الفقه
الإسلامي وأدلته للزحيلي ملحق ـ حول طرق
الذبح الحديثة في المسلخ الحديث:
لا مانع من استخدام وسائل تضعف من مقاومة الحيوان، دون تعذيب له (1)، وبناء
عليه: يحل في الإسلام استعمال طرق التخدير المستحدثة غير المميتة قبل
الذبح، مثل استعمال ثاني أكسيد الفحم، إذا ذبح الحيوان، وكان الغالب على
الظن وجود الحياة الطبيعية فيه عند ذبحه، لأنه لا يترتب عليه إيلام
الحيوان، ويحرم الصرع بمسدس، أو بمثقل كخشب وقدوم وعصا، أو تيار كهربائي
ونحوها من كل مخدر غير ضار، لما فيها من تعذيب الحيوان المنهي عنه شرعاً.
ولكن استعمال ما ذكر لا يمنع من أكل الحيوان بعد ذبحه، إذا ظل حياً حياة
مستقرة، وإن كان سيموت بعد مدة لو ترك بغير ذبح، ولو بعد استعمال هذه
الوسائل التي يراد منها تسهيل عميلة الذبح. وأما إتلاف الجملة العصبية في
المخ بالضرب، فيمنع من إباحة الأكل عند المالكية؛ لأن الحيوان يصبح منفوذ
المقاتل، ومن المقاتل انتشار أو
_________
(1) انظر فتواي المنشورة في مجلة حضارة الإسلام بدمشق ـ السنة الثامنة،
العدد الخامس: ص62 ومابعدها.
(4/2800)
نثر الدماغ، لكن إذا كانت حياته محققة يؤكل
عندهم. ويؤكل المذكور عند الشافعية والحنابلة إذا ذبح الحيوان وكان فيه
حياة مستقرة، أي حركة اختيارية يدل عليها انفجار الدم، أو الحركة الشديدة.
كذلك يؤكل عند الحنفية إذا أسرع الذابح بقطع العروق. ويتم الذبح الآن في
المسالخ عادة بالآلات الحادة السريعة القطع. وقد نقل لنا أن عملية الذبح
تعقب عملية التخدير أو الصرع بثوان معدودات.
ولا مانع من الذبح من القفا عند غير المالكية، ولكن مع الكراهة، لما فيه من
تعذيب الحيوان.
ولا يجوز أكل الحيوان إذا نزف دمه بآلة، ثم ذبح قبل معرفة الحياة الطبيعية
عنده.
وقد بينت سابقاً أنه لا مانع من أكل الذبائح المستوردة من البلاد
النصرانية، حتى وإن لم يسم عليها، بشرط كونها مذبوحة لا مخنوقة، ولا ممزوعة
الرقبة. ولا تحل اللحوم المستوردة من البلاد الوثنية أو اللادينية كاليابان
والهند والدول الشيوعية. ويكبر على ذبيحة النصراني أخذاً بمذهب المالكية في
حل الأكل مع الكراهة من ذبائح أهل الكتاب إن سموا غير اسم الله. لكن
الشافعية والشيعة يتشددون في مثل هذه اللحوم، فلا يبيحونها في الواقع
العملي.
وأما الطالب الذي يدرس في البلاد الشيوعية، فيجب عليه الامتناع من تناول
الطعام المشتمل على اللحوم، ويكتفي بأكل أغذية النباتات والخضار، أو يستعين
بالمعلبات من اللحوم المستوردة من أوربا مثلاً. ولا يحل بحال أكل تلك
اللحوم الممنوعة، وبخاصة الخنزير في أي بلد، حتى مع ادعاء وجود الضرورة؛
لأن معنى الضرورة لايتوفر حينئذ، إذ يمكن الحفاظ على النفس من الهلاك،
بتناول أطعمة غير ممنوعة شرعاً.
(4/2801)
|