الإشراف على مذاهب العلماء

34 - كتاب العقيقة
أخبرنا أبو بكر بن المنذر قال:
(ح 759) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أَذّن في أُذُن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة.
م 1685 - وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه كان إذا ولد له ولد أخذه كما هو في خرقته، فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى، وسماه مكانه.
(ح 760) وثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حنك غلاماً بتمرات وسماه.

1 - باب الترغيب في العقيقة عن الغلام والجارية
(ح 761) روينا عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة، لا يضركم ذكرانا كن أو إناثاً.
م 1686 - واختلف أهل العلم في التسوية بين الغلام والجارية فيما يذبح عن كل

(3/414)


واحد منهما، فقال بعضهم بظاهر هذا الحديث: عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، روينا هذا القول عن ابن عباس، وعائشة، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وقال أحمد، وإسحاق: مكافأتان أي مستويان مقاربتان.
وكان ابن عمر: يعق عن الجواري والغلمان شاة، شاة وبه قال أبو جعفر، ومالك بن أنس.
وروى عن جعفر بن محمد رضوان الله عليه عن أبيه عن فاطمة أنها ذبحت: عن الحسن والحسين كبشاً، كبشاً.
وفيه قول ثالث قاله الحسن البصري، وقتادة قالا: لا نرى على الجارية عقيقة.
وقال الليث بن سعد في المرأة تلد ولدين في بطن: يعتق عن كل واحد منهما.
م 1687 - وقال مالك في العقيقة: هي بمنزلة النسك، والضحايا، ولا يجوز فيها عرجاء، ولا مكسورة، ولا عجفاء، ولا مريضة، وبه قال الشافعي، وأبو ثور.
قال أبو بكر: بحديث أم كرز نقول، عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة.
قال أبو بكر: روينا عن أنس بن مالك أنه كان يعق عن والده بالجزور، وعن الجارية شاة.

(3/415)


2 - باب العقيقة بغير الغنم
م 1688 - روينا عن أنس بن مالك أنه كان يعتق عن ولده الجزور.
وعن أبي بكرة: أنه فعل ذلك، وأن بعضهم ذلك، وقال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاتين عن الغلام، وعن الجارية شاة لا يجوز أن يعتق بغير ذلك [1/ 144/ب].
وممن أنكر ذلك حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، فقالت: وقد ذكر لها الجزور، كانت عمتي عائشة تقول: عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة.
وقال مالك: الضأن في العقيقة أحب إلي من المعز، والغنم أحب إلي من الإبل، والبقر في الهدي أحب إلى من الغنم، والإبل في الهدى أحب إلى من البقر.
قال أبو بكر: ما أحسن ما قال مالك.

3 - باب اختلاف أهل العلم في وجوب العقيقة
م 1689 - واختلفوا في وجوب العقيقة، فقالت طائفة: العقيقة واجبة، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- أمر بذلك وأمره على الفرض.
كان الحسن البصري يقول: في رجل لم يعق عنه قال: "يعق عن نفسه"
وقال الحسن: العقيقة عن الغلام واجبة يوم سابعة.

(3/416)


وروى عن بريدة أن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة، كما يعرضون على الصلاة الخمس.
وقال أبو الزناد: العقيقة من أمر المسلمين الذين كانوا يكرهون تركه، فاحتجت هذه الفرق، وبعضهم: بأمر النبي- صلى الله عليه وسلم - بالعقيقة، وعق عن الحسن والحسين قال: واجتمع في العقيقة أمره وفعله.
وقالت طائفة: العقيقة ليس بواجبة ولكنها سنة يسحب العمل بها، هكذا قال مالك، وهو قول الشافعي، وأبي ثور، واحتج بعضهم.
(ح 762) بحديث عبد الله بن عمرو عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من أحب أن ينسك عن ولده، فلينسك، عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة.
وأنكر أصحاب الرأي: أن تكون العقيقة سنة، وخالفوا في ذلك الأخبار الثابتة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وعن أصحابه والتابعين، ثم هو بعد ذلك أمر معمول به بالحجاز قديماً وحديثاً، استعمله العآمة، ذكر مالك: أنه الأمر الذي لا اختلاف فيه عندهم.
وقال يحيى الأنصاري: أدركت الناس وما يدعون العقيقة عن الغلام والجارية، وممن كان يرى العقيقة عن الغلام والجارية، عبد الله بن عباس، وابن عمر، وعائشة أم المؤمنين.

(3/417)


وروينا ذلك عن فاطمة بنت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وعن بريدة الأسلمي، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، وأبي الزناد، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وجماعة من أهل العلم يكثر عددهم، وانتشر استعمال ذلك في عامة بلدان المسلمين متبعين [1/ 145/ألف] في ذلك ما سنه لهم الرسول، وإذا كان كذلك لم يضر السنة من خالفها، ولا عدل عن القول بها.

4 - مسائل من العقيقة
م 1690 - يستحب أن يعق عن الغلام والجارية يوم السابع، استدلالا بالسنة ويحلق يوم السابع.
وقال عطاء: يبدأ بالحلق، ثم الذبح، ويستحب أن يتصدق بوزن شعر رأس الصبى أو الصبية ورقاً، وروينا عن فاطمة: أنها فعلت ذلك.
م 1691 - وقد اختلفوا في طلبي رأس الصبى يوم العقيقة، فكان الحسن، وقتادة يقولان: يطلي رأس الصبي بدم يوم العقيقة، فأنكر ذلك غيرهم، وكرهه، وممن كره ذلك الزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
قال أبو بكر: وكذلك نقول.
(ح 763) إن في حديث عائشة أن أهل الجاهلية كان يخضبون قطنة بدم العقيقة، فإذا حلقوا وضع على رأسه.

(3/418)


وأمرهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يجعلوا مكان الدم خلوقاً.
(ح 764) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "أهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى".
فإذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم - قد أمرنا يإماطة الأذى عنه والدم أذى، وهو من أكبر الأذى، فغير جائز أن ينجس رأس الصبي بدم.
وقد تكلم في حديث سمرة الذي فيه: "ويدمي".
م 1692 - وقال الحسن البصري، وقتادة: يعق عنه يوم سابعة، وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق، غير أن مالكاً قال: إنما يعد الليالي، فإن ولد بعد الفجر عدله من الليلة التي تأتي عليه، وإن ولد قبل الفجر عدله من ليلته، تلك سبع ليالي ثم ينسك عنه ثم يسميه.
م 1693 - وقد اختلفوا فيمن أغفل فلم يعق عنه يوم سابعة فكان عطاء يقول: إن أخطأهم، وأحبوا أن يؤخرون إلى السابع الآخر، وقال أكل أهل العقيقة ويهدونها.

(3/419)


وقد روى عن عائشة -رضي الله عنها - أنها قالت: في يوم السابع، فإن لم يفعل ففي أربعة عشر، فإن لم يفعل ففي أحد وعشرين، وبه قال إسحاق.
وكان مالك يقول: في الرجل يكون غائباً فيولد له فيأتي بعد السابع فيريد أن يعق عن ولده فقال: ما علمت أن هذا من أمر الناس وما يعجبني.
م 1694 - وقد اختلف في كسر العظم من العقيقة، فروينا عن عائشة أنها قالت: تطبخ ولا يكسر لها عظم فيأكل، ويطعم، ويتصدق، ويكون ذلك في اليوم السابع.
وقال ابن جريج: " تطبخ بماء وملح أعضاءاً أو قال: آراباً، ويهدي في الجيران، والصديق، ولا يتصدق منها بشيء".
وقال عطاء: يقطع جدولاً، [1/ 145/ب] ولا يكسر لها عظم فيطبخ، وقال عطاء: إذا ذبحت فقل: بسم الله هذه عقيقة فلان.
وقال الشافعي: العقيقة سنة واجبة، ويتقى فيها من العيب ما يتقى في الضحايا ولا يباع لحمها، ولا أهبها، ولا يكسر عظامها، ويأكل أهلها منها، ويتصدقون، ويهدون.
ورخصت طائفة: أن تكسر عظام العقيقة، وممن رأى ذلك الزهري، ومالك.
م 1695 - وقال الحسن البصري، ومالك: إن مات قبل السابعة فلا عقيقة عليه، وقال مالك: أرى أن يعق عن اليتيم من ماله.
قال أبو بكر: ويحتمل ألا يعق عنه كما يضحي عنه.

(3/420)


م 1696 - وقال مالك: المملوك لا يعق عن ولده إلا بإذن مولاه، إلا أن يكون عبداً غنياً يتقلب في التجارات، ويكتسى الكسوة الحسنة، بغير إذن سيده ولا يمنعه، فإذا كان هكذا فلا بأس أن يعق عن ولده إلا أن يمنعه سيده.
قال أبو بكر: لا فرق بين العبيد في ذلك، ليس له أن يعق إلا بإذن مولاه وهذا مذهب الشافعي.
م 1697 - وقال أحمد، وإسحاق: العقيقة أحب إلي من أن يتصدق بثمنها على المساكين.
قال أبو بكر: صدق أحمد، إتباع السنن أفضل.
قال أبو بكر:
م 1698 - تسمية المولود يوم سابعة حسن.
وكان الحسن البصري، ومالك يستحبان ذلك، ومتى شاء سمى.
(ح 765) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: ولد لي الليلة غلام فسميته بإسم أبي إبراهيم صلوات الله عليهما.
(ح 766) وسمى الغلام الذي جاء به أنس بن مالك لما حنكه عبد الله.
م 1699 - واختلفوا في تسمية الصبي الذي لم يستهل، فكان ابن سيرين، وقتادة، والأوزاعي يقولون: إذا تم خلقه سمى.
وقال مالك: لا يسمى إذا لم يستهل صارخاً.

(3/421)


(ح 767) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسمائكم.
(ح 768) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: أحب الأسماء إلى الله عبد الله، وعبد الرحمن.
(ح 769) وقد سمى النبي - صلى الله عليه وسلم- ابنه إبرإهم.
م 1700 - وروينا عن ابن المسيب أنه قال: أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء.
(ح770) وقد ثبت أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: تسموا بإسمي ولا تكنوا بكنيتي.
فلا يحل لأحد أن يتكنى بكنيته - صلى الله عليه وسلم -.

(3/422)