الإشراف
على مذاهب العلماء 77 - كتاب اللقطة
1 - باب أخذ اللقطة وتركها
قال أبو بكر:
م 4140 - اختلف أهل العلم في أخذ اللقطة وتركها.
فكرهت طائفة أخذها، روينا هذا القول عن ابن عمر، وابن عباس، وبه قال جابر
بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، والربيع بن [[خثيم]]، وأحمد بن حنبل.
ومرّ شريح بدرهم فلم يعرض له.
وممن رأى أخذها: سعيد بن المسيب، والحسن بن صالح.
وقال الشافعي بالعراق: الورع ألا يأخذها، وقال مرة: لا أحب لأحد ترك لقطة
وجدها، إذا كان أميناً عليها.
وممن رأى أخذ اللقطة أبي بن كعب:
(ح 1345) وجد صُرة فيها مائة دينار، على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم
-،
(6/368)
فأتى بها النبي- صلى الله عليه وسلم -.
وقال مالك: إذا كان شيئاً له بال: يأخذه أحب إلى، ويعرفه.
2 - باب ما يفعل باللقطة اليسيرة
قال أبو بكر:
م 4141 - واختلفوا فيما يفعل باللقطة اليسيرة.
فرخصت فرقة في أخذها، والانتفاع بها.
فممن روينا ذلك عنه: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وعائشة
رضي الله عنهم، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس، وجابر بن زيد، والنخعي، ويحيى
بن أبي كثير.
وقال الحسن بن صالح: تعرف العشرة الدراهم السنة، وما دون العشرة يعرفها
ثلاثة أيام.
وقال الثوري في الدارهم: يعرفه أربعاً.
وقال أحمد: يعرفه سنة.
وقال إسحاق: ما دون الدينار يعرفه جمعة، أو نحوها.
(6/369)
وأوجبت طائفة تعريف قليل اللقطة وكثيرها.
هذا قول مالك، والشافعي.
وقال أحمد: يعرف كل شيء إلا ما لا قيمة له، وبه قال إسحاق، وهذا اختلاف من
قول إسحاق.
وقال مالك في الفلس، والقُرْص، والجوزة: يتصدق به من يومه.
قال أبو بكر: يعرف قليل اللقطة وكثيرها، على ظاهر:
(ح 1346) قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: عرّفها سنةً".
ْولا يجوز أن يستثني من أخبار رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلا بخبر
مثله.
(ح 1347) وقد رأى [2/ 192/ب] رسول الله- صلى الله عليه وسلم - تمرةً، فقال:
"لولا أن
تكون صدقة لأكلتُها".
فالتمرة مستثناة من [[جملة]] اللقطة، وما كان في معناها.
ونستعمل في سائر اللقطة ما سنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.
م 4142 - واختلفوا فيمن التقط ما لا يبقى سنة.
فقال مالك، وأصحاب الرأى: يتصدق به.
وقال الثوري: يبيعه، ويتصدق بثمنه.
(6/370)
وقال الشافعي: يأكله إذا خاف فساده، ويغرمه
لربه، وقال مرة: يبيعه، ويقيم على تعريفه.
2 - باب الوقت الذي تعرف إليه اللقطة
قال أبو بكر:
(ح 1348) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر بأن تعرف اللقطة سن.
م 4143 - واختلفوا في أقصى المدة التي إليها تعرف اللقطة.
فقالت طائفة: تعرف سنة، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي
طالب، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والشعبى، ومالك، والشافعي، والحسن بن
صالح، وأحمد، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن عمر بن الخطاب ثلاث روايات غير هذه الرواية.
أحدها: أنه يذكرها ثلاثة أيام، ثم يعرفها سنة.
والثانية: أن يعرفها ثلاثة أعوام.
والثالثة: أن يعرفها ثلاثة أشهر.
قال أبو بكر: والذي أرى أن تعرف اللقطة سنة على ظاهر:
(ح 1349) خبر زيد بن خالد.
(6/371)
4 - باب ما يفعل
باللقطة بعد التعريف
قال أبو بكر:
م 4144 - واختلفوا فيما يفعله الملتقط بعد التعريف.
فقالت طائفة: شأنه بها، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود،
وعائشة، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وفيه قول ثان: وهو أن يتصدق بها، روينا هذا القول عن علي، وابن عباس، وبه
قال سعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن (1)، وعكرمة، وطاووس.
وكان عطاء يقول كقول عكرمة، ثم قال كما روينا عن ابن مسعود.
وممن كان يعرفها حولاً، ثم يتصدق بها، ويخير صاحبها إذا جاء بين الأجر أو
الغرم له: مالك بن أنس، والثوري، والحسن بن صالح، وأصحاب [2/ 193/ألف]
الرأي.
وفيه قول ثالث: وهو أن يجعلها في بيت مال المسلمين، روينا هذا القول عن
عمر، وابن عمر.
__________
(1) "والحسن" ساقط من الدار.
(6/372)
قال أبو بكر: والذي أرى أن يعرفها سنة، فإن
جاء صاحبها دفعها إليه، وإن لم يأت فعل بها ما شاء، إن شاء انتفع بها، وإن
شاء تركها فلم ينتفع بها، وإن شاء تصدق بها.
فإن جاء صاحبها، وقد انتفع بها أو تصدق بها، فهو ضامن لمثلها إن كان لها
مثل، أو لقيمتها إن لم يكن لها مثل.
خبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على ذلك يدل.
5 - باب المواضع التي تعرف فيها اللقطة
قال أبو بكر:
(ح 1350) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر الذي وجد اللقطة أن
يعرفها.
لم يخص موضعاً دون موضع.
(ح 1351) ودل حديث أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من
سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا أداها الله إليك، فإن المساجد لم
تبن لهذا".
على أن المساجد ممنوعة من أن ينشد فيها الضوال.
فللمرء أن ينشد الضاله حيث شاء إلا في المسجد.
م 4145 - قد روينا عن عمر أنه قال لمن وجد لقطة" عرفها على
(6/373)
أبواب المسجد" وبه قال مالك بن أنس،
والشافعي.
قال أبو بكر: وبه نقول.
6 - باب الإشهاد على اللقطة، والنهى عن كتمانها وتعيينها والأمر بتعريفها،
وذكر اختلافهم في المُخبر بعفاص اللقطة ووكائها ووعائها، يريد أخذها
قال أبو بكر:
(ح 1352) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في اللقطة: تُعرف،
ولا تُغيبْ، ولا
تُكتم، فإن جاء صاحبها، وإلا فهي من مال الله عَزَّ وَجَلَّ يؤتيه من يشاء"
(2).
م - واختلفوا فيمن يطلب اللقطة، ويخبر بعفاصها (3)، ووكائها (4)، ووعائها،
ويذكر أنها له.
(6/374)
فقالت طائفة: يعطيه إياها، كذلك قال أحمد
قال: لا يطلب منه البينة، وكذلك قال ابن القاسم صاحب مالك.
وقال الشافعي: إذا وقع في نفسه أنه صادق (1)، دفعها إليه، ولا يجبر على ذلك
إلا ببينة.
قال أبو بكر: بقول أحمد أقول.
(ح 1353) للثابت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -[2/ 193/ب] أنه قال:
"فإن جاءك
أحد يُخبركَ بعددِها، ووعائها، ووكائها، فادفعها إليه".
وقال أصحاب الرأي: إذا كانت دنانير أو دراهم، فسمي وزنها، وعددها، ووكاءها،
ووعاءها، إن شاء دفعها إليه وأخذ كفيلا بذلك، فإن أبي لم يجبر على ذلك إلا
ببينة.
قال أبو بكر:
م 4147 - وفيمن دفع لقطة إلى من أتى يصفها، ثم أتى آخر، فأقام البينة أنها
له، قولان:
أحدهما: أن لا غرم عليه، لأنه فعل ما أمر به، وهو أمين، والشيء ليس بضمون،
هذا قول ابن القاسم صاحب
__________
(1) وفي الدار "إنه حق".
(6/375)
مالك (1)، وأبي عبيد.
والثاني: قول أصحاب الرأي: أنه يضمن، وهو يشبه مذهب الشافعي؛ لأن قوله
كقولهم.
وكان أبو عبيد يقول: "الوعاء الذي تكون فيه اللقطة، من جلد كان، أو غيره،
وقوله: ووكائها، تعني: الخيط الذي تشد به".
7 - باب اللقطة تضيع من ملتقطها قبل الحول أو
بعده
قال أبو بكر:
م 4148 - واختلفوا في اللقطة تضيع من ملتقطها قبل الحول، أو بعده.
فقال كثير من أهل العلم: لا ضمان عليه، كذلك قال الحسن البصري، والنخعي،
وأبو مجلز، والحارث العُكلي، ومالك بن أنس، ويعقوب.
وقال النعمان، وابن الحسن: إن كان حين أخذها قال: إنما أخذتها لأردها على
أهلها، وأشهد على ذلك شاهدين بمقالته: لم أضمنه، وإن لم يكن كذلك: ضمناه.
وقد قال الحسن البصري مرة: هو ضامن.
قال أبو بكر: إذا أخذ اللقطة ليحفظها على ربها، فضاعت، فلا ضمان عليه، وإذا
أقر أنه أخذها ليذهب بها، فضاعت، فهو ضامن.
__________
(1) "صاحب مالك" ساقط من الدار.
(6/376)
8 - باب الملتقط يرد
اللقطة إلى مكانها
قال أبو بكر:
م 4149 - واختلفوا في اللقطة يأخذها، ثم يردها حيث وجدها.
فقالت طائفة: هو ضامن، روينا هذا القول عن طاووس، وهو مذهب الشافعي.
وقال مالك: لا ضمان عليه.
قال أبو بكر: الأول أصح (1).
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال لرجل وجد (2) بعيرا: أرسله حيث وجدته، وبه
قال مالك.
وقال الشافعي: إن أرسله ضمن.
قال أبو بكر: من قلد الواحد من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال
بقول عمر، ومن جعل الأشياء على النظر ضمنه [2/ 194/الف].
9 - باب لقطة مكة
قال أبو بكر:
(ح 1354) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "ولا تحلُّ لقطتها
إلا
__________
(1) "قال أبو بكر: الأول أصح" ساقط من الدار.
(2) وفي الدار "أخذ بعيراً".
(6/377)
لمنُشدٍ" يريد مكة.
م 4150 - واختلفوا في لقطة مكة.
فقالت طائفة (1): حكم لقطتها كحكم لقطة (2) سائر البلدان، روينا هذا القول
عن عمر، وابن عباس، وعائشة، وبه قال سعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل.
وفيه قول ثان: وهو أن لقطت لا تحل البتة، وليس لواجدها فيها إلا الإنشاد
أبداً، هذا قول ابن مهدي، وأبي عبيد.
م 4151 - واختلفوا في معنى قوله: "إلا لمنشد".
فكان جرير بن عبد الحميد يقول: إلا لن سمع ناشداً يقول قبل ذلك أو معروفاً:
من أصاب كذا وكذا، فحينئذ يجوز أن يرفعها ليردها على صاحبها.
ومال إسحاق إلى قول جرير.
وذكر أبو عبيد: "أن ابن مهدي قال: إنما معناه لا تحل لطقتها كأنه يريد
البتة، فقيل له: إلا لمنشد، فقال: "إلا لمنشد" وهو يريد المعنى الأول.
وقال أبو عبيد: المنشد المعرف، والطالب: الناشد".
قال أبو عبيد: "وليس يخلو قوله: "إلا لمنشد" إن كان أراد
__________
(1) وفي الدار "قال مالك".
(2) كلمة "لقطة" ساقط من الدار.
(6/378)
المعرف، فعلى هذا، لا تحل له اللقطة أبداً،
وعليه أن يعرفها حتى يجد طالبها، أو يكون أراد به الطالب: فلا تحل لغيره".
فعلى أي المعنيين كان: فليس تحل لقطة مكة إلا لصاحبها، لأنها خصت من بين
البلدان، والله أعلم.
10 - باب ضالة الإبل
قال أبو بكر:
(ح 1355) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال للذي سأله عن ضالة
الإبل: "مالك
ولها؟ معها حذاؤُها وسقاؤُها، تردُ الماءَ وتأكل الشجر، دعها حتى يجدها
ربُها".
قال أبو عبيد: "معها (1) حذاؤها وسقاؤها، يعني بالحذاء: أخفافها وسقاؤها:
يعني أنها تقوي على ورود الماء لتشرب، والغنم لا تقوى على ذلك".
م 4152 - وقد اختلفوا في ضالة الإبل.
فكان مالك يقول في قول عمر بن الخطاب: "من أخذ ضالةً فهو ضال"، أي مخطئ،
فلا يأخذها، وبه قال الأوزاعي،
__________
(1) "معها" ساقط من الدار.
(6/379)
والشافعي، والليث بن سعد قال في ضالة
الإبل: من وجدها في القرى: عرّفها، وفي الصحراء: لا يقرا.
وكان الزهري يقول: من وجد ضالة بدنة، فليعرفها، فإن لم يجد صاحبها [2/
194/ب] فلينحرها قبل أن تنقضى الأيام الثلاث.
11 - باب النفقة على الضالة
قال أبو بكر:
م 4152 - واختلفوا فيمن وجد ضالة، فأنفق عليها، وجاء ربها.
فقالت طائفة: يغرم له ما أنفق، هذا قول عمر بن عبد العزيز، ومالك.
وكان الشعبي لايعجبه قضاء عمر بن عبد العزيز.
وهو مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه كان ينفق على الضوال من بيت المال، وبه
قال سعيد بن المسيب.
م 4153 - وقال مالك في ضوال الإبل: يأمر الإمام ببيعها، ووضع ثمنها، فإن
جاء صاحبها دفع إليه الثمن.
وقال في الرقيق الذي يأبقون: يؤخذون فيحبسون، فإن لم يأت طالب، بيعوا.
فإن جاء طالبهم بعد أن يبيعوا، لم يكن له إلا الثمن، وليس ذلك لغير الإمام.
وقال الشافعي: وإذا وجد بعيراً، فأراد رده على صاحبه، فلا بأس بأخذه، ولا
يأخذه ليأكله.
(6/380)
وإن كان للسلطان حمّى: صنع كما صنع عمر بن
الخطاب رضي الله عنه.
م 4154 - وقد روينا عن ابن عمر أنه كان يُسهل في شرب لبن الضالةِ، وروي ذلك
عن عائشة رضي الله عنهم.
وقال مالك في اللبن: عسى أن يأكل منها، فأما نتاجها فلا يأكل منها شيئاً.
12 - باب ضالة البقر والغنم
قال أبو بكر:
(ح 1356) روينا عن جرير (1) بن عبد الله أنه طرد بقرة لحقت بالبقر، حق
توارت، وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يأوي الضالة
إلا ضال".
م 4155 - وممن رأى أن ضالة البقر كقالة الإبل: طاووس، والأوزاعي، والشافعي،
وأبو عبيد.
__________
(1) في الأصلين "جابر بن عد الله" وهو خطأ، وما أثبته من الدار.
(6/381)
م 4156 - والخيل، والبغال، والحمير، في
مذهب الشافعي، وأبي عبيد، كالإبل.
قال أبو بكر:
(ح 1357) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال في ضالة الغنم: "لك،
أو لأخيك، أو للذئب".
م 4157 - وقال مالك في الشاة الضاله، توجد في الصحراء، قال: اذبحها، وكلها.
وإن كانت في قرية فليضمها إليها (1)، أو إلى غنمه حتى يجد صاحبها.
وقال مالك في البقرة مثله.
وقال أبو عبيد: كقول مالك في ضالة الغنم.
وقال الليث بن سعد في ضالة الغنم: لا أحب أن يقربها، إلا أن يحرزها
لصاحبها.
قال أبو [2/ 195/ألف] بكر: وفي الحديث دليل على افتراق البراري، والقرى،
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لك، أو لأخيك، أو للذئب" وإنما قال ذلك حيث
تكون الذئاب، والذئاب لا تكون في القرى.
قال أبو بكر:
م 4158 - وإذا وجدت الشاة بفلاة من الأرض، فأكلها من جعل النبي - صلى الله
عليه وسلم - له ذلك، ثم جاء صاحبها، ففيها قولان:
__________
(1) في الأصلين: فيضمها إليه، وما أثبته من المدونة، وعبارتها: قال مالك:
أما ما كان قرب القرى، فلا يأكل، وليضمها إلى أقرب القرى إليها يعرفها
فيها، أهـ 4/ 367.
(6/382)
أحدهما: أن لا غرم عببه، وهذا قول مالك.
وقال الشافعي: يغرم قيمتها إذا جاء صاحبها.
ومن حجة مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لواجدها في أكلها، ولم
يوجب فيها تعريفاً، وفرق بينها وبين اللقطة التي تعرف.
ومن حجة الشافعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر في اللقطة أن
يردها إلى صاحبها قالوا: فإن أكلها بعد التعريف غرم، كانت الشاة مثل
اللقطة.
13 - باب الرجل تقوم عليه دابة (1) فيتركها آيساً منها
قال أبو بكر:
م 4159 - واختلفوا في الرجل، يدع دابته بمكان منقطع من الأرض [آيساً منها]
(2) فأخذها رجل، وقام عليها حتى صلحت، وجاء ربها.
فكان الليث بن سعد يقول: هي للذي أحياها، إلا أن يكون تركها، وهو يريد أن
يرجع إليها، فرجع مكانه.
وهذا مذهب الحسن بن صالح فيهما؟ وفي النواة التى يطرحها الرجل.
وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق في الدابة هي لمن أحياها، إذا كان تركها صاحبها
بمهلكة.
__________
(1) وفي الدار "الدابة".
(2) ما بين المعكوفين من الدار.
(6/383)
وفيه قول ثان: وهو أن يأخذ دابته، ويغرم ما
أنفق عليها، هذا قول مالك بن أنس.
قال أبو بكر: هي لصاحبها، يأخذها، والآخر متطوع بالنفقة عليها (1).
م 4160 - واختلفوا في الظبي، يملكه المرء، ثم يفلت منه (2).
فقال الشافعي: هو لصائده الأول.
وقال مالك: إن كان الثاني اصطاده بالقرب من وقت أفلت من الأول، فهو للأول،
وإن كان اصطاده بعد مدة طويلة، فهو للثاني.
م 4161 - وإذا وجد الرجل ضالة، فجاء بها صاحبها، وطلب جعلاً، فلا جعل له،
كان ممن يعرف بطلب الضوال، أو لا يعرف، وهذا على مذهب الشافعي، وأصحاب
الرأي.
م 4162 - وإذا وجد الرجل المتاع الذي قد طرحه صاحبه في البحر طلب السلامة
[2/ 195/ب] في فأخذه رجل، فعله رده إلى صاحبه، ولا جعل له.
م 4163 - وكان الحسن البصري يقول: من أخرج شيئاً فهو لمن أخرجه، وما نضب
عنه الماء، وهو على الساحل فهو لأهله.
__________
(1) "عليها" ساقط من الدار.
(2) وفي الدار "تلف عنه".
(6/384)
م 4164 - وقال الليث بن سعد: ليس لأهل
المركب الذي ألقوا متاعهم شيئاً وإذا طرحوا المتاع وسلم بعضهم لم يطرح
متاعه، يواسوا في المتاع الذي ألقوه، على قدر حصصهم.
م 4165 - وقال مالك في السفن التي تنكسر في البحر: يأخذ أصحاب المتاع
متاعهم، ولا شيء للذين أصابوه.
14 - باب العبد، والصبي، والمحجور عليه يلتقطون
اللقطة
م 4166 - قال مالك في العبد: "إذا استهلك اللقطة قبل السنة: فهي في رقبته،
إما أن يعطي سيدُه، وإما أن يسلم إليهم غلامه.
فإن استهلكها بعد السنة، كنت ديناً عليه، ولا شيء على السيد منه".
وقال الشافعي: تضم إلى سيده، فإن علم بها السيد، فأقرها في يده، فهو ضامن
لها في رقبة عبده.
فإن لم يعلم السيد، فهي في رقبته، إن استهلك قبل السنة وبعدها، دون مال
السيد؛ لأن أخذه عدوان.
فإن كان حراً غير مأمون في دينه، ففيها قولان:
أحدهما: أن يؤمر بضمها إلى مأمون.
والآخر: أن يؤمر من يديه.
قال المزني: الأول أولى.
(6/385)
15 - باب مسائل من
كتاب اللقطة (1)
قال أبو بكر:
م 4167 - وإذا التقط رجل لقطة، فادعاها رجلان، أحد أقام البينة أنها له،
وأقر الملتقط للآخر أنها له.
فالذي يجب: أن تدفع إلى الذي أقام البينة عليها.
ولو لم تقم البينة لواحد منهما، وأقر الملتقط لأحدهما دون الآخر: دفعت إلى
الذي أقر له بها، فإن دفعها إليه، ثم أقام الآخر البينة أنها له: وجب نزعها
من يده ودفعها إلى الذي أقام البينة أنها له.
فإن استهلكها القابض لها، فللذي أقام البينة أن يأخذ قيمتها منه، وهو في
ذلك بالخيار: إن شاء غرم الملتقط الذي أتلفها بدفعها إلى غيره، وإن شاء غرم
الملتف لها.
فإن غرم المتلف بها: لم يرجع على المقر [2/ 196/ألف] الملتقط بشيء.
وإن غرم الملتقط المقرّ للمدفوع إليه: لم يرجع على الذي أتلفها بشيء لأنه
يقول: أتلفتها، وهي ملك لك.
م 4168 - وإدا وجد الرجل العنبرة على ساحل البحر، فهي له، ولا شيء عليه
فيها.
م 4169 - وإذا عرف الرجل اللقطة سنة، ثم استهلكها بعد السنة، وجاء مالكها،
واختلفا في قيمتها:
فالقول قول الملتقط مع يمينه، إذا لم تكن بينة.
__________
(1) وفي الدار "مسائل".
(6/386)
م 4170 - وإذا أعطى الملتقط من نادى عليها
جعلا أخذ مالك اللقطة اللقطة، ولا شيء عليه، وهذا على مذهب الشافعي، وأصحاب
الرأي.
وقال مالك: إذا أعطى منها لمن عرفها، فلا غرم عليه.
(6/387)
|