الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية

 (الكتاب السادس عشر: كتاب الأضحية)

(3/123)


(16 - كتاب الأضحية)
( [الباب الأول: أحكام الأضحية] )
( [مشروعية الأضحية] :)
(تشرع لأهل كل بيت) ؛ لحديث أبي أيوب الأنصاري، قال: كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، أخرجه ابن ماجه، والترمذي - وصححه - (1) .
وأخرج نحوه ابن ماجه من حديث أبي سريحة (2) بإسناد صحيح.
وأخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي من حديث مخنف (3) بن سليم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" يا أيها الناس! على كل أهل بيت في كل عام أضحية " (4) .
__________
(1) • قلت: وسنده صحيح على شرط مسلم. (ن)
(2) • في الأصل: (شريحة) ؛ بالشين المعجمة؛ والصواب: (سريحة) ؛ بالسين المهملة المفتوحة، بعدها راء مكسورة.
وحديثه هذا؛ صححه الحاكم (4 / 228) ، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. (ن)
(3) بكسر الميم، وإسكان الخاء المعجمة، وفتح النون.
ووقع في الأصل بالحاء المهملة؛ وهو خطأ. (ش)
(4) حديث حسن؛ انظر " صحيح سنن ابن ماجه " (2 / 200) .

(3/125)


وفي إسناده أبو رملة، واسمه عامر؛ قال الخطابي: مجهول.
( [حكم الأضحية] :)
وقد اختلف في وجوب الأضحية، فذهب الجمهور إلى أنها سنة غير واجبة، وبه قال مالك، وقال: لا أحب لأحد ممن قوي على ثمنها أن يتركها، وعليه الشافعي.
وذهب ربيعة، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والليث، - وبعض المالكية - إلى أنها واجبة على الموسر، وحكي عن مالك، والنخعي.
وتمسك القائلون بالوجوب بمثل حديث: " على كل أهل بيت أضحية " المتقدم، وبمثل حديث أبي هريرة عند أحمد، وابن ماجه، وصححه الحاكم - وقال ابن حجر في " الفتح ": " رجاله ثقات؛ لكن اختلف في رفعه ووقفه، والموقوف أشبه بالصواب؛ قاله الطحاوي وغيره (1) - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من وجد سعة فلم يضح؛ فلا يقربن مصلانا ".
ومن أدلة الموجبين: قوله - تعالى - {فصل لربك وانحر} ، والأمر للوجوب.
وقد قيل: إن المراد تخصيص الرب بالنحر لا للأصنام، ومن ذلك حديث جندب بن سفيان البجلي في " الصحيحين " وغيرهما، قال: قال رسول
__________
(1) • قلت: قد رواه مرفوعا غير واحد من الثقات؛ كما بينته في " التعليق على الترغيب "؛ فهو صحيح مرفوعا وموقوفا. (ن)

(3/126)


الله - صلى الله عليه وسلم -:
" من كان ذبح قبل أن يصلي؛ فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا؛ فليذبح باسم الله ".
ومن حديث جابر نحوه.
وجعل الجمهور حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - ضحى عمن لم يضح من أمته بكبش - كما في حديث جابر عند أحمد (1) ، وأبي داود، والترمذي، وأخرج نحوه أحمد، والطبراني، والبزار من حديث أبي رافع بإسناد حسن (2) - قرينة صارفة لما تفيده أدلة الموجبين.
ولا يخفى أنه يمكن الجمع بأنه ضحى عن غير الواجدين من أمته؛ كما يفيده قوله: " من لم يضح من أمته "، مع قوله: " على كل أهل بيت أضحية ".
وأما مثل حديث: " أمرت بالأضحى ولم يكتب عليكم " ونحوه؛ فلا تقوم بذلك الحجة؛ لأن في أسانيدها من رمي بالكذب ومن هو ضعيف بمرة.
__________
(1) • في " المسند " (3 / 375) ؛ عن أبي عياش، عن جابر.
وأبو عياش - هذا - لم يوثقه أحد؛ فهو مجهول. (ن)
(2) • كلا؛ بل هو ضعيف، فيه علة خفية؛ وهي أن الحديث من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع؛ كذا أخرجه أحمد (6 / 8، 391، 392) .
وابن عقيل - هذا - مختلف فيه، وقد اختلف عليه في إسناده، كما بينه الحافظ في " الفتح " (10 / 7 - 8) .
وعلي بن الحسين إنما أدرك من حياة أبي رافع نحو ثلاث سنوات؛ فيبعد أن يكن سمع الحديث منه وحفظه. (ن)
قلت: وآخر ما وصل إليه شيخنا فيه: أنه صحيح، كما تراه مفصلا في " الإرواء " (1138) .

(3/127)


( [الشاة تجزئ عن واحد، والبدنة والبقرة عن سبعة] :)
(وأقلها شاة) ؛ لما تقدم.
وقال المحلي: " البعير والبقرة تجزئ عن سبعة، والشاة تجزئ عن الواحد.
وإن كان له أهل بيت حصلت بجميعهم، وكذا يقال في كل واحد من السبعة؛ يعني: المشتركين في البدنة والبقرة.
فالتضحية سنة كفاية لكل أهل بيت، وسنة عين لمن ليس له بيت.
وعند الحنفية: الشاة لا تجزئ إلا عن واحد، والبقرة والبدنة لا تجزئان إلا عن سبعة سبعة.
ولم يفرقوا بين أهل البيت وغيره.
وتأويل الحديث عندهم أن الأضحية لا تجب إلى على غني، ولم يكن الغني في ذلك الزمان غالبا إلا صاحب البيت، ونسبت إلى أهل بيته على معنى أنهم يساعدونه في التضحية، ويأكلون لحمها، وينتفعون بها.
ويصح اشتراك سبعة في بدنة أو بقرة، وإن كانوا أهل بيوت شتى، وهو قول العلماء، وقاسوا الأضحية على الهدي، ولا أضحية عن الجنين، وهو قول العلماء ".
( [بيان وقت الأضحية] :)
(ووقتها بعد صلاة عيد النحر) ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
" من كان ذبح قبل أن نصلي؛ فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا؛ فليذبح باسم الله "، وهو في " الصحيحين " - كما تقدم قريبا -.

(3/128)


وفي " الصحيحين " من حديث أنس عنه - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: " من كان ذبح قبل الصلاة فليعد ".
قال ابن القيم: " ولا قول لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سأله أبو بردة بن نيار عن شاة ذبحها يوم العيد؟ فقال: " أقبل الصلاة؟ "، قال: نعم، قال: " تلك شاة لحم " الحديث.
قال: وهو صحيح صريح في أن الذبح قبل الصلاة لا يجزئ؛ سواء دخل وقتها؛ أو لم يدخل، وهذا الذي ندين الله به قطعا، ولا يجوز غيره ". اه.
وفي الباب أحاديث، وفيه التصريح بأن المعتبر صلاة الإمام.
ويمتد (إلى آخر أيام التشريق) ؛ لحديث جبير بن مطعم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " كل أيام التشريق ذبح "، أخرجه أحمد، وابن حبان في " صحيحيه "، والبيهقي، وله طرق يقوي بعضها بعضا (1) .
وقد روي أيضا من حديث جابر، وغيره.
وقد روي ذلك عن جماعة من الصحابة، ومن بعدهم.
والخلاف في المسألة معروف.
وفي " الموطأ " عن ابن عمر: الأضحى يومان بعد يوم الأضحى، ومثل ذلك عن علي بن أبي طالب (2) ، وعليه الحنفية.
__________
(1) • أحدها حسن الإسناد؛ عند الدارقطني، كما بينته في " التعليقات الجياد ". (ن)
(2) • الذي نقله ابن القيم في " الزاد " عن علي بلفظ: أيام النحر: يوم الأضحى، وثلاثة أيام بعده؛ وجزم بنسبته إليه.
وهذا خلاف ما عزاه المصنف إلى علي. (ن)

(3/129)


ومذهب الشافعية: أنه يمتد وقته إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق؛ لحديث الحاكم الدال على ذلك.
( [أفضل الأضحية] :)
(وأفضلها) أي: الضحايا (أسمنها) ؛ لحديث أبي رافع: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين ... الحديث، وهو عند أحمد وغيره بإسناد حسن (1) .
وأخرج البخاري من حديث أبي أمامة بن سهل، قال: " كنا نسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون ".
أقول: الحق أن أفضل الأضحية الكبش الأقرن؛ كما ورد الحديث بذلك عن عبادة بن الصامت عند أبي داود (2) ، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي مرفوعا بلفظ: " خير الأضحية الكبش الأقرن ".
وأخرجه أيضا الترمذي.
وأخرجه أيضا ابن ماجه، والبيهقي، من حديث أبي أمامة، وفي إسناده عفير بن معدان، وهو ضعيف.
__________
(1) • فيه نظر؛ فإنه في " المسند " (6 / 392) ؛ عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع؛ وقد سبق قريبا بيان ما فيه من الوهن. (ن)
(2) • وفي سنده حاتم بن أبي نصر؛ وهو مجهول.
وعفير بن معدان؛ إنما هو في سند حديث أبي أمامة فقط؛ وهو واه كما قال المنذري في " الترغيب " (2 / 103) . (ن)

(3/130)


والأضحية هي غير الهدي، وقد ورد النص فيها، فوجب تقديمه على القياس.
وحديث الكبش الأقرن نص في محل النزاع، فإن كان خاصا بالفحل فظاهر، وإن كان شاملا له وللخصي؛ فالأفضلية لا تختص بالخصي، وتضحية النبي صلى الله عليه وسلم بالخصي لا تستلزم أن يكون أفضل من غيره؛ بل غاية ما هناك أن الخصي يجزئ.
( [يجزئ في الأضحية جذع من الضأن] :)
(ولا يجزئ ما دون الجذع من الضأن) ؛ لحديث جابر عند مسلم، وغيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تذبحوا إلا مسنة؛ إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " (1) .
وأخرج أحمد، والترمذي من حديث أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " نعم - أو: نعمت - الأضحية الجذع من الضأن (1) " وأخرج أحمد، وابن ماجه، والبيهقي، والطبراني من حديث أم بلال بنت هلال عن أبيها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يجوز الجذع من الضأن ضحية " (1) .
وفي " الصحيحين " من حديث عقبة بن عامر، قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحايا بين أصحابه، فصارت لعقبة جذعة، فقلت: يا رسول الله! أصابني جذع؟ فقال: " ضح به ".
__________
(1) هذه أحاديث ضعيفة؛ تجد الكلام عليها مفصلا في " السلسلة الضعيفة " (64 - 65) .

(3/131)


وقد ذهب إلى أنه يجزئ الجذع من الضأن الجمهور.
ومن زعم أن الشاة لا تجزئ إلا عن واحد، أو عن ثلاثة فقط، أو زعم أن غيرها أفضل منها؛ فعليه الدليل.
ولا يفيده ما ورد في الهدي، فذلك باب آخر.
( [يجزئ في الأضحية ثني من المعز] :)
(و) لا يجزئ دون (الثني من المعز) ، وهو ما استكمل سنتين، وطعن في الثالثة؛ لحديث أبي بردة في " الصحيحين " وغيرهما: أنه قال: يا رسول الله! إن عندي داجنا جذعة من المعز؟ فقال: " اذبحها؛ ولا تصلح لغيرك ".
وأما ما روي في " الصحيحين " وغيرهما من حديث عقبة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنما يقسمها على صحابته ضحايا، فبقي عتود، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ضح به أنت ".
والعتود من ولد المعز: ما أتى عليه حول؛ فقد أخرج البيهقي عنه بإسناد صحيح، أنه قال: أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنما أقسمها ضحايا بين أصحابي، فبقي عتود منها؟ فقال: " ضح به أنت، ولا رخصة لأحد فيه بعدك " (1) .
وقد حكى النووي الاتفاق على أنه لا يجزئ الجذع من المعز.
قلت: اتفقوا على أنه لا يجوز من الإبل والبقر والمعز دون الثني.
والجذع من الضأن يجزئ عندهم.
__________
(1) انظر " إرواء الغليل " (1144) .

(3/132)


ولا تجزئ مقطوعة الأذن؛ إلا أن أبا حنيفة قال: إن كان المقطوع أقل من النصف؛ فيجوز.
( [الأضحية التي لا تجزئ] :)
(ولا الأعور والمريض والأعرج والأعجف (1) وأعضب القرن والأذن (2)) ؛ لحديث البراء عند أحمد، وأهل " السنن "، وصححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها (3) ، والكسير التي لا تنقي (4) ؛ أي: التي لا مخ لها.
__________
(1) الأعجف: الهزيل، وشاة عجفاء: هزيلة؛ وجمع الأعجف: عجاف؛ على غير قياس. (ش)
(2) هو ما ذهب نصف قرنه أو أذنه. (ش)
(3) الضلع - بفتح الضاد واللام -: الميل والاعوجاج.
قلت: هذا كلام صحيح بالجملة؛ أن الضلع - بفتح الضاد المعجمة واللام - هو الميل؛ وهو الذي ذكره ابن الأثير في " النهاية " (3 / 96) .
لكن. . نص ابن الأثير نفسه (3 / 158) على أن الرواية؛ (الظلع) ؛ بفتح الظاء المعجمة، بعدها لام ساكنة، فقال تحت (باب الظاء مع اللام) :
" الظلع - بالسكون -: العرج. . "، ثم قال:
" ومنه حديث الأضاحي: (ولا العرجاء البين ظلعها ". (ش)
(4) الكسير؛ فعيل بمعنى مفعول - وفي " الأصل ": الكسيرة بالهاء، وهو خطأ -: هي المنكسرة الرجل التي لا تقدر على المشي.
ومعنى " لا تنقي " - بضم التاء، وإسكان النون، وكسر القاف -: أنها لا نقي - بكسر النون، وإسكان القاف - لها.
والنقي: المخ. (ش)

(3/133)


وقد وقع في رواية: العجفاء، بدل: الكسيرة.
وأخرج أحمد، وأهل " السنن " - وصححه الترمذي - من حديث علي، قال: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نضحي بأعضب القرن والأذن "، قال قتادة: العضب: النصف فأكثر من ذلك.
وأخرج أحمد، وأبو داود، والحاكم، والبخاري في " تاريخه " (1) قال:
" إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المصفرة والمستأصلة والبخقاء والمشيعة والكسيرة، فالمصفرة: التي تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها، والمستأصلة: التي ذهب قرنها من أصله، والبخقاء: التي تبخق عينها (2) ، والمشيعة: التي لا تتبع الغنم عجفا وضعفا، والكسيرة: التي لا تنقي "، وهذا التفسير هو أصل الرواية.
وفي الباب أحاديث.
وأما مسلوبة الألية؛ فأخرج أحمد، وابن ماجه، والبيهقي من حديث أبي سعيد، قال: اشتريت كبشا أضحي به، فعدا الذئب فأخذ الألية، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: " ضح به "، وفي إسناده جابر الجعفي، وهو ضعيف جدا.
__________
(1) يعني: من حديث عتبة بن عبد السلمي. (ش)
(2) قوله: " عينها "؛ قال في " القاموس ": " البخق - محركة -: أقبح العور وأكثره غمصا، أو أن لا يلتقي شفر عينه على حدقته.
بخق - كفرح ونصر -، والعين البخقاء والباخقة والبخيق والبخيقة: العوراء ". ا. هـ المراد منه. (ش)
قلت: والحديث ضعفه شيخنا في " الإرواء " (1149) .

(3/134)


( [كيف يوزع لحم الأضحية؟] :)
(ويتصدق منها ويأكل ويدخر) ؛ لحديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " كلوا وادخروا وتصدقوا "، وهو في " الصحيحين ".
وفي الباب أحاديث.
( [مكان ذبح الأضحية:)
(والذبح في المصلى أفضل) إظهارا لشعائر الدين؛ لحديث ابن عمر عند البخاري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يذبح وينحر بالمصلى.
( [ما يسن لمن أراد أن يضحي] :)
(ولا يأخذ من له أضحية من شعره وظفره بعد دخول عشر ذي الحجة حتى يضحي) ؛ لحديث أم سلمة عند مسلم، وغيره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
" إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي؛ فليسمك عن شعره وأظفاره ".
وفي لفظ لمسلم، وغيره - أيضا -: " من كان له ذبح يذبحه؛ فإذا أهل هلال ذي الحجة؛ فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي ".

(3/135)


وقد اختلف العلماء في ذلك:
فذهب سعيد بن المسيب، وربيعة، وأحمد، وإسحاق، وداود، وبعض أصحاب الشافعي إلى أنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية.
وقال الشافعي وأصحابه: هو مكروه كراهة تنزيه.
وحكى المهدي في " البحر " عن الشافعي وغيره: أن ترك الحلق والتقصير لمن أراد التضحية مستحب. وقال أبو حنيفة: لا يكره.

(3/136)


(2 - باب الوليمة)
( [الفصل الأول: أحكام وليمة العرس] )
( [حكم الوليمة في العرس] :)
(هي مشروعة) ؛ لحديث أنس في " الصحيحين "، وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بعد عوف: " أوْلم ولو بشاة "، وقد أولم النبي - صلى الله عليه وسلم - على نسائه، فأولم على صفية بتمر وسويق؛ كما أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان من حديث أنس.
وأخرج مسلم، وغيره من حديثه: " أنه جعل وليمتها التمر والأقط والسمن "، وهو في " الصحيحين " بنحو هذا.
وفيه التصريح بأنه ما كان فيها من خبز ولا لحم.
وفي " الصحيحين " أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أولم على شيء من نسائه ما أولم على زينب أولم بشاة.
وقد قال بوجوب وليمة العرس مالك، وقيل: إن المشهور عنه أنها مندوبة.

(3/137)


وروي الوجوب عن أحمد، وبعض الشافعية، وأهل الظاهر، وهو الحق.
ولم يأت في الأحاديث ما يشعر بصرف الأوامر بالوليمة عن المعنى الحقيقي (1) .
وأما كونها بشاة فأكثر، فيمكن أن يكون فعله صلى الله عليه وسلم صارفا للوجوب على فرض عدم الاختصاص به، ويمكن أن يكون الأمر بالشاة فما فوقها مقيدا بالتمكن من ذلك، فيكون واجبا مع التمكن.
وذهب الجمهور إلى أنها سنة غير واجبة.
( [حكم إجابة الداعي إلى وليمة العرس] :)
(ويجب الإجابة إليها) ، لحديث أبي هريرة في " الصحيحين "، وغيرهما: " شر الطعام طعام الوليمة؛ يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ".
وفيهما من حديث ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها ".
وفي لفظ لهما من حديثه: " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ".
وفي آخر لمسلم، وغيره من حديثه: " من دعي فلم يجب؛ فقد عصى الله ورسوله ".
__________
(1) وهذا هو الصواب - إن شاء الله -.

(3/138)


وفي " مسلم "، وغيره من حديث جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك ".
وفي لفظ من حديث أبي هريرة عند مسلم، وغيره:
" إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم ".
وقد نقل ابن عبد البر والقاضي عياض والنووي الاتفاق على وجوب الإجابة إلى وليمة العرس.
قال في " الفتح ": وفيه نظر.
نعم؛ المشهور من أقوال العلماء الوجوب.
وصرح جمهور الشافعية، والحنابلة بأنها فرض عين، ونص عليه مالك، وعن بعض الشافعية، والحنابلة أنها مستحبة.
وحكى في " البحر " عن الشافعي أن الإجابة إلى وليمة العرس مستحبة كغيرها.
والأدلة المذكورة تدل على الوجوب؛ لا سيما بعد التصريح بأن من لم يجب فقد عصى الله ورسوله.
أقول: أحاديث الأمر بإجابة دعوة الوليمة معناها حقيقة الوجوب، مقيدة بعدم المانع من منكر، أو مباهاة، أو حضور الأغنياء فقط، أو نحو ذلك.
ولم يأت ما يدل على صرف تلك الأوامر عن معناها الحقيقي، ووقع

(3/139)


الخلاف في إجابة دعوة غير العرس؛ هل تجب أم لا؟
فمن قال بالوجوب استدل بالرواية المطلقة المذكورة.
ومن قال بعدم الوجوب قال: المطلقة محمولة على المقيدة.
وقد أوضح الماتن ما هو الحق (1) في " شرح المنتقى ".
قال البغوي: " من كان له عذر؛ وكان الطريق بعيدا يلحقه المشقة؛ فلا بأس أن يتخلف ".
وفي " الأنوار ": " من شروط وجوب الإجابة إلى الوليمة أن يعم عشيرته، أو جيرانه، أو أهل حرفته؛ أغنياءهم وفقراءهم، فإن خص الأغنياء فلا يجب، ولو دعا أهل حرفته - وهم أغنياء - لزمتهم الإجابة ".
قال في " المسوى ": " في كونه شرطا لوجوب الإجابة نظر؛ لأن معنى كلام أبي هريرة إثبات الشرية لهذا الطعام بوجه من الوجوه، وإثبات المعصية لمن لم يأتها وذلك صادق بأن يكون تخصيص الأغنياء مكروها للداعي، ولا يكون مانعا لتأكد الإجابة ".
( [من يجيب إذا اجتمع الداعيان؟] :)
(ويقدم السابق ثم الأقرب بابا) ؛ لحديث حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن رجل من الصحابة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
__________
(1) • وهو وجوب الإجابة؛ ومن الأدلة على ذلك؛ قوله صلى الله عليه وسلم: " من دعي إلى عرس أو نحوه؛ فليجب "؛ رواه مسلم، وأبو داود في رواية عن ابن عمر.
انظر " الشوكاني " (6 / 152 - 153) . (ن)

(3/140)


" إذا اجتمع الداعيان؛ فأجب أقربهما بابا؛ فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا، وإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق "؛ أخرجه أحمد، وأبو داود، وفي إسناده زيد (1) بن عبد الرحمن الدالاني، وقد وثقه أبو حاتم، وضعفه ابن حبان (2) .
وأخرج البخاري، وغيره من حديث عائشة: أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن لي جارين؛ فإلى أيهما أهدي؟ فقال: " إلى أقربهما منك بابا "، فهذا يشعر باعتبار القرب في الباب.
( [شروط وجوب إجابة الدعوة] :)
(ولا يجوز حضورها إذا اشتملت على معصية) ؛ لحديث علي عند ابن ماجه (3) بإسناد رجاله رجال الصحيح، قال: صنعت طعاما؛ فدعوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء، فرأى في البيت تصاوير، فرجع.
وأخرج أبو داود، والنسائي، والحاكم من حديث ابن عمر، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مطعمين: عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل وهو منبطح على بطنه "، وفي إسناده انقطاع (4) .
__________
(1) • الصواب: " يزيد " كما في كتب الرجال، وهو مشهور بكنيته: أبو خالد. (ن)
(2) • وهذا هو الصواب؛ أنه ضعيف لكثره خطإه، ثم هو مدلس. (ن)
(3) • في " سننه " (2 / 323) ، وسنده صحيح.
وله عنده شاهد من حديث سفينة - رضي الله عنه -. (ن)
(4) • كذا قال! ولا أدري وجهه، بل لا معنى له؛ فإن الإسناد متصل؛ فإنه من طريق كثير بن هشام: ثنا جعفر بن برقان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه.
وقد سكت عنه أبو داود، وتبعه المنذري (5 / 353) ، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. =

(3/141)


وقد ورد النهي عن القعود على المائدة التي تدار عليها الخمر من حديث عمر عند أحمد بإسناد ضعيف (1) ، ومن حديث جابر عند الترمذي - وحسنه -.
وأخرجه أيضا أحمد، والنسائي، والترمذي، والحاكم من حديثه مرفوعا.
وفي الباب غير ذلك.
ويؤيده أدلة الأمر بالمعروف النهي عن المنكر؛ ومن ذلك:
" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ".
وهو في " الصحيحين "، وغيرهما.
__________
= ثم رجعت إلى الشوكاني؛ فإذا به يقول (6 / 157) : " وهو من رواية جعفر بن برقان، عن الزهري؛ ولم يسمع منه ".
أقول: ولم أجد قبل الشوكاني من نفى سماعه من الزهري! بل ظاهر عبارات الأئمة أنه سمع منه، ولكنهم ضعفوا حديثه عنه خاصة، كما قال أحمد: " إذا حدث عن غير الزهري؛ فلا بأس به، وفي حديث الزهري يخطئ "؛ ونحوه عن ابن معين وغيره، وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم في حديث الزهري "، وقال في " التهذيب ": " ومما أنكره العقيلي من حديثه عن الزهري حديث: " نهى عن مطعمين ... " الحديث ". (ن)
قلت: ثم حكم الشيخ في " الإرواء " (1982) بنكارة هذا الحديث؛ فانظره.
(1) • وهو كما قال، ولكن الحديث صحيح؛ لأن له طرقا كثيرة وشواهد أوردها المنذري في " الترغيب " (1 / 88 - 90) ، وقد تكلمت عليها في " التعليق الرغيب ".
ومن أقواها؛ حديث جابر المذكور؛ فقد صححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ: " إسناده جيد "، وهو كما قالوا، لولا أن أبا الزبير رواه عن جابر بالعنعنة.
لكن رواه الترمذي من طريق ليث، عن طاوس، عن جابر؛ فهذه متابعة قوية؛ بيد أن ليثا - وهو ابن أبي سليم - فيه ضعف من قبل حفظه، فيصلح شاهدا للطريق الأول. (ن)

(3/142)


( [الباب الثاني: أحكام العقيقة] )
( [حكم العقيقة] :)
(والعقيقة مستحبة) ، يدل على مشروعيتها حديث سلمان بن عامر الضبي عند البخاري، وغيره قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى ".
وأخرج أحمد، وأهل " السنن "، وصححه الترمذي، والحاكم، وعبد الحق من حديث الحسن، عن سمرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كل غلام رهينة بعقيقته؛ يذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه ".
وقد قيل: إن الحسن لم يسمع من سمرة إلا هذا الحديث (1) .
وأخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن
__________
(1) • ويشهد لسماعه لهذا الحديث عن سمرة ما ساقه النسائي (2 / 189) عقب هذا الحديث بسنده الصحيح، عن حبيب بن الشهيد؛ قال له محمد بن سيرين: سل الحسن ممن سمع حديثه في العقيقة؟ فسألته؟ فقال: سمعته من سمرة. فالحديث صحيح. (ن)

(3/143)


العقيقة؟ فقال: " لا أحب العقوق "، وكأنه كره الاسم، فقالوا: يا رسول الله {إنما نسألك عن أحدنا يولد له؟ قال: " من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل؛ عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة ".
فكان هذا الحديث دليلا على أن الأحاديث الواردة في رهن الغلام بعقيقته ليست على الوجوب؛ بل للاستحباب فقط، ولو كان واجبا لم يكن مفوضا إلى الإرادة (1) ، ولما قال: لمن أحب أن ينسك.
والأولى في تفسير قوله: " مرتهن بعقيقته ": أن العقيقة لما كانت لازمة؛ شبهت - باعتبار لزومها للمولود - بالرهن باعتبار لزومه.
وقيل: إن معنى كونه مرهونا بعقيقته: أنه لا يسمى، ولا يحلق شعره إلا بعد ذبحها، وبه صرح صاحب " المشارق "، و " النهاية ".
وقال أحمد بن حنبل: " إن معناه: إذا مات وهو طفل ولم يعق عنه؛ لم يشفع لأبويه ".
قلت: العقيقة سنة عند أكثر أهل العلم؛ إلا عند أبي حنيفة؛ فإنه قال: ليست بسنة.
( [ما يذبح عن الغلام والبنت] :)
(وهي شاتان عن الذكر وشاة عن الأنثى) - وبذلك قال الشافعي - لحديث عمرو بن شعيب المذكور؛ ولحديث عائشة عند أحمد، والترمذي، وابن حبان، والبيهقي - وصححه الترمذي - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
__________
(1) قلت: ويرد عليه مثل قوله تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم} ؛ فليس كل ما فوض إلى الإرادة يكون دليلا على صرف الأوامر إلى الاستحباب؛ فافهم}

(3/144)


" عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة ".
وأخرج نحوه أحمد، والنسائي، والترمذي، والحاكم، والدارقطني، وصححه الترمذي من حديث أم كرز الكعبية.
والمراد بقوله: " مكافأتان ": المستويتان أو المتقاربتان.
ولا يعارض هذه الأحاديث ما أخرجه أبو داود، والنسائي، وصححه عبد الحق وابن دقيق العيد من حديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا؛ لأن الأحاديث المتقدمة متضمنة للزيادة، وهي أيضا خطاب مع الأمة، فلا يعارضها فعله صلى الله عليه وسلم؛ كما تقرر في الأصول، والزيادة مقبولة إذا كانت غير منافية.
فلا يكون الفاعل للعقيقة متسننا؛ إلا إذا ذبح عن الذكر شاتين لا شاة واحدة.
وقد وقع الإجماع على أن العقيقة عن الأنثى شاة.
وأما الذكر فذهب الجمهور إلى أن العقيقة عنه شاتان.
وقال مالك: شاة.
وقال المحلي: " يحصل أصل السنة في عقيقة الذكر بشاة وكمال السنة شاتان.
وقال الشافعي: العقيقة في الأكل والتصدق كالأضحية، ويسن طبخها، ولا يكسر عظمها ". اهـ.

(3/145)


أقول: ليس على شيء مما ذكروه - من عدم الكسر، والفصل من المفاصل، وجميع العظام، ودفنها، وغير ذلك - دليل من كتاب ولا سنة، لا من عقل؛ بل هذه الأمور خيالات شبيهة بما يقع من النساء، ونحوهن من العوام؛ مما لا يعود على فاعله بنفع دنيوي ولا ديني.
( [وقت الذبح] :)
(يوم سابع المولود) ؛ لحديث سمرة المتقدم، ولأنه لا بد من فصل بين الولادة والعقيقة، فإن أهله مشغولون بإصلاح الوالدة والولد في أول الأمر، فلا يكلفون حينئذ بما يضاعف شغلهم.
وايضاً؛ فرب إنسان لا يجد شاة إلا بسعي، فلو سن كونها في أول يوم لضاق الأمر عليهم، والسبعة أيام مدة صالحة للفصل المعتد به غير الكثير.
( [وقت التسمية، وأحب الأسماء] :)
(وفيه يسمى) ، وأحب الأسماء إلى الله - تعالى - عبد الله وعبد الرحمن - كما في الحديث - لأنهما أشهر الأسماء، ولا يطلقان على غيره - تعالى -، بخلاف غيرهما، وأنت تستطيع أن تعلم من هذا سر استحباب تسمية المولود بمحمد وأحمد (1) .
فإن طوائف الناس أولعوا بتسمية أولادهم بأسماء أسلافهم المعظمين عندهم، وكان يكون ذلك تنويها بالدين، وبمنزلة الإقرار بأنه من أهله؛ وأصدق الأسماء همام، وحارث، وأخناها ملك الأملاك.
__________
(1) وحديث: " أحب الأسماء ما عبد وحمد ": فلا أصل له! ، انظر " الضعيفة " (408 - 411) .

(3/146)


( [وقت الحلق، والأذان في أذن المولود] :)
(ويحلق رأسه) ، وإماطة الأذى للتشبيه بالحاج، وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة (1) .
والسر فيه أن الأذان من شعائر الإسلام، وأعلام الدين المحمدي.
ومن خاصية الأذان أن الشيطان يفر منه، والشيطان يؤذي الولد في أول نشأته؛ حتى ورد في الحديث أن استهلاله لذلك (2) .
( [حكم التصدق بوزن شعر المولود ذهبا أو فضة] :)
(ويتصدق بوزنه ذهبا أو فضة) ؛ لأمره صلى الله عليه وسلم لفاطمة الزهراء - عليها السلام - أن تحلق شعر رأس الحسن، وتصدق بوزنه من الورق. أخرجه أحمد، والبيهقي، وفي إسناده ابن عقيل، وفيه مقال (3) .
ويشهد له ما أخرجه مالك، وأبو داود في " المراسيل "، والبيهقي من حديث جعفر بن محمد - زاد البيهقي - عن أبيه عن جده: " أن فاطمة وزنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، فتصدقت بوزنه فضة ".
وأخرج الترمذي والحاكم من حديث علي، قال: عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن شاة، وقال:
__________
(1) ضعيف " الضعيفة " (321) .
(2) كما في " صحيح البخاري " (4274) .
(3) • والمتقرر فيه أنه حسن الحديث؛ إلا عند المخالفة.
ولحديثه شواهد ذكرها المؤلف؛ ترتقي بها إلى الصحة. (ن)

(3/147)


" يا فاطمة! احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة "، فوزناه، فكان وزنه درهما أو بعض درهم.
وأخرج الطبراني في " الأوسط " عن ابن عباس، قال:
" سبعة من السنة في الصبي يوم السابع: يسمى، ويختن، ويماط عنه الأذى، ويثقب أذنه، ويعق عنه، ويحلق رأسه، ويلطخ بدم عقيقته، ويتصدق بوزنه ذهبا أو فضة "، وفي إسناده رواد بن الجراح، وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات.
وفي لفظه ما ينكر؛ وهو ثقب الأذن، والتلطخ بدم العقيقة.
وقد أخرج أبو داود (1) ، والنسائي، بإسناد صحيح من حديث بريدة الأسلمي، قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة، ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام؛ كنا نذبح شاة، ونحلق رأسه، ونلطخه بزعفران.
وقد أخرج نحوه ابن حبان، وابن السكن، وصححاه من حديث عائشة.
وقد ذهب الظاهرية، والحسن البصري إلى وجوب (2) العقيقة، وذهب الجمهور إلى أنها سنة، وذهب أبو حنيفة إلى أنها ليست فرضا ولا سنة، وقيل: إنها عنده تطوع.
__________
(1) • في " سننه " (2 / 9) ؛ وهو صحيح، كما قال المؤلف. (ن)
(2) • وكذلك قال الليث بن سعد، كما قال في " الفتح " (9 / 482) ، قال:
" وقد جاء الوجوب أيضا عن أبي الزناد، وهي رواية عن أحمد ". (ن)

(3/148)