الإشراف على مذاهب العلماء

49 - كتاب الولاء والمواريث
قال الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} الآية.
(ح 1013) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: الولاء لمن أعتق.
(ح 1014) وقال: لعن الله من تولى غير مواليه.
(ح 1015) وقال: مولى القوم منهم.
(ح 1016) وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وهبته.
م 2356 - واختلفوا في بيع الولاء وهبته.
فقالت طائفة: لا يجوز بيع الولاء ولا هبته، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن عمر، وكره جابر بن عبد الله بيع الولاء، وممن قال بأن بيع الولاء وهبته لا يجوز، سعيد بن

(4/377)


المسيب، وطاووس، وإياس بن معاوية، والزهري، ومالك، والشافعي، والنعمان، وصاحباه.
وفيه قول ثان: روينا أن ميمونة وهبت ولاء مواليها الكل من العباس، وولاءهم اليوم لهم، وان عروة ابتاع، ولاء طهمان لورثة مصعب بن الزبير، وقال ابن جريج: قلت لعطاء: آذنت لمولاي أن يوالي من شاء فيجوز؟ قال: نعم، وعمرو بن دينار.
قال أبو بكر: بالسنة الثابتة أقول، وهو قول عوام علماء الأمصار.

1 - باب المملوك يعتق سائبة
(ح 1017) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: الولاء لمن أعتق.
(ح 1018) وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب.
م 2357 - وقال [1/ 243/ب] بجملة هذا الحديث كثير من أهل العلم.
م 2358 - واختلفوا في ولاء العبد الذي يقول له سيده: أنت حر سائبة لله، أوسائبة لا ولاء لي عليك.
فقالت طائفة: إذا فعل ذلك بطل ولاءه، وللعبد المعتق أن يوالي من شاء، فإن مات ولم يوال أحدا، فميراثه للمسلمين، وعقله عليهم، كان

(4/378)


ابن مسعود يقول: السائبة يضع ماله حيث شاء، وعن عمر بن عبد العزيز أن ميراثه للمؤمنين، ويعقلون عنه جميعاً، وقال عطاء: "كنا نعلم إذا قال: أنت حر سائبة، فهو يوالي من شاء، وهو مسيب وإن لم يقل والي من شئت"، وقال الزهري: يعقل عنه السلطان ويرثه، وقال مرة: ميراثه في بيت مال المسلمين هم يرثونه، ويعقلون عنه.
وكان الشعبي، والنخعي يقولان: لا بأس ببيع ولاء السائبة وهبته.
وقالت طائفة: ليس له أن يوالي أحدا، وولاءه لجماعة المسلمين، وعقله عليهم، هذا قول مالك بن أنس، وكان عطاء يقول: إذا لم يوال السائبة أحدا حتى مات، دعى الذي أعتقه إلى ميراثه، فإن قبل فهو أحق به، وإلا ابتيع به رقابا، فأعتقت، وبه قال عمرو بن دينار، وروى عن ابن عمر أنه أتى بمال من موالي مولى له فقال: إنا كنا أعتقناه سائبة، فأمر أن يشتري به رقابا أي يعتقونها.
وقالت طائفة: المعتق سائبة كالمعتق غير سائبة، والولاء لمن أعتق هذا قول الحسن البصري، والشعبي، وابن سيرين، وراشد بن سعد، وحمزة بن حبيب، والشافعي.
وبه نقول، وذلك لدخول السائبة في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "الولاء لمن أعتق، واختلفت الأخبار عن الصحابة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الله على الخلق، وقد دل شراء ابن عمر رقابا بالمال، على أنه كان يرى المال له، أذلوا لم يكن كذلك، ما اشترى بما لا يملك رقابا.

(4/379)


2 - باب المسلم يعتق عبده النصراني والنصراني يعتق العبد المسلم
(ح 1019) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: الولاء لمن أعتق.
قولاً عاما، فإذا أعتق المسلم عبدا نصرانيا، فالولاء له لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق، فإن مات المعتق النصراني لم يكن للمعتق من ميراثه شيء.
(ح 1020) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم.
م 2359 - فإن أسلم المعتق، ثم مات، ورثه مولاه المعتق، وهذا قول الشافعي، وأهل العراق، وقد روى عن عمر بن عبد العزيز أن مولى له نصرانيا [1/ 244/ألف] مات، فأمر بماله فأدخله بيت المال، ولم يرثه، وبه قال الأوزاعي.
وإذا اشترى النصراني عبدا مسلما، أو كان له عبد نصراني، فأسلم بيع عليه، فإن أعتقه، العتق جائز، وولاءه له لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق، فإن مات المعتق، ومولاه على دينه، لم يرثه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر، وميراثه لجماعة المسلمين، إلا أن يكون لمولاه عصبة مسلمون، وإن أقرب الناس من عصبة مولاه يرثه، ويكون المولى ما دام على النصرانية في معنى من قد مات، فإن أسلم المولى المعتق، ثم مات المولى المعتق، ورثه بالولاء، هذا قول الشافعي، وأهل العراق.

(4/380)


وكان مالك بن أنس يفرق بين المسلم يعتق العبد النصراني، وبين النصراني يعتق العبد المسلم، كان يقول: إذا أعتق المسلم النصراني، فإنه يرثه مولاه المسلم لأنه قد كان مولاه، ولأنه كان يصلح له بملكه، وإنما منع النصراني أن يرث المسلم إذا أعتقه؛ لأنه لا ينبغي للنصراني أن يملك مسلما، من [[فحين]] أسلم كان ينبغي أن يباع عليه، فان أعتقه جاز ما صنع ولم يملك شيئا من ولأئه، ولأن المسلم ينبغي له أن يملك النصراني، فإن أعتقه فهو مولاه، إذا أسلم ورثه.
قال أبو بكر: ولو أن رجلاً مسلما أعتق عبدا له مسلما، ثم ارتد المعتق عن الإِسلام، ولحق بدار الحرب فسبى، واشتراه رجل مسلم، فأعتقه، كان شراءه باطلا، لأن الحر المسلم لا يرجع رقيقا أبداً، وعلى الإمام قتله إن ثبت على الارتداد، فإن تاب ورجع إلى الإسلام، فهو مسلم، وولاءه للمعتق الأول.
والجواب في المسلم يعتق أمة مسلمة، ثم ترتد، وتلحق بدار الحرب، وتسبى، وتشتري، وتعتق، كالجواب في العبد لا فرق بينهما:
(ح 1021) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه".
دخل في عموم هذا الحديث الرجل والمرأة.
وفرق أصحاب الرأي بين الأمة والعبد فقالوا في العبد كما قلنا، وقالوا في الأمة: إنها مولاة له، وانتقض الولاء الأول للرق الذي حدث فيها.
م 2360 - وقال أصحاب الرأي في المرأة ترتد عن الإسلام: تحبس إذا كانت في دار الإسلام ولا تقتل، فإن لحقت بدار الحرب، ثم سبيت استرقت.

(4/381)


قال أبو بكر: فتركوا ظاهر قول رسول - صلى الله عليه وسلم -: من بدل دينه فاقتلوه، وأوجبوا عليها حبسا، لا يجب إلا بحجة.

3 - باب [1/ 244/ب] العتق في دار الحرب
م 2361 - وإذا عتق الرجل من أهل الحرب وهو كافر، عبداً له في دار الحرب، ثم أن عبده أسر، فاشتراه رجل من المسلمين في دار الإسلام، فأعتقه، فقد ذكر بعض أصحابنا أن هذه المسألة تحتمل ثلالة أجوبة أحدها: أن الولاء للمعتق الأول، والثاني: أن الولاء للمعتق الثاني هذا قول أصحاب الرأي، والثالث: إن كل واحد منهما معتق ثابت العتق، وقد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالولاء لمن أعتق، فليس واحد منهما أحق بأن يحكم له بالولاء من الآخر، فولاءه لهما جميعاً، قال وهذا أصح الأجوبة.
وبه أقول.
م 2362 - ولو أن عبدا أسلم في دار الحرب، ثم خرج مسلما إلى دار الإسلام، فهو حر، وهو بمنزلة حر من أهل دار الحرب جاء مسلما، فميراثه إن مات للمسلمين، وليس هو مولا لأحد دون أحد، وليس له أن يوالي في قول مالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي.
وقال أصحاب الرأي: هو حر، وله أن يوالي من شاء، وهو بمنزلة حر من أهل دار الحرب جاء مسلما، فله أن يوالي من شاء.
قال أبو بكر:
(ح 1022) وقد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أعتق يوم الفتح ويوم الطائف من خرج إليه من عبيد للمشركين.

(4/382)


م 2363 - وبهذا قال الأوزاعي.
وقال الثوري: لا يرد عليه، وولاءه للمسلمين.
م 2364 - فإن جاء السيد فأسلم، ثم جاء العبد فأسلم رد إلى سيده، وقال الأوزاعي مثل ذلك.
قال أبو بكر:
م 2365 - وإذا خرج الرجل من أهل دار الحرب فاشترى عبدا وأعتقه، ثم رجع المولى المعتق إلى دار الحرب، فأسر واسترق، فإنه عبد لمن اشتراه أو صار إليه، والمعتق الذي أعتقه مولى، ولكن لا يرثه ما دام عبداً، وميراثه في بيت المال.
م 2366 - واختلفوا في عقله فقال أصحاب الرأي: عقله على نفسه، لا يعقل عنه بيت المال؛ لأن عقله معروف.
وقال غيرهم: عقله على بيت المال كما أن ميراثه لهم.
وقال آخر: لا يعقل عنه بيت المال، وليس عليه أن يعقل عن نفسه، لأن الدية إنما تجب على العاقلة، وإذا لم تكن عاقلة بطلت الدية.
قال أبو بكر:
م 2367 - ولو أن هذا المولى الذي أسر اشتراه مولاه الذي كان أعتقه صار عبدا له، والولاء على حاله، فإن هو أعتقه صار كل واحد منهما مولى صاحبه؛ لأنه كل واحد منهما معتق لصاحبه، فإن مات أحدهما ولا وراث له غيره، ورثه إذا كانا مسلمين.
قال أبو بكر:
م 2368 - وإذا أعتق الرجل من أهل دار [1/ 245/ألف] الحرب عبدا، فالعتق جائز وولاءه له، فإن أسلم عبده الذي أعتقه بعد ما أعتقه وخرج إلى دار

(4/383)


الإسلام، فهو مولى له على حاله، غير أنهما لا يتوارثان؛ لأن الكافر لا يرث المسلم.
م 2369 - فإن أسلم مولى وخرج إلى دار الإِسلام مسلما، ثم مات المعتق ولا وارث له غيره ورثه، وفي قول أصحاب الرأي: لا يكون مولى له، لأن العتق والولاء في دار الحرب باطل.
قال أبو بكر: فإن بطل العتق وجب أن يكون عبدا كما كان، وإن كان صار حرا، فله أن يوالي من شاء، فالولاء للمعتق لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق، ولا حجة مع من أبطل العتق في دار الحرب.

مسألة
قال أبو بكر:
م 2370 - أجمع أهل العلم على أن المسلم إذا أعتق عبداً مسلماً، ثم مات المعتق ولا وارث له، ولا ذو رحم، أن ما خلف لمولاه الذي أعتقه، فإن مات المولى المعتق، ثم مات المولى المعتق، ولا وارث له، ولا ذو رحم، فإن كان للمولى المعتق يوم يموت المولى المعتق أولاداً ذكوراً وإناثاً، فماله لذكور ولد المعتق دون إناثهم؛ لأن النساء لا يرثن من الولاء، إلا ما اعتقن أو اعتق من اعتقن، في قول عامة العلماء.
وممن حفظنا ذلك عنه الشعبي، وابن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وبه قال مالك، الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، ولا نعلم أحداً خالف ما قلناه، ولا قال بغيره،

(4/384)


إلا طاووس، فإنه قال: ترث النساء من الولاء، ون يورث البنت من ولاء موالي الأب.
وقد روي عن عمر، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت أنهم كانوا لا يورثون النساء من الولاء إلا ما أعتقن.
قال أبو بكر: كان ابن عمر يرث [[موالي]] عمر دون بنات عمر.
قال أبو بكر: وبقول جمل (1) الناس أقول.

4 - باب إحراز المرأة ولاء من أعتقت
قال أبو بكر:
(ح 1023) ثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الولاء لمن أعتق" وأصل ذلك قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لعائشة في قصة بريرة: الولاء لمن أعتق.
(ح 1024) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: تحرز المرأة ثلاث مواريث، عتيقها، ولقيطها، وابنها الذي لا عنت عليه.
قال أبو بكر:
م 2371 - ولا أعلمهم يختلفون إن ولاء من أعتقت المرأة لها، لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق.
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في الأوسط: «وبالقول الأول أقول»

(4/385)


5 - باب ميراث [1/ 245/ب] ولاء من اعتقت المرأة بعد وفاتها
م 2372 - اختلف أهل العلم في المرأة تعتق عبدا، ثم تموت المعتقة، فتخلف ذكورا وإناثا، وعصبة من قبل أبيها ثم تموت، ويموت مولاها الذي أعتقه، ولا وارث غير هؤلاء.
فقالت طائفة: ماله لعصبتها دون ولدها، لأنهم الذي يعقلون عنها وعن مواليها فكما يعقلون عنها وعن مواليها كذلك يرثون مواريثها.
واحتجوا بما روي عن علي حين خاصم الزبير في موالي صفية، فرأي أنهم أحق بولائهم من الزبير، لأنهم عصبتها والزبير ابنها.
وفيه قول ثان: وهو أن ذكور ولد المرأة المعتقة أحق بولاء الموالي ومواريثهم من عصبتها، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب أنه قضى بالولاء للزبير وولده، حتى لعنوا، والعقل على علي، وهو قول الشافعي، والزهري، وقتادة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد.
وفي قول الزهري، وقتادة: يكون الولاء لأولادها، فإذا انقرضوا كان الولاء لعصبة أمهم، وبه قال الثوري، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثالث: وهو أن ولاء مواليها يكون للذين ورثوا الذكور، ولبني بنيها، إذا انقرضوا لم يرجع الولاء إلى عصبة المرأة، ولكنه يكون لعصبة ولدها الذي ورثوا ولاءها، ولأن ولدها قد أحرزوا ولاءها كما أحرزوا ميراثها، واحتجوا:

(4/386)


(ح 1025) بحديث روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أحرز الولد أو الوالد فهو بعصبته من كان".
وبشيء روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: الولاء شعبة من الرق، فمن أحرز الولاء أحرز الميراث.
وقال الثوري: إذا انقرض ولدها رجع الولاء إلى عصبة المرأة.
وفيه قول رابع: روى عن الشعبي أنه قال: إذا ماتت المرأة وتركت موالي، فالميراث لولدها، والعقل عليهم، وكان ابن أبي ليلى يقضي به.
قال أبو بكر: وقول عامة العلماء: أن ولاء الموالي لذكور ولدها، والعقل على العصبة.
م 2373 - وقد أجمعوا على أن الرجل يرثه إخوانه، وإن جنى جناية كان العقل على العصبة دون من ورثه.
وفي المعتقة نفسها بيان ذلك، وذلك لأن مولاها لو مات ورثته، ولو جنى المولى جناية كان على عصبتها دونها.

6 - باب الولاء للكبر وتفسيره
قال أبو بكر:
م 2374 - وإذا مات الرجل وترك ابنين، وترك مولى، [1/ 246/ألف] فإن ولاءه بينهما، فإن مات أحدهما وخلف أبنا، ثم مات المولى ففي قول من يجعل الولاء للكبر ميراث المولى لابن الميت، دون ابن أخيه، ومن قال إن

(4/387)


الولاء للكبر عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وروي عن علي، وزيد بن ثابت، وبه قال طاووس، وعطاء، والزهري، وابن سيرين، وقتادة، وأبو الزناد، وابن نشيط، والثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو حنيفة، ويعقوب، ومحمد، وقال أحمد، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، وابن مسعود.
وهكذا نقول، وهو قول أكثر الناس، أحمد يقوله.
وفيه قول ثان: وهو أن الولاء يورث كما يورث المال، فمن أحرز الميراث أحرز الولاء، روى عن ابن الزبير أنه قال: يجوز الولاء من يجوز الميراث، وكان شريح يقول: يجري الولاء مجرى المال.
قال أبو بكر:
م 23375 - إذا مات الرجل وترك ثلالة بنين، ثم مات البنون الثلاث، وترك أحدهم ابنين، والثاني ثلاث بنين، والثالث أربع بنين، ثم مات المولى المعتق، فإن مال المولى مقسوم بينهم على تسعة أسهم، لكل واحد منهم سهم، كما لو مات الجد المعتق في هذا الوقت يورثوه على هذا امثال.
ولو ظهر للجد مالك كان للابنين الثلث، وللثلاثة الثلث، وللأربعة الثلث، وذلك حصة كل فريق منهم على ما ورثوه عن آبائهم من المال الذي كانوا استحقوه ميراثا عن الجد.
وفي القول الآخر: يكون قسم ما ورثوه عن مولاهم العتق، كما ذكرناه بما يستحقون عن الجد لو ظهر له مال.

مسألة
م 2376 - واختلفوا في المعتق إذا ترك أباه وابنه، ثم مات المعتق، فقال النخعي،

(4/388)


والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد، وإسحاق، ويعقوب: لأبيه سدس الولاء، وما بقى فلابنه.
وقال عطاء، والحسن البصري، والشعبي، والحكم، وحماد، وقتادة، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، والنعمان، ومحمد: ما ترك المولى المعتق لابن مولاه، وليس لأبيه شيء، لأن الابن أقرب العصبة.

مسألة
م 2377 - فإن ترك جده أبنه، وابن ابنه ففي قول من قال: إن الابن أقرب العصبة، المال للابن أو لابن الابن دون الجد.
وفي القول الأول الذي بدأنا بذكره، للجد السدس، وما بقى فللابن.
م 2378 - وقال إياس بن معاوية في رجل مات وترك جدة، وابنة [1/ 246/ب]، ومولى له، قال: الولاء للابن.
2 - وقال الأوزاعي في رجل ترك ابن مولاه، وجد مولاه، قال: لجد مولى سدس ما ترك، ولابن مولاه خمسة أسداسه.
م 2380 - فإن مات المعتق وترك أباه، وإخوته لأبيه وأمه، أو لأبيه، ثم مات المعتق، فالمال للأب دون الأخوة، ولا أعلمهم يختلفون فيه.
م 2381 - فإن ترك أباه، وثلاثة أخوة متفرقين، فالمال للأب خاصة، دون الأخوة.
فإن مات الأب قبل المعتق، ثم مات المعتق، فالولاء للأخ من الأب والأم.

(4/389)


فإن مات الأخ من الأب والأم، وترك ابنا، ثم مات المعتق، فالولاء للأخ من الأب.

فإن مات الأخ من الأب، وترك ابناً، فالمال لابن الأخ من الأب والأم، الجواب في هذه المسألة في قول من يرى الولاء للكبر، هكذا تذكر (1) أبدا عند موت المولى المعتق، من كان يرث المعتق من عصبة لو مات في ذلك الوقت، فاجعل المال له.
مسألة
م 2382 - وإن ترك جده، وأخاه لأبيه وأمه، فالمال للجد في قول من جعل الجد أبا، وبه قال الزهري، وإسحاق.
وبه نقول.
وقالت طائفة: المال بين الأخ والجد نصفان، هذا قول عطاء، والليث ابن سعد، ويحيى الأنصاري، ومال إلى هذا القول الأوزاعي.
وقالت طائفة: الأخ أحق بولاء الموالي من الجد، وبنو الأخ أحق، وبنو بني الأخ أحق بولاء الموالي من الجد، هذا قول مالك بن أنس، وحكى الشافعي القولين.
م 2383 - وقد أجمعوا في باب المواريث، أن الجد أولى بالميراث من ابن الأخ، لأنه أقرب، وجب أن يكون كذلك في باب الولاء.

7 - باب جر الولاء
قال أبو بكر:
__________
(1) كذا في الأصل، وفي حاشية المخطوطة "تنظر".

(4/390)


م 2384 - اختلف أهل العلم في مملوك نكح حرة مولاة لقوم، فأولدها أولادا، ثم عتق الأب فقال أكثر أهل العلم: يجر الولاء إلى مواليه، روي هذا القول عن عمر، وعثمان، وعلي، وعبد الله، وزيد بن ثابت، والزبير بن العوام، ومروان بن الحكم، وبه قال ابن المسيب، والحسن البصري، وابن سرين، وعمر بن عبد العزيز، والنخعى، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد.
وفيه قول ثان: وهو أن ولاءهم لأهل أمهم، كذلك قال عطاء، وعكرمة بن خالد، ومجاهد، والزهري.
م 2385 - واختلفوا في الجد هل يجر ولاء ولد ابنه أم لا؟ فقال الشافعي: يجر الولاء، وبه قال مالك، وقال: يجر الولاء، ويرثهم ما دام أبوهم عبدا، فإن أعتق أبوهم رجع الولاء إلى مواليه، وإن مات وهو عبد، كان الولاء والميراث للجد.
وقال النعمان: لا يجر الجد الولاء، وبه [1/ 247/ألف] قال يعقوب، ومحمد، أرأيت لو أعتق أبوهم بعد ذلك كان أبوهم يجر الولاء أم لا؟ أرأيت لو أسلم جدهم، وأبوهم كافر، وهم صغار في حجر أبيهم، [[أيكونوا]] مسلمين، باسلام جدهم؟ فإن كان الأب يحجبهم من ذلك، فإن الجد من الولاء أبعد.
وفرق آخر بين الولاء وأمر الإسلام، فقال: أرأيتم لو أن جنيناً مات وله أب عبد وجد حر، هل يرثه جده أم لا؟ فإن قالوا: ميراثه لجده، قيل لهم: فإن كان جده مسلماً وأبوه كافراً، هل يكون مسلماً بإسلام جده، كما يكون مسلماً بإسلام أبيه؟ فإن قالوا لا يكون مسلماً بإسلام جده،

(4/391)


ولا يقوم جده في الإسلام مقام أبيه، وليس الإسلام من باب المواريث في شيء، قيل لهم: وكذلك ليس الإِسلام من باب جر الولاء في شيء.

8 - باب توريث الموالي مع ذوي الأرحام الذين ليسوا بعصبة
م 2386 - اختلف أهل العلم في الرجل يموت ويترك مواليه الذين أعتقوه، وأصحاب فرائض لا يستوعبون المال، وترك ذوي أرحامه وليسوا بعصبة.
فقال أكثر أهل العلم: ما فضل عن ماله عن أهل الفرائض فلمواليه إليه الذين أعتقوه، دون ذوي أرحامه الذين ليسوا بعصبة، روي هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال الزهري، ومالك، وأهل الحجاز، وابن أبي ليلى، والثوري، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة، وكذلك قال الأوزاعي، وأهل الشام، والشافعي، وأحمد.
وفيه قول ثان: وهو أن لا يعطي الولاء مع الرحم شيئاً، روي ذلك عن علي، ومسروق، والشعبي، والنخعي.
قال أبو بكر: ولا أحسب ذلك يثبت عنهم، وقد احتج بعض من يقول بالقول الأول بالأخبار التي جاءت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه جعل الولاء نسباً ثابتاً، أقام المولى مقام العصبة فقال: "الولاء لمن اعتق"، وقال: "مولى القوم من أنفسهم"، وحرم على مواليه من الصدقة ما حرمه على نفسه، وأجمعت العلماء على أن المولى المعتق يعقل عن مواليه الجنايات التي يحملها العاقلة، وأقاموا مقام العصبة، فلما جاءت الأخبار

(4/392)


بأن حكم المولى حكم ابن العم والرجل من العشيرة، ثبت بذلك أنه أحق بالمال من ذوي الأرحام الذين ليسوا بعصبة، ولا هم أصحاب الفرائض، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك مالاً فللعصبة".

9 - باب الرجل يسلم على يدي الرجل [1/ 247/ب]
قال أبو بكر:
م 2387 - اختلفوا في الرجل يسلم على يدي الرجل.
فقال كثير من أهل العلم: لا يكون بإسلامه على يدي الرجل مولى له، هذا قول مالك، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، روي ذلك عن الحسن البصري، والشعبي.
وبه نقول، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الولاء لمن اعتق"، وفيه دليل على أن الولاء لا يكون إلا لمعتق.
وفيه قول ثان: روي عن النخعي أنه قال: إن الرجل إذا أسلم على يدي الرجل ووالاه فإنه يرثه ويعقل عنه، وله أن يتحول عنه إلى غيره ما لم يعقل عنه، فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول عنه إلى غيره، وهذا قول النعمان، ويعقوب، ومحمد، وقالوا: إذا لم يواليه لم يعقل عنه ولم يرثه.
وقال حماد بن أبي سليمان: له أن يتحول عنه إلى غيره إن شاء ما لم يعقل عنه، ولم يرثه، فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول إلى غيره، وقد روي عن تميم الداري حديث قال به إسحاق، ورفعه الشافعي، وأحمد بن حنبل.

(4/393)


(ح 1026) أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "من أسلم على يدي رجل فهو مولاه".
وقد دفع هذا الحديث قوم بعلل احتجوا بها قد ذكرتها في غير هذا الموضع.

10 - باب ميراث اللقيط
م 2388 - أكثر أهل العلم يقولون: اللقيط حر هكذا قال الشعبي، والحكم، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وبه نقول، وذلك لأن أصل الناس الحرية، إلا أن يسترق أهل دار الحرب، وليس يخلو اللقيط من أحد أمرين، إما أن يكون حراً ولا رق عليه، [[أو]] يكون ابن أمة قوم، فليس لمن التقطه أن يسترقه.

(4/394)


وقال إسحاق من بين أهل العلم: ولاء اللقيط للذي التقطه، واحتج فيه بحديث لا يثبت، وبحديث أبي جميلة عن عمر أنه قال: هو حر، ولاءه ونفقته من بيت المال.
قال أبو بكر: أبو جميلة هو رجل مجهول، لا تقوم بحديثه حجة.

11 - باب الرجل يعتق عبده ثم يموت المعتق ولا يدع وارثاً غير مولاه الذي أعتقه
قال أبو بكر:
م 2389 - اختلف أهل العلم في المولى المعتق يموت، ولا يدع إلا مولاه الذي أعتقه، فكان إسحاق، وسليمان بن داؤد، وأبو خيثمة يقولون: يرثه، وقد روي معنى قولهم عن عمر بن الخطاب [1/ 248/ألف] وكان أحمد يجيز أن يقول بحديث عوسجة عن ابن عباس، وأصحاب الرأي، ولا يورثون المولى من أسفل.
وقد احتج بعض القائلين بالقول الأول:
(ح 1027) بحديث ابن عباس أن رجلاً مات، فلم يجد له وارثا فدفع النبي - صلى الله عليه وسلم - ميراثه إلى مولى أعتقه الميت.
(ح 1028) وبأن في الحديث: أن الولاء لحمة كلحمة النسب.
فكان نسبا، كان القياس أن يكون وارثا كما كان مورثا.

(4/395)


12 - باب عتق الرجل عن غيره بأمره وغير أمره
قال أبو بكر:
م 2390 - واختلفوا في ولاء من يعتقه المرء عن غيره بأمره وغير أمره، فروي عن الحسن أنه قال في رجل أعتق عن أبيه مملوكا قال: الولاء لجميع ورثة أبيه، وهذا على مذهب مالك، والماجشون، وبه قال أبو عبيد.
وفيه قول ثان: وهو أن الولاء للمعتق إذا كان ذلك بغير أمير المعتق عنه، هذا قول الأوزاعي، وإسحاق، والشافعي، وفي قول الشافعي: إذا أعتقه عنه بأمره، فالولاء للآمر قال: وإعتاقه عنه بأمره كقبضة ما وهب له، وبه قال أبو ثور.
وفيه قول ثالث: وهو أن الولاء للمعتق إذا أعتق عبدا عن غيره بإذنه وغير إذنه، ولا يكون الولاء للمعتق عنه، وجميع الناس في ذلك سواء هذا قول أبي حنيفة.
م 2391 - وكان الشافعي يقول في امرأة اشترت أباها، فأعتقته، فمات الأب وخلف ابنته التي أعتقته، وأختا لها منه: أن لهما الثلثان بالنسب، والثلث للتي أعتقته بالولاء، وكذلك قال أحمد، وإسحاق.
وبه نقول.

13 - باب الرد ومواريث ذوي الأرحام
م 2392 - اختلف أهل العلم فيمن مات وترك من له سهم معلوم، غير الزوج والمرأة، ولم يدع عصبة إلا ذوي الأرحام، لا فرض لهم منصوص في كتاب الله.

(4/396)


فقالت طائفة: المال كله لمن له سهم معلوم مسمى، وليس لمن لا سهم له بشيء، روينا عن ابن مسعود أنه قال: ذو السهم أحق ممن لا سهم له، وبه قال الثوري، وأهل العراق، وقال أحمد كما قال ابن مسعود.
روينا عن علي بن أبي طالب أنه كان يرد على كل ذي سهم إلا الزوج والمرأة.
وروينا عن عبد الله أنه كان لا يرد على المرأة، ولا على الزوج، ولا على أخ [1/ 248/ب] لأم مع أم، ولا على أخت لأب مع أخت لأب وأم، ولا على بنت ابن مع ابنة الصلب، ولا على جدة إلا أن يكون غيرها.
وقالت طائفة: يعطى أصحاب الفرائض فرائضهم، ويجعل ما فضل من المال في بيت مال المسلمين، روينا هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال مالك وأهل المدينة، والأوزاعي وأهل الشام، وهو قول الشافعي، وأبي ثور، لأن الذي يعقل عنه جناياته بأنه إذا لم يكن عصبة على بيت المال، فكما يعقلون عنه فكذلك يأخذون ماله.

14 - مسائل في باب الرد
م 2393 - إذا مات الرجل وترك ابنته، ولا وارث له غيرها، فالمال لها في قول علي، وعبد الله النصف، بالفرض لها، والباقي رد عليها بالرحم.
وفي قول زيد: للابنة النصف، وما بقى فلبيت المال.
م 2394 - وكذلك أن ترك بنت ابن، أو أما، أو جدة، أو أختا لأب، أو أختا لأم، فالمال كله لأي هؤلاء انفرد بالميراث، في قول علي، وعبد الله.

(4/397)


وفي قول زيد لها فرضها، وما بقى لبيت المال.
م 2395 - فإن ترك أما، وابنتين للأم السدس، وللابنتين الثلثان، ومما بقى رد عليهم على قدر سهامهم في قول علي، وعبد الله.
وفي قول زيد: للأم السدس، وللابنتين الثلثان، وما بقى لبيت المال.
م 2396 - فإن ترك أما، وابنة، وابنة ابن، ففي قول علي: للأم السدس، وللابنة النصف، وللابنة الابن السدس، وما بقى رد عليهم على قدر سهامهم.
وفي قول عبد الله: للأم السدس، وللابنة النصف، ولابنة الابن السدس، وما بقى رد على البنت، والأم على قدر سهامهما؛ لأنه كان لا يرى أن يرد على بنت الابن مع البنت.
وفي قول زيد: للأم السدس، وللابنة النصف، ولبنت الابن تكملة الثلثين، وما بقى فلبيت المال.
م 2397 - إن ترك امرأة، وبنتا، وبنت ابن، ولا عصبة، فللمرأة الثمن، لا تزاد عليه في قولهم جمعيا، وما بقى فبين البنت وبنت الابن علي أربعة في قول علي.
وفي قول عبد الله: للمرأة الثمن، ولبنت الابن السدس، وما بقى فللبنت.
وفي قول زيد بن ثابت: للمرأة الثمن، وللبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقى فلبيت المال.
م 2398 - فإن ترك ثلاث أخوات متفرقات ففي قول علي: المال بينهن مقسوم على خمسة للأخت للأب والأم ثلاثة، وللأخت للأب واحد، وللأخت للأم واحد.

(4/398)


وفي قول عبد الله: للأخت للأب السدس، [1/ 249/ألف] لا تزاد عليه، وأقسم الباقي بين الأخت من الأب والأم، أو الأخت من الأب، وللأخت من الأم ربع ما يبقى، وثلاثة أرباع ما بعد السدس للأخت من الأب والأم.
وفي قول زيد: للأخت من الأب السدس، وللأم النصف، وللأخت من الأب السدس، وللأخت من الأم السدس، وما بقى فلبيت المال.

15 - باب مواريث ذوي الأرحام
م 2399 - اختلف أهل العلم في مواريث ذوي الأرحام فروينا عن عمر بن الخطاب أنه قسم المال بين عمة، وخالة، وروي عن ابن مسعود أنه قال: العمة بمنزلة الأب، والخالة بمنزلة الأم، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، وكذلك كل ذي رحم ينزل بمنزله رحمه التي يرث بها إذا لم يكن وارث ذو قرابة.
وقال أبو عبيد: أهل العراق يرون إذا مات رجل وترك أهل فرائض ممن لا يستوعب المال كالأم، والاخوة من الأم، والبنات، والأخوات، وليس ثم عصبة، فإنهم يجعلون المال على السهام لأهل الفرائض، ثم يردون على قدر مواريثهم، وإذا لم يكن للميت أحد من أهل الفرائض السماة في التنزيل، وله ذوو أرحام، جعلوا ذوي الأرحام هم الورثة، فقسموا ماله بينهم على قدر أرحامهم وقرابتهم، ويحجون في ذلك

(4/399)


بقول الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الآية.
وقالت طائفة: لا يرث ابن الأخ للأم برحمه تلك شيئا، ولا للجد أبو الأم برحمه تلك شيئا، ولا العم أخو الأب للأم لا يرث برحمة تلك شيئاً، ولا الخال برحمه تلك شيئا، ولا ترث الجدة أم أب الأم، ولا ابنة الأخ للأب والأم، ولا العمة أخت الأب للأب والأم، ولا الخالة، ولا من هو أبعد نسبا من المتوفى ممن سمى في هذا الكتاب، لا يرث أحد منهم برحمه تلك شيئا، هذا قول زيد، وبه قال مالك، والشافعي.
وقال الشافعي: ومعنى قوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الآية، أن الناس توارثوا بالحلف والنصرة، ثم توارثوا بالإسلام والهجرة، ثم نسخ ذلك قول الله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الآية، على معنى ما فرض الله وسن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، لا مطلقاً [1/ 249/ب].

(4/400)