الإشراف على مذاهب العلماء

84 - كتاب النذور والأيمان (1)
1 - باب صفات الأيمان التي لا يجوز الحلف بها من صفات الله تعالى (2)
[أخبرنا أبو علي: الحسن بن علي بن شعبان المصري، قال] (3).
أخبرنا أبو بكر: محمد بن إبراهيم [بن المنذر النيسابوري] (4) قال:
(ح 1382) ثبت أن أكثر قسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أن يقول: ومَصُرِّفِ القلوبِ.
(ح 1383) أو مقلب القلوب.
(ح 1384) وقال غير مرة: والذي نفسي بيده.
__________
(1) وفي الدار "كتاب الأيمان".
(2) الباب بأكمله ساقط من الدار.
(3) ما بين المعكوفين من الدار.
(4) ما بين المعكوفين من الدار.

(7/101)


م 4371 - وأجمع أهل العلم على أن من حلف فقال: والله، أو تالله، أو بالله فحنث: أن عليه الكفارة.
م 4372 - وكان مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وإسحاق (1)، وأصحاب الرأي يقولون: من حلف باسم من أسماء الله تعالى، فحنث: فعليه الكفارة.
قال أبو بكر: وبه نقول، ولا أعلم في ذلك اختلافاً.
م 4372 - وقال الشافعي: إذا قال: وحق الله، وعظمة الله، وجلال الله، وقدرة الله، يريد بهذا كله اليمين، أو لا نيه له: فهي يمين.
وإن لم يرد به اليمين: فليس بيمين.
وقال أصحاب الرأي: إذا قال: وعظمة الله، وعزة الله، وجلال الله، وكبرياء الله، وأمانة الله، فحنث: وجبت (2) عليه الكفارة.
(ح 1385) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وقال: "وأيْمُ الله، إن كان لخليقاً للإمارةِ"، في قصة أسامة بن زيد وأبيه زيد.
وكان ابن عباس قول: وأيمُ الله، وكذلك قال ابن عمر.
__________
(1) "وأبو ثور، وإسحاق" ساقط من الدار.
(2) "وجبت" ساقط من الدار.

(7/102)


وقال إسحاق: إذا أراد بقوله (1): وأيم الله يميناً، كنت يميناً بالإرادة وعقد القلب.

2 - باب اليمين بالعمر والحياة
قال أبو بكر:
م 4374 - واختلفوا في قول الرجل: لعمري.
فقال الحسن: عليه الكفارة إذا حنث.
وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد: ليست بيمين.
قال أبو بكر: وأكره أن يقول الرجل: لعمري، وبحياتي، وبحياتك [2/ 218/ب] وإن قال ذلك، فحنث: فلا كفارة عليه.
(ح 1386) وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف بغير الله عَزَّ وَجَلَّ.

3 - باب الحلف بالقران
قال أبو بكر:
م 4375 - واختلفوا في ما على من حلف بالقرآن، فحنث.
__________
(1) "بقوله" ساقط من الدار.

(7/103)


فكان ابن مسعود يقول: عليه بكل آية يمين، وبه قال الحسن البصري.
وقال أحمد: ما أعلم شيئاً يدفعه.
وقال أبو عبيد: يكون يميناً واحدة.
وقال النعمان: لا كفارة عليه.
م 4376 - وقال يعقوب: من حلف بالرحمن، فحنث: إن أراد بالرحمن، الله تعالى، فعليه كفارة يمين، وإن أراد سورة الرحمن، فحنث، فلا كفارة عليه.
وكان قتادة يكره أن (1) يحلف بالمصحف.
وقال أحمد، وإسحاق: لا يكره ذلك.

4 - باب إقسام الرجل على أخيه، في الأمر: يأمره به
قال أبو بكر:
(ح 1387) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -"أمر يإبرار المُقسم".
م 4377 - واختلفوا في الرجل يقسم على الرجل.
__________
(1) "يكره أن" ساقط من الدار.

(7/104)


فروينا عن ابن عمر أنه قال: إذا أحنثه، فالكفارة على المقسم.
وبه قال عطاء، وقتادة، والأوزاعي.
وقال قتادة: لا يكون يميناً، حتى يقول: أقسمت عليك بالله.
وحكى أبو عبيد عن أهل المدينة: أنهم قالوا كما قال قتادة.
وحكى عن أهل العراق: أنهم جعلوا عليه الكفارة.

5 - باب القسم بالله عز وجل
قال أبو بكر:
م 4378 - اختلف أهل العلم في الرجل يقول: أقسمت بالله، أو أقسمت ولم يقل بالله.
فروينا عن ابن عمر، وابن عباس أنهما قالا: القسم يمين، وبه قال النخعي، والثوري، وأصحاب الرأي.
وفي قول الثوري، وأصحاب الرأي: أقسمت بالله، وأقسمت: يمين.
وبه قال عبيد الله بن الحسن.
وقالت طائفة: إذا قال: أقسمت، ولم يقل: بالله، فلا يمين عليه، هذا قول الحسن البصري، والزهري، وعطاء، وقتادة، وأبي عبيد.

(7/105)


وقالت طائفة: إن أراد الرجل بقوله: أقسمت، أي بالله، فهي يمين، وإلا فلا شيء عليه، هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
قال أبو بكر: هكذا أقول.

6 - باب اليمين بصدقة المال، أو يجعله في السبيل أو يهديه
قال أبو بكر:
م 4379 - واختلفوا في الرجل، يحلف بصدقة ماله [2/ 219/ألف]، أو بأن يجعله في السبيل أن أو يهديه.
فقالت طائفة: إذا قال: كل مالٍ له في المساكين، فحنث: فلا شيء عليه.
هذا قول الشعبي، والحارث العكلي، والحكم، وحماد، وروي ذلك عن عطاء وطاووس.
وروينا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت، في رجل جعل ماله (1) في رِتاجِ الكعبة: ليس بشيء.
وقالت طائفة: عليه كفارة يمين، روينا هذا القول عن عمر ابن الخطاب، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم.
وروينا معنى ذلك عن حفصة، وعبد الله بن عمر،
__________
(1) وفي الدار "رجل قال مالي".

(7/106)


وزينب بنت أم سلمة رضي الله عنهم، والحسن وطاووس.
وبه قال عبيد الله بن الحسن، وشريك، وعبيد الله بن عمر، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وفيه قول ثالث: وهو أن يخرج ثلث ماله فيتصدق به، هذا قول مالك بن أنس.
وفيه قول رابع: وهو أن يتصدق من ماله بقدر الزكاة.
روينا هذا القول عن ابن عمر، وابن عباس.
وفيه قول خامس: وهو أن يفي بما جعله على نفسه، ويخرجه في الوجوه التي ذكرها، روي ذلك عن ابن عمر.
وقال عثمان البتي: إذا قال: مالي في المساكين إن فعلت كذا وكذا، لا كفارة له إلا الوفاء به.
وفيه قول سادس: وهو أن يهدي بدنة، هذا قول قتادة فيمن قال: أنا أهدي جاريتي.
وفيه قول سابع: وهو إن كان ماله كثيراً [فليهدِ] (1) خمسه، وإن كان وسطًا: فسبعه، وإن كان قليلاً فعشره (2)، هذا قول جابر بن زيد.
__________
(1) هذه الزيادة من "المصنف"
(2) في الأصلين: إن كان ماله كثيراً فعشره، وإن كان قليلاً فخمسه، وأثبته ابن قدامة في المغني، وابن حجر في فتح الباري، وذلك خطأ، والصواب ما أثبته من المصنف والمحلى، ومما لا يخفى على المتأمل أن السياق جار لإيجاب جزء من المال يخرج الملتزم به عن التزامه، وإذا كان المقصود التخفيف فليس من العدل أن نوجب على المقل قدراً يزيد نسبياً على ما نوجبه على المليء راجع: المصنف 8/ 486 رقم 15999، والمحلى 8/ 10، والمغنى10/ 9، وفتح الباري 11/ 574.

(7/107)


وقال قتادة، وهو الراوي خبر جابر بن زيد: فالكثير ألفان، والوسط ألف، والقليل خمسمائة.
وفيه قول ثامن قاله النعمان، قال: إذا قال: مالي في اوركين صدقة، فهذا على ما يكون فيه الزكاة.
قال أبو بكر: أصح هذه الأقاويل قول ابن عمر، وابن عباس: إن عليه كفارة يمين، لدخول ذلك في جملة الأيمان التي أمر الله عَزَّ وَجَلَّ فيها بالكفارة.

7 - باب اليمين بالحج والعمرة
قال أبو بكر:
م 4380 - واختلفوا في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله، فحنث.
فروينا عن (1) ابن المسيب، والقاسم بن محمد أنهما قالا: لا شيء عليه.
وفيه قول ثان: وهو أن عليه كفارة يمين.
روينا هذا القول عن الحسن البصري، وجابر بن زيد، وعطاء، وطاووس، والنخعي [2/ 219/ب]، [وقتادة] (2).
وبه قال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور.
__________
(1) وفي الدار "ابن عباس".
(2) ما بين المعكوفين من الدار.

(7/108)


وفيه قول ثالث: وهو أن يأتي بما أوجب على نفسه، روينا هذا القول عن الشعبي.
وبه قال المدني، والكوفي (1).
وقال ابن شبرمة: يُحْرِم من يومه.
قال أبو بكر: وعلى من حلف بهذه اليمين كفارة يمين، لدخول ذلك في جملة الإيمان التي أمر الله عَزَّ وَجَلَّ فيها بالكفارة.

8 - باب مسألة (2)
م 4381 - واختلفوا في الرجل، يقول لرجل: أنا أهديك، ففي هذه أقاويل:
أحدها: إنه يُحجُّه، روينا هذا القول عن الشعبي، والنخعي.
وروينا عن ابن عباس أنه قال: يهدي كبشاً.
وعن علي رضي الله عنه - وليس بثابت عنه - أنه قال: يهدي وقال قتادة يهدي بدنه.
وقال الحسن البصري، والأوزاعي: يكفر عن يمينه.
وفيه قول سادس: في الرجل يقول: هو يحمل فلاناً إلى بيت الله، قال يمشي، ويهدي.
__________
(1) "والكوفي" ساقط من الدار.
(2) "باب مسألة" ساقط من الدار.

(7/109)


وإن نوى أن يحجه راكباً يُحجه راكباً ويحج معه، حكى الوليد ابن مسلم هذا القول عن مالك.
وقال الشافعي: إذا لم تكن له نية، فلا شيء عليه.

9 - باب اليمين بتحريم ما أحل الله، من الطعام وغيره
قال أبو بكر:
قال الله عَزَّ وَجَلَّ ثناؤه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الآية.
م 4382 - واختلفوا في تأويل هذه الآية.
فقالت طائفة: إنما حرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وعلى نفسه شراباً كان يشربه عند بعض أزواجه، كذلك قالت عائشة، وابن عباس رضي الله عنهما.
وقالت طائفة: حرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فتاته: مارية (1) القبطية أم إبراهيم، كذلك قال قتادة.
وقال الحسن البصري: حرم جاريته.
قال أبو بكر: وأصح ذلك أنه حرم الشربة التي ذكرناها، وحلف مع ذلك، فأمر بالكفارة لليمين التي كان حلف بها.
__________
(1) "مارية" ساقط من الدار.

(7/110)


قال أبو بكر:
م 4383 - وقد اختلف فمن حرم على نفسه طعاماً، أو شراباً أحله الله له.
فقالت طائفة: لا يحرم عليه الشيء الذي حرم على نفسه، وعليه كفارة يمين.
حكى أبو عبيد هذا القول عن أهل العراق، وروي معناه عن ابن مسعود.
وقالت طائفة: إذا قال كل (1) حلال عليّ حرام، فهي يمين.
هذا قول الحسن البصري [2/ 220/ألف] وجابر بن زيد، وقتادة، والأوزاعي.
وبه قال أحمد بن حنبل إذا لم يكن له امرأة، وكذلك قال إسحاق.
وذكر أبو عبيد عن مالك: أنه كان لا يرى عليه شيئاً فيما سوى النساء.
وقال طاووس: هو ما نوى.

10 - باب اليمين بالعهد
قال أبو بكر:
م 4384 - واختلفوا فيما يجب على من حلف بالعهد، فحنث.
فقالت طائفة: عليه كفارة يمين، روينا هذا القول عن الشعبي، والحسن، وطاووس، والحارث العكلي، وقتادة، والحكم (2)
__________
(1) "كل" ساقط من الدار.
(2) "والحكم" ساقط من الدار.

(7/111)


وبه قال مالك، والأوزاعي، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: ليست بيمين، إلا أن يريد يميناً، كذلك قال عطاء، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور.
واختلف فيه عن الثوري.
قال أبو بكر: وكما قال عطاء أقول.

11 - باب اليمين بالميثاق والكفاله
قال أبو بكر:
م 4385 - كان مالك يقول: إذا قال: عليّ عهد الله، وميثاقه، وكفالته إن فعلت كذا وكذا، وحنث: عليه ثلاث كفارات، وبه قال أبو عبيد.
وقال طاووس: إذا قال علي عهد الله، وميثاقه يمين، يكفرها، وبه قال الثوري.
وقال الشافعي: ليست بيمين، إلا أن يريد يميناً.

12 - مسائل من كتاب الأيمان (1)
م 4386 - قال الشافعي، وأبو ثور: إذا قال: أعزم بالله، ليست بيمين.
__________
(1) "مسائل من كتاب الأيمان" ساقط من الدار.

(7/112)


قال الشافعي: إلا أن يريد يميناً.
وقال أصحاب الرأي: هي يمين.
م 4387 - وقال الشافعي: إذا قال: أشهد الله، فإن نوى اليمين فهي يمين، وإن لم ينو يميناً فلا شيء.
وقال أبو ثور وأصحاب الرأي: هي يمين.
م 4388 - وقال أصحاب الرأي: إذا قال: إذا قال، فهي يمين.
وقال أبو عبيد: ليست بيمين.
كما قال أصحاب الرأي (1) قال ربيعة، والأوزاعي: إذا قال: اشهد أن لا أفعل كذا وكذا، ثم فعل، فهي يمين.
م 4389 - وإذا قال: حلفت، ولم يحلف.
فقال الحسن، والنخعي: لزمته اليمين.
وقال حماد بن أبي سليمان: إذا قال (2): حلفت، ولم يحلف، فهي كذبة.
وقال أبو ثور: إذا قال: علي يمين، ولم يكن حلف، فهذا باطل.
وقال أصحاب الرأي: يمين.
م 4390 - وقال الأوزاعي، وأبو ثور: إذا قال: لعمرُ الله [2/ 220/ب] أفعل كذا، ثم فعل، فهي يمين، وفيها الكفارة.
وقال الشافعي، وأبو عبيد: هي يمين إذا أراد اليمين.
__________
(1) "كما قال أصحاب الرأي" ساقط من الدار.
(2) "إذا قال" ساقط من الدار.

(7/113)


13 - باب ما يجب على من حلف بعتق رقبة ثم حنث
قال أبو بكر:
م 4391 - اختلف أهل العلم فيمن حلف بعتق رقبة، أن لا يفعل كذا، وحنث.
فقالت طائفة: عليه كفارة يمين، لدخوله في ظاهر قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ} الآية.
روينا هذا القول عن ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة (1) رضي الله عنهم، وبه قال الحسن، وأبو ثور.
وقالت طائفة: يعتق رقبة، هذا قول مالك، وابن أبي ليلى، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

14 - باب مسألة (2)
م 4392 - واختلفوا في الرجل يقول: علي عتق رقبة إن فعلت كذا، ففعله.
فقالت طائفة: عليه كفارة اليمين، روينا هذا القول عن الحسن، وطاووس، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
__________
(1) "وأم سلمة" ساقط من الدار.
(2) "باب مسألة" ساقط من الدار.

(7/114)


وقال قتادة: إذا قال: عليّ مائة رقبة إن فعلت كذا وكذا، فحنث: يعتق رقبة واحدة.

15 - باب اليمين بالطلاق
قال أبو بكر:
م 4393 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحالف بالطلاق على زوجته في أمر ألا يفعله، ففعله، أن الطلاق يقع عليها.
وهذا قول مالك، وأهل المدينة، والليث بن سعد، وأهل مصر، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وأبي عبيد.
قال أبو بكر: وبه نقول.

16 - باب التغليظ في اليمين الكاذبة، يقتطع بها مال المسلم
قال أبو بكر:
(ح 1388) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلفَ على يمين وهو فيها فاجرٌ ليقتطع بها مال امرئٍ مسلمٍ، لقي الله عَزَّ وَجَلَّ وهو عليه غضبان"، فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية.

(7/115)


م 4394 - وروينا عن ابن مسعود أنه قال: كنا نعد من اليمين التي لا كفارة لها اليمين الغموس، أن يحلف الرجل على مال أخيه كاذباً ليقتطعه.
وقال سعيد بن المسيب: يمين الصبر من الكبائر.
وقال الحسن: إذا حلف على أمر كاذباً متعمداً، فليس فيه كفارة.
وهذا [2/ 221/ألف] قول مالك، ومن تبعه من أهل المدينة.
وبه قال الأوزاعي ومن وافقه من أهل الشام.
وقول الثوري وأهل العراق.
وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة.
قال أبو بكر:
(ح 1389) وقول النبي- صلى الله عليه وسلم - من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأتِ الذي هو خيرٌ، وليُكفّر عن يمينه".
(ح 1390) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: فليكفر عن يمينه، ويأتِ الذي هو خيرٌ".
يدل على أن الكفارة إنما تجب فيمن حلف على فعل يفعله فيما يستقبل فلا يفعله، أوعلى فعل ألا يفعله فيما يستقبل، فيفعله.
وفي هذه المسأله قول ثان: وهو أن يكفر، وإن أثم وعمد الحلف بالله كاذباً، هذا قول الشافعي،

(7/116)


قال أبو بكر: ولا نعلم خبراً يدل على هذا القول، والكتاب والسنة دالان على القول الأول.
قال الله عز وجل: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
قال ابن عباس: هو الرجل يحلف ألا يصل قرابته، فجعل الله له مخرجاً في التكفير، فأمره ألا يعتلّ بالله، وليكفر عن يمينه، وليبرر.
والأخبار دالة على أن اليمين التي يحلف بها الرجل يقتطع بها مالاً حراماً هي أعظم من أن يكفرها بما يكفر اليمين.

17 - باب النهي عن اليمين بغير الله تعالى والتغليظ في اليمين بالآباء
قال أبو بكر:
(ح 1391) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"، وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعني النبي- صلى الله عليه وسلم - وأنا أحلف بأبي، فقال ذلك.

(7/117)


(ح 1392) وقال ص: "لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمّهاتكم، ولا بالأنداد، (ولا تحلفوا إلا بالله) (1) ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون".
قال أبو بكر:
م 4395 - فقد ثبتت الأخبار عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى أن يحلف الرجلُ بغير الله
تعالى، وبالتغليظ على من حلف بغيره.
(ح 1393) ودل خبر سعد بن أبي وقاص- لما قال: حلفتُ باللات والعزى، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "قل لا إله الله، ثم انفثْ عن يسارك ثلاثاً، وتعوّذ، ولا تعُدْ".
على أن لا [2/ 221/ب] كفارة في اليمين بغير الله تعالى.
(ح 1394) وفي حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف فقال في حلفه: واللاتِ والعزى، فليقل: لا إله الله".
__________
(1) ما بين القوسين من كتب السنن.

(7/118)


18 - باب التغليظ في الحلف بالملل سوي الإسلام
قال أبو بكر:
(ح 1395) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف بملةٍ سوى ملة (1) الإِسلام كاذبا فهو كما قال".
مَ 4396 - واختلفوا في الرجل يقول: هو يهودي، هو نصراني، هو مجوسي إن فعل كذا.
فقالت طائفة: يستغفر الله، ولا كفارة عليه، كذا قال مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وفيه قول ثان: وهو أن عليه كفارة يمين، هكذا قال طاووس، والحسن، والشعبي، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي.
وهو قول أحمد، وإسحاق إذا أراد اليمين في قوله: أشرك بالله، أو أكفر بالله، ثم يحنث.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، في سعد بن أبي وقاص.
م 4397 - واختلفوا في الرجل، يدعو على نفسه بالخزى والهلاك، إن فعل كذا، مثل قول الرجل: أخزاني الله، أو قطع الله يدي.
فقالت طائفة: لا شيء عليه، هذا قول عطاء، وهو قول الثوري، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
__________
(1) "ملة" ساقط من الدار.

(7/119)


وقال طاووس: عليه (1) كفارة يمين، وبه قال الليث ابن سعد.
وقال الأوزاعي: إذا قال: عليه لعنة الله إن لم يفعل كذا وكذا، فلم يفعله، فعلية كفارة يمين.
قال أبو بكر: القول الأول صحيح.

[أبواب الاستثناء في الأيمان] (2)
19 - باب الاستثناء اليمين المسقط للكفارة
قال أبو بكر:
(ح 1396) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقال: "من حلف فقال: إن شاء الله، لم يحنث".
قال أبو بكر: ولا يكون الاستثناء بالقلب، وإنما يكون مستثنى باللسان، لقوله: "فقال: إن شاء الله.
قال أبو بكر:
م 4398 - وهذا قول مالك بن أنس، والثوري، والأوزاعي، والليث ابن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
__________
(1) "عليه" ساقط من الدار.
(2) ما بين المعكوفين من الدار

(7/120)


وممن حفظنا عنه أنه قال: لا يكون مستثنى حتى يظهر الاستثناء بلسانه، الحسن البصري، والنخعي، وحماد، والثوري، والكوفي (1)، وأحمد، وإسحاق وهو يشبه مذهب الشافعي، وأبي ثور.
قال أبو بكر: وبه نقول [2/ 222/ألف].

20 - باب وقت الاستثناء
قال أبو بكر:
م 4399 - اختلف أهل العلم في الوقت الذي إذا استثنى المرء في يمينه سقطت عنه كفارة اليمين.
فقالت طائفة: إذا كان استثناؤه متصلاً بيمينه، فليس عليه كفارة، هذا قول الحسن البصري، والنخعي، وعطاء، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن طاووس أنه قال: له أن يستثنى ما دام في مجلسه، وبه قال الحسن البصري.
وقال قتادة: إن استثنى قبل أن يقوم، أو يتكلم، فله [[مستثناه]].
وقال أحمد: يكون الاستثناء ما دام في ذلك مال أمر، وبه قال إسحاق.
وقد روينا عن عطاء أنه قال: له ذلك قدر حلب الناقة الغزيرة اللبن.
__________
(1) "والكوفي" ساقط من الدار.

(7/121)


وفيه قول رابع: روينا عن ابن عباس أنه كان يرى الاستثناء بعد حين.
وقد روينا عن مجاهد أنه قال: أن قال بعد سنين: إن شاء الله، فقد استثنى.
وروينا عن سعيد بن جبير أنه قال: إن قال إن شاء الله، بعد أربعة أشهر، فقد استثنى.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
(ح 1397) لأنه - صلى الله عليه وسلم -، لما قال: "من حلف، فقال: إن شاء الله".
كلاماً متصلاً مستمسكاً بعضه ببعض، ولم يجعل بينه فصلاً: دل على أن اليمين إذا انقضت، وصار بينها وبين الاستثناء فصلاً (1)، أن ذلك لا ينفع.
ولو جاز ما قاله من خالف هذا القول، ما وجبت كفارة على حالف أبداً، لأنه يستثني إذا ذكرها فتسقط الكفارة عنه.

21 - باب الاستثناء في الطلاق
قال أبو بكر:
م 4400 - واختلفوا في الاستثناء في الطلاق والعتق.
فقالت طائفة: ذلك جائز، روينا هذا القول عن طاووس،
__________
(1) "فصلاً" ساقط من الدار.

(7/122)


وبه قال حماد الكوفي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
ولا يجوز الاستثناء في الطلاق، في قول مالك، والأوزاعي.
وهذا قول الحسن، وقتادة في الطلاق خاصة.
وبالقول الأول أقول (1).

22 - باب اليمينين يستثنى الحالف في أحدهما
قال أبو بكر:
م 4401 - كان أبو ثور يقول: إذا حلف بيمين، ثم بيمين، ثم قال: إن شاء الله (2)، وأراد اليمينين: أن ذلك جائز.
وبه قال أصحاب الرأي في [2/ 222/ب] اليمينين: بالله، وبالحج، والعمرة.
قال الكوفي: فأما إن قال: عبدي حر إن كلمت فلاناً، عبدي الآخر حر إن كلمت فلاناً إن شاء الله، ثم كلمه: فإن عبده في اليمين الأولى حر في القضاء، ويدين فيما بينه وبين الله عَزَّ وَجَلَّ.
__________
(1) "وبالقول الأول أقول" ساقط من الدار.
(2) "ثم قال: إن شاء الله" ساقط من الدار.

(7/123)


23 - باب سقوط الكفارة عن المخطئ والناسي
قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}.
وقال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} الآية.
م 4402 - وقد اختلف أهل العلم في وجوب الكفارة على الساهي والناسي.
فكأن عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وابن أبي نجيح، يقولون في الرجل: يحلف بالطلاق على أمر أن لا يفعله، ففعله ناسياً: أن لاشيء عليه.
وقال إسحاق: (1) أرجو أن لا يلزمه شيء.
وأوجبت طائفة عليه الحنث، وألزمته ذلك، هذا قول سعيد ابن جبير، ومجاهد، والزهري، وقتادة، وربيعة، ومالك، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثان: وهو الزام ذلك في الطلاق، والعتاق خاصة، وسقوط الحنث عنه في سائر الأيمان، هذا قول أبي عبيد، والمشهور من قول الشافعي عند أصحابه، وهو قول مالك.
وكان أحمد يحنث في النسيان في الطلاق، ويقف على إيجاب الحنث في سائر الأيمان إذا كان ناسياً.
__________
(1) وفي الدار "وبه قال إسحاق وقال".

(7/124)


قال أبو بكر: الفرائض غير واجبة بالاختلاف، ولا أعلم أحداً يقول: إن الله عَزَّ وَجَلَّ نهى الناسي أن يفعل في حال نسيانه أمراً نهاه عنه.
ففي ذلك دليل على سقوط الحنث والكفارة عن الحالف على شيء، ثم يفعل ذلك ناسياً.
م 4403 - وإذا حلف الرجل أن لا يفارق غريمه حتى يستوفي ماله، ففر منه (1) غريمه.
فلا شيء عليه، في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وبه أقول، لأن غريمه فارقه.
م 4404 - وإن أحال بالمال على رجل، أو أبرأه الطالب، ثم فارقه.
حنث في قول الشافعي، وأبي ثور، ويعقوب؛ لأنه لم يستوف ماله.
ولا يحنث في قول النعمان، ومحمد.
م 4405 - ولو أعطاه الدراهم قبل أن يفارقه، ثم وجد فيها زيوفاً.
حنث في قول مالك.
ولا يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4456 - ولو وجدها [[ستوقه]].
لم يحنث في قول أبي ثور.
وفي قول أصحاب الرأي: إن كانت أكثرها فضة: لم يحنث، وإن كانت من نحاس أكثرها والفضة أقلها: حنث، لأنه فارقه وعليه شيء.
__________
(1) "منه " ساقط من الدار.

(7/125)


م 4407 - ولو استحقها [2/ 223/ألف]، رجل، فأخذها من الحالف: لم يحنث، لأنه لم يفارقه إلا على الوفاء، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.

24 - باب اللغو في اليمين
قال أبو بكر:
م 4408 - واختلفوا في اللغو في اليمين.
فقالت طائفة: هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله.
روينا هذا القول عن ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهما.
وروي ذلك عن القاسم بن محمد، وعطاء، والحسن، وعكرمة، والشعبي، وبه قال الشافعي.
وفيه قول ثان: روينا عن ابن عباس أنه قال: لغو اليمين، هو أن يحلف على الشيء، يرى أنه كما حلف عليه، ثم لا يكون كذلك.
روي ذلك عن الحسن، ومجاهد، وقتادة، والنخعي، وسليمان ابن يسار.
وبه قال مالك، والأوزاعي، وأحمد، وأصحاب الرأي.

(7/126)


وقال سعيد بن جبير: هو تحريم الحلال.
وقال مسروق: اللغو في الأيمان: كل يمين في معصية، ليس فيه كفارة.
روينا عن ابن عباس رواية ثالثة، قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان.
وروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال: هو الرجل يحلف على اليمين، يرى أنه حق، فلا يجده كذلك، يكفر عن يمينه.
والأكثر من أهل العلم على أن لا كفارة في اليمينين اللتين بدأنا بذكر.

25 - أبواب كفارات الأيمان
قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} إلى قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} الآية.

(7/127)


م 4409 - وأجمع أهل العلم على أن الحانث في يمينه بالخيار: إن شاء أطعم، وإن شاء كسا، وإن شاء أعتق، أي ذلك فعل يجزئه.
م 4410 - واختلفوا في الحانث في يمينه، يريد أن يكفر بالطعام.
فقالت طائفة: لكل مسكين مُد من طعام.
روي هذا القول عن زيد بن ثابت، وابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهم وبه قال عطاء، وابن سيرين، والقاسم، وسالم، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.
قال أبو بكر: وبه نقول.
وقالت طائفة: يطعم كل مسكين نصف صاع.
روينا هذا القول عن عمر.
وروينا عن علي أنه قال: صاع من شعير، أو نصف صاع من قمح لكل مسكين.
وممن روينا عنه أنه قال: نصف صاع من قمح: مجاهد،
والنخعي، وأبو مالك، وعكرمة، [2/ 223/ب] والشعبي، وبه قال الثوري، وأصحاب الرأي، واستحب ذلك أبو ثور.
قال أبو بكر: مد يجزئ لكل مسكين، ومدان أحوط.

(7/128)


26 - باب الأوسط من إطعام المساكين
قال أبو بكر:
م 4411 - واختلفوا في معنى قوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} الآية فقال عبيدة: الخبز، والسمن.
وقال ابن سيرين: أفضله، الخبز، واللحم، وأوسطه: الخبز، والسمن، وأخسه: الخبز، والتمر.
وقال أبو رزين: خبز وخل، وخبز وزيت.
م 4412 - واختلفوا في إطعام المساكين.
فقالت طائفة: يغدّيهم ويعشيهم، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والحسن البصري، والشعبي، وقتادة.
وقال مالك: يجزئه ذلك، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال ابن سيرين، والأوزاعي، وأبو عبيد يجزئهم أكلة، وقد روي ذلك عن الحسن.
وقال الشافعي: لا يجزئ في غير المكيلة.
م 4413 - قال مالك، والشافعي: لا يعطى الدقيق والسويق.
ويجزئه في قول أصحاب الرأي الدقيق والسويق.
وقال أحمد: يعطى الدقيق بالوزن.

(7/129)


27 - باب مسائل (1)
م 4414 - واختلفوا في إخراج قيمة الطعام، في كفارة اليمين.
ففي قول مالك، والشافعي: لا يجزئه.
ويجزئه في قول أصحاب الرأي، ويجزئ (2) ذلك عند الأوزاعي.
قال أبو بكر: لا يجزئ إلا الإطعام.
واختلفوا في المعطي مسكيناً واحداً كفارة يمين، في مرة واحدة (3)، أو مرات.
فكان الشافعي، وأحمد، وأبو ثور يقولون: لا يجزئ إلا أن يعطي العدد الذي أمره الله تعالى به.
وقال الأوزاعي: يجزئ أن يعطي مسكيناً واحداً عشرة أمداد من قمح.
وقال الثوري: يطعم عشرة مساكين، فإن لم يجد، أعطى مسكيناً أو اثنين.
وفيه قول رابع: وهو إن أعطى مسكيناً واحداً خمسة أصع: لم يجز، فإن أعطاه نصف صاع، ثم أعطاه من الغد نصف صاع، حتى يستكمل خمسة آصع، في عشرة أيام: أجزأ، هذا قول أصحاب الرأي.
وفيه قول خامس: قال أبو عبيد قال: إن كان المعطى خص بها أهل بيت شديدي الفاقة: أجزأه، واحتج:
__________
(1) "باب مسائل" ساقط من الدار.
(2) "في قول أصحاب الرأي، ويجزئ" ساقط من الدار.
(3) "واحدة" ساقط من الدار.

(7/130)


(ح 1398) بحديث الواقع على أهله في رمضان [2/ 224/ألف].
م 4416 - واختلفوا في إعطاء أهل الذمة من كفارات الأيمان.
فروينا عن الحسن البصري، والنخعي، والحكم أنهم قالوا: لا يعطى منها أحد على غير دين الإسلام.
وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.
وفيه قول ثان: وهو إجازة أن يعطى أهل الذمة من ذلك، يروى هذا القول عن الشعبي، وبه قال أصحاب الرأي، وأبو ثور.
وقال الثوري: يعطيهم إن لم يجد مسلمين، ولا يعطي أهل الحرب.
م 4417 - قال الشافعي: ويعطي من كفارة الأيمان من لا تلزمه نفقته، من قراباته، ومن عدا الوالد والولد والزوجة، وبه قال أبو ثور.
م 4418 - وقال الشافعي: لا يعطي أم ولده ومملوكه، ومدبره، وبه قال أبو ثور، لأصحاب الرأي.
م 4419 - وقال الشافعي، وأصحاب الرأى: لا يعطي مكاتبه.
وقا أبو ثور: أرجو أن يجزئه.
م 4420 - وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور وغيرهم: لا يعطى العبد من الكفارة.

(7/131)


م 4421 - وكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: لا يجزئ أن يطعم خمسة، ويكسو خمسة.
وقال الثوري يجزئه.
ويجزئه عند أصحاب الرأي إذا كان الطعام أرخص.
م 4422 - ويجزى عند مالك [[أن]] يعطى [[الفطيم]] من الكفارة.
[[وإن]] أعطاه نصف صاع، فأكله في أيام: أجزأه عند أبي ثور.
ويجزئ إعطاء الطفل عند الشافعي، إذا قبضه وليه. (1)
م 4423 - وإذا أعطى من يحسبه فقيراً، فكان غنياً.
لم جزئه في قول الشافعي وأبي ثور، ويعقوب.
ويجزئه ذلك في قول النعمان، ومحمد.
قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح، لأن هذا لم يعط من أمرَ بإعطائه.

28 - باب الكسوة
قال أبو بكر:
م 4424 - واختلفوا فيما يجزئ أن يكسو في كفارة اليمين، فقال عطاء، والحسن، ومجاهد، وطاووس (2)، وعكرمة: يجزئ أن يعطى ثوباً.
هذا قول الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبى عبيد.
وقال الأوزاعي: لا يجزئه سراويل، لأنه نصف ثوب.
وقال أبو ثور: لا يجزئ نصف ثوب.
__________
(1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وكان مالك يقول: يعطي الفطيم من الكفارة، وقال أبو ثور: إن أطعم عشرة مساكين فغداهم وعشاهم، وفيهم ابن سنتين أو أكبر لم يجزه، وإن أعطى نصف صاع، وأكله في أيام أجزأه، ولا يجزئ عند الشافعي إلا المكيلة ويجوز على مذهبه [إعطاء] الطفل إذا قبضه وليه.»

(2) "وطاووس" ساقط من الدار.

(7/132)


وقال أصحاب الرأى: يجزئ أن يعطي كل مسكين ثوباً.
ولا يجزئ عندهم قلنسوة، ولا نعلين، ولا خفين.
وقد روينا عن أبي موسى الأشعري أنه أمر (1) أن يكسى عنه [2/ 224/ب] ثوبين ثوبين (2) وبه قال الحسن، وابن (3) سيرين.
وفيه قول ثالث: وهو "إن كسا الرجال، كما هم ثوباً ثوباً، وإن كسا النساء ثوبين ثوبين، درعاً وخماراً لكل إمرأة".
هذا قول مالك.
م 4425 - ولا يجزئ أن يكسي فقراء أهل الذمة، في قول الشافعي.
ويجزئ ذلك في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4426 - ولو أعطاهم ثوباً واحداً قيمته عشرة أثواب.
لم يجزه في قول الشافعي، وأبي ثور.
ويجزئ ذلك قول النعمان، ويعقوب، ومحمد، عن الطعام، ولا يجزئ ذلك من الكسوة.
م 4427 - وإذا كسا، واستحق ذلك (4) ببينة: لم يجز ذلك في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4428 - وإن أعطى دابة قيمتها عشرة أثواب.
__________
(1) "أنه أمر أن يكسى" تكرر في الأصل.
(2) في الدار "أن يكسى ثوبين".
(3) في الأصل "ابن شبرمة" والتصحيح من الدار، وهو موافق لما جاء في "عب".
(4) "ذلك" ساقط من الدار.

(7/133)


لم يجزه في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور.
ويجزئ ذلك (1) قول أصحاب الرأي.
ولو أعطاهم بغير أمره: لم يجزه في قولهم جميعاً.
م 4429 - ولو أعطى مسكيناً من كفارة اليمين، فمات المسكين، فورثه المعطي: أجزأه ذلك في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأى.
م 4430 - وقال أبو ثور: لو أن رجلاً عليه يمينان، فأعطى عشرة مساكين، لكل مسكين ثوبين، لم يجزئه ذلك، ويجزى عن يمين واحدة، وهكذا قال النعمان، ويعقوب.
وقال محمد: يجزئه ذلك قول الشافعي إذا نوى ذلك.
م 4431 - وإذا كان له دار وخادم: أعطى من الكفارة في قول الشافعي، وأصحاب الرأي.

29 - باب الرقاب
قال أبو بكر:
م 4432 - أجمع أهل العلم على أن من وجبت عليه كفارة يمين، فأعتق عنها رقبة مؤمنة: أن ذلك مجزئ عنه.
م 4433 - واختلفوا في عتق غير المؤمنة عن الكفارة.
فكان عطاء، وأبو ثور، وأصحاب الرأى يقولون: يجزئه.
وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد: لا يجزئه.
__________
(1) "ذلك" ساقط من الدار.

(7/134)


ومن حجة من قال: يجزئه، ظاهر قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}.
قالوا: فظاهر القرآن يأمر بتحرير رقبة، فأي رقبة أعتق أجزأ، إلا رقبة أجمعوا على أنها لا تجزئ.
م 4434 - واختلفوا في عتق أم الولد عن الرقاب الواجبة.
فقال مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي: لا تجز.
قال أبو بكر (1): وبه نقول [2/ 225/ألف].
وقد روي عن الحسن، والنخعي أنهما قالا: لا يجزئه.
م 4435 - واختلفوا في عتق المدبر عن الرقاب الواجبة.
فكان مالك، والأوزاعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي يقولون: لا يجزئ.
ويجزى ذلك في قول الشافعي، وأبي ثور، وبه نقول.
م 4436 - وكان مالك، والشافعي يقولان: لا يجزئ فيه عتق المكاتب.
وقال أصحاب الرأي: إن لم يكن أدى شيئاً، يجزئ، وبه قال أحمد، وإسحاق.
م 4437 - وإن أدى بعض الكتابة: لم يجز في قول الأوزاعي، والليث بن سعد، وأصحاب الرأي، ويجزئ ذلك عند أبي ثور، وإن أدى بعض الكتابة، لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم.
م 4438 - واختلفوا في عتق ولد الزنى عن الواجب.
__________
(1) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

(7/135)


فروينا عن عطاء بن أبي رباح، والشعبي، والنخعي، أنهم قالوا: لا يجزئه.
وبه قال الأوزاعي.
وروينا عن فضالة بن عبيد، وأبي هريرة، أنهما قالا: يجزئه، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، وطاووس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، أبو عبيد.
وبه نقول، لدخوله في ظاهر قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}
م 4439 - واختلفوا في الرجل يعتق عبداً بينه وبين آخر، عن رقبة عليه.
فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: يجزئه، وبه قال يعقوب، ومحمد إذا كان موسراً، ويضمن لشريكه حصته.
وقال النعمان: لا يجزئه.
م 4440 - واختلفوا في الرجل يشتري من يعتق عليه، من والد، وولد، ينوي بذلك العتق عن كفارة عليه.
فقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: لا يجزئه.
وقال أصحاب الرأي: إن نوى ذلك عن الكفارة، يجزئه.
م 4441 - واختلفوا في عتق الصغير، عن الرقاب الواجبة.
فكان الحسن يقول: يجزئ، به قال عطاء، والزهري، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي.

(7/136)


وقال مالك، من صلى وصام أحب إليّ، وبه قال أحمد ابن حنبل، وإسحاق (1).
قال أبو بكر: يجزئ ذلك على ظاهر الآية.
م 4442 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من العيوب التي تكون في الرقاب، ليجزئ، ومنها ما لا يجزئ.
فمما أجمعوا عليه أنه لا يجزئ: إذا كان أعمى، أو مقعداً، أو مقطوع اليدين، أو شلهما، أو الرجلين، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وكذلك قال الأوزاعي في الأعمى والمقعد.
م 4443 - وقال مالك: لا يجزئ العرج الشديد.
وقال الشافعي: [2/ 225/ب] يجزئ العرج الخفيف.
م 4444 - وقال أصحاب الرأي: يجزئ أقطع أحد اليدين، أو أحد الرجلين، ولا يجزئ ذلك في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور.
والنظر يدل على ما قالوه أن ما أضر بالعمل إضراراً بيناً: لا يجزئ.
وما لا يضر به إضراراً بيناً، إذا كان قصدهم في ذلك العمل.
م 4445 - ويجزى الأخرس في قول الشافعي، وأبي ثور.
ولا يجزئ قول أصحاب الرأي (2).
__________
(1) "وإسحاق" ساقط من الدار.
(2) "ولا يجزئ في قول أصحاب الرأي" ساقط من الدار.

(7/137)


م 4446 - ولا يجزئ المجنون المطبق في قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: إذا كان يجن ويفيق: يجزئ.
وقال مالك: لا يجزئ.
م 4447 - ولا يجزئ عند مالك من أعتق إلى سنين.
ولا يجزئ ذلك في قول الشافعي.
م 4448 - ولا يجزئ في قوله مالك، والشافعي، وأحمد: رقبة تشترى بشرط أن تعتق عن الرقبة الواجبة.
م 4449 - ولا يجزئ في قول الشافعي، والكوفي، ومالك (1) أن يعتق ما في بطن أمته.
وقال أبو ثور: يجزئ.
م 4450 - وقال الثوري: إذا كان على الرجل كفارة رقبة، فقال لرجل: أعتق عني عبدك، فأعتق عنه، أجزأه، وبه قال مالك، والشافعي، وأبو ثور.
م 4451 - وإن أعتقه بأمره على غير شيء.
ففي قول الشافعي: يجزئ، ويكون ولاؤه للمعتق عنه، وبه قال يعقوب.
وقال أبو ثور: يجزئ، ويكون ولاؤه للذي أعتقه.
وفي قول النعمان: الولاء للمعتق، ولا يجزئ عن ذلك.
وقال محمد: هذا أحب إليّ.
م 4452 - وإذا اشترى عبداً شراء فاسداً، فأعتقه عن واجب عليه.
لم يجزه في قول الشافعي، وأبي ثور.
__________
(1) "ومالك" ساقط من الدار.

(7/138)


وقال أصحاب الرأي: عتقه جائز، ويجزئه إذا قبضه.
قال أبو بكر: لا تجزئه، لأنه لم يملكه.
م 4453 - وإن قال: إن اشتريت فلاناً فهو حر عن يميني، فاشتراه ينوي به العتق عن يمينه.
لم يجزه في قول الشافعي، وأبي ثور.
ويجزئه في قول أصحاب الرأي.
قال أبو بكر: قول الشافعي صحيح.
م 4454 - وإن أعتق عبداً على مال يأخذه من العبد، لم يجزه، ويعتق العبد في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4455 - وقال الشافعي، وأبو ثور: كفارات الإيمان تخرج من رأس مال البيت.
وفي قول أصحاب الرأي: تكون من الثلث.

30 - باب الصوم
قال أبو بكر:
م 4456 - أجمع أهل العلم على أن الحالف الواجد للإطعام، أو الكسوة أو الرقبة: لا يجزئه الصوم إذا حنث في يمينه.
م 4457 - واختلفوا في الحال التي له أن يصوم فيها.
فقال الشافعي: من كان له أن يأخذ من الصدقة [2/ 226/ألف] فله أن يصوم.

(7/139)


وقال أحمد، وإسحاق: إذا كان عنده قوت يومه وليلته: أطعم مافضل عنه.
وقال أبو عبيد: إذا كان عنده قوت يومه لنفسه، وعياله، وكسوة تكون لكفايتهم، ثم يكون بعد ذلك مالكاً لقدر الكفارة، فهو عندنا واحد.
وروي عن النخعي أنه قال: إذا كان عنده عشرون درهماً، فله أن يصوم.
وقال عطاء الخرساني: إذا كان عنده عشرون درهماً: أطعم، وإن كان دون العشرين: صام.
وفيه قول سادس: وهو إذا كانت له خمسون درهماً، وجب عليه الإطعام، أو الكسوة، وإذا كانت دون الخمسين فهو ممن لا يجد، فيصوم.
وروينا عن سعيد بن جبير أنه قال: إذا لم يكن عنده إلا ثلاثة دراهم فليكفر بها.
وفيه قول ثامن: يروى عن الحسن أنه قال: إذا ملك درهمين، وجب عليه الكفارة.
وقال أبو ثور: إذا كانت له دار يسكنها، أو خادم، ولم يكن عنده شيء أجزأه الصوم، وبه قال ابن الحسن قال: دار يسكنها، أجزأه الصوم (1).
__________
(1) "أجزأه الصوم" ساقط من الدار.

(7/140)


قال أبو بكر: قول أبي عبيد حسن.
م 4458 - واختلفوا تفريق صوم الكفارة.
فروي أن في قراءة أبي بن كعب، وابن مسعود: {ثلاثة أيام مُتتابعاتٍ}.
وروينا هذا القول عن عطاء، ومجاهد، وعكرمة، والنخعي، وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور (1)، وأصحاب الرأي.
قالوا: لا يجوز إلا متتابعة.
وقالت طائفة: يجزئ التفريق فيها، هذا قول مالك بن أنس، والشافعي وروي ذلك عن الحسن، وطاووس.
قال أبو بكر: يلزم من زعم أن الرقبة في الموضع الذي لم يذكر الله تعالى فيه مؤمنة، لا يجزئ إلى مؤمنة، استدلالاً بالآية التي أوجب الله فيها على القاتل خطأ رقبة مؤمنة، أن يقول كذلك لا يجزئ الصوم في كفارة اليمين إلا متتابعاً، إذ هي كفارة، وكفارة، لا فرق بينهما.
م 4459 - واختلفوا فيمن صام بعض الأيام في كفارة اليمين، ثم أيسر.
فروينا عن الحسن وقتادة أنهما قالا: يمضي في في صومه، وليس عليه إطعام، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
__________
(1) "وأبو ثور" ساقط من الدار.

(7/141)


وقالت طائفة: إن صام يومين، ثم أيسر، فعليه أن يطعم، ولا يحتسب بالصيام.
روينا هذا [2/ 226/ب] القول عن النخعي، والحكم، وبه قال الثوري، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: يمضي في صومه، لأنه دخل في فرض مأمور بالدخول فيه، ولا يجوز نقل الفرض الذي دخل فيه إلى غيره بغير حجة.
م 4460 - واختلفوا فيمن صام بعض الصوم الذي هو متتابع، ثم مرض.
فقالت طائفة: يبني على صومه، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وكذلك قالوا في المرأة إذا حاضت: تبني.
وقال أصحاب الرأي في المريض والحائض: يستأنفان.
وقال مالك، والشافعي في الحائض: تبني.
وقال الشافعي في المريض: يستأنف.
م 4461 - واختلفوا فيمن أكل في نهار الصوم ناسياً.
فكان الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: يمضي
في صومه، ولا قضاء عليه، وبه نقول.
وقال مالك: يقضي يوماً منه.
واختلفوا فيمن صام للكفارة في أيام التشريق.
فقال الشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجزئه.
وقال أبو ثور: يجزئه.
قال أبو بكر: لا يجزئه.

(7/142)


م 4463 - وقال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: إن صام رمضان، ينوي عن الكفارة، لم يجزه.
ولا يجزه من صوم (1) شهر رمضان في قول الشافعي، وأبي ثور.
ويجزئه في قول أصحاب الرأي.
م 4464 - وإذا أحنث في يمينه، وماله غائب عنه.
فكان الشافعي يقول: لا يكفر حتى يحضر المال.
وقال ابن القاسم كذلك: يتسلف.
وقال أبو ثور: إن لم يجد قرضاً صام.
وقال أصحاب الرأي: يجزئه الصوم.
وقال الشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجزئه أن يصام عنه بعد موته، وإن أوصى بذلك.
وقال أبو ثور: يجزئه.
م 4466 - واختلفوا فيمن حلف، وهو موسر، فأعسر.
فقال الشافعي: لا نرى الصوم يجزئ عنه.
وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: يجزئه.
وإن حنث وهو معسر، ثم أيسر: ففيه للشافعي قولان: أحدهما: أن الصوم يجزئه.
والثاني: أن حكمه حين يكفر، وبهذا قال أبو ثور، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وهذا أصح.
وكان الشافعي يقول: لو أن رجلاً عليه ثلاثة أيمان مختلفة، فحنث فيها، فإن أطعم، وأعتق، وكسا، ينوي الكفارة، ولا ينوي عن أيها
__________
(1) "صوم" ساقط من الدار.

(7/143)


العتق، ولا عن أيها الأطعام، ولا عن أيها الكسوة، أجزأه بنية الكفارة.
وكذلك قال مالك وأبو ثور، وأبو حنيفة (1).

31 - باب كفارة العبد
قال أبو بكر:
م 4469 - واختلفوا فيما يجب على العبد إذا حنث في يمينه.
فكان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون:
[2/ 227/ألف] ليس عليه إلا الصوم، وقال الشافعي، وأصحاب الرأي (2): لا يجزئه غير ذلك.
وقال أبو ثور: إذا أعطاه مولاه ما يكفر، فأطعم، أو أعتق، أوكسا.
أجزأه واختلف فيه عن مالك، فحكى ابن نافع أنه قال: لا
يكفر العبد بالعتق، لأنه لا يكون له الولاء، ولكن يكفر بالصدقة إن أذن له سيده، وأصوب ذلك أن يصوم.
وحكى ابن القاسم عنه أنه قال: إن أطعم، أو كسا بإذن السيد فما هو بالبين وفي قلبي منه شيء.
م 4470 - واختلفوا في الغلام، يكون نصفه حراً.
فكان النعمان يقول: لا يجزئه إلا الصيام.
__________
(1) "وأبو حنيفة" ساقط من الدار.
(2) "وأصحاب الرأى" ساقط من الدار.

(7/144)


وقال الشافعي: عليه أن يكفر مما في يديه من المال، فإن لم
يكن فيه يده مال لنفسه: صام.
وقال (1) أبو حنيفة: لا يجزئه.
ويجزئه أن يكفر مما في يديه في قول يعقوب، ومحمد.
وقال أبو ثور: إن أذن له المولى، فكفر بما يصيبه في يومه: أجزأه.

32 - باب الكافر يحلف ثم يحنث بعد إسلامه
قال أبو بكر:
م 4471 - كان الثوري يقول: إذا حلف النصراني، ثم أسلم، فليس عليه كفارة فيما حلف عليه في شركه، وبه قال أصحاب الرأي.
فإن حنث بعد إسلامه: فلا كفارة عليه.
وقال الشافعي، وأبو ثور: عليه الكفارة وبه نقول.

33 - باب اليمين يحلف بها المرء إلى غير وقت معلوم
قال أبو بكر:
م 4472 - واختلفوا في الرجل يحلف بالطلاق، ليفعلن كذا، إلى غير وقت معلوم.
__________
(1) "وقال أبو حنيفة: ... إلى قوله: في يومه: أجزأه "ساقط من الدار.

(7/145)


فقالت طائفة: لا يطؤها حتى يفعل الذي قال، فأيهما مات، لم يرثه صاحبه، روي هذا القول عن سيد بن المسيب، والحسن البصري، والشعبى (1)، وبه قال أبو عبيد.
وقالت طائفة: إن ماتَ، ورثتهُ، وله وطؤها، روي هذا القول عن عطاء، وبه قال يحيى الأنصاري.
وقال مالك: إن مات ترثه.
وقال إياس بن معاوية: يتوارثان.
وقال الثوري: إنما يقع الحنث بعد الموت، وبه قال أبو ثور.
وقال ربيعة، ومالك، ويحيى الأنصاري، والأوزاعي، يضرب لهما أجل الُمولي.
وقال ابن أشوعَ: يؤجل سنة.
وفيه قول خامس: حكي عن النعمان أنه قال: إذا قال: أنت طالق ثلاثاً إن لم يأت البصرة، فماتت [2/ 227/ب] امرأته قبل أن يأتي البصرة، فله الميراث.
ولو مات قبلها حنث، وكان لها الميراث؛ لأنه فار (2)، ولأن الطلاق إنما وقع عليها قبل أن يموت بقليل.
ولو قال لها: أنت طالق إن لم تأت البصري أنت، فماتت هي، فليس له منها ميراث، وإن مات قبلها، فلها الميراث.
__________
(1) وفي الدار "النخعي".
(2) وفي الأصل "بار" وهذا من الدار.

(7/146)


قال أبو بكر: إذا حلف المرء أن يفعل فعلاً، ولم يجعل لذلك وقتاً، فهو على يمينه، استدلالاً:
(ح 1399) بخبر مروان والمسور في قصة الحديبية، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قلت: يعني للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت، فنطوّف به؟ قال: بلى، فأخبرتُك أنا نأتيه العام؟، قلتُ: لا، قال: فأنك آتيه ومطوّف به.
وفي ذلك دليل على أن الحالف ليفعلن فعلاً متى فعله برّه.

34 - باب اليمين يكررها الحالف مراراً
قال أبو بكر:
م 4473 - اختلف أهل العلم في الحالف، يكرر يمينه في الشيء الواحد مراراً، في مجلس واحد، أو مجالس متفرقة.
فقالت طائفة: تجزئه كفارة واحدة، روينا هذا القول عن ابن عمر، وبه قال الحسن، وعروة بن الزبير، والزهري، ومالك ابن أنس، والأوزاعي، وأبو عبيد.
وقالت طائفة: إن أراد بها اليمين الأول، فهي يمين واحدة.
وإن ردّد، يريد أن يغلظ، فلكل يمين كفارة، هذا قول الثوري، وبه قال أبو ثور.

(7/147)


وقالت طائفة: إن حلف في مجلس واحد بأيمان، فكفارة واحدة، وإن كان في مجالس شتى، فكفارات شتى، روي هذا القول عن عمرو بن دينار، وقتادة.
وقالت طائفة: ما لم يكفر فعليه كفارة واحدة، إذا حلف على أمور شتى، أو على شيء واحد، مراراً، في مجلس، أو مجالس، هذا قول أحمد، وإسحاق.
وقال الشافعي (1): عليه في كل يمين كفارة، إلا أن يريد التكرير.
وقال أصحاب الرأي: عليه يمينان إذا حلف مرتين، إلا أن يكون نوى باليمين الآخرة اليمين الأولى، فيكون عليه (2) كفارة واحدة.

35 - باب مسألة (3)
م 4474 - واختلفوا فيمن قال: إن حلفت بطلاقك، فأنت طالق، إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، إن حلفت بطلاقك فأنت طالق.
فقالت طائفة: تقع علي الطلقة الأولى والثانية، إن كان دخل بها، وكانت في عدة منه، لأنه حلف بطلاقها في المرة الثانية فصارت طالقاً بالتطليقة الأولى [2/ 228/ألف].
__________
(1) في الأصل "النعمان" وهذا من الدار، وهو الصحيح.
(2) "عليه" ساقط من الدار.
(3) "باب مسألة" ساقط من الدار.

(7/148)


وحلف (1) بطلاقها في الثالثة، كانت طالقاً بالثانية أخرى، وصارت الثالثة يميناً أخرى، إن أعاد الكلام وقعت عليها أيضاً [تطليقة أخرى فإن كان لم يدخل بها: وقعت عليها] (2) تطليقة واحدة.
هذا قول أصحاب الرأي.
وقال أبو ثور: لا يقع عليها من الطلاق شيء لأن ذلك تكرير للكلام.

36 - باب المساكنة
قال أبو بكر:
م 4475 - وإذا حلف الرجل: لا يساكن فلاناً، ولا نية له، وكانا في دار فيها مقاصير، كان كل واحد منهما في حجرة.
فلا حنث عليه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقول مالك: يحنث.
م 4476 - وقال الشافعي: النقلة والمساكنة على البدن دون الأهل، والمال، والولد (4) والمتاع، وبه قال أبو ثور.
وقال أصحاب الرأي: لا يكون الانتقال إلا بالأهل، والمتاع.
__________
(1) وفي الدار "ولو حلف" وهو خطأ.
(2) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل، وهذا من الدار.
(4) "والولد" ساقط من الدار.

(7/149)


ومذهب مالك: أن ينتقل بكل شىء له (1).
م 4477 - وإذا حلف الرجل: ألا يساكن الرجل، هو ساكن معه، فإن أقاما (2) ساعة بعد ما أمكنه أن يتحول، حنث، كذلك قال مالك، والشافعي، وأبو ثور.
وقال أصحاب الرأي: إذا لم يكن له نية، ثم أقام فيها بعد يمينه يوماً، أو أكثر، حنث، وينبغي له حين حلف أن يخرج متاعه منها مكانه.
قال أبو بكر (3): لا فرق بين مقام يوم أو نصف يوم، إذا أقام بعد يمينه قليلاً، وهو يمكنه الخروج: حنث.
م 4478 - واختلفوا فيمن حلف: لا يساكن فلاناً في دار بعينها، فاقتسما الدار نصفين، وفتح كل واحد منهما باباً لنفسه، فسكنا:
فقال أبو ثور وأصحاب الرأي: يحنث.
وقال مالك: لا يعجبني ذلك.
وقال الشافعي: إن كان بينهما حاجز، ولكل واحد من الحجرتين باب، لم يحنث.
قال أبو بكر: وبه نقول.
م 4479 - وإذا حلف: ألا يسكن داراً بعينها، فهدمت، وبنيت، فسكنها، حنث، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4480 - وإذا حلف ألا يسكن دار فلان، فباع فلان الدار، وسكن بعدما
__________
(1) "له" ساقط من الدار.
(2) وفي الدار "أقام".
(3) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

(7/150)


صارت (1) لغيره: لم يحنث في قول أبي ثور، والنعمان، ويعقوب.
وقال الشافعي، وابن الحسن: إن لم يكن له نية، حنث.
م 4481 - وإذا حلف ألا يسكن بيتاً، ثم هدم ذلك البيت، وصار صحراء، ثم بني في موضعه بيت آخر، فيسكنه، حنث في قول أبي ثور، كما قال في الدار.
ولا يحنث في قول أصحاب الرأي [2/ 228/ب].
قال أبو بكر: لا فرق بينهما.
م 4482 - وإذا حلف ألا يأكل طعاماً لفلان، فاشترى فلان طعاماً، فأكل منه، حنث، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، ويشبه ذلك مذهب الشافعي.
وبه نقول.
م 4483 - وإذا حلف ألا يسكن داراً لفلانٍ، فسكن داراً بين فلان وآخر، لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4484 - وإذا حلف ألا يسكن داراً اشتراها فلان، فاشترى فلان داراً لغيره، فسكنها، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4485 - واختلفوا في الرجل يحلف ألا يسكن بيتاً، وهو من أهل البادية، أو من أهل القرية.
فقال الشافعي: أي بيت سكن، من شعر، أو خيمة، أو ما وقع عليه اسم بيت، أو بيت حجارة، أو مدر: حنث.
وقال أصحاب الرأي: إذا سكن بيت شعر لم يحنث إذا كان من أهل الأمصار.
فإن كان من أهل البادية: حنث في قول أبي ثور، وقولهم جميعاً.
__________
(1) وفي الدار "كانت".

(7/151)


م 4486 - وإذا حلف ألا يسكن بيتاً لفلان، فسكن صُفةٌ له.
حنث في قول أصحاب الرأي.
ولا يحنث في قول أبي ثور.
قال أبو بكر: هذا أصح.
م 4487 - وإذا حلف ألا يسكن دار فلان هذه، فسكن بعضها، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، إلا أن يكون أراد ألا يسكن كلها.
م 4488 - وإذا حلف ألا يدخل داراً لفلان، فدخل دار فلان هو (1) فيها ساكن.
حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
وبه قال الشافعي، إلا أن يكون نوى مسكناً له يملكه.
م 4489 - وإذا حلف ألا يدخل على فلان، ولم يسم بيتاً، ولا نية له، فدخل عليه في بيته، أو بيت رجل، أو صفة، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4490 - وإن دخل عليه في دهليز باب، أو ظلة، أو سقيفة، أو فسطاط، أو خيمة، أو بيت شعر.
حنث في قول أبي ثور.
ولم يحنث في قول أصحاب الرأي.
فإن كان الحالف من أهل البادية: حنث في قولهم جميعاً.
م 4491 - وإن دخل عليه الكعبة أو مسجداً، حنث في قول أبي ثور.
ولم يحنث في قول أصحاب الرأي.
وقال الشافعي: إذا دخل عليه المسجد، لم يحنث.
__________
(1) "فلان، هو" ساقط من الدار.

(7/152)


م 4492 - وإذا حلف ألا يدخل بيتاً لفلان، فانهدم وصار صحراء، فدخله، لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: لا يحنث [2/ 229/ألف].
وقال أصحاب الرأي في الدار (1) يحنث لأنها دار، وقالوا في البيت: لا يكون بيتاً إلا ببناء.
قال أبو بكر: لا يحنث في المسألتين جميعاً.
م 4493 - وإذا حلف ألا يدخل على فلان بيتاً، أو داراً، فدخل بيتاً أو داراً، وفلان فيه، وهو لا ينوي الدخول عليه، لم يحنث في قول الشافعي، وأصحاب الرأي.
وقال أبو ثور: لا يحنث إذا لم ينو الدخول عليه، ولم يعلم.
وللشافعي قول آخر أنه يحنث (2).
قال أبو بكر: لا يحنث.

37 - باب الكفارة في اليمين قبل الحنث وبعده
قال أبو بكر:
م 4494 - اختلف أهل العلم في كفارة اليمين في الحنث، وبعده.
فرخصت طائفة أن يكفر الرء عن يمينه (3) في أن يحنث.
كان ابن عمر يكفل في الحنث أحياناً، وبعده أحياناً.
__________
(1) "في الدار" ساقط من الدار.
(2) " أنه يحنث" ساقط من الدار.
(3) وفي الدار "عن نفسه".

(7/153)


وممن روينا عنه أنه رخص في الكفارة قبل الحنث، ابن عباس، وعائشة رضي الله عنها، وابن سيرين والحسن البصري.
وكان ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، والأوزاعي، وابن المبارك، والثوري: يرون الكفارة قبل الحنث جائزة.
غير أن مالكاً، والثوري، والأوزاعي يستحبون أن يكفر بعد الحنث.
وكان أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وسليمان ابن داود، وأبو خيثمة (1)، يرون الكفارة قبل الحنث تجزئ.
وقال أصحاب الرأي: لا تجزئ الكفارة قبل الحنث.
وفيه قول ثالث: قاله الشافعي قال: إن كفر قبل الحنث بإطعام: يجزئ وإن كفر بصوم، لم يجزه.
قال أبو بكر: جاءت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وبألفاظ شتى، ففي:
(ح 1400) بعضها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وإذا حلفتَ على يمينٍ، فرأيت غيرها
خيراً منها فأتِ الذي هو خيرٌ، وكفّر عن يمينك".
(ح 1401) وفي بعضها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كفّر عن يمينك وانتِ الذي هو خيرٌ".
قال أبو بكر: وأي ذلك فعل يجزئه.
__________
(1) وفي الدار "أبو حنيفة" مكان أبي خيثمة، وهو خطأ.

(7/154)


38 - باب مسائل (1)
م 4495 - وإذا حلف ألا يدخل من باب هذه الدار، ولا نية له فحول بابها إلى موضع آخر، فدخلها: لم يحنث، كذلك قال الشافعي، وأصحاب الرأي.
قال الشافعي: [2/ 229/ب] وإن حلف ألا يدخل الدار، حنث.
قال أبو بكر (2): وبه نقول.
م 4496 - وإذا حلف الرجل ألا يركب دابة، وهو راكبها، أو لا يليس ثوباً وهو لابسه، أو لا يدخل داراً وهو فيها داخل.
فقالت طائفة: إن نزع الثوب منه أو نزل منه، أو خرج من الدار منه، وإلا حنث، هذا قول الشافعي.
ولا يحنث في شيء من ذلك عند أبي ثور، إلا أن يخرج من الدار، ثم يدخل وينزل عن الدابة، ثم يركبها، وينزع الثوب، ثم يلبسه.
وبه نقول.
وقال أصحاب الرأي: في الدابة إذا مكث عليها ساعة بعد اليمين: حنث.
وقالوا في البيت: إن أقام فيه لم يحنث؛ لأنه لم يدخله بعد اليمين.
وقالوا في القميص: إن تركه عليه بعد اليمين يحنث.
قال أبو بكر: ليس بين شيء من ذلك فرق.
__________
(1) "باب مسائل" ساقط من الدار.
(2) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

(7/155)


م 4497 - وإذا حلف ألا يكلم فلانة امرأة فلان، فطلق فلان، ثم كلمها: حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وبه نقول.
م 4498 - وإذا حلف ألا يدخل دار فلان هذه، فجعلت الدار حماماً، أو بستاناً، ثم دخل ذلك الموضع: لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
وبه نقول.
م 4499 - وإذا حلف ألا يضع قدمه في دار فلان، ولا نية له، فدخلها راكباً: لم يحنث في قول أبي ثور، وإن دخلها وعليه خف أو نعل: حنث في قوله.
وقال أصحاب الرأي: يحنث في ذلك كله، لأن معاني كلام الناس ههنا إنما تقع على الدخول.
م 4500 - فإن قام على حائط من حيطان الدار (1)، حتى صار على سطح من سطوحها، حنث في قول المدني (2)، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: لا يحنث، قال: وإنما دخولها أن يدخل بنيانها، أو عرصتها.
قال أبو بكر: الشافعي لا يحنثه بدخوله السطح، ويرى الاعتكاف على سطح المسجد، أو ظهر المسجد.
والمدني لا يرى للمعتكف المقام (3) على سطح المسجد،
__________
(1) وفي الدار "حيطانها".
(2) وفي الدار "المزني".
(3) وفي الدار "والذي لا يرى الاعتكاف على".

(7/156)


ويحنث الحالف لا يدخل داراً إن رقى سطحها.
وكذلك ذلك من قولهما تضاد، وهو عندي حانث في المسألتين جميعاً، إذ سطح المسجد من المسجد، أو سطح الدار [2/ 230/ألف] من الدار.

39 - باب الخروج في كفارة (1) اليمين
قال أبو بكر:
م 4501 - وإذا قال لامرأته: أنت طالق إن خرجت إلا بإذني، ولا نية له، فأذن لها فخرجت، ثم عادت فخرجت، لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وكذلك نقول.
وكذلك قوله: إلا أن آذن لك، أو إلا بإذني.
م 4502 - وإذا قال: أنت طالق كلما خرجت إلا بإذني، أو أنت طالق في كل وقت خرجت إلا بإذني، كان هذا على كل خرجه، في قول الشافعي.
قال أبو بكر: وبه نقول.
م 4503 - وإذا حلف ألا تخرج من بيته، فخرجت من الدار، ولا نية له، لم يحنث في قول أبي ثور.
وهو حانث في قول أصحاب الرأي.
__________
(1) "كفارة" ساقط من الدار.

(7/157)


م 4504 - وإذا حلف ألا تخرج من الدار، فاحتمل هو فأخرجها، لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وهذا قياس قول مالك بن أنس.
وبه نقول.
م 4505 - وإذا حلف ألا يدخل عليها فلان البيت، فدخل فلان البيت، ثم جاءت فدخلت عليه، لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وبه نقول.
م 4506 - وإذا حلف ألا تخرج امرأته إلا بإذنه، فأذن لها من حيث لا تسمع، فكان مالك يقول: يحنث.
وقال الشافعي: لا يحنث، والورع أن يحنث نفسه.

40 - باب الأيمان في الطعام والشراب
قال أبو بكر:
م 4507 - أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من حلف ألا يأكل طعاماً، أو لا يشرب شراباً، فذاق شيئاً من ذلك ولم يدخل حلقه:
أنه لا يحنث.
وممن حف ذلك عنه الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وبه نقول.

(7/158)


م 4508 - وإذا حلف ألا يأكل شيئين من الطعام سماهما، فأكل أحدهما، لم يحنث في قول الشافعي، مثل أن يقول: والله لا أكلت خبزاً ولحماً، فأكل أحدهما.
وكذلك لو قال لزوجته: أنت طالق، إن دخلت هاتين الدارين، فدخلت إحداهما: لم يحنث.
وقال أصحاب الرأي: إذا قال: والله لا آكل كذا ولا كذا، فأيهما أكل حنث.
وكذلك إذ قال: والله لا أكلم فلاناً ولا فلاناً، فأيهما كلم حنث.
وقال أبو ثور: وكذلك إذا قال: والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً، فذاق أحدهما: حنث.
م 4509 - وإذا [2/ 230/ب] حلف لا يأكل لحماً، فأكل سمكاً: لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، وبه قال الشافعي، وقال: يحنث في الورع.
وقال الثوري: أما في القضاء فيقع عليه، والنية فيما بينة وبين الله تعالى.
وقال قتادة: السمك لحم.
م 4510 - وإذا حلف ألا يأكل لحماً، فأكل شحماً: لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
ولا يحنث إن أكل ألية.
م 4511 - وقالوا: يحنث إن أكل لحوم الوحش، والأنعام، والطير.

(7/159)


وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي في البطون كذلك.
وقال أحمد: إذا حلف ألا يأكل اللحم، فأكل الشحم: لا بأس به، ألا أن يكون أراد اجتناب الدسم.
م 4512 - وإذا حلف ألا يأكل أدماً، ولا نية له.
فالأدم عند أهل الكوفة: اللبن والزيت، والخل، والثريد، وأشباه ذلك، وبه قال أبو ثور.
وقال النعمان، ويعقوب في الجبن والبيض: لا يؤتدم به ولا يحنث.
وقال أبو ثور، ومحمد: يحنث في الجبن والبيض.
وقال أبو ثور: الأدم: ما كان من طبيخ، أو شواء، أو لبن، أو سمن، أو خل، أو زيت، أو جبن، أو زيتون، أو سمك طري، أو مالح، أو بيض، أو تمر، أو ما يأتدم به الناس فهو أدم.
قال أبو بكر: قول أبي ثور حسن.
م 4513 - كان أبو ثور يقول: إذا حلف ألا يأكل شواء، فأكل ما يشوي من الطعام يحنث فيه.
وقال أصحاب الرأي: إذا لم يكن له نية، لا يقع اسم الشواء إلا على اللحم.
قال أبو بكر: قول أبي ثور أصح.
م 4514 - وإذا حلف ألا يأكل الرؤوس.
لم يحنث في قول الشافعي، إلا برؤوس الإبل، والبقر، والغنم.
وبه قال أبو ثور إذا لم تكن له نية.

(7/160)


وقال النعمان: لا يقع هذا إلا على الغنم، والبقر إذا لم يكن له نية.
وقال يعقوب، ومحمد: أما اليوم، فإنما اليمين على رؤوس الغنم.
قال أبو بكر: جعل الشافعي اليمين فيمن حلف بألا يأكل رؤوساً: على المتعارف، وإذا حلف ألا يأكل لحماً على الأسماء، وما بينهما عندي فرق.
م 4515 - وإذا حلف ألا يأكل بيضا، فإن البيض الذي يحنث به صاحبه.
بيض الدجاج، والأوز، والنعام، ولا يحنث بيض الحيتان.
وجعل أصحاب الرأي ذلك على بيض الطير، والدجاج، والإوزْ، وإن أكل غيره: لم يحنث.
وقال أبو ثور: إذا لم تكن له نية، فهو على بيض الدجاج، وما يباع في السوق مما يتعارفه الناس.
م 4516 - وإذا حلف ألا يأكل فاكهة، فالفاكهة معروفة [2/ 231/ألف].
ولا يحنث في قول أبي ثور إذا أكل ما يخرج من النخل.
قال: والعنب، والخيار، والقثاء، ليس من الفاكهة.
ولا يحنث في قول أصحاب الرأي بالعنب، والرمان، والرطب.
وقال يعقوب، ومحمد: نراه حانثاً، يريدان إذا أكل عنباً.
وجعل أبي ثور البطيخ من الفاكهة.
م 4517 - وإذا حلف ألا يأكل من هذا الدقيق شيئاً، فأكل من خبزه، ولا نية له.
لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور.
ويحنث في قول أصحاب الرأي.

(7/161)


م 4518 - وإذا حلف ألا يأكل من هذه الحنطة، فطحنت، فأكلها خبزاً، أو سويقاً.
لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، والنعمان.
ويحنث في قول يعقوب، ومحمد.
قال أبو بكر: لا يحنث في هذه، ولا في التي قبلها.
وإذا حلف ألا يأكل بسراً، فأكل رطباً، أو حلف ألا يأكل رطباً، فأكل تمراً، أو لا يأكل بسراً فأكل بلحاً، أو لا يأكل طعاماً فأكل بلحاً، أو حلف (1) ألا يأكل لحماً فأكل شحماً، أو حلف (2) ألا
يأكل شحماً فأكل لحماً، أو لا يأكل زبداً فأكل لبناً، أو لا يأكل خلاً فأكل مرقاً فيه خل.
لم يحنث في شيء من هذا، عند الشافعي، في حكايته أبي ثور عنه، وبه قال أبو ثور.
وفي قول أصحاب الرأي: إذا حلف ألا يأكل من هذا البسر شيئاً، فأكل منه بعدما يصير رطباً أو تمراً: لم يحنث.
م 4519 - وكذلك لو حلف ألا يأكل من هذا اللبن شيئاً (3)، فأكل منه حين صنع جبناً أو أقطاً، لم يحنث، لأنه قد تغير عن حاله.
قال أبو بكر: كل هذا لا يحنث فيه.
__________
(1) "حلف" ساقط من الدار.
(2) "حلف" ساقط من الدار.
(3) "شيئاً" ساقط من الدار.

(7/162)


وقال أحمد، وإسحاق إذا حلف ألا يشرب اللبن فأكل الزبد: لم يحنث.
وقال النخعي: من حلف ألا يأكل الزبد، فأكل لبناً: لم يحنث، وإن حلف ألا يأكل لبناً، فأكل زبداً، قال: قد حنث، لأن الزبد من اللبن.
م 4520 - وإذا حلف ألا يأكل خبزاً، فماثه وشربه، أو لا يشرب سويقاً، فأكله.
لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4521 - وإذا حلف ألا يأكل هذه التمرة، فسقطت في تمر، فأكل التمر كله.
حنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وبه نقول.
وإن كان بقي من التمر تمرة: لم يحنث في الحكم، وحسن لو حنّث نفسه في الورع.
م 4522 - وإذا حلف ألا يأكل بسراً، فأكل بُسراً مُذنّباً، أو حلف ألا يأكل [2/ 231 /ب] رطباً فأكل بسراً مذنباً.
وقال أبو ثور: إن كان الغالب عليه البسر: كان بسراً، وإن كان الغالب عليه الرطب وإن بقي فيه شيء من البسر: فهو رطب.

(7/163)


وفي قول أبي يوسف: إذا حلف ألا يأكل بسراً، فأكل رطبًا، والرطب شيء من البسر: لم يحنث.
ويحنث في قول النعمان، ومحمد.
م 4523 - وإذا حلف ألا يأكل رطباً، فأكل ذلك البسر مذنباً، ففي هذا قولان:
أحدهما: أنه يحنث، وإن كان الذنب يقع (1) عليه اسم البسر، واسم الرطب، هذا قول النعمان، ومحمد.
والقول الثاني: أنه بسر، وليس برطب، حتى يرطب ويسمى رطباً، وهذا لا يحنث، وهذا قول يعقوب.
م 4524 - وإذا حلف ألا يأكل من هذا العنب شيئاً، فأكل منه بعد ما صار زبيباً، لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4525 - وإذا حلف ألا يأكل من الحلو شيئاً، فما أكل عن خبيص، أو عسل، أو سكر، أو ناطف، أو غير ذلك مما يسميه الناس حلواً: حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.

41 - باب يمين المكره
قال أبو بكر:
قال الله جل ذكره: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}.
واختلف أهل العلم في يمين المكره.
__________
(1) وفي الدار "لا يقع".

(7/164)


فقالت طائفة: إذا حلف ألا يأكل الشيء، فأكره على أكله: لم يحنث.
هذا قول أبي ثور.
وقال الشافعي: يمين المكره غير ثابتة عليه.
وقال أصحاب الرأي: يحنث.
م 4526 - وإذا حلف ألا يدخل دار فلان (1) فاحتمل، فأدخل.
فإن الثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا يحنث وبه قال الشافعي، تراخى أو لم يتأرخ.
وقال مالك: إن أدخل مربوطاً، فلا شيء عليه.
وروي عن النخعي أنه قال: إذا أدخلها مربوطاً، فقد دخل.
وقال الأوزاعي في امرأة حلفت على شيء، فأحنثها زوجها كرها، فكفارتها عليه (2).

42 - باب مسالة (3)
م 4527 - وإذا حلف ألا يأكل تمراً فأكل حيساً، لم يحنث في قول أبي ثور.
ويحنث في قول أصحاب الرأي
م 4528 - وإذا حلف ألا يأكلُ طعاماً، فمضغه ورمى به، لم يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
__________
(1) وفي الدار "بيتاً".
(2) وفي الدار "عليها".
(3) "باب مسألة" ساقط من الدار.

(7/165)


م 4529 - وإذا حلف ألا يأكل حبا، فأي شيء وقع عليه اسم الحب، فأكله، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي [2/ 232/ألف].

43 - باب الكفارة في الشراب
قال أبو بكر:
م 4530 - وإذا حلف ألا يشرب شراباً، ولا نية له، فأي شراب شربه مما يقع عليه اسم شراب، ماء أو غيره، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4531 - وإن قال: أردت شراباً دون شراب، وكانت يمينه بالطلاق، أو العتق: لم يصدق في الحكم، وصدق فيما بينه وبين الله عز وجل.
وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي.
م 4532 - وإذا حلف ألا يشرب مع رجل سماه، فإن شربا في مجلس واحد، من شراب واحد أو شرابين، أو كل واحد منهما من شراب على حدة، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
ولا (1) يحنث إن صُبّ الشراب في حلقه مكرها.
م 4533 - وإذا حلف ألا يشرب، فمص حب الرمان ورمى بالثفل، لم يحنث، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وبه نقول.
__________
(1) "ولا يحنث ... إلى قوله: وبه نقول" ساقط من الدار.

(7/166)


44 - باب الكسوة
قال أبو بكر:
م 4534 - وإذا حلف ألا يشتري ثوباً، ولا نية له، حنث إن اشترى قز، أو طيلساناً، أو ثوباً من البياض، أو ثوبَ وشيٍ، أو فرواً، أو قباء، أو قميصاً، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4535 - وإن اشترى بساطاً، أو مسحاً، لم يحنث في قول أصحاب الرأي، ويحنث في قول أبي ثور.
م 4536 - ولو اشترى قلنسوة، أو نصف ثوب، لم يحنث في قولهم جميعاً.
م 4537 - ولو اشترى أكثر من نصف ثوب، لم يحنث في قول أبي ثور، ويحنث في قول أصحاب الرأي.
قال أبو بكر: لا يحنث إلا بما يقع عليه اسم ثوب.
م 4538 - وإذا حلف ألا يلبس هذا الثوب بعينه، فائتزر به، أو ارتدى به، حنث في قولهم جميعاً.
وبه نقول.
م 4539 - وإذا حلف ألا يلبس قميصاً، ولا نية له، فأئتزر به، أو ارتدى به، لم يحنث في قول أبي ثور.
ويحنث في قول أبي يوسف، ومحمد إذا قال: لا ألبس هذا القميص.
م 4540 - وإذا حلف ألا يعطي فلاناً ديناراً، فكساه ثوباً، أو حلف ألا يكسو فلاناً فأعطاه ديناراً.

(7/167)


حنث في قول مالك.
ولا يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4541 - وإذا حلف ألا يلبس ثوب فلان هذا، فباعه فلان، فلبسه، لم يحنث في قول أبي ثور، والنعمان، ويعقوب.
ويحنث في قول محمد.

45 - باب [2/ 232/ب] الكفارة في الوفاء باليمين
قال أبو بكر:
م 4542 - إذا حلف ليقضين فلاناً حقه رأس الهلال.
فقال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: له ليلة ويوم من رأس الشهر (1).
وقال الشافعي: يحنث إذا مرت الليلة التي يهل فيها الهلال، إذا قال: إلى رأس الهلال، أو عند رأس الهلال، أو إلى استهلال الهلال.
م 4543 - وإذا حلف ليقضينه حقه اليوم، فله اليوم حتى تغيب الشمس، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4544 - وإذا حلف ليقضينه ماله رأس الشهر، فأعطاه في ذلك، أو وهبه له الطالب، أو أبرأه مه.
يحنث في قول الشافعي، إن لم يكن له نية.
__________
(1) وفي الدار "الهلال".

(7/168)


وقال أبو ثور: إن كانت يمينه إنما هي على أن يخرج مما عليه، فلا يحنث إذا خرج منه قبل الوقت، وإن كان أراد أن يعطيه في وقت، فأعطاه في غيره: حنث.
وفي قول النعمان، ومحمد: لا يحنث.
ويحنث في قول (1) الثوري، ويعقوب.
م 4545 - وإن مات الطالب فالمطلوب لم يحنث، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4546 - وإذا حلف ألا يعطيه حتى يأذن له فلان، فمات فلان قبل أن يأذن له.
سقطت اليمين في قول أبي ثور، والنعمان، ومحمد.
وقال يعقوب: يحنث إذا كلمه، أو أعطاه.
م 4547 - وإذا حلف لقاضٍ: لا يرى كذا وكذا، إلا رفعه إليه، فمات ذلك القاضي، فرأى ذلك الشيء بعد موته.
لم يحنث في قول الشافعي، وأبي ثور.
وحكى أبو ثور ذلك عن النعمان، ومحمد.
وحكى عن يعقوب أنه قال: إذا مضى الوقت، حنث.
قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول.
م 4548 - وإذا حلف بطلاق امرأته ليأتين البصرة، ولم يوقت وقتاً، فمات قبل ذلك.
لم تطلق في قول أبي ثور؛ لأنه لم يفرط، ولو كان له وقت فمضى.
__________
(1) وفي الدار "المزني".

(7/169)


وقال أصحاب الرأي: يقع الطلاق عليها.
م 4549 - وإذا حلف بعتق كل مملوك له، ثم حنث، وله عبيد وإماء، ومكاتبون، ومدبرون، وأمهات أولاد.
عتق جميع هؤلاء، في قول الشافعي، والنعمان (1)، ويعقوب، ومحمد، إلا المكاتبين، فإنهم لا يعتقدون في قولهم جميعاً.
وخالفهم أبو ثور في ذلك فقال: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، فرأى اليمين تلزمه.
وقال أبو ثور: وفيه قول آخر، وهو: أن عليه كفارة يمين، هذا قول جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[2/ 233/ألف]، ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة وحفصة، وأم سلمة -رضي الله عنهم-.
م 4550 - وإذا حلف ألا يشتري عبداً، أو متاعاً، أو حلف ألا يبيع عبداً أو متاعاً، فأمر غيره فباع ذلك الشيء، أو اشتراه.
ففي قول مالك، وأبي ثور: يحنث.
وفي قول الشافعي: لا يحنث، ولا يحنث عند أصحاب الرأي.
م 4551 - وإذا حلف ألا يضرب عبده، فأمر غيره، فضربه، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، ولا يحنث في قول الشافعي.
م 4552 - وإذا حلف ألا يتزوج امرأة، فأمر إنساناً، فزوجه، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4553 - وإذا حلف ألا يهب لفلان هبة، فتصدق عليه بصدقة.
حنث في قول الشافعي.
__________
(1) "والنعمان" ساقط من الدار.

(7/170)


ولا يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4554 - وقال أصحاب الرأي في النحل، والعمري: إذا قبضت حنث، وبه قال الشافعي.

46 - باب اليمين الخدمة
قال أبو بكر:
م 4555 - وإذا حلف على خادمة، قد كانت تخدمه، ألا يستخدمها، فكانت تخدمه، ولا يأمرها، ولا نية له.
لم يحنث في قول أبي ثور.
قال أبو بكر (1): وبه نقول.
وقال أصحاب الرأي: يحنث إن كان يملك الخادم، وإن كان لا يملكها لم يحنث.
قال أبو بكر: لا فرق بينهما.
م 4556 - وإذا حلف ألا تخدمني فلانة، فخدمته، بأمره أو بغير أمره، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر (2): وبه نقول.

47 - باب في الركوب
قال أبو بكر:
م 4557 - وإذا حلف ألا يركب دابة، ولا نية له، فإن ركب بغلاً، أو حماراً،
__________
(1) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.
(2) "قال أبو بكر" ساقط من الدار.

(7/171)


أو برذوناً، أو فرساً، أو بقرة، أو غير ذلك من الدواب التي تركب: حنث وهذا قول أبي ثور.
وكذلك قال أصحاب الرأي في الحمار، والفرس، والبغل، والبرذون: يحنث، وفي القياس: إذا ركب غير ما ذكرناه من الدواب أنه يحنث، غير أنا ندع ذلك ونستحسن أن لا يحنث.
قال أبو بكر: فول أبي ثور أصح.
م 4558 - وإذا حلف ألا يركب دابة فلان، ركب دابة عبده، حنث في قول الشافعي.
ولا يحنث في قول أبي ثور (1)، وأصحاب الرأي إذا لم يكن له نية.
م 4559 - وإذا حلف ألا يدخل داراً لفلان، دخل داراً لعبده.
حنث في قول الشافعي، وابن الحسن.
ولا يحنث في قول أبي ثور، والنعمان، ويعقوب (2) [2/ 233/ب].
م 4560 - وإذا حلف ألا يركب مركباً، ولا نية له، فركب سفينة: حنث، وكذلك الدابة بسرج، والمحمل.
وإذا ركب دابة باكاف، أو عُرْيُ، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، في ذلك كله.
__________
(1) "اصح" وإذا حلف ... إلى قوله: في قول أبي ثور" ساقط من الدار.
(2) في الأصل "ومحمد" وهذا خط، والتصحيح من الدار.

(7/172)


48 - باب في الحين والزمان
قال أبو بكر:
م 4561 - واختلفوا في الرجل، يحلف ألا يعطي فلاناً ماله حينا.
فالحين في قول مجاهد، والحكم، وحماد، ومالك بن أنس: سنة.
وفيه قول ثان: روي عن ابن عباس أن الحين ستة أشهر، وبه قال أصحاب الرأي.
وكذلك قال عكرمة، وسعيد بن جبير، وعامر، وأبو عيد
في قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} أنه ستة أشهر.
والدهر في قول يعقوب، وابن الحسن كذلك: ستة أشهر (1).
وقال الأوزاعي، وأبو عبيد: الحين ستة أشهر.
وليس عند الشافعي في الحين وقت معلوم ولا غاية (2)، قد يكون الحين عنده مدة الدنيا.
وقال: لا نحنثه أبداً، والورع أن يقضيه قبل انقضاء يوم.
قال أبو بكر (3): الحين والزمان على ما تحتمله اللغة، يقال: قد جئت مد حين، ولعله لم يجيء من نصف يوم.
__________
(1) "والدهر في قول يعقوب، وابن الحسن كذلك ستة أشهر" ساقط من الدار.
(2) وفي الدار "وللحين عنده غاية " وهذا خطأ.
(3) وفي الدار "قال أبو ثور" وهو خطأ.

(7/173)


49 - باب اليمين في الضرب
قال أبو بكر:
م 4562 - وإذا حلف الرجل ليضربن عبده مائة، فضربه ضرباً خفيفاً، فهو بار عند الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقال مالك بن أنس: ليس الضرب إلا الضرب الذي يؤلم.
م 4563 - وإذا حلف ليجلدن عبده مائة، فجمعها، فضربه بها ضربة واحدة، فأيقن أنها ماسّته كلها.
فقد برّ، عند الشافعي، وأبي ثور.
وقال مالك: لا يخرجه ذلك من يمينه.
وبه قال أصحاب الرأي: قالوا: لأنها لم تقع به جميعاً.

50 - باب اليمين في الكلام والكتاب والرسول
قال أبو بكر:
م 4564 - وإذا حلف ألا يتكلم اليوم، فتكلم بالعربية، أو بالفارسية، أو بأي لغة تكلم بها، حنث في قول كل من نحفظ عنه من أهل العلم.
م 4565 - وإذا حلف ألا يكلم فلاناً، فناداه من حيث يسمع الصوت مثله،

(7/174)


أو كان نائماً، فناداه فأيقظه، حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: إذا ناداه حيث يسمع كلامه، حنث وإن [2/ 234/ألف] لم يسمعه وإن كلمه حيث لا يسمع أحد كلامه لم يحنث، في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وبه نقول.
م 4566 - وإن مر بقوم، فسلم عليهم، وهو فيهم.
حنث في قول الحسن البصري، وبه قال أبو عبيد، وذكر أنه قول مالك، والكوفي.
وقال الشافعي مرة: لا يحنث، إلا أن ينويه، وقال مرة: يحنث، إلا أن يعزله بقلبه.
م 4567 - واختلفوا في الرجل، يحلف ألا يكلم فلاناً، فكتب إليه كتاباً، أو أرسل إليه رسولاً.
فقال الثوري في الرسول: ليس بكلام.
وقال الشافعي: لا يبين أن يحنث.
وقال النخعي، والحكم في الكتاب: يحنث.
وقال مالك: يحنث في الكتاب وفي الرسول، وقال مرة: الرسول أسهل من الكتاب.
وقال أبو عبيد: الكلام سوى الخط والإشارة.

(7/175)


وقال أبو ثور: لا يحنث في الكتاب، وكذلك (1) لو أومأ، أو أشار إليه.
قال أبو بكر: لا يحنث في الكتاب والرسول.

51 - باب لزوم الغريم
م 4568 - قال أبو بكر: وإذا حلف الرجل (2) ألا يفارق غريمه، حتى يستوفي ماله، ففر منه غريمه.
فليس عليه شيء في قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وبه نقول.
م 4569 - وإن أحال بالمال على رجل، أو أبرأه الطالب، ثم فارقه.
حنث في قول الشافعي، وأبي ثور، وأبي يوسف (3)، لأنه لم يستوف ماله، ولا يحنث في قول النعمان، ومحمد.
م 4570 - ولو أعطاه الدراهم قبل أن يفارقه، ثم وجد فيها زيوفاً.
حنث في قول مالك.
ولا يحنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4571 - ولو استحقها رجل فأخذها من الحالف، فرجع الحالف على غريمه
__________
(1) "وكذلك لو ... إلى قوله: في الكتاب" ساقط من الدار،
(2) "الرجل" ساقط من الدار.
(3) "وأبي يوسف" ساقط من الدار.

(7/176)


لم يحنث لأنه لم يفارقه إلا على الوفاء، في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.

52 - باب مسائل (1)
م 4572 - وإذا حلف ألا يمشي على الأرض، ولا نية له، فمشى عليها حافياً، أو بنعلين أو بخفين.
حنث في قول أبي ثور، وأصحاب الرأي.
م 4573 - ولو مشى على بساط، أو على فراش: لم يحنث في قولهم جميعاً.
م 4574 - وإذا حلف ألا يشتري طعاماً، ولا نية له، ففيها قولان:
أحد: أن لا يحنث، إلا في الحنطة.
وقال أصحاب الرأي: القياس أن يحنث في كل ما يؤكل، من الحنطة والتمر، والفواكه، ولا يحنث في الاستحسان إلا في الخبز والدقيق، والحنطة.
م 4575 - ولو أن امرأة حلفت ألا تلبس حلياً، فلبست خاتم فضة.
حنثت في قول أبي ثور.
ولا تحنث في قول أصحاب الرأي.
م 4576 - ولو لبست عقد لؤلؤ، أو قرطين، أو قلادة.
حنثت في قول أبي يوسف، ومحمد، ولا تحنث في قول النعمان.
قال أبو بكر: تحنث.
__________
(1) "باب مسائل" ساقط من الدار.

(7/177)


م 4577 - وإذا حلف ألا يتزوج اليوم امرأة، فتزوج امرأة بغير شهود.
لم يحنث في قول الشافعي، وأصحاب الرأي.
وقال أصحاب الرأي: كان ينبغي في القياس أن يحنث.
وقال أبو ثور: يحنث إلى أعنوا النكاح، وهذا قول مالك.
قال أبو بكر: يحنث.

(7/178)