الإشراف
على مذاهب العلماء 61 - كتاب الاستبراء
1 - باب النهى عن وطئ الحبالى من النساء حتى
يضعن حملهن
(ح 1169) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتى على امرأة
محج على باب فسطاط، أو قال: خباء، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -:
"لعل [2/ 100/ب] صاحب هذه يريد أن يلم بها، لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل
معه في قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له، كيف يسترقه وهو لا يحل له؟ ".
(ح 1170) وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في غزوة خيبر:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره".
م 3348 - وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبو موسى الأشعري: لا
تشاركوا المشركين في، أولادهم، فإن الماء يزيد في الولد.
قال أبو بكر: ومنع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار أن يطأ الرجل جاريته
يملكها من السبي، وهي حامل، حتى تضع حملها.
(5/387)
وممن حفظنا عنه ذلك مالك بن أنس، والشافعي،
وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
ودل منع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - للمالك أن يطأ جارية ملكها من
السبي، على أن قول الله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية،
أريد به بعض ما ملكت اليمين في حال دون حال، لنهي النبي- صلى الله عليه
وسلم - وطئ الحبالى من النساء حتى يضعن حملهن.
2 - باب النهي عن وطئ غير ذوات الأحمال بلفظ
عام.
(ح 1171) روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوم أوطاس: "لا
تطأن حامل حتى تضعن حملها، ولا غير حامل حتى تحيض حيضة".
م 3349 - وممن قال أن الأمة تستبرأ بحيضة، ابن مسعود، وعبد الله بن عمر،
وروينا ذلك عن علي.
وبه قال عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، والشعبي، والنخعي، ومكحول،
والزهري، ويحيى الأنصاري، ومالك، والثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي،
والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، والمزني.
وبه نقول.
وفيه قول ثان: وهو أنها تستبرأ بحيضتين، كذلك قال ابن المسيب.
(5/388)
وفيه قول ثالث: وهو أنها تستبرأ ثلاث حيض،
هذا قول ابن سيرين.
وقال مجاهد: التى لم تحض تستبرأ بثلانة أشهر، وبه قال النخعي.
3 - باب استبراء العذراء
(ح 1172) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من كان يؤمن
بالله واليوم الآخر فلا
يأتين ثيباً من السبي حتى يستبرئها".
م 3350 - واختلفوا في استبراء العذراء.
فثبت عن ابن عمر أنه قال: إذا كانت الأمة [2/ 101/ألف] عذراء لم يستبرئها
إن شاء.
وفيه قول ثان: وهو أنها تستبرأ، هذا قول الحسن البصري، وابن سيرين، وعكرمة،
وأيوب السختياني، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقال عطاء في العذراء التي حاضت: عدتها إذا استبرئتها حيضة.
وفيه قول ثالث: وهو إن كان اشتراها من امرأة، لا يستبرئها، وإن كان اشتراها
من رجل، يستبرئها، هذا قول قتادة.
قال أبو بكر:
(ح 1173) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهي عن وطئ الحبالى من
السبايا حتى يضعن كلهن.
(5/389)
(ح 1174) وجاء الحديث عنه - صلى الله عليه
وسلم - أنه قال: "ولا غير حامل حتى تحيض حيضة".
م 3351 - واختلفوا في المعنى الذي يستبرأ له الأمة.
فقالت طائفة: الاستبراء يجب لمعنيين: للتعبد، ولبراء الرحم من الحبل، وممن
قال ما هذا معناه، الأوزاعي، والشافعي.
وقال عطاء، والحسن البصري، والنخعي، وهشام بن حسان: إن اشتراها من امرأة
فليستبرئها، وكذلك قال مالك، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق.
وقالت طائفة: إنما الاستبراء لبرأة الرحم من الولد، فكل من ملك جارية يعلم
أنها لم توطأ بعدما حاضت في ملك سيدها إلى أن ملكها، فلا استبراء عليه، وفي
نهي النبي- صلى الله عليه وسلم -: "أن يستقي الرجل ماءه زرع غيره"، دليل
على أن النهي إنما وقع على الوطىء لعلة الحمل وكذلك في قوله: "ولا يأتين
ثيباً من السبي حتى يستبرئها" دليل على ذلك؛ لأنه لما نص على الثيب، لأنها
قد وطيت، ولم يجعل على البكر استبراء، هذا قول طائفة من أهل الحديث.
م 3352 - وقال عكرمة، وإياس بن معاوية: وإذا اشترى جارية صغيرة لا تجامع
مثلها، لا بأس أن يطأها ولا يستبرئها.
وقال ابن المسيب: إذا اشتراها من امرأة لم يستبرئها.
(5/390)
واحتج بعض من هذا مذهبه بأن الله عَزَّ
وَجَلَّ أباح وطيء ما ملكت اليمين عاماً مطلقاً، ولا يجوز أن يمنع المالك
من وطئ أمته إلا بحجة، ولا نعلم حجة تمنع من وطئ من يعلم أن لا حمل بها.
4 - باب مسالة
م 3353 - واختلفوا في الرجل يشتري الجارية من الرجل، فلم يقبضها المشتري،
حتى تناقضا البيع بعد أن صح البيع، ثم استقاله البائع.
فقال مالك، والشافعي: لا يطأها حتى يستبرئها [2/ 101/ب].
وقول أبي ثور: لا يستبرئها، وقال أرأي إن جاءت بولد بمن يلحق؟ فإذا كان
البائع يلزمه الجهل فمن يستبرئها من نفسه.
قال أبو بكر: وهذا أصح.
وقال أصحاب الرأي كما قال أبو ثور: وقالوا: يستحسن ذلك.
م 3354 - واختلفوا في الرجل يقع في سهمه الجارية من السبي، وهي حامل،
فيطأها.
فقال الأوزاعي: لا يسترق الولد، ولا تعتق هي.
وقال أحمد: يعتق الولد لحديث أبي الدرداء، لأن الماء يزيد.
في الولد.
وفي قول مالك، والشافعي: لا يعتق عليه إذا ولدته لأقل من ستة أشهر، من يوم
ملكها.
(5/391)
5 - باب الجارية
تشترى وهي حائض
م 3355 - واختلفوا في الجارية تشترى وهي حائض.
[فقالت طائفة: تستبرأ] (1) بحيضة أخرى، هذا قول الحسن البصري، والشافعي،
والثوري، وأحمد، والنعمان، وابن الحسن.
وفيه قول ثان: وهو أن يجترئ بتلك الحيضة، هذا قول الزهري، والنخعي، وإسحاق،
ويعقوب.
وقد اختلف فيه عن الحسن البصري.
وفيه قول ثالث: وهو أنه إن كان اشتراها في أول يوم حاضت، أو بعد ذلك
بيومين، أو ثلاثة، اجترأ بتلك الحيضة، وإن كان اشتراها في وسط حيضتها، أو
آخر حيضتها، فعليه أن يستبرأها، هذا قول الليث بن سعد، وبمعناه قال مالك.
6 - باب استبراء الأمة التي لم تحض ومثلها لا
تحمل من الصغير أو الكبر (2)
م 3356 - واختلفوا في استبراء الأمة التي لا تحيض من صغر أو كبر.
فقالت طائفة: تستبرأ البكر التي لم تحض بثلاثة أشهر، هكذا قال الحسن
البصري، ومجاهد، وابن جيرين، وأبو قلابة، والنخعي، والأوزاعي، وأحمد، ومالك
بن أنس.
وكذلك قال أحمد في العجوز، وقد أئست من المحيض.
__________
(1) ما بين القوسين ساقط من الأصل، ولعل الصواب ما أثبته.
(2) في الأصل "من صغير أو كبير".
(5/392)
وقال إسحاق: أربعين يوماً، عجوزاً كانت أو
ممن قاربت أن تحيض.
وقال الثوري: بشهر ونصف، أو ثلاثة أشهر، أي ذلك فعل فلا بأس.
وقالت طائفة: تستبرأ بشهر ونصف، هذا قول ابن المسيب، وعطاء بن أبي رباح،
وسعيد بن جبير، ويحيى بن أبي كثير.
واختلف فيه الحكم، وحماد.
وقالت طائفة: تستبرأ بشهر، وهذا قول عكرمة، والشافعي، [2/ 102/ألف] وأصحاب
الرأي وعلية الليث، وأحمد في ذلك، أن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة أشهر.
قال أبو بكر: الظاهر من أمر المرأة التي قد حاضت، أن حيضة تجزيها من
الاستبراء، وهذا الأغلب من أمور النساء.
7 - باب تقبيل الجارية المستبرأة ومباشرتها قبل
الاستبراء
م 3357 - واختلفوا في الرجل يشتري الجارية، فيريد أن يقبلها، أو يباشرها
قبل أن يستبرئها.
فكره ذلك ابن سيرين، وقتادة، وأيوب السختياني، ويحيى الأنصاري، ومالك،
والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي.
وقال الأوزاعي: لا يقربها ولا يعريها.
(5/393)
وفيه قول ثان: وهو أن له أن يقبلها
ويباشرها، هذا قول عكرمة، والحسن البصري، وبه قال أبو ثور. وفرقت فرقة
ثالثة بين أن يشتري جارية من رجل كان يطأها، وبين أن تقع في سهمه من السبي.
فقالت طائفة: إذا اشتراها ممن كان يطأها، لم يقبل ولم يباشر، لعل الحمل
يظهر بها فيكون تلذذ بأم ولد مسلم، والجارية التي وقعت في سهمه من السبي لا
يردها على أحد، وليست أم ولد لمسلم.
وقد روينا عن ابن عمر أنه قبل جارية وقعت في سهمه يوم جلولاء.
وهذا مذهب الأوزاعي.
8 - باب استبراء البائع الجارية قبل البيع
م 3358 - واختلفوا في وجوب الاستبراء على البائع إذا أراد بيع الجارية التي
قد وطيها.
فقالت طائفة: يستبرئها قبل أن يبيعها، ويستبرئها المشتري إذا اشتراها، هذا
قول الحسن البصري، وابن سيرين، والنخعي، وقتادة، والثوري.
(5/394)
وفيه قول ثان: وهو أن الاستبراء إنما يجب
على المشتري، قال ابن مسعود: وتستبرأ الأمة إذا اشتريت يحيضة، وبه قال ابن
عمر، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد بن حنبل.
وفيه قول ثالث: وهو أن الاستبراء إنما هو على البائع، هذا قول عثمان البتي.
وفيه قول رابع: وهو مذهب من رأى أن توضع بعض الجواري على يد عدل، حتى تحيض
حيضة.
9 - باب مواضعة الجارية المشتراة للاستبراء
م 3359 - واختلفوا في وجوب مواضعة [2/ 102/ب] الجارية المشتراة للاستبراء.
فقال مالك في الرجل يبيع الجارية المرتفعة فيقول له المشتري: تعال أواضعك
للحيضة.
قال مالك: عليه المواضعة على ما أحب أو كره، وإنما يجب ذلك عنده في الجارية
التي يراد بها الوطىء.
وفيه قول ثان: وهو أن ذلك غير واجب، وهو قول أكثر أهل العلم غير مالك، وممن
قال أن ذلك غير واجب، الشافعي، وجماعة من أهل العلم.
م 3360 - واختلفوا في الجارية المواضعة عند عدل، تتلف، فقال الحكم: هي من
مال البائع، وبه قال مالك.
وبه قال الشافعي، إذا حال البائع بينه وبينها، ووضعها على يدي عدل.
(5/395)
وفيه قول ثان: وهو أن لها من مال المشتري،
هذا قول الشعبي.
وقال الليث: أرى أن ما أصابها من عيب قبل أن تحيض، فإنه يلزم المشتري، إلا
الإباق، والموت، فإنه من مال البيع، ويقبض الثمن المشتري.
10 - باب الجارية المشتراة تحيض وللبائع الخيار
أو للمشتري أو لهما
م 3361 - واختلفوا في الرجل يشتري الجارية من الرجل على أن لها الخيار، أو
لأحدهما، فتحيض في أيام الخيار، فكان مالك، وأبو ثور يقولان: يجتزي بتلك
الحيضة إذا تم الملك.
وكان الشافعي يقول: إذا كان الخيار للبائع، أو لهما جميعاً لم يجتزي بتلك
الحيضة، وإن كان الخيار للمشتري وحده، اجتزأ بتلك الحيضة، لأنها قد حاضت،
وقد تم ملك المشتري عليها.
11 - باب مسائل من كتاب الاستبراء
م 3362 - واختلفوا في الرجل يكاتب الجارية، ثم تعجز فترجع إليه.
فكان الشافعي يقول: لا يطأها حتى يستبرئها.
وقال أبو ثور: ليس عليه أن يستبرئها.
قال أبو بكر: هذا أصح.
(5/396)
م 3363 - واختلفوا في الرجل يشتري الجارية،
ثم يطأها قبل أن يستبرئها، فقال الزهري: يعبس في وجهه الإمام، ولا يضربه،
ولم يجعل عليه أحمد أدباً.
وقال مالك: إن كان ممن يعذر بالجهل لم يعاقب، وإن كان ممن لا يعذر بالجهل،
فإنه يعاقب.
وقال هشام بن عبد الملك: يجلد مائة.
م 3364 - واختلفوا في الجارية يشتريها الرجل فلم يقبضها حتى حاضت عند
البائع حيضة، فقال أبو [2/ 103/ألف] ثور: يطأها.
قال أبو بكر: وبه أقول.
وقال أصحاب الرأي: لا يطأها حتى تحيض عنده حيضة بعد القبض.
م 3365 - وإذا اشترى الرجل الجارية، فوضعها على يدي عدل، حتى يعطي الثمن
فحاضت، كان له أن يطأها في قول مالك، وأبي ثور.
وقال أصحاب الرأي: لا يطأها حتى تحيض حيضة بعد القبض.
م 3366 - وإذا اشترى الرجل الجارية وهي لا تحيض من صغير، فاستبرأها
بالأيام، فمضت عشرون ليلة، ثم حاضت، استبرأها بحيضة، وقد سقطت الأيام، وهذا
قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 3367 - وإذا رهن جارية من رجل فامتلكها وقبضها، فلا استبراء عليه في قول
الشافعي وأبي ثور.
م 3368 - وإذا باع جارية بيعاً فاسداً فقبضها المشتري، ولم يطأها وردها،
فليس عليه أن يستبرئها.
م 3369 - وإذا وطيها المشتري، ثم فسخ البيع، لم يكن للبائع أن يطأها حتى
يستبرئها وهذا قول أبي ثور، وهو يشبه مذهب الشافعي.
(5/397)
م 3370 - وإذا نكحت الأمة نكاحاً فاسداً
فلم يطأها الذي نكحها، حتى فرق بينهما، فليس على السيد أن يستبرئها، وإن
وطيها الزوج، استبرأها في قول أبي ثور.
وفي قوله أصحاب الرأي: إذا وطيها ففرق بينهما، لم يقربها حتى تنقضي العدة،
وإن لم يكن دخل بها، فرق بينهما ولا استبراء عليه.
م 3371 - وإذا ورث الرجل بجارية من رجل، أو وصي له بها، أو وهبت له هبة
صحيحة، لم يطأها حتى يستبرئها، وهذا على مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور.
وقال أصحاب الرأي: في الهبة، والوصية إذا حاضت قبل أن يقبضها، ثم قبضها،
ففي قياس قول النعمان: لا يقربها حتى تحيض حيضة عنده، قاله يعقوب عنه،
وخالفه يعقوب فقال: يطأها.
قال أبو بكر: يطأها.
وقال مالك في الهبة: لا يطأها الموهوب (1) له حتى يستبرئها.
م 3372 - وقال مالك: لا تستبرأ الأمة في النكاح.
وقال أحمد كذلك، إلا أن يعلم أن السيد قد وطيها، فإذا علم ذلك لم يقربها
حتى يستبرئها.
وقال أبو ثور: إذا تزوج أمة استبرأها قبل أن يدخل بها، فلا أحب له أن يطأها
حتى يستبرئها، إلا أن تكون كانت مشتراة، فلا شيء عليه.
وقال أصحاب [2/ 103/ب] الرأي: لا استبراء عليه.
قال أبو بكر: وبه أقول.
__________
(1) في الأصل "الموهوبة" والتصحيح من الحاشية.
(5/398)
قال أبو بكر:
م 3373 - وإذا ارتدت جارية الرجل عن الإِسلام، ثم رجعت إلى الإِسلام، فليس
عليه استبراء.
12 - باب الرجل يزوج أمته وقد كان يطأها أو
أعتقها
م 3374 - واختلفوا في الرجل يريد أن يزوج أمته، وقد وطيها.
فقالت طائفة: يستبرئها بحيضة، هكذا قال الزهري، ومالك، والثوري، والحسن بن
صالح، والشافعي، وأحمد بن حنبل.
وقال عطاء: يستبرئها بحيضتين، وبه قال قتادة.
م 3375 - واختلفوا فيه إن زوجها قبل أن يستبرئها ففي قول الشافعي: النكاح
باطل، وكذلك قال في أم ولد الرجل، تزوج قبل أن تحيض حيضة: النكاح باطل.
وفي أحد قولي الشافعي، والثوري: النكاح جائز في الأمة إذا زوجها وقد وطيها.
وقال النعمان، وابن الحسن: إذا زوجها ولم يستبرئها فالنكاح جائز، ويطأ
الرجل منه في قول النعمان.
وقال يعقوب: استقبح أن يجتمعا في يوم واحد في الوطئ، السيد، والزوج، ولكن
لا يقربها الزوج حتى تحيض حيضة.
وقال إسحاق، وأبو ثور: النكاح جائز، ولكن لا يطأها الزوج حتى يستبرئها.
وقال سفيان إذا اشترى جارية فزوجها، أو أعتقها قبل أن يستبرئها، لا بأس أن
يقربها، ليس في النكاح عدة.
(5/399)
قال أبو بكر: يجب إذا وطئ رجل أمته، أن لا
يزوجها حتى يستبرئها بحيضة، كما يجب للبائع أن لا يبيعها إذا كان يطأها حتى
يستبرئها، فإن باع أو زوج، فالبيع، والنكاح جائزان، ولا يطأ الزوج، ولا
المشتري حتى تستبرأ.
م 3376 - وإذا اشترى رجل أمة، أو تزوج أمة وقد علم أن واحدة منهما لم توطأ،
وكان بكراً فليس على المشتري، ولا على الزوج استبراء.
وقد ثبت أن ابن عمر قال في الأمة التي توطأ، إذا بيعت، أو وهبت، أو أعتقت:
فلتستبرأ بحيضة.
م 3377 - وقال الأوزاعي في الرجل يعزل أم ولده، عدتها حيضة واحدة، فإن
أعتقها فثلاث حيض، فإن مات عنها فأربعة أشهر وعشراً.
وقال الحسن بن صالح: في المدبرة إذا مات سيدها، والعتقة إنها تستبرأ بثلاث
حيض.
قال أبو بكر: وقول ابن عمر أحسن ما روي في هذا الباب، وهو قول أكثر أهل
العلم، إن عدة الأمة استبراء حيضة واحدة، إذا لم تكن أم ولد، وليس [2/
104/ألف] لها أن تزوج في قول مالك حتى يستبرأ رحمها، فإن نكحها فالنكاح
باطل.
وأصحاب الرأي: يرون النكاح جائزاً.
13 - باب عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أو
أعتقها
م 3378 - واختلفوا في عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها، فقال ابن عمر،
ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبو عبيد، وأبو ثور: تستبرأ بحيضة.
(5/400)
وقد روينا هذا القول عن الحسن البصري،
والشعبي، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبي قلابة، ومكحول، والزهري.
وقالت طائفة: عدتها في الوفاة أربعة أشهر وعشراً، روينا هذا القول عن علي
بن أبي طالب، وعمرو بن العاص.
وبه قال ابن المسيب، والحسن البصري، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، وأبو عياض،
وخلاس بن عمرو، وعبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز، والزهري،
والأوزاعي، وإسحاق.
وقالت طائفة: عدتها ثلاث حيض، روي هذا القول علن علي، وعبد الله.
وبه قال عطاء، وإبراهيم النخعى، والثوري، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: عدتها نصف عدة الحرة المتوفى عنها زوجها، روينا هذا القول عن
عطاء، وطاووس، وبه قال قتادة.
قال أبو بكر: فهذه أربعة أقاويل.
وقد روينا عن الحسن البصري قولاً خامساً، روينا عنه أنه قال إذا أعتقت
فعدتها حيضة، وإذا مات عنها فثلاث حيض.
وقد اختلف فيه عنه.
قال أبو بكر:
ففي قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وأبي ثور: عدتها حيضة في العتق
والوفاة جميعاً.
وفي قول سفيان، وأصحاب الرأي: عدتها ثلاث حيض في العتق، والوفاة جميعاً،
وجعل الأوزاعي عدتها في الوفاة أربعة أشهر وعشراً، وفي العتق ثلاث حيض وضعف
أحمد، وأبو عبيد حديث عمرو بن العاص.
(5/401)
قال أبو بكر: وليس في هذا أصح من حديث ابن
عمر؛ لأن في إسناد حديث علي، وعبد الله مقال، والقول بحديث ابن عمر يجب،
لأنه قال ما قيل أنه يجب، وما زاد على أقل ما قيل أنه يجب، غير جائز
إيجابه، إذ لا حجة مع القائلين.
14 - باب عدة الزانية، وهل للزاني بها أو لغيره
أن يتزوج بها؟
م 3380 - اختلف أهل العلم في الزانية هل [2/ 104/ب] عليها عدة أم لا؟
فقالت طائفة: لا عدة عليها، هذا قول الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وقد روي معنى هذا القول عن أبي بكر، وعمر، ولا نعلم أن أحداً من أصحاب رسول
الله- صلى الله عليه وسلم - خالفهما.
وقال الحسن البصري، والنخعي: عليها العدة.
وقال مالك: لا ينكحها أحد حتى يستبرئها.
وقد اختلفوا في الزانية تنكح وهي حامل من الزنا، فإن الشافعي فيما أحفظ عنه
يقول: نكاحها جائز، وبه قال النعمان، وابن الحسن.
وفي قول مالك، والثوري: النكاح باطل، وبه قال أحمد، وإسحاق، ويعقوب.
وقال الأوزاعي: إذا زنى بامرأة لا يتزوجها حتى تحيض حيضة، وثلاث أحب إلي.
(5/402)
وقال الأوزاعي: في امرأة غلبها رجل على
نفسها، اجتمعا عليها في طهر واحد، قال: يكف عنها زوجها حتى تحيض حيضة.
وقد روينا عن ابن عباس أنه أباح وطئ الجارية الفاجرة.
وروينا ذلك عن ابن المسيب، وبه قال محمد بن الحسن.
15 - باب وقوف الرجل عن وطئ زوجته لموت ولدها
من غيره
قال أبو بكر:
م 3382 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في الرجل يتزوج المرأة لها ولد
من غيره فيموت بعضهم، قال: يعزل امرأته حتى تحيض حيضة شأن الميراث.
وروينا معنى ذلك عن عمر بن الخطاب، والمصعب بن جثامة، والحسن أو الحسين بن
علي.
وبه قال النخعي، وعطاء.
وقال عمر بن عبد العزيز، وعطاء بن أبي رباح: لا يقرا حتى ينظر ابها حمل أم
لا؟ وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد ولا أحفظ لغيرهم خلافاً
لقولهم.
ْوقال الثوري: إن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم توفي أبوها (1)
ورّثناه، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم نورثه.
__________
(1) في الأصل "أيها".
(5/403)
16 - باب فسخ نكاح
المرأة إذا سبيت ولها زوج وإباحة وطيها بعد الاستبراء
قال الله جل ذكره: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} إلى قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية.
م 3383 - واختلف أهل العلم في تأويل هذه الآية.
فقالت طائفة: هن ذوات الأزواج من الحرائر والإماء، [2/ 105/ألف] فكل ذات
زوج من حرة أو أمة فحرام نكاحها إلا أمة لها زوج، فملكها بشراء، أو هبة، أو
ميراث، أو غير ذلك من وجوه الملك، فإذا مكلها بأي وجه من وجوه الملك ملكها
به، فإن ذلك فسخ نكاحها من زوجها، وتحرم عليه، وتباح لك بملك اليمين.
كان ابن عباس، وابن مسعود، وأنس بن مالك يقولون: بيع الأمة طلاقها.
قال أبو بكر: فممن هذا مذهب يقول: إذا ملك الرجل الأمة، ولها زوج، فقد
انفسخ نكاحها، وتعتد عدة الأمة المطلقة، ولا يتلذذ بها وهي في العدة، فإذا
انقضت العدة حل لها وطيها.
وقالت طائفة: نزلت الآية في السبايا خاصة، فإذا سبيت المرأة ولها زوج، فإن
وقوع السبي عليها، انفساخ لنكاح الزوج مع ثبوت ملك المستحقين لها، فلمن
ملكها، أن يطأها إذا استبرأها بحيضة.
(5/404)
م 3384 - فأما المرأة التي يكون لها الزوج
في بلاد الإِسلام، فحرام وطيها على جميع الناس غير زوجها، هل بها قول عوام
أهل العلم، وعلماء الأمصار من أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل الشام،
وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي.
وقد روينا روايات توافق هذا القول، عن أبي سعيد الخدري، وابن عباس، وابن
مسعود.
وبه قال الحسن البصري، والنخعي، وأبو قلابة، وسعيد ابن جبير.
وقال الشعبي: نزلت يوم أوطاس.
قال أبو بكر: في تأويل الآية قول ثالث، وهو أنهن النساء الأربع اللواتي
أباح الله عَزَّ وَجَلَّ في قوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ
النِّسَاءِ مَثْنَى} الآية يقول: أحل الله لك أربع نسوة في أول السورة،
وحرم عليك نكاح كل محصنة بعد الأربع، إلا ما ملكت يمينك، روينا هذا القول
عن ابن عباس، وبه قال ابن سيرين.
وقال عبيد، والحسن بن محمد: هن النساء الأربع.
وفي تأويل قول رابع: في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} الآية
قال: ذوات الأزواج.
وقال ابن المسيب، وعكرمة، وعطاء، ومجاهد: معناه أن الله حرم الزنا.
(5/405)
قال أبو بكر: وأصح هذه الأقاويل مذهب من
قال: إن الآية نزلت في السبايا خاصة، والدليل على أن بيع الأمة لا يكون
طلاقاً، شراء عائشة بريرة، وعتقها إياها.
(ح 1175) وتخير النبي [2/ 105/ب] بريرة بعد العتق.
وفي ذلك بيان على أن النكاح لا يفسخ بالبيع.
وقد روينا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد
الرحمن بن عوف ما هذا معناه.
17 - باب مسألة
م 3385 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة إذا وقعت في ملك
رجل، ولها زوج مقيم في دار الحرب، أن نكاح زوجها قد انفسخ، وحل لمالكها
وطيها بعد الاستبراء.
م 3386 - واختلفوا فيه إن سبيت هي وزوجها معاً، فوقعا في سهم رجل فملكها،
فكان الشافعي يقول: السبي يقطع العصمة بينها (1) وبين زوجها، وانفسخ
نكاحها، وحل وطيها بعد الاستبراء. وقال أصحاب الرأي: إذا وقعا في سهم رجل
واحد، فهما على النكاح، وليس لسيدها أن يفرق بينهما.
وقال النعمان: إذا سبيت، ثم سبي زوجها بعدها بيوم، يعني وهي في دار الحرب،
أنهما على نكاحهما.
__________
(1) في الأصل "بيهما".
(5/406)
وقال الأوزاعي: إذا كانا في المقاسم فهما
على نكاحهما.
فإن اشتراهما رجل، فشاء أن يفرق بينهما فرق، وإن شاء، جمع بينهما.
قال أبو بكر: قول الشافعي أصح.
18 - باب شرى الأختين
م 3387 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال في امرأة وابنتها من ملك اليمين،
هل تطأ إحداهما بعد الأخرى، وقال: ما أحب أن نحرمهما جميعاً.
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال في امرأة وأختها مما ملكت اليمين،
فقال: أحلتهما آية، وحرمتهما آية أخرى، وروينا عن علي مثله.
وقالت عائشة: لا يفعله أحد من أهلي، ولا أحد أطاعني، وروينا عن ابن عمر مثل
ذلك.
وروينا عن معاوية بن سفيان أنه نهى عن ذلك، وروي ذلك عن عمار بن ياسر.
وممن كره الجمع بين الأختين من ملك اليمين في الوطئ، جابر بن زيد، وطاووس،
وعطاء، وابن سرين.
ونهى عنه الأوزاعي، ومالك، والشافعي، وإسحاق.
وقال إسحاق: هو حرام لقول الله عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ
الْأُخْتَيْنِ} الآية.
(5/407)
واختلف فيه عن أحمد: فقال مرة: لا يجمع
بينهما.
وقال مرة: أنهى عنه ولا أقول حرام.
وقال أبو ثور: لا يجمع بينهما، وحكي ذلك عن الكوفي.
وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية
مرسلة.
قال أبو بكر:
م 3388 - وقد أجمع أهل [2/ 106/ألف] العلم على إبطال نكاح الأختين في عقد
واحدة، فإن نكاح الرجل المرأة، ثم نكح أختها فنكاح الأولى ثابت، ويبطل نكاح
أختها كل هذا مجمع عليه.
م 3389 - وأجمعوا على أن شراء الأختن الأمتين جائز في صفقةٍ واحدةٍ، وقد
أجمعوا على الفرق بين العقدين.
فإن أراد الجمع بينهما في الوطئ، فإن الأخبار جاءت عن أصحاب رسول الله- صلى
الله عليه وسلم - على ما ذكرناه عنهم، وعامتها تدل على كراهتهم لذلك، وكره
ذلك من بعدهم.
وجاءت الأخبار عن ابن عباس مختلفة وقال الله جل ذكره: {وَأَنْ تَجْمَعُوا
بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} الآية فاحتمل أن يكون أريد
بهذه الآية النكاح، وملك اليمين، واحتمل غير ذلك، واحتمل قوله: {أَوْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية ذلك، فوفق
(5/408)
أكثر أهل العلم على المتقدم على ذلك
الاحتمال الاثنين التأويل، فكرهوه ووقفوا عنه، واتقوه من قبل الشبهات.
ولعل من حجتهم في الوقوف عن المتقدم فيه قول النبي- صلى الله عليه وسلم -:
(ح 1176) "الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات".
فاتقوا ذلك لما أشكل، وأكثر أهل العلم من علماء الأمصار من المتأخرين يمنع،
ويحرمه كثير منهم.
واحتج بعض من حرم ذلك بتحريمهم وطئ الأم، والأخت من الرضاعة، إذا ملكتا
بالشراء الصحيح، أو الهبة، أو الميراث قالوا: فدل ذلك من قولهم على أن
قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ليس على العموم، وأنه خاص على ما
سوى ما حرم الله في كتابه.
قال أبو بكر: ونحن نكره من ذلك ما كرهوه.
قال أبو بكر:
م 3390 - وإذا اشترى الرجل جارية فوطيها، ثم ملك اختها فليس له أن يطأها
يعني الثانية ما دام يطأ الأولى، إذا أراد الآخر أخرج الأولى من ملكه
وملكها غيره، وله أن يطأ التي ملك آخراً بعد أن يستبرئها، فإن لم يخرجها من
ملكه حتى زوجها، ففي قول مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والكوفي:
له أن يطأها إذا حرم فرج الأولى عليه بالنكاح.
(5/409)
وفيه قول ثان: وهو أن لا يطأ الأخرى، وإن
حرم فرج [2/ 106/ب] الأولى على نفسه، حتى يخرجها من ملكه، روينا هذا القول
عن علي، وابن عمر.
وبه قال الحسن البصري، والأوزاعي.
وفيه هذه المسأله قول ثالث: قاله قتادة، قال في رجل عنده جاريتان فغشي
إحداهما، ثم أمسك عنها، ثم أراد أن يغشي أختها قال: يعتزلها ولا يغشي أختها
حتى تنقضي عدة هذه التي اعتزل، ثم إن شاء غشي الأخرى بعد أن يضمر في نفسه
أن لا يقرب أختها.
وفيه قول رابع: قاله الحكم، وحماد قالا: إذا كان عند الرجل أختان فلا يقرب
واحدة منهما.
قال أبو بكر:
م 3391 - فإذا اشترى الرجل جارية فوطيها، ثم أراد وطئ أختها، فحرم نكاح
التي كان يطأ على نفسه بنكاح، أو بيع، أو عتق، أو غير ذلك، فوطئ أختها لما
حرم فرج التي كان يطأ، ثم رجعت إليه التي كان حرم فرجها عليه بشراء، أو
طلاق زوج، فله أن يقيم على وطئ التي كان يطأ، وليس له وطئ التي رجعت إليه
بشراء أو غيره.
فإذا أراد وطئ التي رجعت إليه، حرم فرج التي كان يطأها، فإذا حرم فرجها،
وطئ التي رجعت إليه على سبيل ما ذكرناه، هذا على مذهب مالك، والشافعي.
وقال أصحاب الرأي إذا عادت إلى ملكه بأي وجه كان، لم يكن له أن يطأ واحدة
منهما، حتى يخرج إحداهما عن ملكه، وهذا قول أحمد، وإسحاق.
(5/410)
قال أبو بكر:
م 3392 - وإذا أخرج التي كان يطأ من ملكه، فحرم فرجها عليه، كان له أن يطأ
التي عنده، إذا كانت مستبرأة، وليس عليه أن ينتظر أن تستبرأ فرج التي حرم
فرجها على نفسه، وهذا أحسبه (1) مذهب مالك.
وبه قال الشافعي، وأبو ثور.
وقال أصحاب الرأي لا يطأ الأخرى حتى تسبرأ الأولى بحيضة.
ثم كتاب الاستبراء، والحمد لله رب العالمين [2/ 107/ألف].
__________
(1) في الأصل "يحسبه".
(5/411)
انتهى الجزء الخامس ويليه الجزء السادس
وأوله كتاب البيوع
(5/412)
الإشراف
على مذاهب العلماء
لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر
النيسابوري 318هـ
المجلد السادس
حققه وقدم له وخرج أحاديثه
د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري
(6/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
(6/2)
الإشراف على مذاهب العلماء
(6/3)
حقوق الطبع محفوظة للناشر
الطبعة الأولى
1425هـ - 2005 م
الناشر
مكتبة مكة الثقافية
هاتف: 2361835 - 7 - 00971
فاكس: 2362836 - 7 - 00971
ص. ب. 2326
رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة
(6/4)
بسم الله الرحمن الرحيم
ـ[بين يدي الكتاب]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين.
أما بعد:
ففي البحث عن المؤلفات لابن المنذر، وفقني الله أن أسافر إلى سلطنة عمان،
يوم الخميس 29 ربيع الثاني 1425هـ، الموافق 17/ 6/2004 م، متجهاً إلى فضيلة
الشيخ سالم بن حمد بن سليمان بن حميد الحارثي -حفظه الله-، الذي حقق كتاب
"بيان الشرع الجامع للأصل والفرع" للعالم الكبير محمد بن إبراهيم بن سليمان
الكندي النزوي، وهو يحتوي على 72 مجلداً، جمع فيه مؤلفه المسائل الشرعية
الفقهية من كتب مختلفة، ومنها كتاب الإشراف لابن المنذر، فيكثر النقول منه،
ثم يذكر تخريجات الشيخ أبي سعيد محمد بن سعيد، على المذهب على هذه النقول
فقط، وعلي سبيل المثال:
1 - "قال أبو بكر: (ابن المنذر): واختلفوا في صوم يوم الشك على أنه تطوع،
فكرهت فرقة ذلك .. الخ.
قال أبو بكر: (ابن المنذر) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى أن
يتعجل شهر رمضان يصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم يوماً فيأتي ذلك على
صومه.
قال أبو سعيد: ومعي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا نحو ما حكى من الكراهية
والترخيص، ولا يخرج ذلك كله عندي على الحجر ما لم يقصد الصائم إلى التزام
ذلك.
(6/5)
وقال: ويعجبني قوله في الروية عن النبي -
صلى الله عليه وسلم - على معنى ما قد مضى من حسن التأويل، لا على حمل
الرواية على كل المعاني".
2 - "قال أبو بكر: (ابن المنذر) في الكنز يوجد في دار الحرب .. الخ.
قال أبو سعيد: لا أعلم أنه يحضرني في معاني قول أصحابنا في هذا شيء، ولكنه
يعجبني ما قاله من الاختلاف: أن يكون غنيمة لجميع الجيش، أو يكون لمن
وجده".
وهكذا بدأ المؤلف النقل من كتاب الإشراف من كتاب الطهارة، في المجلد السابع
من كتاب بيان الشرع إلى المجلد الثامن والثلاثين، والشيخ أبو سعيد يعلق،
ويخرج على المذهب، وقد تصفحت جميع المجلدات من هذا الكتاب، والحمد لله على
ذلك.
والشيخ سالم يملك مكتبة زاخرة من علوم شتى، من مطبوعات ومخطوطات، وعنده
إلمام كبير بمؤلفات ابن المنذر، فرأيت في مكتبته: الإجماع، والإشراف الجزء
الرابع، كلاهما لابن المنذر، وهما طبعا عام 1982 م بتحقيقي، والأوسط لابن
المنذر، المجلدات المطبوعة كلها، التي نشرت بتحقيقي بعد هذه
السنة.
والذي أثلج صدري، ولأجله قمت بهذه الزيارة، تقديمه إليّ نسخةً خطيةً من
كتاب الإشراف لابن المنذر، التي تبدأ بكتاب البيوع إلى كتاب المدبر، وتحتوي
على 648 صفحة، وفيها رد الشيخ أبي سعيد، وتخريجه على المذهب، كما كان في
كتاب بيان الشرع، وفي آخرها وريقات، وفيها زيادات من غير كتاب الإشراف.
(6/6)
ولم يتبين في أن هذه النسخة مصورة من
النسخة الأصلية الموجودة بدار المخطوطات والوثائق بوزارة التراث القومي
والثقافة، أو بمكتبة أخرى خاصة.
وإنني بدأت التصحيح والمقابلة بهذه النسخة مع النسختين الموجودتين عندي،
وأثبت ذلك في الحاشية، ورمزت لها "العمانية"، وأثبت في بداية هذا المجلد
نماذج من هذه النسخة.
وجزى الله جزيلاً واسعاً كل من سعى إلى هذا الخير، حتى يخرج كتاب الإشراف
لابن المنذر، في أحسن وأكمل صورة، إلى عالم المكتبات، وتعم المنفعة العلمية
للجميع.
وصلى الله وسلم على نبيه وأصحابه صلاةً وتسليماً كثيراً كثيراً.
وكتبه:
أبو حامد الأنصاري
28/ جمادى الآخر/ 1425 هـ
الموافق 8/ 14/ 2004 م
رأس الخيمة
(6/7)
ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في
الدراسة والتحقيق:]ـ
لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب
رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر
الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب
المحققة، وهي كالتالي:
1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي.
2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها
أو مختلفا فيها.
3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف.
4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة.
5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة.
6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي
كالتالي:
بق: البيهقي في السنن الكبرى.
طف: ابن جرير الطبري في تفسيره.
ت: الترمذي في جامعه.
عب: عبد الرزاق في المصنف.
جه: ابن ماجه في سننه.
قط: الدارقطنى في السنن.
حم: أحمد بن حنبل في مسنده.
م: مسلم بن الحجاج في الصحيح.
خ: البخاري في الصحيح.
مط: مالك بن أنس في الموطأ.
د: أبو داود في السنن.
مي: الدارمي في السنن.
شب: ابن أبي شيبة في المصنف.
ن: النسائي في السنن.
ط: طبقات.
(6/8)
|