أصحاب الرأي: يصوم إذا رأى هلال شهر رمضان.

(3/113)


وقال عطاء، وإسحاق: لا يصوم ولا يفطر.
قال أبو بكر: يصوم ويفطر.

11 - باب هلال فهو شوال يرى نهاراً
قال أبو بكر:
م 1127 - وإذا رأوا هلال شوال نهاراً يوم ثلاثين من رمضان لم يفطروا، روى هذا القول عن عمر، وابن مسعود، وبه قال ابن عمر، وأنس بن مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقال سفيان الثوري: إذا رأى الهلال قبل الزوال يفطر ولا يفطر إذا رأى بعد الزوال.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

12 - باب إحداث النية للصوم
(ح 551) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إنما الأعمال بالنية وإنما لكل امرئ ما نوى.

(3/114)


(ح 552) وروى عنه أنه قال: من لم يجمع الصيام من الليل فلا صيام له.
م 1128 - وأجمع أهل العلم على أن من نوى الصيام كل ليلة من ليالي شهر رمضان فصام إن صيامه [1/ 84/ب] تام.
م 1129 - واختلفوا فيمن نوى في أول ليلة أنه يصوم شهر رمضان كله، فكانت حفصة ابنة عمر بن الخطاب تقول: لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل الفجر، وبنحوه قال ابن عمر.
وقال الشافعي، وأحمد: لا يجزيه حتى ينوي كل ليلة.
وكان إسحاق يقول: إذا دخل في شهر رمضان نوى صومه كله.
قال أبو بكر: لا يجزيه حتى ينوي في كل ليلة أنه صائم من الغد.
م 1130 - واختلفوا فيمن أصبح يريد الإفطار، ثم بدا له أن يصوم تطوعاً، فكان أبو طلحة: يأتي أهله من الضحى فيقول: عندكم غذاء، فإن قيل: لا، قال: إني صائم، هذا قول ابن مسعود، وحذيفة، وأبي الدرداء، وأبي أيوب، والشافعي، وأحمد.
وكان ابن عمر: لا يصوم تطوعاً حتى يجمع من الليل أن يتسحر.

(3/115)


وقال جابر بن زيد: إذا أدركه الصبح وهو مفطر فلا صوم له ذلك اليوم.
وقال مالك: لا أحب أن يصوم أحد، أن يكون بيت من الليل في صوم النافلة إلا رجل من شأنه ليسرد الصوم.
وقال أصحاب الرأي: إن بدأ له قبل منتصف النهار فعزم على الصوم أجزاه، وإذا صام بعد ما تزول الشمس لم يجزه، ويجزئه في صوم التطوع.

13 - باب صوم الأسير
م 1131 - واختلفوا في صوم الأسير.
فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: إذا أصاب شهر الصوم أو شهراً بعده يجزيه، ولا يجزيه إن صام قبله، وكذلك قال أصحاب الرأي إذا قصد بما صام شهر رمضان.
وقد حكى الشافعي، وأبو ثور قولاً ثانياً: وهو أن ذلك يجزيه، وشبه ذلك الشافعي بخطأ عرفة وخطأ القبلة، ولا يجزيه ذلك عند أصحاب الرأي، إذا صام شهراً قبله.
وفيه قول ثالث: وهو أن ذلك لا يجزيه بحال حتى يعلم، وعليه القضاء، هذا قول الحسن بن صالح.
م 1132 - وإذا صام الأسير شهر رمضان على أنه تطوع لم يجزه ذلك في قول الشافعي، وأحمد.
وقال أصحاب الرأي: يجزيه.

(3/116)


م 1133 - وإذا نوى الفطر في صومه ولم يأكل فعليه القضاء والكفارة قول أبو ثور.
وقال أصحاب الرأي: عليه القضاء فإن نوى الصوم قبل أن ينتصف النهار يجزيه.
وقال أحمد: قد أمسد الصوم إذا عزم على فطر، وهذا يشبه مذهب الشافعي.

14 - باب صوم يوم الشك على أنه من رمضان
م 1134 - وإذا أصبح [1/ 85/ألف] يوم الشك، ثم علم بالهلال أول النهار أو آخره أجزأه في قول الشافعي، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، إذا نواه من الليل، ووافق أنه من شهر رمضان، وروى ذلك عن عطاء، وعمر بن عبد العزيز، والحسن.
وقال حماد بن أبي سليمان، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح: لا يجزيه ذلك، وعليه الإعادة.
وقال الشافعي: لا يجزيه وقد قال مرة: يجزيه.
وقول مالك صحيح.

15 - باب الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب على من يريد الصيام
م 1135 - كان مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي

(3/117)


يقولون: يحرم الطعام والشراب عند اعتراض الفجر الآخر في الأفق، وروينا معنى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وبه قال عطاء، وعوام أهل العلم علماء الأمصار.
وكذلك نقول.
وفي الباب قول ثان: وروينا عن علي أنه قال حين صلى الفجر: الآن حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
وروى عن حذيفة أنه لما طلع الفجر تسحر، ثم صلى، وروى معنى ذلك عن ابن مسعود.
وقال مسروق: لم يكونوا يعدون الفجر فجر كم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق وكان إسحاق يميل إلى القول، ثم قال: من غير أن يظن على الذين تأولو الرخصة في الوقت الذي بينّا قال: ولا قضاء على من أكل في الوقت الذي بينا من الرخصة، ولا كفارة.

16 - باب الآكل يشك في طلوع الفجر
م 1136 - واختلفوا فيمن أكل وهو يشك في طلوع الفجر.
فقالت طائفة: الأكل والشرب مباح حتى يوقن طلوع الفجر، هذا قول ابن عباس، وعطاء، والأوزاعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وروى معنى ذلك عن أبي بكر الصديق، وابن عمر.

(3/118)


وقال مالك: يقضى قال: إن أكل قضى يوماً فإن كان عليه فقد قضاه وإلا فقد أخبر إن شاء الله.
قال أبو بكر: القول الأول صحيح.

17 - باب من أكل وهو لا يعلم بطلوع الفجر ثم علم
م 1137 - واختلفوا فيمن أكل وهو لا يعلم بطلوع الفجر، ثم علم [1/ 85/ب].
فقالت طائفة: يتم صومه ويقضي يوماً مكانه، روى هذا القول عن محمد بن سيرين، وسعيد بن جبير، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن مجاهد، وعطاء، وعروة بن الزبير، أنهم قالوا: لا قضاء عليه.
وحكى عن إسحاق: أنه قال لا قضاء عليه، وأحب إلينا أن يقضيه، وجعل من قال بهذا القول بمنزلة من أكل ناسياً، لأنه والناسي أكل كل واحد منهما، والأكل عنده له مباح.

18 - باب من أفطر وهو يري أن الشمس غائبة ولم تكن غابت
م 1138 - اختلف أهل العلم فيمن أفطر وهو يرى أن الشمس غابت ولم تكن غابت.
فقال كثير من أهل العلم: يقضي يوماً مكانه، روى هذا عن ابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان، وبه قال عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير،

(3/119)


ومجاهد، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وكان الحسن البصري، وإسحاق يقولان: لا قضاء عليه هو بمنزله الناسي وقد روينا عن عمر أنه قال: يقضي يوماً، وروينا عنه أنه قال: لا يقضي.

19 - باب السحور
(ح 553) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: تسحروا فإن في السحور بركة.
قال أبو بكر: هذا أمر ندب لا أمر فرض.
م 1139 - وقد أجمعوا على أن ذلك مندوب إليه مستحب، ولا إثم على من تركه.

20 - باب أبواب جماع ما يفطر الصائم وما لا يفطر
م 1140 - لم يختلف أهل العلم أن الله عَزَّ وَجَلَّ حرم على الصائم في نهار الصوم الرفث، وهو الجماع، والأكل، والشرب.

(3/120)


م 1141 - وأجمع أهل العلم على أن على من استقاء في نهار الصوم عامداً القضاء.
م 1142 - ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجوب الكفارة على من جامع في نهار صوم شهر رمضان عامداً.
فقالت طائفة: عليه القضاء، روينا هذا القول عن سعيد بن جبير، والشعبي، والنخعي، وقتادة.
وأوجبت طائفة عليه مع القضاء الكفارة، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، ومالك، والشافعي، [1/ 86/ألف] وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وصاحباه.
وفيه قول ثان: وهو إن كفر الذي أصاب أهله في رمضان فصام شهرين دخل صيام يومه في صيام الشهرين التي كفر بهما، وإن كفر بعتق أو إطعام صام يوماً، هذا قول الأوزاعي.
وبقول عطاء نقول.
م 1143 - واختلفوا في الكفارة التي تجب على من جامع في نهار الصوم.
فقالت طائفة: يعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، هذا قول سفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور، والنعمان، وصاحبيه.
وقالت طائفة: هو مخير بين عتق رقبة، أو صوم شهرين، أو الصدقة، ذلك عليه في كل يوم أفطر، هكذا قال مالك، وحكى عنه أنه قال: الإطعام أحب إلي من العتق والصيام.
وقال الحسن البصري: عليه عتق رقبة، أو هدي بدنة، أو إطعام عشربن صاعاً أربعين مسكيناً.
م 1144 - وقال مالك: إذا أطعم كل مسكين مداً، وكذلك قال الشافعي.

(3/121)


وقال أبو ثور: أرجو أن يجزئ مدّ ونصف، وصاع أحبّ إليّ.
وفيه قول ثان: وهو أن يطعم كل مسكين مدّين، هذا قول قاله بعض أهل العلم.
قال أبو بكر: يجزئ أن يطعم كل مسكين مداً.
م 1145 - واختلفوا فيما يجب على المرأة يطأها زوجها في شهر رمضان.
فقالت طائفة: عليها مثل ما على الرجل، هذا قول مالك، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: تجزئ الكفارة التي كفر بها الرجل عنها.
قال أبو بكر: قول مالك صحيح.
م 1146 - واختلفوا فيما يجب على من قبل أو باشر، أو جامع دون الفرج وأمنى، فكان الحسن يقول: عليه ما على المواقع.
وقال عطاء: إذا لاعب فأمنى، عليه الكفارة، وبه قال مالك بن أنس، وابن المبارك، وأبو ثور.
وقال آخرون: عليه القضاء وهكذا قال قتادة، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وقال الزهري: إذا قبل فأمنى فعليه القضاء، وكذلك قال قتادة، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر. هكذا أقول، وليس مع من أوجب عليه الكفارة حجة.

21 - باب من ردد النظر إلى المرأة حتى أمنى
م 1147 - واختلفوا في الناظر إلى المرأة مردد النظر إليها حتى يمني.

(3/122)


فإن جابر بن زيد وسفيان الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا قضاء عليه، ولا كفارة.
وقال عطاء: عليه القضاء
وروينا عن الحسن [1/ 86ب] البصري أنه قال: هو بمنزلة الذي غشى عليه في رمضان، وكذلك قال مالك.
وفيه قول رابع: وهو أن عليه كفارة الظهار، هذا قوله الحسن بن صالح.
وقال مالك: إن لم يتابع النظر فعليه القضاء، ولا كفارة عليه.
قال أبو بكر: لا شيء عليه، ولو إحتاط فصام يوماً كان حسناً.

22 - باب الصائم يلمس فيمذي
م 1148 - واختلفوا في الصائم يلمس فيمذي.
فقالت طائفة: لا شيء عليه من قضاء ولا غيره، روى هذا القول عن الحسن البصري، والشعبى، وبه قال الشافعي، والأوزاعى، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال مالك، وأحمد عليه قضاء يوم صوم.
قال أبو بكر: لاشيء عليه.

23 - باب من جامع في قضاء رمضان
م 1149 - فقالت طائفة: عليه يوم مكان يومه، هذا قول عطاء،

(3/123)


ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم.
وقال قتادة: عليه القضاء والكفارة.
قال أبو بكر: كما قال عطاء أقول.

24 - باب من وطئ زوجته في يوم بعد يوم من شهر رمضان
م 1150 - واختلفوا فيمن جامع امرأته في شهر رمضان في أيام شتى.
فقالت طائفة: عليه كفارة واحدة، ما لم يكفر فإن كفر، ثم عاد فوطئ فعليه كفارة أخرى، هذا قول الزهري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، وجواب أصحاب الرأي في الأكل والشرب كجوابهم في الجماع.
وقالت طائفة: لكل يوم كفارة، كذلك قال مالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور.
وقال عطاء: عليه من كل يوم يفطر من رمضان، وبه قال مكحول.
قال أبو بكر: كذلك أقول.

25 - باب الصائمة توطئ وهي نائمة أو مستكرهة
م 1151 - واختلفوا في المرأة توطئ وهي مستكرهة فقال الثوري، والأوزاعي: عليها القضاء، ولا كفارة عليها، وروى ذلك عن الحسن البصري.
وقال مالك: عليه القضاء والكفارة وعليها، وعليه الكفارة عنها.

(3/124)


وفي قول مالك: إذا جومعت نائمة عليها القضاء ولا كفارة عليها.
وقال أبو ثور: ليس عليها قضاء ولا كفارة إذا استكرهها، أو أتاها وهي نائمة.
وكذلك نقول لأنها لم تفعل [1/ 87/ألف] شيئاً في الحالتين.

26 - باب المرأة تجامع في الصوم، ثم تحيض في آخر النهار
م 1152 - كان مالك يقول: إذا جامعها الرجل ثم حاضت في آخر
النهار، عليها القضاء والكفارة، وكذلك الذي يفطر في أول النهار، ثم يمرض في آخر النهار عليه الكفارة، وبه قال الليث ابن سعد، والماجشون.
وقال سعيد بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، وإسحاق، وأبو ثور، كما قال مالك في التي جومعت ثم حاضت في آخر النهار.
وقال أصحاب الرأي: إذا جومعت، ثم حاضت فعليها القضاء، ولا كفارة عليها، وعلى الرجل القضاء والكفارة.

27 - باب من جامع في نهار الصوم ثم مرض من آخر النهار
م 1153 - قال مالك، والماجشون، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: إذا جامع في نهار الصوم ثم مرض من يومه عليه الكفارة.

(3/125)


وقال أصحاب الرأي: عليه القضاء ولا كفارة عليه.
وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: إذا جامع، ثم سافر فعليه
الكفارة؛ لأن السفر شيء يحدثه.

28 - باب من أكل ناسياً في نهار الصوم
م 1154 - واختلفوا فيما يجب على من أكل ناسياً في نهار الصوم.
فقالت طائفة: لا شيء عليه، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال أبو هريرة، وابن عمر، وعطاء، وطاؤس، والنخعي، والثوري، وابن أبي ذئب، والأوزاعي والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال ربيعة، ومالك: عليه القضاء، وأعجب بقول مالك سعيد بن عبد العزيز.
قال أبو بكر: لاشيء عليه.
(ح 554) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - لمن أكل أو شرب ناسياً يتم صومه.
وإذا قال: يتم صومه فأتمه فهو صوم تام كامل.

(3/126)


29 - باب من وطئ زوجته ناسياً في نهار الصوم
م 1155 - واختلفوا فيمن وطئ زوجته ناسياً في نهار بصوم شهر رمضان.
فروينا عن مجاهد، والحسن البصري، أنهما قالا: لا شيء عليه، وبه قال الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وكان عطاء بن أبي رباح، ومالك، والأوزاعي، والليث [1/ 87/ب] بن سعد يقولون: عليه القضاء.
وقال أحمد: عليه القضاء والكفارة.
قال أبو بكر: لا شيء عليه.
م 1156 - وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا أكل ناسياً فظن أن ذلك قد أفطر، فجامع عامداً أن عليه القضاء، ولا كفارة عليه.
وبه نقول.

30 - باب اختلاف أهل العلم فيما يجب على من أكل أوشرب عامداً في نهار شهر الصوم
م 1157 - واختلفوا فيما يجب على من أكل أو شرب في نهار شهر رمضان عامداً.

(3/127)


فقال سعيد بن جبير، والنخعي، وابن سيرين، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي، وأحمد: عليه القضاء وليس عليه الكفارة.
وقال الزهري، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: عليه ما على المجامع من الكفارة، وروينا ذلك عن عطاء، والحسن.
وقال سعيد بن المسيب: عليه صوم شهر.
وقد روينا عن عطاء قولاً رابعاً وهو أن عليه تحرير رقبة، فإن لم يجد فبدنة، أو بقرة، أو عشرين صاعاً من طعام يُطعمه المساكين، فيمن أفطر يوماً من رمضان من غير علّة.
وفيه قول خامس: وهو أن عليه أن يصوم اثنتي عشر شهراً لأن الله تعالى يقول {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} هذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن. وهذه حجة، وقد روينا عن النخعي أنه قال: عليه صوم ثلاثة آلاف يوم.
وروينا عن ابن عباس أن عليه عتق رقبة أو صوم شهر أو إطعام ثلاثين مسكيناً.
وروينا عن علي بن أبي طالب، وعبد الله، أنهما قالا: لا يقضه أبداً وإن صام الدهر كله.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

(3/128)


31 - باب ما على من ذرعه القيء أو استقاء عامداً
م 1158 - روينا عن علي بن أبي طالب، وابن عمر، وزيد بن أرقم أنهم قالوا: لا شيء على الصائم إذا ذرعه القيء، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وهذا قول كل من نحفظ عنه.
وروينا عن الحسن أنه قال: عليه القضاء.
قال أبو بكر: والقول الأول أقول.
م 1159 - وأجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامداً.
م 1160 - وأصحاب الرأي فيما يجب عليه إذا فعل ذلك.
فكان ابن عمر، وعلقمة، والزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي [1/ 88/ألف] يقولون: عليه القضاء، وليس عليه الكفارة.
روى ذلك عن علي، وزيد بن أرقم.
وقال عطاء بن أبي رباح، وأبو ثور: عليه القضاء، والكفارة.
قال أبو بكر: بقول ابن عمر أقول.

(3/129)


32 - باب ما يجب على من احتجم في نهار الصوم
م 1161 - واختلفوا فيما يجب على من احتجم في نهار الصوم.
فكان أحمد، وإسحاق، يقولان: عليه القضاء.
وكان مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور يقولون: لا شيء
عليه، وقد ذكرنا اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين في غير
هذا الموضع.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.
(ح 555) للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أنه قال: قال أفطر الحاجم والمحجوم.

33 - باب الصائم يتمضمض ويستنشق (1) فيدخل الماء حلقه
م 1162 - واختلفوا في الصائم يتمضمض أو يستنشق فيدخل الماء حلقه، فكان عطاء، وقتادة، وأحمد، وإسحاق يقولون: لا شيء عليه في الإستنشاق.
__________
(1) في الأصل "يستنثر".

(3/130)


وقال الحسن البصري، والأوزاعي: لا شيء عليه في المضمضة.
وقد اختلف عن الشافعي فيه.
م 1163 - قال أبو ثور: ليس عليه فيهما شيء.
وقال مالك: في الاستنشاق، يقضي يوماً مكانه.
وقال أصحاب الرأي: في المضمضة إذا كان ذاكراً لصومه قضى يوماً مكانه.

34 - باب سعوط الصائم وغير ذلك
م 1164 - واختلفوا في السعوط للصائم.
فكان الثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي بقولون: إذا استعط فعليه القضاء.
وقال مالك: يقضي إذا دخل طعم ذلك في فيه.
قال الشافعي: يقضي إذا وصل ذلك إلى الدماغ.
وقال أبو ثور: عليه القضاء، والكفار إذا دخل حلقة.
وقال قائل: لا قضاء عليه.
م 1165 - وقد روينا عن عباس، والحسن البصري أنهما قالا: في الصائم يدخل الذباب حلقه لا شيء عليه، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
ولا يحفظ عن غيرهم خلافهم.
قال أبو بكر: وبه نقول.
م 1166 - وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي في الحصاة يبتلعها الصائم عليه القضاء.

(3/131)


وقال أبو ثور: القضاء والكفارة.
م 1167 - واختلفوا فيمن احتقن وهو صائم، فقال عطاء، وأحمد، وإسحاق، والنعمان عليه القضاء، وقال مالك، والشافعي. إذا وصل [1/ 88/ب] إلى جوفه فعليه القضاء.
وقال النعمان، ومحمد: إذا قُطر في إحليله فلا شيء عليه.
وقال يعقوب: عليه القضاء.
وقال أبو ثور: في الحقنة إن احتقن فيه فلا شيء عليه، وقال مرة لا شيء عليه (1).
م 1168 - وقال الشافعي، والنعمان: إذا داوى جرحه برطب من الأدوية أو يابس منها، فخلص إلى جوفه فعليه القضاء.
وقال أبو ثور، ويعقوب، ومحمد: لا شيء عليه.

35 - باب مضغ العلك للصائم
م 1169 - روينا عن عائشة أم المؤمنين، وعطاء أنهما رخصا في مضغ العلك للصائم.
وروينا عن ابن عباس أنه قال: لا بأس أن تمضغ الصائمة لصبيها الطعام، وبه قال الحسن البصري، والنخعي، وبه قال الأوزاعي، ثم رجع عنه وكرهه.
وقال أصحاب الرأي: صوم من يذوق الشيء بلسانه، وكره مضغ العلك للصائم عطاء، والشعبى، والنخعي، ومحمد بن علي،
__________
(1) كذا في الأصل, ولم يختلف القول الأول عن الثاني, والظاهر: لا بد الاختلاف.

(3/132)


وقتادة، وأحمد.
وكره مالك للصائم أن يمس بلسانه شيئاً له طعم، وكره الشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي مضغ العلك للصائم، فإن مضغ لم يفطر.

36 - باب الكحل للصائم
م 1170 - واختلفوا في الكحل للصائم، فرفض ذلك عطاء، والحسن البصري، والنخعي، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وكره الثوري، وأحمد، وإسحاق، ذلك.
وكان سليمان التيمي، ومنصور بن المعتمر، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة يقولون: إن اكتحل فعليه أن يقضي يوماً مكانه.
وكره قتادة: الاكتحال بالصبر ورخص في الإثمد للصائم.

37 - باب السواك للصائم
(ح 556) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة.

(3/133)


قال أبو بكر: يدخل في هذا شهر رمضان وغيره.
م 1171 - واختلفوا في السواك للصائم، فرخص في السواك للصائم بالغدوة وبالعشي النخعي، وابن سيرين، وعروة بن الزبير، ومالك، وأصحاب الرأي.
ورويت الرخصة فيه عن عمر بن الخطاب، وأبن عباس, وعائشة.
ورخص في السواك أول النهار للصائم وكره ذلك آخر النهار الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وروى ذلك عن عطاء، ومجاهد.
م 1172 - واختلفوا في السواك بالعود الرطب للصائم، فممن قال: لا بأس به [1/ 89/ألف] أيوب السختياني، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، روينا ذلك عن ابن عمر، ومجاهد، وعروة.
وكره مالك، وأحمد، وإسحاق، وقد رويناه عن الشعبى، وعمرو ابن شرحبيل، والحكم، وقتادة.

38 - باب ازدراد الصائم ما بين أسنانه من فضل سحوره وغيره
م 1173 - أجمع أهل العلم على أن لا شيء على الصائم فيما يزدرده مما يجري

(3/134)


مع الريق مما بين أسنانه مما لا يقدر على الامتناع منه.
م 1174 - واختلفوا في بلعه ما بين أسنانه ولا ما يقدر على إخراج وطرحه.
فكان النعمان يقول: في الصائم يكون بين أسنانه لحم فيأكله متعمداً، لا قضاء عليه، ولا كفارة.
وفي قول سائر أهل العلم إما عليه القضاء، وإما القضاء، والكفارة على سبيل ما اختلفوا فيه مما يجبر على الصائم في الأكل عامداً.
قال أبو بكر: عليه القضاء.

39 - باب اباحة ترك الجنب الاغتسال من الجنابة إلى طلوع الفجر في شهر رمضان
م 1175 - اختلف أهل العلم فيمن أصبح جنباً في شهر رمضان، وكان ابن عمر (1)، وعائشة، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يغتسل ويتم صومه ولا شيء عليه، وروى ذلك عن علي، وابن سعود، وزيد بن ثابت، وأبي الدرداء، وأبي ذر، وابن عباس.
وقد روينا عن الحسن البصري آخر قوليه أنه قال: يتم صومه ويقضيه، وروى ذلك عن سالم بن عبد الله.
وقد اختلف فيه عن أبي هريرة فأشهر قوليه عند أهل العلم أنه قال: لا صوم له.
__________
(1) في الأصل "أبو عمر" والظاهر ما أثبته.

(3/135)


وفي قول ثالث: روى ذلك عن أبي هريرة أنه قال: إذا علم بجنابته، ثم نام حتى يصبح فهو مفطر، وإن لم يعلم حتى يصبح فهو صائم، وروى ذلك عن طاؤس، وعروة بن الزبير.
وقد روينا عن النخعي قولاً رابعاً: وهو أن ذلك يجزيه في التطوع ويقضي يوماً في الفرض.

40 - باب القبلة للصائم
م 1176 - واختلفوا في القبلة للصائم، فرخص فيها كثير من أهل العلم، وروينا الرخصة فيها عن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة، وابن عباس، وعائشة، وبه [1/ 89/ب] قال عطاء، والشعبى، والحسن، وأحمد، وإسحاق.
وكان سعيد بن أبي وقاص لا يرى بالمباشرة للصائم بأساً، وكان ابن عمر ينهى عن ذلك.
وروينا عن ابن مسعود أنه قال: يقضي يوماً مكانه.
وكره مالك القبلة للشيخ والشاب في رمضان.
وأباحت فرقة ذلك للشيخ وحظرت ذلك على الشاب، روى هذا القول عن ابن عباس.
وكان الشافعي يقول: "يكره ذلك لمن حركته الشهوة ولا ينقض صومه".

(3/136)


وقال الثوري: التنزه عنه أحب إلي.
وقال أحمد بن حنبل: إذا كان لا يخاف أن يأتي منه شيء.
وقال أبو ثور: إذا كان يخاف عليه أن يتعلق إلى غيره لم يتعرض.

41 - باب الوقت الذي يؤمر فيه الصبي بالصوم
م 1177 - واختلفوا في الوقت الذي يؤمر فيه الصبي بالصوم، فكان ابن سرين، والحسن البصري، وعطاء، والزهري، وقتادة، والشافعي يقولون: يؤمر به إذا طاقه.
وقال مالك. يؤمر إذا احتلم.
وقال الأوزاعي: إذا طاق صوم ثلاثة أيام قناعاً لا يجوز فيهن، ولا يضعف حمل على صوم شهر رمضان.
قال عبد الملك الماجشون: إذا أطاقوا الصوم الزموا، وإن أفطروا فعليهم القضاء إلا عن علةٍ، وعجز.
وقال إسحاق: إذا بلغ الصبى اثني عشرة أحببت له أن يتكلف الصوم للعادة.
قال أبو بكر: لا يجب عليه الصوم حتى يبلغ، ويؤمر به إذا طاق ليعتاده.

42 - باب النصراني يسلم في بعض شهر رمضان
م 1178 - واختلفوا في النصراني يسلم في بعض شهر رمضان، فقالت طائفة: يصوم ما بقي وليس عليه القضاء قضاء ما مضى منه هكذا

(3/137)


قال الشعبى، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال غيرهم: يصوم ما بقى، ويقضي ما مضى هذا قول عطاء.
واختلف فيه عن الحسن البصري فقال مرة: كقول عطاء، وقال مرة: كما قال مالك.
وقال الأوزاعي: كما قال مالك.
وقال الأوزاعي: فيمن يرى الحلم في النصف من شهر رمضان، ولم يبلغ خمس عشرة سنة، يصوم ما بقي ويقضي ما أفطر من النصف الأول؛ لأنه كان مطيقاً لصيامه، وإن كان لا يطيقه فلا قضاء عليه.
م 1179 - واختلفوا في قضاء اليوم [1/ 90/ألف] الذي يسلم فيه الكافر، فكان مالك، وأبو ثور، لا يوجبان عليه قضاء، ويستحبان لو فعل ذلك.
وقال الماجشون: يكف عن الأكل في ذلك اليوم ويقضيه.
وقال أحمد، وإسحاق: مثله.
قال أبو بكر: ليس عليه أن يقضي ما مضى من الشهر، ولا ذلك اليوم.

43 - باب المرض الذي يفطر الصائم من أجله
م 1180 - واختلفوا في المرض الذي يفطر الصائم من أجله فقال

(3/138)


عطاء، وأحمد، إذا غلب أفطر.
وقال الشعبى: إذا خشي أن يغلب يفطر.
وقال مالك: "الذي سمعت إذا أصابه مرض يشق عليه الصيام، ويتبعه، ويبلغ منه، فله أن يفطر".
وقال الأوزاعي: أذا أدركه الجهد فخشي على نفسه فلا شيء عليه إن شرب ماء ويقضي.
وقال الشافعي: "إذا زاد مرض المريض شدة زيادة بينة أفطر، وإن كانت محتملة لم يفطر".
وقال النعمان: إذا خاف الرجل وهو صائم إن لم يفطر أن يزداد عليه وجعاً أو حماه شدة أفطر.
م 1181 - وقال أبو ثور: إذا خاف أن يزداد شدة أو تلفاً أفطر، وحكى ذلك مالك، والشافعي، والكوفي.

44 - باب ما يجب على من أغمي عليه في شهر رمضان
م 1182 - واختلفوا فيما يجب على من أغمي عليه في شهر رمضان، فقال الزهري: يقضي.
وقال الحسن البصري: يقضي إلا اليوم الذي أفاق فيه.
وقال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور: وإن أغمي عليه قبل الفجر لم يجزه، وإذا نوى الصوم من الليل وأغمي عليه في النهار أجزاه ذلك اليوم.

(3/139)


وقال مالك: إن أغمي عليه في أول النهار إلى الليل قضى، وإن أغمي عليه وقد مضى أكثر النهار أجزأه ذلك اليوم.
وقال النعمان: إذا أغمي عليه رمضان كله قضاه، وإن أغمي عليه بعدما
يدخل أول ليلة منه قضى ما بقى من الشهر، ويجزيه يوم تلك الليلة.
وقال قائل: إذا نوى الصوم من أول الليل، ثم أغمي عليه في بعض الليل فهو بمنزلة النائم في ذلك الوقت، ويجزيه ذلك اليوم.

45 - باب المجنون يفيق في بعض الشهر
م 1183 - واختلفوا في قضاء المجنون إذا أفاق ما مضى من الصوم في أيام جنونه، فقال مالك: يقضي وإن مكث في جنونه سنين.
وكان الشافعي يقول: بنحو من قول مالك إذ هو بالعراق ثم قال [1/ 90/ب] بمصر: فيمن خيل، أو جن، أو وسوس أو عته لا قضاء عليه.
وقال الثوري، والنعمان: إن جن في شهر رمضان كله فلا قضاء عليه، وإن كان في شيء منه مفيقاً فعليه القضاء.
وقال أحمد، وأبو ثور: يقضي المغمي عليه ولا يقضي المجنون.
وقال قائل: لا يجب على المجنون ولا على المغمي عليه قضاء إلا أن يوجبه حجة.
وحكى عن مكحول أنه قال: لا قضاء على المغمي عليه وإني لا أحب أن يتطوع بالقضاء.

(3/140)


46 - باب المرأة يدركها الحيض في بعض النهار
م 1184 - واختلفوا في المرأة يدركها الحيض في بعض النهار، فقال الحسن، وعطاء، وحماد بن سليمان، وقتادة، تأكل وتشرب وبه قال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وأحمد، وإسحاق.
وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: إذا طهرت المرأة في شهر رمضان لم تأكل لتعظيم حرمة رمضان، وهذا قول أحمد، وإسحاق.
وقال مالك: تأكل وتشرب بقية نهارها.
قال أبو بكر: تأكل في الحالين جميعاً إن شاءت.

47 - باب المرأة تطهر قبل طلوع الفجر فتؤخر الاغتسال
م 1185 - واختلفوا في المرأة تطهر قبل طلوع الفجر فتؤخر اغتسالها حتى تصبح، فقال الأوزاعي: تقضى فرطت في الاغتسال أو لم تفرط.
وفي قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: صومها تام، وهي بمنزله الجنب، وروى ذلك عن عطاء.
وبه نقول.

48 - باب الصوم في السفر والإفطار
م 1186 - واختلفوا في الصوم والإفطار، فكان ابن عباس يقول: إن شاء صام وإن شاء أفطر، وذكر أنس، وأبو سعيد، ذلك عن أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -،

(3/141)


وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن البصري، والنخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والأوزاعي، والليث بن سعد.
وكان ابن عمر، وسعيد بن جبير: يكرهان الصوم في السفر، وروينا عن ابن عمر أنه قال: إن صام في السفر قضى في الحضر.
وروى عن ابن عباس أنه قال: يجزيه.
وعن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: الصائم في السفر كالفطر في الحضر.
وقال أبو بكر: إذ شاء صام وإن شاء أفطر.
(ح 557) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - ذلك لحمزة بن عمرو الأسلمي.

49 - باب [1/ 91/الف] الأفضل من الصوم والإفطار
م 1187 - واختلفوا في أفضل الأمرين من الصوم والإفطار، فكان أنس بن مالك يقول الصوم أفضلهما، وروى ذلك عن عثمان بن أبي العاص، وبه قال النخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والثوري، وأبو ثور.

(3/142)


وكان مالك بن أنس، والفضل بن عياض، والشافعي يقولون: الصوم أحب إلينا لمن قوى عليه.
وكان حذيفة بن اليمان، وعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، والأسود بن يزيد يصومون في السفر.
وكان ابن عمر، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والشعبى، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق يقولون: الفطر أفضل.
وفيه قول ثالث: وبه نقول وهو أن أفضلهما أيسرهما على المرأ لقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} الآية، روينا هذا القول عن عمر بن عبد العزيز، ومجاهد، وقتادة.

50 - باب المسافة التي إذا سافرها المرء كان له الفطر
م 1188 - واختلفوا في حد السفر الذي للمسافر أن يفطر فيه.
فروينا عن عطاء، والشعبي: أنهما قالا: إذا سافر سفرا يقصر في مثلها الصلاة، فله أن يقصر فيه [وبه] (1) قال أحمد.
وقال عطاء، كان ابن عباس، وابن عمر يصليان ركعتين ويفطران في أربع برد فما فوق ذلك.
روينا عن ابن عمر أنه قال: لا يفطر إلا في مسيرة ثلاثة أيام
__________
(1) ما بين المعكوفين زيد من عندي.

(3/143)


وبه قال الثوري، وكان الزهري يقول: يفطر في السفر الممعن مسيرة يومين.
وقال قائل: أباح الله عز وجل للمسافر أن يفطر في شهر الصوم وأوجب عليه القضاء، ولم يجعل لذلك حداً، فكل مسافر في غير معصية فله أن يفطر إلا أن تمنعه منه حجة.

51 - باب الوقت الذي للمسافر أن يفطر فيه عند خروجه
م 1189 - واختلفوا في الوقت الذي يفطر فيه الخارج إلى السفر، فقالت طائفة: يفطر من يومه إذا خرج مسافراً، هذا قول عمرو بن شرحبيل، والشعبى.
وقال أحمد: يفطر إذا برز عن البيوت.
وقال إسحاق. لا بل حين يضع رجليه في الرحل.
وقال الحسن البصري: يفطر إن شاء في بيته يوم يريد أن يخرج.
قال أبو بكر: قول أحمد صحيح لأنهم يقولون: من أصبح صائماً صحيحاً، ثم اعتل أنه يفطر بقية يومه، وكذلك إذا أصبح [1/ 91/ب] في الحضر، ثم خرج إلى السفر فله كذلك أن يفطر.
وقالت طائفة: لايفطر يومه ذلك، كذلك قال الزهري، ومكحول، ويحيى الأنصاري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

(3/144)


52 - باب وطئ المسافر زوجته التي طهرت بعد قدومه من السفر
م 1190 - واختلفوا في المسافر يقدم فيجد زوجته قد طهرت من المحيض، فكان يحيى الأنصاري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: له أن يطأها.
وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: لا يصيبها، ولا يأكل بقية يومه.
وقال أحمد، وإسحاق: لا نحب له أن يغشاها.
قال أبو بكر: بقول مالك أقول.

53 - باب من صام بعض الشهر ثم سافر
م 1191 - واختلفوا فيمن أدركه شهر الصوم وهو مقيم، ثم سافر، فقال عبيدة السلماني: ليس له أن يفطر باقي الشهر، محتجاً بقوله جل ذكره {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} الآية، وبه قال سويد بن غفلة.
وقال أبو مجلز: إذا حضر شهر رمضان فلا يسافرن أحد فإن كان لا بد فليصم إذا سافر.

(3/145)


وقال أكثر أهل العلم: إن شاء أفطر وإن شاء صام، هذا قول الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وأحمد، وإسحاق، ومن تبعهم.
وبه نقول.
(ح 558) "وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان فأفطر بالكديد".
وإنما أمر من شهد الشهر كله أو يصوم، ولا يقال لمن شهد بعض الشهر أنه شهد الشهر.

54 - باب جماع أبواب قضاء المسافر والمريض الصوم الذي أفطراه
قال الله جل ثناءه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية.
م 1192 - واختلف أهل العلم فيمن عليه قضاء أيام من شهر رمضان، فقالت طائفة: يقضيه متتابعاً، روى ذلك عن علي، وبه قال ابن عمر، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، والنخعي.

(3/146)


وقالت عائشة: نزلت {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية متتابعات، فسقطت متتابعات.
وقالت طائفة: إن شاء فرق صومه إذا أحصى العدة، كذلك قال ابن عباس، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وروينا ذلك عن معاذ بن جبل، ورافع بن خديج، وبه قال جماعة من التابعين، [1/ 92/ألف] وسعيد بن جبير، والثوري، ومالك، والأوزاعي والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، غير أن بعضهم استحب أن يقضيه تباعاً.
قال أبو بكر: وبهذا نقول.

55 - باب اختلافهم في المسافر والمريض يفطران، ثم يفرقان في القضاء، حتى يأتي شهر الصوم من قابل
م 1193 - واختلفوا فيما على المسافر والمريض يفطران ولا يقضيان حتى يأتي شهر رمضان من قابل وقد أمكنهما القضاء، فقالت طائفة: يصومان الشهر الذي أدركهما ويطعم كل واحد منهما عن كل يوم من الأيام إلى فرطا فيها، ويقضيان الأول صياما، روينا هذا القول عن أبي هريرة، وابن عباس، وبه قال عطاء والقاسم بن محمد، والزهري، والأوزاعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

(3/147)


وقال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي: يصوم الشهر الذي أدركه ويقضي الأول صياما، وليس عليه إطعام.
وقال بعض من وافقهما: ليس مع أوجب الكفارة على من ذكرنا حجة من سنة ولا إجماع.
م 1194 - واختلف من أوجب عليه الإطعام في قدر ما يجب أن يطعم، فكان أبو هريرة، والقاسم بن محمد، ومالك بن أنس، والشافعي يقولون: يطعم عن كل يوم مداً.
وقال سفيان الثوري: يطعم نصف صاع عن كل يوم.
م 1195 - واختلفوا فيما يجب عليه إن لم يصح بين الشهر الذي أفطر، وشهد الصوم من العام المقبل، فقال ابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن جبير، وقتادة. يصوم الشهر الذي أدركه، ويطعم عما مضى، ولا قضاء عليه.
وقال الحسن البصري، وطاووس، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يصوم الشهر الذي أدركه مع الناس، ويقضي الأول يصوم.

56 - باب المريض يفطر ثم يموت قبل أن يبرأ
م 1196 - واختلفوا في المريض يفطر، ثم يموت في علته، فكان ابن عباس، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن سيرين، والشعبى، والزهري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: لا شيء عليه.

(3/148)


وقال جابر بن زيد، والحسن بن [1/ 92/ب] أبي الحسن، والثوري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي في المسافر يفطر ويموت في سفره: لاشيء عليه.
وقال طاووس، وقتادة في المريض يموت قبل أن يصح: يطعم عنه.
قال أبو بكر: ليس على المسافر الذي ذكرناه شيء ولا على المريض.

57 - باب من عليه صوم في رمضان فمات قبل أن يقضيه
م 1197 - واختلفوا فيمن عليه صوم من شهر رمضان فمات قبل أن يقفيه، فكان ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، والحسن البصري، والزهري يقولون: لا يصام عنه، ولكن يطعم عن كل يوم مسكيناً.
وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: لا يصوم أحد عن أحد.
م 1198 - واختلفوا فيما يطعم عنه، فكان ابن عباس يقول: يطعم عنه عن كل يوم نصف صاع وهو مذهب الثوري.
وقال الزهري، والشافعي: مداً لكل يوم.
ورأت طائفة: أن يصام عن الميت، وممن رأى ذلك طاووس، والحسن البصري، والزهري، وقتادة، وأبو ثور.
وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: ما كان من شهر رمضان يطعم عنه، وما كان من صوم النذر يقضي عنه، وبه قال أحمد، وإسحاق.

(3/149)


58 - باب قضاء شهر رمضان في ذي الحجة
م 1199 - واختلفوا في قضاء الإنسان ما عليه من صيام شهر رمضان في ذي الحجة، فكان سعيد بن المسيب، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: ذلك جائز، وهو مذهب الشافعي إلا الأيام التي نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن صومها فإنه لا يقضي فيها.
وروينا عن علي بن أبي طالب أنه كره ذلك، وبه قال الحسن البصري، والزهري.
قال أبو بكر: ذلك جائز على ظاهر قوله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية إلا أن يكون يوم النحر، وأيام التشريق فإن ذلك منهى عنه.

59 - باب من عليه صوم شهرين متتابعين فمرض، أوكانت امرأة فحاضت
م 1200 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة إذا كان عليها صوم شهرين متتابعين فصامت بعضاً، ثم حاضت أنها تبني إذا طهرت.
م 1201 - واختلفوا فيمن عليه صوم شهرين متتابعين فصام بعضاً، ثم مرض، فكان سعيد بن المسيب، والحسن البصري، [1/ 93/ألف] ومالك،

(3/150)


وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: يتم إذا برأ، وروينا ذلك عن عطاء، والشعبى.
وكان النخعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، يقولون: يستأنف، وقالوا في الحائض تقضي إذا طهرت.
م 1202 - واختلفوا فيه إن صام بعضاً، ثم سافر فأفطر، فكان مالك، والشافعي يقولان: يستأنف، لأن السفر هو أحدثه، وأظنه قول الكوفي.
وروينا عن الحسن البصري أنه قال: يتم بقيته بعد ذلك.

60 - باب الحامل والمرضع
قال أبو بكر:
م 1203 - افترق أهل العلم في الحامل والمرضع إذا أفطرتا أربع فرق.
فروينا عن ابن عمر، وابن عباس أنهما قالا: تفطران وتطعمان ولا قضاء عليهما، وبه قال سعيد بن جبير.
وقال الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، والنخعي، والزهري، وربيعة، والأوزاعي، وأصحاب الرأي: يفطران ويقضيان ولا طعام عليهما بمنزلة المريض يفطر ويقضي، وبه قال أبو عبيد، وأبو ثور، وحكى ذلك أبو عبيد عن الثوري.
وقال الشافعي، وأحمد: تفطران، وتطعمان وتقضيان، وروى ذلك عن مجاهد.

(3/151)


وفرقت طائفة رابعة: بين الحبلى والمرضع، فقالت في الحبلى: هي بمنزله المريض تفطر وتقضي، ولا إطعام عليها، والمرضع تفطر، وتطعم، وتقضي، هذا قول مالك.
قال أبو بكر: بقول الحسن، وعطاء نقول.

61 - باب الشيخ الكبير والعجوز العاجزين عن الصوم أن يفطرا
م 1204 - أجمع أهل العلم على أن الشيخ والعجوز العاجزين عن الصوم أن يفطرا.
م 1205 - في اختلفوا فيما عليهما إذا أفطرا، فكان الأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: يفطران، ويطعم كل واحد منهما عن كل يوم مسكيناً واحداً، وروينا هذا القول عن سعيد بن جبير، وطاووس.
وقال أحمد، وإسحاق في الشيخ: يطعم منها إن شاء، وإن شاء جفن جفاناً كما صنع أنس بن مالك.
وقال ربيعة، ومالك، وخالد بن الدريك، وأبو ثور: لا شيء على الشيخ الكبير من الكفارة ولا غيره، وروى ذلك عن مكحول.
وبه نقول.

(3/152)


62 - باب الصوم المنهي عنه
(ح 559) ثبت أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-نهى عن صوم يوم الفطر، ويوم [1/ 93/ب]
الأضحى.
م 1206 - وأجمع أهل العلم على أن صوم هذين اليومين منهي عنه.
(ح 560) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم أيام التشريق.
م 1207 - واختلفوا في صوم أيام التشريق، فروينا عن ابن الزبير أنه كان يصوم أيام التشريق، وروى ذلك عن ابن عمر، والأسود ابن يزيد.
وقال أنس بن مالك: كان أبو طلحة كل ما رأيته يفطر إلا يوم فطر، أو أضحى.
وكان ابن سرين: لا يرى بأساً بصوم الدهر غير هذين اليومين.
وكان مالك، والشافعي: يكرهان صوم أيام التشريق.
وبه نقول.
(ح 561) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو بعده.

(3/153)


م 1208 - واختلفوا في صوم يوم الجمعة، فنهت فرقة عن صومه إلا أن يصوم يوما قبله أو يوماً بعده، هذا قول أبي هريرة، والزهري، وأحمد، وإسحاق.
ورخص فيه مالك.
وقال الشافعي: لا يتبين لي أن أنهى عن صوم يوم الجمعة إلا على الاختيار.

63 - باب النهي عن الوصال في الصوم
قال أبو بكر:
(ح 562) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوصال في الصوم.
م 1209 - واختلفوا في الوصال في الصوم، فروينا عن ابن الزبير، وابن أبي أنعم أنهما كانا يواصلان.
وكره مالك والشافعي، وأحمد، وإسحاق: الوصال في الصوم.
وكان أحمد، وإسحاق، لا يكرهان أن يواصل من سحر إلى سحر.

(3/154)


64 - باب الصوم المندوب إليه
(ح 563) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر بصوم عاشوراء وقال: لم يكتب عليكم.
م 1210 - واختلفوا في يوم عاشوراء، فروينا عن ابن عباس أنه قال: هو يوم التاسع وقال سعيد بن المسيب، والحسن البصري: هو يوم العاشر.
وقال آخرون: هو التاسع والعاشر. كذلك قال ابن عباس، وأبو رافع صاحب أبي هريرة، وابن سيرين، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
(ح 564) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أفطر يوم عرفة.
(ح 565) وروينا عنه أنه قال: صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية.
م 1211 - واختلفوا في صوم يوم عرفة بعرفة، فقال ابن عمر لم يصمه النبي- صلى الله عليه وسلم -، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، [1/ 94/ألف] وأنا لا أصومه، وكان مالك، والثوري يختاران الفطر.
وكان ابن الزبير، وعائشة يصومان عرفة، وروى هذا القول عن عثمان بن أبي العاص، وعمر بن الخطاب.
وكان إسحاق: يميل إلى الصوم.

(3/155)


وكان عطاء يقول: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف.
وقال قتادة: لا بأس به إذا لم يضعف عند الدعاء.
وقال الشافعي: أحب صوم عرفة لغير الحاج، فأما من يحج فأحب أن بفطره ليقوم به على الدعاء.
م 1212 - واختلفوا فيما يجب على من أفطر في صيام التطوع، فرخصت فيه طائفة ولم تر على من أفطر قضاء، هذا قول ابن عباس.
وكان ابن مسعود، وابن عمر، وجابر، لا يرون بالإفطار في التطوع بأساً، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقال الثوري: أحب إلى أن يقضي.
وكره الإفطار في التطوع الحسن البصري، ومكحول، والنخعي، وقالوا: يقضيه.
وكان مالك، وأبو ثور، يقولون: إذا أفطر من غير عذر قضى وهو مذهب الكوفي.

65 - باب الفطر
قال الله جل ذكره: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} الآية.
(ح 566) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أدبر النهار، وأقبل الليل، وغابت الشمس أفطر الصائم.

(3/156)


(ح 567) وثبت أنه قال عليه السلام: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر.
(ح 568) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا حضر العشاء، وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء.
م 1213 - ويستحب الإفطار على التمر فإن لم يجد فعلى الماء.

(3/157)