الدرر
البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (24 - كتاب
القضاء)
إنما يصح قضاء من كان مجتهداً، متورِّعاً عن أموال الناس، عادلاً في
القضية، حاكماً بالسّويّة، ويحرم عليه الحرص على القضاء وطلبه، ولا يحل
للإمام تولية من كان كذلك، ومن كان متأهِّلاً للقضاء؛ فهو على خطر عظيم،
وله مع الإصابة أجران، ومع الخطأ أجر - إن لم يأل جهداً في البحث -، وتحرم
عليه الرِّشوة، والهديّة التي أُهديت إليه لأجل كونه قاضياً، ولا يجوز له
الحكم حال الغضب، وعليه التسوية بين الخصمين؛ إلا إذا كان أحدهما كافراً،
والسماع منهما قبل القضاء، وتسهيل الحجاب بحسب الإمكان، ويجوز له اتخاذ
الأعوان مع الحاجة، والشفاعة والاستيضاع والإرشاد إلى الصلح، وحكمه ينفذ
ظاهراً فقط، فمن قُضي له بشيء فلا يحل له؛ إلا إذا كان الحكم مُطابقاً
للواقع.
(25 - كتاب الخصومة)
على المُدَّعي البيِّنة، وعلى المنكر اليمين، ويحكم الحاكم بالإقرار،
وبشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، أو رجل ويمين المدّعي، وبيمين المنكر،
وبيمين الرد وبعلمه، ولا تُقبل شهادة من ليس بعدل، ولا الخائن، ولا ذي
العداوة، والمُتّهم، والقانع لأهل البيت، والقاذف، ولا بدوي على صاحب قرية،
وتجوز شهادة من يشهد على تقرير فعله أو قوله إذا انتفت التهمة، وشهادة
الزور من أكبر الكبائر، وإذا تعارض البيِّنتان ولم يوجد وجه ترجيح؛ قُسّم
المدّعَى، وإذا لم يكن للمُدعِّي بينة؛ فليس له إلا يمين صاحبه، ولو كان
فاجراً، ولا تُقبل البيّنة بعد اليمين، ومن أقرّ بشيء - عاقلا بالغاً غير
هازل ولا
(1/69)
بمحال عقلا أو عادة -؛ لزمه ما أقر به؛
كائنا ما كان، ويكفي مرة واحدة؛ من غير فرق بين موجبات الحدود وغيرها - كما
سيأتي -.
(26 - كتاب الحدود)
(باب حد الزاني)
إن كان بكرا حرا جلد مئة جلدة، وبعد الجلد يغرب عاما، وإن كان ثيبا جلد كما
يجلد البكر، ثم يرجم حتى يموت، ويكفي إقراره مرة، وما ورد من التكرار في
وقائع الأعيان؛ فلقصد الاستثبات، وأما الشهادة فلا بد من أربعة، ولا بد أن
يتضمن الإقرار والشهادة التصريح بإيلاج الفرج في الفرج، ويسقط بالشبهات
المحتملة، وبالرجوع عن الإقرار، وبكون المرأة عذراء أو رتقاء، ويكون الرجل
مجبوبا أو عنينا، وتحرم الشفاعة في الحدود، ويحفر للمرجوم إلى الصدر، ولا
ترجم الحبلى حتى تضع وترضع ولدها - إن لم يوجد من يرضعه -، ويجوز الجلد حال
المرض بعثكال ونحوه، ومن لاط بذكر، قتل ولو كان بكرا، وكذلك المفعول به؛
إذا كان مختارا ويعزر من نكح بهيمة، ويجلد المملوك نصف جلد الحر، ويحده
سيده أو الإمام.
(باب حد السرقة)
من سرق - مكلفا مختارا - من حرز ربع دينار فصاعدا؛ قطعت كفه اليمنى، ويكفي
الإقرار مرة واحدة، أو شهادة عدلين، ويندب تلقين المسقط، ويحسم موضع القطع،
وتعلق اليد في عنق السارق، ويسقط بعفو المسروق عليه قبل البلوغ إلى السلطان
- لا بعده؛ فقد وجب -، ولا قطع في ثمر ولا
(1/70)
كثر؛ ما لم يؤوه الجرين - إذا أكل ولم يتخذ
خبنة -؛ وإلا كان عليه ثمن ما حمله مرتين، وضرب نكال، وليس على الخائن
والمنتهب والمختلس قطع، وقد ثبت القطع في جحد العارية.
(باب حد القذف)
من رمى غيره بالزنا؛ وجب عليه حد القذف ثمانين جلدة إن كان حرا، وأربعين إن
كان مملوكا، ويثبت ذلك بإقراره مرة، أو بشهادة عدلين، وإذا لم يتب؛ لم تقبل
شهادته أبدا، فإن جاء بعد القذف بأربعة شهود؛ سقط عنه الحد، وهكذا إذا أقر
المقذوف بالزنا.
(باب حد الشرب)
من شرب مسكرا - مكلفا مختارا -؛ جلد على ما يراه الإمام - إما أربعين جلدة،
أو أقل، أو أكثر -؛ ولو بالنعال، ويكفي إقراره مرة، أو شهادة عدلين - ولو
على القيء -، وقتله في الرابعة منسوخ.
فصل:
والتعزير في المعاصي - التي لا توجب حدا - ثابت؛ بحبس، أو ضرب، أو نحوهما،
ولا يجاوز عشرة أسواط.
(باب حد المحارب)
وهو أحد الأنواع المذكورة في القرآن الكريم - القتل، أو الصلب، أو قطع اليد
والرجل من خلاف، أو النفي من الأرض -، يفعل الإمام منها ما
(1/71)
رأى فيه صلاحا؛ لكل من قطع طريقا ولو في المصر؛ إذا كان قد سعى في الأرض
فسادا، فإن تاب قبل القدرة عليه؛ سقط عنه ذلك.
(باب من يستحق القتل حدا)
هو الحربي، والمرتد، والساحر، والكاهن، والساب لله، أو لرسوله، أو للإسلام
أو للكتاب أو للسنة، والطاعن في الدين والزنديق بعد استتابتهم، والزاني
المحصن، واللوطي - مطلقا -، والمحارب. |