الإشراف
على مذاهب العلماء 58 - كتاب العدد
قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر:
قال الله جل ذكره: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ
أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}
الآية.
(ح 1159) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لفريعة بنت مالك بن
سنان، وكانت متوفى عنها: "امكثي في بيتك حق يبلغ الكتاب أجله".
م 3259 - وأجمع أهل العلم على أن عدة المرأة الحرة المسلمة التي ليست بحامل
من وفاة زوجها، أربعة أشهر وعشراً مدخولاً بها، أو مدخول بها، صغيرة لم
تبلغ أوكبيرة قد بلغت.
م 3260 - واختلفوا في إجماعهم على أن عدة المتوفي عنها زوجها على ما ذكرناه
في مقام المتوفى عنها زوجها في مسكنها حتى تنقضي عدتها، وخروجها منه.
فقالت طائفة: عليها أن تثبت في منزلها حتى تنقضي عدتها، هذا قول الليث بن
سعد، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، والنعمان وأصحابه.
وقد روينا أخباراً عن عثمان بن عفان، وابن مسعود، وابن عمر، وأم سلمة تدل
على ما قاله هؤلاء.
(5/341)
وقالت طائفة: تعتد حيث شاءت، هذا قول عطاء،
وجابر بن زيد، والحسن.
وروينا [2/ 88/ألف] هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وجابر،
وعائشة أم المؤمنين.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول للخبر الذي ذكرته عن الفريعة.
1 - باب خروج العتدة عن بيتها للحج والعمرة
م 3261 - واختلفوا في خروج المعتدة للحج والعمرة.
فمنع من ذلك عمر بن الخطاب، روي ذلك عن عثمان بن عفان.
وبه قال ابن المسيب، والقاسم بن محمد، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأبو عبيد،
وحكاه أبو عبيد عن الثوري.
وقال مالك: ترد ما لم تحرم.
وقالت طائفة: لها أن تحج في عدتها، هذا قول عطاء، وطاووس.
وروي ذلك عن عائشة، وابن عباس.
وقال الحسن البصري، وأحمد، وإسحاق: تحج المرأة في عدتها من الطلاق.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
(5/342)
2 - باب المتوفى
عنها زوجها يأتيها الخبر من غير بيت زوجها
م 3262 - واختلفوا في المرأة يأتيها نعي زوجها وهي في غير بيت زوجها.
فأمرها بالرجوع إلى مسكنه وقراره، مالك بن أنس، وروي ذلك عن عمر بن عبد
العزيز.
وقال ابن المسيب، والنخعي: إذا أتاها نعي زوجها وهي في مكان، لم تبرح منه
حتى تنقضي العدة.
وقال أصحاب الرأي: إذا طلقها زوجها وهي في بيت أهلها، كان عليها أن ترجع
إلى منزل زوجها حتى تعتد فيه.
قال أبو بكر: قول مالك صحيح، إلا أن يكون نقلها الزوج إلى مكان، فتلزم ذلك
المكان.
3 - باب التغليظ في خروج المبتوتة بالطلاق من
بيتها في عدتها
م 3263 - واختلفوا في خروج المبتوتة بالطلاق من بيتها في عدتها.
فمنعت من ذلك طائفة: وممن رأى ألا تخرج عبد الله بن مسعود، وابن عمر،
وعائشة.
وكان ابن المسيب، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد،
وسليمان بن يسار، يرون أن تعتد في بيت زوجها حيث طلقت.
(5/343)
وذكر أبو عبيد أن هذا قول سفيان الثوري،
ومالك، وأصحاب الرأي.
قال أبو [2/ 8/ب] بكر: وبه نقول.
وفيه قول ثالث: وهو أنها تعتد حيث شاءت، كذلك قال ابن عباس، وجابر بن عبد
الله، والحسن البصري، وعطاء، وطاووس، وعكرمة.
وقال أحمد، وإسحاق: تخرج المطلقة ثلاثاً على حديث فاطمة ولا سكنى لها ولا
نفقة.
قال أبو بكر: وإنما اختلف الناس في خروج التي طلقت ثلاثاً، أو مطلقة لا
رجعة للزوج عليها، وأما من له عليها رجعة، فإنها في معاني الأزواج.
م 3264 - وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يمنع هذه من الخروج من بيتها حتى
تنقضي عدتها.
ويحتجون في ذلك بقوله: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الآية.
4 - باب جماع أبواب النفقات لذوات العدد من
الطلاق والوفا وغير ذلك
م 3265 - أجمع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار على أن للمطلقة التي يملك
زوجها السكنى والنفقة، إذ أحكامها أحكام الأزواج في عامة أمورها.
(5/344)
م 3266 - واختلفوا في وجوب السكنى، والنفقة
للمطلقة ثلاثاً، إذا لم تكن حبلى.
قالت طائفة: لا سكنى ولا نفقة، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وروى ذلك
عن ابن عباس.
وبه قال عكرمة، والحسن، والشعبي.
وقال عطاء، والزهري: لا نفقة لها.
وقالت طائفة: لها السكنى والنفقة، حاملاً كانت أو غير حامل، هكذا قال سفيان
الثوري، وأصحاب الرأي.
وروي هذا القول عن عمر، وعبد الله، وبه قال شريح.
وفيه قول ثالث: وهو أن لها السكنى ولا نفقة لها، هذا قول ابن المسيب،
والحسن، وعطاء، والشعبي، وسليمان بن يسار، ومالك بن أنس، وابن أبي ليلى،
والأوزاعي، وعبد الرحمن بن المهدي، والشافعي، وأبي عبيد.
قال أبو بكر: وبه نقول.
لأن ذلك يجب لها بظاهر قوله: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ
وُجْدِكُمْ} الآية، فعم الله عَزَّ وَجَلَّ بالسكنى للمطلقات، فذلك واجب
لهن، وقد اختلفوا في النفقة.
(ح 1160) وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت قيس: "ليس
لك عليه نفقة".
(5/345)
والسكنى يجب بظاهر الكتاب للمطلقة ثلاثاً،
والنفقة غير واجبة لحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[2/ 89/ألف].
5 - باب نفقة المطلقة الحامل والمتوفى عنها
م 3267 - أجمع أهل العلم على أن نفقة المطلقة ثلالاً وهي حامل، واجب لقوله
جل ذكره: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى
يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الآية.
م 3268 - واختلفوا في وجوب نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها.
فقالت طائفة: لا نفقة لها، كذلك قال جابر بن عبد الله، وابن عباس، وابن
المسيب، وعطاء، والحسن، وعكرمة وعبد الملك بن يعلى، ويحيى الأنصاري،
وربيعة، ومالك، وأحمد، وإسحاق.
وحكى أبو يوسف ذلك عن أصحاب الرأي.
وفيه قول ثان: وهو أن لها النفقة من جميع المال، روينا هذا القول عن علي،
وعبد الله.
وبه قال ابن عمر، وشريح، وابن سيرين، والشعبي، وأبو العالية، والنخعي،
وخلاس بن عمرو، وحماد بن أبي سليمان، وأيوب السختياني، وسفيان الثوري، وأبو
عبيد.
(5/346)
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، لأنهم
أجمعوا على أن نفقة كل من كان يجبر على نفقته وهو حي، مثل أولاده الأطفال،
وزوجاته، ووالديه، يسقط عنه، فكذلك يسقط عنه نفقة الحامل من أزواجه.
6 - باب أقصى مدة الحمل الموجود في النساء
م 3269 - واختلفوا في أقصى مدة الحمل، فروينا عن عائشة أنها قالت: سنتين،
وروينا عن الضحاك بن مزاحم، وهرم بن حيان أن كل واحد منهما أقام في بطن أمه
سنتين.
وبه قال سفيان الثوري.
وفيه قول ثان: وهو أن ذلك يكون ثلاث سنين, قال الليث بن سعد: حملت مولاة
لعمر بن عبد الله ثلاث سنين.
وفيه قول ثالث: وهو أن أقصى مدته تكون أربع سنين، هكذا قال الشافعي، وهو
المشهور من قول مالك عند أصحابه، وقد قيل أنه رجع عنه.
وفيه قول رابع: وهو أن ذلك يكون خمس سنين، روينا ذلك عن عباد بن العوام.
وفيه قول خامس: قاله الزهري، قال: المرأة قال تحمل ست سنين، وسبع سنين.
وقال أبو عبيد: ليس لأقصاه وقت [2/ 89/ب] يوقف عليه.
م 3270 - وأجمع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار من أهل المدينة والكوفة
وسائر علماء الأمصار من أصحاب الحديث، وأهل الرأي
(5/347)
على أن المرأة إذا جاءت بولد لأقل من ستة
أشهر من يوم عقد نكاحها، أن الولد لا يلحق به، وإن جاءت به لستة أشهر من
يوم عقد نكاحها، فالولد له.
7 - باب النفقة على المطلقة ثلاثاً تدعي الحمل
م 3271 - واختلفوا في المرأة الطلقة ثلاثاً تدعي أنها حامل.
فقالت طائفة: إذا ظهر الحمل أنفق عليها حتى تضع حملها، هذا قول الزهري،
وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، ومالك.
وقال الشافعي: فيها قولان.
أحدهما: كقول هؤلاء.
والقول الثاني: أنها إذا ولدت قضى لها نفقة الحمل كله.
قال أبو بكر: وإن اختلفت هي والزوج في الحمل، أرسل الحاكم إليها نسوة أربع
ينظرن إليها، فإن أفلن أنها حامل أنفق عليها حتى تضع حملها.
م 3272 - فإن أنفق عليها وهو يحسب أن بها حملاً، ثم لم تكن كذلك، فقد اختلف
فيه، فكان الزهري، ويحيى الأنصاري يقولان: لا رجوع له عليها.
وقال ربيعة، ومالك، وأبو عبيد: النفقة دين عليها.
قال أبو بكر: وبه نقول، إنما أعطيت ذلك على أنها مستحقه،
(5/348)
8 - باب نفقة
المختلعة الحامل
م 3273 - واختلفوا في نفقة المختلعة الحامل، فكان ابن المسيب، والشعبي،
وأبو العالية، وطاووس، والقاسم بن محمد، والزهري، وعمرو بن دينار، وخلاس بن
عمرو، وحماد بن أبي سليمان، وعمرو
بن شعيب، ومالك، والشافعي، وأبو عبيد يقولون: لها النفقة.
وحكي عن الحسن، وعطاء، أنهما قالا: لا نفقة لها.
9 - باب نفقة المختلعة التي ليست بحامل
م 3274 - واختلفوا في وجوب النفقة والسكنى للمختلعة، فكان الشعبي، وأبو
العالية، والنخعى، وأصحاب الرأي يقولون: للمختلعة السكنى والنفقة ما دامت
[2/ 90/ألف] في العدة.
وقال أبو ثور: لا سكنى لها ولا نفقة.
وكان الشعبي، والزهري، وقتادة يقولون: لا نفقة لها.
وفيه قول ثالث: وهو أن لها السكنى ولا نفقة لها، هذا مذهب مالك، والشافعي،
وأبي عبيد.
وفيه قول رابع: وهو أن لا نفقة لها، إلا أن تشترط ذلك على زوجها، روي هذا
القول عن الحسن البصري، وحماد بن أبي سليمان.
(5/349)
10 - باب النفقة لأم
الولد الحامل يموت عنها المولي
م 3275 - كان الحسن البصري يقول: في أم الولد إذا مات عنها سيدها وهي حامل،
إن ولدته حياً فنفقتها من نصيبه، وإن ولدته ميتاً فمن جميع المال.
وكان عبد الملك بن يعلى لا يرى لها نفقة، وهو قول أصحاب الرأي، كما ذكر أبو
عبيد، وهذا قول مالك، والشافعي.
وقال أبو عبيد: لها النفقة من جميع المال.
11 - باب النفقة للملاعنة
م 3276 - واختلفوا في فيما يجب (1) للملاعنة من النفقة والسكنى، فقال أبو
ثور: لا نفقة لها ولا سكنى، وبه قال أحمد، وأبو عبيد.
قال أبو بكر: وبه نقول.
(ح 1161) لحديث ابن عباس بأن رسول - صلى الله عليه وسلم - قضى أن لا بيت
لها ولا قوت.
وقال الزهري، ومالك، والشافعي: لها السكنى ولا نفقة لها.
وفيه قول ثالث: وهو أن لها السكنى والنفقة هذا قول حماد بن أبي سليمان،
وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي كذلك قالوا، إذا لاعنها بغير ولد.
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كان بالمطبوع: «واختلفوا في فيما يجب على
للملاعنة»
(5/350)
12 - باب جماع أبواب
العدد في الطلاق والوفاة
قال الله جل ذكره: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ
حَمْلَهُنَّ} الآية.
م 3277 - وأجمع أهل العلم على أن أجل كل حامل مطلقة يملك الزوج رجعتها، أو
لا يملك، حرة كانت أو أمة، أو مدبرة، أو مكاتبة، أن تضع حملها.
م 3278 - واختلفوا في أجل الحامل المتوفى عنها، فقال أكثر أهل العلم: أجلها
أن تضع حملها، ولو وضعت بعد وفاة زوجها يوم أو ساعة، هذا قول عمر بن
الخطاب، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن المسيب، [2/ 90/ب]
والزهري، وقتادة، ومالك، وسفيان الثوري، والحارث العكلي، والأوزاعي،
والشافعي، وأبي ثور، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وبه نقول، لظاهر الآية.
(ح 1162) ولإذن النبي- صلى الله عليه وسلم - لسبيعة النكاح، وإنما ولدت بعد
وفاة زوجها بليال.
وفيه قول ثان: وهو أن انقضاء عدتها آخر الأجلين، روي ذلك عن علي، وابن
عباس.
وكرهت طائفة للنفساء أن تنكح ما دامت في الدم، كره ذلك الحسن البصري،
والشعبي، وحماد.
(5/351)
وأباح سائر أهل العلم النكاح وهي في دمها.
قال أبو بكر: وبه نقول.
13 - باب وقت انقضاء عدة من في بطنها ولدان
م 3279 - اختلف أهل العلم في الحامل المطلقة التي في بطنها ولدان، فروينا
عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، أنهما قالا: تنقضي عدتها بالولد الأخير،
وبه قال ابن المسيب، وعطاء، والشعبي، وسليمان بن يسار، والزهري، وربيعة،
ومالك، والشافعي، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال عكرمة، وأبو قلابة: إذا وضعت الأول فقد حلت.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، ولا يكون النفاس إلا من آخر الأولاد.
قال أبو بكر:
م 2280 - فإن طلق طلقة يملك رجعتها وخرج بعض الولد، فله أن يرجعها حين يبرز
الولد، لأنها في هذه الحال غير واضعة حملها، وهذا مذهب الشافعي، وأحمد،
وإسحاق.
14 - باب انقضاء العدة بالسقط تسقطه المرأة
م 3281 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن عدة المرأة تنقضي بالسقط
تسقطه إذا علم أنه ولد.
(5/352)
وممن حف ذلك عنه الحسن، وابن سيرين، وشريح،
والشعبي، والنخعي، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
15 - باب انقضاء عدة التي تطلق عند كل حيضة
تطليقة
م 3282 - واختلف أهل العلم في الرجل يطلق زوجته مدخولاً بها في كل قرء
تطليقة.
فقالت طائفة: عدتها من الطلاق الأول، هذا [2/ 91/ألف] قول ابن المسيب،
والحسن، وعطاء، والشعبي، وأبي قلابة، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي،
وأصحاب الرأي.
وحكي عن خلاس بن عمرو أنه قال: تعتد من الطلاق الآخر ثلاث حيض.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
16 - باب الطلاق يكون بعده الرجعة ثم الطلاق
قال الله جل ذكره: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ
فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} إلى قوله {فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} الآية.
روينا عن الحسن أنه قال: كان الرجل يطلق المرأة، ثم يراجعها، ثم يطلقها، ثم
يراجعها، يضارها، فنهاهم الله عَزَّ وَجَلَّ عن ذلك.
(5/353)
م 3283 - واختلفوا فيما يجب على زوجة من
فعل بها ذلك ضراراً، وغير ضرار، ومتى تنقضي عدتها إذا طلقها ثم راجعها؟
فقال أكثرهم: عدتها الطلاق الآخر، وممن حفظنا ذلك عنه أبو قلابة،
وحماد بن أبي سليمان.
وقال الثوري: اجتمع الفقهاء عندنا على ذلك، هذا قول طاؤوس، والزهري، وعمرو
بن دينار، ومالك، وابن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وأحمد، وإسحاق، وأبي
ثور، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: فيها قولان.
أحدهما: إنها تعتد من الطلاق الآخر.
والثاني: أن العدة من الطلاق الأول، وبه قال المزني (1).
وفيه قول ثان: وهو أنه إذا طلقها فاعتدت بعض عدتها، ثم راجعها في عدتها،
فطلقها ولم يمسها، أن تعتد باقي عدتها، هذا قول عطاء، ثم تلا: {ثُمَّ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية.
قال أبو بكر: وقد سمعت بعض من لا يعتد بقوله.
والقول الأول أولى القولين. والله أعلم.
17 - باب عدة المغيبة يأتيها وفاة زوجها أو
طلاقه
م 3284 - واختلفوا في المرأة يبلغها وفاة زوجها أو طلاقه، فقالت طائفة:
العدة في الطلاق والوفاة من يوم يموت أو يطلق، هذا قول ابن عمر، وابن
__________
(1) هذا من الحاشية وكان في الأصل "الثوري" والصحيح ما أثبته.
(5/354)
مسعود، وابن عباس. وبه قال مسروق، وعطاء،
وجابر، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبو قلابة، وعكرمة، وطاووس،
وسليمان بن يسار، وإبراهيم النخعي، وأبو العالية، ونافع، ومالك، والثوري،
والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب [2/ 91/ب] الرأي.
وفيه قول ثان: وهو أن عليها من يوم يبلغها الخبر، روي هذا (1) القول عن علي
بن أبي طالب.
وبه قال الحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني، وخلاس بن عمرو.
في فيه قول ثالث: وهو فإن عدتها إن أقامت بينة فمن يوم مات أو طلق، وإن لم
تقم بينة فمن يوم يأتيها الخبر، هذا قول ابن المسيب، وعمر بن عبد العزيز.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
وقد أجمعوا على أنها لو كانت حاملاً لا لعلم بوفاة الزوج أو طلاقه فوضعت
حملها، أن عدتها منقضية.
ولا فرق بين هذه، وبين المسألة المختلف فيها.
18 - باب عدة التى رفعتها حيضها
م 3286 - واختلفوا في المرأة تطلق فتحيض حيضة أو حيضتين، ثم ترتفع حيضتها،
فقالت طائفة: تنتطر تسعة أشهر، ثم ثلاثة أشهر، ثم قد حلت، هذا قول عمر بن
الخطاب، وروى ذلك عن الحسن وبه قال مالك.
__________
(1) في الأصل "روي ذلك هذا القول".
(5/355)
والشافعي كذلك قال إذ هو بالعراق وقال: هذا
قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار، لا ينكر منهم منكر علمناه.
وقال بمصر: وعدة التي تحيض الحيض إن تباعد كأنها تحيض في كل سنة أو سنتين،
فعدتها الحيض.
وقالت طائفة: أقرؤها ما كانت حتى تبلغ سن الموئسات من المحيض، هذا قول جابر
بن زيد، والحسن، وعطاء، والشعبي، والزهري، وطاووس، والنخعي، وأبي الزناد،
وسفيان الثوري، والشافعي، وأبي عبيد، وحكاه عن أهل العراق.
وقد روينا عن عكرمة قولاً ثالثاً: وهو أنها إذا كانت تحيض حيضاً مختلفاً
فإذا ريبة، عدتها ثلاثة أشهر.
وقد روينا عن ابن المسيب قولاً رابعاً: وهو أنها إذا كانت تحيض في الأشهر
مرة، فعدتها سنة.
19 - باب عدد اللواتي يعتددن بالشهور ثم تحيض
في بعضها
م 3287 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الصبية، أو البالغ
المطلقة التي لم تحض، إن حاضت قبل انقضاء الشهور الثلاثة بيوم، أو أقل من
يوم، أن عليها استئناف العدة بالحيض. وممن حفظنا ذلك عنه سعيد بن المسيب،
والزهري، ومالك، وأهل المدينة، والشعبي، والنخعي، وسفيان الثوري، وأصحاب
الرأي من أهل الكوفة، والحسن البصري، وقتادة ومن تبعهما [2/ 92/ألف] من
أهل البصرة، ومجاهد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.
(5/356)
قال أبو بكر:
م 3288 - وكذلك لو كانت من أهل الحيض، فحاضت حيضة، أو حيضتين، ثم صارت من
الموئسات، استأنفت الشهور.
20 - باب عدة المستحاضة التي يستمر بها الدم
م 3289 - اختلف أهل العلم في عدة المستحاضة، فقالت طائفة: تعتد بالإقراء،
كذلك قال الحسن البصري، والزهري، والنخعي، والثوري.
وقال عكرمة، وقتادة: عدتها ثلاثة أشهر، وبه قال الشافعي.
وفيه قول ثالث: وهو أن عدتها ستة، هذا قول ابن المسيب، ومالك.
وبه قول رابع: وهو أنها إن كانت أقرؤها مستقيمة، فاقراؤها، فإذا اختلط
عليها فعدتها ستة، هذا قول أحمد، وإسحاق.
وفيه قول خامس: وهو أن عدتها الأقراء إذا كانت أيامها معلومة، فإن كانت
أيامها مجهولة فعدتها ثلاثة أشهر، هذا قول أبي عبيد.
قال أبو بكر: إن كانت عاملة بأقرائها، فعدتها الأقراء لا شك فيه، وإن كانت
غير عالمة بأيامها، وعلمة أنها كانت تحيض في كل شهر حيضة، فعدتها تنقضي حين
تمضي ثلاثة أشهر، وإن شكت في شيء من ذلك، تربصت حتى تستقين أن الأقراء
الثلاث قد انقضت، ثم تحل للأزواج.
(5/357)
21 - باب المطلقة
النفساء
م 3290 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ممن يقول: إن الأقراء الأطهار،
ومن يقول: إن الأقراء الحيض، أن المطلقة وهي نفساء لا تعتد بدم النفاس حتى
تستأنف ثلاثة قروء، روي هذا القول عن زيد ابن ثابت، والحسن، وعطاء، وسليمان
بن يسار، والزهري.
وبه قال أبو عبيد، وذكر أنه قول أهل الحجاز، والعراق جميعاً.
قال: لأن النفاس ليس من القروء، ولا يلزمه اسمها.
22 - باب المطلقة طلاقاً يملك الزوج الرجعة، يموت قبل انقضاء عدتها
م 3291 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من طلق زوجته طلاقاً
يملك رجعتها، ثم توفي قبل انقضاء العدة، أن عليها عدة الوفاء وترثه.
م 3292 - واختلفوا في عدة المطلق ثلاثاً المرض.
فقالت طائفة: تعتد عدة الطلاق، هذا قول مالك، والشافعي، ويعقوب، [2/ 92/ب]
وأبي عبيد، وأبي ثور.
قال أبو بكر: وبه نقول، لأن الله جعل عدة المطلقات الأقراء وأقل [ما]
أجمعوا على أن المطلقة بثلاث (1) لو ماتت لم يرثها المطلق، وذلك لأنها غير
زوجة، وإذا كانت غير زوجة له، فهو غير زوج لها.
__________
(1) في الأصل "وأقل أجمعوا على أن المطلقة ثلاث".
(5/358)
وفيه قول ثان: وهو أنها تعتد بأقصى
العدتين، إن كان أربعة أشهر وعشرة أكثر من ثلاث حيض، أتممت أربعة أشهر
وعشراً، وإن كانت ثلاث حيض أكثر، اعتدت ثلاث حيض، هذا قول سفيان
الثوري.
وقال النعمان، ومحمد: عليها أربعة [[أشهر]] وعشراً، تستكمل في ذلك ثلاث
حيض.
23 - باب وقوف الرجل عن زوجته أن يطأها لموت
ولدها من غيره
م 3293 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في رجل يتزوج المرأة، لها ولد
من غيره، فيموت بعضهم، يعتزل امرأته حتى تحيض حيضة.
وروي معنى ذلك عن عمر بن الخطاب، والمصعب بن جثامة، والحسن، والحسين بن
علي، والحسن البصري، والنخعي، وعمارة بن عمير، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد.
قال أبو بكر: وبه نقول.
24 - باب العشر التي في الوفاة مع الأربعة
الأشهر
قال الله جل ثناؤه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ
أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}
الآية.
(5/359)
م 3294 - واختلف أهل العلم في العشر، فقال
مالك: هو على الليل والنهار، وبه قال الشافعي، وأبو عبيد، وحكاه عن أهل
العراق.
وقال الأوزاعي: هو على الليل.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
25 - باب عدة المختلعة
م 3295 - اختلف أهل العلم في عدة المختلعة، فقال عثمان بن عفان، وابن عمر:
عدتها حيضة، وبه قال أبان بن عثمان، وإسحاق بن راهويه.
وفيه قول ثان: وهو أن عدتها عدة الطلقة، روينا هذا القول عن علي بن أبي
طالب.
وبه قال ابن المسيب، وسليمان بن يسار، والحسن، والشعبي، وسالم بن عبد الله،
وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والنخعي، وعروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز،
والزهري، وقتادة، وخلاس بن عمرو، وأبو عياض، ومالك، والليث بن سعد،
والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.
ْقال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.
(ح 1163) لحديث رويناه عن النبي- صلى الله عليه وسلم -[2/ 93/ألف] أن امرأة
ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعلت النبي- صلى الله عليه وسلم - عدتها حيضة.
ولقول عثمان بن عفان، وابن عمر، ولا يثبت حديث علي.
(5/360)
26 - باب عدة
الملاعنة
م 3296 - كان ابن عباس يقول: عدة الملاعنة تسعة أشهر.
وقال سائر أهل العلم: عدتها عدة المطلقة، هذا قول مالك، والثوري، والشافعي،
وأبي عبيد، وأصحاب الرأي.
وروي ذلك عن ابن المسيب، والنخعي.
27 - باب عدة الذمية
م 3297 - أجمع كل من أحفظ قوله من علماء الأمصار على أن عدة الذمية الحرة
تكون تحت المسلم، عدة الحرة المسلمة، وكذلك قال مالك، والثوري، والشافعي،
وأبو ثور، وأبو عبيد، أصحاب
الرأي ومن تبعهم.
28 - باب عدة أم الولد في وفاة السيد عنها
م 3298 - واختلفوا في عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها.
فقالت طائفة: عدتها أربعة أشهر وعشراً، هذا قول ابن المسيب، وابن عياض،
والحسن، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وخلاس بن عمرو، وعمر بن عبد
العزيز، والزهري، ويزيد بن عبد الملك، والأوزاعي، وإسحاق.
(5/361)
(ح 1164) وروينا عن عمرو بن العاص أنه قال:
"لا تلبسوا علينا سنة نبينا، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر
وعشراً".
وضعف أحمد بن حنبل، وأبو عبيد هذا الحديث.
وفيه قول ثان: وهو أن عدتها ثلاث حيض، وروي هذا القول عن علي، وابن مسعود.
وبه قال عطاء، وإبراهيم النخعي، والثوري، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثالث: وهو أن عدتها حيضة، هذا قول ابن عمر، والشعبى، والحسن،
ومكحول، وأبي قلابة.
وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وفيه قول رابع: وهو أن عدتها نصف عدة الحرة المتوفي عنها زوجها، روي هذا
القول عن طاووس، وعطاء، وبه قال قتادة.
قال أبو بكر:
م 3299 - ففي قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد (1)، وأبي ثور: عدتها
في العتق، والوفاة حيضة واحدة.
وفي قول سفيان الثوري، وأصحاب الرأي: عدتها ثلاث حيض في العتق، والوفاة.
وجعل الأوزاعي عدتها في الوفاة: أربعة أشهر وعشراً، وفي العتق ثلاث حيض.
قال أبو بكر: بقول ابن عمر أقول؛ لأنه الأقل مما قيل، وليس فيه سنة تتبع،
ولا إجماع يعتمد عليه.
__________
(1) في الأصل " أبي عبيدة".
(5/362)
29 - باب مسائل
م 3300 - واختلفوا في الرجل ينكح أمة، قد يصيبها [2/ 93/ب]، سيدها، فقال
عطاء، وقتادة: عدتها حيضتان.
وقال الزهري، والثوري، والشافعي: عدتها حيضة.
ولفظ الشافعي: أن تستبرئ بحيضة.
وقال أصحاب الرأي لا عدة عليها.
م 3301 - وكان الشافعي يقول: إذا زوج الرجل أم ولده من رجل فمات السيد وهي
عند زوجها، فلا عدة عليها ولا استبراء، وهذا قول سفيان الثوري، وأبي ثور.
ولا أحفظ عن غير خلاف هذا القول.
م 3302 - واختلفوا في السيد، والزوج يموتان، يعلم أن أحد مات قبل الآخر،
بيوم أو شهرين، أو خمس ليال، أو أكثر، ولا يعلم أيهما مات قبل، فإن الشافعي
يقول: تعتد من يوم مات الآخر منهما، أربعة أشهر وعشراً تأتي فيها بحيضة.
وقال الثوري: إذا لم يدر أيهما مات قبل، فإنها تعتد بأربعة أشهر وعشراً،
آخر الأجين.
وكذلك قال أصحاب الرأي إذا علم أن بين موتهما يوماً، وكذلك لو كان بين
موتهما (1) شهران، أو شهور، أو أربعة أيام.
فإن كان بين موتهما شهران وخمسة أيام، أو أكثر، فإنها تعتد أربعة أشهر
وعشراً فيها ثلاث حيض، هذا قول يعقوب، ومحمد.
وقال النعمان: عليها أربعة أشهر وعشراً، لا حيض فيها.
__________
(1) في الأصل "موتها".
(5/363)
وقال أبو ثور: حكمها حكم الإماء، وعليها
شهران وخمسة أيام، ولا أنقلها إلا حكم الحرائر إلا بإحاطة أن الزوج قد مات
قبل المولى، وانقضت عدتها.
30 - باب عدد الإماء من الطلاق ووفاة الزوج
م 3303 - واختلف أهل العلم في عدة الأمة التي تحيض من الطلاق.
فقالت طائفة: عدتها حيضتان، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن عمر.
وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن عتبة،
وسالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، والزهري، وقتادة، وزيد بن أسلم، ومالك
بن أنس، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن ابن سيرين أنه قال: ما أرى عدة الأمة إلا كعدة الحرة، إلا أن
تكون مضت في ذلك سنّة، فإن السنة أحق أن تتبع.
م 3304 - واختلفوا في عدة الأمة الصغيرة التي لم تبلغ المحيض، والكبيرة
الموئسة من المحيض.
فقالت طائفة: عدتها شهر ونصف، روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: شهرين، أو
شهراً ونصفا، وعن ابن عمر [2/ 94/ألف] أنه قال: شهر ونصف.
وبه قال الحسن، والشعبي، وسالم بن عبد الله، وعطاء، وابن المسيب، والثوري،
والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
(5/364)
وفيه قول ثان: وهو أن عدتها شهران لكل حيضة
شهر، هذا قول عطاء، والزهري، وأحمد، وإسحاق.
وفيه قول ثالث: وهو أن عدتها ثلاثة أشهر، وهكذا قال الحسن، ومجاهد، وعمر بن
عبد العزيز، والنخعي، ويحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك.
م 3305 - أجمع أهل العلم على أن عدة الأمة الحامل إذا طلقت، أن تضع حملها.
م 3306 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن عدة الأمة التي ليست
بحامل من وفاة الزوج، شهران وخمس ليال.
إلا ما ذكرناه عن ابن سيرين، وإلا في قول من رأى أن الليالي بأيامها، فمن
قال: إن عدتها شهران وخمس ليال، سعيد بن المسيب، وعطاء، وسليمان بن يسار،
والزهري، وقتادة، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور،
وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وكذلك نقول.
31 - باب الأمة تطلق ثم تعتق قبل أن تنقضي
عدتها
قال أبو بكر:
م 3307 - واختلفوا في الأمة تطلق طلاقاً يملك الزوج رجعتها أو لا يملك، ثم
تعتق قبل انقضاء العدة.
(5/365)
فقالت طائفة: إن كان طلاقاً يملك الزوج
رجعتها، أكملت عدة حرة، وإن كان لا يملك رجعتها، فعدتها عدة الأمة هذا قول
الحسن، والشعبى، والنخعي، والضحاك.
وقال النخعي: إذا مات عنها زوجها ثم اعتقت، تقضي على عدة الأمة وقال الثوري
في الطلاق كما قال الحسن، وفي الوفاة كما قال النخعي، وكذلك قال أحمد،
وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثان: وهو أنها تقضي في عدة الأمة، كان المطلق يملك الرجعة أو لا
يملكها، هذا قول مالك، وبه قال أبو ثور.
وبه كان يقول الشافعي إذ هو بالعراق.
ثم قال بمصر: إن كان الطلاق يملك فيه الرجعة فإنها تكمل عدة حرة، وإن كان
لا يملك الرجعة ففيها قولان.
أحدهما: أن تبنى على العدة الأولى.
والثاني: أنها تكمل عدة حرة.
وفيه قول ثالث: وهو أن عدتها عدة حرة، هذا قول عطاء، والزهري، وقتادة.
قال أبو بكر: وسواء كان المطلق حراً أو مملوكاً في قول مالك، والشافعي.
م 3308 - وقد اختلفوا في الحر يطلق المملوكة، والمملوك يطلق الحرة.
فقالت طائفة: [2/ 94/ب] الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء، هذا قول زيد بن
ثابت، وابن عباس، وابن المسيب، وعطاء، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق،
وأبي ثور.
وفيه قول ثان: وهو أن الطلاق والعدة بالنساء، روي هذا القول عن علي، وابن
مسعود.
(5/366)
وبه قال الحسن، وابن سيرين، وعكرمة. وقال
عبيدة السلماني في حر طلق امرأته أمة تطليقتين، ثم اشتراها.
قال: لا ينكحها حتى تنكح زوجاً غيره، وبه قال مسروق، والزهري، والحكم،
وحماد، والثوري، والنعمان.
وقد روي عن ابن عمر قولاً ثلاثاً: وهو أن الطلاق بابها رق، وبه قال
الأوزاعي.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، إن الطلاق بالرجال، لأن الله عَزَّ
وَجَلَّ خاطبهم بالطلاق، والعدة بالنساء لأن الله عز وجل خاطبهن بالعدة.
قال أبو بكر: وحكم المكاتبة، والمدبر، وأم الولد قبل أن تعتق فيما ذكرناه،
حكم الأمة.
(5/367)
|