السنن
والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن
كتاب الزكاة
3081 - عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا إلى
اليمن فقال: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم
أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله -تعالى- قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم
وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم
تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم".
رواه خ (1) وهذا لفظه.
3082 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بني الإسلام
على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللُّه وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام
الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان".
رواه خ (2) م (3).
3083 - عن أبي هريرة قال: "لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان
أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله
إلا الله؛ فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؟
فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة
__________
(1) صحيح البخاري (7/ 303 رقم 1395)، والحديث في صحيح مسلم (1/ 50 - 51 رقم
19) أيضًا.
(2) صحيح البخاري (1/ 64 رقم 8).
(3) صحيح مسلم (1/ 45 رقم 16) واللفظ له.
(3/236)
والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو
منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى (رسول) (1) الله - صلى الله عليه وسلم -
لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله -عز وجل- شرح
صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق".
رواه خ (2) -وهذا لفظه، وعنده (3) أيضًا: "عقالاً"- م (4) وعنده: عقالاً
حسب.
3084 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن
أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا
الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم، وحسابهم على
الله".
رواه خ (5) م (6)، وهذا لفظه.
3085 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن
أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا
الزكاة، فإذا فعلوا ذلك حرمت علي دماؤهم وأموالهم، وحسابهم على الله -عز
وجل".
رواه الدارقطني (7).
3086 - عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: "قلت: يا رسول الله، ما أتيتك
حتى حلفت من عددهن -لأصابع يديه- ألا آتيك ولا آتي دينك، وإني كنت امرأً لا
أعقل شيئًا إلا ما علمني الله ورسوله، وإني أسألك بوجه الله بم
__________
(1) غير واضحة في "الأصل" والمثبت من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (3/ 308 رقم 1399، 1400).
(3) صحيح البخاري (13/ 264 رقم 7284، 7285).
(4) صحيح مسلم (1/ 51 - 52 رقم 20).
(5) صحيح البخاري (1/ 94 - 95 رقم 25).
(6) صحيح مسلم (1/ 52 - 53 رقم 22).
(7) سنن الدارقطني (1/ 231 - 232 رقم 1).
(3/237)
بعثك ربك إلينا؟ قال: بالإسلام. قلت: وما
آيات الإسلام؟ قال: تقول: أسلمت وجهي إلى الله (وتخليت) (1) وتقيم الصلاة
(وتؤتي الزكاة) (2) ".
رواه الإمام أحمد (3) س (4)، وهذا لفظه.
باب ما يجب فيه الزكاة
1 - ذكر زكاة الذهب والورق
3087 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"ليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود (5) صدقة، وليس فيما
دون خمس أوسق صدقة".
رواه خ (6) م (7)، وفي لفظٍ له: "ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب
صدقة" وفي لفظ له بدل "التمر": "ثمر" بالثاء المثلثة.
3088 - عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الوسق ستون
صاعًا".
__________
(1) من سنن النسائي.
(2) سقطت من "الأصل" وأثبتها من سنن النسائي، ومن أجلها أورد المؤلف -رحمه
الله- هذا الحديث هنا.
(3) مسند أحمد (4/ 446 - 447، 5/ 3، 4).
(4) سنن النسائي (5/ 7 رقم 2435).
(5) الذود من الإبل ما بين الثنتين إلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث إلى
العشر، واللفظة مؤنثة ولا واحد لها من لفظها كالنعم، وقال أبو عبيد: الذود
من الإناث دون الذكور، والحديث عام فيهما؛ لأن من ملك خمسة من الإبل وجبت
عليه فيها الزكاة ذكوراً كانت أو إناثاً. النهاية (2/ 171).
(6) صحيح البخاري (3/ 318 - 319 رقم 1405) وأطرافه في (1447، 1459، 1484).
(7) صحيح مسلم (2/ 673 - 675 رقم 979).
(3/238)
رواه الإمام أحمد (1) ق (2)، ولأبي داود
(3): "والوسق ستون مختومًا".
3089 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"الوسق ستون صاعاً".
رواه ق (4) وهو من رواية محمد بن عبيد الله، وأظنه العرزمي، وقد ضعفه غير
واحد من الأئمة (5).
3090 - عن جابر بن عبد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
"ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذودٍ من الإبل
صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة".
رواه م (6).
3091 - عن أنس: "أن أبا بكر كتب له لما وجهه إلى البحرين: وهذه فريضة
الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين والتي أمر
الله به رسوله"، وفيه: "وفي الرقة (7) ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين
ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها".
رواه خ (8).
__________
(1) مسند أحمد (3/ 83).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 586 رقم 1832).
(3) سنن أبي داود (2/ 94 رقم 1559) قال أبو داود: أبو البختري -راوي الحديث
عندهم جميعاً عن أبي سعيد- لم يسمع من أبي سعيد.
(4) سنن ابن ماجه (1/ 587 رقم 1833).
(5) ترجمته في التهذيب (26/ 41 - 44).
(6) صحيح مسلم (2/ 675 رقم 980).
(7) الرقة: بكسر الراء وتخفيف القاف: الفضة الخالصة.
(8) صحيح البخاري (3/ 371 - 372 رقم 1454).
(3/239)
3092 - عن علي -رضي الله عنه- عن النبي -
صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانت مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها
خمسة دراهم، وليس عليك شيء -يعني في الذهب- حتى يكون لك عشرون ديناراً،
فإذا كانت لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد
فبحساب ذلك -قال: فلا أدري أعلي قال: فبحساب ذلك، أو رفعه إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم - وليس فيما مال زكاة حتى يحول عليه الحول".
رواه د (1).
3093 - وعن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد عفوت عن
الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين (درهمًا درهمًا) (2)، وليس
في تسعين ومائة شيء، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) -وهذا لفظه- ت (5).
3093م- وروى ق (6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد عفوت
لكم عن صدقة الخيل والرقيق، ولكن هاتوا ربع العشور من كل أربعين (درهمًا
درهمًا) (7) ".
رواه ابن ماجه من رواية أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي. والذي قبله من رواية
عاصم بن ضمرة، عن علي.
قال الترمذي: وروى سفيان الثوري وابن عيينة وغير واحد، عن أبي إسحاق
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 100 - 101 رقم 1573).
3093 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 140 - 141 رقم 511 - 512).
(2) في "الأصل": درهم. والمثبت من سنن أبي داود.
(3) مسند أحمد (1/ 92).
(4) سنن أبي داود (2/ 101 رقم 1574).
(5) جامع الترمذي (3/ 16 رقم 620) ورواه النسائي (5/ 37 رقم 2476، 2477)
أيضًا.
(6) سنن ابن ماجه (1/ 570 رقم 1790).
(7) في "الأصل": "درهم درهم" والمثبت من سنن ابن ماجه.
(3/240)
عن الحارث، عن علي: قال: وسألت محمدًا عن
هذا الحديث فقال: كلاهما عندي صحيح عن أبي إسحاق يحتمل أن يكون عنهما.
3094 - عن ابن عمر وعائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ
من كل عشرين دينارًا فصاعدًا نصف دينار، ومن الأربعين دينارًا (ديناراً)
(1) ".
رواه ق (2) والدارقطني (3)، وهو من رواية إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن
(جارية) (4) الأنصاري المدني، ضعفه س (5).
3095 - وروى (6) عن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول".
هو من رواية حارثة بن محمد بن عبد الرحمن، وقد تكلم فيه غير واحد (7).
3096 - عن صرد بن أبي المنازل قال: سمعت حبيبًا المالكي قال: "قال رجل
لعمران بن حصين: يا أبا نجيد، إنكم لتحدثون بأحاديث ما نجد لها أصلاً في
القرآن. فغضب عمران، وقال للرجل: أوجدتم في كل أربعين درهمًا درهم، ومن كل
كذا وكذا شاة (شاة) (8) ومن (كل) (8) كذا وكذا بعيراً، كذا وكذا، أوجدتم
هذا في القرآن؟ قال: لا. قال: فعمن أخذتم هذا؟ أخذتموه عنا، وأخذناه عن نبي
الله
__________
(1) من سنن ابن ماجه.
(2) سنن ابن ماجه (1/ 571 رقم 1791).
(3) سنن الدارقطني (2/ 92 رقم 1).
(4) في "الأصل": حارثة. بالحاء والثاء المثلثة، وهو تصحيف، انظر الاكمال
لابن ماكولا (2/ 4).
(5) كتاب الضعفاء والمتروكين (39 رقم 1).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 571 رقم 1792).
(7) ترجمته في التهذيب (5/ 313 - 316).
(8) من سنن أبي داود.
(3/241)
- صلى الله عليه وسلم - وذكر أشياء نحو
هذا" (1).
حبيب هو ابن فضالة -وقيل: ابن أبي فضالة- المالكي.
2 - باب الزكاة في أموال اليتامى
3097 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
خطب الناس فقال: ألا من ولي يتيمًا له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله
الصدقة".
رواه ت (2) والدارقطني (3)، وقال الترمذي: وإنما روي هذا الحديث من هذا
الوجه، وفي إسناده مقال لأن المثنى بن الصباح يُضعف في الحديث.
ورواه الدارقطني (4) أيضا من طريق عبيد بن إسحاق العطار (5) عن مندل ابن
علي (6)، وكلاهما قد ضعف.
3098 - وروى (7) عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال:
"ابتغوا بأموال اليتامى، ولا تأكلها الصدقة".
3099 - وعن عبيد بن عمير أن عمر قال: "ابتغوا بأموال اليتامى لا تستهلكها
الزكاة": (8).
3100 - وعن نافع: "أن ابن عمر كان يزكي مال اليتيم، ويستقرض منه، ويدفعه
__________
(1) رواه أبو داود (2/ 94 رقم 1561).
(2) جامع الترمذي (3/ 32 رقم 641).
(3) سنن الدارقطني (2/ 109 - 110 رقم 1).
(4) سنن الدارقطني (2/ 110 رقم 2).
(5) ترجمته في الجرح والتعديل (5/ 401 - 402 رقم 1859).
(6) ترجمته في التهذيب (28/ 493 - 499).
(7) سنن الدارقطني (2/ 110 رقم 4).
(8) سنن الدارقطني (2/ 111 رقم 2).
(3/242)
مضاربة" (1).
3101 - عن صلت المكي عن ابن أبي رافع قال: "كانت أموالهم عند علي فلما
دفعها إليهم وجدوها تنقص، فحسبوها مع الزكاة فوجدوها تامة، فأتوا عليًّا،
فقال: كنتم ترون أن يكون عندي مال لا أزكيه".
رواه الدارقطني (2).
3 - باب زكاة الإِبل والغنم والبقر
3102 - عن أنس: "أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: بسم
الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - على المسلمين، والتي أمر الله به رسوله، فمن سئلها من المسلمين على
وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط، في كل أربع وعشرين من الإبل فما
دونها من الغنم من كل خمس شاة، إذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين
ففيها بنت مخاض (3) أنثى، فإذا بلغت ستة وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت
__________
(1) سنن الدارقطني (2/ 111 رقم 3).
(2) سنن الدارقطني (2/ 110 رقم 5).
(3) المخاض: اسم للنوق الحوامل، واحدتها خَلِفَة، وبنت المخاض وابن المخاض:
ما دخل في الثانية؛ لأن أمه قد لحقت بالمخاض: أي الحوامل، وإن لم تكن
حاملاً، وقيل: هو الذي حملت أمه أو حملت الإبل التي فيها أمه، وإن لم تحمل
هي، وهذا هو معنى ابن مخاض وبنت مخاض؛ لأن الواحد لا يكون ابن نوق، وإنما
يكون ابن ناقة واحدة، والمراد أن تكون وضعتها أمها في وقتٍ ما، وقد حملت
النوق التي وضعن مع أمها، وإن لم تكن أمها حاملًا، فنسبها إلى الجماعة بحكم
مجاورة أمها، وإنما سُمي ابن مخاض في السنة الثانية لأن العرب إنما كانت
تحمل الفحول على الإناث بعد وضعها بسنة ليشتد ولدها، فهي تحمل في السنة
الثانية وتمخض، فيكون ولدها ابن مخاض. النهاية (4/ 306).
(3/243)
لبون (1) أنثى، فإذا بلغت ستة وأربعين إلى
ستين ففيها حقة (2) طروقة الفحل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين
ففيها جذعة (3)، فإذا بلغت يعني ستة وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون،
فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة (ففيها حقتان طروقتا الجمل فإذا
ذادت على عشرين ومائة) (4) ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، ومن
لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت
خمسًا من الإبل ففيها شاة، وفي صدقة الغنم من سائمتها (5) إذا كانت أربعين
إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا
زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاثة شياه، فإذا زادت على ثلاثمائة
ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس
فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، وفي الرقة ربع العشر فإن لم تكن إلا تسعين
ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها. وفي هذا الكتاب: ومن بلغت صدقته بنت
مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه، ويعطيه المصدق عشرين
درهمًا أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه
يقبل منه وليس معه شيء، ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده
جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو
عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده
__________
(1) بنت اللبون وابن اللبون من الإبل ما أتى عليه ستتان ودخل في الثالثة،
فصارت أمه لبونًا، أي: ذات لبن؛ لأنها تكون قد حملت حملًا آخر ووضعته.
النهاية (4/ 228).
(2) الحِق والحقة من الإبل: ما دخل في السنة الرابعة إلى آخرها، وسُمي
بذلك؛ لأنه استحق الركوب والتحميل، ويجمع على حقاق وحقائق. النهاية (1/
415).
(3) الجذع من أسنان الدواب، وهو ما كان منها شاباً فتياً، فهو من الإبل ما
دخل في السنة الخامسة، ومن البقر والمعز ما دخل في السنة الثانية، وقيل:
البقر في الثالثة، ومن الضأن ما تمت له سنة، وقيل: أقل منها، ومنهم من
يخالف في بعض هذا التقدير. النهاية (1/ 250).
(4) سقط من الأصل، وأثبتها من صحيح البخاري.
(5) السائمة من الماشية: الراعية، يقال: سامت تسوم سَومًا، وأسمتها أنا.
النهاية (2/ 4).
(3/244)
الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة
ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن (بلغت) (1) عنده صدقة الحقة
وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطي شاتين أو عشرين
درهمًا، ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه
المصدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده
بنت مخاض، فإنها تقبل منه بنت مخاض ويُعطي معها عشرين درهمًا أو شاتين، ولا
يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار (2) ولا تيس إلا ما شاء المصدق، ولا يجمع
بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما
يتراجعان بينهما بالسوية".
رواه خ (3) وهو مقطع في كتابه فجمعناه.
3103 - عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: "أن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - كتب كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قُبض، فقرنه
بسيفه، فلما قبض عمل به أبو بكر حتى قُبض، وعمر حتى قُبض، وكان فيه (في)
(4) خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين
أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض إلى خمس وثلاثين، فإذا زدات ففيها ابنة
لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت ففيها حقة إلى ستين، فإذا زدات فجذعة إلى
خمس وسبعين، فإذا زادت ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإذا زادت ففيها حقتان
إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة، وفي كل
أربعين بنت لبون، وفي الشاء في كل أربعين شاة شاة إلى عشرين
__________
(1) تكررت في "الأصل".
(2) العَوار -بالفتح- العيب، وقد يُضم. النهاية (3/ 318).
(3) صحيح البخاري (3/ 365 - 366 رقم 1448، 3/ 368 رقم 1450، 3/ 369 رقم
1451، 3/ 370 - 371 رقم 1453، 3/ 371 - 372 رقم 1454، 3/ 376 رقم 1455).
(4) من جامع الترمذي.
(3/245)
ومائة، فإذا زادت فشاتان إلى مائتين، فإذا
زادت فثلاث شياه إلى ثلاثمائة شاة، فإذا زادت على ثلاثمائة شاة ففي كل مائة
شاة شاة، ثم ليس فيها شيء حتى تبلغ مائة ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين
مجتمع مخافة الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية، ولا يؤخذ
في الصدقة هرمة ولا ذات عيب. وقال الزهري: إذا جاء المصدق قسم الشاء
أثلاثاً: ثلث جياد، وثلث أوساط، وثلث شرار. وأخذ المصدق من الوسط، ولم يذكر
الزهري البقر.
رواه الإمام أحمد (1) د (2) ت (3) -وهذا لفظه- وقال: حديث حسن، وقد روى
يونس بن يزيد وغير واحد عن الزهري عن سالم هذا الحديث ولم يرفعوه، وإنما
رفعه سفيان بن حسين.
3103م- عن ابن شهاب قال: "هذه نسخة كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الذي كتبه في الصدقة وهي عند آل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال ابن
شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتها على وجهها، وهي التي انتسخ
عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله بن
عمر .. " فذكر الحديث قال: "فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات
لبون، حتى تبلغ تسعاً وعشرين ومائة، فإذا كانت ثلاثين ومائة ففيها بنتا
لبون وحقة، حتى تبلغ تسعاً وثلاثين ومائة، فإذا كانت أربعين ومائة ففيها
حقتان وبنت لبون حتى تبلغ (تسعًا) (4) وأربعين ومائة، فإذا كانت خمسين
ومائة ففيها ثلاث حقاق حتى تبلغ تسعاً وخمسين ومائة، فإذا كانت ستين ومائة
(ففيها أربع بنات لبون،
__________
(1) المسند (2/ 14).
(2) سنن أبي داود (2/ 98 رقم 1568).
(3) جامع الترمذي (6/ 13 - 19 رقم 621).
(4) في "الأصل": تسع. والمثبت من سنن أبي داود.
(3/246)
حتى تبلغ تسعًا وستين ومائة) (1) فإذا كانت
سبعين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون وحقه حتى تبلغ (تسعًا) (2) وسبعين ومائة،
فإذا كانت ثمانين ومائة ففيها حقتان وابنتا لبون، حتى تبلغ تسعًا وثمانين
ومائة، فإذا كانت تسعين ومائة ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون، حتى تبلغ (تسعًا)
(2) وتسعين ومائة، فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أي
السِّنَّين وجدت أخذت" وفي سائمة الغنم نحو حديث سفيان بن حسين، وفيه: "لا
يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار من الغنم، ولا تيس الغنم، إلا أن يشاء
المصدق".
رواه د (3).
3104 - عن (بهز) (4) بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قال: "في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون، لا تفرق إبل عن حسابها،
من أعطاها مؤتجراً فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله، عزمة من
عزمات ربنا -عز وجل- ليس لآل محمد منها شيء" (5).
رواه الإمام أحمد (6): "فأنا آخذها وشطر إبله".
3105 - عن يحيى بن الحكم أن معاذًا قال: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أصدق أهل اليمن فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعًا، ومن كل
أربعين مسنة. فعرضوا علي أن آخذ ما بين الأربعين أو الخمسين، وما بين
الستين والسبعين، وما
__________
(1) كما سنن أبي داود.
(2) في "الأصل": تسع. والمثبت من سنن أبي داود.
(3) سنن أبي داود (2/ 98 - 99 رقم 1570).
(4) في "الأصل": وهب. والمثبت من المسند.
(5) رواه أبو داود (2/ 101 رقم 1575) والنسائي (5/ 15 - 17 رقم 2443، 5/ 25
رقم 2448)، وصححه ابن خزيمة (4/ 18 - 19 رقم 2266).
(6) المسند (5/ 4).
(3/247)
بين الثمانين والتسعين، فأبيت ذاك، وقلت
لهم: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. فقدمت فأخبرت
النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين تبيعًا، ومن كل
أربعين مسنة، ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعاً، ومن الثمانين
مسنتين، ومن التسعين ثلاثة أتباع، ومن المائة مسنة وتبيعين، ومن العشرة
ومائة مسنتين وتبيعاً، ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتباع، قال:
وأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئاً إلا
أن تبلغ مسنة أو جذعاً. وزعم أن الأوقاص (1) لا فريضة فيها".
رواه الإمام أحمد (2).
قال الحافظ -رحمه الله-: قوله في هذا الحديث: "فقدمت فأخبرت النبي - صلى
الله عليه وسلم - فيه نظر؛ فإن الإمام أحمد (3) قد روى في حديث معاذ من
رواية عاصم ابن حميد السكوني: "أن معاذاً لما بعثه النبي - صلى الله عليه
وسلم - إلى اليمن خرج معه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصيه -ومعاذ راكب،
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي تحت راحلته- فلما فرغ قال: يا
معاذ، عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، أو لعلك أن تمر بمسجدي وقبري. فبكى
معاذ جشعًا (4) لفراق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. الحديث.
3106 - وروى مالك بن أنس في الموطأ (5) عن حميد بن قيس، عن طاوس
__________
(1) الأوقاص: جمع وَقَص -بالتحريك- وهو ما بين الفريضتين، كالزيادة على
الخمس من الإبل إلى التسع، وعلى العشر إلى أربع عشرة، وقيل: هو ما وجبت
الغنم فيه من فرائض الإبل، ما بين الخمس إلى العشرين، ومنهم من يجعل
الأوقاص في البقر خاصة، والأشناق في الإبل. النهاية (5/ 214).
(2) المسند (5/ 240).
(3) المسند (5/ 235).
(4) أي: فزعًا. النهاية (1/ 274).
(5) الموطأ (1/ 227 رقم 24).
(3/248)
اليماني: "أن معاذ بن جبل الأنصاري أخذ من
ثلاثين بقرة تبيعاً، ومن أربعين بقرة مسنة، وأتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ
منه شيئًا، قال: ولم (أسمع) (1) من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه
شيئًا حتى أقدم عليه فأسأله، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل
أن يقدم معاذ بن جبل".
3107 - عن معاذ قال: "بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن،
وأمرني أن آخذ من كل حالم دينارًا أو عدله (مغافر) (2)، وأمرني أن آخذ من
(كل) (2) أربعين بقرة مسنة، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعًا حوليًّا، وأمرني
فيما سقت السماء العشر، وما سقي بالدوالي نصف العشر".
رواه الإمام أحمد (3) -وهذا لفظه- د (4) ت (5) س (6) ق (7)، وقال الترمذي:
حديث حسن. ولم يذكروا قوله "حوليًّا" وما بعده إلا النسائي (8) فقد روى
"وأمرني فيما سقت السماء ... " إلى آخره.
وعند أبي داود (9): "أو عدله من المغافر - ثياب تكون باليمن".
3107 م- وعند النسائي (10) قال: "أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حين بعثني إلى اليمن أن لا آخذ من البقر شيئًا حتى تبلغ ثلاثين ففيها عجل
تابع جذع -أو جذعة-
__________
(1) في "الأصل": يسمع. والمثبت من الموطأ.
(2) من المسند.
(3) المسند (5/ 233).
(4) سنن أبي داود (2/ 101 - 102 رقم 1576 - 1578).
(5) جامع الترمذي (3/ 20 رقم 623).
(6) سنن النسائي (5/ 26 - 27 رقم 2449، 2451).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 576 - 577 رقم 1803).
(8) سنن النسائي (5/ 42 رقم 2489).
(9) سنن أبي داود (2/ 101 رقم 1576).
(10) سنن النسائي (5/ 27 رقم 2452).
(3/249)
حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين بقرة
ففيها مسنة".
3108 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "ليس في الإبل العوامل صدقة".
رواه الدارقطني (1) وقال: كذا قال غالب القطان، وهو عندي غالب بن عبيد
الله، والله أعلم.
3109 - وروى (2) أيضاً عن علي -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال:"ليس في البقر العوامل شيء".
وهو من رواية الحارث عن علي. رواه عاصم بن ضمرة عن علي قوله (3).
3110 - وروى (4) عن جابر -هو ابن عبد الله- قال: "لا يؤخذ من البقر التي
يحرث عليها من الزكاة شيء".
3111 - عن سعر -هو ابن ديسم- قال: "إني كنت في شعب من هذه الشعاب على عهد
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غنم لي، فجاءني رجلان على بعير، فقالا
لي: إنا رسولاً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليك لتؤدي صدقة غنمك.
فقلت: ما علي فيها؟ فقالا: شاة. فأعمد إلى شاة قد عرفت مكانها، ممتلئة
محضاً (5) وشحماً، فأخرجتها إليهما، فقالا: هذه شاة الشافع (6)، وقد نهانا
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن
__________
(1) سنن الدارقطني (2/ 103 رقم 1).
(2) سنن الدارقطني (2/ 103 رقم 3) من رواية أبي إسحاق عن الحارث وعاصم بن
ضمرة عن علي.
(3) رواه الدارقطني (2/ 103 رقم 4).
(4) سنن الدارقطني (2/ 103 رقم 5).
(5) أي: سمينة كثيرة اللبن، المحض في اللغة: اللبن الخالص، غير مشوب بشيء،
النهاية (5/ 302 - 303).
(6) الشافع: هي التي معها ولدها، سميت به لأن ولدها شفعها وشفعته هي، فصارا
شفعًا،=
(3/250)
نأخذ شافعًا. قلت: فأي شيء تأخذان؟ قالا:
عناق جذعة أو ثنية. قال: فأعمد إلى عناق معتاط -والمعتاط التي لم تلد ولدًا
وقد حان ولادها- فأخرجتها إليهما، فقالا: ناولناها. فجعلاها معهما على
بعيرهما، ثم انطلقا".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) -وهذا لفظه- س (3) وعند الإمام أحمد: "هذه
الشافع الحامل"، وعند النسائي: "هذه الشافع، والشافع: الحامل".
3112 - عن سويد بن غفلة قال: "أتانا مصدق النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "فجلست إليه وهو يقول: إن في عهدي أن لا آخذ من راضع لبن، ولا يجمع
بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع. وأتاه رجل بناقة كوماء فقال: خذها. فأبى أن
يأخذها".
رواه الإمام أحمد (4) -وهذا لفظه- د (5) س (6) ق (7).
3112م- وفي رواية أبي داود قال: "فعمد رجل منهم إلى ناقة كوماء. قال: قلت:
يا أبا صالح: ما الكوماء؟ قال: عظيمة السنام -قال: فأبى أن يقبلها. قال:
إني أحب أن تأخذ خير إبلي. فأبى أن يقبلها، قال: فخطم له أخرى دونها، فأبى
أن يقبلها، ثم خطم له أخرى دونها فقبلها، وقال: إني آخذها وأخاف أن يجد
عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: عمدت إلى رجل فتخيرت عليه
إبله".
__________
=وقيل شاة شافع إذا كان في بطنها ولدها ويتلوها آخر، وقوله في هذه الرواية
"هذه شاة الشافع" بالإضافة، كقولهم: صلاة الأولى، ومسجد الجامع. النهاية
(2/ 485).
(1) المسند (3/ 414، 415).
(2) سنن أبي داود (2/ 103 رقم 1581).
(3) سنن النسائي (5/ 32 - 33 رقم 2461).
(4) المسند (4/ 315).
(5) سنن أبي داود (2/ 102 - 103 رقم 1579، 1580).
(6) سنن النسائي (5/ 29 - 30 رقم 2456).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 576 رقم 1801).
(3/251)
3113 - عن (عمارة بن عمرو) (1) بن حزم عن
أبي بن كعب قال: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدقًا على بلي
وعذرة وجميع بني سعد بن هذيم من قضاعة، قال: فصدقتهم حتى مررت بآخر رجل
منهم -وكان منزله وبلده من أقرب منازلهم إلى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - بالمدينة قال: فلما جمع إليَّ ما له لم أجد عليه فيها إلا ابنة
مخاض، يعني: فأخبرته أنها صدقته، قال: فقال ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر،
وايم الله ما قام في مالي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا رسول له قط
قبلك، وما كنت لأقرض الله -تبارك وتعالى- ما لا لبن فيه ولا ظهر، ولكن هذه
ناقة (فتية) (2) سمينة (فخذها) (3) قال: فقلت له: ما أنا بآخذ ما لم أؤمر
به، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك قريب؛ فإن أحببت أن تأتيه
فتعرض عليه ما عرضت عليَّ -قال- فافعل؛ فإن قبله منك قبله، وإن رده عليك
رده. قال: فإني فاعل. قال: فخرج معي، وخرج بالناقة التي عرض عليَّ، حتى
قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فقال له: يا نبي الله،
أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي -وايم الله ما قام في مالي رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ولا رسوله قط قبله- فجمعت له مالي، فزعم أن ما عليَّ
فيه إلا ابنة مخاض، وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر، وقد عرضت عليه ناقة فتية
سمينة ليأخذها، فأبى عليَّ ذلك، وقال: ها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله
خذها. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذلك الذي عليك، فإن
تطوعت بخير قبلناه منك، وآجرك الله فيه. قال: فها هي ذه يا رسول الله، قد
جئتك بها فخذها. قال: فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبضها، ودعا
له في ماله بالبركة".
__________
3113 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 24 - 28 رقم 1254 - 1256).
(1) في "الأصل": عمار بن عمر. والمثبت من المسند، وعمارة بن عمرو بن حزم
ترجمته في التهذيب (12/ 254 - 256)، وهو في المختارة على الصواب، والله
أعلم.
(2) من المسند، وستأتي.
(3) تحرفت في "الأصل" والمثبت من المسند.
(3/252)
رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- د (2)
وأبو حاتم بن حبان (3).
3113م- وروى عبد الله بن الإمام أحمد في المسند (4) بإسناد عن غير أبيه، عن
(عمارة) (5) بن حزم عن أبي بن كعب: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بعثه مصدقًا ... " فذكر نحو حديث أبيه، وزاد فيه: "قال عمارة: وقد وليت
صدقاتهم في زمن معاوية فأخذت من ذلك (الرجل) (6) ثلاثين حقة، لألف وخمسمائة
بعير عليه".
3114 - عن عبد الله بن معاوية الغاضري -من غاضرة قيس- قال: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان: من عبد الله
وحده، وأنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة (عليه)
(7) كل عام ولا يعطي الهرم ولا الدرنة (8) ولا المريضة ولا الشَّرَط
اللئيمة (9)، ولكن من وسط أموالكم؛ فإن الله لم يسألكم خيره، ولم يأمركم
بشره".
رواه د (10).
3115 - عن سفيان بن عبد الله الثقفي: "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
__________
(1) المسند (5/ 142).
(2) سنن أبي داود (2/ 104 رقم 1583).
(3) موارد الظمآن (1/ 353 - 354 رقم 796).
(4) المسند (5/ 142).
(5) في "الأصل": عمرو. والمثبت من المسند، وهو عمارة بن عمرو بن حزم كما
تقدم، وسيأتي على الصواب.
(6) في "الأصل": الرجلين. والمثبت من المسند.
(7) في "الأصل": عليك. والمثبت من سنن أبي داود، والرافدة فاعلة من الرفد،
وهو الإعانة، يقال: رفدته أرفده إذا أعنته، أي: تعينه نفسه على أدائها.
النهاية (2/ 241).
(8) أي: الجرباء، وأصله من الوسخ. النهاية (2/ 115).
(9) أي: رذال المال، وقيل: صغاره وشراره. النهاية (2/ 460).
(10) سنن أبي داود (3/ 102 - 104 رقم 1582).
(3/253)
بعثه مصدقاً، وكان يَعُدُّ (على الناس) (1)
بالسخل (فقالوا) (2): تعد علينا بالسخل ولا تأخذ منها شيئاً. فلما قدم على
عمر بن الخطاب ذكر ذلك له، فقال له عمر: نعم، فعد عليهم بالسخلة يحملها
الراعي ولا تأخذها، ولا تأخذ الأكولة (3) ولا الرُّبَّى (4) ولا الماخض (5)
ولا فحل الغنم، وتأخذ الجذعة والثنية، وذلك عدل بين غذاء (6) المال (7)
وخياره".
رواه مالك بن أنس في الموطأ (8).
4 - ذكر الخلطة
3116 - عن السائب بن يزيد قال: "صحبت سعد بن أبي وقاص، فذكر كلامًا، فقال:
إني سمعته ذات يوم يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يفرق
بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق، والخليطان ما اجتمع على الحوض والراعي
والفحل".
رواه الدارقطني (9) من رواية ابن لهيعة، وقد تقدم الكلام فيه (10).
__________
(1) من الموطأ.
(2) في "الأصل": فقال. والمثبت من الموطأ.
(3) قال الإمام مالك في الموطأ: الأكولة هي شاة اللحم التي تُسمن لتأكل.
(4) الرُّبَّى: التي تُربي في البيت من الغنم لأجل اللبن، وقيل: هي الشاة
القريبة العهد بالولادة، وجمعها رُباب بالضم. النهاية (2/ 180).
(5) الماخض: هي التي أخذها المخاض، والمخاض: المطلق عند الولادة، يقال:
مخضت الشاة مخضًا ومخاضًا ومخاضًا، إذا دنا نتاجها. النهاية (4/ 306).
(6) الغذاء: السخال الصغار، وأحدها: غَذِي. النهاية (3/ 348).
(7) في الموطأ: غذاء الغنم.
(8) الموطأ (1/ 231 رقم 26).
(9) سنن الدارقطني (2/ 104 رقم 1).
(10) تحت الحديث رقم (60).
(3/254)
3116م- وقد تقدم (1) في حديث أنس الذي كتبه
له أبو بكر -رضي الله عنه-: "ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية
الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" (2). رواه
الإمام أحمد (3) د (4) ت (5).
5 - باب أين تصدق الأموال
3117 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "لا جلب (6) ولا جنب (7)، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم".
رواه د (8)، وروى الإمام أحمد (9) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: "لا تؤخذ (10) صدقات المسلمين على مياههم".
__________
(1) الحديث رقم (3102).
(2) رواه البخاري (3/ 368 - 369 رقم 1450، 1451).
(3) المسند (1/ 11 - 12).
(4) سنن أبي داود (2/ 103 - 104 رقم 1580).
(5) كذا وقع هذا الرمز في "الأصل" ولم أجد الحديث في جامع الترمذي، ولم
يعزه له المزي في التحفة (5/ 284 - 286 رقم 6582)، بل عزاه للبخاري وأبي
داود والنسائي وابن ماجه. والحديث في سنن النسائي (5/ 27 - 29 رقم 2454)
وسنن ابن ماجه (1/ 575 رقم 1800) والله أعلم.
(6) الجلب في الزكاة: هو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعًا، ثم
يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهى عن ذلك، وأمر أن
تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم. النهاية (1/ 281).
(7) الجنب في الزكاة: أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، ثم يأمر
بالأموال أن تجنب إليه، أي: تُحضر، فنهوا عن ذلك، وقيل: هو أن يجنب رب
المال بماله، أي: يبعده عن موضعه حتى يحتاج العامل إلى الإبعاد في اتباعه
وطلبه. النهاية (1/ 303).
(8) سنن أبي داود (2/ 107 رقم 1591).
(9) المسند (2/ 184 - 185).
(10) في المسند: تؤخذ.
(3/255)
6 - باب ليس في
العبيد والخيل والحمير زكاة
3118 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على
المسلم في فرسه وغلامه صدقة".
وفي لفظٍ "عبده" بدل: "غلامه".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2) وزاد قال: "ليس في العبد صدقة إلا صدقة
الفطر".
ولأبي داود (3): "ليس في الخيل والرقيق زكاة، إلا زكاة الفطر في الرقيق".
3118م- وقد تقدم حديث علي (4) -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: "قد عفوت عن الخيل والرقيق".
3119 - عن عمر -رضي الله عنه-: "وجاءه ناس من أهل الشام، فقالوا: إنا أصبنا
أموالاً خيلاً ورقيقًا نحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور. قال: ما فعله
صاحباي قبلي فأفعله. واستشار أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، وفيهم علي
-رضي الله عنه- فقال علي: هو حسن إن لم تكن جزية راتبة يؤخذون بها بعدك".
رواه الإمام أحمد (5).
3120 - عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الحمر،
قال: ما أنزل
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 383 رقم 1463، 1464).
(2) صحيح مسلم (2/ 675 - 676 رقم 982).
(3) سنن أبي داود (2/ 101 رقم 1574).
(4) الحديث رقم (3093).
(5) المسند (1/ 14).
(3/256)
عليَّ فيها (شيء) (1) إلا هذه الآية
الجامعة الفاذة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} (2) ".
رواه م (3).
7 - باب زكاة الزروع والثمار
تقدم حديث أبي سعيد الخدري (4) في "باب ما يجب فيه الزكاة".
3121 - عن سالم بن عبد اللَّه عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًّا (5) العشر، وما سقي بالنضح
نصف العشر".
رواه خ (6)، ولأبي داود (7): "فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان
بعلاً (8) العشر".
3122 - عن جابر بن عبد اللَّه عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال: "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من
الإبل صدقة، وليس فيما دون خمس أوسق من التمر صدقة". رواه م (9).
__________
(1) في "الأصل": شيئًا. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) سورة الزلزلة، الآيتان: 7، 8.
(3) صحيح مسلم (2/ 680 - 684 رقم 987).
(4) الحديث رقم (3087).
(5) العثري: هو من النخيل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة،
وقيل: هو العذي، وقيل: هو ما يُسقى سيحًا، والاْول أشهر. النهاية (3/ 182).
(6) صحيح البخاري (3/ 407 رقم 1483).
(7) سنن أبي داود (2/ 108 رقم 1596).
(8) البعل: هو ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا
غيرها، قال الأزهري: هو ما ينبت من النخل في أرض يقرب ماؤها، فرسخت عروقها
في الماء واستغنت عن ماء السماء والأنهار وغيرها. النهاية (1/ 141).
(9) صحيح مسلم (2/ 675 رقم 980).
(3/257)
3123 - وروى (1) أيضًا عن جابر بن عبد الله
أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فيما سقت الأنهار والغيم
العشور، وفيما سُقي بالسانية (2) نصف العشر".
3124 - عن معاذ قال: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن
فأمرني أن آخذ مما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالدوالي نصف العشر".
رواه الإمام أحمد (3) ق (4)، هو عنده: "سقت السماء أو سقي بعلاً العشر".
قال يحيى بن آدم: البعل والعثري والعذي هو الذي يسقى بماء السماء، و
(العثري) (5) ما زرع للسحاب خاصة ليس يصيبه إلا المطر، والبعل ما كان من
الكروم قد ذهبت عروقه في الأرض إلى الماء؛ فلا يحتاج إلى السقي الخمس سنين
أو الست، يحتمل ترك السقي، فهذا البعل، والسيل ماء الوادي إذا سأل، والغيل
(سيل) (6) دون سيل.
كذا رواه ق (7).
3125 - وعن معاذ بن جبل: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى
اليمن فقال: خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقرة
من البقر".
رواه د (8) ق (9).
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 675 رقم 981).
(2) السانية: الناقة التي يُستقى عليها. النهاية (2/ 415).
(3) المسند (5/ 230، 233).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 581 رقم 1818).
(5) في "الأصل": العشري. بالشين والمثبت من سنن ابن ماجه.
(6) في "الأصل": سيلاً. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(7) سنن ابن ماجه (1/ 581) بعد حديث معاذ السابق.
(8) سنن أبي داود (2/ 109 رقم 1599).
(9) سنن ابن ماجه (1/ 580 رقم 1814).
(3/258)
3126 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - "فيما سقت السماء والعيون العشر، وفيما سُقي بالنضح
نصف العشر".
رواه ت (1) ق (2).
3127 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "إنما سن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - الزكاة في هذه الخمسة: في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب،
والذرة".
رواه ق (3)، من رواية إسماعيل بن عياش، وقد تقدم الكلام فيه (4).
8 - باب خرص النخل (5) والعنب
3128 - عن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:
"إذا خرصتم فجدوا (6) ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع".
رواه الإمام أحمد (7) د (8) ت (9) س (10).
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 31 رقم 639)، ومال الترمذي إلى تصحيح إرساله.
(2) سنن ابن ماجه (1/ 580 - 581 رقم 1816).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 580 رقم 1815).
(4) تحت الحديث رقم (403).
(5) خرص النخلة والكرمة يخرصها خرصًا: إذا حزر ما عليها من الرطب تمرًا،
ومن العنب زبيبًا، فهو من الخرص: الظن؛ لأن الحزر إنما هو تقدير بالظن،
والاسم الخرص بالكسر. النهاية (2/ 22 - 23).
(6) الجداد -بالفتح والكسر- صرام النخل: وهو قطع ثمرتها، يقال: جد الثمرة
يجدها جدًا. النهاية (1/ 244).
(7) المسند (4/ 2، 3).
(8) سنن أبي داود (2/ 110 رقم 1605).
(9) جامع الترمذي (3/ 35 رقم 643).
(10) سنن النسائي (5/ 42 - 43 رقم 2490).
(3/259)
3129 - عن عائشة أنها قالت -وهي تذكر شأن
خيبر-: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود
فيخرص حين يطيب قبل أن يؤكل منه".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) والدارقطني (3)، وزاد هو والإمام أحمد: "ثم
يخير يهود يأخذونه بذلك الخرص، أو يدعونه إليهم بذلك الخرص، لكي تحصى
الزكاة قبل أن تُؤكل الثمار وتُفرق".
وروى ت (4) حديث عتاب بن أسيد قال: وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن ابن
شهاب، عن عروة، عن عائشة. وسألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا فقال: حديث
ابن جريج غير محفوظ، وحديث ابن المسيب عن عتاب بن أسيد أصح.
قال الحافظ أبو عبد الله: قال ابن جريج: "أُخبرت عن ابن شهاب". يعني: أنه
لم يسمعه منه.
3130 - عن ابن عمر قال: "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر
فقاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم، وغلبهم على الأرض والزرع والنخل فصالحوه ..
" فذكر الحديث، وفيه: "فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع وشيء ما
بدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في
كل عام فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه، فقال عبد الله: تطعموني السحت؟!
والله لقد جئتكم من أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من عدتكم من القردة
والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه ألاَّ أعدل عليكم. فقالوا:
بهذا قامت السماوات والأرض".
__________
(1) المسند (6/ 163).
(2) سنن أبي داود (2/ 110 رقم 1606).
(3) سنن الدارقطني (2/ 134 رقم 25، 26).
(4) جامع الترمذي (3/ 36 رقم 644).
(3/260)
رواه خ (1) تعليقًا، وأبو حاتم البستي (2).
3131 - عن عتاب بن أسيد قال: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن
يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيبًا كما تؤخذ صدقة النخل
تمراً".
رواه د (3) ت (4)، وقال: حديث حسن غريب.
3132 - وعن عتاب بن أسيد: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث على
الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم".
رواه ت (5) ق (6).
9 - باب ما لا يجوز إِخراجه من التمر في الصدقة
3133 - عن عوف بن مالك قال: "دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المسجد وبيده عصا -وقد علق رجل منا حشفًا (7) - فطعن العصا في ذلك القِنو
(8) وقال: لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها. وقال: إن رب هذه الصدقة
يأكل الحشف يوم القيامة".
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 385) كتاب الشروط باب إذا اشترط في المزارعة إذا شئت
أخرجتك.
(2) موارد الظمآن (2/ 743 - 746 رقم 1697)، والإحسان (11/ 607 - 609 رقم
5199).
(3) سنن أبي داود (2/ 110 رقم 1603، 1604)، وقال أبو داود: وسعيد -يعني ابن
المسيب- لم يسمع من عتاب شيئاً.
(4) جامع الترمذي (3/ 36 رقم 644).
(5) جامع الترمذي (3/ 36 رقم 644).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 582 رقم 1819).
(7) الحشف: اليابس الفاسد من التمر، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له كالشيص.
النهاية (1/ 391).
(8) القنو: العِذق بما فيه من الرطب، وجمعه أقناء. النهاية (4/ 116).
(3/261)
رواه د (1) س (2) ق (3).
3134 - عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف في الآية التي قال الله -عز وجل-:
(وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ) (4) قال: هو الجعرور (5)
ولون حبيق (6) فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تؤخذ في الصدقة".
رواه د (7) س (8)، وهذا لفظه.
10 - باب زكاة العسل
3135 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العسل:
"في كل عشرة أزقاق زق".
رواه ت (9) وقال: في إسناده مقال، ولا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
في هذا الباب كبير شيء.
3136 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "جاء هلال -أحد بني مُتْعَان
إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعشور نحل له، وكان سأله أن يحمي
وادٍ له- يقال له: سَلَبة- فحمى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك
الوادي، فلما ولي عمر بن الخطاب-
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 111 رقم 1608).
(2) سنن النسائي (5/ 43 - 44 رقم 2492).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 583 رقم 182).
(4) سورة البقرة، الآية: 267.
(5) الجعرور: ضرب من الدقل، يَحمل رطبًا صغاراً لا خير فيه. النهاية (1/
276).
(6) هو نوع من أنواع التمر رديء، منسوب إلى ابن حُبيق، وهو اسم رجل، وقد
يقال له: بنات حبيق، وهو تمر أغبر صغير مع طول فيه. النهاية (1/ 331).
(7) سنن أبي داود (2/ 110 - 111 رقم 1607) عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه.
(8) سنن النسائي (5/ 43 رقم 2491).
(9) جامع الترمذي (3/ 24 رقم 629).
(3/262)
رضي الله عنه- كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن
الخطاب يسأله عن ذلك، فكتب عمر: إن أدى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - من عشور نحله فاحم له سلبه، وإلا فإنما هو ذباب غيث
يأكله من يشاء".
رواه د (1) -وهذا لفظه- س (2)، وزاد أبو داود (3) قال: من كل عشر قرب قربة.
وقال سفيان بن عبد الله الثقفي. قال: وكان يحمي لهم واديين. (زاد) (4)
فأدوا إليه ما كانوا يؤدون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحمى لهم
وادييهم".
3137 - (وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن) (5) عمرو، عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - أنه: "أخذ من العسل العشر".
رواه ق (6).
3138 - عن أبي سيارة المتعي (7) قال: قلت: "يا رسول الله، إن لي نحلاً قال:
أدِّ العشر. قلت: يا رسول الله، احمها لي. فحماها لي".
رواه الإمام أحمد (8) ق (9)، وهذا لفظه.
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 109 رقم 1600).
(2) سنن النسائي (5/ 46 رقم 2498).
(3) سنن أبي داود (2/ 109 رقم 1601).
(4) من سنن أبي داود.
(5) تكررت في "الأصل".
(6) سنن ابن ماجه (1/ 584 رقم 1824).
(7) المتعي: بضم الميم والتاء ثالث الحروف وفي آخرها عين مهملة، هذه النسبة
إلى مُتُع، وهو بطن من فهم -فيما يظن السمعاني- ينسب إليه أبو سيارة عامر
بن هلال المتعي، كتب له النبي - صلى الله عليه وسلم -، والكتاب عند بني
عمه. اللباب في تهذيب الأنساب (3/ 161) ووقع في سنن ابن ماجه: المتقي.
بالقاف.
(8) المسند (4/ 236).
(9) سنن ابن ماجه (1/ 584 رقم 1823).
(3/263)
3139 - عن سعد بن أبي ذباب قال: "أتيت
النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت، وقلت: يا رسول الله، اجعل لقومي ما
أسلموا عليه. ففعل (واستعملني عليهم) (1) واستعملني أبو بكر بعد النبي -
صلى الله عليه وسلم - واستعملني عمر بعد أبي بكر، فقلت لقومي: إنه لا خير
في مال لا تؤدى صدقته؛ فأدوا زكاة العسل. قالوا: كم ترى؟ قلت: العشر. فأخذت
منهم العشر، فأتيت به عمر -رضي الله عنه- فباعه وجعله في صدقات المسلمين".
كذا رواه الطبراني (2)، ورواه الإمام أحمد (3) إلى قوله: "ثم استعملني عمر
بعده". ورواه الإمام الشافعي (4) -رضي الله عنه-.
11 - باب زكاة الركاز والمعدن
3140 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العجماء
جرحها جُبار (5)، والبئر جُبار والمعدن جبار، وفي الركاز (6) الخمس".
رواه خ (7) م (8).
__________
(1) من معجم الطبراني الكبير.
(2) المعجم الكبير (6/ 43 رقم 5458).
(3) المسند (4/ 79).
(4) مسند الشافعي (ص 92).
(5) الجبار: الهدر، والعجماء: الدابة. النهاية (1/ 236).
(6) الركاز عند أهل الحجاز: كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل
العراق المعادن، والقولان تحتملهما اللغة؛ لأن كلاًّ منهما مركوز في الأرض،
أي: ثابت، يقال: ركزه يركزه ركزاً إذا دفنه، وأركز الرجل إذا وجد الركاز،
والحديث إنما جاء في التفسير الأول وهو الكنز الجاهلي، وإنما كان فيه الخمس
لكثرة نفعه وسهولة أخذه. النهاية (2/ 258).
(7) صحيح البخاري (3/ 426 رقم 1499).
(8) صحيح مسلم (3/ 1334 رقم 1710).
(3/264)
3141 - وروى س (1): "أنه سئل عن اللقطة ...
" وفي آخره: وفي الركاز الخمس".
3142 - عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد من علمائهم: "أن رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - قطع لبلال بن الحارث المزني معادن (2) (القبلية)
(3) وهي من ناحية الفُرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى
اليوم".
رواه مالك في الموطأ (4).
3143 - عن الشعبي قال: "أتى رجلٌ علياً -رضي الله عنه- فقال: إني وجدت ألف
درهم وخمسائة درهم في قرية خربة. فقال (علي: أما لأقضين فيها قضاءً بينًا)
(5) إن كنت أصبتها في قرية خربه تحمل خراجها قرية عامرة فهي لأهل القرية،
وإن كانت لا تحمل خراجها غيرها فلنا الخمس، ولك سائرها".
رواه سعيد بن منصور.
12 - باب العروض إِذا كانت للتجارة
3144 - عن سمرة بن جندب: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا
أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع".
__________
(1) سنن النسائي (5/ 44 رقم 2493).
(2) المعادن: المواضع التي تستخرج منها جواهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس
وغير ذلك، واحدها معدن. النهاية (3/ 192).
(3) في "الأصل": القبيلة. والمثبت من الموطأ، قال ابن الأثير في النهاية
(4/ 10): القبلية منسوبة إلى قَبَل -بفتح القاف والباء- وهي ناحية من ساحل
البحر، بينها وبين المدينة خمسة أيام، وقيل: هي من ناحية الفُرع، وهو موضع
بين نخلة والمدينة، هذا هو المحفوظ في الحديث.
(4) الموطأ (1/ 219 رقم 8).
(5) أصابها طمس في "الأصل" والمثبت من سنن البيهقي (4/ 156).
(3/265)
رواه د (1).
3145 - وروى الدارقطني (2) عن سمرة بن جندب: "بسم الله الرحمن الرحيم من
سمرة بن جندب إلى بنيه سلام عليكم أما بعد، فإن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - كان يأمرنا برقيق الرجل أو المرأة الذين (هم) (3) تلاد (4) له، فهم
عمله لا يريد بيعهم، وكان يأمرنا أن لا نخرج عنهم من الصدقة شيئًا، وكان
يأمرنا أن نخرج من الرقيق الذي نعد للبيع".
3146 - عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه حماس -وكان يبيع الأدم وهذه الجعاب-:
"أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال له: يا حماس، أدِّ زكاة مالك. فقال:
ما لي من مال إلا بيع الأدم وهذا الجعاب. فقال له عمر: قومه ثم أدِّ زكاته.
ففعل".
رواه سعيد بن منصور.
13 - باب في المال المستفاد
3147 - عن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا
زكاة في مال حتى يحول عليه الحول".
رواه ق (5) والدارقطني (6) من رواية حارثة بن محمد، وقد ضعفه غير واحد من
الأئمة (7).
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 95 رقم 1562).
(2) سنن الدارقطني (2/ 127 - 128 رقم 9).
(3) من سنن الدارقطني.
(4) التلاد: المال الأصلي القديم. المعجم الوسيط (1/ 90).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 571 رقم 1792).
(6) سنن الدارقطني (2/ 90 - 91 رقم 3).
(7) ترجمته في التهذيب (5/ 313 - 316).
(3/266)
3148 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: "من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه
الحول".
رواه ت (1)، ورواه (2) عن ابن عمر موقوفًا من قوله، قال: وهذا أصح من حديث
عبد الرحمن بن (زيد) (3) بن أسلم -يعني: الذي تقدم- وعبد الرحمن بن زيد بن
أسلم ضعيف في الحديث؛ ضعفه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وغيرهما.
وقد رواه الدارقطني (4) من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (و) (5) من
حديث عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من رواية بقية عن
إسماعيل، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع/ عنه. وقال: رواه معتمر وغيره عن
(عبيد الله) (6) موقوفًا.
3149 - ورواه (7) أيضًا عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- قال: "ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول".
وهو من رواية حسان بن سياه عن ثابت، وقد ضعفه الدارقطني (8) وابن عدي (9).
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 25 - 26 رقم 631).
(2) جامع الترمذي (3/ 26 رقم 632).
(3) في "الأصل": عبد الرحمن. والمثبت من جامع الترمذي، وسيأتي على الصواب.
(4) سنن الدارقطني (2/ 90 رقم 1).
(5) ليست في الأصل.
(6) في "الأصل": عبد الله. والمثبت من سنن الدارقطني.
(7) سنن الدارقطني (2/ 91 رقم 5).
(8) ميزان الاعتدال (1/ 478 رقم 1806).
(9) الكامل (3/ 248 - 253) وذكر له هذا الحديث من مناكيره.
(3/267)
3150 - ورواه (1) من رواية علي (1) -رضي
الله عنه- وابن عمر (2) عنهما- موقوفًا.
14 - باب ما ذكر في الحلي
3151 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن امرأة أتت رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها -وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب-
فقال لها: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم
القيامة سوارين من نار؟ قال: (فخلعتهما) (3) فألقتهما إلى النبي - صلى الله
عليه وسلم -، وقالت: هما للَّه ولرسوله".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) -واللفظ له- ت (6) س (7)، وقال الترمذي: لا يصح
في هذا الباب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء.
وقال الترمذي: وقال بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم ابن
عمر وعائشة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك: "ليس في الحلي زكاة".
ورواية النسائي من رواية خالد بن الحارث مرفوعاً، ومن رواية معتمر بن
سليمان مرسلاً، قال: خالد بن الحارث أثبت عندنا من معتمر، وحديث معتمر أولى
بالصواب، واللَّه أعلم.
__________
(1) سنن الدارقطني (2/ 91 رقم 6).
(2) سنن الدارقطني (2/ 92 رقم 8).
(3) في "الأصل": فحذفتها. والمثبت من سنن أبي داود.
(4) المسند (2/ 178، 204، 208).
(5) سنن أبي داود (2/ 95 رقم 1563).
(6) جامع الترمذي (3/ 29 - 30 رقم 637).
(7) سنن النسائي (5/ 38 رقم 2478). وانظر تحفة الأشراف (6/ 309 رقم 8682).
(3/268)
3152 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه
وسلم - قالت: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى في يدي
فَتَخات (1) من ورق، فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول
الله. قال: أتؤدين زكاتهن؟ قلت: لا -أو ما شاء الله- قال: هو حسبك من
النار".
رواه د (2).
3153 - عن أم سلمة قالت: "كنت ألبس أوضاحًا (3) من ذهب، فقلت: يا رسول
الله، أكنز هو؟ فقال: ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي، فليس بكنز".
رواه د (4) من رواية عتاب بن بشير، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة (5)، وروى
الدارقطني (6) هذه الأحاديث الثلاثة.
3154 - وروى (7) عن أنس بن مالك: "أنه سئل عن الحلي فقال: ليس فيه زكاة".
3155 - وروى (8) عن نافع قال: "كانت المرأة من بنات عبد الله بن عمر تُصدق
بألف دينار، فيجعل لها من ذلك حليًّا بأربعمائة دينار، ولا يرى فيه صدقة".
__________
(1) جمع فتخة، وهي خواتيم كبار تُلبس في الأيدي. النهاية (3/ 408).
(2) سنن أبي داود (2/ 95 - 96 رقم 1565).
(3) نوع من الحُلي يُعمل من الفضة، سميت بها لبياضها، واحدها وضح. النهاية
(5/ 196).
(4) سنن أبي د اود (2/ 95 رقم 1564).
(5) ترجمته في التهذيب (19/ 286 - 289).
(6) روى الدارقطني حديث عائشة (2/ 105 - 106 رقم 1)، وروى حديث أم سلمة (2/
105 رقم 1)، وروى حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (2/ 112 رقم 7).
(7) سنن الدارقطني (2/ 109 رقم 6).
(8) سنن الدارقطني (2/ 109 رقم 7).
(3/269)
3156 - وعنه (1) أن ابن عمر قال: "لا زكاة
في الحلي".
3157 - وروي (2) عن أسماء بنت أبي بكر: أنها كانت تحلي بناتها الذهب ولا
تزكيه، نحوًا من خمسين ألف" (3).
15 - باب رضي المُصَدِّق (4)
3158 - عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إنكم سترون بعدي أثرة (5) وأمورًا تنكرونها. قالوا: يا رسول الله، كيف
تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي
لكم".
رواه خ (6) م (7)، وهذا لفظه.
3159 - عن وائل بن حجر قال: "سأل سلمة بن يزيد النبي - صلى الله عليه وسلم
- فقال: أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا (فما
تأمرنا) (8)؟. فقال: اسمعوا وأطيعوا؛ فإنما عليكم ما حملتم وعليهم ما
حملوا".
رواه م (9).
__________
(1) سنن الدارقطني (2/ 109 رقم 8).
(2) سنن الدارقطني (2/ 109 رقم 10).
(3) قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله -يعني: الإمام أحمد بن حنبل- يقول: في
زكاة الحلي عن خمسة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرون فيه
زكاة، وهم: أنس، وجابر، وابن عمر، وعائشة، وأسماء. اهـ. نقله ابن عبد
الهادي في التنقيح (2/ 1421).
(4) هو عامل الزكاة الذي يستوفيها من أربابها. النهاية (3/ 18).
(5) الأثرة -بفتح الهمزة والثاء- الاسم من آثر يُؤثر إيثارًا إذا أعطى،
أراد أنه يُستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء، والاستئثار:
الانفراد بالشيء. النهاية (1/ 22).
(6) صحيح البخاري (6/ 708 رقم 3603).
(7) صحيح مسلم (3/ 1472 رقم 1843).
(8) من صحيح مسلم.
(9) صحيح مسلم (3/ 1474 رقم 1846).
(3/270)
3160 - عن جرير بن عبد الله قال: "جاء ناسٌ
من الأعراب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن أناساً من
المصدقين يأتونا فيظلمونا. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
أرضوا مصدقيكم. قال جرير: ما صدر عني مصدق منذ سمعت هذا من رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - إلا وهو عني راض". رواه م (1).
3161 - عن بشير بن الخصاصية قال "قلنا: يا رسول الله، إن أهل الصدقة
(يعتدون) (2) علينا أفنكتم من أموالنا بقدر ما (يعتدون) (2)؟ فقال: لا".
رواه د (3).
3162 - عن جابر بن عتيك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "سيأتيكم
ركب مبغضون فإذا جاؤكم فرحبوا بهم، وخلوا بينهم وبين ما يبتغون، فإن عدلوا
فلأنفسهم، وإن ظلموا فعليها، وأرضوهم فإن تمام زكاتكم رضاهم، وليدعوا (لكم)
(4) ".
رواه د (5) وهو من رواية أبي الغصن. قال أبو داود: أبو الغصن هو (6) ثابت
ابن قيس بن الغصن.
قال الحافظ أبو عبد الله: وقد وثقه الإمام أحمد (7)، وضعفه يحيى بن معين في
رواية (8)، وفي رواية قال (9): ليس به بأس. وقال ابن حبان (8): لا يحتج
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 685 - 686 رقم 989).
(2) في "الأصل": يعتذرون. والمثبت من سنن أبي داود.
(3) سنن أبي داود (2/ 105 رقم 1587).
(4) في "الأصل": عليكم. والمثبت من سنن أبي داود.
(5) سنن أبي داود (2/ 105 رقم 1588).
(6) زاد بعدها في "الأصل": ابن. وهي زيادة مقحمة.
(7) الجرح والتعديل (2/ 456 رقم 1840).
(8) كتاب المجروحين (1/ 206).
(9) تاريخ الدوري (3/ 181 رقم 808).
(3/271)
بخبره إذا لم يتابعه غيره.
16 - باب ما جاء في عمال الصدقة
3163 - عن أبي حميد الساعدي قال: "استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
رجلاً من الأزد على صدقات بني سليم، يُدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبة،
قال: هذا ما لكم، وهذا هدية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فهلا
جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك؛ إن كنت صادقًا. ثم قام خطيبًا فحمد
الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما
ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت
أمه وأبيه حتى تأتيه هديته؛ إن كان صادقًا، والله لا يأخذ أحد منكم منها
شيئًا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحداً منكم لقي
الله يحمل بعيرًا له رغاء (1)، أو بقرة لها خوار (2)، أو شاة تَيْعِر (3)،
ثم رفع يديه حتى رُئي بياض إبطيه، قال: اللهم هل بلغت. بصر عيني، ومسمع
أذني".
رواه خ (4) م (5)، وهذا لفظه.
3164 - عن عدي بن عميرة الكندي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوقه كان غلولاً يأتي
يوم القيامة. قال: فقام إليه رجل من الأنصار -كأني أنظر إليه- فقال: يا
رسول الله، اقبل عني عملك. قال: وما لك؟ قال: سمعتك تقول كذا وكذا. قال:
وأنا أقوله
__________
(1) الرغاء: صوت الإبل. النهاية (2/ 240).
(2) الخوار: صوت البقر. النهاية (2/ 87).
(3) يقال: يَعَرَت العنز تيعِر -بالكسر- يُعاراً -بالضم- أي: صاحت. النهاية
(5/ 297).
(4) صحيح البخاري (13/ 175 رقم 7174).
(5) صحيح مسلم (3/ 1463 - 1464 رقم 1832/ 27).
(3/272)
الآن، من استعملناه منكم على عمل ليجيء
بقليله وكثيره فما أُوتي منه أخذ، وما نُهي عنه انتهى".
رواه م (1).
3165 - عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيتها".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) ق (4) ت (5)، وقال: حديث حسن (6).
3166 - عن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استعملناه على
عمل فرزقناه رزقاً، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول".
رواه د (7).
3167 - عن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري أن عبد الله بن أنيس
حدثه أنه تذاكر هو وعمر بن الخطاب يومًا الصدقة، فقال عمر: ألم تسمع رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - حين يذكر غلول الصدقة: أنه من غل منها بعير
-أو شاة- أتي به يوم القيامة يحمله".
رواه ق (8).
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1465 رقم 1833).
(2) المسند (4/ 143، 465).
(3) سنن أبي داود (3/ 132 رقم 2936).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 578 رقم 1809).
(5) جامع الترمذي (3/ 37 رقم 645).
(6) كذا في عارضة الأحوذي (3/ 145)، وتحفة الأشراف (3/ 157 رقم 3583)،
وتحفة الأحوذي (3/ 308 رقم 640)، وفي جامع الترمذي: حسن صحيح.
(7) سنن أبي داود (3/ 134 رقم 2943).
3167 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 258 رقم 148).
(8) سنن ابن ماجه (1/ 579 رقم 1810).
(3/273)
17 - باب في إِعطاء الصدقة
3168 - عن إبراهيم بن عطاء مولى عمران قال: حدثني أبي: "أن عمران بن حصين
استعمل على الصدقة، فلما رجع قيل له: أين المال؟ قال: وللمال أرسلتني؟!
أخذناه من حيث (كنا) (1) نأخذه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
ووضعناه حيث كنا نضعه".
رواه د (2) ق (3) -وهذا لفظه- وفي رواية أبي داود: "أن زيادًا -أو بعض
الأمراء- بعث عمران بن حصين على الصدقة".
3169 - عن أبي جحيفة قال: "قدم علينا مصدق النبي - صلى الله عليه وسلم -،
فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها في فقرائنا، فكنت غلامًا (يتيمًا) (4)
فأعطاني منها قلوصًا".
رواه ت (5)، وقال: حديث حسن.
3170 - عن طاوس قال: "في كتاب معاذ بن جبل: من أخرج من مخلاف (6) إلى مخلاف
فإن صدقته وعشرة يرد إلى مخلافه".
رواه سعيد بن منصور.
3171 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"المعتدي في الصدقة كمانعها".
__________
(1) من سنن ابن ماجه.
(2) سنن أبي داود (2/ 115 - 116 رقم 1625).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 579 رقم 1811).
(4) من جامع الترمذي.
(5) جامع الترمذي (3/ 40 رقم 649).
(6) المخلاف في اليمن كالرُّستاق في العراق، وجمعه المخاليف، أراد أنه يؤدي
صدقته إلى عشيرته التي كان يؤدي إليها. النهاية (2/ 70).
(3/274)
رواه د (1) ق (2) ت (3)، وقال: حديث غريب،
وهو من رواية سعد بن سنان، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة (4).
3172 - أخبرنا أسعد بن سعيد بن روح، أن فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية
أخبرتهم، أبنا محمد بن عبد الله، أبنا سليمان بن أحمد الطبراني، ثنا الحسن
بن علي المعمري، ثنا محمد بن هشام بن أبي خيرة السدوسي، ثنا (عُمَر) (5) بن
علي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس (عن) (6) جرير، عن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال: "المعتدي في الصدقة كمانعها".
كذا أخرجه الطبراني في معجمه (7).
18 - باب كراهية حبس الصدقة
3173 - عن عقبة بن الحارث قال: "صلى رسول الله-، فأسرع ثم دخل البيت فلم
يلبث أن خرج فقلت -أو قيل له- فقال: كنت خلفت في البيت تبرًا (8) من
الصدقة؟ فكرهت أن أبيته فقسمته".
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 105 رقم 1585).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 578 رقم 1808).
(3) جامع الترمذي (3/ 38 رقم 646).
(4) ترجمته في التهذيب (10/ 265 - 268).
(5) في "الأصل": عمرو. والمثبت من المعجم الكبير، وهو عمر بن علي بن عطاء
المقدمي،
ترجمته في التهذيب (21/ 470 - 474).
(6) تحرفت في "الأصل" إلى: ابن. والمثبت من معجم الطبراني الكبير، وهو
الصواب؛ قيس هو ابن أبي حاتم، وجرير هو ابن عبد الله البجلي -رضي الله
عنه-.
(7) المعجم الكبير (2/ 306 رقم 2275).
(8) التبر: هو الذهب والفضة قبل أن يضربا دنانير ودراهم، فإذا ضربا كانا
عينًا، وقد يطلق التبر على غيرهما من المعدنيات كالنحاس والحديد والرصاص،
وأكثر اختصاصه بالذهب، ومنهم من يجعله في الذهب أصلاً وفي غيره فرعًا
ومجازًا. النهاية (1/ 179).
(3/275)
رواه خ (1).
3174 - عن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما
خالطت الصدقة مالاً قط إلا أهلكته".
رواه الإمام الشافعي (2) والحميدي في مسنده (3)، وقال: يكون قد وجبت عليك
في مالك صدقة فلا تخرجها؛ فيهلك الحرامُ الحلالَ.
19 - باب تعجيل الزكاة
3175 - عن أبي هريرة قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على
الصدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس -عم النبي صلى الله
عليه وسلم- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما ينقم ابن جميل إلا
أنه كان فقير فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، قد احتبس أدراعه
وأعتاده في سبيل الله -عز وجل- وأما العباس فهي علي ومثلها معها. ثم قال:
يا عمر، أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه".
رواه خ (4) م (5) -وهذا لفظه- وليس في رواية البخاري ذكر عمر، وعنده: "وأما
العباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي عليه صدقة ومثلها معها"،
وليس عنده قوله لعمر: "أما شعرت ... " إلى آخره.
3176 - عن علي -رضي الله عنه-: "أن العباس- رضوان الله عليه- سأل النبي -
صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص في ذلك".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 351 رقم 1430).
(2) مسند الشافعي (ص 99).
(3) مسند الحميدي (1/ 115 رقم 237).
(4) صحيح البخاري (3/ 388 رقم 1468).
(5) صحيح مسلم (2/ 676 - 677 رقم 983).
3176 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 35 رقم 411).
(3/276)
رواه الإمام أحمد (1) د (2) ت (3) ق (4)،
وقال أبو داود: رواه هشيم عن منصور بن زاذان، عن الحكم، عن الحسن بن مسلم،
عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال: حديث هشيم أصح.
3177 - وعن علي -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر:
"إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام".
رواه ت (5) - وقال: وقد رُوي هذا الحديث عن الحكم بن عُتيبة عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - مرسل- والدارقطني (6).
3178 - وروى (7) عن طلحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا عمر،
أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، إنا كنا احتجنا إلى مال؛ فتعجلنا من العباس
صدقة ماله لسنتين".
وقال: اختلفوا على الحكم في إسناده، والصحيح عن الحسن بن مسلم مرسل.
3179 - وروى (8) عن ابن عباس قال: "بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر
ساعياً (9)، فأتى
__________
(1) المسند (1/ 104).
(2) سنن أبي داود (2/ 115 رقم 1624).
(3) جامع الترمذي (3/ 63 رقم 678).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 572 رقم 1795).
3177 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 33 - 34 رقم 410).
(5) جامع الترمذي (3/ 63 رقم 679).
(6) سنن الدارقطني (2/ 124 رقم 5).
(7) سنن الدارقطني (2/ 124 رقم 6).
(8) سنن الدارقطني (2/ 124 رقم 7).
(9) الساعي: عامل الزكاة. النهاية (2/ 369).
(3/277)
العباس يطلب صدقة ماله، قال: فأغلظ له
العباس، فخرج إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، قال: فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: إن العباس قد أسفلنا زكاة ماله العام والعام
المقبل".
20 - باب ما ذكر في الخضراوات
3180 - عن معاذ: "أنه كتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن
الخضراوات -وهي البقول- فقال: ليس فيها شيء".
رواه- ت (1) وقال: إسناد هذا الحديث ليس بصحيح، وليس يصح في هذا الباب عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء، وإنما يروى هذا عن موسى بن طلحة عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل.
3181 - وروى الدارقطني (2) عن معاذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"ليس في الخضراوات زكاة".
3182 - ورواه (3) عن موسى بن طلحة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى
أن تؤخذ من الخضراوات صدقة".
3183 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس فيما
أنبتت الأرض من الخضر زكاة".
رواه الدارقطني (4)، من رواية صالح بن موسى، هو ابن عبد الله بن إسحاق ابن
طلحة بن عبيد الله الكوفي، قال فيه يحيى بن معين (5): ليس بشيء. وقال
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 30 رقم 638).
(2) سنن الدارقطني (2/ 97 رقم 10).
(3) سنن الدارقطني (2/ 97 - 99 رقم 13).
(4) سنن الدارقطني (2/ 95 رقم 2).
(5) تاريخ الدوري (3/ 220 رقم 1020).
(3/278)
البخاري (1): منكر الحديث. وقال النسائي
(2): متروك الحديث.
3184 - عن جابر بن عبد الله قال: "لم تكن المقاثي (3) فيما جاء به معاذ،
إنما أخذ الصدقة من البر والشعير والتمر والزبيب، وليس في المقاثي شيء، وقد
كان يكون عندنا المقثأة تخرج عشر آلاف فلا يكون فيها شيء".
رواه الدارقطني (4) من رواية عدي بن الفضل، قال يحيى بن معين (5): ليس
بثقة. وقال أبو حاتم الرازي (6): متروك الحديث.
3185 - عن موسى بن طلحة عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس
في الخضروات زكاة".
رواه الدارقطني (7)، من رواية محمد بن جابر، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة
(8).
3186 - عن موسى بن طلحة عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"ليس في الخضراوات صدقة".
رواه الدارقطني (9)، من رواية مروان بن محمد السنجاري، قال ابن حبان (10):
__________
(1) التاريخ الكبير (4/ 291 رقم 2864).
(2) كتاب الضعفاء والمتروكين (136 رقم 314).
(3) المقاثي جمع المقثأة، وهي الموضع الذي يزرع فيها القثاء. المعجم الوسيط
(2/ 742).
(4) سنن الدارقطني (2/ 100 رقم 25).
(5) تاريخ الدارمي (163 رقم 578).
(6) الجرح والتعديل (7/ 4 رقم 11).
(7) سنن الدارقطني (2/ 96 رقم 5).
(8) ترجمته في التهذيب (24/ 564 - 569).
(9) سنن الدارقطني (2/ 96 رقم 6).
(10) كتاب المجروحين (3/ 14).
(3/279)
يروي المناكير، لا يحل الاحتجاج به. وقال
الدارقطني (1): هذا شيخ لأهل نصيبين ذاهب الحديث.
قال الحافظ: وهذه الأحاديث لم يتكلم عليها الدارقطني في كتابه بشيء.
21 - باب زكاة الدَّين
3187 - عن عبد الملك بن أبي بكر قال: أتى رجلٌ عمر، فقال: يأتي أوان زكاتي
وعليَّ دَين ولي دَين. فأمره أن يزكي الدَّين".
رواه سعيد بن منصور.
3188 - وروى عن السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: "هذا شهر
زكاتكم، فمن كان عليه دين فليقضه، وزكوا بقية أموالكم".
3189 - وروى: "أن عليًّا -رضي الله عنه- سئل عن رجل له دين أيزكيه؟ قال: إن
كان صادقًا فليؤديه (2) إذا قبضه لما مضى".
22 - باب ليس على المسلمين جزية
3190 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصلح
قبلتان في أرض واحدة، وليس على المسلمين جزية".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) (ت (5)) (6)، وقال: حديث ابن عباس قد روي
__________
(1) ميزان الاعتدال (4/ 92 رقم 8434).
(2) كذا في الأصل.
(3) المسند (1/ 223، 285).
(4) سنن أبي داود (3/ 171 رقم 3053) مختصرًا.
(5) جامع الترمذي (3/ 27 رقم 633، 634).
(6) سقطت من الأصل، ودل عليها الكلام بعدها؛ فهو كلام الترمذي.
(3/280)
عن (1) قابوس عن أبيه عن النبي - صلى الله
عليه وسلم -، مرسل.
23 - باب في ذكر العشر والخراج
3191 - عن العلاء بن الحضرمي قال: "بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى
البحرين، وإلى (هجر) (2) فكنت آتي الحائط يكون بين الإخوة يُسلم أحدهم،
فآخذ من المسلم العشر، ومن المشرك الخراج".
رواه ق (3).
24 - باب ما يقال عند إِخراج الزكاة
3192 - عن عبد الله بن أبي أوفى قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- إذا أتاه قوم بصدقة قال: اللَّهم صل عليهم. فأتاه أبي بصدقته، فقال:
اللَّهم صل على آل أبي أوفى".
رواه خ (4) م (5).
3193 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا
أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها؛ أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنمًا، ولا
تجعلها مغرمًا".
رواه ق (6).
__________
(1) زاد بعدها في "الأصل": "أبي" وهي زيادة مقحمة، وهو قابوس بن أبي ظبيان.
(2) من سنن ابن ماجه
(3) سنن ابن ماجه (1/ 586 رقم 1831).
(4) صحيح البخاري (3/ 423 رقم 1497).
(5) صحيح مسلم (6/ 752 - 757 رقم 1078).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 572 - 573 رقم 1797).
(3/281)
25 - باب في دفع الزكاة إِلى نائب الإِمام
3194 - عن أنس بن مالك: "أن رجلاً قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله؟ فقال: نعم، إذا
أديتها إلى رسولي فقد برئت منها إلى الله ورسوله؛ فلك أجرها، وإثمها على من
بدلها".
رواه الإمام أحمد (1).
3195 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أديت زكاة
مالك فقد قضيت ما عليك".
رواه ق (2) ت (3)، وقال: حديث حسن غريب.
3196 - عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: "اجتمع عندي نفقة فيها صدقة،
فسألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري أن أقسمها أو
أدفعها إلى السلطان؟ فأمروني جميعاً أن أدفعها إليهم، ما اختلف عليَّ منهم
واحد".
وفي لفظ: "سألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابرًا وأبا سعيد وأبا هريرة،
فقلت: هذا السلطان يصنع ما ترون، فأدفع إليهم زكاتي؟ فقالوا كلهم: نعم،
فادفعها".
رواه سعيد بن منصور.
3197 - وروى: "أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تؤدي زكاتها
إلى السلطان".
__________
(1) المسند (3/ 136).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 570 رقم 1788).
(3) جامع الترمذي (3/ 13 - 14 رقم 618).
(3/282)
26 - باب كراهية أن
يشتري المرء من الصدقة التي أخرجها من ماله
3198 - عن عمر قال: "حملت على فرس في سبيل الله، فأصابه الذي كان عنده،
فأردت أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم
- فقال: "لا تشتره، ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم؛ فإن العائد في
صدقته كالعائد في قيئه (1) ".
رواه خ (2) -وهذا لفظه- م (3).
وفي رواية للبخاري (4): "أن عمر بن الخطاب تصدق بفرس في سبيل الله، فوجده
يباع فأراد أن يشتريه، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأمره،
فقال: لا تعد في صدقتك. فبذلك كان ابن عمر يترك (5) أن يبتاع شيئًا تصدق به
إلا جعله صدقة".
وفي لفظ لمسلم (6): "أنه حمل على فرس في سبيل الله، فأعطاه النبي - صلى
الله عليه وسلم - رجلاً فوقفه الرجل يبيعه، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه
وسلم - فقال: لا تبتعه ولا ترجع في صدقتك".
__________
(1) الفاء للتعليل، أي: كما يقبح أن يقيء ثم يأكل كذلك يقبح أن يتصدق بشيء
ثم يجره إلى نفسه بوجه من الوجوه، وفي رواية للشيخين: "كالكلب يعود في
قيئه"، فشبه بأخس الحيوان في أخس أحواله تصويراً للتهجين وتنفيراً منه.
إرشاد الساري (3/ 75).
(2) صحيح البخاري (3/ 413 رقم 1490).
(3) صحيح مسلم (3/ 1239 رقم 1620).
(4) صحيح البخاري (3/ 413 رقم 1489).
(5) في صحيح البخاري: "لا يترك" قال القسطلاني في إرشاد الساري (3/ 74):
وهذه رواية أبي ذر كما قاله في فتح الباري وغيره، ولغير أبي ذر بحذف حرف
النفي.
(6) لم أجده في صحيح مسلم بهذا اللفظ، إنما هو فيه بنحوه.
3199 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 64 - 65 رقم 869 - 871).
(3/283)
3199 - عن الزبير بن العوام: "أن رجلاً حمل
على فرس يقال لها: غمرة -أو غمراء- قال: فوجد فرسًا -أو مهرًا (1) - فنسبت
إلى تلك الفرس فنُهي عنها".
رواه الإمام أحمد (2)، وهذا لفظه (3).
27 - باب وسم (4) الصدقة
3200 - عن أنس بن مالك قال: "غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه، فوافيته في يده الميسم، يسم إبل الصدقة".
رواه خ (5) م (6)، وللإمام أحمد (7): "دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم
- وهو يسم غنمًا في آذانها".
3201 - وعن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال لعمر: "إن في الظهر ناقة عمياء.
فقال عمر: أمن نعم الجزية هي، أم من نعم الصدقة؟ قال. فقلت: من نعم الجزية،
إن عليها وسم الجزية".
رواه مالك بن أنس في الموطأ (8).
__________
(1) زاد بعدها في المسند: "يباع" وقد رواه الضياء في المختارة من طريق
المسند بدونها، كما هنا.
(2) المسند (1/ 164).
(3) ورواه ابن ماجه (2/ 8 رقم 2393) وعزاه له الضياء في المختارة.
(4) يقال: وسمه يسمه سمّه ووسمًا إذا أثر فيه بكي، والميسم: الحديدة التي
يكوى بها، وأصله موسم فقلبت الواو ياء لكسرة الميم. النهاية (5/ 186).
(5) صحيح البخاري (3/ 429 رقم 1502).
(6) صحيح مسلم (4/ 1909 - 1910 رقم 2144).
(7) المسند (س/ 169، 259).
(8) الموطأ (1/ 241 - 242 رقم 44).
(3/284)
28 - باب صدقة الفطر
3202 - عن ابن عمر قال: "فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر
صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على العبد والحر (1) والذكر والأنثى،
والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تُؤدى قبل خروج الناس إلى
الصلاة".
رواه خ (2) -وهذا لفظه- م (3)، وعندهما: "فعدل الناس به نصف صاع من بر".
وعند البخاري (4): "فكان ابن عمر يعطي التمر، فأعوز أهل المدينة من التمر،
فأعطى شعيرًا، فكان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير، حتى إن كان يعطي عن
بني نافع. يقول: وكان ابن عمر يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يُعطون قبل
الفطر بيوم أو يومين".
ولأبي داود (5): "فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين".
3203 - وروى مالك في الموطأ (6) عن نافع: "أن عبد الله بن عمر كان يبعث
زكاة الفطر (إلى) (7) الذي يجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة".
3204 - عن أبي سعيد الخدري قال: "كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام، أو
صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من أقط (8) أو صاعًا من زبيب".
__________
(1) زاد بعدها في "الأصل": "والمملوك" وهي زيادة مقحمة، والله أعلم.
(2) صحيح البخاري (3/ 430 رقم 1503).
(3) صحيح مسلم (2/ 677 - 678 رقم 984).
(4) صحيح البخاري (3/ 439 رقم 511).
(5) سنن أبي داود (2/ 111 رقم 1610).
(6) الموطأ (1/ 246 رقم 55).
(7) من الموطأ.
(8) الأقط: لبن مجفف يابس مستحجر يطبخ به. النهاية (1/ 57).
(3/285)
رواه خ (1) م (2)، وفي لفظ للبخاري (3):
قال: "كنا نعطيها في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعام، أو
صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب، فلما جاء معاوية -وجاءت
السمراء- فقال: أرى مدًّا من هذا يعدل مدين".
وفي لفظ (4) قال: "كنا نخرج في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر
صاعًا من طعام. قال أبو سعيد: وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر".
ولفظ مسلم (5): قال: "كنا نُخرج -إذا كان فينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم- زكاة الفطر عن كل صغير وكبير، حر أو مملوك، صاعًا من طعام، أو صاعًا
من أقط، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، فلم نزل
نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجاً -أو معتمرًا- فكلم الناس
على المنبر، فكان فيما كلم به الناس أن قال: إني أرى مدين من سمراء الشام
يعدل صاعًا من تمر. فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه
كما كنت أخرجه أبدًا ما عشت".
ورواه د (6) في بعض ألفاظه: "أو صاع حنطة" قال: ليس بمحفوظ.
وروى (7) أيضًا قال: زاد سفيان -هو ابن عيينة-: "أو صاعًا من دقيق" قال،
حامد -هو ابن يحيى، الراوي عن سفيان- فأنكروا عليه فتركه سفيان.
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 434 رقم 1506).
(2) صحيح مسلم (2/ 678 رقم 985/ 17).
(3) صحيح البخاري (3/ 436 رقم 1508).
(4) صحيح البخاري (3/ 438 - 439 رقم 1510).
(5) صحيح مسلم (2/ 678 رقم 985/ 18).
(6) سنن أبي داود (2/ 113 رقم 1616).
(7) سنن أبي داود (2/ 113 رقم 1618).
(3/286)
قال أبو داود: فهذه الزيادة وهم من ابن
عيينة.
رواه س (1) من رواية سفيان فقال: "دقيق أو سُلت" (2).
3205 - عن عبد الله بن عمر قال: "كان الناس يُخرجون صدقة الفطر على عهد
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من شعير، أو تمر أو سُلت أو زبيب.
قال: قال عبد الله: فلما كان عمر -رضي الله عنه- وكثرت الحنطة جعل عمر نصف
صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء".
رواه د (3).
3206 - وروى س (4) عن ابن سيرين عن ابن عباس قال: ذكر في صدقة الفطر فقال:
"صاعاً من بر، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا منْ شعير، أو صاعًا من سلت".
قال الحافظ: لم يرفعه، وابن سيرين قيل: لم يلق ابن عباس.
3207 - عن ابن عباس قال: "فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر
طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي
زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".
رواه د (5) ق (6).
3208 - عن قيس بن سعد قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة
الفطر قبل أن
__________
(1) سنن النسائي (5/ 52 رقم 2513).
(2) السلت: ضرب من الشعير أبيض لا قشر له، وقيل: هو نوع من الحنطة، والأول
أصح. النهاية (2/ 388).
(3) سنن أبي داود (2/ 112 رقم 1614).
(4) سنن النسائي (5/ 50 - 51 رقم 2508).
(5) سنن أبي داود (2/ 111 رقم 1609).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 584 رقم 1827).
(3/287)
تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا
ولم ينهنا، ونحن نفعله".
رواه الإمام أحمد (1) س (2) ق (3).
3209 - عن جرير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شهر رمضان
معلق بين السماء والأرض، ولا يرفع إلى الله -عز وجل- إلا بزكاة الفطر".
رواه أبو حفص عمر بن شاهين في "فضائل رمضان" (4) وقال: هذا حديث غريب جيد
الإسناد.
29 - باب من روى نصف صاع من قمح
3210 - عن عبد الله بن ثعلبة -أو ثعلبة بن عبد الله- بن أبي صعير عن أبيه
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صاع من بر -أو قمح- على كل
اثنين، صغير أو كبير، حرٍّ أو مملوك، ذكر أو أنثى (غني أو فقير) (5) أما
غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) -وهذا لفظه- وفي رواية الإمام أحمد: عن أبي
ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه. وفي رواية: عن عبد الله بن ثعلبة العذري قال:
"خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
__________
(1) المسند (6/ 6).
(2) سنن النسائي (5/ 49 - 50 رقم 2506).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 584 رقم 1828).
(4) لم أجده في "فضائل رمضان" المطبوع بتحقيق بدر البدر ضمن مجموع، ولا
المطبوع مفردًا بتحقيق سمير الزهيري. والله أعلم.
(5) ليست في سنن أبي داود.
(6) المسند (5/ 432).
(7) سنن أبي داود (2/ 114 رقم 619).
(3/288)
وفي رواية لأبي داود (1): عن ثعلبة بن عبد
الله -أو قال عبد الله بن ثعلبة- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
3211 - عن الحسن قال: "خطب ابن عباس في آخر رمضان على منبر البصرة، فقال:
أخرجوا صدقة صومكم. فكأن الناس لم يعلموا، قال: من ها هنا من أهل المدينة
قوموا إلى إخوانكم فعلموهم؛ فإنهم لا يعلمون فرض رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - هذه الصدقة صاع من تمر أو شعير، أو نصف صاع قمح، على كل حر أو
مملوك، ذكرٍ أو أنثى صغير أو كبير، فلما قدم علي -رضي الله عنه- رأى رخص
السعر، قال: قد أوسع الله عليكم، فلو جعلتموه صاعًا من كل شيء".
رواه د (2) -وهذا لفظه- س (3)، وعنده: "فقال علي: أما إذا وسع الله
فأوسعوا، اجعلوا صاعًا من بر وغيره".
قيل: إن الحسن لم يسمع من ابن عباس، والله أعلم.
3212 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
بعث مناديًا في فجاج مكة: ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم، ذكرٍ أو
أنثى، حرٍّ أو عبد، صغيرٍ أو كبيرٍ، مدان من قمح، أو سواه صاعًا من طعام".
رواه ت (4)، وقال: حسن غريب.
3213 - عن ابن عمر أنه قال: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَمْرو
بن حزم في زكاة الفطر بنصف صاع من حنطة، أو صاعًا من تمر".
رواه الدارقطني (5)، من رواية سليمان بن موسى، قال الحافظ: وقد وثقه
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 114 رقم 1620).
(2) سنن أبي داود (2/ 114 - 115 رقم 1622).
(3) سنن النسائي (5/ 52 - 53 رقم 2514).
(4) جامع الترمذي (3/ 60 رقم 674).
(5) سنن الدارقطني (2/ 145 رقم 28)،
(3/289)
بعضهم، وتكلم فيه بعضهم (1).
30 - باب ذكر الأصناف الذين تُدفع إِليهم الصدقة
قال الله -تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ
وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ
وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ
اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (2).
3214 - عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: "تحملت حمالة، وأتيت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك
بها. قال: ثم قال: يا قبيصة، إن المسألة لا تحل لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة
فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة (3) اجتاحت ماله
فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش -أو قال: سدادًا من عيش- ورجل
أصابته فاقة- حتى يقوم (4) ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانًا
فاقة- فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش -أو قال: سدادًا من عيش- فما
سواهن يا قبيصة سُحت (5)، يأكلها صاحبها سُحتًا".
__________
(1) ترجمته في التهذيب (12/ 92 - 98).
(2) سورة التوبة، الآية: 60.
(3) هي الآفة التي تُهلك الثمار والأموال وتستأصلها، وكل مصيبة عظيمة وفتنة
مبيرة: جائحة، والجمع: جوائح. النهاية (1/ 311 - 312).
(4) قال النووي في شرح مسلم (4/ 433): هكذا هو في جميع النسخ "حتى يقوم
ثلاثة" وهو صحيح أي يقومون بهذا الأمر، فيقولون: لقد أصابته فاقه.
(5) السُّحت: الحرام الذي لا يحل كسبه؛ لأنه يَسْحَت البركة: أي يذهبها.
النهاية (2/ 345).
وقد وقعت هذه اللفظة في صحيح مسلم: "سحتًا" منصوبة، قال النووي: هكذا في
جميع النسخ: "سحتًا" ورواية غير مسلم: "سحت" وهذا واضح، ورواية مسلم صحيحة،
وفيه إضمار، أي: أعتقده سحتًا، أو يُؤكل سحتاً، واللَّه أعلم.
(3/290)
رواه م (1).
3215 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس
المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس، فترده اللقمة واللقمتان والتمرة
والتمرتان. قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟ قال: الذي لا يجد غنًى يغنيه،
ولا يُفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئًا".
رواه خ (2) م (3) -وهذا لفظه- وفي لفظ لهما (4) - واللفظ لمسلم أيضًا-: "إن
المسكين المتعفف، اقرءوا إن شئتم (لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا)
(5) ".
3216 - عن عبد الله بن السعدي: "أنه قدم على عمر -رضي الله عنه- في خلافته،
فقال له عمر: ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالاً، فإذا أعطيت العمالة
كرهتها. فقلت: بلى. قال عمر: (ما) (6) تريد إلى ذلك. فقلت: إن لي أفراسًا
وأعبدًا، وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين. قال عمر: لا
تفعل؛ فإني كنت أردت الذي أردت، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه مني. حتى أعطاني مرة مالاً: فقلت:
أعطه أفقر إليه مني. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: خذه فتموله وتصدق
به، فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وإلا فلا تتبعه
نفسك".
رواه خ (7) -وهذا لفظه- م (8)، وأخرجاه (9) من رواية سالم بن عبد الله بن
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 722 رقم 1044).
(2) صحيح البخاري (3/ 399 رقم 1479).
(3) صحيح مسلم (2/ 719 رقم 1039/ 101).
(4) البخاري (8/ 50 رقم 4539)، ومسلم (2/ 719 رقم 1039/ 102).
(5) سورة البقرة، الآية: 273.
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (13/ 160 رقم 7163).
(8) صحيح مسلم (2/ 723 - 724 رقم 1045/ 112).
(9) البخاري (3/ 395 رقم 1473)، ومسلم (2/ 723 رقم 1045/ 110، 111).
(3/291)
عمر عن أبيه عن عمر يقول: "كان رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء ... " فذكر بنحوه.
3217 - وروى مسلم (1) عن سالم عن أبيه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- كان يعطي عمر العطاء، فيقول له عمر: أعطه يا رسول الله، أفقر إليه مني.
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذه فتموله -أو تصدق به- فما
جاءك من هذا المال وأنت غير مُشْرف (2) ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه
نفسك. قال سالم: فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسأل أحدًا شيئًا، ولا يرد
شيئًا أعطيه".
جعله في هذه الرواية من حديث ابن عمر، وزاد قول سالم.
3218 - عن أنس بن مالك: "أن ناسًا من الأنصار قالوا يوم حنين -حين أفاء
الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، فطفق رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يعطي رجالًا من قريش المائة من الإبل- فقالوا: يغفر الله لرسول الله
- صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم. قال
أنس بن مالك: فحدث ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قولهم، فأرسل
إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فقال: ما حديث بلغني عنكم؟ فقال له: فقهاء الأنصار أما
ذوو رأينا يا رسول الله، فلم يقولوا شيئًا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم
قالوا: يغفر الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشًا ويتركنا،
وسيوفنا تقطر من دمائهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإني أعطي
رجالاً حديثي عهد بكفر أتألفهم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون
إلى رحالكم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوالله لما تنقلبون به خير
مما ينقلبون به. فقالوا: بلى يا رسول الله. رضينا. قال: فإنكم
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 723 رقم 1045/ 111).
(2) يقال: أشرفت الشيء: أي علوته، وأشرفت عليه: اطلعت عليه من فوق، أراد ما
جاءك منه وأنت غير متطلع إليه ولا طامع فيه. النهاية (2/ 462).
(3/292)
ستجدون أَثَرة (1) شديدة فاصبروا حتى تلقوا
الله ورسوله، فإني على الحوض. قالوا: سنصبر".
رواه خ (2) م (3) وهذه رواية يونس، عن الزهري، عن أنس.
ورواه أيضًا مسلم (4) من رواية صالح عن ابن شهاب، وفيه: قال أنس: "فلم
نصبر".
ورواه البخاري (5) من رواية معمر عن الزهري، قال أنس: "فلم يصبروا".
3219 - وعن أنس بن مالك قال: "جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الأنصار، فقال: أفيكم أحد من غيركم؟ قالوا: لا، إلا ابن أخت لنا. فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: إن ابن أخت القوم منهم. فقال: إن قريشًا حديث
(6) عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أما ترضون أن يرجع
الناس بالدنيا وترجعون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيوتكم، لو
سلك الناس واديًا وسلك الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصاري".
وأخرجاه أيضًا (7)، وهذا لفظ مسلم.
__________
(1) الأثَرة -بفتح الهمزة والثاء- الاسم من آثر يؤثر إيثارًا إذا أعطى،
أراد أنه يُستأثر عليكم فيُفضل غيركم في نصيبه من الفيء، والاستئثار:
الانفراد بالشيء. النهاية (1/ 22).
(2) صحيح البخاري (10/ 325 - 326 رقم 5860) معلقًا مختصرًا، وانظر التحفة
(1/ 399 رقم 1561).
(3) صحيح مسلم (2/ 733 - 734 رقم 1059).
(4) صحيح مسلم (2/ 734 رقم 1059/ 132).
(5) صحيح البخاري (7/ 649 - 650 رقم 4331).
(6) قال ابن حجر في الفتح (7/ 651): كذا وقع بالإفراد في الصحيحين والمعروف
"حديثو عهد"، وكتبها الدمياطي بخطه "حديثو عهد" وفيه نظر، وقد وقع عند
الإسماعيلي: "إن قريشًا كانوا قريبي عهد".
(7) البخاري (7/ 650 رقم 4334)، ومسلم (2/ 735 رقم 1059/ 133).
(3/293)
3220 - عن عبد الله بن زيد: "أن النبي -
صلى الله عليه وسلم - لما فتح حنينًا قسم الغنائم فأعطى المؤلفة قلوبهم،
فبلغه أن الأنصار يحبون أن يصيبوا ما أصاب الناس، فقام رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر الأنصار،
ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، ومتفرقين فجمعكم
الله بي؟ ويقولون: الله ورسوله أمَنُّ. فقال: ألا تجيبوني؟ فقالوا: الله
ورسوله أمَنُّ. فقال: أما إنكم لو شئتم أن تقولوا كذا وكذا، وكان من الأمر
كذا. (وكذا) (1). لأشياء عددها فقال: ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة
والإبل، وتذهبون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم؟ الأنصار
شعار (2) والناس دثار، ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك
الأنصار واديًا وشعبًا لسلكت وادي الأنصار وشعبهم، إنكم ستلقون بعدي أثرة
فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
أخرجاه (3) أيضًا، واللفظ لمسلم.
3221 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: "لما كان يوم حنين آثر النبي - صلى
الله عليه وسلم - ناسًا، أعطى الأقرع مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك،
وأعطى ناسًا، فقال رجل: ما أريد بهذه القسمة وجه الله -عز وجل- فقلت:
لأخبرن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي لفظ: لآتين النبي - صلى الله عليه
وسلم - فأتيته وهو في ملأ فساررته، فغضب حتى احمر وجهه، ثم قال: رحمة الله
على موسى؛ قد أوذي بأكثر من هذا فصبر".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- م (5)، وعنده: "وأعطى أناسًا من أشراف العرب
__________
(1) من صحح مسلم.
(2) الشعار: الثوب الذي يلي الجسد؛ لأنه يلي شعره، أي: أنتم الخاصة
والبطانة، والدثار: الثوب الذي فوق الشعار. النهاية (2/ 480).
(3) البخاري (7/ 644 رقم 4330)، ومسلم (2/ 738 - 739 رقم 1061).
(4) صحيح البخاري (7/ 652 رقم 4335، 4336).
(5) صحيح مسلم (2/ 739 رقم 1062).
(3/294)
وآثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: والله
إن هذه القسمة ما عُدل فيها، وما أريد بها وجه الله. قال: فقلت: واللَّه
لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فأتيته فأخبرته بما قال،
قال: فتغير وجهه حتى كان كالصِّرف (1)، ثم قال: فمن يعدل إذا لم يعدل الله
ورسوله. ثم قال: يرحم الله موسى؛ قد أوذي بأكثر من هذا فصبر، قال: قلت: لا
جرم لا أرفع إليه بعدها حديثًا".
وفي لفظ له (2) أيضًا: "فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فساررته، فغضب
من ذلك غضبًا شديدًا، واحمر وجهه حتى تمنيت أني لم أذكره له. قال: (ثم قال)
(3): قد أوذي (موسى بأكثر) (4) من هذا فصبر".
3222 - عن رافع بن خديج قال: "أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا
سفيان بن حرب وصفون بن أمية وعُيينة بن حصن والأقرع بن حابس كل إنسان منهم
مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك، فقال عباس بن مرداس:
أتجعل نَهْبِي ونَهْبَ العُبيْـ ... دِ بَيْنَ عُيَينَةَ والأَقْرَعِ
فَمَا كَانَ بَدْرٌ ولا حَابِسٌ ... يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي المجْمَعِ
وَمَا كُنْتُ دَونَ امرئٍ مِنْهُمَا ... ومَنْ تَخْفِضِ اليَوْمَ لا
يُرْفَعِ
قال: فأتم له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة" (5).
وفي لفظ (6): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم غنائم حنين، فأعطى أبا
سفيان مائة من الإبل ... " وساق الحديث بنحوه وزاد: "وأعطى علقمة بن علاثة
مائة".
__________
(1) هو بالكسر، شجر أحمر يدبغ به الأديم. النهاية (3/ 24).
(2) صحيح مسلم (2/ 739 رقم 1062/ 141).
(3) من صحيح مسلم.
(4) في "الأصل": أكثر. والمثبت من صحيح مسلم.
(5) صحيح مسلم (2/ 737 - 738 رقم 1060).
(6) صحيح مسلم (2/ 738 رقم 1060/ 138).
(3/295)
رواه م.
3223 - عن ابن شهاب قال: "غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة الفتح
فتح مكة، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من المسلمين
فاقتتلوا بحنين، فنصر الله دينه والمسلمين، وأعطى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم، ثم مائة، ثم مائة. قال ابن
شهاب: حدثني سعيد بن المسيب أن صفوان قال: واللَّه لقد أعطاني رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني
حتى إنه لأحب الناس" (1).
3224 - عن أبي سعيد الخدري قال: "بعث علي وهو باليمن بذهبية في تبرها (2)
إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري،
وعلقمة بن علاثة العامري -ثم أحد بني كلاب- وزيد الخير الطائي -ثم أحد بني
نبهان- قال: فغضبت قريش، فقالوا: يعطي صناديد نجد (3) ويدعنا. فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم، فجاء رجل -كث
اللحية، مشرف الوجنتين، غائر العينين، ناتئ الجبين، محلوق الرأس:- فقال:
اتق الله يا محمد. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فمن يطع
الله إن عصيته، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني. قال: ثم أدبر الرجل،
فاستأذن رجل من القوم في قتله -يرون أنه خالد بن الوليد- فقال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: إن من ضِئضِئ (4) هذا قومًا يقرءون القرآن لا يجاوز
__________
(1) رواه مسلم (4/ 1806 رقم 2313).
(2) في صحيح مسلم: "بذهبة في تربتها"، قال النووي في شرح مسلم (5/ 19):
هكذا هو في جميع نسخ بلادنا، "بذهبة" بفتح الذال، وكذا نقله القاضي عن جميع
رواة مسلم عن الجلودي، قال: وفي رواية ابن ماهان "بذهيبة" على التصغير.
(3) هم أشرافهم وعظماؤهم ورؤساؤهم، الواحد صنديد، وكل عظيم غالب: صنديد.
النهاية (3/ 55).
(4) الضِئضِئ: الأصل، يقال: ضئضئ صدق، وضؤضؤ صدق، وحكى بعضهم ضئضيء=
(3/296)
حناجرههم (1)، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون
أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية؛ لئن أدركتهم
لأقتلنهم قتل عاد (2) ".
رواه خ (3) م (4) -وهذا لفظه- وفي لفظ (5): "فبلغ ذللك النبي - صلى الله
عليه وسلم -، فقال: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر
السماء صباحًا ومساءً. قال: فقام رجل -غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز
الجبهة، كث اللّحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار- فقال: يا رسول الله، اتق
الله. فقال: ويلك ألست أحق أهل الأرض أن يتقي الله. قال: ثم ولى الرجل،
فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ فقال: لا، لعله أن يكون
يصلي. قال خالد: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه. فقال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق
بطونهم. قال: ثم (نظر إليه) (6) وهو مقفٍّ فقال: إنه يخرج من ضئضئ هذا
الرجل قوم يتلون كتاب الله رطبًا لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما
يمرق السهم من الرمية. قال: أظنه قال: لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود".
__________
=بوزن قنديل، يريد أنه يخرج من نسله وعقبه، ورواه بعضهم بالصاد المهملة وهو
بمعناه. النهاية (3/ 69).
(1) قال القاضي: فيه تأويلان: أحدهما معناه لا تفقهه قلوبهم، ولا ينتفعون
بما تلوا منه، ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق إذ بهما تقطيع
الحروف، والثاني: معناه لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يُتقبل. شرح مسلم
(5/ 18).
(2) أي: قتلا عامًّا مستأصلاً، كما قال تعالى: (فهل ترى لهم من باقية). شرح
مسلم (5/ 21).
(3) صحيح البخاري (6/ 433 - 434 رقم 3344).
(4) صحيح مسلم (1/ 742 - 742 رقم 1064/ 143).
(5) صحيح مسلم (2/ 742 رقم 1064/ 144).
(6) في "الأصل": ولى. والمثبت من صحيح مسلم.
(3/297)
وفي لفظ (1): "فقام إليه عمر بن الخطاب
فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: لا. ثم أدبر فقام إليه خالد -سيف
الله- فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: لا، إنه سيخرج من ضئضئ هذا
قوم يتلون كتاب الله ليًا رطبًا. وقال: قال عمارة -يعني: ابن القعقاع-
حسبته قال: لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود".
وفي لفطٍ (2): عن أبي سعيد الخدري قال: "بينا نحن عند رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة -وهو رجل من بني تميم- فقال:
يا رسول الله، اعدل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ويلك، ومن
يعدل إذا لم أعدل، لقد خبت وخسرت (3) إن لم أعدل. فقال عمر بن الخطاب: يا
رسول الله، ائذن لي فيه أضرب عنقه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون
القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية،
ينظر إلى نصله (4) فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه (5) فلا (يوجد) (6)
فيه شيء، ثم ينظر إلى نَضِيِّهِ (7) فلا يوجد فيه شيء وهو القدح، قال: (ثم)
(8) ينظر إلى قُذَذِهِ (9) ولا يوجد فيه شيء سبق الفرثِ
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 743 رقم 1064/ 145).
(2) صحيح مسلم (2/ 744 - 745 رقم 1064/ 148).
(3) رُوي بفتح التاء في "خبتَ وخسرت" وبضمها فيهما، ومعنى الضم ظاهر،
وتقدير الفتح لقد خبت أنت أيها التابع إذا كنت لا أعدل لكونك تابعًا
ومقتديًا بمن لا يعدل، والفتح أشهر، والله أعلم. شرح مسلم (5/ 17).
(4) النصل: حديدة السهم. شرح مسلم (5/ 24).
(5) الرصاف: عقب يلوى على مدخل النصل من السهم. النهاية (2/ 227).
(6) في "الأصل": ينظر. والمثبت من صحيح مسلم.
(7) النضي: نصل السهم، وقيل: هو السهم قبل أن ينحت إذا كان قِدْحًا، وهو
أولى؛ لأنه قد جاء في الحديث ذكر النصل بعد النضي. النهاية (5/ 73).
(8) من صحيح مسلم.
(9) القُذذ: ريش السهم، واحدتها: قُذَّة. النهاية (4/ 28).
(3/298)
والدم، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي
المرأة، (أو) (1) مثل البضعةَ تدردر (2)، يخرجون على حين فرقة من الناس.
قال أبو سعيد: أشهد أني سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأشهد أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قاتلهم (وأنا) (3) معه، فأمر بذلك
الرجل فالتمس فوجد، فأُتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول اللَّه - صلى الله
عليه وسلم - الذي نعت".
رواه خ (4) م، وهذه ألفاظ مسلم.
وأخرجاه (5) أيضًا، وفي آخره: "فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه
فيتمارى في الفُوقَة هل علق (بها) (3) من الدم شيء".
لفظ مسلم أيضًا.
3225 - عن مقسم (بن) (6) أبي القاسم -مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل-
قال: "خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي حتى أتينا عبد الله بن عمرو بن العاص،
وهو يطوف بالبيت -معلقًا نعليه بيده- فقلنا له: هل حضرت رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - حين كلمه التميمي يوم حنين؟ قال: نعم، أقبل رجل من بني
تميم -يقال له: ذو الخويصرة- فوقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وهو يعطي الناس، قال: يا محمد، قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم. فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: أجل، فكيف رأيت؟ قال: لم أرك عدلت. قال: فغضب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: ويحك إن لم
__________
(1) في "الأصل": و. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) البضعة بفتح الباء لا غير، وهي القطعة من اللحم، وتدردر معناه تضطرب
وتذهب وتجيء. شرح مسلم (5/ 25).
(3) من صحيح مسلم.
(4) صحيح البخاري (6/ 714 - 715 رقم 3610).
(5) البخاري (11/ 295 - 296 رقم 6931) ومسلم (2/ 743 - 744 رقم 1064/ 164).
(6) تحرفت في "الأصل" إلى: "عن".
(3/299)
يكن العدل عندي فعند من يكون؟! قال عمر بن
الخطاب: ألا نقتله. قال: لا، دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى
يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يوجد شيء، ثم في
القدح فلا يوجد شيء، ثم في الفوق فلا يوجد شيء، سبق الفرث والدم".
رواه الإمام أحمد (1).
3226 - عن أبي سعيد الخدري قال: "أصيب رجل في عهد رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: تصدقوا عليه. فتصدق الناس عليه فلم يبلغ (ذلك وفاء) (2) دينه، فقال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغرمائه: خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا
ذلك".
رواه م (3).
3227 - عن أم معقل قالت: "لما حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة
الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله ... " فذكر الحديث وفيه:
"فهلا خرجت عليه؛ فإن الحج في سبيل الله".
رواه د (4).
3228 - وروى (5) أيضاً عن ابن عباس قال: "أراد رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - الحج فقالت امرأة لزوجها: أحجَّني مع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -. فقال: ما عندي ما أحجك عليه. قالت: أحجني على جملك فلان. قال: ذلك
حبيس في سبيل الله. فأتى رسول الله
__________
(1) المسند (2/ 219).
(2) في "الأصل": كوفاء. والمثبت من صحيح مسلم.
(3) صحيح مسلم (2/ 1191 رقم 1556).
(4) سنن أبي داود (2/ 204 - 205 رقم 1989).
(5) سنن أبي داود (2/ 205 رقم 1990).
(3/300)
- صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي
تقرأ عليك السلام ورحمة الله، وإنها سألتني الحج معك، قالت: أحجني مع رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: ما عندي ما أحجك عليه. قالت: أحجني على
جملك فلان. فقلت: ذلك حبيس في سبيل الله. قال: أما إنك لو حججتها عليه كان
في سبيل الله".
31 - باب ذكر من تحل له الصدقة وإِن كان غنيًّا
3229 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا
تحل الصدقة لغني إلا (لخمسة) (1) لعامل عليها، أو لغازي في سبيل الله، أو
غني اشتراها بماله، أو فقير تصدق عليه فأهداها لغني، أو غارم".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) ق (4)، وهذا لفظه.
3230 - عن أم عطية قالت: "بعث إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة
من الصدقة، فبعثت إلى عائشة منها بشيء، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - إلى عائشة قال: هل عندكم شيء؟ قالت: لا، إلا أن نُسَيْبَةَ بعثت
إلينا من الشاة التي بعثتم بها إليها. قال: إنها قد بلغت محلها".
رواه خ (5) م (6)، واللفظ له.
3231 - عن عائشة قالت: "كانت في بريرة ثلاث قضيات، كان الناس يتصدقون عليها
وتهدي لنا، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هو عليها صدقة
ولكم هدية
__________
(1) في "الأصل": لخمس. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(2) المسند (3/ 56).
(3) سنن أبي داود (2/ 119 رقم 1635 - 1637).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 589 - 590 رقم 1841).
(5) صحيح البخاري (3/ 363 رقم 1446).
(6) صحيح مسلم (2/ 756 رقم 1076).
(3/301)
فكلوه".
أخرجاه (1)، واللفظ لمسلم.
3232 - عن أنس بن مالك قال: "أهدت بريرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
لحمًا تُصدق به عليها، فقال: هو لها صدقة، ولنا هدية".
أخرجاه (2) -وهذا لفظ مسلم- ولفظ خ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي
بلحم تُصدق به على بريرة، فقال: هو لها صدقة، ولنا هدية".
32 - باب من تصدق بصدقة ثم ورثها
3233 - عن بريدة قال: "بينما أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- إذ أتته امرأة، فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت. فقال: وجب
أجرك، وردها عليك الميراث".
رواه مسلم (3)، وأبو داود (4)، وعنده: "وإنها ماتت، وتركت تلك الوليدة".
3234 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني
أعطيت أمي حديقة حياتها، وإنها ماتت فلم تترك وارثاً غيري. فقال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: وجبت صدقتك، ورجعت عليك حديقتك".
رواه الإمام أحمد (5) (ق (6)) (7).
__________
(1) البخاري (3/ 416 رقم 1493)، ومسلم (2/ 755 رقم 1075).
(2) البخاري (3/ 417 رقم 1495)، ومسلم (2/ 755 رقم 1074).
(3) صحيح مسلم (2/ 805 رقم 1149).
(4) سنن أبي داود (2/ 124 رقم 1656)، (3/ 116 رقم 2877)، (3/ 237 رقم
3309).
(5) المسند (2/ 185) واللفظ له.
(6) سنن ابن ماجه (2/ 800 رقم 2395).
(7) لم تظهر لعيب في التصوير، وأثبتها من تحفة الأشراف (6/ 324 رقم 8744).
(3/302)
33 - باب ذكر تحريم
الصدقة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته
3235 - عن أبي هريرة قال: "أخذ الحسن بن علي -رضي الله عنهما- تمرة من تمر
الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كخ كخ (1). لا
يطرحها، ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة".
رواه خ (2) م (3)، وعنده: "كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة".
3236 - عن أنس بن مالك: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد تمرة، فقال:
لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها".
أخرجاه (4) أيضًا.
3237 - عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إني
لأنقلب إلى أهلي، فأجد التمرة ساقطة على فراشي، ثم أرفعها لآكلها، ثم أخشى
أن تكون صدقة فألقيها".
رواه م (5).
3238 - عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: "اجتمع ربيعة بن الحارث
والعباس بن عبد المطلب، فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين -قال لي
وللفضل بن عباس- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلماه فأمَّرَهما
على هذه الصدقات، فأديا ما
__________
(1) بفتح الكاف وكسرها، وسكون المعجمة مثقلاً ومخففاً، وبكسر الخاء منونةٍ
وغير منونة؛ فيخرج من ذلك ست لغات، والثانية توكيد للأولى، وهي كلمة تقال
لردع الصبي عند تناوله ما يُستقذر. فتح الباري (3/ 415).
(2) صحيح البخاري (3/ 414 رقم 1491).
(3) صحيح مسلم (2/ 751 رقم 1069).
(4) البخاري (4/ 344 رقم 2055)، ومسلم (2/ 752 رقم 1071).
(5) صحيح مسلم (2/ 751 رقم 1070).
(3/303)
يؤدي الناس، وأصابا ما يصيب الناس. قال:
فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب (فوقف) (1) عليهما، فذكرا له ذلك،
فقال علي: لا تفعلا، فواللَّه ما هو بفاعل. فانتحاه (2) ربيعة بن الحارث،
فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا، فوالله لقد نلت صهر رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فما نفسناه (3) عليك. قال علي: أرسلوهما
فانطلقا، واضطجع (علي) (4). قال: فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- الظهر سبقناه إلى الحجرة، فقمنا عندها حتى جاء، فأخذ بآذاننا، ثم قال:
أخرجا ما تُصَرِّران (5). ثم دخل ودخلنا عليه -وهو يومئذ عند زينب بنت جحش-
قال: فتواكلنا الكلام، ثم تكلم أحدنا، فقال: يا رسول الله، أنت أبرُّ
الناس، وأوصل الناس، وقد بلغْنا النكاح، فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه
الصدقات، فنؤدي إليك (ما) (6) يؤدي الناس، ونصيب كما يصيبون. قال: فسكت
طويلاً، حتى أردنا أن نكلمه. قال: وجعلت زينب تُلْمِع (7) إلينا (من) (4)
وراء الحجاب ألا تكلماه، قال: ثم قال: إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد؛ إنما
هي أوساخ الناس، ادعوا لي محمية -وكان على الخمس- ونوفل بن الحارث بن عبد
المطلب. قال: فجاءاه، فقال لمحمية: أنكح هذا الغلام ابنتك -للفضل بن
العباس- فأنكحه، وقال لنوفل ابن الحارث: أنكح هذا الغلام ابنتك -لي-
فأنكحني، وقال لمحمية: أصدق
__________
(1) في "الأصل": فوقفا. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) هو بالحاء، ومعناه عرض له وقصده. قاله النووي في شرح مسلم (5/ 38).
(3) بكسر الفاء، أي: ما حسدناك ذلك. قاله النووي في شرح مسلم (5/ 39).
(4) من صحيح مسلم.
(5) بضم التاء، وفتح الصاد، وكسر الراء، وبعدها راء أخرى، ومعناه تجمعانه
في صدوركما من الكلام، وكل شيء جمعته فقد صررته. قاله النووي.
(6) في صحيح مسلم: كما.
(7) بضم التاء، وإسكان اللام، وكسر الميم، ويجوز فتح التاء والميم، يقال:
ألمع ولمع إذا أشار بثوبه أو بيده. قاله النووي (5/ 40).
(3/304)
عنهما من الخمس كذا وكذا" (1). قال الزهري:
ولم يسمه لي.
وفي لفظ (2): "فألقى عليٌّ رداءه ثم اضطجع عليه، وقال: أنا أبو حسنٍ القرمُ
(3)، والله لا أَرِيم (4) مكاني حتى يرجع إليكما أبناؤكما بحور (5) ما
بعثتما به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما، وقال في الحديث: "ثم
قال لنا: إن هذه الصدقات إنما هى أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل
محمد". رواه م.
3239 - عن جبير بن مطعم قال: "مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم -، فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب من خُمس خيبر
وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد".
رواه خ (6).
3240 - عن أبي رافع: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً على
الصدقة من بني مخزوم، فقال لأبي رافع: اصحبني فإنك تصيب منها. قال: حتى آتي
النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسأله، فأتاه فسأله، فقال: مولى القوم من
(أنفسهم) (7)، وإنا لا تحل لنا
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 752 - 753 رقم 1072/ 167).
(2) صحيح مسلم (4/ 752 رقم 1072/ 168).
(3) هو بتنوين حسن، وأما القرم فبالراء مرفوع، وهو السيد، وأصله فحل الإبل،
قال الخطابي معناه المقدم في المعرفة بالأمور والرأي كالفحل، هذا أصح
الأوجه في ضبطه، وهو المعروف في نسخ بلادنا. قاله النووي في شرح مسلم (5/
41).
(4) بفتح الهمزة وكسر الراء، أي: لا أفارقه. قاله النووي أيضًا.
(5) هو بفتح الحاء المهملة، أي: بجواب ذلك، قال الهروي في تفسيره: يقال:
كلمته فما ردّ علي حورًا ولا حويرًا: أي جوابًا، قال: ويجوز أن يكون معناه
الخيبة، وأصل الحور الرجوع إلى النقص. قال القاضي: هذا أشبه بسياق الحديث.
شرح مسلم (5/ 42).
(6) صحيح البخاري (6/ 281 رقم 3140).
(7) في "الأصل": أنفسكم. والمثبت من سنن أبي داود.
(3/305)
الصدقة" (1).
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه- ت (4)، وقال: حديث حسن صحيح.
3241 - عن أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتي بطعام
سأل عنه، فإن قيل: هدية، أكل منها، وإن قيل: صدقة، لم يأكل منها".
رواه م (5).
3242 - عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - إذا أتي بشيء سأل: أصدقة أو هدية؟ فإن قالوا: صدقة، لم يأكل، وإن
قالوا: هدية، أكل".
رواه الإمام أحمد (6) ت (7) -واللفظ (له) (8) - س (9)، وقال الترمذي: حديث
حسن غريب.
3243 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
وجد تحت جنبه تمرة من الليل، فأكلها، فلم ينم تلك الليلة، فقال بعض نسائه:
يا رسول الله، أرقت البارحة. قال: إني وجدت تحت جنبي تمرة فأكلتها، وكان
عندنا تمر من تمر
__________
(1) رواه النسائي (5/ 107 رقم 2611) وصححه ابن خزيمة (4/ 57 رقم 2344).
(2) المسند (6/ 8، 10، 390).
(3) سنن أبي داود (2/ 123 رقم 1650).
(4) جامع الترمذي (3/ 46 رقم 657).
(5) صحيح مسلم (6/ 752 رقم 1077).
(6) المسند (5/ 5).
(7) جامع الترمذي (3/ 45 رقم 656).
(8) ليست في "الأصل".
(9) سنن النسائي (5/ 107 رقم 2612).
(3/306)
الصدقة؛ فخشيت أن يكون منه". رواه الإمام
أحمد (1).
34 - باب ذكر من لا تحل له الصدقة
3244 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "من سأل وله ما يغنيه جاءت يوم القيامة خموش (2) -أو خدوش، أو كدوح
(3) - في وجهه. فقيل: يا رسول الله، وما الغنى؟ قال: خمسون درهماً، أو
قيمتها من الذهب".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) -وهذا لفظه- ت (6) س (7) ق (8)، وقال الترمذي:
حديث حسن.
3245 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من
سأل وله قيمة أوقية فقد (ألحف) (9). فقلت: ناقتي الياقوتة هي خير من
أوقية".
وفي بعض ألفاظه: "خير من أربعين درهمًا، فرجعت ولم أسأله".
وفي لفظ: "وكانت الأوقية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين
درهمًا".
رواه الإمام أحمد (10) د (11) -وهذا لفظه- س (12).
__________
(1) المسند (2/ 193).
(2) الخموش: الخدوش، وزنًا ومعنى. النهاية (2/ 80).
(3) الكدوح: الخدوش، وكل أثر من خدش أو عض فهو كدوح. النهاية (2/ 155).
(4) المسند (1/ 388).
(5) سنن أبي داود (2/ 116 رقم 1626).
(6) جامع الترمذي (3/ 40 - 41 رقم 650).
(7) سنن النسائي (5/ 97 رقم 2591).
(8) سنن ابن ماجه (1/ 589 رقم 1840).
(9) في "الأصل": ألحد. والمثبت من سنن أبي داود.
(10) المسند (3/ 29).
(11) سنن أبي داود (2/ 116 - 117 رقم 1628).
(12) سنن النسائي (5/ 98 رقم 2594).
(3/307)
3246 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل وله أربعون درهمًا فهو
ملحف".
رواه س (1).
3247 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحل
الصدقة لغني، ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ (2) ".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) ت (5)، وقال: حديث حسن.
3248 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحل
الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي".
رواه الإمام أحمد (6) س (7) ق (8).
3249 - عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد أنه قال: "نزلت أنا وأهلي ببقيع
الغرقد، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسله لنا
شيئاً نأكله. فجعلوا يذكرون من حاجتهم، فذهبت إلى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -، فوجدت عنده رجلاً يسأله، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: لا أجد ما أعطيك. فتولى الرجل وهو مغضب، وهو يقول: لعمري إنك لتعطي
مَن شئت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يغضب عليَّ أن لا أجد ما
أُعطي، من سأل منكم وله أوقية -أو عدلها- فقد سأل
__________
(1) سنن النسائي (5/ 98 رقم 2593).
(2) المرة: القوة والشدة، والسوي: الصحيح الأعضاء. النهاية (4/ 316).
(3) المسند (2/ 164، 192).
(4) سنن أبي داود (2/ 118 رقم 1634).
(5) جامع الترمذي (3/ 42 رقم 652).
(6) المسند (2/ 377، 389).
(7) سنن النسائي (5/ 99 رقم 2596).
(8) سنن ابن ماجه (1/ 589 رقم 1839).
(3/308)
إلحافاً. قال الأسدي: فقلت للقحة لنا خير
من أوقية -والأوقية أربعون درهمًا- قال: فرجعت ولم أسأله، فقدم على رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - شعير وزبيب، فقسم لنا منه -أو كما قال- حتى
أغنانا الله -عز وجل". رواه د (1) س (2).
3250 - عن حبشي بن جنادة السلولي قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول في حجة الوداع -وهو واقف عرفة- أتاه أعرابي، فأخذ بطرف ردائه،
فسأله إياه فأعطاه وذهب، فعند ذلك حرمت المسألة، فقال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: إن المسألة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي، إلا لذي فقر مدقع
(3) أو غرم مفظع (4)، ومن سأل الناس ليثري به ماله كان خموشاً في وجهه يوم
القيامة، ورضفاً (5) يأكله من جهنم، ومن شاء فليقل، ومن شاء فليكثر".
رواه ت (6) وقال: حديث غريب من هذا الوجه.
قال الحافظ أبو عبد الله: وهو من رواية مجالد بن سعيد، وقد ضعفه غير واحد
من الأئمة (7).
3251 - وقد روى الإمام أحمد (8) من غير حديث مجالد عن حبشي بن جنادة قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل من غير فقرٍ فإنما يأكل
الجمر".
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 116 رقم 1627).
(2) سنن النسائي (5/ 103 - 104 رقم 2595).
(3) أي: شديد يُفضي بصاحبه إلى الدَّقْعاء، وهو التراب، وقيل: هو سوء
احتمال الفقر. النهاية (2/ 127).
(4) المفظع: الشديد الشنيع، وقد أفظع يفظع فهو مفظع، وفظع الأمر فهو فظيع.
النهاية (3/ 459).
(5) الرضف: الحجارة المحماة على النار، واحدتها رضفة. النهاية (2/ 231).
(6) جامع الترمذي (3/ 43 رقم 653، 654).
(7) ترجمته في التهذيب (27/ 219 - 225).
(8) المسند (4/ 165).
(3/309)
3252 - عن أنس بن مالك: "أن رجلاً من
الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله، فقال له: أفي بيتك شيء؟
قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء. قال: ائتني
بهما. فأتاه بهما، فاخذهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، وقال:
من يشتري هذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال: من يزيد على (درهم) (1)
-مرتين أو ثلاثًا- قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين. فأعطاهما إياه، وأخذ
الدرهمين فأعطاهما الأنصاري، فقال: اشتر بأحدهما طعامًا، فانبذه إلى أهلك،
واشتر بالآخر قدومًا، فائتني به. فأتاه به، فشد فيه رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - عودًا بيده، ثم قال له: اذهب فاحتطب وبع، ولا أرينك خمسة عشر
يومًا. فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها
ثوبًا، وببعضها طعامًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا خير لك
من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة؛ إن المسألة لا تصلح إلا
لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع" (2).
رواه د (3) -وهذا لفظه- ق (4).
وروى الإمام أحمد (5) أوله إلى قوله: "أنا آخذهما بدرهمين. فقال: هما لك"،
وروى آخره بعد هذا: "ثم قال: إن المسألة لا تحل إلا (لإحدى) (6) ثلاث: ذي
دم موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع".
__________
3252 - خرجه الضياء في المختارة (6/ 245 - 249 رقم 2261 - 2266).
(1) في "الأصل": درهمين. والمثبت من سنن أبي داود.
(2) هو أن يتحمل دية فيسعى فيها حتى يؤديها إلى أولياء المقتول؛ فإن لم
يؤدها قُتل المُتحمَّل عنه، فيوجعه قتله. النهاية (4/ 157).
(3) سنن أبي داود (2/ 120 - 121 رقم 1641).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 740 - 741 رقم 2198).
(5) المسند (3/ 114).
(6) في المسند: لأحد.
(3/310)
وقد روى ت (1) س (2) طرفًا من الحديث، وقال
الترمذي: حديث حسن.
3253 - عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين حدثاه "أنهما أتيا رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يسألانه من الصدقة، فقلب فيهما البصر فرآهما
جلدين، فقال: إن شئتما، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) س (5) وهذا لفظه.
35 - باب في كراهية المسألة
3254 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما
يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مُزْعَة (6) لحم".
أخرجه خ (7) م (8).
3254م- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من سأل
الناس أموالهم تكثرًا فإنما يسأل جمرًا فليستقل أو ليستكثر". رواه م (9).
3255 - عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي
نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره؛ خير له من أن يأتي رجلاً
فيسأله، أعطاه أو منعه".
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 522 رقم 1218).
(2) سنن النسائي (7/ 259 رقم 4520).
(3) المسند (4/ 224، 5/ 362).
(4) سنن أبي داود (2/ 118 رقم 1633).
(5) سنن النسائي (5/ 99 - 100 رقم 2597).
(6) أي: قطعة يسيرة من اللحم. النهاية (4/ 325).
(7) صحيح البخاري (3/ 396 رقم 1474).
(8) صحيح مسلم (2/ 720 رقم 1040).
(9) صحيح مسلم (2/ 720 رقم 1041).
(3/311)
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2)، ولفظه: "لأن
يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره؛ فيتصدق به، ويستغني به من الناس، خير له من أن
يسأل رجلاً، أعطاه أو منعه ذلك، فإن اليد العليا (خير) (3) من اليد السفلى،
وابدأ بمن تعول".
زاد الإمام أحمد (4) في رواية له: "فلأن يأخذ ترابًا فيجعله في فيه خير له
من أن يجعل في فيه ما حرم الله عليه".
3256 - عن الزبير بن العوام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لأن
يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره؛ فيبيعها فيكف الله بها وجهه؛
خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه".
رواه خ (5).
3257 - عن أبي سعيد الخدري "أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال لهم
حين أنفق كل شيء بيديه: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف
يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أُعطي أحد عطاء
خيراً وأوسع من الصبر".
رواه خ (6) م (7)، وليس عنده: "لهم حين أنفق كل شيء بيديه".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 392 رقم 1470).
(2) صحيح مسلم (2/ 172 رقم 1042).
(3) في صحيح مسلم: أفضل.
(4) المسند (2/ 257).
(5) صحيح البخاري (3/ 393 رقم 1471).
(6) صحيح البخاري (3/ 392 رقم 1469).
(7) صحيح مسلم (2/ 729 رقم 1053).
(3/312)
3258 - عن عبد الله بن عمر: "أن رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - قال وهو على المنبر -وذكر الصدقة والتعفف
والمسألة-: اليد العليا خير من اليد السفلى. فاليد العليا هي المتفقة،
والسفلى هي السائلة".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2) وعنده: "والتعفف عن المسألة: اليد العليا خير
من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة، والسفلى السائلة".
3259 - عن حكيم بن حزام قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم، إن هذا
المال خضرة حلوة (3)، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف
نفس لم يبارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد
السفلى. قال حكيم: فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرْزَأ (4)
أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا. فكان أبو بكر -رضي الله عنه- يدعو
حكيمًا إلى العطاء، فيأبى أن يقبله منه، ثم إن عمر -رضي الله عنه- دعاه
ليعطيه، فأبى أن يقبل منه شيئاً، فقال عمر: إني (أشهدكم) (5) يا معشر
المسلمين على حكيم، إني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه، فلم
يرزأ حكيم أحدًا من الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى توفي".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 346 رقم 1429).
(2) صحيح مسلم (7/ 712 رقم 1033).
(3) قال ابن حجر في الفتح (3/ 394): أنث الخبر لأن المراد الدنيا، قوله
خضرة حلوة" شبهه بالرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة
الخضراء المستلذة؛ فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده بالنسبة إلى اليابس،
والحلو مرغوب فيه على انفراده بالنسبة للحامض، فالإعجاب بهما إذا اجتمعا
أشد.
(4) قال ابن حجر (3/ 394): بفتح الهمزة، وإسكان الراء، وفتح الرّاء، بعدها
همزة، أي: لا أنقص ماله بالطلب منه.
(5) في "الأصل": أشهدهم. والمثبت من صحيح البخاري.
(3/313)
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2)، وليس عنده
قول حكيم إلى آخره، والله أعلم.
3260 - وعن حكيم بن حزام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اليد
العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن
يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله".
أخرجه خ (3) -وهذا لفظه- م (4)، ولفظه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- قال: "أفضل الصدقة -أو خير الصدقة- عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد
السفلى، وابدأ بمن تعول".
3261 - عن الشعبي قال: حدثني كاتب المغيرة بن شعبة قال: "كتب معاوية إلى
المغيرة بن شعبة أن اكتب إليَّ بشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -. فكتب إليه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله
كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال".
رواه خ (5) -وهذا لفظه- م (6).
3262 - عن معاوية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلحفوا
في المسألة، فوالله لا يسألني أحد منكم شيئًا فتخرج له مسألته مني شيئًا
وأنا له كاره فيُبارك له فيما أعطيته" (7).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 393 رقم 1472).
(2) صحيح مسلم (2/ 717 رقم 1035).
(3) صحيح البخاري (3/ 345 رقم 1427).
(4) صحيح مسلم (2/ 717 رقم 1034).
(5) صحيح البخاري (3/ 398 رقم 1477).
(6) صحيح مسلم (3/ 1341 رقم 593).
(7) صحيح مسلم (8/ 712 رقم 1038).
(3/314)
وفي لفظ (1): "إنما أنا خازن، فمن أعطيته
عن طيب نفس فيُبارك له فيه، ومن أعطيته عن مسألة وشرة كان كالذي يأكل ولا
يشبع". رواه م.
3263 - عن أبي مسلم الخولاني قال: حدثني الحبيب الأمين -أما هو فحبيب
إليَّ، وأما هو عندي فأمين- عوف بن مالك الأشجعي قال: "كنا عند رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - تسعة -أو ثمانية، أو سبعة- فقال: ألا تبايعون رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وكنا حديث عهد ببيعته، فقلنا: قد بايعناك يا
رسول الله. (ثم) (2) قال: ألا تبايعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: ألا تبايعون رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -؟ قال: فبسطنا أيدينا، وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام
نبايعك؟ قال: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلوات الخمس، وتطيعوا
-وأسر كلمة خفية- ولا تسألوا الناس شيئًا. فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط
سوط أحدهم، فما يسأل أحدًا يناوله إياه".
رواه م (3).
3264 - عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن
المسألة كدٌّ يَكُد (4) الرجل بها وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطانًا أو في
أمر لا بد منه".
رواه ت (5)، وقال: حديث حسن صحيح.
3265 - وقد روى الإمام أحمد (6) د (7) عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال: "المسائل
__________
(1) صحيح مسلم (8/ 712 رقم 1037).
(2) من صحيح مسلم.
(3) صحيح مسلم (1/ 722 رقم 1043).
(4) الكد: الإتعاب، يقال: كد يكُد في عمله كدًّا، إذا استعجل وتعب، وأراد
بالوجه ماءه ورونقه. النهاية (4/ 155).
(5) جامع الترمذي (3/ 65 رقم 681).
(6) المسند (5/ 22).
(7) سنن أبي داود (2/ 119 رقم 1639).
(3/315)
كُدُوحٌ (1) يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء
أبقى على وجهه، ومن شاء ترك، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو يسأل في أمر
لا يجد منه بدًّا".
قال: فحدثت به الحجاج، فقال: سلني؛ فإني ذو سلطان.
لم يذكر أبو داود: فحدثت به الحجاج.
3266 - عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يكفل لي
أن لا يسأل الناس شيئاً وأتكفل له بالجنة؟ فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل
أحدًا شيئًا".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) س (4).
3267 - وروى الإمام أحمد (5) ق (6) -واللفظ لأحمد- عن ثوبان قال: قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يقبل لي بواحدة وأتقبل له بالجنة؟ قال:
قلت: أنا. قال: لا تسأل الناس شيئًا. فكان ثوبان يقع سوطه -وهو راكب- فلا
يقول لأحد ناولنيه حتى ينزل فيتناوله".
3268 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من
أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله أوشك له بالغنى
إما بموتٍ عاجلٍ أو غنًى عاجل".
رواه د (7) -وهذا لفظه- ت (8)، وقال: حديث حسن صحيح.
__________
(1) أي: خدوش. النهاية (4/ 155).
(2) المسند (5/ 275، 276).
(3) سنن أبي داود (2/ 121 رقم 1643).
(4) سنن النسائي (5/ 96 رقم 2589).
(5) المسند (5/ 277).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 588 رقم 1837).
(7) سنن أبي داود (2/ 122 رقم 1645).
(8) جامع الترمذي (4/ 487 - 488 رقم 2326).
(3/316)
3269 - عن سهل بن الحنظلية قال: "قدم على
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيينة بن حصن والأقرع بن حابس فسألاه،
فقام لهما بما سألا، وأمر معاوية فكتب لهما بما سألا، فأما الأقرع فأخذ
كتابه فلفه في عمامته وانطلق، وأما عيينة فأخذ كتابه فأتى النبي - صلى الله
عليه وسلم - مكانه، فقال: يا محمد، أتراني حاملاً إلى قومي كتابًا لا أدري
ما فيه، كصحيفة (المتلمس) (1). فأخبر معاوية بقوله رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من سأل وعنده ما يغنيه
فإنما يستكثر من النار".
وفي لفظ: "من جمر جهنم. قالوا: يا رسول الله: وما يغنيه؟ ".
وفي لفظ: "وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة؟ قال: قدر ما يغديه
ويعشيه".
وفي لفظ: "أن يكون له شبع يوم وليلة".
كذا رواه د (2) ورواه الإمام أحمد (3)، وعنده: "أنه من سأل وعنده ما يغنيه
فإنما يستكثر من جمر جهنم. قالوا: يا رسول الله، وما يغنيه؟ قال: ما يغديه
أو يعشيه".
3270 - عن ابن الفراسي: "أن الفراسي قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: أسأل؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا، وإن كنت سائلاً لا بد
فاسأل الصالحين".
__________
(1) في "الاْصل": الملتمس. بتقديم اللام، والمثبت من سنن أبي داود،
والصحيفة الكتاب، والمتلمس شاعر معروف، واسمه عبد المسيح بن جرير، كان قدم
هو وطرفة الشاعر على الملك عمرو بن هند، فنقم عليهما أمرًا، فكتب لهما
كتابين إلى عامله بالبحرين يأمره بقتلهما، وقال: إني قد كتبت لكما بجائزة،
فاجتازا بالحيرة، فأعطى المتلمس صحيفته صبيًّا فقرأها فإذا فيها يأمر عامله
بقتله، فألقاها في الماء ومضى إلى الشام، وقال لطرفة: افعل مثل فعلي؛ فإن
صحيفتك مثل صحيفتي، فأبى عليه، ومضى بها إلى العامل، فأمضى فيه حكمه وقتله،
فضُرب بهما المثل. النهاية (3/ 13).
(2) سنن أبي داود (2/ 117 رقم 1629).
(3) المسند (4/ 180 - 181).
(3/317)
رواه الإمام أحمد (1) د (2) س (3).
3271 - عن عائذ بن عمرو: "أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله
فأعطاه، فلما وضع رجله على أُسْكُفة (4) الباب، قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئًا".
رواه س (5).
3272 - عن مالك بن نضلة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"الأيدي ثلاثة: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل
السفلى، فأعط الفضل، ولا تعجز عن نفسك".
رواه الإمام أحمد (6) د (7).
3273 - عن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سأل مسألة وهو
عنها غني كانت شَيْنًا في وجهه يوم القيامة". رواه الإمام أحمد (8).
3274 - عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة
والذي نفس محمد بيده إن كنت لحالف عليهن: لا ينقص مال من صدقة؛ فتصدقوا،
ولا يعفو عبد عن مظلمة يبتغي بها وجه الله إلا رفعه الله بها -وقال أبو
سعيد مولى بني
__________
(1) المسند (4/ 334).
(2) سنن أبي داود (2/ 122 رقم 1646).
(3) سنن النسائي (5/ 95 رقم 2586).
3271 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 234 - 235 رقم 278 - 280).
(4) بهمزة قطع مضمومة، وسكون السين، وضم الكاف، وتشديد الفاء: عتبة الباب
السفلى. قاله السيوطي في حاشية سنن النسائي.
(5) سنن النسائي (5/ 94 - 95 رقم 2585).
(6) المسند (3/ 473، 4/ 137).
(7) سنن أبي داود (2/ 123 رقم 1649).
(8) المسند (5/ 281).
(3/318)
هاشم: لا زاده الله بها عزًّا يوم القيامة-
ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر". رواه الإمام أحمد (1).
3275 - عن أبي سعيد الخدري قال: "سرحتني أمي إلى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أسأله، فقعدت، قال: فاستقبلني، وقال: من استغنى أغناه الله، ومن
استعفف أعفه الله، ومن استكف كفاه الله، ومن سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف.
فقلت: ناقتي الياقوتة هي خير من أوقية، ولم أسأله".
رواه الإمام أحمد (2) س (3)، وعنده: "ومن استكفى كفاه الله". ورواه د (4)
بنحوه.
3275م- عن خالد بن عدي الجهني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال: "من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده؛
فإنما هو رزق ساقه الله إليه". رواه الإمام أحمد (5)
36 - باب في ذكر التطوع وأي الصدقة أفضل وذكر
الصدقة على الأقارب
3276 - عن أبي هريرة قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: أن تَصَّدَّق وأنت صحيح شحيح،
تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تهمل حتى إذا بلغت الحلقوم (6) قلت: لفلان
كذا، ولفلان كذا،
__________
(1) المسند (1/ 193).
(2) المسند (3/ 9).
(3) سنن النسائي (5/ 98 رقم 2594).
(4) سنن أبي داود (2/ 116 - 117 رقم 1628).
(5) المسند (4/ 220 - 221) وفيه: "من بلغه عن أخيه ... ".
(6) أي: الروح، والمراد قاربت بلوغه، إذ لو بلغته حقيقة لم يصح شيء من
تصرفاته، ولم يجر للروح ذكر اغتناء بدلالة السياق، والحلقوم مجرى النفس،
قاله أبو عبيدة. فتح الباري (3/ 335).
(3/319)
وقد كان لفلان".
رواه خ (1) م (2)، وعنده: "أما وأبيك لتنبأنه، أن تصدق ... " فذكره.
3277 - عن سعد بن أبي وقاص وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إنك
إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون (3) الناس".
رواه خ (4) م (5).
3278 - عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كفى
بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت" (6).
رواه الإمام أحمد (7) د (8) س (9).
3279 - وقد روى مسلم (10) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت
به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على
أهلك". رواه م.
3280 - عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل دينار
ينفقه الرجل؛
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 334 رقم 1419).
(2) صحيح مسلم (6/ 712 رقم 1032).
(3) أي: يمدون أكفهم إليهم يسألونه. النهاية (4/ 190).
(4) صحيح البخاري (3/ 196 رقم 1295).
(5) صحيح مسلم (3/ 1250 - 1251 رقم 1628).
(6) أراد من تلزمه نفقته من أهله وعياله وعبيده. النهاية (4/ 119).
(7) المسند (2/ 160، 193، 194، 195).
(8) سنن أبي داود (2/ 132 رقم 1692).
(9) السنن الكبرى (5/ 374 رقم 9177).
(10) صحيح مسلم (2/ 692 رقم 995). وروى مسلم (2/ 692 رقم 996) عن عبد الله
ابن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء إثماً أن
يحبس عمن يملك قوته".
(3/320)
دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل
على دابته في سبيل الله -عز وجل- ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله -عز
وجل".
قال أبو قلابة: وبدأ بالعيال. ثم قال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجرًا من رجل
ينفق على عيال صغار يعفهم -أو ينفعهم الله به، ويغنيهم.
رواه م (1).
32081 - عن ميمونة بنت الحارث: "أنها أعتقت وليدة في زمان رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لو
أعطينها أخوالك كانت أعظم لأجرك".
رواه خ (2) م (3).
3282 - عن أبي مسعود البدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن المسلم
إذا أنفق على أهله نفقة هو يحتسبها كانت له صدقة".
رواه خ (4) م (5).
3283 - عن زينب امرأة عبد الله قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "تصدقن يا معشر النساء، ولو من حليكن. قالت: فرجعت إلى عبد الله، فقلت:
إنك رجل خفيف ذات اليد، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر
بالصدقة، فائته فاسأله، فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفتها إلى غيركم. قالت:
فقال عبد الله: بل ائتيه أنت. قالت: فانطلقت، فإذا امرأة من الأنصار بباب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجتي حاجتها
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 169 - 692 رقم 994).
(2) صحيح البخاري (5/ 257 رقم 2592).
(3) صحيح مسلم (2/ 694 رقم 999).
(4) صحيح البخاري (1/ 165 رقم 55).
(5) صحيح مسلم (2/ 695 رقم 1002).
(3/321)
-قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قد ألقيت عليه المهابة- قالت: فخرج علينا بلال، فقلنا له: ائت رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك أتجزي
الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن. قالت:
فدخل بلال على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فقال له رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: من هما؟ فقال: امرأة من الأنصار وزينب. فقال رسول
الله: أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: لها أجران؛ أجر القرابة، وأجر الصدقة".
رواه خ (1) م (2)، وهذا لفظه.
3284 - عن أم سلمة قالت: "قلت: يا رسول الله، ألي أجر أن أنفق على بني أبي
سلمة إنما هم بني؟ قال: أنفقي ولك أجر ما أنفقت عليهم".
رواه خ (3) م (4)، وعنده: "ولست بتاركتهم هكذا وهكذا؛ إنما هم بني".
3285 - عن أنس بن مالك قال: "كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالاً،
وكان أحب أمواله إليه بيرحاء (5) -وكانت مستقبلة المسجد- وكان رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما نزلت
هذه الآية: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)
(6) قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن الله -عز
وجل- يقول في كتابه: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ) (6) وإن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة للَّه أرجو برها
وذخرها
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 384 - 385 رقم 1466).
(2) صحيح مسلم (2/ 694 - 695 رقم 1000).
(3) صحيح البخاري (3/ 385 رقم 1467).
(4) صحيح مسلم (2/ 695 رقم 1001).
(5) قال ابن حجر في الفتح (3/ 382): وقوله فيه بيرحاء بفتح الموحدة وسكون
التحتانية، وفتح الراء وبالمهملة والمد، وجاء في ضبطه أوجه كثيرة جمعها ابن
الأثير في النهاية، فقال: يروى بفتح الباء وبكسرها، وبفتح الراء وضمها،
وبالمد والقصر فهذه ثمان لغات.
(6) سورة آل عمران، الآية: 92.
(3/322)
عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت. قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، قد
سمعت ما قلت فيها وإني أو أن تجعلها في الأقربين".
وفي لفظ: "فجعلها في الأقربين في أقاربه وبني عمه".
وفي لفظ: "قال: فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب".
رواه خ (1) م (2)، وهذا لفظه.
قال البخاري (3): وقال الأنصاري: حدثني أبي، عن ثمامة عن أنس بمثل حديث
ثابت، وقال: "اجعلها لفقراء قرابتك. قال أنس: فجعلها لحسان وأبي بن كعب،
وكانا أقرب إليه مني".
وكان قرابة حسان وأبي بن كعب من أبي طلحة واسمه زيد بن سهل بن الأسود بن
حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي (بن عمرو) (4) بن مالك بن النجار وحسان بن
ثابت بن المنذر بن حرام، فيجتمعان إلى حرام وهو الأب الثالث (وحرام ابن
عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، وهو يجامع حسان وأبا
طلحة) (4) وأُبي إلى ستة آباء إلى عمرو بن مالك، وهو أبي بن كعب بن قيس بن
عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار فعمرو بن مالك يجمع حسان
وأبا طلحة و (أبيًّا) (5).
3286 - عن جابر قال: "أعتق رجل من بني عذرة عبدًا له عن دبر، فبلغ ذلك
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 381 رقم 1461).
(2) صحيح مسلم (2/ 693 - 694 رقم 998).
(3) صحيح البخاري (5/ 446) كتاب الوصايا، باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه ومن
الأقارب.
(4) من صحيح البخاري.
(5) في "الأصل": أبي. والمثبت من صحيح البخاري.
(3/323)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:
ألك مال غيره؟ قال: لا. فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله
العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفعها
إليه، ثم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن
أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك (شيء) (1) فهكذا وهكذا. يقول:
بين يديك، وعن يمينك، وعن شمالك".
أخرجه م (2)، وروى البخاري (3) طرفًا منه.
3287 - عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا ابن
آدم، إنك إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ
بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى".
رواه م (4).
3288 - عن أبي هرير قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "تصدقوا.
فقال رجل: يا رسول الله، عندي دينار. قال: تصدق به على نفسك. قال: عندي
آخر. قال: تصدق به على زوجتك. قال: عندي آخر. قال: تصدق به على ولدك. قال:
عندي آخر. قال: تصدق به على خادمك. قال: عندي آخر. قال: أنت أبصر".
رواه د (5) س (6)، وهذا لفظه.
3289 - عن سليمان بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصدقة
على المسكين
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (2/ 692 - 693 رقم 997).
(3) صحيح البخاري (5/ 196 رقم 2534).
(4) صحيح مسلم (2/ 718 رقم 1036).
(5) سنن أبي داود (2/ 132 رقم 1691).
(6) سنن النسائي (5/ 62 - 63 رقم 2534).
(3/324)
صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان، صدقة وصلة".
رواه الإمام أحمد (1) س (2) ت (3).
3290 - عن سراقة بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أدلكم
على أفضل الصدقة؟ ابنتك مردودة إليك ليس لها كاسب غيرك".
رواه الإمام أحمد (4) ق (5).
3291 - عن طارق المحاربي قال: "قدمنا المدينة فإذا رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - قائم على المنبر يخطب الناس، ويقول: يد المعطي العليا، وابدأ
بمن تعول أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك فأدناك".
رواه س (6).
3292 - عن جابر بن عبد الله قال: "كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- إذ جاءه رجل بمثل بيضة من ذهب، وقال: يا رسول الله، أصبت هذه من معدن
فخذها مني صدقة ما أملك غيرها. فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-، ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن فقال مثل ذلك، فأعرض عنه رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -، ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر فأعرض عنه رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - ثم أتاه من خلفه فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فخذفه بها، فلو أصابته لأوجعته -أو لعقرته- فقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يأتي أحدكم بما يملك فيقول: هذه صدقة، ثم يقعد يستكفف الناس، خير
الصدقة
__________
(1) المسند (4/ 17، 18).
(2) سنن النسائي (5/ 92 رقم 2581).
(3) جامع الترمذي (3/ 46 - 47 رقم 658) وقال: حديث حسن.
(4) المسند (4/ 175).
(5) سنن ابن ماجه (9/ 1202 - 1210 رقم 3667).
3291 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 126 - 130 رقم 141 - 144).
(6) سنن النسائي (5/ 65 رقم 2531).
(3/325)
ما كان عن ظهر غنى". رواه د (1).
3293 - عن أبي سعيد قال: "دخل رجل المسجد فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم
- أن يطرحوا ثيابًا، فطرحوا، فأمر له بثوبين ثم حث على الصدقة فجاء فطرح
أحد الثوبين فصاح به -أو قال- خذ ثوبك".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه- س (4).
3294 - عن أنس قال: "سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الصدقة أفضل؟
قال: صدقة في رمضان".
رواه ت (5)، وقال: حديث غريب (6).
37 - باب الصدقة من الكسب الحلال
3295 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من تصدق
بعدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يقبلها بيمينه،
ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه (7) حتى تكون مثل الجبل".
رواه خ (8) -وهذا لفظه- م (9) وعنده: "من الكسب الطيب، فيضعها في حقها".
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 128 رقم 1673).
(2) المسند (3/ 25).
(3) سنن أبي داود (2/ 128 - 129 رقم 1675).
(4) سنن النسائي (5/ 67 رقم 2535).
(5) جامع الترمذي (3/ 51 - 52 رقم 663).
(6) زاد في جامع الترمذي: وصدقة بن موسى ليس عندهم بذاك القوي.
(7) الفلو: المهر الصغير، وقيل: هو الفطيم من أولاد ذوات الحافر. النهاية
(3/ 474).
(8) صحيح البخاري (3/ 326 رقم 1410).
(9) صحيح مسلم (2/ 702 رقم 1014).
(3/326)
3296 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس، إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا،
وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، قال الله -عز وجل-: {يَا
أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي
بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (1) ثم قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (2) ثم ذكر: الرجل يطيل السفر
أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام،
وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذاك".
رواه م (3).
38 - ومن فضائل الصدقات
3297 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعة يظلهم
الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل
قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل
دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة (فأخفاها
حتى) (4) لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه".
رواه خ (5) م (6).
3298 - عن عدي بن حاتم قال: "كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فجاءه رجلان أحدهما يشكو العيلة، والآخر يشكو قطع السبيل، فقال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج
العير إلى مكة بغير خفير، وأما
__________
(1) سورة المؤمنون، الآية: 51.
(2) سورة البقرة، الآية: 172.
(3) صحيح مسلم (2/ 703 رقم 1015).
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (3/ 344 رقم 1423).
(6) صحيح مسلم (2/ 715 رقم 1031).
(3/327)
العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم
بصدقته لا يجد من يقبلها منه، ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله -عز وجل- ليس
بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له، ثم ليقولن له: ألم أؤتك مالاً؟
فليقولن: بلى (ثم ليقولن) (1) ألم أرسل إليك رسولاً، فليقولن: بلى. فينظر
عن يمينه فلا يرى إلا النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، فليتقين
أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة".
أخرجه خ (2) وهذا لفظه.
وروى م (3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منكم من أحد
إلا سيكلمه الله -عز وجل- ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى
إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى
إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة
طيبة".
3299 - (عن أبي ذر) (4) قال: "خرجت ليلة من الليالي، فإذا رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - يمشي وحده ليس معه إنسان، قال: فظننت أنه يكره أن يمشي
معه أحد، قال: فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني فقال: من هذا؟ فقلت:
أبو ذر جعلني الله فداءك. قال: يا أبا ذر، تعاله. قال: فمشيت معه ساعة،
فقال: إن (المكثرين) (5) هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيراً
فنفح فيه بيمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيراً. قال: فمشيت معه
ساعة، فقال: اجلس ها هنا. فأجلسني في قاع حوله حجارة، فقال لي: اجلس ها هنا
حتى أرجع إليك. قال: فانطلق في الحرة حتى لا أراه، فلبث عني فأطال اللبث،
ثم إني سمعته وهو
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (3/ 330 رقم 1413).
(3) صحيح مسلم (2/ 703 - 704 رقم 1016).
(4) في "الأصل": عن أبي هريرة. والمثبت من الصحيحين، ويأتي على الصواب.
(5) في "الأصل": المكثرون. والمثبت من الصحيح.
(3/328)
يقول: وإن سرق وإن زنى. قال: فلما جاء لم
أصبر، فقلت: يا نبي الله -جعلني الله فداءك- من تكلم في جانب الحرة، ما
سمعت أحدًا يرجع إليك شيئًا؟ قال: ذلك جبريل عرض لي في جانب الحرة، فقال:
بشر أمتك أنه من مات لا يشرك باللَّه شيئًا دخل الجنة. فقلت: يا جبريل وإن
سرق وإن زنى؟ قال: نعم. قال: قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم. قال: قلت:
وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم، وإن شرب الخمر".
رواه خ (1) م (2).
3300 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما نقصت
صدقة من مالٍ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا
رفعه الله -عز وجل".
رواه م (3).
3301 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينا رجل بفلاة
من الأرض فسمع صوتًا في سحابة: اسق حديقة فلان. فتنحى ذلك السحاب، فأفرغ
ماءه في حرة، فإذا شرجة (4) من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع
الماء، فإذا رجل قائم (في حديقته) (5) يحول الماء بمسحاته (6)، فقال له: يا
عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان -الاسم الذي سمع. (7) السحابة فقال له: يا
عبد الله، لم تسألني عن
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 67 رقم 3388).
(2) صحيح مسلم (2/ 688 - 689 قم 94/ 33).
(3) صحيح مسلم (4/ 2001 رقم 2588).
(4) الشرجة: مسيل الماء من الحرة السهل، والشرج جنس لها، والشراج جمعها.
النهاية (2/ 456).
(5) من صحيح مسلم.
(6) المسحاة: المجرفة من الحديد، الميم زائدة؛ لأنه من السحو: الكشف
والإزالة. النهاية (4/ 328).
(7) في صحيح مسلم: في.
(3/329)
اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتًا من السحاب-
الذي هذا ماؤه- يقول: اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذ
قلت هذا فإني انظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثًا،
وأرد فيها ثلثًا".
وفي لفظ: "أجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل".
رواه م (1).
3302 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أصبح
منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال
أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال: أبو بكر: أنا. قال:
فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا. قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: ما اجتمعن في امرئٍ إلا دخل الجنة".
رواه م (2).
3303 - عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما مسلم كسا
مسلمًا ثوبًا على عرى كساه الله من خضر الجنة (3)، وأيما مسلم أطعم مسلمًا
على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلمًا على ظمأ سقاه
الله من الرحيق المختوم".
رواه د (4) -واللفظ له- ت (5).
__________
(1) صحيح مسلم (4/ 2288 رقم 2984).
(2) صحيح مسلم (2/ 713 رقم 1028).
(3) أي: من ثيابها الخضر، جمع أخضر من باب إقامة الصفة مقام الموصوف، وفيه
إيماء إلى قوله تعالى (يلبسون ثياباً خضراً). عون المعبود (5/ 96).
(4) سنن أبي داود (2/ 130 رقم 1682).
(5) جامع الترمذي (4/ 546 رقم 2449)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد
رُوي هذا عن عطية عن أبي سعيد موقوف، وهو أصح عندنا وأشبه.
قلت: رواه أبو داود من طريق نبيح عن أبي سعيد، والترمذي رواه من طريق عطية
العوفي عن أبي سعيد.
(3/330)
3304 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: "إن الصدقة لتطفئ غضب الربِّ، وتدفع (1) ميتة
السوء (2) ".
رواه ت (3)، وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه.
3305 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا النار
ولو بشق تمرة".
رواه الإمام أحمد (4)
39 - باب كل معروف صدقة
3306 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"كل معروف صدقة".
رواه خ (5).
3307 - عن حذيفة بن اليمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل معروف
صدقة".
__________
3043 - خرجه الضياء في المختارة (5/ 218 - 220 رقم 1847، 1848).
(1) زاد بعدها في جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (3/ 168): عن وليست هذه
الزيادة في تحفة الأشراف (1/ 165 رقم 529) ولا تحفة الأحوذي (3/ 330 رقم
658).
(2) قال القاضي أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي (3/ 169): شرح ميتة
السوء وهي مسألة خفيت على المتوسمين بالعلم المتوشحين بتفسير مشكله، فظنوا
أنها ميتة الفجاءة لما رُوي أن موت الفجاءة أخذة أسف وقد بيَّنا ذلك في
كتاب الجنائز، وحقيقته أنها ميتة حزن؛ لأنه لو جاءه الموت بمقدمة لتأهب له
بتوبة، فإذا فوجئ به أسف لما فاته من توبته، وقيل: ميتة الشهرة كالمصلوب
مثلاً، وليس هذا بصحيح؛ فإن خبيبًا قتل (مصلوباً) ولم تكن ميتة سوء؛ لأنه
كان مظلومًا، وحقيقة ميتة السوء أن تكون الميتة في سبيل معصية الله،
والمعاذ من ذلك لا رب غيره. اهـ.
وانظر تحفة الأحوذي (3/ 330).
(3) جامع الترمذي (3/ 52 رقم 664).
(4) المسند (6/ 137).
(5) صحيح البخاري (10/ 462 رقم 6021).
(3/331)
رواه م (1).
3308 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"كل معروف صدقة، وما أنفق الرجل على أهله ونفسه كُتب له صدقة، وما وقى به
المرء عرضه كُتب له صدقة، وما أنفق المؤمن من نفقة فان خلفها على الله ضامن
إلا ما كان (في) (2) بنيان أو معصية. فقيل لمحمد بن المنكدر: ما (يعني) (2)
وقى به الرجل عرضه؟ قال: أن يعطي الشاعر وذا اللسان المتقى". رواه
الدارقطني (3).
3309 - عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحقرن من
المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ". رواه م (4).
40 - باب ذكر جهد المقل
3310 - عن أبي مسعود قال: أُمرنا بالصدقة، قال: كنا نحامل على ظهورنا، قال:
فتصدق أبو عقيل بنصف صاع، قال: وجاء إنسان بشيء أكثر منه، فقال المنافقون:
إن الله -عز وجل- لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء! فنزلت:
{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي
الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} (5).
رواه خ (6) م (7)، واللفظ له.
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 697 رقم 1005).
(2) من سنن الدارقطني.
(3) سنن الدارقطني (3/ 28 رقم 101).
(4) صحيح مسلم (4/ 2026 رقم 2626).
(5) سورة التوبة، الآية: 79.
(6) صحيح البخاري (8/ 181 رقم 4668).
(7) صحيح مسلم (2/ 706 - 707 رقم 1018).
(3/332)
3311 - عن أبي هريرة قال: "جاء رجل إلى
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني مجهود. فأرسل إلى بعض نسائه،
فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. ثم أرسل إلى أخرى، فقالت مثل
ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. فقال: من
يضيف هذا الليلة رحمه الله. (فقام) (1) رجل من الأنصار -يقال له: أبو طلحة-
فقال: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: هل عندك شيء؟
قالت: لا إلا قوت صبياني. قال: فعلليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئ السراج،
وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه. قال: فقعدوا
وأكل الضيف فلما أصبح غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد
عجب الله -عز وجل- من صنيعكما بضيفكما الليلة. قال: فنزلت هذه الآية:
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (2) ".
أخرجاه (3)، واللفظ لمسلم، وليس عند خ: "يقال له: أبو طلحة"، وهو في بعض
ألفاظ م.
3312 - عن عبد الله بن حبشي الخثعمي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل:
أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحجة مبرورة.
قيل: فأي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت. قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد
المقل. قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: من هجر ما حرم الله عليه. قيل: فأي
الجهاد أفضل؟ قال: من جاهد المشركين بماله ونفسه. قيل: فأي القتل أشرف؟
قال: من أهريق دمه وعقر جواده".
__________
(1) في "الأصل": فقال. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) سورة الحشر، الآية: 9.
(3) البخاري (7/ 149 رقم 3798)، ومسلم (3/ 1624 رقم 2054).
3312 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 235 - 236 رقم 213، 214).
(3/333)
رواه الإمام أحمد (1) د (2) س (3).
3313 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سبق درهم
مائة ألف درهم. قالوا: يا رسول الله، وكيف؟ قال: رجل له درهمان، فأخذ
أحدهما فتصدق به، ورجل له مال كثير، فأخذ من عُرْض ماله مائة ألف درهم
فتصدق بها".
رواه س (4).
3314 - عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: "أمرنا رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - أن نتصدق فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر -إن
سبقته يومًا- فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما
أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال له رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله.
فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا".
رواه د (5) -وهذا لفظه- ت (6)، وقال: حديث صحيح (7).
3315 - عن أبي أمامة: (قال (8): قلت: يا نبي الله، فأي الصدقة أفضل؟ قال:
سر إلى فقير، وجهد من مقل".
__________
(1) المسند (3/ 141 - 412).
(2) سنن أبي داود (2/ 69 رقم 1449).
(3) سنن النسائي (5/ 58 - 59 رقم 2525).
(4) سنن النسائي (5/ 59 رقم 2527).
3314 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 172 - 174 رقم 80، 81).
(5) سنن أبي داود (2/ 129 رقم 1678).
(6) جامع الترمذي (5/ 574 رقم 3675).
(7) كذا في تحفة الأشراف (8/ 7 رقم 10390) والمختارة وفي جامع الترمذي
وعارضة الأحوذي (13/ 139)، وتحفة الأحوذي (10/ 161 رقم 3757): حسن صحيح.
(8) الظاهر من سياق الحديث في المسند أن القائل هو أبو ذر الغفاري، والله
أعلم.
(3/334)
رواه الإمام أحمد (1) في إسناده غير واحد
متكلم فيه (2).
41 - باب أجر المرأة والخازن والعبد
3316 - عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أنفقت
المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما
كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئًا".
أخرجه خ (3) م (4).
3317 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا
أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فلها نصف أجره".
رواه د (5).
3318 - عن سعد قال: "لما بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء
قامت امرأة جليلة كأنها من نساء مضر، فقالت: يا نبي الله إنا كَلٌّ (6) على
آبائنا وأبنائنا -قال د: وأرى فيه وأزواجنا- فما يحل لها من أموالهم؟ قال:
الرَّطب (7) تأكلنه وتهدينه"
__________
(1) المسند (5/ 265 - 266).
(2) هم: معان بن رفاعة، وعلي بن يزيد، والقاسم بن عبد الرحمن.
(3) صحيح البخاري (3/ 356 رقم 1441).
(4) صحيح مسلم (2/ 710 رقم 1024).
(5) سنن أبي داود (2/ 131 رقم 1687).
(6) أي: عيال. النهاية (4/ 198).
3318 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 152 رقم 949).
(7) قال ابن الأثير في النهاية (2/ 232): أراد ما لا يُدخر ولا يبقى
كالفواكه والبقول والأطبخة، وإنما خص الرطب بذلك لأن خطبه أيسر، والفساد
إليه أسرع، فإذا تُرك ولم يُؤكل هلك ورُمي، بخلاف اليابس إذا رُفع وادُّخر،
فوقعت المسامحة في ذلك بترك الاستئذان، وأن يجري على العادة المستحسنة فيه،
وهذا فيما بين الآباء والأمهات والأبناء، دون الأزواج والزوجات، فليس
لأحدهما أن يفعل شيئًا إلا بإذن صاحبه.
(3/335)
قال أبو داود: الرَّطب: الخبز والبقل
والرُّطب.
رواه د (1).
3319 - عن أبي أمامة الباهلي قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول في خطبته عام حجة الوداع: لا تنفق امرأة شيئًا من بيت زوجها. قيل: يا
رسول الله ولا الطعام؟ قال: ذاك أفضل أموالنا".
رواه الإمام أحمد (2) ق (3) ت (4)، وقال: حديث حسن.
قال الحافظ أبو عبد الله: هو من رواية إسماعيل بن عياش (5) عن شرحبيل ابن
مسلم الخولاني (6)، وكلاهما تكلم فيه.
3320 - عن عطاء عن أبي هريرة: "في المرأة تصدق من بيت زوجها؟ قال: لا إلا
من قوتها والأجر بينهما، ولا يحل لها (أن تصدق) (7) من مال بيت زوجها إلا
بإذنه". رواه د (8).
3321 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخازن المسلم
الأمين الذي ينفذ وربما (قال:) (9) - يعطي ما أُمر به كاملاً موفراً طيبًا
به نفسه فيدفعه إلى الذي أُمر له به أحد المتصدقين". أخرجاه (10) أيضًا.
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 131 رقم 1686).
(2) المسند (5/ 267).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 770 رقم 2295).
(4) جامع الترمذي (3/ 57 - 58 رقم 670).
(5) ترجمته في التهذيب (3/ 163 - 181).
(6) ترجمته في التهذيب (12/ 430 - 431).
(7) من سنن أبي داود.
(8) سنن أبي داود (2/ 131 رقم 1688).
(9) من الصحيحين.
(10) البخاري (3/ 355 رقم 1438)، ومسلم. (2/ 71 رقم 1023).
(3/336)
3322 - عن عمير مولى آبي اللحم قال: "أمرني
مولاي أن أقدد لحمًا فجاءني مسكين فأطعمته منه، فعلم بذلك مولاي فضربني،
فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فدعاه فقال: لم
ضربته؟ فقال: يعطي طعامي من غير أن آمره، فقال: الأجر بينكما" (1).
وفي رواية (2): "كنت مملوكاً، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
أتصدق من مال مولاي؟ قال: نعم، والأجر بينكما نصفان". أخرجه م.
42 - باب قبول الصدقة وإِن كان المصدق لا يريد إِعطاءها لمن أخذها
3323 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال رجل:
لأتصدقن بصدقة. فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تُصدق
على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة؛ فخرج بصدقته فوضعها في يد
زانية، فأصبحوا يتحدثون: تُصدق الليلة على زانية! قال: اللهم لك الحمد على
زانية، لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون:
تُصدق على غني! فقال: اللهم لك الحمد على سارق، وعلى زانية، وعلى غني.
فأُتي (3) فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما
الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أتاه
الله -عز وجل".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- م (5).
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 711 رقم 1025/ 83).
(2) صحيح مسلم (2/ 711 رقم 1025/ 82).
(3) يعني: في المنام، انظر فتح الباري (3/ 341).
(4) صحيح البخاري (3/ 340 رقم 1421).
(5) صحيح مسلم (2/ 79 رقم 1022).
(3/337)
3324 - عن معن بن يزيد قال: "بايعت رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأبي وجدي، وخطب عليَّ فأنكحني، وخاصمت
إليه، وكان أبي يزيد أخرج دنانير فتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد،
فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: واللَّه ما إياك أردت. فخاصمته إلى رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا
معن". رواه خ (1).
43 - باب فضل المنيحة (2)
3325 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها
وتصديق موعدها إلا أدخله الله الجنة".
قال حسان بن عطية: فعددنا ما دون منيحة العنز من رد السلام، وتشميت العاطس،
وإماطة الأذى عن الطريق، ونحوه، فما استطعت أن تبلغ خمس عشرة. رواه خ (3).
3326 - وعن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نعم
المنيحة اللقحة الصفي (4) منحة -أو الشاة الصفي- تغدو بإناء وتروح بإناء".
رواه خ (5).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 342 رقم 1422).
(2) منحة الورق: القرض، ومنحة اللبن أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بلبنها
ويعيدها، وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زمانًا ثم يردها، والمنيحة:
المنحة. النهاية (4/ 364).
(3) صحيح البخاري (5/ 287 رقم 2631).
(4) قال ابن حجر في الفتح (5/ 288): اللقحة: الناقة ذات اللبن القريبة
العهد بالولادة، وهي مكسورة اللام، ويجوز فتحها، والمعروف أن اللقحة -بفتح
اللام- المرة الواحدة من الحلب، والصفي -بفتح الصاد وكسر الفاء- أي:
الكريمة الغزيرة اللبن، ويقال لها: الصفية أيضًا.
(5) صحيح البخاري (5/ 287 رقم 2629).
(3/338)
3327 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال: "من منح منيحة غدت بصدقة (وراحت بصدقة) (1) صبوحها
وغبوقها".
رواه م (2).
3328 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " (نعم
المنيحة: اللقحة) (3) (تغدو بعساء، وتروح بعساء) (4) إن أجرها لعظيم".
رواه م (5).
قيل معناه: العس، وهو لقدح الكبير.
3329 - عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أرض تهتز
زرعًا، فقال: لمن هذه؟ قالوا: اكتراها فلان. فقال: أما إنه لو منحها إياه
كان خيراً له من أن يأخذ عليها أجراً معلومًا". وقال بعضهم: "خرجًا
معلومًا". أخرجه خ (6) م (7).
3330 - عن البراء بن عازب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "من منح
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (2/ 707 رقم 102).
(3) في صحيح مسلم: "ألا رجل يمنح أهل بيت ناقة".
(4) في صحيح مسلم: "تغدو بعس، وتروح بعس" قال النووي في شرح مسلم (4/ 395):
العُس: بضم العين، وتشديد السين المهملة، وهو القدح الكبير، هكذا ضبطناه،
وروي "بعشاء" بشين معجمة ممدودة، قال القاضي: وهذه رواية أكثر رواة مسلم،
قال: والذي سمعناه من متقني شيوخنا "بعس" وهو القدح الضخم. قال: وهذا هو
الصواب المعروف. قال: وروي من رواية الحميدي في غير مسلم: "بعساء" بالسين
المهملة، وفسره الحميدي بالعس الكبير، وهو من أهل اللسان. ثم قال النووي:
ووقع في كثير من نسخ بلادنا أو أكثرها من صحيح مسلم: "بعساء" بسين مهملة
ممدودة، والعين مفتوحة.
(5) صحيح مسلم (2/ 707 رقم 1019).
(6) صحيح البخاري (5/ 288 رقم 2634).
(7) صحيح مسلم (2/ 288 رقم 2634).
(3/339)
منيحة لبن أو ورق أو هَدَى زقاقًا (1) كان
له مثل عتق رقبة".
رواه الإمام أحمد (2) ت (3)، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
44 - باب في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -
بالصدقة وحثه عليها
3331 - عن حارثة بن وهب الخزاعي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- يقول: "تصدقوا، فسيأتي عليكم زمان يأتي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها،
يقول الرجل: لو جئت بها بالأمس لقبلتها منك، وأما اليوم فلا حاجة لي فيها".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- م (5).
3332 - عن المنذر بن جرير عن أبيه قال: "كنا عند رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار -أو العباء-
متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعَّر (6) وجه رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -؛ لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالًا
فأذن وأقام، فصلى، ثم خطب، فقال: " {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ... } إلى آخر الآية:
(إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبَاً) (7)، والآية التي في الحشر:
(اتَّقوا اللَّهَ
__________
(1) الزُّقاق بالضم: الطريق، يريد من دلَّ الضال أو الأعمى على طريقه،
وقيل: أراد من تصدق بزقاق من النخل، وهي السّكة منها، والأول أشبه؛ لأن هدى
من الهِداية لا من الهَدية. النهاية (2/ 306).
(2) المسند (4/ 285، 296، 300، 304).
(3) جامع الترمذي (4/ 300 رقم 1957).
(4) صحيح البخاري (3/ 330 رقم 1411).
(5) صحيح مسلم (2/ 700 رقم 1011).
(6) أي: تغير، وأصله قلة النضارة وعدم إشراق اللون، من قولهم: مكان أمعر،
وهو الجدب الذي لا خصب فيه. النهاية (4/ 342).
(7) سورة النساء، الآية: 1.
(3/340)
وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ)
(1)، تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتي
قال: ولو بشق تمرة. قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل
قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه
رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - تهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: من سنن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها
بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنن في الإسلام سنة سيئة كان عليه
(وزرها) (2) ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
رواه م (3)، وفي لفظ له (4): "فصلى الظهر ثم صعد منبرًا فحمد الله وأثنى
عليه، ثم قال: أما بعد فإن الله عز وجل- أنزل في كتابه: (يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ".
3333 - عن حذيفة قال: "سأل رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فأمسك القوم، ثم إن رجلاً أعطاه، فأعطي القوم، فقال النبي - صلى الله عليه
وسلم -: ومن سن خيرًا فاستن به كان له أجره، ومن أجور من يتبعه غير منتقص
من أجورهم شيئًا، ومن سن شرًّا فاستن به كان عليه وزره ومن أوزار من يتبعه
غير منتقص من أوزارهم شيئاً".
رواه الإمام أحمد (5).
3334 - عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله
__________
(1) سورة الحشر، الآية: 18.
(2) في "الأصل": وزره. والمثبت من صحيح مسلم.
(3) صحيح مسلم (2/ 704 - 705 رقم 1017).
(4) صحيح مسلم (2/ 706 رقم 1017/ 70).
(5) المسند (5/ 387).
(3/341)
- صلى الله عليه وسلم -: "انفحي (1) -أو
انضحي، أو أنفقي- ولا تحصي فيحصى عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك".
أخرجاه في الصحيحين (2)
3335 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "يا
نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فِرسن (3) شاة".
رواه خ (4) م (5).
3336 - عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "على كل مسلم
صدقة. قالوا: يا نبي الله، فمن لم يجد؟ فقال: يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق.
قالوا: فإن لم يجد؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف. قالوا: فإن لم يجد؟ قال:
فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر فإنها له صدقة".
رواه خ (6) -وهذا لفظه- م (7) وعنده: "يأمر بالمعروف أو الخير".
3337 - عن أبي ذر قال: "سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أفضل؟
قال: إيمان
__________
(1) قال النووي في شرح مسلم (4/ 412): أما "انفحي" فبفتح الفاء وبحاء
مهملة، وأما "انضحي" فبكسر الصاد، ومعنى انفحي وانضحي: أعطي، والنفح
والنضح: العطاء، ويطلق النضح أيضاً على الصب، فلعله المراد هنا، ويكون أبلغ
من النفخ.
(2) البخاري (5/ 257 رقم 2590، 2591) ومسلم (2/ 713 رقم 1029).
(3) الفِرْسن: عظم قليل اللحم، وهو خف البعير، كالحافر للدابة، وقد يُستعار
للشاة، فيقال: فِرسن شاة، والذي للشاة هو الظلف، والنون زائدة، وقيل:
أصلية. النهاية (3/ 429).
(4) صحيح البخاري (5/ 233 رقم 2566).
(5) صحيح مسلم (2/ 714 رقم 1030).
(6) صحيح البخاري (3/ 361 رقم 1445).
(7) صحيح مسلم (2/ 699 رقم 1008).
(3/342)
بالله وجهاد في سبيله. قلت: فأي الرقاب
أفضل؟ قال: أغلاها (1) ثمنًا وأنفسها عند أهلها. قال: قلت: فإن لم أفعل؟
قال: تعين ضايعًا (2) أو تصنع لأخرق. قال: فإن لم أفعل؟ قال: تدع الناس من
الشر؛ فإنها صدقة تصدق بها على نفسك". أخرجاه في الصحيحين (3).
3338 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ليأتي على
الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ثم لا يجد أحدًا يأخذها منه،
ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذن (4) به؛ من قلة الرجال وكثرة
النساء".
رواه خ (5) م (6)، وعنده: "ليأتين على الناس".
3339 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم
الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يخرج الرجل زكاة ماله فلا يجد أحدًا
يقبلها، وحتى تعود أرض العرب مروجًا (7) وأنهارًا" (8).
__________
(1) قال ابن حجر في الفتح (5/ 177): بالعين المهملة للأكثر، وهي رواية
النسائي أيضًا، وللكشميهني بالغين المعجمة، وكذا للنسفي، قال ابن قرقول:
معناهما متقارب.
(2) بالضاد المعجمة، وبعد الألف همزة تكتب ياء، لجميع رواة البخاري -واللفظ
له- وأكثر رواة مسلم، وفي بعض روايات مسلم: "صانعًا" بالصاد المهملة وبعد
الألف نون، ورجحها بعضهم لمقابلته بالأخرق، وهو الذي ليس بصانع ولا يحسن
العمل، ومعنى الرواية الأولى: أي: ذا الضياع من فقر أو عيال أو حالٍ قصَّر
عن القيام بها، فكلا الروايتين صواب في المعنى. انظر شرح مسلم (1/ 400)
والفتح (5/ 177 - 178) والنهاية (3/ 107 - 108).
(3) البخاري (5/ 176 رقم 2518) ومسلم (1/ 89 رقم 84).
(4) لاذ يلوذ لياذًا إذا التجأ إليه وانضم واستغاث. النهاية (4/ 276).
(5) صحيح البخاري (3/ 330 - 331 رقم 1414).
(6) صحيح مسلم (2/ 700 رقم 1012).
(7) المرج: الأرض الواسعة ذات نبات كثير، تمرج فيه الدواب، أي تُخلى تسرح
مختلطة كيف شاءت. النهاية (4/ 315).
(8) صحيح مسلم (2/ 701 رقم 157/ 60).
(3/343)
وفي لفظ (1): "لا تقوم الساعة حتى يكثر
فيكم المال فيفيض، حتى يهم (2) رب المال من يقبل منه صدقته، ويدعى إليه
الرجل فيقول: لا أَرَب (3) لي فيه".
رواه خ (4) م، وهذا لفظه، وليس عند البخاري -فيما أرى (5) - "وحتى تعود أرض
العرب مروجاً وأنهارًا".
3340 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل
سُلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، قال: تعدل بين الاثنين
صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع عليها متاعه صدقة (قال:
والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة) (6) وتميط الأذى عن
الطريق صدقة".
أخرجاه (7)، وهذا لفظ م.
3341 - عن ابن عباس قال: "خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عيد فصلى
ركعتين، لم يصل قبل ولا بعد، ثم مال على النساء فوعظهن وأمرهن أن يتصدقن،
فجعلت المرأة تلقي القُلْب (8) والخرص".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 701 رقم 157/ 61).
(2) قال النووي في شرح مسلم (4/ 384): ضبطوه بوجهين، أجودهما وأشهرهما
"يُهم" بضم الياء، وكسر الهاء، ويكون "رب المال" منصوباً مفعولاً، والفاعل
"من" وتقديره: يحزنه ويهتم له، والثاني: "يَهُم" بفتح الياء وضم الهاء،
ويكون "رب المال" مرفوعاً فاعلاً، وتقديره: يهم رب المال من يقبل صدقته: أي
يقصده، قال أهل اللغة: يقال أهمه: إذا أحزنه، وهمه: إذا أذابه، ومنه قولهم:
همك ما أهمك؛ أي أذابك الشيء الذي أحزنك فأذهب شحمك، وعلى الوجه الثاني: هو
من هم به إذا قصده.
(3) بفتح الهمزة والراء، أي: لا حاجة. قاله النووي.
(4) صحيح البخاري (3/ 330 رقم 1412).
(5) نعم لم أقف عليها في صحيح البخاري، والله أعلم.
(6) من صحيح مسلم.
(7) البخاري (5/ 364 رقم 2707) ومسلم (2/ 699 رقم 1009).
(8) القُلْب: السوار. النهاية (4/ 98).
(3/344)
أخرجاه (1)، واللفظ خ.
3342 - عن أبي موسى قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءه
السائل، أو طلبت إليه حاجة، قال: اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه
ما شاء".
وأخرجاه (2)، وهذا لفظ خ.
3343 - عن أبي ذر: "أن ناسًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور (3)
بالأجور؛ يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال:
أو ليس (قد) (4) جعل الله لكم ما تصدقون؟! إن بكل تسبيحة صدقةً، وكل
تكبيرةٍ صدقةً، وكل تحميدةٍ صدقةً، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة،
ونهي عن منكر صدقة، وفي بُضْع (5) أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله، أيأتي
أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام كان عليه
وزر؟! فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر".
رواه م (6).
3344 - عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنه خلق كل
إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله -عز وجل- وحمد
الله -عز وجل- وهلل الله -عز وجل- (وسبح الله) (7) واستغفر الله -عز وجل-
وعزل حجراً عن
__________
(1) البخاري (3/ 351 رقم 1431) ومسلم (2/ 606 رقم 884).
(2) البخاري (351/ 3 رقم 1432) ومسلم (4/ 2026 رقم 2627).
(3) الدثور جمع دَثْرٍ، وهو المال الكثير، ويقع على الواحد والاثنين
والجميع. النهاية (2/ 100).
(4) من صحيح مسلم.
(5) البُضْع: يطلق على النكاح والجماع معاً، وعلى الفرج. النهاية (1/ 133).
(6) صحيح مسلم (2/ 697 - 698 رقم 1006).
(7) من صحيح مسلم.
(3/345)
طريق الناس، أو شوكة أو عظمًا عن طريق
الناس، وأمر بمعروف، أو نهى عن منكر، عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى؛
فإنه يَمْشي يومئذ وقد (زحزح) (1) نفسه عن النار".
رواه م (2)، وفي لفظ له: " (يُمْسي) (3) يومئذ".
3345 - عن أم بجيد -وكانت ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها
قالت: "يا رسول الله، إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد شيئًا أعطيه إياه.
فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن لم تجدي (له) (4) شيئًا
تعطيه إياه إلا ظلفًا (5) محرقًا فادفعيه إليه في يده".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) س (8) ت (9) -واللفظ له- وقال: حديث حسن صحيح.
45 - باب الصدقة على الميت وفضل سقي الماء
3346 - عن عائشة: "أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا
رسول الله، إن أمي افتُلتت (10) نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت،
أفلها أجر إن تصدقت
__________
(1) في "الأصل": خرج. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (2/ 698 رقم 1007).
(3) في "الأصل": يمشي. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) تكررت في "الأصل".
(5) الظِّلف للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل، والخف للبعير. النهاية (3/
159).
(6) المسند (6/ 382، 383).
(7) سنن أبي داود (2/ 126 رقم 1667).
(8) سنن النسائي (3/ 86 رقم 2573).
(9) جامع الترمذي (3/ 52 - 53 رقم 665).
(10) أي: ماتت فجأة وأُخذت نفسها فلتة، يقال: افتلته إذا استلبه، وافتُلت
فلان بكذا إذا فوجئ به قبل أن يستعد له. النهاية (3/ 467).
(3/346)
عنها؟ قال: نعم".
أخرجاه (1)، واللفظ م.
3347 - عن عبد الله بن عباس: "أن سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب عنها،
فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا
غائب عنها، فهل ينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. قال: فإني أشهدك أن حائطي
المخراف صدقة عنها". رواه خ (2).
3348 - وعن أبي هريرة: "أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أبي
مات وترك مالًا، ولم يوص، فهل يُكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم". رواه م
(3).
3349 - وعن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينا
رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرًا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث
يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم
أمسكه بفيه، ثم رقى فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له. قالوا: يا رسول
الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: في كل كبدٍ رطبةٍ أجر". رواه خ (4)
-وهذا لفظه- م (5).
3350 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بينا كلب
يُطيف (6) برَكيَّة (7) قد كاد يقتله العطش؛ إذ رأته بغي من بغايا بني
إسرائيل، فنزعت
__________
(1) البخاري (3/ 299 رقم 1388) ومسلم (2/ 696 رقم 1004).
(2) صحيح البخاري (5/ 459 رقم 2762).
(3) صحيح مسلم (3/ 1254 رقم 1630).
(4) صحيح البخاري (5/ 50 رقم 2363).
(5) صحيح مسلم (4/ 1761 رقم 2244).
(6) بضم أوله، من أطاف، يقال أطفت بالشيء إذا أدمت المرور حوله. فتح الباري
(6/ 595).
(7) الرَّكيَّة: البئر، وجمعها ركايا. النهاية (2/ 261).
(3/347)
موقها (1) فاستقت له به، فسقته إياه، فغُفر
لها به".
أخرجاه (2)، واللفظ م.
3351 - عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه، عن جده
أنه قال: "خرج سعد بن عبادة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض
مغازيه، وحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها: أوصي. فقالت: فيم أوصي إنما
المال مال سعد. فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد، وذُكر ذلك له، فقال
سعد: يا رسول الله، ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: نعم. فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها. لحائط سماه".
رواه الإمام مالك في "الموطأ" (3) س (4) وابن حبان البستي (5).
3352 - عن سعد بن عبادة: "أن أمه ماتت، فقال لرسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم. قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال:
سقي الماء، قال: فتلك (سقاية) (6) آل سعد بالمدينة. قال شعبة: فقلت لقتادة:
من يقول تلك سقاية آل سعد؟ قال: الحسن.
كذا رواه الإمام أحمد (7)، وهو من رواية الحسن البصري، قال الحافظ: ولم
يدرك الحسن سعدًا.
ورواه د (8) عن رجل لم يسمه عن سعد بن عبادة أنه قال: "يا رسول الله،
__________
(1) الموق: الخف، فارسي معرب. النهاية (4/ 372).
(2) البخاري (6/ 591 رقم 3467) ومسلم (4/ 1761 رقم 2245).
(3) الموطأ (2/ 594 رقم 52).
(4) سنن النسائي (6/ 250 - 251 رقم 3652).
(5) الإحسان (8/ 140 - 141 رقم 3354).
(6) من المسند.
(7) المسند (6/ 7).
(8) سنن أبي داود (2/ 130 رقم 1681).
(3/348)
إن أم سعد ماتت فأي الصدقة أفضل؟ قال:
الماء. فحفر بئرًا، وقال: هذه لأم سعد".
ورواه (1) بنحوه -وكذلك س (2) ق (3) بنحوه- من رواية سعيد بن المسيب عن سعد
بن عبادة، وأظن سعيدًا أدرك سعدًا. والله أعلم.
3353 - عن سراقة بن مالك قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن
ضالة الإبل تغشى حياضي قد (لطتها) (4) لإبلي، فهل لي من أجر إن سقيتها؟
فقال: نعم في كل ذات كبد خرَّى (5) أجر".
رواه الإمام أحمد (6) ق (7) -وهذا لفظه- وعند الإمام أحمد "قد ملأتها
لإبلي".
3354 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يصف
أهل الجنة يوم القيامة صفوفًا، فيمر الرجل من أهل النار على الرجل فيقول:
يا فلان، أما تذكر يوم استسقيت فسقيتك شربة. قال: فيشفع له، ويمر الرجل
فيقول: أما تذكر يوم ناولتك طهورًا، فيشفع له".
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 129 رقم 1679).
(2) سنن النسائي (6/ 254 رقم 3666).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1214 رقم 3684).
(4) في "الأصل": أطليتها. والمثبت من سنن ابن ماجه، ولطت الحوض أي: طينته
وأصلحته. النهاية (4/ 277).
(5) الحرَّي: فَعْلى من الحرِّ، وهي تأنيث حرَّان، وهما للمبالغة، يريد
أنها لشدة حرها قد عطشت ويبست من العطش، والمعنى أن في سقي كل ذي كبد حرَّى
أجراً، وقيل: أراد بالكبد الحرَّى حياة صاحبها؛ لأنه إنما تكون كبده حرَّي
إذا كان فيه حياة، يعني: في سقي كل ذي روح من الحيوان. النهاية (1/ 364).
(6) المسند (4/ 175).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 1215 رقم 3686).
(3/349)
رواه ق (1).
46 - باب الأجر في الغراس والزرع
3355 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما (من)
(2) مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة (إلا)
(2) كان له به صدقة".
رواه خ (3) م (4).
3356 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"ما من مسلم يغرس غرسًا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه (له) (5)
صدقة، وما أكل السبع منه فهو له صدقة، وما أكل الطير فهو له صدقة، ولا
يرزؤه (6) أحد إلا كان له صدقة" (7).
وفي لفظ (8): "لا يغرس مسلم غرسًا ولا يزرع زرعًا فيأكل منه إنسان ولا دابة
ولا شيء إلا كانت له صدقة".
رواه م.
47 - باب فضل الإِنفاق ومثل المتصدق والبخيل
3357 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من يوم
يصبح العباد فيه
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 1215 رقم 3685).
(2) من الصحيحين.
(3) صحيح البخاري (5/ 5 رقم 2320).
(4) صحيح مسلم (3/ 1189 رقم 1553).
(5) من صحيح مسلم.
(6) أي: يأخذ منه شيئًا. النهاية (2/ 218).
(7) صحيح مسلم (3/ 1188 رقم 1552/ 7).
(8) صحيح مسلم (3/ 1188 رقم 1552/ 8).
(3/350)
إلا ملكان ينزلان (فيقول) (1) أحدهما:
اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفاً".
رواه خ (2) م (3).
3358 - وعن أبي هريرة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله
-تبارك وتعالى-: يا ابن آدم أنفق أنفق عليك. (وقال: يمين الله ملأى سحاء لا
يغيضها شيء الليل والنهار) (4) ".
وفي لفظ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله قال لي: أنفق
أنفق عليك. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -): يمين الله ملأى لا
يغيضها سحاء الليل والنهار (أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماء والأرض فإنه لم
يغض ما في يمينه. قال: وعرشه على الماء، وبيده الأخرى القبض، يرفع ويخفض")
(5).
(رواه خ (6) م) (7) وهذا لفظه، وعند خ: "وبيده الميزان".
وفي لفظ له (8): "لم ينقص ما في يمينه، وعرشه على الماء، وبيده الأخرى
الفيض -أو القبض- يخفض ويرفع".
3359 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما يسرني أن لي
أحدًا ذهباً تأتي
__________
(1) في "الأصل": فيقولان. والمثبت من الصحيحين.
(2) صحيح البخاري (3/ 357 رقم 1442).
(3) صحيح مسلم (2/ 700 رقم 1010).
(4) وضعها الناسخ بعد الرواية التالية فاختل الكلام، فرددتها إلى مكانها
على رواية مسلم (2/ 690 - 691 رقم 993/ 36) الله أعلم.
(5) من صحيح مسلم (2/ 691 رقم 993/ 37).
(6) صحيح البخاري (8/ 202 رقم 484).
(7) ليست في "الأصل".
(8) صحيح البخاري (13/ 415 رقم 7419).
(3/351)
عليَّ ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار
أرصده لدين عليَّ".
رواه خ (1) م (2)، واللفظ له.
3360 - عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مثل
البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد (من ثديهما) (3) إلى
تراقيهما، فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت -أو وفرت- على جلده حتى تخفي
بنانه وتعفو أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئًا إلا لزقت كل حلقة
مكانها، فهو يوسعها فلا تتسع".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- م (5)، وعندهما (6): "ضرب رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد (قد) (7)
اضطرت أيديهما إلى ثدييهما وتراقيهما، فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت
عنه، حتى تغشى أنامله، وتعفو أثره، وجعل البخيل كلما هم بصدقة تقلصت وأخذت
كل حلقة مكانها. قال: فأنا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول
بأصبعيه في جيبه، فلو رأيته (يوسعها) (8) ولا توسع".
اللفظ واحد غير أن البخاري قال: كل حلقة بمكانها، قال أبو هريرة: فأنا رأيت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بأصبعيه هكذا في جُبته (9)، فلو
رأيته يوسعها ولا توسع".
__________
(1) صحيح البخاري (11/ 269 رقم 6445).
(2) صحيح مسلم (2/ 687 رقم 991).
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (3/ 358 رقم 1443).
(5) صحيح مسلم (2/ 708 رقم 1021/ 75).
(6) البخاري (10/ 278 رقم 5797) ومسلم (2/ 708 - 709 رقم 1021/ 76).
(7) من الصحيحين.
(8) في "الأصل": يوسع. والمثبت من صحيح مسلم، وقوله "فلو رأيته" جوابه
محذوف، وتقديره لتعجبت منه، أو هو للتمني، والأول أوضح. قاله ابن حجر في
الفتح (10/ 179).
(9) في صحيح البخاري: "جَيبه" قال القسطلاني في إرشاد الساري (8/ 424):
بفتح الجيم،=
(3/352)
48 - باب ذكر بر
الوالدين
3361 - عن عبد الله بن مسعود قال: "سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي
العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت:
ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قال: حدثني بهن ولو استزدته لزادني".
رواه خ (1) م (2).
3362 - عن أبي هريرة قال: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال:
أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك: ثم من؟ قال: أبوك".
أخرجاه (3)، واللفظ خ، وفي لفظ م: "ثم أدناك أدناك".
3363 - عن عبد الله بن (عَمْرو) (4) قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله
عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ فقال: نعم. قال: ففيهما
فجاهد".
أخرجاه (5) أيضاً، ولفظه للبخاري.
3364 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رغم أنفه (6)،
رغم أنفه، رغم
__________
=بعدها تحتية ساكنة، فموحدة، وهو موافق لما ترجم به، ولأبي ذر عن
الكشميهني: "جُبَّته" بضم الجيم، بعدها موحدة مشددة، فمثناة فوقية، فضمير،
والأول أوجه، وفيه التعبير بالقول عن الفعل.
(1) صحيح البخاري (2/ 12 رقم 527).
(2) صحيح مسلم (1/ 89 رقم 85).
(3) البخاري (6/ 162 رقم 3004) ومسلم (4/ 1974 رقم 2548).
(4) في "الأصل": عُمر. والمثبت من الصحيحين.
(5) البخاري (10/ 417 رقم 5972) ومسلم (4/ 1975 رقم 2549).
(6) في المواضع الثلاثة: "رغم الله أنفه". والمثبت من صحيح مسلم، يقال
رَغِم يَرْغَم، ورَغَم يَرْغَم رَغْمًا ورِغْمًا ورُغْمًا، وأرغم الله
أنفه. أي ألصقه بالرغام، وهو التراب، هذا هو الأصل، ثم استعمل في الذل
والعجز عن الانتصاف، والانقياد على كره. النهاية (2/ 238).
(3/353)
أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك
أبويه عند الكبر (أحدهما أو كليهما) (1) فلم يدخل الجنة". رواه م (2).
3365 - عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "إن من أبر البر صلة (الرجل أهل) (3) ود أبيه بعد أن يولي". رواه م
(4).
3366 - عن عبد الله بن (عَمْرو) (5) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد".
رواه د (6) ت (7).
3367 - عن أبي الدرداء: "أن رجلاً قال: إن لي امرأة، وإن أمي أمرتني
بطلاقها. فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
الوالد أوسط أبواب الجنة. فأضع ذلك أو احفظه".
رواه الإمام أحمد (8) ت (9)، وقال: حديث صحيح. وعند أحمد (10): "الوالدة".
__________
(1) في "الأصل": أو أحدهما أو كلاهما. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (4/ 1978 رقم 2551).
(3) في "الأصل": الرحم الرجل. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) صحيح مسلم (4/ 1979 رقم 2552).
(5) في "الأصل": عُمَر. والمثبت من جامع الترمذي، وكذا هو في مسند عبد الله
بن عمرو ابن العاص من تحفة الأشراف (6/ 364 - 365 رقم 8888).
(6) كذا وقع الرمز في "الأصل" والحديث لم يعزه المزي في التحفة إلا للترمذي
وحده، والله أعلم.
(7) جامع الترمذي (4/ 274 رقم 1899) ثم رواه موقوفًا، وقال: وهذا أصح.
(8) المسند (5/ 196، 197 - 198)، (6/ 445، 447، 451).
(9) جامع الترمذي (4/ 275 رقم 1900) والحديث في سنن ابن ماجه (1/ 657 رقم
2089، 2/ 1208 رقم 3663) أيضاً.
(10) المسند (5/ 197 - 198).
(3/354)
3368 - عن معاوية بن حيدة القشيري قال:
"قلت: يا رسول الله، من أبر؟ قال: أمك قلت: ثم من؟ قال: أمك، قلت: ثم من؟
قال: أمك (1). قلت: ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب".
رواه الإمام أحمد (2) ت (3)، وقال: حديث حسن.
3369 - عن كليب بن منفعة عن جده قال: "إنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم
- فقاله: يا رسول الله، من أبر؟ قال: أمك وأباك وأختك وأخاك، ومولاك الذي
يلي ذاك، حق واجب، ورحم موصولة".
رواه د (4).
3370 - عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: "بينا نحن عند رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي
من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار
لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام
صديقهما".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) -وهذا لفظه- ق (7).
3371 - عن أبي أمامة: "أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما حق الوالدين على
ولدهما؟ قال: هما جنتك ونارك". رواه ق (8)
__________
(1) زاد بعدها في "الأصل": قلت: ثم من؟ قال: أمك. وهي زيادة مقحمة.
(2) المسند (5/ 3، 5).
(3) جامع الترمذي (4/ 273 رقم 1897).
(4) سنن أبي داود (4/ 338 رقم 5140).
(5) المسند (3/ 497 - 498).
(6) سنن أبي داود (4/ 336 رقم 5142).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 1208 - 1209 رقم 3664).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 1208 رقم 3662).
(3/355)
3372 - عن أُبيّ (بن) (1) مالك -هو
القشيري- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أدرك والديه -أو
أحدهما- ثم دخل النار من بعد ذلك فأبعده الله وأسحقه".
رواه الإمام أحمد (2).
49 - ذكر بر الخالة
3373 - عن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخالة
بمنزلة الأم".
رواه خ (3).
3374 - عن ابن عمر: "أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا
رسول الله، إني قد أصبت ذنبًا عظيمًا، فهل لي من توبة؟ قال: هل لك من أم؟
قال لا. قال: هل لك من خالة؟ قال: نعم. قال: فبرها".
رواه الإمام أحمد (4) ت (5) -وهذا لفظه- ولفظ الإمام أحمد: "أذنبت ذنبًا
كبيرًا، فهل لي من توبة؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألك
والدان؟ قال: لا. قال: فلك خالة؟ قال: نعم، قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: فبرها إذًا".
__________
3372 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 51 - 52 رقم 1278 - 1281).
(1) من المسند والمختارة.
(2) المسند (4/ 344).
(3) صحيح البخاري (5/ 357 - 358 رقم 2699) مطولاً.
(4) المسند (2/ 13 - 14).
(5) سقط هذا الحديث من نسخة جامع الترمذي المطبوعة وكذا سقط من النسخة
المطبوعة مع عارضة الأحوذي (8/ 98)، وهو ثابت في تحفة الأحوذي (6/ 30 - 31
رقم 1968) وذكره المزي في تحفة الأشراف (6/ 267 رقم 8577) ثم رواه الترمذي
مرسلاً عن أبي بكر ابن حفص، وقال: هذا أصح.
(3/356)
50 - باب ذكر صلة
الرحم
3375 - عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سرَّه أن
يُبسط له في رزقه ويُنْسَأَ (1) في أثره فليصل رحمه".
أخرجاه في الصحيحين (2).
3376 - عن جبير بن مطعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخل
الجنة قاطع".
أخرجاه (3) أيضًا.
3377 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله -عز
وجل- خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه، قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من
القطيعة (قال: نعم) (4) أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت:
بلى يا رب. قال: فهو لك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقرءوا إن
شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي
الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (5) ".
أخرجاه (6) واللفظ للبخاري.
3378 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الرحم شجنة (7) من
الله؛ فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله".
__________
(1) النسء: التأخير، يقال: نَسأْت الشيء نَسْأً، وأَنْسأته إنساءً إذا
أخَّرته، والنساء: الاسم، ويكون في العمر والدَّين. النهاية (5/ 44).
(2) البخاري (10/ 429 رقم 5986) ومسلم (4/ 1982 رقم 2557).
(3) البخاري (10/ 430 رقم 5987) ومسلم (4/ 1981 رقم 2556).
(4) من صحيح البخاري.
(5) سورة محمد، الآية: 22.
(6) البخاري (10/ 430 رقم 5987) ومسلم (4/ 1980 - 1981 رقم 2554).
(7) أي: قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، وفيه لغتان شِجنة وشُجنة، قاله أبو
عبيد في غريب الحديث (1/ 129).
(3/357)
أخرجاه (1).
3379 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من
سره أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه".
رواه خ (2).
3380 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الرحم شجنة من
الرحمن؛ قال الله: فمن وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته".
رواه خ (3).
3381 - عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس
الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها".
رواه خ (4).
3382 - عن أبي هريرة: "أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم
ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ. قال: إن كنت
كما قلت كأنما تسفهم المَلَّ (5) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت
على ذلك".
رواه م (6).
__________
(1) البخاري (10/ 431 رقم 5989) ومسلم (4/ 1981 رقم 2555).
(2) صحيح البخاري (10/ 429 رقم 5985).
(3) صحيح البخاري (10/ 430 - 431 رقم 5988).
(4) صحيح البخاري (10/ 437 رقم 5991).
(5) المل والملة، الرماد الحار الذي يُحمى ليدفن فيه الخبز لينضج، أراد:
إنما تجعل الملة لهم سفوفًا يستفونه، يعني أن عطاءك إياهم حرام عليهم، ونار
في بطونهم. النهاية (4/ 361).
(6) صحيح مسلم (4/ 1982 رقم 2558).
(3/358)
3383 - عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله -تعالى-: أنا الرحمن وهي
الرحم، شققت لها (اسمًا) (1) من اسمي، من وصلها وصلته، ومن قطعها بتته (2)
".
رواه الإمام أحمد (3) د (4)، -وهذا لفظه- ت (5)، وقال: حديث صحيح.
3384 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"الراحمون يرحمهم الله، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم
شجنة من الله؛ فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله".
رواه ت (6)، وقال: حديث حسن صحيح. وروى د (7) أوله.
3385 - وعن عبد الله بن عَمْرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"توضع الرحم يوم القيامة لها حُجْنَة كحُجْنَة المِغْزَل (8) تكلَّم بألسنة
طلق (9) ذلق (10)، فتصل من وصلها، وتقطع من قطعها".
__________
3383 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 91 - 97 رقم 894 - 998).
(1) من سنن أبي داود.
(2) البتُّ: القطع، يقال: بته وأبته. النهاية (1/ 92).
(3) المسند (1/ 194).
(4) سنن أبي داود (2/ 133 رقم 1694).
(5) جامع الترمذي (4/ 278 رقم 1907).
(6) جامع الترمذي (4/ 285 رقم 1924).
(7) سنن أبي داود (4/ 285 رقم 4941).
(8) أي: صنارته، وهي المعوجة التي في رأسه. النهاية (1/ 347).
(9) يقال: رجل طَلُق اللسان وطِلْقَه وطُلُقه وطَليقه: أي ماضي القول سريع
المنطق. النهاية (3/ 134).
(10) قال ابن الأثير في النهاية (2/ 165): في حديث الرحم "جاءت الرحم
فتكلمت بلسان ذلَقٍ طُلَق" أي: فصيح بليغ، هكذا جاء في الحديث على فُعَل
بوزن صُرَد، ويقال: طَلِق ذَلِق وطُلُق ذُلُق، وطَليق ذَليق، ويراد بالجميع
المضاء والنفاذ، وذَلْق كل شيء حده.
(3/359)
رواه الإمام أحمد (1)، وروى أيضًا عن علي
(2).
3386 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " (تعلموا) (3)
من أنسابكم ما تصلون بة أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في
المال، منسأة في الأثر".
رواه ت (4)، وقال: حديث غريب.
51 - ذكر صلة الرحم وإِن كان كافرًا
3387 - عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قالت: " (قلت: يا رسول الله
(5) قدمت على أمي وهي مشركة -في عهد قريش إذ عاهدهم- فاستفتيت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -، قلت: قدمت عليَّ أمي وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال:
نعم، صلي أمك". رواه خ (6) وهذا لفظه.
3388 - أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، أن الحسن بن أحمد الحداد
أخبرهم -وهو حاضر- قال: أبنا أحمد بن عبد الله (7)، ثنا أبو القاسم
__________
(1) المسند (2/ 189، 209).
(2) لعله حديث "من سره أن يُمد له في عمره، ويُوسع عليه في رزقه، ويُدفع
عنه ميتة السوء؛ فليتق الله وليصل رحمه" رواه عبد الله بن أحمد ومن طريقه
الضياء في المختارة (2/ 158 - 159 رقم 537)، ولم يذكر الهيثمي في مجمع
الزوائد (8/ 149 - 153) باب صلة الرحم وقطعها؛ لعلي -رضي الله عنه- غيره،
والله أعلم.
(3) في "الأصل": تعلمون. والمثبت من جامع الترمذي.
(4) جامع الترمذي (4/ 309 رقم 1979).
(5) كذا في "الأصل" وهي زيادة مقحمة، والله أعلم.
(6) صحيح البخاري (5/ 275 رقم 2620) وصحيح مسلم (2/ 696 رقم 1003) واللفظ
له.
(7) هو أبو نعيم الحافظ، والحديث في الحلية (4/ 331) وقال أبو نعيم: هذا
حديث غريب من حديث داود والشعبي، تفرد به عمران الرملي عن أبي خالد.
(3/360)
سليمان بن أحمد الطبراني (1)، ثنا يحيى بن
عثمان بن صالح المصري، ثنا عمران ابن هارون الرملي، ثنا أبو خالد الأحمر،
عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: "إن الله ليعمر بالقوم الديار، ويثمر لهم الأموال، وما نظر
إليهم منذ خلقهم بغضًا لهم. قيل: ويم ذاك يا رسول الله؟ قال: بصلة
أرحامهم".
52 - باب في ذكر الإِحسان إِلى البنات والأخوات
3389 - عن عائشة قالت: "دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي
شيئًا غير تمرة، فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم
ولت فخرجت، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال النبي - صلى
الله عليه وسلم -: من ابتلي من (هذه) (2) البنات بشيء كن له سترًا من
النار".
أخرجاه في الصحيحين (3).
3390 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من عال
جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو -وضم أصابعه".
رواه م (4) ت (5)، وعنده: "من عال جاريتين دخلت أنا وهو (6) الجنة كهاتين.
وأشار بأصبعيه".
3391 - عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا
يكون لأحدكم
__________
(1) الحديث في المعجم الكبير (12/ 85 - 86 رقم 12556).
(2) في "الأصل": هذا. والمثبت من صحيح البخاري، واللفظ له.
(3) البخاري (3/ 332 رقم 1418) ومسلم (4/ 2027 رقم 2629).
(4) صحيح مسلم (4/ 2027 - 2028 رقم 2631).
(5) جامع الترمذي (4/ 281 رقم 1914).
(6) زاد بعدها في "الأصل": في. وهذه اللفظة لم ترد في جامع الترمذي.
(3/361)
ثلاث بنات -أو ثلاث أخوات- فيحسن إليهن إلا
دخل الجنة" (1).
وفي لفظ (2): "أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله
الجنة".
رواه الإمام أحمد (3) ت-وهذا لفظه- د (4) وعنده "وزوجهن" وعند الإمام أحمد:
"فأدبهن وزوجهن" (5).
3392 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت
له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها -يعني: الذكور- أدخله
الله الجنة".
رواه د (6).
3393 - عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة -وأومأ بعض الرواة بالوسطى
والسبابة- امرأة آمَتْ (7) من زوجها ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتاماها
حتى بانوا (8) أو ماتوا".
رواه الإمام أحمد (9) د (10).
__________
(1) جامع الترمذي (4/ 281 رقم 1912).
(2) جامع الترمذي (4/ 282 رقم 1916) وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
(3) المسند (3/ 97).
(4) سنن أبي داود (4/ 338 رقم 5147).
(5) في المسند: ورحمهن.
(6) سنن أبي داود (4/ 337 رقم 5146).
(7) أي: صارت أيّما لا زوج لها. النهاية (1/ 85).
(8) أي: تزوجوا، يقال: أبان فلان بنته وبَيَّنها إذا زوجها، وبانت هي إذا
تزوجت، وكأنه من البين: البُعد، أي بعدت عن بيت أبيها. النهاية (1/ 175).
(9) المسند (6/ 29).
(10) سنن أبي داود (4/ 338 رقم 5149).
(3/362)
3394 - عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن
وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجاباً يوم القيامة".
رواه الإمام أحمد (1) ق (2)، وعند الإمام أحمد: "كن له حجابًا من النار".
3395 - عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: سمعت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أنفق على ابنتين -أو أختين أو (ذواتي)
(3) قرابة- يحتسب النفقة عليهما حتى يغنيهما من فضل الله عز وجل -أو
يكفيهما- كانتا له سترًا من النار".
رواه الإمام أحمد (4).
3396 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من رجل
يدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه -أو صحبهما- إلا أدخله الله الجنة".
رواه ق (5).
53 - باب ذكر الإِحسان إِلى الأرملة واليتيم
3397 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الساعي على
الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله. وأحسبه قال: وكالقائم لا يفتر،
وكالصائم لا يفطر".
__________
(1) المسند (4/ 154).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1210 رقم 3669).
(3) في "الأصل": ذو. والمثبت من المسند.
(4) المسند (6/ 293).
2396 - خرجه الضياء في المختارة (10/ 424 - 426 رقم 449 - 451).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1210 رقم 3670).
(3/363)
رواه خ (1) م (2)، وفي لفظ للبخاري (3):
"أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل".
3398 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كافل
اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة -وأشار الراوي بالسبابة
والوسطى".
رواه م (4).
3399 - عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا
وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى".
رواه خ (5).
3400 - عن عبد الله بن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قبض
يتيماً من بين أبويه إلى طعامه وشرابه أدخله الله الجنة البتة، إلا أن يعمل
ذنباً لا يغفر".
رواه ت (6).
3401 - عن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مسح على
رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له في كل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن
أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو (في الجنة) (7) كهاتين. وفرق بين
أصبعيه السبابة والوسطى".
__________
(1) صحيح البخاري (10/ 452 رقم 6007).
(2) صحيح مسلم (4/ 2286 - 2287 رقم 2982).
(3) صحيح البخاري (10/ 451 رقم 6006).
(4) صحيح مسلم (4/ 2287 رقم 2983).
(5) صحيح البخاري (10/ 450 رقم 6005).
(6) جامع الترمذي (4/ 282 - 283 رقم 1917) وقال في رواية أبي علي الرحبي
حسين بن قيس -الشهير بحنش- هو ضعيف عند أهل الحديث.
(7) من المسند.
(3/364)
رواه الإمام أحمد (1) وهو من رواية علي بن
يزيد (2) عن القاسم (3) عنه، وهما متكلم فيهما.
3402 - عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله وصام نهاره، وغدا وراح شاهراً
سيفه في سبيل الله؛ وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان. وألصق
أصبعيه السبابة والوسطى".
رواه ق (4).
54 - باب ذكر من أنظر معسرًا أو تجاوز عنه
3403 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان رجل
يداين الناس فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسراً فتجاوز عنه؛ لعل الله يتجاوز
عنا. فلقي الله فتجاوز عنه".
أخرجاه في الصحيحين (5).
3404 - عن أبي قتادة: "أنه طلب غريمًا فتوارى عنه ثم وجده، قال: إني معسر.
قال: آللَّه؟ قال: ألله. قال: فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: من سره أن ينجيه الله -عز وجل- من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسرٍ
أو يضع له (6) ". رواه م (7).
__________
(1) المسند (5/ 250).
(2) ترجمته في التهذيب (21/ 178 - 182).
(3) ترجمته في التهذيب (23/ 383 - 391).
(4) سنن ابن ماجه (13/ 122 رقم 3680).
(5) صحيح البخاري (4/ 361 رقم 2078)، وصحيح مسلم (3/ 1196 رقم 1562).
(6) في صحيح مسلم: عنه.
(7) صحيح مسلم (3/ 1196 رقم 1563).
(3/365)
3405 - عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: "إن رجلاً مات فدخل الجنة، فقيل له: ما كنت تعمل؟ قال:
فإما ذَكَرَ وإما ذُكِّرَ، فقال: إني كنت أبايع الناس فكنت انظر المعسر،
وأتجوز في السكة (1) -أو في النقد- فغفر له. فقال أبو مسعود: وأنا سمعته من
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
رواه م (2).
3406 - عن أبي مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حوسب رجل
ممن كان قبلكم فلم يُوجد له من الخير إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً،
فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، قال الله: نحن أحق بذلك منه؛
تجاوزوا عنه".
رواه م (3).
3407 - عن أبي اليسر قال: "أشهد بصر عيني -ووضع أصبعيه على عينيه- وسمع
أذني هاتين ووعى قلبي -وأشار إلى مناط قلبه- رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يقول: "من انظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله".
رواه م (4).
3408 - عن بريدة الأسلمي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(يقول) (5): "من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة. قال: ثم سمعته يقول:
من أنظر معسراً فله بكل يوم مثليه صدقة. قلت: سمعتك يا رسول الله تقول: من
انظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة. ثم سمعتك تقول: من أنظر معسراً فله بكل
يوم مثليه
__________
(1) السِّكة: الدنانير والدراهم المضروبة. النهاية (2/ 384).
(2) صحيح مسلم (3/ 1195 رقم 1560).
(3) صحيح مسلم (3/ 1195 - 1196 رقم 1561).
(4) صحيح مسلم (4/ 2301 - 2302 رقم 3006).
(5) من المسند.
(3/366)
صدقة، قال: له بكل يوم صدقة قبل أن يحل
الدين، فإذا حل فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة". رواه الإمام أحمد (1)،
وروى ق (2) نحوه مختصرًا.
55 - باب في ذكر القرض
3409 - عن عبد الله بن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من
مسلم يقرض مسلمًا قرضًا مرتين إلا كان كصدقتها مرة".
رواه ق (3) من رواية سليمان بن يسير (النخعي) (4) وقد ضعفه الإمام أحمد (5)
ويحيى بن معين (6) وأبو زرعة الرازي (7).
3410 - وروى (8) أيضاً عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبًا: الصدقة بعشر أمثالها،
والقرض بثمانية عشر. فقلت: يا جبريل، ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال:
لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة".
هو من رواية خالد بن يزيد بن أبي مالك، ضعفه الإمام أحمد (9) ويحيى (10) س
(11).
__________
(1) المسند (5/ 360).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 808 رقم 2418).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 812 رقم 2430).
(4) في "الأصل": العجلي. والمثبت من التهذيب (12/ 106).
(5) الجرح والتعديل (4/ 150 رقم 647).
(6) تاريخ الدوري (3/ 279 رقم 1336) والجرح والتعديل (4/ 150 رقم 647).
(7) الضعفاء لأبي زرعة (ص 430)، والجرح والتعديل (4/ 150 رقم 647).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 812 رقم 2431).
(9) الكامل لابن عدي (3/ 423).
(10) تاريخ الدوري (4/ 430 رقم 5135).
(11) كتاب الضعفاء والمتروكين (95 رقم 176) قال: ليس بثقة.
(3/367)
56 - باب في حقوق
المال
3411 - عن جابر بن عبد الله: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من كل
جادٍّ (1) عشرة وسق من التمر بقنوٍ (2) يعلق في المسجد للمساكين".
رواه الإمام أحمد (3) د (4)، وهذا لفظه.
3412 - عن أبي سعيد الخدري قال: "بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - في سفر إذ جاء رجل على راحلته، فجعل يضرب (5) يميناً وشمالاً، فقال
النبي - صلى الله عليه وسلم -: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر
له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له. فذكر من أصناف المال ما
ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحدٍ منا في فضلٍ". رواه م (6).
3413 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: "كنا نعد الماعون على عهد رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - عارية الدلو والقدر". رواه د (7).
__________
(1) الجادُّ بمعنى المجدود، أي نخل يقطع منه ما يبلغ عشرة وسق. النهاية (1/
244).
(2) القنو: العِذْق بما فيه من الرطب، وجمعه: أقناء. النهاية (4/ 116).
(3) المسند (3/ 359 - 360).
(4) سنن أبي داود (2/ 125 رقم 1662).
(5) في نسخة صحيح مسلم المطبوعة: "يصرف بصره" قال النووي في شرح مسلم (7/
293): هكذا وقع في بعض النسخ، وفي بعضها: "يصرف" فقط، وفي بعضها: "يضرب"
بالضاد المعجمة والباء، وفي رواية أبي داود: "يصرف راحلته" في هذا الحديث
الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب، والاعتناء
بمصالح الأصحاب، وأمر كبير القوم أصحابه بمواساة المحتاج، وأنه يكتفى في
حاجة المحتاج بتعرضه للعطاء، وتعريضه من غير سؤال، وهذا معنى قوله: "فجعل
يصرف بصره" أي: متعرضًا لشيء يدفع به حاجته.
(6) صحيح مسلم (3/ 1354 رقم 1728).
(7) سنن أبي داود (2/ 124 رقم 1657).
(3/368)
3414 - عن أبي سعيد قال: "جاء أعرابي إلى
النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الهجرة، فقال: ويحك، إن الهجرة
شأنها شديد، فهل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: فتعطي صدقتها؟ قال: نعم. قال:
وهل تمنح منها؟ قال: نعم. قال: فتحلبها يوم وردها؟ قال: نعم. قال: فاعمل من
وراء البحار (1)؛ فإن الله لن يترك (2) من عملك شيئًا".
رواه خ (3) م (4).
3415 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة الإبل قال:
"ومن حقها حلبها يوم وردها".
رواه م (5)، وروى خ (6)، "أن تحلب على الماء".
3416 - عن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من
صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع
قَرْقَر (7) تطؤه ذات الظلف (8) بظلفها، وتنطحه ذات القرن بقرنها، ليس فيها
يومئذ (جلحاء) (9) ولا مكسورة القرن. قلنا: يا رسول الله، وما حقها؟ قال:
إطراق فحلها، وإعارة دلوها، ومنيحتها وحلبها على الماء، ويحمل عليها في
سبيل الله".
__________
(1) المراد بالبحار هنا القرى، والعرب تسمي القرى: البحار، والقرية:
البحيرة. شرح مسلم (8/ 16).
(2) أي: لا ينقصك، يقال: وَتَره يَترُه تِرَة، إذا نقصه. النهاية (5/ 149).
(3) صحيح البخاري (3/ 370 رقم 1452).
(4) صحيح مسلم (3/ 1488 رقم 1865).
(5) صحيح مسلم (2/ 680 رقم 987).
(6) صحيح البخاري (3/ 314 رقم 1402).
(7) هو المكان المستوي. النهاية (4/ 48).
(8) الظِّلف للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل، والخف للبعير. النهاية (3/
159).
(9) في صحيح مسلم: جماء. وجماء وجلحاء بمعنى، انظر النهاية (1/ 284، 300).
(3/369)
رواه م (1).
3417 - عن أبي هريرة قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو حديث
مقدم، فقال له -يعني: لأبي هريرة-: فما حق الإبل؟ فقال: تعطي الكريمة (2)،
وتمنح الغزيرة (3)، وتفقر الظهر (4)، وتطرق الفحل، وتسقي اللبن".
رواه د (5).
3418 - عن فاطمة بنت قيس قالت: "سألت -أو سُئل- النبي - صلى الله عليه وسلم
- عن الزكاة فقال: إن في المال لحقًا سوى الزكاة. ثم تلا هذه الآية التي في
البقرة: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ... } (6) الآية".
رواه ق (7) ت (8)، وقال: هذا حديث إسناده ليس بذاك، وأبو حمزة ميمون الأعور
يضعف. قال: وروى بيان وإسماعيل بن سالم عن الشعبى هذا الحديث قوله. وهذا
أصح.
3419 - عن بهيسة عن أبيها قالت: "استأذن أبي النبي - صلى الله عليه وسلم -،
فدخل بينه وبين قميصه، فجعل يُقبل ويَلتزم، ثم قال: يا رسول الله، ما الشيء
الذي لا يحل منعه؟ قال: الماء. قال: يا نبي الله، ما الشيء الذي لا يحل
منعه؟ قال: الملح.
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 685 رقم 988).
(2) أي: العزيزة على صاحبها. النهاية (4/ 167).
(3) أي: كثيرة اللبن، وأغزر القوم: إذا كثرت ألبان مواشيهم. النهاية (3/
365).
(4) أي: تعيره للركوب، يقال: أفقر البعير يفقره إفقاراً إذا أعاره، مأخوذ
من ركوب فقار الظهر، وهو خرزاته، الواحدة: فَقَارة. النهاية (3/ 462).
(5) سنن أبي داود (2/ 125 رقم 1660).
(6) سورة البقرة، الآية: 177.
(7) سنن ابن ماجه (1/ 570 رقم 1789).
(8) جامع الترمذي (3/ 48 - 49 رقم 659، 660).
(3/370)
قال: يا رسول الله، ما الشيء الذي لا يحل
منعه؟ قال: أن تفعل الخير خير لك".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) -وهذا لفظه- ولم يذكر الإمام أحمد "الملح" (3)
وعنده: "الماء" في الموضعين.
57 - باب حق السائل
3420 - عن الحسين بن علي -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: "للسائل حق، وإن جاء على فرسٍ". رواه د (4).
3420 م- ورواه (5) عن عليَّ -رضي الله عنه- مثله.
3421 - عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: "سأل رجل أبا ذر فأمر له بشاة،
فقيل له: إن له ثلاثمائة شاة. فقال: إنه سأل وكان له حق، فإن تكن صادقًا
فجمرة في يده خير له منها". رواه سعيد بن منصور.
3422 - عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: "لا يأتي رجل مولاه يسأله من فضل ما عنده فيمنعه إياه إلا
دُعي له يوم القيامة شجاعًا (6) يتلمظ (7) فضله الذي منع".
__________
(1) المسند (3/ 480، 481).
(2) سنن أبي داود (2/ 127 رقم 1669).
(3) وذكر الإمام أحمد "الملح" في رواية، والله أعلم.
(4) سنن أبي داود (2/ 126 رقم 1665).
(5) سنن أبي داود (2/ 126 رقم 1666).
(6) في سنن النسائي: "شجاع أقرع". قال السندي في حاشية سنن النسائي: "شجاع"
بالرفع على أنه نائب الفاعل لدعي، أو بالنصب على أنه حال مقدم كما في بعض
النسخ، ولا عبرة بالخط، ونائب الفاعل هو فضله الذي مُنع، أي: دعي له فضله
شجاعًا.
(7) أي: يدير لسانه في فيه ويحركه يتتبع أثره. النهاية (4/ 271).
(3/371)
رواه الإمام أحمد (1) س (2) -وهذا لفظه-
وعند أحمد: "فيمنعه إلا جعله الله شجاعًا ينهشه قبل القضاء".
58 - باب عطية [من سأل] (3) باللَّه عز وجل وكراهية المسألة بوجه الله عز
وجل إِلا الجنة
3423 - عن عبد الله بن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من
استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع
إليكم معروفًا فكافئوه؛ فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم
قد كافأتموه".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) -وهذا لفظه- س (6).
3424 - عن جابر -هو ابن عبد الله- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة" (7).
3425 - عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم
بخير الناس منزلًا؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: رجل آخذ برأس فرسه في
سبيل الله حتى يموت -أو يُقتل- وأخبركم بالذي يليه؟ قلنا: نعم يا رسول
الله. قال: رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويعتزل شرور الناس،
وأخبركم بشر الناس؟ قلنا: نعم يا رسول الله. قال: الذي يسأل بالله ولا
يُعطي به".
__________
(1) المسند (5/ 3).
(2) سنن النسائي (5/ 82 رقم 2565).
(3) ليست في "الأصل".
(4) المسند (2/ 99).
(5) سنن أبي داود (2/ 128 رقم 1672).
(6) سنن النسائي (5/ 82 رقم 2566).
(7) رواه أبو داود (2/ 127 رقم 1671).
(3/372)
رواه الإمام أحمد (1) س (2) ت (3)، وقال:
حديث حسن غريب.
59 - باب في الشح (4)
3426 - عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات (يوم القيامة) (5) واتقوا الشح؛ فإن الشح
أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم".
رواه م (6).
3427 - عن عبد الله بن عمرو قال: "خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقال: إياكم والشح؛ فإنما أهلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا،
وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا".
رواه الإمام أحمد (7) د (8) س (9).
3428 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم
والظلم؛ فإن الظلم ظلمات عند الله -عز وجل- يوم القيامة، وإياكم والفحش؛
فإن الله لا يحب
__________
(1) المسند (1/ 237، 319، 322).
(2) سنن النسائي (5/ 83 - 84 رقم 2568).
(3) جامع الترمذي (4/ 156 رقم 1652).
(4) الشُّح: أشد البخل، وهو أبلغ في المنع من البخل، وقيل: هو البخل مع
الحرص، وقيل: البخل في أفراد الأمور وآحادها، والشح عام، وقيل: البخل
بالمال، والشح بالمال والمعروف. النهاية (2/ 448).
(5) من صحيح مسلم.
(6) صحيح مسلم (4/ 1996 رقم 2578).
(7) المسند (2/ 191).
(8) سنن أبي داود (2/ 133 رقم 1698).
(9) السنن الكبرى (6/ 486 رقم 11583).
(3/373)
الفحش والتفحش، وإياكم والشح؛ فإنه دعا من
قبلكم فاستحلوا محارمهم، وسفكوا دماءهم، وقطعوا أرحامهم" (1).
رواه الإمام أحمد (2).
60 - باب ذكر من أدى زكاة ماله فليس بكنز
3429 - عن ابن عباس قال: "لما نزلت هذه الآية: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ
الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} قال: كبر ذلك على المسلمين، فقال عمر -رضي الله
عنه-: أنا أفرج عنكم. فانطلقوا، فقالوا: يا رسول الله، إنه كبر على أصحابك
هذه الآية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله لم يفرض الزكاة
إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم. قال:
فكبر عمر، ثم قال: ألا أخبرك بخير ما يكنز، المرأة الصالحة إذا نظر إليها
سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته". رواه د (3).
3430 - عن خالد بن أسلم قال: "خرجنا مع عبد الله بن عمر، فقال أعرابي:
أخبرني (عن) (4) قول الله -عز وجل-: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ
وَالْفِضَّةَ} (5) قال ابن عمر: من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان
هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما أنزلت جعلها الله طهرًا للأموال".
رواه خ (6) تعليقًا.
__________
(1) صححه ابن حبان (11/ 580 رقم 5177) والحاكم (1/ 12).
(2) المسند (2/ 431).
(3) سنن أبي داود (2/ 126 رقم 1664).
(4) من صحيح البخاري.
(5) سورة التوبة، الآية: 34.
(6) صحيح البخاري (3/ 318 رقم 1404) ووقع في رواية أبي ذر عن الكشميهني
متصلاً، وانظر فتح الباري (3/ 320 - 321) وإرشاد الساري (3/ 10).
(3/374)
3431 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال: "إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك".
رواه ق (1) ت (2)، وقال: حديث حسن غريب.
3432 - عن ابن عباس قال: "من أدى زكاة ماله فلا جناح عليه ألا يتصدق".
رواه سعيد بن منصور.
3433 - عن عبد الله بن دينار قال: "سمعت عبد الله بن عُمَر وهو يُسأل عن
الكنز ما هو؟ فقال: هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة".
رواه مالك في "الموطأ" (3).
61 - باب إِثم مانع الزكاة
3434 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من
صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح
من نار، فالمحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما ردت
(4) أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. (حتى يقضى بين العباد،
فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) (5) قيل: يا رسول الله، فالإبل؟
قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي (منها) (5) حقها، ومن حقها (حلبها يوم) (6)
وردها إلا إذا كان يوم القيامة بُطح
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/ 570 رقم 1788).
(2) جامع الترمذي (3/ 13 - 14 رقم 618).
(3) الموطأ (1/ 225 رقم 21).
(4) في صحيح مسلم: بردت. قال النووي في شرح مسلم (4/ 340): هكذا هو في بعض
النسخ: "بردت" بالباء، وفي بعضها: "ردت" بحذف الباء، وبضم الراء، وذكر
القاضي الروايتين وقال: الأولى هي الصواب. قال: والثانية رواية الجمهور.
(5) من صحيح مسلم.
(6) في "الأصل": حلب. والمثبت من صحيح مسلم.
(3/375)
لها بقاع قرقر أوفر ما كانت، لا يفقد منها
فصيلاً واحدًا، تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها، كلما مر عليه أولاها رُدَّ
عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (حتى يُقضى بين العباد فيرى
سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) (1) قيل: يا رسول الله، فالبقر
والغنم؟ قال: ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم
القيامة بطح لها بقاع قرقر، لا يفقد منها شيئًا، ليس فيها عقصاء (2) ولا
جلحاء ولا عضباء (3)، فتنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما مر عليه أُولاها
رد عليه أُخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (حتى يُقضى بين العباد
فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) (1) قيل: يا رسول الله، فالخيل؟
قال: الخيل ثلاثة: (هي) (1) لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر، فأما
التي هي له وزر فرجل ربطها رياءً وفخرًا ونِوَاء (4) على أهل الإسلام، فهي
له وزر، وأما التي هي له ستر فرجل ربطها (في سبيل الله) (5) ثم لم ينس حق
الله في ظهورها ولا في رقابها، فهي له ستر، وأما التي هي له أجر فرجل ربطها
في سبيل الله ويُعدها له فلا تُغيب شيئًا في بطونها إلا كتب الله -عز وجل-
له أجرًا، ولو رعاها في مرج ما أكلت من شيء إلا كتب الله -عز وجل- له بها
أجرًا، ولو سقاها من نهر كان له بكل قطرة تغيبها في بطونها أجر، وكتب له
عدد أرواثها وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها (6) فاستنت شرفًا أو شرفين (7)
إلا كتب الله له عدد آثارها وأرواثها حسنات،
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) العقصاء: الملتوية القرنين. النهاية (3/ 276).
(3) أي: مكسورة القرن، وقد يكون العضب في الأذن أيضًا إلا أنه في القرن
أكثر. النهاية (3/ 125).
(4) أي: معاداة لأهل الإسلام. النهاية (5/ 132).
(5) تحرفت في الأصل والمثبت من صحيح مسلم.
(6) الطول والطيل -بالكسر-: الحبل الطويل يشد أحد طرفيه في وتد أو غيره،
والطرف الآخر في يد الفرس، ليدور فيه ويرعى ولا يذهب لوجهه. النهاية (3/
145).
(7) أي: عدت شوطاً أو شوطين. النهاية (2/ 463).
(3/376)
قيل: يا رسول الله، فالحمر؟ قال: ما أنزل
عليَّ في الحُمر شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة {فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
شَرًّا يَرَهُ (8)} (1) ".
رواه خ (2) م (3) - وهذا اللفظ لفظ حديثه- ولفظ البخاري: "تأتي الإبل على
صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم
على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطؤه بأظلافها، وتنطحه
بقرونها. قال: ومن حقها أن تُحلب على الماء. قال: ولا يأتي عليَّ أحدكم يوم
القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يُعار، فيقول: يا محمد. فأقول: لا أملك
لك شيئًا قد بلَّغت، ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء، فيقول: يا
محمد. فأقول: لا أملك لك شيئًا قد بلَّغت".
وفي لفظ (4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من آتاه الله
مالاً فلم يؤدِّ زكاته مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا (5) أقرع (6) له
زبيبتان (7) يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني: بشدقيه- ثم يقول
له: أنا مالك، أنا كنزك. ثم تلا: (وَلا يحْسَبَنَّ الَّذِينَ يبخَلُونَ ...
) (8) الآية".
__________
(1) سورة الزلزلة، الآيتان: 7 رقم 8.
(2) صحيح البخاري (3/ 314 رقم 1402).
(3) صحيح مسلم (2/ 680 - 682 رقم 987/ 24، 26) تداخلت الروايتان في
"الأصل".
(4) صحيح البخاري (3/ 315 رقم 1403).
(5) الشجاع -بالضم والكسر- الحية الذكر، وقيل: الحية مطلقًا. النهاية (2/
447).
(6) الأقرع: الذي لا شعر على رأسه، يريد حية قد تمعط جلد رأسه؛ لكثره سمه
وطول عمره. النهاية (4/ 45).
(7) الزبيبة: نكته سوداء فوق عين الحية، وقيل: هما نقطتان تكتنفان فاها،
وقيل: هما زبدتان في شدقيها. النهاية (2/ 392).
(8) سورة آل عمران، الآية: 180.
(3/377)
وله (1) في الخيل نحو رواية مسلم إلى آخره.
3435 - عن زيد بن وهب قال: "مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر -رضي الله عنه-
فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ} (2) قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا
وفيهم، وكان بيني وبينه في ذلك وكتب إلى عثمان يشكوني فكتب (إلي) (3) عثمان
أن أقدم المدينة فقدمتها فأكثر عليَّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك،
فذكرت ذلك لعثمان فقال (لى) (3): إن شئتَ تنحيتَ (فكنت) (3) قريبًا. فذاك
الذي (3) أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا عليَّ حبشيًّا سمعت وأطعت". رواه خ
(4).
3436 - عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما
كانت قط، وقعد لها بقاع قرقر، تستن عليه بقوائمها وأخفافها، ولا صاحب بقر
لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت، وقعد لها بقاع قرقر،
تنطحه بقرونها وتطؤه (بقوائمها، ولا صاحب غنم لا يفعل فيها حقها، إلا جاءت
يوم القيامة أكثر ما كانت، وقعد لها بقاع قرقر، تنطحه بقرونها وتطؤه) (5)
بأظلافها، ليس فيها جماء ولا منكسر قرنها، ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه
إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعًا أقرع يتبعه (فاتحًا فاه) (6) فإذا أتاه
فرَّ منه، فيناديه: خذ كنزك الذي خبأته، فأنا
__________
(1) صحيح البخاري (6/ 75 رقم 2860).
(2) سورة التوبة، الآية: 34.
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (3/ 319 رقم 1406).
(5) من صحيح مسلم.
(6) في "الأصل": فاتحاه. والمثبت من صحيح مسلم.
(3/378)
عنه غني. فإذا رأى أنه لا بد له منه سلك
يده في فيه، فيقضمها قضم الفحل".
رواه م (1)، وفي لفظ (2) له: "قلنا: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: إطراق
فحلها، وإعارة دلوها، ومنيحتها، وحلبها على الماء، وحمل عليها في سبيل
الله".
3437 - عن الأحنف بن قيس قال: "جلست إلى ملأ من قريش، فجاء رجل خشن الشعر
والثياب والهيئة حتى قام عليهم، فسلم، ثم قال: بشر الكنازين برضف (3) تحمى
عليهم في نار جهنم، ثم توضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من (نغض (4)
كتفيه، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من) (5) حلمة ثديه يتزلزل. ثم ولى فنزل
إلى سارية، وتبعته وجلست إليه -وأنا لا أدري من هو- قلت له: لا أرى القوم
إلا قد كرهوا الذي قلت. قال: إنهم لا يعقلون شيئًا، قال لي خليلي: يا أبا
ذر، أتبصر أُحُدًا؟ قال: فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار، وإني أرى أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرسلني في حاجة له، قلت: نعم. قال: ما
أحب أن لي مثل أحد ذهباً أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير. وإن هؤلاء لا يعقلون،
إنما يجمعون الدنيا، والله لا أسألهم دنيا، ولا أستفتيهم عن دين حتى ألقى
الله -عز وجل".
رواه خ (6) -وهذا لفظه- م (7)، وفي رواية: "أخشن الثياب، أخشن الجسد، أخشن
الوجه" وبعد "يتزلزل". قال: "فوضع القوم رءوسهم، فما رأيت أحدًا
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 684 رقم 988/ 27).
(2) صحيح مسلم (2/ 685 رقم 988/ 28).
(3) الرضف: الحجارة المحماة على النار واحدتها رضفة. النهاية (2/ 231).
(4) النُّغض والنغض والناغض: أعلى الكتف، وقيل: هو العظم الرقيق الذي على
طرفه. النهاية (5/ 87).
(5) من صحيح البخاري.
(6) صحيح البخاري (3/ 319 رقم 1407، 1408).
(7) صحيح مسلم (2/ 689 - 690 رقم 992/ 34).
(3/379)
رجع إليه شيئًا"، وبعد "لا يعقلون شيئًا":
"إن خليلي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - دعاني فأجبته، فقال: أترى
أحداً؟ وفي آخره قال: "قلت: مالك ولإخوانك من قريش لا تعتريهم وتصيب منهم؟
قال: لا وربك لا أسألهم عن دنيا، ولا أستفتيهم عن دين حتى ألحق باللَّه
ورسوله".
وفي لفظ لمسلم (1): "بشر الكنازين بكي في ظهورهم يخرج من جنوبهم، وبكي من
أقفائهم يخرج من جباههم (2) قال: ثم تنحى فقعد، قال: قلت: من هذا؟ قالوا:
هذا أبو ذر. قال: فقمت إليه، فقلت: ما شيء سمعتك تقول قبل؟ قال: ما قلت إلا
شيئًا قد سمعته من نبيهم - صلى الله عليه وسلم -. قال: قلت: ما تقول في هذا
العطاء؟ قال: خذه؛ فإن فيه اليوم معونة، فإذا كان ثمنًا لدينك فدعه".
3438 - عن أبي ذر قال: "انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس
في ظل الكعبة، فلما رآني قال: هم الأخسرون ورب الكعبة. قال: فجئت حتى جلست
فلم أتقار (3) أن قمت، فقلت: يارسول الله، فداك أبي وأمي، من هم؟ قال: هم
الأكثرون أموالاً، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا -من بين يديه ومن خلفه وعن
يمينه وعن شماله- وقليل ما هم، ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي
زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه
(بأظلافها) (4) كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها، حتى يُقضى بين الناس".
رواه خ (5) م (6)، واللفظ له.
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 690 رقم 992/ 35).
(2) بعدها في "الأصل": أو جنابهم. وهي زيادة مقحمة ليست في صحيح مسلم.
(3) أي: لم ألبث، وأصله: أتقارر، فأدغمت الراء في الراء. النهاية (4/ 38).
(4) في "الأصل": بأخفافها. والمثبت من صحيح مسلم.
(5) صحيح البخاري (3/ 379 رقم 1460).
(6) صحيح مسلم (2/ 686 رقم 990).
(3/380)
3439 - عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أحدٍ لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم
القيامة شجاع أقرع حتى يطوق في عنقه. ثم قرأ علينا النبي - صلى الله عليه
وسلم - مصداقه من كتاب الله: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ
بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ... } (1) الآية".
رواه ت (2) س (3) ق (4) -واللفظ له- وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
3440 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الذي لا
يؤدي زكاة ماله يُخيل إليه ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع له زبيبتان. قال:
فيلتزمه أو يطوقه. قال: يقول: (أنا كنزك) (5) ".
رواه س (6).
62 - باب في حب المال
3441 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قلب الشيخ
شاب على حب اثنتين: طول الحياة، وحب المال".
رواه خ (7) م (8)، وهذا لفظه.
3442 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكبر
ابن آدم ويكبر
__________
(1) سورة آل عمران، الآية: 180.
(2) جامع الترمذي (5/ 216 رقم 3012).
(3) سنن النسائي (5/ 11 - 12 رقم 2440).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 568 رقم 1784).
(5) تكررت في سنن النسائي.
(6) سنن النسائي (5/ 39 - 40 رقم 2480).
(7) صحيح البخاري (11/ 243 رقم 6420).
(8) صحيح مسلم (2/ 724 رقم 1046).
(3/381)
معه اثنتان: حب المال، وطول العمر".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2) ولفظه: "يهرم ابن آدم وتشب منه اثنتان: الحرص
على المال، والحرص على العمر".
3443 - وعن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أن لابن
آدم (وادياً) (3) من ذهب أحب أن يكون (له) (4) واديان، ولا يملأ فاه إلا
التراب، ويتوب الله على من تاب".
أخرجه خ (5) م (6)، وزاد البخاري: "وقال (7) لنا أبو الوليد: ثنا حماد بن
سلمة، عن ثابت، عن أنس عن أبي قال: "كنا (نرى) (8) هذا من القرآن حتى نزلت
"ألهاكم التكاثر".
3444 - عن ابن عباس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لو أن
لابن آدم ملء وادٍ مالاً لأحب أن يكون إليه مثله، ولا يملأ عين ابن آدم إلا
التراب، ويتوب الله على من تاب. قال ابن عباس: فلا أدري أمن القرآن هو أم
لا".
رواه خ (9) -واللفظ له- م (10) وفي لفظ: "لو كان لابن آدم واديان من مالٍ
__________
(1) صحيح البخاري (11/ 243 رقم 6421).
(2) صحيح مسلم (2/ 724 رقم 1047).
(3) غير واضحة في "الأصل" وأثبتها من صحيح البخاري.
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (11/ 258 رقم 6439).
(6) صحيح مسلم (2/ 725 رقم 1048).
(7) صحيح البخاري (11/ 258 رقم 6440).
(8) من صحيح البخاري.
(9) صحيح البخاري (11/ 258 رقم 6437).
(10) صحيح مسلم (2/ 725 - 726 رقم 1049).
(3/382)
لابتغى ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا
التراب ويتوب الله على من تاب".
رواه خ (1).
3445 - عن ابن الزبير -يعني: عبد الله- أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
كان يقول: "لو أن ابن آدم أُعطي واديًا ملأ من ذهب أحب إليه ثانيًا، ولو
أعطي ثانيًا أحب إليه ثالثًا، ولا يسدُّ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب
الله على من تاب". رواه خ (2).
3446 - عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه قال: "بعث أبو موسى الأشعري إلى
قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأ القرآن، فقال: أنتم خيار
أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم، كما قست
قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة
(ببراءة) (3) فأنسيتها غير أني قد حفظت منها "لو كان لابن آدم واديان من
مال لابتغى لهما واديًا ثالثًا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب"، وكنا
نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات، فأنسيتها غير أني قد حفظت منها: "يا
أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون
عنها يوم القيامة".
رواه م (4).
3447 - عن ابن عباس قال: "جاء رجل إلى عمر يسأله، فجعل عمر ينظر إلى رأسه
مرة وإلى رجليه أخرى هل يرى عليه من (البؤس) (5) شيئًا، ثم قال له عمر: كم
مالك؟ قال: أربعين (6) من الإبل. قال ابن عباس: فقلت: صدق الله
__________
(1) صحيح البخاري (11/ 257 رقم 3436).
(2) صحيح البخاري (11/ 258 رقم 6438).
(3) في "الأصل": بقراءة. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) صحيح مسلم (2/ 726 رقم 1050).
3447 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 411 - 412 رقم 1029).
(5) تحرفت في "الأصل" والمثبت من المسند.
(6) كذا في "الأصل" والمختارة، وفي المسند: أربعون.
(3/383)
ورسوله: لو كان لابن آدم واديان من ذهب
لابتغى الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من قال.
فقال عمر: ما هذا؟ فقلت: هكذا أقرأنيها أبي. قال: فمر بنا إليه. قال: فجاء
إلى أبي فقال: ما يقول هذا؟ قال أبي: هكذا أقرأنيها رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - قال: " أفأثبتها؟ قال: نعم. فأثبتها".
رواه الإمام أحمد (1).
3448 - عن أبي واقد الليثي قال: "كنا نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -
إذا أنزل عليه فيحدثنا، فقال لنا ذات يوم: إن الله -عز وجل- قال: إنا
أنزلنا (المال) (2) لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم وادياً
لأحب أن يكون إليه ثاني، ولو كان له واديان لأحب أن يكون إليهما ثالث، ولا
يملأ (جوف) (2) ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله على من تاب".
رواه الإمام أحمد (3).
3449 - عن جابر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لو كان
لابن آدم وادياً نخلاً لتمنى إليه مثله، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب".
رواه أبو حاتم بن حبان (4).
باب
3450 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس الغنى عن
كثرة العَرَض (5)، ولكن الغنى غنى النفس".
__________
(1) المسند (5/ 117).
(2) سقطت من "الأصل" وأثبتها من المسند.
(3) المسند (5/ 218 - 219).
(4) الإحسان (8/ 27 رقم 3233) وموارد الظمآن (2/ 1117 رقم 2484).
(5) العَرَض -بالتحريك-: متاع الدنيا وحطامها. النهاية (3/ 214).
(3/384)
أخرجه خ (1) م (2).
3451 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تعس (3)
عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة (4)، إن أعطي رضي، وإن لم يُعط لم
يرض".
رواه خ (5).
3452 - عن أبي سعيد الخدري: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس ذات يوم
على المنبر، وجلسنا حوله، فقال: إن مما أخاف عليكم من بعدي مما يُفتح عليكم
من زهرة الدنيا وزينتها. فقال رجل: يا رسول الله، أو يأتي الخير بالشر؟
فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقيل له: (ما شأنك) (6) تكلم النبي -
صلى الله عليه وسلم - ولا يكلمك؟ فرئينا (7) أنه يُنزل عليه. قال: فمسح عنه
الرُّحضاء (8)، وقال: أين السائل؟ فكأنه (حمده) (5) فقال: إنه لا يأتي
الخير بالشر، وإنما مما يُنبت الربيع يقتل أو يُلم (9) إلا آكلة الخضراء
أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس، فثلطت (10) وبالت ورتعت،
وإن
__________
(1) صحيح البخاري (11/ 276 رقم 6446).
(2) صحيح مسلم (2/ 726 رقم 1051).
(3) يقال: تَعِس يَتْعَس: إذا عثَر وانكبَّ لوجهه، وقد تفتح العين، وهو
دعاء عليه بالهلاك. النهاية (1/ 190).
(4) الخميصة: ثوب خزٍّ أو صوف مُعْلَم، وقيل: لا تسمى خميصة إلا أن تكون
سوداء مُعْلَمة، وكانت من لباس الناس قديمًا، وجمعها الخمائص. النهاية (2/
81).
(5) صحيح البخاري (11/ 257 رقم 6435).
(6) من صحيح البخاري.
(7) من صحيح البخاري: فرأينا. قال القسطلاني في إرشاد الساري (3/ 53): بفتح
الراء ثم الهمزة من الرؤية، وللحموي والمستملي: "فرُئِينا" بضم الراء ثم
كسر الهمزة وللكشميهني: "فأُرينا" بتقديم الهمزة المضمومة على الراء
المكسورة، أي: فظننا.
(8) هو عرق يغسل الجلد لكثرته. النهاية (2/ 208).
(9) يُلم أي: يقرُب، أي يدنو من الهلاك. النهاية (2/ 40).
(10) ثلط البعير يثلط إذا ألقى رجيعه سهلاً رقيقاً. النهاية (2/ 40).
(3/385)
هذا المال خضرة حلوة، فنعم صاحب (المسلم)
(1) ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل -أو كما قال النبي - صلى الله
عليه وسلم - وإنه من يأخذه بغير حق كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيدًا
يوم القيامة (2). رواه خ (3) -وهذا لفظه- م (4).
3453 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: "قد أفلح من أسلم، ورزق كفافًا، وقنعه الله بما آتاه". رواه م (5).
3454 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم
اجعل رزق آل
__________
(1) في "الأصل": الماء. والمثبت من صحيح البخاري.
(2) ضرب في هذا الحديث مثلين: أحدهما للمفرط في جمع الدنيا والمنع من حقها،
والآخر للمقتصد في أخذها والنفع بها، فقوله: "إن مما ينبت الربيع ما يقتل
حبطاً أو يُلم" فإنه مثل للمفرط الذي يأخذ الدنيا بغير حقها، وذلك أن
الربيع ينبت أحرار اليقول فتستكثر الماشية منه لاستطابتها إياه، حتى تنتفخ
بطونها عند مجاوزتها حد الاحتمال، فتنشق أمعاؤها من ذلك فتهلك أو تقارب
الهلاك، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها ويمنعها مُستحِقَّها قد تعرض
للهلاك في الآخرة بدخول النار وفي الدنيا بأذى الناس له وحسدهم إياه، وغير
ذلك من أنواع الأذى، وأما قوله: "إلا آكلة الخضر" فإنه مثل للمقتصد، وذلك
أن الخضر ليس من أحرار البقول وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أمطاره
فتحسُن وتنعُم، ولكنه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول
ويُبسها حيث لا تجد سواه، وتُسميها العرب الجَنبة، فلا ترى الماشية تكثر من
أكلها ولا تستمرئها، فضرب آكلة الخضر من المواشي مثلاً لمن يقتصد في أخذ
الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها، فهو بنجوة من وبالها،
كما نجت آكلة الخضر، ألا تراه قال: "أكلت حتى إذا امتدت خاصرتها استقبلت
عين الشمس فثلطت وبالت" أراد أنها إذا شبعت منها بركت مستقبلة عين الشمس
تستمرئ بذلك ما أكلت، وتجترُّ وتثلط، فإذا ثلطت فقد زال عنها الحَبَط،
وإنما تحبط الماشية لأنها تمتلئ بطونها ولا تثلط ولا تبول فتنتفخ أجوافها،
فيعرض لها المرض فتهلك، وأراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها، وببركات الأرض
نماءها وما يخرج من نباتها. النهاية (2/ 40).
(3) صحيح البخاري (3/ 383 - 384 رقم 1465).
(4) صحيح مسلم (2/ 728 - 729 رقم 1052).
(5) صحيح مسلم (2/ 730 رقم 10
(3/386)
محمدٍ قوتًا" (1). رواه خ (2).
3455 - عن سعد -هو ابن أبي وقاص- قال: "أعطى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - رهطًا، وأنا جالس فيهم، قال: فترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
منهم رجلاً لم يعطه وهو أعجبهم إليَّ، فقمت إلى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - فساررته، فقلت: ما لك عن فلان، فواللَّه إني لأراه مؤمنًا؟ قال: أو
مسلمًا. فسكتُّ قليلاً، ثم غلبني ما أعلم منه، فقلت: يا رسول الله، مالك عن
فلان، فواللَّه إني لأراه مؤمنًا؟ قال: أو مسلمًا. فسكتُّ قليلاً، ثم غلبني
ما أعلم منه، فقلت: يا رسول الله، مالك عن فلان، فواللَّه إني لأراه
مؤمنًا؟ قال: أو مسلمًا، قال: إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه خشية أن
يُكبَّ في النار على وجهه".
وفي لفظ للبخاري: "فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، فجمع بين
كتفي وعنقي، ثم قال: أقبل أي سعد إني لأعطي الرجل". وفي نسخة: "بجمع" بدل
"فجمع" (3).
ولفظ مسلم: "فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده بين عنقي وكتفي،
ثم قال: أقتالا (4) أي سعد إني لأعطي الرجل".
رواه خ (5) م (6)، وهذا لفظه.
__________
(1) أي: بقدر ما يُمسك الرَّمق من المطعم. النهاية (4/ 119).
(2) صحيح البخاري (11/ 287 رقم 6460).
(3) قال القسطلاني في إرشاد الساري (3/ 66): "فجمع" بالفاء والفعل الماضي
كذا في اليونينية، وفي بعض الأصول: "بجمع" بالباء الجارة، وضم الجيم، وسكون
الميم، أي: ضرب بيده حال كونها مجموعة.
(4) أي: أتدافع مدافعة، وتكابرني يا سعد، شبه تكريره بعد التنبيه بالقتال.
حاشية صحيح مسلم.
(5) صحيح البخاري (3/ 399 - رقم 1478).
(6) صحيح مسلم (1/ 132 - 133، 2/ 732 - 733 رقم 150).
(3/387)
3456 - عن عمرو بن تغلب: "أن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - أتي بمال -أو بشيء فقسمه، فأعطى رجلاً وترك رجلاً،
فبلغه أن الذين تركوا عتبوا عليه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد،
فو الله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل، والذي أدع أحب إليَّ من الذي أعطي،
ولكن أعطي أقواماً لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع (1)، وأكل أقواماً
إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، فمنهم عمرو بن تغلب. فوالله ما
أحب أن لي بكلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمر النعم".
رواه خ (2).
3457 - عن المسور بن مخرمة قال: "قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم -
أقبية، فقال أبي مخرمة: انطلق بنا عسى أن يعطينا منه شيئًا. قال: فقام أبي
على الباب فتكلم، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - صوته، فخرج ومعه قباء،
وهو يريه محاسنه، وهو يقول: خبأت هذا لك، خبأت هذا لك" (3).
وفي لفظ (4): "قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبية، لم يعط مخرمة
شيئًا، فقال مخرمة: يا بني، انطلق بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- فانطلقت معه، قال: ادخل فادعه لي. قال: فدعوته له، فخرج إليه وعليه قباء
منها، فقال: خبأت هذا لك. قال: فنظر إليه، فقال رضي مخرمة".
رواه خ (5) م، وهذا لفظه.
3458 - عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: " قسم رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -
__________
(1) الهلع: أشد الجزع والضجر. النهاية (5/ 269).
(2) صحيح البخاري (2/ 468 رقم 923).
(3) صحيح مسلم (2/ 731 رقم 1058/ 130).
(4) صحيح مسلم (2/ 731 رقم 1058/ 129).
(5) صحيح البخاري (5/ 363 رقم 2599).
(3/388)
قسمًا، فقلت: يا رسول الله، لغير هؤلاء كان
أحق به منهم. قال: إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني (فلست) (1)
بباخل".
رواه م (2).
3459 - عن أنس بن مالك قال: "كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وعليه برد نجراني (3) غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة،
نظرت إلى صفحة عنق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أثرت بها حاشية
الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُر لي من مال الله الذي عندك.
فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضحك. ثم أمر له بعطاء".
رواه خ (4) م (5)، وهذا لفظه.
وفي لفظ (6) له قال: "ثم جبذه إليه جبذة، رجع نبي الله - صلى الله عليه
وسلم - في نحر الأعرابي".
وفي لفظ له: "فجاذبه حتى انشق البرد وحتى بقيت حاشيته في عنق رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -".
__________
(1) تحرفت في "الأصل" والمثبت من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (2/ 730 رقم 1056).
(3) منسوب إلى نجران، وهو موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن. النهاية
(5/ 21).
(4) صحيح البخاري (6/ 289 رقم 3149).
(5) صحيح مسلم (2/ 730 - 731 رقم 1057).
(6) صحيح مسلم (1/ 732 رقم 1057).
(3/389)
|