الإشراف على مذاهب العلماء

48 - كتاب الفرائض
أخبرنا أبو بكر: قال الله عز وجل: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} الآية.
قال أبو بكر:
م 2236 - جعل الله عَزَّ وَجَلَّ مال الميت بين جميع ولده للذكر مثل حظ الأنثيين، إذا لم يكن معهم أحد من أصحاب الفرائض، فإذا كان معهم من له فرض معلوم يدعي بفرضه، فأعطيه، وجعل الفاضل من المال بين الولد للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا مما أجمع عليه أهل العلم، وفرض الله تعالى للبنت الواحدة النصف، وفرض لما فوق الثنتين من البنات الثلثين، ولم يفرض للبينتين فرضاً منصوصا في كتابه.
م 2237 - وأجمع أهل العلم على أن للثنتين من البنات الثلثين، فثبت ذلك بإجماعهم وتوارث في كل زمان على ذلك إلى هذا الوقت.
وقال بعضهم: إنما ثبت للثنتين من البنات الثلثان.
(ح 982) بسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في ابنتى سعد بن الربيع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمهما: أعطها الثلثين، وأعط امهما الثمن (1)، ولك ما بقى.
__________
(1) في الأصل "السدس" والصحيح ما أثبته.

(4/316)


1 - باب ما أجمع عليه من ميراث ولد الوالد
م 2238 - أجمع أهل العلم على أن بني الابن، وبنات الابن لا يرثون مع بين الصلب شيئاً.
م 2239 - وأجمعوا على أن بني الابن، وبنات الابن يقومون مقام البنين (1) والبنات، ذكورهم كذكورهم إناثهم كإناثهم [1/ 227/ألف] إذا لم يكن للميت ولد لصلبه.
م 2240 - وأجمع أهل العلم على أن ولد البنات لا يحجبون ولا يرثون، إلا ما اختلف فيه من ذوي الأرحام.
م 2241 - وأجمع أهل العلم على أن لا ميراث لبنات الابن إذا استكملت (2) البنات الثلثين وذلك إذا لم يكن مع بنات الابن ذكر.
م 2242 - فإن ترك بنتا، وابنه ابن، أو بنات ابن، فللبنت النصف، ولبنات الابن السدس، تكملة الثلثين، فأما الابنة ففرضها في كتاب الله جل ثناؤه، وأما بنات الابن:
(ح 983) فلحديث ابن مسعود أنه قال في بنت، وبنت ابن، وأخت: سأقضي فيها بما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - للابنة النصف، ولابنه الابن السدس، وما بقى فللأخت.
م 2243 - فإن ترك ابنه ابن ابن فللابنة النصف وما بقى فلابن الابن.
__________
(1) في الأصل "البنتين".
(2) في الأصل "استكمل".

(4/317)


فأما الابنة فلقول الله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} الآية وأما ابن الابن:
(ح 984) فلقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقى فهو لأولى رجل ذكر.
م 2244 - وإن ترك ثلاث بنات، بعضهن أسفل من بعض، فللعليا منهن النصف، وللتي تليها السدس، وما بقي فللعصبة، وهذا كله ما أجمع عليه أهل العلم.

2 - باب ما اختلف فيه أهل العلم من فرائض الولد وولد الابن
قال أبو بكر:
م 2245 - اختلف أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في ابنتين، وبني ابن، وبنات ابن، فروى عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وعائشة رضي الله عنهم أنهم جعلوا ما فضل عن الابنتين، بين بني الابن وبنات الابن، للذكر مثل حظ الأنثيين، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وكان ابن مسعود يقول: الفاضل على حق الابنتين للذكران من ولد الابن، دون البنات، وبه قال أبو ثور.

(4/318)


قال أبو بكر: والأول أصح.
م 2246 - واختلفوا في ابنة، وبنى ابن، وبنات ابن، ففى قول زيد بن ثابت: للابنة النصف، وما بقي فبين بني الابن وبنات الابن، للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا قول مالك، والثوري، وأهل المدينة، وأهل الكوفة، وعامة أهل العلم.
وفي قول عبد الله بن مسعود: لابنة النصف، وينظر فيما بقى، فإن كان الذي يصير لبنات الابن إذا قاسم بهن الذكور أقل من السدس، قاسم بهن الذكور، فجعل ما بقي بينهن للذكر مثل حظ الانثيين، فإن كان الذي يصير لهن في المقاسمة السدس فأكثر، أعطاهن [1/ 227/ب] السدس، ولم يقاسم بهن، ولم يزدهن على ذلك، لأن البنات عنده لا يزدن عن الثلثين.
م 2247 - وأجمعوا على أن للابنتين فصاعدا بنت الابن، أو بنات الابن، وابن ابن ابن، أو بني ابن ابن، الثلثين.
م 2248 - واختلفوا فيما يفضل من المال عن الابنتين، فروى عن علي وزيد أنهما قالا: ما فضل عن الابنتين للذكور الذين هم أسفل من بنات الابن، يردون على من فوقهم ومن معهم، ومن [[بحذائهم]] من بنات الابن إن كان [[بحذائهم]]، أو معهم منهن أحد، فيقاسمونهن للذكر مثل حظ الانثيين، وهذا قول مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وبه قال عامة أهل العلم وكان أبو ثور يقول بقول ابن مسعود، وهو أن ما فضل لبنى الابن دون بنات الابن.

(4/319)


3 - باب ميراث الأبوين
قال الله جل ذكره: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} الآية فرض الله لكل واحد من الأبوين مع الولد السدس، وأيهم الولد، فكان الذكر والأنثى فيه سواء.
م 2249 - فإن مات رجل فترك أبناء أبوين، فلأبويه لكل واحد منهما السدس، فان ترك ابنةً وأبوين فللإبنة النصف، وللأبوين السدسان، وما بقى فللأقرب من العمبة، وهو الأب.
(ح 985) وذلك لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ما أبقته الفرائض، فلأولى رجل ذكر.
ولأنهم لا يختلفون أن الله جعل للأم الثلث، وللأب الثلثان إذا لم يكن للميت وارث غير، فإذا ذهب من الحال البعض، وبقي البعض، قسم الذي بقي بينهما على ثلاثة أسهم على أصل فرضهم، فإن ترك بنين، وبنات، فللأبوين السدسان، وما بقي فبين البنين، والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن ترك ابنتين، وأبوين، فللإبنتين الثلثان، وللأبوين السدسان، وميراث الأبوين مع ولد الابن ذكروا كانوا أو إناثاً على ما وصفنا من ميراثهما مع الولد.
فإن ترك ابنة، وابنة ابن، وأبوين، فللابنة النصف، ولإبنة الإبن السدس تكملة الثلثين، وللأبوين السدسان.

(4/320)


فإن ترك بنتا، وبنتى ابن، أو بنات ابن، وأبوين، فللابنة النصف، ولبنات الابن ما كان عددهن السدس، وللأبوين السدسان.
فإن ترك ابنة، وابن ابن، وأبوين، فلابنة النصف، وللأبوين السدسان، وما بقى فلابن الابن، وذلك أنه أقرب العصبات.
فإن ترك ابنة، وابن ابن، وابنة ابن، وأبوين [1/ 228/ألف] فللإبنة النصف، وللأبوين السدسان، وما بقي فبين ابن الابن، أخته للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا كله قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: وقال الله جل ذكره: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} الآية.
م 2250 - فخبر جل ذكره أن الأبوين إذا ورثاه أن للأم الثلث ودل بقوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}، أن للأم الثلث، وأن الباقي وهو الثلثان للأب، وليس في هذا اختلاف، وقال جل ذكره: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} الآية فحجب الأم عن الثلث بالاخوة، ولم يسم لهم ميراثاً، فكان الباقي للأب لقوله جل ذكره: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}.
م 2251 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة لا يرثون مع الأب شيئاً، إلا ما روى عن ابن عباس، أنه كان يقول: السدس الذي يحجب الأخوة الأم هو للأخوة.

(4/321)


4 - باب العدد من الأخوة الذين يحجبون الأم عن الثلث
م2252 - واختلفوا في عدد الأخوة الذين يحجبون الأم عن الثلث.
فقال أكثر أهل العلم: إذا كان للميت اثنان من الأخوة فصاعداً ذكورا أو إناثا من أب وأم، أو من أب، أو من أم، حجبا الأم عن الثلث، وكان لها السدس، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وبه قال مالك وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي، وأصحابه، وعوام أهل العلم، غير ابن عباس فإنه قال: لا تحجب الأم عن الثلث إلا ثلاثة أخوة وصاعدا.
قال أبو بكر:
م 2253 - وقد أجمع أهل العلم على أن رجلاً لو ترك أخاه، وأخته أن المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
وحجتهم فيه قول الله عز وجل: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} الآية، وقال: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} الآية فهما في ذكر الكتاب سواء.

5 - باب ميراث الأبوين مع الزوج أو المرأة
م 2254 - اختلف أهل العلم في رجل توفي وخلف امرأة، وأبوين.

(4/322)


فقالت طائفة: للمرأة الربع، وللأم ثلث ما بقى، وما بقى فللأب، من أربعة أسهم، للمرأة سهم، وللأم سهم، وللأب سهمان، هكذا قال عثمان بن عفان، وابن مسعود، وروى عن علي، وزيد، وبه قال الحسن البصري، ومالك، والثوري، والشافعي.
وقال ابن عباس: للأم ثلث [1/ 228/ب] جميع المال، وما بقى فللأب.
وروى عن شريح أنه قال في زوج، وأبوين، للزوج النصف، وللأم الثلث.
وفيه قول ثالث: قاله محمد بن سيرين قال في رجل ترك امرأته، وأبويه للمرأة الربع، وللأم ثلث جميع المال، وما بقى فللأب.
وقال في امرأة تركت زوجها، وأبويها، للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقى، وما بقى فللأب، وقال: إذا فضل الأب الأم بشيء فإن للأم الثلث.
قال أبو بكر: وهذا قول لا نعلم أحدا قال به، وأصح هذه الأخبار قول عثمان بن عفان.

6 - باب ميراث الزوجين كل واحد منهما من الآخر
قال الله جل ثناؤه: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الآية, وقال. {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} الآية.

(4/323)


م 2255 - وأجمع أهل العلم على أن الرجل يرث من زوجته إذا هي لم تترك ولدا، ولا ولد ابن، النصف، فإن دركت ولدا، أو ولد ابن ذكرا كان أو أنثى، ورثها الزوج الربع لا ينقص منه شيئاً، وترث المرأة من زوجها: إذا هو لم يترك ولدا، ولا ولد ابن الربع، فان ترك ولداً أو ولد ابن ذكر كان أو أنثى ورثت أمرأته الثمن، لا اختلاف بينهم في ذلك.
م 2256 - وأجمعوا على أن حكم الواحدة من الأزواج، والاثنين، والثلاث، والأربع في الربع إن لم يكن له ولد، وفي الثمن إن كان له ولدا واحد، وأنهن شركاء في أي ذلك كان لهن، لأن الله تعالى لم يفرقه بين حكم الواحدة منهن، وبين حكم الجميع كما فرق بين حكم الواحدة من البنات، والواحدة من الأخوات، وبين حكم الجميع منهن.

(4/324)


7 - باب الكلالة
قال الله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} الآية.
قال أبو بكر: فليس قوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} على أن الولد ليس منه الكلالة، لما ذكر أنه يقسم في الكلالة، فقال: "ليس له ولد وله أخت "قد دل الكتاب على أن اسم الكلالة غير واقع على الولد.
م 2257 - وأجمع أهل العلم على القول به، ولا اختلاف بين أهل العلم أعرفه على أن اسم الكلالة واقع على الأخوة والأخوات.
م 2258 - واختلفوا الأب فروى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلى بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، وزيد بن ثابت والحكم، والزهري، أنهم قالوا: الكلالة ما عدا الولد والوالد.
(ح 986) وخبر جاء عبد الله الأنصاري دال على ذلك، قال: قلت: يا رسول الله كيف الميراث إنما يرثني كلالة.
يقال [1/ 229/ألف] أن جابرا لم يكن له يومئذ والد، ولا ولد؛ لأن والده قتل يوم أحد، ونزلت آية الكلالة بعد ذلك.

(4/325)


وقد روى عن عمر بن الخطاب أنه قال: الكلالة من لا ولد له، ولا والد، أوصى بذلك عند موته.

8 - باب ميراث الأخوة من الأم
قال الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} الآية.
وقال جل ثناؤه: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} الآية.
م 2259 - فأجمع أهل العلم على أن الله جل ثناءه أراد بالآية التي في أول النساء الأخوة من الأم، وبالتي في آخرها الأخوة من الأب والأم.
م 2260 - واتفق أهل العلم على أن الأخوة من الأم لا يرثون مع ولد الصلب ذكرا كان أو أثنى، ولا مع ولد الابن وإن سفل ذكرا كان أو أنثى، ولا مع أبي، ولا مع جد أبي الأب وإن بعد.
م 2261 - فإذا لم يترك المتوفى أحدا مما ذكرنا أنهم يحجبون الأخوة من الأم، وترك أخا أو أختا لأم، فله أولها السدس فريضة.
م 2262 - فإن ترك أخا وأختا من أمه فالثلث بينهما سواء، لا فضل للذكر منهما على الأنثى.

(4/326)


م 2263 - وإن ترك أخوة وأخوات من الأم، فالثلث بينهم سواء، لا فضل للذكر منهم على الأنثى، وكل ذلك إجماع.
وقد كان سعد بن مالك يقرأ هذه الآية {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} الآية.

9 - باب من يحجب الأخوة والأخوات من الأب والأم ومن الأب
قال الله جل ذكره: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا} الآية.
م 2264 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة من الأب والأم، ومن الأب ذكورا كانوا أو إناثاً لا يرثون مع الابن، ولا مع ابن الابن وإن سفل، ولا مع الأب.
م 2265 - وأجمع أهل العلم على أنهما مع البنات، وبنات الابن عصبة لهم، ما فضل عندهم فيقتسمونه بينهن للذكر مثل حظ الأنثيين.
م 2266 - واختلفوا في توريث الأخوات إذا لم يكن معهن ذكر مع البنات، فجعل أكثر أهل العلم الأخوات مع البنات عصبة، إلا ابن عباس.

(4/327)


10 - باب ميراث الأخوة والأخوات من الأب والأم، ومن الأب
قال الله جل ذكره: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ [1/ 229/ب] امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} الآية.
ففرض الله في كتابه للواحد، والاثنين من الأخوات، ولم يفرض لما فوق الاثنين من الأخوات في كتابه فرضا منصوصاً.
م 2267 - وأجمع أهل العلم على أن حكم ما فوق الاثنين من الأخوات حكم الاثنين، فإن لهن وإن كثرن الثلثين.
وجاء الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بمثل ما أجمع عليه أهل العلم، من ذلك:
(ح 987) حديث جابر، وكان عند سبع أخوات، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد
أنزل الله في أخواتك، فبين، فجعل لهن الثلثين.
وقال الله جل ثناؤه: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} الآية.
م 2268 - واتفق أهل العلم على أن للأخ من الأب والأم جميع المال.
فإن ترك أخا، وأختا، أو أخوة، وأخوات لأبيه وأمه، فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً}

(4/328)


فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} الآية، في ذلك كله إذا لم يكن معهم أحد ممن له سهم معلوم، فإن كان معهم أحد ممن له سهم معلوم، بدئ بسهمه، وأعطيه، ثم جعل الباقي من المال لهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
م 2269 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة والأخوات من الأب، لا يرثون مع الأخوة والأخوات من الأب والأم شيئاً.
(ح 988) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات، الأخوة للأب والأم أقرب من الأخوة للأب، يتوارثون دون الأخوة للأب.
م 2270 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة والأخوات من الأب يقومون مقام الأخوة والأخوات من الأب والأم، ذكورهم كذكورهم، وإناثهم كإناثهم، إذا لم يكن للميت أخوة ولا أخوات لأب وأم.
م 2271 - وأجمع أهل العلم على أن لا ميراث للأخوات من الأب إذا استكمل الأخوات من الأب والأم، الثلثين، إلا أن يكون معهن ذكر، فإن كان معهن ذكر كان الفاضل عن الأخوات من الأب والأم للأخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في قول ابن مسعود.
م 2272 - وأجمع أهل العلم على أن الأخوة من الأب يرثون ما فضل عن الأخت من الأب والأم.

(4/329)


فإن ترك أختين أو أخوات لأب وأم، فلهن الثلثان، وما فضل فللأخوة من الأب.
فإن ترك أختا لأب وأم، وأختاً أو أخوات لأب، فللأخت من الأب والأم النصف، وللأخت أو الأخوات [1/ 230/ألف] من الأب السدس تكملة الثلثين، وما بقى فللعصبة.
م 2273 - واختلفوا في الأخوة والأخوات من الأب مع الأختين أو الأخوات من الأب والأم فكان زيد بن ثابت يقول: وإن كان بنو الأم والأب امرأتين فأكثر من ذلك من الإناث، فرض لهن الثلثان، ولا ميراث معهن لبنات الأب، إلا أن يكون معهن ذكر من أب، فإن كان معهن ذكر من أب، بدئ بفرائض من كنت له فريضة، فأعطوها، ان فضل بعد ذلك فضل كان بين بني الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن لم يفضل شيء، فلا شيء لهم.
وكان ابن مسعود يجعل ما فضل عن الأخوات للأب والأم للذكور من الأخوة للأب دون الأخوات من الأب.
م 2274 - فإن ترك أخا وأختا لأب وأم، وأخوة وأخوات لأب ففي قول زيد بن ثابت: للأخت من الأب والأم النصف، وما بقى فللأخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك روى عن علي، وعائشة، وبه قال مالك وأهل الدينة، والثوري، والشافعي.
وفي قول ابن مسعود: للأخت من الأب والأم النصف، ويجعل الباقي بين الأخوة والأخوات ما لم يصبهن في المقاسمة أكثر من السدس، فإن أصابهن أكثر من السدس، أعطاهن السدس تكملة الثلثين، ولم يزدهن على ذلك، وبه قال أبو ثور.

(4/330)


11 - باب ميراث الزوج مع الأم والأخوة والأخوات
م 2275 - امرأة ماتت وتركت زوجها، وأمها، وأخاها لأبيها وأمها، فللزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخ ما بقى.
فإن كانت المسألة بحالها، وكانا أخوين أو أخوة لأب وأم، فللزوج النصف، وللأم السدس، وما بقى فبين الأخوين والأخوة للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن تركت امرأة زوجها، وأمها، وأخاها لأمها، فللزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخ من الأم السدس.
فإن تركت زوجا، وأما، وأخوين وأختين لأم، فللزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوين والأختين من الأم الثلث.
فإن تركت زوجا، وأخوين وأختين لأم، فللزوج النصف، وللأخوين والأختين من الأم الثلث، وما بقى للعصبة.
فإن تركت زوجها، وأخوة لأم، وأخا لأب وأم، فللزوج النصف، وللأخوة من الأم الثلث، وما بقى للعصبة.
فإن تركت زوجا وأخوة لأم، وأخا لأب وأم، فللزوج النصف، ولأخوتهما لأمها الثلث، وما بقى فلأخيها لأبيها وأمها.
فإن تركت زوجا، وأما، وأخا [1/ 230/ب] وأختا لأب وأم، فللزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ من الأم السدس، وما بقى بين الأخ والأخت من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن تركت زوجا، وأختا، وأخا لأم، وأخا وأختا لأب، فللزوج النصف، ولأختها وأخيها لأمها الثلث، وما بقى بين أخيها وأختها لأبيها للذكر مثل حظ الأنثيين.

(4/331)


فإن تركت زوجا، وأما، وأخا لأم، وأخا وأختا لأب، فللزوج النصف، وللأم السدس، ولأخيها لأمها السدس، وما بقى فبين الأخ والأخت للأب للذكر مثل حظ الأنثيين.
فان تركت زوجا، وأما، وأختا لأم، وأخا وأختا لأب، فللزوج النصف، وللأم السدس، ولأخيها وأختها من أمها الثلث، وسقط أخوها وأختها من أبيها، لأنهما عصبة ولم يفضل لهما شيء.
م 2276 - فان تركت زوجا، وأما، وستة أخوة متفرقين، فللزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ والأخت من الأم الثلث، وسقط الأخ والأخت من الأب والأم، والأخ والأخت من الأب، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وبه قال عبيد الله بن الحسن، وشريك، ويحيى بن آدم، وأحمد، ونعيم بن حماد، وأبو ثور.
وبه نقول، وذلك لأن هؤلاء أصحاب فرائض، ولم يبق للعصبة شيء، لما أجمعوا على أن للأخ من الأم السدس، ولو كان معه عشرة أخوة لأب ولأم كان لهم السدس، لأنهم عصبة، والأخ من الأم صاحب فريضة، وأن الأب أضربهم في هذه المسأله، فما أنكر منكر أن يضربهم الأب في مسألة أخرى، مع أن هذا مجمع عليه، وإذا اختلفوا في أخرى كان حكمها حكم ما أجمعوا عليه.
(ح 989) وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى
رجل ذكر.
وقد فرض الله عَزَّ وَجَلَّ للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوة من

(4/332)


الأم الثلث، ولم يبقى من المال شيء يكون للعصبة، فيعطى الأخوة من الأب والأم.
وفيه قول ثان: وهو أن يشرك بين بني الأب، والأم مع في الأم في الثلث بينهم الذكر والأنثى فيه سواء، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، ومسروق، وشريح، وبه قال مالك، والشافعي، وإسحاق.

12 - باب ميراث الجدة
(ح 990) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جده أطعم جده سدساً.
ولم يجد للجدة في كتاب الله فرضا.
(ح 991) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أعطاها السدس.
م 2277 - وأجمع أهل العلم على أن للجدة السدس إذا لم يكن للميت أم.
م 2278 - وأجمعوا على أن الأم تحجب أمها، وأم الأب.
م 2279 - وأجمعوا على أن الأب لا يحجب أم الأب.
م 2280 - واختلفوا في توريث الجدة وابنها حي.

(4/333)


فقالت طائفة: لا ترث الجدة وابنها حي، روى هذا القول عن زيد ابن ثابت، وروى عن عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب أنهما قالا ذلك، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وابن جابر، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: تورث الجدة مع ابنها، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وعمران بن حصين، وأبي موسى الأشعري، وبه قال شريح، وجابر بن زيد، وعبيد الله بن الحسن، وشريك، وأحمد، وإسحاق.
وبه نقول، وكما أن الجد لا يحجبه إلا الأب، كذلك الجدة لا تحجبها إلا الأم.
(ح 992) وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه ورث جدة وابنها حي.

13 - باب الجدتين تجتمعان وإحداهما أقرب من الأخرى وهما من وجهين مختلفين
م 2281 - اختلف أهل العلم في الجدتين تجتمعان، وإحداهما أقرب من الأخرى، وهما من وجهين مختلفين.
فقالت طائفة: السدس لأقربهما من أي الوجهين كانت من قبل الأب، أو من قبل الأم، روينا عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت أنهما قالا

(4/334)


في رجل ترك جدتيه قالا: السدس لأقربهما، وقال الثوري: وما قرب من الجدات فهي أحق، وكذلك روى عن ابن سيرين.
وكان أبو ثور يقول: لا ترث إلا جدتان إذا كانتا متحاديين، وقال: هذا لا اختلاف فيه بينهم، فإذا أكثرن، ورثنا الأقرب منهن من كانت.
وقالت طائفة: إذا كانت الجدة التي من قبل الأم أقرب فالسدس لها، وإن كانت التي من قبل الأب أقرب فالسدس بينهما وبين التي من قبل الأم، وروى هذا القول عن زيد بن ثابت، وهي أثبت الروايتين عنه، وبه قال طلحة بن عبد الله بن عوف، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد، وبه قال مالك وأهل المدينة.
وقال قائل: إن الجدات [1/ 231/ب] أمهات فإذا اجتمعن فالسدس لأقربهن، كما أن الآباء إذا اجتمعوا كان أحقهم بالميراث أقربهم، وكذلك البنون والإخوة، وبنو الأخوة وبنو العم، إذا اجتمعوا كان أحقهم بالميراث أقربهم، فكذلك الأمهات.
قال أبو بكر: هذا القول صحيح، وبه أقول.

14 - مسائل من هذا الباب
م 2282 - أجمع أهل العلم على أن الجدتين إذا اجتمعتا، وقربتهما سواء، وكلتاهما ممن يرث، أن السدس بينهما.
م 2283 - وأجمعوا كذلك على أنهما إذا اجتمعتا، وإحداهما أقرب من الأخرى، وهم من وجه واحد، أن السدس لأقربهما.
م 2284 - وأجمعوا على أن الأم تحجب الجدات، كما أن الأب يحجب الأجداد.

(4/335)


فإن مات رجل وترك أمه، وأم أمه، وأم أبيه، فلأمه الثلث، وما بقى فللعصبة، وسقطت الجدتان.
فإن ترك أباه، وأم أمه، فلأم أمه السدس، وما بقى فللأب.
فإن ترك جدته، وابنته، وامرأته، فللابنة النصف، وللجدة السدس، وللمرأة الثمن، وما بقى فللعصبة.
إن ترك أباه، وجدته، وابنته، فللجدة السدس، وللابنة النصف، وما بقى فللأب.
فإن ترك أباه، وجدته، وابنه، فللأب السدس، وللجدة السدس، وما بقى فلابنه.
فإن ترك جدته، وأباه، وبنين وبنات، فللأب السدس، وللجدة السدس، وما بقى فبين البنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.
م 2285 - فإن ترك أباه، وأم أبيه، فلأم أبيه السدس.
(ح 993) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - ورث الجدة السدس.
ولم يخص جدة دون جدة، وما بقى فلأبيه في قول عمر، وعبد الله.
وفي قول زيد: المال للأب، وسقطت الجدة، لأن ابنها معها.
م 2286 - إن ترك جدتيه أم أبيه وأم أمه، وأباه، فلجدتيه السدس، وما بقى فلأبيه في قول عمر، وعبد الله.
وفي قول زيد: لأم أمه السدس، وما بقى فلأبيه، وسقطت أم الأب لأن ابنها حي.
م 2287 - فإن ترك جدتي أمه، وجدتي أبيه، وأباه، فلجدتي أبيه أم أمه، وأم أبيه، وإحدى جدتي أمه السدس، وما بقي فللأب، وسقطت أم أبي أبيه في قياس قول عمر، وعبد الله.

(4/336)


وفي قول زيد: لإحدى جدتي أمه أم أمه السدس، وما بقى فللأب، وسقطت جدتا الأب جميعاً.
م 2288 - فإن ترك جدتي أبيه، وجده، فلجدتي أبيه السدس، وما بقى فللجد في قول عمر، وعبد الله.
وفي قول زيد بن ثابت لإحدى [1/ 232/ألف] جدتي لأبيه أم أمه السدس، وما بقى فللجد، وسقطت أم الجد، لأن ابنها حي.
م 2289 - فإن ترك ثلاث جدات قرابتهن سواء، وجدا، فللجدات الثلاث السدس بينهن، وما بقى فللجد في قول عمر، وعبد الله.
وفي قول زيد: السدس بين أم أم الأولاد، وأم أم الأب نصفين، وما بقى فللجد، وسقطت أم أب الأب؛ لأن ابنها حي.

15 - باب عدد من يرث من الجدات
م 2290 - اختلف أهل العلم في عدد من يرث من الجدات، فروى عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت أنهما كانا يورثان ثلاث جدات، ثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، وكانا يجعلان السدس لأقربهما.
وروينا عن ابن عباس، وجابر بن زيد، والحسن البصري، وابن سرين، أنهم كانوا يورثون أربع جدات.
وكان مسروق، وقتادة يورثان ثلاث جدات، ويطرحان أم أبي الأم.
وكان الثوري يقول: إذا اجتمع الجدات فكن ثلاثاً أو أربعاً، وكن سواء إلى الرجل، فالسدس بينهن، وقال أحمد: يرث من الجدات ثلاث، ثنتان من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، وبه قال إسحاق، وهي أم أم أبيه، وأم أبي أبيه، وأم أم أمه، وسقطت أم أبي الأم.

(4/337)


وقالت طائفة: لا يورث أكثر من جدتين روى هذا القول عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقال الزهري: لا نعلم ورث في الإسلام إلا جدتين، وكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون ذلك.
م 2291 - وكل جدة إذا انتسبت إلى المتوفى، وقع في نسبها أب بين أمين، فليست ترث في قول من يحفظ عنه من أهل العلم.
م 2292 - وأجمع عوام أهل العلم على أن الجدة لا تزاد على السدس.

16 - باب العول
م 2293 - اختلف أهل العلم في إعالة الفرائض فقال أكثرهم: الفرائض تعول، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وبه قال مالك وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، ونعيم، وحماد، وأبو ثور، وكل من يحفظ عنه من أهل العلم، غير ابن عباس فإنه قال: أول من أعال الفرائض عمر بن الخطاب، وأيم الله لو قدم من قدم الله، وأخر من أخر الله ما عالت فريضة، فقيل له: فأيها يا ابن عباس قدم الله وأيها أخر، فقال: كل فريضة لم يهبطها الله عن فريضة إلا إلى فريضة، فهذا ما قدم الله، وأما ما أخر فكل فريضة إذا زالت عن [1/ 232/ب] فرضها لم يكن لها إلا ما بقى، فتلك التي أخر الله.
فأما الذي قدم فالزوج له النصف، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع، لا يزيله عنه شيء، والزوجة لها الربع، فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن، لا يزيله عنه شيء، والزوجة لها الربع، فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن، لا يزيلها عنه شيء، والأم لها الثلث إذا زالت عنه

(4/338)


شيء من الفرائض دخل عليها، صارت إلى السدس لا يزيلها عنه شيء، فهذه الفرائض التي قدم الله والتي أخر، فريضة الأخوات والبنات لها النصف والثلثان، النصف للواحدة، ولما فوق ذلك الثلثان، فإذا أزالهن الفرائض لم يكن لها إلا ما بقى، إذا اجتمع من قدم الله ومن أخر، بدئ بمن قدم الله، فأعطى حقه مكملا، فإن بقى شيء كان لمن أخر، وإن لم يبق شيء فلا شيء له، فقال زفر يعني أوس البصري لابن عباس: فما منعك يا ابن عباس أن تشير بهذا الرأي على عمر؟ فقال هبته.

17 - مسائل من هذا الباب
م 2294 - امرأة ماتت وتركت زوجها، وأختها لأبيها وأمها، أو لأبيها، فالمال بينهم على سبعة، للزوج ثلاثة أسباع، وللأختين أربعة أسباع المال، لكل أخت سبعا المال في قول من أعال الفرائض.
وفي قول ابن عباس: للزوج النصف، والباقي للأختين.
م 2295 - فإن تركت زوجا، وأما، وأختا فالمال بينهم على ثمانية ثلاثة أسهم، للزوج ثلاثة أثمان المال، وللأخت مثل ما للزوج، وللأم ربع المال في قول من رأى أن يعول الفرائض، وفي قول ابن عباس: للزوج النصف، وللأم الثلث، وما بقى فللأخت.
م 2296 - فإن تركت زوجا، وأما، وأختين لأب وأم، فالمال بينهم على ثمانية، للزوج ثلاثة أثمان المال، وللأم ثمن المال، وللأختين نصف المال بينهما نصفين قول من أعال الفرائض، وفي قياس قول ابن عباس: الزوج النصف، وللأم الثلث، وما بقى فللأختين.

(4/339)


م 2297 - فإن تركت زوجا، وأختا لأب وأم، وأختا لأب فالمال بينهم على سبعة، للزوج ثلاثة أسباع المال، وللأخت للأب والأم مثل ذلك، وللأخت للأب سبع المال في قول من أعال الفرائض.
وفي قياس قول ابن عباس: للزوج النصف، وفي باقي المال قولان:
أحدهما أنه بين الأختين على أربعة، والآخر أنه للأخت للأب والأم.
م 2298 - فإن تركت زوجا، وأختين لأب وأم، وأختين لأم، المال بينهم على تسعة، للزوج ثلث المال، وللأختين للأب والأم أربعة أتساع المال، وللأختين للأم تسعاً المال في قول أعال الفرائض.
م 2299 - إن تركت زوجا، وأما، وأختين لأب وأم، وأختين لأم، فللزوج ثلالة أسهم من عشرة [1/ 233/ألف] أسهم، ولأم سهم من عشرة أسهم، وللأختين للأب والأم أربعة أسهم من عشرة أسهم وللأختين للأم سهمان.
وفي قياس قول ابن عباس: للزوج النصف، وللأم السدس، وللأختين من الأم الثلث، وسقط الأختان من الأب والأم حكاية يحيى بن آدم.
م 2300 - فإن مات رجل وترك ابنتين، وأبوين، وامرأة، فهي من سبعة وعشرين سهما، للابنتين ستة عشر سهما، وللأبوين ثمانية أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم، في قول من رأي أن الفريضة تعول.
وقياس قول ابن عباس للأبوين السدسان، وللمرأة الثمن، وما بقى فللابنتين.
م 2301 - إن ترك ابنة، وابنة ابن، وأبوين، وامرأة، قسم المال بينهم على سبعة وعشرين سهما، للابنة اثنا عشر سهما، ولابنة، الابن أربعة أسهم، وللأبوين ثمانية أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم في قول من رأي العول.

(4/340)


وفي قياس قول ابن عباس: للأبوين السدسان، وللمرأة الثمن، وفيما بقى قولان: أحدهما أنه بين الابنة وابنة الابن على أربعة، للابنة ثلاثة أسهم، ولابنة الابن سهم، والقول الثاني: إن ما بقى فلابنته دون ابنة الابن.
م 2302 - فإن ماتت امرأة وتركت ابنتها، وزوجها، وأبويها، فالمال بينهم على ثلاثة عشر سهما، للابنة ستة أسهم، وللأبوين أربعة أسهم، وللزوج ثلاثة أسهم، في قول من رأى العول.
وفي قياس قول ابن عباس: للزوج الربع، وللأبوين السدسان، وما بقى فللابنة،
م 2303 - فإن تركت ابنتها، وابنة ابنها، وزوجها، وأبويها، فالمال بينهم على خمسة عشر سهما، للابنة ستة أسهم وذلك خمسا، ولابنة الابن سهمان وذلك ثلثا خمس المال، وللأبوين أربعة أسهم وذلك خمس المال وثلث خمس المال، وللزوج ثلاثة أسهم وذلك خمس المال في قول من رأى أن الفرائص تعول.
وقول ابن عباس: للزوج الربع، وللأبوين السدسان، وفي باقي المال قولان: أحدهما أن بين الابنة وابنة الابن علي أربعة، والقول الثاني: أن ما بقى للابنة وحدها.
م 2304 - فإن مات رجل وترك أختين لأب وأم، وأختين لأم، وامرأة، فإن للأختين من الأب والأم ثمانية أسهم من خمسة عشر سهما، وللأختين من الأم أربعة أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم وهو خمس المال.
وفي قياس قول ابن عباس: للمرأة الربع، وللأختين من الأم الثلث، وما بقي فللأختين من الأب والأم.

(4/341)


18 - باب توريث الجد
(ح 994) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم -[1/ 233/ب] عليه وسلم أنه أعطى جداً السدس.
م 2305 - وأجمع أهل العلم من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على أن الجد أبا الأب لا يحجبه عن الميراث غير الأب.
م 2306 - وأنزلوا الجد بمنزلة الأب في الحجب، والميراث إذا لم يترك المتوفى أبا أقرب منه في جميع المواضع، إلا مع الأخوة، فإنهم اختلفوا في ذلك بعد وفاة أبي بكر الصديق، فأما أيام حياته، فلا نعلم أحدا خالفه في قوله.
م 2307 - واختلف أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بعدا جماعهم على ما ذكرنا في ميراث الجد مع الأخوة، فكان أبو بكر الصديق يجعل الجد أبا، وقال بمثل قول عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وروى ذلك عن عثمان بن عفان، وبه قال قتادة، وإسحاق، وأبو ثور، ونعيم، وحماد، والنعمان.
واختلفت الأخبار عن عمر بن الخطاب في هذا الباب، فثبت عنه أنه قال: أجرأكم على الجد أجرأكم على النار، وقال عبيدة: لقد حفظت عن عمر بن الخطاب في الجد مائة فضية تخالف بعضها بعضا.
وقال سعيد بن جبير: كتب عمر بن الخطاب في الجد، والكلالة كتاب حتى إذا طعن، دعا بالكتاب فمحاه وقال: إني كتبت في الجد، والكلالة كتاباً، وكنت استخير الله فيه، فرأيت أن أترككم على ما كنتم عليه.

(4/342)


19 - قول علي بن أبي طالب في الجد
المعروف عند أهل العلم بالفرائض من قول علي بن أبي طالب أنه كان يقاسم بالجد الأخوة للأب والأم إذا كانوا ذكوراً، أو ذكورا وإناثا إلى السدس، ولا ينقصه عن السدس.
فإذا اجتمع أخوة لأب وأم ذكورا، أو ذكورا وإناثا، وأخوة لأب، وجد، قاسم بالجد الأخوة للأب والأم، ولم يدخل الأخوة للأب في المقاسمة ولم يعتد بهم.
وإن لم يكن للميت أخوة لأب وأم، وكان له أخوة لأب ذكورا، أو ذكورا وإناثا أقامهم مقام الأخوة للأب والأم مع الجد.
فإن لم يترك الميت أخوة لأب وأم، وترك أخوات لا ذكر معهن، أعطاهن فرائضهن، ولم يقاسم بهن الجد، وجعل ما فضل عنهن للجد، وكذلك إن كان معهن أصحاب فرائض، أعطى أصحاب الفرائض [1/ 234/ألف] فرائضهم، وجعل ما فضل للجد إن كان الفاضل السدس أو أكثر من ذلك، فإن كان أقل من السدس ضرب له بالسدس معهم.
إن ترك أصحاب فرائض، واخوة لأب وأم، أو لأب، أعطى أصحاب الفرائض فرائضهن، وقاسم بالجد الأخوة إن كانوا لأب ولأم، أو لأب فيما بقى، إلا أن يكون السدس خيرا، فإذا كان السدس خيرا له أعطاه السدس.
فإن ترك أختا، وأخوات لأب وأم، وأخوة وأخوات لأب، أعطى الأخت أو الأخوات من الأب والأم فرائضهم، وقاسم الجد الأخوة للأب ذكورا كانوا أو إناثا فيما بقى، إلا أن يكون السدس خيرا له، وكان لا يزيد الجد مع الولد ذكرا كان أو أنثى على السدس، إلا أن يكون معه

(4/343)


غيره من الأخوة والأخوات، فإذا لم يكن معه غيره منهم جعل ما بقى للجد، وكان ابن أبي ليلى يقول بقول علي بن أبي طالب.

20 - قول عبد الله بن مسعود في الجد
المعروف عند أهل الفرائض أن عبد الله بن مسعود كان يقاسم بالجد الأخوة للأب والأم ذكورا كانوا أو ذكورا وإناثا إلى الثلث، وكان لا يدخل الأخوة من الأب مع الأخوة للأب والأم في المقاسمة ولا يعتد بهم.
فإن لم يكن للميت أخوة، ولا أخوات لأب وأم، أقام الأخوة للأب ذكورا كانوا أم ذكوراً وإناثاً مقام الأخوة من الأب والأم، فقاسم بهم الجد كمقاسمة إياه بالأخوة للأب والأم، وكان يعطى الأخوات إذا لم يكن معهن ذكر فرائضهن، ولا يقاسم بهن الجد، وكان لا يورث الأخوة من الأب ذكورا كانوا أم ذكروا وإناثا مع الأخت أو الأخوات للأب والأم مع الجد شيئاً، ويجعل الفاضل بعد نصيب الأخت أو الأخوات للجد.
وإذا كان الجد أصحاب فرائض، أعطى أصحاب الفرائض فرائضهم، وقاسم بالجدة الأخوة ذكوراً كانوا أو ذكوراً وإناثاً، فأعطى الجد أي الخصال الثلاث كان خيرا له، المقاسمة، أو ثلث ما يبقى، أو سدس جميع المال.
وكان لا يفضل أما على جد، وكان يسوى بين الأخت الواحدة والجد مع الابنة أو البنات، فيصير الفاضل بعد نصيب البنت أو البنات بين الأخت والجد نصفين.
فإذا زادت الأخوات على واحدة، جعل ما بقى بعد نصيب الابنة أو البنات، بينهن وبين الجد للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا أن يكون

(4/344)


السدس خيرا له من المقاسمة، فإذا كان السدس خيرا له من المقاسمة أعطاه السدس.

21 - قول زيد بن [1/ 234/ب] ثابت ومن قال بمثل قوله في الجد
المعروف عند أهل المدينة من قول زيد بن ثابت، ومن معنى قوله: إن ميراث الجد [[أبي]] الأب إنه لا يرث مع الأب شيئاً وهو مع الولد، ومع ابن الابن يفرض له السدس، وفيما سوى ذلك ما لم يترك المتوفى أخا، أو أختا من أبيه يخلف الجد ويبدأ [[بأحد]] إن شركه من أهل الفرائض، فيعطى فريضته، وإن فضل من المال السدس أو أكثر منه كان للجد، وإن لم يفضل السدس أو أكثر منه فرض للجد السدس فريضة.
قال: وميراث الجد أبي الأب مع الأخوة من الأب والأم أنهم يخلفون ويبدأ [[بأحد]] إن شركهم من أهل الفرائض ويعطون فرائضهم، فما بقى للجد والأخوة من شيء، فإنه ينظر في ذلك ويحسب أيتا أفضل لحظ الجد، الثلث مما يحصل له وللأخوة، أم يكون أخا ويقاسم الأخوة فيما يحصل لهم وله للذكر مثل حظ الأنثيين، أم السدس من رأس المال كله فارغا، فأي ذلك أفضل بحظ الجد أعطيه الجد، وكان ما بقي بعد ذلك بين الأخوة للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا في فريضة واحدة يكون قسمتهم فيها على غير ذلك.
وهي امرأة توفيت وتركت زوجها، وأمها جدها، وأختها لأبيها، قال: فيفرض للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، ولأختها النصف قال: ثم يجمع سدس الجد ونصف الأخت، ويقسم كله أثلاثا، للجد منه الثلثان وللأخت الثلث.

(4/345)


قال: وميراث الأخوة من الأب مع الجد إذا لم يكن معهم أخ لأب وأم، كميراث الأخوة من الأب والأم سواء ذكرهم كذكرهم وأنثاهم كأنثاهم.
فإذا اجتمع الأخوة من الأم والأب، والإخوة من الأب مع الجد إذا لم يكن معهم أخ لأب وأم كميراث، فإن بني الأم والأب يعادّون الجد ببني أمهم، فيمنعونه كثرة الميراث، فما حصل للأخوة بعد حظ الجد من شيء، فإنه يكون لبني الأب والأم خاصة، دون بني الاب، ولا يكون لبني الأب فيه شيء، إلا أن يكون بنو الأب والأم إنما هي واحدة، إن كانت امرأة واحدة فإنها تعاد الجد ببني أبيها ما كانوا، فما حصل لها ولهم من شيء، كان لها دونهم ما بينها وبين أن يستكمل نصف المال كله، فإن كان فيها يحاز لها ولهم فضل عن نصف المال كله، فإن ذلك الفضل يكون بين بني الأب للذكر مثل [1/ 235/ألف] حظ الأنثيين، فإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم، وممن قال في الجد بقول زيد بن ثابت، مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وبعض أصحاب الرأي.

22 - باب حجع القائلين بقول أبي بكر الصديق
قال الله عز وجل: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ} الآية، فسمى الجد أبا.
وقال: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} الآية.

(4/346)


وذكر عن يعقوب أنه قال لبنية: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا} الآية.
قال جل ذكره: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} الآية و {يَا بَنِي آدَمَ} الآية، فمن كان من أبناء آدم فآدم أبوه، ومن كان أبناء لإسرائيل فإسرائيل أبوه.
(ح 995) واحتجوا بقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: يا بني إسماعيل ارموا فإن أباكم كان رامياً.
(ح 996) وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: سام أبو العرب، وهام أبو الحبش، ويافث أبو الروم.
قالوا ووجدناه والدا وأبا عند العرب، ووجدنا أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -، وسائر أهل العلم قد اتفقوا على أن حكم الجد حكم الأب في غير موضع، من ذلك:
م 2308 - إجماعهم على أن الأخوة من الأم لا يرثون مع ولد، ولا والد.
م 2309 - وأجمعوا على أن الجد يحجبهم عن الميراث عن يحجبهم الأب، والقياس أن يحجب الأخوة من الأب والأم إذا كان أبا، كما حجب

(4/347)


الأخوة من الأم، وحجة أخرى.
م 2310 - وأجمعوا على أن من ترك ابنا، وأبا، أن للأب السدس، وما بقي فللابن، وكذلك جعلوا حكم الجد مع الابن كحكم الأب.
م 2311 - وأجمعوا على أن الجد يضرب له من أصحاب الفرائض بالسدس، كما يضرب للأب وإن عالت الفريضة، وللأب مع ابن الأب (1) السدس، وكذلك للجد معه مثل ما للأب.
وقال الله عز وجل: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} الآية، ومن المحال أن يكون لي ولد، ولا أكون له والدا، وباقي الحجج بينتها في كتاب الأوسط.

23 - باب توريث العصبات
(ح 997) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: والذي نفسي بيده، إن على الأرض مؤمن إلا أنا أولى الناس به، من ترك دينا، أو ضياعا فإلي، ومن ترك مالاً فهو للعصبة من كان.
(ح 998) وثبت أنه قال: الحقوا الفرائض [1/ 235/ب] بأهلها، فهو لأولى رجل ذكر.
__________
(1) في الأصل "مع الابن" والتصحيح من حاشية المخطوطة.

(4/348)


24 - باب منازل العصبات على قول زيد بن ثابت
قال أبو بكر: معروف عند أهل المدينة من قول زيد بن ثابت، ومن معاني قوله:
م 2312 - أن الأخ للأب والأم أولى بالميراث من الأخ للأب، والأخ بالأب أولى بالميراث من ابن الأخ للأب والأم، وابن الأخ للأب والأم، أولى بالميراث من ابن الأخ للأب، وابن الأخ للأب أولى من ابن أخي الأب للأب والأم.
والعم أخو الأب للأب والأم أولى من العم أخي الأب للأب، والعم أخو الأب للأب أولى من ابن العم أخي الأب للأب والأم، وابن العم للأب أولى من عم الأب أخي الأب للأب والأم.
قال: وكل شيء سئلت عنه من ميراث العصبة فأجب على نحو هذا مما سئلت عنه من ذلك، والنسب للمتوفى، وانسب من ينازع في الولاية إليه من عصبة، فان وجدت أحدا منهم يلقي المتوفى إلى أب، لا يلقاه من سواه منهم إلا إلى أب فوق ذلك، فاجعل الميراث للذي يلقاه إلى الأب الأدنى دون الأخرين، وإذا وجدتهم كلهم يلقونه إلى أب واحد يجمعهم جميعاً، فانظر أقعدهم من النسب.
وإن كان ابن أب فقط، فاجعل الميراث له دون الأطرف، وإن كان الأطرف ابن أب وأم، ان وجدتم مستويين يتناسبون في عدد الآباء إلى عدد واحد، حتى يلقوا النسب للمتوفى، وكانوا كلهم بنو أب، أو بني أب وأم، فاجعل الميراث بينهم بالسواء.

(4/349)


وإن كان والد بعضهم أخا والد ذلك المتوفى لأمه وأبيه، وكان والد من سواه إنما هم أخوة والد ذلك المتوفى لأبيه فقط، فإن الميراث لبني الأب والأم دون بني الأب.
قال: والجد أبي الأب أولى من ابن الأخ للأب والأم، وأولى من العم أخي الأب للأب والأم.
قال: ولا يرث ابن الأخ للأم برحمه تلك شيئا، ولا الجد يعني أبا الأم
برحمه تلك شيئا، ولا العم أخو الأب للأم يرث برحمة تلك شيئا، ولا الأخ يرث برحمه تلك شيئا.
ولا ترث الجدة أم الأب ولا ابنة الأخ للأب [1/ 236/ألف] والأم، ولا العمة أخت الأب للأب والأم، ولا الخالة، ولا من هو أبعد نسبا من المتوفى ممن سمى في هذا الباب، لا يرث أحد منهم برحمة تلك شيئاً.
قال أبو بكر:
(ح 999) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - جعل المال للعصبة.
م 2313 - وأجمع أهل العلم على القول به، وهذا إذا لم يدع الميت أحدا ممن له فريضة معلومة.
فإن ترك الميت من له فريضتة أعطى فريضته، فإن فضل من المال فضل، كان ذلك بعد الفرض للعصبة من كان عصبته، وإن كثروا إذا كانوا في القعود إلى الميت سواء، فإن كان بعضهم أقرب من بعض، كان الأقرب أولي، وذلك:
(ح 1000) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم - عليه وسلم: الحقوا الفرائض بأهلها، وما بقي فلأولى رجل ذكر.

(4/350)


قال أبو بكر: وقد استغنيت بما ذكرته من قول زيد بن ثابت ومعانيه في تفسير العصبات، ومنازلهم عن إعادته، إذ في ذلك مقنع لمن نظر فيه وفهمه، وأهل العلم مجمعون على القول بجملته، ومختلفون في بعض فروعه.
م 2314 - فمما اختلفوا فيه: إذا خلف الميت ابني عم، أحدهما أخ لأم.
فقالت طائفة: الأخ للأم أولى بالميراث، روى ذلك عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وبه قال الحسن البصري، وأبو ثور.
وقالت طائفة: يعطى الأخ من الأم سهمه، ويقسم الباقي بينهما، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق.
وقد احتج بعض من يقول بقول ابن مسعود، بأنهم قد أجمعوا في رجل مات وترك أخوين أحدهما لأب وأم، والآخر لأب، أن المال للأخ للأب والأم؛ لأنه أقرب بأم ولم يجعلوا للأخ من الأب والأم من السدس، لأنه أخ لأم، ثم يقسمون المال بينهما لأنهما أخوان لأب، فكذلك ابنا العم إذا كان أحدهما أخ لأم، فالمال له قياسا على ما أجمعوا عليه من الأخوين.

25 - باب ميراث الأخوات مع البنات
م 2315 - واختلفوا في ميراث الأخوات مع البنات، فقال أكثر أهل العلم في ابنه، وأخت لأب وأم، أو لأب، أن للابنة النصف، وللأخت النصف، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، ومعاذ بن

(4/351)


جبل، وبه قال مالك وأهل المدينة، والثوري وأهل العراق [1/ 236/ب] وأحمد، وإسحاق.
(ح 1001) واحتج بعضهم بخبر ابن مسعود عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قضى في رجل ترك ابنة، وابنة ابنه، وأخته، فجعل للابنة النصف، ولابنة الابن السدس، وما بقى فللأخت.
وبه نقول.
وخالف ابن عباس ذلك فقال في رجل مات وترك بنته، وأخته لأبيه وأمه: لابنته النصف، وليس لأخته شيء، وما بقي هو للعصبة.
وقد كان ابن الزبير يقول بقول ابن عباس، ثم رجع عنه لما بلغه ما قضى به معاذ: أن للابنة النصف، وللأخت النصف، وقال الأسود بن يزيد: أنت رسولي إلى عبد الله بن عقبة بأن يقضي بذلك.

26 - باب ميراث الملاعنة
(ح 1002) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فرق بين المتلاعنين، وألحق الولد بالمرأة.
قال أبو بكر: لما ألحق النبي- صلى الله عليه وسلم - وابن اللاعنة بأمه، ونفاه عن أبيه، ثبت (1) أن لا عصبة له، ولا وارث من قبل أبيه.
م 2316 - وأجمع أهل العلم على أن ابن الملاعنة إذا توفي وخلف أمه، وزوجته، وولدا ذكورا وإناثا، أن ماله مقسوم بينهم على قدر مواريثهم.
__________
(1) في الأصل "وثبت".

(4/352)


م 2317 - فإن ترك ورثة يستحقون بعض المال ولا يستوعبون جميع المال ففي ذلك اختلاف.
فقالت طائفة: يكون ما فضل عن أصحاب الفرائض لعصبة أمه، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقال الشعى: يرثه أقرب الناس إلى أمه، وقال الحكم، وحماد: يرثه من يرث أمه.
وقال الثوري: إذا ترك ابنته، وخالته، ليس للخالة شيء ما بقى عن البنت فللعصبة من أمه، وقال أحمد: ترثه أمه وعصبة أمه.
وقالت طائفة: يقسم ماله بين أصحاب الفرائض، فإن فضل من ذلك فضل كان لأمه، روى عن ابن مسعود أنه قال: الأم عصبة من لا عصبة له، وعن ابن عمر أنه قال: عصبته يرثها وترثه، وروينا عن مكحول أنه قال: ابن الملاعنة ترثه أمه ميراثه كله، وعن الشعبي أنه قال: يرث ابن الملاعنة أمه، فإذا مات (1)، ورثه من كان يرث أمه.
وقالت طائفة: إن كانت أمه مولاة كان ما بقي لمواليها، وإن كانت عربية كان ما بقي لبيت المال، هذا قول الزهري، ومالك، والشافعي، وأبي ثور.
وقد روى عن زيد بن ثابت أنه قال: لأمه الثلث، ولأخته السدس، وما بقى فلبيت المال، وقال أصحاب الرأي: يعطى أصحاب الفرائض فرائضهم، ورد ما فضل عليهم على قدر سهامهم إذا كانوا من ذوي الأرحام، قالوا: فإن لم يترك ابن الملاعنة وارثا ذا سهم، وترك قرابات من قبل أبيه، ليسوا بأصحاب فرائض [1/ 237/ألف] فإنهم يورثون،
__________
(1) في الأصل "ماتت".

(4/353)


كما يورث ذوو الأرحام في غير باب ابن الملاعنة، ولا يكون عصبة أمه عصبة له؛ لأن العصبات إنما يكون من قبل الأب، لا من قبل الأم.

27 - باب ميراث ولد الزنا
م 2318 - أكثر أهل العلم يرون أن حكم ولد الزنا حكم ولد الملاعنة، إذ لا [[أرث]] له، ولا لابن الملاعنة، هذا قول عطاء، والثوري، والزهري، وبعض المدنيين.

28 - باب ميراث المسلم من الكافر والكافر من المسلم
قال الله جل ذكره: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} الآية، فكان الذي يجب على ظاهر هذه الآية أن يكون الميراث لجميع الأولاد المؤمن منهم والكافر، فلما:
(ح 1003) ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.
علم أن الله أراد بعض الأولاد دون بعض، فلا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم على ظاهر الحديث.
م 2319 - وممن روى عنه أنه قال ذلك عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي ومن تبعهم.

(4/354)


وقد رويت أخبار عن معاوية بن أبي سفيان، ومعاذ بن جبل، والنخعي، بأن المسلم يرث الكافر، وكان إسحاق بن راهوية يميل إلى حديث معاذ.
قال أبو بكر: القول اللازم القول الأول، لثبوته عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

29 - باب ميراث المرتد
م 2320 - واختلفوا في ميراث المرتد.
فقالت طائفة: ميراثه لورثته من المسلمين، روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وعبد الله، وبه قال ابن المسيب، والحسن البصري، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والحكم، والأوزاعي، وإسحاق.
وقالت طائفة: لا يرث المرتد ورثته من المسلمين، ولا يرثهم لأنه كافر.
(ح 1004) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: لا يرث المسلم الكافر.
هذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبي ثور.
وفيه قول ثالث: وهو أن ميراثه لورثته من المسلمين، وما أصاب في ارتداده فهو فيء للمسلمين هكذا قال الثوري، وقال أحمد: ميراثه للمسلمين؛ لأن دمه كان مباحا، وضعف حديث علي.
قال أبو بكر: قول مالك، والشافعي، صحيح لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: لا يرث السلم الكافر.

(4/355)


30 - باب ميراث القاتل
م 2321 - أجمع أهل العم على القاتل عمداً لا يرث من المال من قتله، ولا من ديته شيئا.
م 2322 - وأجمع أهل العلم على أن القاتل خطأ لا يرث من دية من قتله شيئاً.
م 2323 - واختلفوا في ميراث القاتل من مال من قتله خطأ سوى ديته.
قالت طائفة: يرث من ماله، ولا يرث من ديته شيئا كذلك قال ابن المسيب، وعطاء، ومجاهد، والزهري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، ومالك بن أنس، وإسحاق، وأبو ثور.
واحتج بأن ميراث من ورثه الله في كتابه ثابت، لا يستثنى منه إلا بسنة، أو إجماع، فمن أجمعوا على أنه لا يرث مستثنى بالأجماع، وكل مختلف فيه فمردود إلى ظاهر الآيات اللواتي فيها المواريث.
وقالت طائفة: لا يرث القائل عمدا، ولا خطأ شيئا، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وروى عن ابن عباس، والحسن البصري، وطاؤس أن القاتل لا يرث شيئا هذا قول الثورى، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: قول ابن المسيب صحيح.

31 - باب ميراث المملوك
قال أبو بكر:
م 2324 - قال أكثر أهل العلم أن المماليك لا يحجبون، ولا يرثون، روى ذلك

(4/356)


من علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقالوا: لا يحجب من لا يرث.
وقد روى عن ابن مسعود أنه قال في رجل مات وترك أباه مملوكا، قال: يشتري من ماله، فيعتق، ثم يورث، قال: وكان الحسن البصري يقوله.
قال أبو بكر: القول الأول أصحح؛ لأن الميراث قد صار لأهله بالموت.

32 - باب الرجل يسلم على ميراث قبل أن يقسم، أو العبد يعتق قيل الميراث
م 2325 - اختلف أهل العلم في الرجل يسلم علي ميراث قبل أن يقسم.
قالت طائفة: صار الميراث لأهله روى هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن المسيب، والنخعي، وبه قال الحكم، وحماد، والشافعي، وأبو ثور.
م 2326 - وقال الزهري في العبد يعتق على الميراث: ليس له شيء.
وقالت طائفة: من أسلم على ميراث قبل أن يقسم، فله نصيبه، يروى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعثمان، ولايصح ذلك عنهما، وبه قال الحسن، وعكرمة.
وقال الحسن البصري، وجابر بن زيد في العهد يعتق قبل أن يقسم الميراث كذلك.
قال أبو بكر: ويالقول الأول أقول.

(4/357)


(ح 1005) لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: لا يرث المسلم [1/ 238/ألف] الكافر. فإذا انتقل ملك المسلم عن ماله إلى من هو على دينه، ثبت ملكه، ولا يجوز إزالة ما ملكه له إلا بحجة.

33 - باب مواريث أهل الذمة
م 2327 - اختلف أهل العلم في النصراني يترك ورثته يهودا، وفي اليهودي يدع ورثة نصارى، أو مجوسا.
فقالت طائفة: الإسلام ملة، والشرك ملة، يرث أهل الإسلام بعضهم بعضا، وكذلك أهل الشرك يرث بعضهم بعضا، هذا قول الحكم، وحماد، وابن شبرمة، والثوري، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: اليهودية ملة، والنصرانية ملة، والمجوسية ملة، لا يرث بعضهم بعضا، ولكن يرث النصراني النصراني، ولا يرث اليهودي النصراني، هذا قول الزهري، وربيعة، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق.
قال أبو بكر: والقول الأول أصح؛ لأن مواريث الآباء من الأبناء، والأبناء من الآباء مذكور في الكتاب ذكرا عاما، إلا ما استثناه رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، من منع المسلم ميراثه من الكافر، ومنع الكافر ميراثه من المسلم، وكل مختلف فيه بعد ذلك، فمردود إلى ظاهر الكتاب.

(4/358)


34 - باب ميراث المجوس
م 2328 - واختلفوا في ميراث المجوس.
فقالت طائفة: يورث من مكانين، روي ذلك عن علي، وابن مسعود، وبه قال قتادة، والثوري، وأحمد، وإسحاق.
وقال الزهري، ومالك، والشافعي: ولا يرث المجوس إلا من وجه واحد.
وقد احتج بعض من يميل إلى القول الأول، بأن الرجل إذا تزوج ابنته، وهو لا يعلم، فولدت له، ثم علم، فاعتزلها، فالحد عنه ساقط، والولد لا حق به.
أو كان مجوسيا ففعل ذلك، ثم أسلما، فابنته هي أم الولد، وهي أخته لأبيه، بان مات الولد وتركها، فقد ترك أمه وهي أخته لأبيه، وقد فرض الله للأم الثلث، وللأخت النصف، فلها الثلث من قبل أنها أم، والنصف من قبل أنها أخت، فتكون لها خمسة أسداس المال، وما بقي فللعصبة، وهذه ما كانت أختا قط، ألا وهي أم، ولا تكون أم في المستقبل أبداً إلا كذلك.

35 - باب الطفل يسلم أحد أبويه
م 2329 - أجمع أهل العلم على أن حكم الطفل حكم أبويه، إن كانا [1/ 238/ب] مسلمين فحكمه حكم أهل الإسلام، وإن كانا مشركين

(4/359)


فحكمه حكم أهل الشرك، يرثهم ويرثونه، ويحكم في ديته إن قتل، حكم دية أبويه.
م 2330 - واختلفوا في حكم الولد الطفل الذي أسلم أحد أبويه، فقال أكثر أهل العلم: حكمه حكم المسلم منهما، هذا قول الحسن، والنخعي، والحكم، وحماد، والثوري، والشافعي، وأحمد.
وقال مالك: إن أسلم أبو الطفل صار الولد مسلما بإسلامه، وانتقل عن حكمه الذي كان عليه، وإن أسلمت أمه لم ينتقل عما كان عليه، هذا قول مالك.
وفيه قول ثالث: وهو أن حكم الولد حكم الأم، وإن أسلمت صار مسلما، وإن أسلم الأب لم يكن مسلما بإسلامه، كما يكون في الحرية، والرق دون الأب.

36 - باب ميراث الأسير
م 2331 - اختلف أهل العلم في ميراث الأسير.
فقالت طائفة: ميراثه ثابت، روى هذا القول عن شريح، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وبه قال الزهري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأكثر أهل العلم.
وبه نقول؛ لأنه داخل في جملة المسلمين الذين أحمد المسلمين جارية عليهم.
وقد روى عن ابن المسيب أنه قال في الأسير في يدي العدو: لا يرث.

(4/360)


37 - باب ميراث الجنين إذا خرج حيا
م 2332 - أجمع أهل العلم على أن الرجل مات، وترك امرأته حبلى، أن الولد الذي في بطنها، يرث ويورث، إذا خرج حيا واستهل، وقالوا جميعاً: إذا خرج ميتا لم يرث.
م - واختلفوا فيه إن خرج فتحرك، ولم يستهل.
قالت طائفة: لا ميراث له، وإن تحرك، أو عطس، ولم يستهل، هذا قول مالك.
وقد كان عمر بن الخطاب يفرض للصبي إذا استهل، وقال الحسن بن علي: إذا استهل وجب عطاءه ورزقه، وقال جابر بن عبد الله: يرث إذا سمع صوته، وعن ابن عباس أنه قال: إذا استهل الصبي ورث وورث، وقال ابن عمر: إذا صاح صلى عليه، وممن قال أن لا يورث حتى يستهل، القاسم بن محمد، وابن سيرين، والشعبي، والزهري، وقتادة.
وقالت طائفة: إذا عرفت حياة المولود، بتحريك، أو صياح، أو رضاع، أو نفس، فأحكامه أحكام الحي، هذا قول الشافعي.
وقال الثوري، والأوزاعي في مولود ولد حيا ولم يستهل قالا: إذا ولد حيا صلى عليه، وورثه وإن لم يستهل.
وقال قائل منهم الذي قاله الشافعي: يحتمل النظر غير أن الخبر يمنع منه.

(4/361)


(ح 1006) وهذا قول [1/ 239/ألف] رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان، فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم، وأمه.
هذا خبر، ولا يقع على الخبر النسخ.
قال أبو بكر:
م 2334 - وإن توفي رجل وسأل ورثثه قسم ماله بينهم، وللميت حمل، فإن جماعة قالوا: لا يقسم ميراثه حتى تضع حملها، لأنه لا [[يدري]] ما في بطنها.
وقد حكى عن شريك أنه قال: يوقف لأربع ذكور، فإني رأيت بني أبي إسماعيل ولدوا أربعة في بطن، رأيت ثلاث منهم، محمداً، وعمر، وأظن الثالث علي، وقال حفص بن غياث: أنا رأيت اثنين منهم، قال شريك: ثلاثة منهم قد بلغوا التمييز، قال يحيى: والرابع إسماعيل.

38 - باب دية الجنين
(ح 1007) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين بغرة عبد، أو أمة.
(ح 1008) وقضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في بعقل المرأة المقتولة على عاقلة القاتلة، وفي

(4/362)


جنينها غرة عبد أو أمة.
وفي ذلك دليل على أن دية الجنين غير دية الأم، وأن الجناية على الجنين غير الجناية على عضو من أعضائها، وإذا كان هكذا وجب أن تكون دية الجنين لورثته لا للأم خاصة.
م 2335 - وكان الزهري يقول: دية الإملاص بين الورثة، وبه قال الشافعي.
وفيما روي عن التابعين الذين جعلوا في الجنين مع الغرة كفارة، دليل على أنهم جعلوه نفسا، غير الأم، هذا قول عطاء، والحسن، والنخعي، والثوري، والشافعي، وأحمد.
وقال النعمان: في الجنين يقع ميتاً: لا كفارة فيه.
م 2336 - وقيمة الغرة عند الشافعي خمس من الإبل، وفي قول أهل الكوفة: خمس مائة درهم.
وفي قول أهل الدينة: ستمائة درهم، وقصدهم في ذلك نصف عشر دية الأب، وهو عشر دية الأم.

39 - باب ميراث الدية
(ح 1009) روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: ما أرى الدية إلا للعصبة،

(4/363)


وقال الضحاك بن سفيان، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعمله على الأعراب: كتب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، فأخذ بذلك عمر بن الخطاب.
م 2337 - وقد روينا عن علي أنه قال: تقسم الدية على ما يقسم عليه الميراث، وهذا قول طاووس، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، والزهري، والشافعي، وجماعة [1/ 239/ب] من أهل العلم يقولون: إن الدية مقسومة على فرائض الله.
وبه نقول.
م 2338 - وقد روى عن علي، والحسن البصري، وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهم كانوا لا يورثون الأخوة من الأم من الدية شيئا.
وأكثر أهل العلم من علماء الأمصار يقولون: إن الدية من تركه الميت، يقضي منه ديونه، وتنفذ وصاياه، ثم يقسم ما فضل على الديون والوصايا، بين جمع الورثة على كتاب الله عز وجل، غير أبي ثور فإنه زعم أن الدية ليس من تركة الميت، لأنها وجبت لورثته بعد موته؛ لأن الميت لم يملكه قط في حياته، ألا ترى أن القصاص لا يحجب له في حياته، وإنما يجب لورثته بعد وفاته، فكذلك الدية، إنما يملكونها بعد وفاته، وإنما يجب قضاء الدين من شيء ملكه الميت، ولم يملك الدية قط.

(4/364)


40 - باب ميراث الحميل
م 2339 - واختلفوا في ميراث الحميل، فروى عن عمر بن الخطاب أنه كتب لا تورثوا حميلا إلا ببينة، وروى عن عمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك، وقد اختلف فيه عنه، وهو قول عبد الله بن الحسن.
وقال الشافعي: "إذا جاءونا مسلمين لا ولاء لأحد عليهم، قبلنا دعواهم، وإن كانوا مستبين عليهم رق، أو أعتقوا، قبلت عليهم ولاء، لم نقبل دعواهم إلا ببنية" وقال الحكم، وحماد: يرث الحميل.
قال أبو بكر: بعث الله نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولأهل الشرك نكاح بينهم وملك يمين، فأثبت النبى - صلى الله عليه وسلم - أنسابهم، وتوارثوا على عهده، وبعد وفاته بالولاء الذي كان في الشرك، لا أعلمهم اختلفوا فيه.
(ح 1010) وقد قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: من أبي يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أبوك حذافة.
(ح 1011) وثبت عنه أنه قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
وقد تكلم في حديث عمر، فدفع حديث عمر يحيى بن معين؛ لأن الذي رواه علي بن زيد، قال يحيى: ليس بشيء.

(4/365)


م 2340 - واختلفوا في تفسير الحميل فقال يحيى بن آدم: الحميل ما ولد في الشرك فتعارفوا في الإسلام، فأقر بعضهم بقرابة بعض، فلا يجوز إقرارهم إلا ببينة.
وقال غيره: الحميل الذي يجهل نسبه على غيره، مثل الذي يقول: هذا ابن أبي، أو أخي، أو عمي، أو ابن عمي، وكل نسب فكذلك، إلا الولد فإنهم لا يختلفون فيمن قال: هذا الطفل ابني، وليس الطفل نسب معروف ينسب إليه، إن نسبه يثبت بإقراره [1/ 240/ألف] وكذلك لو أن بالغاً من الرجال قال: هذا ابني، وأقر له البالغ، ولا نسب للمقر به معروف، أنه ابنه، إذا جاز أن يولد لمثله مثله.
ْم 2341 - وكان الثوري يقول: إذا ادعت المرأة إن هذا ولدها، لم يقبل إلا ببينة، ليس هي بمنزلة الأب، وكذلك قال يحيى بن آدم، وأبو ثور، ولا نعلم أحدا خالف ذلك إلا إسحاق فإنه كان يرى أن إقرار المرأة جائز كإقرار الرجل، ويقول: هي أثبت، إقرار، وأولى بأن يقبل قولها من الرجل، لأن المرأة تزني فتأتي بولد، ونثبت نسبه منها وإن كان من زنا، والرجل إذا زنى لم يثبت نسب الولد منه، ولا يجوز إقراره بولد زنا.
وحكى عن أصحاب الرأي أنهم قالوا: لا يجوز إقرار الرجل إلا بأربعة بالولد، والأب، والمرأة، والمولى، ولا يجوز إقرار المرأة إلا بثلاثة بالولد، إذا صدقها، وبالزوج، والمولى، ولا يجوز إقرارها بالولد إذا كان للمقر وارث (1) معروف، قالوا: فماذا لم يكن له وارث معروف، فأنا بخبر إقراره لمن أقربه سوى هؤلاء، ويدفع ماله إلى من أقربه.
__________
(1) في الأصل "وراث".

(4/366)


قالوا لأنا نجعل إقراره له بمنزلة الوصية منه له من غير أن يثبت نسبه، فإذا أقرت المرأة بابن لها، وليس لها وارث معروف يعرف، دفع مالها إلى الذي أقرت به، فإن كان لها زوج، لم يحجب الزوج عن النصف بإقرارها، ويعطى الزوج النصف، ويدفع الباقي إلى ابنها، لأن لها أن تضع ما لها حيث أحبت.

41 - باب إقرار بعض الورثة بوارث لا يعرف
م 2342 - واختلفوا في الرجل يموت ويترك ورثة معروفين، فيقر بعضهم بوارث لا يعرف، فكان مالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وشريك يقولون: تقام الفريضة، وليس المقر به فيهم، وتقام والمقربه فيهم، ثم تضرب إحدى الفريضتين في الأخرى، فما بلغ قسم بينهم، فينظر كم نصيب المقر إذا كان للمقر به قسم، وكم نصيبه إذا لم يكن فيهم، فيخرج من يده فضل ما بينهما، فيدفع إلى المقر به، فإن لم يكن في يده فضل، لم يدفع إلى المقر به شيئاً، لأنه إنما أقر له بشيء في يدي غيره، فلا يقبل إقراره على غيره، وبه قال يحيى بن آدم، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وكان النعمان يقول: إذا كانا ابنين لرجل فتوفى [1/ 240/ب]، فأقر أحدهما بأخ من أبيه، يعطى المقر نصف ما في يديه، وكان ابن أبي ليلى يقول: يعطيه الثلث بما في يديه، لأن أخاه الآخر قد ظلمه، فلا يدخل مظلمة ذلك على المقر، ولا يثبت نسبه في قول واحد منهما.
وفيه قول ثالث: وهو إذا لم يثبت النسب لم يأخذ شيئاً، هذا قول الشافعي.

(4/367)


42 - باب ميراث الخنثى
قال أبو بكر:
م 2343 - أجمع كل من يحفظ من أهل العلم أن الخنثى يورث من حيث يبول، إن بال من حيث يبول الرجل ورث ميراث رجل، وإن بال من حيث تبول المرأة ورث ميراث امرأة.
وممن روى عنه أنه قال: إن الخنثى يرث من حيث يبول علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، وهو قول أهل الكوفة، وسائر أهل العلم، ولا أحفظ عن مالك فيه شيئاً: بل قد ذكر ابن القاسم أنه هاب أن يسأل مالكا عنها.
م 2344 - واختلفوا فيه إذا بال من حيث يبول الرجل، ومن حيث تبول المرأة.
فقالت طائفة: يورث من حيث يسبق البول، كذلك قال سعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وحكى ذلك عن أصحاب الرأي.
وقالت طائفة: من أيهما خرج أكثر ورث به، حكى هذا القول عن الأوزاعي، ويعقوب، وابن الحسن، وقال النعمان: إذا خرج منهما معا فهو مشكل، ولا أنظر إلى أيهما أكثر، وحكى عنه أنه وقف عنه إذا كان هكذا، وحكى عنه أنه إذا أشكل، أنه يعطيه أقل النصيبين.
قال أبو بكر بن عياش، ويحيى بن آدم: إذا بال من حيث
يبول الرجل، وتحيض كما تحيض المرأة، ورث من حيث يبول؛ لأن في الأثر يورث من مباله، وفي قول الشافعي: إذا خرج منهما جميعاً، لم يسبق أحدهما الآخر، يكون مشكلا، ويعطى من الميراث ميراث

(4/368)


المرأة، ويوقف الباقي بينه وبين سائر الورثة، حتى يتبين أمره، أو يصطلحوا، وبه قال أبو ثور.
م 2345 - وقد اختلف أهل العلم في حكمه إذا أشكل.
فقالت طائفة: يورث نصف ميراث الذكر، ونصف ميراث الأنثى، روى هذا القول عن الشعبي، وبه قال الأوزاعي، وحكى إسحاق عن يحيى بن آدم أنه قال الذي كنا نقول على قياس قول الشعبي من اثني عشر سهما، للذكر سبعة، وللأنثى خمسة، لأن النصف للذكر لا شك فيه، وللأنثى الثلث لا شك فيه، ويبقى [1/ 241/ألف] سدس، فهو في حال للذكر، وفي حال للأنثى، ولا يدري لأيهما هو، فهو بينهما نصفان.
وكان الشافعي يقول: لا يجوز أن ينكح إلا من حيث يبول، وبأن يكون مشكلا فإذا كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء، فإذا كان نكح بواحد، لم يكن له أن ينكح بالآخر، ويرث ويورث من حيث يبول.

43 - باب ميراث الغرقى والقوم يموتون لا يدري من مات قبل
م 2346 - اختلف أهل العلم في توريث الغرقى، والقوم يموتون لا يدري من مات قبل.
فقالت طائفة: يورث بعضهم من بعض، يروى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وإياس بن عبد الله، وبه قال شريح، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وعبد الله بن عتبة، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وشريك، ويحيى بن آدم، وأحمد، وإسحاق.

(4/369)


وقال النخعي: يورث بعضهم من بعض إذا كان أخوان ولهما أم، أميت أحدهما فورثته أمه الثلث، وما بقى فلأخيه، ثم مات الآخر فورثته أمه الثلث من ماله خاصة، سوى ما ورثه من أخيه الثلث، مما بقى فلأخيه، ثم يماتان جميعاً فترك أمها منهما الثلث وما بقى فللعصبة.
وقالت طائفة: يرث كل واحد منهما ورثته الأحياء ولا يورث بعضهم من بعض، روى هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال عمر بن عبد العزيز، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، واختلف عن الثوري.
قال أبو بكر: وتفسير قول من لا يورث بعضهم من بعض، أخوان غرقا، ولأحدهما ابن، وللآخر ابنة، وللابن جميع ما خلف أبوه، ولابنة الآخر النصف، وما بقى فلابن الأخ، وتفسير قول من ورث بعضهم من بعض كان أخوين ماتا، وأحدهما مولى لبني هلال، والآخر مولى لبني سليم، وخلف الهلالي عشرة دنانير، وخلف السلمي مائة درهم، فأميت الهلالي، فتصير الدنانير التي تركها للسلمي، ثم يميت السلمي فتصير الدراهم التي تركها لأخيه الهلالي، ثم يميتهما جميعاً، فيورث كل واحد منهما ورثته الأحياء فتكون الدنانير التي تركها الهلالي لموالي السلمي، والدراهم التي تركها السلمي لموالي الهلالي.
وفي القول الآخر تكون الدنانير التي خلفها الهلالي لمواليه من بني [1/ 234/ب] هلال، والدراهم التي تركها السلمي لمواليه من بني سليم.
قال أبو بكر: قول زيد بن ثابت ومن وافقه أصح، وذلك لاحتمال أن يكونا ماتا معا، ومحال أن يكون هذا قد مات قبل ذلك، ومات ذلك قبل هذا، وإذا استحال كون ذلك بطل الحكم به.

(4/370)


44 - باب ميراث المكاتب
م 2347 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن السيد إذا كاتب عبده كتابة صحيحة، أنه ممنوع من كسبه، واستخدامه إلا برضاه.
م 2348 - وأجمعوا كذلك على أن ممنوع من أخذ ماله، إلا ما يقبضه عن محل نجومه.
م 2349 - واختلفوا في الوقت الذي يجب له فيه الحرية، فروى عن ابن مسعود أنه قال: إذا أدى قيمته فهو غريم لا يسترق.
وروى عن علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، ومروان، وعبد الملك بن مروان أنهم قالوا: إذا أدى النصف فلا رق عليه.
وروى عن شريح أنه قال: إذا أدى الثلث فهو غيرهم.
وفيه قول رابع: وهو أن المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى، أو يرث بقدر ما أدى، ويحجب بقدر ما أدى، روى هذا القول عن علي رواية ثانية عنه.
وفيه قول خامس: روى عن علي بن أبي طالب أنه قال: المكاتب تجري فيه العتاقة مع أول نجم بؤديه.
وفيه قول سادس: وهو أن المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي، وجب أن يحتجب منه.
وفيه قول سابع: وهو أن المكاتب مملوك ما بقى عليه درهم، روى ذلك عن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وعائشة، وبه قال ابن عمر، وابن المسيب، وعطاء، وشريح، والنخعي، والزهري، والقاسم،

(4/371)


وسليمان بن يسار، وسالم، وقتادة، وابن شبرمة، ومالك، والثوري، والشافعي.
وبه نقول.
م 2350 - واختلفوا المكاتب يموت وعنده وفاء لكتابته وفضل.
فقالت طائفة: إذا مات المكاتب وترك وفاء، أخذ مواليه ما بقى من كتابته، وما بقى كان لورثته أدى شيئاً لو لم يكن أدى شيئاً، هذا قول الثوري، وروى ذلك عن علي، وعبد الله بن مسعود، ومعاوية، وشريح، والحسن البصري، وعبد الملك بن مروان، والنخعي، وطاؤس.
وفيه قول ثان: وهو أن عبد ما بقى عليه شيء، لا يرث ولا يورث، هذا قول الزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وروى ذلك عن علي، وعمر بن عبد العزيز.

45 - باب [1/ 242/ألف] في العبد يكون بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه وهو موسر
قال أبو بكر:
م 2351 - واختلفوا في العبد بين الرجلين يعتق أحد نصيبه وهو موسر، فإن ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري يقولون: إذا أعتق أحد الشريكين فإن كان موسرا حين أعتقه، عتق العبد كله وصار حراً، وغرم لشريكه قيمة نصيبه في ماله، والولاء كله له.
وقال مالك: إذا أعتق أحد الشريكين حصته من العبد، عتقه نصيبه ولم يعتق نصيب الآخر، حتى يقوم عليه حصة الذي لم يعتق، ويؤمر بأدائها

(4/372)


إلى شريكه، فإذا أداها عتق العبد كله، وولاءه له، وإنما يصير حراً إذا أخذ ثمنه القيمة، فأما قبل فلا.
وكان النعمان يقول: إذا أعتق أحد الشريكين نصيبه وهو مؤسر، فشريكه الذي لم يعتق بالخيار إن شاء أعتق كما أعتق، ويكون الولاء بينهما، وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، فإذا أداها عتق، وإن شاء ضمن لشريكه نصف قيمته، ورجع شريكه بما ضمن على العبد، فاستسعاه فيه، إذا أداه عتق، وكان الولاء كله للمعتق، والعبد ما دام يسعى بمترلة العبد في شهادته وحدوده.
وخالفه أصحابه فقالوا: بمثل قول الثوري، وسائر أهل العلم، وتركوا قوله منفرداً لا انيس معه.
وكان الشافعي إذ هو بالعراق يقول بقول ماك: ثم قال بمصر: فيها قولان: أحدهما كقول مالك، والثاني كقول الثوري، وكان عمرو بن دينار، والزهري يقولان: حصة الذي لم يعتق على شريكه وهو على حاله رقيق قبل التقويم.
وفي المسألة سوى هذه الأقاويل ثلاثة أقوال، أحدهما: إن الذي لم يعتق على حصته، وليس على المعتق شيء سوى ما أعتق، إلا أن يكون الذي أعتق جارية نفيسة، يغالي فيها، وإذا كان ذلك فهو بمنزلة الخيانة من المعتق للضرر الذي أدخله على شريكه، هذا قول عثمان البتي.
وكان البتي يورث المعتق منه الشقص بقدر ما عتق منه، ويقيم عليه من حد الحر بقدر دلك، ويجعل له من عمله، وخدمته، وكسبه بقدر ذلك، فإن أصيب بجراحة خطأ جعلها على حساب ذلك من عتاقة ورق، وإن أصيب كله بجناية خطأ كان الأمر [1/ 242/ب] فيه كذلك.

(4/373)


وروى عن طاؤس أنه قال في رجل أعتق نصف عبد كان له قال: يعتق في عتقه ويرق في رقه، وروى عن ابن سيرين أنه قال في العبد يعتق منه الشقص قال: كان يقضي فيه بثلاث قضايا، ولا يعتق من قضى بواحدة منهن، كان منهم من يعتقه من مال الذي أعتقه، ومنهم من يستسعيه، ومنهم من يعتقه من بيت المال، وبارك الله في ذلك الأمير.

46 - باب العبد يملكه الرجل بكماله فيعتق منه شقصاً
م 2352 - واختلفوا في الرجل يكون له العبد فيعتق منه شقصا.
فقالت طائفة: عتق كله هذا قول قتادة، والثوري، والشافعي، ويعقوب، ومحمد، ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب، والشعبي.
وفيه قول ثان: وهو أن يعتق الرجل من عبده ما شاء، هذا قول الحسن البصري ذكر الحسن ذلك عن علي.
وفيه قول ثالث: وهو أن يعتق منه ما عتق، ويستسعى في الباقي، وهو عبد ما دام يسعى، فإذا أدى فعتق، كان ولاءه لمولاه، هذا قول النعمان.
وفيه قول رابع: قال مالك: قال في رجل أعتق نصف عبد له، وهو صحيح فلم يعتق عليه بقيته حتى مات، أترى نصفه الذي لم يعتق حراً؟ قال: بل أراه رقيقاً.

(4/374)


47 - باب الحكم في الرجلين يكون بينهما العبد أحدهما نصيبه منه وهو معسر
م 2353 - واختلفوا في الشريكين في العبد يعتق أحدهما وهو معسر.
فقالت طائفة: لا يعتق من العبد إلا ما أعتق هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، واحتجوا:
(ح 1012) بقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: إن كان موسرا ضمن، وإن كان معسرا عتق منه فأعتق.
وقالت طائفة: إن كان معسرا سعى العبد في حصة شريكه، حتى يؤدي قيمته، هذا قول الثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة.
م 2354 - واختلفوا في رجوع العبد بما سعى به على المعتق، فأوجب ابن أبي ليلى، وابن شبرمة للعبد الرجوع بما سعى فيه على المعتق؛ لأنه الجاني المستهلك لحصة شريكه، يعتقه حصته.
وكان يعقوب، ومحمد يقولان: إن كان معسرا سعى العبد لشريكه، وكان الولاء للأول، ولم أرهم ردوا [1/ 243/ألف] العبد السيد بما سعى.
م 2355 - وقد اختلف في ميراث من نصفه حر ونصفه عبد، فروينا عن علي أنه قال: يرث بقدر ما أدى ويحجب قدر ما أدى، فإذا مات رجل وترك ابنا نصفه عبد ونصفه حر، ولا وارث له غيره، يورث على هذا القول نصف ميراث ابن؛ لأنه لو كان حرا ورث المال، ولو كان مملوكا

(4/375)


لم يرث شيئاً، فله نصف الميراث، فيكون عليه ثلاثة أرباع الحذمة (1)
وبه قال أبو ثور.
وقال عطاء، وعمرو بن دينار، وأحمد: إذا أعتق أحد شطره وأمسك الآخر، فإن ميراثه شطران بينهما، وبه قال الشافعي، وقال: لا يرث من هذه صفته، وقد حكى عن أنه قال: لا يرث، ولا يورث.
وقال مالك: يرثه المتمسك بالرق، واحتج بعض من يقول بهذا القول: بأنهم قد أجمعوا على أن أحكامه قبل أن يعتق أحكام العبيد، ولا يزال كذلك حكمه حتى يجمعوا أو تدل حجة انتقال أحكامه.
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا العبارة في المطبوع، وبها سقط
ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «. . . . فله نصف الميراث وإن قذف جلد قاذفه نصف الحد، وإن قذف حرا جلد ثلاثة أرباع حد الحر، وكذلك إن زنى جلد ثلاثة أرباع حد الحر خمسة وسبعين سوطا، ثم على هذا الحساب»

(4/376)