الإشراف على مذاهب العلماء

50 - كتاب الوصايا
قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}.

1 - باب الأمر بكتب الوصايا إذا أراد المرء الوصية وكان له مال يوصي فيه
(ح 1029) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما حق امرئ، له شيء يوصى فيه، يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده.
م 2400 - واختلفوا في الوصية هل تجب فرضا أم لا؟ فقال أكثر أهل العلم: الوصية غير واجبة على من لم يدع مالاً ولا شيئاً مما يملك.
م 2401 - واختلفوا في وجوب الوصية على من خلف مالاً.
فقالت طائفة: الوصية واجبة على ظاهر الآية، كان الزهري يقول: جعل الله الوصية حقا مما قل أو كثر، وقيل لأبي مجاز: على كل ميت وصية؟ قال: على كل من ترك خيراً.
وقالت طائفة: الوصية ليست بواجبة، موسرا كان المريض أو معسرا، هذا قول النخعي، والشعبي، والثوري، والشافعي.

(4/401)


وفيه قول ثان: وهو أن الوصية ليست بواجبة، إلا على رجل عليه دين، أو عنده مال لقوم، فيجب عليه أن يكتب وصية، ويخبر بما عليه، فأما من لا دين عليه، ولا وديعة عنده، فليست بواجبة عليه إلا أن يشاء، هذا قول أبي ثور.
قال أبو بكر: هذا حسن ما قيل في هذا الباب، وذلك لأن الله تعالى فرض أداء الأمانات إلى أهلها، ففرض أداء الأمانات إلى جميع الناس الأبرار منهم والفجار، ويدل على صحة هذا القول.
(ح 1030) قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "ما حق امرئ له مال يريد أن يوصي فيه".
ولو كانت الوصية واجبة لم يجعل ذلك إلى إرادة الموصي، ولكان ذلك لازما على كل حال، ويدل على أن الوصية ليست بواجبة ترك ابن عمر أن يوصي، وقد ذكرنا فيما مضى أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لم يترك مالاً فيوصي فيه، وقد أوصى بكتاب الله، وبالصلاة.

2 - باب قول الله جل ذكره {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ [2/ 250/ب] لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} الآية
م 2402 - واختلفوا في معنى قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} الآية.

(4/402)


فقالت طائفة: الآية منسوخة نسختها قوله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} الآية روينا هذا القول عن ابن عباس، وروينا عن ابن عمر أنه قال: نسختها آية الميراث، وبه قال عكرمة، ومجاهد، ومالك، والشافعي.
وقالت طائفة: نسخ "الوالدان" بالفرض لهما في سورة النساء، وبقى "الأقربون" ممن لا يرث، الوصية لهم جائزة، حرض الله على ذلك، هذا قول إسحاق، وبه قال طاووس، وقتادة، والحسن البصري.

3 - باب الوصية للقرابة وترك الوصية
م 2403 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الوصية للوالدين الذين لا يرثان المرء، وللأقرباء الذين لا يرثونه جائزة.
م 2404 - واختلفوا في الرجل يوصي للأجنبي، ويدع أن يوصي لقرابته الذين لا يرثونه.
فقال أكثر أهل العلم: وصيته حيث جعلها، هذا قول سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، وعطاء بن أبي رباح، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان وأصحابه، وبه قال عوام أهل العلم.

(4/403)


وفيه قول ثان: وهو أن من أوصى، وترك ذا قرابته، انتزعت منهم، وردت على قرابته، هذا قول طاووس، وبه قال الحسن البصري، وعبد الملك بن يعلى.
وفيه قول ثالث: وهو أن يجاز للذي أوصى له من ذلك بثلث الثلث، ويرد ثلثا المال على قرابة الموصى، هذا قول ابن المسيب، وجابر بن زيد، وإسحاق.
واحتج الشافعي، وأحمد في إجازة الوصية لغير الأقربين.
(ح 1031) بحديث عمران بن حصين أن رجلاً أعتق في مرضه ستة أعبد، لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم، فجزأهم، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة.

4 - باب إبطال الوصية للوارث
م 2405 - أجمع كل من يحفظ عنه من علماء الأمصار من أهل المدينة، وأهل مكة، والكوفة، والبصرة، والشام، ومصر، وسائر العلماء من أصحاب الحديث، وأهل الرأي [1/ 250/ب] على أن لا وصية لوارث، إلا أن يجيز ذلك الورثة.

(4/404)


(ح 1032) وجاءت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا وصية لوارث".
بمثل ما اتفق عليه أهل العلم.

5 - باب الجنف في الوصية والضرار فيها
م 2406 - كان ابن عباس يقول: الضرار في الوصية من الكبائر، ثم قرأ: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} الآية، قال: الجنف في الوصية، والإضرار فيها من الكبائر، وروينا عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} الآية يعني إثما، يقول: إذا أخطأ الميت في وصيته، أو جاف فيها، فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب، وله قال قتادة، وأحمد، وإسحاق.

(4/405)


وروينا عن الضحاك أنه قال: الجنف الخطأ، والإثم العمد، وكذلك قال الثوري، وقال عطاء، والكسائي في قوله: جنفاً، قالا: ميلا، وقال أبو عبيدة: جوراً عن الحق وعدولا، وكان طاووس يقول في قوله {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} الآية قال: هو الرجل يوصي لولد ابنته يريد ابنته.
قال أبو بكر: قول طاووس يحتمل معنيين أحدهما أن يقول الموصي: قد أوصيت لولد ابنتي بكذا، وأنا أريد ابنتي، فذلك مردود، لا تفاق أهل العلم له، والمعنى الثاني: أن يوصي الرجل لولد ابنته، ولا يذكر في وصيته شيئا، يدل على خلاف ظاهر قوله، والذي يوجب إنفاذ ذلك من الثلث، ولا يجوز أن يظن به غير الظاهر.
(ح 1033) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: إياكم والظن إنه أكذب الحديث.
بل استحب أن يوصي الرجل لقرابته.
(ح 1034) لحديث النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان، صلة وصدقة، والذي يجب أن يرد من وصايا الرجل من باب الميل والجور وصية الرجل بأكثر من ثلثه، وميل وصيته لبعض ورثته، وأن يوصي في بواب المعاصي كلها.

(4/406)


6 - باب وصية الرجل بأكثر من ثلثة، أو وصيته لبعض الورثة فيجيز الورثة ذلك في حياة الميت أو بعد وفاته
م 2407 - اختلف أهل العلم في الورثة يأذنون للرجل في حياته أن يوصي لبعض الورثة بالثلث، أو بأكثر من الثلث، ثم يبدوا لهم بعد وفاته.
فقالت طائفة: لهم أن يرجعوا لأنهم أذنوا في [1/ 251/ألف] ما لم يملكوه في ذلك الوقت، روينا عن ابن مسعود أنه قال: ذلك [[التكره]] لا يجوز، وبه قال شريح، وطاووس، والحكم، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، والنعمان، وأصحابه.
وفيه قول ثان: وهو أن ذلك عليهم، هذا قول الحسن البصري، وعطاء ابن أبي رباح، وحماد بن أبي سليمان، وعبد الملك بن يعلى، والزهري، وربيعة، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وكان مالك يقول: إن كانوا أذنوا له في صحبته فلهم أن يرجعوا، وإن كان ذلك في مرضه، وحين يحجب عن ماله، فذلك جائز عليهم.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
م 2408 - وكان مالك، والشافعي، والثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: إذا أجازوا ذلك بعد وفاته، لزمهم.
م 2409 - واختلفوا في الرجل يوصي لبعض ورثته بمال، ويقول في وصيته: إن أجازها الورثة فهو له، وإن لم يجيزوه فهو في سبيل الله، فلم يجيزوه فقال مالك: إذا لم يجيزوا الورثة في ذلك، رجع إليهم.
وفي قول الشافعي، والنعمان، ومعمر صاحب عبد الرزاق: يمضي في سبيل الله.

(4/407)


7 - باب الوصية يوصيها الرجل لعصبته وأهل بيته
قال أبو بكر:
م 2410 - لا أعلمهم يختلفون في الرجل يوصي لعصبته بمال، أن العصبة من قبل الأب، ولا يكون من قبل الأم.
م 2411 - واختلفوا في الرجل يوصي بثلث ماله لأهل بيته، فقال مالك: العصبة هم الأهل، وهو أبين، ثم قرأ: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي} الآية، ثم قرأ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ} الآية، قال: فالعصبة عندي أبين.
وقال أحمد في الرجل يوصي لأهل بيته قال: من يلقاه إلى ثلالة آباء، وقال أحمد بن حنبل:
(ح 1035) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تحل الصدقة لي، ولا لأهل بيتي.
فجعل سهم ذي القربى لهم عوضاً من الصدقة التي [[حرمت]] عليهم، فكان ذوي القربى الذين سماهم النبي- صلى الله عليه وسلم - أهل بيته الذين حرم الصدقة عليهم.
(ح 1036) وذكر حديث زيد بن الأرقم الذي فيه ذكر أهل بيته، قال: أذكركم الله في أهل بيتي، قال: قلنا: من أهل بيته وعصبته،

(4/408)


نساءه؟ قال: لأهله، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده، [[آل علي]]، وآل العباس، وآل جعفر، وآل عقيل.
م 2412 - وقال يعقوب ومحمد: إذا أوصى الرجل لفقراء أهل بيته، فهو [[لكل]] من ينسب إلى أقصى جد في الإسلام، يجمعهم من قبل [1/ 251/ب] الرجال.
وقال محمد، ويعقوب: القرابة كل أب يجمعهم منذ كان الإسلام، من قبل أبيه وأمه، وكل ذي رحم محرم، فالثلث بينهم سواء فإن كان بعضهم أقرب من بعض في قول يعقوب، ومحمد، وأما في قول النعمان: فهو للأقرب فالأقرب كما وصفت.
م 2413 - وكان أبو ثور يقول: إن أوصى بثلثه في عشيرته، أو قومه، فكانوا يحصون على عدد الرؤس، وإن كانوا لا يحصون، يجزي أن يعطي منهم ثلاثة فصاعداً.
وحكى عن الكوفي أنه قال: إن لم يحصوا، فالوصية باطلة.

8 - باب خبر دل على معنى قوله من بعد وصية يوصي بها أو دين
(ح 1037) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لسعد وقد قال: أوصي بثلثي مالي؟ قال: لا، قال: فنصف مالي، قال: لا، قال: فبثلث مالي؟ قال

(4/409)


النبي - صلى الله عليه وسلم -: الثلث، والثلث كثير، إنك يا سعد أن تدع ورثتك أغنياء خير، خير أن تدعهم عالة يتكففون الناس.
قال أبو بكر: ذكر الله الوصية في كتابه ذكراً مجملاً، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله معنى ما أراد، فعرفنا أن الوصايا مقصورة على ثلث مال الميت.
م 2414 - وأجمع أهل العلم على القول به.
م 2415 - واختلفوا في القدر الذي يستحب أن يوصي به المرء.
فروينا عن أبي بكر أنه أوصى بالخمس، قال: وروينا عن علي أنه قال: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع.
وعن ابن عباس أنه قال: الربع جنف، والثلث جنف، وروينا عن الحسن البصري أنه قال: يوصي بالسدس، أو الخمس، أو الربع.
وقال الثوري: لابأس بأن يوصي بالخمس، وقال إسحاق: السنة الربع إلا أن يكون رجلاً يعرف في ماله مرية شبهات وغيرها، فله استغراق الثلث.
ورأت طائقة: أن يوصي بالثلث، ثبت أن عمر بن الخطاب قال: الثلث وسط من المال، ولا نجس ولا شطيط، وعن الزبير أنه أوصى بالثلث، وقال شريح: الثلث جهد وهر جائز.
وقال أحمد: يوصي بالثلث، وقال الشافعي: إذا ترك ورثته أغنياء، لم يكن له أن يستوعب الثلث وأن لم يدعهم أغنياء، أجزت له أن لا يستوعب الثلث.

(4/410)


قال أبو بكر: الإغنياء (1) [1/ 252/ألف]، والأفضل أن يقصر المرء عن الثلث لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الثلث كثير، وإن أوصى موصي بثلث، أنفذ ذلك".

9 - باب الوصايا لأناس شتى لبعضهم أفضل مما لبعض
م 2416 - واختلفوا في الرجل يوصي لرجل بنصف ماله، وللآخر بالثلث.
فقال الحسن البصري، والنخعي، ومالك، وابن أبي ليلى، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ومحمد: يضربان الثلث بخمسه، لصاحب النصف ثلاثة، ولصاحب الثلث سهمان.
وقال النعمان وأبو ثور: يقسم الثلث بينهما نصفين.
وقال أبو ثور: إذا كان ما جاوز الثلث باطل، وكيف يضرب للموصي له بشيء هو باطل.
قال أبو بكر: قول أبي ثور صحيح.

10 - باب الوصية للقرابة
قال أبو بكر:
م 2417 - واختلفوا في الرجل يوصي لقرابته.
فقالت طائفة: إذا قال: ثلثي لقرابتي، أو لذي رحمي، أو لرحمي، أو لأرحامي، [فسواء] (2) من قبل الأب والأم، في أقربهم، وأبعدهم، وأغناهم، وأفقرهم سواء، لأنهم أعطوا باسم القرابة، كما أعطى من
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذه الكلمة (الإغنياء) لا تفيد معنى هنا وهي غير موجودة في «الأوسط»
(2) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في الأوسط (ليسوا) بدلا من (فسواء)

(4/411)


شهد القتال باسم الحضور، وإن كان من قبيلة أعطى بقرابته المعروفة عند العامة، هذا قول الشافعي.
وقال أبو ثور: الرجال والنساء فيه سواء كلهم، والخال مثل العم، فكل من لزمه اسم قرابة للميت فهو داخل في الوصية.
وقال أحمد وإسحاق: الذكر والأنثى فيه سواء.
وقال أحمد: إذا وصى لقرابته فهو مثل أن يوصي بثلث ماله لأهل بيته، ولكن لا يجاوز أربعة آباء.
وفيه قول ثالث: وهو أن ذوي قرابته كل ذي رحم محرم منه، فإن كان له عمان، أم خالان، وله ولد، فالثلث لعميه، لأنهما أقرب إليه من الخالين، وأدنى ما يكون من ذوي القرابة أبوان فصاعداً، ولو كان له عم واحد وخالان، كان للعم النصف، وللخالين النصف، وهذا قول النعمان.
وقال محمد ويعقوب: القرابة كل من كان له من ولد الأب، ومن قبل الأم إلى أقصى الآباء، الذين ينتسبون في الإِسلام كل ذي رحم محرم.
وقال مالك: يقسم على الأقرب فالأقرب على الإجتهاد.
وقال قتادة: للأعمام ثلثان، وللأخوال الثلث، وبه قال الحسن البصري قال: ويزاد الأقرب [1/ 252/ب] فالأقرب بعض الزيادة.

11 - باب الوصية لبني فلان
م 2418 - واختلفوا في الرجل يوصي لبني فلان.

(4/412)


فقالت طائفة: هم فيه سواء ذكرهم وأنثاهم، هذا قول الحسن البصري، والثوري، وإسحاق وأبي ثور.
وقال أصحاب الرأي: الثلث للذكور من ولده دون الإناث.
قال أبو بكر:
م 2419 - وإذا وصى بثلثه لولد الفلان، فالذكر والأنثى فيه سواء، هذا قول الحسن البصري، وأبي ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقال الثوري: إذا أوصى بثلثه لبني فلان، فإن كن بنات الصلب ليس معهن ذكر فليس لهم شيء.
م 2420 - وقال إسحاق: إذا قال: ثلثي لبنى فلان، فالإثنتان فما زاد، وإذا قال: لولد فلان، فالولد واحد فما زاد.
وقال عطاء، وأحمد، وإسحاق: إذا [[أوصى]] لبني فلان فليس لمواليهم شيء.

12 - باب الوصية لأرامل بني فلان
م 2421 - كان الشعبي يقول: إذا أوصى لأرامل بني حنيفة، هو للرجال والنساء من كمرة (1) حنيفة، وبه قال إسحاق، وذكر أحدهما:
هذه (2) الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر.
__________
(1) الكمرة: أي الجماعة، كذا جاء في حاشية المخطوطة.
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في حاشية تحقيق الأوسط الكمرة: هي رأس الذكر «لسان العرب» و «القاموس المحيط» مادة (كمر)، فلتراجع
(2) في الأصل: «هذا الأرامل» وكذا في الأوسط 3/ 159/ألف.
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الذي في مطبوع الأوسط «هذه»، فلتراجع

(4/413)


وإذا قال: ثلث مالي في بني فلان (1)، فإن أبا ثور حكى عن الشافعي قولين، أحدهما: أنه يعطي منهم ثلاثة فصاعداً، والآخران (2): لا يجوز.
قال أبو ثور: ومن أعطى منهم جاز.
وبه نقول، مثل أن يجعل ثلثه للمساكين، وهم لا يحصون.
وقال أصحاب الرأي: الوصية باطلة.

13 - باب وصية الرجل لمواليه
م 2422 - واختلفوا في الرجل يوصي لمواليه بثلثه، وله موالي من فوق، وموالي من أسفل.
فحكى أبو ثور عن الشافعي فيها أربعة أقاويل، قال قائل: هو بينهما نصفان، وقال قائل: يقرع بينهما، وقال قائل: يوقفه حتى يصطلحا، وقال قائل: الوصية باطلة.
وقال أبو ثور: يقرع بينهما.
وقال أصحاب الرأي: الوصية باطلة.
وقال ابن القاسم: هو للموالي الذين من أسفل.
__________
(1) في الأصل: "في لبني فلان"، والتصحيح من الأوسط.
(2) في الأصل: "أو الآخر".

(4/414)


14 - باب وصية الرجل لأخوة له متفرقين
م 2423 - وإذا أوصى الرجل لستة أخوة متفرقين، وله ابن، وابنة، فإن مات فالوصية لهم جائزة، وهي بينهم أثلاثا.
م 2424 - فإن مات الابن قبل الأب، ثم مات الأب [1/ 253/ألف] بطلت الوصية للأخوين للأب والأم، [[لأنهم]] صاروا ورثة مع الابنة، وكان ثلثا الثلث بين الأخوين للأب والأخوين للأم بالسواء، وهذا على قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
وبه نقول.

15 - باب وصية الرجل لجيرانه
م 2425 - واختلفوا في وصية الرجل لجيرانه، فكان الأوزاعي يقول: أربعين جاراً من كل ناحية، وقد حكى عن الشافعي هذا القول، وقال قتادة: الجار الدار والداران، وقال سعيد بن عمرو بن جعدة: من سمع الإقامة فهو جاره.
وقد روينا عن علي أنه قال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، قيل:
من جار المسجد؟ قال: من سمع النداء.
وحكى عن يعقوب أنه قال: إذا أوصى لفقراء جيرانه فالجيران أهل المحلة الذين يجمعهم محلة واحدة، أو يجمعهم مسجد واحد، فإن جمعهم محلة، وتفرقوا في مسجدين فهي محلة واحدة، بعد أن يكون المسجدان صغرين متقاربين، فإن تباعد ما بينهما وكان كل مسجد عظيما جامعا، فكان

(4/415)


كل أهل مسجد جيران دون الآخرين، وأما الأمصار التي فيها القبائل فالجيران على الأفخاذ، وإن كان أهلها من قبائل شتى غير الفخذ التي فيها الدور [[تـ]] جمعهم، [[فهؤلاء]] جيران في الوصية.

16 - باب الوصية للفقراء والمساكين
م 2426 - واختلفوا فيمن أوصى بثلث ماله للفقراء والمساكين.
فقالت طائفة: يعطى المساكين المتعففون الذين لا يسألون، وإن أعطى السؤال، ففيه سعة، وقال الشافعي: إذا قال: ثلث مالي في المساكين، فكل من لا كسب (1) له، ولا ملك داخل في هذا المعنى، وإذا قال: ثلث مالي للفقراء والمساكين، علمنا أنه أراد التمييز بين الفقر والمسكنة، والفقير من لا كسب له، ولا مال يقع منه موقعا، والمسكين من له مال، أو كسب يقع منه موقعا ولا يفي، وأقل ما يجزي أن يعطى من كل صنف ثلاثة.
وقال أبو ثور: المساكين كل من لم يكن له غني، أو مكتسب بما يقيمه، وقال أصحاب الرأي: يعطى إذا كان مسكينا، وله أن يأخذ ما لا يجب فيه الزكاة.
وقال النعمان، ومحمد: إذا أوصى بثلثه لفلان وللمساكين، فنصفه لفلان، ونصفه للمساكين.
__________
(1) في الأصل "سبب" وهذا من حاشية المخطوطة.

(4/416)


17 - باب الوصية في سبيل الله
م 2427 - واختلفوا فيمن أوصى بشيء يجعل في سبيل الله.
فقالت طائفة: وجه ذلك في الغزو، روينا هذا [1/ 253/ب] القول عن أبي الدرداء، وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي.
وقد روينا عن ابن عمر أنه قال في امرأة أوصت بثلاثين درهما في سبيل الله، يعطها في الحج، أما إنه من سبيل الله.
وقال مجاهد: كل خير عمله، فهو سبيل الله.
قال أبو بكر: بقول مالك أقول.

18 - باب الوصية في ابن السبيل
م 2428 - كان مالك يقول في المال يجعله الرجل في ابن السبيل قال: يعرفه في كل موضع في المسافرين والمحتاجين من بني السبيل، قال قتادة: ابن السبيل هو الضيف، والمسافر إذا قطع به، وليس له شيء.
وقد روينا عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: ابن السبيل هو المجتاز من أرض إلى أرض، وقال الشافعي: من يجيز أن الصدقة للذين أبيح لهم السفر في غير معصية، فيعجزون عن بلوغ سفرهم، إلا معونة على سفرهم.

(4/417)


19 - باب من مات وقد وصى بحج وزكاة وغير ذلك
م 2429 - اختلف أهل العلم في الرجل يوصي بحج، وزكاة، وغير ذلك.
فقالت طائفة: يكون في حجة الإسلام من رأس المال، هكذا قال عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وطاووس، والزهري، والشافعي، وأحمد، كذلك في الزكاة من رأس المال.
وقال ابن المسيب، والحسن البصري: كل يأخذ من رأس المال، وبه قال الشافعي، وقال إسحاق: أوصى به أو لم يوص، هذا مذهب الشافعي.
وبه نقول استدلالا بسنة النبى حجة الإسلام بقضاء ديون الآدميين، فدل على ما قلناه، والله أعلم.
وقالت طائفة: في الزكاة، والنذور، والحج، إن كان أوصى فيها أخرجت من ثلث ماله، وحكمه حكم الوصايا، وإن لم يوص بذلك، فليس على ورثته إخراج ذلك من ماله، هذا مذهب حماد الكوفي، وداؤد بن أبي هند، وحميد الطويل، والبتى، وبه قال ابن سيرين، والنخعي في الزكاة، والحج، وهو قول الشعبي في الحج، وكفارة رمضان، وكفارة اليمين.
وقال الثوري كذلك في الحج، والزكاة، وقال الأوزاعي في الزكاة: يكون من الثلث، وكان مالك يقول في الوصية بالزكاة، والنذر: هو في ثلثه، مقدما على الوصايا.

(4/418)


20 - باب العتق في المرض وبعد الوفاة
الخبر الدال على أن حكم [1/ 254/ألف] عتق البنات في المرض الذي يموت فيه المعتق حكم الوصايا، وإن ذلك من ثلث ماله الميت.
قال أبو بكر:
(ح 1538) ثبت أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له قبل موته، لم يكن له مال غيرهم، فقال له: قولا شديدا، ثم دعاهم فجزاهم، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين، ورد أربعة في الرق.
م 2430 - وقد اختلف أهل العلم في الرجل يعتق جميع رقيقه في مرضه، لا مال له غيره، فقال بظاهر هذه الأخبار عمر بن عبد العزيز، وإبان بن عثمان، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وفيه قول ثان: وهو أن يعتق من كل واحد منهم الثلث، ويستسعى في الثلثين روينا هذا القول عن الشعبى، والنخعي، وقال الحسن مثله إذا لم يكن عليه دين، وقال النعمان: يعتق من كل واحد منهم ثلثه إذا كانوا ثلاثة، ويسعى في ثلثي قيمته للورثة، وحكمه ما دام يسعى حكم المكاتب، وقال يعقوب، ومحمد: هو حر، وثلثا قيمتهم دين عليهم، يسعون فيه، حتى يردوه إلى الورثة.
قال أبو بكر: بما ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أقول.

(4/419)


21 - باب الموصي برأس من رقيقة أو بأكثر من ذلك غير مشار إليه ولا معلوم
م 2431 - كان مالك يقول في الرجل يقول في وصيته: أحد رقيقي حر، ولم يسم واحداً بعينه، إن كانوا أربعة عتق ربعهم بالقيمة يقومون جميعاً، ثم يقرع بينهم، فإن وقع السهم على من قيمته ربع قيمة الأربع لا زيادة فيه ولا نقصان، عتق.
وقال الثوري: إذا قال: أعتق أحد عبدي هذين، فلهم أن يعتقوا أرداهما.
وقال الأوزاعي إذا أعتق واحدة بعينها، ثم نسى التي أعتق، وله جاريتان، قومتا قيمة عدل، وسعت كل واحدة منهما في نصف قيمتهما.
وقال الشافعي: إذا شهد شاهدان أنه أعتق عبدا له عتقا بتاتا في مرضه فهو يخرج من الثلث، وشهد آخران لعبد أنه أعتقه عتق بتات، فأي المعتقين كان أول قدم، وبطل الآخر، وإن كانوا سواء ولا يعرفون أيهما كان أولا، أقرع بينهما، وإن كان أحدهما عتق بتات والآخر عتق وصية، كان البتات أولا، وإن كانا جميعاً عتق وصية، وعتق تدبير، فهو سواء يقرع بينهما.
وقال أصحاب الرأي: إذا قالوا: أعتق بعض رقيقه ونسيناه، فشهادتهم باطلة، فإن قالوا: أعتق أحدهم ولم يسم، فهو والأول سواء، غير أنا نستحسن، فيعتق من كل عبد ثلثه، ويسعى في ثلثيه إذا كانوا ثلالة، وقيمتهم [1/ 254/ب] سواء.

(4/420)


وقال أبو ثور: إذا قال الشهود نسيناه فإن العبيد لا يسترقون، حتى يعلم الحر من العبد، وإن مات الشهود، أقرع بينهم، وقال الشعبي: إذا كانوا ثلالة ولم يدر أيهم هو، يعتق من كل واحد ثلثه ويستسعى في الثلثين، وقال الليث بن سعد: إذا خفي الذي وقع به العتق منهم، أعتقوا جمعياً.

22 - باب الرجل يعتق عبدا له في مرضه ولامال له غيره
م 2432 - واختلفوا في الرجل يعتق عبدا له في مرضه فقال مالك، والشافعي: يعتق ثلثه، ويرق ثلثاه، وقد روينا ذلك عن ابن مسعود.
وكان النخعي يقول: يعتق ثلثه ويسعى في ثلثيه، وبه قال شريح، وقال مسروق في آخر قوليه: شيء جعله الله، لا أرده.
قال أبو بكر: قول مالك، والشافعي صحيح.
م 2433 - واختلف أصحاب الرأي في رجل يوصي أن يعتق عنه نسمة بجميع ماله، ولم يجز ذلك الورثة، فقال النعمان: الوصية باطلة، وقال يعقوب، ومحمد: يشتري بالثلث نسمة فتعتق.
م 2434 - واختلفوا في الرجل يوصي برقبتين يشتريان فيعتقان عنه بمال معلوم، فقصر الثلث عن ذلك.
فقالت طائفة: يشتري واحدة، هذا قول عطاء، وفي قول مالك: يعتق عنه بمبلغ الثلث.
وقال النعمان، ويعقوب: لا يعتق شيء.

(4/421)


م 2435 - وقال الأوزاعي: إذا أوصى بعتق رقبة بمائة دينار، فاشترى بنقصان دينارين قال: يجوز عتقه، ويكسوه بالدنانير.

23 - باب الرجل يوصي بوصايا يأمر فيها بالعتق
قال أبو بكر:
م 2436 - واختلفوا في الرجل يوصي بوصايا فيها عتق.
فقالت طائفة: يبدأ بالعتق، روى ذلك عن ابن عمر، وبه قال شريح، والحسن البصري، ومسروق، وعطاء الخراساني، وقتادة، والزهري، ومالك، وسفيان الثوري، وإسحاق.
وفيه قول ثان: وهو أن ذلك بالحصص، لا يقدر شيء على شيء، هذا قول ابن سيرين، والشعبي، والحسن آخر قوليه، وأحمد، وأبي ثور، وقال النخعي: إن أوصى أن يشتري له نسمة فتعتق كان النسمة كسائر الوصية، وإن أوصى بعتاق عنه في مرضه، وبوصايا بدئ بالعتاقة.
وقال الشعبي: إذا أعتق في وصيته مملوكا له فعجزت وصيته، بدئ به، وإن قال: أعتقوا عني، فبالحصص، وقال: [1/ 255/ألف] ابن شبرمة: العتق كما سمى، ووصيته كما سمى، والعبد سعى فيما بقى عليه.

(4/422)


24 - باب الرجل يأمر أن يشتري عبد بعينه فيعتق عنه
م 2437 - واختلفوا أوصى بأن يشتري عبد فلان بألف درهم، ويعتق عنه، فاشتروه بخمس مائة درهم، والبائع لا يعلم به.
فكان الثوري يقول: هذه وصيته تدفع إلى البائع بخمس مائة، وقال أحمد: الخمس مائة ترد إلى ورثته، وقال إسحاق: يجعل الخمس مائة في العتق.
وقال مالك في الرجل يوصي أن يباع غلامه وفيه إمالة قول: أن يوضع الثلث من ثمنه، ويبدأ على الوصايا، إلا أن يكون معه بثلثة (1).
وقال أصحاب الرأي: أن لم يجدوا من يشتريه خطوا ما بينه وبين الثلث، وإذا أوصى أن يباع لم يزد على ذلك فهذا باطل، وإن أوصى أن يباع عند رجل ولم يسم ثمنا، بيع بقيمته، وإن أوصى بعتق عبد له، وأوصى ببيع آخر، وحط من ثمنه مقدار الثلث من جميع ماله، والعبد الذي أوصى بعتقه هو الثلث، فإنه يعتق من العبد الذي أوصى بعتقه، نصف قيمته، ويباع العبد الذي أوصى ببيعه، ويحط من ثمنه.
م 2438 - وإذا أوصى بعتق عبد له، فأبى العبد، عتق إن أخرج من الثلث، ولا ينظر إلى رضاه، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور وغيرهم.
__________
(1) كذا في الأصل، وفي الأوسط "مثله" 3/ 163/ألف.

(4/423)


25 - باب الرجل يوصي بشيء بعينه فيستحق ثلثاه
قال أبو بكر:
م 2439 - وإذا أوصى الرجل للرجل بشيء بعينه، فهلك ذلك الشيء [[بعينه]] في حياة الموصي، أو بعد وفاته، فلا شيء للموصى له في سائر مال [[الميت]]، فإن تلف مال الرجل، وبقي ذلك الشيء بعينه، فللموصى له ثلث ذلك، والثلثان للورثة.
م 2440 - وإذا أوصى الرجل للرجل بثلث غنمه، أو إبله، أو أي سلعة كانت، واستحق الثلثان من ذلك، أو هلك، وبقي الثلث، وللموصي مال يخرج ما بقي من ثلث ماله، فالثلث الباقي جائز في الوصية، هذا قول أصحاب الرأي، وهو مذهب الشافعي.
م 2441 - وإذا أوصى بثلث ثلثه إذن، فهلك اثنان وبقي واحد، والباقي يخرج من ثلث مال الميت، فإنه لا يكون للموصي له إلا ثلث الشيء الواحد الذي بقي، وهذا قول الكوفي، وهو على مذهب [1/ 255/ب] الشافعي.

26 - مسائل من باب الوصايا
قال أبو بكر:
2 - وإذا أوصى الرجل لأمته أن تعتق على أن لا [[تـ]] تزوج، ثم مات فقالت: لا أتزوج، فإنها تعتق من ثلثه، فإن تزوجت بعد ذلك لم يبطل ذلك

(4/424)


وصيتهما من قبل أن نعتقها قد وجب، وهو قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، وهو مذهب الأوزاعي، والليث بن سعد.
وبه نقول.
م 2443 - واختلفوا في الرجل يوصي لأم ولده بألف درهم على أن لا تتزوج، أو قال: إن لم تتزوج، أو على إن ثبتت مع ولدي، فقبلت وفعلت ما شرط عليها بعد موته يوما أو أقل، فإن الوصية لها من ثلثه، فإن تزوجت بعد ذلك لم تبطل وصيتها في قول أصحاب الرأي.
وقال أبو ثور: يرجع عليها بالوصية، وفرق بينهما بأن الأول حرية قد مضت، وهذا مال يمكن الرجوع عليها إذا لم يقم عليه.
م 2444 - وإذا أوصى الرجل بعتق عبده على أن لا يفارق ولده، وعليه دين يحيط بماله، أبطل وصيته، وبيع في الدين، فإن أعتقه الورثة لم يجز عتقهم، وهذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 2445 - وإذا أوصى الرجل للرجل بمن يعتقه عليه إن قبله، فحكى ابن القاسم عن مالك أنه قال: عتق عليه وإن لم يقبله.
وفي قول الشافعي: لا يقع عليه العتق إلا بقبول الموصى له.
م 2446 - وقال الليث بن سعد: إذا أوصى برقبة عليه، فاشترى، فحل (1) أبوه مملوكا، فيشري، فيعتق عنه، أن ذلك يجزي عنه.
وقال مالك: إن كان مطوعا فلا أرى بأسا، وإن كان من الرقاب الواجبة، فغيره أحب إلي.
__________
(1) كذا في الأصل، وفي الأوسط "فيوجد أبوه" 3/ 163/ب.

(4/425)


27 - باب الرجل يوصي بثلث ماله ثم يستفيد مالا بعد ذلك
قال أبو بكر:
م 2447 - واختلفوا في الرجل يكون له مال، فيوصي بثلث ماله، ثم يستفيد مالا.
فقالت طائفة: للموصي له ثلث جميع ما يخلفه عند موته، هذا قول النخعي، والأوزاعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وهو يشبه مذهب الشافعي.
وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا قتل خطأ دخل ثلث ديته في وصيته، وبه قال الحسن البصري.
وفيه قول ثان: وهو قول مالك، قال: كل من أوصى في مال لا يعلم به، فلا يقع فيه وصية، وكذلك إن أوصى بثلث ماله، ثم ورث مالا قبل أن يموت لا يعلم به، فلا يجوز لأهل الوصايا منه [1/ 256/ألف] شيء.
وفيه قول ثالث: قاله أحمد: قال في رجل أوصى بثلث ماله لرجل، ثم قتل خطأ، أو استفاد مالا قال: إذا استفاد مالاً فيعم، وإذا قتل خطأ، فإنه لم يملك شيئاً إنما تجب الدية بعد موته، وبه قال إسحاق.

28 - باب الرجل يوصي بوصي بعد وصية
م 2448 - واختلفوا في الرجل يوصي بوصية، ثم بأخرى بعدها.

(4/426)


فقالت طائفة: [[تنفذان]] إن لم يكن رجع عن الأولى، هذا قول ربيعة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقال الثوري في العبد: يوصي به الرجل للرجل، ثم يوصي به لآخر، هو بينهما نصفان، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقال أصحاب الرأي: إذا قال العبد الذي أوصيت به لفلان، هو لفلان كان هذا رجوعا في الوصية الأولى، وللآخر منهما.
وفيه قول ثان: وهو أن وصيته الآخرة منهما، هذا قول الحسن البصري.
قال الحسن البصرى: إذا أوصى بوصية، ثم أوصى بوصية أخرى، فوصيته الأخيرة منهما، وقال طاؤس، وأبو الشعثاء، وعطاء: يؤخذ بآخر الوصية.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

29 - باب الوصية بالأعيان يكون قيمته أكثر من الثلث
29 - كان الشافعي يقول: ولو قال: غلامي فلان لفلان، ولفلان داري، ووصفها، ولفلان خمسمائة دينار ولم يبلغ هذا الثلث، ولم يجزه لهم الورثة، وكان الثلث ألفا، والوصية ألفين، فكان قيمة غلامه خمسمائة دنانير، وقيمة داره ألفا، والوصية خمسمائة، دخل على كل واحد منهم في وصيته عدل النصف، وأخذ نصف وصيته، فكان للموصي له بالغلام نصف الغلام، وللموصي له بالدار نصف الدار، وللموصي له بخمسمائة

(4/427)


دنانير مائتان وخمسون، وهذا على مذهب أبي ثور، ولا أحسبه إلا قول أصحاب الرأي.
وكان مالك يقول: إذا أوصى الرجل في ثلثه لفلان بكذا وكذا، حتى يسمى دنانير ذات اسم، فقال ورثته: إنه قد زاد على ثلثه، خيروا في أن يعطوا أهل الوصايا وصيتهم، ويأخذوا جميع [1/ 256/ب] ماله، فيكون بينه وبين أن يقسموا لأهل الوصايا ثلث مال الميت الذي أوصى لهم به، فتكون حقوقهم فيه إن زاد أو نقص.
وممن حكى عنه أنه قال: يكون الموصى له شريكا للورثة فيما أوصى له به إذا عجز الثلث عن احتماله الثوري، والأوزاعي، والنعمان، ويعقوب، ومحمد.
م 2450 - إلا في العبد يوصي [[بعتاقة]] فيعجز عن الثلث، فإنه يسعى في الباقي من قيمته في قول الثوري، والنعمان، وأصحابه.

30 - باب وصية الرجل بجزء من ماله أو بنصيب منه
م 2451 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بجزء من ماله، أو بنصيب، أو بسهم.
فقالت طائفة: السهم السدس، هذا قول الحسن البصري، وبه قال الثوري.
وررينا ذلك عن ابن مسعود، وقال إياس بن [[معاوية]]: السهم في كلام العرب السدس.»»

(4/428)


وقال أحمد بن حنبل: السدس، إلا أن تعول الفريضة، وقال مرة: ينظر كم تكون الفريضة من السهام، فيعطى منه سهما أقل ما يكون من السهام. وقال شريح ترفع السهام فيكون للموصي له سهم. وقال الشافعي: في الرجل يقول: لفلان نصيب من مالي أو جزء، أو بحظ، فذلك كله سواء، ويقال للورثة: أعطوه منه ما شئتم، لأن [[كل]] شيء جزء، ونصيب، وحظ.
وقال أبو ثور: يعطى سهماً من أربعة وعشرين سهما إذا أوصى له بسهم من ماله، وإذا أوصى بجزء من ماله أو بنصيب، أو بطائفة: فكما قال الشافعي.
وفيه قول خامس: قاله النعمان: في رجل أوصى لرجل بجزء من
ماله، ثم يموت، قال: يعطيه الورثة (1)، [[إلا]] أن يكون أكثر من السدس فيكون له السدس.

31 - باب وصية الرجل للرجل مثل نصيب أحد ورثته
م 2452 - روينا عن أنس بن مالك أنه أوصى لثابت بمثل نصيب بعض ولده.
واختلفوا فيما يجب فيمن أوصى [1/ 257/ألف] بمثل هذه الوصية.
فقال كثير منهم: إذا أوصى بمثل نصيب أحدهم، وله ثلاث بنين، يعطى الربع، وإن كان [له] (2) بنون وبنات، أعطى نصيب امرأة.
ومن قال يعطى الربع إذا أوصى له بمثل نصيب أحدهم وله ثلاثة بنين الشعبي، والنخعي، والثوري، والشافعي، وأبو ثور.
م 2453 - وإذا أوصى بمثل نصيب ولديه، وفيهم الذكر والأنثى، أعطى نصيب أنثى في قول هشام بن هبيرة، والثوري، والشافعي، وإسحاق.
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: نص الكلام في الأوسط كما يلي: «وفيه قول خامس: قاله النعمان في رجل يوصي للرجل بجزء من ماله ثم يموت، قال: يعطيه الورثة ما شاءوا، وإذا أوصى بسهم من ماله ثم يموت، فله مثل نصيب أحد الورثة، إلا أن يكون أكثر من السدس فيكون له سدس، وقال يعقوب ومحمد: له مثل نصيب أحدهم إلا أن يكون أكثر من الثلث، ولا يجوز له إلا الثلث، إلا أن يسلم الورثة.»
(2) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: زيادة من الأوسط

(4/429)


م 2454 - وقال الشافعي، وأبو ثور: إذا أوصى بمثل نصيب ابنة ولم يخلف غيره، فله الثلث.

32 - باب الوصية لما في البطن وبما في البطن
م 2455 - كان الثوري، والشافعي، وأبو ثور، وإسحاق، والنعمان وأصحابه يجيزون الوصية للحميل في بطن أمه.
م 2456 - قال الشافعي: إذا كان مخلوقا يوم وقعت الوصية، ثم خرج حيا لأقل من ستة أشهر من يوم تكلم بالوصية، وهذا على مذهب أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 2457 - وقال الشافعي: ولو كان الزوج ميتا حين أوصى بالوصية، فجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر أو لأكثر، لما يلزم له النسب، كانت الوصية جائزة، وهذا على قول أبي ثور، وأصحاب الرأي: فإذا كان الحمل غلاما أو جارية، أو أكثر، كانت الوصية بينهم سواء على العدد، هذا قول الشافعي، وأصحاب الرأي.
م 2458 - وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إن كان قال: إن كان الذي في بطنك غلام فله ألفان، وإن كانت جارية، فلها ألف درهم، فولدت غلاما وجارية، أو غلامين، أو جاريتين، فليس لواحد منهما شيء، لأن الذي في بطنها غير ما قال.

(4/430)


33 - باب الوصية للوارث والأجنبي
(ح 1039) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا وصية لوارث".
م 2459 - وأجمع أهل العلم على القول به.
م 2460 - وإذا أوصى الرجل بعبد، أو بدابة لبعض [[ورثتة]]، ولأجنبي من الناس، بطل منه ما أوصى به للوارث، وثبتت وصية الأجنبى، كذلك
قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي [1/ 257/ب].

34 - باب الوصية للقاتل
م 2461 - كان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي لا يجيزون الوصية للقاتل.
وأجاز أبو ثور الوصية للقاتل.
وبه نقول، وذلك لأنا لا نعلم حجة تمنع منه.

35 - باب الوصية بالمشاع
م 2462 - أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا أوصى للرجل بثلث جميع ماله، فهلك من المال شيء، أن الذي تلف يكون من مال الورثة، والموصى له بالثلث.

(4/431)


م 2463 - وأجمعوا كذلك على أن الرجل إذا أوصى له بشيء من المال بعينه، فهلك ذلك الشيء، أن لا شيء للموصى له في سائر مال الميت.
م 2464 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بثلث دار، أو عبد، أو غير ذلك، واستحق من ذلك الذي أوصى به ثلثاه، وبقى ثلثه وكان للموصى ما يخرج الثلث الباقي من ذلك الشيء من ثلث ماله، فكان أبو ثور يقول: ليس للموصى له بذلك إلا ثلث ما بقى.
وقال أصحاب الرأي: إذا بقى الثلث، وله مال يخرج ذلك من ثلث ماله، فإن الثلث الباقي للموصى له.
قال أبو بكر:
م 2465 - ثم [[نقضوا]] ذلك، فقالوا: إن أوصى له بثلث ثلثه [[آدر]]، أو ثلاثة من الرقيق، فهلك اثنان وبقى واحد، أن لا يكون له إلا ثلث هذا من الواحد، من قبل أن هذا لا يقسم، والأول يقسم.
قال أبو بكر: ليس بينهما فرق.

36 - باب وصية الرجل لعبده
م 2466 - واختلفوا في وصية الرجل لعبده، فأجاز ذلك الحسن البصري، وابن سيرين، قالا: إذا أوصى له بالثلث، فإن ذلك في رقبته، فإن كان الثلث أكثر من رقبته، عتق ودفع إليه ما بقى، وإن كان أقل من ثمنه، عتق وسعى لهم فيما بقى، وإن أوصى له بدراهم، فإن شاء الورثة أجازوا، وإن شاءوا لم يجيزوا.
وقال أصحاب الرأي: إذا أوصى له بدراهم لم تجز، وإذا أوصى له برقبته جازت الوصية، فإن أوصى له بثلث رقبته سعى فيما بقى.

(4/432)


وقال مالك: إذا أوصى الرجل لعبده برقبته، فإن حمله الثلث أعطى ما فضل من الثلث عن رقبته، وإن أوصى بوصية جاز، إذا حمله الثلث، وليس للورثة أن ينزعوه [1/ 258/ألف].
وقال أبو ثور: إذا أوصى لعبده بدراهم أو بثوب فليست الوصية بشيء (1)، وبه قال إسحاق.
وقال أبو ثور: إذا أوصى له بدرهم فذلك جائز، وإن أوصى له برقبته، بطلت الوصية، من قبل أنه لايملك نفسه.

37 - باب الوصية من الرجل لأم ولده
م 2467 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه أوصى لأمهات أولاده، وروى ذلك عن عمران بن حصين، وبه قال ميمون بن مهران، والزهري، ومالك، ويحيى الأنصاري، وأحمد، وإسحاق.
وقال الحسن البصري: ما أحررت أم الولد في حياة سيدها، فهو لها، وبه قال النخعي.
قال أبو بكر: وقياس قول الشافعي أن ما بيدها للورثة إذا مات السيد.

38 - باب وصية الذي لا وارث له بجميع ماله
قال أبو بكر:
م 2468 - واختلفوا في الرجل الذي لا وارث له، يوصي بجميع ماله.
__________
(1) كذا في الأصل.

(4/433)


فرخص في ذلك قوم، ثبت أن ابن مسعود قال ذلك، وبه قال عبيدة السلماني، والحسن البصري، ومسروق، وإسحاق.
وقال أحمد: ليس له ذلك، وحكى عن ابن شبرمة أنه قال: لا يجوز أن يوصي إلا بالثلث.

39 - باب قول المريض إن من [[مرضي]] هذا فلفلان كذا
م 2469 - واختلفوا في الرجل يقول في وصيته: إن مت من [[مرضي]] هذا، أو في [[سفري]] هذا فلفلان كذا، ثم يصح من مرضه، أو يقدم من سفره.
فقالت طائفة: إذا صح، بطلت الوصية، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وبه قال الحسن البصري، والثوري.
وقال مالك: إن كتب كتابا، ثم صح من مرضه، وأقر الكتاب، فوصيته بحالها ما لم ينقضها، وإن قال قولا، ولم يكن كتب كتابا، ثم صح، أو قدم من سفره بطلت الوصية.

مسألة
م 2470 - قال مالك: إذا أوصى للرجل بخمسة دنانير، ثم أوصى له بعشرة، فله العشرة.
وقال النعمان: إذا قال: سدس مالي لفلان وصية، ثم قال: ثلث مالي
لفلان وصية، فله الثلث.

(4/434)


40 - باب الموصى له بالشيء يموت قبل الموصي
قال أبو بكر:
م 2471 - واختلفوا في الرجل يوصي [1/ 258/ب] لرجل بشيء، ثم يموت الموصى له قبل الموصي.
فقالت طائفة: تبطل الوصية، ويرجع الشيء إلى ورثة الموصي، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال الزهري، وحماد بن أبي سليمان، وربيعة، ومالك، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثان: وهو أن الوصية لولد الموصى له، هذا قول الحسن البصري.
وقال عطاء: وإذا علم الموصي بموت الموصى له، ولم يحدث فيما أوصى له شيئاً، ثم مات، فالوصية لأهل الموصى له.

مسألة
قال أبو بكر:
م 2472 - واختلفوا في الرجل يقول: لفلان ولفلان مائة درهم، وأحدهما ميت فكان الثوري، والنعمان، ويعقوب، ومحمد يقولون: هي للحي منهما.
وقال أحمد، وإسحاق: ما للحي إلا خمسون درهما، ولا وصية للميت.
م 2473 - وقال الثوري: إذا قال: بين فلان وفلان مائة درهم، وأحدهما ميت فللحي خمسون، وبه قال أحمد، وإسحاق.

(4/435)


41 - باب الرجل من المساكين يوصي له الميت بشيء ويأمر بتفريق باقي الثلث في الفقراء والمساكين
قال أبو بكر:
م 2474 - قال الحسن: إذا أوصى لرجل مسكين بعشرة دراهم، وأوصى لمساكين بدراهم، لا يعطى منها، وبه قال إسحاق، وقال: أخطأها ولا الذين قالوا يعطون مما أوصى للمساكين، إذا كانوا ما قبضوا، لم يصيروا به أغنياء.
وقال مالك: إذا أوصى بأن يفرق ورقا، وحنطة على المساكين، قال: الذين يعطيهم الورق، لا يعطيهم الحنطة.

42 - باب الوصية بالخدمة والغلة
قال أبو بكر:
م 2475 - إذا أوصى الرجل بخدمة عبده لرجل سنة، وليس له مال غيره، فقال مالك: الورثة بالخيار إن أحبوا أن يسلموا خدمته سنة، ثم يرجع إليهم العبد، وإلا أسلموا له ثلث مال الميت.
وفيه قول ثان: وهو أن يحاز منه ما حمل حملة الثلث، ويرد ما لم يحمله الثلث، هذا قول الشافعي، وقال أبو ثور: يخدم الموصى له يوما، والورثة يومين حتى يستكمل الموصى له سنة، وإن أراد الورثة بيع العبد على هذا المعنى باعوه.
م 2476 - وإذا أوصى بسكنى دار له سنة، ولا مال له غيرها، كان له أن يسكن ثلث الدار سنة.

(4/436)


وقال أصحاب الرأي في خدمة العبد كقول أبي ثور، وقالوا في السكنى: يسكن ثلثها سنة، ويسكن الورثة الثلثين أ [1/ 259/ألف].
م 2477 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بسكنى داره سنة ففي قول مالك: للذي أوصى له بالسكنى أن يكريها، وبه قال أبو ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي.
وقال أصحاب الرأي: ليس له أن يؤاجر الدار.
م 2478 - واختلفوا في إخراج الموصى له بغلة العبد بالعبد من البلد.
فقال أبو ثور: له أن يخرجه.
وقال أصحاب الرأي: ليس له أن يخرجه إلا أن يكون الموصي له أهله في غير الكوفة، فليخرجه إلى أهله.
م 2479 - فإذا أوصى رجل بخدمة عبده لرجل، ولآخر برقبته فذلك جائز، ونفقة العبد على صاحب الرقبة في قول أبي ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي.
والوصية بمثل هذا جائزة في قول الشافعي، وأصحاب الرأي، وقال أصحاب الرأي: نفقة العبد وكسوته على صاحب الخدمة.
م 2480 - واختلفوا في العبد الذي هذا سبيله، يوهب له مال.
ففي قول أبي ثور: هو للعبد، وهو يشبه مذهب مالك.
وفي قول الشافعي، وأصحاب الرأي: ما وهب للعبد من شيء فهو لصاحب الرقبة.

مسألة
قال أبو بكر:

(4/437)


م 2481 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن وصية الرجل بغلة بستانه، أو سكنى داره، أو خدمة عبده يكون من الثلث.
وممن حفظنا هذا عنه الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

43 - باب إقرار الوارث بالوصية
قال أبو بكر:
م 2482 - إذا أقر الوارث أن أباه أوصى بالثلث لفلان، وأقام آخر شاهدين أنه أوصى له بالثلث، حلف الذي أقر له الوارث إذا كان الوارث عدلا، وكان الثلث بينهما نصفين، هذا قول أبي ثور.
وقال أصحاب الرأي: يؤخذ بشهادة الشهود، ولا يكون للذي أقر الوارث شيء.
وإذا أقر فقال: أوصى لفلان بالثلث، وأوصى لفلان بالثلث، فالثلث بينهما في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي إذا كان الكلام متصلا.

44 - باب كتبة الوصية
م 2483 - روى عن أنس بن مالك أنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم، بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به فلان أنه شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا

(4/438)


رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} الآية، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله، ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا [1/ 259/ب] مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم [[بنيه]] ويعقوب، {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} الآية.
وروينا أن ابن مسعود أوصى فكتب في وصيته، بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ذكر ما وصى به عبد الله بن مسعود،. . . . . . . . . (1)
__________
(1) حدث طمس في صفحة 259/ب
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وروينا أن ابن مسعود وصى فكتب في وصيته: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ذكر ما أوصى به عبد الله بن مسعود، وإن حدث بي حدث الموت في مرضي هذا أن مرجع وصيته إلى الله - جل ذكره - ثم إلى الزبير بن العوام، وابنه عبد الله بن الزبير، وأنهما في حل وبل فيما وليا وقضيا، وأنه لا تزوج امرأة من بنات عبد الله إلا بإذنهما.»

(4/439)


. . . . . . . . (1) [1/ 260/ألف]، فأشار إليهم فقعدوا.
قال أبو بكر: فمن أشار بإشارة تفهم عنه أخرسا كان أو ممنوع الكلام، أستعمل ما أشار به، استدلالا بهذه السنة.
قال أبو بكر:
م 2487 - وإذا كتبها بين أيديهم، [[وهم]] ينظرون إليها، ويقرءون ما فيها، ثم قال: اشهدوا أن هذه وصيتي، كانت شهادتهم جائزة في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.

46 - باب إقرار بعض الورثة بالدين أو الوصية دون بعض
قال أبو بكر:
م 2488 - واختلفوا في الرجل يموت وله ابنان، يقر أحدهما بدين على أبيه.

فقالت طائفة: يخرج الدين كله من نصيب المقر إلى أن يدفع ما صار إليه، روينا هذا القول عن الشعبي، وبه قال أصحاب الرأي.
وقال آخرون: يؤخذ من المقر بقدر ما يصيبه من الدين، لو ثبت ببينة، هذا قول الحسن البصري، والنخعي، والحكم، ومالك، والشافعي، وأبي عبيد، وأبي ثور.
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: أشار المحقق إلى انتهاء السقط
ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «قال أبو بكر: ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى قاعدا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم فقعدوا.»

(4/441)


47 - باب الوارثين من جماعة الورثة يشهدان على من ورثا عنه بدين
قال أبو بكر:
م 2489 - واختلفوا في الرجلين من الورثة يشهدان على أبيهما بدين، فقبلت شهادتها طائفة إذا كانا عدلين، هذا قول الحسن البصري، والحارث العكلي، والشعبي، والنخعي، والحكم، ومالك، والشافعي، وأبي عبيد.
وقد روينا عن النخعي أنه قال: يجوز عليهما في أنصابهما، وعن الشعبى أنه قال: إنما أقرا على أنفسهما.
وبالقول الأول أقول، ولعل الشعبي، والنخعي إنما قالا ذلك إذا كانا غير عدلين، فلا يكون عنهما في المسألة اختلاف، والله أعلم.

48 - باب الإقرار بالدين
قال أبو بكر:
م 2490 - أجمع أهل العلم على أن لا وصية لوارث.
(ح 1041) وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا وصية لوارث".
م 2491 - واختلفوا في إقرار المريض للوارث بدين.
فأجازت ذلك طائفة، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإسحاق، وأبو ثور.
وأجاز شريح، والحسن البصري إقرار الرجل لامرأته في مرضه بالمهر،

(4/442)


به قال الأوزاعي.
وقالت طائفة: لا يجوز إقرار المريض في مرضه للوارث، هكذا قال شريح، وأبو هاشم، وابن أذينة، والنخعي، ويحيى الأنصاري، والثوري، وأحمد بن حنبل، والنعمان [1/ 260/ب] وأصحابه وروى ذلك عن القاسم، وسالم، وقد كان الشافعي يجيزه مرة، ثم رجع عنه فقال: لا يجوز.
وفيه قول ثالث: قاله مالك قال: إذا كان للرجل عرض [[كثير]]، فذكر أن ذلك كله لامرأته، ولم يسمع ذلك منه في حياته: أن أتهم على ذلك، لم يصدق، وإن لم يكن كذلك نظر فيه، وقال الحسن بن صالح: إذا أقر لوارث في مرضه لا يجوز إلا أن يقر لامرأته بالصداق.
وقد احتج بعض من يمنع ذلك بأنه قال: لما لم تجز الوصية للوارث، لم يجز له الإقرار، وقال آخر: سهمه في ذلك.
واحتج من يجيز ذلك بأن الرجل إذا أقر في صحته بدين لوارثه إن ذلك يلزمه، ولو أوصى له بشيء لم يجز، قال: ويقال لمن خالف ذلك: أرأيت لو أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً أقر بعضهم لوارثه بدين، أيجوز أن يتهم أحد منهم، ولو أقر أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وابن عون، وسليمان التيمي، والثوري، وابن المبارك بدين، أيجوز أن يتهموا.
(ح 1042) وقد نهى النبي- صلى الله عليه وسلم - عن الظن فقال: "إياكم والظن فانه أكذب الحديث".
فان قال قائل: أنهم ليسوا كغيرهم، فليس في أحكام الله بين الناس الأخيار منهم والأشرار فرق.

(4/443)


م 2492 - وقد أجمع أهل العلم على أن الرجل لو أوصى لوارثه بوصيته، وأقر له بدين في صحته، ثم رجع، أن رجوعه عن الوصية جائز، ولا يقبل رجوعه عن الأقرار.

49 - باب إقرار المريض بالدين لغير وارث
م 2493 - أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن إقرار المريض في مرضه بالدين لغير الوارث جائز، إذا لم يكن عليه دين في الصحة.
م 2494 - واختلفوا في المريض يقر بدين لأجنبي، وعليه دين في الصحة ببينة، فقالت طائفة: يبدأ بالدين الذي كان في الصحة، هذا قول النخعي، وأصحاب الرأي إذا كان دين الصحة ببينة، فإذا استوفى هؤلاء الذين أقر لهم في المرض يتحاصون.
وقالت طائفة: هما سواء دين الصحة، والذي أقر به في المرض، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأبي عبيد، وذكر أبو عبيد أنه قول أهل المدينة.
وممن رأى أن إقرار المريض للأجنبي بالدين جائز الثوري، وأحمد، إسحاق وبه نقول.

50 - باب الأمراض التي يجوز عطايا المريض فيها ولا يجوز [1/ 261/ألف]
م 2495 - كان عطاء بن أبي رباح يقول في رجل به الجزام، أو السل،

(4/444)


والحمى، وهو يجيء ويذهب ما صنع في ماله، فهو من جميع المال، إلا أن يكون أضنى على فراشه، وهو مذهب الأوزاعي، ومالك، والثوري، والنعمان وأصحابه، وأبي ثور.
قال أبو بكر: فأما الأمراض التي يمنع أصحابها من الإعطاء إلا من الثلث، فإنها الأمراض التي تخلف أصحابها عن المضي في حوائجهم، ويلزمهن الفرش مثل الحمى الصالب، [[والبرسام]]، والبطن، ونحو هذه الأمراض، وسأذكر ما يحضرني من اختلافهم في عطايا المرأة الحامل، وراكب البحر، والأسير، والمحصور، إن شاء الله.

51 - باب ذكر عطية الحامل
م 2496 - واختلفوا في عطية الحامل، فقالت طائفة: عطيتها كعطية الصحيح، هذا قول الحسن البصري، والزهري.
وفيه قول ثان: وهو أن ما أعطت هو من الثلث، هكذا قال ابن المسيب، وبه قال عطاء، وقتادة.
وفيه قول ثالث: وهو أنه من رأس المال ما لم يضر بها المخاض، فيكون من الثلث، هذا قول النخعي، ومكحول، ويحيى الأنصاري، والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، والثوري.
وبه نقول.
وقال أحمد، وإسحاق: إذا أثقلت لا يجوز لها الثلث.
وقال مالك: ما لم تثقل وذلك ما بينها وبين ستة أشهر، فإذا بلغت ذلك كانت قد أثقلت، وكانت كالمريض المخوف عليه، لا يجوز لها قضاء إلا في ثلثها.

(4/445)


52 - باب عطية من هو مصاف العدو
م 2497 - واختلفوا فيما يعطيه من هو في حال الحرب [[ومصافة]] العدو.
فقالت طائفة: ما أعطى من هو في تلك الحال من الثلث، هذا مذهب مالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وإن اختلفت ألفاظهم، وقال ابن المسيب: ما أعطت الحامل، والغازي فهو من الثلث.
وقد روينا عن مكحول أنه ما أعطي الغازي فهو من رأس المال ما لم تكن المسابقة، وقال الشعبي: إذا وضع رجله في الغرز، فما أوحى فهو من الثلث، وكذلك قال مسروق.
وقال الحسن البصري في الرجل يكون في المزاحفة، وركوب البحر، والطاعون، والحامل: ما أعطوا فهو جائز، ولا يكون من الثلث.
وقال النخعي: ما صنع المسافر من شيء فهو من رأس المال، وبه قال هشيم.

53 - باب عطية راكب [1/ 261/ب] البحر والمحبوس
م 2498 - روينا عن الحسن أنه قال: ما أعطى راكب البحر أنه من رأس المال، وبه قال مكحول، ما لم يهج البحر به، فيكون من الثلث.
وقال الأوزاعي كقول الحسن إلا عند تخوفه الفرق فهو من ثلثه، وقال الحسن: لما حبس الحجاج إياس بن معاوية ليس له من ماله إلا الثلث.
وقال الأوزاعي في الوصية المحصور في سبيل الله، أو في الفتنة: فهو من الثلث، وفي المحبوس ينتظر أن يقتل قوداً، أو تقفأ عينه، هي في ثلثه.

(4/446)


54 - باب وصية الأسير
م 2499 - كان الزهري يقول: لا يجوز لأسير في ماله إلا الثلث، وبه قال أحمد، وإسحاق، والثوري، وبه قال ابن أبي ليلى إذا كان خائفاً، وإن كان آمناً، فهو من رأس المال.
وفرق الشافعي بين الأسير الذي يكون في أيدي المسلمين، أو المشركين الذين لا يقتلون الأسير، فقال عطية: إذا كان هكذا من رأس ماله، وإن كانوا مشركين يقتلون الأسير، أو يدعوهم فعطيته معطية المريض، لأن الأغلب عليهم أن يقتلوا.

55 - باب من يجوز أن يكون وصياً ومن لا يجوز الوصية إليه
م 2500 - أجمع أهل العلم على أن الوصية إلى المسلم الحر الثقة العدل جائزة.
م 2501 - واختلفوا في الوصية إلى المرأة الحرة.
فقال عوام أهل العلم: الوصية إلى جائزة، وروينا عن شريح أنه أجاز ذلك، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وأبو ثور، وهو مذهب الشافعي، واحتج أحمد بأن عمر أوصى إلى حفصة.
وقد روينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال رجل أوصى إلى امرأة قال: لا تكون المرأة وصياً، فإن فعل حولت إلى رجل من قومه.

(4/447)


56 - باب الوصية إلى العبد والمكاتب
م 2502 - واختلفوا في الوصية إلى العبد.
فقالت طائفة: لا يجوز ذلك، هذا قول الشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد.
وفيه قول ثان: وهو أن يوصي الرجل إلى عبده، هذا قول النخعي، ومالك، والأوزاعي، وابن عبد الحكم.
وفيه قول ثالث: وهو أن وصيته إلى عبد نفسه جائزة، ولا تجوز وصيته إلى عبد غيره، هذا قول الأوزاعي.
وفيه قول رابع [1/ 262/ألف] قاله أصحاب الرأي قالوا: إذا أوصى الرجل إلى عبد غير هذا فالوصية باطلة، وإن أجاز مولى العبد، لأن للمولى أن يبيعه ويخرجه من الوصية، وكذلك إذا أوصى إلى عبده، وفي الورثة كبير، وإن أوصى إلى عبده والورثة صغار فالوصية جائزة.
م 2503 - واختلفوا في الرجل يوصي إلى مكاتبه.
فأبطل الشافعي، وأبو ثور وصيته.
وفيه قول ثان: وهو أن وصية الرجل إلى مكاتبه جائزة، هذا قول النخعي، وبه قال أصحاب الرأي.

57 - باب الوصية إلى الذمي
قال أبو بكر:
م 2504 - الوصية لا تجوز إلى الذمي، وهو قول مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا أحفظ عن غيرهم خلاف قولهم.

(4/448)


وبه نقول.
م 2505 - وتجوز وصية الذمي إلى المسلم في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وبه قال مالك: إذا لم يكن في تركته الخمر والخنازير.
م 2506 - واختلفوا في وصية الذمي إلى الذمي، فأجاز أصحاب الرأي ذلك.
وقال أبو ثور: إذا ترافعوا إلينا أبطلناه، وهذا يشبه مذهب الشافعي.

58 - باب الوصية إلى من ليس محمود الحال من المسلمين
قال أبو بكر:
م 2507 - كان مالك يقول: المسخوط عليه لا تجوز الوصية إليه، وهو قول الشافعي، وأبي ثور.
م 2508 - وأجاز أصحاب الرأي الوصية إلى المحدود في القذف، وأبطلوا الوصية إلى الفاسق المتهم المتخوف على ماله، قالوا: ويجعل القاضي على مكانه وصياً.

59 - باب من له أن يوصي ومن ليس له ذلك، ووصية الصبي والصبية
قال أبو بكر:
م 2509 - أجمع أهل العلم على أن وصية الحر، والحرة البالغين جائزي الأمر جائزة.
م 2510 - واختلفوا في وصية الصبي والصبية اللذين لم يبلغا.

(4/449)


فقالت طائفة: وصية غير البالغ جائزة، روينا عن عمر بن الخطاب أنه أجاز ذلك، وهو قول شريح، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وعطاء، والنخعي، والشعبى، ومالك، والشافعي، وأجاز أحمد، وإسحاق وصية ابن اثنتي عشرة سنة.
وقالت طائفة: لا تجوز وصية الصبي حتى يبلغ، روى هذا القول عن ابن عباس، وبه قال الحسن البصري، ومجاهد، وأصحاب [1/ 262/ب] الرأي.

60 - باب وصية الأحمق والموسوس
م 2511 - أكثر أهل العلم يقولون: لا تجوز وصية المغلوب على عقله، وممن قال ذلك حميد بن عبد الرحمن، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي ومن تبعهم.
وقال عطاء بن أبي رباح في الأحمق والموسوس وإن أصابا وهما مغلوبان على عقولهما: ما أحسب أنهما تجوز وصيتهما من وصية، (1) وبه قال عمرو بن دينار.
وقال إياس بن معاوية: إذا وافقت وصية الصبي والمجنون الحق جازت وصيتهما، وقال أحمد لي الضعيف في عقله، والسفيه، والمصاب الذي يجن أحياناً: ما أعرف لهؤلاء وصية، وبه قال إسحاق.
وقال مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله، والمصاب
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وقال عطاء في الأحمق والموسوس (إن) ماتا وهما مغلوبان على عقولهما ما أحسب لهما من وصية»

(4/450)


الذي يجن أحياناً، والسفيه تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون".

61 - باب وصية الذمي
م 2512 - أجمع من أحفظ عنه من أهل العلم على أن وصية الذمي للمسلم (1) بما يجوز ملكه جائزة.
م 2513 - واختلفوا في غير ذلك من وصاياهم، فقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا أوصى النصراني بأكثر من ثلث ماله، فجاءنا ورثته، أبطلنا ما جاوز الثلث منهما.
م 2514 - واختلفوا في وصية النصراني بثلث ماله، فيما لا يجوز من بناء كنيسة، أو العمارة لها فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: لا يجوز ذلك.
وقال أصحاب الرأي: نجيزه.
م 2515 - وإن أوصى بأرض له أن تبنى كنيسة، أو بيعه، جاز ذلك في قول النعمان.
ولا يجوز في قول الشافعي، ويعقوب، ومحمد.
م 2516 - ولو أوصى أن يشترى بها خنازيراً، أو خمراً يتصدق بها، أو أوصى بخنازير أبطلنا الوصية، وهذا قول أبي ثور.
وقال أصحاب الرأي: يجوز أن يوصي بذلك لأهل الذمة.
__________
(1) في الأصل "والمسلم " والتصحيح من الأوسط 3/ 174/ألف ولم يذكر المؤلف هذا الإجماع في كتاب الإجماع، وإنما أضفته في الطبعة الثانية.

(4/451)


م 2517 - ووصية المسلم للذمي جائزة في قول مالك، والثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقد روينا إجازة ذلك عن جماعة منهم شريح، والشعبي، وعطاء، وابن سيرين.
وقال ابن الحنفية، وعطاء، وقتادة في قوله: {ِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} الآية قالوا: في جواز وصية المسلم لليهودي، والنصراني.
م 2518 - فإذا دخل رجل من أهل الحرب، فأوصى بماله كله لرجل من المسلمين كان الثلث جائزاً، ويكون الباقي في بيت المال على مذهب الشافعي.
وبه نقول.
وقال أصحاب الرأي: ذلك جائز من قبل أن حكمنا لا يجزي على ورثته.
قال أبو بكر:
م 2519 - وليس للمكاتبين [1/ 263/ألف] وأمهات الأولاد أن يوصوا في شيء مما بأيديهم، إلا بإذن ساداتهم، هذا قول الشافعي في المكاتب والعبد، وبه قال أصحاب الرأي، وقال أبو ثور ويعقوب ومحمد مثله.
م 2520 - وقال أبو ثور: إذا أوصى العبد فقال: إذا أعتقت، ثم مت فثلثي لفلان، كان ذلك جائزاً، وكذلك المكاتب، والمدبر.
وقال النعمان في العبد، والمكاتب: إذا مات بعد أن قال: إذا من فلفلان ثلثي، ثم عتق، ثم أصاب مالا تجوز وصيته.

(4/452)


62 - باب ما يكون رجوعاً في الوصية ولا يكون
م 2521 - أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا أوصى لرجل بطعام فأكله، أو بجارية فباعها، أو نسي ما كان فأبلغه، أو وهبه، أو تصدق به، أن ذلك كله رجوع، وكذلك لو كانت جارية فأحبلها، وأولدها، إن ذلك رجوع.
م 2522 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بثوب فتقطعه، أو بقطن فيأمر بغزله أو بفضة فصاغها، ففي قول أبي ثور: لا يكون ذلك رجوعاً.
وقال أصحاب الرأي: ذلك كله رجوع.
م 2523 - وقال أصحاب الرأي: إذا أوصى بثوب فغسله، أو بدار فحصصها، أو بدار فهدمها فليس هذا رجوعاً في الوصية.
م 2524 - واختلفوا في الرجل يوصي للرجل بالثوب، أو عبد، ثم باعه، ثم اشتراه، فقال أبو ثور: خروجهما من يديه إبطالاً للوصية.
وقال أصحاب الرأي: وصيته ثابتة للموصى له.
م 2526 - وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا أوصى بعبد له، ثم أوصى بذلك العبد لرجل آخر، أن العبد بينهما نصفان.
م 2526 - وإذا أوصى بعبد لرجل، ثم قال: العبد الذي أوصيت [[به]] لفلان هو لفلان، كان هذا رجوعاً، والعبد للآخر منهما في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

(4/453)


63 - باب الدخول في الوصايا
م 2527 - روينا عن أبي عبيد أنه لما عبر الفرات، أوصى إلى عمر بن الخطاب، وروينا أن عثمان، وابن مسعود، والمقداد بن الأسود، وعبد الرحمن، ومطيع بن الأسود، أوصوا إلى الزبير بن العوام، وأوصى إلى ابن الزبير ستة.
وقد روينا عن عمر أنه كان أوصى لرجل، والأخبار عن الأوائل في هذا الباب تكثر.

64 - باب الرجوع فيما يوصي به المرء
م 2528 - أجمع عوام أهل العلم على أن للرجل أن يرجع في جميع ما يوصي [1/ 263/ب] به إلا العتق.
م 2529 - فإنهم اختلفوا فيه، فروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: يغير الرجل ما شاء من الوصية، وبه قال عطاء بن أبي رباح، وأبو الشعثاء، والزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، إلا المدنيين في قول مالك.
وقالت طائفة: يغير الرجل ما شاء من وصية إلا العتاقة، كذلك قال الشعبى، وابن شبرمة، وابن سيرين، والنخعي، وكان الثوري يقول: وكل صاحب وصية له أن يرجع في وصيته، ويغرها، ويبدلها، ويرجع فيها، وينقضها ما دام حياً، إلا العتاقة قال: وإن

(4/454)


قال: إن مت من مرضي هذا، فليس له أن يغيرها إن مات من مرضه، وإن صح فليس له أن يغيرها.
وقال النعمان: يرجع في ذلك كله إلا التدبير كما قال مالك.
قال أبو بكر: له أن يرجع في ذلك كله.

65 - باب ما يفعله الأوصياء في أموال اليتامى
قال الله جل وعز: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية.
م 2530 - واختلف أهل العلم فيما يأخذ الوصي من مال اليتيم.
فقالت (1) طائفة: للموصي أن يأخذ من مال اليتيم بالمعروف، واحتجوا بظاهر هذه الآية، وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: يأكل الفقير من مال اليتيم بقدر قيامه على ماله " ما لم يسرف أن يبذّر، وقالت عائشة: يأكل من مال اليتيم إذا كان يقوم على ماله، وذكرت قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية، وروينا عن عطاء، والحسن، والنخعي، أنهم قالوا: يأكل ولا يقضي، وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق: يأكل بالمعروف إذا كان يقوم بماله كما قال ابن عباس.
وقالت طائفة: يأكل ويقضي هذا قول عطاء بن أبي رباح، وعبيدة
__________
(1) وفي حاشية المخطوطة "فرخصت"

(4/455)


السلماني، وسعيد بن جبير، وقال مجاهد، وأبو العالية، وسعيد بن جبير في قوله: {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية هو الفرض.
وفيه قول ثان: روينا عن ابن عباس أنه قال: فليأكل بالمعروف من ماله حتى لا يفضي إلى مال الميت، وبه قال الحكم بن عتيبة، وقد ثبت أن ابن عمر كان يستسلف مال اليتيم ليحرزه من الهلاك، ويؤدّي زكاته من أموالهم، ورخص فيه مجاهد، والأوزاعي، والليث بن سعد.
وفيه قول ثالث: وهو أن يستقرض إن كان أبوهم أوصى إليه، وإن كان الحاكم [1/ 264/ألف] جعله وصياً، لم يستقرض، هذا قول الحسن بن صالح.

66 - باب التجارة بمال اليتيم ودفعه مضاربة
2 - واختلفوا في التجارة بمال اليتيم.
فرخصت في ذلك عائشة، والنخعي، وقال مجاهد: إن تاجرت فربحت فالربح له، وإن ضاع ضمنته.
م 2532 - واختلفوا في أخذ الوصي مال اليتيم مضاربة لنفسه.
فرخص فيه الحسن بن صالح، وإسحاق.
وأبي ذلك أحمد بن حنبل وقال: لا، وقال: إن ربح فلليتيم الربح.
م 2533 - واختلفوا في دفع الوصي مال اليتيم مضاربة.
فرخص فيه ابن عمر، والنخعي، ومالك، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، والحسن بن صالح.
وكره ذلك الحسن البصري، وهذا الباب مذكور في كتاب البيوع.

(4/456)


67 - باب بلوغ الرشد الذي يجب له دفع المال إلى اليتيم
قال الله جل ثناءه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} الآية، فقيل في قوله {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى}: اختبروا، وقوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}: الحلم، وقوله: {آنَسْتُم} قيل: عرفتم، وقيل: أحسستم.
م 2534 - واختلفوا في معنى الرشد الذي يجب بوجوده في اليتيم دفع المال إليه.
فكان ابن عباس يقول: إذا أدرك بحلم، وعقل، ووقار دفع إليه ماله، وقال مجاهد في معنى الرشد: إنه العقل.
وقال الحسن البصري، والشافعي: إذا بلغ صالحاً في دينه، حافظاً لماله، وقال ابن جريج: صلاحاً وعلماً بما يصلحه.
قال أبو بكر: وقد منع الله من دفع مال اليتيم إليه حتى يونس منه الرشد، وقد اتفقوا على دفع ماله إليه إذا بلغ النكاح، وكان صالحاً في دينه، مصلحاً لماله، واختلفوا في دفع ماله إليه على غير ذلك، ولا يجوز إطلاق المال بعد المنع إلا بحجة، وكلما أبيح خصلتين، لم يجز إطلاقه إذا انفردت إحدى الخصلتين، وقال: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الآية.

(4/457)


(ح 1043) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "لا حتى تذوقي العُسيلة".
ولا يجوز لها الرجوع إلى الزوج الأول إلا بالنكاح والدخول.
وبه أقول إن شاء الله تعالى.

68 - باب الوصي يوصي إلى آخر
م 2535 - واختلفوا في الوصي [1/ 264/ب] يحضره الوفاة، فيوصي إلى آخر.
فقالت طائفة: لا يكون الوصي وصياً للميت الأول، هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال الأوزاعي في هذا: يصير إلى القاضي فيولي عليه.
وقال الشافعي، وأحمد: وإن كان الموصي قد جعل الموصى إذا حضرته الوفاة أن يوصي بوصيته إلى من رأى، فله أن يوصي بذلك إلى من رأى.
وأجازت ذلك طائفة: وممن أجاز ذلك مالك، والثوري، والنعمان، ويعقوب.

69 - باب بيع الوصي العقارعلى الورثة
م 2536 - اختلف أهل العلم في بيع الوصي العقار على الورثة.
فأجاز بيع الوصي ذلك على الصغار والكبار طائفة هذا قول النعمان.
وقال الثوري، وأحمد، وإسحاق: الوصي بمنزلة الأب يبيع إذا رأى الصلاح، وقال ابن أبي ليلى: يبيع العقار على الصغار والكبار، إذا باع

(4/458)


ذلك مما لا بد منه.
وقال يعقوب، ومحمد: إذا لم يكن عليه دين، ولم يوص بوصية، فليس للموصي أن يبيع حصة الكبار من العقار، وله أن يبيع حصة الصغار في قولهما، كل شيء للوصي أن يبيع فيه العقار فله أن يبيع، ما سوى ذلك من الحيوان والعروض.
وقال الشافعي في بيع الوصي العقار على الكبار: باطل، وما باع على الصغار فيما لا صلاح لمعاشهم إلا به، وكان بيع غبطة فهو جائز، وإن كان على غير ذلك كان مردوداً.

70 - باب الوصيين يختلفان عند من يكون المال
م 2537 - واختلفوا في الوصيين يختلفان عند من يكون المال.
فقال مالك: يكون عند أعدلهما.
وقال أصحاب الرأي: يكون عند كل واحد منهما نصفه، وإن أحبا استودعاه رجلاً، وإن أحبا كان عند أحدهما.

71 - باب قسم الوصي المال بين الورثة والموصي له
م 2538 - كان النعمان يقول: مقاسمة الوصي الموصى له بالثلث على الورثة جائزة، ومقاسمة الورثة الموصي عن الموصي له لا يجوز، ولا يجوز قسمة الوصي بين الأصاغر.
وقال أصحاب الرأي: إذا قاسم الوصي الورثة، وأهل الوصية غيب، وأعطى أهل الوصية فهلك الثلثان من يدي الوصي، لم يكن

(4/459)


للورثة أن يرجعوا على أهل الوصية بشيء؛ لأن الوصي وصى للوارث، وليس للموصى له.
وقال أبو ثور كما قال النعمان في قسم الوصي المال بين الصغار، وقال: وإذا كان فيهم كبار [1/ 265/ألف] جازت قسمته، وذلك أنه يقاسم الكبار والصغار.
وكان الحسن بن صالح يرى أن يقسم الوصي مال اليتامى على الصغير، ولا يقسم على الكبير الغائب.

72 - باب الوصي يتغير حاله
قال أبو بكر:
م 2539 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوصي إذا كان ثقة أميناً غير مضيع، أن نزع المال من يده غير جائز.
م 2540 - واختلفوا في الوصي يكون أميناً فيتهم.
فقالت طائفة: إن اتهم جعل معه غيره، كذلك قال الحسن، وابن سيرين، وأحمد.
وقالت طائفة: توزع منه الوصية إذ اتهم، كذلك قال الثوري، وإسحاق.
وقال الشافعي: إذا كان أميناً ضعيفاً ضم إليه آخر، فإن ضعف عن الأمانة أخرج بكل حال.
وقال يعقوب: إن كان ثقة وهو ضعيف أدخل معه غيره.

(4/460)


73 - باب الوصيين يبيع أحدهما دون الآخر
م 2541 - واختلفوا في الوصيين يبيع أحدهما دون الآخر.
فقالت طائفة: لا يجوز، كذلك قال مالك، والنعمان، ومحمد وهو قياس قول الشافعي، وقال يعقوب: ذلك جائز.
م 2542 - وقال النعمان: إذا اشترى أحدهما طعاماً للورثة، أو كسوة، أو كفن الميت، فذلك جائز.
ولا يجوز عند الشافعي أن يفعل أحدهما شيئاً من بيع ولا شرى، إلا من صاحبه.

مسألة
م 2543 - وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الأب يقوم في مال ولده الطفل، وفي مصالحه، إذا كان ثقة أميناً، وليس للحاكم منعه من ذلك.
م 2544 - وقياس قول الشافعي، والكوفي: أن الجد أب الأب يقوم في ذلك مقام الأب.

74 - باب جامع الوصايا
قال أبو بكر:
م 2545 - وإذا اشترى الوصي للأيتام طعاماً أو كسوة من مال نفسه، ليرجع به

(4/461)


في مال اليتيم، فله أن يرجع في قول النعمان وأصحابه، وأبي ثور، ما لم يمنعه وارث، فإن منعه وارث، رجع مان من ذلك ببينة.
وفي مذهب الشافعي لا يرجع بشيء، وهو متطوع بما فضل.
م 2546 - وإذا بلغ الأيتام فقال الوصي: قد دفعت إليهم أموالهم، فإنه يقيم الوصي البينة، فإن أقام الوصي البينة، وإلا عزم في قول مالك، والشافعي.
م 2547 - واختلفوا في الرجل يأمر في وصيته أن يضع الوصي ماله حيث شاء.
فكان مالك بن أنس يقول: يجعل في سبيل الخير، ولا يأكله.
وقال أبو ثور: وإذا قال: يضعه فلان حيث [1/ 256/ب] أحب كان له أن يضعه حيث أحب لنفسه، وولده، ولمن شاء وإن جعله لبعض ورثة الميت كان ذلك جائزاً، وبه قال أصحاب الرأي كما قال أبو ثور، غير أنهم قالوا: ليس له أن يجعله لأحد من ورثة الميت.
م 2549 - وقال الشافعي: إن جعل إليه أن يجعله حيث أراه الله فليس له أن يأخذ لنفسه منه شيئاً، ولا يعطيه وارثاً للميت، وليس له أن يضعه فيما ليس للميت فيه نظر، ويسلك فيه سبل الخير.
م 2549 - وقال الثوري: إذا باع الرجل بيعاً في مرضه، فأرخص فيه على صاحبه، ففصل البيع إن مات، هو وصيه، وكذلك قال الأوزاعي، والحسن بن صالح، وهو يشبه مذهب الشافعي.

75 - باب صدقة التطوع والعتق عن الموتى
م 2550 - ثبت أن عائشة أم المؤمنين أعتقت عن أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر

(4/462)


عبداً، وروينا عنها أنها أعتقت عنه بعدما مات، وكان طاؤوس يعجبه صدقة الحي عن الميت.
وقال الشافعي: يلحق الميت عن فعل غيره وعمله ثلاث: حج يؤد عنه، ومال يتصدق به عنه، أو يقضي، أو دعاء.
قال أبو بكر: الأخبار دالة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على إجازة الصدقة عن الموتى.
(ح 1044) ثبت أن امرأة قالت: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم! إن أمي اقتتلت نفسها، وأظنها لو تكلمت لصدقت، هل لي من أجر إن تصدقت عنها؟
قال: نعم.
(ح 1045) روينا عن سعد بن عبادة أنه قال: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -! إن أمي توفيت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء.
(ح 1046) وروينا عنه أنه قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
م 2551 - وممن كان يجيز الحج التطوع عن الميت الأوزاعي، وأحمد.
وللشافعي فيها قولان: أحدهما أنه جائز، والآخر المنع منه.

(4/463)


76 - باب إعطاء من يحضر قسم الميراث من تركة الميت
م 2552 - اختلف أهل العلم في القوم يحضرون قسم الميراث.
فقالت طائفة: يستعمل ظاهر قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} الآية، كما فعل أبو موسى الأشعري وقضى بها، وفعل ذلك عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، فذكر ذلك لعائشة فقالت: عمل بالكتاب [1/ 266/ألف]. . . . . . (1)
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «كما فعل أبو موسى وقضى بها، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر فعل مثل ذلك حين قسم ميراث أبيه، يعني: أمر بشاة، فاشتريت من المال، وبطعام فصنع حين قسم ميراث، قالت: فذكرت ذلك لعائشة - رضي الله عنها - فقالت: عمل بالكتاب، هي لم تنسخ.
وقال أحمد بن حنبل وقد سئل عن ذلك، فقال: أبو موسى أطعم بها، وعبد الرحمن بن أبي بكر وكذلك قال إسحاق.
وقال ابن عباس: محكمة ليست بمنسوخة. وروينا عنه أنه قال: هي قائمة يعمل بها.»

(4/464)


انتهى الجزء الرابع ويليه الجزء الخامس وأوله كتاب النكاح

(4/468)


الإشراف
على مذاهب العلماء
لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر
النيسابوري 318هـ
المجلد الخامس
حققه وقدم له وخرج أحاديثه
د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري

(5/1)


الإشراف
على مذاهب العلماء

(5/2)


حقوق الطبع محفوظة للناشر
الطبعة الأولى
1426هـ - 2005 م
الناشر
مكتبة مكة الثقافية
هاتف: 2361835 - 7 - 00971
فاكس: 2362836 - 7 - 00971
ص. ب. 2326
رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة

(5/3)


ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في الدراسة والتحقيق:]ـ
لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب المحققة، وهي كالتالي:
1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي.
2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها أو مختلفا فيها.
3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف.
4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة.
5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة.
6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي كالتالي:
بق: البيهقي في السنن الكبرى.
طف: ابن جرير الطبري في تفسيره.
ت: الترمذي في جامعه.
عب: عبد الرزاق في المصنف.
جه: ابن ماجه في سننه.
قط: الدارقطنى في السنن.
حم: أحمد بن حنبل في مسنده.
م: مسلم بن الحجاج في الصحيح.
خ: البخاري في الصحيح.
مط: مالك بن أنس في الموطأ.
د: أبو داود في السنن.
مي: الدارمي في السنن.
شب: ابن أبي شيبة في المصنف.
ن: النسائي في السنن.
ط: طبقات.

(5/4)