الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

القسْمُ الثَّاني: النّظَريّات الفقهيّة

(4/2833)


.................................. تقديم .........................................
تقتضي طبيعة التدرج المنطقي الانتقال من الجزئيات إلى الكليات، ومن الإفراد إلى التركيب، ومن الأحكام الجزئية إلى النظريات العامة، كما هو منهج الدراسة القانونية الحديثة. لذا كان لزاماً علينا البحث عن نظريات الفقه الإسلامي، وما أكثرها، بالرغم مما يكتنف ذلك من صعوبات استقرائية في تتبع أحكام المسائل الفقهية في بحار الكتب القديمة المترعة بالثروة الفقهية الضخمة، التي تمتاز بخصوبتها ومرونتها وتغطيتها لاحتمالات متعددة، لا تقل عن أروع ما ابتكره الفكر القانوني الحديث، بل تفوقه أحياناً بالحرص على القيم الخلقية العالية والمصالح العامة.
وحينما ندرس بدقة وإمعان طائفة من النظريات الفقهية، يتجلى لنا إحكام الربط بين الحكم الشرعي وبين مصدره وأصوله وقواعده والنظريات الفقهية التي أدركها المجتهدون من مصادر الشريعة واتخذوها نبراساً لهم في الاجتهاد.
وقد أشرت لما يتفق مع القانون ويختلف فقهاً وقانوناً، ودعمت الحكم الشرعي بدليله النقلي المعتمد على القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، أو بالدليل العقلي المتجه نحو رعاية المصلحة ودرء المفسدة.
هذا .. وقد بحثت في الأجزاء الأربعة الأولى القسم الأول من هذا الكتاب، وهو (العبادات).

(4/2835)


وأتابع في هذا الجزء بحث القسم الثاني من الكتاب وهو أهم النظريات الفقهية ومدى الاستفادة منها في القوانين الوضعية، وذلك في فصول ستة وملحق، كما سأبحث في هذا الجزء أيضاً عقد البيع والخيارات من القسم الثالث وهو (العقود).
أما موضوعات القسم الثاني أو فصوله فهي نظريات الحق، الأموال، نظرية الملكية، نظرية العقد، المؤيدات الشرعية، نظرية الفسخ، أهم ما اقتبسه القانون المدني من الفقه الإسلامي.
والله أسأل أن يوفقنا جميعاً لإدراك عظمة الفقه الإسلامي وغناه وواقعيته وسداده، لنعود إليه عند وضع القوانين عن جدارة وتقدير، تاركين الاعتماد على الفقه الغربي ونظرياته وحلوله الغريبة عنا.
.............................................................................. المؤلف

(4/2836)