الإشراف
على مذاهب العلماء 65 - كتاب الشركة
قال أبو بكر:
م 3710 - أجمع أهل العلم على أن الشركة الصحيحة، أن يخرج كل واحد من
الشريكين مالاً مثل مال صاحبه، دنانير، أو دراهم، ثم يخلطان ذلك، حتى يصير
مالاً واحداً لا يتميز (1)، على أن يبيعا، ويشتريا ما رأيا من أنواع
التجارات على أن ما كان فيه من فضل وربح فلهما، وما كان من نقصان فعليهما،
فإذا فعلا ذلك صحت الشركة.
م 3711 - ثم ليس لأحد منهما (2) أن يبيع ويشتري إلا مع صاحبه، إلا أن يجعل
كل واحد منهما لصاحبه أن يتجر في ذلك بما يرى، فإن فعلا قام كل واحد منهما
مقام صاحبه وانفرد (3) بالبيع والشراء، حتى ينهاه صاحبه.
م 3712 - وإذا مات أحدهما، انفسخت الشركة.
م 3713 - واختلفوا في الرجلين يشتركان، فيأتي أحدهما بألف درهم، ويأتي
الآخر بألفي درهم، يخلطانها، على أن الربح بينهما نصفين، والوضيعة على قدر
رؤوس أموالهما.
فقالت طائفة: ذلك جائز.
__________
(1) وفي الدار "يتبين".
(2) في الدار "ليس لأحدهما".
(3) في الدار "وتفرد".
(6/172)
يروى ذلك عن الشعبي، والحسن، والنخعي، وبه
قال أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: الشركة فاسدة، والربح بينهما على قدر رؤوس أموالهما،
والوضيعة كذلك على قدر المال، ولصاحب المال الأقل على الآخر أجر مثله، في
مقدار ما عمل ف [2/ 148/ ب] مال صاحبه.
م 2714 - واختلفوا فيه والمسأله بحالها، إن اشترطا أن الربح والوضيعة
عليهما شطران.
فكان الشعبي (1) يقول: الربح على ما اصطلحا عليه، والوضيعة على المال.
وقال أصحاب الرأي، وأبو ثور: هذه شركة فاسدة لا يجوز أن يكون على صاحب
الألف من الوضيعة أكثر من رأس ماله.
1 - باب الشركة على أن يخرج أحدهما دنانير
والآخر دراهم
قال أبو بكر:
م 2715 - واختلفوا في الرجلين يشتركان، فأخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم.
فرخص فيه الحسن البصري وقال: إذا كان عند القسمة أخذ كل واحد منهما مثل ما
جاء به، وكان الربح بينهما على ما اشترطا عليه، والوضيعة على المال.
وكره الثوري هذه الشركة.
__________
(1) في الدار "الشافعي" مكان الشعبي، وكذا في العمانية/177.
(6/173)
وفي قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي:
الشركة فاسدة.
2 - باب الشركة بالعروض
قال أبو بكر:
م 3716 - واختلفوا في الشركة بالعروض.
فكره ذلك ابن سيرين، ويحيى بن أبي كثير، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد،
وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
ورخص في ابن أبي ليلى.
قال أبو بكر: لا تجوز الشركة بالعروض، لأن رؤوس أموالهما تكون مختلفة.
3 - باب شركة المفاوضة
قال أبو بكر:
م 3717 - واختلفوا في شركة المفاوضة.
فكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: ذلك باطل.
قال أبو بكر: وبه نقول.
(6/174)
وأجاز ذلك سفيان الثوري، والأوزاعي، وابن
أبي ليلى، وأصحاب الرأي.
وقال الثوري، والنعمان، ويعقوب: لا تكون شركة مفاوضة حتى تكون رؤوس
أموالهما سواء.
4 - باب شركة الأبدان
قال أبو بكر:
م 3718 - ولا تجوز في قول الشافعي، وأبو ثور شركة الأبدان، وأجاز أحمد،
وأصحاب الرأي شركة الأبدان.
وقال الثوري في شركة الصباغين: إذا تقبلا العمل وقاما (1) فلا بأس به.
قال أبو بكر: لا يجوز ذلك.
واحتج أحمد بن حنبل بأن سعداً، وابن مسعود اشتركا يوم بدر.
5 - باب الشركة بغير رأسه مال
قال أبو بكر:
__________
(1) في نسخين "وماتا"، وفي العمانية/280 "زماناً".
(6/175)
م 3719 - أجاز الثوري، واحد، وإسحاق، وأبو
ثور، ومحمد بن الحسن الشركة [2/ 149 ألف] بغير رأس مال على أن يشتريا
بوجوههما، فما ربحاً أو وضعاً فعليهما.
ولا يجوز ذلك في قول الشافعي.
قال أبو بكر: لا بأس بأن يقول الرجل للرجل: ما اشتريت في هذا الوقت من
متاع، فهو بيني وبينك، ولا أعلم أحداً يمنع من هذا، وإذا جاز ذلك في الوقت،
جاز أن يوكل كل واحد منهما صاحبه يشتري ما بدا له.
6 - باب الشركة بالقمح ونحوه
قال أبو بكر:
م 3720 - واختلفوا في الشركة بالقمح ونحوه: فإن الأوزاعي يقول: لا بأس به،
وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: لا تجوز الشركة إلا بالدنانير، والدراهم.
قال أبو بكر: وإنما كره من كره الشركة بالعروض لاختلاف القيمة، إذا كانا
سواء من جنس واحد وسعر واحد (1)، فهو في معنى الدنانير، والدراهم، لا فرق
بينهما.
7 - باب الشركة والمال لأحدهما
قال أبو بكر:
م 3721 - واختلفوا في الرجلين يشتركان والمال لأحدهما: فقال الشافعي: لا
__________
(1) "وسعر واحد" ساقط من "الدار"، وثابت في العمانية/282.
(6/176)
يجوز، والربح، والوضيعة على الذي له المال
(1)، وللذي لا مال له على الذي له المال أجر مثله فيما عمل.
وبه قال عبيد الله بن الحسن، وهو على مذهب ربيعة، ومالك، والليث، وقال أحمد
بن حنبل: إن ربح شيئاً، فله نصف ما ربح، وإلا فلا شيء له.
8 - باب مشاركة أهل الكتاب (2)
قال أبو بكر:
م 3722 - كره كثر من أهل العلم مشاركة اليهودي والنصراني، وممن كره ذلك ابن
عباس، وهو قول الحسن، وعطاء، وإياس بن معاوية، ومالك، والثوري، وأحمد،
وإسحاق، إذا كان الذي يلي البيع
والشراء الذمي، وكره ذلك الشافعي.
9 - باب الدين بين الشركاء
قال أبو بكر:
م 3723 - واختلفوا في الدين يكون بين الشركاء، فيقتسمون الغرماء، ثم
يَتْوَى بعض المال.
__________
(1) في الأصل "والربح والوضعية على المال، والذي أثبته من الدار"، وفي
العمانية/282" لا يجوز والوضيعة على المال".
(2) في الدار مترجم لهذه الفقرة بالمسائل، وفي العمانية/282" ذكر مشاركة
أهل الذمة".
(6/177)
ففي قول ابن سرين، والنخعي: يرجع الذي
توِيَ ماله على الذي لم يَتْوَ فيحاصه، وبه قال أحمد.
وفي قول الحسن البصري، وإسحاق بن راهويه: ذلك جائز، إذا أبرأ كل واحد منهما
صاحبه.
وقد روينا عن ابن عباس أنه قال [2/ 149 ب]: "لا بأس أن يتخارج أهل الميراث
من الدين بعضهم من بعض".
(6/178)
|