الإشراف على مذاهب العلماء

56 - كتاب الظهار
قال الله جل ذكره: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} الآية.
(ح 1144) وفي حديث خويلة امرأة أوس بن الصلت أنه قال لها: أنت علي كظهر أمي لذكر ذلك لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فأمره رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالكفارة.
م 3112 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن تصريح الظهار أن يقول الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي.
واختلفوا في الظهار ببعض الجسد سوى الظهر، وأنا مبين ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.

1 - باب الظهار في المرأة الواحدة مراراً
م 3113 - واختلفوا في الرجل يظهار من امرأته مراراً.
فقالت طائفة: عليه كفارة واحدة، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وعطاء بن أبي رباح، وجابر بن زيد، والشعبي، وطاووس.

(5/287)


وبه قال الزهري، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وقالت طائفة: عليه كفارات [2/ 74/ب] إذا أراد بكل واحدة منها ظهاراً غير صاحبه قبل أن يكفر، وشبهوا ذلك بالطلاق، وهذا قول الثوري، وبه قال الشافعي إذ هو بالعراق.
وروينا عن علي أنه قال إذا ظهار من امرأته مقاعد شتى في أمر واحد فكفارات شتى، وإن ظهار في مقعد واحد فكفارة واحدة، وبه قال عمرو بن دينار، وقتادة.
وقال أصحاب الرأي: إذا ظهار مرات في مجالس مختلفة فلكل مرة كفارة، وإذا ظهار منها في مجلس واحد ثلاث مرات، أو أربع، فعليه لكل ظهار كفارة، إلا أن يكون نوى الظهار الأول فعليه كفارة
واحدة.

2 - باب ظهارالرجل من أربع نسوة
م 3114 - واختلفوا في الرجل بظاهر من ثلاث نسوة أو أربع.
فقالت طائفة: عليه كفارة واحدة، عن عمر بن الخطاب.
وبه قال الحسن، وعطاء، وعروة، وربيعة، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وقالت طائفة: عليه لكل امرأة كفارة كذلك قال النخعي، والزهري، ويحيى الأنصاري، والثوري، وأصحاب الرأي.
وبه قال الشافعي، وقد كان يقول قبل ذلك كما روي عن عمر.
قال أبو بكر: هذا أولى إن شاء الله.

(5/288)


3 - باب الظهار بذوات المحارم
م 3115 - واختلفوا في الظهار بذوات محارم سوى الأم.
فقالت طائفة: الظهار من كل محرم يحرم عليه نكاحه، هذا قول الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، وجابر بن زيد، وعطاء، والزهري، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وأصحاب الرأي.
وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وقال الشافعي: إذ هو بالعراق: وفي الظهار بما سوى الأم قولان.
أحد: كقول هؤلاء.
والقول الآخر: أنه لا يكون إلا بالأم، ثم قال بمصر كما ذكرناه عن جمل الناس.
وفيه قول ثان: وهو أن الظهار لا يكون إلا بأم أو جدة، هذا قول قتادة، وروي عن الشعبي أنه قال: الأم وحدها، وحكى أبو ثور هذا القول عن الشافعي.

4 - باب الظهار بالأب أو الأجنبي
م 2116 - واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت علي كظهر أبي، فقال الشافعي: لا يكون ظهاراً.
وقال مالك: هو مظهار، وبه قال أحمد وقال جابر بن زيد، وأحمد: إذا قال: أنت علي كظهر لرجل،
فهو مظهار [2/ 75/ألف].

(5/289)


5 - باب الظهار ببعض الجسد سوى الظهر
م 3117 - قال جابر بن زيد: البطن، والظهر سواء إذا قال لها: أنت عليّ كبطن أمي.
وبه قال الثوري، والشافعي، وكذلك قال النعمان في الفرج، إذا قال: أنت عليّ كفرج أمي، وبه قال ابن القاسم صاحب مالك، وأبو عبيد.
وقال أصحاب الرأي: إذا قال كفرجها، أو كبطنها، أو كيدها، أو كجسدها فهو مظهار، وإن قال: كيدها، أو كرجلها فليس بشيء، وكذلك إذا قال: شعرك عليّ كظهر أمي كان باطلاً.

6 - باب إذا قال لها: أنت عليّ مثل أمي
م 3118 - كان الشافعي يقول: إذا قال لزوجته: أنت عليّ أو عندي مثل أمي، أو عدل أمي، فأراد الكرامة فلا ظهار، وكذلك قال أبو ثور، إذا لم يكن في غضب، وقال أحمد: إذا قال: أنت أمي إن فعلت كذا، فعليه الكفارة.
وقال إسحاق: ليس عليه شيء إلا أن ينوي الظهار.
وفي كتاب محمد بن الحسن: إن عني الظهار فهو ظهار، وإن عنى الكرامة فليس بظهار، وإن يكن له نية فليس بشيء، وهذا قول النعمان.
وفي قول يعقوب: هو تحريم إذا لم يكن له نية.
وفي قول محمد: هو ظهار إذا لم يكن له نية.

(5/290)


7 - باب إذا قال الرجل لزوجته: أنت عليّ حرام كأمي
م 3119 - واختلفوا في هذه المسأله فذكر ابن القاسم أن في قول مالك: هو مظهار. وقال النعمان، ومحمد، إذا أراد طلاقاً فهو طلاق، وإن أراد ظهاراً فهو ظهار.
وقال محمد: إذا لم يرد واحداً منهما فهو ظهار.
وقال أبو ثور: عليه كفارة يمين.
قال أبو بكر:
م 3120 - فإن قال: أنت عليّ حرام كظهر أمي ففي قول الشافعي: إن أراد طلاقاً فهو طلاق، وإن لم يرد طلاقاً فهو مظهار.
وقال أبو ثور: هو ظهار، وبه قال النعمان.
وقال يعقوب، ومحمد: إن أراد طلاقاً فهو طلاق.

8 - باب ظهار المرأة من الزوج
م 3121 - واختلفوا في ظهار المرأة من الزوج، فقالت طائفة: ليس ذلك بشيء، كذلك قال الحسن البصري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، والنعمان.
وقال النخعي: إن قالت ذلك بعد ما تزوج فليس بشيء [2/ 75/ب].
وقال الزهري: هو ظهار.
وقال أحمد: الأحوط أن يكفر.

(5/291)


وقال الأوزاعي: إذا قالت: إن تزوجت فلاناً فهو عليّ كظهر أمي، فهو ظهار إذا تزوجها.
وقال عطاء: إذا قالت: هو عليها كأبيها، فإن ذلك يمين وليس بظهار.

9 - باب الظهار من الإماء
م 3122 - واختلفوا في الظهار من الأماء، فقال سعيد بن المسيب، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، والشعبي، والنخعي، وعمرو بن دينار، وسليمان بن يسار، والزهري، وقتادة، والثوري، ومالك في الظهار في الأمة: كفارة تامة.
وفيه قول ثان: وهو أن لا ظهار إلا من الزوجة، كذلك قال
الشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وصاحباه.
وقد روينا عن الحسن قولاً ثاثاً، وهو إن كان يطأها فهو ظهار، وإن لم يطأها فليس بظهار.
وفيه قول رابع: وهو إن كان يطأها فهو ظهار، وإن لم يكن يطأها فكفارة يمين. هذا قول الأوزاعي.
وقال أحمد: يكفر يمينه.
وفيه قول خامس: وهو أن عليه نصف كفارة الحر، كما عدتها شطر عدة الحرة. هذا قول عطاء بن أبي رباح.

(5/292)


10 - باب اختلافهم في معنى قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}
م 3123 - قال طاووس: الوطئ إذا تكلم بالظهار، والمنكر، والزور، فحنث، فعليه الكفارة.
وبه قال الزهري، وقتادة.
وقال الحسن: الغشيان في الفرج.
وفيه قول ثان: وهو أن يجمع على إصابتها، فماذا فعل ذلك، فقد وجبت عليه الكفارة، هذا قول مالك.
وقال أحمد: إذا أراد أن يغشي كفر.
وفيه قول ثالث: وهو أن الظهار إذا خرج من لسانه فقد وجب عليه.
هذا قول الثوري، وروي ذلك عن طاووس.
وفيه قول رابع: وهو أنه إذا عزم على إمساكها ولم يطلقها بعد الظهار فقد وجبت الكفارة عليه، هذا قول الشافعي.
وفيه قول خامس: قاله بعض أهل الكلام، قال: كذا أعاد فتظهار منها ثانياً، وجبت عليه الكفارة.

11 - باب الظهار يحدث بعد الطلاق
م 3124 - واختلفوا في المظاهر يطلق امرأته، وتنقضي عدتها، ثم ينكح.

(5/293)


فقالت طائفة: إذا نكحها عاد عليه الظهار، هذا قول عطاء، والزهوى، والنخعي.
وبه قال مالك، وأبو عبيد.
وفيه قول ثان: وهو أنها إذا بانت منه سقط [2/ 76/ألف] عنه الظهار، روي هذا القول عن الحسن، وقتادة.
وقال الشافعي: إذا أتبع المظاهر طلاقاً لم يكن عليه كفارة، فإن راجعها في العدة فعليه الكفارة، ولو انقضت العدة، ثم نكحها، لم يكن عليه كفارة.

12 - باب الظهار إلا أجل معلوم
م 3125 - واختلفوا في المظاهر من زوجته شهراً أو يوماً، أو ما أشبه ذلك، فقالت طائفة: إذا برّ المظاهر لم يكفر، هذا قول عطاء، وقتادة، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
قال أبو بكر: ولا يشبه ذلك مذهب الشافعي؛ لأنه يقول: إذا مسكها بعد التظهار ساعة فقد عاد لما قال، ووجبت عليه الكفارة.
وفي قول ثان: وهو أن المظاهر يكفر وإن برّ هذا قول طاووس، وابن أبي ليلى.
وفي قول ثالث: قاله أبو عبيد، وزعم أنه يجمع بين المذهبين.
قال أبو بكر: وهو إلى الخروج منها أقرب.
قال أبو عبيد: إن كان المظاهر أجمع على غشيان امرأته قبل انقضاء المدة، لزمه الكفارة، فإن لم يكن كل ذلك وذهب الوقت، فلا كفارة عليه.

(5/294)


13 - باب الظهار قبل النكاح
م 3126 - واختلفوا في الظهار قبل النكاح.
فقالت طائفة: إذا نكح وقد تظهار منها قبل أن ينكح فعليه كفارة الظهار، هذا قول ابن المسيب، والحسن، وعطاء، وعروة بن الزبير، ومالك، وأحمد، وإسحاق.
وفيه قول ثان: وهو أن ذلك ليس بشيء، هكذا قال ابن عباس، والثوري، والشافعي، والنعمان.
وبه نقول.

14 - باب الكفارة قبل الغشيان في الظهار
م 3127 - واختلفوا في المظاهر يطأ زوجته التي ظهار منها قبل أن يكفر.
فقالت طائفة: يستغفر الله ويكفر كفارة واحدة، هكذا قال عطاء، والحسن، وجابر بن زيد، والنخعي، وأبو مجلز، وعبد الله ابن أذينة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثان: وهو أن عليه كفارتين، روي هذا القول عن عمرو بن العاص، وقبيصة بن ذؤيب، وسعيد بن جبير.
وبه قال الزهري، وقتادة.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

(5/295)


(ح 1145) لحديث [2/ 76/ب] سلمة بن صخر أنه تظهار عن امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفارة واحدة.

15 - باب مباشرة المظاهر زوجته التي تظاهر منها
م 3128 - واختلفوا في قبلة المظاهر زوجته، ومباشرتها، فروي عن الحسن أنه قال: لا بأس بذلك.
وقال عطاء، وعمرو بن دينار، والزهري، وقتادة في قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} الآية أنه الوقاع نفسه.
ورخص في القبلة، والمباشرة، الثوري، وأبو ثور، وقال أحمد، وإسحاق، نرجو أن لا يكون به بأس.
وفيه قول ثان: وهو أن ليس للمظهار أن يقبل، ولا يتلذذ منها بشيء، هذا قول الزهري، ومالك، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، وأبو عبيد.
وبه قال النخعي.

16 - باب الكفارة بالإطعام قبل المسيس
م 3129 - كان عطاء، وقتادة، والزهري، والشافعي يقولون: لا يطأ حتى

(5/296)


يطعم، وقال أصحاب الرأي: وإذا أطعم بعض الطعام ثم جامع، أطعم ما بقي.
وقال أبو ثور: جائز أن يجامع قبل الطعام.

17 - باب ظهار العبد
م 3130 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن ظهار العبد مثل ظهار الحر.
واختلفوا فيما يجب عليه من كفارة.
فقال مكحول: يصوم شهرين، ولا يعتق إلا بإذن مولاه.
وقال الزهري: يصوم شهرين، وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا يجزيه عند الشافعي، والكوفي إلا الصيام.
وقال أبو ثور: يعتق إذا أعطاه سيده.

18 - باب وفاة المرأة التي يظاهر منها زوجها قبل الكفارة
م 3131 - واختلفوا في الرجل يظهار من زوجته ثم تموت، أو يموت ولم يكفر.
فقال عطاء، والنخعي، والحسن: يتوارثان ولا يكفر.
وبه قال الأوزاعي: وحكي أبو عبيد هذا القول عن مالك، والثوري.

(5/297)


وفيه قول ثان: وهو أن يكفر ويرث، هكذا قال الزهري، والشعبي، وقتادة، وهو قول الشافعي.
وقال أبو عبيد: يرث على كل حال إن كان عزم بقلبه على أن يقربها، ثم ماتت فعليه (1) كفارة.

19 - مسائل من كتاب الظهار
م 3132 - كان مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: الكفارة [2/ 77/ألف] على كل حر وعبد من المسلمين من زوجة حرة كانت، أو أمة مسلمة، أو نصرانية، أو يهودية.
م 3133 - وقال أبو ثور: إلا الرتقاء فإنه لا يلزمه الظهار.
وفي قول أصحاب الشافعي، وأصحاب الرأي: الظهار عليه في الرتقاء.
م 3134 - وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا ظاهر من امرأته أمة، ثم اشتراها فالظهار لازم له.
م 3135 - وكان الشافعي يقول: لا يلزم غير البالغ الظهار، ولا المعتق، ولا المغلوب على عقله بغير سكر، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي.
وبه نقول.
م 3136 - وقالوا جميعاً فيمن يجن ويفيق إذا آلي، أوظهار في حال إفاقته، فالظهار لازم له.
م 3137 - ولا يلزم السكران الظهار في قياس قول عثمان بن عفان، وبه قال أبو ثور، ويلزمه في قول الشافعي، وأبي ثور.
م 3138 - ولا يلزم المكره الظهار.
__________
(1) في الأصل: "فعليها الكفارة".

(5/298)


وفي قول أصحاب الرأي: يلزمه.
قال أبو بكر: لا يلزمه
م 3139 - وقال الشافعي: إذا تظهار الأخرس وهو يعقل الإشارة، أو الكتابة لزمه الظهار، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي.
وكذلك قالوا: إذا نوى كتابه الظهار.
م 3140 - وقال الشافعي: إذا ظهار من زوجته، ثم قال لأخرى: قد أشركتك معها، فعليه فيها مثل ما على الذي يظهار منها، وحكي أبو ثور ذلك عن الكوفي.
م 3141 - وإذا قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي إن شاء الله، فليس بظهار.
وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

جماع أبواب كفارات الظهار
20 - أبواب العتق في الظهار
قال الله جل ذكره: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} الآية.
م 3142 - وقد أجمع أهل العلم على أن من وجبت عليه رقبة في ظهار، فأعتق عن ذلك رقبة مؤمنة، أن ذلك يجزى عنه.
م 3143 - واختلفوا فيمن اعتق عن ظهاره عبداً يهودياً، أو نصرانياً، فأجازت طائفة ذلك على ظهار الكتاب، هذا قول عطاء، والنخعي، والثوري، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

(5/299)


وفيه قول ثان: وهو أن لا يجزي في شيء من الكفارات إلا عتق مسلم، هذا قول الحسن البصري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبي عبيد.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، ومالك لأنهم لم يجعلوا حكم أمهات النساء حكم الربائب، وقالوا: لكل آية حكمها، فما أطلقه الله فهو مطلق، وأولى الناس بأن يقول لكل آية حكم، من يمنع أن يقاس أصل على أصل.

21 - باب عتق المدبر في كفارة الظهار
م 3144 - كان الحسن البصري، [2/ 77/ب] ومالك، والأوزاعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي يقولون: لا يجوز عتق المدبر في الظهار.
وقد اختلف فيه عن الحسن.
وقال الشافعي، وأبو ثور، ذلك جائز.
وبه نقول.
(ح 1146) لأن النبي باع مدبراً.

22 - باب عتق المكاتب في الظهار
م 3145 - كان مالك، والشافعي، وأبو عبيد يقولون: لا يجزي عتق المكاتب عن الظهار. وقال الليث بن سعد، والأوزاعي، وأصحاب الرأي: إن كان أدى بعض الكتابة لم يجز.

(5/300)


وقال أحمد، وإسحاق: إن كان أدى الثلث إلى النصف إلى الثلثين، لا يعجبنا، وإنْ لم يكن أدى شيئاً، فنعم.
وفيه قول رابع: وهو أن ذلك جائز، وذلك أنه عبد ما بقي عليه شيء، هذا قول أبي ثور.

23 - باب عتق أم الولد عن الظهار، وولد الزنا
م 3146 - وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي: لا يجزي عتق أم الولد عن الرقبة الواجبة.
وقال طاووس، وعثمان البتي: عتقها جائز عن الظهار.
م 3147 - واختلفوا في عتق ولد الزنا عن الواجب، فقال النخعي، والشعبي، والأوزاعي: لا يجوز.
وقال الحسن، وطاووس، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد: عتقه جائز عن الواجب.
وروينا عن هذا القول عن فضالة بن عبيد، وأبي هريرة.
وبه نقول.

24 - باب عتق الصغير وشرى من يعتق على المرء
م 3148 - كان الحسن، وعطاء، والزهري، والنخعي، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يجزي عتق الصغير عن كفارة الظهار.
وقال مالك: يجزي إذا كان من قصر النفقة.

(5/301)


وقال أحمد: حتى يصلي؛ لأن الإيمان قول وعمل.
وقد روينا عن النخعي أنه قال: يجوز الصبى في كفارة الظهار، ولا يجوز في كل النفس إلا من صام، وصلى.
قال أبو بكر: جائز عتقه في الرقبة الواجبة لدخوله في جملة الرقاب.
م 3149 - واختلفوا فيمن اشترى أباه، أو أمه، ينوي بشرائه العتق عن كفارة وجبت عليه، فقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: لا يجزيه.
وقال أصحاب الرأي: يجزيه، وهو استحسان.

25 - مسائل من باب العتق عن الظهار
م 3150 - كان الشافعي، وأبو ثور يقولان: يجزي أن يعتق عبداً بينه وبين آخر عن ظهار عن رقبة عليه.
وقال النعمان: لا يجزيه.
وقال يعقوب، ومحمد: إن كان موسراً ضمن لشريكه، [2/ 78 ألف] ويجزيه.
م 3151 - واختلفوا فيمن أعتق نصف عبد له عن ظهار، فحكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال: هو حر كله، ويجزيه، وبه قال يعقوب، ومحمد.
وقال النعمان: لا يجزيه، وإن أعتق النصف الباقي عن ظهاره أجزاه.
وقال أبو ثور: لا يجزيه؛ لأنه لم يقصد بالعتق النيه.
قال أبو بكر: هذا أصح.

(5/302)


م 3152 - واختلفوا فيمن أعتق ما في بطن جاريته عن ظهاره، ثم خرج حيا، ثم مات، فإن أبو ثور يقول: يجزيه إذا علم أن الولد كان في بطنها يوم أعتقه.
وقال أصحاب الرأي: إذا جاءت به لستة أشهر أو أقل، أو لأكر لم يجزه.
وقال الشافعي: لا يجزيه.
م 3153 - وفي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي: لا يجزي أن يصوم شهراً ويعتق نصف عبد عن ظهار حتى يأتي بكفارة كاملة من العتق، أو الصوم، أو الإطعام على ما يجب.
م 3154 - واختلفوا في الرجل يكون عليه الرقبة فيقول للرجل: اعتق عني عبدك، فأعتقه، فقال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور: يجزيه، ويكون الولاء للذي عليه الكفارة.
وقال النعمان: العتق عن الذي أعتق، والولاء له، ولا يجزي العتق عن المعتق عنه، وبه قال محمد.
وقال يعقوب: ويجزي العتق عن المعتق عنه، ويكون الولاء له.

26 - باب العيوب التي تجزئ في الرقاب الواجبة ولا تجزى
3155 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن من العيوب التي تكون في الرقاب ما تجزى، ومنها ما لا تجزى، فمما أجمعوا عليه أنه لا يجزى إذا كان أعمى، أو مقعداً، أو مقطوع اليدين، أو أشلهما،

(5/303)


أو الرجلين، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وبه قال الأوزاعي، وأبو عبيد، في الأعمى، والمعقد.
م 3156 - وأجمع هؤلاء على أن الأعور يجزي، والعرج الخفيف، وقال مالك: إذا كان عرجاً شديداً لا يجزي.
وقال أصحاب الرأي: يجزي أقطع أحد اليدين، أو أحد الرجلين.
ولا يجزي ذلك في قول الشافعي، ومالك، وأبي ثور.
م 3157 - واختلفوا في الأخرس. ففي قول الشافعي، وأبي ثور: يجزي الأخرس.
وقال أصحاب الرأي: لا يجزي.
م 3158 - وقال [2/ 78/ب] مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجزي المجنون المطبق عن الرقاب الواجبة.
م 3159 - وقال مالك: فيمن يجن فيفيق، لا يجزي.
وقال الشافعي: يجزي.
م 3160 - ولا يجزي من قد أعتق إلى سنتين في قول مالك.
ويجزي في قول الشافعي.
م 3161 - ولا يجزي في قول مالك، والشافعي، وأحمد: رقبة تشترى بشرط أن يعتق عن الرقاب الواجبة.

(5/304)


27 - باب صيام المظاهر وغيره من المتتابع يقطعه الصائم من غير عذر
قال الله جل ذكره: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} الآية.
م 3162 - وأجمع أهل العلم على أن من صام بعض الشهرين، ثم قطعه من غير عذر، فأفطر أن عليه أن يستأنف الصيام.
م 3163 - وأجمعوا على الصائمة صوماً واجباً إن حاضت قبل أن تتمه، أنها تقضي أيام حيضتها إذا طهرت.
م 3164 - واختلفوا في الصائم يصوم بعض صومه، ثم يمرض.
فقالت طائفة: يبنى إذا صح، روينا هذا القول عن ابن عباس.
وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، وعطاء، والشعبي، ومجاهد، وطاووس، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وبه نقول، وذلك لما أجمعوا على أن الحائض تبنى، فكذلك هذا بيني، إذ كل واحد منهما معذور فيما أصابه.
وقالت طائفة: يستأنف الصوم، هذا قول النخعي، وسعيد بن جبير، والحكم بن عتيبة، والثوري، وأصحاب الرأي.
وكان الشافعي، إذ هو بالعراق يقول: يبنى إذا صح.
وقال بمصر: يستأنف.
م 3165 - واختلفوا فيمن عليه صوم شهرين متتابعين فسافر وأفطر.

(5/305)


فقالت طائفة: إذا أفطر صائم بقيته، روي هذا القول عن الحسن.
وأبي ذلك كثير من أهل العلم، وقالوا: السفر شيء اختاره هو، وأدخله على نفسه، بل يستأنف، هذا قول مالك بن أنس، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وبه نقول.
م 3166 - واختلفوا فيمن عليه صوم شهرين متتابعين. فصام شعبان، ورمضان، فكان مجاهد، وطاووس يقول يقولان: يجزيه.
ووقف أحمد عن الجواب فيه.
قال أصحاب الرأي: إذا صام رمضان ينوي به أحد الشهرين المتتابعين، أجزأه عن رمضان ولا يجزيه عن صوم الشهرين.
وقال الشافعي: لا يجزيه ذلك عن رمضان، ولا عن غيره، وعليه قضاء صيام شهر رمضان.
وفيه قول رابع: قال أبو ثور: إن كان صام وهو لا يعلم برمضان [2/ 79 ألف] أجزأه. وعليه رمضان، وذلك أن يكون في موضع لا تعرف الأهلة، وإن عرف رمضان وصامه، لم يجزه عن الكفارة.
قال أبو بكر:
م 3167 - وإن صام شهرين أحدهما شهر رمضان في السفر لم يجزه في قول الشافعي، ويعقوب، ومحمد.
ويجزيه ذلك في قول أبي ثور، والنعمان.

(5/306)


قال أبو بكر: لا يجزيه صوم الظهار إلا بنية:
(ح 1147) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنية".

28 - باب الظهار وغيره من المتتابع يؤسر صاحبه قبل الاكمال
م 3168 - قال الحسن البصري، وابن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، والحكم، وحماد، والثوري، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي: إذا صام بعض الصوم، ثم أيسر، هدم الصوم، وعليه أن يعتق رقبة.
وفيه قول ثان: وهو أن يمضي في صومه، هذا آخر قول الحسن البصري.
وبه قال قتادة، ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور.
وبه نقول.

29 - باب صيام العبد كفارة الظهار وما يجزيه من الكفارة
م 3169 - واختلفوا فيما يجزي العبد من الكفارة إذا ظاهر من زوجته، فكان الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق يقولون: يصوم شهرين.
وبه قال مالك، والأوزاعي.
وقال الأوزاعي: فإن لم يستطع الصيام فأطعم عند أهله أجزاه، وإن كان له عبد فأذن له مولاه أن يطعم، أو يعتق أجزأه.

(5/307)


وقال مالك: "لا يجزيه العتق وإن أذن له سيده، وأرجو أن يجزي الأطعام، والصوم أحب إلي.
وأنكر ابن القاسم هذا وقال: إنما يجزي الصوم من لا يقدر على الإطعام".
وقال طاووس في ظهار العبد: عليه مثل كفارة الحر.
وقال الحسن: لا يعتق إلا بإذن مولاه.

30 - باب صيام المظاهر للروية
قال الله جل ثناءه: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} الآية.
م 3170 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من صام بالأهلة يجزيه صيام شهرين متتابعين، كانا ثمانية وخمسين، أو تسعة وخمسين يوماً، هذا قول الثوري، وأهل العراق.
وبه قال مالك وأهل الحجاز، وكذلك قال الشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد.
م 3171 - واختلفوا [2/ 79 /ب] فيمن لم يستقبل الهلال بالصوم، فكان الزهري يقول: يصوم ستين يوماً. ويجزيه في قول الشافعي، وأصحاب الرأي: بأن يصوم شهراً بالهلال، وثلاثين يوماً.
م 3172 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من صام بغير الأهلة، أن صوم ستين يوماً يجزي عنه.

(5/308)


31 - باب صوم من له دار وخادم
م 3173 - واختلفوا في صوم من له دار، وخادم، فإن الشافعي، وأبو ثور يقولان: يجزيه الصوم، قال أبو ثور: وإذا لم يستغن عنه.
وقال مالك: عليه العتق؛ لأنه يقدر عليه، وبه قال أصحاب الرأي.
وقال أصحاب الرأي: يجزي الصوم من له مسكن.

32 - باب المظاهر يجامع في ليل الصوم
م 3174 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من صام شهراً عن ظهاره، ثم جامع نهاراً عامداً أنه يبتدئ الصوم.
م 3175 - واختلفوا فيمن صام بعض الصوم ثم جامع ليلاً، فكان الثوري، ومالك، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي يقولون: جامع ليلاً أو جامع نهاراً، استقبل الصوم.
وفيه قول ثان: وهو أن ذلك لا ينقض صومه، كذلك قال الشافعي، وأبو ثور.
وبه نقول، وهو أن لا يجد السبيل إلى أن تكون كفارته قبل الوطئ أبداً.

(5/309)


33 - مسائل من باب صيام الكفارة
م 3176 - كان الشافعي، وأصحاب الرأي يقولون: لو كان عليه ظهاران، فصام شهرين عن أحد، ولا ينوي عن أيهما هو، كان له أن يجعله عن أيهما شاء.
وقال أبو ثور: يقرع بينهما، فأيهما أصابتهما القرعة حل له وطيها.
م 3177 - وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: إذا كانت عليه ثلاث كفارات، فاعتق مملوكاً ليس له ملك غيره، وصام شهرين، ثم مرض، وأطعم ستين مسكينا ينوي عن كل ظهار بغير عينه كفارة من هذه الكفارات، أجزأه عند الشافعي.
وبه قال أصحاب الرأي، وقالوا: هو استحسان، وليس بقياس.
وقال أبو ثور: يقرع بينهن فمن أصابتها القرعة، كان العتق عنها، وكان له أن يطأها، ثم يقرع بين الثلاثة على هذا المثال، هذا إذا ظهار من أربع نسوة.

34 - باب إطعام المظاهر
م 3178 - واختلفوا فيما يطعم في كفارة الظهار.
فقالت طائفة: يطعم كل مسكين مداً من طعام، روي هذا القول [2/ 80/ ألف] عن أبي هريرة.
وبه قال عطاء، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد.

(5/310)


وقالت طائفة: يطعم في كفارة الظهار نصف صاع لكل مسكين، هذا قول الثوري، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثالث: وهو أن الإطعام في الظهار مد بمد هشام، هذا قول مالك.
قال أبو بكر: يقال: أنه مد وثلث.
م 3179 - وقال أصحاب الرأي: إن غداهم وعشاهم، أجزأه.
ولا يجزي في قول الشافعي أن يغديهم، ويعشيهم، ولا يجزي عنده حتى يعطيهم حباً.
م 3180 - ولا يجزي عنه في قول الشافعي أن يعطيهم قيمة الطعام، وبه قال أبو ثور.
وقال أحمد: اخشى أن لا يجزيه.
وفي قول الأوزاعي، وأصحاب الرأي: تجزي القيمة.
قال أبو بكر: لا يجزيه إخراج القيمة.
م 3181 - ولا يجزي في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور: إلا إطعام ستين مسكيناً عدداً.
ولا يجزي في قولهم أن يردد عليهم فيعطي أقل من العدد.
وقال أصحاب الرأي: لا يجزي أن يعطي مسكيناً واحداً في في ضربة واحدة.
وقالوا: ولو أطعمه كل يوم نصف صاع من حنطة حتى يستكمل ستين يوماً، أجزأه.

(5/311)


قال أبو بكر: قول مالك، والشافعي صحيح؛ لأن الله أمر بعدد فلا يجزي أقل منه، وأمر بشاهدين، فلو ردد الشاهد الواحدة شهادته، كانت شهادة واحدة، وكذلك في باب الظهار، إذا كان مسكيناً لم نجزه حتى يأتي بالعدد الذي أمر الله به.
م 3182 - واختلفوا فيمن أعطى من يحسبه فقيراً فكان غنياً، فقال الشافعي، وأبو ثور، وأبو يوسف: لا يجزيه.
وقال النعمان، ومحمد: يجزيه.
قال أبو بكر: لا يجزيه.
م 3183 - وقال أبو ثور: لا يجزي أن يعطي أم ولده، ومملوكه، ومدبره وهذا مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي.
وفي قول الشافعي، وأصحاب الرأي: لا يعطي مكاتبه.
قال أبو بكر: وإن أعطاه رجوت أن يجزيه.
ولعل من علة الشافعي أنه يعجز فرجع إليه.
ويجوز أن يكون من علة أبي ثور أنه قد يعطي قريباً له فقيراً، فيموت ويرثه المعطي، ويجزي ذلك.
م 3184 - ولا يجوز إعطاء العبيد من الزكاة في قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.
م 3185 - وقال أبو ثور: لا بأس أن يعطي فقير أهل الذمة من الكفارة، وبه قال أصحاب الرأي.
وفي قول الشافعي: لا يجوز أن يعطي من الكفارة ذمي.

(5/312)


م 3186 - وقال أصحاب الرأي: لا يجوز أن يعطي فقراء أهل دار الحرب إذا كانوا مستأمنين.
وقال أبو ثور: يجزي، واحتج بقوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا} الآية.

(5/313)