الإشراف على مذاهب العلماء

33 - كتاب الضحايا
1 - باب الأضحية والاختلاف فيها هل تجب فرضاً أم لا
م 1663 - اختلف أهل العلم في الأضحية.
فقالت طائفة: لا تجب فرضاً ولكنه مندوب إليه، من فعله كان مثاباً، ومن تخلف عنه لم يكن آثماً، وممن كان لا يرى أنه فرضاً، ابن المسيب، وعطاء، وعلقمة، والأسود، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور.
وروينا أخباراً عن الأول تدل على أن ذلك ليس بفرض، روينا ذلك عن أبي بكر، وعمر وأبي مسعود البدري، وبلال.
وفيه قول ثان: كان ربيعة، والليث بن سعد يقولان: لا أرى أن يترك الموسر، المالك، لا مرةً الضحية.
وقال مالك: لا يتركهما فإن تركها بئسما صنع إلا أن يكون عذر.
وحكى عن النخعي أنه قال: الأضحى واجب على أهل الأمصار ما خلا الحاج.
وقال ابن الحسن: الأضحى واجب على كل مقيم في الأمصار إذا كان موسراً.
قال أبو بكر: الأضحى لا يجب فرضا؛ لأن الله عز وحل لم يوجبه، ولا الرسول، ولا أجمع أهل العلم على وجوبه، والديل على أن ذلك لا يجب فرضاً.

(3/403)


(ح 752) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من رأى منكم هلال ذي الحجة، وأراد أن يضحى
فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره حتى يضحى".
قال أبو بكر: ولو كان واجباً لم يجعل ذلك إلى إرادة المضحى.

2 - باب وقت ذبح الأضاحي
م 1664 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الضحايا لا يجوز ذبحها قبل طلوع الفجر من يوم النحر.
م 1665 - واختلفوا في الوقت الذي يجوز فيه ذبح الأضحية، فكان الشافعي، يقول: إذا برزت الشمس ومضى من النهار [1/ 142/ألف] قدر ما يدخل الإمام في الصلاة فيصلي ركعتين، ويخطب خطبتين خفيفتين، حل الأضحى.
وقال الحسن البصري: إذا ذبح قبل صلاة الإمام يعيد.
وقال الأوزاعي: لا يصلح إلا بعد الصلاة.
وقال أحمد: إذا انصرف الإمام.
وقال إسحاق: إذا فرغ الإمام من الخطبة.
وقال مالك: في أهل البوادي يتحرون أقرب الأئمة إليهم فينحرون بعده.
وفيه قول ثان: وهو أن من ذبح بعد الصلاة والإمام يخطب أجزاه، هذا قول الثوري.
وقال مالك: إن ذبح قبل الإمام أعاد.

(3/404)


وقال عطاء: إذا ذبح بعد طلوع الفجر في غير مصر أجزاه، وبه قال إسحاق، وأصحاب الرأي في البوادي.
وقال أصحاب الرأي في أهل الأمصار: يذبحون بعد انصراف الإمام.
قال أبو بكر: الذي قاله الشافعي حسن.

3 - باب اختلاف أهل العلم في تفضيل الصدقة على الأضحية
م 1666 - واختلفوا في تفضيل الصدقة على الأضحية، فقال قوم: إن الصدقة أفضل، روينا عن بلال أنه قال: ما أبالي أن لا أضحى إلا بديك، ولأن أضعه في يتيم قد ترب فوه، هكذا قال المحدث: أحب إلي من أن أضحى كتابه، وهذا قول الشعبي إن الصدقة أفضل، وبه قال مالك، وأبو ثور.
وفيه قول ثان: وهو أن الضحية أفضل، هذا قول ربيعة، وأبي الزناد، وبه قال أصحاب الرأي.

4 - باب ذبح الرجل عنه وعن أهل بيته بقرة واحدة أو شاة
(ح 753) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، نحو عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة.
(ح 754) وجاء الحديث عنه أنه دعى بكبش فذبحه وقال: " بسم الله والله

(3/405)


أكبر عني وعن من لم يضح من أمتي".
م - واختلفوا في الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فكان مالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: يجيزون ذلك.
وقد روى هذا المعنى عن أبي هريرة، وابن عمر، واحتج أحمد بفعل أبي هريرة، ويذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمته.
قال أبو بكر: وكره ذلك الثوري، والنعمان.
وبالقول الأول أقول، للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الدال على ذلك.

5 - باب الأضحية ببقر الوحش وحمر الوحش
م 1668 - كان الشافعي يقول: لا يضحي ببقر الوحش ولا حمر الوحش، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وقال مالك: في الظبى ليست من [1/ 142/ب] الأنعام.
وقال أصحاب الرأي: لا يجزئ شيئاً من ذلك، وقد حكى عن الحسن بن صالح أنه قال: يضحي ببقرة الوحش عن سبعة، وبالظبى عن رجل.
م 1669 - وقال الشافعي: ثور وحشي بقرة إنسيته، أو ثور إنسي بقرة وحشية لا يجوز شيء من هذا.

(3/406)


وقال أصحاب الرأي: جائز، لأن ولدها بمنزله أمه.
وقال أبو ثور: يجزئ إذا كان منسوباً إلى الأنعام.

6 - باب المكسورة القرن والخصى
م 1670 - واختلفوا في الضحية المكسورة القرن، فكان الشافعي، ومالك، والكوفي: يرون ذلك جائزاً.
وممن روينا عنه الرخصة فيه علي، وعمار، وابن المسيب، والحسن البصري.
وقال مالك: في المكسورة القرن جائز إلا أن يكون يَدْمَا فلا يصلح.
م 1671 - وقد روينا عن الحسن البصري، والشعبى، وعطاء، والنخعي أنهم كانوا لا يرون: بأساً أن يضحي بالخصي، وبه قال مالك، وأبو ثور، والكوفي، وهو مذهب الشافعي.

7 - باب الأبتر يضحي به
م 1672 - روينا عن ابن عمر: أنه كان لا يرى بأساً أن يضحي بالأبتر، وبه قال ابن المسيب ونبيل، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، والنخعي، والحكم.
وكان حماد بن أبي سليمان ووليد: يكره أن يضحى مقطوعة الإلية.
وكره الليث بن سعد: أن يضحي بالأبتر ما كان فوق القبضة، ويكره مقطوعة الأذن.

(3/407)


8 - باب الرجل يوجب الأضحية أو البدنة ثم يريد ابدالها
م 1673 - واختلفوا في الرجل يوجب الأضحية، ثم يريد إبدالها بغيرها، فممن رأى أن يبيعها ويشتري غيرها عطاء.
وقال عكرمة: في البدنة كذلك، ورخص فيه أحمد.
وقال ابن الحسن: لا بأس به.
ومنع من الشافعي، وأبو ثور.
وقال مالك: ذلك له في الضحية يبدلها بخير منها، وليس ذلك في الهدى.

9 - باب الأضحية توجب ثم تضيع فيشتري غيرها ثم توجد الأولى
م 1674 - روينا عن ابن عباس أنه قال: إذا ضاعت فقد أجزأ.
وقال الشافعي: لا تبدل عليه إذا ضلت أو سرقت إنما الإبدال في الواجب.
وقال مالك: في الأضحية إن أصابها يوم النحر ذبحها، إلا أن يكون ضحى فلا شيء عليه، فإن وجدها بعد يوم النحر صنع بها ما شاء.
وقال أحمد، وإسحاق: في الأضحية تهلك، ثم ابتاع غيرها، ثم وجدها قالا: يذبحهما جميعاً.
وقال أبو ثور: إذا وجد الأولى يصنع بالأخرى ما بدأ له.
وقال النعمان: إذا ضلت فوجدها بعد يوم النحر تصدق بها حية ولا يذبحها لأن أيام النحر قد ذهبت، وبه قال يعقوب، قال: ولو

(3/408)


هلكت [1/ 143/ألف] فاشترى غيرها فذبحها، ثم وجد الأولى فإن كانت التي ذبح مثلها أو أكثر قيمة منها فإنه يصنع بها ما بدأ له، وإن كانت أقل قيمة تصدق بفضل ما بينهما من القيمة، ثم يصنع بالأخرى ما بدأ له.

10 - باب الأضحية يموت صاحبها
م 1675 - واختلفوا في الأضحية يموت صاحبها قبل أن يذبحها.
فقال مالك: إذا اتشاج، أهل الميراث منها باعوها.
وقال الأوزاعي: إذا مات قبل يوم النحر يذبح عنه يوم النحر ولا يكون ميراثاً إلا أن يترك ديْناً لا وفاء له إلا من تلك الضحية، فباع في دينه.
وقال أحمد: وأبو ثور: تذبح.

11 - باب أصواف الأضاحي وأولادها وألبانها ينتفع بها موجبها
م 1676 - روينا عن علي بن أبي طالب رحمه الله عليه أنه قال: في البدنة لا يشرب من لبنها إلا فضلا عن ولدها، فإذا كان يوم النحر فنحرها هي وولدها عن سبعة، وبه قال الشافعي.
وقال عطاء: وأبو ثور. لا بأس أن يأخذ من أضحيته الصوف.
وقال أحمد بن حنبل: ذلك مكروه إلا أن يطول صوفها.
وقال إسحاق: لا ينقص منها شيئاً.

(3/409)


وكره أصحاب الرأي: جز صوفها إلا من بعد الذبح، وينتفع بجلد الأضحية عندهم، وعند أبي ثور.
وكره أصحاب الرأي: أن يحتلب أضحية، وإن فعل تصدق به.
وقالوا: ينضح ضرعها بالماء البارد حتى ينقطع اللبن.

12 - باب إطعام أهل الذمة من لحوم الضحايا
م 1678 - أجمع أهل العلم على إباحة إطعام فقراء المسلمين من لحوم الضحايا.
م 1678 - واختلفوا في إطعام أهل الذمة، فرخص في إطعام اليهود والنصارى من ذلك الحسن البصري، وهو كشبه مذهب أصحاب الرأي، وبه قال أبو ثور.
وقال مالك: غرهم أحب إلينا، وقد كان مالك: يكره إعطاء النصارى جلد الضحية أو شيء من لحمها.
وكره ذلك الليث بن سعد، فأما ما طبخ من لحوم الضحايا وكانت الظئر وما أشبهها عند أهل البيت، فأرجو أن لا يكون به بأس في ما تصيب منه معهم.

13 - باب الضحية عما في البطن
م 1679 - ثبت أن ابن عمر: كان لا يضحي عما في البطن، وبه قال الشافعي، وأبو ثور.
وبه نقول.

(3/410)


14 - باب يضحي عنه ولا يضحي
م 1680 - كان مالك يرى: أن يضحي عن اليتيم يكون له ثلاثون ديناراً الشاة بالنصف دينار ونحوه.
وقال النعمان: يضحي عن اليتيم من ماله، ولا يجوز ذلك في قول الشافعي لأنه ليس بواجب عنده، والنعمان: يمنع [1/ 143/ب] يخرج من مال اليتيم الزكاة التي فرضا الله تبارك وتعالى على المسلمين، ويأمر يإخراج ما ليس بواجب.
م 1681 - وكان الحسن بن أبي الحسن: يضحي عن أم ولد.
ورخص في ذلك الزهري، ومالك، والليث بن سعد، وهو على مذهب الكوفي.
وقال الشافعي: ولست أحب للعبد، ولا للمدبر، ولا للمكاتب، ولا لأم الولد أن يضحوا، ولا أجيز لهم ذلك.

15 - باب الوقوف عن أخد الشعر والأظفار في العشر إذا أراد المرء أن يضحي
(ح 755) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئاً.
م 1682 - واختلف أهل العلم في ذلك، فكان مالك، والشافعي، يرخصان: في أخذ الشعر والأظفار وإن أراد أن يضحي ما يحرم غير

(3/411)


أنهما يستحبان الوقوف عن ذلك عند دخول العشر إذا أراد أن يضحي، ورأى الشافعي: أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أمر اختيار.
ورخص فيه الزهري بغير الحاج.
ورخص فيه النعمان، وأصحابه، وأبو ثور، وإن أراد المرء أن يضحي، وممن قال بظاهر هذا الخبر ابن المسيب، وأحمد، وإسحاق.

16 - باب تسمية من يضحي عنه
(ح 756) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين أملحين، وقال: بسم الله والله أكبر.
(ح 757) وجاء الحديث عنه أنه دعى بكبش فقال: "بسم الله والله أكبر عني وعن من لم يضح عن أمتي".
م 1683 - وكان الحسن البصري يقول: في الأضحية: "بسم الله والله أكبر هذا منك ولك تقبل من فلان".
وقال مالك: إن فعل ذلك فحسن، وإن لم يفعل وسمى الله أجزأه.
وقال الشافعي: والتسمية على الذبيحة بسم الله فإن زاد بعد ذلك شيئاً من ذكر الله، أو صلى على محمد لم أكره، وإن قال: "اللهم تقبل من فلان" فلا بأس.

(3/412)


وقال النعمان: يكره أن يذكر مع اسم الله غيره، وكره أن يقول: "اللهم تقبل من فلان" عند الذبح وقال: لا بأس إذا كان قبل التسمية، وقبل أن يضجع الذبح.
وقال ابن الحسن: إن ذبح شاة فقال: "الحمد لله" أو قال: "سبحان الله والله أكبر" يريد بذلك كله التسمية قال: نعم، هذا كله تسمية لا بأس بأكلها قلت: إن قال: "الحمد لله" يريد أن يحمده ولا يريد به التسمية هل تؤكل ذلك قال: لا، ولا يجزئ شيء من ذلك عن التسمية عند أبي ثور.
قال أبو بكر: وكذلك نقول، هو مثل التكبير في الصلاة، ولا يجزئ من التكبير في الصلاة غيره.

17 - باب الذبح بالمصلى [1/ 144/ألف]
(ح 758) روينا عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يذبح بالمصلى.
م 1684 - وكان ابن عمر: يفعل ذلك، واستحب مالك ذلك للإمام، ولا يرى ذلك على غيره.
قال أبو بكر: باقي كتاب الضحايا في كتاب المناسك.

(3/413)