الإشراف
على مذاهب العلماء 59 - كتاب الاحداد
(1)
1 - باب الاحداد العدة للمتوفى عنهن أزواجهن
قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ
أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}
الآية.
فثبتت العدة على المتوفى عنها بظاهر كتاب الله عز وجل، ووجب الاحداد عليها.
(ح 1165) بخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لما قال: "لا يحل لامرأة
تؤمن بالله ورسوله، أو تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث،
إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً".
فوجب القول بالكتاب والسنة، لأن الله فرض على الناس إتباع رسوله في غير آية
من كتابه.
قال أبو بكر:
م 3309 - وهذا قول كل من لقيناه، وبلغناه من أهل العلم، إلا الحسن البصري،
فإنه انفرد عن الناس، فكان لا يرى الاحداد.
قال أبو بكر: والسنة مستغنى بها عن كل قول.
م 3310 - واختلفوا في إحداد الذمية.
فكان مالك، والشافعي وأبو ثور يقولون: على الذمية الاحداد.
__________
(1) سقط من الأصل وأثبته من الأوسط 3/ 206/ب.
(5/368)
وقال أصحاب الرأي: ليس ذلك عليها.
قال أبو بكر: وبه نقول.
وذلك أن في قول النبي- صلى الله عليه وسلم - "لا يحل لامرأة تؤمن بالله
ورسوله أن تحد"، دليل على أن ذلك ليس على من يخاطب به من ليست بمؤمنة.
م 3311 - واختلفوا في وجوب ذلك على الصغيرة المتوفى عنها، فقال مالك،
والشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، وأبو ثور: عليها من ذلك [2/ 95/ألف] ما على
البالغ.
وقال أصحاب الرأي: ليس ذلك على الصغيرة. قال أبو بكر:
م 3312 - وأما الأمة المزوجة (1) فهي داخلة في جملة الأزواج، وفي عموم
الأخبار، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، إلا الحسن
البصري.
م 3313 - ولا أعلمهم يختلفون في أن لا إحداد (1) على أم الولد إذا مات
سيدها.
قال أبو بكر: وبه أقول، وذلك لأنها ليست بزوجة.
2 - باب ما تجتنبه المرأة احدادها على الزوج
قال أبو بكر:
(ح 1166) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: المتوفي
عنها لا تليس
__________
(1) في الأصل " الآية الزوجة".
(1) في الأصل " أن الاحداد" وهو خطأ.
(5/369)
المعصفر من الثياب، ولا الممشقة (1) ولا
الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل.
وقد اختلف أهل العلم في منع المتوفي عنها زوجها من بعض ما ذكرناه، وأجمعوا
على منعها من بعض ذلك إلا ما ذكر عن الحسن.
م 3314 - فمما أعلمهم أن تمنع منه الثياب المصبغة والمعصفرة، إلا ما صبغ
بالسواد، منع ذلك عائشة، وابن عمر، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي،
وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وروي ذلك عن أم سلمة، وأم عطية.
ورخص في لبس السواد عروة بن الزبير، ومالك، والشافعي.
3 - باب لباس المرأة الحلي في الاحداد
قال أبو بكر:
م 3315 - روينا عن ابن عمر، وعائشة، وأم سلمة، وابن المسيب أنهم نهوا
الحادة عن لبس الحلي كله.
وبه قال مالك، وأصحاب الرأي، وأبو ثور.
(5/370)
وقد كان عطاء لا يكره الفضة إذا كان عليها
حين مات، وإن لم يكن عليها ذلك، لم تبتد لبسه.
وكره لها [[الخضاب]] بن المسيب، وعروة بن الزبير.
وروينا عن ابن عمر، وأم سلمة.
4 - باب النهي عن الكحل في الاحداد (1)
م 3316 - نهى ابن عمر عن الكحل في الاحداد، إذا أرادت به للزينة، إلا أن
تشتكي عينيها، وروينا النهي فيه عن عائشة، وأم سلمة، وأم عطية، وابن
المسيب، وعروة.
وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
غير أن الشافعي كره منه ما كان لزينة.
ورخص في الكحل لها عند [2/ 95/ب] الضرورة: عطاء، والنخعي، ومالك، وأصحاب
الرأي.
5 - باب الوقوف عن استعمال الطيب للمرأة في
عدتها من وفاة الزوج
م 3317 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، إلا ما رويناه عن الحسن على أن
المرأة ممنوعة في الاحداد من الطيب، والزينة.
__________
(1) في الأصل "النهي عن الكحل عن الاحداد".
(5/371)
وكان ابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وعطاء،
وجماعات أهل العلم يكرهون ذلك وينهون عنه.
م 3318 - فأما الإدهان فإن عطاء، ومالكاً، والشافعي، وأصحاب الرأي منعوها
من الإدهان للتي تنتن بالأفواه للطيبة.
ورخص الزهري في الدهن الذي فيه الريحان.
وكره ذلك مالك.
ورخص مالك في الإدهان بالشبرق، والزيت.
وكره الشافعي ذلك في الرأس.
م 3319 - ورخص عطاء أن تمتشط بالحنا، والكتم.
وخالفه مالك فقال: لا تمتشط بهما، وقال مالك: لا تمتشط بهما، وقال مالك: لا
تمتشط إلا بالسدر.
ورخص لها كل من نحفظ عنه قوله من أهل العلم لبس البياض.
6 - باب الإحداد في الطلاق المبتوت
م 3320 - واختلفوا في الاحداد على المطلقة ثلاثاً.
فقالت طائفة: هي والمتوفي عنها في الاحداد سواء، هذا قول ابن المسيب، وأبي
عبيد، وأبي ثور، أصحاب الرأي.
ورخص فيه عطاء بن أبي رباح، وربيعة، ومالك.
وقال الشافعي، أحب أن تفعل، ولا يبين في أن أوجبه.
(5/372)
قال أبو بكر:
(ح 1167) في قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: لا تحل لامرأة تؤمن بالله
واليوم الآخر، أن تحد
على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً.
دليل على أن المطلقة ثلاثاً، والمطلق حي، لا حداد عليها.
7 - باب ما تتقيه المطلقة طلاقاً يملك الزوج فيه الرجعة
م 3321 - كان الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وأحمد بن
حنبل، وأصحاب الرأي لا يرون بأساً للذي يملك الزوج رجعتها، أن تزين، وتشرف.
وذكر أبو ثور عن الشافعي أنه قال: أحب إلى أن لا تزين، ولا تتعطر.
جماع (1) المتعة للمطلقات المدخول بهن وغيرهن
8 - باب المتعة المفروضة في [2/ 96/ألف] الكتاب
وهي للمطلقة قبل الدخول من غير تسمية صداق (2)
م 3322 - واختلفوا فيمن تجب لها من النساء المتعة، فكان ابن عمر يقول:
المتعة التي تجب للمطلقة التي لم يفرض لها صداقاً، ولم يسم لها مهراً.
__________
(1) في الأصل "باب".
(2) هذا الباب وما بعد ذكر تحت "كتاب المتعة" في الأوسط 3/ 289/ألف.
(5/373)
وقال ابن عباس، لها المتاع، وبه قال الحسن،
وعطاء، وجابر بن زيد، والنخعي، والشعبي، والزهري، والثوري، والشافعي،
وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي.
حجتهم في ذلك قوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ
مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية.
وفيه قول ثان: وهو أن لكل مطلقة متعة، غير أن بعض أهل العلم جعل معنى "لكل
مطلقة متعة" على معنى التقي، والاحسان، والتفضل، لا على الوجوب، وبعضهم
جعله على الوجوب، فممن روينا عنه أنه قال: لكل مطلقة متعة، علي بن أبي
طالب، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وأبو قلابة، والزهري، وقتادة، والضحاك
بن مزاحم.
وممن قال: إن ذلك على "الإحسان، لا على الإيجاب، أبو عبيد.
واحتج بشيء روي عن شريح، وسعيد بن جبير.
وقال أبو ثور: لكل مطلقة متعة على ظاهر قوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ
بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} الآية مدخولاً بها أو غير
مدخول بها.
وفيه قول ثالث: وهو أنه لكل مطلقة واحدة، أو اثنتين، أو ثلاثاً متعة، إلا
أن تكون امرأة طلقها زوجها قبل أن يمسها، وقد فرض لها، فحسبها فريضتها، وإن
لم يكن فرض لها، فليس لها إلا المتعة، كذلك قال ابن عمر، والشعبي، وعطاء،
والنخعي.
(5/374)
وقال أبو عبيد كذلك على معنى التقوى،
والاحسان.
وفيه قول رابع: وهو أن المتعة غير واجبة في شىء من الأحوال وجوب فرض، هذا
قول مالك، وابن أبي سلمة، ولا يلزم السلطان ذلك.
واحتج قائله بقول الله عز وجل: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} الآية، وكما
قال في تلك {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} الآية.
9 - باب مبلغ المتعة الواجبة للمطلقة التي لم
يدخل بها ولم يفرض لها
م 3323 - واختلفوا في مبلغ المتعة، فروينا عن ابن عمر أنه قال: أدنى ما
أراه يجزي من المتعة، ثلاثون درهماً أو شبهها [2/ 96/ب].
وفيه قول ثان: روي عن ابن حجيرة أنه كان يقضي على صاحب الديوان ثلاثة
دنانير في متعة النساء.
وفيه قول ثالث: كان ابن عباس يقول: أرفع المتعة الخادم، ثم دون ذلك الكسوة،
ثم دون ذلك النفقة، وروي ذلك عن الزهري.
وفيه قول رابع: روي عن عطاء أنه قال: من أوسط المتعة، الدرع، والخمار
والملحفة.
(5/375)
وقال الشعبي، وأبو مجلز: أربعة أثواب، درع،
وخمار، وجلباب، وملحفة.
وقال قتادة: جلباب، ودرع، وخمار.
وقال أصحاب الرأي: أدناه درع، وخمار، وملحفة.
وفيه قول خامس: روينا عن الحسن أنه قال: منهم من يمتع بالخادم، والنفقة،
ومن كان دون ذلك، متع بالنفقة والكسوة، ومن كان دون ذلك متع بملحفة،
[[ودرع]]، وجلباب، ومن كان دون ذلك
متع بثوب واحد.
وفيه قول سادس: قاله حماد بن أبيِ سليمان، قال: إذا طلقها ولم يدخل بها ولم
يفرض لها، جبر على نصف صداق مثلها.
وفيه قول سابع: وهو أن أوضعه ثوب، وأرفعه الخادم، وروي ذلك عن ابن المسيب.
وفيه قول ثامن: وهو أن لا حد له يوقف عليه ويؤقت، هذا قول عطاء، ومالك،
والثوري، والأوزاعي، وأبي عبيد.
واحتجوا بقول الله عز وجل: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ
قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} الآية.
وقد روي أن الحسن بن علي كرم الله وجهه متع امرأتين له بعشرين ألف درهم،
وزقاق من عسل.
(5/376)
ومتع كل واحد من أنس بن مالك، والأسود بن
يزيد بثلاثمائة درهم ومتع شريح بخمس مائة درهم، ومتع عبد الرحمن بن عوف
بجارية سوداء.
وروي عن ابن عمر أنه متع أمرأته خادماً.
وفعل ذلك عروة بن الزبير.
10 - باب متعة المختلعة والملاعنة
م 3324 - واختلفوا في متعة المختلعة، والملاعنة، فكان عطاء، والنخعي،
والزهري يرون للمختلعة المتعة.
وبه قال أحمد، وإسحاق.
وقال أصحاب الرأي في الفرقة تكون من قبل الزوج بلعان أو غيره، للمرأة [2/
97/ألف] المتعة.
وفيه قول ثان: وهو أن لا متعة لها، هذا قول مالك.
قال الزهري: لكل مطلقة متاع.
م 3325 - وقال عطاء: لا متعة للأمة، ولا للحرة تكون تحت العبد.
وقال مالك: على العبد المتعة للحرة، والأمة.
م 3326 - وقال مالك، والثوري: لليهودية، والنصرانية، والمملوكة المتع. وقال
أحمد: لكل مطلقة متاع إذا لم يكن فرض لها، ولا دخل بها.
(5/377)
|