الإشراف على مذاهب العلماء

79 - كتاب المكاتب
قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} الآية.

1 - باب اختلاف أهل العلم في الكتابة: هل تجب فرضاً أو لا؟
قال أبو بكر:
م 4988 - اختلف أهل العلم في وجوب الكتابة، إذا علم في المملوك خيراً، وسأل ذلك.
فقالت طائفة: هو واجب، قال عطاء، وعمرو بن دينار: ما نراه إلا واجباً.
وقال الضحاك بن مزاحم: عزمة.

(7/5)


وسأل سيرين أبو محمد أنس بن مالك: الكتابة، فأبى أنسٌ، فرفع عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدرة، وتلا: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} فكاتبه أنس.
وفيه قول ثان: وهو أنها ليست بواجبة، من شاء كاتب، ومن شاء لم يكاتب.
روي هذا القول عن الشعبي، والحسن البصري، وبه قال مالك، والثوري [2/ 198/ألف] والشافعي.
وفيه قول ثالث: قاله إسحاق بن راهويه قال: لا يسع الرجل ألا يكاتبه إذا اجتمع فيه الأمانة والخير، من غير أن يجبر الحاكم عليه، وأخشى أن يأثم إن لم يفعل.
وقد احتج بعض من يوجب الكتابة بظاهر قوله تعالي: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} وبأن عمر لم يكن ليرفع الدرة على أنس فيما هو مباح ألا يفعله.

2 - باب معنى قوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}
قال أبو بكر:
م 4189 - كان ابن عمر يكره أن يكاتب عبده إذا لم يكن له حرفة.

(7/6)


وقال مجاهد: في قوله تعالى: {ِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} الغنى والأداء.
وقال ابن عباس، وعطاء: المال.
وقال عمرو بن دينار: المال والصلاح.
وقال النخعي: صدقا ووفاء.
وقال الثوري: ديناً وأمانة.
وقال عكرمة: قوة.
وقال الشافعي: إذا جمع القوة على الاكتساب والأمانة.

3 - باب كتابة من لا حرفة له
قال أبو بكر:
م 4190 - واختلفوا في كتابة من لا حرفة له.
فكره ابن عمر أن يكاتب من لا حرفة له، وكره الأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، أن يكاتب من لا حرفة له.
وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسلمان، ومسروق: معنى ذلك، ورخص مالك، والثوري، والشافعي، أن يكاتب من لا حرفة له.
وقد اختلف فيه عن مالك.
قال أبو بكر: يجوز أن يكاتب من لا حرفة له، ولا كسب، استدلالاً:

(7/7)


(ح 1360) بأن بريرة كوتبت، ولا يعلم لها كسب، وبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فلم ينكره ولم يمنع منه (1).

4 - باب ما يوضع عن المكاتب وكم يوضع عنه
قال أبو بكر:
م 4191 - واختلفوا في معنى قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} الآية.
فقالت طائفة: حُثّ الناس عليه، هذا قول بريدة، والحسن البصري، والنخعي، والثوري.
وقال الشافعي: يجبر السيد على أن يضع عنه شيئاً من الكتابة.
م 4192 - واختلفوا في مقدار ما يضعه سيد المكاتب عنه.
فكان إسحاق بن راهويه يقول: يضع عنه ربع الكتابة.
واستحب الثوري ذلك.
وروينا [2/ 198/ب] ذلك عن علي بن أبي طالب.
وقال قتادة: يوضعه العشر من كتابته.

(7/8)


وقال مالك، والشافعي: يوضع عنه شيء منه، وروي ذلك عن ابن عباس.
ووفع أبو أسيد عن مكاتبه: السدس من كتابته.
قال أبو بكر: قول مالك صحيح.

5 - باب الرجل يكاتب مملوكه وله مال
قال أبو بكر:
م 4193 - واختلفوا في الرجل يكاتب مملوكه وله مال.
فقالت طائفة: هو للعبد، هذا قول الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، والنخعي، وسليمان بن موسى، ومالك، وابن أبي ليلى.
وفيه قول ثان: وهو أنه للسيد، إلا أن يشترط المكاتب، هذا قول سفيان الثوري.
وقال الحسن بن صالح، والشافعي، والنعمان، ويعقوب: المال للسيد.
وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا كاتبه وله مال ما لم يستثنه: فهو للمكاتب، وإذا كتمه: فهو للسيد، هذا قول الأوزاعي.

6 - باب الرجل يكاتب عبده، وله أولاد وأم ولد
قال أبو بكر:
م 4194 - كان عطاء بن أبي رباح، وسليمان بن موسى، وعمرو بن

(7/9)


دينار، ومالك، والشافعي يقولون في أولاد المكاتب: للسيد إذا كاتبه وله أولاد.
وقال النخعي، وأحمد، وإسحاق: هم عبيده.
وقال النخعي: إذا كانت له سرية، فالسرية فيما كوتب عليه، وأما الولد فمملوكين، وبه قال مالك، والليث بن سعد، ويشبه مذهب الشافعي أنهم كلهم للسيد.

7 - باب اشتراط السيد على المكاتب، والمكاتب (1) على السيد أن ما ولدت من ولد فهم رقيق، والولد الذي (2) يلدون هو (3) في المكاتبة
قال أبو بكر:
م 4195 - أجاز عطاء في المكاتبة أن يشترط عليها أهلها (4) أن ما ولدت في الكتابة فهم عبيد لنا، ويجوز ذلك في المكاتب.
وقال سفيان الثوري: ذلك باطل.
وقال مالك: لا يجوز، وتفسخ الكتابة.
__________
(1) وفي الدار على المكاتبة، والمكاتبة على".
(2) وفي الدار "الذين".
(3) "هو" ساقط من الدار.
(4) "أهلها" ساقط من الدار.

(7/10)


وقال ابن جريج: ذلك الشرط جائز.
م 4196 - أجمع أهل العلم على أن ولد المكاتب من الحرة: أحرار.
م 4197 - وأجمعوا كذلك (1) على أن ولد المكاتب من أمة لقوم آخرين مملوك لسيد الأمة.
م 4198 - واختلفوا في ولد المكاتب [2/ 199/ألف] من سريته.
فكان الشافعي يقول: إذا أولدها وهو مكاتب لم تكن أم ولد له، وليس له أن يبيع ولده من أمته، ويبيع أم ولده متى شاء، وإذا عتق ولده معه.
وقال النعمان، وأصحابه في المكاتب إن ولد له من أمته: فإنه يستعمله ويستخدمه، وأبوه أحق بكسبه، وبما أصاب من مال.
م 4199 - ولو كانت الأم لرجل، والأب لرجل آخر: كانت الأم أحق بكسبه وماله، ويعتق بعتقها.
وقال الشافعي في ولد المكاتب إذا ولدوا بعد كتابته: فحكمهم حكم أمهم، لأن حكم الولد في الرق حكم أمه.
وقال أبو ثور: ولا يبيع المكاتب، ولا المكتبة ولدهما، وذلك أن الولد ليس بملك لهما.
__________
(1) "كذلك" ساقط من الدار.

(7/11)


8 - باب ولد المكاتبة
قال أبو بكر:
م 4200 - واختلفوا في ولد المكاتبة.
فقال شريح، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يعتقون بعتقها، ويرقون برقها.
وقال أبو ثور: فيها قولان: هذا الذي قاله شريح أحدهما، والآخر أنهم للمولي قال: وهذا أقيس القولين.
قال أبو بكر: وبه أقول.

9 - باب ما تجوز عليه الكتابة
م 4201 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا كاتب عبده على ما يجوز أن يملك، مما له عدد، أو وزن، أو كيل، على نجوم معروفة معلومة من شهور العرب، ووصف ما يكاتب عليه من ذلك كما يوصف في أبواب المسلم: أن ذلك جائز.
ودل حديث عائشة رضي الله عنها على إباحة الكتابة على نجوم في أعوام معلومة، لكل عام شىء معلوم.
م 4202 - واختلفوا في الكتابة على نجم واحد.
فكان الشافعي يقول: لا تجوز الكتابة على نجم واحد.
م 4203 - وقال النعمان وأصحابه: إذا كاتبه على ألف درهم وعلى

(7/12)


عبد فهو جائز.
ولا يجوز هذا في قول الشافعي، لأن العبد غير معلوم، ولا معروف وصفه.
م 4204 - وقال أصحاب الرأي: فإن كاتبه على ألف درهم (1) على أن يرد عليه المولي وصيفاً: فلا خير في المكاتبة على هذا الشرط، في قول النعمان، ومحمد، وبه قال الشافعي.
وقال يعقوب: يقسم [2/ 199/ب] الألف على قيمة العبد وعلى قيمة وصيف وسط، فيطرح ما أصاب قيمة الوصيف من ذلك، ويؤخذ بما أصاب قيمته.
م 4205 - وقال أصحاب الرأي: إذا كاتب الرجل على مال، واشترط عليه خدمةً معلومة: فهو جائز، وإن اشترط خدمة مجهولة، فالكتابة فاسدة.
وقد روينا عن سليمان بن يسار رضي الله عنه أنه كاتب على أن يغرس مائة ودية، قال: فإذا أطعمت فهو حر.
__________
(1) "درهم" ساقط من الدار.

(7/13)


10 - باب الكتابة على الوصفاء (1)
قال أبو بكر:
م 4206 - أجاز الحسن البصري، وسعيد بن جبير، والزهري، والنخعي، وابن شبرمة، وأحمد، وإسحاق: الكتابة على الوصفاء.
وروينا عن أبي برزة الأسلمي، وحفصة بنت عمر- رضي الله عنهم-: أنهما رأيا ذلك.
وبه قال الشافعي، إذا وصف كما يوصف في السلم، وكانت الكتابة صحيحة على نجوم.
وأجاز ذلك أصحاب الرأي، وإن لم يوصف الوصفاء.
وبه قال مالك، وقال مالك: يدعى له أهل المعرفة بالقيمة، فيقومون ذلك على قدر ما يرون.
وقال مالك: إذا قال: حمران، أو سودان، يعطى وسطا من الوصفاء السودان أو الحمران.

11 - باب سفر المكاتب بغير إذن مولاه
قال أبو بكر:
م 4207 - واختلفوا في سفر المكاتب بغير إذن مولاه.

(7/14)


فقالت طائفة: يخرج فإن اشترط عليه ألا يخرج خرج (1)، هذا قول الشعبي، وسعيد بن جبير، والنعمان.
وقال الثوري، والحسن بن صالح، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: له أن يخرج، ولم يذكروا الشرط.
واختلف فيه عن الثوري، فحكى العدني عنه: أنه قال: أما الخروج فهو شرط لا يستقيم، ليخرج إن شاء، وبه قال أصحاب الرأي.
وقال مالك: "ليس له أن يسافر إلا بإذن سيده، اشترط أو لم يشترط وذلك بيد سيده: إن شاء منعه، وإن شاء أذن له".
وفيه قول ثالث: قاله الأوزاعي قال: إن اشترط عليه ألا يخرج، فليس له الخروج، وإن لم يشترط عليه، فله أن يخرج.

12 - باب [2/ 200/ألف] المكاتب يشترط عليه شيئاً من ميراثه
قال أبو بكر:
م 4208 - واختلفوا في المكاتب، يشترط عليه شيئاً من ميراثه، فأبطل ذلك
__________
(1) "خرج" ساقط من الدار.

(7/15)


عمر بن عبد العزيز، وعطاء، والحسن البصري، والنخعى، وأحمد، وإسحاق.
وكان إياس بن معاوية يقول: هو جائز.
قال أبو بكر: لا يجوز ذلك، لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قضى أن ميراث الحر بين ورثته، فإذا اشترط خلاف كتاب الله: بطل.

13 - باب المكاتب يشترط عليه بعد عتقه خدمة سنين
قال أبو بكر:
م 42059 - واختلفوا في المولي يشترط على المكاتب خدمة بعد العتق.
فأجاز ذلك عطاء، وابن شبرمة، وقد روينا عن عمر بن الخطاب ما يؤيد هذا المذهب، وهو أنه أعتق كل فصل من سبى العرب، واشترط عليهم: أنكم تخدمون الخليفة بعدي ثلاث سنوات.
وأبطل ذلك الزهري، ومالك، وروي معنى ذلك عن سعيد بن المسيب.

(7/16)


14 - باب وطء الرجل مكاتبته
قال أبو بكر:
م 4215 - واختلفوا في الرجل يطأ مكاتبته.
فقال الثوري، والحسن بن صالح، والشافعي: لا حد عليه.
وقال الشافعي: يعزر، إلا أن يكون جاهلا.
وفيه قول ثان: وهو أن عليه الحد، هذا قول الزهري، والحسن البصري.
وقال الأوزاعي: يجلد الرجل مائة، بكرا كان أو ثيباً، وتجلد الأمة خمسين جلدة.
وفيه قول ثالث: وهو أن يجلد مائة إلا سوطًا، هذا قول قتادة.
وفيه قول رابع: وهو أن له أن يطأها إن شرط ذلك عليها.
هذا قول سعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل.
وقال إسحاق (1) ومالك: إن وطئها فلا شيء عليه، وإن استكرهها عوقب في استكراهه إياها.
وممن قال لا يصلح للرجل أن يطأ مكاتبته: الحسن البصري، والزهري، وقتادة، ومالك، والليث بن سعد (2)، والثوري، والأوزاعي، والشافعي.
__________
(1) "إسحاق" ساقط من الدار.
(2) "والليث بن سعد" ساقط من الدار.

(7/17)


وقال الليث بن سعد: إن طاوعته، فقد فسخت [2/ 200/ب] كتابتها، ورجعت في الرق.
وقال قائل: للسيد أن يطأ مكاتبته في الأوقات التي لا يشغلها بالوطء عن السعي فيما هي فيه.

15 - باب ما يجب لها من المهر إذا وطئها
قال أبو بكر:
م 4211 - واختلفوا فيما يجب للمكاتبة من المهر إذا وطئها السيد.
فإن الحسن البصري، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي يقولون: لها صداق مثلها.
وكذلك قال قتادة إذا استكرهها.
وقال مالك: لا شيء عليه في وطئه إياها.
وفيه قول ثالث: وهو إن كانت بكرا فلها عشر قيمتها (1)، وإن كانت ثيبا فلها نصف العشر، هذا قول الأوزاعي.

16 - باب ما يجب لها إن حملت من وطء السيد إياها
قال أبو بكر:
م 4212 - واختلفوا فيما يجب لها إن حملت.
__________
(1) وفي الدار "ثمنها".

(7/18)


فقالت طائفة: تخير، فإن شاءت مضت على كتابتها، وإن شاءت كانت أم ولد، هذا قول الزهري، ومالك، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وقال الحكم بن عتيبة: تبطل كتابتها إذا هي حملت، وتعتق بموت السيد إذا مضت في كتابتها.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

17 - باب المكاتبة بين الرجلين يطؤها أحدهما
قال أبو بكر:
م 4213 - واختلفوا في المكاتبة بين الرجلين، يطؤها أحدهما.
ففي قول مالك: "عن الواطيء مهر مثلها، فإن عجزت واختارت [[العجز]]، كان للذي لم يطؤها أخذ نصف المهر من شريكه الواطيء وإن كانت قبضت المهر ثم عجزت، فلا شيء للشريك على شريكه، ولو حبلت، فاختارت العجز، كان للشريك الذي لم يطأها على الشريك الذي وطيء نصف المهر، ونصف قيمتها على الواطيء".
م 4214 - وقال النعمان: إذا ادعى رجل ولد مكاتبة، بينه وبين آخر، فهو ابنه وهو حر ثابت النسب منه، وتأخذ العُقر (1) فتستعين به في كتابتها،
__________
(1) في حاشية المخطوطة: العقر: بضم العين وسكون القاف، وهو دية الفرج المغصوب.

(7/19)


فإن أدت: عتقت، وكان ولاؤها بينهما نصفين، وإن عجزت كانت أم [2/ 201/ألف] ولد لأب الولد، ويضمن نصف قيمتها.
فإن جاءت بولد آخر، فدعاه شريكه الآخر، فهو ابنه، وهو حر، وعليه لها أيضاً المهر، فإن ادت الكتابة: عتقت، وكان ولاؤها لهما، وإن عجزت: فهي أم ولد للأول، وهو ضامن لنصف قيمتها
لشريكه، وشريكه ضامن لقيمة ولده لشريكه الأول الدعي.
وقال يعقوب، ومحمد: إذا ادعى الأول الولد الأول، فقد صارت أم ولد له، وهي مكاتبة له، ويغرم نصف قيمتها لشريكه، وهي مكاتبة له دون شريكه.
وإن جاءت بولد بعد، فادعاه شريكه: لم تجز دعواه، ولم يكن ابنه، وغرم العقر كله للمكاتبة، وكان الابن مكاتباً مع أمه.
وقال أبو ثور: إذا وطئها أحدهما: إن كان يعذر بالجهالة، وصدقته المكاتبة فالولد ولده، ويضمن لشريكه نصف قيمتها، ونصف قيمة الولد ونصف العقر، وكانت على كتابتها للذي ادعى الولد، فإن أدت عتقت، وكان ولاؤها له دون صاحبه.
فإن جاءت بولد فادعاه الآخر، فإن دعواه باطلة.
فإن أقر بوطئها، وعلم أن هذا لا يحل له: حددناه، وعليه العقر.
وإن كان يعذر بالجهالة، فعليه العقر.

18 - باب ما يفعل المكاتب في ماله مما يجوز له ومما لا يجوز له أتى يفعله
قال أبو بكر:

(7/20)


م 4215 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن للمكاتب أن يبيع ويشتري، ويأخذ ويعطي، ويتصرف فيما فيه الصلاح لماله والتوفير عليه، على ما يجوز بين المسلمين من أحكامهم.
م 4216 - ولم يختلفوا أن له أن ينفق مما في يده من المال على نفسه، ويكتسي بالمعروف فيما لا غنى عنه.
م 4217 - وقال الحسن البصري، والنخعي، والأوزاعي، والشافعي، والنعمان: ليس له أن يعتق.
م 4218 - وقال الحسن البصري، والشافعي، والنعمان: ليس له أن يهب.
وكذلك قال الشافعي، والنعمان في الصدقة.
وقال الثوري: إن فعل ذلك، فهو مردود.
وكذلك قال مالك في الصدقة، والعتق.
م 4219 - ولا تلزمه الكفالة إن تكفل، في قول الشافعي، والنعمان [2/ 201/ب] وكذلك الوصية إن أوصى: كان باطلا.
م 4220 - وفي قول أصحاب الرأي: شراؤه وبيعه جائز، وإن حابى فيه، أو حوبي.
وليس له أن يحط عن المشتري إن باعه بيعاً.
ولا يجوز من ذلك شيء فعله، في قول الشافعي، إلا أن شراءه بالرخص جائز في قوله.
م 4221 - وليس للمكاتب عند الشافعي أن يبيع بالدين، وليس له في مذهبه أن يرهن في سلف ولا غيره.

(7/21)


م 4222 - وقال أصحاب الرأي: إن أعاد دابة، أو أهدى هدية، أو دعا إلى طعام، فلا بأس بذلك.
ولا يجوز شيء من ذلك في قول الشافعي.
م 4223 - وليس له في قول الشافعي والنعمان أن يكسو ثوباً، ولا يعطي درهماً.
م 4224 - وقال أصحاب الرأي: ولو باع، أو اشترى، ثم زاد: كان جائزاً.
ولا يجوز ذلك في قول الشافعي.
م 4225 - وكان ابن أبي ليلى يقول في المكاتب: نكاحه، وكفالته: باطل.
وهذا قول الشافعي.
م 4226 - وقال الثوري: لا ينبغي للمولي أن يبيع من مكاتبة الدرهم بالدرهمين.
قال أبو بكر: وهذا قول الشافعي، والنعمان (1)، وبه نقول.

19 - باب المكاتب (2) يشتري من يعتق عليه
قال أبو بكر:
م 4227 - واختلفوا في شراء المكاتب من يعتق عليه، من والد، أو ولد، فكان مالك يقول: لا يشتري ولده إلا بإذن سيده، فإن اشتراه بإذنه (3)، دخل معه في كتابته.
__________
(1) "والنعمان" ساقط من الدار.
(2) وفي الدار "باب شراء المكاتب".
(3) "فإن اشتراها بإذنه" ساقط من الدار.

(7/22)


ولا يجوز شراء من ذكرنا في قول الشافعي، فإن فعل: كان مفسوخاً.
وقال الثوري: إن ملك أباه، أو ابنه، أو عمه، أو خاله: تركوا على حالهم حق ينظر: أيعتق أم لا.
وقال أحمد في قول الثوري هذا: هو عبد وهؤلاء عبيد، إن عجز المكاتب صاروا عبيداً للسيد، وإن عتق: عتقوا به.
وبه قال إسحاق.
وقال أصحاب الرأي: لا يبيع أحد هؤلاء، يعنون الوالدين، والولد استحساناً، وكان القياس أن يبيع.
وما اشترى من ذوي الأرحام، فله أن يبيع في قول النعمان.
م 4228 - وإن مات المكاتب، ولم يترك وفاء، وترك أباه وأمه، أو ولداً له، كان قد اشتراهم في كتابته، فإنهم يباعون، ولا يعتقون، في قول النعمان، إلا في الولد خاصة، فإنه إن جاء بالمكاتبة حالة: قبل
منه وعتق.
وأما في قول يعقوب، ومحمد: فإن كل ذي رحم [2/ 202/ألف] محرم اشتراهم المكاتب إذا مات: ثبتوا، ويسعون في الكتابة على نجومها، بمنزلة المولود في الكتابة، وكذلك أم ولده.
وإذا مات المكاتب وترك وفاء: أديت كتابته، ويعتق هؤلاء.

20 - باب مسألة (1)
قال أبو بكر
__________
(1) "باب مسألة " ساقط من الدار.

(7/23)


م 4229 - كان مالك يرى: أن يبيع المكاتب أم ولده في دين عليه، إذا لم يكن عنده قضاء.
وقال الشافعي: وللمكاتب أن يشتري جارية قد كانت ولدت له- بنكاح- ويبيعها.

21 - باب كفالة المكاتب
قال أبو بكر:
م 4230 - واختلفوا في كفالة المكاتب.
فقالت طائفة: إذا رد السيد ذلك قبل أن يعتق العبد، فهو مردود، وإن لم يرده السيد حتى أعتقه: فهو جائز على العبد.
هذا قول مالك.
وقال الشافعي: الكفالة باطلة، وهذا قول ابن أبي ليلى، والنعمان، ويعقوب.

22 - باب الحمالة عن المكاتب
قال أبو بكر:
م 4231 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: إن الحمالة عن المكاتب لسيده غير جائزة.
هذا قول عطاء، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، والنعمان.

(7/24)


وكان الزهري يجيز ذلك، وبه قال ابن أبي ليلى، ومال إسحاق إلى هذا القول.

23 - باب المكاتب يكاتب
قال أبو بكر:
م 4232 - واختلفوا في المكاتب يكاتب عبداً له.
فقالت طائفة: ذلك جائز، وهذا قول الثوري، والأوزاعي، والنعمان.
وقال الثوري: فإن أدى إلى المكاتب، عتق، وإن عجز هذا الذي كاكاتبه رُدّ، ولم يُردّ الذي كاتب (1) المكاتب، وكان ولاؤه لموالى المكاتب.
وإن عجز المكاتب الأول الذي كاتبه، وهذا لم يرد: أدى إلى موالي المكاتب الأول (2)، وكان الولاء لهم.
وفيه قول ثان: وهو أن ينظر، فإن كان إنما أراد المحاباة للعبد، فلا يجوز، وإن كاتبه على وجه الرغبة، وطلب المال، والعون على كتابته: فهو جائز، هذا قول مالك.
__________
(1) وفي الدار " الذي كاتبه".
(2) "الأول" ساقط من الدار.

(7/25)


وفيه قول ثالث: وهو أن ليس للمكاتب أن يكاتب، ولا يعتق، ولا يهب، ولا يتزوج إلا بإذن سيده، هذا [2/ 202/ب] قول الحسن البصري.
وكان الشافعي يقول: "إذا أذن الرجل لمكاتبه أن يعتق عبده، فأعتقه، أو أذن له أن يكاتب عبده على شيء، فكاتبه، فأدى المكاتب الآخر قبل الذي كاتبه، أو لم يؤد، ففيها قولان:
أحداهما: أن العتق، والمكاتبة باطل؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "الولاء لمن أعتق" ولا ولاء للمكاتب.
والثاني: إنه يجوز".
وقال حماد بن أبي سليمان في المكاتب، يعتق مملوكاً، كان له، قال: يُرْجأ، فإن مضى عتقه: عتق، وإلا رجع.

24 - باب ولاء من يعتق بكتابة المكاتب، أو من يعتق بإذن سيده
قال أبو بكر:
م 4233 - واختلفوا في المكاتب، يكاتب عبداً له، فأدى المكاتب الآخر قبل الأول.
فكان الشافعي يقول: "في الولاء قولان:
أحداهما: أنه موقوف على المكاتب، فإن عتق فالولاء له، وإن لم يعتق حتى يموت، فالولاء لسيد المكاتب.
والثاني: إنه لسيد المكاتب بكل حال".

(7/26)


وقال مالك: إذا أعتق المكاتب الذي كاتب عبده، رجع إليه ولاؤه.

25 - باب نكاح المكاتب بإذن سيده وبغير إذنه
قال أبو بكر:
م 4234 - أجمع أهل العلم على أن نكاح العبد بغير إذن سيده: باطل.
(ح 1361) وجاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أيما عبدٍ نكحَ بغير إذن سيده، فهو عاهرٌ".
م 4235 - واختلفوا في نكاح المكاتب بغير إذن سيده.
فقالت طائفة: نكاحه باطل، كذلك قال الحسن البصري ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وابن أبي ليلى، والشافعي، والنعمان، ويعقوب.
والقول الثاني: أن يوقف، فإن أدى مكاتبه جاز نكاحه، وإن عجز فرُدّ: رُدّ نكاحه، هذا قول الثوري.
وفيه قول ثالث: وهو أن له أن يتزوج إن شاء، ويتسرى، ولا يمنعه شيء.
هذا قول الحسن بن صالح.

(7/27)


قال أبو بكر: القول الأول صحيح (1).
م 4236 - وقال الشافعي: ليس للمكاتب أن يتسرى، وإن أذن له سيده.
وقال الزهري: لا ينبغي لأهله أن يمنعوه أن يتسرى، وقد أحل الله له ذلك حتى يؤدي نجومه.
م 4237 - وقال مالك: للمكاتب أن يزوج عبيده، وإماءه [2/ 203/ألف] بغير إذن سيده، إذا كان على وجه النظر.
قال أبو بكر: وغير جائز ذلك في قول الشافعي.
وبه أقول (2): إذا لم يكن له أن يتزوج؛ لأن أحكامه أحكام العبيد بغير إذن سيده، فهو من أن يزوج عبيده أبعد، إلا بإذن سيده.

26 - باب بيع المكاتب
قال أبو بكر:
م 4238 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن بيع السيد مكاتبه غير جائز، على أن تبطل كتابته ببيعه، إذا كان ماضياً فيها، مؤدياً ما يجب عليه من نجومه، في أوقاتها.
م 4239 - واختلفوا في بيع المكاتب على أن يمضي في كتابه، على الشروط التي شرطها له السيد الذي كاتبه.
فرأت طائفة: أن بيع المكاتب جائز، هذا قول النخعي، والليث
__________
(1) وفي الدار "أصح".
(2) "وبه أقول" ساقط من الدار.

(7/28)


ابن سعد، وأحمد، وأبي ثور، وبه (1) قال عطاء بن أبي رباح.
ففي قول هؤلاء: يؤدي (2) نجومه إلى الذي اشتراه، فإن عجز، فهو عبد له (3)، وإن عتق فهو مولي للذي ابتاعه، هكذا قال عطاء.
وقال مالك: "المكاتب إذا بيع كان أحق باشتراء كتابته ممن اشتراها إذا قوي على أن يؤدي إلى سيده الثمن الذي باعه به، فهو أحق بذلك.
وفيه قول ثان: وهو أن لا يجوز بيعه إلا برضى منه، هذا قول الزهري، وأبي الزناد، وربيعة.
وفيه قول ثالث: وهو أن بيعه غير جائز، هذا قول أصحاب الرأي.
واختلف عن الشافعي في هذه المسألة: فكان يقول بالعراق: بيعه جائز.
وقال بمصر: لا يجوز.
قال أبو بكر: بيعت بريرة بعلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي مكاتبة، ولو كان بيع المكاتب غير جائز لنهى عنه، ففي ذلك أبين البيان على أن بيعه جائز.
ولا أعلم خبراً يعارضه.
ولا أعلم في شيء من الأخبار دليلاً على عجزها (4).
__________
(1) "وبه" ساقط من الدار.
(2) وفي الدار "لا يؤدى" وهو خطأ.
(3) "له" ساقط من الدار.
(4) وفي الدار "دليل على عجزها كان".

(7/29)


وقال الأوزاعي: يكره بيع المكاتب قبل عجزه للخدمة، ولا بأس أن يباع للعتق.

27 - باب بيع كتابة المكاتب
قال أبو بكر:
م 4240 - واختلفوا في بيع كتابة المكاتب.
فرخص فيه مالك، وقال: "إن مات المكاتب قبل أن يؤدي ورثه الذي اشترى [2/ 203/ب] كتابته، وإن عجز: فله رقبته، وإن أدى فعتق، فولاؤه للذي كتابته".
وقال عمرو بن دينار، وعطاء: إن عجز فهو عبد للذي ابتاعه.
ولا يجوز في قول الشافعي، وأبي ثور بيع كتابة المكاتب.

28 - باب مقاطعة المكاتب
قال أبو بكر:
م 4241 - واختلفوا في المكاتب يقاطعه السيد مما كاتبه، على شيء معلوم.
فأجاز ذلك عبد الله بن يزيد بن هرمز.

(7/30)


وقال الزهري: ما علمنا أحداً كره ذلك ابن عمر.
ورخص فيه النخعي، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك بن أنس، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثان: ثبت أن ابن عمر- رضي الله عنهما- نهى عن ذلك إلا بالعروض وبه قال الليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق.
ولا يجوز ذلك في قول الشافعي.
م 4242 - واختلفوا في المكاتب يقول لمولاه: ضع عني وأعجل لك.
فرخص فيه طاووس، والزهري، والنخعي.
وكرهه الحسن، وابن سيرين، والشعبي (1).

29 - باب تعجيل المكاتب النجوم قبل محلها
قال أبو بكر:
م 4243 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المكاتب كتابة صحيحة، إذا أدى نجومه في أوقاتها على ما شرط عليه: أنه يعتق.
م 4244 - واختلفوا في المكاتب يعجل نجومه قبل محلها.
فقالت طائفة: ليس لسيده أن يأبى ذلك عليه، هذا قول ربيعة، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق.
__________
(1) "والشعبى" ساقط من الدار، وثابت في العمانية / 614.

(7/31)


وفيه قول ثان: وهو أن يجبر السيد على قبض ذلك منه إذا كنت دنانير أو دراهم، ولا يجبر عليه إذا كانت عروضاً، هذا قول الشافعي.
وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رفع الدرة على أنس بن مالك لا أبي أن يقبل من سيرين ما أتاه به.

30 - باب تعجيز السيد المكاتب عند غير السلطان
قال أبو بكر:
م 4245 - واختلفوا في تعجيز السيد مكاتبه بغير حضرة السلطان.
فكان الشافعي، والنعمان يقولان: ذلك جائز.
فعل ذلك ابن عمر، وهذا على مذهب شريح، والنخعي.
وقال مالك: لا يفسخ كتابته إلا بأمر سلطان.
وقال ابن أبي ليلى [2/ 204/ ألف]: لا يجوز ذلك إلا عند قاض.
م 4246 - واختلفوا في تعجيز المكاتب إذا حل نجم من نجومه.
فكان الشافعي، والنعمان يقولان: للسيد أن يعجزه إذا حل نجم من نجومه.
وفيه قول ثان: وهو ألا يرد حتى يعجز بنجمين، هذا قول الحكم، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، ويعقوب.
وقال أحمد: نجمان أحب إلى.
وقال الثوري: منهم من يقول نجمان والاستثناء به أحب إلى.
وقال الحارث العكلي: إذا دخل نجم في نجم فقد [[استبان]] عجزه.

(7/32)


وقال الحسن البصري في المكاتب إذا عجز استسعى بعد العجز بسنتين.
وقال الأوزاعي: يستأنى به شهرين ونحو ذلك.
م 4247 - وقال النعمان: إذا عجز المكاتب فقال: أخروني: إن كان له مال حاضر، أو غائب يرجو قدومه، أخرته (1) يومين أو ثلاثة لا أزيده على ذلك شيئاً، وبه قال محمد.
م 4248 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المكاتب، إذا حل (2) عليه نجم من نجومه، أو نجمان، أو نجومه كلها، فوقف السيد عن مطالبته فتركه بحالة: أن الكتابة لا تنفسخ ما داما ثابتين على العقد الأول.

31 - باب المكاتب يظهر العجز بلسانه، وله مال أو له قوه على الكسب
قال أبو بكر:
م 4249 - واختلفوا في المكاتب يظهر العجز، وبيده مال.
فقال مالك: ليس له ذلك، ويؤخذ منه، وإن لم يعلم له مال فقال: قد عجزت، فإن هذا يجوز.
وقال الأوزاعي: إذا قوي على الأداء، وعجّز نفسه: لا يُمكّن من ذلك.
__________
(1) "أخرته" ساقط من الدار.
(2) وفي الدار "إذا دخل عليه".

(7/33)


وفيه قول ثان: وهو أنه إذا قال: قد عجزت، أو أبطلت الكتابة، فذلك إليه، عُلم له مال، أو قوة على الكتابة أو لم يُعلم، وهو إلى العبد ليس إلى سيده وهذا قول الشافعي.

32 - باب استحقاق ما يؤديه المكاتب
قال أبو بكر:
م 4250 - واختلفوا في المكاتب، يؤدي ما عليه من النجوم في الظاهر، ويعتق، ثم يستحق بعض ما أدى، أو يجد السيد ببعض ما أدى عيباً.
فكان مالك يقول: إذا قاطع سيده بشيء، فاعترف في يده وأُخذ منه، أما الشيء الذي له بال فإنه يرجع رقيقاً.
وقال الشافعي: "إذا كاتب الرجل عبده على عرض أو ماشية بصفة أو طعام بكيل، فأدى المكاتب جميع الكتابة، وعتق، ثم استحق ما أدى [المكاتب بعدما] (1) مات [2/ 204/ب] المكاتب: فإنما
مات رقيقاً.
ولو استحق على المكاتب شيء من صنف مما أدى، وعلى صفته: كان العتق ماضياً، وأتبع المكاتب بما استحق عليه، ولم يخرج من يدي سيده [ما أخذ منه] (2).
__________
(1) ما بين المعكوفين من الأم.
(2) ما بين المعكوفين من الأم.

(7/34)


ولوكاتبه على عبيد، فإذا هم معيبون، أو بعضهم معيب، وعتق، ثم علم سيده بالعيب: كان له رد المعيب منهم بعينه، فإنه اختار رده: رد (1) العتق، وان اختار حبسه: ثم العتق.

33 - باب اختلاف السيد والمكاتب في قدر المال الذي وقعت به الكتابة
قال أبو بكر:
م 4251 - إذا اختلف السيد والمكاتب في الكتابة، بعد اقرارهما بأن الكتابة كانت صحيحة، فقال السيد: كاتبتك على ألفين، وقال العبد: كل على ألف.
ففي قول الثوري، والأوزاعي، وأحمد، إسحاق: القول قول السيد مع يمينه.
وقال الأوزاعي: فإن أحب العبد ما قال السيد، أدى، وإن كره: انتقضت كتابته، وصار ما أدى للسيد.
وقال ابن القاسم صاحب مالك: القول قول المكاتب، إذا كان يشبه ما قال، لأن الكتابة فوت.
وفيه قول ثالث: وهو أنهما يتحالفان، ويترادان الفضل (2) هذا قول الشافعي.
__________
(1) "رد" ساقط من الدار.
(2) كلمة " الفضل " ساقطة من الدار، وكذا من العمانية /617.

(7/35)


م 4252 - وإن لم يختلفا في الكتابة، وقال المكاتب (1): قد أديت إليك (2)، وقال السيد: لم تؤد إليّ، فالقول قول السيد مع يمينه، على قول الشافعي.

34 - باب المكاتب يعجز، وبيده فضل (3) مال من الصدقات وغيرها
قال أبو بكر:
م 4253 - واختلفوا في المكاتب يعجز وبيده فضل (4) مال.
فقالت طائفة: للسيد ما قبض منه، في حال كتابته، وله ما فضل بيده.
روينا عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنه رد مكاتبا في الرق، وامسك ما أخذ منه.
وهو قول جابر.
وقال شريح: هو لمولاه.
وقال عطاء: أحب إليّ أن يجعله في باب السبيل، وإن أمسكه فلا بأس به (5).
وقال أحمد، والنعمان: هو لسيده ما تصدق به عليه.
وفيه قول ثان: وهو أن يجعل السيد ما أعطاه الناس في الرقاب.
__________
(1) في الأصل "المكاتب يعجز" والتصحيح من الدار، والعمانية / 618، والأم 7/ 380.
(2) "إليك" ساقط من الدار، وثابت في العمانية / 618.
(3) "فضل" ساقط من الدار، وكذا من العمانية / 618.
(4) "فضل" ساقط من الدار.
(5) "به" ساقط من الدار.

(7/36)


هذا قول شريح، ومسروق، والنخعي، والثوري.
وقال إسحاق: ما أُعطيَ بحال الكتابةُ: رُدّ [2/ 205/ألف] على أربابه.

35 - باب المكاتب يموت، ويخلف مالا وأولاداً
قال أبو بكر:
م 4254 - واختلفوا في المكاتب يموت، ويخلف ما لا يفي بما بقي عليه من الكتابة.
فقالت طائفة: يُقضى عنه ما بقي لسيده من ماله، ويكون الفضل لولده الأحرار.
روينا هذا القول عن علي، وابن مسعود، ومعاوية- رضي الله عنهم-.
وبه قال عطاء، والحسن، والنخعي (1)، وطاووس، والثوري، والحسن بن صالح، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقال مالك: يرثون (2) الورثة ما بقي من المال، بعد قضاء كتابته.
__________
(1) "والنخعي" ساقط من الدار.
(2) كذا في الأصلين، وهذا على لغة جماعة من العرب حكاها البصريون عن طىء، وهو مذهب بني الحارث بن كعب، وهو أن الفعل إذا أسند إلى ظاهر مثنى أو مجموع، أتى فيه بعلامة تدل على التثنية أو الجمع، فتقول قاما الزيدان، ويتعاقبون فيكم ملائكة، وقد جاء مثل هذا كثيراً عند المؤلف.

(7/37)


وفيه قول ثان: وهو أنه مات عبداً، وماله لسيده: ترك وفاء أو لم يترك.
روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهما-، وبه قال عمر بن عبد العزيز، والزهري، وقتادة، والشافعي، وأحمد.

36 - باب حكم المكاتب
قال أبو بكر: دل خبر عائشة رضي الله عنها قصة بريرة لما بيعت، بعلم النبي على أن المكاتب عبد.
م 4255 - وقد روينا عن عمر، وزيد بن ثابت، وابن عمر رضي الله عنهم أنهم قالوا: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم.
وهذا قول سعيد بن المسيب، والقاسم، وسالم، وسليمان بن يسار، والزهري، وقتادة، وعطاء، والثوري، ومالك، والأوزاعي، وابن شبرمة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وروي مثل (1) هذا عن عائشة، وأم سلمة- رضي الله عنهما-.
__________
(1) "مثل" ساقط من الدار.

(7/38)


وفيه قول ثان: وهو أنه إذا أدى الشطر، فلا رد عليه.
روي ذلك عن عمر، وعلي رضي الله عنهما، والنخعي.
وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا أدى قيمته، فهو غريم.
روي ذلك عن ابن مسعود.
وفيه قول رابع: وهو أنه إذا أدى الثلث، فهو غريم، روي ذلك عن ابن مسعود، وشريح.
وفيه أقاويل سوى هذه، قد ذكرتها في غير هذا المكان.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، استدلالاً بخبر عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة، لما بيعت بعلم النبي- صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أن المكاتب مملوك.

37 - باب المكاتب يموت وعليه ديون الناس ونجوم للسيد [2/ 205/ب]
قال أبو بكر:
م 4256 - واختلفوا في المكاتب يموت، وعليه ديون للناس، وبقية كتابته.
فقالت طائفة: يبدأ بديون الناس، فإن فضل فضل، كان لسيده.
روينا هذا القول عن زيد بن ثابت، وبه قال عطاء، وعمرو بن دينار، والحسن البصري، وأبو الزناد، ويحيى الأنصاري، وربيعة، والأوزاعي، والشافعي، والنعمان.

(7/39)


وفيه قول ثان: وهو أن السيد يضرب مع الغرماء بما حل من نجومه.
كذلك قال شريح، والنخعي، والشعبي، والحكم، وحماد، وابن أبي ليلى، والثوري، والحسن بن صالح.

38 - باب إفلاس المكاتب
قال أبو بكر:
م 4257 - واختلفوا في المكاتب يفلس بأموال الناس.
فكان مالك يقول: يأخذون ما وجدوا له من مال، ويبيعونه بما بقي ديناً عليه ولا يدخل ذلك في رقبته.
وقال الشافعي: (1) يُبدأ بديون الناس، ولا دين عليه للسيد.
وقال الثوري: إذا عجز، وعليه ديون للناس: إن شاء السيد أدى عنه، وإلا أسلمه إلى الغرماء، وبه قال أحمد، وإسحاق.
وقال مالك والليث: تباع أم ولده في دينه.
وقال الزهري: لا يبيع المكاتب أم ولده في دينه.

39 - باب إذا كاتب الرجل جماعة عبيد
قال أبو بكر:
م 4258 - واختلفوا في الرجل يكاتب جماعة عبيد.
__________
(1) وفي الدار "وكان الشافعي يقول".

(7/40)


فقالت طائفة: "يكون بعضهم حملاء عن بعض، فإن قال أحدهم: قد عجزت وألقي بيده، فإن لأصحابه أن يستعملوه فيما يطيق من العمل، حتى يعتق بعتاقهم إن عتقوا، أو يرق برقهم إن رقوا".
هذا قول مالك (1).
وقال عطاء، وسليمان بن موسى، والشافعي: لا يكون بعضهم حملاء عن بعض.
قال الشافعي: "على كل واحد منهم حصته من الكتابة بقدر قيمته، فأيهم مات، أو عتق: وُضع (2) عن الباقين بقدر حصته من الكتابة، وحصته بقيمته يوم تقع [عليه] الكتابة، لا يوم يموت، ولا قبل الموت، وبعد الكتابة".
وهذا على مذهب الحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق.
وقال النعمان، ويعقوب في رجل كاتب عبدين له على ألف درهم حالة، أو على ألف درهم إلى أجل مسمى، ولم يقل: إن أديتما: عتقتما، فأيهما أدى حصته من الألف: عتق.
وإن أدى أحدهما الألف عنه وعن [2/ 206/ألف] صاحبه: عتقا، ولا يرجع على صاحبه بشيء مما أدى عنه، لأنه
__________
(1) جاء في حاشية المخطوطة "هذا قول مالك في كتاب الأوسط"، خطأ، وقد ذكر المؤلف في كتاب الأوسط 4/ 130/ألف كلاماً كثيراً من قول مالك من كتاب الموطأ.
(2) في الأصلين: رفع، والمثبت من الأم.

(7/41)


أداه بغير أمره، ولم يكن ضامناً له (1).
فإن اشترط عليهما في الكتابة: إن أديتما، عتقتما، أنهما لا يعتقان حتى يؤديا الألف كلها، لأيهما أدى الألف، عتقا، ويرجع على صاحبه بحصته منها.
وقالا: إذا كاتب الرجل عبيده جميعاً، مكاتبة واحدة، وجعل نجومهم واحدة (2)، إذا أدوا: عتقوا، وإذا عجزوا: ردوا، فإن بعضهم يكون (3) حملاً عن بعض، ويأخذ أيهم شاء بالمال، وقالا: هذا استحسان، وليس بقياس.
ولو مات منهم عبد، لم ترفع عنهم حصته، لأنهم لا يعتقون إلا بأداء جميع المال.

40 - باب العبد بين الشريكين، يكاتبه أحدهما دون شريكه
قال أبو بكر:
م 4259 - واختلفوا في العبد بين الشريكين، يكاتبه أحدهما بغير إذن شريكه.
فكان مالك، والشافعي يقولان: لا يجوز.
وكره ذلك حماد بن أبي سليمان، والثوري.
وقال الثوري: أكره أن يكاتبه أحد دون شريكه، فإن فعل رددته، إلا أن يكون نقده، فإن كان نقده، ضمن لشريكه
__________
(1) "له" ساقط من الدار.
(2) "وجعل نجومهم واحدة" ساقط من الدار.
(3) "يكون" ساقط من الدار.

(7/42)


نصف ما في يده، ويتبع هذا المكاتب بما أخذ منه، ويضمن لشريكه نصف القيمة، إن كان له مال، فإن لم يكن له مال: استسعى العبد.
وعُرض هذا من قول الثوري على أحمد.
فقال أحمد: كتابته جائزة، إلا أن مكتسب المكاتب، أخذ الآخر نصف ما اكتسب، ولا يستسعى العبد.
وقال إسحاق كما قال سفيان.
وكان الحكم (1) يجيز أن يكاتب أحد الشريكين دون الآخر.
وأجاز ذلك ابن أبي ليلى، وقال: ولو أن الشريك أعتق العبد: كان عتقه باطلاً، في قول ابن أبي ليلى، حتى ينظر ما يمنع في المكاتبة، فإن أداها إلى صاحبها: عتق، وكان الذي كاتبه ضامناً لنصف القيمة، والولاء كله له.

41 - باب الجنايات على (2) المكاتبين، وجناياتهم
قال أبو بكر:
م 4260 - "وإذا جنى المكاتب على سيده عمدا، فلسيده القود فيما فيه القود.
وكذلك ذلك لوارث سيده [إن مات سيده من الجناية] (3)، ولسيده ولوارث سيده، فيما ليس فيه القود، الأرش حال على
__________
(1) وفي الدار "وكان أحمد".
(2) وفي الدار "جماع أبواب الجنايات".
(3) ما بين المعكوفين من الأم.

(7/43)


المكاتب، فإن أداه فهو [2/ 206/ب] على الكتابة، وإن لم يؤدها فله تعجيزه إن شاء.
فإذا عجّزه بطلت الجناية، إلا أن تكون جناية فيها قود، فيكون لهم القود.
فأما الأرش، فلا يلزم عبدا لسيده أرش، وإذا لم يلزمه لسيده أرش: لم يلزمه لوارث سيده".
وهذا قول الشافعي، وجماعة من أصحابنا.

42 - باب جناية السيد على المكاتب
قال أبو بكر:
م 4261 - واختلفوا في السيد يجني على مكاتبه.
فكان مالك يقول في مكاتب كاتبه سيده، فشجه السيد موضحة، قال: يوضع عنه نصف عشر ثمنه إن وقف يباع (1).
وبه قال الأوزاعي.
وقال الشافعي: يأخذ أرش ذلك، فيستعين به في كتابته.
وبه قال النعمان.

43 - باب جناية المكاتب، ومن يجب عليه أرش ذلك
قال أبو بكر:
__________
(1) كذا في الأصلين، وفي المدونة: وإنما يكون على السيد في موضحة المكاتب في قول مالك، نصف عشر قيمته مكاتباً على حاله في ادائه وقوته، اهـ 4/ 473.

(7/44)


م 4262 - واختلفوا في جناية المكاتب.
فقالت طائفة: جنايته في رقبته، كذلك قال الحسن البصري، والزهري، والنخعي، وقتادة.
وقال الحكم، وحماد: جنايته يسعى فيها، وبه قال الأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، والحسن بن صالح.
وقال الليث بن سعد: ينظر في جنايته، فإن كانت كتابته أكثر من جنايته (1)، أو مثلها: بطلت كتابته (2)، وأسلمَ برمته، وإن كنت جنايته أقل من كتابته: سعى في جنايته، إذا أداها: رجع إلى كتابته.
وقال أحمد، وإسحاق: يؤدي إلى أهل الجناية أولاً، فإن عجز: رُدّ رقيقا، وفداه السيد إن شاء أو أسلمه.
وفيه قول ثان: وهو أن جنايته على سيده، هذا قول النخعي.
وبه قال عطاء، وعمرو بن دينار.
وقال عطاء: هي لسيده عليه.
وقال الزهري: إذا قتل المكاتب رجلاً خطأ، فإنه تكون كتابته وولاؤه لولى المقتول، إلا أن يفديه مولاه.
__________
(1) كذا في الأصلين، وفي الأوسط القسم المخطوط 4/ 132/ب، وهذا يتناقض مع بقية الكلام، ولعل الصواب، فإن كنت جنايته أكثر من كتابته.
(2) في الأصلين "بطلت جنايته"، وهذا لا يستقيم المعنى، والتصحيح من الأوسط القسم المخطوط 4/ 132/ب.

(7/45)


44 - باب حكم المكاتب في جنايته والجناية عليه
قال أبو بكر: دل بيع أهل بريرة بريرة (1) من عائشة رضي الله عنها بعلم (2) النبي- صلى الله عليه وسلم -، على أن المكاتب عبد، وعلى أن أحكام المكاتب، أحكام العبيد في كثير من أموره.
ودل خبر أصحاب [2/ 207/ألف] رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حيث قالوا: إن المكاتب (3) عبد ما بقي عليه درهم، على مثل ما دل عليه خبر عائشة.
وقد ذكرنا ذلك فيما مضى عنهم، فلزم على ظاهر ما ذكرناه أن تكون جراح المكاتب جناية مملوك.
م 4263 - وهذا قول شريح، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، والثوري، والشافعي.
وفيه قول ثان: وهو أن المكاتب إذا أصاب حدا أو جناية، أو ورث ميرثاً: أقيم عليه الحد بقدر ما أعتق، والميراث بقدر ما أعتق، منه.
روينا هذا القول: عن علي رضي الله عنه.
وقال النخعي: بحساب ما أدي.
__________
(1) كلمة "بريرة" الثانية ساقطة من الدار.
(2) وفي الدار "بقول النبي".
(3) "أحكام العبيد ... إلى قوله: قالوا: إن المكاتب "ساقط من الدار.

(7/46)


45 - باب الجماعة يكاتبهم السيد، فيجني أحدهم
قال أبو بكر:
م 4264 - واختلفوا في العبيد يكاتبهم المولي كتابة واحدة، فيجني أحدهم.
فإن مالك يقول: "يقال له وللذين معه: أدوا عقل هذا الجرح، فإن أدوا: ثبتوا، وإن لم يؤدوا: فقد عجزوا، ويخير سيدهم: فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح، وإن شاء أسلم الجارح وحده".
وقال الشافعي: الجناية عليه دون الذين معه في الكتابة.

46 - باب الجناية عليه المكاتب وعلى رقيقه
قال أبو بكر:
م 4265 - كان مالك يقول في المكاتب يُجْرح، ليس له أن يعفو عن ذلك، إلا أن يعتق ثم يعفو بعد ذلك.
وقال الشافعي: له الخيار في أخذ (1) الأرش أو القود، فإن أراد العفو عنهما، فعفوه باطل.
م 4266 - وقال النعمان في رجل كاتب عبده، فقتله رجل عمداً: إن كان المكاتب ترك وفاء لكتابته وله ورثة أحرار: لم يكن له على المقاتل قصاص، وإن لم يكن له وارث غيرو الولى: فللمولي القصاص.
وهذا قول يعقوب.
__________
(1) "أخذ" ساقط من الدار.

(7/47)


وقال محمد: لا أرى في ذلك قصاصاً.
فإن كان المكاتب لم يترك وفاء لكتابته، وله ورثة أحرار: فللمولي أن يقتل القاتل، قولهم جميعاً.
قال أبو بكر: وقول الشافعي، على القاتل إن كان حراً قيمته عبداً للمولي، ترك مالاً أو لم يترك.

47 - باب كتابة أهل الذمة وأهل الحرب
قال أبو بكر:
م 4267 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن النصراني [2/ 207/ب] إذا كاتب عبداً له نصرانياً، على ما تجوز به الكتابة بين المسلمين، أن ذلك جائز.
واختلفوا في النصراني يكاتب عبداً له نصرانياً، ثم يسلم العبد بعد المكاتب فكان مالك يقول: تباع كتابته.
وقال الشافعي: "هو على كتابته، فإن أدى أعتق، وإن عجز بيع عليه، وإن أسلم السيد، والعبد نصراني: فالكتابة بحالها وكذلك لو أسلما جميعاً.
قال الشافعي: "وإذا اشترى النصراني عبداً مسلماً، ثم كاتبه، ففيها قولان:
أحداهما: أن الكتابة باطلة.

(7/48)


والقول الثاني: أن الكتابة جائزة، فإن عجز بيع عليه، وإن أدى عتق وللنصراني ولاؤه".
م 4270 - وقال مالك: إذا أسلم المكاتب، فبيعت كتابته، فأدى الكتابة، فولاؤه للمسلمين، فإن أسلم مولاه: رجع الولاء إليه، لأنه عقد كتابه وهما نصرانيان.
م 4271 - وقال الشافعي: "إذا كاتب عبداً له نصرانياً على خمر أو خترير، فأيهما جاء يريد إبطال الكتابة: أبطلناها.
فإن أدى الخمر والخنزير، وهما نصرانيان، ثم ترافعا إلينا، أو جاءنا أحدهما فقد عتق، ولا يردُ واحد منهما على صاحبه شيئاً، لأن ذلك مضى في النصرانية.
ولو أسلم السيد والعبد، أو أحدهما وقد بقي على العبد رطل خمر، فقبض السيد ما بقي على العبد: عتق العبد، ورجع السيد على العبد بجميع قيمته ديناً عليه".
م 4272 - وقال النعمان في رجل نصراني، كاتب عبداً له نصرانياً على أرطال خمر، قال: جائز، فإن أسلم أحدهما: أبطلت الخمر، وكانت عليه قيمة الخمر، فإن أداها: عتق.

(7/49)


48 - باب مسائل من كتاب المكاتب (1)
قال أبو بكر:
م 4273 - واختلفوا في الوصي يكاتب عبداً لليتيم.
ففي قول الشافعي، وابن أبي ليلى: لا يجوز.
وقال أحمد وإسحاق: إذا كان صلاحاً فهو جائز.
م 4274 - ولا يجوز في قول الشافعي: أن يكاتب الرجل مماليك أولاده الأطفال، وفي قول أحمد، وإسحاق، والنعمان: ذلك جائز.
م 4275 - وقال مالك في المكاتب، يعتقه سيده عند الموت: يعتق بالأقل من قيمته، أو ما بقي عليه من الكتابة، من الثلث، وبه قال الشافعي.
م 4276 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على- أن سيد [2/ 208/ألف] العبد، إذا كاتبه على نجوم معلومة، بما تجوز الكتابة به، يؤديه إلى السيد، في أوقات معلومة من شهور العرب، قال: إذا أديت ذلك في الأوقات التي سميناها، إليّ فأنت حر، أن الحرية تجب له إذا أدى ذلك، على ما شرط عليه.
م 4277 - واختلفوا فيه إذا كاتب على ذلك، ولم يقل: فإن أديت إليّ ذلك، فأنت حر.
فإن الشافعي يقول: لا يعتق إن أداه.
وقياس قول أصحاب الرأي: أن يعتق.
م 4278 - واختلفوا في الرجل يكاتب أمته، ويستثني ما في بطنها.
__________
(1) وفي الدار "مسائل".

(7/50)


فقالت طائفة: له شرطه، هذا قول النخعي، وبه قال أحمد، وإسحاق.
وقال إسحاق: لما قال ابن عمر، وأبو هريرة وغيرهما ذلك.
قال أبو بكر: ولا يجوز ذلك في قول مالك، والشافعي.
وبالقول الأول أقول.

(7/51)