السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام

كتاب الاستسقاء
2416 - عن عائشة قالت: "شكا الناس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قحوط المطر، فأمر بمنبره فوضع له في المصلى، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر - صلى الله عليه وسلم - وحمد الله -عز وجل- ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله -عز وجل- أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم. ثم قال: الحمد لله رب (العالمين) (1) الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللَّهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قرة وبلاغًا إلى حين. ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع حتى (بدا) (2) بياض إبطيه، ثم حوَّل إلى الناس ظهره، وقلب -أو حوَّل- رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله -عز وجل- فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن (3) ضحك - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجده، فقال: أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله".
رواه د (4).

2417 - عن عبد الله بن المازني قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى (فاستسقى) (5) وحول رداءه حين استقبل القبلة، وصلى ركعتين" (6) وفي لفظ (7):
__________
(1) سنن سنن أبي داود.
(2) في "الأصل": يرى. والمثبت من سنن أبي داود.
(3) الكِنُّ: ما يَرُدُّ الحر والبرد من الأبنية والمساكن. النهاية (4/ 206).
(4) سنن أبي داود (1/ 304 رقم 1173).
(5) في "الأصل": يستسقي. والمثبت من صحيح مسلم.
(6) صحيح مسلم (2/ 611 رقم 894/ 1).
(7) صحيح مسلم (2/ 611 رقم 894/ 2).

(2/441)


"وقلب رداءه" وفي لفظ (1): "فجعل إلى الناس ظهره يدعو الله".
رواه خ (2) م-وهذا لفظه- وفي البخاري (3): "ثم صلى (ركعتين) (4) جهر فيهما بالقراءة".
وله (5): "فقام فدعا الله قائمًا، ثم توجه قبَل القبلة، وحول رداءه (فأُسقوا) (6) ".
وفي لفظ له (7): قال سفيان: وأخبرني المسعودي عن أبي بكر قال: جعل اليمين على الشمال. وسفيان هو في الإسناد.
2417م- ورواه الإمام أحمد (8): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى، وعليه خميصة سوداء، فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فثقلت عليه، فقلبها عليه، الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن".
وله (8) أيضًا: " (إن) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استسقى لنا أطال الدعاء، وأكثر المسألة. قال: ثم تحول إلى القبلة، وحول رداءه، فقلب ظهرًا لبطن، وتحول الناس معه".
وروى ذكر الخميصة د (9) س (10) بنحوه.
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 611 رقم 894/ 4).
(2) صحيح البخاري (2/ 578 رقم 1012).
(3) صحيح البخاري (2/ 597 رقم 1024).
(4) في "الأصل": لنا. والمثبت من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (2/ 595 رقم 1023).
(6) تحرفت في "الأصل". والمثبت من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (2/ 598 رقم 1027).
(8) المسند (4/ 14).
(9) سنن أبي داود (1/ 302 رقم 1164).
(10) سنن النسائي (3/ 173 رقم 1506).

(2/442)


2418 - عن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال: "أرسلني أمير من الأمراء (إلى ابن عباس) (1) أسأله عن الصلاة في الاستسقاء، فقال ابن عباس: ما منعه أن يسألني؟ خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متواضعًا متبذلًا (2) متخشعًا مترسلاً متضرعًا (3)، فصلى ركعتين كما يصلي في العيد، لم يخطب خطبكم هذه".
رواه الإمام أحمد (4) -وهذا لفظه- د (5) س (6) ق (7) -كرواية الإمام أحمد- ت (8)، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه أبو عوانة الإسفراييني في صحيحه (9) وأبو حاتم البستي في كتابه (10).
وفي رواية أبي داود: "متبذلًا متواضعًا متضرعًا حتى أتى المصلى فرقى على المنبر، فلم يخطب خطبكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد".

2419 - عن طلحة قال: "أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء، فقال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلب رداءه فجعل يمينه على يساره ويساره على يمينه، وصلى ركعتين كبر في الأولى سبع تكبيرات وقرأ "سبح اسم ربك الأعلى" وقرأ في الثانية "هل أتاك
__________
(1) من المسند والسنن.
(2) التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع النهاية (1/ 111).
(3) التضرع: التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة. النهاية (3/ 85).
(4) المسند (1/ 355).
(5) سنن أبي داود (1/ 302 رقم 1165).
(6) سنن النسائي (3/ 156 رقم 1505).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 403 رقم 1266).
(8) جامع الترمذي (2/ 445 رقم 558، 559).
(9) صحيح أبي عوانة (2/ 122 - 123 رقم 2524).
(10) موارد الظمآن (1/ 268 رقم 630).

(2/443)


حديث الغاشية" وكبر فيها خمس تكبيرات".
رواه الدارقطني (1).

466 - ذكر أن صلاة الاستسقاء لا يؤذن لها ولا يقام لها
2420 - عن أبي إسحاق قال: "خرج عبد الله بن يزيد الأنصاري وخرج البراء ابن عازب وزيد بن أرقم، فاستسقي فقام لهم على رجليه -على غير منبر- فاستغفر، ثم صلى ركعتين يجهر بالقراءة، ولم يُؤذن ولم يُقم". قال أبو إسحاق: وروى (2) عن عبد الله بن يزيد (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
رواه خ (4).

2421 - عن أبي هريرة قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا يستسقي فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعًا يديه، ثم حول رداءه؛ فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن".
رواه الإمام أحمد (5) ق (6)، وهذا لفظه.
__________
(1) سنن الدارقطني (2/ 66 رقم 4).
(2) زاد بعدها في "الأصل": عن. وهي زيادة مقحمة.
(3) في صحيح البخاري: "ورأى عبد الله بن يزيد النبي - صلى الله عليه وسلم -". قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 596): كذا للأكثر، وللحموي وحده "وروى عبد الله بن يزيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -" ثم وجدته كذلك في نسخة الضغاني، فإن كانت روايته محفوظة احتمل أن يكون المراد أنه روى هذا الحديث بعينه، والأظهر أن مراده أنه روى في الجملة فيوافق قوله: "رأى" لأن كلاًّ منهما يثبت له الصحبة، أما سماع هذا الحديث فلا.
(4) صحيح البخاري (2/ 595 رقم 1022).
(5) المسند (2/ 326).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 403 - 404 رقم 1268).

(2/444)


467 - باب رفع اليدين في الاستسقاء
2422 - عن أنس بن مالك قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء؛ فإنه يرفع حتى يُرى بياض إبطيه".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2).

2423 - وعن أنس بن مالك: "أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلكت الماشية، هلكت العيال، هلكت الناس. فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه (يدعو) (3) ورفع الناس أيديهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعون، قال: فما خرجنا من المسجد حتى مُطِرنا، فما زلنا نُمَطر حتى كانت الجمعة الأخرى، فأتى الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، بشق (4) المسافر ومنع الطريق". رواه خ (5) بهذا اللفظ.

2424 - وعن أنس بن مالك: "أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة -من باب كان نحو دار القضاء- ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب، فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا، قال: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا. فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه، ثم قال: اللَّهم أغثنا، اللَّهم أغثنا. قال: لا واللَّه ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة (وما) (6) بيننا وبين سَلْع (7) من بيت ولا دار،
__________
(1) صحيح البخاري (2/ 600 - 601 رقم 1301).
(2) صحيح مسلم (2/ 612 رقم 893).
(3) من صحيح البخاري.
(4) قال البخاري: أي انسد. وقال ابن دريد: بشق: أسرع، مثل بشك، وقيل: معناه تأخر، وقيل: حُبس، وقيل: ملَّ، قيل: ضعَّف. النهاية (1/ 130).
(5) صحيح البخاري (2/ 599 رقم 1920).
(6) تكررت في "الأصل".
(7) سَلعْ: جبل بسوق المدينة. معجم البلدان (3/ 268).

(2/445)


قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت، فلا واللَّه ما رأينا الشمس سبتًا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب فاستقبله قائماً، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه، ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام (1) والظراب (2) وبطون الأودية ومنابت الشجر. قال: فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس".
قال شريك: فسألت أنس (بن مالك) (3) أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري (4).
وفي لفظ (5): "من باب كان وجاه المنبر"، وفيه: "هلكت المواشي"، وفيه: "فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللَّهم اسقنا، اللَّهم اسقنا، اللَّهم اسقنا. قال أنس: فلا واللَّه ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئًا". وفي آخره: "على الآكام والجبال والظراب والأودية ومنابت الشجر".
رواه خ -واللفظ له- م (6)، وفي لفظ لهما (7): "اللَّهم حوالينا ولا علينا. قال: فما جعل يشير بيديه إلى ناحية من السماء إلا تفرجت، حتى صارت المدينة
__________
(1) الإكام -بالكسر- جمع أكمة، وهي الرابية، وتجمع الإكام على أكم، والأكم على آكام. النهاية (1/ 59).
(2) الظراب: الجبال الصغار، واحدها: ظَرِب، بوزن كَتِف. النهاية (3/ 156).
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (2/ 589 رقم 1014).
(5) صحيح البخاري (2/ 581 - 582 رقم 1013).
(6) صحيح مسلم (2/ 612 - 614 رقم 897).
(7) صحيح البخاري (3/ 602 - 604 رقم 1033)، وصحيح مسلم (2/ 614 رقم 897/ 9).

(2/446)


مثل الجوبة (1)، حتى سأل الوادي قناة شهرًا، فلم يجيء أحد من ناحية إلا حدث بالجود".
وفي لفظ أيضًا: "وتكشطت المدينة فجعلت تمطر حولها وما تمطر المدينة، فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الإكليل (2) ". لفظ خ (3) م (4) نحوه.

2425 - عن عمير مولى آبي اللحم "أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي عند أحجار الزيت -قريب من الزوراء- قائمًا يدعو يستسقي رافعًا يديه قبل وجهه، لا يجاوز بهما رأسه".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) -واللفظ له- ورواه ت (7) س (8) عن عمير مولى آبي اللحم (عن آبي اللحم) (9).

2426 - عن أبي لبابة بن عبد المنذر قال: "استسقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اللَّهم اسقنا. فقال أبو لبابة: يا رسول الله، إن التمر في المربد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانًا فيسد ثعلب مربده (10) بإزاره. قال:
__________
(1) الجَوْبة: الحفرة المستديرة الواسعة، وكل منفتق بلا بناء جَوْبَة، أي حتى صار الغيم والسحاب محيطًا بآفاق المدينة. النهاية (1/ 310).
(2) يريد أن الغيم تقشع عنها واستدار بآفاقها. النهاية (4/ 197).
(3) صحيح البخاري (2/ 595 رقم 1201).
(4) صحيح مسلم (2/ 614 - 615 رقم 897/ 10).
(5) المسند (5/ 223).
(6) سنن أبي داود (1/ 303 رقم 1168).
(7) جامع الترمذي (2/ 443 رقم 557) وقال الترمذي: كذا قال قتيبة في هذا الحديث "عن آبي اللحم" ولا نعرف له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الحديث الواحد.
(8) سنن النسائي (3/ 158 - 159 رقم 1513).
(9) من سنني الترمذي والنسائي.
(10) المربد: موضع يجفف فيه التمر، وثعلبه: ثقبه الذي يسيل منه ماء المطر. النهاية (1/ 213).

(2/447)


وما نرى في السماء سحابًا، قال: فأمطرت، قال: فاجتمعوا إلى أبي لبابة، فقالوا: إنها إن تقلع حين تقوم عريانًا فتسد ثعلب مربدك بإزارك؛ كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ففعل فاستهلت السماء".
رواه أبو عوانة الإسفراييني (1).

468 - باب في صفة ما يدعى به في الاستسقاء
2427 - عن جابر بن عبد الله قال: "أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - بواكي (2)، فقال: اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مريئًا (3)، مريعًا (4) نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل. قال: فأطبقت عليهم السماء".
رواه د (5).

2428 - عن ابن عباس قال: "جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راعي ولا يخطر لهم فحل (6). فصعد المنبر فحمد الله، ثم قال: اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مريئًا سريعًا طبقًا (7) غدقًا (8)
__________
(1) صحيح أبي عوانة (2/ 120 رقم 2515).
(2) كذا في سنن أبي داود بالباء الموحدة، ورجح الخطابي في معالم السنن وابن الأثير في النهاية (5/ 218) "يواكئ" بالياء المثناة، وهذا الموضع يحتاج إلى بحث وتدقيق، واللَّه أعلم.
(3) يقال: مرأني الطعام وأمرأني إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبًا. النهاية (4/ 313).
(4) المريع: المُخْصب الناجع. النهاية (4/ 320).
(5) سنن أبي داود (1/ 303 رقم 1169).
(6) أي: ما يحرك ذنبه هزالًا لشدة القحط والجدب، يقال: خطر البعير بذنبه يخطر إذا رفعه وحطَّه، وإنما يفعل ذلك عند الشبع والسمن. النهاية (2/ 46).
(7) أي: مالئًا للأرض مغطيًا لها. يقال: غيث طبق أي عام واسع. النهاية (3/ 113).
(8) الغدق -بفتح الدال- المطر الكبار القطر. النهاية (3/ 345).

(2/448)


عاجلاً غير رائث (1). ثم نزل فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قالوا: قد أحيينا".
رواه ق (2) وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني في صحيحه (3).

2429 - عن شرحبيل بن السمط أنه قال لكعب: "يا كعب بن مرة حدثنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحذر. قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله، استسق الله -عز وجل- فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده، فقال: اللَّهم اسقنا غيثًا (مريئًا) (4) مريعًا طبقًا عاجلاً غير رائث نافعًا غير ضار. قال: قال: (فما جمعوا) (5) حتى أجيبوا (6). قال: فأتوا فشكوا إليه المطر، فقالوا: يا رسول الله، تهدمت البيوت. فقال: اللهم حوالينا ولا علينا. قال: فجعل السحاب ينقطع يمينًا وشمالًا".
رواه الإمام أحمد (7) ق (8) -وهذا لفظه- وعند الإمام أحمد: "أحيوا" بدل " أجيبوا".

2430 - عن أنس بن مالك: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج للاستسقاء، فتقدم فصلى بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، وكان يقرأ في العيدين والاستسقاء في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب و"سبح اسم ربك الأعلى" وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب "وهل أتاك حديث الغاشية" فلما قضى صلاته استقبل القوم بوجهه، وقلب رداءه،
__________
(1) أي: غير بطيء متأخر، راث علينا خبر فلان يريث إذا أبطأ. النهاية (2/ 287).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 404 - 405 رقم 1270).
(3) صحيح أبي عوانة (2/ 120 رقم 2516).
(4) من سنن ابن ماجه.
(5) في "الأصل": فاجتمعوا. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(6) في سنن ابن ماجه: أحيوا.
(7) المسند (4/ 235، 236).
(8) سنن ابن ماجه (1/ 404 رقم 1269).

(2/449)


ثم جثا على ركبتيه ورفع يديه وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي، ثم قال: اللَّهم اسقنا وأغثنا، اللَّهم اسقنا غيثًا مغيثًا، رحبًا ربيعًا، وجدًا طبقًا، غدقًا مغدقًا، مربعًا (1) عامًّا، هنيئًا مريئًا، مريعًا مرتعًا، وابلاً سابلاً (2)، مسبلاً مجللاً، ديمًا دررًا (3)، نافعًا غير ضار، عاجلاً غير رائث، غيثًا اللهم تحصي به البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضر منا والباد، اللَّهم أنزل علينا في أرضنا زينتها، وأنزل علينا في أرضنا سكنها، اللَّهم أنزل علينا من السماء ماءً طهورًا فأحصي به بلدة ميتًا، واسقه مما خلقت لنا أنعامًا وأناسي كثيرًا".
رواه ابن قتيبة في "غريب الحديث" (4) من طريق مجاشع بن عمرو (5) عن ابن لهيعة (6)، وكلاهما متكلم فيه.

2431 - عن عائشة بنت سعد أن أباها حدثها: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل واديًا (دهسًا) (7) لا ماء فيه، وسبقه المشركون إلى الفلاة فنزلوا عليها، وأصاب العطش المسلمين، فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونجم النفاق، فقال بعض المنافقين: لو كان نبيًّا كما يزعم لاستسقى لقومه كما استسقى موسى لقومه. فبلغ ذلك النبي
__________
(1) أي: عامًّا يغني عن الارتياد والنجعة، فالناس يربعون حيث شاءوا أي: يقيمون ولا يحتاجون إلى الانتقال في طلب الكلام. النهاية (2/ 188) وفي "الأصل" تشبه أن تكون "موبعًا" بالواو.
(2) أي: هاطلاً غزيراً، يقال: أسبل المطر والدمع إذا هطلا. النهاية (2/ 340).
(3) هو جمع درَّة، يقال للسحاب: درة أي: صب واندقاق، وقيل: الدرر الدارُّ كقوله تعالى: {دينًا قيمًا} أي: قائمًا. النهاية (2/ 112).
(4) لم أجده في غريب الحديث لابن قتيبة، والحديث رواه الطبراني في الأوسط (7/ 320 - 321 رقم 7619) من هذا الطريق.
(5) ترجمته في الجرح (8/ 390 رقم 1785) والكامل (8/ 217 - 218) وغيرهما.
(6) ترجمته في التهذيب (15/ 487 - 503).
(7) في "الأصل": دهشًا. بالشين المعجمة، والدهاس والدهس: ما سهل ولان من الأرض، ولم يبلغ أن يكون رملاً. النهاية (2/ 145).

(2/450)


- صلى الله عليه وسلم - فقال: أو قالوها، عسى ربكم أن يسقيكم. ثم بسط يديه، وقال: اللَّهم جللنا سحابًا (كثيفًا) (1) قصيفًا، دلوقًا حلوقًا، ضحوكًا زبرجًا (2) تمطرنا منه رذاذًا قطقِطَا (3) سجلاً (4) بُعاقًا (5)، يا ذا الجلال والإكرام. فما رد يديه من دعائه حتى أَظلتنا السحاب التي وصف، تتلون في كل صفة وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفات السحاب، ثم أمطرنا كالضروب التي سألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفعم (6) السيلُ الواديَ وشرب الناس (من) (7) الوادي فارتووا".
رواه أبو عوانة الإسفراييني في صحيحه (8).

2432 - وروى أبو عوانة (9) أيضًا عن سمرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استسقى قال: اللَّهم أنزل على أرضنا زينتك وسكنها".

2433 - ورواه (10) أيضا: عن (جعفر) (11) بن عمرو بن حريث عن أبيه عن جده قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نستسقي، فصلى بنا ركعتين، ثم قلب رداءه
__________
(1) في "الأصل": كسفًا. والمثبت من صحيح أبي عوانة.
(2) الزبرج: السحاب الرقيق فيه حمرة. العجم الوسيط (1/ 402).
(3) القطْقِط: المطر المتتابع، والقطقط: صغار البَرَد. المعجم الوسيط (2/ 776).
(4) السَّجْل: الصب، يقال: سجلت الماء سجلا إذا صببته صبًا متصلاً. النهاية (2/ 344).
(5) البُعاق -بالضم-: المطر الكثير الغزير الواسع. النهاية (1/ 141).
(6) أي: ملأه. النهاية (3/ 460).
(7) من صحيح أبي عوانة.
(8) صحيح أبي عوانة (2/ 119 رقم 2514).
(9) صحيح أبي عوانة (2/ 122 رقم 2523).
(10) صحيح أبي عوانة (2/ 123 - 124 رقم 2528).
(11) في "الأصل": حفص. والمثبت من صحيح أبي عوانة، وجعفر بن عمرو بن حريث ترجمته في التهذيب (5/ 69 - 70) وسيأتي على الصواب.

(2/451)


ورفع يديه، فقال: اللهم ضاحت (1) (جبالنا) (2) واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا، معطي الخيرات من أماكنها، ومنزل الرحمة من معادنها، ومجري البركات على أهلها بالغيث المغيث، أنت المستغفر الغفار فنستغفرك للحامات من ذنوبنا ونتوب إليك من عوام خطايانا، اللهم فأرسل السماء علينا مدرارًا، واصل بالغيث، واكفًا من تحت عرشك حيث ينفعنا، ويعود علينا غيثا (مغيثًا) (3) عامًّا طبقًا مجللاً غدقًا خصيبًا رايعًا ممرع النبات".
هو من حديث المسيب بن شريك عن جعفر بن عمرو، وقد تكلم في المسيب غير واحد من الأئمة (4).

2434 - وروى (5) أيضًا عن عامر بن خارجة بن سعد عن جده سعد "أن قومًا شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قحط المطر، قال: فقال: اجثوا على الركب، ثم قولوا: يا رب يا رب. قال: ففعلوا، فسُقوا حتى أحبوا أن (يكشف) (6) عنهم".

2435 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استسقى، قال: اللَّهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت".
رواه د (7)، ومن رواية مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن رواية سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب
__________
(1) ضاحت البلاد ونحوها ضيحًا: خلت جدبًا. المعجم الوسيط (1/ 567).
(2) في "الأصل": جبالها. والمثبت من صحيح أبي عوانة.
(3) من صحيح أبي عوانة.
(4) ترجمته في الجرح والتعديل (8/ 294 رقم 1353).
(5) صحيح أبي عوانة (2/ 124 رقم 2530).
(6) في صحيح أبي عوانة: يكف.
(7) سنن أبي داود (1/ 305 رقم 1176).

(2/452)


عن أبيه عن جده. قال أبو داود: وهذا لفظ حديث مالك.

2436 - عن الشعبي قال: "خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار، فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت الغيث بمجاديح (1) السماء الذي يستنزل به المطر. ثم قرأ: (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) (2) الآية".
رواه سعيد بن منصور.

469 - باب منه
2437 - عن عبد الله بن دينار: "وسمعت ابن عمر يتمثل بشعر أبي طالب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجههِ ... ثِمال (3) اليتامى عصمة للأراملِ
وقال عمرو بن حمزة: ثنا سالم عن أبيه: "وربما ذكرت قول الشاعر -وأنا انظر إلى وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستسقي، فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب-:
وأبيض يستسقى الغمام بوجههِ ... ثِمال اليتامى عصمة للأراملِ
وهو قول أبي طالب".
رواه خ (4).

2438 - عن أنس (أن) (5) عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "كان إذا
__________
(1) قال أبو عُبيد في غريب الحديث (2/ 32 - 33): المجاديح واحده مجدح، وهو كل نجم من النجوم ... والذي يراد من هذا الحديث أنه جعل الاستغفار استسقاء بتأول قول الله تبارك وتعالى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} وإنما نرى أن عمر تكلم بهذا على أنها كلمة جارية على ألسنة العرب، ليس على تحقيق الأنواء، ولا على التصديق بها.
(2) سورة هود، الآية: 52.
(3) الثمال -بالكسر- الملجأ والغياث، وقيل: هو المعظم في الشدة. النهاية (1/ 222).
(4) صحيح البخاري (2/ 574 رقم 1008، 1009).
(5) في "الأصل": بن. والمثبت من صحيح البخاري.

(2/453)


قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- فقال: اللَّهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا (1) فاسقنا. فيسقون".
رواه خ (2).

2439 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خرج نبي من الأنبياء يستسقي، فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء، فقال: ارجعوا فقد استجيب لكم، من أجل شأن النملة".
رواه الدارقطني (3).

470 - ذكر استشفاع المشركين إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عند القحط
2440 - عن ابن مسعود قال: "إن قريشًا أبطئوا عن الإسلام، فدعا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها، وأكلوا الميتة والعظام، فجاءه أبو سفيان فقال: يا محمد، جئت تأمر بصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله. فقرأ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (4)، ثم عادوا إلى كفرهم، فذلك قوله: (يَوْمَ نَبْطِش) (5) يوم بدر، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسقوا الغيث فأطبقت
__________
(1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 575): "وقد روى عبد الرزاق من حديث ابن عباس: "أن عمر استسقى بالمصلى، فقال للعباس: قم فاستسق. فقام العباس ... " فذكر الحديث، فتبين بهذا أن في القصة المذكورة أن العباس كان مسئولًا، وأنه ينزل منزلة الإمام إذا أمره الإمام بذلك.
(2) صحيح البخاري (2/ 574 رقم 1010).
(3) سنن الدارقطني (2/ 66 رقم 1).
(4) سورة الدخان، الآية: 10.
(5) سورة الدخان، الآية: 16.

(2/454)


عليهم سبعًا، وشكا الناس كثرة المطر، فقال: اللهم حوالينا ولا علينا. فانحدرت السحابة عن رأسه، فسُقوا الناس حولهم" (1).
وفي لفظ (2): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى من الناس إدبارًا قال: اللَّهم سبع كسبع يوسف. فأخذتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد، إنك تأمرنا بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم. قال الله -عز وجل-: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إلي قوله {عَائِدُونَ (15) يوْمَ نَبطِشُ البَطْشَةَ} (3) يوم بدر، وقد مضت الدخان والبطشة واللزام، وآية الروم".
رواه خ-وهذا لفظه- م (4).

471 - باب
2441 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرَّ به، وذهب عنه ذلك. قالت عائشة: فسألته فقال: إني خشيت أن يكون عذابًا سلط على أمتي. ويقول: إذا رأى المطر: رحمة" (5).
ولفظ لفظ (6) "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الريح قال: اللَّهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما
__________
(1) صحيح البخاري (2/ 592 رقم 1020).
(2) صحيح البخاري (2/ 572 رقم 1007).
(3) سورة الدخان، الآيات: 10 - 16.
(4) صحيح مسلم (4/ 2155 - 2156 رقم 2798).
(5) صحيح مسلم (2/ 616 رقم 899/ 14).
(6) صحيح مسلم (2/ 616 رقم 899/ 15).

(2/455)


فيها، وشر ما أرسلت به. قالت: وإذا تخيلت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سري عنه، فعرفت ذلك (في وجهه. قالت) (1) عائشة فسألته فقال: لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (2) ".
رواه خ (3) م، وهذا لفظه.

2442 - ولهما (4) - واللفظ لمسلم- عن عائشة أنها قالت: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى منه لهواته (5) (إنما كان يبتسم) (1)، قالت: وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف ذلك في وجهه، فقالت: يا رسول الله، أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية. قالت: فقال: يا عائشة، ما يؤمني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا: (هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا) (6) ".

2443 - وعن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى المطر قال: صيبًا نافعًا".
رواه خ (7).

2444 - عن أنس قال: "أصابنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطر فحسر ثوبه
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) سورة الأحقاف، الآية: 24.
(3) صحيح البخاري (6/ 347 رقم 3206).
(4) صحيح البخاري (8/ 441 رقم 4828، 4829)، وصحيح مسلم (2/ 616 - 617 رقم 899/ 16).
(5) اللَّهوات: جمع لهاة، وهي اللحمات في سقف أقصى الفم. النهاية (4/ 284).
(6) سورة الأحقاف، الآية: 24.
(7) صحيح البخاري (2/ 601 - 602 رقم 1023).

(2/456)


حتى أصابه من المطر، فقلت: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه".
رواه م (1).

2445 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "نصرت بالصَّبا (2)، وأهلكت عاد بِالدَّبُورِ".
رواه خ (3) م (4).

2446 - عن أنس بن مالك قال: "رأيت الريح الشديدة إذا (هبت) (5) عرف ذلك في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم -".
رواه خ (6).

2447 - عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: "صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية -على إثر سماء كانت من الليلة- فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل على الناس، فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته. فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: بنوء كذا وكذا. فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 615 رقم 898).
(2) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 605). بفتح المهملة بعدها موحدة مقصورة، يقال لها: القبول- بفتح القاف- لأنها تقابل باب الكعبة إذ مهبها من مشرق الشمس، وضدها الدبور، وهي التي أهلكت بها قوم عاد.
(3) صحيح البخاري (2/ 604 رقم 1053).
(4) صحيح مسلم (2/ 617 رقم 900).
(5) في "الأصل": ذهبت. والمثبت من صحيح البخاري.
(6) صحيح البخاري (2/ 604 رقم 1034).

(2/457)


رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2).

2448 - عن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مفتاح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: لا يعلم أحد ما يكون في غد، ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام، ولا تعلم نفس ما تكسب غدًا، وما تدري نفس بأي أرض تموت، وما يدري أحد متى يجيء المطر".
رواه خ (3) له.

2449 - عن علي -عليه السلام- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَتَجْعَلونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (4) قال: "شكركم (تقولون) (5) مطرنا بنوء كذا وكذا، بنجم كذا وكذا".
رواه الإمام أحمد (6) ت (7) وقال: حديث حسن غريب (8).
__________
(1) صحيح البخاري (1/ 606 - 607 رقم 1038).
(2) صحيح مسلم (1/ 83 - 84 رقم 71).
(3) صحيح البخاري (2/ 906 رقم 1039).

2449 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 191 رقم 571).
(4) سورة الواقعة، الآية: 82.
(5) من جامع الترمذي، واللفظ له.
(6) المسند (1/ 108، 131).
(7) جامع الترمذي (5/ 374 رقم 3295).
(8) كذا في تحفة الأشراف (7/ 402 رقم 10173) وتحفة الأحوذي (9/ 182 رقم 3349)، وفي جامع الترمذي: حسن غريب صحيح.

(2/458)


تم المجلد الثاني بحمد اللَّه
يتلوه -إن شاء اللَّه- في المجلد الثالث
باب التحريض على قيام الليل

(2/537)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

استدراك
(ص 9) حديث ابن عمر أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقيموا الصفوف ... " 1211 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 193 - أ).
(ص 14) حديث أبي بن كعب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "كونوا في الصف الذي يليني ... " 1227 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 29 - 31 رقم 1257 - 1259).
(ص 19) حديث ابن عباس "صليت إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعائشة تصلي معنا، وأنا إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلي معه" 1244 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 247 - 248 رقم 278، 279).
(ص53) حديث عبد اللَّه بن الزبير "صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة" 1283 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 301 رقم 257).
(ص35) حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نؤخر السحور" 1284 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 208 - 209 رقم 200، 201).
(ص 46) حديث عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعلكم تقرءون خلف إمامكم" 1311 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 339 - 341 رقم 411 - 414).
(ص57) حديث ابن أبي أوفى في الذي لا يستطيع أن يأخذ شيئًا من القرآن 1341 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 101 - 102 رقم 166 - 169).
(ص 63) حديث ابن عمر "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب "قل يا أيها الكافرون" و"قل هو اللَّه أحد" 1360 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 136

(2/539)


- أ) ونقل عن الدارقطني أن أحد رواته لا يتابع عليه.
(ص 69) حديث ابن عمر "إن كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ليأمرنا بالتخفيف وإن كان ليؤمنا بـ "الصافات" 1379 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 145 - أ).
(ص 90) حديث ابن عباس "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من خلفه فرأيت بياض إبطيه، وهو مجخ قد فرج يديه" 1447 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 490 - 493 رقم 473 - 478).
(ص 94) حديث ابن عمر رفعه "اليدان تسجدان كما يسجد الوجه ... " 1458 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 209 - ب).
(ص 107) حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هكذا الإخلاص. يشير بأصبعه التي تلي الإبهام ... " 1499 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 486 - 487 رقم 468 - 470).
(ص 109) حديث ابن عمر في التشهد 1503 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 197 ب).
(ص512) حديث علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مفتاح الصلاة الطهور ... " 1547 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 341 - 342 رقم 718 - 719).
(ص 140) حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص في التسبيح دبر الصلوات 1583 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 244 - 245).
(ص 140) حديث عبد اللَّه بن عمرو في عقد النبي التسبيح بيمينه 1584 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 245 - ب).
(ص 148) حديث ابن عباس "قنت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ... " 1610 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 297/ 299 رقم 294 - 298).
(ص 158) حديث ابن عباس "كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يلتفت في صلاته يمينًا

(2/540)


وشمالًا، ولا يلوي عنقه" 1636 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 297 - 299 رقم 294 - 298).
(ص 159) حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء أن تلتمع" 1640 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 152 - 153).
(ص 164) حديث ابن عمر في النهي عن الصلب في الصلاة 1657 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 184 رقم 292، 293).
(ص 166) حديث ابن الزبير "صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة" 1664 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 301 رقم 257).
(ص 179) حديث ابن عمر في سجود السهو 1700 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 229 - ب).
(ص 179) حديث ابن عباس في السهو وفيه قصة ابن الزبير 1701 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 222 - 224 رقم 217، 218).
(ص 189) حديث ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمى سجدتي السهو المرغمتين" 1718 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 119 - 120 رقم 145، 146) ونقل تضعيف الأئمة لعبد اللَّه بن كيسان راويه.
(ص 192) حديث علي "كانت لي ساعة من السحر أدخل فيها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... " 1726 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 373 - 274 رقم 757).
(ص 201) حديث علي "كان لي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة آتيه فيها ... " 1753 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 373 - 374 رقم 757).
(ص 204) حديث عامر بن ربيعة 1759 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 189 رقم 215).
(ص 210) حديث أبن عباس قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "ليؤذن لكم خياركم ... " 1776 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 325 - 326 رقم 328،

(2/541)


329) وقال: قال الدارقطني: تفرد به حسين بن عيسى -أخو سليم المقرئ- عن الحكم.
(ص 219) حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلوا على من قال لا إله إلا اللَّه، وصلوا وراء كل من قال لا إله إلا الله" 1802 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 232 - ب).
(ص 230) حديث ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي: أصليت معنا ... " 1836 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 147 - ب).
(ص 235) حديث ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على بساط" 1856 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 17 رقم 16).
(ص 250) حديث ابن عمر "رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرًا يقرأ في الركعتين قبل الفجر "قل يا أيها الكافرون" و"قل هو الله أحد" 1908 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 196 - ب).
(ص 254) حديث عبد اللَّه بن السائب "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر ... " 1920 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 394 - 395 رقم 366، 367).
(ص 255) حديث ابن عمر "رحم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا" 1925 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 204 - أ).
(ص 259) حديث ابن عباس "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطيل الركعتين بعد المغرب حتى يتفرق أهل المسجد" 1935 - خرجه الضياء في المختارة (10 - 101 - 102 رقم 97 - 99).
(ص 260) حديث عبد الله بن الزبير "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا صلى العشاء ركع أربع ركعات ... " 1940 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 338 - 339 رقم 305 - 306).

(2/542)


(ص256) حديث عبادة بن الصامت أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمس صلوات كتبهن اللَّه على العباد ... " 1952 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 364 - 366 رقم 447 - 450).
(ص258) حديث أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس، يقرأ في الركعة الأولى ... "، قال الدارقطني: قال لنا أبو بكر -يعني: ابن أبي داود- هذه سنة تفرد بها أهل البصرة، وحفظها أهل الشام.
(ص 294) حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأيتم آية فاسجدوا" 2042 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 321 - 323 رقم 323، 324).
ورواه الترمذي (5/ 665 رقم 3891) وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
(ص 296) حديث ابن عباس في صلاة التسبيح 2046 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 326 - 329 رقم 330 - 332).
(ص 312) حديث ابن عمر في قصر الصلاة في السفر 2091 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 137 - 138 رقم 219 - 221).
(ص 330) حديث عبد اللَّه بن أنيس في صلاة الطالب للعدو 2137 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 28 - 30 رقم 12 - 13).
(ص 344) حديث عبد اللَّه بن سلام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته" 2178 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 450 - 451 رقم 422، 423).
(ص 351) حديث عبد اللَّه بن سلام في ساعة الإجابة يوم الجمعة 2202 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 443 - 445 رقم 417 - 419).
(ص 373) حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو ... " 2260 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 230 رقم 208، 209).

(2/543)


(ص 379) حديث عبد الله بن بسر فيمن تخطى رقاب الناس يوم الجمعة 2273 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 48 - 50 رقم 23 - 26).
(384) حديث عطاء بن أبي رباح عن ابن الزبير وابن عباس في اجتماع الجمعة والعيد 2288 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 190 - 191 رقم 178).
(ص 387) حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها فقد أدرك الصلاة" 2297 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 152 - ب).
(ص 389) حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور ... " 2303 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 220 - أ).
(ص 396) "عن يزيد بن جبير الرحبي" كذا وقع في "الأصل" والصواب: "يزيد بن خمير" كما في سنني أبي داود وابن ماجه، ويزيد بن خمير ترجمته في التهذيب (32/ 116 - 119).
(ص 410) حديث عبد الله بن السائب "شهدت مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - العيد ... " 2357 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 388 - 389 رقم 358 - 360) ونقل عن النسائي قوله: هذا خطأ، والصواب مرسل.
(ص 412) حديث جابر "خرج رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر أو أضحى فخطب قائمًا، ثم قعد قعدة، ثم قام" قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 422): هذا إسناد فيه إسماعيل بن مسلم، وقد أجمعوا على ضعفه، وأبو بحر ضعيف.
(ص 443) حديث ابن عباس في صلاة الاستسقاء 2418 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 501 - 503 رقم 486 - 489).
(ص 448) حديث ابن عباس في الدعاء في الاستسقاء 2418 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 527 - 528 رقم 510، 511).
تمت -بحمد الله تعالى- استدراكات المجلد الثاني.

(2/544)


السُّنَنُ وَالأحْكَامُ عَن المُصْطَفَى
عَلَيهِ أَفْضَل الصَّلاَة والسَّلاَم
لِلإمَامِ الحَافِظ ضيَاء الدِّين المقدسيِّ أَبِي عَبْد الله محَمَّد بْن عَبْد الوَاحد
صَاحِبُ المُخْتَارَة (569 - 643هـ)
تقديم فضيلة الدكتور
أَحْمَد بْن معْبد عَبْد الكَرِيم
تحقيق
أَبي عَبد الله حُسَين بْن عُكَاشَة
المُجَلَّدُ الثَّالِثُ
قِيَامُ اللَّيْلِ - الصِّيَاَمُ
النَّاشِر
دَارُ مَاجِد عَسيرِي

(3/1)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(3/2)


السُّنَنُ وَالأحْكَامُ عَن المُصْطَفَى
عَلَيهِ أَفْضَل الصَّلاَة والسَّلاَم

(3/3)


حقوق الطبع محفوظة للناشر
الطبعة الأولى
1425هـ - 2004م
الناشر
دار ماجد عَسيرِي للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية - جده -21412
ص. ب 15126
الإدارة- 6651648 - فاكس 6657529
جوال 055323116 وجوال 055623705
المبيعات ت/ 6631403 - جوال 054346151

(3/4)


471 - باب التحريض علي قيام الليل
2450 - عن أم سلمة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استيقظ ليلة، فقال: سبحان الله، ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب الحجرات، يا رُبَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة".
رواه خ (1).

2451 - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فقال: ألا تصليان؟ فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا. فانصرف حين قلت ذلك، ولم يرجع إليَّ شيئًا، ثم سمعته وهو مولٍ يضرب فخذه، وهو يقول: وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً".
رواه خ (2) -واللفظ له- م (3).

2452 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم من الليل فترك قيام الليل".
رواه خ (4) م (5).

2453 - عن ابن عمر قال: كان الرجل في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وكنت غلامًا شاباً عزبًا، وكنت أنام في المسجد -على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - فرأيت كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطيِّ
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 13 رقم 1126).
(2) صحيح البخاري (3/ 13 رقم 1127).
(3) صحيح مسلم (1/ 537 - 538 رقم 775).
(4) صحيح البخاري (3/ 45 رقم 1152).
(5) صحيح مسلم (2/ 814 رقم 1159).

(3/5)


البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار. قال: فلقيهما ملك، فقال لي: لم تُرعَ. فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل. قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً".
رواه خ (1) م (2) -واللفظ له- وفي بعض ألفاظ البخاري (3): "لم ترع، خليا عنه".

2454 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان".
رواه خ (4) م (5).

2455 - عن عبد الله -هو ابن مسعود-: "ذكر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل نام ليلة حتى أصبح، قال: ذلك رجل بال الشيطان في أذنيه -أو قال: أذنه".
رواه خ (6) م (7) وهذا لفظه.

2456 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله رجلاً قام من
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 8 - 9 رقم 1121).
(2) صحيح مسلم (14/ 927 - 1928 رقم 2479).
(3) صحيح البخاري (3/ 48 رقم 1156).
(4) صحيح البخاري (3/ 30 رقم 1142).
(5) صحيح مسلم (1/ 538 رقم 776).
(6) صحيح البخاري (3/ 34 رقم 1144).
(7) صحيح مسلم (1/ 537 رقم 774).

(3/6)


الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء" (1).
رواه د (2) ق (3).

2457 - عن عبد الله بن سلام قال: "لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة انجفل (4) الناس إليه، وقيل: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما استبنت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء تكلم به: يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام".
رواه الإمام أحمد (5) ق (6) ت (7)، وقال: حديث حسن صحيح.

2458 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
رواه م (8).

2459 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كُتب من القانتين، ومن قام بألف آيةكتب من المقنطرين (9) ".
__________
(1) رواه النسائي (3/ 19 - 20 رقم 1609) أيضًا.
(2) سنن أبي داود (2/ 33 رقم 1308).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 424 رقم 1336).
(4) أي: ذهبوا مسرعين نحوه. النهاية (2/ 279).
(5) المسند (5/ 154).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 423 رقم 1334. 2/ 1083 رقم 3251).
(7) جامع الترمذي (4/ 562 - 563 رقم 2485).
(8) صحيح مسلم (2/ 821 رقم 1163).
(9) أي: أعطي قنطارًا من الأجر. النهاية (4/ 113).

(3/7)


رواه أبو داود (1).

2460 - عن حذيفة قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه (2) أمرٌ صلى".
رواه الإمام أحمد (3) د (4).

2461 - عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا استيقظ الرجل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين، كتبا من الذاكرين والذاكرات".
رواه د (5) س (6) ق (7) واللفظ له.

2462 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قالت أم سليمان ابن داود لسليمان: يا بني، لا تكثر النوم بالليل؛ فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيراً يوم القيامة".
رواه ق (8)، من رواية يوسف بن محمد بن المنكدر، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة (9).

2463 - عن عبد الله بن أبي القيس قال: قالت عائشة: "لا تدع قيام الليل؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا".
رواه د (10).
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 57 رقم 1398).
(2) أي: إذا نزل به مهم أو أصابه غم. النهاية (1/ 377).
(3) المسند (5/ 388).
(4) سنن أبي داود (2/ 35 رقم 1319).
(5) سنن أبي داود (2/ 33 رقم 1309).
(6) السنن الكبرى (1/ 413 رقم 1310).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 423 - 424 رقم 1335).
(8) سنن ابن ماجه (1/ 442 رقم 1332).
(9) ترجمته في التهذيب (32/ 456 - 457).
(10) سنن أبي داود (2/ 32 رقم 1307).

(3/8)


472 - باب التسوك بالليل
2464 - عن حذيفة قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يشوص (1) فاه بالسواك".
رواه خ (2) م (3).

2465 - وعن حذيفة قال: "كنا نؤمر بالسواك إذا قمنا من الليل".
رواه س (4).

2466 - عن عائشة: "أن سعد بن هشام سألها عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ".
رواه م (5).

473 - باب ذكر ما يستفتح به قيام الليل
2467 - عن ابن عباس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يتهجد قال: اللَّهم لك الحمد، أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق،
__________
(1) أي: يدلك أسنانه وينقيها، وقيل: هو أن يستاك من سفل إلى علو، وأصل الشوص: الغسل. النهاية (2/ 509).
(2) صحيح البخاري (1/ 424 رقم 245).
(3) صحيح مسلم (1/ 220 رقم 255).
(4) سنن النسائي (3/ 212 رقم 1622).
(5) صحيح مسلم (1/ 512 - 514 رقم 746).

(3/9)


والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق، اللَّهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت -أو لا إله غيرك".
قال سفيان: وزاد عبد الكريم أبو أمية: "ولا حول ولا قوة إلا باللَّه".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2).
وفي لفظ لهما (3): "أنت رب السماوات والأرض" بدل "لك ملك السماوات والأرض" وفي آخره: "أنت إلهي، لا إله إلا أنت".
وفي لفظ مسلم: إ أنت قيام السماوات والأرض".
وللنسائي (4) وفي آخره: "ولا حول ولا قوة إلا بالله".
وعند ابن ماجه (5): "ولا حول ولا قوة إلا بك".

2468 - عن عبادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تعارَّ (6) من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد للَّه، وسبحان الله، واللَّه أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي -أو دعا- استجيب له، فإن توضأ (7) قبلت صلاته".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 5 رقم 1120).
(2) صحيح مسلم (1/ 532 - 533 رقم 769).
(3) صحيح البخاري (3/ 432 - 433 رقم 7442)، وصحيح مسلم (1/ 532 - 533 رقم 769).
(4) سنن النسائي (3/ 209 - 210 رقم 1618).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 430 - 431 رقم 1355).
(6) أي: هبَّ من نومه واستيقظ. النهاية (1/ 190).
(7) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 49): في رواية أبي ذر وأبي الوقت: "فإن توضأ وصلى".

(3/10)


رواه خ (1).

2469 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: "سألت عائشة أم المؤمنين بأي شيء كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك؛ إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".
رواه م (2).

2470 - عن عاصم بن حميد قال: "سألت عائشة ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح به قيام الليل؟ قالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان يكبر عشرًا، ويحمد عشرًا، ويسبح عشرًا، ويستغفر عشرًا، ويقول: اللهم اغفر لي واهدني (وارزقني) (3) وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) ق (6) -وهذا لفظه- س (7).

2471 - عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: "كنت أبيت عند حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكنت أسمعه إذا قام من الليل يقول: (سبحان الله رب العالمين. الهوي، ثم يقول) (8): سبحان الله وبحمده الهوي (9) ".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 47 - 48 رقم 1154).
(2) صحيح مسلم (1/ 534 رقم 770).
(3) من سنن ابن ماجه.
(4) المسند (6/ 143) عن ربيعة الجرشي عن عائشة.
(5) سنن أبي داود (1/ 203 - 204 رقم 766).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 431 رقم 1356).
(7) سنن النسائي (3/ 208 - 209 رقم 1616).
(8) من المسند وسنن النسائي وابن ماجه.
(9) الهَوي -بالفتح- الحين الطويل من الزمان، وقيل: هو مختص بالليل. النهاية (5/ 285).

(3/11)


رواه الإمام أحمد (1) د (2) س (3) ق (4) ت (5) وقال: حديث حسن صحيح.

2472 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين". رواه م (6).

2473 - وعن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين. رواه م (7) أيضًا.

474 - باب إِذا قام من الليل فاستعجم القرآن على لسانه ونحوه
2474 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم؛ فإنَّ أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب (يستغفر) (8) فيسب نفسه".
رواه خ (9) م (10).

2475 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه، فلم يدر ما يقول فليضطجع".
__________
(1) المسند (4/ 57).
(2) سنن أبي داود (2/ 35 رقم 1320) بلفظ آخر.
(3) سنن النسائي (3/ 208 - 209 رقم 1617).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 1276 - 1277 رقم 3879).
(5) جامع الترمذي (5/ 448 رقم 1316).
(6) صحيح مسلم (1/ 532 رقم 768).
(7) صحيح مسلم (1/ 532 رقم 767).
(8) في "الأصل": فيستغفر. والمثبت من صحيح مسلم.
(9) صحيح البخاري (1/ 375 رقم 212).
(10) صحيح مسلم (1/ 542 - 543 رقم 786) واللفظ له.

(3/12)


رواه م (1).

2476 - عن أنس قال: "دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (المسجد) (2) وحبل ممدود بين ساريتين فقال: ما هذا؟ قالوا: زينب تصلي، فإذا كَسلت -أو فترت- أمسكت به. فقال: حلوه، فليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل -أو فتر- فليقعد".
رواه خ (3) م (4) -واللفظ له- ورواه د (5) من طريقين فقال: ما هذا الحبل؟ فقيل: يا رسول الله، حمنة بنت جحش تصلي، فإذا أعيت تعلقت به. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لتصلِّ ما أطاقت فإذا أعيت فلتجلس".
والطريق الآخر: "قالوا: لزينب".

2477 - عن عروة أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته: "أن الحولاء بنت تويت ابن حبيب بن أسد بن عبد العزى مرَّت بها -وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقلت: هذه الحولاء بنت تويت، وزعموا أنها لا تنام الليل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تنام الليل! خذوا من العمل ما تطيقون، فوالله لا (يسأم) (6) الله حتى تسأموا" (7).
وفي لفظ (8): "لا يمل حتى تملوا، وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه" (9).
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 543 رقم 787).
(2) من صحيح مسلم.
(3) صحيح البخاري (3/ 43 رقم 1150).
(4) صحيح مسلم (1/ 541 - 542 رقم 784).
(5) سنن أبي داود (2/ 33 - 34 رقم 1312).
(6) في "الأصل": يسأموا. والمثبت من صحيح مسلم.
(7) صحيح مسلم (1/ 542 رقم 785).
(8) صحيح مسلم (1/ 542 رقم 785/ 221).
(9) أي: لا يمل الله إذا مللتم؛ فإن العرب تقول: هذا الفرس لا يُسبق حتى تُسبق الخيل. يعني لا يُسبق إذا سبقت الخيل؛ إذ لو كان معناه يُسبق إذا سبقت الخيل لم يكن له مزية. انظر: شرح مشكل الآثار (2/ 118)، وفتح الباري (1/ 126).

(3/13)


رواه خ (1) م، وهذا لفظه.

2478 - عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِل أي العمل أحب إلى الله؟ قال: أدومه، وإن قل".
رواه خ (2) م (3).

2479 - وأخرجا (4) من رواية علقمة قال: "سألت أم المؤمنين عائشة قال: قلت: يا أم المؤمنين، كيف كان عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يختص شيئًا من الأيام؟ قالت: لا، كان عمله ديمة (5)، وأيكم يستطيع ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستطيع".
لفظ مسلم.

2480 - عن عبد الله بن عَمْرو قال: "قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: إني أفعل ذلك. قال: فإنك إذا فعلت هجمت عينك، ونفهت (6) نفسك، وإن لنفسك حقًّا، ولأهلك حقًّا، فصم وأفطر، ونم وقم".
رواه خ (7) -وهذا لفظه- م (8)، وفي لفظ للبخاري (9): "فإن لعينك (عليك
__________
(1) صحيح البخاري (1/ 124 رقم 43).
(2) صحيح البخاري (11/ 300 رقم 6465).
(3) صحيح مسلم (1/ 541 رقم 782/ 216).
(4) صحيح البخاري (11/ 300 رقم 6466)، ومسلم (1/ 541 رقم 783/ 217).
(5) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/ 305): "ديمة"، بكسر الدال المهملة، وسكون التحتانية، أي دائمًا، والديمة في الأصل المطر المستمر مع سكون بلا رعد ولا برق، ثم استعمل في غيره، وأصلها الواو فانقلبت بالكسرة قبلها ياء.
(6) أي: أعيت وكلت. النهاية (5/ 100).
(7) صحيح البخاري (3/ 46 رقم 1153).
(8) صحيح مسلم (2/ 812 رقم 1159).
(9) صحيح البخاري (4/ 256 رقم 1975).

(3/14)


حقًّا، وإن لزوجك (عليك) (1) حقًّا، وإن لزورك عليك حقاً". ولمسلم (2) نحوه.

2481 - عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عمل عملاً أثبته، وكان إذا نام من الليل -أو مرض- صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. قالت: وما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام ليلة حتى الصباح، وما صام شهرًا متتابعًا إلا رمضان".
رواه م (3).

2482 - عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن حزبه -أو شيء منه- فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتب له كأنما قرأه من الليل". رواه م (4).

2483 - عن أبي الدرداء يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أتى فراشه -وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل- فغلبته عينه حتى أصبح؛ كُتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه". رواه ق (5) س (6).

2484 - عن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضي أن عائشة -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نومه إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة".
رواه د (7).
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح مسلم (2/ 813 رقم 1159/ 182).
(3) صحيح مسلم (1/ 515 رقم 746/ 141).
(4) صحيح مسلم (1/ 515 رقم 747).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 426 - 427 رقم 1344).
(6) سنن النسائي (3/ 258 رقم 1786)، وقال النسائي: خالفه سفيان. يعني: فجعله عن أبي ذر أو أبي الدرداء موقوفًا.
(7) سنن أبي داود (2/ 34 رقم 1314).

(3/15)


ورواه س (1) عن (2) سعيد بن جبير، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له صلاة صلاها من الليل فنام عنها، كان ذلك صدقة تصدق الله عليه، وكتب له أجر صلاته".

475 - باب ذكر قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - واجتهاده
2485 - عن المغيرة قال: " (إنْ) (3) كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقوم -أو ليصلي- حتى ترم (4) قدماه -أو ساقاه- فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبداً شكورًا".
رواه خ (5) (وفي) (6) لفظ: "فقيل له: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال: أفلا أكون عبداً شكورًا. رواه خ (7) م (8).

2486 - عن عائشة -رضي الله عنها- "أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً. فلما كثر لحمه صلى جالساً، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ، ثم ركع".
رواه خ (9) -وهذا لفظه- م (10).
__________
(1) سنن النسائي (3/ 258 رقم 1784).
(2) زاد بعدها في "الأصل": أبي. وهي زيادة مقحمة.
(3) من صحيح البخاري.
(4) أي: انتفخت من طول قيامه في صلاة الليل، يقال: وَرِمَ يَرِمُ، والقياس: يورم، وهو أحد ما جاء على هذا البناء. النهاية (5/ 177).
(5) صحيح البخاري (3/ 19 رقم 1130).
(6) في "الأصل": عن.
(7) صحيح البخاري (8/ 448 رقم 4836).
(8) صحيح مسلم (4/ 2171 رقم 2819).
(9) صحيح البخاري (8/ 448 رقم 4837).
(10) صحيح مسلم (4/ 2172 رقم 2820).

(3/16)


2487 - عن أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي حتى ترم قدماه، فقيل له: أتفعل ذلك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا".
رواه ق (1) ت في كتاب الشمائل (2).

2488 - وروى س (3) عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم حتى ترم (4) قدماه".

2489 - عن عبد الله بن مسعود قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل حتى ترم قدماه، فقيل: يا رسول الله، أليس غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا".
رواه سليمان بن أحمد الطبراني في المعجم الصغير (5).

476 - باب كيف صلاة الليل
2490 - عن عبد الله بن عمر قال: "إن رجلاً قال: يا رسول الله، كيف صلاة الليل؟ قال: مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة".
رواه خ (6) م (7).

2491 - وعنه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/ 456 رقم 1420).
(2) الشمائل المحمدية (ص 222 - 223 رقم 263، 264).
(3) سنن النسائي (3/ 219 رقم 1644).
(4) أي: تشقق. النهاية (2/ 309) وقد وقع هذا التفسير في بعض روايات سنن النسائي.
(5) المعجم الصغير (1/ 118).
(6) صحيح البخاري (3/ 25 رقم 1137).
(7) صحيح مسلم (1/ 516 رقم 749/ 146).

(3/17)


بركعة، ويصلي ركعتين قبل الغداة (كأن) (1) الأذان بأذنه".
أخرجاه (2) أيضًا، واللفظ لمسلم.

2492 - عن كريب مولى ابن عباس أن ابن عباس أخبره "أنه بات عند ميمونة -رضي الله عنها، وهي خالته- قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (و) (3) أهله في طولها، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتصف الليل -أو قبله بقليل، أو بعده بقليل- استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن (4) معلقة فتوضأ منها، فأحسن الوضوء، ثم قام فصلى، قال ابن عباس: فقمت فصنعت مثلما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ذهبت فقمت إلى جنبه -وفي لفظ: فقمت عن يساره- فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده اليمنى على رأسي وأخذ (بأذني) (5) اليمنى يفتلها فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح" (6).
وفي لفظ (7): "فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة، ثم نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نفخ -وكان إذا نام نفخ- ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى، ولم يتوضأ".
وفي لفظ (8): ثم احتبى، حتى إني لأسمع نفسه راقدًا، فلما تبين له الفجر
__________
(1) في "الأصل": فإن. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) صحيح البخاري (2/ 564 رقم 995) وصحيح مسلم (1/ 519 رقم 749/ 157).
(3) في "الأصل": في. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) أي: قربة. النهاية (2/ 506).
(5) في "الأصل": بيده. والمثبت من صحيح مسلم.
(6) صحيح مسلم (1/ 525 - 526 رقم 763).
(7) صحيح مسلم (1/ 527 رقم 763/ 184).
(8) صحيح مسلم (1/ 528 رقم 763/ 185).

(3/18)


صلى ركعتين خفيفتين".
قال سفيان: فهذا للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة؛ لأنه بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عيناه ولا ينام قلبه.
وفي لفظ (1): "فتكاملت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة ركعة، ثم نام حتى نفخ -وكنا نعرفه إذا نام بنفخه- ثم خرج إلى الصلاة فصلى" (وفي لفظ) (2): "ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ليلتئذٍ) (3) تسع عشرة كلمة، قال سلمة: حدثنيها كريب فحفظت منها ثنتي عشرة كلمة، ونسيت ما بقي، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهم اجعل لي في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نوراً، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، ومن بين يدي نوراً ومن خلفي نورًا، واجعل في نفسي نورًا، وأعظم لي نورًا".
وفي لفظ (1): "وفوقي نورًا، وتحتي نوراً، واجعل لي نورًا -أو قال: اجعلني نوراً".
قال كريب (4) وسبعًا في التابوت (5)، فلقيت بعض ولد العباس فحدثني بهن، فذكر: "عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري وذكر خصلتين".
أخرجه خ (6) م، وهذا كله لفظه.
وفي رواية البخاري (7): "قلنا (8) لعمرو -يعني: ابن دينار-: إن ناسًا
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 528 - 529 رقم 763/ 187).
(2) ليست في "الأصل" وهذا اللفظ في صحيح مسلم (1/ 529 - 530 رقم 763/ 189).
(3) في "الأصل": ليلتين. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) صحيح مسلم (1/ 525 - 526 رقم 763/ 181).
(5) أراد بالتابوت الأضلاع وما تحويه، كالقلب والكبد وغيرهما، تشبيهاً بالصندوق الذي يُحرز فيه المتاع، أي: أنه مكنون موضوع في الصندوق. النهاية (1/ 179).
(6) صحيح البخاري (1/ 256 رقم 117).
(7) صحيح البخاري (1/ 287 - 288 رقم 138).
(8) القائل هو سفيان بن عيينة.

(3/19)


يقولون: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه. قال عمرو: سمعت عبيد ابن عمير يقول: رؤيا الأنبياء وحي، ثم قرأ {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (1) ".
وفي لفظ لمسلم (2): "أنه رقد عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فاستيقظ فتسوك وتوضأ، وهو يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (3). فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات، ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة، وهو يقول: اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، واجعل في سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجعل من خلفي نوراً، ومن أمامي نوراً، واجعل من فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، اللهم أعطني نورًا".
وله (4) من رواية عطاء عن ابن عباس فذكر الوضوء: "ثم قمت إلى شقه الأيسر، فأخذ بيدي من وراء ظهره، يعدلني كذلك من وراء ظهره إلى الشق الأيمن، قلت: أفي التطوع كان ذلك؟ قال: نعم".
وله (5) من رواية أبي المتوكل علي بن داود الناجي أن ابن عباس حدثه: "أنه بات عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فقام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر الليل فخرج فنظر إلى السماء، ثم تلا هذه الآية في آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
__________
(1) سورة الصافات، الآية: 102.
(2) صحيح مسلم (1/ 530 رقم 763/ 191).
(3) سورة آل عمران، الآيات: 190 - 200.
(4) صحيح مسلم (1/ 531 رقم 763/ 192).
(5) صحيح مسلم (1/ 122 رقم 256).

(3/20)


وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) حتى بلغ (فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (1) ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ، (ثم قام فصلى، ثم اضطجع) (2)، ثم قام فخرج فنظر إلى السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى".
وعنده (3): "فقمت فتمطيت كراهة أن يرى أني كنت أتنبه له".
وعند البخاري (4): "أن يرى أني كنت أتقيه (5) ".

2493 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - (قالت) (6): "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء -وهي التي يدعو الناس العتمة- إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، ثم يسلم من كل ركعتين، ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة".
رواه م (7) بهذا اللفظ.

2494 - عن حميد أنه سمع أنسًا يقول: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئًا، وكان لا تشاء أن
__________
(1) سورة آل عمران، الآيتان: 190 - 191.
(2) من صحيح مسلم.
(3) صحيح مسلم (1/ 525 - 526 رقم 763).
(4) صحيح البخاري (11/ 119 رقم 6316).
(5) قال ابن حجر في الفتح (11/ 120): "أتَّقيه" بمثناة ثقيلة، وقاف مكسورة، كذا للنسفي وطائفة، قال الخطابي: أي أرتقبه، وفي رواية بتخفيف النون، وتشديد القاف، ثم موحدة، من التنقيب والتفتيش، وفي رواية القابسي: "أبغيه" بسكون الموحدة، بعدها معجمة مكسورة، ثم تحتانية، أي: أطلبه، والأكثر "أرقبه" وهي أوجه. اهـ. وانظر النهاية (1/ 147) وإرشاد الساري (9/ 183 - 184) ففيهما روايات أخر.
(6) في "الأصل": قال. والمثبت من صحيح مسلم.
(7) صحيح مسلم (1/ 508 رقم 736/ 122).

(3/21)


تراه من الليل مصلياً إلا رأيته، ولا (نائمًا إلا) (1) رأيته".
رواه خ (2).

2495 - عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: "لأرمقن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الليلة. فصلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم أوتر، فذلك ثلاث عشرة ركعة".
رواه م (3).

2496 - عن ابن عباس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل ركعتين، ثم ينصرف فيستاك".
رواه الإمام أحمد (4) س (5) ق (6)، ولفظه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتين ركعتين".

باب جماع صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل
477 - ذكر ما كان يصلي النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل النوم
2497 - عن ابن عباس قال: "بت في بيت خالتي ميمونة، فصلى رسول الله
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (3/ 27 رقم 1141).
(3) صحيح مسلم (1/ 531 - 532 رقم 765).

2496 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 139 - 140 رقم 137 - 139).
(4) المسند (1/ 218).
(5) السنن الكبرى (1/ 424 رقم 1343).
(6) سنن ابن ماجه (1/ في 418 رقم 1321).

(3/22)


- صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم جاء فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، فجئت فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه، فصلى خمس ركعات، ثم صلى ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه -أو قال: خطيطه (1) - ثم خرج إلى الصلاة".
رواه خ (2).

2498 - عن زرارة بن أوفى "أن عائشة سئلت عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جوف الليل، فقالت: كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله، ويركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه وينام".
رواه د (3).

2499 - عن شريح بن هانئ عن عائشة -رضي الله عنها- قال: "سألتها عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء قط فدخل علي الأولى أربع ركعات -أو ست ركعات- ولقد مطرنا مرةً بالليل فطرحنا له نطعًا، فكأني انظر إلى ثقب فيه ينبع الماء منه، وما رأيته متقياً الأرض بشيء من ثيابه قط". رواه د (4).

478 - باب عدد ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل
2500 - عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، فيركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه النادي للصلاة".
__________
(1) الخطيط قريب من الغطيط، وهو صوت النائم، والخاء والغين متقاربان. النهاية (2/ 48).
(2) صحيح البخاري (1/ 256 رقم 117).
(3) سنن أبي داود (2/ 42 رقم 1346).
(4) سنن أبي داود (2/ 31 رقم 1303).

(3/23)


رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2)، ولفظه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن، فيصلي ركعتين".

2501 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن "أنه سأل عائشة كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي".
رواه خ (3) م (4).

2502 - وعن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخرها" (5).
وفي لفظ (6): "ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر".
كذا رواه م.
2502 م- وروى خ (7): "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 10 - 11 رقم 1123).
(2) صحيح مسلم (1/ 508 رقم 736).
(3) صحيح البخاري (3/ 40 رقم 1147).
(4) صحيح مسلم (1/ 509 رقم 738).
(5) صحيح مسلم (1/ 508 رقم 737).
(6) صحيح مسلم (1/ 509 رقم 737/ 124).
(7) صحيح البخاري (3/ 55 رقم 1164).

(3/24)


2503 - وعن مسروق: "سألت عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل، فقالت: سبع وتسع وإحدى عشرة، سوى ركعتي الفجر".
رواه خ (1).

2504 - وروى (2) أيضًا عن أبي سلمة عن عائشة قالت: "صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم صلى ثمان ركعات، وركعتين جالساً، وركعتين بين النداءين، ولم يكن يدعهما أبداً".

2505 - عن أبي جمرة عن ابن عباس قال: "كان (3) صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة ركعة. يعني من الليل".
رواه خ (4) م (5).

2506 - وعن القاسم بن محمد قال: سمعت عائشة تقول: "كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليل عشر ركعات، ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر، فتلك ثلاث عشرة ركعة".
رواه خ (6) م (7)، واللفظ له.

2507 - عن زرارة: "أن سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله،
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 25 رقم 1139).
(2) صحيح البخاري (3/ 51 رقم 1159).
(3) قال القسطلاني في إرشاد الساري (2/ 318): ولأبي ذر "كانت"، قلت: وهي لفظة الصحيح المطبوعة.
(4) صحيح البخاري (3/ 25 رقم 1138) واللفظ له.
(5) صحيح مسلم (1/ 531 رقم 764).
(6) صحيح البخاري (3/ 26 رقم 1140).
(7) صحيح مسلم (1/ 510 رقم 738/ 128).

(3/25)


فقدم المدينة، فأراد أن يبيع عقارًا له بها، فيجعله في السلاح والكراع (1)، ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة لقي أناسًا من أهل المدينة، فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطاً ستة أرادوا ذلك في حياة النبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فنهاهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: أليس لكم فيَّ أسوة؟ فلما حدثوه بذلك راجع امرأته -وقد كان طلقها- وأشهد على رجعتها، فأتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال ابن عباس: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من؟ قال: عائشة؟ فائتها فسَلها، ثم ائتني. فأخبرني بردها عليك. فانطلقت إليها فأتيت على حكيم بن أفلح (فاستلحقته) (2) إليها، فقال: ما أنا بقاربها لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئًا، فأبت فيهما إلا مضيًّا. قال: فأقسمت عليه، فجاء فانطلقنا إلى عائشة، فاستأذنا عليها، فأذنت لنا، فدخلنا عليها، فقالت: أحكيم؟ فعرفته، فقال: نعم. فقالت: من معك؟ قال: سعد بن هشام. قالت: من هشام؟ قال: ابن عامر. فترحمت عليه وقالت: خيرًا -قال قتادة: وكان أصيب يوم أحد- فقلت: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خُلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن. قال: فهممت أن أقوم ولا أسأل أحدًا عن شيء حتى أموت، ثم بدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: ألست تقرأ "يا أيها المزمل"؟ قلت: بلى. قالت: فإن الله -تعالى- افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعًا بعد فريضة. قال: قلت: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن وتر رسول الله
__________
(1) الكراع: اسم لجميع الخيل. النهاية (4/ 165).
(2) في "الأصل": فاستحلقته. والمثبت من صحيح مسلم.

(3/26)


- صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني، فلما أسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذ اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسع يا بني، وكان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، ولا أعلم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهرًا كاملاً غير رمضان. قال: وانطلقت إلى ابن عباس فحدثته بحديثها، فقال: صدقت، لو كنت أقربها أو أدخل عليها لأتيتها حتى تشافهني به. قال: لو علمت أنك لا تدخل عليها ما حدثتك حديثها". رواه م (1).

2508 - عن زرارة بن أوفى: "أن عائشة سُئلت عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جوف الليل، فقالت: كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه، وينام وطهوره مغطى عند رأسه، وسواكه موضوع، حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه من الليل، فيتسوك ويسبغ الوضوء، ثم يقوم إلى مصلاه فيصلي ثماني ركعات، فيقرأ فيهن بأم الكتاب وسورة من القرآن، وما شاء الله، ولا يقعد في شيء منها حتى يقعد في الثامنة، ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة، ثم يقعد فيدعو ما شاء الله أن يدعو، ويسأله ويرغب إليه، ويسلم تسليمة واحدة شديدة، يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب، ويركع وهو قاعد (ثم يقرأ الثانية، فيركع
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 512 - 514 رقم 746).

(3/27)


ويسجد وهو قاعد) (1) ثم يدعو ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم وينصرف، فلم تزل تلك صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بَدَّن، فنقص من التسع ثنتين فجعلها إلى الست والسبع، وركعتيه (وهو قاعد) (1) حتى قبض على ذلك - صلى الله عليه وسلم -".
رواه د (2).

2509 - عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت -وأنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم-: واللَّه لأرقبهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاةٍ حتى أرى فعله، (فلما) (3) صلى صلاة العشاء -وهي العتمة- اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هويًّا من الليل، ثم استيقظ فنظر في الأفق فقال: (ربنا ما خلقت هذا باطلاً) حتى بلغ (إِنك لا تخلف الميعاد) (4)، ثم أهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فراشه فاستل منه سواكًا، ثم أفرغ في قدح من إداوة عنده ماء فاستن، ثم قام فصلى، حتى قلت: قد صلى قدر ما نام، ثم اضطجع، حتى قلت: قد نام قدر ما صلى، ثم استيقظ ففعل كما فعل أول مرة، وقال مثلما قال، ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات قبل الفجر.
رواه س (5).

2510 - عن عامر الشعبي قال: "سألت عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل (فقالا) (6): ثلاث عشرة ركعة، منها ثمان، ويوتر بثلاث، وركعتين بعد الفجر.
__________
(1) من سنن أبي داود.
(2) سنن أبي داود (2/ 42 رقم 1346).
(3) في "الأصل": ثم. والمثبت من سنن النسائي.
(4) سورة آل عمران، الآيات: 191 - 194.
(5) سنن النسائي (3/ 213 رقم 1625).
(6) في "الأصل": فقال. بالإفراد، والمثبت من سنن ابن ماجه.

(3/28)


رواه ق (1).

2511 - عن عبد الله بن أبي قيس قال: "سألت عائشة: بكم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر؟ (قالت) (2) بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأكثر من ثلاث عشرة ولا أنقص من سبع وكان لا يدع ركعتين" (3).
رواه الإمام أحمد (4).

479 - باب متى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم من الليل
2511 م- تقدم في حديث ابن عباس (5): "حتى انتصف الليل -أو قبله بقليل، أو بعده بقليل- استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

2512 - عن مسروق قال: "سألت عائشة أي العمل كان أحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: الدائم. قلت: متى كان يقوم؟ قالت: يقوم إذا سمع الصارخ".
رواه خ (6) -واللفظ له- م (7)، وعنده: "كان إذا سمع الصارخ قام فصلى".

2513 - عن الأسود قال: "سألت عائشة كيف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل؟ قالت: كان ينام أوله ويقوم آخره، فيصلي ثم يرجع إلى فراشه، فإذا أذن المؤذن وثب، فإن كانت بن حاجة اغتسل وإلا توضأ وخرج".
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/ 433 رقم 1361).
(2) في "الأصل": قال. والمثبت من المسند وسنن أبي داود.
(3) رواه أبو داود (2/ 46 رقم 1362) أيضًا.
(4) المسند (6/ 149).
(5) الحديث رقم (2492).
(6) صحيح البخاري (3/ 21 رقم 1132).
(7) صحيح مسلم (1/ 511 رقم 741).

(3/29)


رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2) وعنده قالت: "كان ينام أول الليل ويحي آخره، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول قالت: وثب -ولا والله ما قالت: قام- وأفاض عليه الماء -ولا والله ما قالت: اغتسل، وأنا أعلم ما تريد- وإن لم يكن جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين".

2514 - عن عائشة قالت: "ما ألقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسَّحَر الأعلى في بيتي -أو عندي- (إلا نائمًا) (3) ".
رواه خ (4) م (5)، وهذا لفظه.

2515 - وعن عائشة قالت: "إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليوقظه الله -عز وجل- بالليل فما يجيء السحر حتى يفرغ من (حزبه) (6) ".
رواه د (7).

480 - باب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخص بعض الليالي بالقيام
2516 - عن مسروق عن عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شدَّ مئزره (8)، وأحيى ليله، وأيقظ أهله".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 39 رقم 1146).
(2) صحيح مسلم (1/ 510 رقم 739).
(3) في "الأصل": أو قائمًا. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) صحيح البخاري (3/ 21 رقم 1133).
(5) صحيح مسلم (1/ 511 رقم 742).
(6) في "الأصل": جزؤه. والمثبت من سنن أبي داود.
(7) سنن أبي داود (2/ 35 رقم 1316).
(8) المئزر: الإزار، وكنى بشدّه عن اعتزال النساء، وقيل: أراد تشميره للعبادة، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري، أي: تشمرت له. النهاية (1/ 44).

(3/30)


رواه خ (1) م (2) ولفظه: "إذا دخل العشر أحيى الليل، وأيقظ أهله، وجدّ وشدّ المئزر".

2517 - عن خباب بن الأرت -وكان قد شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- "أنه (رأى) (3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة صلالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلها حتى كان مع الفجر، فلما سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلاته جاءه خباب فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، قد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أجل، إنها صلاة رغبة ورهبة، سألت ربي -عز وجل- فيها ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألت ربي أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم، فأعطانيها، وسألت ربي ألا يظهر علينا عدوًّا من غيرنا، فأعطانيها، وسألته أن لا يلبسنا شيعًا، فمنعنيها".
رواه الإمام أحمد (4) س (5) -وهذا لفظه- ت (6)، وقال: حديث حسن صحيح.

2518 - عن جسرة بنت دجاجة: "أنها انطلقت معتمرة، فانتهت إلى الربذة، فسمعت أبا ذر يقول: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الليالي في صلاة العشاء فصلى بالقوم، ثم تخلف أصحاب له يصلون، فلما رأى قيامهم وتخلفهم انصرف إلى رحله، فلما رأى القوم قد أخلوا المكان رجع إلى مكانه فصلى، فجئت فقمت (خلفه) (7) فأومأ إليَّ بيمينه، فقمت عن يمينه، ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 316 رقم 2024).
(2) صحيح مسلم (2/ 823 رقم 1174).
(3) في سنن النسائي: راقب.
(4) المسند (5/ 108 - 109).
(5) سنن النسائي (3/ 217 رقم 1637).
(6) جامع الترمذي (4/ 409 رقم 2175).
(7) في "الأصل": أخلفه. والمثبت من المسند.

(3/31)


وخلفه، فأومأ إليه بشماله، فقام عن شماله، فقمنا ثلاثتنا، يُصلي كل رجل منا بنفسه، ويتلو من القرآن ما شاء الله أن يتلو، وقام بآية من القرآن يرددها حتى صلى الغداة، فبعد أن أصبحنا أومأت إلى عبد الله بن مسعود أن سَلْهُ ما أراد إلى ما صنع البارحة؟ (فقال) (1) ابن مسعود بيده لا أسأله عن شيء حتى يحدث إليَّ. فقلت: بأبي أنت وأمي، قمت بآية من القرآن ومعك القرآن؛ لو فعل بعضنا هذا وجدنا عليه؟ قال: دعوت لأمتي. قال: فماذا أُجبت -أو ماذا رُدّ عليك-؟ قال: أُجبت بالذي لو اطلع عليه كثير منهم طلعة تركوا الصلاة .. قال: أفلا أبشر النَّاس؟ قال: بلى. قال: فانطلقت (معنقًا) (2) قريبًا من قذفة بحجر، فقال عمر: يا رسول الله، إنك إن تبعث إلى الناس بها نكلوا (3) عن العبادة. فناداه أن ارجع. فرجع، وتلك الآية: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (4) " (5).

2519 - وعن أبى ذر قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (4) فلما أصبح قلت: يا رسول الله، ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت، تركع بها، وتسجد بها؟ قال: إني سألت ربي -عز وجل- الشفاعة لأمتي فأعطانيها، وهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئًا" (6).
__________
(1) في "الأصل": فكان. والمثبت من المسند.
(2) تحرفت في "الأصل" والمثبت من المسند، والمعنق: السريع. النهاية (3/ 310).
(3) نَكَل عن الأمر يَنْكُل، ونَكِل يَنْكَل، إذا امتنع. النهاية (5/ 116).
(4) سورة المائدة، الآية: 118.
(5) المسند (5/ 170).
(6) المسند (5/ 149).

(3/32)


رواه الإمام أحمد بهاتين الطريقتين جميعًا، رواه س (1) ق (2) مختصرًا من غير قول أبي ذر.

481 - باب في طول الصلاة بالليل
2520 - عن أبي وائل عن عبد الله قال: "صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فلم يزل قائمًا حتى هممت بأمر سوءٍ، قلنا: ما هممت؟ قال: هممت أن أقعد وأذرَ النبي - صلى الله عليه وسلم -".
رواه خ (3) م (4)، ولفظه: "صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطال حتى هممت بأمر سوء، قال: قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه".

2521 - عن حذيفة قال: "صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم. فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد. ثم (قام) (5) طويلاً قريبًا مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى. فكان سجوده قريبًا من قيامه".
رواه م (6).
__________
(1) سنن النسائي (2/ 177 رقم 1009).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 429 رقم 1350).
(3) صحيح البخاري (3/ 24 رقم 1135).
(4) صحيح مسلم (1/ 537 رقم 773).
(5) تحرفت في "الأصل". والمثبت من صحيح مسلم.
(6) صحيح مسلم (1/ 536 - 537 رقم 772).
(1/ ق 219 - 1/ 1

(3/33)


2522 - وعن حذيفة: "أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان، فركع فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم. مثلما كان قائمًا، ثم جلس يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. مثلما كان قائمًا، فما صلى إلا أربع ركعات حتى جاء بلال إلى الغداة". رواه س (1).

2523 - عن جابر بن عبد الله قال: "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت (2) ".
رواه م (3).

2524 - عن عبد الله بن حبشي (الخثعمي) (4): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الصلاة أفضل؟ قال: طول (القيام (5) " (6).
رواه الإمام أحمد (7) د (8).

482 - باب في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قاعدًا
2525 - عن عروة عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها أخبرته: "أنها
__________
(1) سنن النسائي (3/ 226 رقم 1664) وقال النسائي: هذا الحديث عندي مرسل، وطلحة ابن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئاً، وغير العلاء بن المسيب قال في هذا الحديث: عن طلحة عن رجل عن حذيفة.
(2) أي: طول القيام، كما في الحديث التالي، وانظر النهاية (4/ 111).
(3) صحيح مسلم (1/ 520 رقم 756).
(4) في "الأصل": الخطمي. والمثبت من المسند وسنن أبي داود.

2524 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 235 - 236 رقم 213 - 214).
(5) تكررت في "الأصل".
(6) رواه النسائي (5/ 58 - 59 رقم 2525) أيضاً.
(7) المسند (3/ 141 - 412).
(8) سنن أبي داود (2/ 36 رقم 1325).

(3/34)


لم تر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة الليل قاعدًا قط حتى أسن، فكان يقرأ قاعدًا، حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوًا من ثلاثين -أو أربعين- آية، ثم ركع".
رواه خ (1) -واللفظ له- م (2).

2526 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي جالسًا، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين -أو أربعين- آية قام فقرأها وهو قائم، ثم يركع، ثم يسجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك، فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمة اضطجع".
أخرجاه (3) أيضًا، واللفظ للبخاري.

2527 - عن عمرة عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع قام قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية".
رواه م (4).

2528 - عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ليلاً طويلاً، فإذا صلى قائمًا ركع قائمًا، وإذا صلى قاعدًا ركع قاعدًا" (5).
وفي لفظ (6): "سألت عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل، فقالت: كان يصلي ليلاً طويلاً قائمًا، وليلاً طويلاً قاعدًا، وكان إذا قرأ قائمًا ركع قائمًا،
__________
(1) صحيح البخاري (2/ 686 رقم 1118).
(2) صحيح مسلم (1/ 505 رقم 731).
(3) صحيح البخاري (2/ 686 رقم 1119)، وصحيح مسلم (1/ 505 رقم 731/ 112).
(4) صحيح مسلم (5/ 501 - 506 رقم 731/ 113).
(5) صحيح مسلم (1/ 504 رقم 730).
(6) صحيح مسلم (1/ 505 رقم 730/ 901).

(3/35)


وإذا قرأ قاعدًا (ركع قاعدًا) (1) " وفي لفظ (2) "فإذا افتتح الصلاة قائمًا ركع قائمًا، وإذا افتتح الصلاة قاعدًا ركع قاعدًا". رواه م.

2529 - وعن عبد الله بن شقيق قال: "قلت لعائشة: هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو قاعد؟ قالت: نعم، بعدما حطمه (3) الناس".
رواه م (4).

2530 - وروى (5) أيضًا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة أخبرته "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمت حتى كان كثير من صلاته وهو جالس".

2531 - وروى (6) عن عروة عن عائشة قالت: "لما بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثقل كان أكثر صلاته جالسًا".

2532 - وروى (7) عن حفصة أيضًا قالت: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (صلى) (8) في سبحته قاعدًا، حتى كان قبل وفاته بعام واحد -أو اثنين- وكان يصلي في سبحته قاعدًا، وكان يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها".

2533 - وروى (9) عن جابر بن سمرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمت حتى صلى
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (1/ 505 رقم 730/ 110).
(3) يقال: حطم فلانًا أهله إذا كبر فيهم، كأنهم بما حملوه من أثقالهم صيروه شيخًا محطومًا. النهاية (1/ 403).
(4) صحيح مسلم (1/ 506 رقم 732).
(5) صحيح مسلم (1/ 506 رقم 732/ 116).
(6) صحيح مسلم (1/ 506 رقم 732/ 117).
(7) صحيح مسلم (1/ 507 رقم 733).
(8) من صحيح مسلم.
(9) صحيح مسلم (1/ 507 رقم 734).

(3/36)


قاعداً".

2534 - عن أم سلمة قالت: "ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صلاته قاعدًا إلا المكتوبة، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل".
رواه الإمام أحمد (1) ق (2) س (3)، وهذا لفظه.

2535 - وعن عبد الله بن شقيق عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي متربعًا".
رواه س (4)، وقال: لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير أبي داود -يعني: الحفري- وأبو داود ثقة، ولا أحسب إلا أن هذا الحديث خطأ، واللَّه أعلم.

2536 - عن عمران بن حصين -وكان مَبْسورًا (5) - قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل قاعدًا، فقال: إن صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد".
رواه خ (6).

2537 - عن عبد الله بن عَمْرو قال: "حُدثت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صلاة الرجل قاعدًا نصف الصلاة. قال: فأتيته فوجدته يصلي جالسًا، فوضعت يدي على رأسه، فقال: مالك يا عبد الله بن (عَمْرو) (7)؟ فقلت: حُدِّثتُ يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعدًا على نصف الصلاة. وأنت تصلي قاعدًا! قال:
__________
(1) المسند (6/ 304، 305، 319، 321، 322).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 387 رقم 1225).
(3) سنن النسائي (3/ 222 رقم 1654).
(4) سنن النسائي (3/ 224 رقم 1660).
(5) أي: به بواسير، وهي المرض المعروف. النهاية (1/ 126).
(6) صحيح البخاري (2/ 680 - 681 رقم 1115).
(7) في "الأصل": عمر. والمثبت من صحيح مسلم.

(3/37)


أجل، ولكني لست كأحد منكم".
رواه م (1).

483 - باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل
2538 - عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقرأ من الليل فقال: يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية، كنت أسقطت من سورة كذا وكذا".
رواه خ (2) م (3)، وفي رواية للبخاري (4): "أسقطتهن".
ولمسلم (5) أيضًا: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستمع قراءة رجل في المسجد، فقال: رحمه الله، لقد أذكرني آية كنت أُنسيتها".

2539 - عن أبي قتادة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج ليلة، فإذا هو بأبي بكر يصلي يخفض (من) (6) صوته، ومر بعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- وهو يصلي رافعًا صوته، قال: فلما اجتمعا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا بكر، مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك. قال: قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله. قال: وقال لعمر: مررت بك وأنت تصلي رافعًا صوتك. قال: فقال: يا رسول الله، أوقظ الوسنان، وأطرد الشيطان. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا بكر، ارفع (من) (6) صوتك شيئًا. وقال لعمر: اخفض من صوتك شيئًا".
رواه د (7).
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 507 رقم 735).
(2) صحيح البخاري (8/ 705 رقم 5042).
(3) صحيح مسلم (1/ 543 رقم 788).
(4) صحيح البخاري (5/ 312 رقم 2655).
(5) صحيح مسلم (1/ 543 رقم 788/ 225).
(6) من سنن أبي داود.
(7) سنن أبي داود (2/ 37 رقم 1329).

(3/38)


2540 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه القصة لم يذكر: "فقال لأبي بكر: ارفع (من صوتك) (1) شيئًا. وقال لعمر: اخفض شيئًا" زاد: "وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة (ومن هذه السورة) (1). قال: كلام طيب يجمعه الله بعضه إلى بعض. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كلكم قد أصاب".
رواه د (2).

2541 - عن علي -عليه السلام- قال: "كان أبو بكر يخافت بصوته إذا قرأ، وكان عمر يجهر بقراءته، وكان عمار إذا قرأ يأخذ من هذه السورة وهذه، فذُكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لأبي بكر: لِمَ تخافت؟ قال: إني لأسمع من أناجي. وقال لعمر: لِمَ تجهر بقراءتك؟ قال: أقرع الشيطان وأوقظ الوسنان. وقال لعمار: لمَ تأخذ من هَذه السورة وهذه؟ قال: أسمعتني أخلط به ما ليس منه؟ قال: لا. قَال: (فكله) (3) طيب".
رواه الإمام أحمد (4).

2542 - عن ابن عباس قال: كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - على قدر ما يسمعه من في الحجرة، وهو في البيت".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) ت في كتاب الشمائل (7).

2543 - عن أبي خالد الوالبي عن أبي هريرة أنه قال: "كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) من سنن أبي داود.
(2) سنن أبي داود (2/ 37 - 38 رقم 1330).

2541 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 397 - 399 رقم 785 - 787).
(3) في "الأصل": فكلمه. والمثبت من المسند.
(4) المسند (1/ 109).
(5) المسند (1/ 271).
(6) سنن أبي داود (2/ 37 رقم 1327).
(7) الشمائل المحمدية (261 - 262 رقم 322).

(3/39)


بالليل يوفع طورًا ويخفض طورًا".
رواه د (1)، وقال: أبو خالد الوالبي اسمه هرمز.

2544 - عن عبد الله بن أبي قيس قال: "سألت عائشة -رضي الله عنها- كيف كانت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل أيجهر أو يُسرُّ؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل، ربما جهر، وربما أسر".
رواه الإمام أحمد (2) س (3).

2545 - عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: "كنت أسمع قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل وأنا على عريشي".
رواه الإمام أحمد (4) ق (5)، وزاد الإمام أحمد: "عريشي هذا. وهو عند الكعبة".

2546 - وعن غطيف بن الحارث قال: "أتيت عائشة، فقلت: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجهر بالقرآن أو يخافت به؟ قالت: ربما جهر، وربما خَفَتَ. قلت: الله أكبر، الحمد للَّه الذي جعل في الأمر سعة". رواه د (6) ق (7).

2547 - عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة، والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة" (8).
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 37 رقم 1328).
(2) المسند (6/ 149).
(3) سنن النسائي (3/ 224 رقم 1661).
(4) المسند (6/ 341 - 342، 343، 424).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 429 رقم 1349).
(6) سنن أبي داود (1/ 58 رقم 226).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 430 رقم 1354).
(8) رواه الترمذي (5/ 165 رقم 2919) وقال: هذا حديث حسن غريب.

(3/40)


رواه الإمام أحمد (1) د (2) س (3).

2548 - عن أبي سعيد قال: "اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر، وقال: ألا كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم على بعض في القراءة -أو قال: في الصلاة".
رواه الإمام أحمد (4) د (5).

2549 - عن الحارث عن علي -عليه السلام-: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يرفع صوته في القراءة قبل العشاء وبعدها، يغلط أصحابه وهم يصلون".
رواه الإمام أحمد (6)، والحارث تُكلِّم فيه (7).

484 - باب فضل كثرة السجود
2550 - عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: "كنت أبيت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: سل. فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة (قال) (8): أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك. قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود".
رواه م (9).

2551 - وعن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: "لقيت ثوبان مولى رسول الله
__________
(1) المسند (4/ 151، 158، 201).
(2) سنن أبي داود (2/ 38 رقم 1333).
(3) سنن النسائي (3/ 225 رقم 1662).
(4) المسند (3/ 54).
(5) سنن أبي داود (2/ 38 رقم 1332).
(6) المسند (1/ 87 - 88).
(7) ترجمته في التهذيب (5/ 244 - 253).
(8) من صحيح مسلم.
(9) صحيح مسلم (1/ 353 رقم 489).

(3/41)


- صلى الله عليه وسلم -، فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة -أو قال: قلت: بأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- فسكت، ثم (سألته) (1) فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: عليك بكثرة السجود؛ فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة، وحط عنك بها خطيئة". قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال مثلما قال لي ثوبان.
رواه م (2).

2552 - عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة، ومحا عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة، فاستكثروا من السجود".
رواه ق (3).

2553 - (عن) (4) أبي فاطمة قال: "قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل أستقيم عليه وأحمله. قال عليك بالسجود؛ فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة".
رواه ق (5).
قد تقدم (6) "أفضل الصلاة طول القنوت" فذكر بعض أهل العلم (أن (7)
__________
(1) في "الأصل": قال. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (1/ 353 رقم 488).

2552 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 321 - 322 رقم 387 - 390).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 457 رقم 1424).
(4) ليست في "الأصل".
(5) سنن ابن ماجه (1/ 457 رقم 1422).
(6) الحديث رقم (2523).
(7) تكررت في "الأصل".

(3/42)


طول الصلاة بالليل، وكثرة السجود بالنهار.

485 - باب الأمر بصلاة النافلة في البيوت
2554 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم؛ ولا تتخذوها قبورًا".
رواه خ (1) م (2).

2555 - عن جابر -هو ابن عبد الله- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً".
رواه م (3).

2556 - ورواه الإمام (أحمد) (4) ق (5) عن جابر بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري.

2557 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر؛ إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة".
رواه م (6).

2558 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثل البيت الذي يذكر الله فيه
__________
(1) صحيح البخاري (1/ 630 رقم 432).
(2) صحيح مسلم (1/ 538 رقم 777).
(3) صحيح مسلم (1/ 538 رقم 778).
(4) ليست في "الأصل" والحديث في المسند (3/ 15، 59).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 438 رقم 1376).
(6) صحيح مسلم (1/ 538 رقم 780).

(3/43)


والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت".
رواه خ (1) م (2).

2559 - عن زيد بن ثابت قال: "احتجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجيرة بخصيفة -أو حصير- فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيها، قال: فتبع إليه رجال، وجاءوا يصلون بصلاته، قال: ثم جاءوا ليلة فحضروا، وأبطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم، قال: فلم يخرج إليهم فرفعوا أصواتهم وحصبوا (3) الباب، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم؛ فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة".
رواه خ (4) م (5)، وهذا لفظه، وفي لفظ: "لو كتب عليكم ما قُمتم به".

2560 - عن كعب بن عجرة قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة المغرب في مسجد بني عبد الأشهل، فلما صلى قام ناس يتنفلون، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذه الصلاة في البيوت".
رواه د (6) س (7) ت (8)، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

2561 - (عن عاصم بن عمرو، قال) (9): خرج نفر من أهل العراق إلى عمر،
__________
(1) صحيح البخاري (11/ 212 رقم 6407).
(2) صحيح مسلم (1/ 538 رقم 779).
(3) أي: رموه بالحصباء، وهي الحصى الصغار.
(4) صحيح البخاري (10/ 534 رقم 6113).
(5) صحيح مسلم (1/ 539 - 540 رقم 781).
(6) سنن أبي داود (2/ 31 رقم 1300).
(7) سنن النسائي (3/ 198 - 199 رقم 1599).
(8) جامع الترمذي (2/ 500 - 501 رقم 604).
(9) من سنن ابن ماجه.

(3/44)


فلما قدموا عليه فسألوه عن صلاة الرجل في بيته، فقال عمر -رضي الله عنه-: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أما صلاة الرجل في بيته فنور؛ فنوروا بيوتكم".
رواه ق (1).

2562 - عن عبد الله بن سعد قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيما أفضل الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ قال: ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد، فلأن أصلي في بيتي أحب إليَّ من أن أصلي في المسجد، إلا أن تكون صلاة مكتوبة".
رواه الإمام أحمد (2) ق (3).

486 - باب في فضل الدعاء والصلاة في آخر الليل
2563 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: أحب الصلاة إلى الله -عز وجل- صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله -تعالى- صيام داود، وكان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا".
رواه خ (4) م (5).

2564 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له".
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/ 437 - 438 رقم 1375).

2562 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 409 - 411 رقم 385 - 388).
(2) المسند (4/ 342).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 439 رقم 1378).
(4) صحيح البخاري (3/ 20 رقم 1131).
(5) صحيح مسلم (2/ 816 رقم 1159/ 190).

(3/45)


رواه خ (1) م (2)، وعنده: "يتنزل ربنا".

2565 - وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: أنا الملك، أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب (له) (3)، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له. فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر".
رواه م (4).

2566 - وروى (5) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مضى شطر الليل -أو ثلثاه- ينزل الله -تبارك وتعالى- إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل يُعطى، هل من داعٍ يُستجاب له، هل من مستغفر يُغفَر له. حتى ينفجر الصبح".

2567 - وروى (6) أيضًا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ينزل الله -عز وجل- إلى السماء شطر الليل -أو لثلث الليل الآخر- فيقول: من يدعوني فأستجيب له، أو يسألني فأعطيه. ثم يبسط يديه تبارك وتعالى، يقول: من يقرض غير عديم (7) ولا ظلوم".

2568 - عن جابر -هو ابن عبد الله- قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 35 - 36 رقم 1145).
(2) صحيح مسلم (1/ 521 رقم 758/ 178).
(3) من صحيح مسلم.
(4) صحيح مسلم (1/ 522 رقم 758/ 169).
(5) صحيح مسلم (1/ 522 رقم 758/ 170).
(6) صحيح مسلم (1/ 522 رقم 758/ 171).
(7) العديم: الذي لا شيء عنده، فعيل بمعنى مفعول. النهاية (3/ 192).

(3/46)


إياه، وذلك كل ليلة".
رواه م (1).

487 - باب في قيام شهر رمضان
2569 - عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان -من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة- فيقول: من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه. فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر -رضي الله عنهما- على ذلك".
رواه بهذا اللفظ م (2).
وروى خ (3) م (4) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من (ذنبه) (5) ".
وفي رواية البخاري "قال ابن شهاب: فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر -رضي الله عنهما".

2570 - وقال (6) بعد هذا: وعن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري أنه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 521 رقم 757).
(2) صحيح مسلم (1/ 523 رقم 759/ 174).
(3) صحيح البخاري (4/ 294 رقم 2009).
(4) صحيح مسلم (1/ 523 رقم 759/ 173).
(5) سقطت من "الأصل"، وأثبتها من الصحيحين.
(6) صحيح البخاري (4/ 294 - 295 رقم 2010).

(3/47)


الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى -والناس يصلون بصلاة قارئهم- قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد آخر الليل- فكان الناس يقومون أوله".

2571 - عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا؛ فاجتمع أكثر منهم، فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا؛ فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى صلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الصلاة أقبل على الناس فتشهد، ثم قال: أما بعد، فإنه لم يخف عليَّ مكانكم، ولكن خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها. فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك.
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2)، وعنده: "فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطفق رجال منهم يقولون: الصلاة. فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى خرج لصلاة الفجر". وذكر بقيته.
ولأبي داود (3): "أيها الناس، أما والله ما بِتُّ ليلتي هذه غافلًا ولا خفي عليَّ مكانكم".
2571م- وقد تقدم حديث عائشة (4): كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 294 رقم 2012).
(2) صحيح مسلم (1/ 524 رقم 761).
(3) سنن أبي داود (2/ 50 رقم 1374).
(4) الحديث رقم (2516).

(3/48)


شد مئزره، وأحيى ليله، وأيقظ أهله".

2572 - عن أبي ذر قال: "صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمضان فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة. قال: فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسبت له قيام ليلة. (قال) (1): فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشيت أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه- س (4) ق (5) ت (6) - وقال: حديث حسن صحيح- وأبو حاتم البستي (7).

2573 - عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أناس في رمضان يصلون في ناحية المسجد، فقال: ما هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء ناس ليس معهم قرآن، وأبي بن كعب يصلي، وهم يصلون بصلاته. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أصابوا، ونعم ما صنعوا".
رواه د (8)، وقال: ليس هذا الحديث بالقوي، مسلم بن خالد ضعيف.

2574 - عن النعمان بن بشير قال: "قمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان
__________
(1) من سنن أبي داود.
(2) المسند (5/ 159، 163).
(3) سنن أبي داود (2/ 50 رقم 1375).
(4) سنن النسائي (3/ 83 - 84 رقم 1363)، (3/ 202 - 203 رقم 1604).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 420 - 421 رقم 1327).
(6) جامع الترمذي (3/ 169 رقم 806).
(7) الإحسان (6/ 288 رقم 2547).
(8) سنن أبي داود (2/ 50 - 51 رقم 1377).

(3/49)


ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح، وكانوا يسمونه السحور".
رواه الإمام أحمد (1) س (2).

2575 - عن النضر بن شيبان قال: لقيت أبا سلمة بن عبد الرحمن فقلت: حدثني بحديث سمعته من أبيك يذكره في شهر رمضان. قال: نعم حدثني أبي: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر شهر رمضان فقال: شهر كتب الله عليكم صيامه، وسننت لكم قيامه؛ فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
رواه الإمام حمد (3) س (4) ق (5)، وهذا لفظه.

488 - ذكر عدد ما صلي في ومضان على عهد عمر وضي الله عنه
2576 - عن السائب بن يزيد قال: "كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة، وكانوا يقومون بالمئين، وكانوا يتوكئون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- من شدة القيام".
__________
(1) المسند (4/ 272).
(2) سنن النسائي (3/ 203 رقم 1605).

2575 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 105 - 106 رقم 906 - 908).
(3) المسند (1/ 191، 194 - 195).
(4) سنن النسائي (4/ 158 رقم 2209) وقال النسائي: هذا خطأ، والصواب أبو سلمة عن أبي هريرة.
(5) سنن ابن ماجه (1/ 421 رقم 1328).

(3/50)


رواه البيهقي (1).

2577 - وروى (1) أيضًا من طريق ابن بكير، عن (مالك) (2) عن يزيد بن رومان قال: "كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة" (3).
قال: ويمكن الجمع بين الروايتين: كانوا يقومون بعشرين، ويوترون بثلاث، والله أعلم.

2578 - وروى (4) (عن) (5) أبي عبد الرحمن السلمي عن علي -رضي الله عنه-: "دعا القراء في رمضان، فأمر منهم رجلاً يصلي بالناس عشرين ركعة، قال: وكان علي -عليه السلام- يوتر بهم".

489 - ذكر قدر قراءتهم في شهر ومضان
2579 - عن أبي عثمان النهدي قال: "دعا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بثلاثة قراء فاستقرأهم، فأمر أسرعهم قراءةً أن يقرأ للناس ثلاثين آية، وأوسطهم أن يقرأ خمسًا وعشرين، وأمر أبطاهم أن يقرأ عشرين آية".
__________
(1) السنن الكبرى (2/ 496).
(2) في "الأصل": نافع. والمثبت من سنن البيهقي، والحديث في الموطأ (1/ 114 رقم 5). قبل هذين الأثرين في سنن البيهقي (2/ 496) من طريق ابن بكير عن مالك -وهو في الموطأ (1/ 114 رقم 4) - عن محمد بن يوسف -ابن أخت السائب- عن السائب بن يزيد أنه قال: "أمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما للناس إحدى عشرة ركعة، وكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر".
(3) ثم جمع البيهقي بين هذه الآثار فقال: ويمكن الجمع بين الروايتين، فإنهم كانوا يقومون إحدى عشرة، ثم كانوا يقومون بعشرين، ويوترون بثلاث، والله أعلم.
(4) السنن الكبرى (2/ 496).
(5) ليست في "الأصل".

(3/51)


رواه البيهقي (1) أيضًا.

490 - ذكر أن عمر وعليًّا كانا يجعلان للرجال إِمامًا وللنساء إِمامًا
2580 - عن هشام بن عروة عن أبيه: "أن عمر بن الخطاب جمع الناس على قيام شهر رمضان (الرجال) (2) على أبي بن كعب، والنساء على سليمان بن أبي حثمة" (3).

2581 - وعن عرفجة الثقفي قال: "كان علي بن أبي طالب يأمر الناس بقيام شهر رمضان، ويجعل للرجال إمامًا وللنساء إماماً. قال عرفجة: فكنت أنا إمام النساء" (4).
رواهما البيهقي.

491 - باب فضل قيام ليلة القدر وفي أي وقت من السحر تتحرى
2582 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".
رواه خ (5) م (6).
__________
(1) السنن الكبرى (2/ 497).
(2) من سنن البيهقي.
(3) السنن الكبرى (2/ 493 - 494).
(4) السنن الكبرى (2/ 494).
(5) صحيح البخاري (1/ 113 رقم 35).
(6) صحيح مسلم (1/ 523 رقم 759).

(3/52)


2583 - عن ابن عمر: "أن رجالاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رأوا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرى رؤياكم قد تواطت (1) في السبع الأواخر، فمن كان متحرياً فليتحرها في السبع الأواخر". رواه خ (2).

2584 - عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور (3) في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان".
أخرجاه (4) أيضًا، واللفظ خ. وله (5) أيضًا عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تحروا ليلة القدر من الوتر في العشر الأواخر من رمضان".

2585 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان؛ ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى". رواه خ (6).

2586 - عن عبادة بن الصامت قال: "خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى (7) رجلان من المسلمين فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان (فرفعت) (8) وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة".
__________
(1) هكذا رُوي بترك الهمز، وهو من المواطأة: الموافقة، وحقيقته كان كلاًّ منهما وطئ ما وطئه الآخر. النهاية (5/ 202)، وفي صحيح البخاري: "تواطأت" بالهمز.
(2) صحيح البخاري (4/ 301 رقم 2015).
(3) أي: يعتكف. النهاية (1/ 313).
(4) صحيح البخاري (4/ 306 رقم 2020)، وصحيح مسلم (2/ 828 رقم 1169).
(5) صحيح البخاري (4/ 305 رقم 2017).
(6) صحيح البخاري (4/ 306 رقم 2021).
(7) أي: تنازعا، يقال: لاحيت الرجل ملاحاة ولحاء إذا نازعته. النهاية (4/ 243).
(8) في "الأصل": فوقعت. والمثبت من صحيح البخاري، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 315):) "فرفعت" أي: من قلبي، فنسيت تعيينها للاشتغال بالمتخاصمين. اهـ. وذكر أقوالًا أخرى.

(3/53)


رواه خ (1).

2587 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُريت ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي فَنُسِّيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر (2) " وقال حرملة: "فَنَسِيتها".
رواه مسلم (3) عن أبي الطاهر وحرملة.

باب ذكر الاختلاف في ليلة القدر
492 - ذكر من روى أنها ليلة سبع عشرة من شهر رمضان
2588 - عن ابن مسعود قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين. ثم سكت".
رواه د (4).

493 - ذكر من روى أنها ليلة إِحدى وعشرين
2589 - عن أبي سعيد الخدري قال: "اعتكفنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين فخطبنا، وقال: إني أريت ليلة القدر، ثم أُنسيتها -أو نَسيتها- فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإني رأيت أني أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليرجع. فرجعنا وما نرى في السماء قزعة، فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد في الماء
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 314 رقم 2023).
(2) أي: البواقي، جمع غابر. النهاية (3/ 337).
(3) صحيح مسلم (2/ 824 رقم 1166).
(4) سنن أبي داود (2/ 53 رقم 1384).

(3/54)


والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2)، وفي بعض ألفاظه (3): "اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها (4) حصير، قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه فكلم الناس، فدنوا منه، فقال: إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أُتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب أن يعتكف فليعتكف. فاعتكف الناس معه، قال: وإني أريتها (ليلة) (5) وتر، وإني أسجد صبيحتها في طين وماء. فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلى الصبح، فمطرت السماء فوكف (6) المسجد، فأبصرت الطين والماء، فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وروثة أنفه (7) فيها الطين والماء وإذا هي ليلة إحدى وعشرين، من العشر الأواخر".

494 - ذكر من روى أنها ليلة ثلاث وعشرين
2590 - عن عبد الله بن أنيس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أريت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأراني صبيحتها أسجد في ماء وطين. قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه،
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 301 رقم 2016).
(2) صحيح مسلم (2/ 824 - 827 رقم 1167).
(3) صحيح مسلم (2/ 825 رقم 1167/ 215).
(4) السدة هي: ظلة على باب أو ما أشبهها، لتقي الباب من المطر، وقيل: هي الباب نفسه، وقيل: هي الساحة. الفائق في غريب الحديث.
(5) في "الأصل": الليلة. والمثبت من صحيح مسلم.
(6) أي: قطر ماء المطر من سقفه. شرح صحيح مسلم (5/ 167).
(7) أي: أرنبته، وطرفه من مقدمه. النهاية (2/ 271).

(3/55)


قال: وكان عبد الله بن أنيس يقول: ثلاث وعشرين (1) ".
رواه م (2).

495 - ذكر من روى أنها ليلة أربع وعشرين
2591 - عن أبي الخير عن أبي عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي قال: خرجنا من اليمن مهاجرين فقدمنا الجحفة ضحَّى، فأقبل راكب فقلت له: الخبر؟ فقال: دفنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ خمس. قلت (3) ما سبقك إلا بخمس! هل سمعت في ليلة القدر شيئًا؟ قال: أخبرني بلال مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول السبع من العشر الأواخر".
رواه خ (4).

2592 - وعن بلال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليلة القدر ليلة أربع وعشرين".
رواه أبو القاسم الطبراني في معجمه (5) وأبو بكر بن مردويه في تفسيره من رواية ابن لهيعة، من رواية الصنابحي عن بلال (6).

2593 - وروى البخاري (7) حديث ابن عباس -الذي تقدم في ليلة القدر (8) -
__________
(1) قال النووي في شرح مسلم (5/ 171): هكذا في معظم النسخ، وفي بعضها: "ثلاث وعشرون"، وهذا ظاهر، والأول جار على لغة شاذة أنه يجوز حذف المضاف ويبقى المضاف إليه مجرورًا، أي ليلة ثلاث وعشرين.
(2) صحيح مسلم (2/ 827 رقم 1168).
(3) القائل هو أبو الخير، والمقول له الصنابحي، فتح الباري (7/ 759).
(4) صحيح البخاري (7/ 759 رقم 4470).
(5) المعجم الكبير (1/ 360 رقم 1102).
(6) والحديث رواه الإمام أحمد (6/ 12) من هذا الطريق أيضًا.
(7) صحيح البخاري (4/ 306 رقم 2022).
(8) الحديث رقم (2585).

(3/56)


وقال: تابعه عبد الوهاب عن أيوب، وعن خالد عن عكرمة عن ابن عباس: "التمسوها في أربع وعشرين" موقوف.

2594 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليلة القدر ليلة أربع وعشرين".
رواه أبو داود الطيالسي في مسنده (1) إسناده إسناد جيد.

496 - ذكر من روى أنها ليلة سبع وعشرين
2595 - عن زر بن حبيش قال: "سألت أبي بن كعب، فقلت: إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر. فقال: رحمه الله، أراد أن لا يتكل الناس، أما إنه قد علم أنها في رمضان، وأنها في العشر الأواخر، وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين، فقلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامة -أو بالآية- التي أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها".
رواه م (2)، وفي لفظ (3): "وواللَّه إني لأعلم أي ليلة هي، هي التي أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقيامها (هي) (4) ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها".

2596 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين -أو قال: تحروها ليلة سبع وعشرين -يعني: ليلة القدر".
__________
(1) مسند الطيالسي (288 رقم 1167).
(2) صحيح مسلم (2/ 828 رقم 762).
(3) صحيح مسلم (1/ 545 - 546 رقم 762/ 179).
(4) في "الأصل": في. والمثبت من صحيح مسلم.

(3/57)


رواه الإمام أحمد (1).

2597 - عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في ليلة القدر قال: "ليلة سبع وعشرين".
رواه د (2).

497 - صفة ليلة القدر
2598 - عن جابر -هو ابن عبد الله- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني أُريت ليلة القدر ثم أُنسيتها، وهي في العشر الأواخر من لياليها، وهي ليلة طلقة (3) بلجة (4)، لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمراً، لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها".
رواه أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل.

498 - باب ذكر ليلة القدر في كل رمضان
2599 - عن عبد الله بن عمر قال: "سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وأنا أسمع- عن ليلة القدر، فقال: هي في كل رمضان".
رواه د (5)، وقال: رواه سفيان وشعبة، عن أبي إسحاق (موقوفًا على) (6) ابن عمر لم يرفعاه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) المسند (2/ 27).
(2) سنن أبي داود (2/ 53 رقم 1386).
(3) أي: سهلة طيبة، يقال: يوم طلق، وليلة طلق وطلقة إذا لم يكن فيها حر ولا برد يؤذيان. النهاية (3/ 134).
(4) أي: مُشرقة، والبُلْجة -بالضم والفتح- ضوء الصبح. النهاية (1/ 151).
(5) سنن أبي داود (2/ 53 - 54 رقم 1387).
(6) في "الأصل": مرفوعًا عن. والمثبت من سنن أبي داود.

(3/58)


باب في ذكر فضائل القرآن
499 - ذكر تعاهد القرآن
2600 - عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المُعَقَّلة (1)، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت".
رواه خ (2) م (3)، وزاد مسلم (4) في رواية: "وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإذا لم يقم به نسيه".

2601 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس ما لأحدهم يقول: نَسيت آية كيت وكيت. بل هو نُسي، استذكروا القرآن فلهو أشد تفصيًا (5) من صدور الرجال من النعم بعقلها (6) ".
رواه خ (7) م (8)، وهذا لفظه.

2602 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتًا (9) من الإبل في عقلها".
__________
(1) أي: المشدودة بالعقال -أي: الحبل- والتشديد فيه للتكثير. النهاية (3/ 281).
(2) صحيح البخاري (8/ 697 رقم 5031).
(3) صحيح مسلم (1/ 543 رقم 789).
(4) صحيح مسلم (1/ 544 رقم 789/ 227).
(5) أي: أشد خروجًا، يقال: تفصيت من الأمر تفصيًا: إذا خرجت منه وتخلصت. النهاية (3/ 452).
(6) وقع في هذه الرواية "بعقلها" والمراد برواية الباء "من" كما في قوله تعالى (عينًا يشرب بها عباد الله). شرح صحيح مسلم.
(7) صحيح البخاري (8/ 697 رقم 5032).
(8) صحيح مسلم (1/ 544 رقم 790).
(9) التفلت والإفلات والانفلات: التخلص من الشيء فجأة من غير تمكث. النهاية (3/ 467).

(3/59)


أخرجاه (1)؛ لفظ مسلم، وعند البخاري: "فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيًا من الإبل من عقلها".

500 - ذكر اغتباط صاحب القرآن
2603 - عن سالم عن أبيه -هو عبد الله بن عمر- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن وهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل والنهار".
رواه خ (2) - م (3).

2604 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان، فعملت ما يعمل. ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل".
رواه خ (4).

2605 - عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها".
رواه خ (5) م (6).
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 697 رقم 5033)، وصحيح مسلم (1/ 545 رقم 791).
(2) صحيح البخاري (8/ 691 رقم 5025).
(3) صحيح مسلم (1/ 558 رقم 815).
(4) صحيح البخاري (8/ 691 رقم 5026).
(5) صحيح البخاري (1/ 199 رقم 173).
(6) صحيح مسلم (1/ 559 رقم 816).

(3/60)


501 - ذكر أن الله تعالى يرفع بالقرآن أقوامًا ويضع به آخرين
2606 - عن عامر بن واثلة -أو نافع بن الحارث-: "أن نافع بن الحارث لقي عمر بعسفان -وكان عمر يستعمله على مكة- فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ قال: ابن أبزى (قال: ومن ابن أبزى) (1). قال: مولى من موالينا. قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ كتاب الله -عز وجل- وإنه عالم بالفرائض. قال عمر: أما إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين".
أخرجه م (2).

502 - ذكر الوصاة بكتاب الله تعالى
2607 - عن طلحة -هو ابن (مصرف) (3) - قال: "سألت عبد الله بن أبي أوفى آوصى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لا. فقلت: كيف كُتب على الناس الوصية، أُمروا بها ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله عز وجل".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- م (5).
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (1/ 555 رقم 817).
(3) تحرفت في "الأصل": والمثبت في صحيح مسلم، وهو الصواب.
(4) صحيح البخاري (8/ 685 رقم 5022).
(5) صحيح مسلم (3/ 1256 رقم 1634).

(3/61)


503 - فضل من تعلم القرآن وعلمه
2608 - عن أبي (1) عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه" (2).
وفي لفظ (3) قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". قال: وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج وذلك الذي أقعدني مقعدي.
رواه خ.

2609 - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
رواه ت (4)، وقال: لا نعرفه من حديث علي إلا من حديث عبد الرحمن ابن إسحاق.
قلت: وعبد الرحمن متكلم فيه (5).

2610 - عن عقبة بن عامر قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفة، فقال: أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بُطحان (6) -أو إلى العقيق (7) - فيأتي منه بناقتين كوماوين (8) من غير إثم ولا قطع رحم؟ فقلنا: يا رسول الله، نحب ذاك.
__________
(1) سقطت من "الأصل" وأثبتها من صحيح مسلم.
(2) صحيح البخاري (8/ 692 رقم 5028).
(3) صحيح البخاري (8/ 692 رقم 5027).
(4) جامع الترمذي (5/ 161 رقم 2909).
(5) ترجمته في التهذيب (16/ 515 - 518).
(6) بالضم ثم السكون، وهو واد بالمدينة، وهو أحد أوديتها الثلاثة، وهي العقيق وبطحان وقناة. معجم البلدان (1/ 529).
(7) بفتح أوله وكسر ثانيه، وهو وادٍ بالمدينة. معجم البلدان (4/ 156 - 157).
(8) كوماء: أي: مشرفة السنام عاليته. النهاية (4/ 211).

(3/62)


قال: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم -أو يقرأ- آيتين خير له من ناقتين، وثلاث خير له (من ثلاث) (1)، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل".
رواه م (2).

2611 - عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذر؛ لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة". رواه ق (3).

504 - فضل الماهر بالقرآن وذكر الذي هو عليه شاق
2612 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران".
وفي لفظ: "والذي يقرؤه وهو يشتد عليه له أجران".
رواه خ (4) م (5)، وهذا لفظه.

505 - ذكر ما لتالي القرآن ونزول السكينة عليه
2613 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللُّه يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله -عز وجل- فيمن عنده".
أخرجه م (6).
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (1/ 552 رقم 803).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 79 رقم 219).
(4) صحيح البخاري (8/ 560 رقم 4937).
(5) صحيح مسلم (1/ 549 رقم 798).
(6) صحيح مسلم (4/ 2074 رقم 2699).

(3/63)


2614 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفات (1) عظام سمان (قلنا: نعم. قال: فثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم في صلاته خير له من ثلاث خلفات عظام سمان) (2) ".
رواه م (3).

2615 - عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول "الم" حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
رواه ت (4)، وقال: حديث حسن صحيح غريب.

2616 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلِّهِ. فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده. فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه. فيرضى عنه، فيقال له: اقرأه وارقه، ويزاد بكل آية حسنة" مرفوع إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه ت (5)، وقال: هذا صحيح.

2617 - عن أبي أمامة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما تقرب العبد إلى (اللَّه) (6) بمثل ما خرج منه". قال أبو النضر: يعني القرآن.
رواه ت (7)، وقال: حديث غريب.
__________
(1) الخلفة -بفتح الخاء وكسر اللام-: الحامل من النوق، وتجمع على خلفات وخلائف. النهاية (2/ 68).
(2) من صحيح مسلم.
(3) صحيح مسلم (1/ 552 رقم 802).
(4) جامع الترمذي (5/ 161 رقم 2910).
(5) جامع الترمذي (5/ 163 رقم 2915).
(6) سقط لفظ الجلالة من "الأصل".
(7) جامع الترمذي (5/ 162 رقم 12911).

(3/64)


2618 - عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارْق و (رتل) (1) كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) س (4) ت (5)، وقال: حديث حسن صحيح.

2619 - عن معاذ الجهني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرأ القرآن وعمل بما فيه أُلبس والداه تاجًا يوم القيامة، ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا".
رواه الإمام أحمد (6) - وعنده: "بالذي عمل به"- د (7).

2620 - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ القرآن فاستظهره، فأحل حلاله، وحرم حرامه، أدخله الله الجنة، وشفعه في عشرة من أهله، كلهم قد وجبت له النار".
رواه ق (8) - وليس عنده: "فاستظهره، وحل حلاله، وحرم حرامه"- ت (9)، وقال: حديث غريب.

2621 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تعلموا القرآن واقرءوه وارقدوا، فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشو مسكًا يفوح
__________
(1) في "الأصل": قيل. هو تحريف.
(2) المسند (2/ 192).
(3) سنن أبي داود (2/ 13 رقم 1464).
(4) السنن الكبرى (5/ 22 رقم 8056).
(5) جامع الترمذي (5/ 163 رقم 2914).
(6) المسند (3/ 440).
(7) سنن أبي داود (2/ 70 رقم 1453).
(8) سنن ابن ماجه (1/ 78 رقم 216).
(9) جامع الترمذي (5/ 158 رقم 2905).

(3/65)


ريحه كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب وكئ على مسك".
رواه س (1) ق (2) -وهذا لفظه- ت (3)، وقال: حديث حسن.

2622 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شغله القرآن عن ذكرى ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه".
رواه ت (4)، وقال: حديث حسن غريب.

2623 - عن ابن عباس قال: "قال رجل: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الحال المرتحل. قال: وما الحال المرتحل؟ قال: الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، فكلما حل ارتحل".
رواه ت (5)، وقال: حديث غريب.

2624 - عن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "القرآن شافع مشفع، وما حل (6) مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره قاده إلى النار".
رواه أبو حاتم البستي (7).
__________
(1) سنن النسائي الكبرى (5/ 227 رقم 8749).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 78 رقم 217).
(3) جامع الترمذي (5/ 144 رقم 2876).
(4) جامع الترمذي (5/ 169 رقم 2926).
(5) جامع الترمذي (5/ 181 رقم 4948).
(6) أي: خصم مجادل مصدق، وقيل: ساع مصدق، من قولهم: محل بفلان إذا سعى به إلى السلطان، يعني أن من اتبعه وعمل بما فيه فإنه شافع له مقبول الشفاعة، ومصدق عليه فيما يرفع من مساويه إذا ترك العمل به. النهاية (4/ 303).
(7) الإحسان (1/ 331 - 332 رقم 124).

(3/66)


506 - ذكر مثل قارئ القرآن
2625 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثل الذي يقرأ القرآن كمثل أترجَّة، طعمها طيب وريحها طيب، والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر ولا ريح لها".
رواه خ (1) م (2)، وفي لفظ قال: "المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به". وفيه: "والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به".

507 - ذكر أن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته
2626 - عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله أهلين من الناس. قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" (3).
رواه الإمام أحمد (4).

508 - ذكر حسن الصوت بالقرآن والجهر به
2627 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم يأذن الله لشيء ما أذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - يتغنى بالقرآن (5). وقال صاحب له: يريد يجهر به" (6).
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 683 رقم 5020).
(2) صحيح مسلم (1/ 549 رقم 797).
(3) رواه النسائي في السنن الكبرى (5/ 17 رقم 8031).
(4) المسند (3/ 127، 242).
(5) أي: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن، أي يتلوه يجهر به. النهاية (1/ 33).
(6) صحيح البخاري (8/ 686 رقم 5023).

(3/67)


وفي لفظ (1): "أن يتغنى بالقرآن" قال سفيان: تفسيره: ويسغني به.
رواه خ- وهذا لفظه- م (2)، وعنده: "يقول: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن، يجهر به".
وفي لفظ له (3): "ما أذن الله (لشيء) (4) كإذنه لنبي يتغى بالقرآن، يجهر به".

2628 - عن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عبد الله بن قيس -أو الأشعري- أعطي مزمارًا من مزامير داود".
رواه م (5).

2629 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي موسى: "لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود".
رواه م (6) -وهذا لفظه- خ (7)، وعنده قال له: "يا أبا موسى، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود".

2630 - عن فضالة بن عبيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "للَّه -عز وجل- أشد أذانًا (إلى) (8) الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة (9) إلى قينته".
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 686 رقم 5024).
(2) صحيح مسلم (1/ 545 رقم 792/ 233).
(3) صحيح مسلم (1/ 545 رقم 792/ 234).
(4) من صحيح مسلم.
(5) صحيح مسلم (1/ 546 رقم 793).
(6) صحيح مسلم (1/ 546 رقم 793).
(7) صحيح البخاري (8/ 710 رقم 5048).
(8) من المسند وسنن ابن ماجه.
(9) القينة: الأمة غنت أو لم تغن، والماشطة، وكثيرًا ما تطلق على المغنية في الإماء، وجمعها: قينات. النهاية (4/ 135).

(3/68)


رواه الإمام أحمد (1) ق (2).

509 - ذكر نزول السكينة والملائكة عند القراءة
2631 - عن أبي سعيد الخدري "أن أسيد بن حضير بينما هو يقرأ في مربده (3) إذ جالت (4) فرسه، فقرأ ثم جالت أخرى، فقرأ فجالت أيضًا، قال أسيد: فخشيت أن تطأ يحيى فقمتُ إليها، فإذا مثل الظلة فوق رأسي، فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها، قال: فغدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ ابن حضير. قال: فقرأت، ثم جالت أيضًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ ابن حضير. قال: فقرأت ثم جالت أيضًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ ابن حضير. قال: فانصرفت وكان يحيى قريباً منها خشيت أن تطأه، ورأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم".
رواه م (5)، ورواه خ (6) بنحوه معلقًا، وعنده: "بينما هو يقرأ سورة البقرة".

2632 - عن البراء قال: "كان رجل يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين، فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو (وجعل) (7) فرسه ينفر منها،
__________
(1) المسند (6/ 19، 20).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 425 رقم 1340).
(3) المربد: الموضع الذي تُحبس فيه الإبل والغنم. النهاية (2/ 182).
(4) يقال: جال واجتال؛ إذا ذهب وجاء. النهاية (1/ 317).
(5) صحيح مسلم (1/ 548 - 549 رقم 796/ 242).
(6) صحيح البخاري (8/ 680 رقم 5018).
(7) في "الأصل": فجعلت. والمثبت من الصحيحين.

(3/69)


فلما أصبح أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك (له) (1) فقال: تلك السكينة تنزلت بالقرآن".
رواه خ (2) -وهذا لفظه- م (3) وعنده: "فرس مربوط" وعنده: "للقرآن".

510 - ذكر التغني بالقرآن
2633 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " (ليس منا) (4) من لم يتغن بالقرآن" زاد غيره: "يجهر به".
رواه خ (5).

2634 - عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن".
رواه الإمام أحمد (6) -عن وكيع، قال وكيع: يعني: يستغني بن- د (7).

2635 - عن أبي لبابة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إن لم يكن حسن الصوت؟ قال: يحسنه ما استطاع. الراوي عن (ابن) (8) أبي مليكة
__________
(1) من الصحيحين.
(2) صحيح البخاري (8/ 674 رقم 5011).
(3) صحيح مسلم (1/ 247 رقم 795).
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (13/ 510 رقم 7527).

2634 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 172 - 173 رقم 969 - 971).
(6) المسند (1/ 172).
(7) سنن أبي داود (2/ 74 رقم 1469).
(8) من سنن أبي داود.

(3/70)


عبد الجبار بن الورد.
رواه د (1).

511 - ما ذكر كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -
2636 - عن قتادة قال: "سألت أنس بن مالك كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كان يمد مدًا" (2).
وفي لفظ (3) قال: "سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كانت مداً يمد (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد (بسم الله) ويمد (الرحمن) ويمد (الرحيم) رواهما خ.

2637 - عن أم سلمة "أنها سئلت عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كان
يقطع قراءته آية آية: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} (4).
رواه الإمام أحمد (5) د (6) ت (7) -ولم يذكر التسمية- وقال حديث غريب، وليس إسناده بمتصل.

2638 - وعن يعلى بن مملك: "أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلاته، فقالت: ما لكم وصلاته، كان يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 74 - 75 رقم 1471).
(2) صحيح البخاري (8/ 709 رقم 5045).
(3) صحيح البخاري (8/ 709 رقم 5046).
(4) سورة الفاتحة، الآيات: 1 - 4.
(5) المسند (6/ 302).
(6) سنن أبي داود (4/ 37 رقم 4001).
(7) جامع الترمذي (5/ 170 رقم 2927).

(3/71)


قدر ما ينام، ثم ينام قدر ما صلى، حتى يصبح. ونعتت لهم قراءته، فإذا هي قراءة مفسرة حرفًا حرفًا".
أخرجه الإمام أحمد (1) د (2) س (3) ت (4)، وقال: حديث حسن صحيح غريب.

512 - ذكر الترجيع في القراءة
2639 - عن معاوية بن قرة عن عبد الله بن مغفل قال: "قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة سورة "الفتح" فرجع فيها. قال معاوية: لو شئت أحكي لكم قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - لفعلت (5) ".
وفي لفظ (6) قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على ناقته -أو جمله- وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح -أو من سورة الفتح- قراءة (بينة) (7) وهو يرجع".
وفي لفظ (8): "ثم قرأ معاوية قراءة ابن مغفل، وقال: لولا أن يجتمع الناس عليكم لرجعت كما رجع ابن مغفل على النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقلت لمعاوية: كيف كان ترجيعه؟ قال: آآ آثلاث مرات". القائل لمعاوية: شعبة.
رواه خ -وهذا لفظه- م (9)، وليس عنده قول شعبة لمعاوية.
__________
(1) المسند (6/ 294، 300).
(2) سنن أبي داود (2/ 73 - 74 رقم 1466).
(3) سنن النسائي (2/ 118 رقم 1021).
(4) جامع الترمذي (5/ 167 رقم 2923).
(5) صحيح البخاري (8/ 447 رقم 4835).
(6) صحيح البخاري (8/ 710 رقم 5047).
(7) في صحيح البخاري: لينة يقرأ.
(8) صحيح البخاري (13/ 521 رقم 7540).
(9) صحيح مسلم (1/ 547 رقم 237).

(3/72)


513 - ذكر البكاء عند القراءة
2640 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرأ عليَّ القرآن. قال: فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل! قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري. فقرأت "النساء" حتى إذا بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} (1) رفعت رأسي -أو غمزني رجل (في) (2) جنبي، فرفعت رأسي- فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دموعه تسيل".
رواه خ (3) م (4) -وهذا لفظه- وفي رواية البخاري بعد "شهيد": "قال: حسبك الآن. فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان".

514 - ذكر قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أُبي بن كعب
2641 - عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك: "لم يكن الذين كفروا" قال: وسماني لك؟ قال: نعم. قال: فبكى".
رواه خ (5) م (6)، وهذا لفظه.
__________
(1) سورة النساء، الآية: 41.
(2) في صحيح مسلم: إلى.
(3) صحيح البخاري (8/ 712 رقم 5050).
(4) صحيح مسلم (1/ 551 رقم 800).
(5) صحيح البخاري (8/ 597 رقم 4959).
(6) صحيح مسلم (1/ 550 رقم 799).

(3/73)


515 - ذكر [قول] (1) المقروء عليه للقارئ أحسنت
2642 - عن عبد الله -يعني: ابن مسعود- قال: "كنت بحمص فقال لي بعض القوم: اقرأ (علينا. فقرأت) (2) عليهم سورة "يوسف". قال: فقال رجل من القوم: واللَّه ما هكذا أنزلت. قال: قلت: ويحك، والله لقد قرأتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لي: أحسنت. فبينا أنا أكلمه إذ وجدت منه ريح الخمر، قال: فقلت: أتشرب الخمر، وتُكذَّب بالكتاب؟ لا تبرح حتى أجلدك. قال: فجلدته الحد". رواه خ (3) م (4)، وهذا لفظه.

516 - كراهية الاختلاف في القرآن
2643 - عن جندب بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه". رواه خ (5) -وهذا لفظه- م (6).

2644 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- "أنه سمع رجلاً يقرأ آية سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - (قرأ) (7) خلافها، فأخذت بيده، فانطلقت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كلاكما محسن، فاقرآ -أكبر علمي قال- فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم" (8).
__________
(1) في "الأصل": القول.
(2) من صحيح مسلم.
(3) صحيح البخاري (8/ 663 رقم 5001).
(4) صحيح مسلم (1/ 551 - 552 رقم 801).
(5) صحيح البخاري (8/ 719 - 720 رقم 5061).
(6) صحيح مسلم (4/ 2053، 2054 رقم 2667).
(7) بياض في "الأصل" والمثبت من صحيح البخاري.
(8) أي أهلكهم الخلاف، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 721): في رواية المستملي "فأهلكوا" وعند ابن حبان والحاكم من طريق زر بن حبيش عن ابن مسعود في هذه القصة "فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف".

(3/74)


كذا رواه خ (1).

2645 - عن عبد الله بن عَمرو قال: "هجَّرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، قال: فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرف في وجهه الغضب، فقال: إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب".
رواه م (2).

517 - ذكر في كم يقرأ القرآن
2646 - عن عبد الله بن عمرو قال: "أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كَنَّته (3) فيسألها عن بعلها، فتقول له: نعم الرجل من رجل، لم يطأ لنا فراشًا، ولم يفتش لنا كنفًا (4) منذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه ذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - (فقال) (5) القني به. فلقيته بعد، فقال: كيف تصوم؟ قلت (6): كل يوم. قال: وكيف تختم؟ قلت: كل ليلة. قال: صم من كل شهر ثلاثة أيام، واقرأ القرآن في كل شهر. قلت: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: صم ثلاثة أيام في الجمعة. قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: أفطر يومين وصم يومًا. قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: صم أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليال مرة. قال: فليتني قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 720 رقم 5062).
(2) صحيح مسلم (4/ 2053 رقم 2666).
(3) الكنة: امرأة الابن وامرأة الأخ، والمراد هنا امرأة الابن. النهاية (4/ 206).
(4) أي: لم يُدخل يده معها، كما يُدخل الرجل يده مع زوجته في دواخل أمرها، وأكثر ما يروى بفتح الكاف والنون، ومن الكَنَف وهو الجانب، تعني أنه لم يقربها. النهاية (4/ 204 - 205).
(5) من صحيح البخاري.
(6) لأبي ذر: قلت أصوم. إرشاد الساري (7/ 483).

(3/75)


أني كبرت وضعفت، فكان يقرأ على بعض أهله السُّبْع من القرآن بالنهار، والذي يقرؤه يعرضه من النهار ليكون أخف عليه بالنيل، فإذا أراد أن يتقوى أفطر أيامًا وأحصى وصام (مثلهن) (1) كراهية أن يترك شيئاً فارق عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -"، وقال بعضهم في (ثلاث وفي خمس) (2) وأكثرهم على سبع (3).
وفي لفظ (4): "اقرأ القرآن في شهر. قلت: إني أجد قوة. قال: فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك".
رواه بكماله خ، وهذا لفظه، وروى مسلم (5) الحديث بنحوه، واللفظ الآخر مثله.

2647 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قرأ القرآن في أقل من ثلاثٍ لم يفقه".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) س (8) ق (9) ت (10)، وقال: حديث حسن صحيح.

2648 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لي: "اقرأ القرآن في كل ثلاث".
__________
(1) في صحيح البخاري.
(2) في رواية أبي ذر: "ثلاث أو في سبع". الفتح (8/ 715) وعزاها القسطلاني لأبي الوقت. إرشاد الساري (7/ 484).
(3) صحيح البخاري (8/ 712 - 713 رقم 5052).
(4) صحيح البخاري (8/ 713 رقم 5053).
(5) صحيح مسلم (2/ 814 رقم 1159/ 184).
(6) المسند (2/ 164، 193، 194).
(7) سنن أبي داود (2/ 56 رقم 1394).
(8) السنن الكبرى (5/ 25 رقم 8067).
(9) سنن ابن ماجه (1/ 428 رقم 1347).
(10) جامع الترمذي (5/ 182 رقم 2949).

(3/76)


رواه الإمام أحمد (1) د (2).

2649 - تعن سعد بن المنذر الأنصاري أنه قال: يا رسول الله، أقرأ القرآن في ثلاث؟ قال: نعم. وكان يقرؤه حتى توفي".
رواه الإمام أحمد (3) من رواية ابن لهيعة.

2650 - عن أوس بن حذيفة قال: "قدمنا على- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد ثقيف، قال: فنزلت الأحلاف على المغيرة بن شعبة، وأنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني مالك في قبة له، قال: كان كل ليلةٍ يأتينا بعد العشاء يحدثنا قائمًا على رجله حتى يرواح بين رجليه من طول القيام، وأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه من قريش، ثم يقول: لا سواء كنا مستضعفين مستذلين بمكة، فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم، نُدالُ عليهم ويدالون علينا. فلما كانت ليلة أبطأ (عن) (4) الوقت الذي كان يأتينا فيه، فقلنا: لقد أبطأت عنا الليلة. قال: إنه طرأ (5) عليَّ جزئي من القرآن فكرهت أجيء حتى أتمه. قال أوس سألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف تحزبون القرآن؟ (قالوا) (6): ثلاث، وخمس، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده".
__________
(1) المسند (2/ 198).
(2) سنن أبي داود (2/ 54 رقم 1391).
(3) سقط هذا الحديث مع ترجمة الصحابي من مسند أحمد المطبوع، انظر المسند الجامع (7/ 8 رقم 4798).
(4) في "الأصل": عند. والمثبت من سنن أبي داود.
(5) أي: ورد وأقبل، يقال: طرأ يطرأ -مهموزاً- إذا جاء مفاجأة، كأنه فجئه الوقت الذي كان يؤدي فيه ورده من القراءة، أو جعل ابتداءه فيه طروءًا منه عليه، وقد يترك الهمز فيقال: طرا يطرو طرؤا. النهاية (3/ 117).
(6) في "الأصل": قال. والمثبت من سنن أبي داود.

(3/77)


رواه الإمام أحمد (1) د (2) -وهذا لفظه- ق (3)، وفي رواية الإمام أحمد " (قالوا) " (4): نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من قاف حتى يختم".
ورواه الطبراني في معجمه (5): "فسألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحزب القرآن؟ فقالوا: كان يحزبه ثلاثاً وخمسًا ... ". فذكره.

518 - ذكر أن القرآن أنزل على سبعة أحرف
2651 - عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان -في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم- فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة ولم يقرئنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكدت أساوره (6) في الصلاة، فانتظرته حتى سلم فلببته (7) بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت له: كذبت، فوالله إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتك، فانطلقت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقوده، فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ (سورة) (8) "الفرقان" (على حروف لم تقرئنيها، وإنك أقرأتني سورة الفرقان) (8). فقال: يا هشام، اقرأها. فقرأها القراءة التي سمعته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هكذا
__________
(1) المسند (4/ 9، 343).
(2) سنن أبي داود (2/ 55 - 56 رقم 1393).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 427 - 428 رقم 1345).
(4) في "الأصل": قال. والمثبت من المسند.
(5) المعجم الكبير (1/ 220 - 221 رقم 599).
(6) أي: أواثبه وأقاتله. النهاية (2/ 420).
(7) بفتح اللام، وبموحدتين الأولى مشددة وتخفف، والأخرى ساكنة، أي: جمعت عليه ثيابه عند لبته. إرشاد السارى (7/ 478).
(8) من صحيح البخاري.

(3/78)


أُنزلت. ثم قال: اقرأ يا عمر. فقرأتها التي أقرأنيها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هكذا أنزلت (ثم قال) (1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن القرآن) (2) أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه".
رواه خ (3) -وهذا لفظه- م (4).

2652 - عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقرأني جبريل على (حرف) (5) فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف".
رواه خ (6) م (7).

2653 - عن أبي بن كعب: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عند أضاة (8) بني غفارٍ، فأتاه جبريل -عليه السلام- فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفٍ. فقال: أسأل الله -عز وجل- معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك. ثم أتاه الثانية، فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين. فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته (و) (9) إن أمتي لا تطيق ذلك. ثم أتاه الثالثة، فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك على ثلاثة أحرف. فقال: أسأل الله -عز وجل- معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك. ثم جاءه الرابعة، فقال: إن الله -عز وجل- يأمرك أن
__________
(1) في "الأصل": فقال. والمثبت من صحيح البخاري.
(2) من صحيح البخاري.
(3) صحيح البخاري (8/ 705 رقم 5041).
(4) صحيح مسلم (1/ 560 رقم 818).
(5) في "الأصل": حروف. والمثبت من الصحيح.
(6) صحيح البخاري (8/ 639 رقم 4991).
(7) صحيح مسلم (1/ 561 رقم 819).
(8) الأضاة -بوزن الحصاة-: الغدير، وجمعها أضًى وإضاء كأكم وإكام. النهاية (1/ 53).
(9) من صحيح مسلم.

(3/79)


تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرفٍ (قرءوا عليه فقد أصابوا) (1) ".
رواه م (2).

2654 - وروى (3) أيضًا عن أبي بن كعب قال: "كنت في المسجد فدخل رجل يصلي، فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضيا (الصلاة) (4) دخلنا جميعًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ (قراءة) (4) سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرآ، فحسن النبي - صلى الله عليه وسلم - شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية (5) فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقاً، وكأنما أنظر إلى الله -عز وجل- فرقاً، فقال لي: يا أُبي أُرسل إليَّ أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إليَّ الثانية: اقرأ على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إليَّ الثالثة اقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردةٍ رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليَّ الخلق كلهم حتى إبراهيم -عليه السلام".

2655 - عن حذيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لقيت جبريل -عليه السلام- عند أحجار المراء فقال: يا جبريل، إني أُرسلتُ إلى أمة أمية، الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ الفاني الذي لم يقرأ كتابًا قط. قال: إن القرآن نزل على سبعة أحرف".
__________
(1) في "الأصل": قرئ عليه فقد أصاب. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (1/ 562 - 563 رقم 820/ 274).
(3) صحيح مسلم (1/ 561 - 562 رقم 820/ 273).
(4) من صحيح مسلم.
(5) معناه وسوس لي الشيطان تكذيبًا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية؛ لأنه في الجاهلية كان غافلاً أو متشككًا، فوسوس لي الشيطان الجزم بالتكذيب. قاله النووى.

(3/80)


رواه الإمام أحمد (1)، وفي رواية (2): "لقد لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل بأحجار المراء، فقال: إن من أُمتك الضعيف فمن قرأ على حرفٍ فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه".
هذه الرواية من رواية إبراهيم بن مهاجر، وقد تُكلم فيه (3)، ورواه عنه سفيان الثوري، وقال: لا بأس به.

519 - ذكر القراء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -
2656 - عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله، وسالم، ومعاذ، وأُبيِّ بن كعب".
رواه خ (4) م (5)، وفي لفظٍ (6): "عبد الله بن مسعود، وسالم مولى (أبي) (7) حذيفة، (وأبي بن كعب) (7) ومعاذ بن جبل".

2657 - عن قتادة قال: "سألت أنس بن مالك من جمع القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد".
رواه خ (8) م (9).
__________
(1) المسند (5/ 400).
(2) المسند (5/ 401).
(3) ترجمته في التهذيب (2/ 211 - 214).
(4) صحيح البخاري (8/ 663 رقم 4999).
(5) صحيح مسلم (4/ 1913 رقم 2464/ 116).
(6) صحيح البخاري (7/ 128 رقم 3760)، وصحيح مسلم (4/ 1914 رقم 2464/ 118).
(7) من الصحيحين.
(8) صحيح البخاري (8/ 664 رقم 5003).
(9) صحيح مسلم (4/ 1914 - 1915 رقم 2465/ 120).

(3/81)


2658 - وعن أنس قال: "مات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال ونحنُ ورثناه".
رواه خ (1).

2659 - عن ابن عباسٍ قال: قال عمر: "أُبيٌّ أقرؤنا (وأقضانا علي) (2) وإنا لندع من لحن أُبي، وأبيٌّ يقول: أخذته من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فلا أتركه لشيء، قال الله -عز وجل-: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (3).
رواه خ (4).

2660 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" (5).
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 664 رقم 5004).
(2) ليست في رواية الصحيح المطبوع، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 671): كذا للأكثر، وبه جزم المزي في "الأطراف" فقال: ليس في رواية صدقة ذكر علي، قلت: وقد ثبت في رواية النسفي عن البخاري، فأول الحديث عنده: "علي أقضانا، وأبي اْقرؤنا، وقد ألحق الدمياطي في نسخته في حديث الباب ذكر علي، وليس بجيد، لأنه ساقط من رواية الفربري التي عليها مدار روايته، وقد تقدم في تفسير البقرة (8/ 16 - 17 رقم 4481) عن عمرو بن علي عن يحيى القطان بسنده هذا، وفيه ذكر علي عند الجميع.
__________
(3) سورة البقرة، الآية: 106.
(4) صحيح البخاري (8/ 664 رقم 5005).

2660 - خرجه الضياء في المختارة (6/ 225 - 227 رقم 2240 - 2242).
(5) رواه الترمذي (6/ 632 رقم 3791، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: أعله الحفاظ بالإرسال، إلا ذكر أبي عبيدة فإنه صحيح متصل - رواه البخاري في صحيحه (7/ 116 رقم 3744، 7/ 696 رقم 4382، 13/ 245 رقم 7255) - وانظر=

(3/82)


رواه الإمام أحمد (1) س (2) ق (3) وأبو حاتم بن حبان (4).

2661 - عن عبد الله بن عمرو قال: "كنت أصوم الدهر، واْقرأ القرآن كل ليلة، قال: فإما ذكرت للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإما أرسل إليَّ فأتيته، فقال لي: ألم أُخبر أنك تصوم الدهر، وتقرأ القرآن كل ليلة؟ فقلت: بلى يا نبي الله، ولم أرد بذلك لا الخير ... " وذكر الحديث.
رواه م (5).

2662 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "جمعت القرآن فقرأته في ليلة ... " وذكر الحديث.
رواه الإمام أحمد (6) س (7) ق (8).

2663 - عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث: "كانت قد جمعت القرآن، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمرها أن تؤم أهل دارها، وكان لها مؤذن، وكانت تؤم أهل دارها".
__________
=تفصيل الكلام عليه في تخريجي "لفضائل أمير المؤمنين عثمان بن عفان" رواية عبد الله ابن الإمام أحمد رقم (97) وللحافظ محمد بن عبد الهادي -تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية- رسالة في الكلام على هذا الحديث وبيان علله، قد انتهيت -بحمد الله- من تحقيقها.
(1) المسند (3/ 184، 281).
(2) سنن النسائي الكبرى (5/ 67 رقم 8242، 5/ 78 رقم 8287).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 55 رقم 154).
(4) موارد الظمآن (2/ 995 رقم 2218)، والإحسان (16/ 74 رقم 7131، 16/ 85 - 86 رقم 3137، 16/ 238 رقم 7252).
(5) صحيح مسلم (13/ 82 رقم 1159/ 182).
(6) المسند (2/ 163).
(7) السنن الكبرى (5/ 24 رقم 8064).
(8) سنن ابن ماجه (1/ 428 رقم 1346).

(3/83)


رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- د (2).

520 - ذكر كتبة القرآن وجمعه
قال الله -عز وجل-: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} (3)، وقال الله -عز وجل-: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَة أَقْلامٌ وَالْبَحْر يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيرٌ حَكِيمٌ) (4).

2664 - عن زيد بن ثابتٍ قال: "بينما نحن حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نؤلِّفُ القرآن من الرقاع، إذ قال: طوبى للشام. قيل: يا رسول الله، ولم ذلك؟ قال: إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها".
رواه الإمام أحمد (5) ت (6)، وقال: حديث غريب، إنما نعرفه من حديث يحيى بن أيوب.
قلت: وقد رواه غير يحيى بن أيوب بنحوه.

2665 - وعن زيد بن ثابت قال: "أرسل إليَّ أبو بكر -رضي الله عنه- مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عنده، فقال: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ (7) يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى إن استَحرَّ
__________
(1) المسند (6/ 405).
(2) سنن أبي داود (1/ 161 - 162 رقم 5912).
(3) سورة الكهف، الآية: 109.
(4) سورة لقمان، الآية: 27.
(5) المسند (5/ 185).
(6) جامع الترمذي (5/ 690 رقم 3954).
(7) أي: اشتد وكثر، وهو استغفل من الحر: الشدَّة. النهاية (1/ 364).

(3/84)


القتل بالقراء بالمواطن فيذهب بكثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف نفعل شيئًا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يُراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت (تكتبُ) (1) الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله (لو) (2) كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ مما أمرني بن من جمع القرآن. فقلت: كيف تفعلون شيئًا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: هو واللَّه خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدري أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعهُ من العُسُب (3) واللخاف (4) وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ... } (5) حتى خاتمة براءة، فكانت الصُّحفُ عند أبي بكر حتى توفاه اللَّهَ، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر". رواه خ (6).

2666 - عن أنس بن مالك: "أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام على فتح أرمينية (7) وأذْرَبيجان (8) مع أهل العراق، فأفزع حذيفة
__________
(1) في "الأصل": أكتب. والمثبت من صحيح البخاري.
(2) في "الأصل": لقد. والمثبت من صحيح البخاري.
(3) العسب: جريد النخل، وجمعه عُسُب بضمتين. النهاية (3/ 234).
(4) هي جمع لخفة، وهي حجارة بيض رقاق. النهاية (4/ 244).
(5) سورة التوبة، الآيتان: 128، 129.
(6) صحيح البخاري (8/ 627 رقم 4986).
(7) بكسر أوله ويفتح، وسكون ثانيه، وكسر الميم، وياء ساكنة، وكسر النون، وياء خفيفة مفتوحة، اسم لصقع عظيم واسع في جهة الشمال. معجم البلدان (1/ 191).
(8) بالفتح، ثم السكون، وفتح الراء، وكسر الباء الموحدة، وياء ساكنة، وجيم، وقد فتح=

(3/85)


اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمانُ إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القُرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما نزل بلسانهم. ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق" (1).

2667 - قال ابن شهاب: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت، (قال) (2) "فقدت آية من الأحزاب -حين نسخنا المصحف- قد كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقوا مَا عَاهَدوا اللَّهَ عَلَيْهِ) (3) فألحقناها في سورتها في المصحف" (4).
رواه خ، وفي لفظ (5): "مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادته بشهادة رجلين".
__________
=قوم الذال وسكنوا الراء، ومد آخرون الهمزة مع ذلك، وهو إقليم واسع. معجم البلدان (1/ 155 - 156).
(1) صحيح البخاري (7/ 627 رقم 4987).
(2) في "الأصل": فقال. والمثبت من صحيح البخاري.
(3) سورة الأحزاب، الآية: 23.
(4) صحيح البخاري (8/ 627 رقم 4988).
(5) صحيح البخاري (8/ 377 - 378 رقم 4784).

(3/86)


وفي لفظ له (1): قال ابن شهاب: اختلفوا يومئذ قى التابوت، فقال زيد: التابوتة. وقال ابن الزبير وسعيد بن العاص: التابوت، فرع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه التابوت؛ فإنه بلسان قريش".

2668 - عن عبد العزيز بن رفيع قال: "دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس فقال له شداد بن معقل: أترك النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين. قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه، فقاله: ما ترك لا ما بين الدفتين". رواه خ (2).

2669 - عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو". رواه خ (3) م (4)، وزاد: "فإني أخاف أن يناله العدو".
ورواه أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني في كتاب "المصاحف" (5) بطرق كثيرة فيها: "نهى أن يُسافر بالمصاحف إلى أرض العدو؛ مخافة أن يناله العدو".
وفي لفظ (6): "أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو؛ مخافة أن يناله العدو".

2670 - عن عقبة بن عامر قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أن القرآن جعل في إهاب (7) ثم ألقي في النار ما احترق". رواه الإمام أحمد (8).
__________
(1) لم أقف على هذا اللفظ في صحيح البخاري، وهو في جامع الترمذي (5/ 266 رقم 3104) بنحوه، والله أعلم.
(2) صحيح البخاري (8/ 682 رقم 5019).
(3) صحيح البخاري (6/ 155 رقم 2990).
(4) صحيح مسلم (3/ 1490 رقم 1869).
(5) كتاب المصاحف ص (205 - 210).
(6) كتاب المصاحف ص (205).
(7) الإهاب هو الجلد، وقيل: إنما يقال للجلد إهاب قبل الدبغ فأما بعده فلا. النهاية (1/ 83).
(8) المسند (4/ 151).

(3/87)


باب في فضائل القرآن
521 - فضل الفاتحة
2671 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم". رواه خ (1).

2672 - عن أبي سعيد بن المعلى قال: "كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أُصلي. فقال: ألم يقل الله - عز وجل-: (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) (2)؟ ثم قال لي: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد. ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلت له: ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: "الحمد للَّه رب العالمين" هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته".
رواه خ (3).

2673 - عن أبي سعيد الخدري: "أن ناسًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب، (فاستضافوهم) (4) فلم يضيفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راق؛ فإن سيد الحي لديغ -أو مصاب-؟ فقال رجل منهم: نعم. فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ الرجل فأعطي قطيعًا من الغنم، فأبى أن يقبلها، وقال: حتى أذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسم وقال: ما أدراك أنها رقية؟ ثم قال: خذوها، واضربوا (لي) (5) بسهم معكم"، وفي لفظ:
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 232 رقم 2703).
(2) سورة الأنفال، الآية: 24.
(3) صحيح البخاري (8/ 6 - 7 رقم 4474).
(4) في "الأصل": فاستضافوا. والمثبت من صحيح مسلم.
(5) من صحيح مسلم.

(3/88)


"يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل".
رواه خ (1) م (2) -وهذا لفظه- وفي رواية البخاري: "كنا في مسير لنا فنزلنا، فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم، وإنَّ نفرنا غيب (3) فهل منكم راق؟ فقام معها رجل قال: ما كنا نأبِنُه (4) برقيةٍ، فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية؟ أكنت ترقي؟
قال: لا، فما رقيت لا بأم الكتاب. قلنا له: لا تحدثوا حتى نأتي -أو نسأل - النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قدمنا المدينة ذكرنا للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: وما كان يُدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم".

2674 - عن ابن عباس: "أن نفرًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مروا بماء فيه لديغ -أو سليم- (5) فعرض لهم رجل من أهل الماء فقال: هل فيكم راق؟ إن في الماء رجلاً لديغًا -أو سليمًا- فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ فجاء بالشاءِ إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجراً. حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله".
أخرجه البخاري (6).
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 671 رقم 5007).
(2) صحيح مسلم (4/ 1727 رقم 2201).
(3) أي: إن رجالنا غائبون، والغَيَب -بالتحريك- جمع غائب، كخادم وخدم. النهاية (3/ 399).
(4) أي: ما كنا نعلم أنه يرقي فنعيبه بذلك. النهاية (1/ 17).
(5) السليم: اللديغ، يقال: سلمته الحية: أي لدغته، وقيل: إنما سمي سليماً تفاؤلاً بالسلامة، كما قيل للفلاة المهلكة: مفارة. النهاية (2/ 396).
(6) صحيح البخاري (10/ 209 رقم 5737).

(3/89)


522 - فضل سورة البقرة
2675 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجعلوا بيوتكم قبورًا؛ فإن البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان". أخرجه م (1).

2676 - عن سهل ين سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن لكل شيء سناماً، وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلة لم يدخله شيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارًا لم يدخله شيطان ثلاثة أيام".
رواه الطبراني (2) وابن حبان البستي (3).

523 - فضل آية الكرسي
2677 - عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: (اللهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) قال: فضرب في صدري، وقال: ليهنك العلم أبا المنذر". رواه م (4).

2678 - عن أبي هريرة قال: "وكلني النبي - صلى الله عليه وسلم - (بحفظ) (5) زكاة رمضان .. " وذكر الحديث "فأتاني آتٍ وجعل يحفو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... " فقص الحديث "فقال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي؛ فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان".
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 539 رقم 212).
(2) المعجم الكبير (6/ 163 رقم 5864).
(3) موارد الظمآن (2/ 773 رقم 1727).
(4) صحيح مسلم (1/ 556 رقم 810).
(5) في "الأصل": في. والمثبت من صحيح البخاري.

(3/90)


كذا رواه خ (1)، وقد رواه بطوله عن عثمان بن الهيثم، ولم يذكر سماعه منه، بل قال: وقال عثمان بن الهيثم.

2679 - عن أبي أيوب (2): "أنه كان في سهوة له، فكانت الغول تجيء فتأخذ، فشكاها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إذا رأيتها فقل: بسم الله، أجيبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قال: فجاءت) (3) فقال لها فأخذها، فقالت له: إني لا أعود. فأرسلها فجاء فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما فعل أسيرك؟ قال: أخذتها فقالت: إني لا أعود، فأرسلتها. فقال: إنها عائدة. فأخذها مرتين -أو ثلاثاً- كل ذلك تقول: لا أعود، ويجيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: ما فعل أسيرك؟ فيقول: أخذتها فتقول: لا أعود، فيقول لي: إنها عائدة. فأخذها فقالت: أرسلني وأعلمك شيئاً تقوله فلا يقربك شيء، آية الكرسي. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: صدقت وهي كذوب".
رواه الإمام أحمد (4) ت (5)، وقال: حديث حسن غريب.

2680 - عن أبي بن كعب قال: "كان لي جرن من تمر، فكان ينقص فحرسه ذات ليلة، فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم، فسلم عليه فرد عليه السلام، فقال: ما أنت؟ جني أم إنسي؟ قال: لا بل جني. قال: فناولني يدك. فناوله يده، فإذا يده يد كلب، وشعره شعر كلب. قال: هكذا خلق الجن؟ قال: قد علمت الجن أن ما فيهم رجل أشد مني. قال: فما جاء بك؟ قال: بلغنا أنك تحب الصدقة
__________
(1) صحيح البخاري (6/ 386 - 387 رقم 3275).
(2) زاد بعدها في "الأصل": له. وهي زيادة مقحمة.
(3) تكررت في "الأصل".
(4) المسند (5/ 423).
(5) جامع الترمذي (5/ 146 رقم 2880).

2680 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 33 - 37 رقم 1260 - 1262).

(3/91)


فجئنا نصيب من طعامك. قال: فما ينجينا منكم؟ قال: هذه الآية التي في سورة البقرة {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1) من قالها حين يمسي أجير منا حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح أجير منا حتى يمسي. فلما أصبح أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: صدق الخبيث".
رواه س في كتاب عمل يوم وليلة (2) بنحوه.
وقد ذكر نحو هذه الأحاديث عن معاذ بن جبل وزيد بن ثابتٍ وأبي أسيد الساعدي (3).

524 - ذكر آخر البقرة
2681 - عن أبي مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه". رواه خ (4) م (5).

2682 - عن ابن عباس قال: "بينا جبريل -عليه السلام- قاعد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع نقيضًا (6) من فوقه، فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط لا اليوم، فسلم (فقال) (7): أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة
__________
(1) سورة البقرة، الآية: 255.
(2) السنن الكبرى (6/ 239 رقم 10796، 10797).
(3) قال الحافظ ابن كثير في مسند الفاروق (2/ 568): وقد ورد نحو من هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، وقد اعتنى بجمع ذلك الإمام أبو بكر بن أبي الدنيا -رحمه الله- في كتابها "مكائد الشيطان".
(4) صحيح البخاري (8/ 672 رقم 509).
(5) صحيح مسلم (1/ 554 - 555 رقم 807).
(6) النقيض: الصوت، ونقيض المحامل: صوتها، ونقيض السقف: تحريك خشبه. النهاية (5/ 107).
(7) في صحيح مسلم: وقال.

(3/92)


الكتاب، وخواتيم سورة البقرة؛ لن تقرأ بحرفٍ منها إلا أعطيته".
أخرجه م (1).

2683 - عن النعمان بن بشير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، فأنزل منه آيتين فختم بهما سورة البقرة، فلا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان".
وفي رواية: "فلا تقرآن".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- ت (3)، وقال: حديث غريب.

525 - ذكر البقرة وآل عمران
2684 - عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول "اقرءوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرءوا الزهراوين (4): البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان (5)، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرءوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة". قال معاوية -هو ابن سلام: بلغني أن البطلة: السحرة. رواه م (6).

2685 - عن النواس بن سمعان الكلابي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 554 رقم 806).
(2) المسند (4/ 274).
(3) جامع الترمذي (5/ 147 رقم 2882).
(4) أي: المنيرتان، واحدتهما زهراء. النهاية (2/ 321).
(5) الغياية: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه كالسحابة وغيرها. النهاية (3/ 403).
(6) صحيح مسلم (1/ 553 رقم 804).

(3/93)


عمران. وضرب لهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال: كأنهما غمامتان، أو ظلتان سوداوان بينهما شرق (1)، أو كأنهما حزقان (2) من طير (صواف) (3) تحاجان عن صاحبهما". رواه م (4).

2686 - عن معقل بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكًا، واستخرجت {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (5) من تحت العرش، فوصلت بسورة البقرة". رواه الإمام أحمد (6).

2687 - عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: "كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول: تعلموا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة. ثم سكت ساعة، ثم قال: تعلموا سورة البقرة وآل عمران؛ فإنهما الزهراوان، يظلان صاحبهما يوم القيامة، كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو فرقان من طيرٍ صواف، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة -حين ينشق عنه قبره- كالرجل الشاحب (7)، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك. فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة. فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه (حلتين) (8) لا يقوم لهما أهل الدنيا،
__________
(1) الشرق ها هنا: الضوء، وهو الشمس والشق أيضًا. النهاية (2/ 464).
(2) الحزق والحزيقة: الجماعة من كل شيء، ويُروى بالخاء والراء. النهاية (1/ 378).
(3) في "الأصل": صاف. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) صحيح مسلم (1/ 554 رقم 805).
(5) سورة البقرة، الآية: 255.
(6) المسند (5/ 26).
(7) الشاحب: المتغير اللون والجسم، لعارض من سفر أو مرض ونحوهما، وقد شحب يشحب شحوبًا. النهاية (2/ 448).
(8) في "الأصل": حلتان. والمثبت من المسند.

(3/94)


فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال له: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها. وهو في صعود ما دام (يقرأ) (1) هذًّا كان أو ترتيلاً".
كذا رواه الإمام أحمد (2)، وروى منه ق (3) "يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب، فيقول: أنا الذي أسهرت ليلك، وأظمأت نهارك".
ورواه محمد بن هارون الروياني في مسنده (4)، وعنده: "وإن كل تاجر من وراء تجارته، وأنا اليوم لك من وراء كل تجارة"، وعنده: حلتان لا تقوم لهما الدنيا".

526 - ذكر فضل الكهف
2688 - عن أبي الدرداء أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من الدجال"، وقال شعبة: "من آخر الكهف. رواه م (5).

2689 - وعن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عُصم من فتنة الدجال".
رواه ت (6)، وقال: حديث حسن صحيح.

2690 - عن النواس بن سمعان الكلابي قال: "ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدجال ذات غداة ... "، وذكر الحديث، وفيه "فمن رآه منكم فليقرأ فواتح سورة
__________
(1) من المسند.
(2) المسند (5/ 348).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1242 رقم 3781).
(4) لم أجده في الجزء المطبوع من مسند الروياني، وأحاديث بريدة فيه (1/ 61 - 96) وقد رواه أبو الفضل الرازي في "فضائل القرآن" (157 - 158 رقم 129، 130) من طريق الروياني.
(5) صحيح مسلم (1/ 555 - 556 رقم 809).
(6) جامع الترمذي (5/ 149 رقم 2886).

(3/95)


الكهف". رواه م (1). وقد تقدم في كتاب الجمعة (2).

527 - ذكر فضل يَس
2691 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل شيء قلبًا، وقلب القرآن يَس، ومن قرأ يَس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات".
رواه ت (3) وقال: حديث غريب.

2692 - عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرءوا يَس على موتاكم".
"رواه الإمام أحمد (4) د (5) ق (6) س في كتاب عمل يوم وليلة (7)، وزاد الإمام أحمد: "ويَس قلب القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله -تبارك وتعالى- والدار الآخرة لا غفر له".

528 - ذكر فضل الدخان
2693 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ حَم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك".
رواه ت (8) وقال: حديث غريب.
__________
(1) صحيح مسلم (4/ 2250 - 2255 رقم 2937).
(2) يعني: فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، الحديثان (2303، 2304) والله أعلم.
(3) جامع الترمذي (5/ 149 - 150 رقم 2887).
(4) المسند (5/ 26).
(5) سنن أبي داود (3/ 191 رقم 3121).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 465 - 466 رقم 1448).
(7) السنن الكبرى (6/ 265 رقم 10913).
(8) جامع الترمذي (5/ 150 رقم 2888).

(3/96)


529 - ذكر فضل الواقعة
2694 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لا تصيبه فاقة أبدًا. وكان ابن مسعود يأمر بناته أن يقرأن بها كل ليلة" (1).

2695 - وعن عبد الله بن مسعود قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من قرأ الواقعة كل ليلة لم يفتقر" (1).

2696 - وعن أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "سورة الواقعة سورة الغنى؛ قاقرءوها وعلموها أولادكم؛ فإنهم لا يفتقرون إن شاء الله".
(رواهما) (2) أبو بكر بن مردويه في تفسيره.

530 - ذكر آخر سورة الحشر
2697 - عن معقل بن يسار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال حين يصبح ثلاث مرات: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر، وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيداً، ومن قالها حين يمسي (كان) (3) بتلك المنزلة".
رواه الإمام أحمد (4) ت (5)، وقال: حديث غريب.

531 - ذكر فضل سورة تبارك الملك
2698 - عن ابن عباس قال: ضرب بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خباءه على
__________
(1) قال الإمام أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر. انظر العلل المتناهية (1/ 112 - 113 رقم 151) وتخريج أحاديث الكشاف (3/ 411 - 414 رقم 1295):
(2) كذا في "الأصل".
(3) من المسند.
(4) المسند (5/ 26).
(5) جامع الترمذي (5/ 167 رقم 2922).

(3/97)


قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة "الملك" حتى ختمها (فأتى) (1) النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: يا رسول الله، ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر، وإذا قبر (فإذا فيه) (2) إنسان يقرأ "تبارك" حتى ختمها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هي المانعة، هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر".
رواه ت (3)، وقال: حديث غريب.

2699 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ".
رواه (ت) (4) وقال: حديث حسن. ورواه س في كتاب عمل يوم وليلة (5).

532 - ذكر "إِذا زلزلت" و"قل يا أيها الكافرون"
2700 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ "إذا زلزلت" عدلت له بنصف القرآن، ومن قرأ "قل يا أيها الكافرون" عدلت له بربع القرآن" (6).

2701 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا زلزلت" تعدل نصف القرآن و"قل يا أيها الكافرون" تعدل ربع القرآن" (7).
رواهما ت، وقال عنهما: غريب.

2752 - عن نوفل الأشجعي: "أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله،
__________
(1) في "الأصل": فأتوا. والمثبت من جامع الترمذي.
(2) من جامع الترمذي.
(3) جامع الترمذي (5/ 151 رقم 2890).
(4) في "الأصل": "د" والحديث في جامع الترمذي (5/ 151 رقم 2891).
(5) السنن الكبرى (6/ 178 رقم 10546).
(6) جامع الترمذي (5/ 152 رقم 2893).
(7) جامع الترمذي (5/ 153 رقم 2894).

(3/98)


علمني شيئًا أقوله إذا أويت إلى فراشي. قال: اقرأ" (قل) (1) يا أيها الكافرون" فإنها براءة من الشرك".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) ت (4) س في كتاب عمل يوم وليلة (5).

533 - فضل قراءة سورة من القرآن عند النوم
2703 - عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يأخذ مضجعه يقرأ سورة من كتاب الله إلا وكل الله به ملكًا، فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهب متى هب".
رواه الإمام أحمد (6) ت (7) س في كتاب عمل يوم وليلةٍ (8).

534 - فضل سورة الإِخلاص
2704 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القرآن في ليلة؟ فشق ذلك عليهم، وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: الله الواحد الصمد ثلث القرآن" (9). رواه خ (10).
__________
(1) ليست في "الأصل".
(2) المسند (5/ 456).
(3) سنن أبي داود (4/ 313 رقم 5055).
(4) جامع الترمذي (5/ 442 رقم 3403).
(5) السنن الكبرى (6/ 524 رقم 11709).
(6) المسند (4/ 125).
(7) جامع الترمذي (5/ 443 - 444 رقم 3407)، وقال الترمذي: هذا حديث إنما نعرفه من هذا الوجه.
(8) السنن الكبرى (6/ 203 رقم 10648).
(9) عند الإسماعيلي: "فقال: يقرأ "قل هو الله أحد" فهي ثلث القرآن" فكأن رواية البخاري بالمعنى، ويحتمل أن يكون سمى السورة بهذا الاسم لاشتمالها على الصفتين المذكورتين. قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري (8/ 678).
(10) صحيح البخاري (8/ 676 رقم 5015).

(3/99)


2705 - وعن أبي سعيد الخدري: "أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ "قل هو الله أحد" يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له -وكأن الرجل يتقالها- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن".
رواه خ (1)
2705م- وروى (2) عن أبي سعيد عن أخيه قتادة بن النعمان نحوه. قتادة هو أخو أبي سعيد من أمه.

2706 - عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: "قل هو الله أحد" تعدل ثلث القرآن".
رواه م (3)، وفي لفظ له (4): "قال: إن الله -عز وجل- جزء القرآن ثلاثة أجزاء فجعل "قل هو الله أحد" جزءًا من أجزاء القرآن".

2707 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احشدوا، فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن. قال: فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ "قل هو الله أحد" (ثم دخل) (5)، فقال بعضنا لبعض: إني أرى هذا خبر جاءه من السماء، فذاك الذي أدخله. ثم خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني قلت لكم سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ألا إنها تعدل ثلث القرآن". رواه م (6).

2708 - عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً على سرية فكان يقرأ
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 676 رقم 5013).
(2) صحيح البخاري (8/ 676 رقم 5014).
(3) صحيح مسلم (1/ 556 رقم 811/ 259).
(4) صحيح مسلم (1/ 556 رقم 811/ 260).
(5) من صحيح مسلم.
(6) صحيح مسلم (1/ 557 رقم 812).

(3/100)


لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ "قل هو الله أحد"، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن -عز وجل- فأنا أحب أن أقرأ بها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخبروه أن الله يحبه".
أخرجه خ (1) م (2)، وهذا لفظه.

2709 - عن أنس: "أن رجلاً كان يلزم قراءة "قل هو الله أحد" في الصلاة مع كل سورة، وهو يؤم أصحابه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يلزمك هذه السورة؟ قال: إني أحبها. قال: حبها أدخلك الجنة".
رواه خ (3) أطول من هذا تعليقًا -وقد سبق في القراءة في الصلاة (4) ورواه ت (5)، وقال: حديث صحيح غريب.

2710 - وعن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرأ كل يوم مائتي مرة "قل هو الله أحد" محي عنه ذنوب خمسين سنة، إلا أن يكون عليه دين. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه فقرأ "قل هو الله أحد" مائة مرة فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب: يا عبدي، ادخل على يمينك الجنة".
رواه ت (6)، وقال: حديث غريب.
__________
(1) صحيح البخاري (13/ 360 رقم 7375).
(2) صحيح مسلم (1/ 557 رقم 813).
(3) صحيح البخاري (2/ 298 رقم 774).
(4) الحديث رقم (1374).
(5) جامع الترمذي (5/ 156 رقم 2901).
(6) جامع الترمذي (5/ 154 - 155 رقم 2898).

(3/101)


2711 - أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني -بأصبهان- أن فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية أخبرتهم، أبنا محمد بن عبد الله بن ريذة، أبنا سليمان ابن أحمد الطبراني، ثنا إبراهيم بن صالح الشيرازي، ثنا عثمان بن الهيثم، ثنا محبوب بن هلال المزني (1)، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنس بن مالك قال: "نزل جبريل -عليه السلام- على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، مات معاوية بن معاوية المزني -رضي الله عنه- أتحب أن تصلي عليه؟ قال: نعم. فضرب بجناحيه فلم تبق شجرة ولا أكمة (2) إلا تضعضعت (3)، ورفع له سريره حتى نظر إليه فصلى عليه، وخلفه صفان من الملائكة، كل صف سبعون ألفًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل -عليه السلام-: يا جبريل ما بلغ هذا هذه المنزلة من الله تعالى؟ قال: بحبه "قل هو الله أحد" وقراءته إياها جائيًا وذاهبًا وقائمًا وقاعدًا وعلى كل حال".
كذا رواه الطبراني في معجمه (4)، ورواه (5) أيضًا: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان غازيًا بتبوك فأتاه جبريل ... " وذكر الحديث.

535 - ذكر المعوذتين
2712 - عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألم تر آيات أنزلت عليّ الليلة لم ير مثلهن (قط) (6) "قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس".
__________
(1) قال الذهبي في الميزان (3/ 442): محبوب بن هلال عن عطاء بن أبي ميمونة، لا يُعرف، وحديثه منكر.
(2) الأكمة: الرابية، وجمعها إكام بالكسر. النهاية (1/ 59).
(3) أي: خضعت وذلت. النهاية (3/ 88).
(4) المعجم الكبير (19/ 428 - 429 رقم 1040).
(5) المعجم الكبير (19/ 429 رقم 1041).
(6) من صحيح مسلم.

(3/102)


رواه م (1).

2713 - عن عبد الله بن خبيب الأنصاري قال: خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي بنا، فأدركناه، فقال: قل. فلم أقل شيئًا، ثم قال: قل. فلم أقل شيئًا، ثم قال: قل. فقلت: يا رسول الله، ما أقول؟ قال (قل) (2) "قل هو الله أحد" و"المعوذتين" حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) س (5) ت (6)، وقال: حديث حسن صحيح غريب. ولفظ الإمام أحمد: "تصبح ثلاثًا يكفيك كل يوم مرتين".

2714 - عن عقبة بن عامر قال: "كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا عقبة قل. فقلت: ما أقول يا رسول الله؟ فسكت عني ثم قال: يا عقبة قل. قلت: ماذا أقول يا رسول الله؟ فسكت عني، فقلت: اللهم اردده عليَّ. فقال: يا عقبة، قل. فقلت: يا رسول الله ما أقول؟ فقال: "قل أعوذ برب الفلق" فقرأتها حتى أتيت على آخرها، ثم قال: قل. فقلت: ما أقول يا رسول الله؟ فقال: "قل أعوذ برب الناس" فقرأتها حتى أتيت على آخرها، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: ما سأل سائل بمثلهما، ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما".
رواه الإمام أحمد (7) س (8) -وهذا لفظه- ولفظ الإمام أحمد: "ألا أخبرك
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 558 رقم 814).

2713 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 287 - 288 رقم 248 - 250).
(2) من جامع الترمذي.
(3) المسند (5/ 312).
(4) سنن أبي داود (4/ 321 - 322 رقم 5082).
(5) سنن النسائي (8/ 250 - 251 رقم 5443).
(6) جامع الترمذي (5/ 530 رقم 3575) واللفظ له.
(7) المسند (4/ 144).
(8) سنن النسائي (8/ 253 - 254 رقم 5453).

(3/103)


بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قال: قلت: بلى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قل أعوذ برب الناس" و"قل أعوذ برب الفلق" هاتين السورتين".
وفي لفظ (1): "لن تقرأ شيئًا أبلغ عند الله من "قل أعوذ برب الفلق".
وفي لفظ (2): "لم يقرأ سورة أحب إلى الله -عز وجل- ولا أبلغ عنده من "قل أعوذ برب الفلق".

2715 - عن ابن عابس الجهني قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يا ابن عابس، ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس).
رواه الإمام أحمد (3).

2716 - عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما "قل هو الله أحد" و"قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس"، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مراتٍ".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- م (5).

536 - ذكر من لم يكن في جوفه شيء من القرآن
2717 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الذي ليس في جوفه
__________
(1) المسند (4/ 149).
(2) المسند (4/ 155).
(3) المسند (4/ 153).
(4) صحيح البخاري (8/ 679 - 680 رقم 5017).
(5) لم أجده في صحيح مسلم بهذا السياق، ولم يعزه له المزي في تحفة الأشراف (12/ 60 - 61 رقم 16537)، وفي صحيح مسلم (4/ 1723 رقم 2192) حديث آخر لعائشة بنحوه، والله أعلم.

(3/104)


شيء من القرآن كالبيت الخرب".
رواه الإمام أحمد (1) ت (2)، وقال: حديث حسن صحيح.

537 - ذكر من حفظ شيئًا من القرآن ثم نسيه
2718 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عرضت عليَّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت عليَّ ذنوب أُمني، فلم أر ذنبًا أعظم من سورة من القرآن -أو آية- أعطيها رجل ثم نسيها".
رواه د (3).

538 - ذكر من يرفض القرآن
2719 - عن سمرة بن جندب قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ فيقص عليه من شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة: إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ (4) رأسه فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثلما فعل به مرة الأولى، قال: قلت لهما: سبحان الله ما هذا؟ قالا لي: انطلق
__________
2717 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 536 - 537 رقم 524 - 526).
(1) المسند (1/ 223).
(2) جامع الترمذي (5/ 162 رقم 2913).
(3) سنن أبي داود (1/ 126 رقم 461).
(4) الثلغ: الشدخ، وقيل: هو ضربك الشيء الرطب بالشيء اليابس حتى ينشدخ. النهاية (1/ 220).

(3/105)


انطلق ... " فذكر الحديث "قال: قلت لهما: فإني رأيت منذ الليلة عجبًا، فما هذا الذي رأيت؟ قال: قالا لي: أما إنا سنخبرك، أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه (1)، وينام عن الصلاة المكتوبة".
رواه خ (2).

539 - ذكر كراهية سؤال الناس بالقرآن
2720 - عن عمران بن حصين: "أنه مرَّ على قاصٍّ قرأ ثم سأل، فاسترجع، وقال: سمعت رسول الله يقول: من قرأ القرآن فليسأل الله -عز وجل- (به) (3) فإنه سيجيء قوم يقرءون القرآن يسألون الناس به".
رواه الإمام أحمد (4) ت (5).
آخر الجزء الثامن من أجزاء مصنفه
__________
(1) قال ابن هبيرة: رفض القرآن بعد حفظه جناية عظيمة؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه، فلما رفض أشرف الأشياء -وهو القرآن- عوقب في أشرف أعضائه -وهو الرأس. من فتح الباري (12/ 464).
(2) صحيح البخاري (12/ 457 - 458 رقم 7047).
(3) من المسند وجامع الترمذي.
(4) المسند (4/ 439).
(5) جامع الترمذي (5/ 164 رقم 2917)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن ليس إسناده بذاك.

(3/106)